cid:image007.png@01DA94D4.752A8770Publizieren – Why Open Access?   

 

تاريخ الاستلام: 09 ديسمبر 2024 | تاريخ التحكيم: 01 فبراير 2025 | تاريخ القبول: 01 مارس 2025

مقالة بحثية

العلوم الاجتماعية في الجنوب: من هيمنة المركزية الغربية إلى التحرير المعرفي

عبد الحليم مهورباشة

أستاذ علم الاجتماع، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة محمد لمين دباغين، سطيف2الجزائر

a.mahourbacha@univ-setif2.dz

https://orcid.org/0009-0006-6027-5622

ملخص

يهدف هذا البحث إلى تقديم مقاربة نقدية للعلوم الاجتماعية الغربية بالكشف عن زيف أعدائها الكونية، وذلك بربطها بالخصوصيات الثقافية والحضارية والتاريخية التي تولدت عنها، كما يسعى إلى تِبيان علاقة العلوم الاجتماعية في الجنوب بالظاهرة الاستعمارية ومشروع الحداثة الغربية، وتسليط الضوء على المحاولات التي بذلها الباحثون في هذه الدول لتحريرها من هيمنة المركزية الغربية، وطبيعة البدائل المعرفية التي طوروها؛ حيث يعرض أربعة بدائل تنتمي إلى أربع ثقافات حضارية كبرى؛ وهي: ثقافة أمريكا اللاتينية، والثقافة الآسيوية، والثقافة الأفريقية، والثقافة الإسلامية. وتخلص الورقة إلى مجموعة من النتائج، من أبرزها بعث التعاون بين الباحثين في دول الجنوب لتطوير مقاربات معرفية ونظرية تسهم في دراسة مجتمعات ما بعد الكولونيالية.

الكلمات المفتاحية: العلوم الاجتماعية، التحرير المعرفي، المركزية الغربية، الثقافة

للاقتباس: مهورباشة، عبد الحليم. "العلوم الاجتماعية في الجنوب: من هيمنة المركزية الغربية إلى التحرير المعرفي"، مجلة تجسير لدراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية البينية، المجلد السابع، العدد 1 (2025): 11-36. https://doi.org/10.29117/tis.2025.0205

© 2025، مهورباشة، الجهة المرخص لها: مجلة تجسير، دار نشر جامعة قطر. نُشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وتنبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأي وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0


 

 Publizieren – Why Open Access?

Submitted: 09 December 2024 | Reviewed: 01 February 2025 | Accepted: 01 March 2025

Research Article

Social sciences in the South: from the dominance of Western centrality to cognitive liberation

Abdelhalim Mahourbacha

Professor of Sociology, University of Mohamed Lamine Dabbaghin, Setif 2Algeria

a.mahourbacha@univ-setif2.dz

https://orcid.org/0009-0006-6027-5622

Abstract

This research paper aims to present a critical approach to Western social sciences by exposing the fallacy of their universal claims, linking them to the cultural, civilizational and historical particularities that gave rise to them. The paper also seeks to clarify the relationship between social sciences in the Global South and the colonial phenomenon, as well as the Western modernity project. It highlights the efforts made by researchers in these countries to liberate social sciences from the dominance of Western centralism and explores the nature of cognitive alternatives they developed. The paper presents four alternatives rooted in four major civilizational cultures: Latin American, Asian, African, and Islamic. The paper concludes with several key findings, the most prominent of which is the revival of cooperation among researchers in the Global South to develop cognitive and theoretical approaches that contribute to the study of post-colonial societies.

Keywords: Social Sciences; Cognitive liberation; Western Centrality; Culture

 

Cite this article as: Mahourbacha, A. "Social sciences in the South: from the dominance of Western centrality to cognitive liberation,” Tajseer Journal for Interdisciplinary Studies in Humanities and Social Science, Vol. 7, Issue 1 (2025): pp. 11-36. https://doi.org/10.29117/tis.2025.0205

© 2025, Mahourbacha, licensee, Tajseer & QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0

 

 


 

مقدمة

انبعث النقاش مجددًا حول إشكالية هيمنة المركزية المعرفية الغربية على العلوم الاجتماعية بعد أن خفتت نسبيا في العقود الماضية، فكما نعلم، أثيرت هذه الإشكالية من طرف الباحثين في الجنوب في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي[1]، إلا أن المقاربات التي وظفت في معالجتها غلبت عليها النزعات الأيديولوجية وتشتت الجهود الفردية، لذلك لم تؤسس لمعرفة اجتماعية مفصولة عن الرؤية الغربية إلى العالم، واستمرت جامعات الجنوب في توظيف العلوم الاجتماعية الصادرة عن الغرب بمرجعياتها الفلسفية، مما عزز من تبعيتها معرفيًا وإدراكيًا، وهو ما حفز العديد من الباحثين اليوم إلى إعادة استئناف النظر العلمي في هذه الإشكالية المعرفية المعقدة والمتشابكة.

إن النماذج والمفاهيم والمناهج والنظريات المتداولة في العلوم الاجتماعية الجنوبية، أغلبها من نتاج العقل الغربي، وهذا نظرا لسياقات تاريخية متعلقة بالحداثة الغربية التي منحتها هذا الامتياز المعرفي، الذي تحوّل مع الزمن إلى هيمنة معرفية، قدمت إلى فضاءات الجنوب متخفية تحت مبادئ وأسس تدعي الكونية، لذلك تعاني العلوم الاجتماعية في الجنوب من التبعية المؤسساتية والإبستيمية للعلوم الاجتماعية الغربية، مما دفع العديد من الباحثين إلى طرح أفكار ورؤى لتحرريها من هيمنة المركزية الغربية وفك ارتباطها بالرؤية المعرفية الاستعمارية، والعمل على صياغة بدائل معرفية تتماشى مع الخصوصيات الثقافية والحضارية لدول الجنوب.

إن التفكير النقدي في وضعية العلوم الاجتماعية في الجنوب، يتطلب ربط النشأة التاريخية لهذه العلوم بالسياق الكولونيالي؛ حيث تحول المشروع الكولونيالي من احتلال سياسي إلى احتلال معرفي وثقافي لمجتمعات الجنوب، لعبت العلوم الاجتماعية دورا في خدمة هذا المشروع، ولا تزال هذه العلوم تؤدي في مرحلة ما بعد الكولونيالية نفس الدور التاريخي الذي وكل إليها، لذلك يسهم هذا النقد المزدوج في الكشف عن الصلة بين مبادئ المركزية الغربية والعلوم الاجتماعية من جهة، ونقد الصور النمطية التي شكلتها العلوم الاجتماعية الغربية عن ثقافات ومجتمعات الجنوب من جهة أخرى، ويكون هذا التفكير النقدي مدخلا رئيسا للتحرير المعرفي للعلوم الاجتماعية في الجنوب من الهيمنة المعرفية الغربية، والدفع باتجاه التفكير في صياغة خطابات بديلة للعلوم الاجتماعية الغربية.

تسهم معالجة إشكالية التحرير المعرفي للعلوم الاجتماعية في تبيين كيف أسهمت مبادئ المركزية الغربية (العرقية، والرؤية الخطية للتاريخ، والعقلانية الأداتية، والتقدم) في صياغة أطروحات العلوم الاجتماعية الغربية، وكيف تم فرضها وتعميمها على السياقات الحضارية غير الغربية، كما تسعى إلى تفكيك جذري لدعوى كونية العلوم الاجتماعية الغربية بالكشف عن طابعها المحلي والخصوصي، وستعرض الورقة البحثية قراءة معمقة في الخطابات البديلة للعلوم الاجتماعية في ثقافات الجنوب(الثقافة الإسلامية، وثقافة أمريكا اللاتينية، والثقافة الآسيوية، والثقافة الأفريقية)، وتوضح الأدوات والمناهج والأساليب التي وظفها الباحثون في السعي إلى تحرير العلوم الاجتماعية من هيمنة الأبستمولوجيا الغربية. سنعتمد في هذه الورقة البحثية على مسالك منهجية عديدة، يتمثل أولها في: المنهج التحليلي النقدي عبر تحليل مبادئ المركزية الغربية وامتداداتها في العلوم الاجتماعية الغربية، وطبيعة النقد الذي سدد لها، وثانيًا: استقراء أهم المفاهيم والأفكار والقضايا التي وردت في كتب ومؤلفات الباحثين في الجنوب الذين دعوا إلى التحرير المعرفي للعلوم الاجتماعية.

بناء على هذا، نسعى في هذه الورقة البحثية إلى الإجابة عن التساؤلات الآتية:

ما مبادئ المركزية الغربية؟ وكيف تحولت إلى إطار معرفي مرجعي للعلوم الاجتماعية الغربية؟ وهل العلوم الاجتماعية من طبيعة كونية؟ وكيف يتحقق تحرير العلوم الاجتماعية في الجنوب؟ وما طبيعة البدائل المعرفية التي طرحها الباحثون في الجنوب؟

أولا: مبادئ المركزية الغربية إطارا معرفيا مرجعيا للعلوم الاجتماعية

إن النقلة التاريخية التي عرفتها المجتمعات الغربية مع عصر التنوير والحداثة، التي انتقلت بموجبها من مجتمعات متخلفة إلى مجتمعات متقدمة، دفعتها إلى تشكيل خطاب استعلائي حول ذاتها الحضارية؛ بجعلها متفردة على الدوام، وأنها تملك خصائص ومزايا عرقية وعقلانية وثقافية مكنتها من السيادة والريادة في العالم المعاصر، "فأفضى ذلك إلى نوع من التمركز حول الذات بوصفها المرجعية الأساسية لتحديد أهمية كل شيء وقيمته، وإحالة الآخر إلى مكان هامشي، لا ينطوي على قيمة ذاته، إلا إذا اندرج في سياق المنظور الذي يتصل بتصورات الذات المتمركزة حول نفسها"[2]، لذلك ستمثل هذه المبادئ الإطار المعرفي المرجعي لتصورات ومفاهيم ومناهج العلوم الاجتماعية الغربية، تتمثل هذه المبادئ[3] فيما يأتي:

1.     الرؤية الخطية للتاريخ

يعد مبدأ الرؤية الخطية للتاريخ واحدا من المبادئ الأساسية للمركزية الغربية، أسست لهذا المبدأ العديد من الكتابات الفلسفية والدراسات الأنثربولوجية، دشنها الفيلسوف الألماني هيجل، الذي يرى أن: "تاريخ العالم يتجه من الشرق إلى الغرب؛ لأن أوروبا هي نهاية التاريخ على نحو مطلق، كما أن آسيا بدايته، فتاريخ العالم هو شرقي (حكمة الشرق هي هنا في ذاتها حد نسبي تماما)؛ إذ على الرغم من أن الأرض تشكل كرة فإن ما أنجزه التاريخ لا يشكل دائرة حولها ]..[ فهنا تشرق الشمس الطبيعية الخارجية، وفي الغرب تغرب"[4]، ونجدها عند كارل ماركس في دراسته لتاريخ تطورات المجتمعات من الحالة المشاعة إلى الحالة الاشتراكية، وصولا إلى فكرة نهاية التاريخ مع فرانسيس فوكوياما.

من هذا المنطلق، يمثل الغرب ذروة التطور التاريخي الذي عرفته البشرية، وفي نفس الوقت يمثل نقطة النهاية، تضمر هذه الرؤية فرضية خفية ترى أن الغرب هو المرجع التاريخي والثقافي والسياسي لباقي المجتمعات؛ لأنه لن تكون هناك تواريخ مستقبلية، بل ستكون هناك فقط اقتباسات متتالية من الحضارة الغربية، يؤسس هذا المبدأ لثنائية: الما قبل/ والما بعد، الما قبل يمثل التخلف والانحطاط الحضاري، والما بعد يمثل التقدم والرقي والتطور الحضاري.

من السهل أن نكشف كيف تحول مبدأ الرؤية الخطية للتاريخ إلى إطار معرفي للعلوم الاجتماعية الغربية، فقسم العلم الاجتماعي المجتمعات إلى مجتمعات تقليدية ومجتمعات حديثة، وقسم تاريخ البشرية إلى تاريخ وسيط ومعاصر، واقتصاديا إلى اقتصاد زراعي تقليدي واقتصاد رأسمالي حديث، وسياسيًا إلى نظم سياسية دكتاتورية ونظم سياسية ديمقراطية، وهكذا نجد أن هذه الثنائيات متغلغلة في كل تخصصات العلوم الاجتماعية، من الاقتصاد إلى العلوم السياسية إلى علم الاجتماع وصولا إلى الأنثروبولوجيا، وتعد الثنائية الما قبل/ والما بعد أداة تفسيرية في العلوم الاجتماعية الغربية؛ حيث تضمر فرضية خفية ترى أن هناك تطورًا وتحولا يحدث دائمًا من الحالة التقليدية إلى الحالة الحديثة، وعلى أساس هذه الثنائية؛ توصف المجتمعات خارج الدائرة الحضارية الغربية بالهمجية والتخلف والانحطاط، وأن ولوجها إلى الأزمنة الحديثة مرتبط بتخليها عن قيمها الثقافية والحضارية، وعززت العلوم الاجتماعية هذا المبدأ المركزي عن وحدة المسار التاريخي، وأعطت الشرعية المعرفية للمجتمعات الغربية لاستعمار واحتلال مجتمعات الجنوب، بغرض تمدينها وترقيتها ثقافيا وحضاريا، رغم أن هذا المبدأ تعرض لانتقادات داخل الفضاء الغربي ذاته، فعديد الدراسات الفلسفية والعلمية كشفت عن تهافته.

2.     العقلانية الأداتية

أسست المركزية الغربية لمفهوم مخصوص للعقلانية، جعلت منه ذا طبيعة كونية، واعتبرت "أن جوهر الفعل الإنساني ينبثق من طبيعة عقلانية خالصة، اختص بها الغرب من دون الأمم الأخرى، وهي العامل الرئيس في نشأة الرأسمالية، يقول فيبر: "غير أن الغرب، في الأزمنة الحديثة، شهد وحده شكلا آخر من الرأسمالية، هو التنظيم العقلاني الرأسمالي للعمل الحر، وهو ما لا نجده في أماكن أخرى، إلا في شكل بدايات مشهودة"[5]، هذه العقلانية التي أسس لها ماكس فيبر، تتحدث عن كفاءة الوسيلة في تحقيق الغاية، وسمت هذه العقلانية في الفكر الغربي بالعقلانية الأداتية.

إذا رجعنا إلى السياق التاريخي، فإننا نجد أن رحلة العقلانية انتقلت من السيطرة على الطبيعة إلى السيطرة على الإنسان؛ حيث حقق هذا العقل نموا في العلوم الاجتماعية، "كما لو أن النور قد تحول إلى عقل باحث عن ذاته وعن طبيعة المجتمع، ولا يزال التنوير حاضرا بيننا، ومازال يشكل الافتراضات التي توجه علماء الاجتماع في مهمتهم"[6]، وعلى هذا الأساس، أخضع المجتمع والفرد للبحث العلمي العقلاني، الذي كان يبدو في ظاهره فهم الظاهرة الإنسانية والاجتماعية، لكن باطنه هو توجيه الإنسان الغربي خصوصا والإنسان عموما نحو غايات تخدم قيم الحداثة الغربية.

ترى المركزية الغربية؛ أن العقلانية الأداتية اتسم بها الإنسان والثقافة الغربيان دون سواهما من المجتمعات والثقافات في العالم، وتؤكد على دورها في التحول الحضاري والثقافي والسياسي الذي عرفته المجتمعات الغربية في الأزمنة الحديثة، هذه العقلانية ساهمت في بناء مختلف المنجزات الحضارية للأمم الأوربية، وفي المقابل، ترى أن المجتمعات الحضارية الأخرى؛ تفتقر إلى هذه العقلانية الحسابية الأداتية؛ لأنها مجتمعات خرافية وأسطورية، لا يمكنها أن تؤسس للحضارة والمدنية.

واضح وجلي انعكاس هذا المبدأ على العلوم الاجتماعية الغربية؛ حيث تفسر الظواهر الاجتماعية والإنسانية في مجتمعات الجنوب بطبيعة العقلانية السائدة فيها، فتربط بين التخلف الاقتصادي والممارسات الدينية، وتربط بين الاستبداد السياسي والثقافات المحلية، وتربط التخلف العلمي والثقافي بالعقيلة السحرية والأسطورية لهذه المجتمعات، وتؤسس لفرضية خفية تسمح للمجتمعات الغربية نظير نضجها العقلاني باستعمار وإخضاع مجتمعات الجنوب، للعمل على تمدينها وإكسابها العقلانية الأداتية، وهو نوع من الوصاية الأبوية للحداثة الغربية على بقية المجتمعات، وهذا ما نجده مبثوثا و متداولا في مباحث الاستشراق والأنثروبولوجيا والعلوم السياسية وعلم الاجتماع؛ حيث نعثر على نظريات ومفاهيم تفسر التخلف الذي تعاني منه مجتمعات الجنوب بالتخلف العقلي والذهني لأفرادها وجماعاتها، وهو ما يشرعن – كما ذكرنا سابقا – ظاهرة الهيمنة والاستعمار، والغزو والإبادة إن تطلب الأمر ذلك.

3.     التقدم

يعد التقدم واحدًا من المفاهيم السائدة في الخطاب الاستعلائي الحضاري الغربي، وله علاقة مباشرة بالرؤية الخطية للتاريخ التي شرحناها سابقا؛ حيث "يعتبر التنوير، وعلى مر الزمن، وبالمعنى العريض تعبيرًا عن فكرة التقدم، وهدفه تحرير الإنسان من الخوف وجعله سيدا. أما الأرض التي تنورت كليا، فهي أرض تشع بشكل يوحي بالانتصار. جاء برنامج التنوير لفك السحر عن العالم"[7]. تحول التقدم من غاية يسعى إليها الإنسان الغربي إلى أيديولوجيا؛ تنافح عنها مختلف الفلسفات الغربية؛ حيث ترى أن البشرية اكتشفت الطريقة التي ستقودها إلى تحقيق الرفاهية والسعادة، "فمن خرافات العصر الحديث فكرة التقدم، أي الاعتقاد بأن التاريخ الإنساني تاريخ تقدم متصل من الأسوأ إلى الأفضل، وكأننا نرتقي درجات سلم، كل درجة أعلى وأفضل مما قبلها. إذا كان الأمر كذلك، فالحاضر لا بد أن يكون أفضل من الماضي والمستقبل أفضل منهما جمعيا"[8].

هذا المبدأ الرئيس في المركزية الغربية يعد إطارا مرجعيا لمعظم نظريات ومفاهيم العلوم الاجتماعية الغربية، فكل تغير اجتماعي أو سياسي أو ثقافي يقرأ وفق هذا المبدأ؛ حيث وُظف المنهج المقارن بشدة في البدايات الأولى لنشأة العلوم الاجتماعية؛ حيث يرى أن كل المجتمعات والجماعات الإنسانية تسعى إلى تحقيق التقدم، الذي يتم قياسه بواسطة مؤشرات مادية كمية، في الاقتصاد؛ يقاس التقدم بالميزان التجاري وباحتياطات الذهب، وفي العلوم السياسية يقاس بمدى القرب أو البعد من النظام الديمقراطي الليبيرالي، ويقاس التقدم في المجتمعات الحديثة بمبدأ انتشار الفردانية وتفكك الجماعات الاجتماعية التقليدية، لهذا يعتبر التقدم في جانبه المادي واحد من مقاييس الحكم على المجتمعات بوصفها متقدمة أو متخلفة.

مجتمعات الجنوب عادة ما يتم وضعها في دائرة التخلف والانحطاط الحضاري، رغم أن تخلفها المادي ظاهر للعيان، لكن قيمها الثقافية والأخلاقية تشي بتقدمها على المجتمعات الغربية، لكن نتيجة لهيمنة العلوم الاجتماعية الغربية فإنها توصف بأبشع نعوت الانحطاط، وعادة ما يُربط تقدم المجتمعات الجنوبية بضرورة تخليها عن موروثها الثقافي والحضاري؛ بل يعتبرونه المعطل الرئيسي لنهضتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

4.     العرقية

العرقية واحدة من مرتكزات الرؤية المركزية الغربية؛ حيث تقسم الشعوب إلى أعراق بعضها تضعه في الصدارة والبعض الآخر في المؤخرة، وترى أن الإنسان الأوربي الأبيض هو الوحيد القادر على صناعة الحضارة، أسست لهذه العرقية العديد من الكتابات والممارسات في الثقافة الغربية، فالفيلسوف الألماني الشهير كانط، ساهمت تفسيراته في النظريات الجوهرية والبيولوجية للعرق التي دعمت العنصرية الأوروبية منذ أواخر القرن الثامن عشر[9]؛ حيث يرى أن الإنسانية تتجلى بشكلها الأمثل في العرق الأبيض، العرق الأصفر لديه قدر أقل من الموهبة، والزنوج أقل من الصفر منزلة، والأدنى مستوى بينهم هم الأمريكيون[10].

ويخفي هذا المبدأ الذي يصنف البشر إلى أعراق بيض وسود، أن الرجل الأبيض وحده قادر على صناعة التاريخ وبناء الحضارة، وأن بقية الأعراق نظير بشرتها وفقرها العقلاني فإنها خامدة وخاملة، أسس هذا المبدأ للعبودية المعاصرة؛ حيث كانت تجارة الرق واحدة من ّأشهر التجارات في أفريقيا، يتجلى هذا المبدأ في العلوم الاجتماعية الغربية، أولا في كون هذه العلوم هي التي ساهمت في تأسيس هذه الرؤية العرقية للبشر، كالأنثروبولوجيا والإثنولوجيا، وعلم الأعراق، ثم أسست لمفاهيم عرقية كالدراسات عن الإنسان الأفريقي الخامل، والإنسان الملاوي الكسلان، والإنسان المسلم العنيف، وغيرها من المفاهيم العرقية التي تطالعنا بها مختلف تخصصات العلوم الاجتماعية الغربية، ويؤكد الصراع العرقي العالمي تفوق العرق الأوربي وأن التقدم الذي أحرزته البشرية كان معتمدا على انتصار المجتمعات الغربية على باقي المجتمعات في العالم.

ثانيًا: نقد كونية العلوم الاجتماعية الغربية

إذا كانت المبادئ سابقة الذكر أسست لما بات يعرف عند الباحثين بالمركزية الغربية، فإن الدراسات النقدية في العلوم الاجتماعية أو في فلسفة العلوم المعاصرة؛ كشفت ترهل وهشاشة هذه المبادئ ولا منطقيتها المعرفية والمنهجية ولا واقعيتها التاريخية، لذلك سنحاول في هذا العنصر أن نثبت أن العلوم الاجتماعية الغربية هي إحدى الممكنات المعرفية والمنهجية، وننفي صفة الكونية التي ادعتها هذه العلوم.

1.     ارتباط العلوم الاجتماعية بالسياق التاريخي والاجتماعي

إذا كانت المعرفة الإنسانية في عمومها يتعلق ازدهارها ونموها بالبيئة الثقافية والاجتماعية، فإن العلوم الاجتماعية أكثر تعلقا بالمجتمعات والثقافات إذا ما قارناها بالعلوم الطبيعية والتقنية، هذه العلوم ترتبط بالسياق التاريخي والاجتماعي والسياسي ولا تنفصل عنه؛ لأن مفاهيمها ونظرياتها ومناهجها تعكس حركية المجتمعات الغربية، وعلى هذا الأساس يطرح السؤال عن كونية هذه العلوم؟ فإذا سلّمنا بكونية هذه العلوم فإن علينا أن نسلّم بأن السياقات التاريخية والاجتماعية متشابهة ومتطابقة لدى كل المجتمعات، بينما يكشف الفحص الإمبريقي؛ أن هذه العلوم لا تعكس إلا واقع المجتمعات الغربية وما خبرته من تحولات وتغيرات في البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بينما بقية المجتمعات لها سياقاتها التي لا تتطابق بالضرورة مع سياق المجتمعات الغربية، كالمجتمع العربي الإسلامي أو المجتمع الهندي أو مجتمعات أمريكا اللاتينية.

نشأت العلوم الاجتماعية في سياق الحداثة الغربية، الذي اتسم بالثورات والتحولات التي عرفتها المجتمعات الغربية، كالثورات السياسية التي بموجبها انتقلت المجتمعات الغربية من نظام الحكم الإقطاعي إلى نظام الحكم الديمقراطي، والانتقال من نمط الاقتصاد الزراعي إلى نمط الاقتصاد الرأسمالي، كل هذه التحولات أوجدت أرضية خصبة لميلاد هذه العلوم، التي وُكلت إليها مهمة دراسة الإنسان والمجتمع الحداثي.

على هذا الأساس، فإن مفاهيم هذه العلوم ونظرياتها مشبعة بالخصوصيات التاريخية والاجتماعية للمجتمعات الغربية، ومن زاوية أخرى، تنظر هذه العلوم الاجتماعية إلى المجتمعات غير الغربية كجماعات بشرية بدون تاريخ أو ثقافة، وهو ما عزز الرؤية الاستعمارية؛ حيث تحولت: "الأرض بلا صاحب، حلم المستعمر، إلى افتراض مسبق مشؤوم للعلوم الاجتماعية، يذكر في كل مرة نحاول فيها التنظير لتشكيل المؤسسات والأنظمة الاجتماعية من الصفر، في فضاء خال. وكلما رأينا كلمتي: مجتمعات بناء في دراسة عن النظرية الاجتماعية، وجب أن نسأل من كان يشغل الأرض"[11].

2.     ارتباط العلوم الاجتماعية بالبعد اللغوي القومي

تعد اللغة واحدا من المحددات الأساسية للمعرفة البشرية، فاللغة هي الجانب الفني الذي نكتب وندون به المعرفة، "واللغة هي الجهاز الذي يُكون به الإنسان فكره وشعوره، ومزاجه وطموحه، وإرادته وفعله، وهي الجهاز الذي بواسطته يؤثر ويتأثر، فهي الأساس الجوهري والأعمق للجماعة الإنسانية"[12]، فإذا ألقينا نظرة على تاريخ العلوم الاجتماعية نجد أنها كتبت باللغات القومية، والمعيار الذي اعتمد في تصنيف أي فرع من فروع العلوم الاجتماعية هو المعيار اللغوي، فنجد في تصنيفات علم الاجتماع : علم الاجتماع الفرنسي، علم الاجتماع الأمريكي، وعلم الاجتماع البريطاني...ونفس الشيء بالنسبة للعلوم السياسية أو الاقتصادية أو الأنثربولوجية، والبعض يضيف في عملية التصنيف فكرة المدرسة مع الاحتفاظ بمعايير اللغة، كالمدرسة البريطانية في الاقتصاد، والمدرسة الأمريكية في الاقتصاد...، وهكذا.

يؤدي التعدد اللغوي إلى تعدد المفاهيم والنظريات والنماذج المعرفية في العلوم الاجتماعية، وبالتالي تصبح فكرة كونية هذه العلوم هشة من الناحية المعرفية والمنهجية، كما أن تصنيف العلوم الاجتماعية غالبا ما يأخذ بعدا لغويا – قوميا، علوم اجتماعية أمريكية في مقابل علوم اجتماعية ألمانية، وعلوم اجتماعية فرنسية في مقابل علوم اجتماعية إنجليزية، وهكذا نجد ضمن خطابات هذه العلوم الاجتماعية القومية خطابا معرفيا يدعي الكونية؛ حيث يستخدم مفاهيم وتعاريف مستخلصة من بيئات وتجارب اجتماعية محلية يتم إضفاء الطابع الكوني عليها، لكن الباحثين في معظم الوضعيات يديرون ظهورهم لهذا الطموح الكوني، فغالبًا ما ينشرون بلغة المجتمع العلمي الذي يعيشون ويعملون فيه، "وهو ما لا يعني بالضرورة لغة الثقافة أو المجتمع الذي يدرسونه، وإنما بلغة الثقافة و المجتمع الذي جاءوا منه"[13]، وبالتالي تتحول الكونية إلى مجرد خرافة يحلم بها الباحثون، تنفيها ممارستهم البحثية المتمركزة حول اللغة القومية التي تمت تنشئتهم علميا عليها، لذلك التعدد اللغوي الذي كتبت به المعرفة في العلوم الاجتماعية ينفي الكونية عنها، فاللغة ليست مجرد أداة للتواصل وإنما تحمل رؤية للعالم، وعلى أساسها يتم تحديد وتنميط الذوات ثقافيًا واجتماعيًا.

3.     التعدد النظري والمنهجي في العلوم الاجتماعية الغربية

تعاني العلوم الاجتماعية الغربية من انقسامات نظرية ومنهجية مزمنة، فلا نكاد نعثر في أدبيات هذه العلوم على مفهوم أو نظرية أو منهج إلا وجدنا ضده أو ما يقع على طرف النقيض منه، تتكاثر النظريات وتتناسل النماذج النظرية الأمر الذي يدفع الباحث في تاريخ تشكل هذه العلوم بمختلف فروعها إلى السؤال عن علاقة هذا التكاثر النظري بادعاء العلوم الاجتماعية الكونية؟ وأن تجعل نظرياتها وممارستها المنهجية ذات طبيعة كونية؟ ففي رأينا أن هذا الانقسام ينفي زعم خطابها الكوني، ويكشف حجم ومقدار الطابع المحلي للعلوم الاجتماعية، ويبين لنا خصوصيتها التي ترتبط بالسياق التاريخي والاجتماعي الذي تولدت عنه.

لم تخضع هذه العلوم في مجال تطورها الإبستيمولوجي لمبدأ التراكم العلمي، ولم تخضع لمبدأ القطائع الإبستيمية بلغة غاستون باشلار، ولم تخضع في تطورها لفكرة النماذج الارشادية بلغة توماس كون، وهو الذي أشار إلى أنه: "لا يزال السؤال مطروحا على بساط البحث بشأن أي فروع العلم الاجتماعي حققت حتى الآن مثل هذه النماذج الإرشادية لنفسها. ويفيد التاريخ أن السبيل إلى اتفاق كامل في الآراء بشأن البحوث أمر شديد العسر على نحو غير مألوف"[14].

يؤثر التعدد النظري على مقدرة العلوم الاجتماعية على تقديم تفسيرات موضوعية للظواهر الاجتماعية والإنسانية؛ حيث يشوش معرفيا هذا التعدد على التنبؤ بمستقبل الظواهر، فذكر ريمون بدون على سبيل المثال عجز العلوم الاجتماعية عن تفسير ظاهرة التبدل الاجتماعي، وخلص إلى أن العلوم الاجتماعية، أنتجت: "عددًا ضخمًا من نظريات التبدل الاجتماعي، وهذه النظريات لا تشكل مجموعة متجانسة....الانطباع العام الغالب في صددها اليوم والذي يشهد عليه الكثيرون هو انطباع الاخفاق، ومعظم التكهنات المستخرجة منها كذبه الواقع، وقد قاد إلى تمثلات لا تختزل العلوم الاجتماعية فحسب بل وتبسطها"[15].

إذا جئنا إلى التعدد المنهجي في العلوم الاجتماعية، فإنه ما على الباحث إلا تصفح الكتب والمراجع المنهجية، حتى يعثر على كم هائل من المدراس والتيارات المنهجية، وتهوله حالة النزاعات والخلافات المعرفية بين أصحابها، ولعل أشهر تلك الخلافات في الأوساط الاكاديمية؛ تلك الثنائية المنهجية في العلوم الاجتماعية بين دعاة المنهج الوضعي ودعاة المنهج التأويلي، وبالتالي، ينفي هذا التعدد المنهجي صفة الكونية عن المعرفة في العلوم الاجتماعية الغربية.

أما تطبيقات هذه المناهج في مجتمعات الجنوب، فإنها تقوم على ثلاثية، "النفي، أي التأكيد على عدم أهمية العلاقات الاستعمارية في التفسيرات السببية والسرديات التاريخية. والتحييد، أي الاعتراف بالاستعمار باعتباره علاقة عالمية في توزيع القوة غير المتكافئ، جنبًا إلى جنب مع افتراض عدم أهمية المؤسسات غير المهيمنة داخل العلاقة الاستعمارية. والتعقيم، أي إضفاء طابع غريب على المعارف غير المهيمنة وإزاحتها من عالم الإنتاج النظري إلى عالم الثقافات والمواقف والأزمنة المكانية الخاصة[16]. وعليه، يستبعد الأساس الميثودولوجي لهذا المنهج طرح الاسئلة الحقيقية حول التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي عرفتها دول الجنوب بعد تعرضها للظاهرة الكولونيالية؛ ففي المجتمع الجزائري مثلًا، تم التأكد من أن ظاهرة التخلف التي عانى منها المجتمع ترتبط بالانقسام القبلي، دون الإشارة إلى دور الاستعمار في تفكيك البنية الاجتماعية للمجتمع الجزائري.

ثالثًا: تحرير العلوم الاجتماعية في الجنوب: نحو صياغة نماذج معرفية بديلة

يقصد بالتحرير المعرفي الديكولونيالي (décolonial)[17] حركة فكرية مناهضة للهيمنة الغربية على المعرفة الإنسانية، يتكئ على فرضية أن هناك علاقة وشيجة بين المعرفة المنتجة والسلطة السياسية، وأنه لم يعد في الأزمنة المعاصرة ينظر إلى المعرفة على أنها بريئة ومحايدة، بل تختزن تحيزات ثقافية وأيديولوجية وحضارية، فالديكولونيالية تعدّ "تيارًا نقديًا ينشطه مفكرون هنديون وأفارقة وأمريكيون لاتينيون، وهؤلاء المفكرون يشككون في تركة الهيمنة الاستعمارية في مجال المعارف التي بنتها العلوم الاجتماعية عن البلدان التي كانت تحت السيطرة الاستعمارية"[18].

يقصد بالحركة النقدية الديكولونيالية إعادة تقييم المعرفة الإنسانية المعاصرة من منظور نقدي بالكشف عن عنصريتها المعرفية والاستعمارية، فمن الناحية التاريخية وجد الباحثون أن هناك تلازما بين المعرفة الحداثية والظاهرة الاستعمارية، "فلم تكن قوة الكولونيالية الدافعة – كما يظن أغلب المؤرخين العسكريين وغيرهم – هي المدفعية الآلية والبوارج البحرية أو حتى أي شكل من الإدارة البيروقراطية؛ لقد كانت القوة الدافعة هي بنية الفكر التي جعلت هذه الأمور ممكنة في المقام الأول"[19].

إن المبادئ الكبرى الموجهة للمعرفة في العلوم الاجتماعية كالعالمية والموضوعية والعقلانية، ليست مبادئ محايدة ولا كونية ولا تاريخية، وإنما هي تجل للظاهرة الاستعمارية والمركزية الغربية في المعرفة الإنسانية، لذلك يرى الباحثون أن العلوم الاجتماعية الغربية مشبعة بالتحيزات العرقية والمعرفية، فالنظريات الاجتماعية المتداولة بين الباحثين اليوم كلها مستنبطة من التجربة التاريخية والاجتماعية لبعض الدول الغربية، وتشكل القاعدة الأساسية للعلوم الاجتماعية والإنسانية في الجامعات الغربية اليوم. "أما الجانب الآخر لهذا الامتياز المعرفي فهو الدونية المعرفية؛ فالامتياز المعرفي والدونية المعرفية وجهان لعملة واحدة تمكن تسميتها العلمية العنصرية المعرفية والتمييز الجنسي المعرفي"[20]، ولا تزال هذه الهيمنة المعرفية مستمرة إلى يومنا هذا.

اتكأت الهيمنة الغربية في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية إلى حد كبير على تداول ثنائي وغير متكافئ للأفراد (مدرسين وباحثون من الشمال إلى الجنوب، وطلاب من الجنوب إلى الشمال). كما أنها تعتمد – ولا تزال إلى حد كبير – على تدفق شبه أحادي للأفكار والنظريات من الشمال إلى الجنوب"[21]. لذلك تحتاج العلوم الاجتماعية إلى عملية تحرير من الرؤى الاستعمارية الغربية.

1.     تحرير العلوم الاجتماعية في أمريكا اللاتينية: من الهيمنة المعرفية إلى فلسفة التحرير

أكبر تحدّ واجهته مجتمعات أمريكا اللاتينية يتمثل في معضلة الهيمنة بكل أشكالها وأنماطها؛ من الهيمنة السياسية والاستعمار الغربي إلى الهيمنة المعرفية والثقافية، ولا تشذ العلوم الاجتماعية عن هذه القاعدة؛ حيث إنها علوم كانت ولا تزال في خدمة المشروع الكولونيالي الغربي، لذلك يرى الباحثون ضرورة تحريرها من الرؤية الاستعمارية الثاوية في مفاهيمها ونظرياتها ومناهجها.

في السبعينيات من القرن الماضي، تنبه الباحثون في أمريكا اللاتينية إلى مسألة تبعية اقتصاديات دول الجنوب لاقتصاديات دول الشمال، وأسسوا مدرسة نقدية شهيرة عرفت بمدرسة التبعية، عالجت مشكلة التخلف الاقتصادي من منظور ثنائية المركز والهامش، إلا أن هذه المدرسة على صوابية طرحها، يرى بعض الباحثين أنها أغفلت مشكلة التبعية المعرفية؛ لأن الإمبريالية الاقتصادية في رأيهم تعد جزءًا يسيرًا من الإمبريالية المعرفية، "فنظرية التبعية تم تجاوزها نحو فلسفة التحرير"[22].

نجد من رواد هذا المشروع المعرفي انريك دوسل الذي أسس لفلسفة التحرير، فدمج فيها بين أخلاق اللاهوت المسيحي والماركسية؛ حيث يرى أن تحقيق هذا التحرير يكون: "عبر ابتكار ممارسات وإجراءات تؤدي إلى خلق حالة حياة أكثر إنسانية، وهذا التصور للأشياء من جانب دوسل يؤدي إلى طريقة جديدة لفهم الكتاب المقدس وفهم جديد لله"[23]، وذلك بغرض التحرر من النزعة الاستعمارية الغربية في مجال العلم والمعرفة.

تنطلق فلسفة التحرير من نقد الإبستيمولوجيا الغربية وتحديدا من نقد فلسفة ديكارت، التي أسست للذات الغربية الحديثة، تلك الذات التي نهبت ثروات الشعوب عن طريق الاستعمار، وعملت على تدمير ثقافاتها ومعارفها؛ حيث وصف كاسترو غواماز فلسفة ديكارت بفلسفة "نقطة الصفر"، التي تلغي ما قبلها من تواريخ بشرية ومن حضارات وثقافات إنسانية؛ حيث ساهمت الحركة الفكرية لعصر التنوير في إدخال الإمبريالية والاستعمار في تصنيف المعرفة وتنظيمها، "ففي القرن السابع عشر، لاحظنا تحولا تاريخيا مع رينيه ديكارت الذي زحزح صفات "الإله المسيحي" نحو "ذات" واعية (أنا أفكر، إذن أنا موجود)، لتصبح هذه الذات الواعية بالنسبة لديكارت أساس كل المعرفة، متجاوزًا أي مكانية أو زمانية معينة، وبالتالي قادرة على الوصول إلى الحقيقة المتفردة"[24].

ترتكز العنصرية المعرفية على فرضية خفية؛ ترى أن هناك شكلًا واحدًا من معرفة العالم، يتمثل في العقلانية العلمية الغربية على اعتبار أنها المعرفة الصحيحة الوحيدة، أي أنها الوحيدة القادرة على توليد معرفة حقيقية عن الطبيعة، الاقتصاد، المجتمع والأخلاق، "تم إنزال جميع أشكال المعرفة الأخرى في العالم إلى عالم doxa، كما لو كانت من ماضي العلم الحديث، بل تم اعتبارها أحيانًا على أنها "عقبة معرفية" أمام معرفة العالم[25]، لذلك لا بد من الإعلان عن عصيان معرفي بتعبير والتر . منيولو، الذي يرى أن: "إحدى مهام التفكير الديـكولونيالي هي كشف النقاب عن أشكال السكوت الإبستيمي للإبستمولوجيا الغربية وإقرار الحقوق الإبستيمية للذين حُط من شأنهم بشكل عنصري، والخيارات الديكولونيالية للسماح للصمت ببناء الحجج في مواجهة أولئك الذين ينظرون إلى الأصالة باعتبارها المقياس الأقصى للحكم النهائي"[26].

المنظور الديكولونيالي لا يتمثل هدفه النهائي في نقد معاد للحضارة الغربية، ولا يرفض النقد الديكولولونيالي المفكرين النقديين الغربيين، لكن هذا لا يعطي أفضلية للنقد الغربي على نقد عالم الجنوب؛ لأن المفكرين النقديين في الغرب مسكونون دوما بالعنصرية المعرفية، "فيختلف النقد الديكولولونيالي عن دراسات ما بعد الاستعمار من حيث إنه ينشد التنوع المعرفي، الذي يُنظر إليه على أنه المكون المركزي لإنهاء استعمار العالم الحديث، بعيدًا عن الحداثة الأوروبية المركزية"[27].

في هذا السياق، امتدت الأفكار النقدية من نزعة الهيمنة الغربية و العنصرية المعرفية إلى العلوم الاجتماعية في أمريكا اللاتينية، وطرح الباحثون أسئلة عن صوابية النماذج العلمية الغربية في تحليل وتفسير الظواهر المحلية، "حيث ينتج عن المركزية الأوروبية شذوذ اجتماعي وعدم قدرة المجتمع الكولومبي على تجهيز نفسه بأدوات فهم الذات، ومن ناحية أخرى، يثبت أنه مدمر للبيئة الطبيعة والتنوع البيولوجي"[28]، كذلك، من الباحثين من يرى أن منح تقدير كبير للمعرفة الغربية منع الباحثين من رؤية العواقب السلبية لانتقالها إلى الحقائق الطبيعية والاجتماعية والثقافية لقارتنا ومحاولة تطبيقها على واقع عالم استوائي معقد وهش ومختلف تمامًا عن المناطق المعتدلة من الكوكب. ربما لهذا السبب، لا ترى جامعاتنا، وحتى مراكزنا التكنولوجية والتعليمية والثقافية، الحاجة الملحة لأن يمتلك مجتمعنا ليس فقط المعرفة العالمية، ولكن أيضًا المعرفة التي يتم وضعها في سياقها وتكييفها مع خصوصيتنا "[29] .

من الجهود البحثية التي بذلت في سبيل تحرير العلوم الاجتماعية؛ جهود الباحث بول فاريري في معالجة إشكالية التغريب الثقافي وتأثيرها على إدراك الباحثين في الجنوب لواقع مجتمعاتهم، فيقول: "في حالة العمليات الثقافية المغتربة المميزة للمجتمعات التابعة أو المتشيئة، فملكية الفكر – اللغة هي ذاتها مغتربة، ومن هنا أتي واقع أن هذه المجتمعات لا تظهر فكرا أصيلا خاصا بها أثناء فترات التغريب الحاد. إن الواقع كما يتم التفكير فيه لا يتطابق مع الواقع المعيش موضوعيا، ولكن ينطبق بدرجة ما على الواقع الذي يتخيل الإنسان المغترب أنه فيه"[30]. يرى أنه لتجاوز حالة الاغتراب الثقافي التي تعاني منها مجتمعات الجنوب لا بد من تجاوز تربية المقهورين؛ لأن تعليم المقهورين هو أداة نقدية: "يكتشف بها المقهورون حقيقة أنفسهم وحقيقة قاهريهم كضحايا لنزعات لا إنسانية، فالحرية ولا شك مخاض مؤلم، غير أن الإنسان الذي سينبثق في أجوائها هو لا شك كائن جديد يتمتع بإنسانية أو بمعنى آخر هو كائن سيقضي على التناقض القائم في علاقة القاهرين بالمقهورين، سيكون مستغرقا في تحقيق مزيد من الحرية"[31].

يرى الباحثون في أمريكيا اللاتينية أن عملية التحرير يجب أن تتعدى النطاق المحلي إلى النطاق الغربي ذاته، الذي أصبح يعج بالأزمات المتولدة من الحداثة الغربية، فطرح فالس برودا سؤالا عن مساهمة الأفكار والمفاهيم الخاصة بالعالم والمعرفة المنتجة في الجنوب في معالجة المشكلات المعاصرة التي تواجه الغرب؟ وكيفية إبراز: "آفاق جديدة لفهم الكون وطرح الأسئلة السهلة والجزئية للمعرفة المتحررة من الروتين الأكاديمي أو الجامعي، وإعطاء مساحة للعواطف والقلب، دون أن تكون مرة أخرى هدفًا لعملية تصغير أو التقاط من المؤسسات الأكاديمية"[32] .

2.     تحرير العلوم الاجتماعية في آسيا: من الإنسان التابع إلى الإنسان الحر

تضم آسيا ثقافات إنسانية عريقة؛ واجهت في مسارها التاريخي الحداثة الغربية بأشكال متعددة من الممانعة والمقاومة الثقافية، ولعل من المدراس الشهيرة التي قاومت المركزية الغربية في الأزمنة المعاصرة مدرسة التابع، وهي مدرسة انطلقت من فكرة إعادة كتابة تواريخ وثقافات المجتمعات الآسيوية من منظور ثقافي محلي، "في المجال ذاته الذي كان عليها أن تغلبه: التاريخ الذي يضرب بجذوره في نظام التعليم الكولونيالي. بدأت بوصفها نقدا لمدرستين في التاريخ متنازعتين: مدرسة كامبردج ومدرسة المؤرخين القوميين"[33]، انتقدت هذه المدرسة التاريخ الاستعماري للمجتمعات الغربية، والتمييز العنصري والمعرفي الذي واجهته الثقافات المحلية، وانطلقت من النقد الذي سدده ادوارد سعيد للخطاب الاستشراقي، الذي يرى أن: "الاستشراق أسلوبا غربيا للهيمنة على الشرق، وإعادة بنائه، والتسلط عليه"[34].

مدرسة التابع؛ مدرسة فكرية تمثلها مجموعة من المثقفين الذين طرحوا سؤالا: هل يمكن للتابع أن يتكلم؟[35] ونجد من أعلام هذه المدرسة؛ غياتري سبيفاك، ورانيت جيت جوها، وهومي بهابها... أصبحت دراسات التابع عابرة لحدود القارات، تتقاسم رؤى ووجهات نظر الكثير من النقاد والمفكرين في أرجاء العالم، تقترح رؤية للتاريخ الاجتماعي والثقافي والسياسي للعالم الذي خضع للتجربة الاستعمارية من الأسفل وليس من الأعلى، وانتهت إلى نتائج مهمة في مجال دراسات المرأة والجنس والأقليات والأديان والاعراق والطبقات، ثم سعت إلى تصحيح السرد المسطح الذي دونه المستعمر لتاريخ مجتمعات شديدة التعقيد في مكوناتها الاجتماعية وتركيبتها الدينية وتاريخها العريق[36].

إن عمليات التحديث التي عرفتها مجتمعات آسيا مع الحفاظ على قيمها الثقافية، "لا ريب في أن نجاح شرق آسيا الكونفوشي في التحول للتحديث الكامل دون التغريب الكامل يشير بوضوح إلى أن التحديث يمكن أن يتخذ أشكالا ثقافية مختلفة، لهذا فإنه من المتصور أن يجري تحديث جنوب شرق آسيا وفقا لنهج خاص مميز دون محاكاة كاملة للغرب"[37]، اعتبر هذا الإنجاز كتجربة تاريخية وحضارية، وتأكيدا على أن عمليات التحديث والتطوير الحضاري لا تعني مطلقا الاعتناق الكلي للقيم الحداثية الغربية، كما تنفي فرضية أن القيم المحلية معطلة للتحديث والحداثة، فتجارب التحديث في الصين والهند وماليزيا وإندونيسيا أثبتت أن الحداثة بما هي انتقال من وضع حضاري مأزوم إلى وضع حضاري متقدم؛ يشترط فيه التحرر المعرفي والاقتصادي والسياسي من المجتمعات الغربية.

سيطال هذا النقد اللاذع للهيمنة المعرفية الغربية خطاب العلوم الاجتماعية، وسوف تشكك دراسات التابع في كل المفاهيم والأدوات والنظريات التي وظفتها هذه العلوم في فهم وتفسير الظواهر الاجتماعية والإنسانية في مجتمعات الجنوب؛ لأن المهام التي أسندت للعلوم الاجتماعية الغربية تتمثل في: "تفكيك نظم المعرفة الأصلية والمحلية لمختلف المجتمعات التي كان من المقرر أن يجتاحها الاستعمار والرأسمالية في نهاية المطاف، وقد حدث ذلك من خلال عمل ما يشير اليه سانتوس غروسفواغل بقتل النظام المعرفي أو قتل المعرفة؛ أي تدمير المعرفة والخطابات غير الغربية"[38]، وعليه، يكتسب التحرير المعرفي للعلوم الاجتماعية أكثر من مبرر وشرعية.

في هذا السياق، نجد أن الإمبريالية المعرفية كرست ظاهرة التبعية الأكاديمية للعلوم الاجتماعية في الجنوب؛ حيث تشير الإمبريالية الفكرية إلى دور البحوث والمنح الدراسية في خدمة الإمبريالية السياسية والاقتصادية، كذلك إلى بنية مماثلة للإمبريالية السياسية والاقتصادية، أي هيمنة شعب على شعب آخر في عالم تفكيره، هناك علاقات إمبريالية في عالم العلوم الاجتماعية والإنسانية، توازي الموجودة في عالم الاقتصاد السياسي الدولي"[39].

الباحث فريد العطاس من الباحثين الآسيويين الذين عالجوا التبعية الأكاديمية، فيرى أن المختصين في العلوم الاجتماعية الآسيوية؛ يعتمدون على الرصيد الفكري الغربي؛ الأميركي والبريطاني، وإلى حد ما الفرنسي والألماني، وأن الاستعمار الأكاديمي المعاصر يتم الحفاظ عليه اليوم من خلال حالة التبعية الأكاديمية، "لأن سيطرة الغرب الاحتكاري على العلوم الاجتماعية وتأثيرها في كثير من أنحاء العالم الثالث لا يتم تحديدهما في المقام الأول عن طرق القوة الاستعمارية، بل بالأحرى من خلال الاعتماد على علماء العالم الثالث ومثقفيه الذين أُشربوا العلوم الاجتماعية بطرق متنوعة"[40]. وهذا ما أدى إلى عجر الباحثين الآسيويين عن طرح مفاهيم ونظريات أصيلة تعكس السياقات التاريخية والاجتماعية للمجتمعات الآسيوية.

وتتجلى التبعية الأكاديمية في العلوم الاجتماعية في ثلاثية، أولا: التبعية الفكرية عبر نقل المعارف من الغرب. وثانيا: التبعية في وسائل نقل ونشر الأفكار. والتبعية الثالثة في مجال تمويل البحوث، "فالمختصون في العلوم الاجتماعية في العالم المتقدم يقومون بالبحوث النظرية والإمبريقية، بينما يقتصر عمل نظرائهم في المجتمعات النامية على الجانب الإمبريقي، كما أن علماء هذه العلوم يدرسون مجتمعاتهم ومجتمعات أخرى في مقابل اقتصار عمل علماء العالم الثالث على إدارة مجتمعات غير مجتمعاتهم"[41].

لا بد من صياغة خطابات بديلة في العلوم الاجتماعية، تعمل على تحريرها من الرؤية الاستعمارية والمركزية الغربية، وتتجاوز نظريات ومفاهيم العلوم الاجتماعية الغربية. ويحتاج هذا الأمر إلى: "تحدي الإمبريالية الفكرية التي لا تزال سائدة في علم الاجتماع، وللنجاح في كسب رهان هذا التحدي تنبغي إثارة مسألة إرساء المرجعيات والقوانين التي سيستند إليها علماء الاجتماع في أفكارهم وتحليلاتهم، ويتطلب ذلك حوارا بين مفكري علم الاجتماع في الشمال والجنوب، لإثراء رؤى علم الاجتماع في الفهم والتفسير"[42].

3.     تحرير العلوم الاجتماعية في أفريقيا: من التمييز العرقي إلى الأصالة الزنجية

إن التحدي الذي واجهته الثقافة الأفريقية متعددة الإثنيات هو معضلة التمييز العرقي القائم على أساس اللون؛ حيث ظل ينظر إلى الإنسان الأسود في الثقافة الغربية على أنه في مرتبة أدنى من مرتبة النوع الإنساني، يفتقر إلى العقلانية ويعاني من الذهان والكسل والخرافة، والإنسان الأفريقي ذو عقل بدائي ما قبل منطقي ودون المستوى المفاهيمي؛ حيث كرست الإثنولوجيا هذه الرؤية التبخيسية والعنصرية للإنسان الأسود بغرض تبرير الظاهرة الاستعمارية.

تصدى الباحثون الأفارقة لهذا التمييز العرقي، ويعد فرانز فانون واحدًا من هؤلاء الباحثين؛ الذين سددوا نقدًا لاذعًا لهذه الرؤية العنصرية في مختلف كتاباته؛ حيث يرى أن: "الاستعمار لم يفرق في جهوده التي بذلها في هذا المضمار بين بلد وبلد، وإنما أكد أن الزنجي متوحش، والزنجي عنده ليس هو الأنغولي أو النيجيري، وإنما هو الزنجي عامة على إطلاق القول"[43]، هذه العنصرية العرقية هي أحد تجليات ظاهرة الحداثة الغربية، فالاستعمار ليس توسعًا وسيطرة اقتصادية، "إنه سيطرة وإثنية مركزية ثقافية. والاستعمار يفرض الإيمان بثقافة واحدة، وهكذا يفرض تحول السيطرة الغربية إلى استعمار إرساء أسس العلوم الاجتماعية"[44].

دفعت هذه الرؤية العنصرية التبخيسية الباحثين والمفكرين الأفارقة إلى التفكير في صياغة فلسفة أفريقية إثنية، تبلورت كتحد للمركزية الغربية التي من ركائزها تصنيف البشر على أساس العرق ولون البشرة، جسدتها كتابات وبحوث مجموعة من الباحثين نذكر منهم: كوامي نكروما، وكواسي ويرديو، والكسيس كجامي، ولبولد سنغر، وبيتر بودرنين... علما بأنها فلسفة تنطلق في معظمها من منطلق الحفاظ على الهوية، "والبحث المقدس عن الأصل والجذور، ومناهضة المركزية الغربية، والبحث عن الفلسفة الأفريقية الأصيلة"[45].

اتفق هؤلاء الباحثون على ضرورة ﺇﻧﻬﺎء ﺍلاﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﻠسفي وتأسيس مشروع تحرير معرفي، يرتكز على توليد المفاهيم، لأنه ليس مجرد نقد أيديولوجي، بل هو نقد للمفاهيم الأساسية، "والنقد هنا بمعنى فحص الصلاحية بدلا من كشف العجز، في الواقع، الفلسفة هي نقد في معظم الأحيان للمفاهيم الأساسية. وهذا يعني أنه فحص نقدي للإطار المفاهيمي الذي يقوم عليه الفكر الثقافي "[46].

إن الخطوة الحاسمة بعد تأسيس فلسفة أفريقية زنجية؛ تتمثل في تحرير العلوم الاجتماعية من المعرفة الاستعمارية والعنصرية الإثنية، سيعمل الباحثون الأفارقة جاهدين على إعادة النظر في مفاهيمها ومناهجها وسياساتها البحثية، "فالعلوم الاجتماعية الأفريقية ولدت من رحم العلوم الاجتماعية الغربية، لذلك هي علوم مستوردة، تؤطرها الإبستيمية الغربية، فتحتاج العلوم الاجتماعية في السياق الأفريقي إلى وصلها بفلسفة أفريقية تنتقد الممارسات المتحيزة والإثنية الغربية"[47].

إن إنهاء استعمار العلوم الاجتماعية في أفريقيا يعني بلا شك الإشارة إلى تعددية الفاعلين الاجتماعيين، وتعقيد الأنماط الثقافية والبنيات الاجتماعية التي يدرسونها، إنه يضع الباحثين في هذه العلوم أمام بنيات اجتماعية معقدة لا تشبه البنيات الاجتماعية الغربية، "لذلك يتطلب الأمر موقفًا نقديًا تجاه الموضوعات والمفاهيم والنماذج المقبولة عالميًا"[48]، وهذه دعوة صريحة للتفكير في صياغة بدائل ونماذج ومفاهيم لمقاربة الظواهر الاجتماعية والإنسانية في سياق المجتمعات الأفريقية.

ستؤسس أعمال مجموعة من الباحثين الأفارقة لهذا التيار النقدي في العلوم الاجتماعية، نذكر منهم: س. أمين، وب. هاونتوندجي، وأ مافيجي، ومحمد ممداني، وتي. مكانداوير، وزيليزا، وأ. مبمبي، ومحمد ضيوف... سددوا نقدا جذريا للمعرفة الغربية، وأسسوا لمشروع تحرير معرفي ذي طبيعة ثلاثية، والرد على الهيمنة المعرفية الغربية التي تدعي احتكار العقلانية، ونقد نموذج التنمية الاقتصادية الموحد الذي اقترحه الغرب، وأخيرًا، يقترح تحديد برنامج بحث أفريقي مستقل، ينافس الدراسات الأفريقية التي تم تطويرها في جامعات الشمال[49].

يتلخص شعار المركزية الأوربية كما يقول سمير أمين في أنهم "اقتدوا بالغرب، فهو أحسن العوالم الموجودة، أقول إن هذه النظرية للمشكلة هي طوباوية في آخر أمرها[...[ تقترح هدفا مستحيلا ومرفوضا من قبل الشعوب التي هي ضحية هذا النظام"[50]، لذلك لا بد من التحرر المعرفي عبر التخلص من التبعية الغربية؛ لأن ما يقوم به الباحثون من الجنوب لا يتعدى جمع البيانات الميدانية حول الظواهر الاجتماعية والإنسانية في المجتمعات الأفريقية، وفي أحسن الأحوال إعادة إنتاج النظريات والأساليب المنهجية التي طورتها أكاديميات دول الشمال، "فالباحثون من الشمال تمكنهم الكتابة عن بلد الجنوب وأن يصبحوا خبراء فيه، و نادرًا ما يمكن للخبراء من دول الجنوب أن ينشروا مقالات حول القضايا الشمالية وأن يُستمع إليهم كخبراء"[51].

في ظل الهيمنة المعرفية الغربية التي تعود جذورها إلى الحقبة الاستعمارية، أصبح الأكاديميون الأفارقة يطرحون أسئلة: لماذا نكتب؟ ولمن؟ وتعبر هذه الأسئلة النقدية عن أن العلوم الإنسانية والاجتماعية في الجنوب تفتقد الشرعية المعرفية، "فلا يزال التفكير في الأشكال المتغيرة لهذه المسافة التأسيسية وتحدياتها، فتحتاج العلوم وخاصة التاريخ المعاصر إلى الانخراط في تفكير متعمق في العلاقات الجديدة بين المحلل وموضوع دراسته"[52].

يرى الباحث ميديمبي أن الأفارقة لا يمكنهم التفكير بأنفسهم ولأنفسهم إلا إذا تخلصوا بشكل جذري من المنطق الإثنولوجي والاستعماري، أي إذا انفصلوا عن نظام الفكر الكامن وراء الممارسات الاستعمارية والاستعمارية الجديدة"[53]، ومن هذا المنطلق، انتقد الباحثون الأفارقة النقل الميكانيكي للمفاهيم والنظريات والمنهجيات وقضايا البحث التي تم تطويرها أولًا وقبل كل شيء لفهم الحقائق الاجتماعية للغرب إلى المجتمعات الأفريقية، ودعوا إلى تبني منهج معرفي لـ "التوطين الداخلي" للعلوم الاجتماعية في أفريقيا السوداء. ويتم تحقيق "التوطين" من خلال ابتكار المفاهيم الأساسية والمنهج والنظرية المناسبة للسياق الاجتماعي الأفريقي"[54].

وبذلت جهود معرفية بغرض توطين العلوم الاجتماعية، فنجد من دعا إلى تأسيس علم اجتماع أفريقي، وعلم اقتصاد خاص بأفريقيا، ونفس الأمر بالنسبة للعلوم السياسية والعلوم التربوية وغيرها من فروع العلوم الاجتماعية، فهناك من يرى أن تأسيس علم اجتماع أفريقي: "يتطلب إعادة النظر في الجذور الأنطولوجية والكوسمولوجية لعلم الاجتماع، وإعادة ربطها بالتاريخ والثقافة الأفريقية، وهذا بغرض تجاوز تلك الثنائيات التي وضعتها السوسيولوجيا الغربية: عقلاني/وغير عقلاني، مادي/روحي، مرئي/غير مرئي...[55].

4.     تحرير العلوم الاجتماعية في العالم الإسلامي: تأصيل العلوم الاجتماعية

إن التحدي الحضاري الذي واجهته الثقافة الإسلامية في صدامها مع الحداثة الغربية، يتمثل في معضلة الدين، فبالنسبة لهذه الثقافة الدين ليس مجرد طقوس وشعائر تعبدية، وإنما الدين رؤية وجودية ومعرفية للعالم، أسست حضارة عظيمة امتدت لقرون زمنية، لذلك، في خضم هذه المواجهة، ستعمل المؤسسات الغربية على اجتثاثه بشتى الوسائل من الحياة الثقافية للمجتمعات الإسلامية، بل وتعتبره من معوقات النهوض الحضاري والتقدم الإنساني، وستصبح العلاقة بين المجتمعات الإسلامية والمجتمعات الغربية منذ القرن التاسع عشر محكومة بثلاثية: التغريب، والعلمانية، والاستعمار.

في بداية النهضة، واجه علماء الإصلاح حالة التغريب، كمحمد عبده وجمال الدين الافغاني، ومحمد إقبال ورشيد رضا وغيرهم، بانتقادهم المدنية الغربية التي فصلت بين الدين والحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية للأفراد والمجتمعات، وفي المقابل، دفعتهم حالة الضعف الذي بدا عليه العالم الإسلامي في تلك الحقبة الزمنية للبحث عن العوامل المؤسسة للنهضة الغربية، فنعثر في كتاباتهم ومقالاتهم على مصطلحات: التمدين، والترقي، والإصلاح، والمدنية، والنظام...مما يدل على تأثرهم بما لدى الأمم الأوربية، إلا أنهم في الوقت نفسه وقفوا سدا منيعا ضد ظاهرة التغريب: "التي رأى فيها النهضويون الإصلاحيون خروجا صريحا عن معنى المعاصرة نفسه وتقليدا رثا للآخر؛ والحال، أن الأخذ من الغربيين لا يشترط إنكار الذات ومحو شخصية الحضارة التي انتسلت من سلالتها تلك الذات فيما يرون"[56].

يعني التغريب في أبسط مدلولاته التخلي عن القيم الثقافية الإسلامية واحلال مكانها القيم الثقافية الغربية، والأخذ بالممارسات التي اخذت بها الأمم الأوربية في التمدين والتحضر، ومن تجليات التغريب ظاهرة العلمنة، التي تعني فصل الدين عن الحياة الاجتماعية للأفراد، على اعتبار أن تحييد الدين من الفضاء العمومي هو ما أدى إلى تقدم المجتمعات الغربية، لذلك ستعمل القوى الاستعمارية على فرض القيم الثقافية الغربية على المجتمعات العربية والإسلامية بالقوة والإكراه.

أجبرت المجتمعات الإسلامية على الولوج إلى الأزمنة الحداثية بالقسر والإكراه، وفرض عليها الاستعمار التشريعات القانونية الوضعية وألغى التشريعات الإسلامية، وفكك مؤسسات الوقف واستحدث مؤسسات التعليم المدني ووضعها في مواجهة مؤسسات التعليم الديني، وفرض الربا في المعاملات الاقتصادية، وعمل الاستعمار الغربي على إدخال المزيد من عمليات التحديث على البنى الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات الإسلامية لإلحاقها بالغرب، إلا أن رغبة هذه المجتمعات في التحرر من الهيمنة الاستعمارية قادتها إلى القيام بثورات تحررية مكنتها من طرد الاحتلال من أراضيها واسترداد السيادة على أراضيها.

إلا أن السؤال الذي بقي مطروحا: هل الاستقلال السياسي قاد المجتمعات العربية والإسلامية إلى التحرر المعرفي من الهيمنة الثقافية والمعرفية الغربية؟ واقع الحال يشي بأن السياسات الثقافية التغريبية أثرت على العقل العربي الإسلامي، رغم أن الواقع يكشف عن أشكال من الممانعة الثقافية للمجتمعات العربية الإسلامية؛ لأنه بالرغم من جاذبية مشروع التحديث الذي يتقدم بوتائر متزايدة في العالم العربي والإسلامي، "دون أن يوازيه تقدم ملموس على مستوى حركة العلمنة، الأمر الذي بيّن أن القاعدة الأقرب في التعبير عن واقع المجتمع العربي الإسلامي، خلافا لما تدعيه نظريات العلمنة، ما تمكن تسميته متتالية التراجع العلماني وليس التصاعد العلماني"[57].

في هذا السياق، سيكون الجانب المعرفي واحدا من مجالات الصراع بين القيم الإسلامية والقيم الثقافية الغربية؛ حيث سينفي الباحثون فكرة كونية المعرفة الغربية، "فإذا كان الغرب قد تحوّل إلى مطلق فيجب أن يستعيد نسبيته وتاريخيته، وإذا كان يشغل المركز، فيجب أن يصبح مرة أخرى عنصرا واحدا ضمن عناصر أخرى تُكون عالم الإنسان، وإذا كان يعتبر نفسه عالميا وعاما، فيجب أن نبين خصوصيته ومحليته"[58]، كذلك يؤكد الباحثون والمفكرون أن الحداثة الغربية هي شكل من أشكال التحديث، وليست معيارا لبقية المجتمعات، "لقد اتضح أن واقع الحداثة في مجتمعات الغرب لا يعدو كونه تطبيقا واحدا من الإمكانات التطبيقية المتعددة والمختلفة التي تحملها روحها]...[بل لا نعدو الصواب إن قلنا بأن هذا التطبيق الحداثي الخاص هو نفسه اتخذ في المجتمعات الغربية أشكالا مختلفة، حتى كاد أن تكون لكل مجتمع منها حداثته الخاصة به"[59].

في هذا الإطار النقدي، سوف يتبلور مشروع تأصيل المعرفة من منظور إسلامي كمشروع للتحرر من المعرفة الاستعمارية الغربية، وإعادة الحيوية للنموذج المعرفي الإسلامي، سيضطلع بهذه المهمة مجموعة من الباحثين أمثال؛ إسماعيل الفاروقي، وعبد الحميد أبو سليمان، وفتحي حسن الملكاوي، وعماد الدين خليل، وطه جابر العلواني ...وخلافا لسابقيهم سيعتمد هؤلاء المفكرون على استراتيجية جديدة، تتمثل في فكرة المعرفة المؤسساتية؛ لأنهم يعتقدون أن الجهود الفردية على قوتها المنهجية ومتانة أطروحاتها لا يمكنها أن تساجل الفكر الغربي بما يملك من قوة جذب وبما يملك من وسائل وأدوات نشر المعرفة، فأسسوا مؤسسة المعهد العالمي للفكر الإسلامي سنة 1982م، مؤكدين أن الأزمة التي تعاني منها الأمة الإسلامية هي أزمة فكرية بالأساس، لذلك لا يكون علاجها إلا فكريا، ووضعوا أربعة محاور كبرى للاشتغال المعرفي: يتعلق الأول منها بالنظام المعرفي الإسلامي والمنهجية الإسلامية، والمحور الثاني: التعامل مع المصادر الإسلامية(القرآن والسنة النبوية الشريفة)، والثالث: منهجية التعامل مع التراث الإسلامي والإنساني، والرابع: منهجية فهم واقع الأمة وواقع العالم والتعامل مع هذين الواقعين[60].

تمت صياغة بيان حول تأصيل المعرفة؛ يبين الهدف منها ووسائل تحقيقها، وسيكون للعلوم الاجتماعية نصيب من هذا المشروع التحريري، "لأن هذه العلوم تعكس قيم الغرب ومفاهيمه ومعتقداته وغاياته، وتشكل بالتالي على تلك الأسس والغايات الغربية مختلف وجوه السلوك والمؤسسات الاجتماعية"[61]، لذلك يهدف تأصيل المعرفة إلى: "تأصيل شمولية المنهج الإسلامي في ميدان الدراسات الاجتماعية والإنسانية وتأصيل الدراسات العلمية والإسلامية في ميدان الواقع الحياتي والفطرة الإنسانية والاجتماعية"[62].

ليس القصد من تأصيل المعرفة: "مجرد إضافة عبارات دينية إلى مباحث العلوم الاجتماعية والإنسانية باستمداد آيات قرآنية ملائمة لموضوعات العلم المقصود أسلمته، بل إعادة صياغة منهجية ومعرفية للعلوم وقوانينها"[63]، وكذلك تعني عملية: "فك الارتباط بين الإنجاز العلمي الحضاري البشري والإحالات الفلسفية الوضعية بأشكالها، وإعادة توظيف هذه العلوم ضمن ناظم منهجي ومعرفي ديني غير وضعي"[64].

تسمية العلوم الاجتماعية والإنسانية بعلوم الأمة، "فإن العلوم التي تقوم بدراستها يجب أن تسمى العلوم الخاصة بالأمة، فالدراسة الإسلامية ترفض الاعتراف بشُعب العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية، بل إنها تطلب إعادة صياغة تصنيف فروع الدراسة وتقسيمها إلى العلوم الطبيعية التي تتناول الطبيعة، والعلوم الخاصة للأمة التي تتناول الإنسان والمجتمع"[65].

قدم مشروع تأصيل المعرفة انطلاقا من الرؤية الإسلامية إلى العالم أربعة اقتراحات معرفية لتحرير العلوم الاجتماعية من الهيمنة الغربية، بعضها يحمل طابعا خصوصيا يتعلق بالقيم الثقافية الإسلامية، والبعض الآخر يحمل طابعا عالميا، يتقاطع مع الجهود المعرفية التي بذلها الباحثون في الجنوب، فالاقتراح الأول يتمثل في الدعوة إلى تأسيس فقه التحيز كحقل دراسي معرفي يسعى إلى تحديد عناصر التحيز في العلوم الاجتماعية والإنسانية عبر الكشف عن العلمي من الأيديولوجي والخيالي الذاتي من الموضوعي، وهذا الاقتراح يمكن أن يشغله الباحثون الذين ينتمون إلى مختلف ثقافات الجنوب، بالكشف عن التحيزات التي تنطوي عليها العلوم الاجتماعية الغربية، ففقه التحيز يقدم للباحث "أداة منهجية يستطيع من خلالها أن يقلل من تحيزاته هو وينمي عنده قدرة وقابلية الاستقامة طالما أدرك أبعاد التحيز ومواطنه ومداخله، ومن ثم يقترب من الحقيقة بدرجة أكبر بقدر ما تتيحه الطاقة البشرية"[66]، وهذا المقترح النقدي للعلوم انطلاقا من التحيز يشترك فيه كل العقول البشرية.

الاقتراح الثاني لتحرير العلوم الاجتماعية في الجنوب، وهو الكشف عن العلاقة الخفية بين رؤى العالم والعلوم الاجتماعية، فالرؤية العالمية باعتبارها مجموعة المفاهيم والمعتقدات والتصورات الإدراكية: "التي تمكننا من فهم الكون والحياة والإنسان والعلاقات القائمة بينها، وأن العلوم الاجتماعية تتميز عن غيرها من العلوم، بأن صياغة مفاهيمها ونظرياتها تتأثر تأثرا مباشرا برؤية العالم التي يمتلكها الباحث، أو الجماعة العلمية التي تقوم بصياغتها"[67]، لذلك يوظف الباحثون في الجنوب رؤية العالم كأداة إجرائية لنقد العلوم الاجتماعية الغربية والكشف عن القيم الحداثية التي تدافع عنها، كذلك يحق لكل مجتمع حضاري يمتلك رؤية للعالم أن يؤسس علوما اجتماعية متوافقة ومنسجمة مع رؤيتها.

يتمثل المقترح الثالث في دراسة العلاقة بين العلوم الاجتماعية والنماذج المعرفية، فتقصد بالنموذج المعرفي: "بنية تصورية يجردها عقل الانسان من كم هائل من العلاقات والتفاصيل والحقائق والوقائع، فهو يستبعد بعضها بوصفه غير دال من وجهة نظره، ويستبقي بعضها، ثم يربط بينها وينسقها تنسيقا خاصًا؛ بحيث تصبح حسب تصوره مترابطة، ومماثلة للعلاقات الموجودة بين عناصر الواقع"[68]، وعليه، هناك علاقة منهجية بين العلوم الاجتماعية الغربية والنموذج المعرفي الذي تولدت منه، لذلك فالنقد العميق لهذه العلوم يمر حتميا عبر نقد مقدمات النموذج المعرفي الغربي، كذلك فطرح البديل في العلوم الاجتماعية؛ يمر عبر تأسيس نموذج معرفي مغاير، فاقترح مشروع تأصيل المعرفة بديلا ممثلا في النموذج المعرفي الإسلامي، الذي يتكون من أربعة أبعاد: "الوحي، والكون، والعقل الإنساني، والتاريخ. تناظر هذه الأبعاد مستويات أربعة تمثل تدرجات الفعل، وتعبر عن دور الممارسة في نظرية المعرفة هي: الوعي، والمادة، والتفسير والتأويل، والحدث في الزمان والمكان"[69]، يكون هذا النموذج المعرفي هو الإطار المرجعي للعلوم الاجتماعية البديلة.

يتمثل المقترح الرابع في التكامل المعرفي بين العلوم الاجتماعية، خلافا لمنهجية الفصل المعرفي التي اتبعتها العلوم الاجتماعية الغربية، والتي أدت إلى تشكيل حقول معرفة منفصل بعضها عن بعض، ولا بد للباحثين في الجنوب من إعادة الوصل بين حقول المعرفة لفهم واقعهم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وتأسيس علوم اجتماعية بديلة. طرحت مدرسة تأصيل المعرفة فكرة التكامل بين العلوم الاجتماعية وعلوم الوحي، ويعني التكامل المعرفي: "التكامل في ثلاثة مستويات متضايفة متلازمة، هي التكامل بين مصدري المعرفة: الوجود والوحي، والتكامل بين أداتي المعرفة: العقل والحس، والتكامل بين المصادر والأدوات"[70]، يتم تحقيق هذا التكامل المعرفي منهجيا ومعرفيا من خلال منهج الجمع بين القراءتين، "والمدخل الأساسي للجمع بين القراءتين يبدأ باكتشاف العلاقة المنهجية بين الناظم المنهجي لآيات القرآن الذي أعطى القرآن وحدته البنائية وإعجاز نظمه، وبين السنن والقوانين المبثوثة في الوجود، والمهيمنة على حركته للكشف عن الناظم المنهجي الذي يربط بينها"[71].

خاتمة

في الختام، كشفت الورقة البحثية عن الكيفية التي تحولت معها مبادئ المركزية الغربية إلى إطار معرفي مرجعي للعلوم الاجتماعية، وأن هذه العلوم نهلت نظرياتها ومفاهيمها ومناهجها من هذه المبادئ، ثم عملت على نشرها وترسيخها على المستوى العالمي تحت مظلة المعرفة العلمية الموضوعية بالإنسان والمجتمع الحديث، وبينت الممارسة النقدية زيف ادعاء العلوم الاجتماعية الغربية الكونية، وأوضحت أنها مجرد علوم محلية، وهناك ثلاثة أبعاد تنزع عنها صفة الكونية، أولا: هي علوم نشأتها وتطورها مرتبطان بالسياق التاريخي والاجتماعي للمجتمعات الغربية، و ثانيا: البعد اللغوي القومي الذي أثر في الصياغة المعرفية لهذه العلوم، وثالثا: التعدد النظري والانقسام المنهجي الذي تعاني منه العلوم الاجتماعية.

وضحـت أن العلوم الاجتماعية في جامعات الجنوب تعاني من الهيمنة المعرفية الغربية، مما دفع الباحثين إلى التفكير في طرح مشاريع لتحريرها معرفيا من الرؤية الاستعمارية والتمييز العنصري، فأسسوا مشاريع فلسفية ومعرفية تركز على فكرة أن العلوم الاجتماعية الغربية معادية معرفيا لمجتمعات الجنوب، فدفع التحدي الذي واجهته ثقافة أمريكيا اللاتينية ممثلا الهيمنة السياسية والمعرفية الباحثين إلى تأسيس فلسفة للتحرير، يكون مدخلها التحرر من سيطرة الإبستيمولوجيا الغربية والتأسيس لعلوم اجتماعية تتوافق نظرياتها ومفاهيمها مع السياقات التاريخية والاجتماعية والسياسية لمجتمعات أمريكيا اللاتينية.

في حين، أن التحدي الذي واجهته الثقافة الآسيوية يتمثل في الهيمنة الثقافية، فأسست مدرسة التابع الشهيرة في الدراسات ما بعد الكولونيالية، فطرح الباحثون فكرة إعادة كتابة التاريخ الاجتماعي والثقافي للمجتمعات الآسيوية، وفي مجال العلوم الاجتماعية طرحوا مشكلة التبعية الأكاديمية للعلوم الاجتماعية الغربية، واقترحوا بدائل معرفية للتحرر من هذه التبعية؛ حيث تحولت من تبعية سياسة واقتصادية إلى تبعية ثقافية ومعرفية، أما تحليل طبيعة التحدي الذي واجهته الثقافة الأفريقية ممثلا في التمييز العرقي والعنصري الإثني، فدفع الباحثين إلى التفكير في تأسيس فلسفة إثنية، تكون ردا معرفيا على الرؤية التبخيسية الغربية التي تعرض لها الإنسان الأفريقي الأسود، وفي مجال العلوم الاجتماعية أنجز الباحثون دراسات وبحوثا توضح كيفية توطين هذه العلوم وتحريرها من الهيمنة المعرفية الغربية.

ساهم الباحثون المنتمون إلى الثقافة الإسلامية في صياغة مشروع تأصيل المعرفة انطلاقا من الرؤية الإسلامية للعالم، ويعد هذا المشروع من المشاريع التحريرية التي تحدت هيمنة النموذج المعرفي الغربي، وفي مجال العلوم الاجتماعية قُدمت أربعة اقتراحات معرفية يمكن أن يعتمد عليها الباحثون في العالم العربي والإسلامي أو في دول الجنوب في تأسيس علوم اجتماعية بديلة، وتتمثل في التحيز المعرفي، ورؤى العالم، ونموذج التكامل المعرفي.

وفي الأخير، ندعو الباحثين في العالم العربي والإسلامي إلى الانفتاح على المنجزات المعرفية للباحثين في الجنوب، والعمل في مجال العلوم الاجتماعية على تأسيس جسور تواصل معرفي ومنهجي معهم والتفكير في عقد شراكات بحثية وعقد مؤتمرات دولية مشتركة، والعمل على تأسيس مجلات أكاديمية ومؤسسات بحثية للتعاون المعرفي بين دول الجنوب.


 

المراجع

أولًا: العربية

1.     الكتب

أمين، جلال. خرافة التقدم والتخلف: العرب والحضارة الغربية في مستهل القرن العشرين. القاهرة: دار الشروق، ط1، 2005.

أمين، سمير. نحو نظرية للثقافة: نقد التمركز الأوربي والتمركز الأوربي المعكوس. بيروت: معهد الإنماء العربي، ط1، 1989.

بشير ديان، سليمان ولو أمسيل، جان. أفريقيا أفقا للفكر: في مُساءلة الكونية وما بعد الكولونيالية، ترجمة: فريد الزاهي. القاهرة: دار معنى للنشر والتوزيع، 2021.

بلقزيز، عبد الإله. من الإصلاح إلى النهضة. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط2، 2014.

توماس، كون. بنية الثورات العلمية، ترجمة شوقي جلال. الكويت: عالم المعرفة، 1992.

حاج حمد، أبو القسام. منهجية القرآن المعرفية. بيروت: دار الساقي، ط1، 2003.

ريمون، بودون. موضع الفوضى، ترجمة منصور القاضي. بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1999.

سبيفاك، غاياتري. هل يستطيع التابع أن يتكلم؟ ترجمة خالد حافظي. السعودية: صفحة سبعة للنشر والتوزيع، 2020.

سعيد، إدوارد. الاستشراق: المفاهيم الغربية للشرق، ترجمة: محمد عناني. القاهرة: دار رؤية للنشر والتوزيع، 2006.

عبد الرحمن، طه. روح الحداثة، المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، ط1، 2006.

عبد السلام، رفيق. في العلمانية والدين والديمقراطية المفاهيم والسياقات. بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، ط1، 2007.

عبد الله، إبراهيم. المركزية الغربية. بيروت: منشورات الاختلاف، ط1، 2010.

العلواني، طه جابر. "تصدير"، ضمن عبد الوهاب المسيري، إشكالية التحيز رؤية معرفية ودعوة للاجتهاد. المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 1995.

–––. الجمع بين القراءتين: قراءة الوحي وقراءة الكون. القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، ط1، 2006.

الفاروقي، إسماعيل راجي. إسلامية لمعرفة: المبادئ العامة، خطة العمل، الإنجازات. بيروت: دار الهادي، ط1، 2001.

–––. صياغة العلوم الاجتماعية صياغة إسلامية. الأردن: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1999.

فانون، فرانز. معذبو الأرض، ترجمة سامي الدروبي وجمال الأتاسي. بيروت: مدارات للأبحاث والنشر، ط1، 2015.

فريري، بولو. تعليم المقهورين، ترجمة: يوسف نور عوض، بيروت: دار القلم، 1980.

–––. الفعل الثقافي في سبيل الحرية، ترجمة إبراهيم الكرداوي. القاهرة: مركز الدراسات والمعلومات القانونية، 1995.

كويل، ريوين. النظرية الجنوبية: علم الاجتماع والديناميات العالمية للمعرفة، ترجمة فاروق منصور. بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2020.

لكلرك، جيرار، الأنثروبولوجيا والاستعمار، ترجمة جورج كتورة. بيروت: المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع، ط2، 1990.

لويس، هيلمسليف. مداخل لنظرية اللغة، ترجمة يوسف إسكندر. بيروت: دار الرافدين، 2018.

مارتن، هوليس. مدخل إلى فلسفة العلوم الاجتماعية، ترجمة خالد قطب. بيروت: دار معنى للنشر والتوزيع، ط1، 2021

ماكس، فيبر. الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية، ترجمة محمد علي مقلد. بيروت: مركز الإنماء القومي، د.ت.

المسيري، عبد الوهاب. العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة. القاهرة: دار الشروق، ط1، 2002.

الملكاوي، فتحي حسن. رؤية العالم: حضور وممارسات في الفكر والعلم والتعليم. الأردن: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 2021.

–––. منهجية التكامل المعرفي: مقدمات في المنهجية الإسلامية. الأردن: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 2011.

هاريزون، لورانس وهنتجتون، صمويل. الثقافات وقيم التقدم، ترجمة جلال أمين. مصر: المركز القومي للترجمة، 2009.

هوركهايمر، ماكس. ادورنو، ثيدور ف، جدل التنوير: شذرات التنوير، ترجمة جورج كتورة. بيروت: دار الكتاب الجديد، ط1، 2006.

هيجل، فريدريش. العقل في التاريخ، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام. بيروت: دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع، ط3، 2007.

وائل، الحلاق. قصور الاستشراق: منهج في نقد العلم الحداثي، ترجمة عمرو عثمان. بيروت: الشبكة العبية للبحوث، 2019.

2.     المقالات

إبراهيم، عبد الله. "التخيل التاريخي والتمثيل الاستعماري للعالم". مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والبحوث (27 نوفمبر 2021)، ص1-32. http://www.mominoun.com/pdf1/2014-12/547e92a680edb699147365.pdf

أبوندير-غويرا، فيكتور. "كيف نتعامل مع عنصرية كانطـ، داخل القاعة الدراسية وخارجها". ترجمة فاطمة مصطفى، مجلة حكمة (2020)، ص1-34. https://hekmah.org/%d8%af%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%8a

منيولو، والتر. "العصيان المعرفي، التفكير المستقيل والحرية الديـكولونيالية". ترجمة فتحي المسكيني، مجلة ألباب، ع8 (2016)، ص 1-33. file:///C:/Users/ae19550/Downloads/2049-000-008-003.pdf

الذوادي، محمود. "الخطاب البديل في العلوم الاجتماعية الآسيوية: رد المركزية الأوربية (سيد فريد عطاس)". مجلة إضافات، ع 9 (2010).

–––. "مقدمة في نزع الاستعمار عن علم الاجتماع". مجلة عمران للعلوم الاجتماعية، مج11، ع43 (2023)، ص147-153. https://doi.org/10.31430/SMEF8134

سيد علي، غيضان. "الفلسفة الأفريقية: البحث عن الهوية ومناهضة المركزية الغربية". مجلة متون، مج16، ع2 (2023)، ص31-74. https://asjp.cerist.dz/en/article/217996

شاكراباتي، ديبيش. "دراسات التابع والتأريخ ما بعد الكولونيالي". ترجمة: ثائر ذيب، مجلة أسطور، مج2، ع3 (2016)، ص7-23.

العطاس، السيد فريد. "العطاس حول المعرفة الاستعمارية والمعرفة المستقلة". مجلة إضافات، ع 57-58 (2022)، ص21-39. 0570-000-057058-002.pdf

غروسفكيل، رامون. "بينة المعرفة في الجامعات المغربة: العنصرية المعرفية والتمييز الجنسي المعرفي، والإبادات الجماعية والمعرفية الأربع في القرن السادس عشر الطويل". ترجمة بدر الحاكيمي، مجلة إسلامية المعرفة، مج23، ع91 (2018)، ص71-106. https://doi.org/10.35632/citj.v23i91.445

هيئة التحرير، "كلمة التحرير". مجلة إسلامية المعرفة، مج5، ع 20 (2000)، ص5-9. https://doi.org/10.35632/citj.v5i20.2885

المسيري، عبد الوهاب. "الفكر الغربي: مشروع رؤية نقدية". مجلة إسلامية المعرفة، مج2، ع5 (1195) ص125-138. https://doi.org/10.35632/citj.v2i5.2015

منير، وليد. "أبعاد النظام المعرفي ومستوياته". مجلة إسلامية المعرفة، مج8، ع 18 (1999). https://doi.org/10.35632/citj.v5i18.1797

ورديو، كواسي. "نحو إنهاء استعمار الفلسفة والدين الأفريقي". ترجمة دعاء عبد النبي حامد، مجلة حكمة، تم الاسترجاع في 1 ديسمبر 2024. https://hekmah.org

ثانيًا: الأجنبية                                                                                                                                                                                 References

ʻAbd Allāh, Ibrāhīm. Al-Markazīyah al-Gharbīyah (in Arabic), Beirut: Manshūrāt al-Ikhtilāf, 1st ed., 2010.

ʻAbd al-Raḥmān, Ṭāhā. Rūḥ al-Ḥadāthah: Al-Madkhal ilá Taʾsīs al-Ḥadāthah al-Islāmīyah (in Arabic), Casablanca: al-Markaz al-Thaqāfī al-ʻArabī, 1st ed., 2006.

ʻAbd al-Salām, Rafīq. Fī al-ʻAlmānīyah wa-al-Dīn wa-al-Dīmuqrāṭīyah: Al-Mafāhīm wa-Siyāqāt (in Arabic), Beirut: al-Dār al-ʻArabīyah lil-ʻUlūm Nāshirūn, 1st ed., 2007.

Abundez-Guerra, Victor. "Kayfa nataʻāmalu maʻa ʻunṣurīyat kānṭ, dākhil al-qāʻah al-dirāsīyah wa-khārijihā” (in Arabic), trans. Fāṭima Muṣṭafa, Ḥekmah Journal (2020), pp.1-34. https://hekmah.org/%d8%af%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%8a

al-ʻAlwānī, Ṭāhā Jābir. Al-Jamʻ Bayna al-Qirāʼatayn: Qirāʼah al-Wahy wa-Qirāʼah al-Kawn (in Arabic), Cairo: Maktabat al-Shurūq al-Dawlīyah, 1st ed., 2006.

–––. "Taṣdīr” (in Arabic), In: ʻAbd al-Wahhāb al-Misīrī (ed.), Ishkālīyat al-Taḥayyuz: Ruʼyah Maʻrifīyah wa-Daʻwah lil-Ijtihād, al-Maʻhad al-ʻĀlamī lil-Fikr al-Islāmī, 1st ed., 1995.

Alatas, Syed Farid. "Academic Dependency and the Global Division of Labour in the Social Sciences,” Current Sociology, Vol. 51, No. 6 (2003), pp. 599-613. https://doi.org/10.1177/00113921030516003

al-Fārūqī, Ismāʻīl Rājī. Islāmīyah li-Maʻrifat: Al-Mabādiʼ al-ʻĀmmah, Khiṭṭah al-ʻAmal, al-Injāzāt (in Arabic), Beirut: Dār al-Hādī, 1st ed., 2001.

–––. Ṣiyāghat al-ʻUlūm al-Ijtimāʻīyah: Ṣiyāghat Islāmīyah (in Arabic), Jordan: al-Maʻhad al-ʻĀlamī lil-Fikr al-Islāmī, 1999.

Al-Malkawi, Fathi Hassan. Manhajīyah al-Takāmul al-maʻrifī: muqaddimāt fī al-manhajīyah al-Islāmīyah (in Arabic), Jordan: al-Maʻhad al-ʻĀlamī lil-Fikr al-Islāmī, 1st ed., 2011.

–––. Ruʼyah al-ʻālam : ḥuḍūr wa-mumārasāt fī al-Fikr wa-al-ʻilm wa-al-taʻlīm (in Arabic), Jordan: al-Maʻhad al-ʻĀlamī lil-Fikr al-Islāmī, 1st ed., 2021.

al-Misīrī, ʻAbd al-Wahhāb. Al-ʻAlmānīyah al-juzʼīyah wa-al-ʻalmānīyah al-shāmilah (in Arabic), Cairo: Dar al-Shorouk, 1st ed., 2002.

–––. "Western Thought: A Critical Review” (in Arabic), Al-Fikr Al-islāmī Al-muʿāṣir, Vol. 2, No. 5 (1996), pp. 125-138. https://doi.org/10.35632/citj.v2i5.2015

Amīn, Jalāl. Khurāfat al-Taqaddum wa-al-Takhalluf: al-‘Arab wa-al-Ḥaḍārah al-Gharbīyah fī Mustahall al-Qarn al-‘Ishrīn (in Arabic), Cairo: Dār al-Shurūq, .1st ed., 2005.

Amīn, Samīr. Naḥwa Naẓarīyah lil-Thaqāfah: Naqd al-Tamarkuz al-Ūrubbī wa-al-Tamarkuz al-Ūrubbī al-Maʿkūs (in Arabic), Beirut: Maʿhad al-Inmāʾ al-ʿArabī, 1st ed., 1989.

Ascione, Gennaro. Science and the Decolonization of Social Theory: Unthinking Modernity, Italy: Palgrave Macmillan, 2016.

Assogba, Yao. La Raison Démasquée: Sociologie de l’acteur et recherche sociale en Afrique, Québec: Les Presses de l’Université Laval, 2007.

Aymard, Maurice. "Langues naturelles et langues savantes : les sciences humaines et sociales face à elles-mêmes, à leurs ambitions, à leurs exigences, à leurs pratiques, Trivium (15 March 2013). pp. 1-7. https://doi.org/10.4000/trivium.4534

Bachir Diagne, Souleymane et Amselle, Jean-loup. En quête d'Afrique(s): Universalisme et pensée (in Arabic), trans. Farīd al-Zāhī, Cairo: Dār Maʿnā lil-Nashr wa-al-Tawzīʿ, 2021.

Belkziz, Abdulilah. From Reform to Renaissance (in Arabic), Beirut: Markaz Dirāsāt al-Waḥdah al-ʿArabīyah, 2nd ed., 2014.

Bisanswa, Justin Kalulu. "V. Y. Mudimbe: réflexion sur les sciences humaines et sociales en Afrique,” Cahiers d’Études africaines, Vol. 40, Cahier 160 (2000), pp. 705-722. https://doi.org/10.2307/4393082

Boudon, Raymond. La Place du désordre (in Arabic), trans. Manṣūr al-Qāḍī, Beirut: al-Muʾassasah al-Jāmiʿīyah lil-Dirāsāt wa-al-Nashr wa-al-Tawzīʿ, 1999.

Castro-Gómez, Santiago. "Le chapitre manquant d'Empire: La réorganisation postmoderne de la colonisation dans le capitalisme postfordiste,” Multitudes, Vol. 3, No. 26 (2006), pp. 27-49. https://doi.org/10.3917/mult.026.0027

Césaire, Aimé. "Plaidoyer pour une décolonisation des savoirs,” university montreal (17 Novembre 2016), consulté le 30 juillet 2023. http://hdl.handle.net/1866/19860

Chakrabarty, Dipesh. "Historiography Postcolonial and Studies Subaltern” (in Arabic), trans. Thaer Deeb, Ostour Journal, Vol. 2, No. 3 (2016), pp. 7-23.

Connell, Roewyn. The Southern Theory: Social Science and Dynamics of Global Knowledge (in Arabic), trans. Fārūq Manṣūr, Beirut: Arab Center for Research and Policy Studies, 2020.

Copans, Jean. "Les sciences sociales africaines ont-elles une âme de philosophe ? Ou du fosterage de la philosophie,” revue Politique africaine, No. 77 (2000), pp. 54-71.

Dhaouadi, Mahmoud. "Alternative Discoures in Asian Social Science: Responses to Eurocentrism (Syed Farid al-Attas)” (in Arabic), Idāfāt Journal, Vol. 9 (2010).

–––. Decolonizing Sociology: An Introduction” (in Arabic), Omran Journal, Vol. 11, No. 43 (2023), pp. 147-153. https://doi.org/10.31430/SMEF8134

Dufoix, Stéphane. "Migrations conceptuelles et décolonisation des sciences sociales, In: Damien Simonneau (ed.), Vivre le transnational: Ancrages et circulations en débat (France, De facto, 2021), pp. 48-53.

Dussel, Enrique. De la philosophie de la libération, (Paris : Puf, 2023), p. 10.

Editorial, Editorial Foreword” (in Arabic), Al-Fikr Al-islāmī Al-muʿāṣir, Vol. 5, No. 20 (2000), pp. 5-9. https://doi.org/10.35632/citj.v5i20.2885

Fall, Mouhamedoune Abdoulaye. "Décoloniser les sciences sociales en Afrique,” Journal des anthropologues, Vol. 124-125 (2011), pp. 313-330. https://doi.org/10.4000/jda.5874

Fals-Borda, O. "The Application of Participatory Action-Research in Latin America,” International Sociology, Vol. 2, No. 4 (1987), pp. 329-347. https://doi.org/10.1177/026858098700200401

Fanon, Franz. The Wretched of the Earth (in Arabic), trans. Sāmī al-Durūbī and Jamāl al-Atāsī. Beirut: Madarat for Research and Publishing, 1st ed., 2015.

Farid al-Attas, Syed. "al-ʻAṭṭās ḥawla al-Maʻrifah al-istiʻmārīyah wa-al-maʻrifah al-Mustaqillah” (in Arabic), Idāfāt Journal, Vol. 57-58 (2022), pp. 21-39. 0570-000-057058-002.pdf

Florence, Bernault. "L’Afrique et La Modernité Des Sciences Sociales,” Vingtième Siècle. Revue d’histoire, No. 70 (2001), pp. 127–38. https://doi.org/10.2307/3771709

Freire, Paulo. Al-Fiʻl al-Thaqāfī fī Sabīl al-Ḥurrīyah (in Arabic), trans. Ibrāhīm Kirdāwī, Cairo: Markaz al-Dirāsāt wa-al-Maʻlūmāt al-Qānūnīyah, 1995.

Freire, Paulo. Taʻlīm al-Maqhūryn (in Arabic), trans. Yūsuf Nūr ʻAwaḍ, Beirut: Dār al-Qalam, 1980.

Godrie, Baptiste. "Orlando Fals Borda, figure de l’intellectuel décolonial engagé,” In: Liliana Diaz et Baptiste Godrie (eds.), Décoloniser les sciences sociales (Canada : trimestre, 2020), pp. 1-60.

Grosfoguel, Ramón. "The Structure of Knowledge in Westernized Universities: Epistemic Racism/Sexism and the Four Genocides/Epistemicides of the Long 16th Century” (in Arabic), trans. Al-Fikr al-islāmī al-muʿāṣir Journal, Vol. 23, No. 91 (2018), pp. 71-106. https://doi.org/10.35632/citj.v23i91.445

Grosfoguel, Ramón. "Vers une décolonisation des «Uni-versalismes» occidentaux: le « pluri-versalisme décolonial», d’Aimé Césaire aux Zapatistes,” Nicolas Bancel, et al. (eds.), Ruptures postcoloniales: Les nouveaux visages de la société française (Paris : La Découverte, 2010), pp. 119-138. https://doi.org/10.3917/dec.bance.2010.01.0119

Ḥājj Ḥamad, Abū al-Qassām. manhajīyah al-Qurʼān al-maʻrifīyah (in Arabic), Beirut: Dār al-Sāqī, 1st ed., 2003.

Hallaq, Wael. Restating Orientalism: A Critique of Modern Knowledge (in Arabic), Amr Othman. Beirut: Arab Network for Research and Publishing, 2019.

Harrison, Lawrence and Huntington, Samuel. Culture Matters: How Values Shape Human Progress (in Arabic), trans. Jalal Amin, Egypt: National Center for Translation, 2009.

Hegel, Friedrich. Al-ʻaql fī al-tārīkh (in Arabic), trans. Imam Abd al-Fattah Imam, Beirut: Dar al-Tanwir lil-Tiba'ah wa-al-Nashr wa-al-Tawzi', 3rd ed., 2007.

Hjelmslev, Louis. Prolegomena to a Theory of Language Hardcover (in Arabic), trans. Yusuf Iskandar. Beirut: Dar al-Rafidayn, 2018.

Hollis, Martin. The Philosophy of Social Sciences: An Introduction (in Arabic), trans. Khaled Qutb, Beirut: Dar Ma‘nā for Publishing and Distribution, 1st ed., 2021.

Horkheimer, Max and Theodor W. Adorno. Dialektik der Auflarung: Philosophische Fragmente (in Arabic), George Katturah, Beirut: Dar al-Kitab al-Jadid, 2006.

Ibrahim, Abdullah. "al-Takhyīl al-tārīkhī wa-al-tamthīl al-istiʻmārī lil-ʻālam”, Mominoun Without Borders for Studies and Research (27 November 2021), pp. 1-32. http://www.mominoun.com/pdf1/2014-12/547e92a680edb699147365.pdf

Kuhn, Thomas S. The Structure of Scientific Revolutions (in Arabic), trans. Shawqī Jalāl, Kuwait: ʿĀlam al-Maʿrifah, 1992.

Leclerc, Gerard. Anthropologie et Colonialisme, tradu. Jūrj Kattūrah, Beirut: al-Muʼassasah al-Jāmiʻīyah lil-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 2nd ed., 1990.

Max, Weber. The Protestant Ethics and the Spirit of Capitalism (in Arabic), trans. Muhammad Ali Muqallid, Beirut: Markaz al-Inmāʼ al-Qawmī, n.d.

Mbombog Mbog Bassong, "SOCIOLOGIE AFRICAINE Paradigme, Valeur et Communication,” (3 Mars 2011), consulté le 30 juillet 2023. https://mbombog.wordpress.com

Munīr, Walīd. "Abʻād al-niẓām al-maʻrifī wa-mustawayātuh” (in Arabic), Al-Fikr Al-islāmī Al-muʿāṣir, Vol. 8, No. 18 (1999). https://doi.org/10.35632/citj.v5i18.1797

Said, Edward W. Orientalism (in Arabic), trans. Muḥammad ʿInānī. Cairo: Dār Ruʾyah lil-Nashr wa-al-Tawzīʿ, 2006.

Sandford, Stella. "Kant, race, and natural history,” Philosophy and Social Criticism, Vol. 44, No. 9 (2018), pp. 950–977. https://doi.org/10.1177/0191453718768358

Sayyid ʻAlī, Ghayḍān. "al-falsafah al-Afrīqīyah : al-Baḥth ʻan al-huwīyah wa-Munāhaḍat al-Markazīyah al-Gharbīyah” (in Arabic), Moutoune Journal, Vol. 16, No. 2 (2023), pp. 31-74. https://asjp.cerist.dz/en/article/217996

Séjour, Délèce. "L'éthique théologique de la libération de Enrique Dussel: une réponse à la morale dominatrice,” Mémoire présenté à la Faculté des études supérieures en vue de l'obtention du grade de M.A., Canada: Université de Montréal, Août, 2009. https://123dok.net/document/1y9og1vy-l-ethique-theologique-de-la-liberation-d-enrique-dussel-une-reponse-a-la-morale-dominatrice.html

Spivak, Gayatri Chakravorty. Can the Subaltern Speak? (in Arabic), trans. Khālid Ḥāfiẓī, Saudi Arabia: Ṣafḥah Sabʿat lil-Nashr wa-al-Tawzīʿ, 2020.

Tshibambe, Germain Ngoie. "Pour un Bandoeng épistémique: l’Afrique, le Sud global et l’énergétique de la production du savoir à l’ère globale,” Wirapuru, Vol. 2, No. 2 (2021), pp. 1-10. https://doi.org/10.5281/zenodo.4640355

Walter D., Mignolo. "Epistemic Disobedience, Independent Thought and Decolonial Freedom (sayed farid attas)” (in Arabic), trans. Fatḥī al-Maskīnī, al-Bāb Journal, 8 (2016), pp. 1-33. file:///C:/Users/ae19550/Downloads/2049-000-008-003.pdf

Wiredu, Kwasi. "Naḥwa Inhāʼ istiʻmār al-falsafah wa-al-dīn al-Afrīqī” (in Arabic), trans. Duʻāʼ ʻAbd al-Nabī Ḥāmid, Hekmah Journal, Accessed on: 01 December 2024. https://hekmah.org

Zevounou, Lionel. "Produire des savoirs « africains »,” Revue d’anthropologie des connaissances, Vol. 14, No. 2 (2022), pp. 1-29. https://doi.org/10.4000/rac.6102



[1]  Abdelkebi Khatibi, "Double Critique", in: Maghreb pluriel (Paris: Denoël, 1983).

وطرحت هذه الإشكالية أيضًا من قبل باحثين غربيين؛ مثل جاك بيرك في مقال له تحت عنوان: "العلوم الاجتماعية ونزع الاستعمار"، انظر:

Jacques Berque, "Sciences sociales et décolonisation," Revue Tiers Monde, Année, 1962.

[2] عبد الله إبراهيم، المركزية الغربية (بيروت: منشورات الاختلاف، ط1، 2010)، ص13.

[3] لا ندعي أن هذه المبادئ تمثل كليا المركزية الغربية، فتوجد مبادئ أخرى تحاشينا ذكرها، تمشيا مع طبيعة موضوع الورقة البحثية؛ الذي يبحث في العلاقة بين هذه المبادئ والعلوم الاجتماعية.

[4] فريدريش هيجل، العقل في التاريخ، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام (بيروت: دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع، ط3، 2007)، ص188.

[5] ماكس فيبر، الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية، ترجمة محمد علي مقلد (بيروت: مركز الإنماء القومي، 1990)، ص9.

[6] مارتن هوليس، مدخل إلى فلسفة العلوم الاجتماعية، ترجمة خالد قطب (بيروت: دار معنى للنشر والتوزيع، 2021)، ص19.

[7] ماكس هوركهايمر؛ وثيدورف أدورنو، جدل التنوير: شذرات التنوير، ترجمة: جورج كتورة (بيروت: دار الكتاب الجديد، 2006)، ص23.

[8] جلال أمين، خرافة التقدم والتخلف: العرب والحضارة الغربية في مستهل القرن العشرين (مصر: دار الشروق، 2005)، ص7.

[9] Stella Sandford, Kant, race, and natural history,” Philosophy and Social Criticism, Vol. 44, No. 9 (2018), p. 950.

[10] فيكتور أبوندير-غويرا، "كيف نتعامل مع عنصرية كانطـ، داخل القاعة الدراسية وخارجها"، ترجمة فاطمة مصطفى، مجلة حكمة (2020)، ص16. انظر: https://hekmah.org/wp-content/uploads/2020/09/%D8%B9%D9%86%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%83%D8%A7%D9%86%D8%B7.pdf

[11] ريوين كويل، النظرية الجنوبية: علم الاجتماع والديناميات العالمية للمعرفة، ترجمة فاروق منصور (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2020)، ص87.

[12] لويس هيلمسليف، مداخل لنظرية اللغة، ترجمة يوسف إسكندر (بيروت: دار الرافدين، 2018)، ص19.

[13] Maurice Aymard, "Langues naturelles et langues savantes : les sciences humaines et sociales face à elles-mêmes, à leurs ambitions, à leurs exigences, à leurs pratiques," Trivium (15 March 2013). p. 1. https://doi.org/10.4000/trivium.4534

[14] توماس كون، بنية الثورات العلمية، ترجمة شوقي جلال (الكويت: عالم المعرفة، 1992)، ص45.

[15] ريمون بودون، موضع الفوضى، ترجمة منصور القاضي (بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1999)، ص5.

[16] Gennaro Ascione, Science and the Decolonization of Social Theory: Unthinking Modernity (Italy: Palgrave Macmillan, 2016), p. 7.

[17] من الباحثين من ترجمها بالتحرير، ومن الباحثين لم يترجمها وعرَّبها كما تنطق، كما ذهب إلى ذلك فتحي المسكيني.

[18] سليمان بشير ديان؛ وجان لو أمسيل، أفريقيا أفقا للفكر: في مُساءلة الكونية وما بعد الكولونيالية، ترجمة: فريد الزاهي (القاهرة: دار معنى للنشر والتوزيع، 2021)، ص46.

[19] وائل الحلاق، قصور الاستشراق: منهج في نقد العلم الحداثي، ترجمة عمرو عثمان (بيروت: الشبكة العبية للبحوث، 2019)، ص218.

[20] رامون غروسفكيل، "بينة المعرفة في الجامعات المغربة: العنصرية المعرفية والتمييز الجنسي المعرفي، والإبادات الجماعية والمعرفية الأربع في القرن السادس عشر الطويل"، ترجمة بدر الحاكيمي، مجلة إسلامية المعرفة، مج23، ع91 (2018)، ص77.

[21] Stéphane Dufoix, “Migrations conceptuelles et décolonisation des sciences sociales,” In : Damien Simonneau (ed.), Vivre le transnational : Ancrages et circulations en débat (France, De facto, 2021), p. 51. 

[22] Enrique Dussel, De la philosophie de la libération, (Paris : Puf, 2023), p. 10.

[23] Délèce Séjour, “L'éthique théologique de la libération de Enrique Dussel : une réponse à la morale dominatrice,” Mémoire présenté à la Faculté des études supérieures en vue de l'obtention du grade de M.A.) Canada : Université de Montréal, Août, 2009), p. 84.

[24] Aimé Césaire, “Plaidoyer pour une décolonisation des savoirs,” University Montreal (17 Novembre 2016), consulté le 30 juillet 2023. http://hdl.handle.net/1866/19860

[25] Santiago Castro-Gómez, Le chapitre manquant d'Empire : La réorganisation postmoderne de la colonisation dans le capitalisme postfordiste,” Multitudes, Vol. 3, No. 26 (2006), p. 29.

[26] والتر منيولو، العصيان المعرفي، التفكير المستقيل والحرية الديـكولونيالية"، ترجمة فتحي المسكيني، مجلة ألباب، ع8 (2016)، ص6.

[27] Ramón Grosfoguel, “Vers une décolonisation des «Uni-versalismes» occidentaux: le « pluri-versalisme décolonial», d’Aimé Césaire aux Zapatistes,” Nicolas Bancel, et al. (eds.), Ruptures postcoloniales: Les nouveaux visages de la société française (Paris : La Découverte, 2010), p. 119.

[28] Baptiste Godrie, “Orlando Fals Borda, figure de l’intellectuel décolonial engagé,” In : Liliana Diaz et Baptiste Godrie (eds.), Décoloniser les sciences sociales (Canada : trimestre, 2020), p. 6.

[29] Ibid., p. 4.

[30] بولو فريرى، الفعل الثقافي في سبيل الحرية، ترجمة إبراهيم الكرداوي (القاهرة: مركز الدراسات والمعلومات القانونية، 1995)، ص26.

[31] بولو فريري، تعليم المقهورين، ترجمة: يوسف نور عوض (بيروت: دار القلم، 1980)، ص31-30.

[32] O. Fals-Borda, “The Application of Participatory Action-Research in Latin America,” International Sociology, Vol. 2, No. 4 (1987), pp. 341.

[33] ديبيش شاكراباتي، "دراسات التابع والتأريخ ما بعد الكولونيالي"، ترجمة: ثائر ذيب، مجلة أسطور، ع3 (2016)، ص12.

[34] إدوارد سعيد، الاستشراق: المفاهيم الغربية للشرق، ترجمة: محمد عناني (القاهرة: دار رؤية للنشر والتوزيع، 2006)، ص46.

[35] غاياتري سبيفاك، هل يستطيع التابع أن يتكلم؟ ترجمة خالد حافظي (السعودية: صفحة سبعة للنشر والتوزيع، 2020)، ص49.

[36] عبد الله إبراهيم، "التخيل التاريخي والتمثيل الاستعماري للعالم"، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والبحوث (27 نوفمبر 2021)، ص14. http://www.mominoun.com/pdf1/2014-12/547e92a680edb699147365.pdf

[37] لورانس هاريزون؛ وصمويل هنتجتون، الثقافات وقيم التقدم، ترجمة جلال أمين (مصر: المركز القومي للترجمة، 2009)، ص443.

[38] السيد فريد العطاس، "العطاس حول المعرفة الاستعمارية والمعرفة المستقلة"، مجلة إضافات، ع57-58 (2022)، ص29.

[39] المرجع السابق، ص30.

[40] Syed Farid Alatas, “Academic Dependency and the Global Division of Labour in the Social Sciences,” Current Sociology, Vol. 51, No. 6 (2003), p. 602.

[41] محمود الذوادي، "الخطاب البديل في العلوم الاجتماعية الآسيوية: رد المركزية الاوربية (سيد فريد عطاس)"، مجلة إضافات، ع9 (2010)، ص184.

[42] محمود الذوادي، "مقدمة في نزع الاستعمار عن علم الاجتماع"، مجلة عمران للعلوم الاجتماعية، مج11، ع43 (2023)، ص150.

[43] فرانز فانون، معذبو الأرض، ترجمة سامي الدروبي وجمال الأتاسي (بيروت: مدارات للأبحاث والنشر، ط1، 2015)، ص131.

[44] جيرار لكلرك، الأنثروبولوجيا والاستعمار، ترجمة جورج كتورة (بيروت: المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع، ط2، 1990)، ص39.

[45] غيضان سيد علي، "الفلسفة الأفريقية: البحث عن الهوية ومناهضة المركزية الغربية"، مجلة متون، مج16، ع2 (2023)، ص40.

[46] كواسي ورديو، "نحو إنهاء استعمار الفلسفة والدين الأفريقي"، ترجمة دعاء عبد النبي حامد، مجلة حكمة. انظر: https://hekmah.org/

[47] Jean Copans, Les sciences sociales africaines ont-elles une âme de philosophe? Ou du fosterage de la philosophie,” revue Politique africaine, No. 77 (2000), p. 11.

[48] Mouhamedoune Abdoulaye Fall, “Décoloniser les sciences sociales en Afrique,” Journal des anthropologues, Vol. 124-125 (2011), p. 327.

[49] Lionel Zevounou, “Produire des savoirs « africains »,” Revue d’anthropologie des connaissances, Vol. 14, No. 2 (2022), pp. 1-29.

[50] سمير أمين، نحو نظرية للثقافة: نقد التمركز الأوربي والتمركز الأوربي المعكوس (بيروت: معهد الانماء العربي، ط1، 1989)، ص10.

[51] Germain Ngoie Tshibambe, “Pour un Bandoeng épistémique : l’Afrique, le Sud global et l’énergétique de la production du savoir à l’ère globale,” Wirapuru, Vol. 2, No. 2 (2021), p. 6.

[52] Bernault Florence. “L’Afrique et La Modernité Des Sciences Sociales,” Vingtième Siècle. Revue d’histoire, No. 70 (2001), p. 137.

[53] Justin Kalulu Bisanswa, V. Y. Mudimbe: réflexion sur les sciences humaines et sociales en Afrique,” Cahiers d’Études africaines, Vol. 40, Cahier 160 (2000), p. 720.

[54] Yao Assogba, La Raison Démasquée : Sociologie de l’acteur et recherche sociale en Afrique (Québec : Les Presses de l’Université Laval, 2007), p. 24.

[55] Mbombog Mbog Bassong, SOCIOLOGIE AFRICAINE Paradigme, Valeur et Communication,” (3 Mars 2011), consulté le 30 juillet 2023. https://mbombog.wordpress.com/

[56] عبد الإله بلقزيز، من الإصلاح إلى النهضة (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط2، 2014)، ص20.

[57] رفيق عبد السلام، في العلمانية والدين والديمقراطية المفاهيم والسياقات (بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، ط1، 2007)، ص125.

[58] عبد الوهاب المسيري، "الفكر الغربي: مشروع رؤية نقدية"، مجلة إسلامية المعرفة، مج2، ع5 (1195) ص1-2.

[59] طه عبد الرحمن، روح الحداثة، المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، ط1، 2006)، ص31.

[60] انظر: "كلمة التحرير"، مجلة إسلامية المعرفة، مج5، ع20 (2000)، ص5-9.

[61] إسماعيل راجي الفاروقي، إسلامية المعرفة: المبادئ العامة، خطة العمل، الإنجازات (بيروت: دار الهادي، ط1، 2001)، ص43.

[62] المرجع السابق، ص132.

[63] أبو القاسم حاج حمد، منهجية القرآن المعرفية (بيروت: دار الساقي، ط1، 2003)، ص30.

[64] المرجع السابق، ص21.

[65] إسماعيل راجي الفاروقي، صياغة العلوم الاجتماعية صياغة إسلامية (الأردن: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1999)، ص26.

[66] طه جابر العلواني، "تصدير"، ضمن عبد الوهاب المسيري، إشكالية التحيز رؤية معرفية ودعوة للاجتهاد (المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 1995). ص ق-ر.

[67] فتحي حسن الملكاوي، رؤية العالم: حضور وممارسات في الفكر والعلم والتعليم (الأردن: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 2021)، ص262.

[68] عبد الوهاب المسيري، العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة (القاهرة: دار الشروق، ط1، 2002)، ص444.

[69] وليد منير، "أبعاد النظام المعرفي ومستوياته"، مجلة إسلامية المعرفة، مج8، ع18 (1999)، ص169.

[70] فتحي حسن الملكاوي، منهجية التكامل المعرفي: مقدمات في المنهجية الإسلامية (الأردن: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 2011)، ص291.

[71] طه جابر العلواني، الجمع بين القراءتين: قراءة الوحي وقراءة الكون (القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، ط1، 2006)، ص54.