تاريخ الاستلام: 05 أغسطس 2024 | تاريخ التحكيم: 11 سبتمبر 2024 | تاريخ القبول: 18 سبتمبر 2024
ترجمة
تأليف: أنطوني ليديكوت**
باحث في اللسانيات التطبيقية، جامعة محمد الخامس، المغرب
تدرس هذه الورقة البحثية الطرق التي استُخدم بها التخطيط اللغوي لمعالجة قضايا الأمن. وتقدم نظرة عامة في مجموعة من مجالات الأمن التي لعب فيها التخطيط اللغوي على المستوى الحكومي دورًا باعتباره وسيلة لتطوير نموذج عمل التخطيط اللغوي في هذا المجال. كما تدرس العلاقة بين اللغة والتواصل والأمن الكامنة في أنشطة التخطيط اللغوي مع التركيز على الأمن، وتنتقد الأسس المفاهيمية التي يُؤسس عليها طرح حلول لغوية لإشكالاته.
الكلمات المفتاحية: التخطيط اللغوي، الأمن، تعلم اللغات الأجنبية، تكنولوجيا اللغة
للاقتباس: ليديكوت، أنطوني. "التخطيط اللغوي وإشكالات الأمن القومي: نظرة عامة في مقاربات التخطيط"، ترجمة سفيان وعكي، مجلة تجسير لدراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية البينية، المجلد السادس، العدد 2 (2024)، ص205-232. https://doi.org/10.29117/tis.2024.0192 |
© 2024، ليديكوت ووعكي، الجهة المرخص لها: مجلة تجسير، دار نشر جامعة قطر. نُشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأي وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0
Submitted: 05 August 2024 | Peer-reviewed: 11 September 2024 | Accepted: 18 September 2024
Translation
Language Planning and Questions of National Security: An Overview of Planning Approaches
Authored by: Anthony J. Liddicoat
Applied Linguistics Researcher, Mohamed V University, Morocco
ouaki.soufiane19@gmail.com
Abstract
This paper examines ways in which language planning has been used to address issues of security. It gives an overview of a range of areas of security in which government-level language planning has had a role as a way of developing a typology of language planning work in this area. It examines the nexus between language, communication and security found in language planning activities with a security focus and critiques the conceptual bases on which language solutions are introduced into security problems.
Keywords: Language planning; Security; Foreign language learning; Language technologies
Cite this article as: Liddicoat, A. J. "Language Planning and Questions of National Security: An Overview of Planning Approaches,” trans. Soufiane Ouaki." Tajseer Journal for Interdisciplinary Studies in Humanities and Social Science, Vol. 6, Issue 2 (2024), pp. 205-232. https://doi.org/10.29117/tis.2024.0192 |
© 2024, Liddicoat & Ouaki, licensee, Tajseer & QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0
ليست العلاقة بين اللغات والأمن القومي جديدة، غير أنها حظيت باهتمام متزايد في السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين التي كانت تتسم بالوعي الأمني. ومع ذلك، فلم تتعامل دراسات التخطيط اللغوي المرتبط بالأمن بأي طريقة منهجية. والواقع أنّ الأمن غائب إلى حد كبير عن معظم النظريات الكلاسيكية في التخطيط اللغوي[1]. أما في الحالات التي سُلط فيها الضوء على العلاقة بين الأمن واللغة، فلم تحرز تقدمًا يُذكر إلى ما هو أبعد من الحجج القائلة بأن الكفاءة اللغوية مهمة في سياق الأمن القومي[2]، ومن ثم فإن الإجماع في التخطيط اللغوي قائم على أهمية اللغات للأمن، غير أن النقاشات كانت تميل إلى أن تُستخدم كجزء من مبرر تعليم اللغات، بدل اعتبارها عنصرًا من عناصر التخطيط اللغوي في ذاتها. فضلًا عن ذلك، لا يعد هذا موقفًا فريدًا من نوعه فيما يتصل بالأمن في الواقع، فقد ارتبطت نقاشات أخرى حول القضية العامة في العلاقات الدولية أيضًا على نحو وثيق بمنطقيات السياسة في تعليم اللغات، بدلًا من أن تكون بؤرة التركيز لتحقيق معين.
تسعى هذه الورقة البحثية إلى دراسة الطرق التي تظهر التخطيط اللغوي كسمة من سمات التخطيط الأمني؛ أي النظر إلى اللغات كونها مساهمًا في الأمن، بدلًا من كيفية تبرير الأمن لتعليم اللغات. وبهدف تأطير هذا النقاش، ستبحث الورقة في تصنيف الاحتياجات الأمنية التي لعبت فيها اللغات دورًا، ثم سيُستعمل هذا التصنيف للتحقق من عمل التخطيط اللغوي لتحديد ونقد مقاربات التخطيط اللغوي الموجهة للأمن، والطرق التي استُعملت بها اللغة، وفهمها كعنصر من عناصره.
أيّ دراسة للأمن في علاقته بالتخطيط اللغوي مفتوحة أمام إشكال تعريفي يتصل بنطاق الأمن باعتباره ظاهرة. ففي حين سعت الدراسات الأمنية إلى توسيع نطاق الأمن إلى ما هو أبعد من المجال التقليدي لأمن الدولة والجيش، ليشمل الانشغالات الدولية الأوسع نطاقًا من قبيل الصحة والبيئة وحركات السكان، وما إلى ذلك[3]، فإن مثل هذا التوسع لا يبدو مفيدًا للغاية للتخطيط اللغوي، ذلك أن كلّ بعد من هذه الأبعاد قد يتطلب استجابة خاصة للتخطيط اللغوي. ولهذه الدواعي يبدو أنه من المفيد النظر في رصف القضايا التي تتعلق بكيفية تعامل الدول مع تلك المسائل التي تمس قضايا وحدة الأراضي والسيادة الوطنية.
وانطلاقًا من هذا التصور، ثمة بعدان رئيسان في الأمن يتجليان في عمل التخطيط اللغوي (وفي سياقات السياسة الأمنية الأخرى)، يتجلى البعد الأول في إدارة النزاع، أما الثاني ففي منع النزاع. ويرتبط هذا التمييز بالتخطيط اللغوي باعتباره تعريفًا لطبيعة الإشكال الذي يتعين على التخطيط اللغوي معالجته (انظر الجدول 1). وإذا اتخذ التخطيط اللغوي مقاربة لإدارة النزاع، فإن اللغة تُستغل بهدف تعزيز قدرة الأمة على الاستجابة للنزاع والقيام بعمل عسكري. ويغطي التخطيط اللغوي الموجه لإدارة النزاع عادة ثلاثة مجالات رئيسة من النشاط: جمع المعلومات الاستخباراتية وتحليلها؛ والاتصالات السرية؛ والتنسيق العسكري. وتركز هذه الأنشطة جميعها على قضايا الاتصالات. يتعلق البعدان الأوليان بالوصول إلى الاتصالات التي تنطوي على أهمية عسكرية أو حمايتها.
جدول (1): تصنيف أنشطة التخطيط اللغوي الموجهة نحو الأمن
التوجه |
النشاط |
البؤرة |
إدارة النزاع |
جمع المعلومات الاستخباراتية وتحليلها |
اتصالات العدو |
الاتصالات السرية |
اتصالات الحليف |
|
التنسيق العسكري |
اتصالات الحليف |
|
منع النزاع |
استيعاب مجموعات العدو المحتملة |
إزالة الانقسامات اللغوية |
فهم مجموعات العدو المحتملة |
فهم الاختلاف |
|
السياق |
إنشاء خطابات العضوية |
تحديد الأعداء والحلفاء |
شرعنة خطابية للعمل |
تحديد المشاكل الأمنية وحلها |
عمل التخطيط اللغوي يُعنى بالاتصالات الداخلية التي ينطوي عليها أحد جانبي النزاع. ويهدف جمع المعلومات إلى الوصول إلى الاتصالات الداخلية للعدو، في حين تسعى الاتصالات السرية إلى معرفة استجابات التخطيط اللغوي التي من شأنها منع الأعداء من الوصول إلى اتصالاتنا. ويرى النشاط الأخير أن اللغة ضرورية للعمل المشترك الفعال بين الحلفاء الذين لا يتشاركون اللغات نفسها، لذلك فهو موجَّه نحو تطوير الاتصالات الداخلية.
في الوقت الذي يجري فيه التخطيط اللغوي بهدف منع النزاع، فإن التركيز في أنشطة التخطيط سيكون على منع السبب المتصور للنزاع، ويغطي التخطيط اللغوي الموجه لهذا الغرض نوعين رئيسين من الأنشطة؛ استيعاب وفهم مجموعات العدو المحتملة، ويركز كل من هذين النشاطين على نشر واستعمال اللغات. بالإضافة إلى ذلك، يوجه التخطيط اللغوي لاستيعاب مجموعات العدو المحتملة في المقام الأول إلى الأعداء الداخليين، ويعد استجابة للتخطيط اللغوي بغرض إدراك أن الاختلافات الإثنو-لغوية تعد أساس النزاع. وهو ينطوي على حظر لغات العدو، وتعزيز اللغات الوطنية باعتبارها وسيلة لإذابة هويات العدو في هويات وطنية أوسع. إن فهم الأعداء المحتملين يعدّ مبررًا أمنيًا لتوسيع نطاق تعلم اللغة، وخاصةً لغات الأعداء الخارجيين المحتملين، أو السابقين. ويرى أن تعلم اللغة يعزز التفاهم المتبادل، ويطور العلاقات الدولية باعتبارها آلية لمنع النزاع.
وثمة توجه ثالث في التخطيط اللغوي لا يستهدف إدارة النزاعات أو منعها على نحو مباشر، بل يعمل من خلال خلق سياق سياسي تُتّخذ فيه القرارات الخاصة بقضايا الأمن والاستجابة للتهديدات وتُنفذ. وينطوي هذا التوجه اللغوي الموجه نحو السياق على بناء جماعات معارضة باعتبارها معارضةً على أساس لغة متباينة، أو بناء تحالفات على أساس لغة مشتركة. ولا تعد المفاهيم المتعلقة باللغات المشتركة أو المتباينة قرارات لغوية موضوعية، بل تصنيفات سياسية ذاتية. أما البعد الثاني المتضمن في خلق سياق لقضايا الأمن التي يتعين النظر فيها فينطوي على إضفاء مشروعية الخطابية على العمل. وهذا الجانب من التخطيط اللغوي والأمن يشتمل على خلق تصورات للتهديد، بمعنى أنه يبني الأمن خطابيًا باعتباره مشكلة، ومن خلال اللغة التي تُبنى بها المشاكل يجيز أو يمنع مسارات عمل معينة. وسنجري مناقشة وإيضاح كل من هذه الأنشطة أدناه.
أحد الأبعاد المهمة للأمن هو القدرة على الوصول إلى المعلومات المتعلقة بأنشطة وخطط تعود لجماعات معادية مفترضة، بمعنى جمع وتحليل المعلومات الاستخباراتية. ويدل نقل المعلومات بلغات مختلفة أن التخطيط اللغوي ينطوي على أهمية مركزية في هذا الجانب من الأمن. وعلاوةً على ذلك، بما أن اللغات التي تستعملها الجماعات المعادية المفترضة قد لا تكون لغات التعليم والتعلم الأوسع نطاقًا في العديد من الدول، فثمة حاجة للتخطيط اللغوي بهدف تعزيز تطوير مستويات عليا من المهارات اللغوية في تلك اللغات التي لا تدرس على نطاق واسع ولكنها ضرورية للأمن. وتشمل القضايا اللغوية التي تغطيها محاولات التخطيط اللغوي لتطوير جمع وتحليل المعلومات الاستخباراتية تعليمَ وتدريب المترجمين (المترجمين الفوريين بدرجة أقل)، وتطوير الترجمة الآلية، ومراقبة الاتصالات سواءً من قِبَل البشر أو الآلات.
لدى وزارة الدفاع الأمريكية تقليد قديم في تدريب المختصين اللغويين في معهد وزارة الدفاع الأمريكية للغات (the Defense Language Institute). غير أن أهمية الكفاءة اللغوية في جمع المعلومات الاستخباراتية ازدادت في الولايات المتحدة بشكل كبير في أعقاب الإخفاقات التي حدثت في مجال الاستخبارات قُبَيْل وعقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، كما تزايد الوعي بأهمية القضايا اللغوية التي تنطوي عليها الاستخبارات[4]. وقد أُشير إلى الترجمة باعتبارها أحد المجالات التي تشكل عقبة أمام جمع المعلومات الاستخباراتية الأمريكية، وتمثّلت إحدى المشكلات الرئيسة هي نقص المترجمين باللغات الضرورية. وقد صرح مكتب المحاسبة العام في الولايات المتحدة (The United States General Accounting Office) بوجود تراكمات هائلة من المواد المكتوبة والمنطوقة التي تتطلب الترجمة، وفي محاولة لزيادة عدد المترجمين المتاحين، أُنشئ المركز الوطني للترجمة الافتراضية (National Virtual Translation Center) سنة 2003 لتوفير ترجمات للمعلومات الاستخباراتية الأجنبية من خلال شبكة موزعة من المتخصصين اللغويين، ومن خلال تطوير الترجمة الآلية. وتتمثل مشكلة اللغة التي يُخطط لها ههنا في حجم الاتصالات، وتنوع اللغات المطلوبة للترجمة، ويتلخص حل التخطيط في تعيين الموظفين والوصول إليهم. غير أن مشكلة الترجمة لا تقتصر على توافر المترجمين فحسب، بل إنها تتعلق كذلك بدقة الترجمات والاعتماد غير النقدي على النسخ المترجمة من الوثائق[5]. ومع ذلك، لم يكن تخطيط الأنشطة التي تركز على استعمال الترجمات من أولويات التخطيط اللغوي.
يبدو أن التخطيط اللغوي قد ركز على الترجمة أكثر من تركيزه على تطوير القدرة على مراقبة الاتصالات من قبل البشر، ومع ذلك فإن إحدى وظائف برامج تعليم اللغات الدفاعية والدبلوماسية هي تطوير المهارات اللغوية اللازمة لمراقبة الاتصالات المنطوقة والمكتوبة والإلكترونية. فعلى سبيل المثال، قدمت مدرسة الخدمات المشتركة للسانيين (Joint Services School for Linguists) تدريبًا لغويًّا (1951-1960)، خاصةً في اللغة الروسية. وكانت مهمتها تدريب أفراد الجيش على اللغة الروسية للسماح لهم بمراقبة المحادثات السوفيتية الأرضية-الجوية من برلين الغربية[6].
إحدى القضايا التي تواجه كلا من مراقبة المعلومات وترجمتها هي الكم المتزايد من الاتصالات التي قد تكون ذات أهمية لجمع المعلومات الاستخباراتية، وذلك نتيجة للاستعمال المتزايد لتكنولوجيا الاتصال من قبيل الشابكة (الإنترنت) والبريد الإلكتروني والهواتف المحمولة. وقد كانت إحدى استجابات التخطيط اللغوي لهذه المشكلة هي تطوير الموارد التكنولوجية التي يمكن أن تحل محل العملاء من البشر باعتبارهم مترجمين ومراقبين. وباعتباره نقطة تركيز للسياسة اللغوية، فقد ركز العمل في مجال جمع المعلومات الاستخباراتية وتحليلها بشكل متزايد على السبل التي تمكّن أولئك الذين لا يمتلكون مهاراتٍ لغوية محددة من ترجمة وتحليل البيانات الاستخباراتية، وقد أُنجز قدر كبير من العمل باستعمال الترجمة الآلية لأغراض الاستخبارات[7]؛ ومع هذا فقد ركّز العمل الأحدث في هذا المجال على التحليل، وليس على الترجمة فحسب. وعلى سبيل المثال، صُمم نظام الكشف عن المعلومات عبر اللغوية (Translingual) واستخلاصها وتلخيصها (TIDES)؛ بهدف السماح للناطقين باللغة الإنجليزية بتحليل البيانات بلغات أخرى. يركز هذا النظام على الكشف عن المعلومات واستخلاصها وتلخيصها وترجمتها بثلاث لغات أساسية: الإنجليزية والماندرين والعربية، وثلاث لغات ثانوية: الكورية والإسبانية واليابانية[8]، وفي مارس 2005، أطلقت وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة (داربا) دعوةً لتقديم مقترحات لمشروع بحثي جديد بعنوان (استخدام اللغة العالمية المستقلة)، الذي تمثّلت أهدافه "بالقضاء على الحاجة إلى اللسانيين والمحللين، و"تلقائيا... تأويل كميات كبيرة من البيانات الصوتية والنصوص بلغات متعددة"[9]. وستمثل حزمة هذا المشروع نقل الكلام إلى نصوص، وترجمة نص منقول صوتيًّا، أو استُخلص من مصادر نصية بلغة أجنبية إلى اللغة الإنجليزية بطريقة آلية تمامًا، ثم إجراء عملية تقطير يجري بموجبها استخلاص المعلومات ذات الصلة من اللغة الأجنبية والمدخلات الإنجليزية وتلخيصها باللغة الإنجليزية.
يميل عمل التخطيط اللغوي في مجال جمع البيانات إلى التركيز بشكل أكبر على إعداد النصوص بهدف التحليل من خلال الجمع والترجمة والتلخيص، وهذا يعني أن الانتقادات التي وجهها كولاكي[10] بشأن الاستخدام غير النقدي للمواد المترجمة دون الرجوع إلى اللغة المصدر لم تُعالج. إن التخطيط اللغوي الذي يهتم ببعد جمع وتحليل البيانات المتعلقة بالأمن يميل إلى جعل المشكلة معقدة، وذلك بإتاحة البيانات بسهولة أكبر لأولئك الذي ليسوا متمكنين من اللغة، أو لا يملكون القدرة الثقافية على استخدام النصوص بطرق مستنيرة أو متطورة أو دقيقة. لقد خُلقت زمرة من المواد المتاحة للاستعمال في الاستخبارات دون تطوير ضروري للقدرة على استخدامها. وبينما يمكن للمترجمين البشريين اقتراف أخطاء في النص، فمن المرجح أن تكون الترجمة الآلية أكثر عرضةً للقيام بذلك. وعلاوة على ذلك، وحتى حينما لا تكون هنالك أخطاء في النص، فإن التكافؤ بين لغة وأخرى لا يكون دقيقًا البتة، وتتضمن الترجمة سيرورة تأويل وإعادة صياغة لتثبيت تكافؤ المعنى بدلًا من تكافؤ الكلمات[11]، مما يعني تأمين مستوى من الحُكم والتمييز الذيْن ليس مرجحًا أن تنتجهما الآلة. لذلك يبدو أن التخطيط اللغوي لجمع المعلومات وتحليلها يفتقر إلى البعد الأساسي لاستعمال اللغة، الذي يؤثر على نحو أساسي على المواد المستخلصة.
تتجلى إحدى العلائق بين اللغة والأمن في استعمال اللغات ذاتها باعتبارها وسيلة لحماية المعلومات الحساسة. لقد كان البعد الأساسي للأمن دومًا متمثلًا في الحاجة إلى الحفاظ على سرية الاتصالات ومنع وصول الأعداء إليها. وكان الحل الأمثل لهذه الحاجة هو تطوير التشفير (الرموز أو الشيفرات). والواقع أن التشفير ينطوي على مشكلتين محتملتين، أما الأولى فهي: أن الشيفرة أو الشفرات قد تكون قابلة للاختراق، سواء حين اكتشاف مفتاح الشفرة، أو من خلال عملية ربط أنماط متكررة بسمات لغوية معروفة. أما الثاني فهي: أن التشفير وفك التشفير المعقدين قد يستغرقان وقتًا طويلًا ويقللان من فائدة الرسائل المشفرة. ومن الحلول المفترضة لمشكلة تأمين الاتصالات استعمال الترجمة بدل التشفير. إن أفضل مثال معروف في هذا المقام هو متحدثو النافاجو في الحرب العالمية الثانية[12]، على الرغم من أن الجيش الأمريكي استعمل أيضًا المتحدثين بالرموز من السيوكس (Sioux) والتشوكتاو (Choctaw) والكوماشي (Comanche)[13]في غزو أوروبا، كما ساهمت عدة مجموعات أخر بأعداد صغيرة من المتحدثين بالرموز في المجهود الحربي كذلك.
سياسة استخدام المتحدثين بالشفرات تعتمد على التوزيع المحدود للغة المستخدمة والافتقار إلى مجموعة واسعة من المواد المكتوبة عن هذه اللغة. وقد سمح استعمال لغة جماعة محلية صغيرة ذات ثقافة شفوية في المقام الأول بالاتصال بسرية وسرعة، دون الحاجة إلى عمليات تشفير وفك الرموز المعقدة. كما أن استخدام المتحدثين بالشفرات يعتمد على عدم معرفة أعضاء المجموعة المعادية المفترضة باللغة وعدم تمكنهم من الوصول إليها، ومن ثم انعدام إمكانية ترجمتها. إن فك شفرات الاتصال ليس مسألة تحديد العلاقات الرياضية التي تستند عليها الشيفرة، كما هو الحال في كسر شيفرة أو رمز، بل هو بالأحرى ترجمة من لغة إلى أخرى، الأمر الذي يقتضي تعلم لغة جديدة، دون الموارد التي توفرها المواد اللغوية والمدخلات المفهومة.
ولم يكن تطوير لغة نافاجو كلغة إخفاء مجرد سيرورة اختيار لغوي، بل كان أيضًا سيرورة لتخطيط قواعد اللغة، فقد افتقرت لغة نافاجو إلى الكثير من المفردات العسكرية الحديثة، وكانت تميل إلى استيعاب الكلمات الإنجليزية أثناء الحاجة للتعبير عن أفكارٍ من هذا القبيل. لقد قلّصت عملية الاقتراض من قابلية استعمال اللغة في الاتصالات العسكرية، إذ لم يكن في الإمكان إخفاء العناصر الإنجليزية عن العدو[14]، ونتيجة لهذا، وقبل أن يتسنّى للجيوش استخدام المتحدثين بالرموز في الاتصالات العسكرية، كان من الضروري تطوير مُقابِلات نافاجو للمصطلحات العسكرية التقنية: على سبيل المثال؛ aknahasdonih (خمسة مدافع للقصف المدفعي السريع)، "مدفع رشاش"، bealdohciddahi (خمسة مدافع مثبتة)، "هاون"، chaydagahi (خمس سلحفات)، "دبابة".
إن استعمال لغة بدلًا من التشفير كاستجابة لحماية المعلومات من مراقبة العدو يعد استجابةً محدودةً لحاجة أمنية. فهو يقتضي أن تكون اللغة المستعملة غير معروفة من قبل أعداء الدولة، وألا يكون معروفًا أن اللغة تُستعمل في الاتصالات السرية. وعلى المدى الطويل، يقتضي هذا التحكمَ في تعلم اللغة وتوريثها، والتحكمَ في الوصول إلى المواد الموجودة على اللغة وفيها، واكتساب اللغة في الوقت نفسه على نحوٍ مستقرٍ لضمان وجود أعدادٍ كافية من المتحدثين بها.
ثمة طريقة أخرى تجعل المعلومات مجالًا ذا أهمية للتخطيط اللغوي في سياق الأمن، ألا وهي القضايا اللغوية المتعلقة بالتواصل مع الآخرين. وتنشأ القضايا اللغوية في التواصل سواء داخل تحالفات الحلفاء، أو من خلال التواصل مع السكان المحليين في ساحات النزاع. وقد ركزت استجابات التخطيط اللغوي لهذه القضايا تقليديًا على تطوير القدرات اللغوية للعاملين في القطاع العسكري (military personnel) الذين يحتاجون إلى التواصل مع الآخرين، أو في توفير خدمات الترجمة الشفوية والتحريرية لتسهيل التواصل.
وقد يتضمن تعلم اللغة تعليم لغات الحلفاء لأفراد القوات المسلحة بهدف استخدامها داخل قوة متعددة اللغات في حالات القتال. ففي عهد الإمبراطورية العثمانية، جُنّد الإنكشاريون واستُعبدوا من بين الشعوب المسيحية، وكجزء من الاستعداد العسكري، كانوا يتعلمون اللغة التركية، التي أضحت اللغة الطبيعية لفيلق الإنكشارية[15]. وفي هذا الوضع، قدمت اللغة التركية لغةً مشتركة بين المجندين من مناطق مختلفة لغويًّا، ووفرت لغةً مشتركة داخل الفيلق بغض النظر عن أصول الأفراد. لقد أصبحت لغة المجموعة المهيمنة هي اللغة المشتركة بين مجموعة مختلطة لغويًّا من الشعوب التابعة لها. وتوجد مقاربة مماثلة في الفيلق الأجنبي الفرنسي المعاصر[16].
كان الهدف من تعلم اللغة في المملكة المتحدة على التاريخ هو التنسيق العسكري يتضمن تعلم الضباط الذين يقودون القوات الاستعمارية للغة المحلية لتلك القوات. وقد حدث ذلك في إطار تقليد استعمال اللغات المحلية باعتبارها لغاتٍ للقيادة خلال الفترة الاستعمارية. وقد شُجّع الضباط الذي يخدمون في الهند على تعلم اللغة الهندوستانية[17]، في حين طُلب من أولئك الذين قادوا أفواج جوركا تعلم اللغة الجورخالية[18]. كان التركيز ههنا على تطوير مهارات اللغة للتواصل داخل قوة دفاعٍ متعددة اللغات، وكانت نتيجة هذه السياسة هيكلًا عسكريَّا يتألف من ضباطٍ بريطانيين يقودون قواتٍ لا تتحدث لغة الضباط، ولكنها تحتاج لغة تواصل مشتركة للعمل كقوة عسكرية فعالة، وكان حل مشكلة التواصل هو تعليم لغة الأغلبية للأقلية بدلًا من تعليم لغة المجموعة المهيمنة للمجموعة التابعة. ونتيجة لذلك، كان الجيش البريطاني يميل إلى تقدير وحتى طلب معرفة لغات المجموعات المستعمرة التي تشكل القوات المسلحة.
وقد ركز التخطيط اللغوي العسكري الحديث أيضًا على تطوير الموارد اللغوية المشتركة، غير أن التركيز الأساسي انصب على تطوير لغة مشتركة بين القوات المتعددة الجنسيات، بدلًا من تطوير التواصل داخل قوة عسكرية واحدة. ويستند الأساس الأمني لمثل هذا التعليم اللغوي إلى مفهوم "التشغيل البيني interoperability" كما توضح العبارات المقتبسة عن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو):
ومن خلال برنامج الشراكة من أجل السلام، يسعى التحالف إلى تحسين العمليات عن طريق تعزيز قابلية التشغيل البيني لأنظمة القيادة والتحكم، ومن خلال دعم التدريبات المتعددة الجنسيات لحفظ السلام والمشاركة فيها؛ وحتى من خلال تعليم اللغة الإنجليزية للضباط من الدول الشريكة[19].
إن التصور ههنا يتمثل في أن القوات المسلحة تحتاج إلى لغةٍ مشتركةٍ لكي تعمل بطريقة منسّقة، بمعنى أن اللغة المشتركة توازي التواصل الفعال. ويتلخص القرار الأول في التخطيط اللغوي في هذا السياق في اختيار اللغة التي ستُستخدم كلغة مشتركة. وفي الواقع، يُتّخذ هذا القرار عادةً فيما يتصل بلغة الدولة الأكثر قوة ضمن تلك الدول، التي، كما في حالة الشراكة من السلام التابعة لحلف شمال الأطلسي، هي الإنجليزية عادة. والواقع أن اختيار اللغة الإنجليزية لا يعد أمرًا إشكاليًّا عادةً بالنسبة إلى حلف شمال الأطلسي (راجع الاقتباس أعلاه) كما يظهر الاقتباس التالي:
بالنسبة إلى دولة مثل ليتوانيا، التي تفرض عليها جغرافيتها الاعتماد على فرقة المشاة الخفيفة في حروبها الوطنية، فإن الأولوية القصوى في السياسة الدفاعية ينبغي أن تكون تطوير وحدات مدربة جيدا، وكفؤة وقادرة على التواصل مع حلف شمال الأطلسي فيما يتعلق بالتحدث باللغة نفسها (الإنجليزية)، والعمل على ترددات الراديو نفسها[20].
ويؤكد كريفاس أيضًا على طبيعة اللغة الإنجليزية في السياق على النحو الآتي:
يعد التدريب على اللغة الرسمية لحلف شمال الأطلسي شرطًا أساسيًّا في العمل المتعلق بالقدة على التشغيل البيني. وينصب التركيز الأساسي بالطبع على اللغة الإنجليزية باعتبارها لغة الهيكل العسكري المتكامل لحلف شمال الأطلسي (كما هو موضح في النص الأصلي)[21].
على الرغم من أنه في الإمكان تطبيع الإنجليزية باعتبارها لغة مفضلة للتشغيل البيني في سياقات الناتو، فإن القوى الأخرى تدرج تدريس لغتها الخاصة كجانب من جوانب التعاون العسكري. على سبيل المثال، يشمل التعاون العسكري بين فرنسا وأوكرانيا تدريس اللغة الفرنسية في الكليات العسكرية الأوكرانية[22]، كما تدعم فرنسا تدريس اللغة الفرنسية في الكليات العسكرية التشيكية[23]، فضلًا عن أنه تُدرج أنشطة تدريس اللغة الفرنسية في تلك الكليات العسكرية باعتبارها أنشطةً مرتبطةً بالشراكة من أجل السلام. وعلى نحو مماثل، تقدم ألمانيا تدريبًا على اللغة الألمانية للتعاون العسكري من خلال مساعدات التدريب العسكري[24].
في حين يُنظر إلى تعليم المرء لغته الخاصة لحلفائه باعتباره وسيلةً لتقوية الروابط بين القوات المسلحة، وتطوير القدرة على التشغيل البيني، فإن تعليم المرء لغته الخاصة لعدو قد يُنظر إليه باعتباره خيانةً، أو إجرامًا، أو عملًا غير وطني بطريقة ما. فلما حوكم أحد العسكريين الأمريكيين سنة 2004 الذين هربوا إلى كوريا الشمالية أثناء الحرب الكورية، "اعترف بالذنب بمساعدة العدو بتدريس اللغة الإنجليزية لطلابٍ عسكريين في الثمانينات" (فارٌّ أمريكي أدين بعد 39 عامًا، 2004). ويعني هذا أن تعليم المرء لغة وطنه لعدو هو فعلٌ يستحق الإدانة، حتى لو حدث ذلك بعد انتهاء الأعمال العدائية النشطة بين الدول المعنية. وفي حين قد يكون تطوير التواصل بين الحلفاء ميزة عسكرية، فإن تحسينه بين الأعداء يمثل مشكلةً، وفعلًا ضد أمن البلاد.
إن تعليم اللغة قد يُنظر إليه باعتباره مساعدةً عسكرية، بمعنى أن اللغة تُعلَّم بهدف تيسير تحديث أو استعمال الأسلحة، أو غيرها من التكنولوجيا العسكرية من قِبَل القوات المسلحة في الدول التي تتحدث هذه اللغة. وتشكل مثل هذه المقاربات في التخطيط اللغوي معرفة لغة مَا باعتبارها خيرًا موضوعيَّا، وتستند إلى اعتقاد بين الممنوحين والمانحين على حد سواء بأن معرفة اللغة مرتبطة ببعض التطور في الموارد العسكرية للبلد الممنوح. وكما يشير واترز، كثيرًا ما كانت مثل هذه المساعدات "موجهة إلى المستعمرات السابقة، أو مناطق النفوذ القائمة؛ وغالبًا ما كانت ترتبط بالمساعدات العسكرية كوسيلة للحفاظ على طابع أيديولوجي معين للدول المضيفة، وكانت تصر في أحايين كثيرة على إنفاق أموال المساعدات في شراء سلع من المجتمع المانح"[25].
أما النتيجة فتتمثل في ربط المصالح الاقتصادية للدولة المانحة بالمصالح العسكرية والأمنية، وترسيخ علاقات القوة والنفوذ القائمة بالدولة الممنوحة. ويدرس كريفاس هذه القضية من منظور ليتواني على النحو الآتي:
تمكين منتسبينا العسكريين من التواصل باللغة الإنجليزية بمستوى معقول من الكفاءة، يتيح لهم الفرص لتعلم الطرق الغربية في التعامل مع النوازل في المجال العسكري، بالإضافة أيضًا إلى تعلم نمط الحياة الغربي ونظامه القيمي، وما إلى ذلك. وفي الوقت نفسه، يتيح لشركائنا الغربيين... أن يقتنعوا أن ليتوانيا جزء من مجتمع القيم نفسه الذي تنتمي إليه الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي[26].
هنا تتجاوز القضية اللغة المشتركة باعتبارها تشغيلًا بينيًّا إلى وجهة نظرٍ مفادها أن الكفاءة في اللغة الإنجليزية من شأنه أن يفضي إلى تطوير القدرة العسكرية من خلال استيعاب المقاربة الغربية، ليس فقط من منظور المؤسسة العسكرية، بل بشكلٍ عامٍ أيضًا. علاوة على ذلك، يصوَّر تشارك اللغة باعتباره أمرًا أساسيَّا لوجود التحالف نفسه، فالتحالف هو استيعاب لنظام القيام والنظام العسكري للحزب المهيمن الذي ينتمي إليه المرء. ويلاحظ كريفاس أيضًا أن الحاجة إلى استعمال اللغة الإنجليزية جعلت إنتاج النسخ الليتوانية من الوثائق العسكرية أمرًا مرهقًا ومكلفًا، وأن اللغة الليتوانية أُلغيت من نظام الاتصالات في المؤسسة العسكرية، على الأقل في المستويات القيادية. ويشير كريفاس إلى أن الجنود الليتوانيين انخرطوا كذلك في تعلم اللغة الألمانية من خلال مؤسسة التدريب العسكري، ملاحظًا أنّه:
من المؤكد أن التدريب المتعلق بدورة اللغة منصب على نحو أساسي على اللغة الألمانية، وهو أمر متصل أيضًا بسياق التشغيل البيني لحلف الناتو. ومع ذلك فإن الفترات الدراسية المتاحة للطلاب في الخارج لا يمكنها تلبية المتطلبات الضخمة لتعليم اللغة الإنجليزية لمؤسسة الدفاع الوطنية بأكملها إلى حد بعيد[27].
لم تُتعلم اللغة الألمانية؛ لأنها كانت ذات صلة بالتشغيل البيني، على الرغم من أن هذا كان صحيحًا، بل بسبب عدم وجود اللغة الإنجليزية. لذلك يُنظر إلى اللغة الألمانية على أنها وسيلة تواصلية تلقى استحسانا أقل من اللغة الإنجليزية. وينطوي هذا التصور لطبيعة اللغة الإنجليزية على مفهوم مماثل للثقافة العسكرية المرتبطة باللغة الإنجليزية باعتبارها لغة حديثة ومتطورة تكنولوجيا، وفي علاقة ثنائية مع اللغة المحلية باعتبارها مفتقرة إلى التحديث، وينطوي جزء من التحول من لغة رجعية إلى أخرى حديثة على تغيير اللغات المرتبطة بالرجعية والحداثة.
إن ربط تعليم اللغة بالعمل العسكري قد يُشكل أيضًا جزءًا من معاملة تجارية، حيث يصحب بيع موارد تكنولوجية معينة برنامج تعليم اللغة لتسهيل استخدام التكنولوجيا. ومن المرجح أن تقوم شركات الأسلحة بهذا الشكل من التخطيط اللغوي وليس الحكومات، وإن كانت المصالح الحكومية حاضرة أيضًا. كما قد تُضمّن الكفاءة في لغة معينة كعنصر من عناصر دعم المبيعات، أو كجزء من مواصفات بيع المنتج. على سبيل المثال، في اقتراح لتوريد طائرة مراقبة إلى سلاح الجو الملكي الأردني، لاحظت شركة سي بيرد للطيران الأردنية (Seabird Aviation Jordon) أن إتقان اللغة الإنجليزية أمر ضروري لتدريب الطيارين، وأن الأدلة التقنية متوفرة باللغة الإنجليزية (على الرغم من وجود إمكانية توفيرها لاحقًا للغة العربية)[28]. وفي هذا الاقتراح، يُتعامل مع شرط اللغة الإنجليزية على أنه غير إشكالي حيث كان من المتوقع تدريب طياري سلاح الجو الملكي الأردني باللغة الإنجليزية. وقد تتعاقد شركات تصنيع الأسلحة أيضًا لتوفير تدريب لغوي للعملاء كشكلٍ من أشكال الدعم، أو كحافزٍ لشراء منتج معين. وهذه المقاربة من التخطيط اللغوي يمكن اعتبارها بديلًا لترجمة المواد والتعليمات والملصقات وغيرها إلى لغة المستخدم النهائي (على سبيل المثال، يناقش مالوني ولينكولن[29] دور التدريب على اللغة الإنجليزية في حزمة التدريب التي تصاحب بيع أنظمة الأمان). إنها حالة لتغيير لغة المستخدِم بدلًا من لغة المنتَج. ففي حين تكون الترجمة حلًا لاحتياجات المشتري، فإن تعليم اللغة له مزايا للبائع حيث يخلق تعليم اللغة موردًا من المرجح أن يُنشر في المشتريات الجديدة. وهذه الحال نفسها لما يطور المنتسبين العسكريين المهارات اللغوية لاستخدام تقنيات معينة، فإن أي مشتريات تكنولوجية جديدة ستميل إلى إدماج اللغة نفسها، بدلًا من تغيير اللغة الذي يقتضي عملية جديدة للتعلم.
وسواء قُدم التعليم اللغوي كمساعدة عسكرية، أو كجزء من معاملة تجارية، فإنه يؤدي وظيفةً مماثلة من حيث إنه يربط المتلقي ارتباطا وثيقا بالمزوِّد، وهو في حد ذاته قضية تتعلق بالأمن. إن خلق الاعتماد على اللغة في التكنولوجيا العسكرية يعزز العلاقات داخل التكتلات، أو مناطق النفوذ، وله القدرة على خلق مواقف من المرجح أن تكون الدول التابعة حليفةً أكثر من كونها عدوة. وفي الوقت نفسه، فإنه يعزز التشغيل البيني للقوات المسلحة لدول قومية معينة، ويخلق أساسًا للعمل المشترك في المستقبل.
إن تعليم اللغة للجيش يمكن أن يتضمن أيضًا تعليم وتعلم لغات الجماعات المعادية من قِبل المقاتلين كآلية لمراقبة تصرفات العدو، أو للتواصل مع السكان المحليين في مناطق النزاع. ومع تفكك الإمبراطورية البريطانية، وُجّه التركيز في القدرات اللغوية بشكلٍ أكبر إلى لغات الأعداء، أو الشعوب المحتلة. خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، أدت الاضطرابات الداخلية في المستعمرات البريطانية، مثل الملايو وقبرص وكينيا، إلى زيادة الحاجة إلى منتسبي الجيش للتواصل مع السكان المحليين، سواء كانوا متحالفين معهم أو أعداء. لقد أكد تيمبلر، القائد الأعلى للقوات البريطانية أثناء حالة الطوارئ في الملايو، في تقريره عن الأمن الاستعماري على أهمية إتقان الضباط من جميع الخدمات الثلاث المتمركزة في المستعمرات للغات المحلية[30]. كما كوفئ المنتسبون إلى القوات المسلحة الذين يملكون الكفاءة في اللغات ذات الأهمية الاستراتيجية في القوات المسلحة البريطانية. في الخمسينات من القرن العشرين، أثناء حالة الطوارئ في الملايو، وُوفق على دفع مكافآت للضباط الذين تعلموا لغة الملايو، ويتلقى الضباط البريطانيون المنتدبون إلى الدول العربية الآن علاوات إضافية لإظهارهم إتقان اللغة العربية[31].
وفي المقابل، يعود تقليد اللغات للأغراض العسكرية في الولايات المتحدة إلى الحرب العالمية الثانية فقط. حيث تأسست مدرسة اللغة اليابانية التابعة للبحرية (التي أصبحت فيما بعد مدرسة البحرية للغات الشرقية) سنة 1941؛ استجابة لإدراك أن اثني عشر ضابطًا بحريَّا فقط درسوا اللغة اليابانية عشية دخول أمريكا للحرب العالمية الثانية، وأن العدد الإجمالي للمتحدثين باللغة اليابانية (بخلاف أولئك الذين كانوا من أصل ياباني، الذين لم يثق بهم أحد نتيجة أصولهم الإثنولغوية) كان منخفضًا جدًّا[32]. وقد أنشأ الجيش في الوقت نفسه تقريبًا برنامج اللغات المكثف لتدريس مجموعة أوسع من اللغات الأوروبية ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، ودمج هذا البرنامج فيما بعد في برنامج المنطقة الأجنبية وبرنامج اللغة التابع لبرنامج التدريب المتخصص للجيش (Army Specialized Training Program)، والذي جمع بين تعلم اللغة الأجنبية ودراسات المنطقة نفسها.
وسواء كان الهدف من تعلم اللغة هو التواصل مع الحلفاء أو الأعداء، فإن تعلمها للأغراض العسكرية يطرح مشكلة لوجستية كبيرة، حيث ينبغي نشر منتسبي الجيش بسرعة وفي مجموعة متنوعة من المواقع، ومن ثم فإن اللغات الضرورية للأمن تخضع للتغيير. وقد أفضى الاستثمار الطويل الأمد المطلوب لتعلم اللغة، والتغيير السريع في الاحتياجات اللغوية إلى دفع بعض المنظمات العسكرية إلى تطوير تكنولوجية ترجمة اللغة المنطوقة لتحل محل تعلم اللغة. ففي الولايات المتحدة الأمريكية، يهدف مشروع الخدمة الأساسية للترجمة اللغوية (BLTS) إلى تطوير قدرات الترجمة الآلية للغة لتلبية الحاجة المتزايدة إلى الترجمة في ساحة المعركة. ويسمح مشروع الخدمة الأساسية للترجمة اللغوية للجنود بمسح مستند مكتوب بلغة أجنبية، وتلقي الترجمة باللغة الإنجليزية فورًا[33]. وقد قامت وزارة الدفاع الأمريكية من خلال وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة (داربا) بتمويل تطوير "فرايزلايتور Phraselator"، وهو مساعد رقمي شخصي بقدرات ترجمية كلامية محدودة، نُشر للمرة الأولى في أفغانستان سنة 2002، ثم في العراق[34]. إن جهاز فرايزلايتور جهازٌ أحادي الاتجاه، يمكنه التعرف على مجموعة من العبارات المحددة مسبقًا وتشغيل ترجمة مسجلة. وبالإضافة إلى ذلك، يجري العمل على جهاز "سبيشلايتور" (Speechalator)، جهاز ترجمة لغة منطوقة ثنائي الاتجاه[35]. ويهدف كلا المشروعين إلى ابتكار حلٍ تكنولوجي للتواصل في السياقات التي لا توجد فيها لغة مشتركة، على الأقل لمجموعة محدودة من الوظائف التواصلية، من خلال برنامج ترجمة إلكتروني.
إن تكنولوجيا التواصل بين اللغوية في حد ذاتها قد استلزمت تخطيط المتن للتواصل من خلال لغة مشتركة، من قبيل لغة إدارة المعارك[36]. ويعد هذا شكلًا من أشكال تدويل اللغة يشبه "سي سبيك" (SeaSpeak)[37]. وتنبع الحاجة إلى هذا الشكل من تخطيط المتن من فكرة مفادها أن النص الحر "يفتقر إلى قواعد واضحة المعالم تحكم استعماله (الدلالة والتركيب)، ويشوبه الغموض"، والإشكال ههنا هو أن اللغة البشرية طليقة وغريبة، وأن الحاجة الملموسة لأغراض الأمن هي لغة أُزيحَ عنها الغموض. ويعني هذا أن التواصل بهدف التوافق بين القوات بلا لغة مشتركة، أو حيث قد تكون هنالك مشاكل في التأويل القاصر للناطقين غير الأصليين للغة هي في حد ذاتها شكل من أشكال التهديد الأمني. وفي الواقع، يعد الهدف النهائي للغة إدارة المعارك منع العنصر البشري من التواصل تمامًا باستخدام لغة إدارة المعارك للتواصل مع الجنود الآليين (الروبوتات)[38].
في هذا العمل، يُتعامل مع خلق قناة اتصالية باعتبارها تطويرا لاتصالٍ فعليٍّ ذي مغزى، بمعنى أن الاتصال يحدث على نحوٍ مستقلٍ عن قدرة الناس على التواصل، وأن الوسيلة التكنولوجية التي يُنفّذ من خلالها توازي الفعل الحقيقي المتمثل في الفهم وخلق التفاعل بين الأشخاص، أي أن الجهاز التكنولوجي يسمح بفصل الكلام عن الفهم لأن مرسل الرسالة قد لا تكون له القدرة على التعرف على "الضوضاء" التي قد تحدث في مثل هذه المواقف الاتصالية أو التعامل معها. والافتراض هو أنه إذا خُلقت قناة، فإن الفهم ينشأ، بغض النظر عن السياق والثقافة والعامل البشري المتجذّر في الاتصال.
تتلخص إحدى استجابات التخطيط اللغوي لقضايا الأمن، التي تُطبّق بشكلٍ رئيسٍ على مجموعة داخلية معارضة متصورة، في فرض استيعاب مجموعةٍ غير مهيمنة في أخرى مهيمنة. وعادةً ما تتخذ سيرورة التخطيط اللغوي هذه شكل تشريعات تحظر استعمال لغة المجموعة غير المهيمنة، كما أنه عادةً ما تكون مرتبطةً بأشكالٍ أخرى من القهر الثقافي.
ففي إسبانيا، يمكن النظر إلى التخطيط اللغوي الذي وضعه فرانكو، في ظل رغبته في خلق هوية لغوية وثقافية إسبانية موحدة، باعتباره محاولة لاستعمال اللغة كرد فعل على التهديد المتصور[39]. وقد كانت اللغات التي حُظرت (الباسكية والكتالانية والجاليكية) لغاتٍ معارضة لفرانكو إبان الحرب الأهلية، وقد حظرتها الحكومة من المجال الثقافي، وأغلقت الصحف، ومنعت استعمالها في تسمية الأطفال، وفي التجارة، وحتى في المحادثات الهاتفية[40]. وفي حين يصعب مراقبة حظر استعمال اللغة اليومية، فإن استعمال اللغات المنطوقة كان وصمة، إن لم يكن مضطهدًا على نحوٍ نشط. ويمكن رؤية بناء اللغات باعتبارها هوية إسبانية معيبة في شعارات من قبيل:
"لا تنبح: تحدث لغة الإمبراطورية...إذا كنتَ إسبانيا: تحدث لغة الإمبراطورية".
(No ladres: habla el idioma del Imperio… Si eres español, habla el idioma del Imperio)
ورغم أن الحظر تزامن مع لغات الجمهوريات القومية المستقلة، إلا أنه ثمة إشارة واضحة إلى أن التهديد المتصور كان مهمًا في تحديد المعاملة، حيث خضعت اللغتان الباسكية والكتلانية لحظر أكثر صرامةً من الجاليكية، وهي مصدر أقل أهمية للتهديد المحتمل، وأُعطيت الموافقة على استعمالها في الطقوس الدينية في الكنيسة الكاثوليكية سنة 1969.
لقد كانت سياسة فرانكو في الواقع استمرارًا لسياسات حاولت قمع لغات الجماعات الإسبانية التي اعتُبرت تهديدًا أمنيًّا، فقد ألغى النظام الملكي البوربوني الحق في استعمال اللغة الكتالونية في المجالات الرسمية في نهاية حرب الخلافة الإسبانية، إذ دعمت كتالونيا مطالب هابسبورغ[41].
ويمكننا أن نلاحظ مقاربة مماثلة للتعامل مع لغات الجماعات التي يُنظر إليها باعتبارها تهديدًا لأمن في السياسيات اللغوية التي اعتمدتها دول مختلفة للتعامل مع لغات الجماعات المهاجرة زمن الحرب. ففي أستراليا أثناء الحرب العالمية الأولى، حُظر النشر باللغة الألمانية، وشُرع عدد من القوانين التعليمية التي تمنع استعمال اللغة الألمانية (وغيرها من اللغات) كوسيلة للتعليم في المدارس المعتمدة[42]. وقد أثر هذا في المقام الأول على اللغة الألمانية، إذ كان الاستخدام السائد للغات المجموعات الكلامية في المدارس في ذلك الوقت في المدارس اللوثرية، التي كانت غالية سكانها من أصول ألمانية[43]. وفي جنوب أستراليا، حيث كان الوجود الألماني أقوى، أُغلقت المدارس اللوثرية، بينما أُجبرت في فيكتوريا على التدريس باللغة الإنجليزية. وفي كوينزلاند، حيث كانت لغات الجماعات تُستخدم في ذلك الوقت للتعليم التديني فقط، حُظر هذا الاستعمال، الأمر الذي أثّر مرة أخرى في المقام الأول على الجماعات اللوثرية الناطقة بالألمانية. كانت السياسة اللغوية الموجهة ضد الأشخاص من أصلٍ ألماني في أستراليا موازية لسياساتٍ تقييدية أخرى، بما في ذلك الاعتقال، واستُبدلت أسماء الأماكن، خاصةً في جنوب أستراليا، بأسماء بريطانية أكثر "وطنية". لقد تضمنت صحيفة سيدني ميرور (Sydney Mirror) في 17 يونيو 1916 خريطة لجنوب أستراليا تعرض أسماء الأماكن الألمانية المحلية بعنوان: "ألمانيا في جنوب أستراليا" (Deutschland über Süd Australien)، مع ما يحيل عليه ذلك من غزو الأراضي الأسترالية من خلال اللغة. استمرت القيود المفروضة على اللغة الألمانية بعد سنوات الحرب، إذ كان يُنظر إلى التحدث باللغة الألمانية على أنه علامة على عدم الولاء.
إن المثالين الإسباني والأسترالي اللذين نُوقشا هنا لهما دور مزدوج. أما الأول فهو معاقبة أعضاء المجموعة التي يُنظر إليها باعتبارها تهديدًا أمنيًّا. ويُتصور التهديد على أنه موجود مادام الانقسام اللغوي قائمًا، حيث يُنظر إلى الانتماء إلى جماعة إثنو-لغوية على أنه تهديد لأمن جماعة أخرى. وتتصور مثل هذه المحاولات الرامية إلى التخطيط اللغوي التهديد باعتباره نتيجة للاختلافات في الهوية الثقافية اللغوية، وتسعى إلى التخلص من التهديد من خلال إزاحة علامات الهوية البارزة للجماعة المهدِّدة، ومن ثم دمجها في التيار الرئيس. وفي بعض الحالات، كما هو الحال في أستراليا، يقترن الموقف من المجموعة اللغوية بالخوف من الرسائل التي تُبلَّغُ بلغة الجماعة، فقد كان حظر أستراليا لوسائل الإعلام الناطقة بالألمانية مدفوعًا جزئيًّا بالشك في أن اللغة الألمانية سوف تُستعمل للتخريب، وهو ما سوف يُخفى عن الأغلبية أحادية اللغة. واستمر هذا الشك لفترة طويلة بعد الحرب نفسها، ولعدة عقود من الزمن، كان لزامًا على أي وسيلة إعلامية تستعمل لغة المهاجرين أن تحصل على تصديق الحكومة على ترجمة محتواها قبل النشر[44].
يجعل دحر التهديد من خلال حظر لغة مرتبطة به ينتج خطابا الهوية الإثنو-لغوية مرادفًا للتهديد. ويعني هذا أنه لا يقتصر على شعب معين، بل يرتبط بكل المنتمين للمجموعة. ولعل الآلية التي يُتعامل بها مع الأمن تتمثل في أن الاستمرار في التمسك بلغةٍ تُصنف كلغة تهديد يصبح دليلًا على التعاطف مع أهداف مجموعة معادية محتملة، في حين أن التوافق مع معيار لغوي آخر (أي التحول إلى لغة مهيمنة) يظهر رفضًا للمجموعة المعادية، ومن ثم انخفاض المخاطر الأمنية، غير أنه لا مفر من أن مثل هذه السياسات لا تقصي بالضرورة المتحدثين بلغة مجموعة معادية تمامًا، فالتحول الطوعي إلى لغة أخرى، لا يقصي لغة سابقة من ذخيرة الفرد، وقد يُفسّر التحول باعتباره حالة من تورية الانتماء بدلًا من تبنيه. ففي أستراليا أثناء الحرب العالمية الأولى، غيّر العديد من الأستراليين من أصل ألماني أسماءهم، متماهين رمزيًّا مع الهوية البريطانية المهيمنة، ومع ذلك يكمن ملاحظة الشكوك التي قوبلت بها مثل هذه التغييرات في التعديل الذي أُقحم في أمر تقييد الأجانب في 28 يوليو 1915، والذي حظر على الأجانب الأعداء والرعايا المجنّسين تغيير أسمائهم. إن تأثير إدراج "الرعايا المجنّسين" في الحظر هو يتجلى في أن أولئك الذين كان انتماؤهم الوطني والسياسي لأستراليا حتى لفترات طويلة من الزمن من المرجح أن يشكّلوا خطرًا أمنيَّا مثل "الأجانب الأعداء"؛ بسبب انتمائهم الإثنو-لغوي المفترض.
يلعب حظر لغة ما، باعتباره عنصرًا من عناصر التدابير الأمنية، دورًا قويًا جدًا في تشكيل انتماء مجموعة معادية محتملة، وذلك لأنه يجعل من الصعب على أولئك الذين يتحدثون هذه اللغة أن ينأوا بأنفسهم عن التهديد ويثيرون حولهم شكوكًا تلقائية نتيجةً لامتلاكهم لذخيرة لغوية. ويُنظر إلى الكفاءة اللغوية، بما في ذلك الثنائية اللغوية، باعتبارها مرادفًا للمخاطر التي تهدد الجماعة المهيمنة التي لا تتشارك اللغة نفسها أو أنماط استعمالها، وتضفي المشروعية على اتخاذ إجراءات ضد أولئك الذين يتحدثون لغة معينة أو الاشتباه بهم، وتصبح اللغة شعارًا يمكن عن طريقه تصنيف الأعداء[45].
إحدى الاستدلالات المعروفة في التخطيط اللغوي لأغراض أمنية هي فكرة مفادها أن ضمان الأمن يقتضي أن يكون لدى المجتمع في مجمله فهم ومعرفة بتلك الدول، أو الجماعات الأخرى التي تشكل تهديداتٍ أمنية محتملة. ويشكل التخطيط اللغوي، من خلال التعليم، بعدًا مهما في هذا الصدد. وهذا الاستدلال في الواقع معروف في الخطاب المتعلق بتأثير تعلم اللغة على قضايا الأمن، وقد كان هذا الأخير بؤرة تركيز كبير باعتباره دافعًا لتعلم اللغات الأجنبية. على سبيل المثالـ في الولايات المتحدة الأمريكية، ركز الباب السادس من قانون التعليم الدفاعي الوطني لعام 1958 على تعليم اللغات في المستويات الجامعية، بما في ذلك تدريس اللغات الأقل شيوعًا، وتدريب مدرسي اللغات، وتطوير المواد التعليمية والاختبارات. وما زال قانون التعليم الدفاعي الوطني يمول أنشطة مهمة في تعليم اللغات في المستوى العالي، وينص التعديل على الباب الرابع سنة 1988 صراحة على ما يلي:
يعتمد الأمن والاستقرار والحيوية الاقتصادية للولايات المتحدة في عصر عالمي معقد على الخبراء الأمريكيين، والمواطنين الأمريكيين الملمين بالمناطق العالمية، واللغات الأجنبية، والشؤون الدولية، فضلًا عن اعتماده على قاعدة بحثية قوية في هذه المجالات.
كان الحافز وراء تطوير قانون التعليم الدفاعي الوطني متمثلًا في الشعور بالتهديد الذي لحق بمكانة أمريكا وهيبتها في علاقتها بالاتحاد السوفييتي أثناء الحرب الباردة إثر إطلاق سبوتنيك[46]. ويحد القانون بعض نقاط الضعف في موقف الولايات المتحدة كقوة عظمى؛ بسبب ضعف المعرفة بالمجتمعات الأخرى، وضعف القدرة على الوصول إلى تلك المجتمعات نتيجة المستويات غير الكافية من الكفاءة اللغوية في اللغات المعنية، منها لغات المجموعات التي يُنظر إليها على أنها تهديد للأمن القومي، إلى جانب لغات الحلفاء الذين يمكنهم المساعدة في مواجهة تلك التهديدات. لقد كان قانون التعليم الدفاعي الوطني مقاربة مزدوجة لتطوير الأمن المعزز في الولايات المتحدة، فقد سعى إلى استعمال التعليم (اللغوي) لتعزيز مكانتها داخل مجال نفوذها من خلال تطوير المعرفة والفهم للحلفاء، بالإضافة إلى الاستعداد على نحوٍ أفضل للتعامل مع التهديدات عن طريق معرفة وفهم الأعداء. كما كان القانون نفسه مقاربة موسعة لمكانة التعليم في الحفاظ على الأمن القومي. وقد سعى إلى تطوير عام في تعليم اللغات، ومن ثم فهم الآخرين من قِبل شعب الولايات المتحدة بدل تطوير قدرة عسكرية معينة. وتشمل برامج اللغات الفيدرالية الموجهة على نحو خاص إلى احتياجات الأمن القومي معهد اللغات الدفاعية الذي تأسس سنة 1941 لتعليم اللغة اليابانية لمنتسبي الخدمة العسكرية الأمريكية، والذي ركز منذ ذلك الحين بشكل أساسي على تعليم لغات الأعداء لقوات الدفاع، علاوة على مدرسة دراسات اللغات التابعة لمعهد الخدمة الخارجية، والتي تركز على تعليم اللغات للدبلوماسيين. ومؤخرًا، تأسس مركز الدراسات المتقدمة للغات في جامعة ماريلاند في تطوير قدرات الاستخبارات الأمريكية، والدفاع عن الأمن القومي، وخدمة أهداف السياسة الخارجية الأمريكية في الخارج[47].
وعقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، ساد تصور مماثل لضعف القدرات اللغوية الكافية، وما كان لذلك من تأثير في قدرة الولايات المتحدة في الحفاظ على قوتها التنافسية اقتصاديًا وعسكريًا[48]. ويقرر قانون الأمن الداخلي التعليمي لسنة 2001 أن:
الكفاءة في اللغة الأجنبية أمر بالغ الأهمية للقدرة التنافسية الاقتصادية والأمن القومي للولايات المتحدة، ومن الضروري القيام بتطوير كبير في كمية ونوعية تعليم اللغات الأجنبية المقدمة في المدارس الابتدائية والثانوية في الولايات المتحدة.
فكل الأمريكيين بحاجة إلى تصور عالمي، ولكي نفهم العالم من حولنا يتعين علينا التعرف على لغات وثقافات وتاريخ الأمم الأخرى.
يتطرق قانون تعليم الأمن الداخلي عدة مخاوف عسكرية مباشرة متعلقة بالقدرات اللغوية، حيث إن التواصل بلغات أخرى غير الإنجليزية وفهم وقبول الاختلافات الثقافية والمجتمعية، أمر حيوي لنجاح العمليات العسكرية في أوقات السلم والحرب. بالإضافة إلى ذلك، فقد رُفعت مستويات الكفاءة المطلوبة لأداء وظائف الأمن القومي، وما كان يعدّ في السابق كفاءة لم يعد كذلك، كما أصبحت القدرة على فهم المعلومات التقنية والمعقدة والتعبير عنها حرجًا.
لا تربط هذه المخاوف القدرة على التواصل بلغة أجنبية بالمعرفة العامة باللغات والثقافات، بل بأبعاد أمنية محددة متصلة بالجيش. والرابط بين الكفاءة اللغوية والأمن مباشرة جدًا، ولا يتعلق بالمعرفة العامة، بل بالمعرفة اللغوية الموجهة التي تشكل محور الاهتمام. وينصب التركيز بشكل أكبر على الأنشطة المتعلقة بالحرب، بدلًا من الحفاظ على السلام[49]. ويذكر القانون أيضًا أن أنشطة لغوية من قبيل استجواب المحتجزين واستنطاقهم في هذا السياق. ويختلف قانون تعليم الأمن الداخلي عن قانون تعليم الدفاع الوطني في أن التركيز الأساسي ينصب على لغات الأعداء وليس على لغات الحلفاء، وخاصةً "محور الشر"، و"الحرب على الإرهاب": العربية والكورية والفارسية، والبشتو، مع خضوع تعلم لغات أخرى للتعلم المستقبلي للغات الأعداء من حيث إن "إتقان اللغة الأجنبية الحالية ضمن اللغات غير المستهدفة يوفر أيضًا أساسًا للغات الأجنبية اللاحقة، حتى لو لم تكن ذات صلة". وفي رده على السياسة الأمريكية بعد سنة 2001، يحاجج كرامش أن "الأولوية لم تكن تطوير المستوى العام في الكفاءات في اللغات الأجنبية للسكان على نطاق واسع، ولا تدويل التعليم بهدف التواصل بشكل أفضل مع حلفائنا"[50].
إن التوجه الحالي نحو تعلم اللغات في الولايات المتحدة الأمريكية يعد حُجة عسكرية لصالح تعلم اللغات. ويرى الموقف السياسي أن الحاجز اللغوي في حد ذاته يشكل خطرًا أمنيًّا ويسعى إلى إزالته، ولا يسعى إلى إزالة الحاجز للسماح بفهم أفضل، بل للسماح بمراقبة أفضل. ولعل عسكرةً من هذا القبيل تنطوي على توتر محتمل لا يتضح كثيرًا في تعلم اللغات بهدف التفاهم المتبادل. وينشب التوتر في المقام الأول في سياق المتحدثين ذوي خلفية لغوية مستهدفة، والذين لهم القدرة على تطوير المستويات المتقدمة من الكفاءة اللازمة للأغراض العسكرية، غير أنه قد يُنظر إليهم على أنهم يشكلون خطرًا أمنيًا؛ بسبب الانتماء الإثنو-لغوي الذي يشكل أساس كفاءتهم. لمّا يُبنى تعلم اللغات حول النزاع، تصبح الوظائف الرمزية والهوية للغة إشكالية بطرق لا تكن بها كذلك إذا كانت القضية هي التفاهم المتبادل. إن تعليم اللغات لغرض التفاهم المتبادل ينطوي على إمكانية أكبر للنظر إلى المتحدثين بخلفيات لغوية باعتبارهم وسطاء بين اللغة والثقافة، ويصبح تهجين هوياتهم موردًا لتعزيز الأمن. ومن المرجح أن يفضي تعليم اللغة لتعزيز القدرة على مراقبة الآخرين، إلى بناء هجين هذه الهويات كنقطة ضعف في تحديدهم للثقافة الوطنية التي يعملون في إطارها.
تلعب القرارات المتعلقة باللغة، وخاصة تلك المتعلقة بتسمية اللغات (naming of languages)، دورًا في تحديد تصورات التحالفات والمعارضات بين المجموعات. ولعل أحد العناصر الأساسية للهوية الوطنية ينشأ من اللغة المشتركة، بمعنى أن المجموعة الداخلية يُنظر إليها باعتبارها جماعة تشترك اللغة نفسها، في حين أن المجموعة الخارجية هي تلك التي لها لغة مختلفة. وكما تُتخيل الجماعات الوطنية بالمعنى الذي وضعه أندرسون (1999)، فإنّ الأعداء الوطنيون يُتخيلون كذلك.
في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية في سويسرا، كان وجود جماعة تتحدث الرومانشية داخل الأراضي السويسرية يمثل تهديدًا محتملًا لسلامتها في سياق سياسات التوسع الفاشية، وفي ظل إمكانية تقسيم سويسرا على أساس المناطق اللغوية، كما خطط هتلر وموسوليني في عملية تانينباوم، بغزو وتقسيم سويسرا من قبل الجيوش المشتركة لألمانيا وإيطاليا[51] إنّ إعلان الرومانشية لغة وطنية لسويسرا بدلًا من "لهجة" إيطالية مرتبطة بتلك التي يتحدث بها سكان فريولي[52] يحيل على أن الرومانشية مرتبطة بهوية سويسرية بطرق لم تكن مرتبطة بها بالهوية الإيطالية. وعلاوة على ذلك، لا تعد الهوية اللغوية لسويسرا قائمة على لغات ثلاث دول متجاورة، بل هوية لغوية فريدة قائمة على أربع لغات لم تكن أي منها مشتركة مع أي دولة أخرى. ومن ثم كان للتخطيط اللغوي توجه أمني حيث عزز إعلان السلامة اللغوية (linguistic integrity) لسويسرا مطالب السلامة الترابية (territorial integrity).
أدت اللغة الصربية-الكرواتية منذ القرن التاسع عشر وظيفة مماثلة باعتبارها تصنيفًا لمجموعة سلافية متماسكة مقسمة بين إمبراطوريتي هابسبورغ والعثمانيين، ولكن بأهداف قومية تتمثل في الاستقلال. وقد خدم تصور اللغة الصربية-الكرواتية باعتبارها لغة واحدة ذات شكلين كتابيين في ترسيخ التميز بين السلاف والمجموعات المعارضة داخل إمبراطورية هابسبورغ (الألمان والمجريّون). وإثر هذا، فإن إدراك لغة واحدة أعطى تصورًا للانتماء إلى مجموعة إثنو-لغوية كان في الإمكان أن تفضي إلى عوامل أخرى من قبيل الدين والتاريخ وحتى الكتابة إلى التمييز بينها. وقد منحت وحدة اللغة الصربية- الكرواتية السلاف الجنوبيين وحدة سياسية في فترة من عدم الاستقرار، حيث انهارت الحدود الوطنية، وتشكلت دول جديدة، وحُددت على أساس مجموعات لغوية معارضة يمكن توجيه النضال بهدف الاستقلال ضدها: التركية والمجرية والألمانية.
في أواخر القرن العشرين انهارت الوحدة المتخيلة للغة الصربية- الكرواتية، كما انهارت أيضًا الجماعة اليوغوسلافية المتخيلة. وظهرت انقسامات جديدة داخل يوغوسلافيا السابقة استنادًا إلى عوامل مثل الدين والتاريخ، والتي غمرتها الهوية الصربية-الكرواتية الموحدة[53]. ولم تعد اللغة الصربية- الكرواتية تخدم غرضًا أمنيًّا قوميًّا يميز بين الحلفاء والأعداء، بل أصبحت عوضًا عن ذلك تخفي علاقات العدو وتهدد السلامة الترابية المتصورة. لقد تطلب تتبع النزاع إعادة تنظيم الهويات الإثنو-لغوية الداخلية والخارجية بهدف تعزيز الأساس الترابي للنزاع. وكانت استجابة التخطيط اللغوي متمثلة في التمييز بين ثلاث لغات مستقلة؛ الصربية والكرواتية والبوسنية، كل منها مرتبطة بتميز عرقي وترابي، وتؤدي إلى تمييز يمكن من خلاله تصنيف التداعيات الأمنية والعمل على معالجتها. وقد كان حل الاتحاد الصربي الكرواتي أحد الأدوات التي سمحت برؤية النزاع باعتباره رد فعل منطقي على موقف سياسي ناشئ.
أدى تفكك يوغوسلافيا السابقة إلى وجود مجموعات إثنو-لغوية أقلية داخل الأراضي التي طالبت بها الجمهوريات الكرواتية والصربية والبوسنية إلى خلق احتياجات إضافية للتمييز اللغوي، ولا سيما في حالة الصرب البوسنيين في جمهورية صربسكا. ففي هذه الحالة، لم يُميّز بين النوعية اللغوية التي يتحدث بها الصرب، والنوعية اللغوية التي يتحدث بها البوسنيون إلا في الكتابة. لقد أدت استجابة التخطيط اللغوي للتمييز الضعيف بين المجموعات المتنازعة، إلى قرارين للتخطيط اللغوي يهدفان إلى تعزيز تميز الهوية الصربية وزيادة الارتباط بين الصرب البوسنيين وصربيا نفسها. حيث كان القرار الأول هو إعلان السيريلية باعتبارها الأبجدية الرسمية الوحيدة لجمهورية صربسكا، مما أدى إلى التمييز على أساس الإملاء. أما الثاني فقد كان إصلاحًا مقترحًا للإملاء والنطق الذي يؤثر على عدد قليل من المفردات التي تختلف بين نوعيات الصرب في بلغراد وصربيا البوسنية.
تبيّن هذه الإجراءات مقاربةً للتخطيط اللغوي تلعب فيه قضايا الأمن والسلامة الترابية دورًا في السعي إلى منع النزاع، أو تعزيزه. وهي موجودة باعتبارها طرقًا لتصور المنخرطين في النزاع المحتمل وملاحظتهم، وكيف يُنظر إليهم باعتبارهم منتمين أو غير منتمين، وتوفر المقاربات سياقًا يمكن من خلاله النظر إلى المجموعات على أنها متمايزة وتشكل تهديدًا لسلامة الآخرين.
يعد بناء الخطاب للمنخرطين في النزاع أحد أبعاد اللغة والأمن التي تشكل عنصرًا أساسيًا في تصور وتنفيذ العمل الهجومي أو الدفاعي، غير أنها، أي الأبعاد، لا تعدّ عادةً عنصرًا من عناصر التخطيط اللغوي. ومع أن التخطيط لمثل هذا الخطاب لا يُوثّق عادة في السياسة، إلا أنه نشاط مخطط له بوعي. إن الأمن وانعدامه عبارة عن بناء خطابي للعلاقات السياسية، وتسمية المنخرطين والأهداف، والبناء الأيديولوجي الذي تستدعيه هذه التسمية، يعدّ عنصرًا أساسيًّا في سن سياسة أو استجابة أمنية. ومن ثم فإن سياسات التسمية، ومحاولات السيطرة عليها وإقرارها، تشكل نشاطًا لغويًا مخططًا تُخلق من خلاله القضايا الأمنية وتُستعرَض. إن تصنيف العدو باعتباره عدوًا، أو الحليف باعتباره حليفًا ليس تصنيفًا موضوعيًا محايدًا للتهديد أو الدعم؛ بل هو بالأحرى تصنيف يتم في إطار رؤية عالمية مبنية خطابيا. وتُضفى الشرعية على العمل ضد الجماعات التي تُصنف على أنها "إرهابية"، بينما تُضفى الشرعية على الدعم للجماعات التي تُصنف على أنها "مقاتلون من أجل الحرية" بغض النظر عن الإجراءات التي تتخذها كل مجموعة. إن مثل هذه التسميات ليست مجرد تسميات لمجموعات، بل هي أطر أخلاقية للتهديد، فالإرهابي يشكل تهديدًا للذات، في حين أن المقاتل من أجل الحرية يشكل تهديدًا لشخص آخر، والذي في معارضته للخير الأخلاقي (الحرية)، يشكل تهديدًا محتملًا للذات.
حينما صنف الرئيس بوش سنة 2002 مجموعة من الدول؛ إيران والعراق وكوريا الشمالية، باعتبارها "محور الشر"، فقد أضفى الشرعية على تفسير أعضاء هذه المجموعة باعتبارهم أعداء "الخير" بالضرورة. ويضع هذا التصنيف هذه الدول الثلاث في مرتبة تنتمي إلى مجموعة معادية في ثنائية "نحن وهم"، وهو ما لا يستدعي الاتحاد فحسب، بل يستدعي أيضًا اتحاد الأعداء من خلال القياس على قوى المحور في الحرب العالمية الثانية. وباعتبارها محورًا للشر، فإن هذه القوى الثلاث لا تحتاج إلى العمل لكي تصبح تهديدًا أمنيًّا؛ فهي بحكم قبول تفسيرها باعتبارها شرًا يشكل تهديدًا أمنيًا. وفي الإمكان أن تضفي سياسة التسمية الشرعية، أو تحظر مسارات عمل معينة من خلال الإطار التفسيري الذي يستحضره هذا التصنيف[54]. وعلى هذا، فإن الاستباق هو إجراء مشروع ممكن منطقيًا قبل ارتكاب الشر، ذلك أن الشر هو المسار الطبيعي بالنسبة إلى محور الشر. إن الحوار والتفاوض خيار أقل صحة، أو أقل يقينًا، لأن الشر نفسه غير قابل للتفاوض، كما زعم ديك شيني سنة 2003: "نحن لا نتفاوض مع الشر، بل نهزمه"[55]. ولعل إسناد الشر يضع النزاع داخل البعد الأسطوري بين الخير والشر، مما يخلق حتمية أخلاقية إيثارية للعمل بدلًا من ضرورة أنانية للمصلحة الذاتية القومية.
إن بناء فهم معين للعالم من خلال اللغة، أي التضليل، يمكن النظر إليه باعتباره مخططا للتواصل فوق اللفظي، الذي يأخذ التخطيط اللغوي إلى ما هو أبعد من مستوى الشفرة إلى مستوى الرسالة. إنه التخطيط للاختيارات داخل متن لساني لتحقيق غايات سياسية. وباعتباره نشاطًا للتخطيط اللغوي المرتبط بالأمن، فإن التضليل ممارسة خطابية مصممة لبناء علائق التهديد، وفي الوقت نفسه منح الأولوية لبعض الاستجابات المحتملة باعتبارها متماسكة مع طبيعة التهديد. إن رفع مفاهيم مجردة من قبيل الشر أو الإرهاب[56] إلى وضع الجهات الفاعلة المعادية، يمكّن السياسة الأمنية من تجميع التهديدات المحتملة في إطار واحد، وتصنيف أنماط الولاء داخله. وكما يشير كريشتون:
لقد خدم استعمال مصطلح "الإرهاب" إدارة بوش من خلال خلق عدو دائم الوجود يمكن التعرف عليه من خلال أي شخص تعتبره الإدارة ممثلًا لـ "الإرهاب"، وهو التصور الذي خلق انقسامات ثنائية بين أولئك الذي يؤيدون العدو، وأولئك الذين يعارضونه[57].
يصبح البناء الأيديولوجي للتحالف أو المعارضة الذي ينشأ من خلال هذا طبيعيًا أكثر من خلال السيطرة على وسائل التعبير. وعلى هذا فإن البناء الخطابي للحرب على الإرهاب، أو محو الشر، يسمح بطور بعد أخلاقي جبري يدعم السياسة الأمنية. إن البناء الخطابي لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2002 باعتبارها موجهة ضد "الحربة والديموقراطية، وضحايا الهجوم باعتبارهم "كل الناس المحبين للحرية في كل مكان في العالم"[58]، يبني ثنائية بسيطة في قلب المخاوف الأمنية: أولئك الذين يؤيدون الحرية والديموقراطية، وأولئك الذين يعارضونها: أي الخير الموضوعي في مقابل الشر الموضوعي[59]. ويحيل التمسك ببنية القيم المتعلقة بالحرية والديموقراطية الموافقة على الانخراط في حرب ضد أولئك الذين لا يلتزمون بها. ومن ثم تُبعد قضايا الأمن إلى ما هو أبعد من الأعداء الفُرادى والأعمال العدوانية الملموسة، والتركيز بدلًا من ذلك على البعد الأخلاقي للتهديد كما بُني من خلال اللغة.
يستدعي التخطيط اللغوي، بمعنى التخطيط للخطاب حول قضية معينة، البنيات الاجتماعية والسياسية والثقافية التي تمكن من النظر إلى النزاع باعتباره عملًا طبيعيًا وممكنًا. وعلى هذا النحو، تصبح اللغة إحدى الأدوات التي تجعل الحرب ممكنة، وأداة لتعبئة المجتمع في النزاع. وفي الإمكان بالقدر نفسه أن يعمل التخطيط اللغوي كذلك على منع نشوب النزاع المسلح من خلال بنائه باعتباره الخيار الأقل طبيعية لحل القضايا الدولية. والواقع أنه من الصحيح دائمًا أن كل النزاعات المحتملة لا تتحول إلى نزاعات فعلية، وليس كل الأعداء المحتملين يتحولون إلى أعداء فعليين، وليس كل النزاعات المحتملة تُبنى على أنها نزاعات من خلال الخطاب. ومع ذلك يبدو أنه في حالات الأمن تُنشر موارد اللغة على نحوٍ منهجي أكثر بهدف السماح بالنزاع، بدلًا من منعه.
كما رأينا أعلاه، فإن الأمن يتقاطع مع التخطيط اللغوي في عدة مستويات. فاللغة تعمل في التخطيط اللغوي باعتباره وسيلة لمنع النزاع، وكوسيلة لتنفيذه، وفي عدة حالات، كما هو الحال في تعليم اللغة، قد تُستعمل اللغة في وقت واحد لتحقيق أو تعزيز كلا البعدين. وفي الوقت نفسه، لا تحل اللغة بالضرورة قضايا الأمن، ولا يبدو أن العلاقة بين اللغة والأمن مفهومة بشكل جيد في استجابات التخطيط اللغوي. وفي كثير من أعمال التخطيط اللغوي الموصوفة في هذه الورقة، يُنظر إلى التطوير في مجال اللغة على أنه يفضي إلى تطويرات في مجال الأمن، من خلال آلية تعزيز التواصل. ومن الناحية المفاهيمية، تُظهر هذه الفكرة سلسلة من العلاقات المتشابهة التي بُسّطت على نحو مفرط.
يتمثل الإشكال الأول في التقابلية (isomorphism) بين اللغة والتواصل، إذ يُنظر إلى تطوير القدرات اللغوية على أنها تفضي حتمًا إلى تطوير التواصل، ذلك أن القدرة اللغوية تسمح بتواصل مباشر أكثر عبر الحواجز اللغوية. وفي حين أن اللغة المشتركة تشكل موردًا تواصليًا مهمًا، فإن دمج اللغة والتواصل يقوم على وجهة نظر مفادها أن التواصل يعتد خلقًا لقناة يمكن من خلالها له أن يحدث. وتكمن الإشكالية هنا في تعدد معاني كلمة "تواصل"، والتي يحللها شيلتون[60] باعتبارها ثاوية على بعدين مختلفين. أما البعد الأول، الذي يسميه ق 1، فيقوم على فكرة مفادها أن التواصل يتطلب قناة، بمعنى أنه يقتضي خلق آلية يمكن من خلالها حدوث التواصل. أما البعد الثاني، الذي يسميه ق 2، فهو الحاجة إلى نقل الرسالة بفعالية من المرسل إلى المرسل إليه، وتأسيس الذواتية (intersubjectivity). بالإضافة إلى ذلك، تؤسس اللغة المشتركة إمكانية تبادل المعاني بطريقة تشبه وصلة الهاتف، أو أي وسيلة أخرى من وسائل التواصل، ولكنها لا تضمن أن تؤدي هذه المعاني إلى تواصل فعال بمعنى التفاهم المتبادل. وإذا كانت التقابليّة البسيطة التي تربط بين اللغة المشتركة والتواصل الفعال صحيحة بالفعل، فسوف يصبح تفسير سوء الفهم، أو عدم الاتفاق بين المتحدثين باللغة نفسها صعبًا. أما إذا كانت المعادلة التي تعادل بين اللغة والأمن من خلال التواصل صحيحة بالفعل، فسوف يصبح تفسير حالات النزاع التي يشترك فيها المتنازعون في الواقع في لغة مشتركة صعبًا، كما قد تكون الحال في الحروب الأهلية والنزاعات الدولية، مثل الحرب النمساوية البروسية سنة 1866.
التقابلية الثانية هي بين التواصل والأمن. ومن بين الافتراضات الرئيسة ههنا أن تطوير التواصل من شأنه أن يضمن عدم نشوب النزاع. وهنا يُنظَر إلى التواصل باعتباره تفاهمًا متبادلًا، وتفاعلًا بين الأشخاص، وهو منظور يستند إلى تأثير تبادل المعاني، وليس إلى حقيقة تبادلها. ويستلزم هذا الافتراض افتراضات أساسية أخرى، ولا سميا أن النزاع نتيجة لانهيار التواصل، وهو ما يعني ضمنيا وجهة نظر مفادها أن النزاع يتعارض مع العقلانية. ويعني هذا أن النزاع ينشب لما يعرقلُ سوء التواصل العمل العقلاني. ورغم أن التواصل يعد عنصرًا مهمًا في الحفاظ على العلاقات بين الأمم، فإنّ نظرةً من هذا القبيل إلى قوة التواصل تتجاهل الطبيعة السياقية لكل الاتصالات. وقد استدل البعض أعلاه أن اللغة تُستعمل بطرق تبني العلاقات بين الدول بطرق معينة؛ كأعداء، أو كحلفاء دون النظر بالضرورة إلى أعمال ونوايا معينة من جانب الدول المعنية، بل من خلال تأطيرها في خطابات محددة. وتستدل مثل هذه الحُجة على أن النزاع حالةٌ متحققة، أي أنه ينشب؛ بسبب الحكومات باعتبارها جهات فاعلة اجتماعيًّا، وليس انهيارًا "يمكن تجنبه" للعلاقات. إن الرغبة في الانخراط في نزاع تعد في حد ذاتها سمة من سمات السياق الذي فيه التواصل، والذي تُسمع فيه الرسائل بين المشاركين واستعراضها. فعلى سبيل المثال، تُعومِل مع ادعاءات العراق بتدمير أسلحة الدمار الشامل باعتبارها أكاذيب واضحة تبرر العمل العسكري على الأقل جزئيًا لأن مثل هذا التفسير كان متسقًا مع البناء الخطابي للمنخرطين في النزاع.
أصبحت معادلة أمن تساوي (=) تواصل تساوي (=) اللغة إشكاليةً أكثر؛ بسبب تعدد معاني الحد الأوسط من المعادلة (التواصل). ويتلخص شكل هذه المعادلة في أن اللغة المشتركة تسمح بخلق قناة اتصال، وأن الاتصال من حيث التفاهم المتبادل يقلل من خطر النزاع. وتعتمد المعادلة على تقابليّة ثالثة وهي أن قناة الاتصال (ق1 لشيلتون) تفضي إلى خلق تفاهم متبادل نتيجة لتبادل المعاني (ق 2 لشيلتون). ونظرًا لهذه التقابلات، فإن حلول التخطيط اللغوي للإشكالات الأمنية من منظور اللغة في التخطيط التربوي، أو تخطيط المتن، أو التطوير التكنولوجي تظل إشكالية؛ لأنها لا تتعامل مع القضايا اللغوية الأساسية المتصلة بالنزاع. إن الإشكالية المفاهيمية التي تكمن وراء التفكير بصدد العلاقة بين اللغة والأمن لا تستبعد دور اللغة في قضايا الأمن، ولكنها تتطلب فهمًا أكثر تطورًا لدور وإمكانات اللغات وأيضًا الظروف والمقاربات والسياقات في نشاط التخطيط اللغوي، خاصةً لما يتعلق الأمر بتعليم اللغة.
ثمة بعد آخر للعلاقة بين اللغة - التواصل -الأمن يتعلق بكيفية تعامل التخطيط اللغوي مع القضايا المتعلقة بهويات المنخرطين في التواصل. ويمكن توجيه مثل هذا التخطيط اللغوي نحو مجموعتين مختلفتين: عامة الناس، والجيش. ويركز التخطيط اللغوي الموجه لعامة الناس إلى التعلم الموسع للغات الأجنبية كوسيلة لتطوير فهم أفضل للدول الأخرى، بغض النظر عن موقفها في التحالفات الاستراتيجية الراهنة.
يميل التخطيط اللغوي للشعوب بصفة عامة إلى الاستناد على افتراض مفاده أن تعلم اللغة سيفضي حتمًا إلى فهم أفضل للآخرين، دون النظر في طبيعة الرابط بين تعلم لغة، وفهم لغة أخرى[61]. ويعني هذا أن السياسة اللغوية تفشل في النظر إلى إشكالية أيُّ نمط من تعلم اللغة قد يكون ضروريًا لتحقيق الأهداف المتعلقة بالأمن، أو أنماط الفهم التي قد تساهم بشكل أفضل في تحقيق الأهداف الأمنية التي تكمن وراء السياسة اللغوية. وعلاوة على ذلك، هنالك توتر في محاولات التخطيط اللغوي هذه بين معرفة الآخر لتعزيز التفاهم المتبادل، ومعرفة الآخر بهدف "معرفة العدو". فالأولى تتعامل مع قضايا الأمن على أنها تُحلّ من خلال الانسجام بين المجموعات، بينما تتعامل الثانية معها على أنها طرق لليقظة والاستعداد للهجوم المحتمل، تاركة الأسس الفعلية للنزاع. وهنا يثار إشكال يتعلق بدور اللغة في النزاع، وفي صنع السلام، وهو إشكال لا يحظى بالاعتراف الكافي: فاللغة تلعب دورًا أساسيًا في النزاع؛ وذلك لأنها تعد أساسًا للتمييز الذي يسمح بتصنيف مجموعة ما باعتبارها عدوًا، كما أنها تحافظ على الانفصال من خلال التواصل بين المجموعات. غير أنه في حين أن التخطيط اللغوي قد يتعامل مع إمكانية التواصل بين المتحدثين بلغات أخرى مختلفة، فإنه لا يقتدر على ضمان أن مثل هذا التواصل سوف يعزز بالضرورة التفاهم المتبادل، أو حتى الرغبة فيه، كما لا يقتدر أيضًا على معالجة الهويات الرمزية والاختلافات التي تعد اللغة علامة عليها.
التخطيط اللغوي للأغراض العسكرية موجه على نحوٍ أكثر تحديدًا للتعامل مع التهديدات، وتطوير الاستخبارات، والعمليات العسكرية. وتُظهر أعمال التخطيط اللغوي الأخيرة للأغراض العسكرية تحركًا نحو زيادة استعمال التكنولوجيا في عملية التواصل، مع إلغاء للتدخل البشري. وفي حالة من هذا القبيل، ركز التخطيط اللغوي على تطوير التكنولوجيات اللازمة لمراقبة وترجمة وتحليل الاتصالات باللغات الأجنبية، وذلك بسبب المشاكل اللوجستية التي تفرضها اللغات المتعددة، والحجم الضخم للاتصالات.
كان تأثير هذه التكنولوجيا إلغاء العنصر البشري من المعالجة اللغوية، مع ما نتج عن ذلك من إلغاء المعرفة والحكم البشريَّيْن. ويبدو أن الأساس المنطقي لهذا متمثل في أن التواصل عبر اللغات هو مجرد مسألة اختلافات في الشفرة بين اللغات، والتي يمكن حلها ميكانيكيًا وآليًا. إن وجهة النظر التي تُتخذ في هذا النوع من التخطيط اللغوي لا تتعامل مع اللغة باعتبارها سياقًا أو ثقافة، وبذلك تقلل من أهمية الاختلافات بين اللغات كأنساق سيميائية. إنها تقلل من إشكالية الاتصال عبر اللغة، إلى إشكالية تطوير التكنولوجيا المناسبة، وترى أن مُخرجات هذه التكنولوجيات غير إشكالية، وخالية من التأويل: أي أنه في ق 1 لشيلتون، عودلت بــــــ ق 2. في الواقع، يمنع استعمال الآلات لترجمة وتحليل النصوص التأويلية من الاندماج في السيرورة (الأعمال الميكانيكية في التأويل، والأعمال البشرية فيه مختلفة نوعيا)، غير أن هذا لا يُلغي حقيقة أن النص يُأَول في الترجمة بين اللغات، وأنه يمكن إضافة المعاني أو حذفها، أو إعادة تأويلها من خلال الكلمات المستعملة في الترجمة من النص الأصلي.
أما النتيجة فهي مقاربةُ ترجمةٍ لا يُدمج فيها الوعي النقدي بالضرورة في السيرورة في أي لحظة ما. فقد تمت مراقبة رسالة معينة بواسطة التكنولوجيا، ووضع عليها وسم باعتبارها ذات صلة محتملة بتهديد أمني، ثم تترجمها التكنولوجيا من اللغة الأصلية، فتلخصها قبل أن يقرأها قارئ من البشر. وقد لا يكون لدى هذا القارئ وعي بالقضايا المتعلقة بالترجمة، أو الفروق الدقيقة المحتملة التي يخفيها النص المترجم والملخص، أو الأعراف الثقافية التي بلورت النص، أو العديد من العوامل الأخرى التي تؤثر في دلالة اللغة.
تلعب اللغة دورًا أساسيًا في النزاع؛ فهي تسمح بتصور النزاع باعتباره استجابة ممكنة لموقف سياسي، ويمكنها أن تسمح بتصنيف الأعداء، كما يمكنها أن تسمح بتعزيز التواصل، أو تحقيقه أو حمايته. ونظرًا لدور اللغات في النزاع، فقد كان الأمن دافعًا مهمًا لكثير من أعمال التخطيط اللغوي. غالبًا ما ركز التخطيط اللغوي باعتباره استجابة أمنية على السبل التي يمكن بها استعمال اللغة على نحوٍ فعّال أكثر كوسيلة للنزاع، إذ تصبح اللغة نفسها أحد الأسلحة التي تُنشب النزاعات. ومع ذلك، كان لمنع النزاع أيضًا دور في مبررات التخطيط اللغوي، وخاصةً في التعليم. ورغم ذلك لم يكن التركيز ههنا على اللغة في ذاتها، بل على إمكانية خلق التعاطف من خلال اللغة، أي أن مخرجات التخطيط اللغوية كانت نتيجة مقصودة لقرار التخطيط اللغوي، غير أن قرار التخطيط اللغوي لا يحقق المخرجات في ذاته، ولا يمكنه فعل ذلك. وقد اتجه التخطيط اللغوي الصريح والعلني إلى التركيز على خلق قناة للتواصل، وافترض أن خلقها سيفضي إلى التواصل بمعنى التفاهم المتبادل بين الأفراد.
لا يعتمد نجاح اللغات في الواقع في تطوير التواصل الفعلي على وجود قناة يمكن عن طريقها حدوث ذلك فحسب، بل يعتمد أيضًا على السياق الذي يحدث فيه التواصل. وينشأ هذا السياق، جزئيًا على الأقل، من خلال استعمال اللغة، وهذا عنصر من عناصر اللغة المخططة التي توجد في الممارسة العملية، ولكنها إلى أن تكون في جانب النظرية. ومن ثم، فإن نظرية التخطيط اللغوي التي تركز على الأمن تميل إلى التركيز على السمات السطحية للتواصل فقط، دون إثارة إشكال حول كيفية تفاعل هذه السمات السطحية في الواقع مع السياق التي تعمل فيه، والغايات التي من المفترض أن تُستعمل من أجلها.
وإذا أردنا أن يكون التخطيط اللغوي إجراءً فعالًا في منع النزاعات، لا بد أن تتطرق نماذجه ليس فقط إلى البعد المتعلق باللغة كنسق، أو كشكل من أشكال القدرة على التواصل، بل ينبغي أن تشمل أيضًا الطبيعة التفاعلية والشخصانية للغة، وقيمتها الرمزية، والأيديولوجيات التي تبلورها. وإذا لم يهتم التخطيط اللغوي باللغات على أكمل وجه كنسق تواصلي، فإن علاقته بالأمن سوف تظل إشكالية على نطاق واسع.
Aaseng, N. Navajo Code Talkers: America’s Secret Weapon in World War II, New York: Walker & Company, 1992.
Ambassade Française en République, “tchèque, La coopération militaire” [Military cooperation], article5665 (2007), Accessed 9/5/2007. http://www.france.cz/article.php3?id
Ambassade Française en Ukraine, “Présentation de la coopération militaire franco-ukrainienne” [Presentation on Franco-Ukrainian military cooperation], article513 (2007), Accessed 9/5/2007. http://www.ambafrance-ua.org/article.php3?id
Anderson, B. Imagined Communities: Reflections on the Origin and Spread of Nationalism, London: Verso, 1991.
Babuna, A. “Nationalism and the Bosnian Muslims,” East European Quarterly, No. 2 (1999), pp. 195–218.
Ben-Ami, S. “Basque nationalism between archaism and modernity,” Journal of Contemporary History, Vol. 26, No. 3-4, (1991). pp. 493-521.
Brecht, R.D. Language in the US Post September 11: A Practical Design for a Federal Language Strategy, University of Maryland & College Park: National Foreign Language Center, 2003.
Brecht, R.D. and Rivers, W.P. Language and National Security for the 21st Century: The Role of Title VI/Fulbright-Hays in Supporting National Language Capacity, Dubuque: Kendall/Hunt, 2000.
–––. “The language crisis in the United States: Language, national security and the federal role,” In: S. Baker (ed.), Language Policy: Lessons from Global Models (Monterey, CA: Monterey Institute of International Studies, 2002), pp. 76–90
Bundesministerium der Verteidigung, “Partnerschaft [Partnership]” (2002). https://www.bmvg.de/de
Carey, S.A. & others “Standardizing Battle Management Language - Facilitating Coalition Interoperability,” Paper presented at the Simulation Interoperability Standards Organization (SISO) (European Simulation Interoperability Workshop, 2002). https://www.semanticscholar.org/paper/Standardizing-Battle-Management-Language-%E2%80%93-Carey-Kleiner/b12397259c5e38b4d1d497931a903ed9ed730ed3. Accessed 19/5/2007.
Chilton, P.A. "The role of language in human conflict: Prolegomena to the investigation of language as a factor in conflict causation and resolution,” In: S. Wright (ed.), Language and Conflict: A Neglected Relationship (Clevedon: Multilingual Matters, 1998), pp. 2–17.
Churchill, W. Winston. The Story of the Malakand Field Force: An Episode of Frontier War, London: Longmans, Green, 1898.
Cieri, C. and Liberman, M. “TIDES Language Resources: A Resource Map for Translingual Information Access,” Paper presented at the proceedings of the Third International Language Resources and Evaluation Conference, Las Palmas, Spain: May, 2002, Date of Access: April 7, 2023. Microsoft Word - LREC2002 - TIDES Languages Resources - Paper.doc (lrec-conf.org)
Clyne, M. “Australia’s language policies: Are we going backwards?” In: A.J. Liddicoat (ed.), Language Planning and Language Policy in Australia (Melbourne: ALAA, 1991a); M. Clyne, Community Languages: The Australian Experience (Cambridge: Cambridge University press, 1991b).
Cooper, R. L. Language Planning and Social Change, Cambridge: Cambridge University Press, 1989.
Crichton, J. “Doing battle with a noun: Notes on the grammar of ‘terror’,” Australian Review of Applied Linguistics, Vol. 30, No. 2 (2007). pp. 19.1-19.18. https://doi.org/10.1075/aral.30.2.02cri
Dingman, R.V. “Language at war: U.S. marine corps Japanese language officers in the Pacific war,” The Journal of Military History, Vol. 68, No. 3 (2004), pp. 853-883.
Dragosavlevic′, A. “Language planning in the Republika Srpska,” In: A. J. Liddicoat & K. Muller (eds.), Perspectives of Europe: Language Issues and Language Planning in Europe, Melbourne: Language Australia, 2002, pp. 141-152.
Dragosavlevic′, A. “Language policies and academic responses: The Ekavian debate in Republika Srpska, Australian Slavonic and East European Studies, Vol. 14, No. 1-2 (2000), pp. 1-27.
Elliott, G. & Shukman, H. Secret Classrooms: An Untold Story of the Cold War, London: St Ermin’s Press, 2003.
Eco, U. Mouse or Rat? Translation as Negotiation, London: Wiedenfeld & Nicolson, 2003.
Estival, D. “The language translation interface: A perspective from the users,” Machine Translation, Vol. 19, 2005, pp. 175-192.
Franco, H. & others, “Development of Phrase Translation Systems for Handheld Computers: From Concept to Field,” Paper presented at the Eurospeech 2003 (Geneva: 2003). Accessed 23/4/2007. http://www.speech.sri.com/projects/translation/eurospeech2003.pdf
Himmelfarb, G. “The politics of democracy: The English Reform Act of 1867,” The Journal of British Studies, Vol. 6, No. 1(1966), pp. 97-138.
Hale, W. Turkish Politics and the Military, London & New York: Routledge, 1994.
Kaplan, R. B. & Baldauf, R. B. Language Planning: From Practice to Theory, Clevedon: Multilingual Matters, 1997.
Kramsch, C. “Post 9/11: Foreign languages between knowledge and power,” Applied Linguistics, Vol. 26, No. 4 (2005), pp. 545-567. https://doi.org/10.1093/applin/ami026
Krivas, A. “Towards interoperability: Actions at home,” Baltic Defence Review, Vol. 1, No. 1 (1999), pp. 1-7.
Lakoff, G. & Johnson, M., Metaphors We Live By, Chicago: University of Chicago,1980.
Kulacki, G. “Lost in translation,” Bulletin of the Atomic Scientists, Vol. 62, No. 3 (2006), pp. 34-39.
Leudar, I. & Others, “On membership categorization: ‘Us’, ‘them’ and ‘doing violence’ in political discourse,” Discourse & Society, Vol, 15, No. 2-3 (2004), pp. 243-266.
Liddicoat, A.J. “The conceptualisation of the cultural component of language teaching in Australian language-in-education policy,” Journal of Multilingual and Multicultural Development, Vol. 25, No. 4 (2004), pp. 297-317.
Liddicoat, A.J. “Culture for language learning in Australian language-in-education policy,” Australian Review of Applied Linguistics, Vol. 28, No. 2 (2005), pp. 1-28.
–––. “Interculturalidad y evolución de las interpretaciones en el multicul-turalismo y educación del lenguaje en la política nacional Australiana,” In: R. Terborg and L.G. Landa (eds.), Los retos de la planificación del lenguaje en el siglo XXI (Mexico: UNAM, 2006), pp. 113–132.
Maloney, M.J. & Lincoln, J.O. “Security assistance training: A plan for system sales,” DISAM Journal of International Security Assistance Management, Vol. 9, No. 1 (1986), pp. 89-98. Accessed 9/5/2007. http://disam.osd.mil/pubs/Journal%20Index/Journals/Journal_Index/Vol%209-1/Maloney%20&%20Lincoln.pdf.
Masters, J. Bugles and a Tiger, New York: Viking,1956.
McBeath, N. “English for military purposes in the age of information technology,” TESOL Law Journal, Vol. 1 (2006), pp. 50-60.
McDonald, H. “Cheney’s tough talking derails negotiations with North Korea,” Sydney Morning Herald (22 December, 2003). https://www.smh.com.au/world/cheneys-tough-talking-derails-negotiations-with-north-korea-20031222-gdi10g.html
Meadows, W.C. The Comanche Code Talkers of World War II, Austin. TX: University of Texas Press, 2002.
Mikula, M. “Croatia’s independence and the language politics of the 1990s,” In: A.J. Liddicoat & K. Muller (eds.), Perspectives on Europe: Language Issues and Language Planning in Europe (Melbourne: Language Australia, 2002), pp. 109-124.
Miller, K.J., Reeder, F., Hirschman, L. and Palmer, D.D. “Multilingual Processing for Operational Users,” Paper presented at the NATO Workshop on Multilingual Processing at EUROSPEECH (September 1, 2001), Date of Access: April 7, 2023. http://www.mitre.org/work/tech_papers/tech_papers_01/miller_multilingual/miller_multilingual.pdf
Montagnon, P. Légionnaires d’hier et d’aujourd’hui, [Legionnaires of Yesterday and Today], Paris: Pygmalion, 2006.
Müller, E.K. “Addressing counterterrorism: US literacy in languages and international affairs,” Language Problems & Language Planning, Vol. 26, No. 1 (2002), pp. 1-21.
Olive, J. “Global autonomous language exploitation (GALE): DARPA Information Processing Technology Office program announcement” (2005), Date of Access: April 7, 2023, Defense Advanced Research Projects Agency - Content not found (darpa.mil)
Ozolins, U. The Politics of Language in Australia, Cambridge: Cambridge University Press, 1993.
Robertson, G. “Crisis Management: A New Role for NATO: Speech by the Secretary General at the Marshall Center (14 Sept, 2000), Date of Access: April 7, 2007. https://www.nato.int/docu/speech/2000/s000914a.htm
Rovighi, A. Un secolo di relazioni militari tra Italia e Svizzera 1851–1961 [A Century of Military Relations between Italy and Switzerland], Rome: Ufficio Storico Stato Maggiore dell’Esercito, 1987.
Seabird Aviation Jordon, Seeker SBL7-360A: Generic technical and commercial proposal (2005), Accessed 30/4/2007. http://www.seabirdaviationjordan.com/pdf/saj_seekers_brochure.pdf
Smith, S.C. “General Templer and counter-insurgency in Malaya: Hearts and minds, intelligence, and propaganda,” Intelligence and National Security, Vol. 16, No. 3 (2001), pp. 60-78.
Spolsky, B. “Heritage languages and national security: An ecological view,” In: S. Baker (ed.), Language Policy: Lessons from Global Models, (Monterey, CA: Monterey Institute of International Studies, 2002), pp. 103–114.
Strevens, P. & Weeks, F. “The creation of a regularised subset of English for mandatory use in maritime communication: SEASPEAK,” Language Planning Newsletter, Vol. 11, No. 2 (1985), pp. 1-6.
United States General Accounting Office, “Foreign languages: Workforce planning could help address staffing and proficiency shortfalls” (2002). Accessed 23/4/2007. https://www.gao.gov/products/gao-02-514t
Vallverdú, F. “Los estudios sociolingüísticos en España, especialmente la Cataluña,” In: C. Klee & L. Ramos García (eds.) Sociolinguistics of the Spanish-Speaking World, Tempe, AZ: Bilingual Press, 1991.
Waibel, A. & others, “Speechalator: Two-Way Speech-to-Speech Translation on a Consumer PDA,” Paper presented at the Eurospeech 2003 (Geneva: 2003), Accessed 23/4/2007. http://www.cs.cmu.edu/~awb/papers/eurospeech2003/speechalator.pdf
Waters, M. Globalisation, London: Routledge, 1995.
Michael C. Williams, “Words, Images, Enemies: Securitization and International Politics,” International Studies Quarterly, Vol. 47, No. 4 (2003), pp. 511-531.
Woolard, K.A. A Double Talk: Bilingualism and the Politics of Ethnicity in Catalonia, Stanford, CA: Stanford University Press,1989.
* نشر هذا المقال في الأصل باللغة الإنجليزية، وأنجزت ترجمته إلى اللغة العربية بإذن من مالك الحقوق. انظر:
Anthony J. Liddicoat, "Language Planning and Questions of National Security: An Overview of Planning Approaches," Current Issues in Language Planning, Vol. 9, No. 2 (2008), pp. 129-153. https://doi.org/10.1080/14664200802139356
يعد مقال التخطيط اللغوي والأمن القومي لأنتوني ليديكوت من الأعمال البحثية الأولى التي طرحت إشكال اللغة والتخطيط اللغوي في علاقتهما بالأمن، وهو إذ يعالج هذا الإشكال، فإنه يحاول تصنيف التقاطعات الممكنة بين مجالين قد يبدو للوهلة الأولى أنهما مختلفان تمامًا. إن فهم الأمن القومي بمفهومه الموسع يقتضي دراسات قضايا اللغة وتأثيراتها في الأمن أو العكس، وقد جاءت ترجمة هذا المقال انطلاقًا من الوعي بأن القارئ العربي يجب أن يدرك هذه التقاطعات، بالإضافة إلى ضرورة أن يسعى المختصون إلى مد الجسور الكامنة بين هذين المجالين المختلفين ومقاربتهما مقاربة بينية.
** أنتوني جيه ليديكوات (Anthony J. Liddicoat): أستاذ مشارك في اللسانيات التطبيقية في مركز أبحاث تعليم اللغات والثقافات بجامعة جنوب أستراليا. ركزت أعماله البحثية على التخطيط اللغوي والسياسات، وقضايا اللغة والثقافة في التعليم وتحليل الخطاب. وقد نشر تسعة كتب والعديد من المقالات في هذه المجالات
[1] على سبيل المثال، لا يُدرج كابلان وبالدوف (1997) مصطلحات "الأمن" أو "الجيش" أو "الدفاع" أو المصطلحات المتعلقة بالقوات المسلحة المختلفة في فهرسهما.
[2] Brecht R. D., Language in the US Post September 11: A Practical Design for a Federal Language Strategy (University of Maryland & College Park: National Foreign Language Center, 2003); R.D. Brecht & W. P. Rivers, Language and National Security for the 21st Century: The Role of Title VI/Fulbright-Hays in Supporting National Language Capacity (Dubuque: Kendall/Hunt, 2000); R.D. Brecht & Rivers W.P. "The language crisis in the United States: Language, national security and the federal role," In: S. Baker (ed.), Language Policy: Lessons from Global Models (Monterey, CA: Monterey Institute of International Studies, 2002), pp. 76-90; B. Spolsky, "Heritage languages and national security: An ecological view," In: S. Baker (ed.), Language Policy: Lessons from Global Models (Monterey, CA: Monterey Institute of International Studies, 2002), pp. 103–114.
[3] Michael C. Williams, "Words, Images, Enemies: Securitization and International Politics," International Studies Quarterly, Vol. 47, No. 4 (2003), pp. 511-531.
[4] Erich K. Müller, "Addressing counterterrorism: US literacy in languages and international affairs," Language Problems & Language Planning, Vol. 26, No. 1 (2002), pp. 1-21.
[5] Gregory Kulacki, "Lost in translation," Bulletin of the Atomic Scientists, Vol. 62, No. 3 (2006), pp. 34-39.
[6] Geoffrey Elliott & Harold Shukman, Secret Classrooms: An Untold Story of the Cold War (London: St Ermin’s Press, 2003).
[7] Dominique Estival, "The language translation interface: A perspective from the users," Machine Translation, Vol. 19, 2005, pp. 175-192; Keith j. Miller, Florence Reeder & Lynette Hirschman. "Multilingual Processing for Operational Users," Paper presented at the NATO Workshop on Multilingual Processing at EUROSPEECH (September 1, 2001), Date of Access: April 7, 2023. http://www.mitre.org/work/tech_papers/tech_papers_01/miller_multilingual/miller_multilingual.pdf
[8] Christopher Cieri & Mark Liberman, "TIDES Language Resources: A Resource Map for Translingual Information Access," Paper presented at the proceedings of the Third International Language Resources and Evaluation Conference (Las Palmas, Spain: May, 2002), Date of Access: April 7, 2023. Microsoft Word - LREC2002 - TIDES Languages Resources - Paper.doc (lrec-conf.org)
[9] Joseph Olive, "Global autonomous language exploitation (GALE): DARPA Information Processing Technology Office program announcement" (2005), Date of Access: April 7, 2023, Defense Advanced Research Projects Agency - Content not found (darpa.mil).
[12] Nathan Aaseng, Navajo Code Talkers: America’s Secret Weapon in World War II (New York: Walker & Company, 1992); Spolsky.
[13] William C. Meadows, The Comanche Code Talkers of World War II (Austin. TX: University of Texas Press, 2002).
[15] William Hale, Turkish Politics and the Military (London & New York: Routledge, 1994).
[16] Pierre Montagnon, Légionnaires d’hier et d’aujourd’hui, [Legionnaires of Yesterday and Today] (Paris: Pygmalion, 2006).
[17] Winston W. Churchill, The Story of the Malakand Field Force: An Episode of Frontier War (London: Longmans, Green, 1898).
[18] John Masters, Bugles and a Tiger (New York: Viking,1956).
[19] George Robertson, "Crisis Management: A New Role for NATO: Speech by the Secretary General at the Marshall Center (14 Sept, 2000), Date of Access: April 7, 2007. https://www.nato.int/docu/speech/2000/s000914a.htm
[20] Andrius Krivas, "Towards interoperability: Actions at home," Baltic Defence Review, Vol. 1, No. 1 (1999), p. 2.
[21] Ibid, 3.
[22] Ambassade Française en Ukraine, "Présentation de la coopération militaire franco-ukrainienne" [Presentation on Franco-Ukrainian military cooperation], article513 (2007), Accessed 9/5/2007. http://www.ambafrance-ua.org/article.php3?id
[23] Ambassade Française en République, "tchèque, La coopération militaire" [Military cooperation], article5665 (2007), Accessed 9/5/2007. http://www.france.cz/article.php3?id
[24] Bundesministerium der Verteidigung, "Partnerschaft [Partnership]" (2002). https://www.bmvg.de/de
[25] M. Waters, Globalisation (London: Routledge, 1995).
[27] Ibid, p.4.
[28] Seabird Aviation Jordon, Seeker SBL7-360A: Generic technical and commercial proposal (2005), Accessed 30/4/2007. http://www.seabirdaviationjordan.com/pdf/saj_seekers_brochure.pdf
[29] M.J. Maloney & J.O. Lincoln, "Security assistance training: A plan for system sales," DISAM Journal of International Security Assistance Management, Vol. 9, No. 1 (1986), pp. 89-98. Accessed 9/5/2007. http://disam.osd.mil/pubs/Journal%20Index/Journals/Journal_Index/Vol%209-1/Maloney%20&%20Lincoln.pdf.
[30] S.C. Smith, "General Templer and counter-insurgency in Malaya: Hearts and minds, intelligence, and propaganda," Intelligence and National Security, Vol. 16, No. 3 (2001), pp. 60-78.
[31] N. McBeath, "English for military purposes in the age of information technology," TESOL Law Journal, Vol. 1 (2006), pp. 50-60.
[32] R.V. Dingman, "Language at war: U.S. marine corps Japanese language officers in the Pacific war," The Journal of Military History, Vol. 68, No. 3 (2004), pp. 853-883.
[33] D. Estival, "The language translation interface: A perspective from the users," Machine Translation, Vol. 19 (2005), pp. 175-192.
[34] H. Franco & others, "Development of Phrase Translation Systems for Handheld Computers: From Concept to Field," Paper presented at the Eurospeech 2003 (Geneva: 2003). Accessed 23/4/2007. http://www.speech.sri.com/projects/translation/eurospeech2003.pdf
[35] A. Waibel & others, "Speechalator: Two-Way Speech-to-Speech Translation on a Consumer PDA," Paper presented at the Eurospeech 2003 (Geneva: 2003). Accessed 23/4/2007. http://www.cs.cmu.edu/~awb/papers/eurospeech2003/speechalator.pdf
[36] S.A. Carey & others "Standardizing Battle Management Language - Facilitating Coalition Interoperability," Paper presented at the Simulation Interoperability Standards Organization (SISO) (European Simulation Interoperability Workshop, 2002). https://www.semanticscholar.org/paper/Standardizing-Battle-Management-Language-%E2%80%93-Carey-Kleiner/b12397259c5e38b4d1d497931a903ed9ed730ed3. Accessed 19/5/2007.
[37] P. Strevens & F. Weeks, "The creation of a regularised subset of English for mandatory use in maritime communication: SEASPEAK," Language Planning Newsletter, Vol. 11, No. 2 (1985), pp. 1-6.
[38] Carey & others.
[39] F. Vallverdú, "Los estudios sociolingüísticos en España, especialmente la Cataluña," In: C. Klee & L. Ramos García (eds.) Sociolinguistics of the Spanish-Speaking World (Tempe, AZ: Bilingual Press, 1991).
[40] S. Ben-Ami, "Basque nationalism between archaism and modernity," Journal of Contemporary History, Vol. 26, No. 3-4, (1991). pp. 493-521.
[41] K.A. Woolard, A Double Talk: Bilingualism and the Politics of Ethnicity in Catalonia (Stanford, CA: Stanford University Press,1989).
[42] M. Clyne, "Australia’s language policies: Are we going backwards?" In: A.J. Liddicoat (ed.), Language Planning and Language Policy in Australia (Melbourne: ALAA, 1991a); M. Clyne, Community Languages: The Australian Experience (Cambridge: Cambridge University press, 1991b).
[43] اللغة الأخرى المتضررة كانت الفرنسية، التي وجدت في المقام الأول في مدارس البنات ثنائية اللغة التي تخدم الطبقات العليا الأنجلو-أسترالية.
[44] U. Ozolins, The Politics of Language in Australia (Cambridge: Cambridge University Press, 1993).
[45] وهذا يوازي بشكل وثيق السياق الكتابي الذي أُخذ منه مصطلح الشبوليث: "قال له رجال جلعاد: "أأنت أفرايم؟" "لكنه قال سبولت؛ لأنه لم يكن قادرًا على النطق الصحيح". فأخذوه وقتلوه في معابر الأردن» (قضاة 12).
[46] R.D. Brecht & W. P. Rivers, Language and National Security for the 21st Century: The Role of Title VI/Fulbright-Hays in Supporting National Language Capacity (Dubuque: Kendall/Hunt, 2000)
[47] R. D. Brecht, Language in the US Post September 11: A Practical Design for a Federal Language Strategy (University of Maryland & College Park: National Foreign Language Center, 2003).
[48] C. Kramsch, "Post 9/11: Foreign languages between knowledge and power," Applied Linguistics, Vol. 26, No. 4 (2005), pp. 545-567. https://doi.org/10.1093/applin/ami026
[49] يُشار عادةً إلى السلام على أنه "حفظ السلام"، أي نشاط عسكري، وليس باعتباره السلام نفسه.
[50] Kramsch.
[51] A. Rovighi, Un secolo di relazioni militari tra Italia e Svizzera 1851–1961 [A Century of Military Relations between Italy and Switzerland] (Rome: Ufficio Storico Stato Maggiore dell’Esercito, 1987).
[52] R.L. Cooper, Language Planning and Social Change (Cambridge: Cambridge University Press, 1989).
[53] A. Babuna, "Nationalism and the Bosnian Muslims," East European Quarterly, No.2 (1999), pp. 195-218); M. Mikula, "Croatia’s independence and the language politics of the 1990s," In: A.J. Liddicoat & K. Muller (eds.), Perspectives on Europe: Language Issues and Language Planning in Europe (Melbourne: Language Australia, 2002), pp. 109-124.
[54] G. Lakoff & M. Johnson, Metaphors We Live By (Chicago: University of Chicago,1980).
[55] H. McDonald, "Cheney’s tough talking derails negotiations with North Korea," Sydney Morning Herald (22 December, 2003). https://www.smh.com.au/world/cheneys-tough-talking-derails-negotiations-with-north-korea-20031222-gdi10g.html
[56] J. Crichton, "Doing battle with a noun: Notes on the grammar of ‘terror’," Australian Review of Applied Linguistics, Vol. 30, No. 2 (2007). pp. 19.1-19.18. https://doi.org/10.1075/aral.30.2.02cri
[57] Ibid.
[58] I. Leudar & Others, "On membership categorization: ‘Us’, ‘them’ and ‘doing violence’ in political discourse," Discourse & Society, Vol, 15, No. 2–3 (2004), pp. 243–266.
[59] عند النظر إلى القيمة المتصورة للديمقراطية كخير موضوعي، يحتاج المرء فقط إلى النظر في الاعتقاد الفيكتوري بأن الديمقراطية كانت شيئًا يجب تجنبه وتهديدًا لتأمين الحكومة. انظر: بريجز، 1979؛ هيملفارب، 1966.
[60] P.A. Chilton "The role of language in human conflict: Prolegomena to the investigation of language as a factor in conflict causation and resolution," In: S. Wright (ed.), Language and Conflict: A Neglected Relationship (Clevedon: Multilingual Matters, 1998), pp. 2–17.
[61] A.J. Liddicoat, "The conceptualisation of the cultural component of language teaching in Australian language-in-education policy," Journal of Multilingual and Multicultural Development, Vol. 25, No. 4 (2004), pp. 297-317; A.J. Liddicoat, "Culture for language learning in Australian language-in-education policy," Australian Review of Applied Linguistics, Vol. 28, No. 2 (2005), pp. 1-28; A.J. Liddicoat, "Interculturalidad y evolución de las interpretaciones en el multicul-turalismo y educación del lenguaje en la política nacional Australiana," In" R. Terborg and L.G. Landa (eds.), Los retos de la planificación del lenguaje en el siglo XXI (Mexico: UNAM, 2006), pp. 113-132.