تاريخ الاستلام: 15 فبراير 2024 | تاريخ التحكيم: 04 مارس 2024 | تاريخ القبول: 27 مارس 2024

مقالة بحثية

تأصيل الهوية البصرية للطب العربي: دلالات رمزية

مريم سعيد العطار

بكالوريوس كيمياء، جامعة البحرين–البحرين

mariam.alattar98@gmail.com

محمد العطار

طبيب، وحاصل على دكتوراه الطب العربي من جامعة الشهيد بهشتي للعلوم الطبية (طهران)البحرين

msa190@gmail.com

ملخص

يُعد الطب العربي أحد أقدم المدارس الطبية التي جمعت تجارب الأمم الطبية في العالم القديم. ورغم تجذّره في ثقافة الشعوب العربية وتوصيات منظمتي الصحة العالمية واليونسكو بضرورة حماية معارف الشعوب الطبية والتراث الثقافي غير المادي وصيانتهما، فلا زالت تتعرض هويته ومسمّاه لمحاولات استلاب واستملاك شاملة إثر الضعف الحضاري الذي يمر به العالم العربي. مما يوجب توثيقه وتطوير هوية بصرية تعكسه بوضوح. ولذلك، صُممت هذه الدراسة النوعية للإجابة عن التساؤل: ما هي أنسب الخيارات لتصميم هوية بصرية للطب العربي؟ ولمقاربة هذا التساؤل، استخرجت الدراسة العناصر المُشكلة للهويات البصرية للمدارس الطبية والمنظمات الطبية العالمية، بالإضافة إلى المؤسسات المهتمة بالطب العربي أو الطب البديل في الوطن العربي كواقع اجتماعي. كما قامت بتحليل الدلالات الرمزية لمفاهيم وجذور الطب العربي التي يمكن تضمينها في هوية بصرية مقترحة. وخلصت الدراسة إلى أن منطقة ممارسة الطب العربي غنية بالأساطير الطبية ودلالاتها الرمزية، وأظهر تحليل هذه الدلالات ضرورة تجنب العديد منها لما تحمله من مضامين وثنية قد تواجه برفض المجتمع، كما أكدت على أهمية تجنب اعتماد هوية بصرية تستند إلى الرؤية الوظيفية التي تختزل الطب العربي في مجرد ممارسات أو أدوات تشكل جزءًا بسيطًا من الكل، في حين اقترحت نماذج يمكنها أن تكون عناصر ثقافية جامعة، تتميز بالبساطة والتناسق اللازمين لتحقيق الترويج والانتشار بفاعلية أكبر.

الكلمات المفتاحية: الطب الشعبي، الطب البديل، تراث ثقافي غير مادي، هوية بصرية

للاقتباس: سعيد العطار، مريم والعطار، محمد. "تأصيل الهوية البصرية للطب العربي"، مجلة تجسير لدراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية البينية، المجلد السادس، العدد 2 (2024)، ص 163-190. https://doi.org/10.29117/tis.2024.0188

© 2024، مريم العطار وسعيد العطار، الجهة المرخص لها: مجلة تجسير، دار نشر جامعة قطر. نُشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأي وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0


 

Received: 15 April 2024 | Peer-reviewed: 04 Mars 2024 | Accepted: 27 Mars 2024

Research Article

Establishing the Visual Identity of Arabic Medicine: Symbolic Significations

Mariam Saeed Al-Attar

Bachelor's degree in Chemistry, University of Bahrain–Bahrain

mariam.alattar98@gmail.com

Mohammad Al-Attar

Medical Doctor, PhD in Arabic Medicine, Independent Researcher, Shahid Beheshti University (Tehran)–Bahrain

msa190@gmail.com

Abstract

Arabic medicine, one of the oldest medical schools, has gathered the experiences of ancient world's medical nations. Despite its deep roots in Arab culture and the recommendations of WHO and UNESCO to protect the medical knowledge and intangible cultural heritage of peoples, its identity is subjected to comprehensive attempts of appropriation due to the civilizational weakness that the Arab world is going through. This necessitates its documentation and inclusion under a visual identity banner. This qualitative study was designed to answer the question: What are the best options for designing a visual identity for Arabic medicine? To answer this, the study extracted the elements that form the visual identities of medical schools, global medical organizations, and institutions interested in Arabic or alternative medicine in the Arab world as a social reality. It also deconstructed the symbolic meanings of concepts and roots of Arabic medicine that can be included in a proposed visual identity. The research concluded the richness of the area of practicing Arabic medicine with its medical myths and symbolic meanings. The analysis showed the necessity to avoid many of these meanings as they carry pagan contents that may be rejected by society. It also suggests avoiding adopting a visual identity according to the functional vision that reduces Arabic medicine to mere practices or tools that form a small part of the whole. It ends with suggesting models that can be unifying cultural elements characterized by the simplicity and coherence essential for effective promotion and widespread recognition.

Keywords: Traditional medicine; Alternative medicine; Intangible cultural heritage; Visual identity

Cite this article as: Al-Attar, M. S., & Al-Attar, M. "Establishing the Visual Identity of Arabic Medicine: Symbolic Significations." Tajseer Journal for Interdisciplinary Studies in Humanities and Social Science, Vol. 6, Issue 2 (2024), pp. 163-190. https://doi.org/10.29117/tis.2024.0188

© 2024, Al-Attar, M. S., & Al-Attar, M, licensee, Tajseer & QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0


مقدّمة

يُعد الطب العربي أحد أبرز وأقدم المدارس الطبية في العالم؛ حيث يعود تاريخه لأمم العالم القديم ويزيد عمر وثائقه، كالبرديات المصرية أو الألواح البابلية، عن العشرة آلاف سنة[1]، إضافة لكونه الوريث الشرعي الوحيد الذي جمع تجارب المدارس الطبية القديمة الموجودة في الشرق القديم من حدود الهند شرقًا إلى سواحل المحيط الأطلسي غربًا، والبلاد العربية جنوبًا، والأوروبية شمالًا.

تُعرف منظمة الصحة العالمية الطب الشعبي بأنه: "مصطلح شمولي يُستعمل للدلالة على أمرين: أولًا، أنظمة الطب الشعبي: كالطب الشعبي الصيني، والطب الشعبي الهندوسي، والطب العربي اليوناني؛ ثانيًا، يستعمل ليشير إلى أشكال مختلفة من الطب الشعبي المَحلي"[2]، وقد أصبح لاحقًا: "حصيلة مجمل المعارف والمهارات والممارسات القائمة على النظريات والمعتقدات والخبرات المتأصلة في مختلف الثقافات، سواء كانت قابلة للشرح والتفسير أم لا؛ وتستعمل في صيانة الصحة، وفي الوقاية من الأعلال البدنية والنفسية، وتشخيصها، وتخفيفها ومعالجتها"[3].

أما الطب العربي بحسب معجم ميش (MeSH) الطبي الذي تشرف عليه المكتبة الوطنية للعلوم الطبية في الولايات المتحدة الأمريكية، فيعبر عن "المفاهيم التقليدية للطب والأساليب المرتبطة بها والمتجلية في الطب في العالم العربي". في حين يرى بعض الخبراء، مثل الدكتور عبد الكريم شحادة، أن الطب العربي يطلق على "كل ما كتب باللغة العربية في موضوع الطب والعلوم المتعلقة به، تحت ظل الحضارة العربية الإسلامية، بغض النظر عن الدين أو الأصل الذي ينتمي إليه من كتب هذا العلم"[4]. أما الوثيقة الوطنية للأعشاب الطبية والطب التقليدي للجمهورية الإسلامية الإيرانية فتحدده بـ "كافة العلوم والتجارب النظرية والعملية التي تشمل جميع التدابير الصِّحّية، والمناهج، والمعلومات، والمعتقدات العاملة من أجل السلامة، والوقاية، والتشخيص، وعلاج الأمراض، وتنتقل في منطقة جغرافية معَّينة بشكل شفهي أو مكتوب من جيل إلى جيل آخر؛ وتتميز بقدرتها على مواكبة العصر مع حفظ أُطرها الأساسية"[5].

سعت هذه التعريفات على اختلافها إلى تقييد مفهوم الطب العربي برؤية اجتماعية محدودة من حيث الزمان والمكان، وإن كان العلم لا يحُده بهما فقط؛ فقد ظل الطب العربي حيًا في الجامعات الهندية تحت مسمى الطب اليوناني حتى يومنا هذا، ولم يُحد بأفول الحضارة العربية الإسلامية، بل كتبت فيه مختلف الشعوب بلغاتها التركية والفارسية والأردية، وهي لغات غبر عربية، مما يثلب من التعريف الأول قيوده. بالإضافة إلى ذلك، انتقل الطب العربي إلى مناطق جغرافية جديدة وساهم في تطور الطب الحديث من منابعه المعرفية، وهو بذلك ثلب للتعريف الثاني. لذلك، كان الأنسب تعريف الطب العربي من منظور إبستيمولوجي (epistemology)؛ يراعي وصف تطوره التاريخي بين الشعوب منذ البرديات المصرية، بغض النظر عن توقف انتقاله السليم إبان عصر الانحطاط؛ وبحفظ إمكانية حذف ما قد تسرب إليه من شوائب لا تمت لنظريته الأصيلة بصلة؛ وليبقى قادرًا على احتواء ما يمكن إضافته له لما تيسر لنا من تقنيات إنتاج وحفظ ونقل للمعرفة.

بناءً على ذلك، قد يكون تعريف الطب العربي بأنه "كل المنظومة المعرفية المكتوبة بالحرف العربي في الطب وما يتعلق به من العلوم، تحت ظل الحضارة العربية الإسلامية، بغض النظر عن الأصل أو الدين الذي ينتمي إليه الكاتب" تعريفًا مناسبًا، يحافظ على العمق التاريخي والسعة الجغرافية والشمولية المعرفية للطب العربي، ويجنب استيلاء باقي الثقافات له شرقًا وغربًا، ويحفظ هويته العربية ومسماه.

منذ بروز الحضارة العربية القديمة، ظلت الحركة الشعوبية المعادية لكل ما هو عربي نشِطة وتسعى دائما إلى تقليل شأن إنجازات العرب، مثل براون (E. G. Browne) الذي ألف كتاب "الطب العربي" يسلب فيه العرب فضل أي إسهام في هذا المجال غير النقل والترجمة، قائلًا _نقلًا عن لاغارد_ "لم يكن بين كل المسلمين الذين حققوا شيئًا في العلم ساميٌ واحد"[6]. في حين أن الساميين هم شعوب هاجرت من شبه الجزيرة العربية وامتدت حضارتهم لتشمل بابل وآشور وما بين النهرين والشام؛ حيث كانت لغاتهم مرتبطة بالعربية كالسريانية والعبرية، التي اندمجت في شعب عربي واحد فيما بعد[7]. وفي المقابل دفع هذا التوجه العرب، مثل ابن قتيبة الدينوري (276 هـ) إلى تأليف كتاب "فضل العرب والتنبيه على علومها".

وعلى الجانب الآخر، يواصل الهنود دراسة الطب العربي من مصادره الأصلية، مستخدمين المصطلحات العربية مثل (Idrar albaul) للإشارة إلى إدرار البول، و(al-maakool wa al-mashroob) للمأكول والمشروب، ويسمونه الطب اليوناني. وحين أصدرت منظمة الصحة العالمية كتاب "معايير تعليم الطب العربي" تحت مسمى الطب اليوناني، رغم أن غلافه يحمل مخطوطًا بالحرف العربي[8]. أما الفرس فيعتبرون الطب العربي تراثًا فارسي الأصل، ويسمونه الطب الإيراني أو الفارسي، إذ يعتقدون أنه انتقل من بلادهم إلى اليونان إثر فتوحات الإسكندر الأكبر، وعليه يرون أن الطب اليوناني، الذي استقى منه العرب لاحقًا، ليس سوى طبًا فارسي الأصل، وبالنسبة لطب الشعوب العربية في العراق ومصر والشام، فيعتقدون أن هذه الشعوب اكتسبت تراثها الطبي عندما كانت خاضعة للإمبراطوريات الفارسية[9]. والواقع أن تاريخ حضارات الأمم السامية العربية في بلاد ما بين النهرين يعود إلى 4000 ق.م، أي قبل سقوط حكم الكلدانيين على يد قوروش في عام 539 ق.م[10]. وبالمثل، امتدت حضارة مصر منذ 3300 ق.م وحتى غزوها من الفرس في عام 252/262 ق.م[11].

نظرًا لأن تاريخ الأمة يشكل جزءًا لا يتجزأ في تشكيل الهوية الثقافية والطب أحد جوانب هذه الهوية، لكونه ممارسة دائمة، يعتبر بمثابة "الحسب والنسب للأمة، والرصيد المكين الذي يحفظ للشعوب مكانتها في سجل التاريخ"[12]، فإن الاهتمام بتاريخ الطب العربي وهويته الأصيلة يصبح ضرورة وواجبًا قوميًا، خاصة في ظل الفترة التاريخية الحرجة التي يمر بها العالم العربي وضعفه الحضاري الذي يؤثر على مصالح الأمة وأمنها ومستقبلها.

إضافةً إلى ذلك، فقد أوصت منظمة الصحة العالمية بالاهتمام بالطب التقليدي الشعبي في استراتيجيتها للفترة 2002-2005م[13] والفترة 2014-2023م؛ حيث يعتمد الملايين من البشر حول العالم على الطب التقليدي كمصدر رئيس، ووحيد في أحيان كثيرة، للرعاية الصحية، وإن كان مرد ذلك لأسباب اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية. كما أوضحته المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية عام 2013، معتبرةً الطب التقليدي/الشعبي "رعاية قريبة من البيوت ويمكن الحصول عليها بسهولة ولا تكلف الكثير. كما أنها مقبولة ثقافيًا وتثق بها أعداد كبيرة من الناس. ويُسر تكاليف الحصول على معظم الأدوية العشبية يجعلها أكثر جاذبية في وقت ارتفعت فيه تكاليف الرعاية الصحية ارتفاعًا جنونيًا، وساد فيه التقشف معظم أنحاء العالم. ثم إن الطب التقليدي (الشعبي) استطاع أن يفرض نفسه كطريقة من طرق التكيف مع الارتفاع الشرس في معدلات انتشار الأمراض غير السارية المزمنة"[14]. كما تشدد منظمة الصحة العالمية على أهمية حماية الحقوق الملكية الفكرية للشعوب وصون تراثها؛ حيث إنه على الدول الأعضاء "حماية وصيانة موارد الطب (التقليدي) الشعبي والتكميلي، ولا سيما المعارف، والموارد الطبيعية"، وكذلك "منع السرقة والاختلاس من متعلقات الطب التقليدي (الشعبي) والتكميلي، عن طريق تنفيذ الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، بما يتفق مع الاستراتيجية العالمية للمنظمة وخطة العمل حول الصحة العامة، والابتكار، والملكية الفكرية؛ وكذلك تبني أو تعديل التشريعات الوطنية الخاصة بالملكية الفكرية، وإصدار استراتيجيات حماية دفاعية أخرى"[15]. وفيما يتعلق بحماية التراث اللامادي من السرقة، فإن القوانين والاتفاقيات الدولية تحدد الإجراءات اللازمة لحماية هذا التراث. وتشمل هذه الإجراءات "استرداد واسترجاع التراث المسروق، مع تعويض الحائز لهذه المسروقات". وتحدد الاتفاقيات مدة للمطالبة باسترداد التراث المسروق، "وهي مدة نسبية تبلغ سبع سنوات من تاريخ معرفة مكان المسروقات، ومدة زمنية مطلقة تبلغ خمسين سنة منذ سرقة التراث الثقافي"[16].

وفي سياق أهمية صون التراث الطبي، تنص الاتفاقيات الدولية والإقليمية على ضرورة حماية وصون التراث الثقافي. كما يظهر ذلك جليًا في إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصيلة؛ حيث تنص المادة 3 منه على حق الشعوب في تنمية تراثها الثقافي، بينما تشير المادة 31 إلى حق الشعوب الأصيلة في الحفاظ على تراثها الثقافي ومعارفها التقليدية وحمايتها، بما في ذلك "مظاهـر علومهـا وتكنولوجياتهـا وثقافاتهـا، وكذا، المـوارد البشـرية والجينية والبــذور والأدويــة ومعرفــة خصائــص الحيوانــات والنباتــات" كما "لهـا الحـق أيضًـا علــى ملكيتهــا الفكريــة لهــذا التــراث الثقافــي والمعــارف التقليديــة والتعبيــرات الثقافيــة التقليديــة وحمايتهــا وتطويرهــا"[17]. وكذلك اتفاقية اليونسكو حول حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، التي تؤكد على أهمية اتخاذ سياسات وطنية تعزز احترام الشعوب للتراث الثقافي والطبيعي، من خلال وسائل الإعلام ومناهج التربية، والعمل على حمايته والمحافظة عليه، مع تشجيع الدراسات والأبحاث العلمية[18].

لتحديد هوية الطب العربي وضمان صونه كتراث ثقافي غير مادي، يتعين على الجهات المعنية مراعاة الخطوات التالية عند التوافق على تصميم هوية بصرية كصورة ذهنية تُعرّف الطب العربي:

·      تحديد الهوية: الاعتراف بالطب العربي كتراث ثقافي هو خطوة أساسية وضرورية لحمايته؛ أي العمل على تصميم هوية بصرية مميزة تُعرف الطب العربي وتسهم في ترسيخ صورته الذهنية على المستويات المحلية والدولية.

·      التوثيق: تتطلب حماية هذا التراث تسجيله على وسائط مادية متعددة، لتسهيل الوصول إليه، وضمان الحفاظ على مظاهره المختلفة من الفقدان أو الضياع.

·      الترويج: يتطلب نشر الوعي بالطب العربي وضمان انتقاله إلى الأجيال القادمة تنفيذ استراتيجية على مستويين التعليمي والإعلامي، إضافة إلى ضرورة تدريب الكوادر الصحية بشكل متخصص لضمان تعميق فهمهم لهذا التراث. كما يجب تسخير الوسائل الفعالة للترويج له، مثل استزراع الأعشاب الطبية المرتبطة بتصنيع الأدوية المستخدمة في الطب العربي.

·      البحث والتطوير: ينبغي تكثيف الجهود المبذولة في دراسة الطب العربي وتطويره بما يتوافق مع الحداثة، مع مراعاة الحفاظ على أصالته وعدم الإضرار بجوهره.

·      الإحياء: توفير الظروف المناسبة لإعادة إحياء الطب العربي، سواء من خلال استئناف ممارساته التقليدية أو تكييفه مع الظروف المعاصرة، مما يضمن استمراريته وتأثيره الإيجابي في حياة الناس[19].

وعليه، فإن أول أدوات صون الطب العربي كتراث ثقافي غير مادي هو تشكيل هوية بصرية واضحة تبرز ملامحه وتعزز قيمه. فتطوير هذه الهوية يسهم في ترسيخ الطب العربي في ذاكرة أبناء الأمة، ويضمن استدامته بالبحث والترويج له، بالإضافة إلى إبرازه والتسويق له كهوية ثقافية أصيلة عريقة في المحافل الدولية.

في أمهات الكتب كما في كتاب "القانون في الطب" لابن سينا، يُعَّرَف الطب العربي على أنه "علم يتعرف منه أحوال بدن الإنسان من جهة ما يصح ويزول عن الصحة"، ليحفظ الصحة حاصلة، ويستردها زائلة. وبهذا يتسم الطب العربي برؤية كلية تشمل الصحة الجسدية والنفسية والاجتماعية والمعنوية، مما يجعله شاملًا لكل من الطب الوقائي والعلاجي.

صار من المبادئ الأساسية في الطب العربي أن يبدأ العلاج بأيسر الوسائل وأكثرها توافقًا مع الطبيعية، لهذا قال أبقراط: "الطبيب خادم الطبيعة" ويعكس هذا المبدأ اهتمام الطب العربي بما يُعرف اليوم بطب نمط الحياة تحت عنوان "تدبير الصحة". أما في الصحة النفسية فقد أفرد العلماء لها كتبًا خاصة مثل "مصالح الأنفس والأبدان" للبلخي و"الطب الروحاني" للرازي. وكذلك فيما يتعلق بالصحة الاجتماعية، فقد اهتموا بمفهوم العدالة في تقديم الخدمات الصحية؛ حيث كتب ابن الجزار "طب الفقراء والمساكين". كما عنوا بالأمن الصحي للمجتمعات وضمان استقلاله الطبي؛ حيث قال أبقراط: "يتداوى كل عليل بعقاقير أرضه"[20]، وبلغ الاهتمام بالنظام الاجتماعي كأساس للصحة أن ألف الحكيم موسى الساوجي كتاب "حفظ الصحة وسياسة المدن"[21].

أما الصحة المعنوية، فهي تشمل العلاقات الأربعة لكل شخص: علاقته بخالقه، وبنفسه، وبالآخرين، وبالطبيعة. ولأن الطبيب هو أول المعنيين بالصحة المعنوية، فقد ورد في قسم أبقراط تأكيد على علاقته بخالقه: "إني أقسم بالله رب الحياة والموت، وواهب الصحة، وخالق الشفاء، وكل علاج". أما علاقته بنفسه فتتجلى في مهنته؛ حيث قال: "وأحفظ نفسي في تدبيري وصناعتي على الزكاة والطهارة". وبالنسبة لعلاقته مع الآخرين، فهي تتعلق بقصد المنفعة للمرضى وعدم الإضرار بأحد، ومؤاخاة ذوي الحقوق من المعلمين والزملاء. كما تضمنت الكثير من التوصيات المتعلقة بالطبيعة والبيئة كجزء من السلامة المعنوية.

ولأن الطب العربي قائم على فلسفة القيمة الذاتية للعلم، غير المحدودة بالتصنيفات الاجتماعية للعلوم أو القيود الزمنية أو المكاني للمعارف، فقد حث على التعلم في كل الجوانب المرتبطة به. وفي هذا الصدد كتب المعلم جالينوس: "في أن الطبيب الفاضل لابد وأن يكون فيلسوفًا"[22]؛ اعتقادًا منه أن "لكل داء دواء"، لذا، ألزم ممارسيه بالبحث العلمي بكل المناهج التجريبية والاستدلالية العقلية، وتجنب الجمود العلمي من خلال التحديث الدائم للنتائج السابقة وزيادة دقتها وقوتها.

أهداف الدراسة

تهدف الدراسة إلى:

-      تحديد هوية الطب العربي كتراث ثقافي غير مادي من خلال دراسة المعتقدات والأساطير الطبية والدلالات الرمزية التي تشكل جذوره.

-      تصميم هوية بصرية للطب العربي تساهم في تعزيز هويته الثقافية على غرار مدارس الطب الأخرى، كالطب الصيني، أو المؤسسات الطبية العالمية، مثل الهلال الأحمر والصليب الأحمر.

-      تقديم توصيات حول كيفية تصميم الهوية البصرية للطب العربي كأداة تهدف إلى إحيائه وحفظه وترويجه.

مواد البحث ومنهجه

1.     تطوير الإطار النظري (Framing Theory)

تتبع هذه الدراسة منهج البحث النوعي (qualitative research)، وتعمل تحديدًا على تطوير الإطار النظري لتأصيل الهوية البصرية للتعبير عن الطب العربي، من خلال دراسة جانبين رئيسين:

‌أ.       الجانب الاجتماعي: تحليل الدور الذي يؤديه الناشطون في مجال الطب العربي، والذين قاموا بتشكيل هويات بصرية للتعبير عن مدرسة الطب العربي أو الطب البديل في العالم العربي.

‌ب.    فك الدلالات الرمزية: تحليل وفهم الرموز والمفاهيم والجذور التي يرتكز عليها الطب العربي، وكيف يمكن توظيفها في صياغة هوية بصرية تعبر عنه.

يعد تطوير الإطار النظري أداة شائعة في دراسات التواصل؛ حيث يتيح دراسة كيفية تأثير الأفكار والقيم والثقافات على تصرفات الأفراد وتفاعلهم مع المعطيات المحيطة بهم. بحسب رأي المختصين، فإن "تطوير الإطار النظري يعتبر وسيلة لفهم كيف تتطور الثقافة وتؤثر على تجربة الأفراد"[23].

2.     جمع البيانات

أجري بحث موسع عن الهويات البصرية للمدارس والمنظمات الطبية الرائجة حتى تحقيق الاكتفاء المعلوماتي (data saturation)؛ حيث استمر البحث حتى الوصول إلى المرحلة التي لم تعد تظهر فيها معلومات جديدة تضيف أي قيمة للبحث.

وقد استُخدمت مجموعة من الكلمات المفتاحية التي تمثل مجموعة واسعة من المفاهيم والممارسات المرتبطة بالهويات البصرية الطبية للمؤسسات والمراكز والجمعيات ذات الصلة. وتشمل: الطب البديل، الطب التكميلي، الطب الشعبي، الطب الإسلامي، الطب العربي، الطب الصيني، الطب الهندي، الطب اليوناني، الطب الإيراني، طب الأعشاب" متبوعًا بكلمة شعار أو رمز (Logo, Symbol) ومعادلها باللغة الإنجليزية في محرك البحث جوجل (google). وكانت معايير الاختيار تشمل المؤسسات الرسمية، مثل الجمعيات أو المنظمات أو النقابات التي تعبر عن مجموعة من الفاعلين في المجال الطبي.

أما الدلالات الرمزية للمفاهيم الطبية، فقد بُحِث عنها في مصادر تاريخ الطب وتاريخ الأساطير في المناطق التي تمثل جذور الطب العربي، مثل: بلاد ما بين النهرين، ومصر، وشبه الجزيرة العربية والشام.

3.     تحليل الهويات البصرية وتصنيفها

قُسِمت المخرجات إلى مجموعتين رئيستين: 1) الهوية البصرية للمدارس والمنظمات الطبية الرائجة، 2) المراكز المعنية بتاريخ الطب، والطب الشعبي أو التكميلي أو البديل في منطقة البلاد العربية. وقد حُلّلت الهويات البصرية عبر تحليل الأبعاد السردية والسيميائية؛ حيث تبرز هذه الهويات القيم والمعتقدات المرتبطة بالطب عبر استخدام الرموز والألوان والخطوط وغيرها من العناصر البصرية. كما أشارت ليليس وكرو، فإن الهويات البصرية "طريقة لسرد القصص باستخدام العناصر البصرية بدلًا من الكلمات؛ إذ تروي قصة من خلال أنواع أخرى من العناصر البصرية، التي تحل محل الكلمة المكتوبة (أو المنطوقة)"[24]. وبناءً على تحليل مكوناتها المختلفة من رموز ومعاني ودلالات، صُنِّفت النتائج ضمن الرؤى: الأسطورية-التاريخية، والوظيفية، والبيئية، واللغوية، والزخارف الهندسية والخطوط.

4.     النتائج

توصلت الدراسة إلى تحديد ثماني هويات بصرية للمدارس والمنظمات الطبية العالمية، وعشر هويات بصرية للمراكز أو المنظمات المحلية المهتمة بالطب العربي. كما استخرجت 38 دلالة رمزية مرتبطة بجذور الطب العربي.

أولًا: الهوية البصرية للمدارس والمنظمات الطبية

1.     الطب الصيني

الشكل (1): تعادل الينّ واليانغ رمز الطب الصيني.

يعود شعار الطب الصيني لفلسفة الين-يانغ (Yin-Yang)؛ حيث تعتبر هذه الفلسفة أن كل شيء في العالم يتكون من مادة أساسية تسمى قوة الحياة أو تشي (Qi)؛ وهذه القوة هي الدافعة للكائنات الحية، وتتحول بين حالات المادة والطاقة. يتجسد توازن الطاقة بين الين (Yin) واليانغ (Yang)، أو الحرارة والبرودة، كقوة متناقضة ومكملة لبعضها البعض؛ حيث يسبب اختلال التوازن المرض[25]. يرمز الشعار في هذه الحالة إلى التوازن بين القوتين المتناقضتين في نظام واحد، كما يجسد الشكل الدائري للشعار الديناميكية المستمرة بين الين واليانغ. يتميز الشعار بالبساطة، وتبرز فيه الألوان المتناقضة، مما يسهم في تعزيز التباين البصري ويسهل حفظه في الذاكرة.

2.     الطب الفارسي (المُنتحل عن الطب العربي)

الشكل (2): الطائر الأسطوري سيمرغ رمزًا للطب الفارسي.

السيمرغ طائر أسطوري فارسي نُسبت إليه قدرات الشفاء، ورد ذكره في الأفستا _الكتاب المقدس لدى الزرداشتيين_ على أنه يحط على شجرة نابتة وسط البحر، ويحمل بذور جميع النباتات الطبية التي تعالج كل الأمراض. بهذا ارتبط الطائر الأسطوري ارتباطًا وثيقًا بالطب والأعشاب الطبية[26]. وقد اعتمد في إيران كهوية بصرية للطب الفارسي عام 2014 وتتضمن الهوية البصرية طائرًا بأجنحة طائر العقاب وذيل الطاووس، وعلى الرغم من أنه في حالة طيران إلا أنه ينظر للأسفل للدلالة على اهتمامه بالناس والمرضى ليدلّ على المسؤولية.

3.     الجمعية العلمية للطب التقليدي الإيراني

الشكل (3): شعار الجمعية العلمية للطب التقليدي في إيران.

صُمّم شعار الجمعية باستخدام زخارف هندسية إسلامية؛ حيث تحتوي العناصر الستة رمزية متعلقة بمفهوم الأمور الستة الضرورية لتدبير الصحة بحسب الطب العربي.

4.     اللجنة الطبية الوطنية في الهند

الشكل (4): شعار اللجنة الطبية الوطنية في الهند

يحمل شعار اللجنة الطبية الوطنية في الهند على صورة للإله الهندوسي، اللورد دانفانتري، الذي يُعرف بأنه إله الأيورفيدا. وقد استُخدمت ألوان علم الهند في الشعار. ويشار في هذا السياق إلى أن الشعار جرى تغييره في نوفمبر 2023.

5.     عصا أسكليبيوس

الشكل (5): تستخدم اليوم العديد من المؤسسات أو الجهات الطبية عصا أسكليبيوس
كمنظمة الصحة العالمية، وشعار نجمة الحياة الموجود على الإسعاف.

تعتبر عصا أسكليبيوس من الرموز الطبية القديمة التي ترتبط بإله الطب والشفاء اليوناني القديم أسكليبيوس، الذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد[27]. وتروي الأسطورة أن الآلهة زيوس قتلت أسكليبيوس خشية أن يؤدي طبه إلى منح البشر الخلود. كما يعتقد بعض الباحثين أن هناك ارتباط بين هذه الرموز واستخدم موسى (حوالي عام 1400 قبل الميلاد) للأفعى في علاج لدغات الثعابين. وتعود رمزية الشفاء المرتبطة بالثعبان إلى عملية انسلاخ جلد الثعبان، التي ترمز إلى طول العمر والخلود؛ حيث تعكس قدرة الثعبان على التغيير من حالة الخمول إلى حالة النشاط السريع القدرة على التعافي من المرض[28].

6.     عصا هرمس

الشكل (6): عصا هرمس

تعتبر عصا هرمس رمزًا يتصل بإله الحدود والتنقل هرمس، الذي يتحرك بين عوالم البشر والآلهة ليوجه الأرواح إلى العالم السفلي. في عام 1902، ارتكب نقيب في السلك الطبي بالجيش الأمريكي خطأً في استخدام العصا على أنه عصا أسكليبيوس، واقترح اعتمادها كرمز رسمي للجيش. بعد عدة سنوات، اكتشف أحد الأمناء في مكتب الجراح العام الخطأ ونبه رؤسائه، إلا أن الرمز ظل قيد الاستخدام بسبب الاعتماد عليه لعدة سنوات من قِبل الجيش والجهات الأخرى في الولايات المتحدة، وسرعان ما تبنى العالم نفس الرمز لأغراض طبية[29]. ومع هذا يعتقد بعض الباحثين أن هناك علاقة بين عصا هرمس والشعارات الطبية لحضارات ما بين النهرين، مثل شعار الطب السومري المعروف بالكاديكوس.

7.     وعاء هيجا

الشكل (7): يعد وعاء هيجيا اليوم رمزًا دوليًا للصيدلة لدلالته على الشفاء والخلود وطول العمر.

هيجا في الأساطير اليونانية والرومانية هي ابنة إله الطب أسكليبيوس، الذي ارتبط اسمه مباشرة بالشفاء، بينما هيجا نفسها ارتبطت بالنظافة والوقاية من الأمراض واستمرار الصحة، مما يجعل هيجا رمزًا يتجاوز مجرد العلاج ليشمل الوقاية والحفاظ على الصحة[30].

8.     الصليب الأحمر والهلال الأحمر

الشكل (8): رمزا الصليب الأحمر والهلال الأحمر

اعتُمد رمز الصليب الأحمر في اتفاقية جنيف عام 1864 لحماية المركبات وجمعيات الإغاثة من أي هجوم عسكري أثناء النزاع. ويستخدم اللونين الأبيض والأحمر في الرمز، وهما لونا العلم السويسري، تكريمًا لرجل الأعمال السويسري هنري دونان الذي ألهم اللجنة الدولية لتشكيل الرمز[31]. نشأ الهلال الأحمر لاحقًا بعد دعوة البلدان الإسلامية لتوقيع الاتفاقية؛ حيث وافقت على الانضمام بشرط تعديل الاسم والشعار لتلبية متطلبات دينية.

ثانيًا: المراكز المعنية بتاريخ الطب، والطب الشعبي أو التكميلي أو البديل

الشكل (9): رموز المراكز المعنية بتاريخ الطب والطب الشعبي أو التكميلي أو البديل

1.     الجمعية الدولية لتاريخ الطب الإسلامي

عناصر الهوية البصرية: صورة مخطوط، أدوات طبية، هلال، اسم الجمعية.

التحليل: تعكس العناصر طابعًا طبيًا تاريخيًا إسلاميًا، لكن التصميم مركب ومعقد، مما قد يؤثر على وضوح الرسالة البصرية.

2.     المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية

عناصر الهوية البصرية: كتاب، قبة، هلال، تخطيط القلب، شعار نصي (slogan).

التحليل: توحي العناصر المتضمنة في الشعار طابعًا إسلاميًا وطبيًا. مع استخدام ألوان تعكس العراقة مثل البني، والأخضر الزيتوني.

3.     منظمة الطب الأصيل

عناصر الهوية البصرية: زخرفة إسلامية، أدوات صناعة أدوية عشبية، ورقة عشبية.

التحليل: تعكس العناصر والألوان، مثل الأخضر والذهبي، الطابع النبوي للطب.

4.     الجمعية المغربية للتنمية والبحث العلمي في الطب النبوي والتكميلي

عناصر الهوية البصرية: نجمة مستوحاة من علم المغرب، جناح النسر، عصا هرمس، كف، نباتات طبية كالسنابل والأوراق العشبية، بدائرتين باللون الأحمر والأخضر.

التحليل: الشعار معقد ويحتوي على عناصر متعددة، مما يضعف وضوح الرسالة المراد توصيلها.

5.     الاتحاد العربي لمهن الطب البديل والتكميلي

عناصر الهوية البصرية: أرض وسماء، نبات، كف، عصا أسكليبيوس، اسم الاتحاد باللغتين العربية والانجليزية.

التحليل: توازن العناصر بين الطبيعة والرموز الطبية، وإحاطتها باسم الاتحاد باللغتين العربية والإنجليزية يضيف بعض الوضوح للشعار.

6.     المركز الوطني للطب البديل والتكميلي

عناصر الهوية البصرية: هلال، شعار السعودية، رمز الحيوية، اسم المركز باللغتين العربية والإنجليزية.

التحليل: يعكس الجمع بين الهلال ورمز الحيوية التوجه الوطني والاهتمام بالصحة البديلة، ويعزز الاسم باللغتين من وضوح الهوية.

7.     المركز الوطني لطب الأعشاب

عناصر الهوية البصرية: وعاء، ورقة، اسم المركز والجهة التي يتبعها.

التحليل: الشعار مستوحى من وعاء هيجا، إلا أنه تم استبدال الثعبان بالورقة ليتناسب مع الطابع النباتي.

8.     النقابة العامة للطب التكميلي والأعشاب الطبية

1.8 الشعار القديم للنقابة، يتكون من عناصر الهوية البصرية التالية: عصا هرمس، نخلة، اسم الجهة بالعربية والإنجليزية.

2.8 الشعار المستحدث، ويتكون من عناصر الهوية البصرية التالية: عصا هرمس، هلال، غصن من ورقة شجر، اسم الجهة بالعربية والإنجليزية.

التحليل: التحديث في الشعار يعكس دمج العناصر التقليدية مع الرموز الجديدة، مما يعزز التواصل البصري مع الهوية الثقافية والطبية.

9.     مؤسسة الطب البديل العراقية

عناصر الهوية البصرية: وعاء، غصن نخلة، رمز الحيوية، اسم المؤسسة بالعربية والإنجليزية.

التحليل: يعكس الشعار العناصر الأساسية للطب البديل مع استخدام رموز تعكس التراث الوطني.

10.   جمعية الطب البديل الكويتية

عناصر الهوية البصرية: شعار نصي (slogan) بلغتين، اختصار لاسم الجمعية، سنة التأسيس، رمز لعدة أشخاص.

التحليل: يركز الشعار على إبراز المعلومات الأساسية عن الجمعية باستخدام عناصر بصرية تعزز التعريف بها.

ثالثًا: العناصر والمفاهيم الرمزية لجذور الطب العربي

1.     المفاهيم والرموز الطبية في بلاد ما بين النهرين

ما قبل التاريخ: كشفت الدراسات عن وجود هياكل عظمية بشرية تعود لما قبل التاريخ في كهف شاندر مع مجموعة من اللقاحات النباتية الزهرية، أهمها: البابونج، القنطريون، الأفيليا، الزنبق أو السوسن، الإفيديرا، القنب. ويختلف العلماء في تفسير سبب وجود هذه النباتات، ولكن البعض يرى أنها قد تكون دليلًا على استخدام النباتات لأغراض طبية أو طقسية، مما يشير إلى وجود ملامح ثقافية وعلمية ودينية تعزز فكرة التماسك الاجتماعي لدى الجماعة وتعاطف أفرادها وحسهم الأخلاقي[32].

فترة الحضارات السومرية، الآكدية، البابلية، الآشورية (4000 ق.م. -538م): كان للإنسان الرافدي علاقة وثيقة بالطبيعة، إذ إنه تآلف مع ما بها من حيوانات ونباتات إلى حد التقديس، كما يتجلى في تصوره للآلهة ككائنات خالقة، ووالدة، وشافية، ومعبودة. وقد استمد هذه التصورات من البيئة المحيطة (النبات والحيوان)، ليجسدها في رموز منطوقة ومكتوبة[33].

وفي الواقع، تتنوع وتتعدد الآلهة والأساطير المتعلقة بالشفاء والمرض في الحضارات المختلفة لبلاد الرافدين، والتي تصل للعشرات. لم تكمن وظيفة الآلهة عندهم مقتصرة على الشفاء فقط، بل ووجدت أيضًا الآلهة المسببة للمرض؛ حيث كانت فلسفة المرض لدى الرافدي ترى أن المرض هو عقاب؛ أي أن الإخلال بالنظام الأخلاقي أو الروحي أو البيئي يحدث ثغرة تخرج منها عناصر الفوضى (الشياطين/ آلهة العالم السفلي)؛ لتهاجم الإنسان وتعبث بنظامه الروحي والجسدي مسببةً المرض[34]. وقد لازم المرض آلهتهم؛ على سبيل المثال، أصيب "أنكي"، إله الطب والماء والحكمة في الأساطير السومرية، بالمرض إثر الخطيئة التي ارتكبها. العجيب أن "أنكي" أصيب بالمرض بعد أن تناول الثمانية نباتات التي قدمتها له ابنته، مما يدل أن الرافدين كانوا على دراية بخطر النبات وتأثريها في العلاج[35].

وكما تنوعت آلهتهم، تنوعت الرمزيات المستوحاة من البيئة من حولهم؛ ولعل أشهرها:

الكلب: رمز إلهة الشفاء (ياو)[36].

الجدي: رمز الإله (إنكي)[37].

الماء: إله الطب الأكبر (إنكي) المسؤول عن الصحة والشفاء وابن إله المياه العميقة "أبسو"، وهذا الاقتران بين الماء والطب يوحي بالإيمان الراسخ لدى السومري بأن الطب هو الحياة، والماء هو مصدر الحياة، كما أن الطبيب بالسومرية يدعى "آزو" وتعني العارف بالماء[38]. أما الوحش أوئنس (Oanncs) خرج من البحر على هيئة إنسان بلباس سمكة (شبيها بشكل الإله أيا إله الحكمة والمياه والطب)؛ ليعلّم الملك وشَعبه أنواع الحرف والعلوم ومن ضمنها الطب، والأسطورة تدل مرة أخرى أن المياه جوهر الطب والمعرفة والحكمة[39].

الأفعى: في حضارة بلاد الرافدين كانت ترتبط بالإله "نينازو" سيد الأطباء، الذي يرمز له بشعار الطب السومري "كاديكوس" المؤلف من أفعوانين ملتفتين حول عصا، وهو الرمز الذي ينسب أحيانًا لوالده "ننكشيزدا[40]. تكرر رمزية الأفعى مرة أخرى في ملحمة جلجامش؛ حيث كان جلجامش يبحث عن نبات يجدد الشباب (يترجمه البعض على أنه نبات العجرم Buk thorn)؛ وتروي الأسطورة أن الأفعى كانت تجديد شباباها بالانسلاخ كل عام بفضل تأثير هذا النبات السحري. ومن هنا، نشأت صورة الحية كرمز للحياة والشفاء[41].

الشكل (10): الكاديكوس شعار الطب السومري.

آلهة العناصر الأربعة: في الأساطير البابلية ارتبطت العناصر الأربعة الأساسية (التراب والماء والنار والهواء) بآلهة الأرض والسماء؛ حيث كانت "كي" تمثل الأرض و"آنو" السماء، أما آلهة العناصر فقد مثّلت: "ننماخ" إله التراب، و"أيا" إله المياه، و"إنليل" إله الهواء، و"كيرا" إله النار. وشكلت هذه الفلسفة البابلية لاحقًا جوهر الفكر اليوناني[42].

شجرة الحياة: تعد شجرة الحياة من أبرز الرموز في الميثولوجيا الرافدية؛ حيث مثلت مركز الولادة والحياة المستدامة (ولربما الخلود). وأظهر أحد الأختام السومرية شجرة الحياة وهي تتدلى منها ثمرتان وإلى جانبيها رجل وامرأة يمدان يديهما لاقتطاف الثمار. هذا الرمز يلمح إلى قصة هبوط الإنسان كما وردت في التوراة؛ حيث كانت شجرة الحياة رمزًا للخلود وإمكانية الاستمرار في الحياة. ويلمح في هذا الختم عناصر قصة هبوط الإنسان[43] كما في التوراة "وَأَنْبَتَ الرَّبُّ الإِلهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ شَجَرَةٍ شَهِيَّةٍ لِلنَّظَرِ وَجَيِّدَةٍ لِلأَكْلِ، وَشَجَرَةَ الْحَيَاةِ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ، وَشَجَرَةَ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ"[44]، وكذلك "هُوَذَا الإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا عَارِفًا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ. وَالآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ أَيْضًا وَيَأْكُلُ وَيَحْيَا إِلَى الأَبَدِ"[45].

الشكل (11): ختم سومري للشجرة.

2.     المفاهيم والرموز الطبية في مصر

في الحضارة المصرية القديمة، كما في حضارة بلاد الرافدين والشام، تعددت الآلهة والرموز المرتبطة بالطب والعلاج، ومن هذه الآلهة:

أوزوريس: يعتبر إله الخصب والعشاب الأول، خالق القمح والشعير، وهو الذي علم الناس زراعة الكروم وخواص النباتات.

إيزيس: عُرفت بأنها عالمة بالأعشاب والنباتات، وقد عُبدت في مصر إلى جانب أوزوريس على أنهما أول من أخترع الطب والدواء.

حورس: هو ابن الإلهة إيزيس، الذي يُنسب له كشف علم الطب. ارتبط رمز عين حورس به؛ حيث كانت هذه العين رمزًا مهمًا في الطب في مصر القديمة، تمثل الشفاء والحماية من الأمراض. كما تتناول الأساطير قصة الصراع بين ست وحورس التي اقتلعت عينيه ودفنتهما فوق التل لتنيرا الأرض، لتتحولا لبرعمين صارا زهرتي لوتس. وفي نهاية الأسطورة توج حورس على العرش، وقيل له "أنت الآن الملك الكامل للبلد المحبوب، أنت رب الحياة والازدهار والصحة والكمال للأرض قاطبة للزمن الأبدي والزمن اللانهائي"[46].

الشكل (12): عين حورس.

تحوت: يُعرف عند الإغريق بـ"هرمس"، ويُرمز له بالزنبق. يُنسب إليه اختراع الصيدلة والطب والكيمياء والزراعة.

أنوبيس: إله العقاقير والحارس على بيت الدواء وغرفة التحنيط لدى المصريين القدماء.

خنوم: إله طبيب الحوامل والولادة، صوره المصريون على هيئة إنسان برأس كبش.

سخمت: يرمز لها اللبؤة، والتي ترمز بدورها للقوة والحماية. كما أطلق عليها اسم الجراحة، نظرًا لأن المصريين كانوا قديمًا يطلقون على الجراح اسم "سخمت واب"، أي الطبيب الجراح أو الكاهن لهذه الإلهة.

إيمحتب: هو ابن سخمت ورجل الدواء الأول والطبيب الأعظم. شيدت له العديد من المعابد، أهمها معبد ممفيس، الذي أصبح لاحقًا مدرسة طبية للدواء والطب والسحر[47].

آلهة الطب والصيدلة بعد دخول الإسكندر: بعد دخول الإسكندر إلى مصر، حاول اليونانيون والمصريون دمج آلهتهم معًا، مما أدى إلى مزج التقاليد والعقائد ليشكلوا مزيجًا موحدًا يتناسب مع الحضارتين؛ ومن بين هذه الآلهة:

هرمس: الذي يشبه الإله تحوت المصري، واُشير له بالزنبق. يُعتقد أنه ألف ستة كتب مقدسة، أحدها كان كتابًا خاصًا بالصيدلة.

أبولو: شبيه حورس، إله الطب والصيدلة، ومخترع الموسيقى والشعر.

أسكليباس: تُعد معابد أسكليياس مستشفيات لأمراض عديدة يؤمها الكثيرون، وكان للكهنة، الذين يُدعون رجال الدواء، شأن عظيم آنذاك[48].

اللوتس: تحتل زهرة اللوتس مكانة خاصة في الأساطير المصرية؛ حيث ترتبط بقصة خلق الإله شبشي، الذي خُلق من زهرة اللوتس وصار على شكل الطفل الشمس. تقول الأسطورة في وصف زهرة اللوتس "... هذا الإله الذي في قلب حوض الماء الخاص به الذي انبعث من جسدكم (أيها الثمانية)، زهرة اللوتس المنبثقة من البركة الكبرى التي كانت فاتحة النور عند المرة الأولى... إنكم تبصرون نورها وتستنشقون عبيرها وأنفكم ملآن بها. إنه ابنكم الذي يظهر على هيئة طفل لينير البلاد بعينيه ... لقد جئت إليكم بزهرة اللوتس الواردة من المستنقعات فهي عين (رع) شخصيًا ذاك الذي يحقق في ذاته حصيلة الأقدمين، الذي خلق الآلهة السابقة وصنع كل ما يوجد في هذا البلد، إذ يفتح عينيه، فكل شيء وُلد منه، هذا الطفل الذي يتألق في زهرة اللوتس، هو الذي تحيي أشعته كل الكائنات"[49].

خنوم: تقول الأسطورة أن إله خلق نفسه بنفسه، ثم خلق الكون؛ حيث شكل الأرض ورفع السماء على أربعة أعمدة، ومُثل الإله خنوم بأربعة رؤووس تشير إلى أماكن عبادته، وإلى الآلهة الأربعة التي اتحد بهم "رع، وشو، وجب، وأوزريس" الذين يمثلون رموز العناصر الأربعة في الطبيعة "النار، والهواء، والأرض، والماء"[50].

الثعبان: في الثقافة المصرية القديمة كان الثعبان مخلوقًا قاتلًا، لكن رغم خطورته اعتبر رمزًا للحماية والشفاء والخصوبة والخلود. وربط المصريون الثعابين بالعديد من الآلهة لديهم؛ حيث كانت هذه الكائنات تمثل قوة الحماية وتمنح الشفاء وطول العمر[51].

بيت الحياة: يمثل بيت الحياة المدارس الطبية في مصر القديمة[52]؛ حيث تم تطوير ودراسة الطب وطرق العلاج المختلفة؛ كانت المدارس بمثابة مراكز تعليمية وروحية، تجمع بين العلم والدين، مما ساهم في تطوير المعرفة الطبية لدى المصريين القدماء.

3.     المفاهيم والرموز الطبية في شبه الجزيرة العربية والشام

ساهم موقع شمال الجزيرة العربية الاستراتيجي في جعل المنطقة نقطة اتصال حضاري بين ثلاث قارات: آسيا وأفريقيا وأوربا؛ حيث توسطت بلاد الرافدين شرقًا ومصر غربًا، وأحيطت بجنوب الجزيرة العربية وتركيا شمالًا، مما أدى إلى تأثيرات ثقافية وإرث حضاري غني. فالشعوب التي سكنت شمال الجزيرة العربية والشام، مثل العدنانيون في الحجاز، ومن امتدت قبائلهم لباديتي الشام والعراق، أمثال اللحيانيون، والثموديون، والصفويون[53]، والأنباط ممن هاجر من وادي الرافدين[54]. وكذلك الكنعانيون[55].. وغيرهم ممن تركوا بصمة عميقة في الطب ورموزه في تلك المنطقة، من أبرزها:

الحجامة: أحد وسائل الاستطباب التي وُثّقت في النقوش الثمودية، والتي عنيت بسحب الدم الفاسد من الجسد.

الحبق: نبات عطري طيب الرائحة، ورد ذكره في النقوش الصفوية، كان يستخدم لتعطير الأماكن وتهدئة الأرواح.

الشيح: نبات طبي ذو فوائد علاجية، ورد ذكره في النقوش الصفوية، كان يستخدم في علاج العديد من الأمراض.

الكمأ: ورد ذكره في النقوش الصفوية واللحيانية والثمودية[56]، كان يعتبر غداءً وعلاجًا طبيعيًا، اشتهر بعلاج أمراض العيون والجلد.

القمح: كان رمزًا للوفرة والخصب في الأساطير النبطية[57]. كما ارتبط بالإلهة أترعتا (Atargatis) التي كانت تعبد كآلهة الخصوبة وربة الحياة النباتية والقمح عند الأنباط، وكآلهة الحبوب والخضار عند الكنعانيين[58].

الشكل (13): أترعتا إلهة الخصوبة والحبوب والقمح.

الرمان: كان رمزًا للخصوبة وللإلهة أترعتا النبطية[59].

الذرة: كانت رمزًا آخر للخصوبة، وغالبًا ما تشير إلى الإلهة الأم اللات أو العزى، وربما أترعتا أيضًا[60].

زهرة اللوتس: ظهرت في بعض النقوش بيد إلهة الخصب قادش، مما يعكس قيمتها الرمزية في التعبير عن الحياة المتجددة والخصوبة.

إشمون: كان إله الطب والشفاء لدى الكنعانيين وموطنه الأصلي بيروت.

شدرافا "ساتافه": كان أحد آلهة الطب والشفاء، وكان تخصصه شفاء لدغات الثعابين والعقارب والحشرات، وهو بذلك يعكس أهمية من الأخطار اليومية في المجتمعات القديمة[61].

قادش: كانت إله الخصب، وعادة ما تصور وهي تحمل زهرة اللوتس في يد والأفاعي في اليد الأخرى، مما يعكس دورها في دعم الحياة والحماية والشفاء[62].

الشكل (14): الإلهة قادش.

سديد: كانت مرتبطة بالشفاء والطب؛ حيث كانت تحمل صفات علاجية وتحمي من الأمراض[63].

كوثرات: كانت إلهة الحمل والولادة، مما يعكس أهمية الحماية والدعم للأمهات والأطفال في المجتمعات القديمة[64].

شجرة الأرز: كانت شجرة مقدسة ورد ذكرها في العهد القديم: "اَلصِّدِّيقُ كَالنَّخْلَةِ يَزْهُو، كَالأَرْزِ فِي لُبْنَانَ يَنْمُو"[65]. كما ترمز في الأساطير الزرداشتية إلى الحياة الأبدية والحرية والعزة، ويرمز لها بمخروط الصنوبر المنحني، الذي يعتبر علامة على التواضع، وإن كان الباحثون يرجعون أصلها الفني إلى الحضارة العيلامية والآشورية[66].

طائر الفينيق أو الفينكس: كان رمزًا أسطوريًا للتجدد؛ حيث يقال إنه من رماد احتراق جسده. من نظائره العنقاء عند العرب، هُما وسيمرغ عند الفُرس، مما يعكس فكرة التجدد وإعادة الحياة بعد الموت.

رابعًا: تصنيف مفاهيم الهويات البصرية

بناءً على النتائج السالفة، يمكن تصنيف العناصر الأساسية للهوية البصرية في الطب العربي وفقًا للدلالات الرمزية إلى أربعة أصناف هي: العناصر البيئية، والتاريخ والأساطير، والممارسات الطبية، والمفاهيم والعبارات. أما من الناحية الاجتماعية فتوصلت الدراسة إلى أن تعدد المفاهيم والرموز المتعلقة بالطب العربي، وتفاوتها لدى مختلف الحضارات من حيث الزمن والجغرافيا، يسمح بتقسيم العناصر إلى خمسة أصناف رئيسة:

1.     الرؤية الأسطورية-التاريخية: وتشمل الأفكار والمعتقدات التي تشكلت لدى الشعوب القديمة، متجسدة في رموز وآلهة تمثل مفاهيم مختلفة، مثل الآلهة المرتبطة بالشفاء والحماية، مثل السيمرغ في الحضارة الفارسية، كما اعتبرت عصا أسكليبوس، ووعاء هيجيا، والثعابين، رموزًا للشفاء في الكثير من الهويات السائدة.

2.     الرؤية الوظيفية: تصف المفاهيم والأدوات المستخدمة في المدرسة الطبية التقليدية، مثل مفاهيم التعادل بين عناصر الجسم أو الممارسات كالحجامة والوخز بالإبر، وكذلك التداوي بالأعشاب، مثل شعار الطب الصيني.

3.     الرؤية البيئية: تركز على العناصر البيئية الطبيعية مثل الحيوانات والنباتات، بغض النظر عن ارتباطها برؤية أسطورية، قد تعتمد النباتات الطبية أو الحيوانات في الحماية والشفاء.

4.     الرؤية اللغوية: تتعلق بالكلمات والحروف والأشكال وما تحمله من دلالات رمزية ومفاهيمية، والتي تتجاوز أحيانًا حدود اللغة الواحدة. مثال ذلك، الارتباط اللغوي بين النخلة (Phoenix) وطائر الفينيق (Phoenix)، فكلاهما مرتبط رمزيًا بالحياة والتجديد والخلود.

5.     الزخارف الهندسية والخطوط: تشمل الزخارف الهندسية والخطوط التي تُستخدم في التصاميم الطبية والرموز، والتي تحمل دلالات ثقافية ورمزية عميقة. هذه الزخارف ليست مجرد عناصر جمالية، بل تحمل في طياتها معاني تعكس الثقافة والهوية البصرية للطب العربي.

يساعد هذا التصنيف في توضيح كيف أن الطب العربي ليس مجرد مجموعة من الممارسات العلاجية، بل هو نظام معقد يتداخل فيه التاريخ والأساطير مع البيئة والمفاهيم اللغوية والجمالية.

جدول (1): تصنيف مفاهيم الهويات البصرية للمدارس والمنظمات والمراكز الطبية

 

الأسطورية-التاريخية

وظيفية

بيئية

لغوية

زخارف هندسية وخطوط

 أولًا: المدارس والمنظمات الطبية

الطب الصيني

 

 

 

 

الطب الفارسي

 

 

 

الجمعية العلمية للطب التقليدي الإيراني

 

 

 

اللجنة الطبية الوطنية في الهند

 

 

 

عصا أسكليبوس

 

 

 

 

عصا هرمس

 

 

 

 

وعاء هيجيا

 

 

 

 

الهلال والصليب الأحمر

 

 

 

 

ثانيًا: المراكز المعنية بتاريخ الطب، والطب الشعبي أو التكميلي أو البديل

 الجمعية الدولية لتاريخ الطب الإسلامي

 

 

 

 المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية

 

 

 

 

منظمة الطب الأصيل

 

 

الجمعية المغربية للتنمية والبحث العلمي في الطب النبوي والتكميلي

 

 

 

الاتحاد العربي لمهن الطب البديل والتكميلي

 

 

 

المركز الوطني للطب البديل والتكميلي

 

 

 

 

المركز الوطني لطب الأعشاب

 

 

النقابة العامة للطب التكميلي والأعشاب الطبية

 

مؤسسة الطب البديل العراقية

 

 

 

 

المجموع

13

6

6

2

3

المناقشة والتوصيات

يتبين من البحث عدم اهتمام المجتمع العلمي العربي والمؤسسات الرسمية بالطب العربي كهوية ثقافية، رغم ثرائه المعرفي ودوره البارز في الإرث الحضاري البشري. كما تبين تشتت الجهود الخجولة لتدشين الطب العربي في نظام الرعاية الصحية. هذه الفجوة أدت إلى: 1) غياب مفهوم الطب العربي واستبداله بالمفهوم الأشمل للمدارس الطبية، أي الطب البديل؛ 2) تسلل المفاهيم والعناصر الثقافية غير العربية للتعبير عن الهوية البصرية للطب العربي في موطنه؛ 3. بروز مشاريع تسعة لاستلاب الطب العربي واستغلاله للتعبير عنه بهويات منتحلة.

ورغم أن عامة الناس لا يهتمون بالتفاصيل الدقيقة المتعلقة بالدلالات الرمزية للطب العربي، إلا أن أحدًا منهم لا يجهل أن الهوية البصرية للطب الصيني تعكس مدرستهم الطبية، كما لا يخفى عليهم أن الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر رمز لمؤسسة طبية معنية بالإغاثة. وبالتالي، حققت هذه الهويات البصرية هدفها، أي "مفهوم يشير إلى المظهر البصري الفريد والمتميز الذي تُعرف به المؤسسة أو المنظومة" والتي هي بالنسبة للطب منظومة فكرية وثقافية.

من هذا المنطلق تظهر أهمية اقتراح وتدشين هوية بصرية للطب العربي لصونه وترويجه ثقافيًا وتطبيقيًا، تؤلف بين الهويات البصرية للناشطين في هذا المجال بغض النظر عن التحويرات الفرعية له، ولاقتراح هوية بصرية للطب العربي، يجب الأخذ بعين الاعتبار ما يلي:

الجمهور المعني: يتوجب تصميم هوية مقبولة لدى العرب مفهومة لغيرهم. لذلك، يوصى بتجنب الرموز الوثنية أو ما يتعارض مع الثقافة الإسلامية، مثل صور بعض الحيوانات.

العناصر الثقافية المشتركة: يوصى باختيار عناصر ومفاهيم مشتركة والابتعاد عن العناصر الخاصة ببعض البلدان، مثل شجرة الأرز التي تشتهر بها لبنان، بهدف تقليل العناصر وتكوين هوية بسيطة وشاملة. ومن الأمثلة على ذلك:

-     الزخارف بأنواعها (الكتابية، والنباتية، والهندسية)؛ حيث تعد من العناصر التي اشتهر بها الفن الإسلامي. على سبيل المثال، يمكن استخدام شكل رباعي للإشارة إلى الأمزجة الأربعة في الطب العربي، أو شكل سداسي للإشارة لنموذج إدارة نمط الحياة وفقًا للطب العربي، والمتشكل من ست مفاهيم: الهواء، الأغذية، النشاط البدني، الوضع النفسي، النوم، الاستفراغات.

-     الخط العربي الذي يمتاز بطابعه الفريد والمميز، ويمكن دمجه مع الزخارف أو المفاهيم والعبارات الرائجة ثقافيًا، مثل عبارة "لكل داء دواء"، أو "هو الشافي".

-     الأشكال (مثل النخلة) التي ارتبطت بالمنطقة العربية وعُرفت بشجرة صامدة مقاومة تتحدى كل الظروف القاسية، وهي رمز للحياة والخلود والتجديد، كما تستثير الذوق حسيًا وتحظى بالاحترام في الثقافة العربية.

وقد أشارت دراسة سابقة حول تطبيق هوية بصرية عربية موحدة للمعارض، إلى اتفاق 88% من المشاركين على أن دمج الخط العربي في أجنحة العرض للدول العربية يضفي طابعًا مميزًا يعكس هويتها، كما أكد 97% منهم أن الخط العربي أحد أكثر العناصر تمييزًا للثقافة العربية. كذلك، أبدى 79% من المشاركين اتفاقهم على عدم وجود تعارض لتصميم هوية بصرية موحدة للدول العربية مع إمكانية إضافة لمسة مميزة تميز هوية كل دولة عن الأخرى[67].

البساطة والتناسق: لوحظ الاستخدام المفرط للعناصر (الألوان، الرموز، الأشكال، الخطوط) في شعارات المراكز والمؤسسات العربية المعنية بتاريخ الطب، والطب الشعبي أو التكميلي أو البديل، مما أفقدها التناسق والبساطة، وبالتالي صعوبة التمييز وسهولة التعرف، ووضوح الهوية. لذلك، يُنصح بتصميم هوية بسيطة متناسقة قليلة العناصر يمكن التعرف عليها بسهولة عبر المنصات والمواد المختلفة، مثل عرضها على منتجات الطب العربي بحجم صغير.

اختيار الألوان: ترتبط الألوان حسيًا مع مفاهيم مختلفة. فمثلًا، الأخضر يرتبط بالطبيعة والشفاء، ويرمز للحياة والنمو والتجدد. بينما يوحي الأزرق إلى الثقة ويرمز للحياة والماء. أما البني والذهبي يبرزان جانب الأصالة والعراقة لهوية الطب العربي البصرية. ويُعد اللون الأحمر ملفتًا للنظر، مما يجعل الشعار سهل التمييز، خصوصًا في حالات الطوارئ، ويمكن أن يساعد الناس في العثور على مقدمي الرعاية الطبية بسرعة. وقد لوحظ استخدام اللونين الأخضر والأزرق في غالبية الشعارات المعنية بالصحة والطب، وذلك بنسبة 78.9% من بين كافة العينات التي تمت دراستها.

الطباعة والخط: لوحظ في العديد من الهويات البصرية (حوالي 52.6% من العينات) دمج العناصر الكتابية مع الشعار البصري، مما أبطل إمكانية استخدامه لأغراض مختلفة أو استخدامه بأكثر من لغة. لذلك، يوصى بالأخذ في الاعتبار سهولة فصل الشعار عن العناصر الكتابية.

الرمزية والصور: لوحظ استخدام صور ورموز معقدة في حوالي42% من الشعارات، مما يفقدها الوضوح، خاصة عند تصغير الصورة أو طباعتها، لذلك، يوصى بتجنب الصور أو الرموز المعقدة، واستخدام الرموز المتعلقة بهوية الطب العربي، مثل النخلة، أو النباتات الزهرية كاللوتس، أو البابونج، أو غيرها من النباتات التي تحمل دلالات تاريخية في المنطقة.

مفاهيم شاملة لهوية الطب العربي: يجب تجنب اختزال الطب العربي في أدوات علاجية محددة، مثل العلاج الدوائي، الذي يمثل جزءًا من مجموعة متنوعة من العمليات والأدوات المستخدمة في الطب العربي للوقاية والعلاج، مثل الفصد، والحجامة، والجراحة، والعلاج المعرفي السلوكي. لذلك ينصح بتصميم هوية تعكس القيم والمفاهيم للطب العربي بأكمله.

خاتمة

يواجه الطب العربي، الذي يُعد أحد أقدم المدارس الطبية في العالم، تحديات كبيرة في الحفاظ على هويته وتراثه في ظل الضعف الحضاري الذي يمر به العالم العربي. وتبرز الحاجة إلى تطوير هوية بصرية تعكس تراث وثقافة الطب العربي، كخطوة أساسية لحماية هذه المعرفة الطبية من الانتحال والاستلاب. تناولت الدراسة تحليل العناصر التي تشكل الهويات البصرية للمدارس والمنظمات الطبية المختلفة، بما في ذلك المراكز المحلية المهتمة بالطب العربي. وتوصلت إلى أن العناصر والمفاهيم يمكن تصنيفها وفق رؤى متعددة، تشمل: الأسطورية-التاريخية، والوظيفية، والبيئية، واللغوية، والزخارف الهندسية والخطوط. كما استخلصت الدراسة 38 دلالة رمزية مرتبطة بالطب العربي، مع الإشارة إلى ضرورة تجنب بعض الدلالات التي قد تواجه رفضًا اجتماعيًا أو تفتقر إلى الشمولية، والختام، قدمت الدراسة توصيات لتصميم هوية بصرية للطب العربي تستند إلى عناصر محددة تضمن شموليتها، وتميزها، وقدرتها على الجمع بين مختلف الرؤى.

المراجع

أولًا: العربية

ابن أبي أصيبعة، أحمد بن قاسم. عيون الأنباء في طبقات الأطباء، تحقيق عامر النجار. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب‏، 2001.

الأمم المتحدة. إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصيلة. الأمم المتحدة: 2007.

بن إسحاق، حنين. رسالة حنين بن إسحق إلى علي بن يحيى في ذكر ما ترجم من كتب جالينوس، ترجمة مهدي محقق. طهران: مؤسسه مطالعات إسلامى دانشگاه تهران‏، ط1، 2000.

توفيق، مروة حسين وفهيم أماني حمدي وإبراهيم داليا محمود. "تطبيق مفهوم الهوية البصرية العربية على تصميم وحدات عرض سابقة التجهيز للمعارض الموسمية". مجلة العمارة والفنون والعلوم الإنسانية. مج5، ع1 (2020)، ص324-45.

جبرة، صابر. تاريخ العقاقير والعلاج. المملكة المتحدة: مؤسسة هنداوي، 2015.

حافظ، شادية. السريان وتاريخ الطب. القاهرة: نهضة مصر،1993.

"حماية الموروث الثقافي وفقًا لمصادر القواعد القانونية". ضمن خطوة متقدمة لمراجعة القانون الوطني "الأوجه القانونية لحماية الموروث الثقافي العراقي"، بغداد: بعثة الاتحاد الأوروبي الاستشارية في العراق،2022.

خلف، حسام عبد الأمير. "التراث الثقافي غير المادي في العراق: بين الواقع والطموح". ضمن الأوجه القانونية لحماية الموروث الثقافي العراقي، بغداد: وقائع الندوة القانونية (فبراير-مارس 2022)، ص131-152. http//www.euam-iraq.eu/uploads/2023/euam63cfab506d0a3.pdf

السامرائي، كمال. مختصر تاريخ الطب العربي. بيروت: دار النضال، 1990.

شحادة، عبد الكريم. صفحات من تاريخ التراث الطبي العربي الإسلامي. بيروت: المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، 2005.

العبيدي، نبيل مد الله. "حماية الموروث الثقافي وفقًا لمصادر القواعد القانونية". ضمن وقائع الندوة القانونية: الأوجه القانونية لحماية الموروث الثقافي العراقي، بغداد (فبراير-مارس 2022)، ص31-49. https://www.euam-iraq.eu/uploads/2023/01/24/euam63cfab506d0a3.pdf

العهد القديم. سفر التكوين؛ وسفر المزامير.

الماجدي، خزعل. الآلهة الكنعانية. عمان: دار أزمنة للنشر والتوزيع، 1999.

–––. الأنباط: التاريخ، الميثولوجيا، الفنون. دمشق: دار النايا، دارة محاكاة للدراسات والنشر، 2012.

–––. الدين المصري. عمان: دار الشروق للنشر والتوزيع، 1999.

–––. بخور الآلهة: دراسة في الطب والسحر والأسطورة والدين. عمان، الأردن: الأهلية للنشر والتوزيع، 1998.

مكاوي، ناصر والقدرة، حسين وكريمان، عمر. "أساليب الطبابة عند عرب شمال الجزيرة العربية قبل الإسلام من خلال النقوش". مجلة كلية الآثار. مج7، ع23 (2020)، ص14-27.

منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). "اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي". منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، 1972.

منظمة الصحة العالمية. استراتيجية منظمة الصحة العالمية في الطب التقليدي (الشعبي) 2014-2023. جنيف: منظمة الصحة العالمية، 2013.

منظمة الصحة العالمية. استراتيجية منظمة الصحة العالمية في الطب الشعبي 2002-2005. جنيف: منظمة الصحة العالمية، 2002.

ثانيًا: الفارسية

ژوله، تورج. پژوهشی در فرش ایران. تهران: یساولی، 2002.

ساوجي، موسى بن عليرضا. حفظ الصحت وسياست المدن. تحقيق مهدي محقق. تهران: المعي، ط1، 2012.

شورای ستاد راهبری اجرای نقشه جامع علمی. سند ملي گياهان دارويي وطب سنتي. تهران: شوراي عالي انقلاب فرهنگي، 2013.

ثالثًا: الأجنبية                                                                                                                                                                                         References:

al-Mājidī, K. al-ālihah al-Kanʻānīyah (in Arabic), Amman: Dār Azminah lil-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 1999.

–––. al-Anbāṭ: al-tārīkh, al-mīthūlūjiyā, al-Funūn (in Arabic). Damascus: Dār al-Nāyā, Dārat Muḥākāh lil-Dirāsāt wa-al-Nashr, 2012.

–––. al-Dīn al-Miṣrī (in Arabic), Amman: Dār al-Shurūq lil-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 1999.

–––. Bakhūr al-ālihah: dirāsah fī al-ṭibb wa-al-siḥr wa-al-usṭūrah wa-al-dīn (in Arabic), Amman, al-Urdun: al-Ahlīyah lil-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 1998.

al-Sāmarrāʼī, Kamāl. Mukhtaṣar Tārīkh al-ṭibb al-ʻArabī (in Arabic), Beirut: Dār al-niḍāl, 1990.

al-ʻUbaydī, Nabīl Madd Allāh, "Ḥimāyat al-mawrūth al-Thaqāfī wafqan li-Maṣādir al-qawāʻid al-qānūnīyah" ḍimna al-awjuh al-qānūnīyah li-Ḥimāyat al-mawrūth al-Thaqāfī al-ʻIrāqī (in Arabic), Baghdad: waqāʼiʻ al-nadwah al-qānūnīyah, (fbrāyr-mārs 2022), Ṣ 31-49. https://www.euam-iraq.eu/uploads/2023/01/24/euam63cfab506d0a3.pdf

al-Umam al-Muttaḥidah, iʻlān al-Umam al-Muttaḥidah bi-shaʼn Ḥuqūq al-shuʻūb al-aṣīlah (in Arabic), al-Umam al-Muttaḥidah: 2007.

Anil Shetty, Shraddha Shetty & Oliver Dsouza, "Medical Symbols in Practice: Myths vs Reality." Journal of Clinical and Diagnostic Research, Vol. 8, No. 8 (2014). doi:10.7860/JCDR/2014/10029.4730

Argyros, Ariadne, "Reviving Ophidia: Godly Serpents in Ancient Egyptian Magic and Mythology," UVM Patrick Leahy Honors College Senior Theses, No. 234 (2018). https://scholarworks.uvm.edu/hcoltheses/234

Ashraf Iqra, Khanum Attiya, & Akhtar Sohail. "An Analytical Studyof the Mesopotamian Civilization." Perennial Journal of History, Vol. 3, No.1 (2022). doi:https://doi.org/10.52700/pjh.v3i1.112

Browne, Edward. Arabian Medicine, London: Cambridge University Press, 1921.

Diani, Mario. Social movement theory and grassroots coalitions in the Middle-East, American Sociological Association Annual Meeting، Boston: August 1–4 (2008).

Ḥāfiẓ, Shādiyah. al-Suryān wa-tārīkh al-ṭibb, al-Qāhirah (in Arabic): Nahḍat Egypt, 1993.

"Ḥimāyat al-mawrūth al-Thaqāfī wafqan li-Maṣādir al-qawāʻid al-qānūnīyah", ḍimna Khaṭwah mutaqaddimah li-murājaʻat al-qānūn al-Waṭanī "al-awjuh al-qānūnīyah li-Ḥimāyat al-mawrūth al-Thaqāfī al-ʻIrāqī" (in Arabic), Baghdad, Iraq: baʻthat al-Ittiḥād al-Ūrūbbī al-istishārīyah fī al-ʻIrāq, 2022.

Ibn Abī Uṣaybiʻah, Aḥmad ibn Qāsim. ʻUyūn al-Anbāʼ fī Ṭabaqāt al-aṭibbāʼ, taḥqīq ʻĀmir al-Najjār (in Arabic), Cairo: al-Hayʼah al-Miṣrīyah al-ʻĀmmah llktāb. ‏, 2001

Ibn Isḥāq, Ḥunayn. Risālat Ḥunayn ibn Isḥāq ʻAlī ilá ibn Yaḥyá fī dhikr mā tarjama min kutub Jālīnūs (in Arabic), tarjamat Mahdī Muḥaqqiq, 1st ed., Ṭihrān : Muʼassasah Muṭālaʻāt Islāmī Dānishgāh Tehran, 2000.

Jabrah, Ṣābir. Tārīkh al-ʻaqāqīr wa-al-ʻilāj (in Arabic). al-Mamlakah al-Muttaḥidah: Muʼassasat Hindāwī, 2015.

Keyhanian, K. "Principle of Hot and Cold and Its Clinical Application in Traditional Chinese Medicine," In: M. Yavari (ed), Hot and Cold Theory: The Path Towards Personalized Medicine, Vol. 1343, Springer, Cham, 2021. https://doi.org/10.1007/978-3-030-80983-6_2

Khalaf, Ḥusām ʻAbd al-Amīr. "al-Turāth al-Thaqāfī ghayr al-māddī fī al-ʻIrāq : bayna al-wāqiʻ wa-al-ṭumūḥ", ḍimna al-awjuh al-qānūnīyah li-Ḥimāyat al-mawrūth al-Thaqāfī al-ʻIrāqī (in Arabic), Baghdad: waqāʼiʻ al-nadwah al-qānūnīyah (fbrāyr-mārs 2022), pp. 131-152. http//www.euam-iraq.eu/uploads/2023/euam63cfab506d0a3.pdf

Kuhrt, Amélie. "The Great Conquests", In editors Bruno Jacobs and Robert Rollinger, A Companion to the Achaemenid Persian Empire, Vol. 2 (John Wiley, 2021), pp. 403-413. https://doi.org/10.1002/9781119071860.ch29

Lélis, Catarina & Kreutz, Elizete de Azevedo. "Narrative dimensions for the design of contemporary visual identities", International Association of Societies of Design Research Conference، Manchester School of Art, 2-5 September (2019). file:///C:/Users/ae19550/Downloads/Lelis-Kreutz-IASDR2019.pdf

Geller, Markham J. A Babylonian Hippocrates, in Assyrian and Babylonian Scholarly Text Catalogues: Medicine, Magic and Divination, Berlin, Boston: De Gruyter, 2018, pp. 42–54. https://doi.org/10.1515/9781501504914

M. Metwaly Ahmed and others "Traditional ancient Egyptian medicine: A review", Saudi Journal of Biological Sciences, vol 28، no10 (2021). https://doi.org/10.1016/j.sjbs.2021.06.044

Makkāwī, Nāṣir wa-al-qudrah, Ḥusayn wkrymān, ʻUmar. "Asālīb alṭbābh ʻinda ʻArab Shamāl al-Jazīrah al-ʻArabīyah qabla al-Islām min khilāl al-nuqūsh" (in Arabic), Majallat Kullīyat al-Āthār. mj7, ʻadad 23 (2020), Ṣ 14-27.

Mohammad Abu Taher, Md. Abdul Mannan & Md Shahinoor Rahman Dulal. "Contribution of Greek Mythology and Civilization on Medical Science-A Brief Analysis." International Journal of Advanced Research, Vol. 6, No11 (2018). http://dx.doi.org/10.21474/IJAR01/8098

Munaẓẓamat al-Ṣiḥḥah al-ʻĀlamīyah. istirātījīyah Munaẓẓamat al-Ṣiḥḥah al-ʻĀlamīyah fī al-ṭibb al-shaʻbī 2002-2005 (in Arabic), Jinīf : Munaẓẓamat al-Ṣiḥḥah al-ʻĀlamīyah 2002.

Munaẓẓamat al-Ṣiḥḥah al-ʻĀlamīyah. istirātījīyah Munaẓẓamat al-Ṣiḥḥah al-ʻĀlamīyah fī al-ṭibb al-taqlīdī (al-shaʻbī) 2014-2023 (in Arabic), Jinīf : Munaẓẓamat al-Ṣiḥḥah al-ʻĀlamīyah 2013.

Munaẓẓamat al-Umam al-Muttaḥidah lil-Tarbiyah wa-al-ʻilm wa-al-Thaqāfah (al-Yūniskū). "Ittifāqīyat Ḥimāyat al-Turāth al-ʻĀlamī al-Thaqāfī wa-al-ṭabīʻī" (in Arabic), Munaẓẓamat al-Umam al-Muttaḥidah lil-Tarbiyah wa-al-ʻilm wa-al-Thaqāfah (al-Yūniskū) 1972.

Nayernouri, Touraj. "Simurgh as a Medical Symbol for Iran." Middle East J Dig Dis, Vol. 2, No. 1 (2010), pp. 49–50. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4154908/

Prakash, M. and Johnny, J. Carlton "Things You Don’t Learn in Medical School: Caduceus", Journal of Pharmacy and Bioallied Sciences, Vol. 7, No.1 (2015), https://doi.org/10.4103/0975-7406.155794.

Sallam, Hassan. "L’ancienne école de médecine d’Alexandrie: The old Alexandria medical school." Gynécologie Obstétrique & Fertilité, Vol. 30, No. 1 (2002). https://doi.org/10.1016/S1297-9589(01)00254-5

Sāvajī, Mūsā b. ʿAlīriḍā. Ḥifẓ al-ṣiḥḥat wa siyāsat al-mudun, taḥqīq Mahdī Muḥaqqiq (in Persian) 1st ed., Ṭehran: al-Maʿī, 2012.

Shiḥādah, ʻAbd al-Karīm. Ṣafaḥāt min Tārīkh al-Turāth al-ṭibbī al-ʻArabī al-Islāmī (in Arabic), Beirut: al-Maktab al-iqlīmī li-Munaẓẓamat al-Ṣiḥḥah al-ʻĀlamīyah, 2005.

Shūrā-ye Sitād-e Rāhbarī-ye Ijrā-ye Naqshah-ye Jāmiʿ-e ʿIlmī. Sanad-e Melli-ye Gīāhān Dārū'ī va Ṭebb-e Sonnatī (in Persian), Tehrān: Shūrā-ye ʿĀlī-ye Enqelāb-e Farhangī, 2013.

Tawfīq, Marwah Ḥusayn wfhym Amānī Ḥamdī wa-Ibrāhīm Dāliyā Maḥmūd. "taṭbīq Mafhūm al-huwīyah al-baṣarīyah al-ʻArabīyah ʻalá taṣmīm waḥadāt ʻarḍ sābiqah al-tajhīz llmʻārḍ al-mawsimīyah" (in Arabic), Majallat al-ʻImārah wa-al-Funūn wa-al-ʻUlūm al-Insānīyah. Vol. 5, No. 1 (2020), pp. 324-45.

World Health Organization, Benchmarks for Training in Unani Medicine: Benchmarks for Training in Traditional Complementary and Alternative Medicine, Geneva: World Health Organization, 2010. file:///C:/Users/ae19550/Downloads/9789241599641_eng.pdf

Žūlah, Tūraj. Pazhūhishī dar Farsh-e Īrān (in Persian), Ṭehran: Yasāwalī, 2002.

 



[1] Markham J. Geller, "A Babylonian Hippocrates”, In: U. Steinert (ed.), Assyrian and Babylonian Scholarly Text Catalogues: Medicine, Magic and Divination (Berlin, Boston: De Gruyter, 2018), pp. 42–54; Hassan Sallam, "L’ancienne école de médecine d’Alexandrie d’Alexandrie: The old Alexandria medical school,” Gynécologie Obstétrique & Fertilité, Vol. 30, No. 1 (2002), pp. 3–10.

[2]      منظمة الصحة العالمية، استراتيجية منظمة الصحة العالمية في الطب الشعبي 2002-2005 (جنيف: منظمة الصحة العالمية، 2002).

[3]      منظمة الصحة العالمية، استراتيجية منظمة الصحة العالمية في الطب التقليدي (الشعبي) 2014-2023 (جنيف: منظمة الصحة العالمية، 2013).

[4]      عبد الكريم شحادة، صفحات من تاريخ التراث الطبي العربي الإسلامي (بيروت: المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، 2005)، ص27.

[5]      شورای ستاد راهبری اجرای نقشه جامع علمی، سند ملي گياهان دارويي وطب سنتي (تهران: شوراي عالي انقلاب فرهنگي، 2013).

[6]      Edward Granville Browne, Arabian Medicine (London: Cambridge University Press, 1921), p. 7.

[7]      شادية حافظ، السريان وتاريخ الطب (القاهرة: نهضة مصر، 1993).

[8]      World Health Organization, Benchmarks for Training in Unani Medicine: Benchmarks for Training in Traditional Complementary and Alternative Medicine (Geneva: World Health Organization, 2010).

[9]      حسن تاج بخش، تاريخ دامپزشكي وپزشكي إيران (تهران: دانشگاه تهران، 1393).

[10] انظر: كمال السامرائي، مختصر تاريخ الطب العربي (بيروت: دار النضال، 1990)، ص4245؛ Iqra Ashraf, Attiya Khanum, Sohail Akhtar, "An Analytical Study of the Mesopotamian Civilization,” Perennial Journal of History, Vol. 3, No.1 (2022), pp. 237–47. https://doi.org/10.52700/pjh.v3i1.112

[11] Ahmed M. Metwaly, and others. "Traditional ancient Egyptian medicine: A review”, Saudi Journal of Biological Sciences, Vol. 28, No. 10 (2021), pp. 5823–5832. https://doi.org/10.1016/j.sjbs.2021.06.044; Amélie Kuhrt, "The Great Conquests”, In: Bruno Jacobs and Robert Rollinger (eds), A Companion to the Achaemenid Persian Empire, Vol. 2 (John Wiley, 2021), pp. 403–413. https://doi.org/10.1002/9781119071860.ch29

[12] كمال السامرائي، مختصر تاريخ الطب العربي (بيروت: دار النضال، 1990)، ص6.

[13] منظمة الصحة العالمية، استراتيجية منظمة الصحة العالمية في الطب الشعبي 2002-2005.

[14] منظمة الصحة العالمية، استراتيجية منظمة الصحة العالمية في الطب التقليدي (الشعبي) 2014-2023، ص 16.

[15] نفسه، ص 47-48.

[16] نبيل مد الله العبيدي، "حماية الموروث الثقافي وفقاً لمصادر القواعد القانونية" ضمن الأوجه القانونية لحماية الموروث الثقافي العراقي (بغداد: وقائع الندوة القانونية، فبراير-مارس 2022). https://www.euam-iraq.eu/uploads/2023/01/24/euam63cfab506d0a3.pdf

[17] الأمم المتحدة، إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصيلة (الأمم المتحدة،2007).

[18] منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، 1972).

[19] حسام عبد الأمير خلف، "التراث الثقافي غير المادي في العراق: بين الواقع والطموح"، ضمن الأوجه القانونية لحماية الموروث الثقافي العراقي (بغداد: وقائع الندوة القانونية، فبراير-مارس 2022). https://www.euam-iraq.eu/uploads/2023/01/24/euam63cfab506d0a3.pdf

 

[20] أحمد بن قاسم ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، تحقيق عامر النجار (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب‏، 2001)، مج1، ص213.

[21] موسى بن عليرضا ساوجي، حفظ الصحت وسياست المدن، تحقيق مهدي محقق (طهران: المعي، ط1، 2012).

[22] حنين بن إسحاق، رسالة حنين بن إسحق إلى علي بن يحيى في ذكر ما ترجم من كتب جالينوس، ترجمة مهدي محقق (طهران: مؤسسه مطالعات إسلامي، ط1 ‏، 2000)، ص118.

[23] Mario Diani, "Social movement theory and grassroots coalitions in the Middle-East”, American Sociological Association Annual Meeting (Boston: August 1–4, 2008).

[24] Catarina Lélis & Elizete de Azevedo Kreutz, "Narrative dimensions for the design of contemporary visual identities,” International Associationof Societies of Design Research Conference (Manchester School of Art, 2-5 September, 2019). file:///C:/Users/ae19550/Downloads/Lelis-Kreutz-IASDR2019.pdf

[25] K. Keyhanian, "Principle of Hot and Cold and Its Clinical Application in Traditional Chinese Medicine," In: M. Yavari, Hot and Cold Theory: The Path Towards Personalized Medicine, Vol. 1343 (Springer, Cham, 2021). https://doi.org/10.1007/978-3-030-80983-6_2

[26] Touraj Nayernouri, "Simurgh as a Medical Symbol for Iran”, Middle East J Dig Dis, Vol. 2, No.1 (2010), pp. 49–50. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4154908/

[27] Anil Shetty, Shraddha Shetty & Oliver Dsouza, "Medical Symbols in Practice: Myths vs Reality”, Journal of Clinical and Diagnostic Research, Vol. 8, No. 8 (2014). doi:10.7860/JCDR/2014/10029.4730

[28] M Prakash and J. Carlton Johnny,” Things You Don’t Learn in Medical School: Caduceus,” J Pharm Bioallied Sci, Vol. 7, No. 1 (2015). https://doi.org/10.4103/0975-7406.155794

[29] Anil Shetty, Shraddha Shetty & Oliver Dsouza.

[30] Mohammad Abu Taher, Md. Abdul Mannan & Md Shahinoor Rahman Dulal, "Contribution of Greek Mythology and Civilization on Medical Science-A Brief Analysis ", International Journal of Advanced Research, Vol. 6, No11 (2018). http://dx.doi.org/10.21474/IJAR01/8098

[31] Anil Shetty, Shraddha Shetty & Oliver Dsouza.

[32] خزعل الماجدي، بخور الآلهة: دراسة في الطب والسحر والأسطورة والدين (عمان، الأردن: الأهلية للنشر والتوزيع، 1998)، ص108112.

[33] نفسه، ص178.

[34] نفسه، ص321.

[35] نفسه، ص298-300.

[36]   نفسه، ص199.

[37]   نفسه، ص198.

[38]   نفسه، ص140-42.

[39]   نفسه، ص147-149؛ ص190.

[40]   نفسه، ص294.

[41]   نفسه، ص332-33.

[42]   نفسه، ص 312-15.

[43] نفسه، ص147.

[44] "سفر التكوين"، في العهد القديم، د.ت.، 9:2.

[45] "سفر التكوين"، 22:3.

[46] خزعل الماجدي، الدين المصري (عمان: دار الشروق للنشر والتوزيع، 1999)، ص124-351.

[47] صابر جبرة، تاريخ العقاقير والعلاج (المملكة المتحدة: مؤسسة هنداوي، 2015)، ص4752. https://www.hindawi.org/books/90820505/

[48] نفسه، ص5355.

[49] خزعل الماجدي، الدين المصري، ص72.

[50] نفسه، ص95.

[51] Ariadne Argyros, "Reviving Ophidia: Godly Serpents in Ancient Egyptian Magic and Mythology," UVM Patrick Leahy Honors College Senior Theses, No. 234 (2018). https://scholarworks.uvm.edu/hcoltheses/234

[52] جبرة، ص26.

[53] ناصر مكاوى وحسين القدرة وكاريمان عمر، "أساليب الطبابة عند عرب شمال الجزيرة العربية قبل الإسلام من خلال النقوش"، مجلة كلية الآثار، مج7، عدد 23 (2020)، ص 14-27.

[54] خزعل الماجدي، الأنباط: التاريخ، الميثولوجيا، الفنون (دمشق: دار النايا، دارة محاكاة للدراسات والنشر، 2012)، ص910.

[55] خزعل الماجدي، الآلهة الكنعانية (عمان: دار أزمنة للنشر والتوزيع، 1999)، ص1314.

[56] ناصر مكاوى وحسين القدرة وكاريمان عمر.

[57]   الماجدي، الأنباط: التاريخ، الميثولوجيا، الفنون، ص246.

[58]   الماجدي، نفسه، ص24647؛ الماجدي، الآلهة الكنعانية، ص131.

[59]   الماجدي، الأنباط: التاريخ، الميثولوجيا، الفنون، ص247.

[60]   نفسه، ص248.

[61]   نفسه، ص95103.

[62]   نفسه، ص104.

[63]   الماجدي، الآلهة الكنعانية، ص103.

[64]   نفسه، ص120.

[65]   "سفر المزامير"، في العهد القديم، 12:92.

[66]   تورج ژوله، پژوهشی در فرش إیران (طهران: یساولی، 2002)، ص33.

[67]   مروة حسين توفيق وأماني حمدي فهيم وداليا محمود إبراهيم، "تطبيق مفهوم الهوية البصرية العربية على تصميم وحدات عرض سابقة التجهيز للمعارض الموسمية"، مجلة العمارة والفنون والعلوم الإنسانية. مج5، ع1 (2020)، ص324-45.