![]()
تاريخ الاستلام: 30 يونيو 2025 | تاريخ التحكيم: 7 سبتمبر 2025 | تاريخ القبول: 13 سبتمبر 2025
مقالة بحثية
مثنى المصري https://orcid.org/0009-0004-3871-4890
ماجستير في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، معهد الدوحة للدراسات العليا – قطر
عمر عابدين https://orcid.org/0009-0004-2299-7988
ماجستير في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، معهد الدوحة للدراسات العليا – قطر
تناولت المقالة الكيفيات التي تتجلّى من خلالها الحمولات والدلالات التراثية والتاريخية لمجتمع الغوص على اللؤلؤ في عمران مدينة الدوحة. وقد استند البحث إلى رصد وتحليل عدد من المعالم العمرانية التي ترتبط في ترسيخ إحدى الحقب التاريخية الرئيسة في الذاكرة القطرية، وهي حقبة الغوص على اللؤلؤ، وذلك من خلال دراسة مشاريع متعددة مثل جزيرة اللؤلؤة واستاد الجنوب وغيرها، ارتكزت المقالة منهجيًّا على تحليل المصادر التاريخية الأولية، والمشاهدات الذاتية، والتجوال الحضري، في حين استندت نظريًا إلى تحليل العلاقة الجدلية بين التاريخ والمدينة بوصفها بناءً اجتماعيًا وثقافيًا متعدد الطبقات. وتقدّم المقالة مداخلة نقدية تُبرز كيف تحافظ المدينة على التوازن بين الثنائيات المتقابلة: الكبير والصغير، التاريخي والحداثي، لتنتج مزيجًا من القيم والمعاني التي تجعل من العمران وسيطًا لملء "الفراغ التراثي" والحفاظ على "الهوية التراثية الهجينة" داخل فضاءات "سوق التراث". وتخلص إلى أن العمران في مدينة الدوحة لا يُختزل في كونه بنية مادية فحسب؛ بل يُعد نصًا ثقافيًا تُعاد من خلاله صياغة العلاقة بين التاريخ والهوية والسياسات الوطنية، في مسعى دائم لإنتاج مدينة ذات خصوصية قطرية منفتحة على العالم دون أن تنفصل عن جذورها.
الكلمات المفتاحية: مجتمع الغوص، اللؤلؤ، ذاكرة المدينة، العمران، التراث، رؤية قطر 2030
للاقتباس: المصري، مثنى وعابدين، عمر. "المدينة كفضاء لإنتاج التراث الثقافي: تمثلات مجتمع الغوص في قطر"، مجلة تجسير لدراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية البينية، المجلد السابع، العدد 2 (2025). https://doi.org/10.29117/tis.2025.0232
© 2025، المصري وعابدين، الجهة المرخص لها: مجلة تجسير، دار نشر جامعة قطر. نُشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وتنبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأي وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0
Tajseer
Interdisciplinary
Studies in
Humanities and Social Science
Submitted: 30 June 2025 | Reviewed: 7 September 2025 | Accepted: 13 September 2025
Research Article
The City as a Space for the Production of Cultural Heritage: Representations of the Pearl Diving Community in Qatar
Mothana Almasri https://orcid.org/0009-0004-3871-4890
Master’s degree in Sociology and Anthropology, Doha Institute for Graduate Studies–Qatar
Omar Abdin https://orcid.org/0009-0004-2299-7988
Master’s degree in Sociology and Anthropology, Doha Institute for Graduate Studies–Qatar
Abstract
This article examines the ways in which the heritage and historical significances of the pearl diving community are manifested within the urban fabric of Doha. The study is based on the observation and analysis of several architectural landmarks that help consolidate one of the key historical periods in Qatar’s collective memory—the era of pearl diving—through the study of various projects, including The Pearl Island and Al Janoub Stadium, among others. Methodologically, the article relies on the analysis of primary historical sources, personal observations, and urban exploration, while theoretically it draws on the dialectical relationship between history and the city, understood as a socially and culturally multilayered construct. The article offers a critical contribution that highlights how the city maintains a balance between contrasting dualities—large and small, historical and modern—producing a blend of values and meanings that render the built environment a medium for filling the “heritage void” and preserving a “hybrid heritage identity” within the spaces of the “Heritage Market.” The study concludes that urbanization in Doha is not merely a physical structure but constitutes a cultural text through which the relationship between history, identity, and national policies is continuously reshaped, aiming to produce a city with a distinct Qatari identity that remains open to the world while staying rooted in its heritage.
Keywords: Pearl diving community; The Pearl; City memory; Urbanism; Heritage; Qatar National Vision 2030
Cite this article as: Almasri, Mothana & Abdin, Omar. “The City as a Space for the Production of Cultural Heritage: Representations of the Pearl Diving Community in Qatar,” Tajseer Journal for Interdisciplinary Studies in Humanities and Social Science, Vol. 7, Issue 2 (2025): pp. 00-00. https://doi.org/10.29117/tis.2025.0232
© 2025, Almasri & Abdin, licensee, Tajseer & QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0
تشير الأدبيات التي تناولت التحليل التاريخي والاجتماعي للمدينة؛ لا سيما في السياق الخليجي، إلى أن المدينة تحمل أنظمة وبنى نسقية، تتمثل في شكل مشاريع استثمارية ذات أبعاد معمارية هوياتية. وهذا يعني أن عملية بناء المدن لا تقتصر على الجانب الخططي والاستثماري والاقتصادي فحسب؛ بل ينطوي أيضًا على مضامين رمزية تعكس الرؤية الثقافية والهوياتية التي تتبناها الدولة[1].
يتجلى هذا التداخل بين المادي وغير المادي في العمران عند تتبع علاقة المدينة بالتاريخ، والتراث، والثقافة، والهوية، مقابل الأبعاد المادية التي تركز على تصميم مشاريع عمرانية محددة وتوظيفها ضمن رؤية استثمارية، أو رمزية. لقد دفعنا هذا الطرح المتعلق بالتخطيط العمراني للمدينة في علاقته بالحمولات التراثية والهوياتية إلى التفكير في سؤال المدينة؛ أي إلى مساءلة العلاقة بين التخطيط العمراني والخطاب الهوياتي والتراثي، في سياق المدن الخليجية، وتحديدًا في حالة دولة قطر، لفهم موقع الثقافة القطرية والتراث الوطني في المشهد الحضري المعاصر؛ من خلال محاولة فهمنا للكيفية التي تُبين من خلالها دولة قطر هذه الثقافة وترسيخها في ذاكرة القطريين من خلال تصميمات معينة.
تسعى هذه الورقة إلى استكشاف "الأكواد" الثقافية المضمنة في عمران الدوحة، وربطها بالسياق التاريخي والتراثي القطري؛ بوصف المدينة نصًا حيويًا يمكن قراءته وتحليله. إنها محاولة للإنصات إلى المدينة في حاضرها، وفهم مغزى تصميماتها، واستعادة الأسئلة المتعلقة بالمكان والذاكرة، من خلال تحليل شعارات مثل "مرابع الأجداد أمانة"[2]، المأخوذ من قصيدة للمؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني والذي اتُّخذ شعارًا لليوم الوطني لدولة قطر عام 2021، لما تحمله من دلالات على ارتباط القطريين ببيئتهم التاريخية.
ينطلق هذا العمل من مشاهدات ذاتية متكررة (Observations)، بدأت تلحّ على معالجتها سوسيولوجيًا، من خلال محاولة نسجها ضمن شبكة تحليلية تفسّر علاقة الفرد القطري بعمران المدينة، وتجعله أقرب إليها. وتأتي هذه الملاحظات في سياق التحولات العمرانية المتسارعة التي تشهدها الدوحة في إطار سباق عالمي نحو "المباني الأضخم والأعلى والأحدث"، ما يُنظر إليه أحيانًا بوصفه قطيعة مع النموذج المحلي، واستيرادًا لطرز عمرانية لا تنبع من البيئة القطرية، ما يطرح المزيد من التساؤلات حول العلاقة التفاعليّة بين السكان والمكان.
لا يقتصر هذا التحوّل العمراني على البنية المادية فحسب، بل يمتد ليؤثر في التجربة الشعورية والتمثلات الرمزية للأفراد، الذين يعبرون في كثير من الأحيان عن شعورهم بالاغتراب عن المدينة الجديدة، واستبعادهم من النمط العمراني السائد الذي لا يعكس تجربتهم، أو ذاكرتهم الجمعية. وقد أثيرت هنا إشكالات نظرية ومنهجية وإمبريقية، مفادها أن التحول الذي طرأ على البنية المادية للمدينة، انعكس على التحول في البنى الشعوريّة والتجربة المعيشيّة في مدينة الدوحة[3].
ولهذا، نحاول في هذا المقالة البحثية، أن نجعل المدينة هي المرجعية المركزية للتحليل؛ دون إغفال المقاربات النظرية والإمبريقية التي تناولت مدنًا أخرى، والتي تزودنا بأدوات تفسيرية لفهم العلاقة بين التراث والعمران في السياق القطري. وقد أثارت هذه الأطروحات انتباهنا على المستوى الاجتماعي والنفسي والانتمائي الأوسع، لتبرز التساؤلات التالية: هل فعلًا أن الفرد القطري يشعر أنه لا ينمتي إلى المكان ويشعر بالاغتراب فيه.
تبعًا للسياق المعرفي السابق؛ نحاول في هذا العمل أن نفهم الأوجه المختلفة للمدينة، من خلال تحليل عمرانها بوصفه وسيطًا ينقل رسائل الدولة إلى المواطنين والمقيمين والزوّار. وغايتنا هي الوصول إلى فهم "الكود الثقافي القطري" المضمّن في تشكيل المدينة؛ أي تحديد كيف تتجلى الحمولات الرمزية والتراثية في العمارة القطرية المعاصرة؟
ولتحقيق ذلك؛ نسعى لتجاوز المقاربات النمطية؛ أي تلك التي تقرأ المدينة؛ إما بوصفها عربية/إسلامية، أو مدينة حداثية قامت بعد الثورة النفطيّة؛ بل نحاول الكشف عن الخصوصيّة القطريّة للعمران، لا بوصفه مجرد محاكاة لطرز مستوردة؛ بل كمجال تتفاعل فيه الذاكرة مع التصميم، والتاريخ مع السياسات العمرانية. وفي هذا السياق، اخترنا أن نركز على ثقافة محددة تعتبر من أبرز ملامح التراث القطري: "ثقافة الغوص على اللؤلؤ"، بوصفها حالة مركزية ذات حضور كثيف في الذاكرة الوطنية. وسنرصد كيف يتمثل هذا التراث في عمران المدينة، وما إذا كانت الدولة توظفه رمزيًا ضمن المشهد المعماري المعاصر.
لقد دفعتنا المكانة المركزية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي حظي بها الغوص في التاريخ القطري للتعمق في العلاقة بين تاريخ الغوص والمدينة القطرية اليوم؛ إذ أن مهنة الغوص بجميع تخصصاتها والكثير من الصناعات المرتبطة بها، شكلت عنصرًا أساسيًا في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمعات الخليجية بشكل عام، وفي المجتمع القطري بشكل خاص؛ فقد كانت تُعتبر مصدر الرزق الرئيس للسكّان، خلال الفترات التي سبقت اكتشاف النفط، منذ بداية القرن التاسع عشر وحتى الثلث الثاني من القرن الماضي. وقد اتسمت مهنة الغوص بخصائص متعددة، جعلت منها "ظاهرة كليّة" تستحق الاستقصاء والفحص العميق؛ إذ ظلت تكنز في ثناياها علاقات اجتماعية ثريّة، وأنظمة اقتصادية وثقافيّة متشابكة. وعليه، يمكننا القول، أن الغوص قد كان بمثابة مركز الحياة القطرية بتجلياتها كافة في الفترات التي سبقت اكتشاف واستخراج النفط في قطر[4].
وفي الوقت الراهن تُظهر دولة قطر، عبر مؤسساتها المختلفة، ومشاريعها العمرانية، وخطابها الرسمي، التزامًا جادًا وحرصًا واضحًا على إبراز هذا الملمح التاريخي والتراثي[5]. ومن خلال عدسة سوسيولوجية تاريخية، يمكن القول إن مجتمع الغوص يعاد إنتاجه اليوم بشكل رمزي وثقافي داخل الفضاء المديني، باعتباره أحد المكونات الجوهرية للهوية القطرية المعاصرة.
انطلاقًا من هذا الإطار، تنقسم المقالة إلى خمس مداخلات مترابطة: في المداخلة الأولى، نطرح الأسس النظرية التي تُعالج سؤال المدينة بوصفها بناءً اجتماعيًا ورمزيًا؛ أما المداخلة الثانية فتركز على العلاقة بين المدينة الخليجية والتراث، بوصفه أداة لإعادة تشكيل الفضاء المديني وهندسة الهوية. وفي المداخلة الثالثة نتوقف عند الخلفية التاريخية والراهنة لدولة قطر، مبرزين الخصوصية القطرية التي ظلت غائبة عن معظم القراءات التي سعت إلى فهم عمران مدن الخليج. بينما تخصص المداخلة الرابعة لرصد تمثلات مجتمع الغوص في عمران مدينة الدوحة، وكيفية استحضاره في المشاريع المعمارية والسياسات الثقافية. وأخيرًا، نختتم بالمداخلة الخامسة التي تتضمن الاستنتاجات التحليلية والملاحظات النقدية المستخلصة من المقالة .
وعليه، تمثل هذه المقالة محاولة لقراءة الدوحة بوصفها نصًا عمرانيًا متكاملًا، ينفتح على قراءات تتجاوز التفسيرات التقليدية نحو مقاربات أكثر تركيبًا وتشابكًا للمدينة. وهي مقاربة تستلهم مقولة هنري لوفيفر (Henri Lefebvre): "المدينة تُسمع كما تسمع الموسيقى، وتُقرأ كما يقرأ النص المكتوب"[6]. بما يعكس فهمًا معمقًا للمدينة كخطاب متعدد الأبعاد.
يُحاجج ديفيد هارفي في أطروحاته أن نشأة المدن وتطورها يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بعمليات التراكم والتمركز الاقتصادي والاجتماعي، وهي عمليات تترك أثرًا مباشرًا في إعادة تشكيل البنى الثقافية والرمزية للفضاءات المدينية[7]. ووفقًا لهذا المنظور، لا يمكن الاقتصار في دراسة المدينة على أبعادها التخطيطية، أو الفيزيقية، أو على ما تقدمه من خدمات تنظيمية؛ بل يجب النظر إليها كبنية معقدة تتقاطع فيها المنظومات القيمية والثقافية والاجتماعية في آن واحد.
ويضيف روبرت بارك (Robert Park) منظورًا مكملًا حين يشير إلى أن المدينة تمثل "نسقًا من عادات وتقاليد واتجاهات ومواقف منظمة، فضلًا عن مشاعر تنتقل عبر هذه التقاليد"[8]، وهو ما يجعلها في جوهرها مسرحًا للحياة الاجتماعية ونتاجًا لها في الوقت نفسه[9]. فالإنسان يتفاعل مع العمران بوصفه فضاءً مشيدًا، لكنه في الوقت ذاته يعيد إنتاج هويته من خلال هذا العمران، أو يخضع هو نفسه لإعادة التشكيل عبره. وهنا تتضح أهمية مفهوم "الانتماءات المتعددة والمتداخلة" (multiple belongings)؛ حيث تصبح علاقة الفرد بالمدينة انعكاسًا لعلاقات الانتماء المتشابكة التي تربطه بالمكان والمجتمع. وهذا ما يستدعي استحضار المقولة الشهيرة لوينستون تشرشل (Winston Churchill): "إننا نقوم بتشكيل مبانينا، وبعد ذلك تقوم هي بتشكيلنا"[10]. لم يكن تشرشل في هذا السياق مجرد رجل سياسة؛ بل أبدى اهتمامًا بالغًا بالعمارة والتخطيط الحضري، وأسهم فعليًا في إعادة بناء أحياء لندن بعد الحرب العالمية الثانية. وقد شدد مرارًا على أن البيئة المعمارية تترك أثرًا عميقًا على حياة الإنسان وسلوكه، معتبرًا أن المباني التي يشيدها الإنسان ليست مجرد حاضنة لأنشطته؛ بل تعبير عن علاقة جدلية متبادلة بين الإنسان والمكان؛ حيث يعيد كل طرف تشكيل الآخر بصورة مستمرة.
أما هنري لوفيفر، فقد ذهب خطوة أبعد عبر إعادة التفكير في مفهوم الفضاء ذاته. فقدم مقاربة نظرية تنظر إلى الفضاء بوصفه بناءً اجتماعيًا (social construction)، لا سابقًا على الجماعة البشرية؛ وإنما نتاجًا للعلاقات والقوى الاجتماعية التي تنتجه وتعيد إنتاجه باستمرار[11]. وبناءً على هذا الطرح، لا يُختزل الفضاء في كونه معطًى ماديًا، أو طبيعيًا؛ بل يتألف من أشياء وعناصر (Things/Objects) طبيعية واجتماعية تتجسد من خلالها العلاقات المتداخلة بين مكوناته المختلفة[12]. وبهذا يغدو الفضاء نتاجًا ديناميًا للتفاعلات الإنسانية، بقدر ما يكون إطارًا حاضنًا لها.
يتشكل النموذج التحليلي الذي قدمه لوفيفر لفهم الفضاء من ثلاثة أبعاد مترابطة؛ البعد الأول هو الممارسات الفضائية (spatial practices)، التي تحيل إلى عمليات الإنتاج وإعادة الإنتاج؛ حيث لا يوجد مجتمع إلا وينتج فضاءه الخاص عبر أنماط الممارسة اليومية والتنظيم الاجتماعي؛ أما البعد الثاني فيتمثل في تمثلات الفضاء (representations of space)، التي يراها لوفيفر أنها تؤدي وظائف متعددة؛ إذ تشكل مرجعًا لسلوك الأفراد وتوجه أفعالهم ضمن المجال الاجتماعي. ويمكن تلخيص هذه التمثلات في ثلاثة عناصر أساسية: المعرفة، والرموز، والعلاقات، وهي التي تمنح الفضاء معناه وتحدد آليات استخدامه. في حين أن البعد الثالث، وهو الفضاء التمثيلي (representational space)، يرتبط بالبنية السيكولوجية والمعرفية والتاريخية للعمران. ويعكس هذا الفضاء البعد الثقافي للمدينة؛ حيث يتجلى من خلال الرموز والفنون والعادات والممارسات اليومية، ليصبح الفضاء نتاجًا اجتماعيًا ووسيطًا للتفكير والعمل وترسيخ العلاقات داخل المجتمع. هنا يفقد البعد الفيزيقي أولوية التحليل، لصالح ما يضفيه البشر من رموز ودلالات على الأشياء والعمران[13].
وقد أثارت أطروحات لوفيفر اهتمامًا واسعًا بين الباحثين. فعلى سبيل المثال، تشير ستيوارت آلدن (Stuart Alden) إلى أن إنتاج الفضاء عند لوفيفر هو حصيلة عمليات ذهنية ومادية في الوقت نفسه؛ حيث لا يتحدد الفضاء فقط عبر البنى التحتية، أو المكونات المادية؛ بل كذلك من خلال النظم المعرفية والاجتماعية التي تمنحه دلالته. وتلفت آلدن الانتباه إلى أهمية بُعد "الفضاء المدرك" باعتباره الجانب العقلاني من الفضاء الاجتماعي[14]، المتجسد في المخططات الذهنية والهندسية التي يضعها المخططون والمهندسون، والتي تُشحَن بالمعاني عبر التمثيلات الرمزية والرموز الثقافية. وبهذا المعنى؛ فإن كل فضاء اجتماعي يتضمن منظومة من "الأكواد" التي تنظم استخدامه وتحدد معناه[15].
وفي السياق نفسه، قدمت دورين ماسي (Doreen Massey) إسهاما نظريا لافتا حين أكدت أن الفضاء ليس معطى ثابتا، أو منجزا نهائيا؛ بل هو دائم التشكل وإعادة التشكل، "دائما قيد الإنشاء" (always under construction). فالفضاء، وفق هذا الطرح، يظل مجالا مفتوحا للعلاقات الاجتماعية المتعددة؛ حيث تتفاعل فيه الذوات الفردية والجماعية باستمرار. وهذا التفاعل هو ما يسمح بإعادة تعريف الهويات وتثبيت المواقع، ويجعل من المدينة حقلًا ديناميكيا تعاد فيه صياغة المعاني الاجتماعية والرمزية بشكل متواصل[16].
حين نتناول العلاقة بين المدينة والتراث؛ فإننا نلامس في جوهر الأمر بنية المجتمع بمفهومه السوسيولوجي، وذاكرته الجماعية بمفهومها الأوسع؛ أي تلك التي تربط الماضي بحاضر الإنسان، وعلاقاته الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والنفسية، خصوصا في المدن التي تحمل تاريخا عريقا. فهذه العلاقة لا تنفصل عن أنماط العيش؛ بل تشكل الوعي، والانتماء إلى المكان. يرى المعماري محمد مكية أن "التراث المعماري" ليس ماضيا منسيا؛ بل هو "رصيد السلف" الذي يُستعاد ويُفعَّل في الحاضر عبر السياسات الثقافية الرسمية والخطابات الشعبية. فالعمارة التاريخية ليست مجرد بقايا رمزية؛ بل هي وسيلة لإدامة الصلة بين المجتمع وتاريخه، وأداة لإعادة توليد الهوية الثقافية في ظل التحولات المعاصرة.[17]
تشكل المراكز الحضرية/التاريخية (historical centers) العمود الفقري للهوية الثقافية للمدينة؛ إذ تسهم في الحفاظ على الخصائص الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للمكان، وفي صون أصالة الثقافة المحلية. غير أن الحفاظ على هذه المراكز التراثية يواجه تحديات متزايدة، يمكن اختزالها في مسألتين أساسيتين: الأولى، الحاجة الدائمة إلى التنمية واللحاق بركب التصميم العالمي للمدينة من الناحية الثقافية والمعمارية، والثانية، الاختلال السكّاني الموجود، مثلما هو الحال في دولة قطر[18].
ومن منظور وظيفي عمراني (functionalist)، تتمثل الوظائف الأساسية للمدن في تحقيق أولًا، التوازن بين الحاجة للحفاظ على الذاكرة والذكريات الجماعية للجماعات المحلية، وثانيًا، تلبية احتياجات المعيش للمجتمع. هذا لا يعني أنه ينفصل الاقتصاد عن التاريخ، والاحتياجات اليومية عن الرغبة في تعزيز مفاهيم التراث؛ بل إنها عناصر تكمل بعضها البعض، وتجمعها علاقة ترابطية؛ أما فيما يتعلق بالعلاقة بين المدينة والثقافة التاريخية، ثمة أطروحة سوسيولوجية بارزة في دراسات العمران: ترى الثقافة بوصفها ترجمة لعلاقات القوة، وتحولاتها، بين الفاعلين الاجتماعيين في المدينة، وفي سياقها التاريخي. فالثقافة التاريخية ليست مجرد رموز، أو احتفالات؛ بل هي عنصر مادي دال على التحولات الكبرى، كمرحلة الانتقال من الهيمنة الاستعمارية إلى السيادة الوطنية، أو من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد الحديث[19]. ضمن هذا التأطير، يمكننا فهم عملية استعادة المجتمع القطري لإرث مجتمع الغوص على اللؤلؤ، بوصفه رمزًا لتاريخ جماعي تشكل حول نمط معيشي محدد. هذه الاستعادة ليست فقط تعبيرا عن الحنين إلى الماضي؛ بل هي محاولة لإعادة ترسيخ روابط الانتماء والهوية في ظل التغييرات العمرانية والاقتصادية المتسارعة.
وتشير الباحثة كاثرين هيد (Catherine Head) إلى أن المدينة تعد وسيلة مركزية لإعادة إنتاج التاريخ وصياغة السردية التاريخية (historical narrative) عبر أدوات عمرانية ومادية،[20] مؤكدة أن إدخال الثقافة في الفضاء العمراني يساهم في إعادة تشكيل أنماط الاعتراف والاندماج الاجتماعي. فالفضاء المعماري لا يجسد فقط سلطة الدولة، أو إبداعات المهندسين؛ بل يمثل مجالا للتفاوض حول الهوية والمكانة والانتماء. ومن هذا المنظور؛ فإن حضور سردية الغوص في عمران الدوحة لا يقتصر على إعادة بناء الذاكرة؛ بل يتجاوز ذلك إلى ترسيخ معايير ضمنية تحدد من هو "المنتمي ثقافيا" إلى المجتمع، ومن هو خارجه. إن فهم العلاقة بين المدينة والتراث؛ إذًا يستدعي النظر إليها كعلاقة ثقافية ورمزية عميقة تتجاوز البعد التقني، أو التخطيطي، لتكشف عن أنماط المعنى والانتماء التي تنظم المجال الاجتماعي وتعيد إنتاج الهوية الجماعية[21].
يقدم الباحث باقر النجار مداخلة أساسية في فهم المدينة الخليجية، يزعم فيها أن هذه المدينة ليست مجرد تشكيل عمراني، أو فضاء مادي؛ بل هي "نسق اجتماعي" يخضع باستمرار لاختبارات إعادة الرؤية والتصور والتأويل. يقول النجار: "لا يعنينا في مناقشتنا للمدينة الخليجية تقسيمها الفيزيقي بقدر ما تهمنا علاقتها بالإنسان والمجتمع والثقافة وبالتشكيل الجديد للهوية، فالمسكن هو بمثابة نسق اجتماعي يساهم في إنتاج مصفوفة علاقاتنا الاجتماعية وآفاقنا الثقافية الجديدة"[22]. تنطوي هذه المداخلة على قيمة تفسيرية محورية في سياق بحثنا؛ إذ إن ما يشغلنا في دراسة المدينة الخليجية ليس تطورها المعماري فحسب؛ بل علاقة هذا التطور بالثقافة الخليجية؛ أي بعناصر المجتمع والهوية والإنسان في الخليج العربي.
فقد حظيت المدن الخليجية عمومًا، والمدن القطرية خصوصا، باهتمام متزايد في الأدبيات المعمارية والعمرانية؛ حيث تنوعت التفسيرات المقدمة بشأنها، وتركزت غالبًا حول ثنائية متكررة: إما اعتبار العمارة الخليجية، ومنها القطرية، امتدادًا للعمارة العربية الإسلامية، أو النظر إليها كنتاج حداثي عالمي تتحدد سماته بالثروة النفطية. فعلى سبيل المثال، يشير سعود بن محمد بن علي آل ثاني، رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، في تقديمه لكتاب العمارة التقليدية في قطر إلى أن: "العمارة التقليدية في قطر شأنها شأن سائر بلدان الخليج، وهي جزء لا يتجزأ من سلسلة طراز العمارة العربية الإسلامية"[23].
غير أن الاستمرار في هذه المقاربات، على تباينها، أرهق التحليل النقدي وأوقع الدراسات في نمط تفسيري جامد لا يساعد كثيرًا على فهم التحولات المعمارية والاجتماعية التي عرفتها المدن القطرية، وعلى رأسها مدينة الدوحة. من هنا، يلفت باحثون مثل روبرت فوكارو (Robert Fucaro) الانتباه إلى وجود قصور منهجي في دراسة المدن الخليجية، بالرغم من كثرة ما كُتب عنها[24]. كما أن الدراسات التي تناولت مدينة الدوحة بشكل خاص غالبًا ما أعادت إنتاج نفس الإطار النظري، دون تجاوزه: المدينة بوصفها إسلامية الطابع، أو حداثية التصميم.[25]
وقد أدى هذا التركيز النظري الضيق إلى مقاربة اختزالية للمدينة الخليجية، تهمش دور البنى الاجتماعية والجماعات الثقافية في تشكيل الفضاء المعماري. ما أشارت إليه جانيت أبو لغد، عندما حذّرت من أن التركيز المفرط على إسلامية المدينة قد يؤدي إلى تهميش الخصوصيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي نشأت في ظلها "المدن الإسلامية" ذاتها[26].
حسب الطرح السابق ومع التركيز أكثر على التحليل السياقي (contextual analysis)؛ فإن قراءة المدينة بوصفها إسلامية فقط قد تشوّش على فهم الجوانب الأخرى للمدينة، وتطمس جزءًا مهمًا من الخصوصية القطرية، بفعل محاولات بعض الباحثين لأسلمة عمرانها أو عولمته.
في هذا السياق نحن نتساءل عن موقع الخصوصية القطرية في المعمار؟ وهذا السؤال هو ما يخلق أزمات على مستويات عدة؛ فعلى مستوى المواطن القطري، قد تتجلى هذه الأزمة في شعور بالانفصال عن المدينة، لكونها لا تعكس ثقافته، ولا تستحضر تاريخ أسرته، أو ممارسات أجداده اليومية؛ أما على مستوى الزائر؛ فإن غياب العلامات الفارقة بين المدن الخليجية والعربية ذات العمارة المتشابهة، يعمّق الشعور بأن هذه المدن تقع جميعها في نفس السياق العابر للحدود، بين "العربي" و"الإسلامي"؛ دون خصوصية محلية مميزة. وهنا يبرز التساؤل الأهم، المرتبط بالبعد الكامن للعمارة القطرية (غير الإسلامي، أو المعولم).
لقد امتد أثر هذه المقاربات الاختزالية إلى ما هو أعمق من الاغتراب الرمزي؛ إذ تجاوزت الشعور بالانفصال إلى حالة من فقدان المعنى الحضري، نتيجة تغييب الخصوصية المعمارية للمدينة. فكما يقول السدحان: "لقد بدأت المدينة الخليجية تفتقد حيويتها وقسماتها إلى حد بعيد، فإذا نظرت إلى طراز البناء، يصعب عليك تحديد الجغرافيا التي تعيش فيها"[27]. بهذا المعنى؛ فإن القلق الهوياتي لا يقتصر على المعمار؛ بل يشمل تجربة المدينة ذاتها.
وقد دفعت هذه الأزمة، في السنوات الأخيرة، وخصوصًا خلال العقدين الماضيين، مهندسي المشهد الثقافي والعمراني في قطر إلى التراجع خطوة إلى الوراء، والبحث في كيفية إعادة تشكيل عمران المدينة بطريقة تستحضر التراث القطري، وتحاول استعادة ما هو "محلي" في مقابل ما هو "مستورَد"، أو "معمّم". من هذا المنطلق، انطلقت مشاريع تحاول إعادة وصل الحاضر بالماضي، وهو ما سنفصله في القسم التالي.
يُظهر التعمق في التاريخ الاجتماعي لدولة قطر وجود علاقة وثيقة بين تاريخ الغوص وموقع الدولة المركزي في إعادة إنتاج هذا التاريخ، وهي علاقة تفضي إلى واحدة من أهم الحجج في هذه الورقة؛ وهي أن عملية إنتاج الفضاء في مدينة الدوحة تدار من خلال مركزية سياساتية واضحة، فالمشهد العمراني "التراثي" الذي نراه اليوم ليس انعكاسًا تلقائيًا لذاكرة مجتمعية عضوية؛ بل هو نتاج تخطيط رسمي ومؤسساتي، تنفذه الدولة وفق رؤيتها الثقافية والهوياتية. تتجسد هذه المركزية من خلال أدوات التخطيط العمراني والخطاب الرسمي، كما تعبر عنها رؤية قطر الوطنية 2030، وتترجمها السياسات العامة لوزارة البلدية ووزارة الثقافة، فضلا عن اللوائح والقوانين والممارسات المؤسساتية. وعليه؛ فإن الفضاء الذي يجسد ماضي مجتمع الغوص اليوم هو نتاج جهود فوقية، نخبوية ومؤسساتية، ممنهجة، تنطلق من البنية تجاه الفاعلين؛ أي أنه تنتجه الدولة ويستهلكه الأفراد بكافة تبايناتهم الاجتماعية والاقتصادية.

الشكل (1): جزيرة اللؤلؤة بوصفها ترجمة مكانية لرؤية قطر 2030. موقع وزارة البلدية الرسمي: https://tinyurl.com/56sevunr
تخضع هذه العملية لمنطق "سيادة السردية التاريخية"، التي لا تعبر فقط عن محاولة لترسيخ الماضي؛ بل هي استراتيجية دولة قائمة على ضرورة سيادة الثقافة التاريخية القطرية، خصوصا في ظل عدم التوازن السكاني؛ من خلال إعادة تشكيل هذا الفضاء التاريخي، والغوص على اللؤلؤ يظهر لدينا كمثال. تعمل الدولة على توحيد الاختلاف داخل إطار رمزي موحد، يعيد ربط الأفراد – قطريين ومقيمين وزوارا – بتاريخ مشترك ومخيال جمعي، محمل بشحنة وجدانية وشعورية.
تتجلى هذه العملية المكانية والسياساتية في أماكن مثل ميناء الدوحة القديم (Old Port)، الذي بات يستخدم كفضاء تفاعلي يعكس التراث البحري للدولة. فالفضاء المحيط بالميناء لم يعد فقط مركزا وظيفيا للصيد، أو التجارة؛ بل صار مسرحا لتجربة الحياة اليومية عبر الجلوس في المقاهي، المشي على الكورنيش، والتجوال بين المباني ذات الطابع التقليدي، التي تم تصميمها بعناية لاستحضار ماضي البحر والبر معا. هذا التداخل بين التخطيط الرمزي والتجربة اليومية يؤكد أن التراث المعماري في قطر لا يفصل عن المعيش اليومي؛ بل يدمج فيه بعناية.

الشكل (2): حي الميناء – ميناء الدوحة القديم. موقع Visit Qatar : https://tinyurl.com/mt2xdubm
تظهر هذه العلاقة التفاعلية بين المدينة ومجتمعها بوضوح في أن المعمار أصبح وسيلة أساسية لفهم التاريخ.[28] وكما أشار ابن خلدون في المقدمة؛ فإن قراءة سلوك الإنسان المعماري تعد من أنجع الطرق لفهم تحولات المجتمع. ومن هذا المنطلق، تؤكد الطروحات الحديثة أن التصميم العمراني لا يحافظ فقط على التراث؛ بل ينتجه من جديد بوصفه أداة للحياة، تحمي الثقافة من الاندثار، وتعيد بناء العلاقة بين الأفراد وماضيهم[29].
في مقدمة كتابه حول العمارة والعمران في قطر، يوكد الباحث علي عبد الرؤوف، على فكرة رئيسة في تناول المدن الخليجية، ولا سيما العاصمة القطرية الدوحة، لفهم خصوصيتها، والمتمثلة في "دور المدينة الدولة" (City State)؛ أي المدينة الدولة الأكثر أهمية وتأثيرا، بينما تهمش باقي الفضاءات العمرانية للدولة. تأتي قيمة المدينة الدولة في دولة قطر، في أن مدينة الدوحة هي الفضاء الحصري لإنتاج وإعادة إنتاج الرموز التنموية والتاريخية والتراثية للدولة. وهذه الديناميكية، كما يراها عبد الرؤوف، تتجاوز الطرح الثنائي (الإسلامي/العالمي) في فهم هوية المدينة، لتقترح بديلا أكثر تركيبا، يسائل كيف تندمج الخصوصية المحلية القطرية ضمن سياقات العولمة واقتصاد المعرفة؛ دون أن تذوب فيها[30].
يتقاطع هذا الطرح مع ما جاء به خالد الأدهم، الذي تتبع التحولات العمرانية في مدينة الدوحة عبر ثلاث مراحل: ما قبل النفط (الغوص على اللؤلؤ)، مرحلة الاقتصاد النفطي، ثم المرحلة المرتبطة بتضخم الرأسمالية والعولمة. يرى الأدهم أن مدينة الدوحة أصبحت "مرتبطة بشكل مفرط" (hyper-linked) بالعالم الخارجي، مع احتفاظها بتنوع داخلي متشابك، وهو ما انعكس على البنية العمرانية التي تحاكي مبدأ اقتصاد المعرفة، وتظهر توازنًا بين الحداثة المعمارية والرمزية التراثية. ويحاجج أن ثقافة الاستحواذ على الفضاء (space control) في قطر القديمة (أي الحقبة الممتدة للغوص على اللؤلؤ)، كانت تقوم على الاستحواذ التجاري على المساحات البحرية[31]. في حين أن الفترات اللاحقة، وخصوصا بعد خمسينيات القرن الماضي، شهدت انتقالًا نحو منطق أكثر دبلوماسية وتفاوضًا في تشكيل المدينة، بحيث تنخرط في الفضاء العالمي دون فقدان كامل لهويتها المحلية.
بالرغم من هذا ذهبت دراسات أكاديمية في مجال العمارة والعمران إلى أنه قد أغفلت جهود جهاز الدولة للتخطيط العمراني في إعادة إنتاج الفضاء بالتزامن مع إعادة بناء الذات الفردية والجماعية فاعلية واحتياجات الناس المتفاعلين بشكل مباشر مع هذا المشهد المعماري الكلي[32]. فعلى الرغم من وجود جهود مؤسسية لإعادة بناء المدينة بشكل يعكس التراث، لا تزال هناك فجوة قائمة بين ما ينتج فوقيا وبين ما يعاش فعليا؛ أي بين صورة المدينة كما ترسمها المخططات، والمدينة كما تختبر عبر الحياة اليومية.
تسعى دولة قطر إلى صون تراثها وتعزيز حضور العمارة المحلية، أو ما يمكن تسميته بـ"العمارة التاريخية"، عبر دمج عناصر الماضي في المشهد العمراني المعاصر. ولا يقتصر هذا الجهد على الحفاظ الفيزيقي للمنشآت والأحياد التاريخية فحسب؛ بل يمتد ليشمل محاولات مستمرة لترسيخ دلالات الهوية القطرية داخل الفضاء المديني، ضمن سياق يتسم بتعدد الثقافات والمرجعيات، في ظل التفاعلات المتسارعة للعولمة وامتداد التأثيرات الآسيوية والعربية والأوروبية على المجتمع والمكان.
في هذا الإطار، تمثل عناصر البحر والسفينة واللؤلؤ رموزا ثقافية ذات حمولة رمزية عالية، تعيد استدعاء مجتمع الغوص وتاريخ الأجداد، ليس فقط بوصفها شواهد عمرانية؛ بل باعتبارها مكونات حيوية في الخطاب الثقافي المعاصر، تُناظر في دلالتها ما ترمز إليه الخيمة من الصحراء والثقافة البدوية. وقد حظيت الثقافة البدوية في قطر، على عكس الثقافة التراثية لمجتمع الغوص، بنصيب وافر من البحث، بما في ذلك أبعاد حضورها في المدينة الحديثة وتجلياتها الرمزية من قبيل الخيمة، والإبل، والفزعة، والمشيخة، والسلطة القبلية، حتى مع انحسار البداوة كنمط معيشي. في المقابل، لم تلقَ ثقافة مجتمع الغوص –رغم مركزيتها في التكوين التاريخي للمجتمع القطري– الاهتمام ذاته في الحقول الأكاديمية، على الرغم من أن الغوص على اللؤلؤ شكّل أحد أعمدة الحياة القطرية قبل الطفرة النفطية. هذا الغياب المعرفي يطال مكونا تاريخيا واسع التأثير، تتقاطع تمثيلاته اليوم مع التعليم، والموسيقى، والمتحف، والخطاب الرسمي، وحتى مع تخطيط المدن والتصميم العمراني.
يُظهر تحليل السياسات الثقافية والعمرانية للدولة، أنه ثمة فلسفة واضحة تقوم على دمج التراث بالتنمية، بما يسمح بإحياء رموز مجتمع الغوص داخل الفضاء المعاصر. تتجلى هذه الفلسفة في الفضاءات التي تعيد تقديم الذاكرة الجمعية ضمن لغة عمرانية حديثة، يتداخل فيها التراثي مع الاجتماعي والاقتصادي والسياحي. فالتركيز لا يقتصر على استحضار اللؤلؤ والسفن في المشهد البصري؛ بل يمتد إلى بناء سرديات شاملة تعيد تأويل الماضي ليخاطب الحاضر ويشكل المستقبل.[33] وبما أن "العمران التراثي" في قطر اليوم، ولا سيما المتعلق بترسيخ مفردات حقبة مجتمع الغوص على اللؤلؤ، هو منتج جهود واستراتيجيات دولة، ففي هذا السياق، يجادل المصري وعابدين في دراستهما عن "سياسات بناء الهوية وإعادة إنتاج التراث الثقافي: حالة ثقافة مجتمع الغوص في دولة قطر"، بأنه تعمل الدولة على تعزيز الثقافة التراثية للتاريخ القطري، وتحديدا مجتمع الغوص على اللؤلؤ، من خلال أدوات متعددة تشمل الخطاب الرسمي والمتاحف والإنتاج الثقافي والتعليم والمواقع الافتراضية، والعمران. هذا الطرح يحيلنا إلى ما نسيمه "العمران التراثي" والذي لا يمكن تفسيره بمعزل عن البُنى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الأخرى.
وتبعا لذلك المفهوم، لم تعد فضاءات مثل ملاعب كأس العالم، أو مشروع "جزيرة اللؤلؤة"، أو "نصب اللؤلؤة"، أو "سوق واقف"، مجرد مساحات عمرانية؛ بل تحولت إلى وسائط متعددة الوظائف: فهي تتيح التفاعل بين المواطنين والمقيمين، وتسهم في تعزيز السياحة، وتستعيد سرديات الماضي ضمن منطق الدولة الحديثة. بهذا المعنى، يصبح العمران التراثي، وسيطا (medium)، من عدة زوايا: أولًا، أداة لتقريب المسافات بين أجيال الحاضر والماضي. وثانيًا، أنه ينذر بحتمية حضور ونشاطية التاريخ في حاضر المجتمع والدولة، وبالتالي، سد الفجوة بين الأجيال؛ أي بين ماضي الأجداد وحاضر الآباء ومستقبل الأبناء والأحفاد، وثالثًا، بين الداخل الوطني والخارج العالمي، عبر تفعيل القوة الرمزية للتاريخ بوصفه مصدرا من مصادر "القوة الناعمة" للدولة.
وتبرز في هذا الإطار، تجربة "سوق واقف"، التي تمثل نموذجا لدمج التراث الحي بوصفه استراتيجية لتعزيز الهوية الوطنية بالحياة المعاصرة، من خلال آليات دقيقة تشمل الترميم، والإزالة، والاستبدال، بهدف الحفاظ على البنية الرمزية للسوق مع استيعاب التعدد الثقافي في المجتمع القطري. يعود تاريخ سوق واقف إلى خمسينيات القرن التاسع عشر، كما تم تجديده مع الحفاظ على خصوصية الماضي في العقود الأخيرة؛ إذ يعرض الملابس القطرية التقليدية وأدوات الطبخ والحلويات. تتضمن استراتيجية الدولة لحفظ هوية سوق واقف مع دمج العناصر العالمية السياحية: 1- الترميم، 2- الازالة، 3- الاستبدال، ما يمكنها من الاحتفاظ بالأجزاء القديمة من السوق مع إعادة بناءه بما يتماشى مع ثقافات المقيمين العرب والآسيويين والمواطنين العالميين (global citizens)، إضافة إلى إعادة تنظيم السوق بما يجعله جامعا للعناصر الكلية للحياة اليومية من مأكل وملبس ومشرب ومظهر عمراني يظهر الخصوصية القطرية، باعتباره "تراث حي" (living heritage)[34].
أما مشروع "مشيرب"، فيقدم مثالا مختلفا؛ حيث تعاد تأويل العمارة المحلية ضمن إطار معاصر، يوازن بين مقتضيات التحديث وحضور الثقافة التاريخية[35]. ويكشف هذا المشروع عن وجه جديد للعلاقة بين التراث والعمران، لا يقف عند حدود الاستذكار؛ بل يدمجه في مشروع اقتصادي واجتماعي يسعى إلى تحويل المدينة إلى بيئة حاضنة للإبداع والمعرفة.
يرتبط هذا المسار أيضًا بمفهوم "السياحة التراثية"، كما ناقشه ديجمال بمومسي (Djmal Boussaa)، الذي يرى في المراكز التاريخية فضاءات للتجدد الحضري، تقوم على جذب الأفراد من خلال خصوصيات ثقافية تجعل من السفر تجربة تعلم وتفاعل ومشاركة، وهو ما يبدو واضحا أيضًا فيما تقدمه قطر من تراث ثقافي يرتبط بالإرث البري والبحري سواء. ويعكس ذلك كلا من تصميم "استاد الجنوب" وجزيرة اللؤلؤة، بوصفهما نموذجين لعمران يستدعي التاريخ ويوظفه في صناعة الحاضر عبر تكوين جاذبية ثقافية واقتصادية، وهو ما يشكل تصورا حيويا إدماجيا عند الفرد تجاه المكان، ما يمكن أن نسميه بـ"استيعاب المكان للإنسان"[36].
تتفق هذه الرؤية مع ما طرحه آشورث وبيج (G. Ashworth & S. Page)، اللذان أكدا على فكرة خصوصية المعالم العمرانية، سواء من حيث التصميم، أو الدينامية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تعزز من احتمالات تكرار تجربة السفر إلى تلك المدن[37]؛ بل تجعل من هذه المعالم جزءًا من أسلوب حياة (life-style) الزائر، وليس مجرد مواقع سياحية لحظية عابرة. بناء على ذلك، يغدو التراث العمراني في قطر مسؤولية متزايدة، لا بوصفه موروثا جامدا؛ بل كعنصر مركزي في تشكيل نمط الحياة المديني في الدولة المعاصرة.
من زاوية تحليلية أخرى، تلعب الثقافة السياسية وتوجهات النخبة الحاكمة دورا محوريا في تشكيل الفضاءات العامة والعمران وبناء الهوية المكانية[38]، ويتعزز هذا الدور في الحالة القطرية، نظرا لتعقيد السياق الديموغرافي؛ إذ تتداخل ثقافات محلية متعددة (بدو، حضر، غاصة) مع ثقافات إقليمية وعالمية من آسيا وإفريقيا وأوروبا وأميركا اللاتينية. هذا التعدد يفرض على الدولة، من خلال أجهزتها ومهندسي المشهد العمراني والثقافي، أن تنتج تصورا شاملا يراعي وينظم ويتحكم في هذا التنوع، مع الحفاظ في الوقت ذاته على خصوصية الهوية القطرية وتعزيز فرادتها.
وقد أشار المصمم الإيطالي لوكا فوا (Luca Fois)، في منتدى الدوحة للتصميم، إلى ضرورة "استخلاص الفوائد من الماضي وترجمتها إلى لغة جديدة"، مؤكدًا أن الدوحة اليوم باتت مدينة حديثة بالكامل، موجهة نحو الحاضر والمستقبل؛ إلا أن الحفاظ على التراث الثقافي يظل ضرورة لجعل هذا الماضي مفهومًا وملهما للأجيال الجديدة. ومن هنا، تظهر بجلاء محاولات الدولة لترجمة دلائل المكونات التراثية عبر بنى عمرانية، توظف الماضي في بناء الحاضر[39].
تتجذر هذه الرؤية ضمن الإطار الكلي للتنمية الثقافية كما حددته رؤية قطر الوطنية 2030، وهو ما يتجلّى بوضوح في خطاب أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي يشدد على ضرورة أن تقوم الرؤية الوطنية للدولة بوصفها "جسرا يصل الحاضر بالماضي "[40]. هذا الخطاب يعبر عن نهج العائلة الحاكمة، ويحوله إلى توجه رسمي للدولة؛ حيث يؤكد الأمير الوالد، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، على أهمية الحفاظ على القيم الثقافية القطرية حتى في ظل الطفرات الاقتصادية والتكنولوجية، بقوله: "ومع أن قطر تشهد حاليا تقدما في النواحي الاقتصادية والتقنية والاجتماعية؛ فإنها استطاعت المحافظة على تقاليدها الثقافية وقيمها"[41].
من خلال هذا الخطاب الرسمي رفيع المستوى، يتبين أن خلق التحديث مع الحفاظ على التقاليد يعد سمة بارزة في رؤية قطر، ويتم تجسيده بشكل واضح من خلال المبدأ الرئيس "حماية التقاليد". يتم تبني هذا المبدأ بوضوح من قبل المؤسسات والأفراد؛ حيث يظهر في شعارات تمثل نواة الحياة في قطر، مثل "تاريخ الأجداد"، أو "مرابع الأجداد أمانة"، أو "على نهج الألى"[42]. كما يؤكد الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري، الوزير السابق للثقافة والفنون والتراث، على أن التراث القطري بما يشمله من عادات وقيم وتقاليد هو عنصر أساسي في بناء الهوية الوطنية، مشيرًا إلى أن "التراث ليس له معنى إلا إذا ربطناه بالحاضر وتحدياته"، وأنه لا يمكن فهم الهوية القطرية في غياب هذا التراث[43].
هذا التوجه الفكري ينعكس بشكل مباشر على المنظومة النظرية للمصممين العمرانيين والمعماريين في قطر. ففي حديث له عن بدايات وضع الاستراتيجيات المعمارية في الدولة، يشير هشام قدومي، المستشار السابق للأمير الوالد ورئيس المكتب الفني في الديوان الأميري، إلى أن التصميم يجب أن يقوم على مرجعية تأخذ التراث في عين الاعتبار، ويجب أن يكون التراث أحد المرجعيات في التصميم[44].
وقد استجاب المصممون القطريون لهذا التوجه من خلال أعمالهم، كما يوضح المصمم القطري البارز إبراهيم الجيدة[45]، الذي يقول: "التقاليد تلهمنا، يمكننا تعلم الكثير من التقاليد، مع الأخذ بعين الاعتبار أن اسلافنا قد تمكنوا من العيش في بيئة قاسية [...] ونحن حولنا هويتنا وثقافتنا إلى بنية معاصرة، ومع ذلك ومع كل التحوّل الكبير لا نزال نحافظ على هويتنا"[46]، هذا الخط يتكرر كذلك في مقولات المصممة شيخة السليطي، الحاصلة على جائزة الدوحة للتصميم، التي تشير إلى أن النسيج الغني للثقافة القطرية يشكل مصدر إلهام دائم في أعمالها[47].
في ضوء هذه المقولات، التي تعيد الاعتبار للبيئة القاسية التي عاش فيها الأجداد، وتتقاطع مع الخطاب الرسمي والثقافي للدولة، سنسعى في القسم التالي إلى تحليل كيفية انعكاس السياق التاريخي والثقافي والسياسي على عمران قطر المعاصرة.
يزعم هنري لوفيفر بأن المدينة مثل الأثر الفني، أكثر من مجرد إنتاج مادي؛ إذا كان هناك إنتاج للمدينة، وللعلاقات الاجتماعية بها؛ فإنه إنتاج وإعادة إنتاج لكائنات بشرية بواسطة كائنات بشرية أكثر منه إنتاج أشياء. ويرى لوفيفر أن تاريخ المدينة هو عمل أشخاص وجماعات محددة تقوم بإنجازه ضمن شروط تاريخية[48].
في هذا السياق، تتبنى دولة قطر رؤى ثقافية متنوعة، تستند في الأساس إلى رؤية الدول الخليجية متعددة الأبعاد لعام 2030، وإلى وعي داخلي بضرورة حماية التاريخ القطري بوصفه عنصرًا مركزيًا لتعزيز الهوية الوطنية؛ لا سيما في ظل التعدد الديموغرافي والثقافي، الذي يشكّل فيه غير القطريين الأغلبية السكانية. في هذا السياق، تركز الرؤى والسياسات القطرية في تصميم مدنها ومحاولة تعزيز هويتها الوطنية على مستويين أساسيين:
البعد الأول، يتمثل في إدراك دولة قطر بأن مدنها، وخاصة العاصمة الدوحة، تتجه لتكون مدينة كوزموبوليتانية/عالمية؛ إذ تضم مجتمعا متنوعا من مختلف الجنسيات والثقافات. ولذلك، ينبغي أن يراعي تصميم المدينة احتياجات هذه الجماعات والأقليات وأن يتناسب مع طابعها العالمي، مع إتاحة حرية التنقل في الفضاء العام للجميع.
أما البعد الثاني، والأكثر أهمية في هذا السياق، فيرتبط بالتاريخ القطري كجزء من النسيج الخليجي والعربي الإسلامي. لذلك، سعت دولة قطر في تصميم المدينة إلى إبراز هذه الأبعاد المختلفة. وعلى الرغم من محاولة تصميم المدينة بشكل حداثي عالمي، لكن في نفس الوقت التركيز كان على أهمية مراعاة الخصوصية القطرية، واختلافات سكان قطر وهوياتهم المتنوعة.
تشير بعض الأدبيات التي تناولت فهم المدينة؛ لا سيما في السياق الخليجي، إلى أن المدن تُبنى ضمن أنظمة نسقية تتجاوز البعد الاستثماري، أو العمراني المحض، لتصبح تجسيدا لأنماط ثقافية رمزية تعبّر عن تصورات الدولة وهويتها. فالمدينة، بحسب هذه الأدبيات، ليست فقط بنية مادية تتكون من مشاريع وتخطيطات عمرانية؛ بل هي أيضًا حيز تعاد فيه صياغة المخيلة الوطنية (National Imagination) عبر أدوات معمارية واستثمارية، تشكل جزءًا من استراتيجية رمزية أوسع.
ويظهر ذلك جليا في الحالة القطرية؛ حيث تتداخل العناصر المادية وغير المادية في عملية إنتاج العمران. فالمشاريع العمرانية الكبرى في الدوحة لا تصمم بمعزل عن الرهانات الثقافية؛ بل تندرج في سياق سردي يعكس رؤى الدولة بشأن هويتها وتراثها. وعليه، لا يمكن فصل السياسات الاستثمارية عن البعد الثقافي الرمزي الذي تصر الدولة على ترسيخه في الفضاء المديني.
يتجلى هذا التوجه في عدد من المشاريع التي تتبنى رموزا تنتمي إلى ماضي الغوص وصيد اللؤلؤ، ما يوحي بأن هنالك نسقا تصميميا واعيا يسعى إلى إعادة إنتاج "ثقافة تاريخ مجتمع الغوص" ضمن عمران معاصر. فعلى سبيل المثال، يحمل إستاد الجنوب قيما تصميمية مستمدة من تاريخ مهنة الغوص، ويُعيد توظيف أشكال القوارب التقليدية في بنيته، في حين تجسد جزيرة اللؤلؤة نموذجا واضحا لمحاولة تثمين التراث عبر العمارة، وتسويق الماضي ضمن مشاريع عمرانية معاصرة.
نحاجج في هذا العمل بأن الدولة القطرية تتبع نمطا عمرانيا محددا في بناء مدنها، يتسم بتكثيف الرموز الثقافية المرتبطة بالغوص وتاريخ اللؤلؤ، وتوظيفها في الفضاء العام بوصفها جزءًا من هوية المدينة العمرانية والإنسانية. وقد نغامر هنا بطرح فرضية مركزية مفادها أن الدوحة ليست فقط مدينة معاصرة؛ بل شبكة رمزية معمارية تهدف إلى تثبيت إرث مجتمع الغوص في النسيج الحضري.
تستند هذه الفرضية إلى ملاحظات ميدانية متكررة، وتحليل معمّق للمضامين المعمارية البصرية والرمزية في مدينة الدوحة، كما يتجلّى ذلك في تتضمنها مشاريع عمرانية وسياحية متعددة. على سبيل المثال، تعد جزيرة اللؤلؤة (The Parel)، واحدة من أبرز الأمثلة على التوظيف الرمزي للماضي المرتبط بالغوص على اللؤلؤ في المعمار المديني في قطر. فالجزيرة، التي تحتل موقعًا استراتيجيا في قلب الدوحة، هي ليست فقط مشروعا استثماريا وسياحيا؛ بل تمثل نموذجا عمرانيا يستبطن سردية ثقافية متكاملة. يشير اسمها وموقعها وتخطيطها العمراني إلى محاولة استحضار تاريخ الغوص وصيد اللؤلؤ، بوصفه أحد أعمدة الهوية التاريخية للمنطقة. صُممت الجزيرة على شكل محارة ضخمة تحتوي على لؤلؤة مكسية بالرخام الأبيض لتعكس لمعان اللؤلؤ عند تعرضها لأشعة الشمس، في مشهد بصري يربط الحاضر بالذاكرة الجماعية لحقبة الغوص على اللؤلؤ. هذا التكوين ليس عشوائيًا، أو جماليًا محضا؛ بل هو جزء من خطاب عمراني متكامل، يسعى إلى جعل الذاكرة التاريخية جزءًا من الحياة اليومية، ومكونًا من مكونات الهوية البصرية للمدينة. إن تمركز الفكرة المعمارية حول اللؤلؤ يساهم في تحويل المدينة إلى سجل مفتوح لتاريخها البحري، يُقرأ من خلال المواد والألوان والأشكال التي تعيد تمثيل رموز الغوص في بنية المدينة الحديثة.

الشكل (3): جزيرة اللؤلؤة – Regency Holidays : https://tinyurl.com/3d3jewfz
وبالمثل، يأتي إستاد الجنوب في مدينة الوكرة كتجسيد معماري آخر لهذا التوجه. فقد صمم على هيئة أشرعة قوارب "المحامل" التقليدية، التي كانت تستخدم في رحلات الغوص على اللؤلؤ[49]. وبما أن الوكرة كانت من أهم مراكز صيد اللؤلؤ في قطر؛ فإن هذا التصميم لا يعد مجرد احتفاء جمالي؛ بل يحمل بعدًا سرديًا يعيد تموضع تاريخ الغوص داخل فضاء معماري عالمي مخصص لأحداث رياضية عابرة للحدود. يذهب بعض المعماريين، مثل عبد الرؤوف، إلى أن الملاعب الجديدة في قطر قد تجاوزت وظيفتها الرياضية لتصبح. مساحات تفاعلية، تعيد صياغة العلاقة بين الإنسان والمكان، وتحول البنية التحتية إلى أدوات للانتماء الثقافي والذاكرة الجمعية[50] وبهذا؛ فإن الملاعب، تلعب وظائف متعددة: تاريخية واجتماعية واقتصادية وثقافية، تتشارك جميعها في الهدف الكلي: "خلق شخصية/هوية للمدينة"، فهي بمثابة إعادة صياغة للدور الاجتماعي والثقافي والإنساني للملعب، وتحويله إلى مقصد يومي لأفراد المجتمع، ومحاولة إيجاد ارتباط عميق بين الانسان والمكان، مثل أن يكون المكان حيز للمهرجانات الثقافية، وساحات احتفالية، أو نطاق للتعلم.
الشكل (4): إستاد الجنوب المستوحى من أشرعة القوارب التقليدية (المحامل). موقع Visit Qatar
ضمن هذا الإطار، يمكن النظر إلى نصب اللؤلؤة الواقع على كورنيش الدوحة، كمثال حي على تمفصل الرمزية التاريخية مع السياسة الثقافية للمدينة (City Cultural Policy). وإذا قمنا بتصفح موقع (Visit Qatar)[51]، وهو الموقع الرسمي الذي يعرف السياح بأبرز الأماكن السياحية والفعاليات في دولة قطر، سنجد أن نصب اللؤلؤة من أهم هذه المواقع؛ فهو يعتبر أحد العناصر الرئيسة في ترويج الثقافة والتراث البحري في قطر، وهو تكريم لتاريخ الصيد على اللؤلؤ. فالنصب، الذي يتخذ شكل محارة مفتوحة تضم لؤلؤة ضخمة، لا يكتفي بتجميل المكان؛ بل يحمل وظيفة تأويلية. فهو يعمل كـ “كود اجتماعي" (social code) يعبّر عن أحد الثوابت في السرد الوطني القطري، ومفاده أن الماضي لا يُطوى بل يُعاد إنتاجه في الحاضر. كما يشكّل النصب نقطة محورية للتفاعل الاجتماعي؛ إذ يتحول إلى فضاء للتجمّع والتجوّل والتأمل، معبّرًا بذلك عن البنية التحتية الرمزية التي تستند إليها المدينة في بناء هويتها الثقافية.

الشكل (5): نصب اللؤلؤة - كورنيش الدوحة. موقع Visit Qatar: https://tinyurl.com/4etu4jpf
ويظهر هذا التداخل بين العمران والتاريخ بوضوح في سوق واقف، الذي جرى ترميمه وإعادة تصميمه ليكون بمثابة فضاء مفتوح يعيد إنتاج ذاكرة الدوحة القديمة. يعكس السوق من خلال هندسته المعمارية وأسواقه الداخلية – خاصة متاجر التراث – الارتباط العضوي بين البحر والعمران. تتوزع داخل سوق واقف أدوات الغوص، مجسمات المحار، السفن الخشبية، والملابس التقليدية، في مشهد يؤكد مقولتنا النظرية التي مفادها أن السوق يؤدي دور الوسيط بين الذاكرة المادية والمخيال الثقافي. وبهذا؛ فإنه ليس فقط مرفقا تجاريا؛ بل مساحة تمارَس فيها عملية تعليمية غير رسمية تنقل المعرفة التراثية إلى الأجيال الشابة، وترسخ خطاب الدولة القائم على حماية التراث كمكوّن للهوية الوطنية، كما أشار المصري وعابدين[52].

الشكل (6): أحد الصور المعروضة للبيع في متجر للتراث – سوق واقف. التقاط الباحثين في 12 أبريل 2025
تُعدّ
الرسومات
الجدارية
المنتشرة في
أحياء الدوحة
مظهرًا آخر من
مظاهر
التعبير
العمراني عن
التاريخ وإعادة
سرد الذاكرة
الجمعية
بصريًا. هذه
الجداريات لا
تكتفي بإحياء
رموز الغوص التقليدية
– مثل السفن
والأمواج
والبحارة – بل تمزجها
بعناصر
الحداثة،
كالأبراج
والرافعات
والمشهد
الحضري
المتسارع، في
تكوين بصري يجمع
بين الماضي
والمستقبل.
ومن خلال هذا
المزج، تنتقل
الجداريات من
المستوى الماكرو،
الذي يحضر فيه
تاريخ الغوص
ضمن مشروعات
عمرانية كبرى
مثل جزيرة
اللؤلؤة، إلى
المستوى المايكرو،
الذي يخاطب
الأفراد
مباشرة عبر
الفضاء اليومي.
فهي تتيح
تفاعلًا
سيميائيًا
حرًّا مع الرموز
التاريخية،
وتكسر احتكار
السلطة في عرض
التاريخ
وقراءته
وإنتاجه
واستهلاكه.
وبهذا المعنى،
تشكّل
الجداريات طبقة
بصرية
تفاعلية
تخاطب المارة
وتحفّزهم على
المشاركة في
إنتاج المعنى؛
إذ يدخل الفرد
– سواء أكان
مواطنًا أم مقيمًا
أم زائرًا – في
علاقة
وجدانية مع
رموز الماضي،
من دون أن
تُفرض عليه
قراءة نمطية
أو خطّية
للتاريخ، بل
تُفسَح له
مساحة
للتأويل الحر
والمشاركة
الوجدانية في
سرد الهوية.
الشكل (7): رسم جداري في منطقة (West Bay). التقاط الباحثين في 25 أبريل 2025
ينعكس التراث الثقافي المتصل بتاريخ الغوص على اللؤلؤ أيضًا في مشاريع البنية التحتية الحديثة التي أنشأتها دولة قطر خلال السنوات الأخيرة، بالتعاون مع مهندسين معماريين عالميين. ومن أبرز هذه المشاريع «أقواس الوحدة» أو «قوس 5/6»، وهو معلم فولاذي يمتد على جسر طريق لوسيل السريع الذي يربط منطقة الخليج الغربي بمدينة لوسيل الحديثة. يُعد هذا النصب أحد أطول المعالم التذكارية في قطر، وقد نال جائزة (ENR Global) لأفضل مشروع عام 2018، وجائزة التصميم الدولية عام 2020. يجسد هذا الجسر في تصميمه الشبكة التي كان الغواصون يستخدمونها لجمع اللؤلؤ من أعماق البحر، كما أن اللون الأزرق الذي يزين الأنفاق وأعمدة الإنارة المحيطة به يحاكي تموجات الماء وحركة الشبكات، مما يمنحه بعدًا رمزيًا عميقًا يستحضر ذاكرة الغوص ويحولها إلى جزء من المشهد العمراني الحديث. تتضاعف أهمية هذا المعلم من خلال التوقيت الذي جرى افتتاحه فيه، إذ اكتمل العمل عليه ضمن احتفالات اليوم الوطني في نهاية عام 2017، في أعقاب الحصار المفروض على دولة قطر. ومن هنا، اكتسب «قوس 5/6» دلالات رمزية متعددة؛ فهو يؤكد أولًا على أصالة الماضي والقدرة على المزج بين التراث والحداثة، ويُظهر ثانيًا اندماج الوظيفة العملية للجسر – بتيسير حركة المركبات – مع الرمزية التاريخية لذاكرة الغوص بوصفها عنصرًا حاضرًا في الحياة اليومية. كما يعكس ثالثًا قيمة التاريخ بوصفه مصدرًا للوحدة الوطنية في مواجهة التحديات، ورابعًا يسهم في تحويل التراث البحري القطري، خصوصًا في مدينة الدوحة، إلى مورد ثقافي وسياحي يجمع بين الأصالة والإبداع[53].

الشكل (8): تقاطع 5/6 في الدوحة. التقاط الباحثين في 8 يونيو 2025
وبهذا، يمكننا القول في هذا السياق إن العمران في دولة قطر لا ينتج فقط مساحات مادية للسكن، أو الاستثمار؛ بل يمارس دورا ثقافيا واضحا يتمثل في استحضار الماضي البحري لمجتمع الغوص، وتحويله إلى لغة رمزية تحكم الذاكرة الجمعية وتشكل الوعي المديني. وهذه الرموز المعمارية والثقافية – من جزيرة اللؤلؤة إلى استاد الجنوب، ومن نصب اللؤلؤة إلى الرسومات الجدارية – تشكل معا شبكة متكاملة تعيد إنتاج التاريخ كجزء من الحاضر، وتربط المواطن والمقيم والزائر بخطاب الدولة حول الهوية، والأصالة، والانتماء.
من خلال تحليل التمثلات المعمارية والعمرانية التي تحتفي بتاريخ الغوص وصيد اللؤلؤ في مدينة الدوحة؛ يمكن الخروج بعدد من الاستنتاجات التي تبرز طبيعة العلاقة بين العمران والهوية في السياق القطري:
أولًا، يتخذ المعمار في قطر اليوم وظيفة رمزية وثقافية واضحة؛ إذ توظف الدولة العمران بوصفه "رمزًا تراثيًا" (heritage code)، يعاد استحضاره في سياقات متعددة تشمل الاقتصاد والثقافة والسياسات الوطنية.
ثانيًا، يسهم هذا المعمار في صيانة الذاكرة الجمعية للقطريين؛ إذ يستمد رمزيته من تاريخ الجماعة ذاتها؛ لا من معايير جمالية مجردة، أو توجهات معمارية معولمة.
ثالثًا، يلعب الخطاب دورا حاسما في رسم صورة "العمارة التاريخية" (historical architecture)، والسمة الأبرز في ذلك الخطاب، أنه تعمل الشخصيات المؤثرة على توضيح مدى صلابة هذا الإرث الثقافي وربطه بالحاضر، وهذا من خلال التعبير عن الأصالة، والتراث، والماضي، والتاريخ المشترك، والممارسات، والقوة والعزيمة، والصبر والتحمل، على أساس أنها صفات ممتدة وعبارة للسياق الزماني لدى القطريين.
رابعًا، لا تبتدع الدولة رموزا جديدة لتشكيل الهوية؛ بل تقوم بـإعادة إنتاج الرموز التاريخية ضمن إطار حداثي، بما يشكل نموذجا لما سماه ميشيل مافيزولي (Michel Maffesoli) الوعي الجماعي المنعكس، الذي يعيد تأويل الماضي ليؤسس واقعًا اجتماعيًا جديدا.
خامسًا، من أساسيات بناء رؤى وطنية، التأكيد على الأرضيات المشتركة (Commonalities)، ولإدراك الدولة القطرية ذلك؛ فإنها تقوم باستدعاء الرمز التاريخي داخل العمران، لتزيد من المشترك، الذي يخدم في نهاية الأمر رؤية قطر 2030، التي يعدّ "الاحتفاء بالماضي" أحد مرتكزاتها.
سادسًا، من منظور الدولة القطرية، لا يقف التاريخ عند عملية استحضاره في اللحظة الراهنة بوصفه تاريخا فحسب؛ بل بوصفه عاملًا مركزيا يتشابك وبشكل اعتمادي مع الاقتصاد والثقافة والعلاقات الدولية والتصورات الشعبية، والمثال الأبرز على ذلك التداخل، أن العمران التاريخي أصبح مورد حيوي بالنسبة إلى القطريين اليوم؛ تحقيقًا لمبدأ "التنوع الاقتصادي".
سابعًا، يخبرنا صوت المدينة القطرية، بأن التاريخ والتراث المتحدث باسم القطريين، يؤكد على الدمج بين ثنائية؛ ترسيخ الهوية الوطنية وإدماج الآخر داخل المجتمع القطري؛ أي بعبارة أخرى، لا يتحول ذلك التاريخ إلى عنصر صراع، أو إقصاء للآخر، بمعنى الغيرية، القائمة وضع حدود ثقافية للتأكيد على ثنائية "نحن" و "هم"؛ وإنما على النقيض من ذلك، التأكيد على الذات القطرية وتماسك سماتها التاريخية أولًا، واحتوائها للآخر غير القطري من المقيمين والسيّاح والبعيد المتفاعل عبر المجال الافتراضي ثانيًا؛ وكأن العمران اليوم في قطر يصدح: "أنا أتجاوز التاريخ، لكني لا أنفصل عنه".
ثامنًا، تتبلور جملة الكثافة العمرانية السابقة لأمثلة استاد الجنوب ونصب اللؤلؤة وسوق واقف وجزيرة اللؤلؤة، فيما سميناه بـ"العمران التراثي" لدولة قطر، القائم على أسس تجديد وإعادة إنتاج ذاكرة المكان من خلال مفردات التراث التاريخي، مع وضعه في إطار اجتماعي وثقافي تفاعلي يراعي التعددية الثقافية، إضافة إلى توظيفه رمزيًا لعرض الثقافة المحلية واقتصاديًا لتنويع النشاط الاقتصادي من خلال عامل التاريخ و"المعرفة التراثية".
تاسعًا، هذا الترسيخ الممنهج للعمران التراثي في قطر ينقلنا إلى عنصر آخر وهو "قوة التراث" (heritage power)؛ إذ يستمد التراث قوته في دولة قطر كما في سياقات أخرى من العمارة والعمران، في أبعاده: الصريحة والكامنة، البصرية والمعرفية، الفيزيائية/المادية والمعنوية، وهو بذلك يصبح أكثر ارتباطًا بمصادر القوة الوطنية الأكثر شمولية: القوة الاقتصادية والقوة الثقافية، والأكثر أهمية القوة الناعمة، التي تطمح من خلالها الدولة ومؤسساتها لمستقبل تتزايد فيه المكانة الإقليمية والدولية لدولة قطر.
وعلى الرغم من التأكيد الدائم من المستويات العليا في الدولة القطرية على أهمية عنصر التاريخ بوصفه حاسمًا، وبوصفه أكد الروافد الثقافية التي تشكل مجتمعًا متماسكًا، ورغم وضوح العلاقة التفاعلية بين التاريخ والمدينة وسكانها.
أولًا: العربية
"استاد الجنوب... تحفة معمارية تحمل عراقة الماضي وإرث المستقبل". وكالة الأنباء القطرية، 8 نوفمبر 2022. استُرجِع بتاريخ: 15 مايو 2025. https://tinyurl.com/c2try98v
"استمتع بقضاء يوم حافل على كورنيش الدوحة"، Visit Qatar، استُرجِع بتاريخ: 15 مايو 2025. https://2u.pw/TJSjOIz.
الأمانة العامة للتخطيط التنموي. "رؤية قطر الوطنية 2030". 2008.
بارك، روبرت. وآخرون. المدينة. جدة: تبر للدعاية والنشر والإعلام، 1988.
جامعة قطر. "مؤتمر الهوية الوطنية". استُرجِع بتاريخ: 10 مايو 2025. https://2u.pw/NPWS3Ti
الخطيب، أنور. "تقاطع 5/6 في الدوحة: معلم معماري لتأريخ حصار قطر"، العربي الجديد، 09 أبريل 2018. استُرجِع بتاريخ: 15 مايو 2025. https://tinyurl.com/54msdxp7
الخليفي، محمد جاسم. العمارة التقليدية في قطر. الدوحة: المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، 2003.
الخياط، حسن. المدينة العربية الخليجية. الدوحة: مركز الوثائق والدراسات الإنسانية، 1988.
السدحان، عبد الله. الآثار الاجتماعية للتوسع العمراني: المدينة الخليجية أنموذجًا. الدوحة: وزارة الأوقاف، 2010.
السليطي، شيخة. "تعرفوا على شيخة السليطي، المصممة والقوة الإبداعية الدافعة لتصميم درع جائزة دوحة التصميم لعام 2024" (YouTube video). استُرجِع بتاريخ: 15 مايو 2025. https://youtu.be/W0NiLg06YEg
الشهواني، آمنة. مدخل لفهم عمليات التخطيط الفضاء الحضري لمدينة الدوحة: مشروع مشيرب مثالًا. [رسالة ماجستير غير منشورة]. كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية. قطر: معهد الدوحة للدراسات العليا، 2024.
عبد الرؤوف، علي. "الإسلام والعروبة: مأزق الهوية وفخ العولمة: تحديات وتحولات عمارة وعمران المدينة الخليجية المعاصرة". مجلة لونارد، مج1، ع2 (2011).
–––. الثقافة السياسية السلطوية الحاكمة والهوية المكانية: حالة المدينة المصرية. القاهرة: منشورات خيميائية العمارة والبشر والأماكن، 2024.
–––. العمارة والعمران في قطر المعاصرة: التوجهات الإبداعية والقضايا النقدية. الدوحة: دار نشر جامعة قطر، 2025.
العلوي، فيصل بن سعيد. "العمـارة بين الماضـي والمستقبل: كيـف تسـهم العــــودة إلـى التراث في استدامة وأنسنة المدن؟". عمان. 03 فبراير 2024، استرجع بتاريخ: 02 يونيو 2025. https://2u.pw/esSpe
فلتر، ريتشارد وروبرت كارتر، "تحديد معالم تطور إحدى مدن الخليج العربي: الدوحة عاصمة قطر أنموذجا". مجلة التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للشرق، ع60 (2017).
قمر الدين، مهى. "نشكل مدننا ومن ثم تشكلنا". مجلة القافلة، 11 نوفمبر 2019، استرجع بتاريخ: 30 مايو 2025. https://short-link.me/167hH
الكواري، نورة. مدينة الدوحة: دراسة جغرافية في المدن. القاهرة: جامعة عين شمس، 1994.
محمد، صادق. ومضات قديمة من الدوحة. الدوحة: دار روزا للنشر، 2024.
المصري، مثنى، وعابدين، عمر. "سياسات بناء الهوية وإعادة إنتاج التراث الثقافي: حالة ثقافة مجتمع الغوص في دولة قطر". مجلة تجسير، مج6، ع2 (2024)، ص131-161. https://doi.org/10.29117/tis.2024.0187
–––. مجتمع الغوص في قطر: التاريخ والثقافة والمعاناة. الأردن: دار خطوط وظلال، 2025.
النجار، باقر سلمان. الحداثة الممتنعة في الخليج: تحولات المجتمع والثقافة. بيروت: دار الساقي، 2018.
هارفي، ديفيد. مدن متمردة: من الحق في المدينة إلى ثورة الحضر. ترجمة: لبنى صبري. بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2017.
ثانيًا: الأجنبية
Reference
Abd-Alraouf, Ali. “al-Islām wa-al-ʻurūbah: maʼziq al-huwīyah wfkh al-ʻawlamah: taḥaddiyāt wa-taḥawwulāt ʻImārah wa-ʻumrān al-Madīnah al-Khalījīyah al-muʻāṣirah,” (in Arabic). Lonaard Journal, Vol. 1, No. 2 (2011), pp. 1-17.
–––. al-Thaqāfah al-siyāsīyah al-sulṭawīyah al-ḥākimah wa-al-huwīyah al-makānīyah: ḥālat al-Madīnah al-Miṣrīyah (in Arabic). Cairo: Manshūrāt khymyāʼyh al-ʻImārah wa-al-bashar wa-al-amākin, 2024.
–––. Architecture and Urbanism in Contemporary Qatar: Creative Trends and Critical Issues (in Arabic). Doha: Qatar University Press, 2025.
Abu-Lughod, Janet. “The Islamic City– Historic Myth, Islamic Essence, and Contemporary Relevance.” International Journal of Middle East Studies. Vol. 19, No. 2 (1987). pp. 155-176. https://doi.org/1017/S0020743800031822
Adham, Khaled. “Rediscovering the Island: Doha’s Urbanity from pearls to Spectacle.” In: Yasser Elsheshtawy (ed.), The Evolving Arab City: Tradition, Modernity and Urban Development. Oxford: Routledge, 2011.
al-‘Alawī, Faisal Ben Sa‘īd. “al-‘imārah bayna al-māḍī wa-al-mustaqbal: kayfa tusahim al-‘awda ilā al-turāth fī istidāmah wa-unsanat al-mudun?” (in Arabic). Oman, 03 February 2024. accessed 02 June 2025. https://2u.pw/esSpe
al-Kawwārī, Nūrah. Madīnat al-Dawḥah: dirāsah jughrāfīyah fī al-mudun (in Arabic). Cairo: Jāmiʻat ʻAyn Shams, 1994.
al-Khayyāṭ, Ḥasan. al-Madīnah al-ʻArabīyah al-Khalījīyah (in Arabic). Doha: Markaz al-wathāʼiq wa-al-Dirāsāt al-Insānīyah, 1988.
Al-kholaifi, Mohammad Jassim. Traditional Architecture in Qatar (in Arabic). Doha: al-Majlis al-Waṭanī lil-Thaqāfah wa-al-Funūn wa-al-Turāth, 2003.
Al-Masri, M. & Abidin, O. Mujtamaʻ al-ghawṣ fī Qaṭar: al-tārīkh wa-al-Thaqāfah wa-al-muʻānāh (in Arabic). Jordan: Dar Khutut wa-Zhilal, 2025.
al-Najjār, Bāqir Salmān. al-ḥadāthah almmtnʻh fī al-Khalīj: Taḥawwulāt al-mujtamaʻ wa-al-Thaqāfah (in Arabic). Beirut: Dār al-Sāqī, 2018.
Alsaeed, Fodil Fadli Mahmoud. “A Holistic Overview of Qatar’s (Built) Cultural Heritage; Towards an Integrated Sustainable Conservation Strategy.” Sustainability. Vol. 11, No. 8 (2019), pp.1-18. https://doi.org/10.3390/su11082277
Al-Shahwani, A. “madkhal li-fahm ʻamalīyāt al-Takhṭīṭ al-faḍāʼ al-ḥaḍarī li-madīnat al-Dawḥah: Mashrūʻ mshyrb mithālan” (in Arabic). Unpublished master’s thesis, Qatar: Doha Institute for Graduate Studies, College of Social and Human Sciences, 2024.
Alshhwāny, Āminah. "madkhal li-fahm ʻamalīyāt al-Takhṭīṭ al-faḍāʼ al-ḥaḍarī li-madīnat al-Dawḥah : Mashrūʻ mshyrb mthālan" (in Arabic).[Unpublished Master’s thesis]. College of Social and Human Sciences, Qatar: Doha Institute for Graduate Studies, 2024.
Al-Sulaiti, Sheikha. “Ta‘arrafū ‘alā Sheikha al-Sulaiti, al-Muṣammimah wa-al-Quwwah al-Ibdā‘iyyah al-Dāfi‘ah li-Taṣmīm Dir‘ Jā’izat Doha al-Design li-‘Ām 2024” (in Arabic). (YouTube video). Accessed 15 May 2025. https://youtu.be/W0NiLg06YEg
al-Sulayṭī, Shaykhah. “tʻrfwā ʻalá Shaykhah al-Sulayṭī, almṣmmh wālqwh al-ibdāʻīyah aldāfʻh ltṣmym Dirʻ Jāʼizat dawḥat al-taṣmīm li-ʻām 2024” (in Arabic). YouTube. 15 May 2025. Accessed 15 May 2025. https://youtu.be/W0NiLg06YEg
Ashworth, G. & Page, S. “Urban tourism research: Recent progress and current paradoxes,” Tourism Management, Vol. 32, No. 1 (2011). pp. 1-15. https://doi.org/10.1016/j.tourman.2010.02.002
Boussaa, D. “Al Asmakh historic district in Doha, Qatar: From an urban slum to living heritage,” Journal of Architectural Conservation, Vol. 20, No 1 (2014), pp. 2-15. https://doi.org/10.1080/13556207.2014.888815
–––. “Cultural Heritage Tourism as a Catalyst for Urban Regeneration: Case of the Doha Historic Center in Qatar.” Proceedings of the International Conference on Civil Infrastructure and Construction (CIC). No. 1 (2023), pp. 1199-1208. https://doi.org/10.29117/cic.2023.0149
–––. “Urban Regeneration and the Search for Identity in Historic Cities.” Sustainability, Vol. 10, No. 1 (2017), pp. 1-16. https://doi.org/10.3390/su10010048
“The Doha Corniche: Experience the serenity of the capital's fabled 7KM crescent, the Doha Corniche on a stroll.”(in Arabic). Visit Qatar. Accessed 15 May 2025. https://2u.pw/TJSjOIz
Central Secretariat for Development Planning. “ruʼyah Qaṭar al-Waṭanīyah 2030” (in Arabic). 2008.
Elden, Stuart. Understanding Henri Lefebver: Theory and the possible. London: continuum, 2004.
Fletcher, Richard and Carter, Robert A. “Mapping the Growth of an Arabian Gulf Town: The Case of Doha, Qatar” (in Arabic). Journal of the Economic and Social History of the Orient. No. 60 (2017), pp. 420-487.
Fois, Luca. “Bridging Business Approach and Sustainable Cultural Innovation.” Design for Impact: Bridging Business Approach and Sustainable Cultural Innovation. Design Doha Forum, 28 February 2024. (YouTube video), accessed 15 Mai 2025. https://youtu.be/xHk6XmpwvW8
Fuccaro, Nelida. “Visions of the City: Urban Studies on the Gulf.” Middle East Studies Association Bulletin. Vol. 35, No. 2 (2001). pp. 175-188. https://doi.org/10.1017/S0026318400043339
Goonewardena, K. et al. Space, Difference, Everyday Life: Reading Henri Lefebvre. New York: Routledge, 2008.
Harvey, David. Rebel Cities: from the Right to the Urban Revolution (in Arabic). trans. Lobna Sabri. Beirut: Arab Network for Research and Publishing, 2017.
Heid, Katherine. “Culture, Cities and Identity in Europe”, European Economic and Social Committee. 2016. https://www.eesc.europa.eu/sites/default/files/resources/docs/culture-cities-and-identity-in-europe_executive-summary.pdf
Ibrahim Jaidah, “Agent of Change: How Design Shapes Society and Culture,” Design Doha Forum, 28 February 2024. (YouTube video), Accessed 15 Mai 2025. https://youtu.be/leoqtfSaOYk
Lefebver, Henri. The Production of Space. trans. Donald N. Smith. Oxford: Basil Blackwell, 1991.
–––. “The Right to the City.” In: Writings on cities. trans. E. Kofman & E. Lebas. Cambridge, MA: Blackwell, 1996.
Massey, Doreen. For Space. California: Sage Publication, 2005.
Mumford, Lewis. “What Is the City?” In: R. Legates & F. Stout (eds.), The City Reader. London: Routledge, 2011.
Qaddoumi, Hisham. “Qatari Architecture: From Mud to Concrete,” Panel discussion organized in collaboration with Qatar Debate, 10 March 2024, (YouTube video), Accessed 15 Mai 2025. https://youtu.be/x7obmSPPd80
Qamar al-Dīn, Mahá. “nshkl mdnnā wa-man thumma tshklnā.” (in Arabic). Majallat al-qāfilah, 11 Nūfimbir 2019. accessed 30 May 2025. https://short-link.me/167hH
Qatar News Agency. “Istād al-Janūb... Tuḥfah Mi‘māriyyah Taḥmil ‘Irāqat al-Māḍī wa-Irth al-Mustaqbal.” (in Arabic). Qatar News Agency, 8 November 2022. Accessed 15 May 2025. https://tinyurl.com/c2try98v
Qatar University. “Mu’tamar al-Huwiyyah al-Waṭaniyyah.” (in Arabic). Accessed 10 May 2025. https://2u.pw/NPWS3Ti
Robert E. Park et al., al-Madīnah (in Arabic). Jiddah: Tibr lil-Diʻāyah wa-al-Nashr wa-al-Iʻlām, 1988.
Sadeq, Mohammed. Old Glimpses from Doha (in Arabic). Doha: Dar Roza Publishing, 2024.
[1] مثنى المصري وعمر عابدين، "سياسات بناء الهوية وإعادة إنتاج التراث الثقافي: حالة ثقافة مجتمع الغوص في دولة قطر،" مجلة تجسير، مج6، ع2 (2024)، ص131-161.
[2] اللجنة المنظمة لاحتفالات اليوم الوطني لدولة قطر، مرابع الأجداد أمانة (2021)https://2u.pw/C8hCvYc.
[3] آمنة الشهواني، مدخل لفهم عمليات التخطيط الفضاء الحضري لمدينة الدوحة: مشروع مشيرب مثالا، [رسالة ماجستير غير منشورة]، كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية (قطر: معهد الدوحة للدراسات العليا، 2024).
[4] مثنى المصري وعمر عابدين، مجتمع الغوص في قطر: التاريخ والثقافة والمعاناة (الأردن: دار خطوط وظلال، 2025).
[5] المصري وعابدين، "سياسات بناء الهوية وإعادة إنتاج التراث الثقافي".
[6] Henri Lefebve, “The Right to the City,” In: Writings on Cities, trans. E. Kofman & E. Lebas (Cambridge, MA: Blackwell, 1996), p. 109.
[7] ديفيد هارفي، مدن متمردة: من الحق في المدينة إلى ثورة الحضر، ترجمة: لبنى صبري (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2017)، ص31.
[8] روبرت بارك وآخرون، المدينة (جدة: تبر للدعاية والنشر والإعلام، 1988)، ص90.
[9] Lewis Mumford, “What Is the City?” In: R. Legates & F. Stout (eds.), The City Reader (London: Routledge, 2011), p. 59.
[10] ينسب هذا القول إلى وينستون تشرشل، مع ذلك لم أتمكّن من العثور على مصدر تاريخي موثوق يحدد المكان أو المناسبة التي قال فيها هذه الكلمات. مهى قمر الدين، "نشكل مدننا ومن ثم تشكلنا"، مجلة القافلة، 11 نوفمبر 2019، استرجع بتاريخ: 30 مايو 2025. https://short-link.me/167hH
[11] Henri Lefebver, The Production of Space, trans. Donald N. Smith (Oxford: Basil Blackwell, 1991), p. 33.
[12] Ibid., pp. 38-46.
[13] Stuart Elden, Understanding Henri Lefebver: Theory and the possible (London: continuum, 2004), p. 185.
[14] Ibid., p. 190.
[15] Lefebver, The Production of Space, p. 42.
[16] Doreen massey, For Space (California: Sage Publication, 2005), p. 25.
[17] فيصل بن سعيد العلوي، "العمـارة بين الماضـي والمستقبل.. كيـف تسـهم العــــودة إلـى التراث في استدامة وأنسنة المدن؟"، عمان اليوم، 03 فبراير 2024، استرجع بتاريخ: 02 يونيو 2025. https://2u.pw/esSpe
[18] Fodil Fadli Mahmoud Alsaeed, “A Holistic Overview of Qatar’s (Built) Cultural Heritage; Towards an Integrated Sustainable Conservation Strategy,” Sustainability, Vol. 11, No. 8 (2019), pp. 1-3.
[19] Ibid.
[20] Katherine Heid, “Culture, Cities and Identity in Europe,” European Economic and Social Committee (2016), pp. 26-37.
[21] Ibid.
[22] باقر سلمان النجار، الحداثة الممتنعة في الخليج: تحولات المجتمع والثقافة (بيروت: دار الساقي، 2018)، ص303.
[23] محمد جاسم الخليفي، العمارة التقليدية في قطر (الدوحة: المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، 2003).
[24] Nelida Fuccaro, “Visions of the City: Urban Studies on the Gulf,” Middle East Studies Association Bulletin, Vol. 35, No. 2 (2001), pp. 175-188.
[25] حسن الخياط، المدينة العربية الخليجية (الدوحة: مركز الوثائق والدراسات الإنسانية، 1988). ونورة الكواري، مدينة الدوحة: دراسة جغرافية في المدن (مصر: جامعة عين شمس، 1994). وصادق محمد، ومضات قديمة من الدوحة (الدوحة: 2022). وريتشارد فلتر وروبرت كارتر، " تحديد معالم تطور إحدى مدن الخليج العربي: الدوحة عاصمة قطر أنموذجا،" مجلة التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للشرق، ع70 (2017).
[26] Janet Abu-Lughod, “The Islamic City – Historic Myth, Islamic Essence, and Contemporary Relevance,” International Journal of Middle East Studies, Vol. 19, No. 2 (1987), pp. 155-160.
توضح أبو لغد هذا الجانب بشكل أوسع، مشيرة إلى أن بعض الإنتاجات الغربية أنتجت تصورات مشوشة وغرائبية للمدينة الإسلامية، ما أدى إلى ظهور مفاهيم اختزالية عنها. وقد انعكس هذا على الدراسات التي تناولت المدن الخليجية، بما فيها القطرية، حيث تم تصوير المدينة أحيانًا على أنها "قمعية" بوصفها مدينة إسلامية، في سياق قراءة نقدية للإرث التاريخي والثقافي، وهو ما يثير جدلاً حول العلاقة بين البنية الإسلامية للمدينة والأنماط الاجتماعية والسياسية التي تنشأ فيها.
[27] عبد الله السدحان، الآثار الاجتماعية للتوسع العمراني: المدينة الخليجية أنموذجًا (الدوحة: وزارة الأوقاف، 2010).
[28] علي عبد الرؤوف، الثقافة السياسية السلطوية الحاكمة والهوية المكانية: حالة المدينة المصرية (منشالقاهرة: ورات خيميائية العمارة والبشر والأماكن، 2024)، ص8.
[29] Samer Yamani, “Nurturing Cultural Heritage Through Design in the Middle East,” at: https://youtu.be/H8fjK0gPB6M?si=JL3xA5EHIi8fiGLs.
[30] علي عبد الرؤوف، "الإسلام والعروبة: مأزق الهوية وفخ العولمة – تحديات وتحولات عمارة وعمران المدينة الخليجية المعاصرة"، مجلة لونارد، مج 1، ع2 (2011)، ص1-17.
[31] Khaled Adham, “Rediscovering the Island: Doha’s Urbanity from pearls to Spectacle,” In: Yasser Elsheshtawy (ed.), The Evolving Arab City: Tradition, Modernity and Urban Development (Oxford: Routledge, 2011), p. 222-230.
[32] الشهواني، ص31-44.
[33] علي عبد الرؤوف، العمارة والعمران في قطر المعاصرة: التوجهات الإبداعية والقضايا النقدية (الدوحة: دار نشر جامعة قطر، 2025)، ص192-194.
[34] D. Boussaa, “Al Asmakh historic district in Doha, Qatar: From an urban slum to living heritage,” Journal of Architectural Conservation, Vol. 20, No 1 (2014), pp. 2-15.
[35] D. Boussaa, “Urban Regeneration and the Search for Identity in Historic Cities.” Sustainability, Vol. 10, No. 1 (2017), p. 10.
[36] D. Boussaa, “Cultural Heritage Tourism as a Catalyst for Urban Regeneration: Case of the Doha Historic Center in Qatar,” Proceedings of the International Conference on Civil Infrastructure and Construction (CIC), No. 1 (2023), pp. 1199-1208.
[37] G. Ashworth & S. Page, “Urban tourism research: Recent progress and current paradoxes,” Tourism Management, Vol. 32, No. 1 (2011). pp. 1-15.
[38] عبد الرؤوف، الثقافة السياسية السلطوية الحاكمة والهوية المكانية.
[39] Luca Fois, “Bridging Business Approach and Sustainable Cultural Innovation,” Design for Impact: Bridging Business Approach and Sustainable Cultural Innovation, Design Doha Forum, 28 February 2024, (YouTube video), accessed 15 Mai 2025. https://youtu.be/xHk6XmpwvW8
[40] تميم بن حمد آل ثاني، رؤية قطر الوطنية 2030 (الأمانة العامة للتخطيط التنموي، 2008).
[41] حمد بن خليفة آل ثاني، رؤية قطر الوطنية 2030 (الأمانة العامة للتخطيط التنموي، 2008)، ص1.
[42] المصري وعابدين، "سياسات بناء الهوية وإعادة إنتاج التراث الثقافي".
[43] جامعة قطر، "مؤتمر الهوية الوطنية"، استُرجِع بتاريخ: 10 مايو 2025. https://2u.pw/NPWS3Ti
[44] Hisham Qaddoumi, “Qatari Architecture: From Mud to Concrete,” Panel discussion organized in collaboration with Qatar Debate, 10 March 2024, (YouTube video), Accessed 15 Mai 2025. https://youtu.be/x7obmSPPd80
[45] من أحد أشهر المصممين القطريين، وقد قام بإنجاز العديد من المشاريع المهمة والمعروفة على مستوى العالم.
[46] Ibrahim Jaidah, “Agent of Change: How Design Shapes Society and Culture,” Design Doha Forum, 28 February 2024. (YouTube video), Accessed 15 Mai 2025. https://youtu.be/leoqtfSaOYk
[47] شيخة السليطي، "تعرفوا على شيخة السليطي، المصممة والقوة الإبداعية الدافعة لتصميم درع جائزة دوحة التصميم لعام 2024" (YouTube video). استرجع بتاريخ: 15 مايو 2025. https://youtu.be/W0NiLg06YEg
[48] Goonewardena K. et al., Space, Difference, Everyday Life: Reading Henri Lefebvre (New York: Routledge, 2008), pp. 27-44.
[49] "استاد الجنوب... تحفة معمارية تحمل عراقة الماضي وإرث المستقبل"، وكالة الأنباء القطرية، 8 نوفمبر 2022، استُرجِع بتاريخ: 15 مايو 2025. https://2u.pw/8toAsCl
[50] عبد الرؤوف، العمارة والعمران في قطر المعاصرة.
[51] "استمتع بقضاء يوم حافل على كورنيش الدوحة"، Visit Qatar، استُرجِع بتاريخ: 15 مايو. 2025. https://2u.pw/TJSjOIz.
[52] المصري وعابدين، "سياسات بناء الهوية وإعادة إنتاج التراث الثقافي".
[53] أنور الخطيب، "تقاطع 5/6 في الدوحة: معلم معماري لتأريخ حصار قطر"، العربي الجديد، 09 أبريل 2018 استُرجِع بتاريخ: 15 مايو 2025. https://tinyurl.com/54msdxp7