تاريخ الاستلام: 03 مايو 024 2 | تاريخ التحكيم: 05 أغسطس 2024 | تاريخ القبول: 16 أغسطس 2024

مقالة بحثية

سياسات بناء الهوية وإعادة إنتاج التراث الثقافي: حالة ثقافة مجتمع الغوص في دولة قطر

 

مثنى المصري

ماجستير في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، معهد الدوحة للدراسات العليا–قطر

mal130@dohainstitute.edu.qa

عمر عابدين

ماجستير في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، معهد الدوحة للدراسات العليا–قطر

omar.abdin2016@gmail.com

ملخص

شكّل الغوص على اللؤلؤ عصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في قطر عبر تاريخها. تسعى الدولة، من خلال مؤسساتها، وعمرانها، ومدنها، وأعمالها الثقافية، وخطابها الرسمي، إلى إبراز هذا الإرث التاريخي والتراثي. وتهدف هذه الدراسة إلى استكشاف كيفية حفاظ قطر على تاريخ الغوص على اللؤلؤ من خلال سياستها الثقافية وربط الماضي بالحاضر، وخاصة ما يتعلق بمجتمع الغوص. ورغم وجود بعض الدراسات التي تناولت تاريخ قطر قبل النفط، إلا أن الدراسات التي تركز على العلاقة بين تاريخ الغوص على اللؤلؤ والسياسات الثقافية في قطر تظل نادرة. بينما يشكّل غياب هذا الربط محور هذه الدراسة. منهجيًّا، تعتمد الدراسة على مراقبة وتحليل الوسائل التي تسعى من خلالها دولة قطر إلى تعزيز الثقافة التاريخية للغوص على اللؤلؤ في حاضرها، مستندةً إلى أدوات مشاهدة متعددة، مثل الخطاب الرسمي، والمتاحف، والعمران، والإنتاج الثقافي، والتعليم، والمواقع الافتراضية. وتخلص الدراسة إلى أن هذه السياسات الثقافية تهدف إلى تعزيز مفاهيم التراث وربط الأجيال الحالية بتاريخ الأجداد من خلال أدوات مادية وثقافية تتكامل لتعزيز التراث والهوية القطريين. كما تُعد هذه السياسات تجسيدًا لرؤية قطر 2030؛ حيث يعدّ التاريخ جزءًا أساسيًا من السياسات الوطنية، ويتجلى ذلك في التنوع والشمول الذي تتبعه الدولة لحفظ تاريخ مجتمعها في مختلف جوانب الحياة اليومية.

الكلمات المفتاحية: مجتمع الغوص، التراث، الهوية، تاريخ الأجداد، قطر، السياسات الثقافية

للاقتباس: المصري، مثنى وعابدين، عمر. "سياسات بناء الهوية وإعادة إنتاج التراث الثقافي: حالة ثقافة مجتمع الغوص في دولة قطر"، مجلة تجسير لدراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية البينية، المجلد السادس، العدد 2 (2024)، 131-161. https://doi.org/10.29117/tis.2024.0187

© 2024، المصري وعابدين، الجهة المرخص لها: مجلة تجسير، دار نشر جامعة قطر. نُشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأي وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0


Received: 03 May 2024         Peer-reviewed: 05 August 2024            Accepted: 16 August 2024

Research Article

Policies of Identity Building and the Re-Production of Heritage: The Cultural Status of Diving in Qatar

Mothana Almasri

Master’s degree in Sociology and Anthropology, Doha Institute for Graduate Studies–Qatar

mal130@dohainstitute.edu.qa

Omar Abdin

Master’s degree in Sociology and Anthropology, Doha Institute for Graduate Studies–Qatar

omar.abdin2016@gmail.com. Top of Form

Abstract

Pearl diving has historically been the backbone of Qatar’s economic, social and cultural life. Today, Qatar strives to emphasize this rich heritage through its institutions, architecture, cities, cultural works, and official discourse. This study explores how Qatar preserves the legacy of pearl diving through its cultural policies, linking the past to the present, particularly with respect to the pearl diving community (Mojtama el-ghwas). While some studies have examined Qatar’s pre-oil history, research focusing on the connection between pearl diving history and Qatar’s cultural policies remains limited—this gap forms the core of the present study. Methodologically, the research examines the various ways Qatar promotes the historical culture of pearl diving in its modern context, using tools such as official discourse, museums, architecture, cultural production, education, and digital platforms. The findings suggest that these cultural policies aim to reinforce heritage and connect current generations to the history of their ancestors through both tangible and intangible means, collectively strengthening Qatari identity. Moreover, these policies reflect Qatar’s Vision 2030, wherein history is deeply integrated into national policies, demonstrated by the state’s diverse and comprehensive efforts to preserve its heritage in everyday life.

Keywords: Diving Community; Heritage; Identity; Ancestral History; Qatar; Cultural Policies

Cite this article as: Almasri, Mothana & Abdin, Omar. "Policies of Identity Building and the Re-Production of Heritage: The Cultural Status of Diving in Qatar," Tajseer Journal for Interdisciplinary Studies in Humanities and Social Science, Vol. 6, Issue 2 (2024), pp. 131-161. https://doi.org/10.29117/tis.2024.0187

© 2024, Almasri & Abdin, licensee, Tajseer & QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0


 

مقدّمة

يُعدّ العنصر الثقافي أحد الجوانب الأساسية لفهم هوية المجتمع بشكل عام. فالثقافة، سواء كانت مادية أو فكرية، تعكس كيفية تشكل هويات المجتمع وتوجه النظرة نحو المجال الثقافي والاجتماعي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تحديد محتوى الثقافة عن طريق التعمق في الممارسات التاريخية أو المعاصرة داخل المجالين الاجتماعي والاقتصادي كوسيلة للكشف عن البنية الثقافية الكامنة.

في محاولتنا لدراسة موضوع الثقافة والهوية، نرى أن الهوية لا تعمل ككتلة منعزلة عن النطاقين الرسمي وغير الرسمي للدولة؛ إنما هي في حالة تفاعل مستمر مع السياسات الرسمية، إذ تسعى بعض الدول إلى تشكيل هويتها وفقًا للسردية التي ترغب في ترويجها، وتعمل الدول في هذا السياق على تعزيز بعض المفاهيم الثقافية والتراثية، للمحافظة على تماسك "الهوية الوطنية". قد تكون هذه السياسات ضرورية من أجل الحفاظ على الهوية وضمان استمراريتها، إذ إنها تعكس الماضي وتشمل عناصر التراث واللغة والقيم والعادات والتقاليد المشتركة. Top of Form

في سياق الخليج العربي، وتحديدًا في السياق القطري، تبرز السياسات التي تتبناها الدولة في التعامل مع القضايا الثقافية وإدارتها للمجال الثقافي من خلال وسائل مختلفة، منها الخطابات المختلفة للدولة، والمؤسسات المتنوعة، مثل مؤسسة التعليم والإعلام وغيرها من الأدوات. يتبلور بحثنا حول السياسات الثقافية في قطر؛ حيث نعتزم استخدام مجتمع وثقافة الغوص كمثال للتعمق في كيفية تعامل قطر مع تراثها الثقافي القديم المرتبط بفترة الغوص على اللؤلؤ، نظرًا للأهمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية التي حظي بها الغوص في التاريخ القطري. إذ إنّ مهنة الغوص بجميع تخصصاتها، وما يرتبط بها من صناعات، ذات أثر كبير على المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية في المجتمعات الخليجية عمومًا، والمجتمع القطري خصوصًا؛ إذ كانت مصدر رزق رئيسي للسكان، خلال الفترات التي سبقت اكتشاف النفط، وذلك منذ بداية القرن التاسع عشر وحتى الثلث الثاني من القرن الماضي. اتسمت مهنة الغوص بخصائص جعلتها "ظاهرة كلية" تستحق الفحص العميق؛ إذ كانت تحتوي على علاقات اجتماعية ثرية، وأنظمة اقتصادية وثقافية متشابكة. وفضلًا عن ذلك، يمكن القول بإيجاز، أن الغوص كان عصب الحياة في قطر في الفترة التي سبقت اكتشاف النفط.

 استنادًا إلى ما سبق، تسعى هذه الدراسة إلى الإجابة عن الإشكالية التالية: كيف تسعى دولة قطر إلى الحفاظ على تاريخ الغوص على اللؤلؤ من خلال سياستها الثقافية؟ وبهذا، يهدف البحث إلى التفاعل نظريًا وتجريبيًا مع السياسات التي اعتمدتها دولة قطر بهدف ربط الماضي بالحاضر، خاصةً ما يتعلق بمجتمع الغوص، في ظل التحديات التي تواجهها الدولة، والتي من شأنها أن تؤثر على الذاكرة الجمعية القطرية، لا سيما في ظل مجتمع أغلبيته غير قطرية. وبالتالي، يتمثل الهدف الأساسي من السياسات الثقافية لدولة قطر في الحفاظ على التراث وتماسك الهوية القطرية، من خلال تحفيز التفاعل بين تاريخ قطر قبل اكتشاف النفط وواقعها الحالي.

ولتحقيق هذا الهدف، يتعين علينا الاعتماد على المصادر التي تعزّز مفاهيم الثقافة والتراث وتساهم في تقديم التواصل بين الماضي والحاضر. ومن خلال مراقبة تأثير هذه السياسات عبر عدة وسائل، من أهمها الخطاب الرسمي والسياسات، والمتاحف، ومحتوى المعارض، والمنتديات، والمؤتمرات التي ترتبط بثقافة الغوص على اللؤلؤ. علاوة على ذلك، يمكننا النظر في عمق دولة قطر اليوم ومدنها لاستكشاف ما تحتفظ به من موروث تاريخي، وقد تمكنّا من تتبع ذلك من خلال فحص المواقع الرمزية التي تعرّف الأفراد بتاريخ الغوص والأدوات والمفاهيم المتعلقة باللؤلؤ كعنصر أساس من تراث الأجداد.

وإضافةً إلى ذلك، هنالك جانب آخر مهم يعكس قيمة ومركزية ثقافة مجتمع الغوص في الثقافة القطرية، وهو دور التعليم في نقل التراث والثقافة، كما يظهر من خلال المناهج التعليمية التي تناولت موضوع التراث والثقافة، بالإضافة إلى الكتابات والأبحاث المختلفة التي تسهم في توثيقه ونقله إلى الأجيال القادمة.

نعمل في بحثنا على تحليل هذه النماذج والخطابات والأمثلة التاريخية والحاضرة بغية إظهار كيفيات تجلي الثقافة التاريخية لمجتمع الغوص، متعقبين بذلك مجالات مختلفة خصصناها لغرض إنجاز هذا البحث، مثل متحف قطر الوطني، وعمران المدينة، والأعمال السينمائية، ومؤسسة التعليم، والمواقع الإلكترونية مثل زوروا قطر (Visit Qatar) وغيرها. تهدف هذه النماذج التي تُطبق "السياسات الثقافية التراثية" إلى تعزيز ثلاث مسائل رئيسة: أولًا، تنويع المصادر الاقتصادية لدولة قطر من خلال الجمع بين اقتصاد النفط واقتصاد المعرفة من خلال استحضار عنصر "التراث". ثانيًا، إحياء تراث الماضي؛ أي تاريخ الأجداد في فترة ما قبل اكتشاف النفط. ثالثًا، تشكيل حلقة وصل بين الماضي القريب والحاضر، مما يدمج التاريخ في ثقافة قطر اليوم ويقلل الفجوة بين الأجيال القطرية المختلفة.

تنبع أهمية هذه الدراسة من عدة أوجه، من أبرزها غياب الدراسات التي تسعى لفهم العلاقة بين تاريخ الغوص على اللؤلؤ في قطر والسياسات الثقافية الحالية. إذ اهتمت الدراسات التاريخية السابقة بشكلها العام بدراسة فعل الغوص، وتقديم وصف دقيق له أو دراسة التراتبية الاجتماعية والعلاقات داخل مجتمع الغوص. كما فحصت دراسات أخرى قضايا مثل التضامن أو الصراع داخل مجتمع الغوص، أو تناول الاحتفالات المرافقة لعملية الغوص والأغاني الشعبية المرتبطة بها. بالإضافة إلى ذلك، اهتمت بعض الدراسات بتوثيق أدوات الغوص، بما فيها أنواع السفن المختلفة، وركزت أخرى على دور المرأة في هذه العملية الطويلة[1]. بينما لم يتم تناول مكانة هذا المجتمع وهذه الثقافة ضمن سياسات الدولة اليوم في الدراسات السابقة، ولا في المقالات الصحفية اليومية حسب اطلاعنا، لذا، توجهنا إلى فحص تواجد هذا التاريخ في حاضر الدولة والمجتمع اليوم، لكن هذا لا يعني أننا نحاول اختزال التاريخ القطري في تاريخ الغوص، فنحن نعلم أن التاريخ القطري متنوع ويشمل سكان الساحل الذين يرتبطون بالبحر في نمط عيشهم؛ حيث يعد البحر "كل شيء" بالنسبة إليهم، ويستفيدون منه في صيد الأسماك واللؤلؤ وغيرها. ومن ناحية أخرى، هناك سكان الداخل الذين استقر جزء منهم في تجمعات لتكوين قرى خليجية أو الذين يجوبون الصحراء مع قطعانهم؛ حيث تعدّ "المركز" بالنسبة إليهم ويتمسكون بنمط المعيش البدوي الخاص بهم، والتفاعلات التي نشأت بين سكان الساحل والداخل. ومع ذلك، نعتزم إلى أخذ ثقافة مجتمع الغوص كحالة في بحثنا، وليس إغفال منا لباقي الجوانب المُشكِّلة للتاريخ القطري.

 لذا، يُعدّ غياب هذا الربط المحور الرئيس لهذه الدراسة، بناءً على ما تم استعراضه من الدراسات في هذا المجال، تُعد هذه الدراسة، حسب اطلاعنا، أول دراسة تحاول فهم كيف تعمل السياسات الثقافية في دولة قطر على الحفاظ على إرث مجتمع الغوص. ومن ثمّ، يقدم البحث إضافة جديدة في المجال الأكاديمي بمنطقة الخليج العربي. وهذا لا ينفي وجود تحديات عدة لإنجاز هذه الدراسة، مثل قلة المصادر لتهيئ فهم أولي للحالة التي ندرسها، إضافة إلى الصعوبات التي واجهتنا في الوصول إلى أفراد ذوي صفة رسمية في الدولة لإجراء مقابلات، مما أثّر على اختياراتنا المنهجية. ورغم هذه الصعوبات، لم نقتصر على ذلك، بل نسعى أيضًا إلى تمهيد الطريق لدراسات أخرى تهدف إلى فهم كيف تعمل الدولة على عرض تاريخها وعلاقته بالحاضر.

 بناءً على ذلك، ينقسم البحث إلى قسمين رئيسين: الأول يتعلق بالجانب النظري والمفاهيمي، والآخر يرتبط بالجانب العملي؛ حيث نقدم أمثلة حية من واقع الحياة في قطر.

أولًا: مقاربات مختلفة لفهم السياسات الثقافية وعلاقتها بالتراث الثقافي

1.      السياسات الثقافية

في سياق السياسات الثقافية، يشهد المفهوم تباينًا ونزاعًا بين المنظرين في العلوم الاجتماعية، مثل التاريخ والثقافة ودراسات الهوية، حول ما يُمكن اعتباره "سياسات ثقافية". ومع ذلك، هنالك عدد من الاتجاهات النظرية الدولية والمحلية التي يُمكن أن توضح لنا هذا المفهوم. فمثلًا، حسب منظمة اليونيسكو، تُعدّ السياسات الثقافية مجموعة من الممارسات والعمليات التي تقوم بها الدولة بغية إشباع بعض الحاجات الثقافية لمجتمع ما، وذلك من خلال استخدام المصادر والموارد المتاحة لإبراز وتوضيح الجوانب الثقافية التي تُميّز هذا المجتمع في مرحلة تاريخية معيّنة. ومن الناحية النظرية والمفاهيمية، يمكننا القول بأن الملمح الرئيس للسياسات الثقافية هو أنها أداة تُستخدم من قبل الأفراد والمؤسسات المعنية للحفاظ على ثقافة مجتمع ما، أي بقاء عاداته وتقاليده وتاريخه وأعرافه ومعتقداته حيّة في الحاضر. وتُعد السياسات الثقافية عبارة عن "أنساق من التوجيهات المخططة"، التي تقوم الدولة بوضعها ومراقبتها لتحقيق أهدافها الثقافية[2]. وبالتالي، تتبنى أجهزتها مشروعات تتجاوز المجالات والأبعاد الثقافية والسياسية لتكوين هذا "النسق" (System) الثقافي والاجتماعي. في هذا السياق، يصف جيريمي أهيرن (J. Ahearne) السياسات الثقافية بأنها مسارات عمل استراتيجية صريحة تتخذها الدول لتشكيل رؤيتها وبرنامجها الثقافي.[3] بينما تتجاوز سيرينا إيرفولينو (Iervolino) هذا الطرح لتؤكد أن السياسات الثقافية ليست فقط تلك التي تحددها الدولة بشكل صريح كسياسات لخدمة أهداف وحاجات ثقافية معينة، بل تشمل أيضًا تلك التي يُمكن استنباطها من خلال فحص المجالات المجتمعية، والسياسية، والقانونية لفهم الاتجاهات المتعلقة بتنمية الثقافة والفنون وتعزيز الإرث التاريخي[4].

ينطلق الباحثون في مجال الدراسات الثقافية من نقطة تفهم السياسات الثقافية بوصفها استراتيجية يتم السير وفقًا لهاTop of Form

[5]. في هذه الدراسة، نعدّ السياسات الثقافية معبرةً عن "استراتيجية دولة" (State Strategy). ونعي تمامًا أن السياسات الثقافية تتطلب تظافرًا وتكاملًا بين شتّى قطاعات المجتمع، بكونها تدخل ضمن إطار أوسع يتعلق بالمسألة الثقافية للدولة[6]. لهذا، يمكن القول إن السياسات الثقافية هي مجموع الخطط والأعمال والممارسات الثقافية التي تهدف إلى سد الحاجات الثقافية لبلد أو مجتمع ما، من خلال استثمار أقصى الموارد المادية والبشرية المتاحة لهذا البلد أو المجتمع[7].

2.      الهوية الوطنية

تذهب كثير من التوجهات والتيارات إلى الجدل بأن السياسات الثقافية ترتبط ارتباطًا مباشرًا ورئيسًا بصناعة الهوية الوطنية/ القومية. وفقًا للاتجاه السائد في دراسات الهوية الوطنية، فإن مفهوم الهوية الوطنية يُعبّر عن المقومات والمكونات والمشاعر التاريخية والثقافية المرتبطة باللغة والعادات والتقاليد، التي تُشكِّل نوعًا من الشعور بالانتماء للمجموعة والأرض. وبعبارة أخرى، تُعدّ الهوية الوطنية السبب المباشر للشعور بالانتماء للدولة القومية/الوطنية[8]. وفي هذا السياق، تطرح أدبيات الهوية والتراث إشكالية تتعلق بالأدوات التي تشكّل جسرًا بين السياسات الثقافية والهوية الوطنية، بما فيها عنصر التراث. بعبارة أخرى، تسعى الأدبيات إلى فهم كيفية تأثير السياسات الثقافية في تشكيل وإعادة تشكيل الهوية الوطنية.

في هذا السياق أيضًا، تُجادل فيلارويا آنا (V. Anna)، وهي باحثة مختصة في مجال فهم تفاعلات السياسة مع الثقافة، بأن السياسات الثقافة ترتبط بالهوية الوطنية من خلال عوامل عدة. على سبيل المثال، في الحالة القطرية، تلعب اللغة العربية دورًا مهمًا في تعريف مفهوم محدد لثقافة المجتمع، كما تشارك عوامل أخرى في تشكيل تلك الهوية، مثل التعليم والتنمية والأسرة، بالإضافة إلى فحص مؤسسات الدولة لحجم التغييرات الاجتماعية في المجتمع، خصوصًا تلك المرتبطة بحركة المهاجرين ذوي الثقافات والإثنيات المختلفة[9].

3.      التراث الثقافي

وفقًا لاتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي التي أقرّتها منظمة اليونسكو في الدورة السابعة عشرة في باريس عام 1972، واتفاقية الحفاظ على التراث غير الملموس لعام 2003، يمكن تحديد التراث بشكل دقيق من خلال خصائصه التي تشمل عناصر ملموسة وغير ملموسة، كالآتي:

‌أ.        الآثار: تشمل الأعمال المعمارية والنحتية، والتصوير على المباني، والتكوينات ذات الصفة الأثرية، والمعالم التي لها قيمة استثنائية من وجهة نظر التاريخ.

‌ب.    المجمعات: هي مجموعات المباني التي تحمل طابعًا معماريًا خاصًا، وتعود رمزيّته إلى قيمته العالية المستقاة من التاريخ أو الفن أو العلم.

‌ج.     المواقع: تشمل المواقع التي يقوم الأفراد في مجتمع ما ببنائها لتقديم تصميمات جمالية أو إثنولوجية أو أنثروبولوجية.

‌د.      التراث غير الملموس: يُعبر عن الثقافة غير الملموسة بكافة أنماطها، مثل التراث الشفهي والعبارات؛ إذ تلعب اللغة والتعبيرات الثقافية دورًا حاسمًا في تدوين ذلك التراث الشفهي لمختلف الأجيال والحفاظ عليه. ويحظى هذا النوع من التراث بأهمية خاصة في الحالات التاريخية، بما في ذلك الخليجية. كما تشمل الموسيقى والفنون والعادات الاجتماعية والثقافية والأعياد والمعرفة التاريخية، كونها وجهًا ومصدرًا آخر للتراث الثقافي غير الملموس.

من الجدير بالذكر أن المدارس التاريخية والثقافية لا تتفق على كافة الخصائص المُحددة للتراث الثقافي الملموس وغير الملموس. لذا، من المهم النظر في كيفية تأطير المدارس التاريخية الأخرى للتراث الثقافي؛ إذ تتبلور توصيفات المدرسة الأمريكية للتراث الثقافي من خلال مفهوم "المصدر الثقافي" (Culture Resource)، الذي يعدّ أحد مظاهر النظام الثقافي، سواء كان ملموسًا أو غير ملموس، مثل الأحياء، والمدن التاريخية، والمواقع، والمباني، والمنشآت، والمواد التي تصنّفها الحكومات الوطنية على أنها تاريخية مثل المواقع الأثرية، والمناظر، والأجسام الطبيعية، والموارد المتحفية[10].

4.      السياسة الثقافية التراثية

عند محاولة دمج ثنائية التراث الثقافي والسياسات الثقافية، نصل إلى مفهوم "السياسة الثقافية التراثية"[11]. يتجسد هذا المفهوم في جملة من العمليات التي تشمل عرض وحفظ وإدارة التراث الثقافي، باستخدام التشريعات القانونية، والتخطيطات، والممارسات التنفيذية، والإجراءات الإدارية، بالإضافة إلى الطاقات الإدارية والمالية والثقافية. يهدف هذا النهج إلى خلق سوق تراثي وطني وعالمي؛ حيث تكون المواد التراثية الثقافية البضاعة التي تمثل "المشهد الثقافي التراثي". يتميز هذا المشهد بتمثيل الهوية المحلية للثقافة الشعبية وتاريخ الأجداد، بينما يظهر عالميًا ثقافة وتاريخ مجتمع معين[12].

5.      السياسات الثقافية في الخليج العربي

فيما يتعلق بالسياسات الثقافية في دول الخليج عامةً، فإن أغلب الدراسات تحلل الماهية والاتجاه والأهداف على المدى المتوسط والبعيد. فمثلاً في دراسة أنجزتها ميرغني (Mirgani) حول الاستثمار في البنية التحتية الثقافية في دول الخليج[13]، ركزت على تشجيع الدول الخليجية للإنتاج الثقافي الفردي والإبداعي، دون التطرق بعمق إلى السياسات المتعلقة بتعزيز "التراث الثقافي"، وهو ما يُشكّل أحد حدود هذه الدراسات.

وفقًا لهذا الاتجاه البحثي، تمتلك الحكومات الخليجية رؤى ثقافية مستمدة من خطط متعددة الأبعاد والمجالات لعام 2030، التي تهدف أساسًا إلى تحقيق هدفين رئيسين: أولًا، تنويع النشاط الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي من خلال وسائط متعددة مثل المتاحف الوطنية والمواقع الإلكترونية وجذب الفنانين من أقطار مختلفة في العالم، تشجيعًا للسياحة ولبناء مستقبل اقتصادي يعتمد على المعرفة. وبالتالي، يمكن أن تصبح المادة التاريخية والثقافية مصدرًا للربح، ويُعرف هذا بـ "اقتصاد التراث" أو "اقتصاد الثقافة"؛ حيث أن يرتبط التاريخ/الثقافة بإنشاء سوق تاريخي/ثقافي يهدف إلى تعريف العالم بالإرث التاريخي والثقافي للمنطقة وتحقيق الربح من هذا الإرث، مُشكّلا بذلك مصدرًا إضافيًّا أو بديلًا في المستقبل.

رغم وضوح هذا الهدف الذي يركز الربح والخسارة في الرؤى الوطنية للدول الخليجية، فإن التركيز النظري للباحثين عليه أدى إلى تناول شبه اختزالي لجانب آخر، وهو من وجهة نظر النظرية التاريخية والتاريخية الاجتماعية والثقافية أكثر أهمية: الحفاظ على الماضي في طيّات الحاضر. لذلك، يتمثل الهدف الثاني للسياسات الثقافية في دول الخليج في استكمال تعزيز الهوية الوطنية الخليجية ومُكوناتها التاريخية، وهو ما يهمنا في بحثنا الحالي؛ حيث نهدف إلى فهم كيفية عرض وحفظ دولة قطر لتراثها التاريخي كعنصر أصيل ومكوّن رئيس لهويتها الوطنية.

6.      السياسات الثقافية في دولة قطر

استنادًا إلى المقولة النظرية التي يتبناها جمال عليان في عمله حول الحفاظ على التراث الثقافي، والتي تُجادل بأن التراث الثقافي لمجتمع معين يعتمد على قيمه ومعتقداته وممارساته العابرة للأجيال[14]، نُزعم في هذا البحث أن وجود معالم تراث الأجداد في حاضر المجتمع القطري ينبع من حاجة المجتمع للحفاظ على ماضيه من أجل تعزيز هويته الوطنية، خاصةً في ظل الوجود الكثيف للهويات الأخرى غير القطرية من عربية وآسيوية وأوروبية داخل دولة قطر، والتي تُشكّل الأغلبية العددية[15].

تطرح مسألة أولويات الفعل السياساتي (Policy Action) للحفاظ على التراث الثقافي تساؤلًا حول كيفية إدارة هذا التراث؛ إذ تتراوح المنظورات بين ثنائية "الحفاظ على التراث" و"إدارة التراث"؛ حيث تركز المدرسة الأمريكية في الدراسات الثقافية على إدارة التراث كمصدر أساسي للتعامل معه، بينما تركز المدرسة الأوروبية على أولوية الحفاظ على التراث، مع كون الإدارة مُكمّلة لعملية الحفاظ[16].

وفي هذا البحث، نحاججُ بأن الخطاب الرسمي وسياسات المدينة في قطر، يُظهران أن الحفاظ على التراث الثقافي يُعد أولوية قطرية، كما يظهر من خلال توجيهات المسؤولين والمؤسسات التي تسعى إلى تعزيز مكانة التراث في الحاضر القطري، على سبيل المثال، يتم تصميم مدينة الدوحة وفقًا لأنساق تخطيطية وتنفيذية معينة تهدف إلى إبراز ثقافة مجتمع الغوص الذي كان محور الحياة القطرية قبل فترة ما قبل اكتشاف النفط، سواء من خلال المشروعات الاستثمارية مثل استاد الجنوب الذي يحمل قيمًا ثقافية مرتبطة بالغوص على اللؤلؤ، إلى غيره من التصاميم الكثيرة المرتبطة بالغوص. ونُحاجج أيضًا، بأن دولة قطر تتبع هذا النمط في بناء مدنها وتتخذ سياسات عدة لإبراز ثقافة الغوص، التي تظهر في جوانب متعددة من تصميم المدينة. بينما تعدّ إدارة ذلك التراث من خلال مؤسسات الدولة المعنية بالشأن الثقافي عملًا لا يقل أهمية، إلا أنها ليست هدفًا ثقافيًا بحد ذاته، بل داعمة للحفاظ على التراث.

ثانيًا: السياسات الثقافية ومجتمع الغوص في دولة قطر

شكّل الغوص عصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لقطر فبل اكتشاف النفط، وتُظهر دولة قطر، من خلال مؤسساتها ومجالاتها ومدنها وخطابها الرسمي، اهتمامًا بالغًا في إبراز هذا الملمح التراثي. كباحثين لتطورات المجتمع القطر من منظور تاريخي-اجتماعي، يُمكننا الادعاء بأن مجتمع الغوص يتجسد كنظام اقتصادي وثقافي واجتماعي في مختلف مجالات الحياة العامة في قطر.

 يبدأ هذا التجسيد من شعار الدولة الرسمي الذي يرمز إلى الغوص، ويعكس دوره في حياة القطريين. بالإضافة إلى الدور الحيوي الذي يقوم به المتحف الوطني في توثيق وإبراز ذاكرة الغوص؛ حيث يقدم قصة الغوص على اللؤلؤ كجزء أساسي من التاريخ القطري، ما يجعله وجهة جذب مهمة للسياح والمقيمين على حد سواء. كما تعمل المنصات الإلكترونية على تحقيق نفس الهدف، بتوفير محتوى ثقافي يبرز الإرث القطري ويعزّز الوعي بقيمته. ويتكرر في الخطاب الرسمي التأكيد على أهمية التراث القطري والحفاظ عليه، كما يتجلى أيضًا في الشعارات الوطنية والتصاميم المعمارية التي تعكس عناصر تراث الغوص. كما تُعبّر المنظومة التعليمية عن تعزيزها المعرفة بهذا التراث؛ حيث تقوم المؤسسات التعليمية بتضمين تاريخ الغوص ضمن المناهج الدراسية، بهدف غرس هذا الإرث في الأجيال الصاعدة، وتعبر المؤسسات الرسمية الثقافية عن التزامها المستمر بتعزيز هذا التراث وتوثيقه من خلال الفعاليات والبرامج التي تسلط الضوء على أهمية الغوص.

وبناءً على ذلك، نقوم فيما يلي بتحليل هذا المشهد بعمق أكبر، مبرزين مختلف الطرق التي تستخدمها الدولة القطرية في الحفاظ على إرث الغوص وتدبيره، سواء على مستوى الخطاب أو الممارسات العملية، مع التركيز على الفترة التي سبقت اكتشاف النفط، وأهمية منظومة الغوص على اللؤلؤ في تشكيل الهوية الثقافية الوطنية.

1.      الخطاب الرسمي

يجد اهتمامنا بموضوع خطاب النخب السياسية تبريره في اعتقاد الدراسات الوطنية أن خطاب النخب يساهم في تشكل وإنتاج الهوية الوطنية[17]. عند مراجعة الخطاب الرسمي في السياق الخليجي، وبالأخص في السياق القطري، يظهر التوجه النظري للدولة بوضوح في خطاب أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ففي خطابه المتعلق برؤية قطر 2030، يوضح أن "رؤية قطر 2030 تقيم جسرًا يصل الحاضر بالماضي"[18]، مما يعكس الاستمرار في تعزيز هوية المجتمع. وذا التوجه ليس جديدًا، بل هو امتداد لنهج العائلة الحاكمة؛ حيث سبق الأمير الوالد، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أن أكد على أهمية التوازن بين التقدم المادي والحفاظ على القيم والتقاليد الثقافية. في أحد خطاباته، قال: "ومع أن قطر تشهد حاليًا تقدمًا في النواحي الاقتصادية والتقنية والاجتماعية، فإنها استطاعت المحافظة على تقاليدها الثقافية وقيمها"[19]. تُظهر هذه التصريحات الرسمية أن قيادة الدولة تسعى إلى تحديث المجتمع مع الحفاظ على أصالة هويته الثقافية.

تجسد رؤية الدولة هذا النهج عبر التركيز على مبدأ رئيس يتمثل في "حماية التقاليد"، كما يظهر مختلف جوانب الحياة في قطر، فالمؤسسات والأفراد على حد سواء يتبنونه، كما يتجلى في العديد من الشعارات التي تمثل نواة الحياة في قطر، مثل "تاريخ الأجداد"، أو "مرابع الأجداد أمانة"، أو "على نهج الأُلى".

A white surface with writing on it

Description automatically generated

الشكل (1): الشعارات الرسمية التي تعتمدها اللجنة المنظمة لاحتفالات اليوم الوطني لدولة قطر[20]

عند تحليل مضمون الشعارات الرسمية التي تعتمدها الدولة، نجد أنها تحمل دلالات تاريخية عميقة ترتبط بجذور الهوية القطرية، وتعيدنا إلى منظومة الغوص على اللؤلؤ، التي شكلت عصب الحياة في قطر لفترة طويلة. في شعار "على نهج الأُلى"، الذي تم اعتماده كشعار لليوم الوطني لدولة قطر في عام 2010[21]، والذي يستمد أصله من النشيد الوطني القطري "سيروا على نهج الأُلى سيروا"، يشير (هذا الشعار) إلى السير على خطى الأجداد وتاريخهم، خاصةً في ظل ما تعرضوا له من تحديات وصعوبات، مثل المعاناة في البحر وفترات الركود التجاري المعروف بـ "سنة الطبعة" عام 1923، وفترات العسرة بين عامي 1930 و1945 التي شهدت تراجعا تجارة اللؤلؤ تراجعًا نتيجة بسبب انتشار إنتاج اللؤلؤ الصناعي الياباني[22].

يحمل نهج الأُلى، بالتعبير القطري، دلالات ترتبط بمركزية الهوية الإسلامية، خاصة في مفاهيم الرحمة والعدل والتسامح التي كانت سائدة بين القطريين في الماضي. ويعكس التمسك بهذا النهج التأكيد على أن ما يمارسه القطريون اليوم امتدادًا لفخرهم واعتزازهم بقيم وتقاليد الماضي.

على نفس المنوال، يعكس شعار "مرابع الأجداد أمانة"[23]، المستمد من قصيدة المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني والذي تم اعتماده كشعار لليوم الوطني لدولة قطر في عام 2021، يعكس ارتباط القطريين الوثيق ببيئتهم التاريخية، التي شكل البحر جزءًا لا يتجزأ منها، ويرمز إلى الغوص لاستخراج اللؤلؤ؛ حيث يتضمن مفاهيم الصبر، والشجاعة، والحكمة. مما يؤكد استمرارية هذا التراث في الحاضر.

يظهر من خلال هذا الشعارات اهتمام الدولة القطرية بالحفاظ على التراث الثقافي ونقله للأجيال القادمة. وهذا ما أكده حمد بن عبد العزيز الكواري، الوزير السابق للثقافة والفنون والتراث؛ حيث أشار إلى أن التراث القطري يشكل جزءًا أساسيًا من الهوية القطرية ويعكس التواصل مع "تاريخ الأجداد". وفي تصريح آخر، أوضح الكواري أن "التراث ليس له معنى إلا إذا ربطناه بالحاضر وتحدياته. وبالتالي، يعدّ جزءًا جوهريًا من الهوية، ولا يمكن تصوير الهوية بدون وجوده"[24].

إلى جانب هذا الخطاب الرسمي، يتجسد الاهتمام القطري بالتراث من خلال "نموذج الرعاية" في تطبيق السياسات الثقافية؛ حيث تقوم العائلة الحاكمة برعاية الفعاليات الثقافية وتنظيمها، ودعم إقامة المؤسسات الثقافية والمهرجانات وبناء المتاحف. وهذا النموذج، وإن كان يعتمد على الرعاية الأميرية، فإنه يتيح أيضًا للمؤسسات الثقافية أداء دورها بفعالية في تعزيز التراث الثقافي والهوية الوطنية.

يتضح مما سبق، أن الدولة القطرية تتبع سياسة ثقافية رسمية تهدف إلى الحفاظ على التراث التاريخي، وتعزيز الهوية الوطنية من خلال مؤسساتها وسياستها المختلفة. وتمثل هذه الثقافة، كما وصفها كليفورد غيرتز (C. Geertz) شبكة من الرموز التي تمنح الحياة معانيها في سياقها الزماني والمكاني[25]؛ حيث يمتزج الماضي بالحاضر ليشكل الهوية الوطنية كاستراتيجية ثقافية تحافظ على إرث الأجداد، وتبرز صورة المجتمع القطري كنظام ثقافي (Cultural System) متفرد.

2.      شعار دولة قطر

A logo with a boat and palm trees

Description automatically generated

الشكل (2): الشعار الرسمي لدولة قطر[26]

ينظر إلى شعار الدول بوصفه رمزًا يرتبط مباشرةً بتشكيل الهوية الوطنية للشعوب، ويرى العلماء والباحثين في علم الاجتماع أن رمزية الشعار الوطني ترتبط بعاملين: أولهما اجتماعي ونفسي مُجرّد، وهو ما يعرف، بـ "الرمزية الوطنية" (national symbolism)؛ حيث يعد الشعار إحدى الركائز التي تعزّز الشعور بالانتماء الاجتماعي والنفسي لمكانٍ ومجتمعٍ معين. أما العامل الثاني، فهو أن الشعار يعمل كـ "نظام وظيفي" (functional system)، يؤدي وظائف متناغمة مع باقي مكونات المجتمع والسياسة؛ إذ تُوظّفه الدولة في المحافل الوطنية والدولية، ويُعبّر الأفراد من خلاله عن هويتهم، كما تُعرّف الدولة نفسها وتاريخها وحاضرها من خلاله، بطريقة بصرية واضحة ودقيقة[27].

في السياق القطري، ووفقًا للمتحدث الرسمي لمكتب الاتصال الحكومي، محمد الهاجري، فإن أحد الأهداف الرئيسة لشعار دولة قطر هو "إبراز وترسيخ الهوية المؤسسية لدولة قطر على المستوى المحلي والإقليمي والدولي"[28]. أُقرّ أول شعار لدولة قطر في عام 1966، وشهد منذ ذلك الحين أربع تعديلات، آخرها كان في عام 2022. يحمل الشعار رموزًا تاريخية تعبر عن هوية قطر، ويتألف من أربعة عناصر رئيسة: النخلة، والسيف، والمركب التقليدي، والبحر. يعد البحر رمزًا جوهريًا في التراث القطري؛ إذ كان الإبحار لصيد اللؤلؤ جزءًا أساسيًا من الاقتصاد القطري في الماضي. أما المركب التقليدي (الجالبوت)، الذي أطلق عليه اسم "فتح الخير" تيمنًا بجلب الخير أثناء رحلات صيد اللؤلؤ وتجارته. فهو عنصر يعكس جزءًا لا يتجزأ من تاريخ البلاد. في النهاية، يهدف الشعار إلى ترسيخ هوية بصرية موحدة للشعب القطري، ويضع تاريخ الغوص على اللؤلؤ في صميم رموزه الثقافية[29].

3.      المتحف

يُعد المتحف مرآة تعكس ثقافة وتاريخ الشعوب، ووعاءً يحفظ ذلك التاريخ ويعرضه في الحاضر. ويحمل المتحف قيمة وطنية بالغة، باعتباره أحد أهم الوسائط التي تقدم السردية التاريخية اليوم. من خلاله، تُقدم الدولة رؤيتها عن الأرض والمكان والإنسان للجمهور الداخلي والخارجي، عبر مجالات مختلفة ترتبط بالتاريخ السياسي والاقتصادي والثقافي والعسكري. بهذا المعنى، يعمل المتحف كحافظ للذاكرة الجماعية؛ حيث يعيد تشكيلها باستمرار وفقًا للمخيال الاجتماعي الوطني[30].

أمّا بالنسبة إلى موضوع المشاهدة الحالي، وهو "متحف قطر الوطني"، الذي تأسس بحلته الجديدة عام 2019، بعدما رأت الدولة ومؤسساتها ضرورة وجود كيان وطني، يعرض المادة التاريخية والثقافية التي توثق ما كانت عليه قطر في الماضي. وقد زار المتحف أكثر من 320 ألف زائر[31] خلال الأشهر الأولى من افتتاحه. إلا أن الزيارات توقفت بسبب أحداث كوفيد-19، ومن ثم عادت بقوة أكبر مع الانفتاح الذي شهدته البلاد بعد الأزمة، لا سيما مع قدوم الآلاف لحضور كأس العالم في دولة قطر 2022، وما رافقه من اكتشاف ثقافة وتاريخ البلد المنظّم. وفقًا لمدير دائرة التراث الثقافي بمتحف قطر الوطني، الجاسمي، ارتفع عدد الزيارات إلى المتحف إلى 600 ألف سنويًا[32]. وبهذا، يشكل المتحف إحدى أهم المؤسسات الثقافية والتاريخية في دولة قطر؛ إذ تتمكن الدولة من خلاله من إيصال رسائل متعددة للجمهور المحلي (القطري والمقيم)، الخليجي، والعربي، والعالمي. ومن خلال مشاهداتنا وتحليلنا للزيارات وفحص المواد التاريخية والتراثية في متحف قطر الوطني، يُمكننا فهم دور المتحف في مسألة تعزيز ثقافة وتاريخ الغوص على اللؤلؤ، من خلال أربعة جوانب:

-      عرض التراث الثقافي والمادي: يقوم المتحف بعرض التراث الثقافي والمادي باستخدام مفاهيم وعبارات تعبر عن "لغة الحاضر"، بوصفها وسيطًا بين الفرد-أيًّا كان موقعه من البنية الاجتماعية القطرية في مثالنا الحالي- والتاريخ القطري. كمثال على ذلك، قدم المتحف وصفًا مُبسّطًا لبعض ملامح مجتمع الغوص، بما في ذلك أدوار الأفراد داخل هذا المجتمع مثل الغيص والنوخذة والسيب، بالإضافة إلى وصف السفن التي كانت تُستخدم للغوص على اللؤلؤ في قطر القديمة. وباستخدام مفهوم "وصفًا كثيفًا"[33] للسوسيولوجي غيرتز، يمكننا القول إن متحف قطر يعرض الطبقات المختلفة للتاريخ، ولا يقتصر على إظهار الجوانب السطحية فقط.

A red sign with white text

Description automatically generated

الشكل (3): وصف عن تجارة اللؤلؤ[34]

في الصورة السابقة التي التُقطت من متحف قطر الوطني، نجد نبذة تعريفية وصفية عن تجارة اللؤلؤ، التي كانت العامل الرئيس والمحرك للاقتصاد في دولة قطر حتى بداية القرن العشرين. يُقدم الوصف نظرة فاحصة عن الخصائص الرئيسة لتاجر اللؤلؤ الناجح، الذي يُشار إليه بلقب "حاصد الشهر". يعكس هذا التعبير استحواذه على رأس المال الرمزي، الذي يتجلى في مكانة التاجر وثروته، كما تؤكد المصادر التاريخية على أهمية هذه النقطة.

A wall with drawings of boats and tools

Description automatically generated

الشكل (4): عرض لأنواع وأشكال سفن الغوص القطرية[35]

يُعَدُ المتحف، من منظور سوسيولوجي وسياسي وثقافي، أحد الترجمات الممارساتية للخطط والاستراتيجيات السياساتية (Strategic policies)، بما في ذلك الأبعاد السياسية والثقافية، التي تُقرّها المؤسسات القطرية. يعمل متحف قطر الوطني على تنفيذ سياسة استحضار التراث الثقافي بهدف سد الفجوة الجيلية (generational gap) بين مختلف أجيال المجتمع القطري. يتحقق ذلك من خلال عرض التراث القطري لفئات عمرية متنوعة من الشباب والأطفال.

وبالتالي، يُلاحَظ داخل المتحف قسم كامل يختص بمحاكاة مجتمع الغوص، ويعتمد على تقديم عبارات بسيطة تُخاطب الفئات العمرية الصغيرة. يُعرض في هذا القسم شرح حول مجتمع الغوص، بما في ذلك الأدوار التي كان يؤديها كل فرد على ظهر السفينة وفي شؤون أخرى تتعلق بهذا المجتمع، كما يظهر بوضوح في الصورة التالية.

A screen with a cartoon of men on it

Description automatically generated

الشكل (5): شكل تجسيدي لسفينة غوص على اللؤلؤ[36]

-      يتعلق الجانب الثاني بدور المتحف في عرض المواد التاريخية في شكلها العتيق، مثل الكتاب الذي يصف حساب أوزان اللؤلؤ أو المجاديف التي كانت تستخدمها سفن الغوص على اللؤلؤ في دول الخليج العربي في فترة ما قبل اكتشاف النفط. يؤكد هذا على أهمية حفظ المخطوطات والوثائق القديمة المتعلقة بالغوص وتجديدها باستمرار كجزء من السياسات الثقافية في مجال الغوص. يعدّ المتحف وسيلة رئيسة لترجمة تلك السياسات النظرية المتعلقة بحفظ التراث القديم وتحويلها إلى مادة يستفيد منها الأفراد لتعزيز التوعية الثقافية. يسهم ذلك في الحفاظ على تماسك وصلابة الذاكرة الجمعية القطرية. كما يبرز هذا الدور حضور التراث كمورد اقتصادي؛ حيث يزور الملايين من السياح دولة قطر سنويًا، بما في ذلك زيارتهم للمتحف الوطني[37].

An open book with writing on it

Description automatically generated

الشكل (6): كتاب يعود إلى سنة 1920-1921[38]

A group of people in a museum

Description automatically generated

الشكل (7): المجاديف التي كانت تستخدم في سفن الغوص على اللؤلؤ[39]

-      يتعلق الجانب الثالث بفهم المتحف كأداة لعرض وسرد التراث بما يحافظ عليه في الحاضر؛ حيث يعدّ وسيطًا بين التاريخ وتجارب الأفراد الذين يتحدثون عن الملامح التاريخية والعادات والتقاليد والممارسات القديمة، وهو ما يُعرف بـ "التراث الشفهي". تلعب المتاحف القطرية، بما في ذلك متحف قطر الوطني، دورًا مهمًا في إحياء تاريخ الغوص في الحاضر القطري. يُظهر ذلك من خلال المادة الشفهية التوثيقية التي تتألف من مقابلات مع أفراد من مختلف الفئات الاجتماعية والثقافية الذين شهدوا فترة مجتمع الغوص. بالإضافة إلى ذلك، تعدّ الأدوات الفنية، مثل الأفلام التي يستخدمها متحف قطر الوطني، وسيلة أخرى لتوصيل المواد التاريخية إلى الجمهور؛ حيث تجسد جوانب الحياة الاجتماعية والجمالية والثقافية التي عاشها القطريون على مر العقود.Top of Form

 

A person wearing a white robe

Description automatically generated

الشكل (8): شهادات من عصر الغوص[40]

A person in a headdress and glasses

Description automatically generated

الشكل (9): حديث عن زمن الغوص[41]

 

A group of men standing on a boat

Description automatically generated

الشكل (10): مشهد سينمائي حول الغوص[42]

يعرض الفيلم أعلاه "نَفَس" قصة وممارسات مجتمع الغوص بكافة ملامحه، بما يتضمنه من علاقات اجتماعية بين الأفراد على ظهر السفينة وداخل الأسرة، وأشكال المعاناة والمخاطر التي كانت تواجه البحّارة. يُعدّ هذا العمل الفني وسيطًا بين التاريخ وحاضر المجتمع القطري؛ إذ يُشكل مادة سردية شفهية وتمثيلية تقوم الدولة بعرضها لمحاكاة ماضي الأجداد القطريين، مع تسليط الضوء على انعكاساتها الاجتماعية والثقافية والقيمية في المجتمع القطري اليوم.

يحاكي الفيلم التاريخ الاجتماعي والاقتصادي لقطر القديمة؛ إذ يقدم وصفًا مكثفًا لكافة الممارسات التي كان قام بها الأجداد خلال موسم الغوص في البحر، سواء في البحر أو البر. يوضّح الفيلم المعاناة والمخاطر التي تعرض لها الغواص أثناء بحثه عن محارة اللؤلؤ في أعماق البحار، ويُخبرنا أيضًا بالطقوس الشعبية التي مارسها الأطفال والنساء في غياب الرجال في موسم الغوص وحين عودتهم منه. إلى جانب ذلك، يُظهر الفيلم أن قطر ما قبل اكتشاف النفط لم تكن تقتصر فقط على الغوص، بل إنّ للبر قيمة خاصة عند المواطن القطري؛ حيث تقوم النساء بأعمال يدوية وحياتية، مما يُبرز قيمة الأسرة في المجتمع القطري، فهي التي تساعد أفرادها على الصعود في السلم الاجتماعي وتحافظ على تماسكها عبر تمتين العلاقات بين جميع أفرادها. يُعرّف الفيلم القطريين اليوم على ثقافة الأجداد ويعزّز من قيمة المعاناة التي مروا بها، وأنها كانت تحمل في داخلها خطوات حاسمة في سبيل تحقيق التنمية التي تشهدها البلاد اليوم.

-      يُظهر الجانب الرابع كيف يُمكن قراءة المتحف كأداة تطبيقية للسياسات الثقافية في تعزيز التراث. يتجلى ذلك في الجانب التصميمي والجمالي الذي يُبرز البُعد المادي التراثي/الثقافي للأدوات خلال فترة زمنية معينة، مثل سفن الغوص وأدوات الغوص؛ حيث يتم عرض هذه العناصر كمجسمات تاريخية داخل المتحف.

4.      التصاميم المعمارية في ثوبها التراثي

تحمل دولة قطر رؤى ثقافية متنوعة، تستند أساسًا إلى رؤية الدول الخليجية متعددة الأبعاد لعام 2030، وإلى حاجة المجتمع للحفاظ على الماضي القطري من أجل تعزيز هويته الوطنية، خاصةً في ظل الوجود الكثيف للهويات الأخرى غير القطرية التي تُشكّل الأغلبية العددية. في هذا السياق، تركز الرؤى والسياسات القطرية في تصميم مدنها ومحاولة تعزيز هويتها الوطنية على بُعدين أساسيين:

-      البعد الأول، يتمثل في إدراك دولة قطر بأن مدنها، وخاصة العاصمة الدوحة، تتجه لتكون مدينة كوزموبوليتانية/عالمية؛ إذ تضم مجتمعًا متنوعًا من مختلف الجنسيات والثقافات. ولذلك، ينبغي أن يراعي تصميم المدينة احتياجات هذه الجماعات والأقليات وأن يتناسب مع طابعها العالمي، مع إتاحة حرية التنقل في الفضاء العام للجميع.

-      أما البعد الثاني، والأكثر أهمية في هذا السياق، فيرتبط بالتاريخ القطري كجزء من النسيج الخليجي والعربي الإسلامي. لذلك، سعت الدوحة في تصميم المدينة إلى إبراز هذه الأبعاد المختلفة. وعلى الرغم من محاولة تصميم المدينة بشكل حداثي عالمي، إلا أن التركيز على أهمية انعكاس البُعد العربي والخليجي والإسلامي، مع مراعاة الخصوصية القطرية، واختلافات سكان قطر وهوياتهم المتنوعة.

تشير بعض الأدبيات التي اهتمت بفهم المدينة، وخاصة المدن الخليجية، إلى أن المدينة تمثل أنظمة وبنية نسقية، تتمثل في مشاريع استثمارية وتصاميم معمارية. وهذا يعني أن بناء المدينة ليس مجرد مشروع استثماري، بل يحمل أيضًا معاني ثقافية تعكس النسق الذي تسعى الدولة عبره لإيجاده لثقافتها. يتضح ذلك من خلال تداخل الأمور غير المادية، مثل الثقافية، مع الجوانب المادية التي تظهر غالبًا في مشاريع معينة. وبالعودة إلى مثال الدوحة، نرى أنه تم تصميم المدينة وفقًا لنسق معين يهدف إلى إبراز ثقافة مجتمع الغوص، سواء من خلال المشروعات الاستثمارية مثل استاد الجنوب الذي يحمل قيمًا ثقافية ترتبط بمجتمع الغوص على اللؤلؤ، أو من خلال التصاميم الكثيرة المرتبطة بهذا التراث. نُحاجج في هذا العمل أن قطر تتبع هذا النمط في بناء مدنها، وتتخذ سياسات تهدف إلى إبراز ثقافة الغوص كما يظهر في جوانب التصميم الحضري.

قد نغامر في هذا البحث في الادعاء التالي: أن الدوحة هي عبارة عن شبكة من الرموز والمعاني التي تهدف إلى التمسك بكل ما يخص مجتمع الغوص وإبرازه. يستند هذا إلى الملاحظات المتكررة والفحص العميق للعديد من الأمور، من أهمها المعمار ومعانيه في مدينة الدوحة، على سبيل المثال، يمكن ملاحظة ذلك في محاولة الدولة تسويق أماكنها السياحية الخدمية. فمثلًا، تضم الدوحة جزيرة كاملة تسمى جزيرة اللؤلؤة (The Parel)، وهي واحدة من أهم المناطق في الدوحة، تحتوي أبراجًا سكنية، وفللًا، وفنادق بشقيها السكني والتجاري، ومرسى يخوت. فمن اسم المنطقة يتضح الارتباط الوثيق بين التسمية وتاريخ المنطقة في صيد اللؤلؤ. يركز تصميم المدينة على تعزيز التراث المعماري المرتبط بالغوص، ويستخدم المواد والأشكال لخلق تأثير بصري يعزّز الذاكرة الثقافية للمكان؛ إذ إن الجزئية التي صممت على شكل محارة تحتوي على اللؤلؤ، مكسوة بالرخام الأبيض الذي يعكس لون اللؤلؤ عندما تسطع عليه أشعة الشمس، مما يجعلها اليوم معلمًا سياحيًا بارزًا. يشير هذا الادعاء إلى أهمية العناصر الثقافية والتاريخية في تصميم وتسويق المدن، مع التركيز على مدينة الدوحة والمحاولات الواضحة لتعزيز تراث مجتمع الغوص.

الشكل (11): جزيرة اللؤلؤة – الدوحة

5.      استاد الجنوب

الشكل (12): إستاد الجنوب المستوحى من أشرعة القوارب التقليدية (المحامل)- الوكرة

كما ذكرت وكالة الأنباء القطرية، فإن استاد الجنوب يُعد تحفة معمارية تحمل عراقة الماضي ورؤية المستقبل. تم تصمم هذا الملعب لاستضافة مباريات كأس العالم 2022، ويُعد جزْءًا مهما من تراث دولة قطر. يقع الاستاد في مدينة الوكرة التي امتهن أهلها مهنة الغوص على اللؤلؤ، وقد استوحي تصميمه من هذه المهنة؛ حيث جاء على شكل أشرعة المراكب القطرية التقليدية، احتفاءً بتاريخ الوكرة كمركز لصيد اللؤلؤ[43]. يرمز شكل الملعب المستوحى من السفينة إلى تاريخ وإرث المنطقة. ولا يقتصر الأمر على التصميم الخارجي فقط، بل يحمل التصميم الداخلي أيضًا نفس المنطق التصميمي المستوحى من تاريخ الغوص.

6.      نصب اللؤلؤة

الشكل (13): نصب اللؤلؤة- كورنيش الدوحة

إذا تصفحنا موقع (Visit Qatar)[44]، وهو الموقع الرسمي الذي يُعرّف السياح بأبرز الأماكن السياحية والفعاليات في دولة قطر، سنجد أن نصب اللؤلؤة من أهم هذه المواقع؛ فهو يعدّ أحد العناصر الرئيسة في ترويج الثقافة والتراث البحري في قطر، وهو تكريم لتاريخ الغوص على اللؤلؤ. يُظهر تصميم النصب اهتمامًا كبيرًا بتاريخ الغوص على اللؤلؤ، الذي كانت له أهمية اقتصادية كبيرة في الماضي. يُجسد النصب محارة عملاقة مفتوحة؛ حيث ترمز اللؤلؤة الكبيرة في داخلها إلى الثروة والجمال الذي كان يوفره صيد اللؤلؤ. تسهم هذه المعالم الثقافية والفنية في جذب السياح وتعريفهم بتاريخ وتراث البلد، وتعكس التزام قطر بالمحافظة على تراثها الثقافي وتعزيزه.

7.      المهرجانات والمعارض

تُشكّل المهرجانات الشعبية والتراثية حقلًا اجتماعيًا وثقافيًا آخر، لترجمة الخطاب والسياسات الثقافية التي تعزّز من مفاهيم الغوص على أرض الواقع وفي الحياة اليومية؛ إذ تتيح تلك المهرجانات إمكانيات عرض ما يُمكن تسميته بـ "السلعة الثقافية" أو "السلعة التراثية" في سوق التراث الثقافي القطري. ومن ضمن تلك المهرجانات التي تشكل جسرًا بين الماضي والحاضر، وتعيد إحياء التقاليد البحرية وتسلط الضوء على ممارسات الغوص وصيد اللؤلؤ القديمة، مهرجان المحامل التقليدية و"درب الساعي"، ومهرجان سنيار للغوص واصطياد اللؤلؤ. وفيما يتعلق بالأخير، فإنه يُعبرِّ عن احتفاء المواطن القطري بالتراث البحري. وفي محاولة لتخليد الماضي القطري، تطلق المؤسسة العامة للحي الثقافي – كتارا، مهرجان سنيار للغوص على اللؤلؤ، وهي مسابقة تهدف إلى صيد أكبر كمية ممكنة من اللؤلؤ. وفي هذا السياق، قال المدير العام للمؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا"، خالد إبراهيم السليطي، أن بطولة سنيار واحدة من أهم المناسبات والمنافسات الكبرى ذات الطابع الثقافي والتوثيقي التي تحرص كتارا على تنظيمها سنويًا، لتأصيل موروث الأجداد وإحيائه بكل ما يتضمنه من معان وسلوكيات وعادات وتقاليد، لتقريب الصورة التراثية للجمهور برسم لوحة حية ومباشرة تعيد إلى الأذهان أجواء سنيار القديمة[45].

الشكل (14): صورة لإحدى السفن التقليدية

من منطلق إحياء التراث القطري واستخدامه في مشاريع سياحية بغرض الترويج للسياحة الترفيهية والتاريخية/الأثرية في قطر، والتي تُمكن السيّاح من عيش تجربة البحر وهم على متن السفينة التاريخية، عملت مؤسسات الدولة، مُتمثلة في أجهزتها السياحية ومؤسساتها المختصة بالعناية بالمجال الثقافي، وبالأخص المؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا" على إعادة تهيئة السفن التراثية والمراكب الخشبية التي كانت تُستخدم للصيد والغوص لالتقاط اللؤلؤ، كما تم إقامة المهرجان السنوي المختص بالمحامل التقليدية، مما يُعد وجهًا آخر من أشكال السياسات الثقافية التي تخدم الجانب الثقافي/التراثي في دولة قطر اليوم. بعبارة أخرى، فإن ذلك المشهد البحري اليوم يؤكد ما أُشير في بداية الدراسة، بأن التراث هو مصدرٌ لتنوع الاقتصاد[46]، ومنبع لإحياء التاريخ بأشكاله المادية المختلفة، كما يعمل على إعادة التأكيد على المكونات الأصيلة للهوية القطرية، التي يعدّ الغوص أحد أبرز ملامحها.

8.      الحي الثقافي (كتارا)

نظرًا لأهمية مَأسسة الفعاليات التراثية والثقافية، أي وضعها تحت إدارة مؤسسة تحافظ على ديمومتها واستمراريتها، فإن الحي الثقافي كتارا أحد أكبر المشاريع ذات الأبعاد الثقافية المتعددة في دولة قطر؛ إذ إنّ كتارا تقوم مقام الوصي على تراث وتقاليد قطر، وتسعى إلى التوعية عن أهمية ثقافة وحضارة وتاريخ قطر، وتقوم بدور الوصي على تراث وتقاليد قطر، وتسعى إلى التوعية بأهمية ثقافة وحضارة البلاد. كما تستضيف كتارا المهرجانات وورش الأعمال والمعارض والفعاليات على المستويات العالمية والمحلية. من ضمن هذه الفعاليات تنظيم كتارا سنويًا "مهرجان كتارا للمحامل التقليدية"، وهو إبحار في ماضي الأجداد واحتفاء بتراثهم. يسعى هذا المهرجان إلى خلق أجواء تراثية مميزة مستوحاة من حياة الأجداد، بهدف تعريف الزوار بكافة تفاصيل تراث الحياة البحرية في الماضي الأصيل، بما في ذلك التراث الغني الذي يجسده. وفي هذا السياق يشير خالد السليطي إلى أن مهرجان كتارا للمحامل التقليدية قد تجاوز بعده المحلي ليحقق أهدافه على المستويين الإقليمي والعالمي[47]. كما أوضح خالد عبد الرحيم السيد، مدير الشؤون الثقافية والفعاليات في كتارا، أن أحد أهم الأهداف الرئيسة لمهرجان المحامل التقليدية، هو ربط الأجيال الجديدة بالتراث القطري وتاريخ أجدادهم وتعريفهم بثقافة أهل البحر في قطر ومنطقة الخليج قديمًا[48]. أما مدير عمليات مهرجان كتارا للمحامل التقليدية، عبد الرحمن الكواري، فأكد أن المهرجان يهدف بالأساس إلى التعريف بتفاصيل تراث الحياة البحرية في الماضي الأصيل، بكل ما يجسده هذا التراث من مخزون ثقافي ثري[49].

9.      الوسائط الإلكترونية

لا تقتصر السياسات الثقافية لتعزيز مفاهيم التراث على الخطاب والممارسات في المجالات الفيزيائية الملموسة فحسب، بل تنتقل أيضًا إلى الفضاء الافتراضي (virtual space)، الذي يملك قيمة مضافة في الوصول إلى الخارجي (outsider)، سواء من حيث الموقع الجغرافي خارج دولة قطر أو من حيث الهوية الثقافية، أي غير القطريين والمقيمين خارج قطر. تتمثل الأدوات المستخدمة في التعريف بالتراث القطري الوطني في "المواقع الإلكترونية"، التي هي مرتبطة بشكل أساس بالمجال الفيزيائي.

من خلال الوسائط الإلكترونية، يمكن للمؤسسات تقديم مجموعة واسعة من الموارد والمعلومات، بما في ذلك الفعاليات الثقافية المقامة، والمعارض الفنية، وأهم المعالم التاريخية. تتيح هذه المواقع للزوار اكتشاف التفاصيل الثقافية بشكل مباشر وتفاعلي، مما يعزّز التواصل مع التراث القطري على مستوى عالمي. على سبيل المثال، يتيح الموقع الإلكتروني: "استكشف قطر" تجارب افتراضية تفاعلية، تمكّن المستخدمين من استكشاف المعالم السياحية والتراثية في قطر بشكل شامل دون الحاجة إلى الحضور الشخصي. يمكن لهذه الوسائط الرقمية أن تكون فعّالة لنقل روح وجوهر التراث القطري إلى العالم الافتراضي. وبالإضافة إلى ذلك، تُوضّح بعض الوسائط الإلكترونية مثل موقع (Qatar tourism)[50]، مركزية تاريخ الغوص على اللؤلؤ في مسيرة قطر؛ حيث يستعرض الموقع الأماكن التي كان يُبحر فيها الغواصون القطريون، ويبرز علاقة قطر بالبلدان الأخرى ومكانة قطر في الخليج وفي المنطقة كمُصدر رئيس للؤلؤ الثمين. من ناحية أخرى، تُقدّم المنصة الإلكترونية لمتحف قطر الوطني معلومات تستعرض أسئلة مثل: أهمية الغوص بحثًا عن اللؤلؤ في تاريخ قطر، ودور البحر في حياة القطريين. كما تنظّم المنصة جولات استكشافية موجهة للأطفال داخل دولة قطر للتعرف على تاريخ الغوص على اللؤلؤ في ساعات محددة من الأسبوع. وبالتالي، تلعب المنصات الإلكترونية دورًا مهمًا في تعزيز مكانة التاريخ في الحاضر من خلال نمطين: الأول، معلوماتي (informational)؛ حيث يُقدم حزمة من المعلومات عن تاريخ الغوص على اللؤلؤ، والثاني، تنسيقي (organizational)؛ حيث يُمكّن الدولة من خلال الوسائط الإلكترونية من الوصول إلى أكبر عدد من الناس الذين تستهدفهم بوصفهم فاعلين في المجتمع القطري.Top of Form

10.    التعليم

وانطلاقًا من مقولة أن التعلم والتعليم التراثي والتاريخي يُعد جزءًا رئيسًا من السياسات الثقافية التراثية، بما في ذلك المناهج التعليمية ودروس التاريخ في المراحل التعليمية المختلفة، والمحاضرات والمؤتمرات الجامعية، يُجادل إيتون (L. Eaton)، بأن على الدول، ممثلة في مؤسساتها الثقافية والسياسية، دعم تشكيل حس وطني مشترك، يُمكّن المواطنين من تقديم تضحيات كشرط أساس لنجاح الدولة واستمراريتها، وهنا يظهر التعليم كمؤسسة ثقافية تلعب دورًا حاسمًا في فرض الهويات الوطنية، بما في ذلك القيم والأعراف والأهداف[51].

يشكّل التعليم إذن، ركيزة حيوية في بناء كلٍ من الهوية والتراث القطري والحفاظ على كليهما، فعند فحص المناهج التعليمية القطرية، نجد حضورًا لفترة ما قبل اكتشاف النفط، خاصةً فيما يتعلق بالإرث التاريخي المرتبط بممارسات الغوص على اللؤلؤ على السواحل القطرية وأسباب نهايته.[52] ومثال على ذلك، يتناول درس التراث في كتاب التاريخ القطري والمواطنة للصف الرابع محاولة تعريف الطلاب بأهمية وقيمة الحفاظ على التراث الثقافي المادي وغير المادي لدولة قطر. ويبرز الدرس بعض النماذج من التراث القطري: الأهازيج الشعبية المتمثلة في فن الغناء البحري الذي كان يمارسه المشاركون في رحلات الغوص على اللؤلؤ، التي تعكس عادات وتقاليد المجتمع القطري[53].

تضمين هذه العناصر في المناهج التعليمية جزءًا أساسيًا من الجهود الرامية إلى بناء جيل متعايش مع تراثه ويحمل قدراً كبيراً من الفهم والاحترام للتاريخ والثقافة الوطنية. وبالإضافة إلى ذلك، تحاول دولة قطر غرس هذه القيم في الأطفال عبر مؤسساتها المختلفة، مثل "مركز نوماس"، الذي يقوم بتأصيل القيم وتعزيز الهوية الوطنية والتراث القطري من خلال أنشطة دورية تسعى إلى ربط الأجيال الصاعدة بالتراث القطري. ومن أهم هذه الأنشطة تعليم الأطفال عملية الغوص، وتعريفهم بمهنة الأجداد، وتاريخها وأهميتها. كما يتعلم الأطفال المصطلحات والأدوات المستخدمة في عملية الغوص.

تستهدف هذه الأنشطة الأطفال بين سن 8-14 عامًا، مما يسهم في سد الفجوة بين الأجيال القطرية، ويضمن عزلة الأجيال الجديدة عن تاريخها، بل تكون على دراية به وتحاكيه في الحياة اليومية. كما أشار مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في مركز "نوماس"، أحمد الكواري، فإن الهدف من هذه الأنشطة هو غرس القيم في الأبناء. وأوضح صلاح المناعي، مسؤول الأنشطة البحرية في المركز، أن الدورات تهدف إلى "تعليم الأطفال ما تعلمه الآباء وما مارسه الآباء على مدار مئات السنين [...] وبهذه الدورات سيعرف الأطفال معنى الاعتزاز بالهوية الوطنية، وهؤلاء الأطفال هم غاصة المستقبل.. وبهذا نريد من الأطفال أن يعيشوا ولو جزء بسيط من حياة الآباء والأجداد"[54].

يمكن قراءة هذه الجهود على مستويين. الأول، هو توظيف التعليم التقليدي والأنشطة الثقافية في محاكاة تاريخ الغوص على اللؤلؤ، مما يُبقي الطفل القطري على اتصال دائم بتاريخ أجداده، وهذا ما يُسميه عالم الاجتماع مارتون بالوظيفة الظاهرة (manifest function). أما الثاني، فيكمن في تعزيز قيمة الزعامة في المجتمع القطري، كما هو الحال مع مفهوم "النوخذا"[55]، الذي يعزّز دور القيادة والزعامة داخل المجتمع، التي تظهر آحيانا في صورة "الشيخ" أو "أب الأسرة" أو "معلم الصف"، إلى ما آخره[56].

 تعمل هذه السياسات على تشكيل الذهنية القطرية من خلال ربطها بالتاريخ والتراث القديم، وتتصل بشكل مباشر أو ضمني بآليات عمل أجهزة الدولة، مثل تلك المرتبطة بالتعليم أو القانون، والتي تشتغل بشكل وظيفي من أجل إنتاج وإعادة إنتاج طرق التفكير والفعل المحلية للمواطنين، حسب ما يزعم الفيلسوف ألتوسير. وهذا بعبارة أخرى يعني أن تلك السياسات التي نتعمق في أمثلتها تعد بمثابة جهاز أيديولوجي مصدره الدولة ومؤسساتها، لبلورة الوعي الجمعي للشعب القطري.

إن هذه السياسات والممارسات كما أوضح ألتوسير، هي جزء من أجهزة الدولة الأيديولوجية التي تهدف إلى تشكيل الوعي الجمعي[57]. ووفقا لألتوسير، فإن كل تشكيل اجتماعي يعتمد على نمط إنتاج مهيمن، يجب عليه إعادة إنتاج ظروف إنتاجه. وفي هذا السياق، يُمكن اعتبار السياسات القطرية بمثابة "قوى إنتاجية" تسهم في إحياء التراث بشكل مستمر.

أخيرًا، تشكل مؤسسات التعليم جزءًا أساسيا من السياسات الثقافية لدولة قطر؛ حيث تعزّز مفهوم "الهوية الاجتماعية" لدى المواطن القطري. ووفقا لتورنر وتوجفيل[58]، تتشكّل الهوية الاجتماعية، بناءً على أسس مشتركة، ومن ضمنها "التاريخ"، والثقافة، والأرض. هنا يُشكّلُ تاريخ الغوص مشتركًا (the common) يُوحد القطريين كجماعة مميزة بهويتها الاجتماعية والثقافية. هذا التعريف الجماعي يُعزّز انتماء القطريين لدولتهم، ويُساعد في الحفاظ على الهوية حيّة للأجيال القادمة.

11.    الإنتاج الثقافي

وفي إطار تعزيز الإنتاج الثقافي المتعلق بالغوص، تلعب الجامعات والمؤسسات العلمية دورًا حيوًيا، فمثلًا تعمل جامعة قطر على تشجيع الباحثين للاهتمام بالتراث القطري والكتابة فيه، وتنظيم مؤتمرات وملتقيات تهتم بالتراث القطري والخليجي بشكل عام أو المشاركة في تنظيمها. ومثال على ذلك، الملتقى السنوي الثاني والعشرون لجمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية؛ حيث قُدّمت أوراق بحثية تناولت قضايا تاريخ ومجتمع الغوص، مثل الورقة التي حملت عنوان: "الغوص على اللؤلؤ في الخليج من خلال المصادر التاريخية"[59]. وبالإضافة إلى ذلك، نجد العديد من المؤسسات الثقافية والتعليمية والأكاديمية، سواء الوزارية أو وغيرها، تسهم بشكل واضح في الحفاظ على التراث والتاريخ، ويُمكن تتبع ذلك من خلال متابعة إصدارات دار النشر التابعة لكل من تلك المؤسسات مثل وزارة الثقافة وجامعة قطر ودار النشر التابعة للمؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا). ومن بين هذه الإنتاجات العلمية التاريخية التي توثق تاريخ الغوص، نجد كتاب "الغوص على اللؤلؤ في قطر: تأصيل وتوثيق"[60]، الذي أصدرته دار كتارا للنشر، و"موسوعة قطر البحرية" الصادرة عن وزارة الثقافة[61].

12.    الإنتاج السينمائي

يُعد الإنتاج السينمائي من أهم الوسائل الثقافية التي تسعى الدولة إلى تطويرها بما يتوافق مع التصور الأيدولوجي. وكما يشير ألتوسير، "الأيدولوجيا موجودة دائمًا في الجهاز [...] وفي ممارسته أو ممارساته. وهذا الوجود مادي"[62]، فإن السينما أصبحت أداة رئيسة تستخدمها الدولة لعرض الثقافة القطرية. ويأتي فيلم "أبناء البحر" كأحد الأمثلة البارزة على هذه الجهود؛ حيث تم إنتاجه من قِبل الدولة وتم عرضه خلال احتفالات اليوم الوطني لدولة قطر، الذي يعد أهم حدث وطني في البلاد، فهو يحيي ذكرى التأسيس وتحقيق الوحدة الوطنية.

يهدف الفيلم الوثائقي "أبناء البحر" إلى الحفاظ على التراث المرتبط بمركزية البحر ودوره في الهوية القطرية، كما يطمح إلى تشجيع الشباب القطري على محاكاة ماضيهم البحري، الذي شكّل جزءًا كبيرًا من حياتهم وتاريخهم. هذه الممارسات السينمائية تهدف إلى سد الفجوة الزمنية بين الأجيال، وتساعد على استمرارية التراث الثقافي وتقوية الهوية الوطنية[63].

فالأعمال الفنية المرئية والأفلام الوثائقية، مثل "الزبارة" و"الغوص في قطر"، التي أشرفت على إنتاجها مؤسسات ثقافية تابعة للدولة، مثل قناة الريان الفضائية، سلطت الضوء على التراث القطري من خلال توثيق أحداث تاريخية مثل صيد اللؤلؤ والغوص. وفيلم "الزبارة" على سبيل المثال، يوثق تاريخ مدينة الزبارة الأثري ويشرح دورها الأثري المهم، بينما فيلم "الغوص في قطر 1980"، يُقدّم تفاصيل دقيقة حول كافة الممارسات التي كانت تتم على ظهر السفينة، موضحًا التقاليد المصاحبة للغوص على اللؤلؤ[64].

A group of people carrying goods on a wooden structure

Description automatically generated

الشكل (15): صورة من فيلم "الغوص في قطر"

ومن الأمثلة الأخرى، فيلم "ذكريات ملونة: قطر صيد اللؤلؤ"[65]، من إنتاج قناة الجزيرة الوثائقية، الذي يُركز على "التراث الشفهي" القطري ويجمع بين الرواية التمثيلية والتعليقات من شهود عيان عاشوا فترة الغوص. يضيف هذا الفيلم بعدًا مهمًا للأعمال الفنية القطرية من خلال توثيق شهادات حول الحياة اليومية وأدوار الشخصيات التاريخية مثل الطوّاش، والغيص، والسيب، والنهّام، والنوخذا[66].

تتضافر هذه الأعمال السينمائية مع الاستراتيجيات الثقافية الأخرى مثل المتحف والتعليم والإنتاج الثقافي لتعزيز مكانة التراث القطري وربط ذلك الماضي بالحاضر. فالأفلام الوثائقية مثل "الزبارة"، تمثل أهمية الحفاظ على التاريخ للأجيال القادمة وتؤكد على أن: "التاريخ لا يتغير، بل يزداد قيمة كلما مرت عليه السنون، ليترك خلفه إرثًا للأجيال المتعاقبة. والتاريخ شاهد على أصالة الأرض التي عبرها الزمن".[67]

13.    السياسات المستخدمة: سؤال الفاعلية؟

رغم حضور العديد من السياسات الثقافية التي تهدف إلى تعزيز تاريخ الغوص على اللؤلؤ في الدولة والمجتمع القطريين اليوم، إلا أن هنالك بعض الملاحظات النقدية التي يمكن تلخيصها كالتالي:

-      يُلاحظُ أن الهوية الوطنية القطرية تُبنى في أحد محدداتها على قيمة الماضي، إلا أن الثقافة الساحلية، وخاصة المرتبطة بالغوص، لم تحظ بالتركيز الكافي في الخطاب الرسمي. فرغم وجود إشارات إلى "نهج الأُلى"، أو "الحفاظ على التاريخ" إلا أن السرد الخاص بثقافة البحر ما زال محدودًا، وغير ظاهر بوضوح في الخطاب.

-      عند استعراض السياسات التي تهدف إلى الحفاظ على تاريخ الغوص، نجد تلك السياسات تتبنى سرديات عامة وليست قطرية خاصة. إذ يمكن لأي مواطن من دول الخليج الأخرى مثل المملكة العربية السعودية، أن يعدّ هذه الممارسات كجزء من تاريخه الوطني. وهذا يطرح سؤالًا بالغ الأهمية: ما الذي يميز التاريخ القطري عن باقي دول الخليج؟ وما هو الكود التاريخي القطري الذي يفترض أن يكون فريدًا؟

-       لا تقدم المؤسسات الأكاديمية والثقافية التاريخ الشفوي للغوص على اللؤلؤ بشكل مؤسسي، لكننا نجد اجتهادات فردية، مثل كتاب "ذاكرة الذخيرة كما رواها علي بن خميس الحسن المهندي"، وعليه، فلم تُخصص المؤسسات الرسمية مشاريع مُحكمة للتاريخ الشفوي الذي يروي قصة القطري الذي عاش فترة الغوص. هناك حاجة كبيرة لتفعيل قسم التاريخ بالجامعات والمؤسسات الثقافية لإنشاء مشاريع تأريخ شفوي على نطاق واسع.

-      لماذا لا تُقدّم الدولة أي سردية معمقة (deep narrative) في مجال التعليم حول تاريخ الغوص على اللؤلؤ في مناهجها، واكتفت ببعض الإشارات البسيطة. والسؤال هنا: لماذا لا يتم استثمار التعليم كأداة قوية لتعزيز الهوية الوطنية القطرية من خلال عرض تاريخ الغوص بطريقة تُعمق هذه المعرفة في نفوس الأجيال القادمة؟

-       فيما يتعلق بالتاريخ الثقافي للغوص على اللؤلؤ، لا نجد اهتمامًا بإعادة إنتاج الأغنية القطرية الساحلية والتراث الغنائي المرتبط بالغوص. ونعتقد أن إنتاج أغاني قطرية مستوحاة من تلك التقاليد البحرية العريقة يمكن أن يسهم في تعزيز الشعور بالهوية الوطنية وربطها بالحاضر.

-      وجدنا ضعفًا في "التوثيق الرقمي التاريخي" الدقيق فيما يخص الأدوات الثقافية التي تستخدمها الدولة لتعزيز تاريخ الغوص. وغياب أرقام إحصائية دقيقة يعرقل فهم تأثير هذه السياسات لدى الباحثين والمهتمين بها بشكل واضح.

-      تبدو بعض السياسات عشوائية وتفتقر إلى خطة واضحة تربط جميع الجهود الثقافية والتاريخية. وهذا يرجع، على الأرجح، إلى غياب سياسات التقييم الدورية التي من شأنها تفسير مدى فاعلية تلك السياسات.

-      عدم تحديث الإنتاجات السينمائية المرتبطة بتاريخ الغوص لتتناسب مع الزمن الحالي، مثل فيلم "قناة الريان"، مما يطرح تساؤلًا حول مدى ملاءمة تلك الوسائط للإبقاء على هذا التراث حيًا.

-      نجد أن الوسائط الإلكترونية التي تستخدم لتعريف العالم بالإرث القطري، بما في ذلك الغوص، لا تقدم سردية واضحة وفعالة. فلم يكن ليتم تسليط الضوء على بعض معالم الإرث البحري لولا استضافة دولة قطر لكأس العالم 2022. وهذا يعيد السؤال حول مدى فاعلية الوسائط الإلكترونية والرقمية في إبراز الثقافة البحرية بشكل منظم وممنهج.

-      وأخيرًا، رغم أن هناك استمرارية في إبراز التاريخ على مستوى الدولة، مثل التصميم المعماري المستلهم من التراث إلا أن هناك قطيعة على المستوى الفردي، فالهوية الثقافية المرتبطة بالبحر لا تظهر في سلوك الأفراد أو في اللباس القطري اليومي، مما يعيدنا إلى التساؤل حول فاعلية السياسات الثقافية ومدى قدرتها على إحياء التراث البحري بشكل مؤثر وملموس في الحياة اليومية للقطريين.

نخلص إذًا إلى أن هذه السياسات تتطلّب تكثيف الجهود وإعادة تقييم الآليات المطبقة، بهدف مأسسة التاريخ القطري وصياغة سردية تاريخية متكاملة تعكس خصوصية الهوية الوطنية، وتعزّز حضور تراث الغوص العريق في نسيج الحياة اليومية في قطر، لضمان ارتباط الأجيال الحالية والمستقبلية بهذا الإرث الثقافي الغني.


 

المراجع

أولًا: العربية

أحمد، إبراهيم فؤاد وآخرون، قطر وتراثها البحري، الدوحة: المؤسسة العامة للحي الثقافي، 2014.

بوكروح، مخلوف. السياسات الثقافية العربية: أي دور؟ أفكار وآفاق، ع1 (2011).

تميم بن حمد آل ثاني، رؤية قطر الوطنية 2030، الأمانة العامة للتخطيط التنموي، 2008. https://www.psa.gov.qa/ar/qnv1/Documents/QNV2030_Arabic_v2.pdf

جهاز التخطيط والإحصاء القطري، "الإحصاءات الثقافية في قطر 2022". https://www.psa.gov.qa/en/statistics/Statistical%20Releases/Social/MediaCultureTourism/2022/Cultural_Statistics_2022_Ar.pdf

الحاج علي، حنان وآخرون. مدخل إلى السياسات الثقافية في العالم العربي، القاهرة: دار شرقيات للمشر والتوزيع، 2010.

حمد بن خليفة آل ثاني، رؤية قطر الوطنية 2030، الأمانة العامة للتخطيط التنموي، 2008. https://www.almeezan.qa/ClarificationsNoteDetails.aspx?id=4617&language=ar

حنظل، فالح. معجم الغوص واللؤلؤ في الخليج العربي. أبو ظبي: المجمع الثقافي، 1984.

الدويك، محمد طالب. الأغنية الشعبية في قطر، المجلد الثاني، الجزء الثالث والجزء الرابع. الدوحة: إدارة الثقافة والفنون، 1991.

الرفاعي، حصة. أغاني البحر في الكويت، القاهرة، 1972.

السعيداني، منير. التصريف المضارع للماضي: سوسيولوجيا السياسات الثقافية التراثية في تونس ما بعد الاستعمارية. المقدمة مجلة الجمعية التونسية لعلم الاجتماع. ع1 (2007).

الصايغ، محمد ناصر. لفجري وفنون العمل على ظهر السفينة في قطر. الدوحة: وزارة الثقافة والرياضة، دار لوسيل للنشر والتوزيع،2021.

الطابور، عبد الله علي. أشهر الألغاز الشعبية في دولة الإمارات، دبي: دائرة السياحة والتسويق التجاري، 2001.

العتيبي، زيد. رحلة الغوص واللؤلؤ. الإمارات: جامعة خليفة أحمد بن ثالث الحميري، 2011.

عليان، جمال. الحفاظ على التراث الثقافي: نحو مدرسة عربية للحفاظ على التراث الثقافي وإدارته، الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون، سلسلة عالم المعرفة، 2005.

العيسى، جهينة. المجتمع القطري: دراسة تحليلية لملامح التغير الاجتماعي المعاصر. الدوحة: جامعة قطر، 1982.

الغانم، كلثم علي غانم. الاحتفالات الجماعية وبعض الأشكال الثقافية المصاحبة في مجتمع الغوص، الجزأين الأول والثاني. الدوحة: قسم الدراسات والبحوث بإدارة الثقافة والفنون، 1997.

الفياض، علي عبد الله وعلي شبيب المناعي، ذاكرة الذخيرة كما رواها علي بن خميس الحسن المهندي، الدوحة: المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، 2005.

المناعي، علي شبيب. وآخرون. الغوص على اللؤلؤ في قطر: تأصيل وتوثيق، الجزء الأول، الدوحة: المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا)، 2014.

المهندي، صقر بن لحدان الحسن. موسوعة قطر البحرية، الدوحة: وزارة الثقافة والفنون، 2020.

هبرة، مصطفى عزت. الغوص واللؤلؤ في مجتمع الإمارات والخليج العربي قبل النقط: مملكة الغوص واللؤلؤ وأسباب اندثارها، المجلد الثاني، الإمارات: مطبعة الإمارات للنشر والطباعة، 2004.

وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، منهج التاريخ القطري والمواطنة، الصف الرابع (2023). https://drive.google.com/file/d/1-St4o7jvQDHkQ-0Ua4kPZPRINZp0gvFY/view

وناس، المنصف. الدولة والمسألة الثقافية في المغرب العربي، تونس: دار سراس للنشر، سلسلة أفاق مغاربية، 1996.

وينيغر، جيسيكا. "سياسات الفن والثقافة في مصر المعاصرة"، الآداب، مج 52، ع1-2 (2004).

ثانيًا: الإلكترونية

أحمد عبد الله، "مهرجان المحامل التقليدية بالدوحة.. إبحار في ماضي الأجداد واحتفاء بتراثهم". https://2u.pw/ePN9WtP.

"استاد الجنوب... تحفة معمارية تحمل عراقة الماضي وإرث المستقبل"، وكالة الأنباء القطرية. https://2u.pw/8toAsCl.

"استمتع بقضاء يوم حافل على كورنيش الدوحة"، Visit Qatar https://2u.pw/TJSjOIz.

"أكثر من 328 ألف زائر لمتحف قطر الوطني"، الشرقhttps://2u.pw/ltyK5mPY.

بثينة الهتمي، "الدوحة تحيي موروث الأجداد في بطولة السنيار". https://2u.pw/nY1OuoY.

"تضاعف زوَّار متاحف قطر ومواقعها التراثية بعد المونديال"، مشيرب.https://2u.pw/Z2pt0NqS

جامعة قطر، "مؤتمر الهوية الوطنية". https://2u.pw/NPWS3Ti.

الجزيرة الوثائقية، فيلم "ذكريات ملونة: قطر.. صيد اللؤلؤ". https://2u.pw/6kAnhAJ.

"شعار دولة قطر الجديد... ترسيخ هوية"، الرأي، في: https://2u.pw/gRFZqct.

فيلم وثائقي، "مدينة الزبارة الأثرية 2013". https://2u.pw/TW578xp.

قطر للسياحة، "اللؤلؤ: تاريخ طويل وتراث حي تختزنه الذاكرة الوطنية في قطر". https://2u.pw/4LGqSND8

قناة الريان، فيلم "الغوص في قطر"، 1980. https://2u.pw/CMbASTm

اللجنة المنظمة لاحتفالات اليوم الوطني لدولة قطر، "على نهج الأُلى 2010". https://2u.pw/h3W7Elv.

اللجنة المنظمة لاحتفالات اليوم الوطني لدولة قطر، "مرابع الأجداد أمانة 2021". https://2u.pw/C8hCvYc

المجلس الوطني للتخطيط، "إجمالي السكان المتواجدون في قطر"، أرشيف عدد السكانhttps://2u.pw/U9ZVrWt5.

مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية، "الغوص على اللؤلؤ في الخليج من خلال مصادر المكتبة التراثية". https://2u.pw/Dm2jD5k.

مكتب الاتصال الحكومي، "شعار دولة قطر"، منصة الهوية البصرية الخاصة بدولة قطرhttps://2u.pw/3qJ5fD1p.

وزارة الثقافة، مركز نوماس، "برنامج نوماس" الحلقة السابعة. https://2u.pw/R9tChxj.

وكالة الأنباء القطرية، "قطر تستقبل أكثر من 2.56 مليون زائر في الشهور الثمانية الأولى من 2023". https://2u.pw/YwIbMyY.

اليوم الوطني القطري، فيلم وثائقي: "أبناء البحر" https://2u.pw/rNHekhx.

ثالثًا: الأجنبية                                                                                                                                                                                       References

ahearne, Jeremy. “Cultural policy explicit and implicit: a distinction and some uses,” International Journal of Cultural Policy, Vol. 15, No. 2 (2009).

Aḥmad ʻAbd Allāh, "Mihrajān almḥāml al-taqlīdīyah bi-al-Dawḥah ... Ibḥār fī Māḍī al-ajdād wa-iḥtifāʼ btrāthhm"(in Arabic). https://2u.pw/ePN9WtP.

Aḥmad, Ibrāhīm Fuʼād wa-ākharūn, Qaṭar wa-turāthuhā al-baḥrī (in Arabic), Doha: al-Muʼassasah al-ʻĀmmah llḥy al-Thaqāfī, 2014.

"akthar min 328 alf zāʼir lmtḥf Qaṭar al-Waṭanī" (in Arabic), al-Sharq. https://2u.pw/ltyK5mPY.

al-Duwayk, Muḥammad Ṭālib. al-ughniyah al-shaʻbīyah fī Qaṭar, al-mujallad al-Thānī, al-juzʼ al-thālith wa-al-juzʼ al-rābiʻ (in Arabic). Doha: Idārat al-Thaqāfah wa-al-Funūn, 1991.

al-Fayyāḍ, ʻAlī ʻAbd Allāh wa-ʻAlī Shayb al-Mannāʻī, dhākirat al-Dhakhīrah kamā rawāhā ʻAlī ibn Khamīs al-Ḥasan al-Muhannadī (in Arabic), Doha: al-Majlis al-Waṭanī lil-Thaqāfah wa-al-Funūn wa-al-Turāth, 2005.

al-Ghānim, Kalthum ʻAlī Ghānim. al-Iḥtifālāt al-jamāʻīyah wa-baʻḍ al-ashkāl al-Thaqāfīyah al-muṣāḥibah fī mujtamaʻ al-ghawṣ, aljzʼyn al-Awwal wa-al-thānī (in Qatar). Doha: Qism al-Dirāsāt wa-al-Buḥūth bi-idārat al-Thaqāfah wa-al-Funūn, 1997.

al-Ḥājj ʻAlī, Ḥanān wa-ākharūn. madkhal ilá al-Siyāsāt al-Thaqāfīyah fī al-ʻālam al-ʻArabī (in Arabic), Cairo: Dār Sharqīyāt lil-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 2010.

al-ʻĪsá, Juhaynah. al-mujtamaʻ al-Qaṭarī: dirāsah taḥlīlīyah li-Malāmiḥ al-taghayyur al-ijtimāʻī al-muʻāṣir (in Arabic). Doha: Jāmiʻat Qaṭar, 1982.

al-Jazīrah al-wathāʼiqīyah, flm "Dhikrayāt mulawwanah: Qaṭar .. Ṣayd al-Luʼluʼ" (in Arabic). https://2u.pw/6kAnhAJ.

al-Lajnah al-Munaẓẓamah li-Iḥtifālāt al-yawm al-Waṭanī li-Dawlat Qaṭar, ʻalá Nahj alʼulá 2010 (in Arabic). https://2u.pw/h3W7Elv.

al-Lajnah al-Munaẓẓamah li-Iḥtifālāt al-yawm al-Waṭanī li-Dawlat Qaṭar, marābiʻ al-ajdād Amānat 2021 (in Arabic). https://2u.pw/C8hCvYc.

al-Majlis al-Waṭanī lil-Takhṭīṭ, "ijmāly al-Sukkān almtwājdwn fī Qaṭar" (in Arabic), arshīf ʻadad al-Sukkān. https://2u.pw/U9ZVrWt5.

al-Mannāʻī, ʻAlī Shabīb. wa-ākharūn. al-ghawṣ ʻalá al-Luʼluʼ fī Qaṭar: taʼṣīl wa-tawthīq, al-juzʼ al-Awwal (in Arabic), Doha: al-Muʼassasah al-ʻĀmmah llḥy al-Thaqāfī (ktārā), 2014.

al-Muhannadī, Ṣaqr ibn lḥdān al-Ḥasan. Mawsūʻat Qaṭar al-baḥrīyah (in Arabic), Doha: Wizārat al-Thaqāfah wa-al-Funūn, 2020.

al-Rifāʻī, Ḥuṣṣah. Aghānī al-Baḥr fī al-Kuwayt (in Arabic), Cairo, 1972.

al-Saʻīdānī, Munīr. al-taṣrīf al-muḍāriʻ lil-māḍī : Sūsiyūlūjiyā al-Siyāsāt al-Thaqāfīyah al-turāthīyah fī Tūnis mā baʻda al-istiʻmārīyah (in Arabic). al-muqaddimah Majallat al-Jamʻīyah al-Tūnisīyah li-ʻIlm al-ijtimāʻ. al-ʻadad 1 (2007).

al-Ṣāyigh, Muḥammad Nāṣir. lfjry wa-funūn al-ʻamal ʻalá Ẓahr al-Safīnah fī Qaṭar (in Arabic). Doha: Wizārat al-Thaqāfah wa-al-Riyāḍah, Dār lwsyl lil-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 2021.

al-Ṭābūr, ʻAbd Allāh ʻAlī. ashhar al-alghāz al-shaʻbīyah fī Dawlat al-Imārāt (in Arabic), Dubai: Dāʼirat al-Siyāḥah wa-al-Taswīq al-tijārī, 2001.

Althusser, Louis. “Ideology and Ideological State Apparatuses (Notes towards an Investigation),” In: Lenin and Philosophy and Other Essays, New York: Monthly Review Press, 1971.

al-ʻUtaybī, Zayd. Riḥlat al-ghawṣ wa-al-luʼluʼ (in Arabic). United Arab Emirates: Jāmiʻat Khalīfah Aḥmad ibn thālith al-Ḥimyarī, 2011.

ʻAlyān, Jamāl. al-ḥuffāẓ ʻalá al-Turāth al-Thaqāfī: Naḥwa Madrasat ʻArabīyah lil-Ḥifāẓ ʻalá al-Turāth al-Thaqāfī wa-idāratihi (in Arabic), Kuwait: al-Majlis al-Waṭanī lil-Thaqāfah wa-al-Funūn, Silsilat ʻĀlam al-Maʻrifah, 2005.

al-Yawm al-Waṭanī al-Qaṭarī, flm wathāʼiqī : abnāʼ al-Baḥr (in Arabic). https://2u.pw/rNHekhx.

Anna, Villarroya. "Cultural policies and national identity in Catalonia." International Journal of Cultural Policy, Vol. 18, No. 1 (2011). https://doi.org/10.1080/10286632.2011.567330

Astmtʻ bi-qaḍāʼ yawm ḥāfil ʻalá Kūrnīsh al-Dawḥah (in Arabic), Visit Qatar. https://2u.pw/TJSjOIz.

Buthaynah al-Hatmī, al-Dawḥah tḥyy mawrūth al-ajdād fī Buṭūlat alsnyār (in Arabic). https://2u.pw/nY1OuoY.

Bwkrwḥ, Makhlūf. al-Siyāsāt al-Thaqāfīyah al-ʻArabīyah : Ayy Dawr? afkār wa-āfāq (in Arabic), al-ʻadad 01 (2011).

Campbell, Colin. “A Dubious Distinction? An Inquiry into the Value and Use of Merton's Concepts of Manifest and Latent Function,” American Sociological Revie, Vol. 47, No. 1 (1982).

Chatterjee, Partha. important criticisma of these approaches in his Nationalist Thought and the Colonial World: A Derivative Discourse, Minneapolois: University of Minnesota Press, 1993.

Eaton, L. “South African national identity: A research agenda for social psychologists.” South African Journal of Psychology, Vol. 32, No. 1 (2002).

Fīlm wathāʼiqī, Madīnat al-Zubārah al-Atharīyah 2013 (in Arabic). https://2u.pw/TW578xp.

Geertz, Clifford. The Interpretation of Culture, New York New Basic Books, 1973.

Habrah, Muṣṭafá ʻIzzat. al-ghawṣ wa-al-luʼluʼ fī mujtamaʻ al-Imārāt wa-al-Khalīj al-ʻArabī qabla al-Naqṭ : Mamlakat al-ghawṣ wa-al-luʼluʼ wa-asbāb andthārhā, al-mujallad al-Thānī (in Arabic), United Arab Emirates: Maṭbaʻat al-Imārāt lil-Nashr wa-al-Ṭibāʻah, 2004.

Ḥamad ibn Khalīfah Āl Thānī, ruʼyah Qaṭar al-Waṭanīyah 2030, al-Amānah al-ʻĀmmah lil-Takhṭīṭ al-tanmawī (in Arabic), 2008. https://www.almeezan.qa/ClarificationsNoteDetails.aspx?id=4617&language=ar

Ḥanẓal, Fāliḥ. Muʻjam al-ghawṣ wa-al-luʼluʼ fī al-Khalīj al-ʻArabī (in Arabic). Abu Dhabi: al-Majmaʻ al-Thaqāfī, 1984.

Jāmiʻat Qaṭar, Muʼtamar al-huwīyah al-Waṭanīyah (in Arabic). https://2u.pw/NPWS3Ti.

Jihāz al-Takhṭīṭ wa-al-Iḥṣāʼ al-Qaṭarī, "al-Iḥṣāʼāt al-Thaqāfīyah fī Qaṭar 2022" (in Arabic). https://www.psa.gov.qa/en/statistics/Statistical%20Releases/Social/MediaCultureTourism/2022/Cultural_Statistics_2022_Ar.pdf

lervolina, Serena. “Implicit and Explicit Cultural Policies in Qatar: Contemporary Art Production & Censorship,” London School of Economics and Political Science (2020). https://2u.pw/laetr0e.

Maktab al-ittiṣāl al-ḥukūmī, "shiʻār Dawlat Qaṭar", minaṣṣat al-huwīyah al-baṣarīyah al-khāṣṣah bi-Dawlat Qaṭar (in Arabic). https://2u.pw/3qJ5fD1p.

Markaz Ibn Khaldūn lil-ʻUlūm al-Insānīyah wa-al-Ijtimāʻīyah, al-ghawṣ ʻalá al-Luʼluʼ fī al-Khalīj min khilāl maṣādir al-Maktabah al-turāthīyah (in Arabic). https://2u.pw/Dm2jD5k.

Mirgani, Suzi. “Investments in Cultural Infrastructure in the Gulf Countries,” Center for International and Regional Studies (CIRS) Georgetown University in Qatar (2021). https://2u.pw/E5k2iYJ.

Morton, Michael, Masters of the Pearl: A History of Qatar, UK: Reaktion Books, 2020.

Qanāt al-Rayyān, flm "al-ghawṣ fī Qaṭar" (in Arabic), 1980. https://2u.pw/CMbASTm.

Qaṭar lil-Siyāḥah, "al-Luʼluʼ : Tārīkh Ṭawīl wa-turāth Ḥayy tkhtznh al-dhākirah al-Waṭanīyah fī Qaṭar" (in Arabic). https://2u.pw/4LGqSND8.

Schatz, Robert & Howard Lavine, “Waving the Flag: National Symbolism, Social Identity, and Political Engagement,” Political Psychology, Vol. 28, No. 3 (2007).

Shiʻār Dawlat Qaṭar al-jadīd ... tarsīkh huwīyah (in Arabic), al-raʼy, fī: https://2u.pw/gRFZqct.

"taḍāʻuf zwwār mtāḥf Qaṭar wa-mawāqiʻihā al-turāthīyah baʻda almwndyāl" (in Arabic), mshyrb. https://2u.pw/Z2pt0NqS.

Tajfel, Henri & John C Turner. “The Social Identity Theory of Intergroup Behavior” In: John T Jost & Jim Sidanius (eds.), Political psychology: Key readings, New York: Psychology Press, 2004.

Tamīm ibn Ḥamad Āl Thānī, ruʼyah Qaṭar al-Waṭanīyah 2030, al-Amānah al-ʻĀmmah lil-Takhṭīṭ al-tanmawī (in Arabic), 2008. https://www.psa.gov.qa/ar/qnv1/Documents/QNV2030_Arabic_v2.pdf

Tayanç, M. & H. Yeniçırak, “Museums as Spaces Carrying Social Memory,” Sosyal Bilimler, Vol. 1, No. 25 (2022).

Ustād al-Janūb ... Tuḥfat miʻmārīyah taḥmil ʻarāqat al-māḍī wa-irth al-mustaqbal (in Arabic), Wakālat al-Anbāʼ al-Qaṭarīyah. https://2u.pw/8toAsCl.

Wakālat al-Anbāʼ al-Qaṭarīyah, "Qaṭar tstqbl akthar min 2. 56 Malyūn zāʼir fī al-shuhūr al-thamāniyah al-ūlá min 2023" (in Arabic). https://2u.pw/YwIbMyY.

Wannās, al-Munṣif. al-dawlah wa-al-masʼalah al-Thaqāfīyah fī al-Maghrib al-ʻArabī (in Arabic), Tunisia: Dār Sirās lil-Nashr, Silsilat Afāq Maghāribīyah, 1996.

Werner, Alex. “Museums and history [archived].” Making history: The changing face of the profession in Britain, University of London: Institute of Historical Research, 2008. https://archives.history.ac.uk/makinghistory/resources/articles/museums_and_history.html

Wizārat al-Tarbiyah wa-al-taʻlīm wa-al-taʻlīm al-ʻĀlī, Manhaj al-tārīkh al-Qaṭarī wa-al-muwāṭanah, al-ṣaff al-rābiʻ (in Arabic) (2023). https://drive.google.com/file/d/1-St4o7jvQDHkQ-0Ua4kPZPRINZp0gvFY/view

Wizārat al-Thaqāfah, Markaz nwmās, "Barnāmaj nwmās" al-ḥalaqah al-sābiʻah (in Arabic). https://2u.pw/R9tChxj.

Wynyghr, jysykā. "Siyāsāt al-fann wa-al-Thaqāfah fī Miṣr al-muʻāṣirah" (in Arabic), al-Ādāb, Majj 52, al-ʻadad 1-2 (2004).



[1] للمزيد حول الدراسات التي كتبت حول مجتمع الغوص في الخليج عمومًا وفي قطر خصوصًا، يُنظر: علي شبيب المناعي، وآخرون، الغوص على اللؤلؤ في قطر: تأصيل وتوثيق، الجزء الأول (الدوحة: المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا)، 2014)؛ محمد ناصر الصايغ، لفجري وفنون العمل على ظهر السفينة في قطر (الدوحة: وزارة الثقافة والرياضة، دار لوسيل للنشر والتوزيع،2021)؛ إبراهيم فؤاد أحمد واخرون، قطر وتراثها البحري (الدوحة: المؤسسة العامة للحي الثقافي، 2014)؛ محمد طالب الدويك، الأغنية الشعبية في قطر، المجلد الثاني، الجزء الثالث والجزء الرابع. (الدوحة: إدارة الثقافة والفنون، 1991)؛ جهينة العيسى، المجتمع القطري: دراسة تحليلية لملامح التغير الاجتماعي المعاصر (الدوحة: جامعة قطر، 1982)؛ كلثم علي غانم الغانم، الاحتفالات الجماعية وبعض الأشكال الثقافية المصاحبة في مجتمع الغوص: احتفالات بدء موسم الغوص، الجزء الأول (الدوحة: إدارة الثقافة والفنون)؛ كلثم علي غانم الغانم، الاحتفالات الجماعية وبعض الأشكال الثقافية المصاحبة في مجتمع الغوص، الجزء الثاني (الدوحة: قسم الدراسات والبحوث بإدارة الثقافة والفنون، 1997)؛ علي عبد الله الفياض، علي شبيب المناعي، ذاكرة الذخيرة كما رواها علي بن خميس الحسن المهندي (الدوحة: المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، 2005)؛ صقر بن لحدان الحسن المهندي، موسوعة قطر البحرية (الدوحة: وزارة الثقافة والفنون، 2020)؛ فالح حنظل، معجم الغوص واللؤلؤ في الخليج العربي (أبو ظبي: المجمع الثقافي، 1984)؛ حصة الرفاعي، أغاني البحر في الكويت (القاهرة، 1972)؛ عبد الله علي الطابور، أشهر الألغاز الشعبية في دولة الإمارات (دبي: دائرة السياحة والتسويق التجاري، 2001)؛ زيد العتيبي، رحلة الغوص واللؤلؤ (الإمارات: جامعة خليفة أحمد بن ثالث الحميري، 2011)؛ مصطفى عزت هبرة، الغوص واللؤلؤ في مجتمع الإمارات والخليج العربي قبل النقط: مملكة الغوص واللؤلؤ وأسباب اندثارها، المجلد الثاني (الإمارات: مطبعة الإمارات للنشر والطباعة، 2004)؛ وبالإنجليزية:

 Michael Quentin Morton, Masters of the Pearl: A History of Qatar (UK: Reaktion Books, 2020).

[2] مخلوف بوكروح، "السياسات الثقافية العربية: أي دور؟"، أفكار وآفاق، ع1 (2011)، ص152.

[3] jeremy ahearne, "cultural policy explicit and implicit: a distinction and some uses," International Journal of Cultural Policy, Vol. 15, No 2 (2009), pp. 141-143.

[4] Serena lervolina, "Implicit and Explicit Cultural Policies in Qatar: Contemporary Art Production & Censorship," London School of Economics and Political Science (2020). https://2u.pw/laetr0e.

[5] حنان الحاج علي، محرر، مدخل إلى السياسات الثقافية في العالم العربي (القاهرة: دار شرقيات للمشر والتوزيع، 2010)، ص10.

[6] المنصف وناس، الدولة والمسألة الثقافية في المغرب العربي (تونس: دار سراس للنشر، سلسلة أفاق مغاربية، 1996)، ص198.

[7] الحاج علي، ص9.

[8] Henri Tajfel & John C Turner, "The Social Identity Theory of Intergroup Behavior," In: John T Jost & Jim Sidanius (eds), Political psychology: Key readings (New York: Psychology Press, 2004), pp. 276–293.

[9] Villarroya Anna, "Cultural policies and national identity in Catalonia," International Journal of Cultural Policy, Vol. 18, No. 1 (2011), pp. 32-43.

[10] جمال عليان، الحفاظ على التراث الثقافي: نحو مدرسة عربية للحفاظ على التراث الثقافي وإدارته (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون، سلسلة عالم المعرفة، 2005)، ص61.

[11] جيسيكا وينيغر، "سياسات الفن والثقافة في مصر المعاصرة"، الآداب، مج52، ع1-2 (2004)، ص52-56.

[12] للمزيد حول هذا الطرح، يُنظر: منير السعيداني، "التصريف المضارع للماضي: سوسيولوجيا السياسات الثقافية التراثية في تونس ما بعد الاستعمارية"، المقدمة مجلة الجمعية التونسية لعلم الاجتماع، العدد، 1 (2007).

[13] Suzi Mirgani, "Investments in Cultural Infrastructure in the Gulf Countries," Center for International and Regional Studies (CIRS) Georgetown University in Qatar (2021). https://2u.pw/E5k2iYJ.

 

[14] عليان، ص53.

[15]المجلس الوطني للتخطيط، "إجمالي السكان المتواجدون في قطر"، أرشيف عدد السكان، يُنظر: https://2u.pw/U9ZVrWt5

[16] عليان، ص54.

[17] Partha Chatterjee, important criticisma of these approaches in his Nationalist Thought and the Colonial World: A Derivative Discourse (Minneapolois: University of Minnesota Press, 1993), pp. 1-35.

[18] تميم بن حمد آل ثاني، رؤية قطر الوطنية 2030 (الأمانة العامة للتخطيط التنموي، 2008). https://www.psa.gov.qa/ar/qnv1/Documents/QNV2030_Arabic_v2.pdf

[19] حمد بن خليفة آل ثاني، رؤية قطر الوطنية 2030 (الأمانة العامة للتخطيط التنموي، 2008)، ص1. https://www.almeezan.qa/ClarificationsNoteDetails.aspx?id=4617&language=ar

[20] المصدر: الموقع الرسمي للجنة المنظمة لاحتفالات اليوم الوطني لدولة قطر.

[21] اللجنة المنظمة لاحتفالات اليوم الوطني لدولة قطر، على نهج الأُلى (2010). https://2u.pw/h3W7Elv.

[22] المناعي وآخرون.

[23] اللجنة المنظمة لاحتفالات اليوم الوطني لدولة قطر، مرابع الأجداد أمانة (2021)https://2u.pw/C8hCvYc.

[24] جامعة قطر، مؤتمر الهوية الوطنية. https://2u.pw/NPWS3Ti.

[25] Clifford Geertz, The Interpretation of Cultures )New York: New Basic Books, 1973(.

[26] الصفحة الرسمية للديوان الأميري.

 [27] للمزيد حول هذا الطرح، يُنظر: Robert T. Schatz & Howard Lavine, "Waving the Flag: National Symbolism, Social Identity and Political Engagement," Political Psychology, Vol. 28, No 3 (2007), pp. 329-355.

[28] شعار دولة قطر الجديد ... ترسيخ هوية، الرأي، ينظر: https://2u.pw/gRFZqct.

[29] للمزيد حول شعار دولة قطر ودلالاته، يُنظر: مكتب الاتصال الحكومي، "شعار دولة قطر"، منصة الهوية البصرية الخاصة بدولة قطر. https://2u.pw/3qJ5fD1p.

[30] للمزيد حول هذه الطروحات، يُنظر:

 M. Tayanç & H. Yeniçırak, "Museums as Spaces Carrying Social Memory," Sosyal Bilimler, Vol. 1, No. 25 (2022), pp. 11-19; Alex Werner, "Museums and history [archived]." Making history: The changing face of the profession in Britain (University of London: Institute of Historical Research, 2008). https://archives.history.ac.uk/makinghistory/resources/articles/museums_and_history.html

[31] "أكثر من 328 ألف زائر لمتحف قطر الوطني". الشرق، يُنظر: https://2u.pw/ltyK5mPY.

[32] "تضاعف زوَّار متاحف قطر ومواقعها التراثية بعد المونديال"، مشيرب. يُنظر: https://2u.pw/Z2pt0NqS.

[33] Geertz.

[34] المصدر: متحف قطر الوطني، (الصورة من التقاط الباحثين).

[35] المصدر: متحف قطر الوطني، (الصورة من التقاط الباحثين).

[36] يظهر في الصورة في الزاوية العليا على يمين الصورة، وصفًا لأحد الأدوار على السفينة: الغناء، الذي كان يقوم به شخص يُسمى بـ "النهّام". انظر: متحف قطر الوطني، التقاط الباحثين.

[37] لزوار دولة قطر بشكل عام، يُنظر: وكالة الأنباء القطرية، قطر تستقبل أكثر من 2.56 مليون زائر في الشهور الثمانية الأولى من 2023. https://2u.pw/YwIbMyY؛ "تضاعف زوَّار متاحف قطر ومواقعها التراثية بعد المونديال".

[38] يُوضّح الكتاب الكيفيات التي من خلالها تعرف أوزان اللؤلؤ. ينظر: متحف قطر الوطني (الصورة من التقاط الباحثين).

[39] تظهر في الصورة أعلاه، المجاديف التي كانت تستخدم في سفن الغوص على اللؤلؤ. ينظر: متحف قطر الوطني (الصورة من التقاط الباحثين).

[40] تعرض الصورة مقطعًا من الفيلم الوثائقي؛ حيث يقوم المتحدثون بشرح تجاربهم في الفترة التاريخية التي كان فيها الغوص لاستخراج اللؤلؤ هو المصدر الرئيس للرزق. انظر: متحف قطر الوطني (الصورة من التقاط الباحثين).

[41] متحف قطر الوطني (الصورة من التقاط الباحثين).

[42] صورة من أحد المشاهد بفيلم "نَفَس" للمخرجة ميرا ماير. انظر: متحف قطر الوطني، (الصورة من التقاط الباحثين).

[43] "استاد الجنوب... تحفة معمارية تحمل عراقة الماضي وإرث المستقبل"، وكالة الأنباء القطرية، ينظر: https://2u.pw/8toAsCl.

[44] "استمتع بقضاء يوم حافل على كورنيش الدوحة"، (Visit Qatar)، ينظر: https://2u.pw/TJSjOIz.

[45] بثينة الهتمي، الدوحة تحيي موروث الأجداد في بطولة السنيار، ينظر في: https://2u.pw/nY1OuoY.

[46] حسب أرقام جهاز التخطيط والإحصاء، بلغت واردات السلع الثقافية لدولة قطر لعام 2021 حوالي 2.9 مليار ريال قطري، يُنظر: "الإحصاءات الثقافية في قطر 2022"، جهاز التخطيط والإحصاء.

[47] أحمد عبد الله، "مهرجان المحامل التقليدية بالدوحة.. إبحار في ماضي الأجداد واحتفاء بتراثهم". ينظر: https://2u.pw/ePN9WtP.

[48] نفسه.

[49] نفسه.

[50] "اللؤلؤ: "تاريخ طويل وتراث حي تختزنه الذاكرة الوطنية في قطر"، قطر للسياحة، ينظر: https://2u.pw/4LGqSND8.

[51] L. Eaton, "South African national identity: A research agenda for social psychologists," South African Journal of Psychology, Vol. 32, No. 1 (2002), pp. 45–53.

[52] وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، منهج التاريخ القطري والمواطنة، الصف الرابع (2023)، ص41.

[53] نفسه.

[54] وزارة الثقافة، "برنامج نوماس"، مركز نوماس، الحلقة السابعة، ينظر: https://2u.pw/R9tChxj.

[55] وهو ربّان أو أمير السفينة، وهو المسؤول عن تسيير كافة أمور السفينة، وفي بعض الأحوال يكون هو مالكًا لها. يقوم النوخذا بتوزيع الأدوار ومراقبة الأعمال المختلفة للبحّارة، ويلتزم الجميع بأوامره، كما أنه مُخوّل بالشروع في حل النزاعات بين البحّارة والنظر في مشكلاتهم. للمزيد حول الوصف والأدوار.

[56] Colin Campbell, "A Dubious Distinction? An Inquiry into the Value and Use of Merton's Concepts of Manifest and Latent Function," American Sociological Review, Vol. 47, No. 1 (1982), pp. 29-44.

[57] Louis Althusser, "Ideology and Ideological State Apparatuses (Notes towards an Investigation)," In: Lenin and Philosophy and Other Essays (New York: Monthly Review Press, 1971).

[58] Tajfel & Turner.

[59] مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية، الغوص على اللؤلؤ في الخليج من خلال مصادر المكتبة التراثية، يُنظر: https://2u.pw/Dm2jD5k.

[60] المناعي وآخرون.

[61] المهندي. موسوعة قطر البحرية.

[62] Althusser, p. 165.

[63] اليوم الوطني القطري، فيلم وثائقي: أبناء البحر. يُنظر: https://2u.pw/rNHekhx.

[64] قناة الريان، فيلم "الغوص في قطر"، 1980. يُنظر: https://2u.pw/CMbASTm

[65] الجزيرة الوثائقية، فيلم "ذكريات ملونة: قطر.. صيد اللؤلؤ". يُنظر: https://2u.pw/6kAnhAJ.

[66] الطوّاش: هو تاجر اللؤلؤ، الذي ينطلق نحو مناطق الصيد بعد بداية موسم صيد اللؤلؤ بأسابيع لفحص أنواع اللآلئ ومساومة النواخذة على الأسعار. ولا يُشترط أن يتواجد الطوّاش على ظهر السفينة، فهو يتنقل عبر السفن لشراء اللؤلؤ أثناء الموسم، كما أن بعض الطواويش ينتظرون السفن على الشواطئ فور انتهاء الموسم لشراء اللؤلؤ ومن ثم بيعه في الأسواق المحلية خصوصًا سوق اللؤلؤ الموجود في البحرين أو العالمية وخصوصًا الأسواق الهندية. أما الغيص: فهو الفرد الذي يقوم بعملية الغوص في عُمق البحر، بين 14-16 باعاً أو أكثر، وهذا من أجل استخراج المحار الذي يحتوي على اللؤلؤ بداخله. والسيب هو من ترتبط مهامه بمهام الغيص، إذ إن وظيفته الأساسية هي سحب الغيص من قاع البحر بواسطة الحبل، وبذلك، فمن المهم أن يفهم السيب إشارات الغيص. النهام هو من يقوم بالغناء للبحارة أثناء قيامهم بوظائفهم المختلفة، لبث الحماسة في نفوس البحّارة، وخصوصًا في الأوقات الحاسمة من عملية صيد اللؤلؤ، مثل رفع الشراع والتجديف.

[67] فيلم وثائقي، "مدينة الزبارة الأثرية".