Publizieren – Why Open Access?المجلة الدولية للقانون

جــامعـة قطـــــر

تاريخ الاستلام: 27/04/2024                   تاريخ التحكيم: 02/06/2024                   تاريخ القبول: 10/07/2024

التسجيل العقاري وآثاره القانونية في التشريع العماني*

مريم بنت راشد بن سعيد السعيدية https://orcid.org/0009-0002-3652-2946

ماجستير في القانون الخاص، كلية الحقوق، جامعة السلطان قابوسسلطنة عمان

s106081@student.squ.edu.om

«محمد خير» محمود العدوان  https://orcid.org/0000-0003-2316-3091

أستاذ القانون المدني المشارك، كلية الحقوق، جامعة السلطان قابوسسلطنة عمان

m.aladwan@squ.edu.om

سيف بن ناصر بن عبد الله المعمري https://orcid.org/0000-0003-0297-9817

أستاذ القانون المدني المساعد، كلية الحقوق، جامعة السلطان قابوسسلطنة عمان

saif204@squ.edu.om

ملخص

العقار ركيزة أساسية لتعزيز الاقتصاد في الدولة، وحمايته تقتضي إيجاد نظام يحيط بكافة تفاصيله؛ من حيث حالته المادية، كمساحته وموقعه ونوعه، وحالته القانونية المتعلقة بالمالك الحقيقي له والحقوق المرتبطة به. ويمكن لمن يريد التعامل بالعقار الاطلاع على كافة بياناته المطلوبة؛ فيكون محصنًا من أي غشٍ أو خداع.

يعالج البحث مدى فعالية السجل العقاري العماني في تحقيق الحماية المدنية للتصرفات والحقوق العقارية والمراكز القانونية المرتبطة بها لا سيما وأن قانون نظام السجل العقاري العماني مضى على صدوره أكثر من (25) سنة، بالإضافة إلى تبني المشرع لمنهجية مفادها جعل التسجيل شرطًا لانتقال الملكية فقط دون وجود أي إلزامية للتسجيل، ويعالج البحث أيضًا - الإشكالات التي قد تترتب إزاء عدم التسجيل في السجل العقاري العماني، وكل ما سبق باستخدام المنهج الوصفي القائم على توضيح التوصيف العام للسجل العقاري العماني، وباستخدام المنهج التحليلي المعتمد على تحليل النصوص القانونية والمبادئ القضائية للوقوف على هذه الفعالية الحمائية للسجل العقاري وآلية التعامل مع التصرفات غير المسجلة، وعمد البحث إلى المنهج المقارن القائم على مقارنة التشريع العماني بالقوانين الأخرى كالقانونين الإماراتي والأردني في بعض النقاط التي قد تشكل حلقة وصل في تطوير السجل العقاري العماني.

وقد توصل البحث إلى مجموعة من النتائج أهمها أن المشرع العماني يتبنى نظام السجل العيني في سجلاته، وأن حجيته نسبية بحيث تقبل إثبات العكس متى ما ظهر دليل أقوى يناقضها، وأن التصرف غير المسجل لا يرتب إلا التزاماته الشخصية بخلاف التصرف المسجل الذي يرتب مع ذلك انتقال الملكية، وأوصى البحث باستحداث منظومة إلكترونية للسجلات العقارية العمانية، وجعل التسجيل في السجل العقاري العماني ركنًا لقيام العقد وليس فقط شرطًا لانتقال الملكية.

الكلمات المفتاحية: عقار، سجل عقاري، تسجيل، حجية، صحيفة عقارية، عقود شكلية

للاقتباس: السعيدية، مريم بنت راشد بن سعيد والعدوان، «محمد خير» محمود والمعمري، سيف بن ناصر بن عبد الله. «التسجيل العقاري وآثاره القانونية في التشريع العماني»، المجلة الدولية للقانون، المجلد الرابع عشر، العدد المنتظم الأول، 2025، تصدر عن كلية القانون، وتنشرها دار نشر جامعة قطر. https://doi.org/10.29117/irl.2025.0318

© 2025، السعيدية والعدوان والمعمري، الجهة المرخص لها: كلية القانون، دار نشر جامعة قطر. نُشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution Non-Commercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، ما دام يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0


 

 

Publizieren – Why Open Access?International
 Review of Law
Qatar University

Submitted: 10/07/2024                     Peer-Reviewed: 02/06/2024                           Accepted: 27/04/2024

Real Estate Registration and its Legal Effects in Omani Legislation*

Maryam Rashid Said Alsaidi https://orcid.org/0009-0002-3652-2946

Master of Private Law, College of Law, Sultan Qaboos University–Sultanate of Oman

s106081@student.squ.edu.om

‘Mohammad Khair’ Al Adwan https://orcid.org/0000-0003-2316-3091

Associate Professor of Civil Law, College of Law, Sultan Qaboos University–Sultanate of Oman

m.aladwan@squ.edu.om

Saif Nasser Abdullah Al-Mamari https://orcid.org/0000-0003-0297-9817

Assistant Professor of Civil Law, College of Law, Sultan Qaboos University–Sultanate of Oman

saif204@squ.edu.om

Abstract

Real estate is a fundamental pillar, with assets that have become essential to protect due to their critical role in bolstering the economy. This protection necessitates the creation of a comprehensive system that includes details such as the property's type, location, size, legal status relative to the owner, and associated rights. Consequently, all relevant data should be accessible to interested parties while ensuring immunity from fraud and deception.

The case of the study lies in examining the effectiveness of the Omani real estate registry in providing civil protection for real estate transactions and the legal statuses associated with them. This will be achieved using the descriptive method to present a general description of the Omani real estate registry, the analytical method by analyzing legal texts and judicial principles to assess the effectiveness of the Omani real estate registry, and finally, the comparative method to identify areas for the development of the Omani real estate registry by comparing it with the laws of the UAE, and Jordan.

The study concludes that the Real Estate Registry adopted by the Omani legislative system has relative validity, as it is flexible in accepting stronger contradictory evidence. Additionally, unregistered actions result in personal obligations only, whereas registered actions include the transfer of ownership. Overall, the study highly recommends developing an electronic Omani Real Estate Registry system and requiring registration as a condition for the validity of the contract, not merely for ownership transfers.

Keywords: Real Estate; Real Estate Registry; Registration; Power Of Proof; Cadastral Certificate; Formal Contracts

Cite this article as: Alsaidi, M.R.S.,  Al Adwan, M., & Al-Mamari, S.N.A. "Real Estate Registration and its Legal Effects in Omani Legislation," International Review of Law, Vol. 14, Regular Issue 1, 2025. https://doi.org/10.29117/irl.2025.0318

© 2025, Alsaidi, M.R.S.,  Al Adwan, M., & Al-Mamari, S.N.A., licensee, IRL & QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution Non-Commercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0


مقدمة

أولت المجتمعات القديمة والحديثة عناية خاصة بالعقار؛ لأنه يؤثر تأثيرًا بالغًا على النظام الاقتصادي لكل مجتمع، ويُسهِم إسهامًا كبيرًا في رفع المستوى المعيشي للأفراد، وهذا ما جعل الأنظمة القانونية تحيطه بنظام حمائي يوفر الأمان والاستقرار اللازم للتعامل به؛ إذ تقتضي هذه الحماية إعلام الغير بالمالك الحقيقي للعقار والتصرفات الواقعة عليه فضلًا عن البيانات الأخرى للعقار ذاته وقد تُبنى عليها قناعة التعامل من عدمه، فمثلًا في المنقول تحكمه قاعدة الحيازة سند الملكية، وهي قاعدة كفيلة لإعلام الغير بأهم البيانات الرئيسة للتعامل به، بيد أنه ولطبيعة العقار الخاصة المتميزة بالثبات لا تؤدي هذه القاعدة غاياتها بالنسبة إلى العقار؛ لذلك وُجِد نظام خاص يعمل على إعلام الغير بأهم البيانات الرئيسة للعقار والتصرفات الواقعة عليه وهو نظام السجل العقاري، أو الشهر العقاري كما تسميه بعض التشريعات مثل التشريع المصري.

ويعد العقار أحد أعمدة الدخل القومي في المجتمعات عمومًا، وفي المجتمع العماني خصوصًا، وتسليط الضوء عليه وعلى إيجاد نظام حمائي له وتطويره بحسب الملائم للمجتمع من شأنه خلق بنية اقتصادية رصينة ورفع المستوى المعيشي للأفراد، لذلك عمدت التشريعات بما فيها التشريع العماني إلى تبني فكرة التسجيل في السجل العقاري، التي من شأنها أن تخلق حماية خاصة للتصرفات والحقوق العقارية من خلال إعلام الغير ببيانات العقار المادية والقانونية؛ فيقبل على التصرف في العقارات دون خوف من استحقاقه لدى غيره، وبالتالي ستحقق العقارات قيمتها الاقتصادية المعهودة.

ويقصد بنظام السجل العقاري السجل، أو الدفتر الذي تُدَون عليه جميع البيانات المتعلقة بالعقار سواء أكانت المادية منها والمعنية بنوع العقار ومساحته وموقعه وقيمته، أم القانونية المعنية بمالك العقار والحقوق العينية والشخصية المترتبة عليه[1]، ويسمى فعل التدوين، أو قيد البيانات هذا بالتسجيل العقاري، وبهذه الطريقة يُعلن الفرد ملكيته للعقار وسلطته عليه وبالمقابل يعلم الغير المالك الحقيقي للعقار وأهم بياناته الأساسية فيُحمى من الغش والخداع، وكنتيجة عامة تصان الملكية العقارية من التلاعب بها، أو من أي أخطاء يُحتمل حدوثها بسبب التعامل مع غير المالك الحقيقي، أو غير العقار المقصود.

وفكرة التسجيل العقاري يصل امتداد جذرها التاريخي إلى العصر الروماني، فالرومان لاحظوا أن الطبيعة الثابتة للعقار تثير إشكالية في التعامل بها؛ حيث كثرت واقعات الاحتيال والغش، فقد يدعي أحدهم ملكيته لعقار وهو في الأصل لا يملكه ويبيعه للغير الذي يفاجأ لاحقا باستحقاق العقار لغيره فضلًا عن حالات الغش التي كانت تحدث عندما يبيع مالك العقار عقاره مرتين لأشخاص مختلفين في الفترة نفسها ويقبض الثمن من الطرفين وبعدها يختفي، ولذلك فلقد أوجد الرومان فكرة تعرض التعامل بالعقار على مرحلتين تشيران إلى أن الاتفاق وحده غير كافٍ لنقل ملكية العقار، فالمرحلة الأولى هي مرحلة التحضير لنقل ملكية العقار وتقوم بإنشاء التصرف الناقل للملكية، والمرحلة الأخرى مرحلة نقل ملكية العقار فعلًا، وعادة ما تتم بفعل معين يدل على انتقال الملكية كالإشهاد الذي يتم به إشهاد الناس أن ملكية العقار قد انتقلت من فلان إلى فلان، وقد يتم أيضًا بالدعوى الصورية التي يقيمها المتصرف له على المتصرف يطالبه بنقل ملكية العقار فيحكم على المتصرف بنقل ملكية العقار، وبه يكون للمتصرف إليه حكم يثبت ملكيته للعقار، وقد تطور هذا الأمر عبر الحقب الزمنية المختلفة، فكان ظهور أول سجل عقاري يقارب شكله الحالي في عام 1858 وبالتحديد في أستراليا؛ حيث كان روبرت ريشارد تورنس يعمل في نظام الجمارك، وكان عمله هذا قائمًا على تخصيص سجل لكل سفينة تقيد عليه جميع الحقوق المتعلقة بها، وعندما انتقل إلى أمانة العقود وجد تدهورًا كبيرًا في التعاملات الواقعة على العقار وعدم استقرارها، ولاحظ القيمة الاقتصادية التي تخسرها الدولة؛ لذلك قام بتطبيق فكرة السجل الخاص بالسفن على العقارات[2].

ولا شك أن المشرع العماني كان له دور بارزٌ في الاعتناء بالعقار وتوفير الحماية المطلوبة له من خلال التسجيل العقاري، فشرع العديد من القوانين المعنية بتوفير الحماية المطلوبة للعقار عمومًا والملكية العقارية خصوصًا، فكان من جملة ما شرعه قانون نظام السجل العقاري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (2/98) محور هذا البحث ولائحته التنفيذية تعاضدًا مع الأحكام الأخرى المتعلقة بالتسجيل العقاري في قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (29/2013) والإجراءات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (29/2002)، وبهذا يظهر أن التسجيل العقاري هو أحد أهم الأدوات التي يفرض بها المشرع العماني حمايته للعقار واستقراره ورفع قيمته الائتمانية، وهذا ما عضدته المادة الأولى من قانون نظام السجل العقاري العماني حينما بينت أنه يهدف إلى «ضبط حق الملكية والحقوق العينية الأخرى الواردة على الوحدة العقارية بما يحقق الحماية اللازمة للملكية العقارية ولغيرها من الحقوق العينية، ويضمن استقرارها والتعامل عليها»، ولا ريب أن ذلك يؤتي أكله بإيجاد نظام تسجيل عقاري رصين ومتين يحقق آثاره بصورة سلسة وبغير إشكاليات قد تؤدي إلى تقليل القيمة الحمائية للسجل العقاري ذاته.

دوافع اختيار الموضوع:

إن الدافع الرئيس لاختيار هذا الموضوع هو محاولة وضع صورة واضحة لما قد تنتج من آثار لتسجيل العقار في السجل العقاري العماني وما قد يعرقل تحقق تلك الآثار، وتوظيف ذلك في الجانب العملي؛ سعيًا لإيجاد مصدر علمي يتناول الآثار الناتجة عن التسجيل في السجل العقاري ووضع الحلول المناسبة لما قد يعرقل تحقق الحماية المرجوة من وجود السجل العقاري العماني إن وجدت.

إشكالية البحث:

إن وجود نظام حمائي بالعقارات متعلق تحديدًا بالتسجيل العقاري في سلطنة عمان ينم عن الأهمية البالغة التي توليها الدولة للعقارات ولآليات التعامل بها؛ بيد أن ذلك وحده ليس كافيًا لتوفير تلك الحماية، فالأمر يتطلب تشريعًا دقيقًا متوائما مع الواقع العملي ويجُب أي خلل قد يؤثر على الغاية الحمائية المبتغاة من التسجيل العقاري، لا سيما في ظل التطورات والتغييرات التي طرأت على المجتمع العماني منذ صدور قانون نظام السجل العقاري في سنة 1998م وما لحقه من تشريعات أخرى ذات الصلة، وعليه يمكن التعبير عن إشكالية البحث بالسؤال التالي:

ما مدى فاعلية أحكام السجل العقاري العماني في تحقيق الآثار القانونية المترتبة على عملية التسجيل العقاري المعززة للحماية المدنية للملكية العقارية والمراكز القانونية المرتبطة بها.

أهمية البحث:

يعد هذا البحث من الدراسات القلائل التي تناولت بحث فاعلية السجل العقاري العماني في تحقيق الآثار القانونية المرجوة من عملية التسجيل العقاري وبنتيجة توفير الحماية المدنية المطلوبة للملكية العقارية، وهذا الأمر من شأنه الإسهام بشكل فاعل في تطوير الأحكام المتعلقة بالسجل العقاري العماني وفاعليته في حماية الملكية العقارية العمانية، وبالتالي الحفاظ على القيمة الاقتصادية للعقارات في الدولة.

أسئلة البحث:

يسعى البحث للإجابة عن الأسئلة الآتية:

  1. ما الطابع العام للسجل العقاري العماني؟
  2. ما مدى حجية السجل العقاري العماني في الإثبات؟
  3. ما الآثار القانونية المترتبة على التسجيل في السجل العقاري العماني؟
  4. ما الإشكالات القانونية التي تُثار مع عدم تسجيل التصرف العقاري؟

أهداف البحث:

يهدف البحث إلى:

  1. رسم صورة واضحة للطابع العام للسجل العقاري العماني ومدى حجيته في الإثبات.
  2. بيان الآثار القانونية المترتبة على التسجيل العقاري ومدى فاعلية أحكام السجل العقاري العماني في تحقيق الحماية المدنية للعقارات.

منهج البحث:

يعتمد البحث على المنهج الوصفي في استعراض التوصيف العام للسجل العقاري العماني، وعلى المنهج التحليلي الذي يقوم على تحليل النصوص القانونية والمبادئ القضائية العمانية للوقوف على حجية السجل العقاري العماني في الإثبات ومدى فاعليته في تحقيق الآثار القانونية التي تسهم في صون الملكية العقارية وتعضيد ائتمانها، وأخيرًا تبنى البحث منهجًا مقارنًا مع بعض التشريعات الأخرى مثل القانون الأردني بهدف الاستفادة من تجربته القانونية في مجال التسجيل العقاري.

خطة البحث:

اقتضت دراسة موضوع التسجيل العقاري وآثاره القانونية في التشريع العماني تناوله من خلال مبحثين:

المبحث الأول: صفة السجل العقاري العماني وحجيته

المبحث الثاني: الآثار القانونية للتسجيل العقاري في القانون العماني

المبحث الأول: صفة السجل العقاري العماني وحُجيته

لما كان حق الملكية حقًا بالغ الأهمية والخطورة بل إنه قد يمس مقدسات غالب المجتمعات، وكان للعقار تأثيرٌ بالغٌ على اقتصاد أي مجتمع، فإن إيجاد فكرة السجل العقاري يعد حلًا جذريًا لتعزيز الحماية المدنية للملكية العقارية عمومًا؛ ولهذا، فالدول اعتنقت فكرة السجلات العقارية وشرعت لها تنظيمًا خاصًا بما فيها سلطنة عمان، بيد أن التطور التاريخي للسجلات العقارية وتجارب الدول السابقة المختلفة فيها أسفر عن تباينٍ في السجلات العقارية من حيث ماهيتها وطابعها العام ومدى نجاعتها في تحقيق غايتها، ولذلك فإن الدخول في الموضوع الرئيس لآثار التسجيل العقاري يستلزم بالضرورة التطرق إلى الصفة العامة للسجل العقاري العماني ومدى حجيته التي يبسطها على ساحة الإشكالات التي تعترضه، وسيتم معالجة ذلك في مطلبين رئيسين هما:

المطلب الأول: الطابع العام للسجل العقاري العماني.

المطلب الثاني: حجية السجل العقاري العماني في الإثبات وقوتها.

المطلب الأول: الطابع العام للسجل العقاري العماني

سلطنة عمان ليست حديثة عهدٍ بأعمال التسجيل العقاري وإن كانت غير واضحة المعالم بدايةً، فقبل سبعينات القرن الماضي كانت التصرفات القانونية المتعلقة بالعقارات توثق بالكتابة في صكوك، أو حجج تصدر من وجهاء القبائل، أو الشيوخ، أو أشخاصٍ محددين وضعتهم الدولة، ثم تطور الأمر لتصبح المحاكم الشرعية مختصة بتوثيق مثل هذه التصرفات وإضفاء صفة الرسمية عليها، وفي مطلع السبعينات قامت السلطنة بإنشاء أمانة السجل العقاري وأسند إليها توثيق جميع التصرفات والحقوق العينية المترتبة على العقارات، وفي عام 1998م شرعت السلطنة قانون نظام السجل العقاري ليؤكد على فكرة التسجيل العقاري وضرورة إخضاع العقارات للتسجيل الذي من خلاله تصان الملكية العقارية لترتفع قيمة العقار الاقتصادية بارتفاع قيمتها الائتمانية[3].

وتتطلب دراسة الطابع العام للسجل العقاري العماني التعريج على أنواع السجلات العقارية وأهم المبادئ التي تقوم عليها، ويمكن القول بأنه يوجد نوعان من السجلات العقارية، النوع الأول هي السجلات الشخصية، وهي سجلات يقوم فيها التسجيل بالاعتماد على أسماء ملاك العقارات وأصحاب الحقوق عليها، فالسجل الشخصي عبارة عن سجل مرتب أبجديًا، تخصص فيه كل صفحة، أو يزيد بحرف من الحروف الأبجدية، يجري تسجيل العقار المعني في خانة الحرف الذي يبدأ به اسم مالكه، أو صاحب الحق العيني عليه، وبهذا فإن العقار يُعرف بمالكه لا بهويته من إحداثيات وموقع، بيد أن هذا النوع من السجلات العقارية اكتنفته العديد من العيوب أبرزها أنه لا يحقق الغاية الرئيسة من وجود السجلات العقارية في شهر، أو إعلان بيانات العقار الحقيقية للغير، فالعقار الذي يملكه أحمد يكون مقيدًا في باب الألف وإن باعه لمحمد سيُقيد مرة أخرى في باب الميم، وهكذا سيكون هناك  بالعموم وجودٌ للعقار الواحد في أكثر من باب من أبواب السجل، فضلًا عن الصعوبة في طريقة تهجي الأسماء لا سيما في الأسماء الأجنبية كالإنجليزية والفرنسية وغيرهما، كل ذلك دفع المعنيين إلى البحث عن طريقة مختلفة للتسجيل، أو بالأحرى إلى نوع آخر من السجلات يسد الثغرات التي اعترت السجل الشخصي فكان السجل العقاري العيني[4].

والسجل العقاري العيني هو الذي يكون فيه العقار ذاته محل اعتبار، فيخصص صفحة منه للعقار ذاته تدون بداية فيه البيانات الجوهرية المحددة لمعالم العقار من موقع ومساحة وإحداثيات ومن ثم مالك العقار وجميع التصرفات السابقة الواقعة على العقار والحقوق العينية المترتبة عليه، وبذلك تتشكل أهم الضمانات للغير في معرفة كافة بيانات العقار الحقيقية فضلًا عن أنه يعطي التصرف قوة ثبوتية تدل على صحة البيان الوارد بها، ولهذا فالسجل العقاري العيني يرقى على النوع الأول من السجلات الشخصية[5].

وبناءً على ما سبق ولتحديد هوية السجل العقاري العماني، سنبين نوع السجل العقاري العماني ووظائفه في فرعين على التوالي.

الفرع الأول: نوع السجل العقاري العماني

إن تحديد نوع السجل العقاري الذي يتبناه المشرع العماني يعتمد اعتمادًا وثيقًا على دراسة خصائص السجل العقاري وصفة الصحيفة العقارية له ومطابقتها بخصائص كل نوع من أنواع السجلات العقارية، ويتأتى ذلك من خلال النقاط التالية:

أولًا: من حيث مفهومه

بمطالعة قانون نظام السجل العقاري العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (2/98)[6] واستعراضه نجده ينص في المادة (2) منه على أن: «السجل العقاري هو مجموعة من الصحائف التي تختص كل منها بوحدة عقارية محددة...»، فالمادة توضح أن السجل العقاري يُبنى ترتيبه على أساس العقار والمشار إليه في نص المادة بالوحدة العقارية لا على مالك العقار، بتخصيص صفحة لكل عقار تبين عليها بياناته جلها، تسمى هذه الصفحة بالصحيفة العقارية، وهذا الأمر يشير قطعًا للسجل العقاري العيني، ولقد أكد المشرع العماني على هذا الاتجاه في اللائحة التنفيذية لقانون نظام السجل العقاري[7]، إذ جاء في المادة (15) منها أنه: «تخصص كل صحيفة عقارية لكل وحدة عقارية يثبت فيها أوصافها وحدودها الطبيعية، وغير ذلك من المعالم المحددة لها تحديدا نافيا للجهالة واسم المالك، أو صاحب الشأن والحقوق المترتبة للوحدة، أو عليها...»، وبذلك يظهر اعتماد المشرع العماني على أحد أهم المبادئ التي يقوم عليها السجل العقاري العيني وهو مبدأ التخصيص الذي يقوم على تخصيص صفحة لكل عقار، وفي هذا توجهٌ صريحٌ لاعتناق نوع السجلات العينية في عملية التسجيل العقاري في القانون العماني.

ثانيًا: من حيث صفة الصحيفة العقارية

إن الصحيفة العقارية التي أشارت إليها المادة (15) سالفة الذكر تتكون من خمسة أقسام، يختص كل قسم بتثبيت بيانات معينة عن العقار محل الصحيفة العقارية وفق مصادر معينة حددها القانون ولائحته وبترتيبٍ خاص، فالقسم الأول معنيٌ بالصفة العامة للعقار كرقمه ومساحته وموقعه وغيرها من البيانات التي تحدد المعالم الأساسية للعقار، والقسم الثاني هو «قسم الملكية»، وهو معنيٌ بتوضيح أسماء الملاك الذين تعاقبوا على العقار وملاك الحقوق العينية عليه كلٌ بسند تملكه مع تاريخ ذلك السند ورقمه، ويلي هذا القسم قسم القيود القانونية الذي يوضح القيود القانونية، أو الاتفاقية المتصلة بالعقار، وهناك قسم حقوق الارتفاق الذي تسجل فيه حقوق الارتفاق المتعلقة بالعقار، وأخيرًا قسم التأشيرات، وبه تدون التأشيرات الهامشية التي قد يتطلبها القانون في بعض الحالات، كما في حالة التأشير لإعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة، أو التنازل عنها والتأشير بوجود دعوى صحة التعاقد، أو دعوى الاستحقاق[8]، بيد أن الواقع العملي والاطلاع على أحد نماذج الصحف العقارية بأمانة السجل العقاري، والمرفق نسخة منها ذيل البحث بالملحق (1)، أوضح اختلافًا في تقسيم الصحيفة لما هو مفصل في اللائحة التنفيذية، إذ يظهر من خلال النموذج المرفق أن الصحيفة العقارية مقسمة فقط إلى ثلاثة أقسام، الأول والثاني على وجه الصحيفة والثالث على ظهرها، يُعنى القسم الأول ببيانات العقار العامة، والقسم الثاني ببيانات التملك، والقسم الثالث معنونٌ بالرهونات، والحقيقة أنه وإن كان ذلك لا يتوافق مع ما فصلته اللائحة إلا أن الصحيفة ما زالت تتمتع بقدر من التقسيم المناسب الذي ييسر عملية البحث، وإن كنا نرجو مطابقة التفصيل الوارد في القانون لتعزيز حماية العقار وتيسير البحث عن بياناته.

ثالثًا: من حيث عمليات الفحص والتدقيق

إن السجل الشخصي -كما هو معلوم- لا يهتم بالتصرف المنشئ، أو الناقل لحق الملكية، أو الحقوق العينية الأخرى، ويتم على سنده تسجيل العقار حتى ولو كان التصرف المنشئ، أو الناقل لذلك الحق باطلًا[9]، على نقيض السجل العيني تمامًا، فأحكام السجل العيني توجب إجراء الفحص والتدقيق والتحري للتصرف المنشئ، أو الناقل ومدى صحته قبل تسجيل العقار في السجل، وفي ذلك أكدت المادة (19) من قانون نظام السجل العقاري على أنه: «لا تثبت الحقوق العينية في صحائف السجل العقاري ما لم تكن قد نشأت، أو تقررت بسبب من أسباب اكتسابها...»، وبهذا فإنه لا يمكن تسجيل أي حق عيني على عقار في السجل العقاري ما لم يخضع التصرف بدءًا للفحص والتحري ومطابقته بصحيح القانون، وهذا الأمر من شأنه تعزيز حجية السجل العقاري في الإثبات وإعطائه قوة ثبوتية للتصرفات المقيدة به.

رابعًا: من حيث عمليات المسح الهندسي

من المعلوم أن مقتضيات تطبيق السجل العيني تستلزم القيام بعمليات مسح هندسية لجميع العقارات الموجودة؛ إذ إن ذلك يعطي إحداثيات صحيحة للعقار ومساحته وموقعه[10]، فالسجل العيني لا يهتم فقط بالتصرف المنشئ، أو الناقل للملكية، أو المالك الحقيقي للعقار وإنما يولي عناية بالغة بتحديد العقار ذاته من حيث موقعه ومساحته وإحداثياته ونوعه فيما لو كان أرضًا، أو مبنىً، تجاريًا كان أم سكنيًا، والحقيقة أن المشرع العماني - وكما أشار في المادة (14) من قانون نظام السجل العقاري التي نصت على: «يكون التسجيل لأحكام هذا النظام بناءً على أعمال هندسة مساحية دقيقة يتم بموجبها تحديد الوحدة العقارية وتعيين موقعها وشكلها الهندسي وما عليها من إشغالات...» يصرف جهدًا ليس باليسير في عمليات المسح والتسوية لوضع حدود ومعالم كل عقار موجود على أرض السلطنة، غير أنه وبمراجعة أمانة السجل العقاري في وزارة الإسكان والتخطيط العمراني تأكد عدم وجود إحصائيات دقيقة حول العقارات المسجلة، وعدم وجود إحصائيات متعلقة بالعقارات غير المسجلة من الأصل[11]، وأفاد رئيس قسم التراخيص بالوزارة أن عدد العقارات المسجلة رَبا عن المليون عقار ولكن الأمر ما زال يحتاج إلى تكثيف في وضع مثل هذه الإحصائيات وأن الأمر ما زال قيد العمل به، وبهذا فإن السجل العقاري العماني يسير على خُطى واضحة وثابتة في اعتناق السجل العيني في توفير الحماية المدنية للملكية العقارية والعقارات عمومًا.

خامسًا: من حيث التقادم

إضافة إلى ما تم ذكره فالسجل العيني يقوم على مبدأ عدم اكتساب الحقوق المسجلة في السجل العقاري بالتقادم المكسب، أي أن قواعد التقادم المكسب لا تسري على أي حق عيني متعلق بعقار مسجل في السجل العيني، فطبقًا لما نصت عليه المادة (931) من قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (29/2013)[12] من أن: «1- من حاز عقارا غير مسجل في جهة التسجيل المختصة باعتباره مالكا له، أو حاز حقا عينيا غير مسجل على عقار واستمرت حيازته دون انقطاع خمس عشرة سنة فلا تسمع عليه عند الإنكار دعوى الملك، أو دعوى الحق العيني من مدع ليس له عذر شرعي»، فإن المشرع العماني يستثني العقارات المسجلة في السجل العقاري ويعطيها الحصانة من خطر اكتسابها بالتقادم المكسب.

الفرع الثاني: وظائف السجل العقاري العماني

لا جدال في أن الوظيفة الأساسية للسجل العقاري هي توثيق التصرفات العقارية؛ فالسجل العقاري يسهل معرفة حالة العقار من حيث مالكه والتصرفات الواقعة عليه، أو موانع التصرف به، والسجل العيني أكفأ من الشخصي في ذلك؛ كونه يخصص صحيفة لكل عقار وبدورها تكون مقسمة إلى مجموعة من الأقسام التي تضمن إحاطتها بجميع المعلومات الأساسية بالعقار، وهذه الوظيفة تساعد الغير ليس فقط على معرفة حالة العقار الراهنة وإنما الكشف عن الحالة التاريخية للعقار وصولًا إلى حالته الراهنة[13]، وكنتيجة عامة فإن ذلك يؤدي إلى توفير الاطمئنان والوقت والدقة للمتعاملين بالعقار، ولما كان المشرع العماني حدد لكل عقار صحيفة محددة وفق تقسيمٍ معين كما سبقت الإشارة، يسهل بها الرجوع إلى المعلومات المتعلقة بالعقار في حالته الراهنة وتاريخه، فإن في ذلك تصريح واضح لتبني المشرع العماني للسجل العيني.

ويؤدي السجل العقاري وظيفة قضائية تبرز من خلال كونه وسيلة إثبات ناجعة للتصرفات الواقعة على العقار، والذي بدوره سيسهل حسم النزاع بين أطراف الدعوى، فضلًا عن أنه أداة فعالة لمنع التصرف في العقار حالة وجود نزاع عليه بالتأشير على الصحيفة العقارية بوجود ذلك النزاع، والذي بدوره يختصر العديد من الإجراءات القضائية التي ترمي إلى منع التصرف في العقار، والسجل العقاري العماني يعترف بالسجل العقاري كأحد أدوات الإثبات كما سنرى في المطلب الثاني. وحري بالبيان أيضًا أن من شأن السجل العقاري تمكين الدولة من التخطيط الاستراتيجي السليم للتنمية وبالتحديد للتنمية العمرانية، من خلال عمليات المسح التي يتطلبها السجل العقاري قبل التسجيل فيه[14].

وأخيرًا وظيفة إنشاء الحق وإبرام التصرف[15]، وهذه الوظيفة يعرفها السجل العقاري العيني بمبدأ القيد المطلق، ويقصد بها أن التصرف، أو الحق المتعلق بالعقار لا يقوم إلا إذا تم قيده في السجل العقاري؛ والمشرع العماني يتمسك بتبني رضائية العقود، فلا يجعل من التسجيل في السجل العقاري ركنًا لقيام العقد وإنما شرطًا لانتقال الملكية فقط، وإن في ذلك أيضًا تفصيلًا سيم التطرق له في المبحث الثاني.

ونخلص مما سبق إلى أن المشرع العماني يتبنى السجل العيني ويصبغه على سجله العقاري، بيد أنه يحيط سجله ببعض التحفظات المتعلقة بقوته الثبوتية وبوظيفة إنشاء الحق كما سيرد تفصيله لاحقًا.

المطلب الثاني: حجية السجل العقاري العماني في الإثبات وقوتها

عندما نتحدث عن حجية السجل العقاري الثبوتية فإننا نقصد القيمة التي تحصل عليها الحقوق والتصرفات المقيدة بالسجل ويمكن من خلالها الاعتداد بها كوسيلة لإثبات نسبة ملكية تلك الحقوق لأصحابها[16]، وبعبارة أخرى ما مدى القوة التي يعطيه التسجيل في السجل العقاري للحقوق المسجلة به وما يترتب على ذلك من أثر؟[17]، وفي هذا المطلب سنتطرق إلى دراسة إلى تلك القيمة الثبوتية لدى السجل العقاري العماني من خلال الفروع التالية:

الفرع الأول: الحجية الثبوتية في السجلات العقارية

المتتبع للخصائص والمبادئ العامة للسجل الشخصي يدرك أنه لا يقرر أي حجية ثبوتية لتسجيل التصرفات العقارية عليه؛ ذلك أنه لا يخصص صحيفة لكل عقار وإنما يعتمد على ترتيب صفحاته أبجديًا، بحيث يدرج العقار تحت اسم مالكه، وبانتقال العقار من شخص لآخر تتولد احتمالية وجود قيد العقار تحت أكثر من اسم، وبالتالي لا يحقق وظيفته في إعلام الغير بحالة العقار القانونية بدقة، فضلًا عن أنه لا يبنى قبل قيده على فحص، أو تحرٍ للتصرف الواقع على العقار ولا يسبق القيد في السجل العقاري الشخصي عمليات مسح هندسي لتحديد حالته المادية بدقة؛ لذلك فالسجل العقاري لا يمنح التصرفات المقيدة به أي حجية ثبوتية، ويعد نظام الشهر العقاري المصري أبرز مثال لهذا النوع بيد أنه ولما تنبه لسلبيات هذا النظام عمد إلى النوع الثاني من السجلات العقاري وهو السجل العيني[18].

يقرر السجل العيني حجية مطلقة على الحقوق التي تم تسجيلها به بخلاف السجل الشخصي الذي لا يقرر أي حجية لتلك الحقوق كما سبق الذكر، وفي الحقيقة ثار جدل فقهي مترامي الأطراف حول هذه الحجية، فهناك من يرفض فكرة الحجية المطلقة للسجل العقاري وهناك من يتبنى الفكرة بمطلقها ولكلٍ سببه في ذلك كما سنرى.

إن من يعتنق فكرة رفض الحجية المطلقة للسجل العقاري يرون أن مما لا شك فيه أن قيد الحقوق العقارية في السجل العقاري له حجة على الكافة لما سبقها من تحرٍ وتطهير والذي يتوافق معه خلوها من أي تزوير، أو غش وموافقتها لصحيح الواقع والقانون، بيد أنه متى ما ثبت خلاف ذلك ببينة قائمة على سند صحيح سقطت تلك الحجية، وبالتالي فهم يرون إلغاء القيد في السجل العقاري متى ما ظهرت تلك البينة القوية التي تنفي مضمون ذلك التسجيل، ويستندون في تبرير رأيهم هذا إلى أن تجاهل تلك البينة القوية على سقوط حجية ذلك التسجيل مخالفٌ للنظام العام في كونه يهضم حقوق الآخرين بتقرير حقهم الثابت لغيرهم استنادًا لعيب في التسجيل، فالضرر يزال، ولا يزال بضرر أكبر منه، والأخذ بهذا النهج في رفض الحجية المطلقة للسجل العقاري يؤدي إلى إمكانية الطعن على القيد في السجل العقاري وفق ما يشرع من تنظيم لذلك الطعن[19].

وأما من يتبنى فكرة الحجية المطلقة للسجل العقاري فهم يرون أن التسجيل في السجل العقاري يطهر التصرف، أو الحق المتعلق بالعقار من أي عيب لأنه يسبق بفحص وتحرٍ من قبل أشخاص مختصين قانونًا في ذلك، وأن الأخذ بالحجية المطلقة من شأنه أن يوقر الثقة والاستقرار لدى الناس فيقبلون على التعامل بالعقار دون الخوف من استحقاقه لدى غيرهم، وعليه فإن الحق المسجل يتحصن ولا يمكن الطعن عليه بأي وسيلة طعن كانت حتى في ظل ثبوت القيد الخاطئ[20].

الفرع الثاني: الحجية الثبوتية في السجل العقاري العماني

الحقيقة أن -وكما سنرى في المبحث الثاني- المشرع العماني ينص على شكل من أشكال الإلزامية لتسجيل العقار والمتمثل في وجوب التسجيل لانتقال الملكية والاحتجاج بها أمام الغير، وذلك يعضد وجود حجية لذلك التسجيل، ولقد أكد المشرع على حجية السجل العقاري في الإثبات بنص المادة (12) من قانون نظام السجل العقاري بقوله: «يكون للسجل العقاري قوة إثبات لصحة البيانات الواردة فيه، ولا يجوز تغيير البيانات الواردة في السجل إلا طبقا لهذا النظام»، يعني أن سندات الملكية، أو ما يفيد وجود الحقوق العينية على العقار ذات حجية قانونية في الإثبات أمام أطراف العلاقة، أو أمام الغير، وذلك مسايرٌ لمبادئ وخصائص السجل العيني.

والسؤال الذي يجب أن يطرح في هذا المقام ما مدى قوة هذه الحجية في الإثبات، هل هي حجية مطلقة لا تقبل إثبات العكس، أو الطعن عليها؟ أما أنها حجية نسبية تقبل إثبات العكس وإلغاء القيد في السجل العقاري متى ما ثبت مخالفة ذلك القيد لصحيح الواقع والقانون؟، ودراسة قوة حجية السجل العقاري ستكون من خلال دراسة حجية سند الملكية التي تصدره أمانة السجل العقاري.

إن سند الملكية يعد من المحررات الرسمية التي عنيت المادة (10) من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية بتنظيم أحكامها؛ حيث نصت هذه المادة على أن: «المحررات الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام، أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه، أو ما تلقاه من ذوي الشأن، وذلك طبقًا للأوضاع القانونية في حدود سلطته واختصاصه. فإذا لم تكتسب هذه المحررات صفة الرسمية فلا يكون لها إلا قيمة المحررات العرفية متى كان ذوو الشأن قد وقعوها بإمضاءاتهم، أو بأختامهم، أو ببصمات أصابعهم»، فمما لا يختلف عليه هو أن سند الملكية محرر رسمي كونه صادرا من موظف عام مختص في تحرير سند الملكية وهو أمين السجل العقاري في دائرة أمانة السجل العقاري التابعة لوزارة الإسكان والتخطيط العمراني، ويجري تحرير سند الملكية وفق أوضاع قانونية متعمدة في القانون واللوائح المكملة.

إذًا، فسند الملكية هو محرر رسمي، يعني أنه يعلو المحررات العرفية درجةً، واستكملت المادة (11) من ذات القانون تنظيمها للمحررات الرسمية فنصت على: «المحررات الرسمية حجة على الكافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته، أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره ما لم يتبين تزوريها بالطرق المقررة قانونًا. أما ما ورد على لسان ذوي الشأن من بيانات، أو إقرارات فيجوز إثبات عدم صحته بالطرق العادية طبقًا للقواعد العامة»، مشيرةً بذلك إلى أن المحررات الرسمية تحتوي على نوعين من البيانات، أولها البيانات التي دونها الموثق في حدود مهمته ووقعت من ذوي الشأن بحضوره وتسمى البيانات المنظمة، مثل تثبته من شخصية المتعاقدين وأهليتهما ورضاهما، وطبقًا لنص المادة فهذه البيانات لا يمكن إثبات ما يخالفها إلا بالطعن بالتزوير، أما النوع الثاني ويطلق عليها البيانات المصادق عليها وهي التي أدلى بها ذوي الشأن أمام الموظف العام وقيدها تحت مسؤوليتهما غير أنه لم يشهدها بنفسه مثل إقرار البائع أنه قبض الثمن سابقًا، وهذه البيانات وفقًا لما نظمته المادة يمكن الطعن عليها بكافة طرق الإثبات[21].

وبإنزال المادة السابقة وشرحها على سند الملكية، فإن الأمر في البداية يوجب التنبيه إلى الطبيعة الخاصة لسند الملكية ذاته، فقد يصدر سند الملكية على خلفية شق مدني، أي عندما يستند سند الملكية في صدوره على تصرف من التصرفات المنشئة، أو الناقلة كعقد البيع، أو الهبة، وهنا فإن المادة (11) كفيلة بإضفاء الحكم القانوني لحجية سند الملكية، فإن كان ما ورد من بيانات في سند الملكية بناءً على ما تم أمام مسمع وناظر الموظف العام، فإنه لا يمكن الطعن على هذه البيانات إلا بالتزوير، وأما ما دونه الموظف العام من بيانات في سند الملكية بناءً على ما تلقاه من ذوي الشأن، فإنه يجوز الطعن على سند الملكية بكافة طرق الإثبات.

وقد يصدر سند الملكية على خلفية قرار إداري صادرٍ من جهة الإدارة التي غالبًا ما تكون متمثلة في وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، ويجري ذلك بمنح ملكية عقار لأحد الأفراد بقرار منح، وفق إجراءات معينة منصوص عليها في قانون استحقاق الأراضي الحكومية رقم (81/84)، ويكون الطعن على هذا القرار أمام الدائرة الإدارية وفق الإجراءات المحددة بالشق الإداري.

وعليه ولما كان سند الملكية الذي يعد مرآةً لما تم تسجيله في السجل العقاري محررًا رسميًا فإنه بذلك يعد من أهم وسائل الإثبات، وبالتالي فإنه حجة في الإثبات بين الأطراف ذاتهم وأمام الغير؛ أي يمكن استعمال سند الملكية لإثبات واقعة متنازعٍ عليها أمام القضاء؛ إلا أنه ولما أجاز القانون العماني إمكانية الطعن على المحررات الرسمية بما فيها سند الملكية هذا طبقًا للتفصيل الوارد أعلاه، فإنه وبذلك ومتى ما ثبت عكس ما احتواه سند الملكية ببينة عضيدة فإنه يمكن الطعن عليه والالتفات عنه في الإثبات، يعني أن المشرع العماني يعطي سند الملكية حجية نسبية في الإثبات؛ أي أنه حجة في الإثبات مالم يثبت عكس ذلك ببينة صحيحة قائمة، ولما كان سند الملكية مرآةً للسجل العقاري؛ فإن القانون العماني يمنح السجل العقاري حجية نسبية في الإثبات.

وخلاصة القول هي أن قانون نظام السجل العقاري يعطي التصرفات والحقوق المسجلة في السجل العقاري حجية في الإثبات، فالتصرفات والحقوق المسجلة صحيحة قائمة؛ بيد أن قوة هذه الحجية نسبية وليست مطلقة بخلاف مبادئ السجل العيني الذي يتبنى الحجية المطلقة للسجل العقاري، فالتصرفات والحقوق المسجلة في السجل العقاري العماني تقبل الطعن عليها متى ما ثبت ما يخالفها قانونًا، وفي الحقيقة فإن المشرع العماني أحسن بجعل تلك الحجية نسبية لا مطلقة؛ لأنه مهما بلغت رصانة العمل البشري وإحاطته بجميع الاحتمالات التي من شأنها هدم تلك الحجية، فإنه يظل قابلًا للخطأ والتعديل ولا يوجد عمل بشري كامل؛ ولذلك يخصص معتنقي الحجية المطلقة صندوقًا لتعويض الأخطاء التي تقع في التسجيل العقاري؛ غير أن المشرع العماني حقق روح العدالة بهذا النهج.

الفرع الثالث: مدى شرعية الاعتماد على سجلات عقارية إلكترونية

لقد عرف قانون المعاملات الإلكترونية العماني رقم (69/2008)[22] في المادة (1) مفهوم الإلكتروني بأنه: «أية وسيلة تتصل بالتقنية الحديثة وذات قدرات كهربائية، أو رقمية، أو مغناطيسية، أو لاسلكية، أو بصرية، أو كهرومغناطيسية، أو ضوئية، أو أية قدرات مماثلة لذلك». في إشارة إلى أن المحرر الإلكتروني هو المحرر التي يتصل بالتقنية الحديثة، أو كما يسميه المشرع العماني في هذا القانون بالرسالة الإلكترونية وعرفها كذلك في ذات المادة بـ: «معلومات إلكترونية يتم إرسالها بوسائل إلكترونية أيا كانت وسيلة استخراجها في المكان المستلمة فيه».

ولما كان قوام أي محرر هو الكتابة التي تثبت حقيقة التصرف بين أطرافه والتوقيع الخاص بأطرافه، فإن المحرر الإلكتروني يقوم -أيضًا- على الكتابة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني، فالكتابة الإلكترونية هي التي تكون على دعامة إلكترونية، وهي ترتب أثرها إذا توافر ضمان عدم إمكانية تعديل، أو تبديل البيانات الواردة في المحرر وإمكانية حفظها واستعادتها للاطلاع والاحتجاج بها، وطالما أن المشرع العماني لم يشترط في هذه الكتابة أن تكون على ورق، أو غيره، فإنه يجوز أن تكون الكتابة على دعامة إلكترونية متى ما توافر في هذه الكتابة الثبات والديمومة وإمكانية الاسترجاع[23]، وأما التوقيع الإلكتروني الذي عرفه المشرع العماني في المادة (1) من ذات القانون أيضًا على أنه: «التوقيع على رسالة، أو معاملة إلكترونية في شكل حروف، أو أرقام، أو رموز، أو إشارات، أو غيرها ويكون له طابع متفرد يسمح بتحديد شخص الموقع وتمييزه عن غيره»، فلقد اشترط القانون العماني مجموعة من الشروط للاحتجاج بهذا التوقيع الإلكتروني، فلقد أورد في المادة (22) منه ضرورة أن يكون التوقيع مقصورًا على الموقع وحده دون غيره وأن يكون تحت سيطرته، وإمكانية الكشف عن أي تغيير على التوقيع، أو المعلومات المرتبطة به بعد أن يحدث التوقيع.

ولما كان ذلك وكان المشرع العماني يعترف بوجود المحررات الإلكترونية وشرع تنظيمًا خاصًا لها ويعترف بحجيتها في الإثبات كما شرع في المادة (7) التي نصت على أنه : «تنتج الرسالة الإلكترونية أثرها القانوني وتعتبر صحيحة وقابلة للتنفيذ شأنها في ذلك شأن الوثيقة المكتوبة إذا روعيت في إنشائها واعتمادها الشروط المنصوص عليها في هذا القانون واللوائح والقرارات الصادرة تنفيذا لأحكامه»، فإنه لا يوجد إشكالية قانونية من حيث إيجاد منظومة إلكترونية من السجلات العقارية، لا سيما أن المادة (50) من قانون المعاملات الإلكترونية أشارت إلى أنه : «يجوز للحكومة أن تقوم بالمهام التالية باستخدام السجلات والتوقيعات الإلكترونية: أ- قبول إيداع، أو تقديم، أو إنشاء، أو حفظ مستندات. ب- إصدار أي إذن، أو ترخيص، أو قرار، أو موافقة...»، وطالما أن التسجيل العقاري ينطوي على وظيفة أساسية لحفظ الحالة المادية والقانونية للعقار وهو -كذلك- الوسيلة القانونية التي شرعها المشرع لنقل ملكية العقار، فإن التسجيل العقاري من المهام التي تستطيع الحكومة ممارستها من خلال منظومة إلكترونية متكاملة منتجة لأثرها كما التسجيل العقاري الورقي.

إن التوجه لمنظومة إلكترونية مختصة بعملية التسجيل العقاري لا يشمل فقط إصباغ الصحيفة العقارية بالصفة الإلكترونية، وإنما يشمل أيضًا سندات الملكية؛ ولذلك لا بد من مراعاة شروط المحررات الرسمية، فلابد أن يصدر محرر الملكية الإلكتروني من موظفٍ عامٍ مختص وفق الأوضاع القانونية التي قررها القانون لتنظيم سند الملكية، كذلك يشترط أن يكون لهذا الموظف توقيع إلكتروني خاص به هو ليصادق على المحرر الإلكتروني، وأخيرًا لا بد من أن يكون لذوي الشأن توقيعهم الخاص على محرر سند الملكية[24].

ولما كان ذلك، فإن التسجيل العقاري الإلكتروني يغدو منتجًا لذات الأثر الذي ينتجه التسجيل التقليدي فيما يتعلق بانتقال الملكية وما يترتب من آثار أخرى على التسجيل العقاري؛ بيد أنه وبالرغم من التطور التكنولوجي المشهود ودخوله في مختلف دعامات الأعمال بما فيها الأعمال المناطة بها للجهات الإدارية إلا أن الواقع العملي أكد استمرار أمانة السجل العقاري في الاعتماد على صحف عقارية ورقية[25]، دون أن يكون هناك ربط رقمي بموضوع التسجيل، والذي كان من شأنه تغيير وتيرة العمل وجودتها وسرعتها، فاستحداث نظام إلكتروني للسجلات العقارية فيه ضمانة أكبر في حفظ البيانات والمستندات وقلة الأخطاء المحتمل حدوثها نتيجة الإهمال، أو التقصير من الموظفين فضلًا عن أنه سيغني عن وجود كثير من الملاحق المفترض وجودها مع الصحيفة العقارية.

المبحث الثاني: الآثار القانونية للتسجيل العقاري في القانون العماني

لما كان التسجيل العقاري يعبر عن عملية تثبت بها البيانات الأساسية للعقار في سجلٍ مخصص، فإن الأمر يدعو للتطرق إلى الآثار التي تنتج عن تسجيل العقار في ذلك السجل، سواء قبل التسجيل أم بعده، وهذا ما سنفصله في المطلبين التاليين:

المطلب الأول: أثر التصرف في العقار قبل التسجيل

تبنى جميع التصرفات من حيث الأصل على مبدأ سلطان الإرادة الذي يعنى به أن الإرادة وحدها المعول عليه في إحداث الأثر القانوني المقصود؛ وعليه فالتصرفات تكون صحيحة قائمة بأركانها الأساسية من رضا ومحل وسبب فقط، ولكن مع تطور الحياة المدنية واستحداث منظومات قانونية مؤطرة للعلاقات والتعاملات ظهرت العديد من الاستثناءات على هذا المبدأ، إذ لا يكفي الرضا وحده لقيام التصرف وإنما يلزم الأمر وجود فعلٍ آخر لقيام التصرف، أو لإحداث آثار التصرف القانونية كما في التسجيل في السجل العقاري، الأمر الذي أدى إلى طرح التساؤل التالي: ما مصير التصرف الذي لم يسجل في السجل العقاري وما حكمه؟

وذلك ما سنتناوله من خلال الفرعين الآتيين:

الفرع الأول: التصرف غير المسجل وانتقال الملكية

إن منشأ فكرة التسجيل العقاري قائمة على الفصل بين طورين وهما طور الالتزام بنقل الملكية وطور انتقال الملكية فعلًا، إذ إن التصرف الذي يبرمه الأطراف ينشئ إلزامًا بنقل الملكية؛ ولأنه غالبًا ما يتم تنفيذ هذا الالتزام مباشرة يظهر وكأن انتقال الملكية أثر مباشر للعقد؛ أي يتم بمجرد التعاقد، ولكن ذلك ليس كما يبدو، فمن الناحية الفنية إن انتقال الملكية هو تنفيذ لأحد الالتزامات التي أنشأها العقد، ولذلك يمكن القول بأن العقد له أثر مباشر في إنشاء التزام نقل الملكية وليس في انتقال الملكية ذاتها[26].

وإن هذا التفريق بين الالتزام بنقل الملكية ونقلها فعلا بسبب وجود أعمال تمهيدية ضرورية لانتقال الملكية مثل تقديم بعض المستندات الضرورية للجهة المختصة كأصل الملكية وما يفيد حدود العقار، أو عقد الإيجار لو كان العقار مؤجرًا، وكذلك تصديق توقيع المتصرف لدى الجهة المختصة، ولو ارتبط العقار بإرث فإن الأمر يستلزم في البداية شهر حق الإرث، وغيرها الكثير من الأعمال التمهيدية المفترض القيام بها قبل تنفيذ التزام نقل الملكية[27].

وفي هذا السياق يجدر ذكر أن من ضمن المراحل التي مرت بها فكرة التسجيل العقاري وتحديدًا في القانون المصري القديم أن انتقال الملكية كان يجري بين المتعاقدين بمجرد التعاقد ولا حاجة لهم للتسجيل ولكن تلك الملكية لا يعتد بها أمام الغير، وقد أدى ذلك إلى ظهور العديد من الأوضاع الظاهرة، وأضحت فكرة التسجيل العقاري لا فائدة منها لأنها أوجدت بالأصل لحماية الغير، فانتقال الملكية بين المتعاقدين بمجرد التعاقد لن يلزم الأفراد بالتسجيل وهكذا سيظل الغير جاهلًا ببيانات العقار الأساسية!، ولكن المشرع المصري عَدَلَ عن هذه الفكرة وأصبحت الملكية تنتقل بالتسجيل سواء أبين المتعاقدين أم في مواجهة الغير[28]، وفي الحقيقة فإن المشرع العماني استفاد من هذه التجربة حق الاستفادة وجعل انتقال الملكية بين أطراف العلاقة، أو في مواجهة الغير معلقًا على التسجيل، ففي ذلك بينت المادة (901) من قانون المعاملات المدنية العماني أنه: «لا تنتقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى في العقار سواء أبين المتعاقدين، أو في حق الغير إلا بالتسجيل وفقا لأحكام القوانين الخاصة به»، وهو ذات ما أشارت إليه المادة (30) من قانون السجل العقاري العماني حينما نصت على أنه: «... ويترتب على عدم التسجيل أن هذه الحقوق لا تكون حجة على الغير، ولا يكون لها من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين أطرافها».

ومما سبق يظهر أن الملكية لا تنتقل سواء أبين المتعاقدين، أم في مواجهة الغير إلا بالتسجيل في السجل العقاري، وبمعنى آخر فإن الطرف المتصرف إليه بالعقار لا تنتقل إليه ملكية العقار إلا بالتسجيل، فلو باع (أ) لــ(ب) عقارًا على سند عقدٍ غير مسجل، فإنه لا يمكنه إقامة دعوى استحقاق على المتصرف للمطالبة بملكية العقار؛ ذلك أن مسلمات دعوى الاستحقاق غير موجودة أصلًا، ولكن يمكنه رفع دعاوى أخرى سيرد تفصيلها لاحقًا بشأن انتقال الملكية، وكذلك يمكن له -في ظل العقد غير المسجل- المطالبة بالالتزامات الشخصية المترتبة على عقد البيع كتسليم العقار المبيع، أو تسليم ريعه، فبالرغم من أن الملكية لم تنتقل بعد للمتصرف إليه والذي هو (ب) في المثال السابق إلا أنه يمكن له المطالبة بجميع الالتزامات الشخصية الناتجة عن العقد، مع التأكيد على أن المتصرف (أ) حال قيامه بتأدية هذه الالتزامات الشخصية كتسليم العقار وريعه لا يمكنه المطالبة باستردادها رغم أنه ما زال مالكًا للعقار محل هذه الطلبات الشخصية لأنه ضامن لـ(ب) باستحقاق العقار، مع التأكيد على أن ما يسري على أطراف العلاقة يسري على ورثتهم لأنهم ليسوا من الغير[29]، إذ إنه إذا مات المتصرف قبل التسجيل تظل الملكية لورثته، وفي المقابل إذا مات المتصرف إليه قبل التسجيل فلا تنتقل الملكية لورثته، ولكن للورثة مطالبة المتصرف بنقل الملكية.

وبمطالعة النصوص القانونية للمشرع العماني نجده يعترف بقيام أي تصرف محله عقار صحيحًا بتوافر الأركان الأساسية من رضًا وسبب ومحل فقط وحتى في ظل عدم تسجيله بالسجل العقاري، ذلك لأن المشرع العماني يأخذ بالتسجيل شرطًا لانتقال الملكية وليس ركنًا لقيام العقد، وبمعنى آخر فإن العقد غير المسجل عقد رضائي صحيح وليس شكليًا، وهو مرتبٌ للالتزامات الشخصية بين طرفيه ومنتج لكافة آثاره عدا نقل الملكية، وبالتالي فإن العقد غير المسجل يرتب التزامًا على المتصرف بضمان العيوب الخفية وعدم التعرض الشخصي ودفع التعرض من الغير وضمان الاستحقاق طبقًا لأحكام كل عقد محله العقار، وعلى الجهة الأخرى فإن العقد غير المسجل يرتب التزامات أيضًا على المتصرف إليه، فالمتصرف إليه ملتزم بسداد الثمن وتسلم العقار، والعقد غير المسجل يحتفظ بأحكامه العامة كأن يكون سببًا صحيحًا للتقادم.

ومما يجدر التعريج عليه في هذا الصدد أن التسجيل في السجل العقاري العماني لا يعد تسليمًا للعقار[30]، وبمعنى آخر لو هلك المبيع قبل التسليم -حتى في ظل تسجيل العقار في السجل العقاري- فيتحمل البائع تبعة الهلاك طالما أنه لم يسلم المبيع بعد، ولكن نجد المشرع الإماراتي انتهج خلاف ما ذهب إليه المشرع العماني، إذ جعل التسجيل في السجل العقاري بمنزلة التسليم الحكمي للعقار، إذ نصت المادة (528) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي رقم (5/1985)[31] على أنه: «يتم التسليم حكمًا بتسجيل المبيع باسم المشتري إذا تطلب القانون التسجيل لنقل الملكية». وفي ذلك حث وتشجيع للأفراد على التسجيل في السجل العقاري، اعترافًا من قبل المشرع الإماراتي بأهمية التسجيل العقاري ودوره في حماية الملكية العقارية، وهذا بخلاف المشرع العماني الذي يفصل بين التزام البائع بتسليم العقار والتزامه بنقل الملكية.

وخلاصة القول هو أن التصرف غير المسجل صحيحٌ قائمٌ، ولكنه لا ينقل الملكية، بل يوجِد التزامًا على المتصرف بنقل الملكية، فإن نفذ ذلك الالتزام وتم تسجيل العقار في السجل العقاري انتقلت الملكية؛ ولكن الإشكالية تظهر عندما يمتنع المتصرف عن التسجيل في السجل العقاري، فكيف يمكن للمتصرف إليه التصرف في هذه الحالة؟

الفرع الثاني: معالجة امتناع المتصرف عن التسجيل

إن بقاءَ التصرف دون تسجيل من شأنه تسبيب العديد من الإشكاليات مثل خلق مناخ ملائم لغش وتحايل المتصرف ببيع عقاره مرتين أو أكثر، والتأثير على حجية العقود وإمضائها، وزعزعت الائتمان العقاري فلا يقبل أحد على التعامل في العقارات لهذه الإشكاليات؛ لذلك يستطيع المتصرف إليه إجبار المتصرف -حال امتناعه- على التسجيل عن طريق دعوى صحة التعاقد.

إن دعوى صحة التعاقد وسيلة يواجه بها المتصرف إليه امتناع المتصرف عن إتيان الإجراءات اللازم اتخاذها للتسجيل في السجل العقاري والمقصود بها نقل الملكية[32]، وهذه الدعوى أوجدها الاجتهاد القضائي ودرج على استخدمها في هذا الشأن، ويجوز رفعها في مواجهة المتصرف سواء أكان معترفًا بالتصرف محل التسجيل، أم منكرًا له متى ما كان ممتنعًا عن التسجيل، والمتصرف إليه في هذه الدعوى يطالب بصحة وإنفاذ العقد العرفي؛ ذلك أنه لو كان العقد رسميًا فإنه لا حاجة إلى إقامة الدعوى، ويكون التسجيل بذلك العقد الرسمي، وبصدور حكم نهائي بصحة العقد العرفي يصبح للمتصرف إليه سند رسمي يستطيع به التسجيل في السجل العقاري دون الحاجة إلى الإجراءات المفترض اتخاذها من التصرف للتسجيل في السجل العقاري[33].

والحقيقة أنه من المفترض أن يكون لدعوى صحة التعاقد أثر مباشر في غل يد المتصرف في التصرف بالعقار المعني من وقت رفعها إلى الوقت الذي يصدر فيه حكم نهائي في الدعوى كيلا يقوم المتصرف بالتصرف في العقار مجددًا لآخر يقوم معه بإجراءات التسجيل المطلوبة حال معرفته بقيام دعوى صحة التعاقد في مواجهته، فيظل المتصرف إليه تحت رحمة المتصرف أثناء نظر الدعوى، والحقيقة أن المشرع العماني ورغم اعترافه بدعوى صحة التعاقد عند تقدير رسوم تقديمها للمحكمة في المادة (59/ه) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية حينما نصت على أنه: «هـ- إذا كانت الدعوى بطلب صحة عقد، أو إبطاله، أو فسخه تقدر قيمتها بقيمة المتعاقد عليه، وبالنسبة إلى عقود البدل تقدر الدعوى بأكبر البدلين قيمة»؛ إلا أنه لم يضع تنظيمًا خاصًا لها وتركها للقواعد الإجرائية العامة لرفع الدعوى، وعليه فهذه الدعوى تقوم بتوافر الشروط الأساسية لأي دعوى وهي الصفة والمصلحة.

وكما سبق ذكره فإنه من الوارد أن يقوم المتصرف حال إعلانه بقيام دعوى صحة التعاقد في مواجهته أن يقوم بالتصرف في العقار محل الدعوى دون أن يكون هناك ما يمنعه عن ذلك، لذلك يلجأ بعض القانونيين إلى إقامة أمر على عريضة يعرض على قاضي الأمور المستعجلة، أو على قاضي الموضوع لطلب المنع من التصرف في العقار محل دعوى صحة التعاقد، ولكن الأمر قد لا يكون مجديًا في ظل تراكم القضايا المعروضة أمام المحكمة وتأخر الفصل في الطلبات المقدمة؛ مما قد يفوت الأمر على المتصرف إليه ويقوم المتصرف بنقل الملكية لشخص آخر.

المثير للاهتمام وما قد لا يتنبه له المتقاضي أثناء نظر دعواه هو أن قانون نظام السجل العقاري أوجد حلًا لمثل هذه المعضلة، يعمل على غل يد المتصرف من التصرف بالعقار؛ عن طريق التأشير على صحيفة العقار بوجود دعوى صحة التعاقد منظورة أمام المحكمة، بحيث إن لرافع دعوى صحة التعاقد بعد التحصل على محضر قيد دعواه وما يثبت إعلان خصمه في الدعوى أن يلجأ إلى أمانة السجل العقاري ويسلمهم صورة من صحيفة الدعوى ومحضر قيدها وإعلان الخصم ويطلب من أمانة السجل التأشير على هامش صحيفة العقار بوجود دعوى صحة التعاقد، وبهذا لن يستطيع المتصرف في العقد محل دعوى صحة التعاقد (المدعى عليه) بأي حال من الأحوال أن يتصرف بالعقار لآخر، وكل ذلك بأسرع وقت وأقل جهدٍ ممكن، وهذا الأمر واضح من نص المادة (36) من قانون نظام السجل العقاري العماني التي تنص على أنه:«يجب على المدعي في الدعاوى المتعلقة بحق عيني عقاري أن يقدم صورة من صحيفة الدعوى بعد إعلانها للخصوم من المحكمة، أو الجهة الإدارية ذات الاختصاص القضائي لأمانة السجل العقاري للتأشير على هامش الصحيفة العقارية بمضمون طلباته في الدعوى. ويترتب على التأشير أن حق المدعي إذا تقرر بحكم نهائي، فإنه يعتبر قد سجل منذ التأشير بالدعوى، شريطة تسجيل الحكم خلال سنة من تاريخ صيرورته نهائيا. ولكل ذي شأن أن يطلب من أمين السجل العقاري محو هذا التأشير إذا قضي برفض الدعوى، أو انتهت دون تقرير حقوق أخرى خلاف ما هو ثابت بالسجل»، وعليه يقوم الموظف في أمانة السجل العقاري بدوره بالتأشير على الصحيفة المخصصة للعقار المعني بوجود نزاع حول العقار، وعند صدور حكم نهائي يقر بأحقية المدعي في العقار كان له نقل ملكية العقار باستعمال ذلك الحكم، وأما حال رفض دعواه كان للمدعى عليه (المتصرف في العقد) استعمال الحكم النهائي القاضي بالرفض في إزالة التأشير بوجود النزاع من صحيفة العقار.

وهنا يجدر التوقف عند مسألة مهمة أثارتها المادة (36) من قانون نظام السجل العقاري؛ حيث ذكرت المادة بأنه: «ويترتب على التأشير أن حق المدعي إذا تقرر بحكم نهائي، فإنه يعتبر قد سجل منذ التأشير بالدعوى، شريطة تسجيل الحكم خلال سنة من تاريخ صيرورته نهائيًا»، فهل ذلك يعني أنه في حالة صدور حكم نهائي لصالح المدعي بصحة التعاقد ولم يقم بالتسجيل خلال السنة التي ذكرتها المادة يسقط حقه في تسجيل ذلك العقار بعد مرور سنة من صيرورة الحكم؟

لا شك أن الغاية من المادة وبالتحديد من تقرير مدة السنة هو حث الأفراد وتشجيعهم على تسجيل حقوقهم العقارية في السجل العقاري وعدم تركها معلقة لمدة طويلة، لذلك فإن المادة أعطت ذوي الشأن مدة سنة لتعديل بيانات العقار بأثر رجعي من تاريخ التأشير على الصحيفة العقارية، أي أن المدعي (المتصرف إليه) سيكون مالكًا للعقار من تاريخ التأشير على صحيفة العقار بوجود دعوى صحة التعاقد، فليس من المتصور تجاهل عقدٍ قام صحيحًا وحجية حكم قضائي نهائي لمعاقبة المدعي على تقصيره وإهماله في تسجيل العقار المعني، ولذلك فإنه لا يسقط حق المدعي الذي صدر لصالحه حكم دعوى صحة التعاقد في نقل ملكية العقار بمرور السنة، ولكن ربما يمكن تفسير مدة السنة التي وضعها المشرع العماني لسقوط حق الأثر الرجعي لنقل الملكية، فتسجيل العقار خلال السنة ينقل الملكية للمدعي من تاريخ التأشير على الصحيفة العقارية بوجود دعوى التعاقد بينما التسجيل بعد مرور السنة يحرمه من الأثر الرجعي للتأشير في الصحيفة العقارية للعقار، وعليه تنتقل له ملكية العقار من تاريخ التسجيل في الصحيفة العقارية.

والتأشير على الصحيفة العقارية بوجود دعوى التعاقد إجراء خطير للغاية من حيث القيمة القانونية، إذ إنه له تأثير فاصل على الحق المثبت والتصرف القائم قبل التأشير، فلو قام المدعى عليه (المتصرف) بالتصرف في العقار للغير قبل التأشير على الصحيفة العقارية فإن تصرفه صحيح ابتداءً، ولكن إن تم إقامة دعوى صحة التعاقد وتم التأشير على الصحيفة العقارية وصدر حكم نهائي مثبت لحق المتصرف إليه، فإن المتصرف إليه يعتبر مالكًا من تاريخ التأشير على الصحيفة العقارية، مما يعني وبشكل جازم أن التأشير على الصحيفة العقارية أقوى من التصرف القائم بين المتصرف والغير، فالتصرف الذي جمع هذين الأخيرين سيكون باطلا لعدم إجازته من المتصرف إليه (المالك الحقيقي)، وفي هذه الحالة يجوز للغير مطالبة المتصرف بالتعويض لأنه ضامن لاستحقاق العقار، وبمفهوم المخالفة إذا لم يؤشر المدعي (المتصرف إليه) في الصحيفة العقارية، فإن ملكية العقار ستنتقل من تاريخ التسجيل في السجل العقاري بالحكم النهائي لدعوى صحة التعاقد.

وهنا أيضًا يثور تساؤل آخر حول مصير ثمار العقار، أو استحداث الغير بناءً، أو غراسًا على محل دعوى صحة التعاقد لو كان أرضًا؟

الحقيقة أن في ذلك تفصيلًا دقيقًا، ففي حالة التأشير على الصحيفة العقارية ويكون فيها المدعي مالكًا من تاريخ التأشير، فإن الثمار المتولدة عن العقار إذا كان مبنًى سواء أكانت ثمارًا طبيعية أم مستحدثة تسري عليها أحكام الثمار التي نظمت أحكامها المادتين (941) و(942) من قانون المعاملات المدنية، فالمادتان سالفتا الذكر تنصان على التوالي بأنه: «يملك الحائز حسن النية ما قبضه من الثمار والمنافع مدة حيازته»، «يكون الحائز سيئ النية مسؤولا عن جميع الثمار التي يقبضها والتي قصر في قبضها من وقت أن يصبح سيئ النية»، وعليه في هذه الحالة فإن الأمر يعول فيه على حسن النية وعدمها، فإن كان الغير حسن النية كانت الثمار له، وإن كان سيئ النية فإن عليه أن يرجع للمدعي الثمار التي قبضها والتي قصر في قبضها كذلك.

وفي الحالة التي يكون فيها العقار أرضًا وقام الغير -الذي تعاقد معه المدعى عليه المتصرف- باستحداث منشأة، أو غراس، أو بناء، فإن الواجب تطبيقه من أحكام هي أحكام الاتصال والمتعلقة بالحالة الثانية أي عندما يقوم الغير بأدواته بالبناء على أرض غيره، فإننا كذلك ننظر لحسن وسوء نية ذلك الغير، وقد نظمت تلك الحالة المادتين (895) و(896) من قانون المعاملات، فالمادة (895) ذكرت بأنه: «إذا أحدث شخص بناء، أو غراسا، أو منشآت أخرى بمواد من عنده على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره دون رضاء صاحبها كان لهذا أن يطلب قلع المحدثات على نفقة من أحدثها فإذا كان القلع مضرا بالأرض فلصاحب الأرض أن يتملك المحدثات بقيمتها مستحقة القلع»، وذكرت المادة (896) بأنه: «إذا أحدث شخص بناء، أو غراسا، أو منشآت أخرى بمواد من عنده على أرض مملوكة لغيره بزعم سبب شرعي فإن كانت قيمة المحدثات قائمة أكثر من قيمة الأرض كان للمحدث أن يتملك الأرض بثمن مثلها، وإذا كانت قيمة الأرض لا تقل عن قيمة المحدثات كان لصاحب الأرض أن يتملك المحدثات بقيمتها قائمة»، إذ يفهم من نص المادتين أنه إذا كان الغير يعلم بعدم أحقيته للأرض أي أنه سيئ النية جاز للمدعي أن يطلب إزالة المحدث على نفقة الغير، فإن كانت الإزالة تضر الأرض جاز للمدعي أن يتملك المحدث من البناء، أو الغراس بقيمة تكلفة الإزالة، وفي الحالة الأخرى المتعلقة بحسن نية الغير فإننا ننظر إلى قيمة المحدث من البناء، أو الغراس، فإن كانت قيمة المحدث هذا أكبر من قيمة الأرض، جاز للغير تملك الأرض بقيمة مثلها، أما إذا كانت قيمة الأرض أكبر من قيمة المحدث، فإن للمدعي تملك المحدث بثمن ما يقيم به.

ويثور التساؤل حول مدى اعتبار المشتري (المتصرف إليه) شفيعًا في العقار غير المسجل، والحقيقة أن مقتضيات الشفعة -طبقًا للقانون العماني- غير متحققة، فالمشرع العماني طبقًا للمادة (904) يُثبت الحق في الشفعة في الخليط والشريك فقط، وما دون ذلك لا يمكن إصباغ الشفعة عليه[34].

ولما كانت الغاية الرئيسة من دعوى صحة التعاقد هي إثبات صدور العقد صحيحًا نافذًا من قبل المتصرف، فإن لهذا الأخير الدفع بما من شأنه نفي ادعاء المدعي، فله مثلا أن يدفع بصورية العقد، أو ببطلان العقد، أو بانفساخه، أو عدم نفاذه، وله كذلك توجيه طلبات عارضة بفسخ العقد لغلط، أو تغرير، أو إكراه شاب العقد، أو تقصير من المدعي في تنفيذ التزاماته.

وخلاصة القول هي أن التصرف غير المسجل يرتب جميع الالتزامات الشخصية التي تنشأ عن العقد، أو التصرف، وأن هذا العقد ينشئ التزامًا بنقل الملكية، ولكنه لا ينقل الملكيةـ وعليه فالعقد غير المسجل لا ينقل الملكية، ويمكن للطرف صاحب المصلحة إقامة دعوى صحة التعاقد لإجبار الطرف الآخر على نقل ملكية العقار.

المطلب الثاني: أثر التصرف في العقار بعد التسجيل

رأينا في المطلب السابق الأثر الذي ينتجه العقد غير المسجل في السجل العقاري، ورأينا كيف يرتب جميع الالتزامات الشخصية عدا نقل الكلية، وعلى غراره فالعقد المسجل في السجل العقاري يرتب جميع الأثار التي يرتبها العقد غير المسجل إضافة إلى أهم أثر وهو نقل ملكية العقار للطرف الآخر في العلاقة، ولما كان المتصرف إليه يستطيع إجبار المتصرف على نقل الملكية في العقد غير المسجل، فإنه من باب أولى في العقد المسجل يستطيع إجبار المتصرف بالقيام بجميع التزاماته.

وعليه فالثابت أن التصرف المسجل يرقى على التصرف غير المسجل؛ ذلك أن الأول ينقل الملكية بين المتعاقدين وفي مواجهة الغير، وبالنتيجة فإنه يترتب على انتقال الملكية للمتصرف إليه مجموعة من الآثار أهمها قدرة المتصرف إليه في التصرف بالعقار لأنه أصبح مالك العقار حتى وإن لم يستلمه بعد من المتصرف، بالإضافة إلى أن العقار لن يدخل ضمن تفليسة المتصرف لو أفلس قبل تسليم العقار بخلاف العقد غير المسجل.

وتزامنًا مع تسجيل العقار وما يترتب عليه من آثار، ظهرت مجموعة من الإشكاليات المتعلقة بفكرة التسجيل العقاري وانتقال الملكية؛ سنناقشها من خلال الفروع الآتية:

الفرع الأول: تزاحم الحقوق في السجل العقاري

إن المقصود بتزاحم الحقوق في السجل العقاري حالة التنازع التي تحدث في تسجيل حق متعلق بعقار من قبل شخصين مختلفين بيد كلٍ منهما سند للتسجيل، ويحدث ذلك بالتحديد عندما يقوم المتصرف بالتصرف بالعقار لشخصين مختلفين في ذات الفترة الزمنية[35]، ويمكن إجمال ذلك التنازع في حالتين، فلو أخذنا عقد البيع تطبيقًا، فإن الحالة الأولى تتمثل في قيام البائع ببيع العقار للمشتري الأول وبعدها للمشتري الثاني، ولكنه عندما باعه للمشتري الأول قام بتسجيله، والحقيقة أن هذه الحالة لا تشكل أي معضلة، فالحكم القانوني واضح بحيث تطبق على البيع الثاني أحكام بيع الغير؛ لأن الملكية انتقلت بالتسجيل في البيع الأول، ولقد أكدت المحكمة العليا في سلطنة عمان على هذا الاتجاه، وقررت في المبدأ رقم (15) للسنة العاشرة أن :«بيع المالك للعقار مرتين، أثره: لا يعتد بالبيع الثاني إنْ سُجل البيع الأول في السجل العقاري»[36]، وشددت المحكمة العليا في تجنب مثل هذه الحالة فقضت في الطعن رقم 108/2004 الصادر بجلسة 18/1/2005 بأنه: «لا يصح بيع شيءٍ قبل تملكه»[37].

والحقيقة أن المسألة التي سببت الجدل هي الحالة الثانية من حالات التنازع المقصودة هنا، ففي هذه الحالة يقوم البائع بالبيع لشخصين مختلفين أيضًا، يبيع عقاره للمشتري الأول بموجب عقد صحيح في البداية، ثم يبيع عقاره للمشتري الثاني، ولكنه يقوم بالتسجيل للمشتري الثاني، فأي العقدين في هذه الحالة أولى بالنفاذ، العقد الأول صاحب الأسبقية في القيام أم العقد الثاني صاحب الأسبقية في التسجيل بالسجل العقاري؟؟

وبالبحث عن الإجابة في قانون نظام السجل العقاري، أو لائحته التنفيذية نجده خلا من معالجة للمسألة؛ لذلك وبتتبع الأحكام القضائية، نجد أن محكمة القضاء الإداري في الاستئناف رقم (66) وضعت معالجة للحالة؛ حيث جاء بالاستئناف: «... ومن ثم فإن أي تصرف قانوني لاحق يكون فيه الغير طرفًا عن حسن نية يكون مشروعًا بناء على الوضع الظاهر، فإذا ما بادر هذا الغير حسن النية إلى تسجيل هذا التصرف اللاحق فإن صاحب الحق السابق يكون هو من قصر في حق نفسه بتراخيه عن تسجيل حقه بالسجل العقاري إلى حين حدوث تصرف قانوني آخر ترتب عنه نشأة حق عيني للغير حسن النية، وما عليه في هذه الحالة إلا الرجوع على المالك الأصلي الذي تعمد التصرف في عقار لم يعد مالكا له»[38]، وعليه فإن هذا الحكم يشير إلى وجوب الاعتداد بالبيع المسجل أولًا متى ما كان موافقًا لصحيح القانون، ومن قصر وتراخى في التسجيل عليه تحمل إهماله.

ولكن باستعراض الطعن رقم (1500/2016) نجده اتخذ منحًا آخر مخالفا للحكم السابق؛ حيث تدور وقائعه في قيام البائع ببيع عقاره للمشتري الأول على سند عقد عرفي مؤرخٍ في 20/5/2008، وفي يناير لسنة 2009م تحصل المشتري الأول على حكم بصحة التعاقد، وفي 5 مايو قام البائع ببيع العقار للمشتري الثاني وقام بتسجيله في السجل العقاري، فأقام المشتري الأول دعواه أمام المحكمة الابتدائية يطالب ببطلان عقد البيع الثاني وإلغاء قيده من السجل العقاري ونقل الملكية لصالحه، والمحكمة متمثلة في الدرجة الأولى قضت برفض الدعوى تأسيسًا على أسبقية التسجيل في السجل العقاري وأن المشتري الأول قصر وأهمل في التسجيل بالسجل العقاري، وباستئنافه قضت محكمة الاستئناف ببطلان البيع الثاني تأسيسًا على أن البيع الأول له الأسبقية في القيام، وأن تراخي المشتري الثاني في التسجيل لا يعول عليه في إبطال حقه، ولقد أيدت المحكمة العليا ذلك فقضت أن: «عدم تسجيل عقد بيع العقار في السجل العقاري لا يبطل البيع، علة ذلك أن قانون المعاملات المدنية اعتبر ثبوت البيع بمجرد الصفقة»[39].

وهذا يثبت وجود التناقض بين الأحكام في هذه الحالة، لا سيما أن الحُكمين صدرا في نفس الفترة الزمنية، والقول بالناسخ والمنسوخ ضعيف جدًا، فالأول يأخذ بأسبقية التسجيل مع مراعاة حسن نية الغير (المشتري الثاني) والتأكيد على إهمال وتقصير المتصرف إليه (المشتري الأول)، في حين أن الحكم الثاني لم يأخذ بأسبقية التسجيل ولم يعالج حسن نية الغير مطلقًا، وأكد على أن إهمال وتقصير المشتري الأول في التسجيل لا يعدم حقه في العقار، وصولًا إلى أن العبرة بقيام أركان التصرف وليس بالتسجيل في السجل العقاري.

والباحثون يرون أن الأولى بالاعتبار والنفاذ هو البيع الأول متى ما قام صحيحًا حتى ولو لم يسجل ودون الحاجة لبحث سوء نية البائع أو حسنها، متى ما كان البيع الأول قائمًا، وأن المطلوب تقريرُ البيع الأولى بالنفاذ، وحتى لو ثبت إهمال المشتري الأول في تسجيل بيعه بالسجل العقاري؛ ذلك لأن المشرع عندما أعطى مكنة التراخي في التسجيل ولم يحدد زمنًا معينًا للقيام بالتسجيل في ظل مدة التقادم الطويلة تلك، فإنه بذلك لا يمكن له تعليل تقرير الحق للمشتري الثاني بالإهمال في التسجيل من قبل المشتري الأول الذي مارس حقه في مكنة التراخي، ناهيكم عن أن القانون يمنح المتضرر من عدم التسجيل في السجل العقاري مكنة اللجوء إلى المحكمة وإجبار الطرف الآخر على التنفيذ؛ وذلك واضح في نص المادة (260) من قانون المعاملات المدنية حينما بينت أنه: «يقوم حكم المحكمة مقام التنفيذ إذا كان محل الالتزام عملا وسمحت بذلك طبيعته»، فكما هو معلوم من أن التوثيق والتسجيل لدى أمانة السجل العقاري يستلزم بالضرورة حضور أطراف العلاقة أمام أمين السجل العقاري، وعليه فإن امتناع أحدهما عن ذلك لا يضير الآخر طالما أن القانون كفل له حق اللجوء إلى المحكمة وإجبار الطرف الآخر على التنفيذ، وطالما أن طبيعة التسجيل من الأعمال التي يمكن أن يقوم الحكم القضائي مقامها في التنفيذ، ولذلك كان الأولى على المشرع العماني معالجة هذه الحالة بنص قانوني صريح، أو كما سنرى في بقية مقترح البحث .

الفرع الثاني: زمن انتقال الملكية

لقد ثار جدلٌ واسع حول زمن انتقال الملكية بين المتعاقدين، واختلف الفقهاء في تحديد زمن انتقالها من حيث ما إذا كان فوريًا من وقت التسجيل في السجل العقاري، أو انتقالها بأثر رجعي من لحظة قيام التصرف، فظهر رأيان يحكمان المسألة، نستعرض في النقطة الأولى جدل الفقهاء حول زمن انتقال الملكية، وفي النقطة الثانية زمن انتقال الملكية في القانون العماني.

أولًا: الاختلاف الفقهي حول زمن انتقال الملكية

يرى جمع من الفقهاء أن الملكية تنتقل من لحظة التسجيل في السجل العقاري وليس من وقت إبرام التصرف، وهذا الرأي يستند في رأيه إلى مجموعة من البراهين، إذ إن ظاهر النصوص تشير إلى أخذ المشرع بوقت التسجيل زمنًا لانتقال ملكية العقار، فغاية المشرع بذلك -كما يفهم- هو المساواة بين المتعاقدين والغير في زمن انتقال الملكية، أي يتوحد زمن انتقال الملكية لدى الجميع، فأثناء ما يتفق الجميع على أن التصرف لا يمكن الاعتداد به في مواجهة الغير إلا من تاريخ التسجيل لعموم النص، فإن ذلك يستلزم جعل انتقال الملكية من وقت التسجيل بالنسبة إلى المتعاقدين أيضًا وإلا كان هناك ازدواجية في المعايير القانونية[40].

ويضيف الموالين لهذا الرأي أن القول بالأثر الرجعي للتسجيل في السجل العقاري يتعارض مع الغاية الأساسية لوجود التسجيل؛ ذلك أن القول بالأثر الرجعي يجعل الأطراف يتراخون في التسجيل، فإذا كانت الملكية ستنتقل بأثر رجعي؛ لماذا يجب الإسراع في التسجيل، أو حتى لماذا يجب التسجيل؛ مما قد يصاحبه ظهور العديد من الإشكاليات والأوضاع الظاهر، ولذلك فالأخذ بالأثر الفوري للتسجيل في السجل العقاري دافع قوي للأفراد ليسجلوا التصرف[41].

وأما من يناصر نهج الأثر الرجعي للتسجيل في السجل العقاري يرون أنه أكثر مواءمة للصناعة القانونية، فتسليم العقار، أو ريعه التزامان شخصيان ينشآن بقيام العقد، والأخذ بالأثر الرجعي أكثر مواءمة وملاءمة لهذا الوضع القانوني، فالمتصرف إليه الذي يتصرف في العقار قبل التسجيل يعد متصرفًا في ملك غيره لمن يأخذ بالأثر الفوري بينما من يأخذ بالأثر الرجعي فإنه يعتبر متصرفًا في ملكه، وهذا يتناغم أكثر مع ذلك الوضع القانوني، وبررت هذه الطائفة توجهها بمثال مفاده أنه لو أحدث المتصرف غراسًا، أو بناءً على العقار محل التصرف قبل التسجيل، فإنه طبقًا للرأي الموالي للأثر الرجعي سيكون أحدث الغراس، أو البناء في ملكه، بينما سيكون طبقًا لمن يأخذ بالأثر الفوري قد أحدث في أرض غيره، وبهذا سيتم الدخول في معمعة إثبات حسن وسوء النية وإشكالات أخرى عديدة في غنى عنها[42].

وأضاف أنصار الأثر الرجعي أن الأثر الرجعي للتسجيل هو الأولى بالاتباع، فعند شراء أحدهم لعقار ولم يقم بتسجيله إلا بعد إشهار البائع لإفلاسه، فالقول بالأثر الرجعي يجعل المشتري مالكًا من وقت البيع وبالتالي يمكنه أخذ العقار دون مزاحمة باقي الدائنين، أما قول الأثر الفوري سيجعل العقار يدخل ضمن تفليسة المتصرف وبالتالي مزاحمة المتصرف إليه لباقي الدائنين وقس على ذلك الإعسار والتنبيه العقاري والرهن والشفعة والإيجار.

ثانيًا: زمن انتقال الملكية في التشريع العماني

من خلال النصوص القانونية الواردة بقانون نظام السجل العقاري وقانون المعاملات المدنية نجد أن المشرع العماني يأخذ بالأثر الفوري للتسجيل في السجل العقاري وليس الأثر الرجعي من تاريخ قيام التصرف الناقل للملكية، فالمادة (901) من قانون المعاملات المدنية ذكرت بأنه: «لا تنتقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى في العقار سواء بين المتعاقدين، أو في حق الغير إلا بالتسجيل وفقا لأحكام القوانين الخاصة به»، وكذلك أشارت المادة (30) من نظام قانون السجل العقاري العماني إلى ذلك حينما نصت على أنه: «...ويترتب على عدم التسجيل أن هذه الحقوق لا تكون حجة على الغير، ولا يكون لها من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين أطرافها». فالنصان السابقان لم يخصصا زمنًا معينًا لانتقال الملكية بل جاءا على إطلاقهما رغم إمكانية المشرع حصر انتقال الملكية بزمنٍ معين، وعليه فإن الملكية تنتقل بأثر فوري من لحظة التسجيل في السجل العقاري، ولو أراد المشرع غير ذلك لخصص الوقت كما فعل في دعوى صحة التعاقد عند النص على زمن انتقال الملكية من تاريخ التأشير في الصحيفة العقارية وليس من تاريخ التسجيل، أو من تاريخ إبرام العقد ولا حتى من تاريخ صدور الحكم النهائي.

والخلاصة هي أن المشرع العماني يجعل انتقال الملكية من تاريخ التسجيل بالسجل العقاري أخذًا برأي مناصري الأثر الفوري للتسجيل في السجل العقاري، مما يثير الإشكالات التي طرحها من يأخذ بالأثر الرجعي من ظهور أوضاع ظاهر واحتمالية تزاحم الحقوق وغيرها من الإشكالات سابقة الطرح.

الفرع الثالث: شكلية التصرفات العقارية

تشير النصوص القانونية في القانون العماني إلى أن الأصل هو رضائية العقود، فالمادة (899) تنص على أنه: «تنتقل الملكية وغيرها من الحقوق العينية في المنقول والعقار بالعقد متى استوفى أركانه وشروطه طبقًا لأحكام القانون»، أي أن الأصل في العقود أنها قائمة بمجرد توافر الأركان الأساسية من رضًا ومحل وسبب، بيد أن المشرع في المادة (901) قيد المادة (899) ونص على أنه: «لا تنتقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى في العقار سواء بين المتعاقدين، أو في حق الغير إلا بالتسجيل وفقا لأحكام القوانين الخاصة به»، أي أن التصرفات الناقلة للملكية قائمة صحيحة ولكن ملكية العقار فيها لا تنتقل إلا بالتسجيل في السجل العقاري، فالمشرع العماني جعل التسجيل شرطًا لانتقال الملكية وليس ركنًا لقيام العقد[43]، وهو ما أكدت عليه المحكمة العليا في الطعن رقم (397/2018) عندما قررت بأن: «تسجيل بيع العقار لدى أمانة السر لا يعد ركنًا من أركان عقد بيع العقار، أو شرطًا من شروط انعقاده، أو شكلًا خاصًا لا يتم العقد إلا به، وإنما هو إجراء استلزمه القانون لتنفيذ التزام البائع بنقل ملكية العقار، أو الحق العيني إلى المشتري، أثر ذلك أنه يستوي في بيع العقار أن تكون الملكية قد انتقلت إلى المشتري بالتسجيل، أو تراخى في نقلها إلى وقتٍ آخر»[44].

وتبقى العلة وراء جعل المشرع العماني التسجيل شرطًا لانتقال الملكية أمر مبهمًا، فقد تكون العقيدة الفكرية للمجتمع العماني المرتبطة بالشريعة الإسلامية والثقة في التعاملات التي ترتبها هي السبب وراء جعل التسجيل شرطًا وليس ركنًا؛ إذ إنه من المهين إخلاف المواثيق، أو تكذيب الطرف الآخر، وذلك في الحقيقة غير مستساغ، فالقانون أصبح يحكم جميع التصرفات الحياتية اليومية وإبرام العقود أهمها، وقد تكون غاية المشرع العماني من هذا النهج هو إمضاء العقود وعدم تعليقها على شكل معين يسهم في تقليل التعاملات العقارية؛ بيد أن ذلك أيضًا يخلق إشكاليات عديدة قد تؤدي إلى بطلان العقود، وربما حاول المشرع العماني بذلك إيجاد حالة من التوازن بين مفهوم الرضائية في العقود والتسجيل في السجل العقاري والحث عليه لتوفير الحماية على التصرفات العقارية، بيد أنه هدم مقتضى العقد في نقل الملكية وخلق فجوة زمنية بين قيام التصرف وانتقال الملكية للطرف الآخر، بحيث أنه أجاز بذلك التراخي في نقل الملكية ولو بمرور سنواتٍ عديدة على إبرام التصرف الناقل للملكية، وذلك من شأنه إعاقة الهدف الأساسي للتسجيل العقاري والمتمثل في إعلام الغير بالتصرفات الواقعة على العقارات فضلًا عن أنه قد يؤدي إلى ظهور نزاعات عديدة تؤدي إلى بطلان العقود، أو فسخها، وبالتالي ضياع هدف المشرع العماني المرجح من جعل التسجيل في السجل العقاري شرطًا لانتقال الملكية وليس ركنًا لقيام العقد وهو إمضاء العقود.

وأيًا كانت الغاية التي قصدها المشرع العماني من جعل التسجيل في السجل العقاري شرطًا لانتقال الملكية وليس ركنًا لقيام العقد؛ فإن ذلك يؤثر على وظائف السجل العقاري وتوفيره للحماية المطلوبة للحقوق العقارية؛ ولهذا، ولسد الفجوة الزمنية بين قيام العقد صحيحًا وبين التسجيل الذي ينقل الملكية كان الأولى جعل التسجيل في السجل العقاري ركنًا لقيام العقد وليس شرطًا لانتقال الملكية لا سيما وأن المشرع أخذ بشكلية العقد أي بجعل التسجيل ركنًا لقيام التصرف في الرهن التأميني؛ حيث إن من شأن جعل التسجيل ركنًا تجنب الكثير من الإشكالات، وتوفير الحماية المطلوبة للعقارات، وأما ما يبتغيه المشرع العماني من المحافظة على الرضائية وعدم إرهاق الأطراف بالشكلية، فذلك إن صح تسميته ضررًا يمكن التغاضي عنه في ظل الفوائد الجمة التي ستعم المجتمع بأكمله وسترفع من القيمة الاقتصادية بتوفير الحماية والاستقرار للعقارات، ولقد أدرك المشرع الأردني هذه الأهمية والحكمة البالغة لجعل التسجيل ركنًا للابتعاد عن إشكاليات الأوضاع الظاهرة وتزاحم الحقوق فنص في المادة (63) من قانون الملكية العقارية رقم 13/2019[45]، التي نصت على أنه: «لا تكون التصرفات، أو العقود، أو أي معاملات تجري على العقارات، أو المياه صحيحة ... إلا إذا سجلت لدى مديرية التسجيل ويعد باطلًا كل تصرف، أو عقد، أو معاملة أجري خلافًا لذلك»، وعليه فالأجدى للمشرع العماني حذو نهج المشرع الأردني في جعل التسجيل ركنًا، بيد أن ذلك لا بد أن يسبقه مسح وحصر شامل لكافة العقارات في السلطنة وتشجيع الأفراد على التسجيل في السجل العقاري، لأن تطبيق ركنية التسجيل في الوقت الحالي دون المسح الهندسي الشامل للعقارات وتسجيلها سيؤدي إلى إبطال الكثير من التصرفات السابقة، لذلك فالأفضل تشمير الجهد للقيام بمسح هندسي لكافة العقارات في السلطنة وبأسرع وقت قبل تفتت الملكية[46]، ومن ثَم جعل التسجيل في السجل العقاري ركنًا لقيام العقد.

خاتمة

توصل البحث إلى النتائج والتوصيات التالية:

أولًا: النتائج

-      إن نوع السجل العقاري الذي يتبناه المشرع العماني هو السجل العقاري العيني، بدلالة كل من المواد (2) و(14) و(19) من قانون نظام السجل العقاري العماني والمادة (15) من اللائحة التنفيذية لقانون نظام السجل العقاري والمادة (931) من قانون المعاملات المدنية.

-      تبين من خلال نصوص اللائحة التنفيذية للقانون أن الصحيفة العقارية مقسمة إلى خمسة أقسام، القسم المتعلق بالمعلومات العامة للعقار، وقسم الملكية، وقسم القيود القانونية، وقسم حقوق الارتفاق، وقسم التأشيرات الهامشية؛ إلا أنه تبين وجود تباين بين ما أوردته نصوص لائحة قانون نظام السجل العقاري وبين مكونات الصحيفة العقارية المعمول به في الواقع العملي.

-      يمنح المشرع العماني السجل العقاري حجية نسبية وليست مطلقة، فالتسجيل في السجل العقاري برهان قوي على ثبوت الحق، بيد أنه متى ما قامت بينة تدحض ما قيد في السجل العقاري سقطت حجيته ووجب إلغاء ذلك القيد.

-      التصرف غير المسجل لا ينقل ملكية العقار، ولا يحتج به في مواجهة الغير؛ ولكنه يرتب جميع الالتزامات الشخصية الناتجة عنه.

-      التصرف المسجل يرتب كافة الالتزامات الشخصية للتصرف، وينقل الملكية.

ثانيًا: التوصيات

-      يوصي البحث باستحداث منظومة إلكترونية من السجلات العقارية تعزز الوظيفة الحمائية التي تقوم بها السجلات العقارية.

-      يوصي البحث بجعل التسجيل في السجل العقاري ركنًا لقيام التصرفات العقارية وإنشاء الحقوق العقارية كحل جذري للإشكالات الناتجة عن تراخي الأطراف في التسجيل والفجوة الزمنية بين قيام العقد والتسجيل في السجل العقاري، بعد مسح هندسي شامل لكافة العقارات في السلطنة.

المراجع

أولًا: العربية

1.    الكتب والمجلات:

أبو السعود، رمضان. «طبيعة دعوى صحة التعاقد وتقادمها». مجلة كلية الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية، جامعة الإسكندرية، كلية الحقوق، مج20، ع1 (1990).

الجماعين، خليل عواد. «حكم البيع العقاري غير المسجل في القانون والقضاء الأردني». مجلة حقوق حلوان للدراسات القانونية والاقتصادية، جامعة حلوان- كلية الحقوق، ع22 (2020).

الجواد، حمدي عبد الجواد والشكيلي، سالم. شرح قانون الإثبات العماني. مركز الغندور، القاهرة، 2009.

حمدان، حسين عبد اللطيف. نظام السجل العقاري. منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، ط2، 2002.

خيري، محمد. العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي. دار نشر المعرفة، الرباط، 2014.

الدلوي، بمو برويز خان. «الأثر الكاشف للتسجيل في نقل ملكية العقار: دراسة تحليلية مقارنة في القانون المدني». مجلة الرافدين للحقوق، كلية الحقوق، جامعة لاموصل، ع 56 (2013).

الروبي، أسامة روبي عبد العزيز. الوسيط في شرح قانون الإثبات العماني. دار النهضة العربية، القاهرة، 2008.

زهرة، محمد المرسي. «نطاق حجية الحكم الصادر في دعوى صحة ونفاذ التعاقددراسة قضائية مقارنة». مجلة الحقوق، مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، مج9، ع3 (1985).

السنهوري، عبد الرزاق أحمد. الوسيط في شرح القانون المدني. دار إحياء التراث العربي، بيروت، [د. ت].

السيد، محمد مختار السيد. «تطور نظام الشهر العقاري في مصر». مجلة تطوير الأداء الجامعي، مركز تطوير الأداء الجامعي، جامعة المنصورة، مج18، ع1 (2022).

–––. «الطبيعة القانونية لنظام السجل العيني في القانون المصري وقوانين البلاد العربية». مجلة تطوير الأداء الجامعي، مركز تطوير الأداء الجامعي، جامعة المنصورة، مج22، ع1 (2023).

الصديق، عباس محمد طه. التسجيل العقاري في سلطنة عمان: الواقع والمأمول. دائرة النشر العلمي والتواصل، جامعة السلطان قابوس، سلطنة عمان، 2022.

عبد الحميد، أحمد أبو عيسى. «القوة المطلقة للقيد في السجل العقاري بين الرفض والتأييد». المجلة الجامعة، مج5، ع21 (2019).

العساف، تيسير عبد الله المكيد. الوظائف القانونية لسجل الأموال غير المنقولة، [رسالة دكتوراه]، جامعة عمان العربية، كلية الدراسات القانونية العليا الأردن، 2007.

الكرياني، سعيد. «حجية التقييدات الواردة على العقارات المحفظة». مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية، حميد اليسسفي، ع26 (2023).

النوافلة، يوسف أحمد. شرح قانون المعاملات الإلكترونية العماني. دار الكتاب الجامعي، الإمارات العربية المتحدة، 2021.

الهشامي، علي بن عزان. الآثار القانونية للتسجيل العقاري: دراسة مقارنة. ط2، دار الفكر والقانون، المنصورة، 2014.

الوكيل، شمس الدين. «أثر الغش على الأسبقية في التسجيل عند تزاحم المشترين على عقار واحد محاولة لوضع نظرية عامة في الغش». مجلة كلية الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية، جامعة الإسكندرية، مج8، ع1، 2 (1959).

2.    القوانين واللوائح:

قانون المعاملات الإلكترونية، سلطنة عمان، (69/2008)، 2008.

قانون المعاملات المدنية، دولة الإمارات العربية المتحدة، (5/198)5، 1985.

قانون المعاملات المدنية، سلطنة عمان، (29/2013)، 2013.

قانون الملكية العقارية الأردني، الأردن، (13/2019)، 2019.

قانون نظام السجل العقاري، سلطنة عمان، (2/1998)، 1998.

اللائحة التنفيذية لنظام السجل العقاري، سلطنة عمان، (29/99)، 1999.

3.    الأحكام القضائية:

المحكمة العليا، مدني، 108/2004، 2005.

المحكمة العليا، مدني، 1500/2016، 2017.

المحكمة العليا، مدني،1322/2016، 2017.

المحكمة العليا، نقض، مدني، 397/2018، 2019.

محكمة القضاء الإداري، إداري، (66)، 2017.

4.    المقابلات الميدانية:

خليل الشعيبي، رئيس قسم التراخيص العقارية؛ باحث قانوني سابق في أمانة السجل العقاري، وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، أمانة السجل العقاري، 4/9/2023.

ثانيًا: الأجنبية

References

ʻAbd al-Ḥamīd, Aḥmad Abū ʻĪsá. "al-qūwah al-muṭlaqah lil-Qayd fī al-Sijill al-ʻaqārī bayna al-rafḍ wa-al-taʼyīd", (in Arabic), Al-Majallah al-Jāmiʻah, vol. 55, no. 21 (2019).

Abū al-Saʻūd, Ramaḍān. "ṭabīʻat Daʻwá ṣiḥḥat al-taʻāqud wtqādmhā", (in Arabic), Majallat Kullīyat al-Ḥuqūq lil-Buḥūth al-qānūnīyah wa-al-iqtiṣādīyah, Jāmiʻat al-Iskandarīyah, Kullīyat al-Ḥuqūq, vol. 20, no. 1 (1990).

Al-ʻAssāf, Taysīr ʻAbd Allāh almkyd. Al-waẓāʼif al-qānūnīyah lsjl al-amwāl ghayr manqūlah (in Arabic), (Risālat duktūrāh), Jāmiʻat ʻAmmān al-ʻArabīyah, Kullīyat al-Dirāsāt al-qānūnīyah al-ʻUlyā Jordan, 2007.

Al-Dalawī, bmw brwyz Khān. "al-athar al-Kāshif lltsjyl fī naql Milkīyat al-ʻaqār: dirāsah taḥlīlīyah muqāranah fī al-qānūn al-madanī", (in Arabic), Majallat al-Rāfidayn lil-Ḥuqūq, Jāmiʻat Almawṣil-klyh alḥqwq-, Issue 56 (2013).

Alhshāmy, ʻAlī ibn ʻAzzān. Al-Āthār al-qānūnīyah lltsjyl al-ʻaqārī (dirāsah muqāranah), (in Arabic), 2nd ed., Dār al-Fikr wa-al-qānūn, almnṣwrt-mṣr, 2014.

Al-Jawwād, Ḥamdī ʻAbd al-Jawwād, wālshkyly, Sālim. Sharḥ Qānūn al-ithbāt alʻumāny, (in Arabic), Markaz al-Ghandūr, Cairo, 2009.

Aljmāʻyn, Khalīl ʻAwwād. "ḥukm al-bayʻ al-ʻaqārī ghayr almsjl fī al-qānūn wa-al-qaḍāʼ al-Urdunī", (in Arabic), Majallat Ḥuqūq Ḥulwān lil-Dirāsāt al-qānūnīyah wa-al-iqtiṣādīyah, Jāmiʻat ḥlwān-Kullīyat al-Ḥuqūq, Issue 22 (2020).

Alkryāny, Saʻīd. "Ḥujjīyat altqyydāt al-wāridah ʻalá al-ʻaqārāt almḥfẓh", (in Arabic), Majallat al-Būghāz lil-Dirāsāt al-qānūnīyah wa-al-Qaḍāʼīyah, Ḥamīd alyssfy, no. 26 (2023).

al-Nawāfilah, Yūsuf Aḥmad. sharḥ Qānūn al-muʻāmalāt al-iliktrūnīyah al-ʻUmānī (in Arabic), 1st ed., Dār al-Kitāb al-Jāmiʻī, al-Imārāt al-ʻArabīyah al-Muttaḥidah, 2021.

Al-Rūbī, Usāmah Rūbī ʻAbd al-ʻAzīz. al-Wasīṭ fī sharḥ Qānūn al-ithbāt alʻumāny (in Arabic), Dār al-Nahḍah al-ʻArabīyah, Cairo, 2008.

Al-Sanhūrī, ʻAbd al-Razzāq Aḥmad. Al-Wasīṭ fī sharḥ al-qānūn al-madanī (asbāb kasb al-Malakīyah maʻa al-Ḥuqūq al-ʻaynīyah al-aṣlīyah al-mutafarriʻah ʻan al-Malakīyah), (in Arabic), al-juzʼ al-tāsiʻ, Dār aḥyāʼ al-Turāth al-ʻArabī, Beirut, [n.d].

Al-Sanhūrī, ʻAbd al-Razzāq Ḥamad. Al-Wasīṭ fī sharḥ al-qānūn al-madanī (al-ʻuqūd allatī taqaʻu ʻalá al-Malakīyah (al-bayʻ), (in Arabic), vol. 4, Dār aḥyāʼ al-Turāth al-ʻArabī, Beirut, [n.d].

al-Sayyid, Muḥammad Mukhtār al-Sayyid. "al-ṭabīʻah al-qānūnīyah li-niẓām al-Sijill al-ʻAynī fī al-qānūn al-Miṣrī wa-qawānīn al-bilād al-ʻArabīyah". (in Arabic), Majallat taṭwīr al-adāʼ al-Jāmiʻī, Jāmiʻat almnṣwr-mrkz taṭwīr al-adāʼ al-Jāmiʻī, Egypt, vol. 22, no. 1 (2023).

–––. "Taṭawwur Niẓām al-shahr al-ʻaqārī fī Miṣr", (in Arabic), Majallat taṭwīr al-adāʼ al-Jāmiʻī, Jāmiʻat almnṣwr-mrkz taṭwīr al-adāʼ al-Jāmiʻī, Egypt, vol. 18, no. 1 (2022).

Alṣṣidyq, ʻAbbās Muḥammad Ṭāhā. Al-tasjīl al-ʻaqārī fī Salṭanat ʻumān (al-wāqiʻ wa-al-maʼmūl), (in Arabic), 1st ed., Jāmiʻat al-Sulṭān qābws-dāʼrh al-Nashr al-ʻIlmī wa-al-Tawāṣul, Sultanate of Oman, 2022.

Al-Wakīl, Shams al-Dīn. "Athar al-ghishsh ʻalá alʼsbqyh fī al-tasjīl ʻinda tzāḥm almshtryn ʻalá ʻAqqār wāḥid (muḥāwalah li-waḍʻ Naẓarīyat ʻāmmah fī al-ghishsh)", (in Arabic), Majallat Kullīyat al-Ḥuqūq lil-Buḥūth al-qānūnīyah wa-al-iqtiṣādīyah, Kullīyat alḥqwq-Jāmiʻat Aligzandria, vol. 8, no. 1, 2 (1959).

Ḥamdān, Ḥusayn ʻAbd al-Laṭīf. Niẓām al-Sijill al-ʻaqārī (in Arabic), 2nd ed., Manshūrāt al-Ḥalabī al-Ḥuqūqīyah, Beirut, 2002.

Khayrī, Muḥammad. Al-ʻaqār wa-qaḍāyā al-taḥfīẓ al-ʻaqārī fī al-tashrīʻ al-Maghribī (in Arabic), Ṭabʻah 2014, Dār Nashr al-Maʻrifah, Rabat, 2014.

Zahrah, Muḥammad al-Mursī. "niṭāq Ḥujjīyat al-ḥukm al-ṣādir fī Daʻwá ṣiḥḥat wa-nafādh al-taʻāqud (dirāsah qaḍāʼīyah muqāranah)", (in Arabic), Majallat al-Ḥuqūq, Jāmiʻat Majlis al-Nashr al-ʻIlmī, Kuait, vol. 9, no. 3 (1985).

 

 


 

ملحق رقم (1)
نموذج الصحيفة العقارية



* البحث مستل من رسالة ماجستير للباحثة مريم بنت راشد بن سعيد السعيدية بعنوان «الحماية المدنية للملكية العقارية في السجل العقاري العماني دراسة تحليلية»، برنامج ماجستير القانون الخاص، كلية الحقوق، جامعة السلطان قابوس، سلطنة عمان، أجيزت في 26/12/2023.

* The research is derived from the Master’s thesis of the primary author Maryam Rashid Said Alsaidi, titled “Civil Protection of Real Estate Property in the Omani Real Estate Registry - An Analytical Study”, in completion of the Master of Private Law program, College of Law, Sultan Qaboos University, Sultanate of Oman, awarded on 26/12/2023.

[1] عباس محمد طه الصديق، التسجيل العقاري في سلطنة عمان: الواقع والمأمول، جامعة السلطان قابوس، دائرة النشر العلمي والتواصل، سلطنة عمان، 2022، ص15.

[2] حسين عبد اللطيف حمدان، نظام السجل العقاري، ط2، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2002، ص29-39.

[3] علي بن عزان الهشامي، الآثار القانونية للتسجيل العقاري: دراسة مقارنة، ط2، دار الفكر والقانون، المنصورة، 2014، ص29-31.

[4] حمدان، ص23-25.

[5] محمد مختار السيد السيد، «الطبيعة القانونية لنظام السجل العيني في القانون المصري وقوانين البلاد العربية»، مجلة تطوير الأداء الجامعي، جامعة المنصور-مركز تطوير الأداء الجامعي، مصر، مج 22، ع 1 (2023)، ص175.

[6] قانون نظام السجل العقاري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 2/1998، سلطنة عمان، الصادر في 22 فبراير 1998، الجريدة الرسمية (618) بتاريخ: 1/3/1998.

[7] اللائحة التنفيذية لنظام السجل العقاري الصادرة بالقرار الوزاري رقم 29/99 في 5 سبتمبر 1999، الجريدة الرسمية (653) بتاريخ: 15/8/1999.

[8] استعرضت هذه الأقسام للصحيفة العقارية لائحة قانون السجل العقاري في المواد (17-21).

[9] محمد مختار السيد، «تطور نظام الشهر العقاري في مصر»، مجلة تطوير الأداء الجامعي، جامعة المنصور-مركز تطوير الأداء الجامعي، مج18، ع1 (2022)، ص164.

[10] السيد، «الطبيعة القانونية لنظام السجل العيني...»، ص178.

[11] مقابلة مع خليل الشعيبي، رئيس قسم التراخيص العقارية (باحث قانوني سابق في أمانة السجل العقاري)، وزارة الإسكان والتخطيط العمراني (أمانة السجل العقاري)، بتاريخ: 4/9/2023.

[12] قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 29/2013، سلطنة عمان، الصادر في 6 من مايو 2013، الجريدة الرسمية (1012)، بتاريخ: 6/5/2013.

[13] سليمان الشريف، «نظام الشهر العقاري ودوره في حماية الحقوق العينية العقارية دراسة تحليلية على ضوء التشريع والاجتهاد القضائي الجزائري»، مجلة العلوم الإنسانية، مج6، ع1 (2019)، ص50.

[14] الصديق، ص18.

[15] تيسير عبد الله المكيد العساف، الوظائف القانونية لسجل الأموال غير المنقولة، [رسالة دكتوراه]، جامعة عمان العربية، كلية الدراسات القانونية العليا الأردن، 2007.

[16] محمد خيري، العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، دار نشر المعرفة، الرباط، 2014، ص556.

[17] العساف، ص161، نقلًا عن إبراهيم أبو النجا، السجل العيني في التشريع المصري، الإسكندرية، 1978، ص351.

[18] السيد، «تطور نظام الشهر العقاري في مصر...»، ص164.

[19] أحمد أبو عيسى عبد الحميد، «القوة المطلقة للقيد في السجل العقاري بين الرفض والتأييد»، المجلة الجامعة، جامعة الزاوية - مركز البحوث والدراسات العليا، ليبيا، مج5، ع21 (2019)، ص93-110.

[20] سعيد الكرياني،«حجية التقييدات الواردة على العقارات المحفظة»، مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية، حميد اليسسفي، ع26 (2023)، ص269، نقلًا عن: ألطاف الوكيلي، الأثر التطهيري للتحفيظ العقاري بين مقتضيات النصوص القانونية وإكراهات الواقع، [رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة]، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار، جامعة محمد الأول، كلية الحقوق، وجدة 2006/2007.

[21] أسامة روبي عبد العزيز الروبي، الوسيط في شرح قانون الإثبات العماني، دار النهضة العربية، القاهرة، 2008، ص98-103؛ حمدي عبد الجواد وسالم الشكيلي، شرح قانون الإثبات العماني، مركز الغندور، القاهرة، 2009، ص44.

[22] قانون المعاملات الإلكترونية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 69/2008، سلطنة عمان، الصادر في 17 مايو 2008، الجريدة الرسمية (864) بتاريخ: 1/6/2008م، والمعدل بالمرسوم السلطاني رقم 6/2022 الصادر في 9 فبراير 2022، الجريدة الرسمية (1429) بتاريخ: 13/2/2022.

[23] يوسف أحمد النوافلة، شرح قانون المعاملات الإلكترونية العماني، دار الكتاب الجامعي، الإمارات العربية المتحدة، 2021، ص68.

[24] المرجع نفسه، ص240-248.

[25] مقابلة مع خليل الشعيبي، مرجع سابق.

[26] بمو برويز خان الدلوي، «الأثر الكاشف للتسجيل في نقل ملكية العقار: دراسة تحليلية مقارنة في القانون المدني»، مجلة الرافدين للحقوق، كلية الحقوق، جامعة الموصل، ع56 (2013)، ص8.

[27] عبد الرزاق حمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني: العقود التي تقع على الملكية (البيع)، ج4، دار أحياء التراث العربي، بيروت، [د. ت]، ص 474.

[28] المرجع نفسه، ص475-477.

[29] خليل عواد الجماعين، «حكم البيع العقاري غير المسجل في القانون والقضاء الأردني»، مجلة حقوق حلوان للدراسات القانونية والاقتصادية، كلية الحقوق، جامعة حلوان، ع22 (2020)، ص334.

[30] تنص المادة (385) من قانون المعاملات المدنية العماني على أنه: «يكون التسليم بوضع المبيع تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون حائل، ولو لم يستول عليه استيلاء ماديا ما دام البائع قد أعلمه بذلك، ويحصل هذا التسليم على النحو الذي يتفق مع طبيعة المبيع».

[31] قانون المعاملات المدنية رقم 5/1985، دولة الإمارات العربية المتحدة، الصادر في 15 ديسمبر 1985، المنشور في الجريدة الرسمية (158) بتاريخ: 21/3/1985.

[32] رمضان أبو السعود، «طبيعة دعوى صحة التعاقد وتقادمها»، مجلة كلية الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية، كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، مج20، ع1 (1990)، ص21-24.

[33] محمد المرسي زهرة، «نطاق حجية الحكم الصادر في دعوى صحة ونفاذ التعاقد (دراسة قضائية مقارنة)»، مجلة الحقوق، مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، مج9، ع3 (1985)، ص185-188.

[34] تنص المادة (904) من قانون المعاملات المدنية على أنه: «يثبت الحق في الشفعة: 1- للشريك في نفس المبيع، 2- للخليط في حق المبيع».

[35] شمس الدين الوكيل، «أثر الغش على الأسبقية في التسجيل عند تزاحم المشترين على عقار واحد (محاولة لوضع نظرية عامة في الغش)»، مجلة كلية الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية، كلية الحقوق- جامعة الإسكندرية، مج8، ع1، 2 (1959)، ص63.

[36] المحكمة العليا بسلطنة عمان، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها في الفترة من 1 /10 /2009 وحتى 30 /6 /2010، الطعنان رقما 32 و72/2009، بتاريخ 18/10/2009، السنة القضائية العاشرة، المبدأ رقم 15، ص88-106.

[37] المحكمة العليا بسلطنة عمان، مجموعة الأحكام الصادرة عن دائرة المحكمة الشرعية والدائرتين المدنيتين الأولى والثانية، لسنة 2005، الطعن رقم 108/2004، الصادر بتاريخ 18/1/2005، المبدأ رقم 2، ص350-353.

[38] محكمة القضاء الإداري في سلطنة عمان، مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها محكمة القضاء الإداري في العام القضائي السابع عشر، بالاستئناف رقم (66) لسنة (17) ق.س، الصادر بتاريخ 23/1/2017، 2016-2017، رقم الإيداع:1302/2019، المكتب الفني، مسقط، ص1766-1780. (يجدر التنبيه إلى أن الأحكام الإدارية في هذه الفترة تكون نهائية ولا مجال للطعن عليها في المحكمة العليا؛ حيث لم تكن هناك دائرة في المحكمة العليا معنية بالطعون الإدارية).

[39] المحكمة العليا بسلطنة عمان، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها في الفترة من 1/10/2016 وحتى 30/6/2018، الطعن رقم 1500/2016، الصادر بتاريخ 30/1/2017، س ق 17 و18، المبدأ رقم 131، ص620-622.

[40] السنهوري، ص512.

[41] المرجع نفسه.

[42] المرجع نفسه، ص513-515.

[43] كذلك استقرت المحكمة العليا في الطعن رقم 1322/2016 على أنه: «إن تطابق الإيجاب والقبول من طرفي عقد البيع ينتج أثره، ويصبح العقد مبرمًا بينهما، وإن تم خارج دائرة السجل العقاري، إذ إن قانون السجل العقاري لم يغير من الطبيعة الرضائية لعقد البيع، وعليه فالعقد ينتج جميع آثاره بمجرد تمام انعقاده فيما عدا نقل الملكية الذي يتراخى فيه لحين إتمام التسجيل». المحكمة العليا بسلطنة عمان، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها في الفترة من 1/10/2016 وحتى 30/6/2018، الطعن رقم 1322/2016، الصادر بتاريخ 30/1/2017، 2017، المبدأ رقم 47، ص184-189، س ق 17 و18.

[44] سلطنة عمان مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة المدنية (أ) بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها في الفترة من 1 /10 /2018 وحتى 30 /9 /2019، الطعن رقم 397/2018، بتاريخ 10/1/2019، 2019، المبدأ رقم 28، ص228-232.

[45] قانون الملكية العقارية الأردني رقم 13/2019، الجريدة الرسمية (5573) بتاريخ: 16/5/2019، المعدّل بموجب القانون 23/2023 ، المنشور بالجريدة الرسمية (5881) بتاريخ: 17/9/2023.

[46] أبرز الأمثلة على تفتت الملكية أنه عند انتقال العقار من المورث إلى ورثته يقسم فيما بينهم، وبالتالي يصبح العقار مجموعة من العقارات لملاك جدد، أو تقسيم العقار بين المالكين على الشيوع وهكذا.