مسؤولية الشركة القانونية بموجب قانون تعويض الأجانب عن الأضرار حال انتهاك القانون الدولي: مفهوم الشركة من منظور العولمة والخصخصة
الملخص
تناقش هذه المقالة مدى تأثير الأدوار المتغيرة للدول جهة عامة والشركات جهة خاصة بالنسبة لمفهوم مسؤولية الشركة في القانون الدولي. من المنظور التقليدي، يقتصر القانون الدولي على المعاملات والعلاقات بين الدول ذات السيادة، ومن ثم فهو لا يشمل سوى الحقوق والواجبات للدول الخاضعة للقانون الدولي فقط. ولكن هل ما زال هذا الفرق التاريخي يؤخذ بعين الاعتبار في عالمنا اليوم؟ إن سياق دعاوى قانون تعويض الأجانب عن الأضرار يقدم نموذجاً ممتازاً لدراسة هذه المسألة. ويرجع السبب في انتقاد ومعارضة مسؤولية الشركات بموجب قانون تعويض الأجانب عن الأضرار إلى الفصل بين الدولة كجهة عامة من ناحية والجهات الخاصة من ناحية أخرى. ويدفع معارضو المسؤولية القانونية للشركات بحجة أن القانون الدولي ينطوي على العلاقات بين الدول وبعضها، أو بين الدول والأفراد، وهو ما يختلف عن العلاقات بين الشخصيات الاعتبارية، مثل الشركات والأفراد. حاولت تفسيرات أكاديمية سابقة (وكذلك بعض الأحكام القضائية) سد الفجوة بين المسؤوليات بالتأكيد على أنه طالما أن الأفراد العاديون معرضون للمسؤولية القانونية حال انتهاك بعض القواعد الإلزامية، فإن الشركات باعتبارها تمثل نموذجاً عن الأفراد يجب أيضاً أن تتحمل مسؤولية قانونية. وبدلاً من مقارنة الشركات بالأفراد العاديين، تطرح هذه المقالة إمكانية، بل وجوب مقارنة الشركات العالمية بالدول كجهات عامة. وقد أسهمت العديد من المستجدات بقوة في تأييد ودعم مفهوم المسؤولية القانونية للشركات. أولاً، السلطة المالية والنفوذ اللذان تمارسهما الشركات العالمية على الأفراد تضاهي تلك التي تمارسها الدول. كما أن قدرة الشركات العالمية الكبرى الآن على التسبب في أضرار جسيمة وواسعة النطاق – وهي القوة التي تمتلكها عادةً الدول فقط – يلغي الفوارق بين الشركات العالمية والدول. وثانياً، تقلص الحد الفاصل بين الدول والشركات إلى حد كبير في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت أدوار ومهام الدول والجهات الخاصة تبادلية. فكثيراً ما تولت الجهات الخاصة أدواراً عامة، وقامت الدول بإسناد مهام وخدمات عامة لجهات خاصة. وبالتوازي مع ذلك، تنخرط حالياً الجهات الرسمية أو التابعة للدولة في بعض الأعمال كجهات خاصة من خلال تشغيل صناديق الاستثمار السيادية والمنشآت المملوكة للدولة، مما يقلل من وضوح الحد الفاصل بينهما. تناقش هذه المقالة هذه المستجدات وتدعو إلى إعادة تقييم أي اعتراض على مسؤولية الشركات مبني على الفروق بين الدول والشركات، ليراعي تلاشي هذه الفروق بين الجهات العامة و الخاصة . وإذا سلمنا بإمكانية التعامل مع الشركات العالمية الكبرى باعتبارها جهات مماثلة للدول ذات السيادة، فلا فرق بين الواجبات والمسؤوليات التي تحملها هذه الشركات على عاتقها تجاه العامة بوصفها حكومة ولاية أو إدارة محلية