Submitted: 25/2/2022

Revised: 27/3/2022

Accepted: 3/4/2022

العدالة في زمن الأزمة الصحية - دراسة مقارنة

عبد الرؤوف اللومي

أستاذ مشارك، كلية الشرطة، قطر؛ وكلية الحقوق، جامعة صفاقس، تونس

elloumi1@gmail.com

ملخص

تهدف الدراسة إلى تحديدِ القواعد القانونية التي يمكن اللجوء إليها لمجابهة فيروس كوفيد-19؛ بتعليق آجال التقاضي والطعون وتنظيم عمل المحاكم خلال هذه الأزمة الصحية؛ للحفاظ على حقوق المتقاضين، ولتفادي شلل قطاع العدالة.

اعتمدت الدراسة المنهج التحليلي النقدي المقارن، الذي يعتمد على تفكيك الإجراءات الأساسية التي تم اتخاذها بعد انتشار فيروس كوفيد-19، ومن ثَمَّ دراستها بتعمقٍ؛ لمحاولة استنباط قواعدَ جديدةٍ يمكن اللجوء إليها كلما وُجدَت الدولة في نفس الظروف.

بينت الدراسة نقص الحلول المعتمدة في بعض الدول، والحاجة لاعتماد نصوص قانونية تتميز بعموميتها وبحلولها غير الظرفية. ومن بين الحلول اعتبار فيروس كوفيد-19 أو إجراءات الحجر من قبيل القوة القاهرة. وقد أكدت الدراسة الحاجة لاتخاذ بعض التدابير التنظيمية بالنسبة إلى الجلسات الحضورية، وأهمية اللجوء للإجراءات الإلكترونية والمحاكمة عن بعد؛ لضمان تواصل عمل المحاكم.

تُعد الدراسة الأولى من نوعها التي تهتم بالعدالة الإجرائية في زمن الأزمات الصحية بطريقة مقارنة.

الكلمات المفتاحية: عدالة، أزمة صحية، فيروس كوفيد-19، آجال التقاضي، تعليق، قوة قاهرة، جلسات حضورية، محاكمة عن بعد

 

للاقتباس: اللومي، عبد الرؤوف. "العدالة في زمن الأزمة الصحية - دراسة مقارنة»، المجلة الدولية للقانون، المجلد الثاني عشر، العدد المنتظم الأول، 2023

© 2023، اللومي، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه؛ طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.

 


 

Submitted: 25/2/2022

Revised: 27/3/2022

Accepted: 3/4/2022

Justice in a Time of Health Crisis - A Comparative Study

Abderraouf Elloumi          

Associate Professor, Police College, Qatar; College of Law, University of Sfax, Tunisia

elloumi1@gmail.com

Abstract

The study aims to determine the legal rules that can be resorted to confront the COVID-19 virus, by suspending the time limits for litigation and appeals, and organizing the work of courts during this health crisis, to preserve the rights of litigants and avoid the paralysis of the justice sector.

The study adopted the comparative-critical analytical method, which depends on dismantling the basic measures that were taken after the spread of the Covid-19 virus, and then studying them in depth, to try to devise new rules that can be used whenever the state finds itself in the same circumstances.

The shortcomings of the solutions adopted in some countries indicate the need to adopt legal texts that are characterized by generality and non-circumstantial solutions. Among the solutions is that of considering the COVID-19 virus or quarantine measures as force majeure. The study confirmed the need to take some organizational measures with regard to the in-person sessions and the importance of resorting to electronic procedures and remote trial to ensure the continued work of the courts.

The study is the first of its kind that deals with procedural justice in a time of health crisis in a comparative way.

Keywords: Justice; Coronavirus disease (COVID-19); Time limits for litigation; Force majeure; Distance trial

Cite this article as Elloumi, A. "Justice in a Time of Health Crisis - A Comparative Study," International Review of Law, Volume 12, Regular Issue 1, 2023

© 2023, Elloumi, licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.

 

 

 


 

المقدمة

يُظهر التحليل المعمق للمكونات الداخلية للأزمات[1] - بصفةٍ عامةٍ - مجموعةً من السمات المشتركة بين جميعها؛ إذ تشير كل أزمة بالضرورة إلى الانتقال من حالة الاستقرار إلى حالة الاضطراب[2]. وللأزمات مزايا في بعض الأحيان؛ لأنها تكشف عن أوجه القصور وتدفع إلى اعتماد الإصلاحات اللازمة[3]. لذلك فإن الأزمة تتطلب اتخاذ قرار، والقيام بعمل للتغلب على الصعوبات. فالأزمة تُعتبر وضعًا غيرَ عاديٍ[4] يتسم بعدم استقراره، ويتطلب تبنِّي حوكمة محددة للعودة إلى نمط الحياة المعتاد[5].

وتعني الأزمة الصحية :"الوضع الذي ينشأ فجأةً ويهدد بشكلٍ واسعِ النطاق حياةَ الأفراد وكل الأنشطة المعتادة؛ بحيث يؤدي إلى تعطلها بطريقة تخلق الفوضى والاضطراب"[6]. ولعل أزمة كوفيد-19 تعتبر خيرَ مثالٍ على ذلك. فقد أدى الانتشار السريع لفيروس كوفيد-19[7]، إلى اتخاذ عديد البلدان لتدابيرَ استثنائيةٍ؛ للمحافظة على الصحة العامة[8]، بما فيها فرض قيود على حرية الأشخاص في التنقل والتجمع. ولئن استطاعت بعض الدول تجنُّب اللجوء للمنع الشامل للجولان، مثل قطر[9]، إلَّا أن بعض الدول الأخرى اضطرت للجوء إلى تدابيرَ قاسيةٍ للسيطرة على انتشار الفيروس[10]. وقد تم في تونس اعتماد منع الجولان بكامل تراب الجمهورية[11]، ثم وقع تحديد الجوَلَان والتجمعات خارج أوقات المنع[12]؛ إلا لقضاء الحاجيات الأساسية أو لأسبابٍ صحيةٍ مستعجلةٍ[13]، وهو ما نتج عنه شلُّ عديد القطاعات الحيوية ومنها قطاع العدالة.

ورغم أن قطر لم تعلن منع الجولان؛ إلا أن تطور انتشار الفيروس أدى إلى تعليق العمل بالمحاكم، من قبل المجلس الأعلى للقضاء[14]، إلى فترةٍ امتدت لأكثرَ من ثلاثةِ أشهرٍ[15]؛ بما يؤكد الجوانب السلبية للجائحة والحاجة لقواعدَ تكرس العدالة الإجرائية.

تعريف موضوع البحث وبيان نطاقه: يُقصَد بالعدالة الإجرائية تطبيقُ القواعد القانونية والتقاضي وفق إجراءاتٍ عادلةٍ تُراعي المصلحة العامة وظروف الأشخاص، خاصةً في الأزمات الصحية والحالات الاستثنائية. وبما أن النصوص القانونية التي تم اتخاذها بعد انتشار فيروس كوفيد-19 قد كانت متعددة ومتنوعة وشملت عديد المجالات، فإن عبارة العدالة الإجرائية تشمل في هذه الدراسة جميع جوانب الإجراءات المدنية والجزائية والإدارية وحتى المالية أو الجبائية؛ لكن مع التركيز أكثر على الإجراءات المدنية والجزائية.

أهمية الموضوع وأهدافه

يثير موضوع البحث عديد الإشكالات المتعلقة بطريقة التعامل مع انتشار الفيروس ومع الأزمات بصفةٍ عامةٍ، ومن بينها بيان ما إذا كان من الضروري تدخُّل المشرِّع وتحديد طريقة تدخله، بمعنى هل يتعين سنُ قوانينَ ظرفيةٍ، أم عامةٍ؛ بحيث تستوعب جميع الحالات التي يتعذر فيها على المتقاضِي احترام إجراءات التقاضي.

ويعتبر موضوع الدراسة هامًا جدًا بالنسبة إلى المتقاضين؛ لأنه يهتم بطريقة تنظيم عمل المحاكم أثناء الأزمات وأهمية رقمنة التقاضي. ومن بين أهداف البحث معرفة أفضل الطرق للتعامل مع الأزمات ومحاولة دراسة مدى الحاجة لتعديل النصوص القانونية الموجودة، خاصةً تلك المتعلقة بالإجراءات، والتي لا تتماشى والتكنولوجيات الحديثة.

نتيجةً لانتشار فيروس كوفيد-19؛ أصدرت وزارة العدل التونسية بلاغًا في 21 مارس 2020، يخص مواصلة تعليق العمل في المحاكم وعدم تنظيم الجلسات وغيرها من الأنشطة الممكن إرجاؤها؛ وذلك حفاظًا على سلامة الجميع[16]. ولنفس الغاية تدخل المجلس الأعلى للقضاء - وفق ما تخوله له صلاحياته الدستورية[17] - وأعلن في مذكرة بتاريخ 15 مارس 2020، عن اتخاذ بعض التدابير الاستثنائية، المتمثلة في تأجيل جميع جلسات القضايا المدنية والعقارية والجزائية والجلسات المكتبية، بما في ذلك الجلسات الصلحية وجلسات القضاء الإداري والمالي بقرارٍ إداريٍ من المسؤولين على المحاكم إلى ما بعد تاريخ 4 أبريل 2020[18].

ولتفادي شلل هذا القطاع الحيوي وللحفاظ على حقوق المتقاضين، وتطبيقا للقانون المؤرخ في 12 أبريل 2020[19]؛ أصدر رئيس الحكومة التونسي المرسومَ عدد 8 لسنة 2020 المؤرخ في 17 أبريل 2020، الذي يهم تعليق الإجراءات والآجال[20]. ولمجابهة فيروس كوفيد-19؛ صدرت أيضًا عدةً نصوصٍ قانونيةٍ هدفها تنظيم عمل المحاكم خلال الأزمة الصحية، ومنها مرسوم من رئيس الحكومة عدد 12 لسنة 2020، مؤرخ في 27 أبريل 2020، يتعلق بإتمام مجلة الإجراءات الجزائية[21]، والمرسوم الصادر من رئيس الحكومة عدد 17 لسنة 2020، مؤرَّخ في 12 مايو 2020، المتعلق بالمعرِّف الوحيد للمواطن[22].

وعلى الصعيد الدولي، لجأت عديد الدول إلى التدخل العاجل عبر سنِ عدة قواعدَ؛ لمنع تعطل مصالح المتقاضين وضياع حقوقهم. ففي فرنسا خوَّل الفصل 11 من القانون الصادر في 23 مارس 2020[23] للحكومة اتخاذَ أي إجراءٍ من أجل التعامل مع عواقبِ انتشار كوفيد-19 والحد من انتشاره[24]. وفي سويسرا اتُّخذت عدةُ إجراءاتٍ تتعلق بتعليق التتبعات[25].

ورغم كل الإجراءات التي وقع أخذها؛ فقد تعطّل العمل بالمحاكم باستثناءِ النزاعات المهمة التي لا تقبل التأجيل أو التأخير. ونتج عن انتشار الفيروس غلق المؤسسات وتأجيل الجلسات، الأمر الذي انعكس سلبًا على قطاع المحاماة[26]، بما يدلُّ على عمق الأزمة[27]. كما أدَّى انتشار الفيروس إلى إصابةِ عديد المؤسسات بالشلل التام أو النسبي، الأمر الذي استوجب تدخُّل الدول[28] لإقرار المساعدات للأشخاص الأكثر تضررًا[29]. ونتيجةً للأزمة الصحية وما نتج عنها من تعطل العمل، تمَّ في تونس التخلي عن غرامات التأخير التي لم يتم دفعها والموظفة على إنجاز الصفقات العمومية الجارية والمترتبة بصفةٍ مباشرةٍ أو غيرِ مباشرةٍ عن انتشار فيروس كورونا[30]. أما في قطر فقد اتُّخذَت جملةٌ من الإجراءات الرامية إلى التخفيف من وقع الأزمة الصحية على القطاع الاقتصادي بشكل عام وعلى المؤسسات التي تمر بصعوبات بشكل خاص؛ ومنها: توجيه بنك قطر للتنمية بتأجيل الأقساط لجميع المقترضين لمدة ستة أشهرٍ، وقيام المصرف المركزي بتوفير سيولة إضافية للبنوك العاملة بالدولة[31].

ورغم أن الأزمة الصحية قد تؤدي إلى إغلاق جزءٍ من قطاع العدالة؛ إلَّا أن هذا الإغلاق لا يمكن أن يستمر لفترة طويلة، كما أن القضايا الاستعجالية لا بد أن يستمر النظر فيها - ولو في ظل الأزمة الصحية - بالنظر إلى طابعها المتأكد. وقد بين انتشار الفيروس الحاجة المُلحَّةِ لنظام إجراءاتٍ متزنٍ ومتأقلمٍ مع الوضع الصحي الخطير.

إشكالية البحث

تبعًا لكل ما سبق ذكره؛ يمكن طرح الإشكالية التالية: هل استطاع المشرِّع تجاوز المشاكل المتعلقة بالحجر والتباعد الاجتماعي لتحقيق عدالة قضائية سريعة وناجعة؟ أم أن نقص الإجراءات المتخذة انعكست سلبًا على عمل المحاكم؛ لعدم أخذها بعين الاعتبار واقع المحاكم؟

منهج البحث

من أجل الإجابة عن هذه الإشكالية، سعى الباحثُ إلى استعمال المنهج التحليلي، الذي يعتمدُ على تفكيك الإجراءات الأساسية التي تم اتخاذها بعد انتشار فيروس كوفيد-19، ومن ثَمَّ دراستها بتعمقٍ؛ لمحاولة استنباط قواعدَ جديدةٍ يمكن اللجوء إليها كلما وُجِدَت الدولة في نفس الظروف. كما تم استعمال المنهج المقارن من خلال عقد مقارنات عديدة بين عديد القوانين وخاصة القانون القطري والقانون التونسي، التي تم التركيز عليها، دون إهمال قوانين بعض الدول الأخرى؛ مثل القوانين الفرنسية والكويتية والعراقية والفلسطينية...، التي تم الاستعانة بها لتأكيد موقفِ مشرع ما أو لبيان أوجه الاختلاف مع قوانينَ أخرى. وقد مكَّن المنهج المقارن من إيجاد أوجه التشابه والاختلاف بينٍ مختلف المواقف والنصوص التي تم اتخاذها بمناسبة انتشار الفيروس؛ سعيًا لعلاج الإشكاليات المطروحة، وبهدف الوصول إلى نتائج وتوصيات يمكن الاستفادة منها مستقبلًا.

خطة البحث

للإجابة عن الإشكالية التي تم طرحها؛ سنتعرض إلى الإجراء القاضي بتعليق آجال التقاضي والطعون (المبحث الأول) لنمرَّ إلى تنظيم عمل المحاكم خلال الأزمة الصحية (المبحث الثاني).

المبحث الأول: الإجراء القاضي بتعليق آجال التقاضي والطعون

للحد من الانتشار السريع لفيروس كوفيد-19؛ اضطُّرت عديد الدول لاتخاذ إجراءٍ يقضي بتعليقِ آجالِ التقاضي والطعون، الذي يتعين إبرازُ مضمونِه (المطلب الأول) قبل المرور لبيان ضرورة تكريس القوة القاهرة في مادة الإجراءات المدنية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: مضمون الإجراء القاضي بتعليق آجال التقاضي والطعون

نتيجةً لانتشار فيروس كوفيد-19 وتصنيفه، بصفةٍ مباشرةٍ أو غيرِ مباشرةٍ، ضمن قائمة الأمراض المعدية أو السارية والخطرة[32]، مع ما يتطلبه ذلك من إجراءاتٍ وقائيةٍ وعقابيةٍ[33]، وباتخاذ السلطات لإجراءاتٍ تتعلق بتعليق التجمعات ومنع الجَوَلَان، مع ضمان استمرارية المرافق الحيوية[34]؛ كتلك المتعلقة بأعوان قوات الأمن الداخلي والعسكريين والديوانة والأعوان العاملين بالهياكل والمؤسسات الصحية العمومية[35]؛ حيث أصبحت إمكانية تجاوز الآجال القانونية من قبل المتقاضين من المسائل الواردة جدًا، بما يفرض إيجادَ الحلول القانونية المناسبة.

ولتفادي هذا الإشكال؛ حاولت بعض الدول التي يغيب فيها نصٌ عامٌ التدخلَ لتنظيم الإجراءات وطريقة احتساب الآجال في ظل الجائحة، ومنها دولة الكويت[36]. أمَّا في قطر فإن السلطات فضَّلت عدم التدخل[37]، وتركت المجال مفتوحًا للمجلس الأعلى للقضاء الذي قام بتعليق العمل بالمحاكم، ابتداءً من 15 مارس 2020 إلى 28 يونيو من نفس السنة؛ أي لفترة امتدت لأكثر من ثلاثة أشهر[38]. وقد تم في هذا الإطار تعليق جلسات محكمة الاستئناف والمحكمة الابتدائية ولجان فض المنازعات العمالية ولجان فض المنازعات الإيجارية. وفي المقابل حرص المجلس الأعلى للقضاء على استمرار النظر في الأمور المستعجَلة وتحديد المواعيد الجديدة بالنسبة إلى الجلسات المؤجَّلة، كما اهتم بتنظيم عمل المناوبة للقضاة بكل محكمة. ويمكن للمتقاضين تقديم طلبات تسجيل الدعاوى العاجلة والطعون عن طريق البوابة الإلكترونية للمجلس[39] أو الحضور بموعدٍ مسبقٍ[40]. ولضمان سلامة المتقاضين والمراجعين؛ حرص المجلس الأعلى للقضاء على توفير بريدٍ إلكترونيٍ لكل دائرة تتبع المحكمة الابتدائية؛ لضمان سير العمل بالمحاكم[41].

ورغم أن المادة 137 من الدستور القطري تنصُّ على أنه: "يكون للقضاء مجلسٌ أعلى يشرف على حسن سير العمل في المحاكم والأجهزة المعاوِنة لها"، إلا أن القانون رقم (10) لسنة 2003، المؤرَّخ في 12 أغسطس 2003، بإصدار قانون السلطة القضائية[42]، لم يوضح بالتدقيق صلاحياتِ المجلس فيما يتعلق بالمادة الإجرائية. وقد اكتفت المادة 23 من هذا القانون بإسناد عديدِ الاختصاصات المتعلقة خاصةً بإبداء الرأي في المسائل المتعلقة بالقضاء وتعيين القضاة والنظر في التظلمات. وقد يذهب البعض إلى اعتبار أن المادة 23-4 تشكل الأساس القانوني لتدخُّلِ المجلس الأعلى للقضاء خلال جائحة كوفيد-19، بالإضافة إلى المادة 137 من الدستور القطري؛ إذ أنها تنص صراحةً على أن المجلس الأعلى يتولى: "الاختصاصات الأخرى التي يعهد إليه بها أيُ قانونٍ آخر، والموضوعات التي يرى رئيس المجلس عرضها عليه"[43].

وقد كان تدخل المجلس الأعلى للقضاء في قطر مسألةً حتميةً؛ للمحافظة على الصحة العامة ولحماية حقوق كافة المتدخلين، رغم أنه كان من الأفضل التدخل في هذا المجال بقانونٍ؛ نظرًا لحساسية المواد الإجرائية وتأثيرها على مآل الدعاوى. ويُعتبر تدخل المجلس الأعلى للقضاء بدلًا عن المشرِّع حالة ًنادرةً؛ إذ أن أغلب الدول الأخرى فضَّلت التدخل عن طريق القوانين لحسم الإشكالات المتعلقة بآجال التقاضي.

وبالنسبةِ إلى تونس، وتطبيقًا للقانون المؤرَّخ في 12 أبريل 2020[44]؛ أصدر رئيس الحكومة المرسوم عدد 8 لسنة 2020 المؤرَّخ في 17 أبريل 2020، يتعلق بتعليق الإجراءات والآجال[45]، وقد جاء في الفصل الأول من المرسوم ما يلي: "تُعلَّق الإجراءاتُ والآجال المنصوص عليها بالنصوص القانونية الجاري بها العمل وخاصةً تلك المتعلقة برفع الدعاوى وتقييدها ونشرها واستدعاء الخصوم والإدخال والتداخل، والطعون - مهما كانت طبيعتها - والتبليغ والتنبيه والمطالب والإعلامات ومذكرات الطعن والدفاع والتصاريح والترسيم والإشهارات والتحيين والتنفيذ والتقادم والسقوط. كما تُعلَّق الآجال والإجراءات المتعلقة بالالتزامات المُعلَّقة على شرطٍ أو أجلٍ. وتُعلَّق آجالُ وإجراءات التسوية والتتبع والتنفيذ المتعلقة بالشيكات. ويترتب عن التعليق توقف سريان جميع الفوائض وغرامات التأخير والخطايا".

ورغم أهمية هذا المرسوم؛ إلا أنه يبقى منقوصًا بالنظر إلى أن مجال انطباقه الزمني محدودٌ بالفصل 2 منه[46]؛ بحيث يمتد من 11 مارس 2020 إلى ما بعد شهر من تاريخ نشر أمرٍ حكوميٍ في الغرض. وتُعتبر صياغة الفصل 2 من المرسوم غيرَ واضحةٍ؛ لأنه قد يُفهم منها أن تعليق الإجراءات والآجال ينتهي بعد شهر من نشر أمر حكومي يتعلق بإنهاء الحجر الصحي الشامل[47]؛ وبما أن الحجر الصحي الشامل بدأ يوم 20 يناير 2020[48] فإن التعليق ينقضي بعد شهر من نشر أمر حكومي يتعلق بإنهاء الحجر الصحي الشامل، وهو ما تم في 3 يوليو 2020[49]؛ أي أن تعليق الأجل من المفروض حسب هذا الفهم أن ينتهي في 3 أغسطس 2020.

لكن قد يُفهم بتأويل حرفي للفصل 2 من المرسوم عدد 8 لسنة 2020 المؤرخ في 17 أبريل 2020 ألَّا مجال للربط بين تاريخ رفع الحجر الصحي الشامل وبين تاريخ استئناف احتساب الآجال، وأنه يتعين تبعًا لذلك صدور "أمرٍ حكوميٍ في الغرض"، أي يفيد بانتهاء تعليق الآجال، وهو ما تم فعلًا بالأمر الحكومي عدد 311 لسنة 2020، المؤرَّخ في 15 مايو 2020[50]، والذي جاء في فصله الأول ما يلي: "ينطلق احتساب أجل الشهر المنصوص عليه بالفصل 2 من مرسوم رئيس الحكومة عدد 8 لسنة 2020 المؤرخ في 17 أبريل 2020 المشار إليه أعلاه ابتداءً من تاريخ نشر هذا الأمر الحكومي بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية". وبما أن هذا الأمر الحكومي وقع نشره بالرائد الرسمي يوم 15 مايو 2020؛ فإن إعادة احتساب الآجال تبدأ من يوم 15 يونيو 2020. وقد رَفعَ الأمرُ الحكومي عدد 311 لسنة 2020، الالتباسَ الذي كان موجودًا في المرسوم عدد 8 لسنة 2020.

وتثير صياغة المرسوم عدد 8 لسنة 2020، إشكالًا يتعلق بمدى صحة إجراءات التبليغ التي قام بها المتقاضون خلال فترة الحجر الصحي؛ خاصةً أنه دخل حيز التنفيذ في 22 مارس 2020، في حين أن تعليق الإجراءات جاء بعد قرابة الشهر؛ أي في 17 أبريل من نفس السنة. ينص الفصل 14 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية (م.م.م.ت.) على أنه: "يكون الإجراء باطلًا إذا نص القانون على بطلانه أو حصل بموجبه مساسٌ بقواعد النظام العام وأحكام الإجراءات الأساسية". من الواضح أن هذا الفصل يُكرِّس في المادة الإجرائية قاعدة َ"لا بطلان بدون نصٍ" باستثناء حالة المساس بقواعد النظام العام أو بأحكام الإجراءات الأساسية، وتطبيقًا لذلك؛ فإن الإجراءات التي حرص أحد الأطراف على القيام بها في فترة الحجر تعتبر - حسب رأينا - صحيحةً من الناحية القانونية؛ بما أن المرسوم لم ينص على بطلان الإجراءات التي تمت خلال تلك الفترة.

كما أن من نقائص المرسوم عدد 8 لسنة 2020 أنه لا ينطبق على حالات الحجر الصحي التي جاءت مع انتشار الموجة الثانية والثالثة من الفيروس[51].

ورغم أن عبارات الفصل الأول من مرسوم 17 أبريل 2020 قد توحي بامتداده إلى جميع مجالات وفروع القانون تقريبا، بما يجيز تعليق جميع الإجراءات والآجال القانونية خلال فترة الحجر الصحي؛ إلاَّ أن الفصل الثالث نصَّ بصفةٍ صريحةٍ على أنه: "لا تنطبق أحكام هذا المرسوم على آجال الطعن المتعلقة بقضايا الموقوفين وآجال الاحتفاظ والإيقاف التحفظي وإجراءات التنفيذ الخاصة بالمفتَّشٍ عنهم وآجال التتبع وسقوط العقوبات". ويتضح من هذا الفصل أن مجال الانطباق الموضوعي لا يشمل الإجراءات الجزائية؛ مما يعني أن التعليق لا يشمل آجال سقوط الدعوى ولا آجال سقوط العقاب، على خلاف ما نص عليه المشرِّع الفرنسي، الذي علق تلك الآجال ابتداءً من 12 مارس 2020[52]. وقد يُفسَّر موقف المشرِّع التونسي بالرغبة في صيانة حقوق المحكوم عليهم وكذلك الموقوفين[53].

كما أن مجال المرسوم يبقى غامضًا نوعًا ما؛ لأن التأمل في القائمة الواردة صلب الفصل الأول قد ُيفهم منها أنها تقتصر فقط على الإجراءات القضائية، بما يثير الشك حول مجاله[54]. وما يؤكد الشكوك حول مجال مرسوم 17 أبريل 2020 أن رئيس الحكومة تدَخَّل بمقتضى مراسيمَ أخرى لتنظيم بعض الإجراءات في بعض المجالات الخاصة، مثل المرسوم عدد 2 لسنة 2020، المؤرخ في 14 أبريل 2020، يتعلق بسن أحكامٍ استثنائيةٍ وظرفيةٍ بخصوص تعليق العمل ببعض أحكام مجلة الشغل[55]، والمرسوم عدد 6 لسنة 2020، المؤرخ في 16 أبريل 2020، المتعلق بسن إجراءاتٍ جبائيةٍ وماليةٍ؛ للتخفيف من حدةِ تداعيات انتشار فيروس كورونا "كوفيد-19"[56] وكذلك المرسوم عدد 14 لسنة 2020، مؤرخ في 27 أبريل 2020، يتعلق بسن أحكامٍ ظرفيةٍ واستثنائيةٍ؛ لتعليق الإجراءات والآجال أو تمديدها في مجالي الضمان الاجتماعي والمنافع المُسداة من قبل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي[57]. كما صدر أيضًا مرسومٌ من رئيس الحكومة عدد 13 لسنة 2020 مؤرخ في 27 أبريل 2020، يتعلق بمراجعة الآجال الخاصة بإنجاز الاستثمار والانتفاع بالحوافز[58]. وتُبرِز المراسيم المذكورة التضخم غير الصحي[59] للنصوص المتعلقة بتعليق احتساب الآجال، كما تثير مشكلة عدم انسجام مدد تعليق الإجراءات؛ لأنها تختلف بحسب المادة، بما يُعقِّد عملية احتساب الآجال القانونية. وقد كان بالإمكان جعل المرسوم عدد 8 لسنة 2020 عامًا؛ ليشمل تعليق جميع الإجراءات بدل التدخل بمراسيمَ أخرى في مجالاتٍ عديدةٍ وبمددِ تعليقٍ للآجال متباعدة بطريقة تُبرِز غيابَ رؤيةٍ واضحةٍ وموحدةٍ للتعامل مع الجائحة.

 ونفس الإشكالِ تقريبًا طُرح في الكويت بخصوص القانون رقم 5 لسنة 2020، بتعديل المادة 17 من قانون المرافعات رقم 38 لسنة 1980؛ إذ أن المادة 17 مكرَّر تقتصر على "المواعيد الإجرائية المنصوص عليها في هذا القانون، وقانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، وقانون حالات الطعن بالتمييز وإجراءاته"، وهو ما يعني أن وقف سريان المواعيد الإجرائية لا يشمل المواعيد المنصوص عليها في القوانين الأخرى مثل قانون العمل في القطاع الأهلي وقانون إنشاء الدائرة الإدارية[60].

وتُبيِّنُ نقائصُ الحلول المعتمدة في مختلف الدول المذكورة، الحاجةَ لاعتماد نصوصٍ قانونيةٍ أخرى تتميز بعموميتها وبحلولها غير الظرفية[61]. ومن بين هذه الحلول اعتبار فيروس كوفيد-19 أو إجراءات الحجر التي تتخذها السلطات من قبيل القوة القاهرة.

المطلب الثاني: ضرورة تكريس القوة القاهرة

 لم يُعِّرفُ المشرِّعُ القطري القوةً القاهرة، في حين نصَّ الفصل 283 من مجلة الالتزامات والعقود التونسية (م.إ.ع.) على أن: "القوة القاهرة التي لا يتيسر معها الوفاء بالعقود هي كلُ شيءٍ لا يستطيع الإنسان دفعه؛ كالحوادث الطبيعية من فيضان ماءٍ وقلة أمطارٍ وزوابعَ وحريقٍ وجرادٍ أو كهجوم جيشِ العدو أو فعل الأمير". وتشترط المادة 1218 من المجلة المدنية الفرنسية - مثلما وقع تعديلها بالأمر الحكومي عدد 131 لسنة 2016، المؤرخ في 16 فبراير 2016 - لتوفر القوة القاهرة أن يكون الحدث خارجًا عن إرادة المدين، مع عدم إمكانية توقعه بشكل معقول وقت إبرام العقد وكذلك عدم إمكانية تفادي آثاره[62].

وقد طُرِحَ السؤال بعد ظهور فيروس كوفيد-19 وانتشار الإصابات التي أعاقت العمل في عديد القطاعات، وخاصةً تعليق العمل في بعض المحاكم حول مدى إمكانية اعتبار هذا الفيروس أو الإصابة به من قبيل القوة القاهرة التي يمكن على أساسها إيداع المطالب بعد فوات الآجال القانونية.

ذهب المجلس الأعلى للقضاء التونسي في مذكرةٍ صادرةٍ بتاريخ 15 مارس 2020[63] بالفعل إلى: "اعتبار الوضع الصحي العام الذي تمر به البلاد من قبيل القوةِ القاهرة". وقد صدر في نفس اليوم بيانٌ للهيئة الوطنية للمحامين جاء فيه ما يلي: "[...] تبعًا لاعتبار أن الحالة الصحية تشكل قوةً قاهرةً؛ فإنه يترتب على ذلك إمكانية التمسك بالقوة القاهرة إن تم إيداعُ أي مطلبٍ خارج الآجال، مع مراعاة أن تلك الإجراءات مقررةٌ مبدئيًا إلى حدود 4 أبريل 2020"[64].

والحقيقة أنه يتعين التمييز بين تكييف المرض بفيروس كوفيد-19 في حد ذاته وبين تكييف الإجراءات الاحترازية التي تلت أو تزامنت مع انتشاره.

فبالنسبة إلى المرض بفيروس كوفيد-19، تُبرز دراسةُ المواقفَ القضائية ميلًا نحو عدم اعتبار الوباء والجوائح من قبيل القوة القاهرة، وقد تم استنتاج ذلك بالنسبة إلى وباء أنفلونزا الخنازير[65] وفيروس إبولا[66] وفيروس شيكونغونيا[67] وفيروس سارس[68]. لكننا نعتقد أن التفكير في طبيعة فيروس كوفيد-19 لا يمكن أن ينفي إمكانية اعتباره من قبيل القوة القاهرة؛ إذا ما توفرت شروطُها التقليدية[69]. ويبرز موقف القضاء الفرنسي قبوله بالمرض كأساس للقوة القاهرة في حالات محددة[70]. ففي حالة إصابة الشخص بالفيروس؛ رغم أخذه لجميع الاحتياطات - من تباعدٍ ولبسٍ للكمامة - فإن ذلك يعني توفر شرط خروج الإصابة عن إرادة الشخص، رغم أنها تبقى بصفةٍ عامةٍ غير خارجة عن الشخص[71]. وقد قبل القضاء الفرنسي بالمرض كقوة قاهرة رغم أنه غير خارج عن الشخص المصاب[72]. وبالنسبة إلى شرط عدم إمكانية التوقع[73]، ورغم أن التثبت فيها يطرح إشكالًا حقيقيًا؛ بالنظر إلى أن الإصابة بالفيروس تعتبر من المسائل المتوقعة في عصرنا الحالي[74]، إلا أن تميز فيروس كوفيد-19 بغياب تلقيحٍ أو علاجٍ فعالٍ له، في الفترات الأولى لانتشاره السريع، يجعلنا نعتبر أن هذا الشرط يمكن اعتباره متوفرًا، خاصةً بالنسبة إلى الموجات الأولى[75] من انتشار الفيروس داخل كل بلد[76]. وقد اعتبرت إحدى المحاكم الفرنسية أن تغيب أحد الأشخاص عن حضور جلسة بسبب مخالطته لمصاب بفيروس كورونا يعتبر من قبيل القوة القاهرة[77]. ويبرز الموقف الحديث للقضاء الفرنسي الميل إلى التثبت من شروط القوة القاهرة في مادة الإجراءات دون الأخذ بعين الاعتبار مدى توفر عدم إمكانية التوقع؛ ذلك أن محكمة التعقيب الفرنسية عرَّفت في قرارٍ صادرٍ بتاريخ 25 مارس 2021 القوةَ القاهرة في مادة الإجراءات المدنية كما يلي: "يشكل مثل هذا الوضع قوةً قاهرةً في الإجراءات المدنية، الظرف الذي لا يُنسب إلى فعل الطرف والذي يعتبر بالنسبة إليه وضعًا لا يمكن التغلب عليه"[78]. أما فيما يتعلق بشرط عدم إمكانية الدفع[79]؛ فإنه من المعلوم أن الإصابة بكوفيد-19 تتميز بعدم قدرة الشخص على دفعها، بالنظر إلى خصائص الفيروس وخطورته وعدم توفر علاجٍ فعالٍ له، إلى حد كتابة هذه الأسطر. ورغم أن مقاومة الإصابة تختلف من شخصٍ إلى آخرَ - بحسب سنه وبنيته الجسدية - إلا أن القدرة على دفع الفيروس وتأثيراته السلبية لم تتوفر بصفةٍ نسبية ٍإلا بعد البداء في التلقيح الذي لم يكن في البداية متاحًا للجميع. ولكل هذه الأسباب فإن الأشخاص الذين أصيبوا - خاصة مع الموجات الأولى من انتشار الفيروس- لم تكن لهم القدرة على تجنب آثاره ودفع خطورته. ورغم إمكانية توفر جميع شروط القوة القاهرة من الناحية المبدئية؛ إلا أن اللجوء لهذه المؤسسة في مادة الإجراءات يقتضي إصابة الشخص بالفيروس وعدم قدرته على احترام الآجال المحددة لرفع الدعوى حتى بواسطة مساعديه، الأمر الذي قد يَصعُب توفُّره أحيانًا.

أما بالنسبة إلى الإجراءات الاحترازية التي تلت أو تزامنت مع انتشار الفيروس والتي تمثلت في تعليق التجمعات ومنع الجَوَلان وغلق المحاكم، فإنها تعتبر خارجةً عن إرادة الشخص، فهي تخضع لتقدير السلطات المختصة طبقًا للوضع العام الصحي بالدولة ولخارطة انتشار الفيروس. وقد اعتبرت المفوضية الأوروبية في هذا المجال أن جائحة كورونا وإجراءات التصدي لها تعتبر من الظروف الاستثنائية[80]. كما قضت إحدى المحاكم الفرنسية بأن شرط الخروج عن إرادة الشخص يعتبر متوفرًا في حالة فيروس كوفيد-19[81].

وبالنسبة إلى شرط عدم التوقع، فإن الإجراءات المتَّخَذة، ولئن كانت من الناحية النظرية غير مستبعدة الوقوع؛ إلا أن توقيتها وحجم الإغلاق ومجاله لا يمكن لأحد توقع حدوثه وتحديد مدته، خاصةً أن المسألة تتعلق بالإجراءات أمام القضاء، التي تتطلب الدقة لا الظن أو التخمين. ويُستفادُ من اشتراط عدم إمكانية التوقع ضرورة ألَّا يكون عدم احترام آجال القيام بالطعن أو بالإجراء راجعًا إلى إهمال الطرف المعني أو تقصيره أو خطئه. ويخضع تقييم وجود الخطأ إلى سلطة القاضي التقديرية، خاصةً أن الإجراءات المتخذة قد تكون بالنسبة إلى بعض الأطراف متزامنةً مع بداية آجال الطعن، في حين تكون بالنسبة إلى البعض الآخر في آخرها؛ الأمر الذي يُحتِّمُ الإسراعَ بالقيام بالإجراء المحدد. ونعتقد أن البحث في هذه المسألة سيجرُّ القاضي للنظر في مدى انتشار الفيروس وعدد الإصابات المحققة والتدابير المعتمدة من قبل السلطات، مع عدد القضايا المكلَّف بها الطرفُ المكلف بالقيام بالإجراء، وهو ما يُصعِّبُ مهمة القاضي.

أما بالنسبة إلى الشرط الأخير المتعلق بعدم إمكانية الدفع، والذي يعتبر القلب النابض للقوة القاهرة[82]، ورغم أن جانبا من القضاء تشدد في تقدير مدى توفر هذا الشرط[83]، إلا أن الإجراءات التي تتخذها السلطات المختصة لا يمكن لأحد دفعها[84]؛ لأنها تعتبر من قبيل فعل الأمير[85].

ورغم كل ما سبق ذكره فإن تقدير مدى اعتبار الإجراءات من قبيل القوة القاهرة يخضع للسلطة التقديرية للقاضي الذي يمكن له من خلال الوقائع معرفة مدى توفرها بحسب كل حالةٍ على حدة.

ورغم أن المُشرِّع القطري لم ينصُّ بصفةٍ صريحةٍ على القوة القاهرة في قانون الإجراءات الجنائية؛ إلَّا أنه يكرِّسَها بصفةٍ ضمنيةٍ في عديد المواد، وخاصةً بقبول العذر المقبول[86]. كما أن اللجوء للقوة القاهرة في تونس ممكن بصريح العبارة في مادة الإجراءات الجزائية، فقد نصَّ الفصل 213 من مجلة الإجراءات الجزائية (م.إ.ج.): "يكون الاستئناف غير مقبول فيما عدا صورة القوة القاهرة إن لم يقع في أجل أقصاه عشرة أيامٍ من تاريخ صدور الحكم الحضوري أو من تاريخ الإعلام بالحكم الذي اعتبر حضوريًا [...]". وينص الفصل 262 أيضا: "لا يقبل مطلب التعقيب فيما عدا صورة القوة القاهرة إذا لم يقدم إلى كتابة المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه في ظرف عشرة أيامٍ من تاريخ الحكم الحضوري [...]".

لكن اللجوء للقوة القاهرة يطرح إشكالًا يتعلق بغياب التنصيص عليها صراحةً في القانون القطري رقم (13) لسنة 1990 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية وكذلك في مجلة المرافعات المدنية والتجارية التونسية. وقد كانت الفرصةُ سانحةً لتفادي هذا النقص بتعديل قانون المرافعات في قطر وم.م.م.ت. في تونس، لكن يا للأسف وقع تفويت هذه الفرصة[87].

وعلى خلاف مجلة المرافعات لسنة 1910 التي أعطت للقاضي حرية تطبيق المسقطات والمبطلات، نص الفصل 13 من م.م.م.ت. على أن "المسقطات كلها وجوبيةٌ تتمسك بها المحكمة من تلقاء نفسها"[88]. وفي نفس الاتجاه نصت المادة 159 من قانون المرافعات القطري: "يترتب على عدم مراعاة مواعيد الطعن في الأحكام سقوط الحق في الطعن، وتقضي المحكمة بالسقوط من تلقاء نفسها". ويُفهم من عديد الفصول المتعلقة بآجال الطعن أن تلك الآجال تهم النظامَ العام ويتعين التقيد بها[89].

ولم ينص المُشرِّعان القطري والتونسي صراحةً على إمكانية إيداع المطالب أو الطعون خارج الآجال القانونية في حالة القوة القاهرة، الأمر الذي يهدد بضياع حقوق المتقاضين الذين يتعذر عليهم احترام الإجراءات القانونية بسبب إجراءات الحجر المفروضة، وخاصةً بالنسبة إلى تونس، بعد انتهاء فترة تعليق الآجال والإجراءات التي نص عليها المرسوم عدد 8 لسنة 2020 المؤرخ في 17 أبريل 2020. ويتقارب موقف الُمشرِّع القطري والتونسي مع موقف المُشرِّع الفرنسي الذي يغيب فيه نصٌ عام[90]، وموقف المُشرِّع العراقي الذي لم ينص على القوة القاهرة صراحةً في أحكام قانون المرافعات المدنية[91]، وكذلك موقف المُشرِّع الفلسطيني[92] والكويتي[93]، لكنه يختلف عن بعض القوانين الأخرى التي كرَّست صراحةً القوةَ القاهرة كاستثناءٍ لسقوط[94] الحق في الآجال القانونية[95].

وإذا كان المُشرِّعان القطري والتونسي قد نصَّا على القوة القاهرة لحماية الحقوق الموضوعية[96]، فليس هناك - حسب رأينا - ما يمنع من اللجوء لنفس المؤسسة لحماية الحقوق الإجرائية؛ لأن ضياع الحقوق الإجرائية يؤثر على الحقوق الموضوعية[97]، ولأن الإجراءات وُضِعت لحماية الحقوق وليس لضياعها. واللُّجوء للقوة القاهرة ممكنٌ أيضًا؛ لأن أثرها موجودٌ في قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري[98] وفي مجلة المرافعات المدنية والتجارية التونسية[99]؛ ولو بصفةٍ غير صريحةٍ[100]، كما أن القضاء قبل بها في بعض القرارات[101]. وقد استند القضاء التونسي لتفعيلها في مجال الإجراءات إلى مجلة الالتزامات والعقود، فقد جاء في قرارٍ صادرٍ عن محكمة التعقيب ما يلي: "وحيث اقتضى الفصلان 141 في فقرته الخامسة و195 في فقرته الثانية من م.م.م.ت. أنه إذا كان اليومُ الأخير يومَ عطلةٍ رسميةٍ امتد الأجل إلى اليوم الموالي لانتهاء العطلة، كما اعتبر الفصل 393 من م. إ.ع. عطلة المجالس القضائية بمثابة القوة القاهرة. وترتيبًا على ذلك؛ يكون اليومُ الأخير من أجل تقديم الوثائق المستوجَبة قانونًا حسب الفصل 185 م.م.م.ت.، قد امتد بسبب هذا المانع إلى يوم 19أبريل 1999وهو تاريخُ تقديم الطاعن مذكرةَ أسبابِ طعنه ومرفقاتها"[102].

وتبعًا لذلك، فإنه إذا حالت الشكلية الإجرائية دون حصول الشخص على حقوقه الواضحة، فإن من واجب القاضي التدخل لتمكينه منها ولو باللّجوء إلى المبادئ العامة للقانون. وقد ذهبت محكمة التعقيب في قرارها المؤرَّخ في 11 مارس 1980 إلى القول: إن "الغاية من تشريع القواعدِ الإجرائية إنما قُصَد به - أولًا وقبل كل شيءٍ - تأمين السبل الكفيلة بإعلاء الحق وتمكين صاحبه منه، أما إذا تعارضت القاعدة الإجرائية مع ذلك الحق وأصبحت في بعض الصور حائًلًا دون تأمينه بل وسببًا في هدره وضياعه، فإنه يصبح من أوكد واجبات القضاء - وهو الحارس الأمين على حقوق المتقاضين - ألَّا تصدَّه الإجراءاتُ الشكلية عن تغليب المبدأ القاضي بأن (الحق يعلو ولا يُعلَى عليه وأن ما بعد الحق إلا الضلال)"[103]. وتبعًا لكل ذلك، فإننا نعتقد أن مفهوم المحاكمة العادلة يجيزُ اللجوءَ للقوة القاهرة في قانون أو مجلة المرافعات المدنية والتجارية[104].

ونعتقد أيضًا أنه يمكن للقاضي تكريس القوة القاهرة في مادة الإجراءات المدنية، حتى في غياب نصٍ قانونيٍ صريحٍ؛ باعتبار أن ذلك يدخل في نطاق سلطته التقديرية، ولأن القوة القاهرة من المبادئ القانونية العامة المكرَّسة في عديد المواد القانونية على اختلافها، والتي يفضل عدم تخصيص فرع من فروع القانون بها دون غيره من الفروع. وقد سبق لمحكمة التعقيب التونسية أن أكدت على أن تطبيق القوة القاهرة يشمل جميعَ فروع القانون بما فيها الإجراءات المدنية؛ إذ جاء في قرارٍ صادرٍ بتاريخ 5 نوفمبر 2018 ما يلي: "ولئن لم تتعرض أحكام مجلة الإجراءات المدنية والتجارية لمؤسسة القوة القاهرة في الإجراءات المدنية المتعلقة بالطعون في الأحكام والقرارات، ولم تجعلها من الأسباب التي يمكن للخصوم الاحتجاج بها لدى المحاكم العدلية [...] إلا أن طبيعة مؤسسة القوة القاهرة [...] تسمح بالقول بإمكانية إعمالها في كافة فروع القانون ومن ذلك أحكام الإجراءات المدنية، متى ثبتت شروطها قبل التمسك بها"[105].

ورغم أن قرارات المجلس الأعلى للقضاء والمرسوم عدد 8 لسنة 2020 المؤرَّخ في 17 أبريل 2020 قد يسرت من الإجراءات، لكنها لم تعط ضماناتٍ واضحةٍ وكافيةٍ؛ خاصةً بالنسبة إلى تونس؛ لاستمرار نشاط التقاضي مثلما هو الحال بالنسبة إلى بعض الدول الأخرى[106]، الأمر الذي يبين نقائصَ تنظيمِ عمل المحاكم خلال الأزمة الصحية.

المبحث الثاني: تنظيم عمل المحاكم خلال الأزمة الصحية

بسبب المشاكل التي أوجدها انتشار فيروس كوفيد-19 كان من اللازم اتخاذُ تدابيرَ تنظيميةٍ وإجراءاتٍ احترازيةٍ بالنسبة إلى الجلسات الحضورية (المطلب الأول)، وكذلك إجراءات تخص اللُّجوء للمحاكمة عن بعدٍ (المطلب الثاني).

المطلب الأول: التدابير التنظيمية بالنسبة إلى الجلسات الحضورية

في ظل الانتشار السريع للفيروسات، خاصةً مع ظهور سلالاتٍ جديدة؛ تعتبر الجلسات المرحلة التي تطرح أكثر إشكالياتٍ بالنسبة إلى نشر العدوى[107]، وللتخفيف من علانية الجلسات وتأمين السير العادي لمرفق العدالة، اضطر المجلس الأعلى للقضاء - في إطار ممارسته لصلاحياته الدستورية - إلى التدخل عديد المرات[108] للتأكيد، على ضرورة منع أي شخصٍ من دخول المحاكم دون ارتداء الكمامة، وضرورة احترام التباعد داخل فضاءاتها. وقد قرر المجلس الأعلى للقضاء القطري وضع حدٍ أقصى لعدد المتقاضين بالجلسة وبقاعات الانتظار، مع ضرورة الحضور قبل موعد الجلسة بنصف ساعةٍ كحدٍ أقصى. ويقتصر الحضور إلى مقر المحكمة على صاحب العلاقة أو الوكيل فقط[109].

وفي تونس تم اقتصار الحضور بالجلسات الجزائية على أطراف القضية الحاملين لاستدعاءٍ ومحاميهم، وعدم قبول المتقاضين بجلسات القضايا المدنية والإدارية التي تكون فيها إنابةُ محامٍ وجوبيةً[110]. وعندما ازداد انتشار الفيروس، قرر المجلس تأجيل جميع جلسات القضايا المدنية والعقارية والجزائية والجلسات المكتبية بما في ذلك الجلسات الصلحية وجلسات القضاء الإداري والمالي. كما تم اقتصار النظر في المادة الجزائية على قضايا الموقوفين، في مجموعات لا يتجاوز عدد أفرادها خمسةَ أشخاصٍ[111].

وبعد أن تم إقرار الحجر الصحي الشامل في 21 مارس 2021 وفي 20 يونيو 2021، في عديد الولايات، قرر المجلس الأعلى للقضاء، اتخاذ عديد التدابير، ومنها: تأجيل جميع جلسات القضايا المدنية والعقارية والجزائية أمام محاكم الأصل والجلسات المكتبية، بما في ذلك الجلسات الصلحية والتوجهات على العين، وتوجهات اللجان المسحية وجلسات القضاء الإداري والمالي. كما قرر الاكتفاء بتأمين حصص الاستمرار بالنسبة إلى النيابة العمومية وقضاء التحقيق وتأمين العمل القضائي المجلسي؛ بواسطة دائرة استمرارٍ تتكون من رئيس دائرة وأربعة أعضاء. والنظر في القضايا الاستعجالية شديدةِ التأكد أو ذات الصبغة المعاشية[112]. وقد حرص المجلس الأعلى للقضاء أحيانًا على إعطاء سلطةٍ تقديريةٍ للمسؤولين عن المحاكم لتنظيم العمل بها[113].

 وفي فرنسا نص الفصل 3 من الأمر الحكومي عدد 1400/2020 أولًا على أن رؤساء المحاكم يحددون شروط الدخول للمحكمة، وقاعات الجلسات ومرافق الخدمات التي تستقبل العموم؛ بما يضمن الامتثال للقواعد الصحية المعمول بها. ويتم لفت انتباه الجمهور إلى هذه الشروط، وخاصةً عن طريق النشر. وينص نفس الفصل ثانيًا على أنه يجوز للقاضي أن يقررَ - قبل افتتاح الجلسةِ - أن تجرى المداولات في إطاراتٍ علانيةٍ محدودةٍ أو، في حالة استحالة ضمان الظروف اللازمة لحماية صحة الأشخاص الحاضرين في الجلسة، أن تتم في غرفة مغلقة. ويمكن للصحفيين حضور الجلسة وفقًا للطرق التي يحددها القاضي والتي تحترم القواعد الصحية المعمول بها[114].

وقد ساهمت كل هذه التدابير في الحد من انتشار الفيروس داخل المحاكم وضمان أمن العاملين وكافة المتدخلين في قطاع العدالة، الأمر الذي ساعد على تواصل العمل والفصل في القضايا رغم كل الإشكالات التي أثارتها الأزمة الصحية.

لكن كل هذه التدابير لا يمكن أن تحجب وجودَ بعض النقائصِ في تنظيم عمل المحاكم خلال فترة الجائحة، خاصة بالنسبة إلى تونس وقطر. ومن بين هذه النقائص غياب التكريس الصريح لبعض الحلول الهامَّةِ ومنها: إحالة الاختصاص الترابي، بالنسبة إلى الدول التي تتعدد فيها المحاكم من نفس الاختصاص. فعندما تكون محكمة من الدرجة الأولى غير قادرةٍ كليًا أو جزئيًا على العمل؛ يفترض أن يقع تعيين محكمة أخرى من نفس الطبيعة وضمن اختصاص المحكمة نفسها؛ للتعهد بكل أو جزءٍ من النشاط الذي يقع ضمن اختصاص المحكمة التي لم تستطع النظر في القضية. وهذا ما نص عليه الفصل 2 من الأمر الحكومي الفرنسي عدد 1400/2020 المؤرَّخ في 18 نوفمبر 2020[115]، والفصل 3 من الأمر الحكومي عدد 304/2020، رغم أن النص الفرنسي يطرح إشكالًا في حالةِ ما إذا كانت المحكمة المُحالُ عليها غيرَ قادرةٍ بدورها على فصل النزاع أو أصبحت معطلةً بفعل الوباء.

وأخذٍا بعين الاعتبار الانتشار السريع للفيروس الذي قد يعيق اجتماع القضاة بهدف إصدار الأحكام؛ كان بالإمكان التأكيد على إمكانية اللجوء للقضاء الفردي، وهو ما نص عليه الفصل 4 من الأمر الحكومي الفرنسي المؤرَّخ في 18 نوفمبر 2020[116].

وقد نص الفصل 9 من الأمر الحكومي عدد 304/2020 على أنه في حالة الدعوى الاستعجالية، يجوز للمحكمة رفض الطلب قبل الجلسة، بحكمٍ غير حضوريٍ؛ إذا كان الطلبُ غيرَ مقبولٍ أو إذا لم يكن هناك أسبابٌ للإجراءات المستعجلة، لكن هذا النص، الذي يُعتبر خطيرًا[117]؛ لأنه يخالف مبدأ المواجهة، وقع العدول عنه لاحقًا.

وفي المقابل، لم تسمح المادة 5 من الأمر الحكومي رقم 304-2020، للمحكمة التجارية بالحكم من قبل قاضٍ واحدٍ. واكتفت بالسماح بالترافع أمام قاضٍ واحد.

وبالإضافة إلى التخفيف من علانية الجلسات، تم في فرنسا تكريس الإجراءات الكتابية دون جلسةٍ بمقتضى الأمر عدد 1333/2019 المؤرخ في 11 ديسمبر 2019[118]، وهو يشترط الموافقة المسبقة للأطراف. وعلى خلاف ذلك يجوز للقاضي أن يقرر الإجراءات الكتابية دون جلسةٍ من غير الحصول على الموافقة المسبقة للأطراف؛ إذ ينص الفصل 8 من الأمر الحكومي عدد 304/2020 على أنه: عندما تكون الإنابةُ إلزاميةً أو يتم مساعدة الأطراف أو تمثيلهم من قبل محامٍ؛ يجوز للقاضي حينها - أن يقرَّرَ المضي في الإجراءات دون جلسة، ويكون لدى الأطراف خمسةُ عشرَ يومًا لمعارضة هذه الإجراءات. ويعتبر اللُّجوء للإجراءات دون جلسة في هذه الحالة محدودًا، مقارنةً بالإجراءات دون جلسةٍ العادية[119]؛ بما أنه يقتصر على الحالات التي تكون فيها إنابة للمحامين وعدم معارضة الأطراف[120].

ومن بين الإجراءات الكتابية التي نص عليها الأمر الحكومي المؤرخ في 18 نوفمبر 2020، ما جاء في الفصل 7 من أنه: "يجوز تقديمُ أي قسم أمام المحكمة كتابة. ويتضمن الإشارة كتابةً بخط اليد لألفاظِ الإجراء. ويتم تقديم هذه الكتابة إلى المحكمة المختصة التي تُقِرُّ بالاستلام".

وتُبرِزُ كل هذه النصوص والتجارب الحاجةَ الملحة للُّجوء إلى الوسائل الإلكترونية في العمل القضائي، بما يُحتِّم رقمنة قطاع العدالة؛ لضمان عدم تأثُّره بالأزمات الصحية وغيرها.

المطلب الثاني: اللجوء للمحاكمة عن بعد

نتيجةً لانتشار فيروس كوفيد-19 وتأثيره على عمل المحاكم؛ شرع المجلس الأعلى للقضاء في قطر، بالتعاون مع وزارة الداخلية[121] في تفعيل آلية الاستماع لأقوال المتهمين وجلسات تجديد الحبس الاحتياطي عن بُعْدٍ[122]. وقد تم تجربة عملية المحاكمة عن بعد في المحكمة الابتدائية القطرية في 2 أبريل 2020، بواسطة تقنية الاتصال البصري (AV)، وهي شبكة على درجةٍ عاليةٍ من الأمان[123]. كما تم بتاريخ 11 أبريل 2020 بمقر محكمة الاستئناف في لوسيل النظر في تسعة ملفات بطريقة المحاكمة عن بعد من خلال نظام الاتصال المرئي، الذي مَكَّنَ من الاستماع لأقوال المتهمين بحضور محاميهم؛ دون الإخلال بشروط التباعد وعدم الاختلاط[124].

وفي نفس الاتجاه أصدر رئيس الحكومة التونسي مرسومًا بتاريخ 27 أبريل 2020 يتعلق بإتمام مجلة الإجراءات الجزائية. وقد أضاف هذا المرسوم ل (م.إ.ج) الفصل 141 (مكرر)، الذي نص على إمكانية إجراء المحاكمة عن بعدٍ؛ إذ أكد على أنه: "يمكن للمحكمة [...] استعمال وسائل الاتصال السمعي البصري المؤمَّنةِ للتواصل بين قاعة الجلسة المنتصبة بها المحكمة والفضاء السجني المجهز للغرض.

ويجوز للمحكمة، في حالة الخطر المُلِمِّ أو لغاية التوقِّي من إحدى الأمراض السارية؛ أن تقرر العمل بهذا الإجراء دون التوقف على موافقة المتهم المودع بالسجن"[125].

ولضمان اللجوء للمحاكمة عن بعدٍ قامت وزارة العدل باقتناء معدات تواصلٍ سمعيةٍ بصريةٍ عن بعدٍ؛ لتجهيز قاعات الجلسات والمؤسسات السجنية[126] بهدف إتاحة المحاكمة عبر جلساتٍ يكون فيها المتهمون داخلَ السجن عِوضَ نقلهم للمحكمة، مع مراعاة مبدأ المحاكمة العادلة.

وتطبيقًا لمرسوم 27 أبريل 2020، تمت في 2 مايو 2020 بمقر المحكمة الابتدائية بتونس أولُ محاكمةٍ عن بعد، بربطٍ مباشرٍ بين قاعة الجلسات بمقر المحكمة والسجن المدني بالمرناقية، وقد تلت هذه المحاكمة عدة محاكمات عن بعد. وتشير الإحصائيات المقدمة من طرف الإدارة العامة للإعلامية بوزارة العدل أن عدد الجلسات التي تمت عن بعد في ابتدائية سوسة بلغت 107، في حين أن العدد الإجمالي للجلسات بكامل محاكم الجمهورية بلغ 348 جلسة[127].

ورغم أهمية مبادرة المجلس الأعلى للقضاء القطري وما ورد في مرسوم 27 أبريل 2020، فإن المسألة تبقى في تصورنا منقوصة؛ لأنه من الأفضل أن يصدر في قطر قانونٌ ينظم عملية المحاكمة عن بعدٍ بجميع تفاصيلها وجزئياتها، مع تحديد مجالها من حيث إمكانية اللجوء إليها في الميدان الجنائي والمدني والتجاري؛ حماية لمصلحة المتقاضين. وبالنسبة إلى تونس، فإن اللجوء للوسائل السمعية البصرية يقتصر على محاكمة المتهم فقط، ولا يشمل التحقيق وتلقي شهادة الشهود[128] والخبراء والأبحاث بصفةٍ عامة. ونتيجة لقصور المرسوم المُتَّخَذِ على مرحلة المحاكمة، فإنه في صورة إحضار المتهم بمقتضى بطاقة جلبٍ، يُطرح السؤال حول إمكانية استعمال المحكمة للوسائل السمعية البصرية لاستنطاقه حالًا، كما ينص على ذلك الفصل 142 م.إ.ج.؛ لعدم وجود فصلٍ في المرسوم يُجِيزُ لها ذلك. كما أن المرسوم لا يشمل إمكانية التواصل عن بعد مع المتضرر وكل من يرى القاضي فائدة في سماعه مثل الخبير. تجدر الإشارة إلى أن المُشرِّعَ التونسي سبقَ أن مكَّنَ قاضيَ التحقيق ورئيس المحكمة منذ سنة 2015، في حالات الخطر المُلِمِّ - وإن اقتضت الضرورة ذلك - "أن يقررا استنطاق المتهم وتلقي تصريحات من يريان فائدةً في سماعه باستعمال وسائل الاتصال السمعية البصرية المُلائمة دون ضرورة لحضور المعني بالأمر شخصيًا"[129]. ويعتبر مرسوم 27 أبريل 2020 منقوصًا أيضًا؛ لأن الفصل 141 مكرر م.إ.ج.، ولئن سمح للمحامي بالخيار بين الدفاع عن منوبه بقاعة الجلسة المنتصبة بها المحكمة أو بالفضاء السجني الحاضر به منوبه؛ إلا أنه لم يُنظِّمْ إمكانية تواصله بوسائل الاتصال السمعية البصرية مع منوبه بطريقةٍ آمنةٍ وسريةٍ في حالة اختيار التواجد بقاعة الجلسة.

وقد نص الفصل 7 من الأمر الحكومي الفرنسي عدد 304/2020 على أنه يجوز للقاضي - بقرارٍ غير قابلٍ للطعن - أن يقررَ عقدَ الجلسةِ باستخدام وسائل اتصالٍ سمعيٍ بصريٍ، تسمح بالتأكد من هوية الأطراف وتضمن جودةَ البثِّ وسرية المبادلات بين الأطراف ومحاميهم. وعندما يساعد أحدَ الأطرافِ محامٍ أو مترجمٌ، فإنه لا يشترط حضوره ماديًا.

وفي حالة الاستحالة الفنية أو المادية للّجوء إلى مثل هذه الوسائل، يجوز للقاضي - بقرارٍ غير قابلٍ للاستئناف - أن يقرر سماع الأطراف ومحاميهم بأي وسيلةِ اتصالٍ إلكترونية، بما في ذلك الهاتف؛ بطريقةٍ تسمح بضمان الهوية وضمانِ جودة الإرسال وسرية المبادلات.

وفي كل الحالات المنصوص عليها سابقًا، يُنظِّم القاضي ويحدد الإجراءات. ويتأكد من حسن سير المبادلات بين الأطراف ويضمن احترام حقوق الدفاع ومبدأ المواجهة في المناقشات.

وقد أكد الفصل 5 من الأمر الحكومي الفرنسي عدد 1400/2020 على هذه الإمكانية. وتطبيقًا لهذا الفصل يمكن للقاضي اللّجوء لأي وسيلةِ تواصلٍ إلكترونيةٍ، حتى لو كانت خاصة؛ مثل "الواتساب" و"سكايب"... إلخ. ورغم أن بعض هذه التطبيقات لا يتوفر فيها الأمن وحماية البيانات الشخصية بصفةٍ كاملةٍ؛ إلَّا أن عدم استثمار الدولة في التطبيقات العامة يُحتِّم اللّجوء إليها مع كل ما قد تطرحه من مشاكل.

ويُبرِزُ سيرُ عمل المحاكم الفرنسية ضعفَ اللجوء للتقاضي عبر الفيديو كنفيرنس وعزوف بعض القضاة عن اعتماد هذه الطريقة، الأمر الذي يبين الحاجة لإجراء دوراتٍ تدريبيةٍ للقضاة حول أنجع الطرق لاعتماد مثل هذه التقنيات. وقد وقع انتقاد استعمال تقنية الفيديو كنفيرنس، خاصةً في المادة الجزائية من قبل المختصين[130] وخاصة القضاة[131] والمحامين، وقد وصل الأمر إلى اعتبار المجلس الدستوري أن القواعد التي تسمح باللجوء إلى هذه التقنية غير دستورية ومن شأنها أن تُقوِّضَ حقوق الدفاع والحق في المثول جسديًا أمام القاضي[132]. ومن سلبيات الفيديو كنفيرنس عدم إمكانية تحاور المحامي مع موكله بشكلٍ جيدٍ، كما أن الكاميرا ثابتة ولا تسمح بمعرفة ردود الفعل الجسدية للأطراف؛ إذ لا يمكن النظر إلى الشخصيات بطريقة الهولوغرام. ونعتقد أنه يجب أن يقع التفكير في المسائل التي أدت إلى رفض الفيديو كنفيرنس من قبل بعض المختصين وتصور حلول لها، وهو ما يتطلب تعاونَ التقنيين والفنيين مع رجال القانون.

يعتبر ما ورد في مرسوم 27 أبريل 2020 منقوصًا أيضًا؛ لأنه لا يُنظِّم بطريقة عصرية مسألة تلقي التقارير والإعلامات والشكايات من قبل مأموري الضابطة العدلية[133]، وكذلك الأمر بالنسبة للتبليغ[134] والتكليف بالحضور الذي يتم بمعرفة رجال السلطة العامة[135] والاستدعاء، الذي قد يتم بطرقٍ إداريةٍ أو بواسطة عدلٍ منفذٍ[136]. ويشترط لقبول الاستدعاء الإلكتروني في مادة الإجراءات الجزائية، تنقيح عديد الفصول وخاصة الفصل 134 م.إ.ج. والفصل 139 من نفس المجلة، الذي يشترط أن يتم التسليم للمستدعى نفسه أو وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكنًا معه، وكذلك الفصل 140 الذي يشترط من بين الشكليات إمضاءَ المستدعى والمبلغ. كما أن المرسوم لا يتيح لحاكم التحقيق اللجوء للوسائل الإلكترونية؛ سواء لسماع الشهود واستنطاق ذي الشبهة بهدف كشف الحقيقة، أو لتسهيل عمله من خلال تمكينه من اللجوء للكتب والإمضاء الإلكترونيين[137] أو للبريد الإلكتروني عند إحالة القرارات أو الملف لوكيل الجمهورية[138]، أو لإعلام القائم بالحق الشخصي بالقرارات المُتَّخَذةِ[139]. ولا يسمح نفس المرسوم لمحامي المظنون فيه أو للقائم بالحق الشخصي بالاطِّلاع بطريقةٍ إلكترونيةِ على أوراق القضية[140] أو تقديم طلبات كتابية بطريقة إلكترونية مثلما يشترط في بعض الحالات[141].

ومن بين النقائص المتعلقة بتنظيم عمل المحاكم خلال الأزمة الصحية، غياب رقمنة آليةٍ للبيانات الشخصية، التي من شأنها إعانة مرفق العدالة، على خلاف الأمر بالنسبة إلى فرنسا التي تم فيها إنشاء ما يسمى بالملف الجزائي الرقمي[142].

كما أن مرسوم 27 أبريل 2020 يقتصر على الإجراءات الجزائية دون الإجراءات المدنية. وقد كان بالإمكان تنظيم عديد الإجراءات الخاصة بالمادة المدنية، والتي تتطلب شكليات مادية يصعب توفرها في ظل انتشار الوباء. ومن بين المسائل التي كان بالإمكان تنظيم عمل المحاكم فيها وأقلمتها مع الوسائل الإلكترونية، شهادة الشهود[143] والاختبار[144] والقضاء المستعجل[145] والاستدعاء[146] ودفع المصاريف[147] والصلح[148]، الذي يستوجب شكليات عدة كان بالإمكان أقلمتها مع الوسائل الإلكترونية[149]، مثل توقيع الأطراف[150].

وقد أحدث المُشرِّع القطري قفزةً هامةً مؤخرًا في مجال اعتماد الوسائل الإلكترونية في التقاضي، في القانون رقم (21) لسنة 2021، بإصدار قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة[151]، والذي أكد في المادة 13 على أنه: "يُنشأ بالمحكمة نظامٌ إلكترونيٌ، يتضمن الآليات الإلكترونية لقيد الدعاوى وطلبات استصدار الأوامر على عرائض والأوامر الوقتية وأوامر الأداء وغيرها من الطلبات الأخرى، في المسائل التي تختص بها المحكمة، وكافة الإجراءات والطعون في الأحكام والتظلمات من الأوامر الصادرة منها". وأكدت المادة 14 أيضًا من نفس القانون على أن إقامة الدعوى وتقديم الطلبات على اختلاف أشكالها يتم باعتماد التوقيع والإيداع الإلكترونيين[152] كما أن سداد الرسوم يتم بنفس الطريقة[153]. وقد تضمن هذا القانون عديد الحلول للشكليات التقليدية مثل إعلان المُدَّعَى عليه وتقديم الرد بطريقةٍ إلكترونيةٍ[154] وكذلك الأمر بالنسبة إلى إيداع تقرير الخبير[155].

الخاتمة

تُبرِزُ الآثارُ الضارة للأزمة الصحية الحاجةَ إلى إعادة التفكير في القانون[156]؛ لأن الأزمة الصحية، التي تؤدي إلى تعطيل مظاهر الحياة وخاصة العدالة، قد تكشف بوضوح وجودَ أزمةٍ قانونيةٍ. وبشكلٍ عامٍ، يمكن ملاحظة وجود أزمة في النصوص القانونية في كل مرة يتخلف فيها القانون عن تطور المجتمع أو يعوق تطوُّرَه[157].

وتوضح دراسة العدالة الإجرائية في عصر الأزمة الصحية إلى أي مدى تؤثر التغييرات الاجتماعية والتكنولوجية على القواعد القانونية، وبالتالي إمكانية اكتساح الواقع والتكنولوجيا للقانون[158] والتأثير فيه إلى حد فرض تعديله؛ حتى يظهر في نهاية المطاف أقوى وأكثر تكيفًا مع الحقائق والواقع[159].

وقد توصلت الدراسة إلى إبراز تأثير جائحة فيروس كوفيد-19 على القواعد القانونية، ويمكن بيان ذلك من خلال توضيح نتائج البحث (أولًا) قبل التعرض لبعض التوصيات (ثانيًا).

أولا: نتائج البحث

أدَّى انتشار فيروس كوفيد-19 إلى اتخاذ قرار الحجر الصحي الكامل أو الموجه، الأمر الذي نتج عنه إمكانية تجاوز الآجال القانونية من قبل المتقاضين. وقد خيرت بعض الدول، مثل قطر، عدم التدخل بقوانين، تاركةً المجال مفتوحًا لتنظيم المسألة من قبل الهياكل المعنية، وخاصة المجلس الأعلى للقضاء، الذي حرص - قدر الإمكان - على تجاوز المشاكل التي نجمت عن انتشار الفيروس. في حين خيَّرت بعض الدول الأخرى، ومنها تونس، التدخل بمقتضى مراسيمَ صادرةٍ عن رئيس الحكومة، كانت غامضةً أحيانًا وظرفيةً ومنقوصةً، إمَّا بسبب مجالها الموضوعي أو الزمني. ورغم أن عبارات الفصل الأول من مرسوم 17 أبريل 2020 قد توحي بامتداده إلى جميع مجالات وفروع القانون تقريبًا؛ إلا أن مجال الانطباق الموضوعي لا يشمل الإجراءات الجزائية. كما أن مجال المرسوم يبقى غامضًا نوعًا ما، الأمر الذي استوجب تدخل رئيس الحكومة بمقتضى مراسيمَ أخرى.

وتُبرِزُ النصوص المتخذة في بعض البلدان، مثل تونس، التضخم غير الصحي للنصوص المتعلقة بتعليق احتساب الآجال كما تثير مشكلة عدم انسجام مدد تعليق الإجراءات؛ لأنها تختلف بحسب المادة، بما يُعقِّد عملية احتساب الآجال القانونية. وقد كان بالإمكان إصدارُ نصٍ عامٍ يشمل تعليق جميع الإجراءات بدل التدخل بنصوصٍ متفرقةٍ في مجالات عديدة وبمددِ تعليقٍ للآجال متباعدة بطريقة تبرز غياب رؤيةٍ واضحةٍ وموحدةٍ للتعامل مع الجائحة.

تُبيِّنُ نقائص الحلول المعتمدة في مختلف الدول المذكورة، الحاجةَ لاعتماد نصوصٍ قانونية أخرى تتميز بعموميتها وبحلولها غير الظرفية. ومن بين هذه الحلول اعتبار فيروس كوفيد-19 أو إجراءات الحجر التي تتخذها السلطات من قبيل القوة القاهرة، خاصةً أن مجال النصوص المُتَّخَذة محدودٌ في الزمن، وقد طُرحت نفس المشاكل القانونية مع ظهور الموجات الجديدة من انتشار الفيروس، تبعًا لتعدد السلالات وازدياد خطورتها.

وبالنسبة إلى مدى إمكانية اعتبار فيروس كوفيد-19 أو الإصابة به من قبيل القوة القاهرة، فقد تم التأكيد على ضرورة التمييز بين تكييف المرض بفيروس كوفيد-19 في حد ذاته وبين تكييف الإجراءات الاحترازية التي تلت أو تزامنت مع انتشاره.

فبالنسبة إلى المرض بفيروس كوفيد-19، ورغم أن دراسة المواقف القضائية تبرز ميلًا نحو عدم اعتبار الجوائح من قبيل القوة القاهرة؛ إلا أننا نعتقد أن التفكير في طبيعة فيروس كوفيد-19 لا يمكن أن ينفي إمكانية اعتباره من قبيل القوة القاهرة، إذا ما توفرت شروطها التقليدية. أما بالنسبة إلى الإجراءات الاحترازية التي تلت أو تزامنت مع انتشار الفيروس، فإن شروط القوة تتوفر فيها من حيث المبدأ، رغم أنه من الأفضل ترك تقدير ذلك لسلطة القاضي.

وقد اضطر المجلس الأعلى للقضاء - في إطار ممارسته لصلاحياته الدستورية - إلى اتخاذ بعض التدابير التنظيمية بالنسبة إلى الجلسات الحضورية التي أثبتت فاعليتها ومَكَّنت من ضمان تواصل العمل بالمحاكم. ويتعين تثمين دور المجلس الأعلى للقضاء في التدخل السريع، الذي يتعذر القيام به بالنسبة إلى المُشرِّع؛ إما لطول الإجراءات أو لطبيعتها، وذلك لتنظيم عمل المحاكم. كما أدى انتشار فيروس كوفيد-19 إلى اعتماد المجلس الأعلى للقضاء في قطر، على عديد الإجراءات الإلكترونية مع تجربة عملية المحاكمة عن بعد. وقد تم كل ذلك رغم غياب النصوص القانونية الخاصة؛ مما يبرز قدرة الهياكل القضائية الموجودة على تنظيم العمل داخل المحاكم، ويؤكد على أنه في البلدان المتقدمة من الناحية التكنولوجية قد تسبق الإجراءات والممارسات الموجودة النصوص القانونية وتكون حافزًا لتدخل المُشرِّع اللاحق، خاصةً عند ظهور بعض المشاكل العملية.

وقد تم في تونس إضافة الفصل 141 (مكرر) إلى م.إ.ج. بواسطة مرسوم رئيس الحكومة، الذي نص على إمكانية إجراء المحاكمة عن بعد واللجوء للوسائل السمعية البصرية. لكن الفصل الجديد يبقى منقوصًا؛ لأنه يقتصر على الإجراءات الجزائية دون الإجراءات المدنية، كما أنه يقتصر على محاكمة المتهم فقط ولا يشمل بعض الجوانب الإجرائية؛ كتلقي شهادة الشهود والتقارير والإعلامات والتبليغ.

ثانيًا: التوصيات

نظرًا لحساسية المواد الإجرائية وتأثيرها على مآل الدعاوى؛ فإنه من الأفضل، في حالة الأزمات الصحية أو غيرها، تَدَخُّل المشرع القطري في هذا المجال بقانونٍ؛ ضمانًا للأمن القانوني، ويمكن أن يتم ذلك في إطار سن قانونٍ خاصٍ بحالة الطوارئ الصحية، على غرار ما هو موجود في فرنسا على سبيل المثال[160].

 هناك حاجةٌ ماسَّةٌ في قطر وتونس لوضع نصٍ صلبٍ لقانونٍ أو مجلةِ مرافعاتٍ ينظم كيفية تعليق الإجراءات في الحالات الاستثنائية ويحدد مجاله بكل دقةٍ، بطريقةٍ تأخذ بعين الاعتبار ضرورةَ استمرارية مرفق العدالة والاعتبارات المتعلقة بالأمن والصحة. ورغم كل الإيجابيات التي وفرها تدخل المجلس الأعلى للقضاء؛ فإنه من الأفضل - حسب رأينا - تدخُّل المُشرِّع في أقرب الآجال؛ لتنظيم الآجال خلال فترة الأزمات بما يوفر الأمن القانوني للمتقاضين، بالنظر إلى أن المسألة تتعلق بمادة الإجراءات، التي تم تنظيمها بمقتضى قانون، والتي تعتبر هامةً جدًا وتتطلب الدقةَ، وضبطها بنصوصٍ تتوفر فيها جميع الضمانات القانونية، مع بيان ميدان انطباقها.

تُظهِر الدراسةُ أيضًا الحاجةَ إلى التدخل بمقتضى نصٍ عامٍ؛ لتكريس القوة القاهرة في مادة المرافعات المدنية بالنظر إلى إمكانية تجاوز المتقاضين للآجال لسبب أو لآخر، خاصةً في عصرنا الحالي الذي انتشرت فيه الأزمات بشتى أنواعها. وفي غياب التنصيص على القوة القاهرة صراحةً في قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري ومجلة المرافعات المدنية والتجارية التونسية؛ فإنه يمكن للقاضي - إعمالًا لسلطته التقديرية - اللجوء للقوة القاهرة في مادة الإجراءات؛ لأنه ليس هناك ما يمنع من اللجوء لها لحماية الحقوق الإجرائية، خاصةً أن أثرها موجودٌ في هذه المادة، ولأن ضياع الحقوق الإجرائية يؤثر على الحقوق الموضوعية، وهو ما يفسر قبول القضاء بها في بعض القرارات. ونعتقد كذلك أن مفهوم المحاكمة العادلة يجيز اللجوء للقوة القاهرة. ويمكن اعتبار القوة القاهرة من المبادئ القانونية العامة التي يستحسن عدم تخصيص فرع من فروع القانون بها دون غيره من الفروع. وتبعًا لذلك، فإنه من الضروري عدم استبعاد الإصابة بفيروسٍ ما من نطاق القوة القاهرة وترك مسألة تقدير مدى توافر شروطها للسلطة التقديرية للقاضي.

بالإمكان في فترة الأزمات الاعتماد على بعض الحلول الظرفية، كإحالة الاختصاص الترابي. فبالنسبة إلى الدول التي يرتكز التنظيم القضائي فيها على الاختصاص الترابي للمحاكم يمكن التنصيص - في الحالات الاستثنائية - على إحالة الاختصاص كليًا أو جزئيًا لمحكمةٍ أخرى من نفس الطبيعة وضمن نفس الاختصاص. ويمكن أيضًا اعتماد الإجراءات الكتابية دون جلسة.

يجب الاهتمام بتنظيم عمل المحاكم خلال الحالات الاستثنائية؛ بوضع قواعدَ محددةٍ توضح إمكانية اللجوء إليها ومجالها بكل دقة. ومن أهم الإجراءات التي يمكن اعتمادها لتنظيم عمل المحاكم خلال فترة الجوائح المحاكمة عن بعد بواسطة وسائل الاتصال السمعي البصري المؤمنة. ويجب على المُشرِّع في هذا المجال الاهتمام برقمنة عمل المحاكم؛ حتى نصلَ إلى تفعيل المحاكمة عن بعدٍ بطريقةٍ ناجعةٍ.

وتبرز الدراسة الحاجة لاعتماد المحاكمة عن بعد والرقمنة كخيار استراتيجي. ورغم صدور عدة نصوص قانونية في تونس وقطر تبين التوجه العام نحو هذا الخيار، مثل صدور القانون القطري رقم (21) لسنة 2021؛ إلا أنه من الضروري التدخل لتعديل قانون المرافعات في قطر وم.م.م.ت. في تونس؛ حتى تستجيب لمقتضيات المحاكمة الإلكترونية في جميع تفاصيلها. ولا يجب أن تقتصر المحاكمة عن بعد على المادة الجزائية؛ إذ يجب أن تُعمَّمَ على المواد المدنية والتجارية والشغلية.

يتعين أقلمة مختلف الإجراءات التي تهمُّ عمل المحاكم، مثل الاستدعاءات ودفع المصاريف وشهادة الشهود والاختبارات والتوقيع والتنفيذ، بحيث تستجيب لمتطلبات الإنترنت التي تعتمد على كل ما هو غيرُ ماديٍ. وتُبرِزُ الدراسةُ الحاجةَ لتدريب القضاة حول طرق استعمال تقنيات التواصل الحديثة بطريقةٍ آمنةٍ؛ تسمح بالتواصل دون أي مشاكل مع كافة الأطراف المتدخلة في عملية التقاضي.

تعتمد المحاكمة في الميدان الجنائي على الوجدان الخالص للقاضي[161]، الذي يجب أن يُبنَى على ما هو يقين وجازم لا على الشك أو الظن. وقد يرى البعض أن اعتماد الفيديو كنفيرنس قد لا يحقق العدالة؛ لأنه قد لا يمكِّن القاضي من بناء حكمه على ما هو واقعيٌ وجازمٌ. ولكل هذه الأسباب؛ يجب التفكير المشترك بين الفنيين والمختصين في مجال القانون لتجاوز نقائص الفيديو كنفيرنس وتقديم الحلول العملية لتجاوزها، ويمكن في هذا المجال التفكير في تقنية الهولوغرام التي تعتمد على المشاهدة ثلاثية الأبعاد[162]، والتي تبرز الأبحاث إمكانية استعمالها مستقبلًا في الفيديو كنفيرنس.

 


 

المراجع

أولًا: العربية

بالكناني، فوزي بن أحمد. "جائحة كورونا بين تداخل الوصف القانوني وتشعب الآثار القانونية". المجلة الدولية للقانون، مج9، ع4 (2020)، عدد خاص حول (القانون وفيروس كورونا المستجد، كوفيد-19).

بن لطيف، محمد. "رقمنة إجراءات التقاضي في تونس"، دراسات قانونية، 2019-2020، ع25، القانون في زمن كوفيد-19.

بورسلي، عادل. "الأحكام القضائية أثناء عطلة جائحة فيروس كورونا الاستثنائية في الكويت بين المشروعية والبطلان"، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، س8،ع6،  (يونيو، 2020).

بوزوينة، محمد ياسين وصحراوي، نور الدين. "تأثير فيروس كورونا على المواعيد الإجرائية في القانون الجزائري". مجلة أبحاث، مج6، ع1 (2021).

خمان، سماح. "حماية المواعيد الإجرائية في ظل التعديلات التشريعية لمواجهة الأزمة الصحية لجائحة كوفيد-19: دراسة تحليلية مقارنة بين القانونين الفرنسي والكويتي"، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، س8، ملحق خاص، ع6 (يونيو 2020)

السبعاوي، ياسر باسم ذنون. "جائحة فيروس كورونا وأثرها في أحكام القوانين الإجرائية: دراسة مقارنة"، ملحق خاص، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، س8، ع6 (يونيو، 2020).

–––. "القوة القاهرة وأثرها على أحكام قانون المرافعات المدنية". مجلة الرافدين للحقوق، مج10، ع36 (2008).

الفرا، عبد الله خليل. "السبب الأجنبي وأثره على المواعيد في قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني"، مجلة جامعة الأزهر بغزة، سلسلة العلوم الإنسانية، مج14، ع2 (2012).

الزحيلي، وهبة. نظرية الضمان أو أحكام المسؤولية المدنية والجنائية في الفقه الاسلامي- دراسة مقارنة. دار الفكر، دمشق، 1998.

الفضل، منذر. الوسيط في شرح القانون المدني دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقوانين المدنية العربية والأجنبية معززة بآراء الفقه وأحكام القضاء. ط1، منشورات تاراس، 2006.

القابسي، ضو. البطلان والفسخ والسقوط والانعدام. مجمع الأطرش، تونس، 2017.

قطران، حاتم. "فيروس كورونا (كوفيد-19): قراءة نقدية في مقتضيات مرسوم رئيس الحكومة ع 8 لسنة 2020 مؤرخ في 17 أبريل 2020 يتعلق بتعليق الإجراءات والآجال": https://ar.leaders.com.tn

علي، جابر محجوب وراشد، طارق جمعة السيد. "أثر جائحة فيروس كورونا المستجد على التزام المدين بالتنفيذ العيني لالتزامه-دراسة تحليلية مقارنة في القانونين القطري والفرنسي"، المجلة الدولية للقانون، مج9، ع4 (2020)، عدد خاص حول (القانون وفيروس كورونا المستجد، "كوفيد-19").

الكشو، منصف. "القوة القاهرة في المرافعات المدنية والتجارية في زمن كورونا (كوفيد-19)"، http://arabunionjudges.org.

 

ثانيًا: الأجنبية

References:

Ali, Gaber Mahgoub, and Tarek Goma Elsayed Rashed. 2021. “Impact of the Novel Coronavirus Pandemic on the debtor’s Commitment to the Implementation of Their Liabilities - A Comparative Analytical Study in the Qatari and French Laws”. (in Arabic), International Review of Law 9 (4)https://doi.org/10.29117/irl.2020.0135

Al-Faḍl, Mundhir. al-wasīṭ fi sharḥ al-qānūn al-madanī, dirāsah muqaranah bayna al-Fiqh al-Islāmī wa-al-qawānīn al-madnīyah al-ʿarabīyah wa-al-ajnabīyah mū‘zzazah bi ārā al-Fiqh wa-ahkām alqaḍā. (in Arabic), manshūrāt Tārās, 2006.

Al-Farā, ‘abdallah Khalīl. "Al-sabab al-ajnabī wa-atharuhu ‘alā al-mawā‘īd fī qānūn uṣūl al-muḥākamāt al-madaniyyah wa-al-tijāriyyah al-falasṭīnī". (in Arabic), majallat jāmi‘at al-azhar bighazzah, silsilat al-‘ulūm al-insāniyyah 2012, al-mujallad 14, al-‘adad 2.

Al-Kshaw, Mūnṣif. "al-quwwa al-qāhirah fī al-murāfa‘āt al-madaniyyah wa-al-tijāriyyah fī zaman al-kūrūnah "kūvīd-19". (in Arabic), http://arabunionjudges.org/

Al-Qābsi, Ḍaw. Al-butlān wa-al-faskh wa-al-suqūṭ wa-al-in‘idām. (in Arabic), Majm‘ al-Aṭrash, Tūnis, 2017.

Al-sab‘awī, Yāsir bāsim Danūn. "al-quwwa al-qāhirah wa-atharuhā ‘lā ahkām qānūn al-murāfa‘āt al-madanīah". (in Arabic), majallat al-rāfidayn lilḥuquq, 2008, al-mujallad 10, al-ʿdad 36.

––––. "jāiḥat fayrūs kwrūnā wa-athruhā fī aḥkām al-qawānīn al-ijrāiyyah: dirāsah muqaranah". (in Arabic), majallat qulliyyat al-qānūn al-kuwaytiyyah al-ālamiyyah, al-sanah al-thāminah, mulḥaq khāṣ, al-‘adad 6, yūnyū, 2020.

Al-Zuhaylī, Wahbah. Naẓarīyat al-ḍamān aw aḥkām al-mas’ūlyah al-madnīyah wa-al-jināiyah fī al-Fiqh al-Islāmī -dirāsah muqāranah. (in Arabic), dimashk, Dār Al-Fikr, 1998.

Aynes, L. et autres. Droit de la crise: crise du droit ? Les incidences de la crise économique sur l’évolution du système juridique, Cinquième Journées René Savatier, Poitiers, 5 et 6 octobre 1995, P.U.F., Paris, 1997.

Bilknāni, Fawzī Bin Ahmad. "Jāiḥat kūrūnā bayna tadākhul al-waṣf alqānūni wa-tasha‘‘ub al-āthār al-qānūniyyah", (in Arabic), al-majallah al-dawliyyah lilqānūn, al-mujallad 9, al-‘adad 4 2020, ‘adad khāṣ ḥawla (al-qānūn wa-fayrūs kwrūnā al-mustajadd "kūvīd 19").

Biltayyif Muhammad, alqānūn fī zaman "kūvīd-19", (in Arabic), Dirāsāt qānūniyyah, 2019-2020, ‘adad 25, al-qānūn fī zaman kūvīd-19.

Būrslī, ‘ādil. "Al-a-ḥkām al-qaḍāiyyah athnāa ‘uṭlat jāiḥat fayrūs kwrūnā al-istithnāiyyah fī al-kuwayt bayna al-mashrū‘iyyah wa-al-buṭlān", (in Arabic), majallat qulliyyat al-qānūn al-kuwaytiyyah al-ālamiyyah, al-sanah al-thāminah, mulḥaq khāṣ, al-‘adad 6, yūnyū, 2020, p. 233.

Būzwīnah, Muhammad Yāsīn wa Ṣaḥrāwī, Nūreddine. "Tathīr fayrūs kūrūnā ‘alā al-mawā‘īd al-ijrāiyyah fī al-qānūn al-jazāirī". (in Arabic), majjallat abhāth, al-mujallad 6, al-‘adad 1, 2021.

Danūn Yāsir bāsim al-sab‘awī, "jāiḥat fayrūs kwrūnā wa-athruhā fī aḥkām al-qawānīn al-ijrāiyyah: dirāsah muqaranah", (in Arabic), Majallat qulliyyat al-qānūn al-kuwaytiyyah al-ālamiyyah, al-sanah al-thāminah, mulḥaq khāṣ, al-‘adad 6, yūnyū, 2020.  

Deshayes, O. ; Genicon T. et Laithier M.-Y. Réforme du droit des contrats, du régime général et de la preuve des obligation. 2è éd., 2018, LexisNexis

Khamān, Samāḥ. "Ḥimāyat al-mawā‘īd al-ijrāiyyah fī zilli al-tt‘dilāt al-tashrī‘yyah limuwājahati al-azmah al-ṣihiyyah lijāiḥat kūvīd 19-: dirāsah taḥlīliyyah muqāranah bayna al-qānūnayn al-firansī wa-al-kuwaytī". (in Arabic), majallat qulliyyat al-qānūn al-kuwaytiyyah al-ālamiyyah, al-sanah al-thāminah, mulḥaq khāṣ, al-‘adad 6, yūnyū, 2020.

Llop, E. Contentieux des agences de voyages: de la sécurité au futile. Tourisme et Droit, 2008.

Maḥjūb, Alī Jābir wa- Rashid, Ṭāraq Jum‘ah Al-Sayyid. "Athar jāiḥat fayrūs kwrūnā al-mustajadd ‘alā iltizām al-madīn bittanfīdh al-‘aynī liltizāmihi- dirāsah taḥlīlīyyah muqāranah fī al-qānūnayn al-qaṭarī wa-al-firansī", (in Arabic), al-majallah al-dawliyyah lilqānūn, al-mujallad 9, al-‘adad 4 2020, ‘adad khāṣ ḥawla (al-qānūn wa-fayrūs kwrūnā al-mustajadd "kūvīd 19").

Malaurie Ph., Aynes L. et Stoffel-Munck Ph., Droit des obligations, LGDJ, 10è éd., 2018.

Qutrān, Hātem. "fayrūs kwrūnā (kūvīd-19): kirāah nakdiyah fī moqtaḍayāt marsūm raīs al-hukūmah ʿdad 8 lisanat 2020 muarrakh fī 17 avrīl 2020 yataʿllaq bitaʿliq alijrāāt wa-al-ājāl". (in Arabic), https://ar.leaders.com.tn

Redissi, H., Dir. La Tunisie à l'épreuve du Covid-19, La Friedrich-Ebert-Stiftung. Bureau de Tunis, 2020.

 



[1] يعود أصل كلمة أزمة إلى كلمة قرار «décision»، وحكم «jugement». وتعرّف الأزمة، في بعض الأحيان، بأنها حالة مرضية. وفقًا لمعجم "Le Petit Larousse"، فإن الأزمة هي "التغيير المفاجئ، وغالبًا ما يكون حاسمًا، إما إيجابيًا أو سلبيّا في سياق مرض ما". انظر:

Dictionnaire Le Petit Larousse illustré, Larousse, 1994, p. 292.

[2] A. Chaineau, « Crise économique, crise juridique, crise de société: 1975-1995 », in. Droit de la crise: crise du droit ? Les incidences de la crise économique sur l’évolution du système juridique, Cinquième Journées René Savatier, Poitiers, 5 et 6 octobre 1995, P.U.F., Paris, 1997, p. 3.

[3] S. Aboudrar, « Droit de la régulation », P. aff., 2003, n° 250, p. 5.

[4] P. Dibout, « Le bilan dune crise », P. aff., 8 sep. 2005, n° 179, p. 45.

[5] تمثل الأزمة في المفهوم الصيني خطرا، وهي فرصة يتعين استغلالها لتطوير الوضع القائم. انظر:

L. Stoleru, Lambition internationale, Seuil, cité par L. Aynes, « Crise écono- mique et rapports de droit privé », in. Droit de la crise: crise du droit ? Les incidences de la crise économique sur l’évolution du système juridique, Op. cit., p. 71.

[6] M. Gaille et Ph. Terral, Dir., Les sciences humaines et sociales face à la première vague de la pandémie de Covid-19 Enjeux et formes de la recherche, Rapport, 20 novembre 2020, disponible sur le site: https://hal.archives-ouvertes.fr/halshs-03036192v1, p. 7.

[7] انظر حول مفهوم فيروس كوفيد وتأثيراته:

H. Redissi, Dir., La Tunisie à l'épreuve du Covid-19, La Friedrich-Ebert-Stiftung, Bureau de Tunis, 2020, disponible sur le site: http://library.fes.de/pdf-files/bueros/tunesien/16394.pdf, pp. 9 et s.

[8] يراجع على سبيل المثال المادتان 3 و4 من القانون القطري رقم (9) لسنة 2020، المؤرَّخ في 26 مارس 2020، بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (17) لسنة 1990، بشأن الوقاية من الأمراض المعدية، الجريدة الرسمية، 26 مارس 2020، ص76.

[9] صدرت في قطر بتاريخ 15 مارس 2020 حزمةٌ من القرارات والإجراءات الأميرية تتعلق بمكافحة انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19)، وتتعلق خاصة بإيقاف جميع الرحلات القادمة إلى الدوحة ابتداءً من مساء الأربعاء الموافق 18 مارس ولمدة 14 يومًا قابلة للتجديد، وكذلك إيقاف جميع وسائل المواصلات العامة. كما سًمِح لبعض الفئات من الموظفين بالعمل عن بعدٍ، مع اعتماد نفس الإجراءات بالنسبة إلى الدراسة. انظر حول هذه الإجراءات موقع الديوان الأميري: https://www.diwan.gov.qa

[10] اتخذ مجلس الوزراء الكويتي قرارًا بإسنادِ إجازة رسمية في البلاد من 12 إلى 26 مارس 2020، ثم تم التمديد فيها عديد المرات لتصلَ إلى غاية 30 يونيو من نفس السنة. انظر الموقع: https://www.aljarida.com؛ سماح خمان، "حماية المواعيد الإجرائية في ظل التعديلات التشريعية لمواجهة الأزمة الصحية لجائحة كوفيد-19: دراسة تحليلية مقارنة بين القانونين الفرنسي والكويتي"، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، س8 ملحق خاص، ع6 (يونيو، 2020)، ص103؛ عادل بورسلي، "الأحكام القضائية أثناء عطلة جائحة فيروس كورونا الاستثنائية في الكويت بين المشروعية والبطلان"، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، س8، ملحق خاص، ع 6، يونيو (2020)، ص234.

[11] انظر الأمر الرئاسي عدد 24 لسنة 2020، المؤرخ في 18 مارس 2020، المتعلق بمنع الجولان بكامل تراب الجمهورية، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، 20 مارس 2020، عدد 23، ص783.

[12] أمر رئاسي عدد 28 لسنة 2020، مؤرخ في 22 مارس 2020، يتعلق بتحديد الجولان والتجمعات خارج أوقات منع الجولان، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، 22 مارس 2020، ع 24، ص794.

[13] أمر حكومي عدد 156 لسنة 2020، مؤرخ في 22 مارس 2020، يتعلق بضبط الحاجيات الأساسية ومقتضيات ضمان استمرارية سير المرافق الحيوية في إطار إجراءات الحجر الصحي الشامل، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، 22 مارس 2020، ع 24، ص794.

[14] تنص المادة 137 من الدستور القطري على أنه: "يكون للقضاء مجلس أعلى يشرف على حسن سير العمل في المحاكم والأجهزة المعاونة لها".

[15] انظر بخصوص هذه المسألة: محمد أبو حجر، "الوطن ترصد سير العمل بالمحاكم"، متوفر على الموقع: https://www.al-watan.com، تاريخ الزيارة: 30 /6/2020.

[16] انظر موقع وزارة العدل: /https://www.justice.gov.tn وقد جاء في هذا البلاغ ما يلي: "عملًا بالقرارات المنبثقة عن مجلس الأمن القومي الملتئم بتاريخ 20 مارس 2020 والمتعلقة خاصةً بإقرار حجرٍ صحيٍ عامٍ؛ تعلم وزارة العدل أنه تقرَّر بداية من يوم الاثنين 23 مارس 2020 وإلى غاية يوم 4 أبريل 2020 مواصلة تعليق العمل بالمحاكم على أن يقتصر نشاطها على كل من النيابة العمومية والتحقيق والدوائر الجزائية وأعمال الكتابة المرتبطة بها في إطار منظومة استمرار. كما يُعلق نشاط كتابات المحاكم فيما يتعلق بتقديم الطعون وتعيين ونشر القضايا الجديدة".

[17] انظر الفصل 114 من دستور 27 يناير 2014.

[18] وقد أصدر المجلس الأعلى للقضاء عدة مذكرات أخرى، مثل تلك الصادرة في 21 مارس 2020 و31 ديسمبر 2020 و30 يناير 2021 و11 مارس 2021 و4 أبريل 2020 و28 أبريل 2020 و9 مايو 2020 و28 سبتمبر 2020 و31 مايو 2021، انظر موقع المجلس الأعلى للقضاء: https://www.csm.nat.tn

[19] قانون عدد 19 لسنة 2020، مؤرخ في 12 أبريل 2020، يتعلق بالتفويض إلى رئيس الحكومة في إصدار مراسيم لغرض مجابهة تداعيات انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19)، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، 12 أبريل 2020، عدد 31، ص894.

[20] الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، 18 أبريل 2020، عدد 33، ص927.

[21] الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، 29 أبريل 2020، عدد 36، ص1020.

[22] الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، 12 مايو 2020، عدد 41، ص998.

[23] Loi n° 2020-290 du 23 mars 2020 durgence pour faire face à l’épidémie de Covid-19, JO n° 0072, 24 mars 2020, texte n° 2.

[24] وتطبيقًا لهذا القانون صدر الأمر الحكومي ordonnance))، رقم 304-2020، المؤرَّخ 25 مارس 2020، بشأن أقلمةِ القواعد المنطبقة أمام المحاكم في المسائل غير الجنائية (انظر: الرائد الرسمي للجمهورية الفرنسية عدد 0074، مؤرخ في 26 مارس 2020، متوفر على الموقع: /https://www.legifrance.gouv.fr)، والذي عًدِّلَ بعد ذلك بالأمر الحكومي عدد 460/2020، المؤرخ في 22 أبريل 2020 (انظر: الرائد الرسمي للجمهورية الفرنسية، عدد 0099، مؤرَّخ في 23 أبريل 2020 نص رقم 15). وبعد تمديد فترة الطوارئ الصحية إلى غاية 10 يوليو 2020، بالقانون رقم 546-2020 المؤرَّخ في 11 مايو 2020 عُدِّلَ الأمر الحكومي رقم 304-2020، بالأمر الحكومي عدد 595-2020، المؤرَّخ في 20 مايو 2020، ثم بالأمر الحكومي عدد 1400/2020 المؤرَّخ في 18 نوفمبر 2020 (انظر: الرائد الرسمي للجمهورية الفرنسية، عدد 0280، مؤرخ في 19 نوفمبر 2020)، والذي صدر بعد تمديد فترة الطوارئ الصحية بمقتضى القانون عدد 1379/2020، المؤرخ في 14 نوفمبر 2020.

[25] Ordonnance du 18 mars 2020, sur la suspension des poursuites au sens de lart. 62 de la loi fédérale sur la poursuite pour dettes et la faillite ; Ordonnance du 20 mars 2000, sur la suspension des délais dans les procédures civiles et administratives pour assurer le maintien de la justice en lien avec le coronavirus (COVID-19) ; Ordonnance du 16 avril 2020, modifiée le 25 septembre 2020, instaurant des mesures en lien avec le coronavirus dans le domaine de la justice et du droit procédural (Ordonnance COVID-19 justice et droit procédural), https://www.bj.admin.ch/bj/fr/

[26] تظهر دراسة للمجلس الوطني للمحامين في فرنسا، نُشرَت في 21 أبريل 2020، أن 97٪ من المحامين تأثروا سلبيًا من الناحية المالية، إلى حد أن 28٪ منهم قد عبروا عن رغبتهم في تغيير مهنتهم بعد الأزمة، في حين أكد 6٪ أنهم سيمارسون حقهم في طلب التقاعد المبكر. انظر:

 L. Garnerie, "Avocats: de la crise sanitaire à la crise existentielle", Gaz. Pal., 28 avr. 2020, n° 378b9, p. 5.

وقد أدى كل هذا إلى تعليق سداد مساهمات المحامين في المجالس التي تمثلهم وكذلك تأجيل سداد الضرائب، وإقرار حقهم -مع غيرهم من أصحاب المهن الحرة- في الحصول على مساعدات اجتماعية. انظر:

http://dl.avocatparis.org/com/mailing2020/Covid_19_communique3_cotisations.html ; https://www.impots.gouv.fr ; B. Pitcho, "Lavocature au temps du Covid-19", Gaz. Pal., 28 avril 2020, n° 377y2, p. 12.

[27] نتيجةً للأزمة؛ وقع تعليق دفع المبالغ المتعلقة بالإيجار وفواتير المياه والغاز والكهرباء الخاصة بالمباني المهنية للمؤسسات التي تأثر نشاطها بانتشار الوباء. كما استُحدث صندوق للتضامن، انظر:

Décret n° 2020-378 du 31 mars 2020, relatif au paiement des loyers, des factures d'eau, de gaz et d'électricité afférents aux locaux professionnels des entreprises dont l'activité est affectée par la propagation de l'épidémie de covid-19, JORF, n°0079, 1er avril 2020, texte n° 26 ; Ordonnance n° 2020-317 du 25 mars 2020 portant création d'un fonds de solidarité à destination des entreprises particulièrement touchées par les conséquences économiques, financières et sociales de la propagation de l'épidémie de covid-19 et des mesures prises pour limiter cette propagation, JORF, n° 0074 du 26 mars 2020, texte n° 39 ; Décret n° 2020-394 du 2 avril 2020 modifiant le décret n° 2020-371 du 30 mars 2020 relatif au fonds de solidarité à destination des entreprises particulièrement touchées par les conséquences économiques, financières et sociales de la propagation de l'épidémie de covid-19 et des mesures prises pour limiter cette propagation, JORF, n° 0081 du 3 avril 2020, texte n° 10.

[28] بالنسبة إلى دولة قطر - ونظرًا للشلل الذي أصاب عديد المؤسسات الخاصة - تم اتخاذ قرارٍ أميري يتعلق بتقديم مُحفِّزات مالية واقتصادية بمبلغ 75 مليار ريالٍ قطريٍ للقطاع الخاص. انظر حول هذا القرار موقع الديوان الأميري: https://www.diwan.gov.qa، تاريخ الزيارة: 15/9/2021.

[29] Décret n° 2021-960 du 20 juillet 2021, instituant une aide visant à soutenir les entreprises multi-activités dont l'activité est particulièrement affectée par l'épidémie de covid-19, JORF, n°0167 du 21 juillet 2021, texte n° 11 ; Y. Broussolle, "Les principales dispositions du décret du 20 juillet 2021 instituant une aide visant à soutenir les entreprises multi-activités dont l'activité est particulièrement affectée par l'épidémie de Covid-19", LPA, 31 oct. 2021, n° 201d8, p. 27.

[30] انظر: مرسوم رئيس الحكومة عدد 20 لسنة 2020، مؤرَّخ في 21 مايو 2020، يتعلق بضبط أحكامٍ استثنائية تتعلق بإنجاز الصفقات العمومية الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، 22 مايو 2020، عدد 46، ص1257. كما صدر مرسوم من رئيس الحكومة عدد 4 لسنة 2020، مؤرَّخ في 14 أبريل 2020، يتعلق بسن إجراءاتٍ اجتماعيةٍ استثنائيةٍ وظرفيةٍ؛ لمرافقة المؤسسات والإحاطة بأُجرائها المتضررين من التداعيات المنجرَّة عن تطبيق إجراءات الحجر الصحي الشامل؛ توقيًا من تفشي فيروس كورونا "كوفيد-19" (الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، 14 أبريل 2020، عدد 32، ص901). وفي نفس الاتجاه صدر المرسوم عدد 6 لسنة 2020، المؤرخ في 16 أبريل 2020، المتعلق بسنِ إجراءاتٍ جبائيةٍ وماليةٍ؛ للتخفيف من حدةِ تداعيات انتشار فيروس كورونا "كوفيد-19" (الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، 18 أبريل 2020، عدد 33، ص923). انظر أيضًا الأمر الحكومي عدد 308 لسنة 2020، مؤرخ في 8 مايو 2020، يتعلق بضبط مقاييسَ تعريف المؤسسات المتضررة وشروط انتفاعها بأحكام مرسوم رئيس الحكومة عدد 6 لسنة 2020 المؤرخ في 16 أبريل 2020 المتعلق بسن إجراءاتٍ جبائيةٍ وماليةٍ؛ للتخفيف من حدة تداعيات انتشار فيروس كورونا "كوفيد-19"، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، 8 مايو 2020، عدد 40، ص1082؛ والأمر الحكومي عدد 309 لسنة 2020، مؤرَّخ في 8 مايو 2020، يتعلق بضبط شروط الانتفاع وصيغ التصرف في خط الاعتماد المخصص لإعادة تمويل قروض إعادة الجدولة المسندة من قبل البنوك لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة المتضررة من تداعيات انتشار فيروس كورونا "كوفيد-19"، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، 8 مايو 2020، عدد 40، ص1083.

[31] كما أعفيت السلع الغذائية والطبية من الرسوم الجمركية لمدةِ ستة أشهر، بالإضافة إلى إعفاءِ عديد القطاعات من رسوم الكهرباء والماء لمدة ستة أشهر، ونفس الشيء بالنسبة إلى دفع معلوم الإيجار للمناطق اللوجستية والصناعات الصغيرة والمتوسطة. يراجع بخصوص هذه الحزمة من الإجراءات موقع الديوان الأميري: https://www.diwan.gov.qa

[32] انظر القانون القطري رقم (9) لسنة 2020، المؤرَّخ في 26 مارس 2020، بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (17) لسنة 1990، بشأن الوقاية من الأمراض المعدية، سابق الذكر؛ وانظر أيضًا قرار وزير الصحة العامة رقم (16) لسنة 2020 بتعديل الجدول الملحَق بالمرسوم بقانون رقم (17) لسنة 1990 بشأن الوقاية من الأمراض المعدية، الجريدة الرسمية، 26 مارس 2020، عدد 6، ص117؛ وانظر الفصل الأول من الأمر الحكومي التونسي عدد 152 لسنة 2020 المؤرَّخ في 13 مارس 2020 المتعلق باعتبار الإصابة بفيروس كورونا الجديد "كوفيد-19" من صنف الأمراض السارية المدرَجة بالمرفق الملحق بالقانون عدد 71 لسنة 1992 المؤرخ في 27 يوليو 1992 المتعلق بالأمراض السارية، سابق الذكر.

[33] ينص الفصل 3 من الأمر الحكومي عدد 152 لسنة 2020 المؤرخ في 13 مارس 2020 على أن: "كل مخالفة للتحجيراتِ وتدابير الوقايةِ والمراقبة التي تتخذها أو تأذن بها السلطة الصحية تُعرِّضُ مرتكبها للعقوبات المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل".

[34] في 15 مارس 2020، أوقفت في قطر جميع وسائل المواصلات العامة، مع السماح لبعض الفئات من الموظفين بالعمل عن بعد؛ تجنبًا للاختلاط وتحقيقًا لمتطلبات التباعد الاجتماعي. انظر حول هذه الإجراءات موقع الديوان الأميري: https://www.diwan.gov.qa، تاريخ الزيارة: 17/9/2021.

[35] انظر الفصل 2 من مقرر وزير الدولة لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد، مؤرخ في 22 مارس 2020، يتعلق بالإجراءات لضمان استمرارية المرافق الحيوية في إطار تطبيق الحجر الصحي الشامل.

[36] صدر القانون رقم 5 لسنة 2020، بتعديل المادة 17 من قانون المرافعات رقم 38 لسنة 1980 بإضافة المادة 17 مكرَّر والتي نصت على أنه: "في الأحوال التي يقرُّ فيها مجلس الوزراء تعطيل أو وقف العمل في المرافق العامة؛ حمايةً للأمن [...] أو الصحة العامة [...]، لا تحتسب مدة التعطيل أو التوقف ضمن المواعيد الإجرائية المنصوص عليها في هذا القانون [...]، على أن يُستأنَف احتسابُها اعتبارًا من اليوم الذي يعينه مجلس الوزراء للعودة إلى العمل".

[37] رغم أن المادة 69 من الدستور الدائم لدولة قطر لسنة 2004 خوَّلت للأمير: "أن يعلن بمرسومٍ الأحكام َالعرفية في البلاد؛ وذلك في الأحوال الاستثنائية التي يحددها القانون"، ورغم أن القانون رقم (9) لسنة 2007 بشأن الأحكام العرفية ينص على حالة انتشار وباءٍ؛ إلا أنه لم يتم اعتماد هذا الحل. كما لم يتم في قطر إصدار قانون ينظِّم حالة الطوارئ الصحية على خلاف بعض التجارب الأخرى، مثل فرنسا التي أصدرت قانون 23 مارس 2020، سابق الذكر. لكن المشرع القطري تدخل لتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (17) لسنة 1990، بشأن الوقاية من الأمراض المعدية بمقتضى القانون رقم (9) لسنة 2020، المؤرخ في 26 مارس 2020، سابق الذكر. كما تم إصدار قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (4) لسنة 2020 بتنظيم اللجنة العليا لإدارة الأزمات، الجريدة الرسمية، عدد 9، بتاريخ: 10/5/2020، ص241.

[38] انظر الإعلام الصادر عن المجلس الأعلى للقضاء، بتاريخ 14/3/2020، متوفر على الرابط: https://twitter.com/sjcgovqa/status/1238751741828628480، تاريخ الزيارة: 17/3/2022؛ انظر أيضا بخصوص هذه المسألة: محمد أبوحجر، "الوطن ترصد سير العمل بالمحاكم"، https://www.al-watan.com، تاريخ الزيارة: 30/6/2020.

[39] انظر الإعلام الصادر عن المجلس الأعلى للقضاء، بتاريخ 25 مارس 2020، متوفر على الرابط: https://twitter. com/sjcgovqa/status/1242742378802413569، تاريخ الزيارة: 13/11/2021.

[40] يراجع الإعلام الصادر عن المجلس الأعلى للقضاء، بتاريخ 18 مايو 2020، متوفر على الرابط: https://twitter.com/sjcgovqa/status/1262370662343159808، تاريخ الزيارة: 25/10/2021؛ "مجلس القضاء: استمرار تعلیق جلسات محكمتي الاستئناف والابتدائية يشمل لجان فض المنازعات العمالیة والإیجاریة"، جريدة الشرق، الأحد، 29/3/2020، متوفر على الموقع:

https://alsharq.com/article/29/03/2020/، تاريخ الزيارة: 9/11/2021.

[41] انظر الإعلام الصادر عن المجلس الأعلى للقضاء، بتاريخ 24 مارس 2020، متوفر على الموقع: https://twitter. com/sjcgovqa/status/1242383902586671105، تاريخ الزيارة: 13/11/2021.

[42] الجريدة الرسمية، 10 أكتوبر 2003، عدد 9، ص42.

[43] بما أنه لا يُوجد نصٌ قانوني صريح يسند الاختصاص فيما يتعلق بمادة الإجراءات إلى المجلس الأعلى للقضاء؛ فإن البعض قد يرى في عبارة: "والموضوعات التي يرى رئيس المجلس عرضها عليه" الأساس القانوني لتدخله خلال جائحة كوفيد-19.

[44] القانون سابق الذكر.

[45] المرسوم سابق الذكر.

[46] ينص الفصل 2 من المرسوم على ما يلي: "يسري التعليق المشار إليه بالفصل الأول من هذا المرسوم بدايةً من 11 مارس 2020 ويُستأنف احتساب الآجال المذكورة بعد شهرٍ من تاريخ نشر أمر حكومي في الغرض".

[47] تجدر الإشارة إلى أن مفهوم الحجر الصحي الموجه لم يظهر إلا بعد انتهاء الحجر الصحي الشامل؛ وبذلك فإنه غير مشمولٍ منطقيا بهذا المرسوم. انظر: حاتم قطران، "فيروس كورونا "كوفيد-19": قراءة نقدية في مقتضيات مرسوم رئيس الحكومة عدد 8 لسنة 2020 مؤرخ في 17 أبريل 2020 يتعلق بتعليق الإجراءات والآجال"، متوفر على الموقع: https://ar.leaders.com.tn

[48] استمر الحجر لغاية 4 أبريل 2020، ثم وقع تمديده على إثر اجتماع مجلس الأمن القومي، لمدة أسبوعين إضافيين؛ أي إلى 19 أبريل 2020، ثم مدد إلى الثالث من شهر مايو 2020.

[49] أمر حكومي عدد 411 لسنة 2020 مؤرخ في 3 يوليو 2020 يتعلق برفع الحجر الصحي الشامل وإنهاء العمل ببعض أحكام الأمر الحكومي عدد 156 لسنة 2020 المؤرَّخ في 22 مارس 2020 المتعلق بضبط الحاجيات الأساسية ومقتضيات ضمان استمرارية سير المرافق الحيوية في إطار تطبيق إجراءات الحجر الصحي الشامل، الرائد الرسمي، 3 يوليو 2020، عدد 63، ص1405.

[50] يتعلق بتطبيق أحكام الفصل 2 من مرسوم رئيس الحكومة عدد 8 لسنة 2020 المؤرخ في 17 أبريل 2020 المتعلق بتعليق الآجال والإجراءات، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، 15 مايو 2020، عدد 43، ص1190.

[51] تجدر الإشارة إلى أن الحكومة التونسية أقرَّت يوم 19 يناير 2021 حجرًا صحياً شاملاً لمدة أربعة أيام، تبدأ من يوم 21 يناير، وتستمر إلى غاية يوم 24 من نفس الشهر، مع تعليق الدراسة في كافة مؤسسات التعليم العمومي والخاص.

[52] Art. 3 de l'Ordonnance n° 2020-303 du 25 mars 2020, portant adaptation de règles de procédure pénale sur le fondement de la loi n° 2020-290 du 23 mars 2020 d'urgence pour faire face à l'épidémie de covid-19, JORF, n°0074 du 26 mars 2020.

[53] قطران، رقم 5.

[54] انظر لزيد من التفصيل:

S. Kraiem, "Covid 19 et droit processuel", Etudes juridiques, 2019-2020, n° 25, Le droit au temps de la Covid-19, pp. 142 et s.

[55] الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، 14 أبريل 2020، عدد 32، ص899.

[56] المرسوم سابق الذكر.

[57] الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، 29 /4/2020، ع36، ص1021.

[58] الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، 29 /4/ 2020، ع36، ص1021.

[59] N. Brahmi Zouaoui, "L'investissement direct à l'épreuve du Coronavirus "Covid-19" Le droit à la santé ou la santé du droit", Etudes juridiques, 2019-2020, n° 25, Le droit au temps de la Covid-19, pp. 70 et s.

[60] خمان، ص105.

[61] مما يؤكد الطابع الظرفي الذي اتسم به المرسوم عدد 8 لسنة 2020 المؤرخ في 17 أبريل 2020 أنه تم سن قانونٍ عدد 13 لسنة 2021 مؤرخ في 7 أبريل 2021 يتعلق بأحكام استثنائية خاصة بتعليق الآجال أمام المحاكم خلال الفترة الممتدة من 23 نوفمبر 2020 إلى 31 يناير 2021. انظر الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، 13/4/2021، ع33، ص859.

[62] يراجع حول مفهوم القوة القاهرة: علي جابر محجوب وراشد طارق جمعة السيد، "أثر جائحة فيروس كورونا المستجد على التزام المدين بالتنفيذ العيني لالتزامه - دراسة تحليلية مقارنة في القانونين القطري والفرنسي"، المجلة الدولية للقانون، مج 9، ع4 (2020)، عدد خاص حول (القانون وفيروس كورونا المستجد، "كوفيد-19")، ص23.

[63] انظر: / http://www.csm.nat.tn

[64] تجدر الإشارة إلى أن موقف الهيئة الوطنية للمحامين والمجلس الأعلى للقضاء لا يمكن أن يكون سندًا قانونيًا لقبول تمديد آجال التقاضي؛ بالنظر لعدم اختصاصهما التشريعي، لكن موقفهما له قيمةٌ رمزيةٌ؛ بالنظر إلى تأثيرهما على مرجع نظرهما وأهل الاختصاص.

[65] CA Toulouse, 3 oct. 2019, n° 19/01579 ; CA Besançon, 8 janv. 2014, n° 12/02291, disponible sur le site: https://www.doctrine.fr/d/CA/Besancon/2014/UD20CE7835F C8358DDE7A

[66] CA Paris, 17 mars 2016, n° 15/04263 ; J. MEL, "Les chantiers à l'heure du Covid-19", Gaz. Pal., 19 mai 2020, n° 19, p. 51.

[67] CA Basse-Terre, 17 décembre 2018, RG n°17/00739.

[68] TI Paris, 4 mai 2004, n° 11-03-000869, cité par E. LLOP, Contentieux des agences de voyages: de la sécurité au futile, Tourisme et Droit 2008, n° 102, p. 29.

[69] انظر حول هذه الشروط:

O. Deshayes ; T. Genicon et M.-Y. Laithier, Réforme du droit des contrats, du régime général et de la preuve des obligations, 2è éd., 2018, LexisNexis, pp. 537 et s.

[70] انظر حول هذه المسألة:

Cass. ass. plén., 14 avr. 2006, n° 02-11168, Bull. ass. plén., n° 5.

[71] ما يلاحظ في المواد المتعلقة بالقوة القاهرة في القانون المدني القطري (انظر تحديدًا المواد 187 و188 و204 و256) وم.إ.ع. التونسية (الفصل 282) أنها لا تشترط أن يكون السبب الأجنبي خارجيًا؛ بل فقط أن "لا يكون له يدٌ فيه"، أو "غير منسوب إليه"، وهو ما يوسع في إمكانية اعتبار المرض بصفةٍ عامةٍ وفيروس كوفيد، بصفةٍ خاصةٍ، من قبيل القوة القاهرة؛ انظر فوزي بن أحمد بالكناني، "جائحة كورونا بين تداخل الوصف القانوني وتشعب الآثار القانونية"، المجلة الدولية للقانون، مج 9، ع4 (2020)، عدد خاص حول (القانون وفيروس كورونا المستجد، "كوفيد-19")، ص49.

[72] انظر على سبيل المثال:

Cass. 1re civ., 10 févr. 1998, n° 96-13316: Bull. Civ. I, n° 53 ; Defrénois 15 sept. 1998, n° 36860-113, p. 1051, obs. Mazeaud D. ; JCP G, 1998, I 1985, obs. Viney G. ; RTD civ. 1998, p. 689, obs. Jourdain P. On peut lire dans cet arrêt ce qui suit : « attendu quayant constaté quen raison de sa maladie, Mme X navait pu suivre lenseignement donné par l’école, la cour dappel a justement considéré que cette maladie, irrésistible, constituait un événement de force majeure, bien que n’étant pas extérieure à celle-ci ».

[73] قضت محكمة التمييز القطرية بأن: "غلاء الأسعار والركود الاقتصادي يعد أمرًا متوقعًا وليس حادثًا فجائيًا". تمييز مدني، 5 يوليو 2018، الطعن رقم 257، متوفر على موقع المجلس الأعلى للقضاء: eservices.sjc.gov.qa/Portal_1/ahkam/detailspage.aspx?slno= 3221&gcc=1

[74] استعمل الفقهاء المسلمون عبارة الآفة السماوية للدلالة على الأمر غير المتوقع والذي لا يمكن تلافيه. انظر: منذر الفضل، الوسيط في شرح القانون المدني دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقوانين المدنية العربية والأجنبية معززة بآراء الفقه وأحكام القضاء، ط1، منشورات تاراس، 2006، ص346؛ وهبة الزحيلي، نظرية الضمان أو أحكام المسؤولية المدنية والجنائية في الفقه الاسلامي- دراسة مقارنة، دمشق، دار الفكر، 1998، ص37.

[75] يذهب جانب من الفقه إلى التمييز بين فترة ما قبل ظهور الجائحة، والتي يمكن فيها تطبيق القوة القاهرة، والفترة التي تلت ظهور الجائحة والإعلان عنها، والتي لا تندرج ضمن حالات القوة القاهرة؛ بالنظر إلى أن الجائحة أصبحت متوقعة. انظر: بالكناني، ص45 وما بعدها.

[76] ورغم ذلك فإن تقدير مسألة عدم إمكانية التوقع، تبقى خاضعةً لاجتهاد القاضي الذي يمكن أن يستنتج من الواقع ومن العدد اليومي للإصابات ومن الظروف والملابسات، ومن انتشار الفيروس داخل أسرة الشخص أو في المحيط القريب منه، إمكانية توقُّع الإصابة، وبالتالي انتفاء القوة القاهرة.

[77] CA Colmar, 12 mars 2020, n° 20/01098, L. Bocquillon et autres, "Covid-19: Comment faire face aux difficultés d'exécution des contrats de droit privé ? ", LPA, 18 mai 2020, n° 099, p. 10.

[78] Cass., 2e civ., 25 mars 2021, n° 20-10654, ECLI:FR:CCASS:2021:C200263, Sté X c/ SA Prima, FP (rejet pourvoi c/ CA Paris, 15 oct. 2019) ; M. Guez, "Article 910-3 du Code de procédure civile: la Cour de cassation définit la force majeure", Gaz. Pal., 20 juill. 2021, n° 424v7, p. 62.

[79] قضت محكمة التمييز القطرية بأنه يقصد بالسبب الأجنبي: "القوة القاهرة أو الحادث الفجائي، والذي يجعل تنفيذ العقد مستحيلًا استحالةً مطلقةً، ويقع عبءُ إثباته على عاتق المدين"، تمييز مدني، 5 يوليو 2018، الطعن رقم 257، السابق الذكر.

[80] Orientations de la Commission européenne, Interpretative Guidelines on EU passenger rights regulations in the context of the developing situation with Covid-19, 18 mars 2020, n° 1830 final, art. 3.2.

[81] T. com. Évry, 1er juill. 2020, n° 2020R0092, GTM Bâtiment c/ Campus Agro, M. Platz, prés, https://lext.so/-poCJZ ; D. HOUTCIEFF, "La force majeure à l'épreuve du coronavirus", Gaz. Pal., 15 sept. 2020, n° 31, p. 29. Les juges ont considéré que: « la survenance de cet évènement trouve sa source dans un pays étranger (la Chine) où la pandémie est apparue, postérieurement à la date de signature du contrat du 2 octobre 2017 ; quil lui est totalement étranger et sans rapport avec lui »: l’évènement était donc évidemment « extérieur au débiteur ».

[82] L. Aynès, a. Bénabent, "Force majeure et révision pour imprévision", Revue des contrats, n° 1, 2021, p. 157.

[83] CA  Grenoble, ch. com., 5 nov. 2020, n° 16/04533, M. A. c/ SAS Appart City, Mme Blanchard et M. Bruno, cons. ; Me Villemagne, Selarl Deschamps & Villemagne, Me Abad, av. ; D. Houtcieff, "Covid-19 et force majeure: une appréciation rigoureuse de la condition d'irrésistibilité", Gaz. Pal., 5 janv. 2021, n° 392w6, p. 33.

[84] قضت إحدى المحاكم الفرنسية بتوفر شروط القوة القاهرة بالنسبة إلى إحدى المؤسسات التي لم تستطع إنجاز عملها بسبب الأوامر الحكومية التي وقع اتخاذها والتي تمنع التجمعات؛ مما انعكس سلبًا على قدرتها على الوفاء بتعهداتها. وقد جاء في إحدى حيثيات الحكم ما يلي:

« () lautonomie de lentreprise à gérer la crise du Covid-19 [était] totalement dépendante, soit du caractère létal dudit virus, soit de règlements édictés par le gouvernement français, (), soit de la présence aléatoire de bon nombre de salariés difficilement remplaçables, (), lensemble de ces dispositions simposant à elles, () de sorte que les conditions nécessaires à la poursuite du chantier [n’étaient] plus réunies ». T. com. Évry, 1er juill. 2020, n° 2020R0092, précité.

[85] L. Bocquillon et autres, article précité, loc. cit.

[86] يراجع المواد 93 و104 و107 و122 و179 إلى 182 و199 إلى 201 و222 و265 و267 و370 من القانون رقم (23) لسنة 2004، المؤرَّخ في 30 يونيو 2004، بإصدار قانون الإجراءات الجنائية، الجريدة الرسمية، 29 أغسطس 2004، عدد 12، ص752.

[87] قطران، المرجع؛ قد يكون من بين أسباب عدم اللجوء لتنقيح م.م.م.ت. لتكريس القوة القاهرة أن قانون 12 أبريل 2020، الذي فوض لرئيس الحكومة اتخاذ مراسيم، قد اشترط أن تصدر: "لغرض مجابهة تداعيات انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19)"، بما يعني عدم إمكانية التوسع بسن نصوص عامة.

[88] ت.م.، 29 أبريل 1989، عدد 63213، مجلة القضاء والتشريع، عدد7، 1998، ص57.

[89] يراجع الفصول 13 و143 و185 و195 م.م.م.ت.؛ ضو القابسي، البطلان والفسخ والسقوط والانعدام، مجمع الأطرش، تونس، 2017، ص185 وما بعدها.

[90] لا يوجد في فرنسا نص عام يعلق أو يقطع الآجال في حالة القوة القاهرة، فالفصل 2234 يتعلق بآجال التقادم، الأمر الذي دفع المشرع الفرنسي للتدخل بنصوص متعددة لمحاولة مجابهة الآثار السلبية لجائحة كوفيد-19، انظر حول هذه المسألة:

Loi n° 2020-290 du 23 mars 2020 durgence pour faire face à l’épidémie de Covid-19, précitée ; Ordonnance n° 2020-304 du 25 mars 2020, précitée ; Ordonnance n° 2020-306 du 25 mars 2020 relative à la prorogation des délais échus pendant la période d'urgence sanitaire et à l'adaptation des procédures pendant cette même période, JORF, n°0074 , 26 mars 2020, texte n° 9 ; G. Sansone, "L'épidémie de Covid-19 et les délais de procédure", L'ESSENTIEL Droit de l'immobilier et urbanisme, mai 2020, n° 113f6, p. 5.

[91] انظر ياسر باسم ذنون السبعاوي، "جائحة فيروس كورونا وأثرها في أحكام القوانين الإجرائية: دراسة مقارنة"، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، السنة الثامنة، ملحق خاص، ع6 (يونيو، 2020)، ص521.

[92] يراجع حول موقف المشرع الفلسطيني، عبد الله خليل الفرا، "السبب الأجنبي وأثره على المواعيد في قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني"، مجلة جامعة الأزهر، غزة، سلسلة العلوم الإنسانية، مج 14، ع 2 (2012)، ص383 وما بعدها.

[93] انظر حول موقف المشرع الكويتي: خمان، ص99 وما بعدها.

[94] يمكن تعريف السقوط بأنه الجزاء الذي يترتب على عدم استعمال الحق الإجرائي خلال الأجل الذي ضبطه القانون.

[95] تنص المادة 322/1 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري: "كل الآجال المقررة في هذا القانون من أجل ممارسة حق، أو من أجل حق الطعن، يترتب على عدم مراعاتها سقوط الحق، أو سقوط ممارسة حق الطعن، باستثناء حالة القوة القاهرة أو وقوع أحداث من شانها التأثير في السير العادي لمرفق القضاء". انظر حول هذه المادة: محمد ياسين بوزوينة ونور الدين صحراوي، "تأثير فيروس كورونا على المواعيد الإجرائية في القانون الجزائري"، مجلة أبحاث، مج 6، ع 1 (2021)، ص368.

[96] راجع بالنسبة إلى القانون القطري المواد 187 و188 و204 و256 و677-2 و690 و691-1 و805-1 و965-2 و1022-2، وبالنسبة إلى القانون التونسي الفصلين 282 و283 م.إ.ع.

[97] انظر ياسر باسم ذنون السبعاوي، "القوة القاهرة وأثرها على أحكام قانون المرافعات المدنية"، مجلة الرافدين للحقوق، مج 10، ع36 (2008)، ص53.

[98] تجدر الإشارة إلى أن قانون المرافعات القطري يمكن من اللجوء للقوة القاهرة، ولو بصفة ضمنية، في بعض الحالات المحددة. فمثلا تنص المادة 157 على حالة وقف سير الدعوى: "لأي سبب من الأسباب"، وتشير المادة 197 المتعلقة بالتحكيم إلى حالة تَعذُّر إصدار حكمٍ من المحكمين "لسببٍ قهري"، وتذكر المادة 262 السبب الأجنبي كسبب من أسباب الإثبات بالبينة. كما أن نفس القانون يجيز الأخذ بالعذر في عديد الحالات (يراجع المواد: 49 و239 و248 و282 و318 و320) ويشترط أحيانًا أخرى أن يكون العذرُ مقبولًا (انظر المواد: 67 و245 و279 و312 و346 و351).

[99] يراجع الفصل 339 م.م.م.ت. الذي يتحدث عن العذر الشرعي والفصل 433 الذي ينص على "سببٍ خطيرٍ مبررٍ كما يجب...".

[100] رغم عدم ذكر القوة القاهرة بصفة صريحة في قانون المرافعات العراقي؛ إلا أن أثرها موجود في المادين 84 و174. انظر حول هذه المسألة: السبعاوي، "جائحة فيروس كورونا"، ص526 وما بعدها.

[101] انظر: تمييز مدني، 5 يوليو 2018، الطعن رقم 257؛ ت. م.، 15983/2013، مؤرخ في 22 يناير 2015، غير منشور؛ ت. م.، عدد 52107/2017، مؤرخ في 12 أكتوبر 2017، غير منشور.

[102] ت. م.، عدد 152، مؤرخ في 18 يناير 2001، متوفر على موقع محكمة التعقيب: http://www.cassation.tn

[103] ت. م.، عدد 3784، 11 مارس 1980، مجلة القضاء والتشريع، ع5 لسنة 1980، ص127؛ المجلة القانونية التونسية، 1980، ص247.

[104]انظر في نفس الاتجاه: منصف الكشو، "القوة القاهرة في المرافعات المدنية والتجارية في زمن الكورونا "كوفيد-19"، متوفر على الموقع التالي: / http://arabunionjudges.org، ص14.

[105] ت.م.، عدد 50103، غير منشور.

[106] انظر حول الضمانات المقدمة في القانون الفرنسي:

S. F. Serviere, "Justice: la E-Administration à l’épreuve du Covid-19", disponible sur le site: https://www.ifrap.org/

[107] E. Verges, "La justice civile à lheure du confinement: une procédure dérogatoire du 21ème siècle", disponible sur le site: https://www.lexbase.fr/revues-juridiques/

[108] انظر على سبيل المثال الإعلام الصادر عن المجلس الأعلى للقضاء القطري بتاريخ 24 يونيو 2020، والإعلام الصادر بتاريخ 11 يونيو 2020، متوفر على الموقع: https://twitter.com/sjcgovqa/status/ 1275727715405103105، تاريخ الزيارة: 13/11/2021، وبالنسبة إلى تونس تراجع المذكرات الصادرة من المجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 16 و26 يوليو 2021، و2 أغسطس 2021.

[109] يراجع الإعلام الصادر عن المجلس الأعلى للقضاء القطري بتاريخ 24 يونيو 2020، سابق الذكر.

[110] انظر المذكرة الصادرة بتاريخ 12 مارس 2020، متوفرة على موقع المجلس الأعلى للقضاء: https://www.csm.nat.tn

[111] انظر المذكرة الصادرة بتاريخ 15 مارس 2020.

[112] انظر المذكرات الصادرة من المجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 21 مارس 2020 و29 يونيو و16 و26 يوليو 2021، متوفرة على موقع المجلس الأعلى للقضاء: https://www.csm.nat.tn

[113] انظر المذكرة الصادرة بتاريخ 2 يوليو 2021، متوفرة على موقع المجلس الأعلى للقضاء: https://www.csm.nat.tn

[114] وتعتبر المادة 3 من الأمر الحكومي عدد 1400/2020 إعادة لما جاء في المادة 6 من الأمر الحكومي عدد 2020-304.

[115] نص الفصل 2 من الأمر الحكومي عدد 1400/2020 المؤرَّخ في 18 نوفمبر 2020، على أنه: عندما تكون محكمة من الدرجة الأولى غير قادرة كليًا أو جزئيًا على العمل، يُعيِّنُ الرئيسُ الأول لمحكمة الاستئناف بأمرٍ -بعد التشاور مع المدعي العام في هذه المحكمة ورؤساء المحاكم ورؤساء مكاتب التسجيل- محكمةً أخرى من نفس الطبيعة وضمن اختصاص المحكمة نفسها؛ للتعهد بكل أو جزءٍ من النشاط الذي يقع ضمن اختصاص المحكمة التي لم تستطع النظر في القضية. ويحدد الأمر الأنشطة الخاضعة لنقل الصلاحيات والتاريخ الذي يتم فيه هذا النقل.

[116] ينص الفصل 4 من الأمر الحكومي على أنه: "يجوز للمحكمة بقرار من رئيسها أن تحكم بقاضٍ منفردٍ في الدرجة الأولى وفي الاستئناف في جميع القضايا المعروضة عليها. يجوز لرئيس دائرة الشغل -بعد استشارة نائب الرئيس- أن يقرر أن تنتصب دائرة الشغل بتركيبة ضيقة تتألف من مستشار صاحب العمل ومستشار العامل. في حالة تعادل الأصوات؛ تحال القضية إلى قاضي المحكمة التي يقع مقر دائرة الشغل في نطاق اختصاصها".

[117] C. Blery, "Covid-19 et procédure civile: nouveau droit transitoire ou préfiguration du droit de demain ?", Gaz. Pal., 1 déc. 2020, n° 392, p. 14.

[118] Décret n° 2019-1333 du 11 décembre 2019 réformant la procédure civile, JORF, n° 0288, 12 décembre 2019.

[119] انظر المادة L.212-5-1 من مجلة التنظيم القضائي الفرنسية، التي تجعل الإجراءات دون جلسة كتابيةً بصفةٍ حصريةٍ.

[120] وفي المادة الاستعجالية ينص الفصل 9 من الأمر الحكومي عدد 304/2020 على أنه يجوز للمحكمة في الإجراءات المستعجلة رفض الطلب قبل الجلسة؛ إذا كان الطلبُ غيرَ مقبولٍ أو إذا لم يكن هناك سببٌ لحكم مستعجل.

[121] طبقًا للمادة 2 من قرار مجلس الوزراء رقم (18) لسنة 2010، بشأن تنفيذ سياسات الحكومة الإلكترونية، المذكور سابقًا، فإنه من الطبيعي أن يكون قد تم التنسيق أيضا مع المجلس الأعلى للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لاتخاذ هذا الإجراء.

[122] انظر موقع المجلس الأعلى للقضاء القطري: https://www.sjc.gov.qa

[123] انظر حول هذه المسألة: https://www.alaraby.co.uk

[124] انظر موقع المجلس الأعلى للقضاء القطري: https://www.sjc.gov.qa/ar/pages/default.aspx

[125] ويضيف نفس الفصل: "وفي كل الحالات يتمتع المتهم المُودَع بالسجن والواقع محاكمته باعتماد وسائل الاتصال السمعي البصري بكل ضمانات المحاكمة العادلة...".

[126] https://www.justice.gov.tn/

[127] انظر موقع وزارة العدل: https://www.justice.gov.tn/

[128] يستوجب الفصل 145 م.إ.ج. أن يوضع الشهود والخبراء بغرفةٍ مخصصةٍ لهم لا يخرجون منها إلا لأداء شهاداتهم، وهو ما يتعارض مع الإجراءات الإلكترونية، ويتطلب تدخل المُشرِّع للسماح بتلقي الشهادات بواسطة الوسائل السمعية البصرية.

[129] انظر الفصل 73 من القانون الأساسي، ع 26 لسنة 2015 المؤرخ في 7 أغسطس 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال (الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، 7 أغسطس 2015، عدد 63، ص2163) والمنقح والمتمم بالقانون الأساسي عدد 9 لسنة 2019 المؤرخ في 23 يناير 2019 (الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، 29 يناير 2019، ع 9، ص235).

[130] L. Garnerie, "Recours et manifestation contre la visio-audience aux assises", Gaz. Pal. 24 nov. 2020, n° 41, p. 8.

[131] رغم أن جانبا من القضاة يعتبرها وسيلة فعالة وهامة ويعتبر أن منع اللجوء إليها يعتبر فضيحة، انظر:

J. Fineschi, « L'interdiction de la visioconférence est un vrai scandale ! », LPA, 16 nov. 2020, n° 229, p. 8.

[132] Décision n° 2020-872 QPC du 15 janvier 2021, M. Krzystof B., disponible sur le site: https://www.conseil-constitutionnel.fr/

[133] انظر الفصلين 13 و26 م.إ.ج.

[134] انظر الفصول 40 و82 و140 م.إ.ج.

[135] المادة 104 من القانون رقم (23) لسنة 2004 بإصدار قانون الإجراءات الجنائية القطري.

[136] الفصل 134 م.إ.ج.

[137] انظر الفصل 53 والفصل 59 وما بعده م.إ.ج.

[138] الفصول 104 و105 و109 م.إ.ج.

[139] الفصل 109 م.إ.ج.

[140] انظر الفصلين 193 و194 م.إ.ج.

[141] الفصل 114 فقرة ثانية م.إ.ج.

[142] Décret n° 2020-767 du 23 juin 2020, portant création d'un traitement automatisé de données à caractère personnel dénommé « dossier pénal numérique », JORF, n°0156 du 25 juin 2020.

[143] انظر الفصل 92 وما بعده م.م.م.ت.

[144] انظر الفصل 101 وما بعده من م.م.م.ت. وخاصة الفصل 105، الذي يشترط توجيه كاتب المحكمة مكتوبًا مضمون الوصول إلى الخبير فور تسميته، بالإضافة إلى تسليمه نسخة من القرار الصادر بتكليفه، والفصلين 110 و111.

[145] الفصل 201 وما بعده م.م.م.ت. ويشترط الفصل 203 من المجلة تحرير الطالب لعريضةٍ وإعلامِ خصمه بها بواسطة العدل المنفذ. كما يشترط الفصل 204 ترسيم اكاتب المحكمة للعريضة بالدفتر المعد لذلك.

[146] انظر الفصول 46 و48 و49 و70 و79 و134 و135 و137 و203 و205 و206 و362 و386 م.م.م.ت.

[147] انظر على سبيل المثال الفصول 89 و103 و104 و107 و113 و128 و129 و211 و301 م.م.م.ت. وتجدر الإشارة إلى أن الدفع بوسائل إلكترونية أصبح ممكنًا، بمقتضى القانون عدد 90 لسنة 2004، المتعلق بقانون المالية لسنة 2005، سابق الذكر، والقانون عدد 51 لسنة 2005 المؤرخ في 27 يونيو 2005، المتعلق بالتحويل الإلكتروني للأموال، سابق الذكر. ويمكن التنصيص على هذه الوسيلة المستحدثة صلب م.م.م.ت. وكذلك م.إ.ج.

[148] الفصلين 38 و91 م.م.م.ت. وبالنسبة إلى الصلح بالوساطة في المادة الجزائية يُراجَع الفصل 335 مكرر وما بعده م.إ.ج.

[149] انظر أيضا حول هذه المسألة: محمد بن لطيف، "رقمنة إجراءات التقاضي في تونس"، دراسات قانونية، 2019-2020، ع25، القانون في زمن كوفيد-19، ص 203.

[150] الفصل 91 م.م.م.ت.

[151] قانون مؤرخ في 18 أكتوبر 2021، الجريدة الرسمية، 4 نوفمبر 2021، عدد15، ص22.

[152] نصت المادة 24 من نفس القانون أيضا على إحالة "ملف الدعوى إلكترونيًا للدائرة المختصة".

[153] نصت المادة 34 من نفس القانون أيضا على أن تسديد المبالغ المستحقة على المدين يتم إلكترونيًا.

[154] انظر المواد من 18 إلى 20 من نفس القانون.

[155] انظر المادة 27 من نفس القانون.

[156] P. Patelin, « Après la crise, repenser les innovations juridiques », P. aff., 2009, n° 138, p. 12 ; S. ABOUDRAR, article précité, p. 5.

[157] A. Chaineau, article précité, p. 8.

[158] J.-J. Daigre, « Crise et structures juridiques des entreprises », in. Droit de la crise: crise du droit ? Les incidences de la crise économique sur l’évolution du système juridique, op. cit., p. 89 ; A.-J. Arnaud, « Crise contemporaine de nos sociétés, crise du droit et réflexion juridique », disponible sur le site:http://www.reds.msh-paris.fr/communication /textes/arnaud5.htm, p. 1.

[159] P. Bezard, « Présentation de laprès-midi », in. Droit de la crise: crise du droit ? Les incidences de la crise économique sur l’évolution du système juridique, op. cit., p. 46 ; v. aussi dans le même sens A. LEVADE, « Loi de crise et crise de la loi À propos de la décision du Conseil constitutionnel du 12 février 2009 », J.C.P., 2009, n° 9, éd. G., p. 4.

[160] انظر القانون عدد 290 لسنة 2020، المؤرخ في 23 مارس 2020، سابق الذكر.

[161] انظر الفصل 150 م.إ.ج. التي جاء فيها أنه: "يقضي الحاكم حسب وجدانه الخالص"، والمادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية التي جاء فيها ما يلي: "يحكم القاضي في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته، ومع ذلك لا يجوز له أن يبنى حكمه على أي دليل لم يطرح أمامه في الجلسة، أو تم التوصل إليه بطريق غير مشروع. وكل قول يثبت أنه صدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت وطأة الإكراه أو التهديد لا يعول عليه".

[162] تعتمد هذه التقنية على التصوير التجسيمي أو الهولوغرافي التي تُسجِّلُ الضوءَ المنبعث من جسمٍ ما، وتعرضه بطريقةٍ تظهر أبعاده الثلاثة باستعمال أشعة الليزر بطريقةٍ توحي للمشاهد أن الجسم موجود فعلًا في مكان ظهور الطيف وكأنه مطابق للواقع.