تاريخ الاستلام: 26 مارس 2023 | تاريخ التحكيم: 20 مايو 2023 | تاريخ القبول: 07 فبراير 2024
مقالة بحثية
نظرية البيولوجيا السياسية: دراسة حالة السياسات الجنسية *
دكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، جامعة ابن زهر–المغرب
تهدف هذه الورقة إلى إماطة اللثام عن وهْم انفصال التخصصات العلمية، بتأكيد ترابطها وتكاملها بدلاً من انفصالها. وتتخذ من علم "البيولوجيا السياسية" نموذجاً لإبراز هذا التكامل بين علمي السياسة والبيولوجيا. تعتمد الورقة على مقاربة معرفية نظرية لتوضيح كيف يجد هذا العلم أصوله في تطور الفكر الإنساني، مما يبرز تعدد مواضيعه، مثل دراسة الجسد، ومسألة القرابة، وغيرها. وتزداد أهمية هذا العلم في دراسة السياسات الجنسية التي تستدعي حضوره بشكل ملح، خاصة فيما يتعلق بالتدبير السلطوي للجنس، بهدف تحسين الحياة الجنسية للأفراد، وكبح الرغبات المكبوتة. كما تتناول الورقة دراسة بعض حالات السياسات الجنسية. لتحقيق هذه الغاية، تم تقسيم الورقة إلى محورين: الأول نظري يتناول الأسس النظرية للبيولوجيا السياسية، والثاني تطبيقي يركز على دراسة حالة من حالات السياسات الجنسية.
الكلمات المفتاحية: البيولوجيا السياسية، السياسات الجنسية، الجسد، القرابة، التربية الجنسية
للاقتباس: عدي، البشير. "نظرية البيولوجيا السياسية: دراسة حالة السياسات الجنسية"، مجلة تجسير لدراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية البينية، المجلد السادس، العدد 2 (2024)، 75-95. https://doi.org/10.29117/tis.2024.0185 |
© 2024، البشير، الجهة المرخص لها: مجلة تجسير، دار نشر جامعة قطر. نُشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأي وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0
Received: 26 March 2023 | Peer-reviewed: 20 May 2023 | Accepted: 07 February 2024
Research Article
Biopolitical Theory: A Case Study on Sexual Policies*
Aaddi
Elbachir
PhD in Public Law and Political Science, Ibn Zohr University–Morrocco
aaddielbachir@gmail.com
Abstract
This paper seeks to dispel the illusion of isolated scientific disciplines by highlighting their interconnection and integration. Using "Biopolitics" as a case study, it demonstrates the overlap between political science and biology. The paper employs a theoretical epistemological approach to trace the roots of political biology in the evolution of human thought, revealing its diverse topics, such as the study of the body, kinship, and related subjects. The relevance of this field becomes especially prominent in the study of sexual politics, where its application is critical—particularly in matters concerning the regulation of sexuality by authorities. The ultimate aim is to improve individuals’ sexual well-being and manage repressed desires. The paper also analyzes specific instances of sexual policies. To achieve this, it is divided into two sections: the first outlines the theoretical foundations of political biology, and the second presents a practical case study on sexual politics.
Keywords: Biopolitics; Sexual Policies; Body; Kinship; Sex Education
Cite this article as: Aaddi, Elbachir. "Biopolitical theory: case study a sexual politics," Tajseer Journal for Interdisciplinary Studies in Humanities and Social Science, Vol. 6, Issue 2 (2024), pp. 75-95. https://doi.org/10.29117/tis.2024.0185 |
© 2024, Elbachir, licensee, Tajseer & QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0
شهدت العلوم تطورًا سريعًا في محاولَة لفهم طبيعة السلوك الإنساني؛ حيث غدا التكامل بين مختلف العلوم الطبيعية والاجتماعية سبيلًا لتحقيق فهم أكثر عمقًا وشمولية. ومن أبرز الأمثلة على هذا التكامل هو تلاقح البيولوجيا وعلم السياسة، الذي انطلق من النظريات البيولوجية لفهم السلطة والمؤسسات السياسية والسياسات، مستندًا إلى النظريات التطورية، والأنثروبولوجيا، وعلم الأعصاب، والبيولوجيا الجزيئية[1].
تسعى هذه الورقة إلى دراسة أهمية تداخل علمين مختلفين على مستوى الحقل المعرفي، هما علم السياسة والبيولوجيا. حيث العمل على استكشاف كيف يمكن لعلم السياسة، كحقل من العلوم الاجتماعية، أن يستفيد من نظريات ومفاهيم ومناهج البيولوجيا.
بناءً على ذلك، تطرح الورقة البحثية السؤال الرئيس: هل يمكن للتكامل بين علم الأحياء وعلم السياسة أن يسهم في تفسير الظواهر السياسية والتنبؤ بها مستقبلاً، بهدف خدمة المجتمعات؟ ولكن قبل الإجابة على هذا السؤال، من الضروري أولاً تحديد طبيعة كل علم، واستعراض مناهجه وأدواته، وكيفية تطبيقه على السياسات الجنسية كموضوع لعلم السياسة التطبيقي.
بات من المعروف أن "البيولوجيا السياسية" حقل معرفي بدأت إرهاصاته مع تطور الفكر البشري، وهو علم يسعى إلى استخدام أدوات علم الأحياء في فهم الظواهر السياسية، وقد أدى هذا التداخل إلى تطوير مناهج ومقاربات ومفاهيم ونظريات سعت إلى كشف مجموعة من الحقائق، من بينها ما بات معروفًا بمفهوم "السياسات الجنسية". وبناءً على ذلك، تسعى هذه الورقة إلى دراسة البيولوجيا السياسية كمجال معرفي من خلال ثلاثة مستويات رئيسة:
أولًا: على مستوى المنهج: حيث استيراد مناهج ونظريات ومقاربات من البيولوجيا إلى علم السياسة؛ وذلك بهدف مقاربة إشكالات الظواهر السياسية بمناهج العلوم الطبيعية، في أفق بناء علم سياسة معاصر، يتجاوز الحقل العلمي الكلاسيكي. ومن جهة أخرى، الانتقال من مقاربة علم السياسة المؤسساتي العمودي إلى مقاربة علم الاجتماع السياسي التحتي القاعدي، وذلك عبر التحليل والتشريح البيولوجي للظواهر السياسية.
ثانيًا: على مستوى الموضوع: تهدف الورقة إلى محاولة بناء مواضيع جديدة في علم السياسة، من بينها موضوع "السياسات الجنسية" الذي أصبح موضوعًا راهنًا يستدعي البحث فيه عربيًا، وذلك لمقاربة إشكالاته السياسية انطلاقًا من علم البيولوجيا، بغية تجويد عملية صناعة القرار، ومعالجة قضايا المجتمع، وتلبية احتياجاته، وحل مشاكله بشكل علمي تجريبي، وعلى رأسها التحكم في وتيرة تطوره عبر سياسات جنسية.
ثالثًا: على مستوى المفاهيم: تحاول الورقة إغناء الحقل المفاهيمي لعلم السياسة باستعارة مفاهيم البيولوجيا، فتجعل منه حقلًا منفتحًا على مختلف الحقول العلمية الأخرى؛ مفاهيم من قبيل "الموت السياسي" و"الحياة السياسية"، و"الانتخاب الطبيعي"، و"الأنواع"، و"علم وراثة الجماعات" و"الانحراف الجيني"، أو "الطفرات"... وصولًا إلى آخر إبداعات البيولوجيا التطورية.
وأما المقاربة المعتمدة فهي المقاربة الإدراكية المعرفية[2]، محدَّدة في نقطتين بارزتين، هما: البحث عن الأسس النظرية للبيولوجيا السياسية من جهة، والبحث في أسس وأبعاد السياسة الجنسية ومختلف القيم المتعلقة بالمتدخلين فيها أفرادًا وسلطات عمومية من جهة ثانية. واعتماد هذه المقاربة أملته ضرورة التأسيس النظري لهذا الحقل العلمي الذي لا زال يعاني من ندرة الدراسات في العالم العربي. ولتحقيق فهم أكثر تسوق الورقة بعص الأمثلة من العالم العربي، خاصة المغرب، نظرًا لتوفر معطيات إحصائية دقيقة بخصوص الموضوع.
أما على مستوى الدراسات السابقة فيمكن تسجيل معطيين اثنين:
أولهما: تواضع بحثي محلي وإقليمي يتطرق لهذا الموضوع، باستثناء بعض الدراسات المحدودة، سواء تعلق الأمر بكيفية التنظير للسياسة الحيوية كما هو الحال عند ميشيل فوكو (Michel Foucault) أو جورجيو اغامبين (GiorgioAgamben)[3]. أو تعلق الأمر بتطبيق مقاربات البيولوجيا السياسية دون التأسيس النظري لها، خاصة ما يتعلق بدراسة القرابة السياسية والسلطوية في العالم العربي[4].
ثانيهما: تشتت تلك الدراسات إلى درجة يصعب معها معرفة مرجعيتها النظرية والمنهجية.
إن الجانب النظري في الورقة يتناول مفهوم "البيوسياسة"، أما الجانب العملي التطبيقي فيتناول السياسة الجنسية (sexual politics) باعتبارها موضوعًا حديثًا في علم السياسة.
تُعد البيولوجيا من العلوم الطبيعية الأساسية التي فرضت على العلوم الاجتماعية اهتمامًا كبيرًا. ذلك لأن البيولوجيا ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالطب، والذي بدوره يرتبط بالمجتمع وبتحسين الحالة الصحية للإنسان بشكل عام. ولكل علم فلسفته التي توجه تطوره، وفي حالة البيولوجيا، تشكل النظرية التطورية الاتجاه الغالب، حيث تتابع التغيرات الجينية للبشرية وتلاحظ مدى التكيف مع البيئة. تلعب البيولوجيا أيضًا دورًا تصنيفيًا يوضح العلاقات التطورية بين الكائنات الحية باستخدام الطرق الكمية. وقد أدى هذا التوجه إلى ظهور اتجاهات أخرى مثل علم الوراثة الجزيئي، تلاه الاتجاه النمائي. ونتيجة لدراسة أنواع الاختلافات المتاحة للانتقاء، ظهر مفهوم الانتخاب الطبيعي كأحد النتائج الأساسية لهذا المجال[5].
قبل أن يتم إدخال البيولوجيا إلى علم السياسة، كان هذا الاستيراد قد بدأ بالفعل في العلوم الاجتماعية الأخرى. تجلى ذلك أولاً في كتاب "البيولوجيا الاجتماعية: التركيب والتجديد"[6]، الذي فسر الأساس البيولوجي للسلوك من خلال وراثة مجموعة من العادات والسلوكيات من الآباء. يشير الكتاب إلى أن الجسم الإنساني يتكون من تريليونات من الخلايا التي تشكّل أنسجته وأعضاءه. ومع تقدم علم الهندسة الوراثية، تم التأكيد على أن الإنسان يرث مجموعة من العوامل الوراثية التي تحميه وتساعده على التكيف مع المحيط. وقد أظهرت الدراسات أن سلوكيات التوائم المتماثلة والمنفصلة وحالات التبني تؤكد دور الوراثة في تحديد السلوك البشري[7].
من ناحية أخرى، ربط علم السياسة بين نظريتين هما: التطورية والسلوكية[8]، وأسّس لهما نظرية البيولوجيا السياسية. طرح تشارلز داروين (Charles Darwin) في كتابه "أصل الأنواع" فكرة الانتخاب الطبيعي، والتي تعتمد على الصراع بين أفراد النوع الواحد كمعيار للبقاء. كما لم يستبعد داروين فكرة "وراثة المكتسب" كأساس لتطور الإنسان والمجتمع، وهي الفكرة التي تطورت لاحقًا إلى علم الجينات الوراثي[9]. وقد قام فرانسيس جالتون (Francis Galton) بتطوير هذه النظرية لتظهر في صورة جديدة تتمثل في تحسين الجنس البشري استنادًا إلى قواعد بيولوجية[10]. وقد يؤدي هذا الاتجاه إلى محاولة تحسين النوع البشري من خلال إزالة الجينات السلبية التي قد تجعل حياة الإنسان صعبة، مما جعل البيولوجيا التطورية تلعب دورًا محوريًا في توجيه تطور الجنس البشري.
على مستوى الغاية، ظهرت تخصصات البيولوجيا والعلوم السياسية لتطبيق نظريات وأساليب علم الأحياء، بهدف تحقيق فهم علمي للسلوك السياسي. من ناحية أخرى، تهدف الأسس البيولوجية للسياسة إلى تفسير السلوك السياسي، بِعدّه سلوكًا مجتمعًا، من خلال مرجعيات بيولوجية. في هذا السياق، تناول البحث موضوعات متعددة مثل: ارتباطات البيولوجيا بالتوجهات السياسية، والأصول البيولوجية للأنظمة الحزبية، وسلوك التصويت. والتي تجعل العملية السياسية تظهر كنوع من التكتلات البيولوجية المتصارعة. وحتى الآن، لا تزال النقاشات مستمرة، خاصة فيما يتعلق بقضايا الحتمية الجينية والبيولوجية وتأثيرها على فهم السلوك السياسي.
لقد بدأ علماء النفس وعلماء الوراثة السلوكية في استخدام الدراسات المزدوجة في الثمانينيات من القرن الماضي، وذلك لدراسة الاختلاف في المواقف الاجتماعية، وظل علماء السياسة في الغالب غير مدركين لأبعاد توريث المواقف الاجتماعية حتى عام 2005م؛ حيث نشرت دورية مراجعة العلوم السياسية[11] الأمريكية تحليلًا لأسئلة سياسية قامت بعملية مسحية بهدف إبراز موقف التوائم بشأن الإيديولوجية الليبرالية والمحافظة، متسائلة عن أيتهما قابلة للتوريث، وقد ساهمت هذه الخطوة الكبيرة في بروز علم السياسة الجيني، الذي يعنى بدراسة الأساس الجيني للسلوك والمواقف السياسية.
أما في علم الاجتماع، يقدم بيير بورديو (Pierre Bourdieu) مفهوم "الهابيتوس" الذي استقى أسسه من البيولوجيا. ويشير "الهابيتوس" إلى السمات أو العلامات أو الطبائع التي تُوجه السلوك بشكل عفوي وتلقائي[12]. فـ"الهابيتوس" هو مجموع الاستعدادات الفطرية والمكتسبة والمتوارثة التي تعبر عن فاعلية الإنسان، في ظل شرط اجتماعي محدد. بمعنى آخر، هو مجموع المواصفات التي يتوارثها الفرد، سواء بشكل مباشر من خلال التربية أم بشكل غير مباشر من خلال الاستدماج[13]. على سبيل المثال، يرث الفرد استعدادات سياسية على شكل هابيتوس، كما يرث تاريخا سياسيًا للجماعة التي ينتمي إليها، ويشكّل كل ذلك أساس سلوكه السياسي.
أما في الكتابات العربية المعاصرة الخاصة بدراسة البيولوجيا السياسية، فيلاحظ هيمنة أطروحة "ميشيل فوكو" و"جورجيو اغامبين"، هذا على الرغم من أن إرهاصات هذا الطرح كانت قد برزت مع ابن خلدون فيما سماه "علم العمران"، وقد كان في نظريته استيراد تام لتطور حياة الكائنات أثناء حديثه عند تطور الدولة[14]. لقد ربط ابن خلدون مفهوم الدولة بمفهوم العصبية القائمة على القرابة؛ حيث تصور حياة الدولة كحياة الكائن الطبيعي أو كجسم خاضع للتحول والاندثار، بحيث لا تبقى الدولة طول حياتها على حالة واحدة، بل تتطور بشكل مستمر منذ نشأتها حتى موتها أي حين يزول كيانها بعد اختلال أحوالها.
لقد استخدم "العلّامة" المقاربة البيولوجية في وصف تنظيم الدولة، بِعدّها ذاتًا مكونة من الجسد والأطراف، وهذا الاستخدام مكّنه من وصف التعارض بين مركز الدولة ومحيطها. وفقًا لابن خلدون، فإن ظهور السلطة السياسية هو نتيجة لتفاعل بين ديناميات طبيعية محضة خاضعة للضرورات البيولوجية ومنطق الأهواء البشرية[15].
أما "ميشيل فوكو" فقد نحت مفهومًا جديدًا في الفلسفة السياسية المعاصرة، وهو "السياسات الحياتية" أو البيوسلطة (biopouvoir)، وذلك في بحثه حول تاريخ الطب الحديث، وقد جاء ذلك في سياق البحث عن مكامن السلطة الرمزية للدولة بعيدًا عن المؤسسات وتخومها المادية[16]. إن الدولة – وفقًا لفوكو – لا تحتكر السلطة، لكن تستعمل تقنيات من أجل القمع وتنميط سلوك الأفراد بالمراقبة والعقاب، فيخضع في النهاية الجسد لها ولسلطتها؛ لتتجاوز ذلك إلى التحكم في حياة الأفراد ومماتهم، وبالتالي التدخل في حياتهم العضوية[17]. وخير مثال على ذلك، هو تدخل السلطة في جائحة كورونا بدعوى الحد من الآثار السلبية للجائحة، وقد كان الهدف من ذلك فرض سلطتها على الأفراد وعلى الجسد، باتباع إجراءات التباعد الاجتماعي، والحجر الصحي للحد من المخاطر، وبالتالي الحفاظ على حياة الأفراد، دون الحديث عن انخراط الجميع دولًا ومنظمات وشركات في البحث عن دواء للفيروس[18].
من جهة أخرى، ميّز "فوكو" بين نوعين من السلطة: السلطة السيادية والسلطة الحيوية؛ حيث تعطي الأولى الحق للسلطان في إنهاء الحياة أو الإبقاء عليها من أجل الحفاظ على سلطته وملكه[19]. أما الثانية فتعتبر تكنولوجيا جديدة للسلطة، ظهرت مع الدولة الحديثة، وتركز على الحفاظ على الحياة حتى آخر رمق[20]. وتعمل هذه السلطة على مستويين:
- مستوى رقابي ضبطي، يقوم بترويض الجسد وضبط حركاته، وتقنين زمنية اشتغاله، وتعديل سلوكه من خلال المؤسسات الانضباطية، كالمدرسة، والمستشفى، والسجن وغيرها.
- مستوى بيوسياس، يقوم على إدارة الحياة وتحسينها من خلال السياسات الصحية، والأسرية، والجنسانية، والجنائية[21].
بانتقالنا إلى "جورجيو اغامبين" نلاحظ أنه يربط السلطة البيولوجية – فكرة وأطروحة – ببنية السلطة بشكل عام، ويعني بذلك وجود علاقة بين السلطة والحياة. فوفقًا له تشتغل البيولوجيا السياسية كأداةً تحليلية لـ"الشمولية"؛ حيث تعمل على تكييف ذاتية الإنسان من جهة، والبحث – من جهة ثانية – عن تفسير للعنف السياسي انطلاقًا من سياسات الحياة التي تنظر إلى السكان كمجموعات حيّة؛ فالسيادة تمارس بالاستيلاء على الحياة وتنظيمها، سواء بالقتل أو العنف أو الإقصاء أو التهميش لتصبح – حسب تعبير أغامبين – حياة عارية[22]. ويستدلًّ "أغامبين" على أطروحته هذه بأنه في حالة الاستثناء يعلَّق العمل بالقانون، وتصبح السلطة حرة في تطبيق السيادة، فتملك بذلك قرار حياة وموت الأفراد، كما أنها تتحكم في حرياتهم بدعوى فرض النظام العام، فيصبح بذلك الإنسان مستباح الدم[23].
وارتباطًا بموضوع العنف، فقد اتخذت منه "حنا ارندت" (Hannah Arendt) موضوعًا مهمًا في دراساتها، وربطته هي الأخرى بالشمولية؛ وذلك على غرار السياسة الشمولية التي تعني بها الإبادة غير الضرورية للأفراد، وسياسات الموت التي تنتج عن استعمال العنف[24]. وتعرج "حنا ارندت" على مفهوم سياسات المواليد كونه تعبيرًا عن حقيقة بداية حياة الإنسان كمولود قادم جديد[25].
أما في الولايات المتحدة الأمريكية فقد نقل "دافيد استون" (David Easton) كيفية عمل الجسم الإنساني إلى التحليل السياسي، من خلال بناء نظرية النسق السياسي؛ وهي نظرية وصفية لكيفية تفاعل الأجزاء والمستويات المختلفة للنظام السياسي مع بعضها البعض، وتقدم هذه النظرية تصورا ذهنيًا لحالة التكامل السياسي والاجتماعي بين مكونات النسق بشكل متفاعل مع الحياة السياسية، وقد استخدم "أستون" لفظ النظام (system) على أنه مجموعة عناصر متداخلة متفاعلة بنائيًا ووظيفيًا وبشكل منتظم، بحيث إن أي تغيير يطرأ على عنصر ما يؤثر في سائر عناصر النظام[26].
من خلال هذا التراكم الفكري والتراث الذي تركه التفكير حول البيولوجيا السياسية بمنطق فلسفي يلاحظ أنه مشحون بنفحة ليبرالية وتنظيرات فلسفية يبدو أنها تخدم أيديولوجية العلمنة والبحث في إمكانية التحكم في البشر، مما يجعلها تسقط في فخ خدمة الشمولية والأنظمة التسلطية.
يعد الجسد أحد الأبعاد الأساسية للبيولوجيا السياسية؛ حيث اعتبره "ميشيل فوكو" موضوع السيطرة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؛ لأن علاقات السلطة بين الحاكمين والمحكومين هي في جوهرها علاقات جسدية، معنى ذلك أن الجسد قاعدة لممارسة السلطة من جهة، وأداة للهيمنة السياسية من جهة ثانية. إن الحياة رهان للسلطة السياسية، والجسد ليس مجرد مكونات مادية متفاعلة (عظام ولحم ودم) كما تشرحها البيولوجيا، وإنما هو إنتاج رمزي لمجموعة من الأبعاد الرمزية، بذلك يتحول الإنسان من كائن بيولوجي إلى كائن سياسي، تصفه البيولوجيا السياسية بأنه كائن بيو-سياسي[27].
والجدير بالذكر في هذا السياق، أن الجسد لم يكن موضوع اهتمام من طرف العلوم الاجتماعية إلا في الآونة الأخيرة، عكس العلوم الطبيعية الذي شكل صلب اهتمامها ونواتها الأساسية، لا سيما في الدراسات البيولوجية. ويرجع هذا الضعف إلى ذلك الفصل القسري بين العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية[28]. وقد استمر ذلك القصور إلى أن دشن علم النفس الحديث مشروع الاهتمام بالجسد عن طريق تحليل لغة إشاراته، فجعله ينطق بالإيحاءات والرموز[29].
في كتابه "ثنائية الجسد الملكي"، رصد "ارنست كانتوروفيتش" (Ernst Kantorowicz) التطور التاريخي للسيادة السياسية من خلال السمات الرمزية للجسد، وتطرق فيه للاهوت السياسي في العصور الوسطى، وكيف فهم اللاهوتيون والمؤرخون والقديسون في تلك الفترة منصب وشخص الملك. وقد ميز كانتوروفيتش في الجسد السياسي للملك بين الفيزيقي والميتافزيقي، أي بين الجسد المادي البيولوجي والجسد المثالي المتخيل الحامل للحمولات الرمزية، هذا الأخير – حسب كانتوروفيتش – هو الجسد الحي والمحوري في الدولة، الجسد المبجل والمنيع والخارق للعادة. ومعنى هذا أن الجسد الطبيعي للملك مثل أجساد كل البشر: فانٍ وغير دائم، يمرض ويموت، أما جسده الآخر (الجسد الروحي) فهو مقدس وأبدي وخالد.
لقد حلت هذه الثنائية إشكالية الاستمرارية التي تعاني منها الأنظمة الملكية، بحيث حدد كانتوروفيتش ثلاثة عناصر لها، تبدأ من فكرة السلالة ورمزية التاج والعرش، وتمر عبر هيبة الملكية وسموّها الرمزي، وتنتهي بدونيّة المحكومين الخاضعين للحاكم. هنا يضمن الجسد الرمزي للملك استمرارية سيادة الدولة رغم الموت الدوري للملوك[30]. ولعل هذا ما يجعلنا نفهم كيف أن العديد من الدساتير تنص على أن شخص الملك مقدس، وأن الاعتداء عليه يعد اعتداء على الوطن في حد ذاته[31].
وتتجه الملكيات، خاصة تلك التي تنهل من المرجعية الإسلامية، عبر سياسات رمزية إلى تقديس أضرحة الملوك، وإضفاء نوع من الرمزية عليها، باعتماد هندسة معمارية خاصة، وبرمجة زيارات دائمة للشخصيات في المناسبات الدينية. بهذا يستمر الجسد الملكي ويستمر معه الحكم. فمثلًا في المغرب توظف جدلية الموت والسياسة بالاستئثار بالرمزية الوطنية واحتكار الشرعية السياسية عبر استغلال الاستعارة وتجسيد الوطن في جسد الملك[32]، وتتمدد البيولوجيا السياسية إلى مرحلة انتقال العرش في الأنظمة الملكية، وكذا الحرص على تقلد الابن الذكر الأكبر الحكم في هذه الأنظمة[33]، عكس المجتمعات الغربية التي تحررت من فكرة الحاكم الذكر أو الحاكمة الأنثى.
من جهة ثانية، فلحظة الزواج عند الملكيات ليست لحظة عابرة في حياة الملك الشخصية أو القصر، بل هي لحظة ترهن مستقبل الحكم؛ لأنها تتخطى مشاعر الفرح والسعادة والحب لزوجته، إلى لحظة سياسية يتم تعيين فيها أم الملك المستقبلي للنظام. لذلك فهو ليس زواجًا عاديًا بل مرتبط بالحكم، ولذلك يفرض على الحاكم اختيار الزوجة بناًء على أسس بيولوجية وأسس سياسية ومعايير عقلانية. ومن جهة ثالثة تعد عملية إنهاء الحياة أو الإعدام، والتعذيب، والتجريح، والاعتقال السياسي، والاغتيالات، وحالات النفي، والإبعاد السياسي، والتنكيل بالأفراد والجماعات بدعوى الخلاف والاختلاف مع الحاكم؛ تعد أشكالًا من العقاب الاحتفالي، تواكبها كثافة الطقوس لتلك العمليات، بهدف بث الرعب والخوف السياسي في الأفراد، مما يؤشر على وجود عنف سياسي. إنها أعمال تشبه التحكم المصيري الميتافزيقي لكبش الفداء[34].
يمكن القول – إذًا – أن ثمة ضوابط طقوسية تضفي قدسية على الحاكم وعلى جسده المتعالي المهاب من طرف الحاكمين، تنضبط الأجساد بدقة متناهية داخل تلك الفضاءات الهندسية[35]. أما الإضراب والعصيان المدني والتجمهر فهي أعمال تقوم بها المعارضة في مقاومة طغيان وتسلط الحاكمين، فتتجمع في شكل تكتلات كبرى بهدف الضغط ومقاومة العنف بعنف مضاد. هنا تبدأ خروقات حقوق الإنسان، وأشكال التطهير السياسي التي تقوم بها الأنظمة السياسية لمعارضيها، والتي تحاكي العمليات البيولوجية التي يقوم بها الطب لعزل السرطان عن جسم الإنسان من أجل التعافي. لكن من جهة أخرى، تقوم هذه الأنظمة بمكافأة الجسد الذي يقدم الطاعة بالعمل على إذاعته، وتلبية حاجياته، ورعايته. إنها أنظمة سياسية تعمل على التوظيف السياسي للجسد، إما برفعه إلى القداسة، أو وضعه في الدونية، محاولة إخفاء فكرة أن هناك تعسفًا ثقافيًا سياسيًا يمارس على الجسد، وهنا يظهر الفرق جليًا بين مهمة البيولوجيا المتمثلة في استدماج السياسي، ومهمة السياسة المتجلية في إتقان الممارسة الطقوسية.
في سياق آخر، متصل بالموضوع، تعد القرابة بعدًا مهمًا من أبعاد البيولوجيا السياسية، ومرتكزًا بيولوجيًّا واجتماعيًّا يتحول إلى ثقافة سياسية وسلوك سياسي، وهذا يمثل الشخصية القاعدية[36] للإنسان العربي. ذلك أن المعطى البيولوجي الذي تأسست عليه النظرية الانقسامية[37] يعدّ القرابة أساسًا لإرادة العيش المشترك.
وقد سعى "جورج بالاندييه" (George Balandier) إلى توضيح العلاقات المعقدة بين السياسة والقرابة، وانتهى إلى أن الأخيرة منحت السياسة نموذجها ولغتها؛ فالمجتمعات التي تهيمن فيها روابط القرابة تكون المواطنة مشروطة ومحددة بنمط الانحدار القبلي، والمكانة أو الوظيفة السياسية. وتحدد مراكزَ السلطة كلها عوامل عشائرية وسلالية وقبلية. ويعني ذلك أن عامل القرابة، المتمثل بنظام السلالات هو المحدد للعلاقات السياسية عمومًا[38]. ولا ننسى أن ابن خلدون سبق أن ربط بين القرابة والسياسة، انطلاقًا من فكرة التعصب إلى الجماعة القبلية، لا سيما حين تواجه خطرًا يهددها أو حين تسعى إلى الفوز بمكاسب جديدة. وقد ينتقل التعصب إلى جماعات أخرى، لكنه يشتد ويخف حسب درجة القرابة[39]، بما تحيل عليه من قيم التضامن والتعاون.
أما "بيير كلاستر" (Pierre Clastres) فقد أرجع الأمر إلى شكل السلطة السياسية الحاضرة في كل مجتمع، إذ السلطة في المجتمعات التقليدية ليست قهرية، ولا تحتاج إلى استعمال العنف والقوة لحفظ النظام العام، زِد على ذلك درجة التجانس الاجتماعي بين أفرادها[40]. لذلك تتعدد الروابط الاجتماعية بين رابط البنوة والقرابة، ورابط المشاركة الاختيارية، ثم رابط المشاركة المنظمة، فرابط المواطنة[41].
وهكذا تقوم القبيلة على إيديولوجيا القرابة فحسب. لقد انتقلت تلك الثقافة إلى سلوك سياسي في ظل مجتمع تسود فيه لغة القبيلة بدل الحزب؛ حيث تلعب الولاءات القرابية دورًا محوريًّا في سلوك الفرد، إذ تعلو على الولاءات الأخرى، فيدين الفرد للعائلة والعرش والقبيلة، وبذلك يترك الوطن والأمة مكانهما لمفهوم أبناء العمومة، وتظهر علاقة القبلي بما هو سياسي بشكل جلي في الانتخابات والصراع حول السلطة، من خلال تفاعلات شبكة القرابة العائلية مع فئات المصالح داخل القبيلة[42].
إن القرابة رابطة بيولوجية بين أفراد القبيلة، تتحول إلى أيديولوجية سياسية، وبهذا تتشكل القرابة في المجتمع العربي من عناصر مختلفة: عاطفية، ومعيارية، ورمزية، واستراتيجية، فهي تحدد طرق التصرف الجيد للفرد، ونمط تفكيره، ومستوى إدراكه. كما أن لها وظيفة سياسية، بحيث تعطي للمجموعة معمارها التصوري الذي يحكم مدى التماسك الذي يعرفه نسق التنظيم الاجتماعي[43]. ومن ناحية أخرى، فهي ترتبط بالهوية؛ حيث يعرف الفرد اسمه واسم أبيه، ومن ناحية ثالثة، يعتبر اسم القبيلة أو اسم العائلة محددًا للمعايير والقواعد والمبادئ، بالإضافة إلى الأدوار والمواقع السياسية التي قد يشغلها الفرد[44].
بات من الممكن القول، إن البيولوجيا السياسية تتأسس على منهج ومقاربة حديثة وفلسفة تقوم على تجاوز التخصصات، أي الاتصال والتواصل بين التخصصات والمعارف من جهة أولى، والتعاون بين مجموع الباحثين في تخصصات مختلفة من جهة ثانية، قد يصل بها ذلك إلى استيراد المناهج والمقاربات والتقنيات والمفاهيم والنظريات والمهارات، فتدمج وتركب على الرغم من اختلافها من علم إلى آخر[45]. هذا المنهج يتجاوب مع درجة تعقيد وتركيب الظواهر الاجتماعية، ومحدودية مقاربتها من زاوية نظر وحيدة، وبذلك تتكون صورة واضحة من مختلف الزوايا عن تلك الظواهر الاجتماعية[46].
لقد فرض منطق التكامل نفسه على مختلف الفروع العلمية، بهدف الخروج من أزمة الموضوعية والتحيزات القيمية والأيديولوجية في العلوم الاجتماعية، فإمكانية تجاوز هذه الأزمة تقتضي تعاونًا داخليًا بين العلوم، واعتماد بعضها على بعض، وتجاهل الحدود الوهمية بين مختلف فروع المعرفة العلمية، وهذا التعاون يبرّره الواقع الاجتماعي متعدد الأبعاد؛ فحين نتأمل العلوم الاجتماعية بشكل عام نلاحظ أن مفاهيمها تتسم بالتعددية والاختلاف، وذلك حسب المرجعيات والتخصصات، وهذا يؤدي – طبعًا – إلى تعدد التعاريف حسب اختلاف نظرة الباحثين إليها، فليس ثمة اتفاق على تعريف واحد. أما في العلوم الطبيعة فالأمر مختلف تمامًا؛ حيث تتسم بالوضوح والدقة، وهذا دفع الباحثين "الاجتماعيين" إلى اتخاذ العلوم الطبيعية مثالًا ونموذجًا، فانخرطوا في استخدام أدواتها وتقنياتها لدراسة الظواهر الاجتماعية[47]. ليس هذا فحسب، بل إن الباحثين في علوم الاجتماع اعتمدوا المناهج العابرة للتخصصات، متجاوزين بذلك الفصل بين المعارف والظواهر، وكذا الفصل المؤسساتي بين العلوم، كما تجاوزوا أيضًا فكرة وحدة المنهج واختزال المعرفة. وهذا يمكن تسجيله على المستوى المفاهيمي، فقد استدعيت مفاهيم علم الأحياء إلى علم السياسة؛ من قبيل فمفهوم "الدولة المنسوخة" و"مفهوم الدولة الهجينة" ومفهوم "الحياة السياسية". وهكذا يتضح أن غاية الاستدعاءات وأشكال الاستيراد المفاهيمي لم تكن إلا لتجاوز الكساد والتكلس المفاهيمي الذي عانى منه علم السياسة، بغية علم متجدد يغني الحقل العلمي.
يندرج موضوع السياسات الجنسية ضمن علم السياسة التطبيقي، مما يجعله مجالًا يجمع بين البيولوجيا وعلم السياسة، ويتبع هذا العلم منهج التكامل والتداخل بين التخصصات. فتتقاطع السياسات الجنسية مع مجموعة من السياسات العامة، مثل السياسات السكانية على سبيل المثال، ولا سيما ما يتعلق بالنمو الديمغرافي للبلدان، إضافة إلى السياسات الصحية، وخاصة الصحة الإنجابية.
إن التفكير بعمق في موضوع السياسة الجنسية يبرز للباحث مدى جدية الموضوع وجدته، إذ يلامس مختلف مناحي الحياة الإنسانية. ورغم أهميته، لا زال أحد المواضيع الهامشية في العلوم الاجتماعية في العالم العربي، حيث يعد المتخصصون فيه على رؤوس الأصابع[48]، زِد على ذلك، استهجان الفرد العادي للموضوع، الذي يعتقد أنه لم يبق للدولة سوى الجنس لتناقشه وتقرر فيه! متناسيًا – عن علم أو عن جهل – أن للجنس أثرًا مباشرًا على الانفجار السكاني الذي يعيشه أي بلد عربي، كما أن له أثرًا مباشرًا على مستوى دخل الفرد فيه، ومستوى عيش الأسرة أيضًا. أما فيما يخص الدول الغربية، فقد كان للجنس تأثير واضح على ارتفاع نسبة شيخوخة السكان، وهي نسبة يتوقع المختصون أن يترتب عتها آثارًا سلبية في المستقبل.
وبعودتنا إلى السياسة الجنسية نسجل أن الموضوع تتداخل فيه حقول علمية شتى: علم الاجتماع، وعلم النفس، والبيولوجيا، وعلم السياسة. وبما أن علم السياسة هو علم سلطة، فإنه ينظر إلى الجنس كونه شكل من أشكال السلطة. وحين تسيس هذه السلطة، يصبح الجنس شأنًا عامًا يطرح أمام السلطة، باعتباره مشكلة عمومية تتطلب من صانع القرار اتخاذ موقف أو قرار معين. وهكذا تتحول الأحاسيس والمشاعر والأمور الحميمية بين الأفراد إلى مسألة تدخل في نطاق السلطة السياسية، وتصبح بالتالي موضوعا للنقاش بين الفاعلين السياسيين بمختلف مرجعياتهم داخل الإطار السياسي.
ترتبط السياسات الجنسية بالجسد، بِعدّه الموضوع الأساس في البيولوجيا السياسية؛ حيث تحول الاهتمام بالجسد من مجرد آلة لتحويل العالم (العمل) وآلة للإنجاب، إلى الجسد كطاقة ليبيدية[49]، تلعب دورًا مهمًا في حياة الفرد، ومنذ أن اكتشف فرويد أن للاشعور الدور الحاسم في حياة وقرارات الفرد، وأن اللاشعور بنية مستقلة تؤثر في الحياة الواعية للإنسان، تحول الاهتمام بالجسد إلى موضوع للمتعة والمتخيل والإبداع، يثير اهتمام السلطة[50]. من ناحية أخرى، وفي مرحلتها الأولى، حملت نظرية السياسات الجنسية شعار الدفاع عن المرأة في الولايات المتحدة الأمريكية، ضد الأبوية التي كرّست علاقة الهيمنة والامتثال، مدعومة في ذلك بالفروق البيولوجية بين الجنسين، يغذيها الرأي العام، والتمثلات، والمعتقدات، والقيم. ولتجاوز ذلك انتقل الحديث، في الزمن المعاصر، إلى مقاربة من منظور آخر هو منظور الجندر والنوع. هذا المنظور يعتمد في مقاربته للجنس معاني نفسية وثقافية بعيدًا عن المعنى البيولوجي الذي يحمله مفهوم الجنس نفسه، والذي ترسخه الأسرة عبر الأب المالك لها أبناءً وزوجاتٍ، وبعيدًا أيضًا عن مفهوم الاعتراف بالنسب الذي تحمله الأسرة من الأب، والناتج عن كونه مناط اقتصادها؛ حيث إن المرأة لا تساهم في الدورة الاقتصادية سوى بالخدمات المنزلية والأمور البسيطة والتعليم، وهذه التمايزات الوظيفية تساهم في عدم المساواة بين الجنسين؛ فلا تتجاوز فيه المرأة تعلم القراءة والكتابة.
لم تقتصر الهيمنة الأبوية على ذلك فحسب، وإنما تجاوزتها إلى العنف الذي يعد أبرز مظهر لها؛ عنف يسكن الذهن وتدعمه الأنثروبولوجيا والدين في تمجيد للذكر وتحقير للمرأة، ناهيك عن مساهمة اختلاف التركيبة النفسية بين الجنسين. ونتيجة لكل ذلك اتجهت السياسات الجنسية في الغرب إلى تعزيز قيم المساواة بين الجنسين اجتماعيًا وسياسيًا؛ وذلك بإنهاء حالة القمع والعنف نهائيًا[51]. وقد كانت نتيجة هذه الثورة – إن صح التعبير – الانتقال إلى مرحلة ثانية، وهي مرحلة تحرير الجنس أو ما يمكن تسميته بـ"اللبرلة الجنسية"، إنها باختصار سياسة جنسية لا شكلية، تعزز أخلاق مدنية، تدافع عن الحق في المتعة الجنسية، بغض النظر عن الهوية الجنسية (رجل/امرأة)، وعن الوضع الزوجي (متزوج/غير متزوج)، وعن الاتجاه الجنسي (غيري/مثلي).
إن الهويات الجنسية قائمة على ما هو بيولوجي، وعلى هذا العامل تتأسس الأدوار الاجتماعية القائمة، مما يفيد أن العوامل الطبيعية هي التي تؤدي إلى اللامساواة بين الجنسين. على عكس الفوارق الجنوسية التي تنتج ثقافيًا عبر نقل التمثلات والقيم والعواطف عبر الإعلام والمدرسة والأسرة. أما الجنس فهو نتاج بيولوجي محض فرض تقسيم العمل بين الجنسين، أما النظرية النسوية فتعزو التفاوت بين الجنسين إلى العامل الثقافي والاجتماعي، والذي ينتفع منه الرجال الذين هم المسؤولون عن هاته الوضعية، وضعية بطريركية تقوم على تملك جسد المرأة وعلى النشاط الجنسي بكل أشكاله[52].
لقد أصبح واضحًا أن التقنية شرعت في محو الحدود بين الأجسام الطبيعية، فالجسد تعرض لمجموعة من التغيرات الاجتماعية، منذ استنساخ النعجة دولي سنة 1997م بمعهد روزلين بمدينة أدنبرة ببريطانيا دون تزاوج جنسي. عملية هدفها الانتقال من التكاثر إلى الحصول على نسخة أو أكثر لكائن حي مطابق للأصل، عن طريق الانشطار الثنائي للخلايا، ومنذ ذلك الحين حول الاستنساخُ الإنجابَ إلى صناعة، تتحكم في المحتوى الوراثي الكامل للفرد. ولعل هذه الخطوة هي التي كانت وراء ظهور ثورة الهندسة الوراثية، وبها الآن يرتبط مصير الجنس البشري والجينوم أو المجين البشري[53]، وقد بلغ الأمر إلى مسائل مهمة من قبيل: زرع الأعضاء، واستكمال خريطة الجين البشري، واختبارات الرصيد الجيني، والهندسة الوراثية، والتلقيح الاصطناعي، وإعادة تكوين الأنسجة والأعضاء عبر استزراع الخلايا الجذعية، والاستنساخ التناسلي والاستنساخ العلاجي[54]. إن الخلايا الجذعية خلايا غير متخصصة وغير مكتملة الانقسام، تستطيع أن تكون خلية بالغة بعد أن تنشطر عدة مرات في ظروف ملائمة، وهذا الاكتشاف العلمي هو الذي مهد إلى تقنيات الإخصاب، وأطفال الأنابيب، والأرحام البديلة، وبنوك النطف، والبويضات والأجنة المجمدة، والعلاج الموروثي[55].
إن الحقيقة الماثلة أمامنا هي أن تكنولوجيا "البيولوجيا المتقدمة" أصبحت معولمة، فهي – كما أكد "فرانسيس جالتون" – غدت – بعد اكتشاف الجينوم – ترهن مستقبل الإنسان – كل الإنسان – وتكوينه وبرمجته، بهدف تحسين الجنس البشري على الطريقة التي تربى بها النباتات والحيوانات. وهنا – تحديدًا – تثار مسألة "الأخلاقيات الطبية" في العديد من القضايا المرتبطة بالسياسة الجنسية، منها: القتل الرحيم، والإجهاض، والإنجاب بالمساعدة عبر تلقيح البويضة خارج الرحم، واستعمال الهرمونات بقصد زيادة البويضات، والحمل البديل (بالوكالة) ... والتدخل في صنف المولود قبل الحمل، وزراعة الأعضاء، وإطالة الحياة بواسطة وسائل صناعية، والأبحاث الطبية الاصطناعية المنجزة على الأطفال، وغير ذلك كثير. ومع القلق الذي أثارته هذه الطفرة التقدمية أصبح العالم يفكر في تنظيم تلك الأبحاث وتقنينها، وهكذا أُبرمت عدة اتفاقيات منها: الإعلان العالمي للمجين البشري، والإعلان العالمي لأخلاقيات البيولوجيا وحقوق الإنسان، وإعلان الأمم المتحدة بشأن استنساخ البشر.
تستهدف السياسات الجنسية بشكل عام تعزيز الوعي والقيم والسلوك، من خلال برامج عمومية مندمجة، تتدخل فيها مختلف القطاعات الحكومية، مثل الإعلام، والصحة، والتعليم، والشغل، والقضاء... إلخ. ومن بين هذه البرامج، تأتي التربية الجنسية كأحد الأهداف الرئيسة.. وهكذا تشمل السياسة الجنسية بعدين رئيسين: الأول يتقاطع مع السياسة السكانية، بينما يتقاطع الثاني مع السياسة الصحية.
يركز هذا البعد على تزايد سكان العالم بوتيرة سريعة، وبنسبة أكبر في دول العالم الثالث. وهذا النمو السكاني يجعل الحكومات تعمل في ضغط كبير؛ نظرًا لاحتياجات السكان للغداء والتطبيب والتعليم والتشغيل، ولمحدودية الإمكانيات والثروات، فإن النتيجة هي تدني مؤشرات الاكتفاء الذاتي من الغداء والصحة والتعليم والشغل، فترتفع بذلك البطالة، وتنتشر الأمراض الناتجة عن سوء التغذية، وتتفشى الأمية، لا سيما في الدول المتخلفة. إن اللاتوازن للعوامل الديموغرافية يفسره ارتفاع معدلات الخصوبة والإنجاب في هذه الدول، والتي يمكن التحكم فيها عبر سياسات سكانية فعالة وناجعة. وهذا ما اتجه إليه "مالتوس" (Malthus Thomas) في معالجته لإشكالية اكتظاظ السكان؛ حيث دعا إلى ضرورة تحقيق توازن بين التطور الديمغرافي وثروات الكرة الأرضية[56].
تستمد السياسات السكانية مرجعياتها من البيولوجية المالتوسية[57]. انطلاقًا من سبرنتيكا[58] التحكم السكاني التي تدافع عن فكرة التدخل في التكاثر الإنساني[59]، وقد أبرزت فكرة الكثافة السكانية والمنحنى اللوجيستي أن نمو السكان يخضع لمراحل معينة: تبدأ من النمو البطيء، إلى المتسارع، ثم البطيء والمستقر؛ إذ إنه بعد وصول نمو السكان إلى المستوى الطبيعي يستقر[60]، ولما كانت فكرة الخصوبة ترتبط بالغذاء، فإنه انطلاقًا من إصلاحات اجتماعية يمكن إيقاف النمو السكاني المتسارع[61]. لقد عرف الفكر الاجتماعي خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر نقاشًا مهمًا حول السكان وتنظيم الولادات، ولفت الانتباه إلى أن قضايا الصحة والنسل والجنس مسؤولية اجتماعية، وليست مسائل تهم الفرد فحسب، هنا كان انتقال المفهوم السياسي للسكان من المفهوم القانوني القائم على رابطة "الجنسية" وتبادل التمتع بالحقوق والقيام بالواجبات، إلى مفهوم بيولوجي وديمغرافي[62]. إن السياسات السكانية تقوم على الضبط الذاتي البيولوجي للسكان، فتتحكم في النمو الديمغرافي، وتركز على الصحة الإنجابية التي تتمثل في تنظيم الأسرة، وتحديد النسل، واستعمال العازل الطبي في العلاقات الجنسية، وتناول حبوب منع الحمل.
يرتبط بالجنس باعتباره حاجة بيولوجية تمنح المتعة الغريزية للإنسان، ويعني مفهوم التربية الجنسية، الذي يتجاوز تعلم تقنيات ممارسة الجنس إلى المعرفة العلمية للدور البيولوجي للجنس، وكل ما يتعلق بالجهاز التناسلي، وعملية الإخصاب، ومنع الحمل، وما يتعلق بالأمراض الجنسية أو المنقولة جنسيًا وطرق الحماية منها، هكذا يتحول الفرج والذكر عبر التربية الجنسية من معطيات بيولوجية إلى معطى اجتماعي وسياسي[63]. إن السياسات الجنسية تهتم بالجسد كقيمة جمالية، وتقوم السلطة بالتدبير السياسي للجنس، والتأطير المؤسساتي كتعبير على وجود قوة الدولة المادية، وذلك بتقييد الجنس بقواعد قانونية تضبط العلاقات الجنسية: المباح منها، والممنوع منها، وكذا تنظيم الزواج، من أجل تجاوز فوضى المتعة الغريزية.
ويزداد الأمر تعقيدًا عندما يتجاوز النظر إلى الجنس كمعطى بيولوجي في ظل مجتمع إسلامي يعرف مجموعة من التحولات أبرزها تحول من العائلة الممتدة الى الأسرة النووية، ثم معطى يرتبط بالإسلام كدين وممارسة تعبدية وطقوس وتاريخ وفكرة وتمثلات وبنية قيمية وخريطة ذهنية تشكل مرجعية لسلوك الأفراد.
هكذا يبدو أن التربية الجنسية أساسها علم البيولوجيا، فهي أولًا معارف علمية تنقل للأفراد عبر برامج عمومية، وهذا ما يفسر توجه السياسات الجنسية إلى الإعلام والمدرسة، وسعيها إلى قبول الأفراد تلقين التربية الجنسية بمفهومها الإيجابي، وإقناعهم بمضامينها، وأول مضمون هو أن النشاط الجنسي مباح وخالٍ من السيطرة والإكراه والعنف والاستغلال، والمضمون الآخر هو أن الجنس يحمل قيم المساواة بين الجنسين، وبه يتم رفع كل أشكال التمييز ضد المرأة[64].
يلاحظ أن موضوع السياسات الجنسية من الملفات التي لم توضع بشكل جدي في الأجندة السياسية لحكومات العالم العربي، وهذا واضح تمامًا من خلال غياب إحصائيات دقيقة من قبل المؤسسات الرسمية، وكذا غياب سياسات واضحة؛ من برامج ومشاريع عمومية. ولعل ذلك راجع إلى عدة اعتبارات، ترتبط بما هو اجتماعي، وقانوني، واقتصادي، بل وهوياتي أيضًا. لذلك لم يحسم في الموضوع بعدما نُزع غطاء المحظور عنه من قبل العديد من المجتمعات لا سيما الغربية منها، وهذا ما يترك هذا الموضوع من الملفات المهملة.
إن للجنس أخطار صحية واجتماعية، ورغم ذلك لم تكن له أولوية ضمن أجندة الحكومات العربية، وهذا الإهمال نتجت عنه آثار وخيمة، تتجلى في العديد من الظواهر الاجتماعية كالعنف والتحرش الجنسيين، والاغتصاب، والإجهاض السري، وظهور ما يسمى بالأمهات العازبات. ففي المغرب مثلًا، واستنادًا إلى تقرير النيابة العامة لسنة 2020م حول النشاط العام المرتبط بقضايا الأسرة؛ فقد تُدووِل 765 ملف اغتصاب، و601 حالة هتك عرض بالعنف، و40 حالة استغلال جنسي. كما نُظر في 948 حالة اغتصاب، و356 حالة هتك للعرض بالعنف. أما الإجهاض، وهو إخراج الجنين عمدًا من الرحم قبل الموعد الطبيعي لولادته، أو قتله في الرحم، بما يتعارض مع أول حق من حقوق الإنسان، وهو الحق في الحياة؛ فرغم السياسة الجنائية التي تعاقب على هذ الفعل باعتباره جريمة في كل الدول العربية باستثناء تونس[65]، إلا أن هذه الظاهرة مستفحلة في المجتمعات العربية رغم فعل التجريم. ففي المغرب مثلًا تصل حالات الإجهاض غير الآمن ما بين 5 و8 لكل ألف امرأة يتراوح سنها ما بين 15 و44 سنة، أي ما يعادل ما بين 50 ألف و80 ألف حالة سنويًا، تسهم في 4.2 من وفيات الأمهات[66]. وتشهد البحرين 11 حالة إجهاض لكل 1000 امرأة، متقدمة على دولة تونس الذي جاءت في المركز الثاني بـ 8.6 حالة إجهاض لكل 1000 امرأة، أما في الجزائر فيصل المعدل إلى حوالي 80 ألف حالة إجهاض سنويًا.
وفي سياقٍ موازٍ يقدر "معهد غاتماتشر" (Guttmacher Institute)[67] عدد عمليات الإجهاض غير الآمنة[68] التي تجرى سنويًا بنحو 25 مليون عملية، والأغلبية الساحقة منها في البلدان النامية. يحدث هذا رغم توصيات منظمة الصحة العالمية الدول بتقوية دور التربية الجنسية للأفراد في بلدانها، وتمكين النساء من استخدام وسائل الحمل الفعالة، ومن الحصول على الإجهاض الآمن والقانوني، وتوفير الرعاية الصحية لهن في الوقت المناسب عند وقوع المضاعفات[69].
أما ظاهرة الأم العزباء، والتي تعني المرأة غير المتزوجة التي تربي أبناءها بمفردها؛ فقد اكتسحت هذه الظاهرة المجتمع العربي؛ بسبب إنجاب أطفال هم ضحايا علاقة جنسية خارج مؤسسة الزواج، ففي تونس على سبيل المثال، سُجلت ما بين 1200 و1600 حالة ولادة من هذا النوع، وهو ما يمثل بنسبة 0.7 بالمائة، أيّ ما يعادل 4 ولادة أطفال يوميًا، أما في المغرب سُجلت نحو 30 ألف حالة سنويًا، بمعدل يزيد عن 153 ولادة يوميًا، ومن هؤلاء المواليد 24 طفلًا يتخلى عنهم، وتكون نهايتهم، إما الاستغلال أو الموت جوعًا وبردًا. أما في الجزائر، فقد وصل الرقم الى 7000 حالة[70].
لقد ترتب على غياب برامج تحاصر هذه الظاهرة، وجود أطفال ضحايا؛ أطفال دون هوية أو وثائق ثبوتية، ترفضهم الإدارات سواء تعلق الأمر بالتسجيل في المدرسة، أو التطبيب في المستشفيات العمومية، أو إعداد ملف بطاقة التعريف الوطنية، وهو ما يعني استحالة ممارستهم لحقوق المواطنة، كالتقدم للوظيفة العمومية والمشاركة في الانتخابات[71].
إن الممارسة الجنسية حق من حقوق الإنسان الأساسية، لكن غالبًا ما يصاحبها شعور بالإثم، فهي لا تعاش كحق إنساني أساسي، بمعنى أن الخطاب الوحيد المنظم للجنس في الساحة العربية يبقى هو الخطاب الديني الشرعي والقانوني التشريعي، وهما شقان متكاملان، فلا نجد في الساحة الوطنية سوى خطاب لمجموعة من المنظمات المدنية يقتصر على تشجيع الشباب على استعمال الغشاء الواقي قصد الوقاية من الأمراض المنقولة جنسيًا، ورغم أن هذا الخطاب باعتباره رسالة صحية يمثل تقدما ومكسبًا هاما يسعى إلى الحفاظ على الصحة العمومية، إلا أنه رسالة لا تدافع عن الحق في الجنس، ولا تغير النظرة إليه. ورغم المشاكل المترتبة عن غياب سياسة جنسية واضحة المعالم، فإن الحكومات العربية لم تستطع أن تجعل من السياسة الجنسية موضوعًا ذا أولوية ضمن أجندتها، وذلك بفعل عدة عوامل:
- أولها ذاتي: يتعلق بفئات المجتمع، فهذه الأخيرة لم تستطع أن تحشد تحالفات داخلية وخارجية، وأن تؤسس لرأي عام ينقل المشكل من طبيعته الاجتماعية إلى مشكل عمومي، ومن ثم تسييسه وإخراجه إلى الفضاء العمومي. وهذا يستدعي تدخل الحكومات بشكل آني وعرضاني يمس مختلف القطاعات الوزارية؛ صحة وتعليم وسياسة سكانية.
- ثانيها موضوعي: مرتبط بطبيعة الأنظمة السياسية العربية التي تقوم شرعيتها السياسية على أن دين الدولة هو الإسلام.
- ثالثها فكري أخلاقي، ويتعلق بتمثلات المجتمعات العربية التي تصنف مثل هذه المشاكل في خانة الفواحش، وأن فكرة الإنجاب لا يجب أن يكون إلا في إطار الأسرة المعترف بها شرعيًا فحسب.
وقد كان المخرج الوحيد في مجتمعاتنا العربية هو بروز المنظمات غير الحكومية والجمعيات[72] التي تتكفل بهذه الشريحة التي تخلت عنها السلطة والمجتمع، ساعية إلى مواكبتها وإدماجها فيه.
- رابعها إيديولوجي، يتمثل في التوتر القائم بين المرجعيات والقيم والمواقف المختلفة والمتناقضة أحيانًا، بين من يعتبر العملية الجنسية ضرورة صحية وطبية وبيولوجية وحق وحرية فردية، وبين من يرى أنه يجب ضبط تلك الحاجة البيولوجية بنصوص الشريعة الإسلامية.
إن ما تحدثنا عنه من ظواهر هو ناتج عن غياب ثقافة جنسية داخل الأسرة، والمدرسة، فالتربية الجنسية من أهم الآليات التي تساهم في الحد من ظاهرة الإنجاب خارج إطار الزواج، ناهيك عن دورها في محاصرة الأمراض المنقولة جنسيًا. إنها عملية وقائية صحيًا واجتماعيًا، وهذا ما يبرر إدراجها ضمن علم البيولوجيا السياسية.
تخلص الدراسة إلى أن فكرة تلاقح الحقول المعرفية وتكاملها أصبحت لا محيد عنها لتحقيق تنمية علمية حقيقية. هذه التنمية تتطلب ترسيخ تقاليد علمية من خلال الأبحاث والتأصيل لها منهجيًا، واختبار فاعليتها في كشف الظواهر الاجتماعية، ومن بينها الظواهر السياسية، باستخدام أدوات البيولوجيا، مثل البيولوجيا السياسية، علمًا أن لهذه الأخيرة تراثًا فكريًا مستوحى من مختلف العلوم الاجتماعية، بدءا بما كتبه ابن خلدون وصولًا إلى ما طرحه ميشيل فوكو ومن أتوا بعده.
ويتجلى هذا التراث في زخم من المواضيع المختلفة ذات الصلة كـ"الجسد الحاكم" و"القرابة" وغيرها. وانطلاقًا من منهج تكامل العلوم ومن مفاهيم جديدة، استطاع علم السياسة أن يتطور ويناقش مواضيع هي من حقل البيولوجيا، مثل السياسات الجنسية بأبعادها الصحية والديموغرافية، انطلاقًا من قيم تطرح قضايا قدسية الكائن البشري، والكرامة الإنسانية.
أحد أبرز التحديات التي تواجه هذا العلم يتعلق بالمسألة الأخلاقية، وهي مسألة استيراد مناهج البحث من البيولوجيا إلى علم السياسة؛ حيث إن وضع الإنسان تحت التجربة يتعارض مع الكرامة الإنسانية. لذلك توصي هذه الورقة بضرورة إجراء بحث عميق في مخرجات هذا العلم، وترسيخ تقليد علمي يتبنى الدراسات البينية بين مختلف العلوم، لا سيما بين علم السياسة وفروع العلوم الطبيعية مثل الكيمياء والبيولوجيا. ويزداد هذا الأمر إلحاحًا في ظل واقع يلاحظ أن الاهتمام بالدراسات البينية بين حقول العلوم الاجتماعية في العالم العربي محتشم، فما بالك بالانفتاح على العلوم الطبيعية، لذلك من الضروري الوعي بأهمية التجسير بين مختلف العلوم الاجتماعية أولًا.
إن البيولوجيا السياسية هي نتاج تجاوز حالة الانغلاق التخصصي الضيق للعلوم السياسية، ومحاولة مقاربة الظواهر السياسية بزوايا متعددة، تستوجب الانفتاح على البيولوجيا، ومع ذلك، تقتضي هذه البينية من الباحثين أخذ الحذر الإبستيمولوجي والقيمي في الاعتبار عند استيراد تلك النظريات البيولوجية التي قد تتعارض مرجعياتها مع الخصوصيات الثقافية والهوية السياسية للأمة، وقد تذوب الخصوصيات والهوية البحثية لعلم السياسة وسط نظريات البيولوجيا التي تتجه نحو تشييء الإنسان والظواهر السياسية معه.
المراجع
أولًا: العربية
ابن أحمد، حوكا. "الجسد المستباح في الثقافة السياسية العربية خصائص العلاقة بين الاستحواذ على الموارد والنزوع إلى اقتصاد الحياة". لباب (سبتمبر 2020).
–––. "حين تكف السلطة عن القتل لتراقب الحياة: أنثروبولوجيا الوقائع البيولوجية في نظام الحالة المدنية". وجهة نظر، ع38 (2008).
–––. "المقدس والطقس والسياسة، في بعض أوجه الاستعمال القانوني والسياسي للجسد بالمغرب". وجهة نظر، ع41-42 (خريف وصيف 2009).
ابن خلدون، عبد الرحمن. مقدمة ابن خلدون. تحقيق إبراهيم شبوح، تونس: دار القيروان، 2006.
ابن سعيد، مراد. "البيولوجيا السياسية والشمولية: جورجيو اغامبين والمعتقل". المجلة العربية للعلوم السياسية، ع51-52 (خريف 2016).
–––. "البيولوجيا السياسية وفهم الشمولية: العنف والسلطة في فكر (ميشيل فوكو) و(انا ارندت)". دراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية، مج44، ع2 (2017).
ابن مان، الحافظ. دور اتحادية ايت اوسى في ضبط المجال ما بين القرن التاسع عشر والقرن العشرين. [أطروحة دكتوراه في القانون العام]، كلية العلوم القانونية والاقتصادية - عين الشق الدار البيضاء، 2012-2013.
أبو خاص، جودة محمد إبراهيم. المنظور الفلسفي للسلطة عند ميشيل فوكو، دراسة في الفلسفة السياسية والاجتماعية. بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ط1، 2017.
أبو رحمة، أماني. أبعد من فوكو: السياسات الحياتية في عصر الجينوم، القاهرة: مؤسسة أروقة للدراسات والنشر، ط2، 2020.
الأديب، علي محمد الحسين وإبراهيم، سعد معن وياسين، ناهي يوسف. "الأسس الوراثية للعنف والعدوانية: الجزء الثاني دور الجينات". المجلة العراقية للسرطان والوراثة الطبية، مج10، ع1 (2017).
آرندت، حنة. أسس التوليتارية. ترجمة أنطون أبو زيد. بيروت: دار الساقي، ط2، 2016.
–––. في العنف، ترجمة ابراهيم العريس، بيروت: دار الساقي، ط1، 1992.
إغلان، حسن. الجنس والسياسة والإسلام التدبير السياسي للجسد في الإسلام، الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، ط1، 2018.
بدوي، عبد الرحمن. مناهج البحث العلمي، الكويت: وكالة المطبوعات الكويت، ط3، 1997.
بغوره، الزواوي. مدخل إلى فلسفة ميشيل فوكو، لبنان: دار الطليعة للنشر والتوزيع، ط1، 2013.
بلاندييه، جورج. الأنثروبولوجية السياسية، ترجمة علي المصري، بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط2، 2007.
بهلول، رجا. "حول مفهوم عبور التخصصات"، سيمنار المركز العربي، المركز العربي للدراسات والأبحاث، الدوحة، 14 مارس 2018.
تباني، خديجة. "سوسيولوجيا الجسد عند بيير بورديو -الجسد والرياضة وسلطة الهابيتوس"، سلسلة الأنوار، مج13، ع1 (2023).
الحصري، ساطع. دراسات عن مقدمة ابن خلدون، المملكة المتحدة: مؤسسة هنداوي، 2021.
حمودي، عبد الله. ما قبل الحداثة اجتهادات في حضور علوم اجتماعية عربية، تحولات سلطوية مقاربة التحول من منظور التناسخ، المغرب: دار توبقال للنشر، ط1، 2022.
خواجة، عبد العزيز. سوسيولوجيا الرابط الاجتماعي: بناءات مفاهيمية ومسارات نظرية، الجزائر: داية للطباعة، ط1، 2018.
الديالمي، عبد الصمد. سوسيولوجيا الجنسانية العربية، بيروت: دار الطليعة للطباعة والنشر، ط1، 2009.
ديسكولا، ب. "بيولوجيا اجتماعيّة"، في معجم الأثنولوجيا والأنثروبولوجيا، ترجمة: مصباح الصمد. لبنان: المؤسّسة الجامعيّة للدراسات والنشر والتوزيع، ط1، 2006.
الريسوني، أحمد وآخرون. الإجهاض بين الحق في الحياة وحرية التصرف في الجسد، إعداد وتنسيق: عصام الرجواني، المغرب: منشورات المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، ط1، 2015.
زركان، كوثر. "السياسة الجنائية في الجنايات والجنح ضد نظام الأسرة"، مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية، ع5 (2020).
زكي، رمزي. المشكلة السكانية وخرافة المالتوسية الجديدة، سلسلة عالم المعرفة، 84. الكويت: المجلس الوطني للثقافة والآداب والفنون،1984.
الزياني، عثمان وابن أحمد حوكا. "الأخلاق العائلية ومستقبل الديمقراطية في العالم العربي: جينالوجيا متلازمة محاباة الأقارب وانعكاساتها السياسية"، لباب، ع2 (2019).
سبيلا، محمد والهرموزي، نوح. موسوعة المفاهيم الأساسية في العلوم الإنسانية والفلسفة، إيطاليا: دار المتوسط، 2017.
سعد الله، نجوى عبد الحميد. الأسرة والقرابة، القاهرة: دار النور، ط1، 2008.
شعبان جمال وآخرون. فكر ابن خلدون الحداثة والحضارة والهيمنة، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، 2010.
شقير، محمد. جدلية الموت والسياسة بالمغرب من الاستئثار بالرمزية إلى احتكار الشرعية السياسية، الدار البيضاء: أفريقيا الشرق، ط1، 2023.
عارف، نصر محمد. ابستمولوجيا السياسة المقارنة: النموذج المعرفي- النظرية- المنهج، القاهرة: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط1، 2002.
عامر شطارة، "مفهوم السياسات الحيوية عند ميشيل فوكو وجورجيو اغامبين"، تبين، مج10، ع40 (ربيع 2022).
عبودي، عبد الكاظم. أخلاقيات البحث العلمي البيولوجيا وأسلحة الدمار الشامل نموذجين. [أطروحة لنيل الدكتوراه في الفلسفة]، جامعة وهران، الجزائر (2010-2011).
العكروف، علي. "مسألة الإجهاض في الجزائر مقاربة سوسيو ديموغرافية"، مجلة الآداب والعلوم الاجتماعية، مج18، ع2 (2021).
عماري، طيبي. الجسد من البيولوجيا إلى العلوم الاجتماعية، الجزائر: كوكب العلوم، ط1، 2018.
عنصر، العياشي. "الأسرة في الوطن العربي: أفاق التحول من الأبوية ... إلى الشراكة"، عالم الفكر، مج36، ع3 (مارس2008).
العيادي، محمد. "المدارس التاريخية الحديثة ومسألة الحدود بين العلوم الاجتماعية"، مجلة أمل: التاريخ، الثقافة، المجتمع، ع15 (1998).
غدنز، أنتوني. علم الاجتماع، ترجمة وتقديم فايز الصياغ، بيروت: المنظمة العربية للترجمة، ط1، 2005.
غريفتش، بول. "موسوعة ستانفورد للفلسفة، فلسفة البيولوجيا"، ترجمة مؤمن محمود، منشورات حكمة، 2020، تاريخ الزيارة: 15/8/2023. https://hekmah.org/%d9%81%d9%84%d8%b3%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%8a%d9%88%d9%84%d9%88%d8%ac%d9%8a%d8%a7
فريد، خالد. "النخب الأعيانية بالصحراء، وأزمة التأسيس لحكامة السياسات العامة المحلية، مقاربة سوسيو - سياسية"، مجلة الربيع، ع2-3 (2015).
قويدر، خيرة.، وقادري حليمة. "أي واقع واي مصير للام العازبة؟ دراسة عيادية على عينة من الأمهات العازبات"، مجلة دراسات نفسية وتربوية، مج15، ع1 (فبراير 2022).
كيفلس، دانييل. وهود، ليروي. الشفرة الوراثية للإنسان القضايا العلمية والاجتماعية لمشروع الجينوم البشري. ترجمة: أحمد مستجير، عالم المعرفة، ع217. الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ط1، 1997.
لوبروتون، ديفيد. أنثروبولوجيا الجســــد والحداثة. ترجمة محمد عرب صاصيلا. بيروت: المؤسســة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط1، 1997.
ليفبر، لوسيا اوشو. الأمهات العازبات في المغرب العربي الدفاع عن الحقوق والإدماج الاجتماعي مجموعة تجارب. ترجمة رو للخدمات متعددة اللغات. الدار البيضاء: سانتي سيد، ط1، 2015.
المرنيسي، فاطمة. ما وراء الحجاب الجنس كهندسة اجتماعية. ترجمة: فاطمة الزهراء أزرويل. المغرب: المركز الثقافي العربي، 2012.
يوكان، دينيس. البيولوجيا تاريخ وفلسفة. ترجمة: لبنى الريدي ومها قابيل. القاهرة: المركز القومي للترجمة، ط1، 2017.
ثانيًا:
الأجنبية
ʻAbbūdī, ʻAbd alkāḍm "Akhlāqīyāt al-Baḥth al-ʻIlmī albywlwjyā wa-asliḥat al-damār al-shāmil namūdhajayn", (in Arabic), uṭrūḥat li-nayl al-duktūrāh fī al-falsafah bi-Jāmiʻat Wahrān, Algeria (2010-2011).
Abū khāṣṣ, Jawdah Muḥammad Ibrāhīm. Al-manẓūr al-falsafī lil-sulṭah ʻinda Mīshīl Fūkū, dirāsah fī al-falsafah al-siyāsīyah wa-al-Ijtimāʻīyah. (in Arabic), Beirut: al-Markaz al-ʻArabī lil-Abḥāth wa-dirāsat al-Siyāsāt, 1st ed., 2017.
Abū Raḥmah, Amānī. Abʻad min Fūkū: al-Siyāsāt al-ḥayātīyah fī ʻaṣr al-jīnūm. (in Arabic), Cairo: Muʼassasat Arwiqah lil-Dirāsāt wa-al-Nashr, 2nd ed., 2020.
Al-Adīb, ʻAlī Muḥammad al-Ḥusayn, Ibrāhīm, Saʻd Maʻn, Yāsīn, Nāhī Yūsuf, "al-Usus al-wirāthīyah lil-ʻunf wa-al-ʻudwānīyah: al-juzʼ al-Thānī Dawr al-jīnāt", (in Arabic), Iraqi Journal of Cancer and Medical Genetics, Vol. 10, No. 1 (2017).
Al-ʻAyyādī, Muḥammad. "al-Madāris al-tārīkhīyah al-ḥadīthah wa-masʼalat al-ḥudūd bayna al-ʻUlūm al-ijtimāʻīyah", (in Arabic), Majallat Amal: al-tārīkh, al-Thaqāfah, al-mujtamaʻ, No. 15 (1998).
Al-Dayālmī, ʻAbd al-Ṣamad. Sūsiyūlūjiyā al-Jinsānīyah al-ʻArabīyah. (in Arabic), Beirut: Dār al-Ṭalīʻah lil-Ṭibāʻah wa-al-Nashr, 1st ed., 2009.
Alford, John., Funk, Carolyn & John Hibbing. "Are Political Orientations Genetically Transmitted ?” American Political Science Review, Vol. 99, No. 2 (2005), pp. 153–167.
Al-Ḥuṣarī, Sāṭiʻ. Dirāsāt ʻan muqaddimah Ibn Khaldūn. (in Arabic), al-Mamlakah al-Muttaḥidah: Muʼassasat Hindāwī, 2021.
Alʻkrwf, ʻAlī. "masʼalat al-Ijhāḍ fī al-Jazāʼir muqārabah sūsiyū dymghrāfyh", (inArabic), Majallat al-Ādāb wa-al-ʻUlūm al-ijtimāʻīyah, Vol. 18, No. 2, (2021).
Al-Marnīsī, Fāṭimah. Māwrāʼ al-ḥijāb al-jins khndsh ijtimāʻīyah, (in Arabic), trans Fāṭimah al-Zahrāʼ Azruwīl. al-Morocco: al-Markaz al-Thaqāfī al-ʻArabī, 2012.
Al-Raysūnī, Aḥmad. wa-ākharūn, Al-Ijhāḍ bayna al-Ḥaqq fī al-ḥayāh wa-ḥurrīyat al-taṣarruf fī al-jasad, (in Arabic), edit: ʻIṣām alrjwāny. 1st ed., Morocco: Manshūrāt al-Markaz al-Maghribī lil-Dirāsāt wa-al-Abḥāth al-muʻāṣirah, 2015.
Al-Zayyānī, ʻUthmān. wa-Ibn Aḥmad ḥwkā, "al-akhlāq al-ʻāʼilīyah wa-mustaqbal al-Dīmuqrāṭīyah fī al-ʻālam al-ʻArabī: jynālwjyā Mutalāzimat mḥābāh alʼqārb wa-inʻikāsātuhā al-siyāsīyah"(in Arabic), Lubāb, No. 2 (2019).
ʻĀmir shṭārh, "Mafhūm al-Siyāsāt al-ḥayawīyah ʻinda Mīshīl Fūkū wjwrjyw aghāmbyn", (in Arabic), tubayyinun, Vol. 10, No. 40, (spring 2022).
ʻAmmārī, Ṭībī. Al-jasad min albywlwjyā ilá al-ʻUlūm al-ijtimāʻīyah. (in Arabic), al-Jazāʼir: Kawkab al-ʻUlūm, 1st ed., 2018.
ʻĀrif, Naṣr Muḥammad. Abstmwlwjyā al-siyāsah al-muqāranah: al-namūdhaj almʻrfy-alnẓryt-al-manhaj. (in Arabic), Cairo: al-Muʼassasah al-Jāmiʻīyah lil-Dirāsāt wa-al-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 1st ed., 2002.
Ārndt, Ḥannah. Fī al-ʻunf, (in Arabic), trans Ibrāhīm al-ʻArīs. Beirut: Dār al-Sāqī, 1st ed., 1992.
–––. Usus altwlytāryh, (in Arabic), trans Anṭūn Abū Zayd. Beirut: Dār al-Sāqī, 2nd ed., 2016.
Badawī, ʻAbd al-Raḥmān. Manāhij al-Baḥth al-ʻIlmī. (in Arabic), Kuwait: Wakālat al-Maṭbūʻāt Kuwait, 3rd ed., 1997.
Baghūrah, al-Zawāwī. madkhal ilá Falsafat Mīshīl Fūkū. (in Arabic), Lubnān: Dār al-Ṭalīʻah lil-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 1st ed., 2013.
Bahlūl, Rajā. "ḥawla Mafhūm ʻUbūr al-takhaṣṣuṣāt", (in Arabic), Symnār al-Markaz al-ʻArabī, al-Markaz al-ʻArabī lil-Dirāsāt wa-al-Abḥāth, al-Dawḥah, 14 March 2018.
Blāndyyh, Jūrj. Alʼnthrbwlwjyh al-siyāsīyah, (in Arabic), trans ʻAlī al-Miṣrī. Beirut: al-Muʼassasah al-Jāmiʻīyah lil-Dirāsāt wa-al-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 2nd ed., 2007.
Blank, robert H. & Haines Jr, Samuel M. biology and political science, routledg studies science and technologie and society, London: Routledge, 1st ed., 2002.
Dyskwlā, ba. "bywlwjyā ajtmāʻyyh", fī Muʻjam alʼthnwlwjyā wālʼnthrwbwlwjyā, (in Arabic), trans: Miṣbāḥ al-Ṣamad. Lubnān: almʼsssh aljāmʻyyh lil-Dirāsāt wa-al-Nashr wa-al-Tawzīʻ,1st ed., 2006.
Easton, David. The political system, An Inquiry into the State of political Science, New York: Knopf, 1953.
Farīd, Khālid. "al-nukhab alʼʻyānyh bi-al-Ṣaḥrāʼ, wa-azmat al-taʼsīs lḥkāmh al-Siyāsāt al-ʻĀmmah al-Maḥallīyah, muqārabah sūsiyūsiyāsīyah", (in Arabic), Majallat al-Rabīʻ, No. 2-3 (2015).
Fassin, Didier. "La biopolitique n’est pas une politique de la vie", sociologie et société, Vol. 38, No. 2 (Automne 2006).
Fischer, Kyle., Chaudhuri, Ananish & Atkinson, Quentin D. "Ananish Chaudhuri and Quentin D. Atkinson, Dual Evolutionary Foundations of Political Ideology Predict Divergent Responses to COVID-19", British Journal of Political Science, Vol. 53, No. 3 (2023), pp. 861–877.
Ghdnz, Antūnī. ʻilm al-ijtimāʻ, (in Arabic), trans & edit Fāyiz alṣyāgh. Beirut: al-Munaẓẓamah al-ʻArabīyah lil-Tarjamah, 1st ed., 2005.
Ghryftsh, Būl. "Mawsūʻat stānfwrd lil-falsafah, Falsafat albywlwjyā", (in Arabic), trans Muʼmin Maḥmūd, Manshūrāt Ḥikmat, 2020, bi-tārīkh al-ziyārah: 15/8 / 2023,at: https://hekmah.org/%d9%81%d9%84%d8%b3%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%8a%d9%88%d9%84%d9%88%d8%ac%d9%8a%d8%a7
Ḥammūdī, ʻAbd Allāh. Mā qabla al-ḥadāthah ijtihādāt fī ḥuḍūr ʻulūm ijtimāʻīyah ʻArabīyah, Taḥawwulāt slṭwyh muqārabah al-taḥawwul min manẓūr al-tanāsukh. (in Arabic), Morocco: Dār Tūbqāl lil-Nashr, 1st ed., 2022.
Ibn Aḥmad, ḥwkā. "al-jasad al-mustabāḥ fī al-Thaqāfah al-siyāsīyah al-ʻArabīyah Khaṣāʼiṣ al-ʻalāqah bayna al-istiḥwādh ʻalá al-mawārid wālnzwʻ ilá iqtiṣād al-ḥayāh", (in Arabic), Lubāb, (Sebtember 2020).
–––. "Ḥīna takuffu al-Sulṭah ʻan al-qatl ltrāqb al-ḥayāh: anthrūbūlūjiyā al-waqāʼiʻ al-bayūlūjīyah fī Niẓām al-ḥālah al-madanīyah", (in Arabic), wijhat naẓar, No. 38, (2008).
Ibn Aḥmad, ḥwkā."al-Muqaddas wālṭqs wa-al-siyāsah, fī baʻḍ awjuh al-istiʻmāl al-qānūnī wa-al-siyāsī lil-jasad bi-al-Maghrib", (in Arabic), wijhat naẓar, No. 41-42, (Khurayyif Wa ṣīf 2009).
Ibn Khaldūn, ʻAbd al-Raḥmān. Muqaddimah Ibn Khaldūn, (in Arabic), taḥqīq Ḥajar ʻĀṣī. Beirut: Dār wa-Maktabat al-Hilāl, 1988.
Ibn mān, al-Ḥāfiẓ. "Dawr atḥādyh Ayt awsá fī ḍabṭ al-majāl mā bayna al-qarn al-tāsiʻ ʻashar wa-al-qarn al-ʻishrīn". (in Arabic), uṭrūḥat duktūrāh fī al-qānūn al-ʻāmm, Kullīyat al-ʻUlūm al-qānūnīyah wa-al-iqtiṣādīyah-ʻAyn al-Shaqq al-Dār al-Bayḍāʼ, 2012-2013.
Ibn Saʻīd, Murād. "albywlwjyā al-siyāsīyah wa-fahm al-shumūlīyah: al-ʻunf wa-al-sulṭah fī fikr (Mīshīl Fūkū) wa (anā arndt)", (in Arabic), Dirāsāt al-ʻUlūm al-Insānīyah wa-al-Ijtimāʻīyah, Vol. 44, No. 2 (2017).
Ibn Saʻīd, Murād. "albywlwjyā al-siyāsīyah wālshmwlyh: jwrjyw aghāmbyn wa-al-muʻtaqal", (in Arabic), al-Majallah al-ʻArabīyah lil-ʻUlūm al-siyāsīyah, No. 51-52, (Khurayyif 2016).
Ighlān, Ḥasan. Al-jins wa-al-siyāsah wa-al-Islām al-tadbīr al-siyāsī lil-jasad fī al-Islām. (in Arabic), al-Dār al-Bayḍāʼ: al-Markaz al-Thaqāfī al-ʻArabī, 1st ed., 2018.
Kantorowicz, Ernst., Jordan, Chester, William & Leyser, Conrad. The King's Two Bodies: Study in Medieval Political Theology, U.S.A: Princeton University Press, 2016.
Khawājah, ʻAbd al-ʻAzīz. Sūsiyūlūjiyā alrābṭ al-ijtimāʻī: bnāʼāt mafāhīmīyah wa-masārāt Naẓarīyat. (in Arabic), al-Jazāʼir: Dāyah lil-Ṭibāʻah, 1st ed., 2018.
Kyfls, Dāniyīl. wa hwd, lyrwy. Al-shafrah al-wirāthīyah lil-insān al-qaḍāyā al-ʻIlmīyah wa-al-Ijtimāʻīyah li-mashrūʻ al-jīnūm al-Bishrī, (in Arabic), trans: Aḥmad Mustajīr, ʻĀlam al-Maʻrifah 217. Kuwait: al-Majlis al-Waṭanī lil-Thaqāfah wa-al-Funūn wa-al-Ādāb, 1st ed., 1997.
Lwbrwtwn, Dīfīd. Anthrūbūlūjiyā aljsd wa-al-ḥadāthah, (in Arabic), trans Muḥammad ʻArab ṣāṣylā. Beirut: almʼssh al-Jāmiʻīyah lil-Dirāsāt wa-al-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 1st ed., 1997.
Lyfbr, lwsyā awshw. Al-ummahāt alʻāzbāt fī al-Maghrib al-ʻArabī al-Difāʻ ʻan al-Ḥuqūq wālādmāj al-ijtimāʻī majmūʻah tajārib, (in Arabic), trans: Rwū lil-Khidmāt mutaʻaddidah al-lughāt. al-Dār al-Bayḍāʼ: sānty Sayyid, 1st ed., 2015.
Millett, Kate. sexual politics. U.S.A: University of Illinois Press, 2000.
Moti Nissani, "Fruits, Salads, and Smoothies: A Working Definition of Interdisciplinarity,” The Journal of Educational Thought, Vol. 29, No. 2 (1995), pp. 121-128.
Paugam, Serge. Le Lien Social: que sais-je?, France: Presses Universitaires de France, 2009.
Quwaydar, Khayrah., wqādry Ḥalīmah. "Ayy wāqiʻ wāy maṣīr llām alʻāzbh ? Dirāsah ʻyādyh ʻalá ʻayyinah min al-ummahāt alʻāzbāt", (in Arabic), Majallat Dirāsāt nafsīyah wa-tarbawīyah, Vol. 15, No. 1 (February 2022).
Rachik, Hassan. "les usage politique de notion de tribu et de nation au Maroc", Culture and Politiques, Vol. 1, No. 1 (January 2000).
Sabīlā, Muḥammad., wālhrmwzy, Nūḥ. Mawsūʻat al-mafāhīm al-asāsīyah fī al-ʻUlūm al-Insānīyah wa-al-falsafah. (in Arabic), Īṭāliyā: Dār al-Mutawassiṭ, 2017.
Saʻd Allāh, Najwá ʻAbd al-Ḥamīd. Al-usrah wa-al-qarābah. (in Arabic), Cairo: Dār al-Nūr, 1st ed., 2008.
Shaʻbān Jamāl wa-ākharūn, fikr Ibn Khaldūn al-ḥadāthah wa-al-ḥaḍārah wa-al-haymanah. (in Arabic), Beirut: Markaz Dirāsāt al-Waḥdah al-ʻArabīyah, 1st ed., 2010.
Shuqayr, Muḥammad. Jadalīyat al-mawt wa-al-siyāsah bi-al-Maghrib min alāstʼthār bālrmzyh ilá iḥtikār al-sharʻīyah al-siyāsīyah. (in Arabic), al-Dār al-Bayḍāʼ: Afrīqiyā al-Sharq, 1st ed., 2023.
Simioni, Olivier. "Politiques du corps et science-fiction cyberpunk," In: Gianni Haver (Ed), De beaux lendemains? Histoire, politique et société dans la science-fiction, Lausanne: Antipodes, 2002, pp. 67-81. https://folia.unifr.ch/unifr/documents/301695
Tbāny, Khadījah. "Sūsiyūlūjiyā al-jasad ʻinda Pierre bwrdyw-āljsd wa-al-Riyāḍah wa-sulṭat alhābytws" (in Arabic), Silsilat al-anwār, Vol. 13, No. 1, (2023).
ʻUnṣur, al-ʻAyyāshī. "al-usrah fī al-waṭan al-ʻArabī: Afāq al-taḥawwul min al-abawīyah ... ilá al-Sharākah", (in Arabic), ʻĀlam al-Fikr, Vol. 36, No. 3 (March2008).
Wajzer, Mateusz. "The reductionism of genopolitics in the context of the relationships between biology and political science,” Endeavour, Vol. 47, No. 3 (2023). https://doi.org/10.1016/j.endeavour.2023.100874
Ywkān, dynys. Albywlwjyā Tārīkh wa-falsafat, (in Arabic), trans: Lubná al-Rīdī wa Mahā Qābīl. Cairo: al-Markaz al-Qawmī lil-Tarjamah, 1st ed., 2017.
Zakī, Ramzī. Al-mushkilah al-sukkānīyah wa-khurāfat almāltwsyh al-Jadīdah, (in Arabic), Silsilat ʻĀlam al-Maʻrifah, 84. Kuwait: al-Majlis al-Waṭanī lil-Thaqāfah wa-al-Ādāb wa-al-Funūn, 1984.
Zarkān, Kawthar. "al-siyāsah al-jināʼīyah fī al-jināyāt wāljnḥ ḍidda Niẓām al-usrah", (in Arabic), Majallat ʻAdālah lil-Dirāsāt al-qānūnīyah wa-al-Qaḍāʼīyah, No. 5 (2020).
* قُدم في: مؤتمر مركز ابن خلدون السنوي للتجسير (30 سبتمبر-1 أكتوبر 2023).
* Submitted for : The Annual Conference of Ibn Khaldon Center on Interdisciplinary Research (September 30th-October 1st, 2023).
[1] Mateusz Wajzer, "The reductionism of genopolitics in the context of the relationships between biology and political science,” Endeavour, Vol. 47, No. 3 (2023). https://doi.org/10.1016/j.endeavour.2023.100874
[2] المقاربة الإدراكية المعرفية تتجه إلى تأسيس نظري محظ للموضوع وتروم البحث انطلاقا من زاوية دراسة درجة قوة العناصر المعرفية والفكرية والتمثيلية والاعتقادات الاجتماعية.
[3] نخص بالذكر مراد بن سعيد، "البيولوجيا السياسية والشمولية: جورجيو اغامبين والمعتقل"، المجلة العربية للعلوم السياسية، ع51-52 (خريف 2016)، ص89-103.
[4] نخص بالذكر دراسات حوكا بن أحمد، "حين تكف السلطة عن القتل لتراقب الحياة: أنثروبولوجيا الوقائع البيولوجية في نظام الحالة المدنية"، وجهة نظر، ع3 (2008)، ص28-33؛ و"الجسد المستباح في الثقافة السياسية العربية خصائص العلاقة بين الاستحواذ على الموارد والنزوع إلى اقتصاد الحياة"، لباب (سبتمبر 2020)، ص1-23؛ و"المقدس والطقس والسياسة، في بعض أوجه الاستعمال القانوني والسياسي للجسد بالمغرب"، وجهة نظر، ع41-42 (خريف وصيف 2009)، ص50-55.
[5] بول غريفتش،"موسوعة ستانفورد للفلسفة، فلسفة البيولوجيا"، ترجمة مؤمن محمود، منشورات حكمة (2020)، تاريخ الزيارة: 15/8/2023، https://hekmah.org/%d9%81%d9%84%d8%b3%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%8a%d9%88%d9%84%d9%88%d8%ac%d9%8a%d8%a7
[6] ديسكولا، "بيولوجيا اجتماعيّة"، في معجم الإثنولوجيا والأنثروبولوجيا، ترجمة مصباح الصمد (لبنان: المؤسّسة الجامعيّة للدراسات والنشر والتوزيع، ط1، 2006)، ص96.
[7] علي محمد الحسين الأديب وسعد معن إبراهيم وناهي يوسف ياسين "الأسس الوراثية للعنف والعدوانية: الجزء الثاني دور الجينات"، المجلة العراقية للسرطان والوراثة الطبية، مج10، ع1 (2017)، ص118.
[8] Robert H. Blank & Samuel M. Haines Jr, Biology and Political Science, Routledg Studies Science and Technologie and Society (London : Routledge, 1st ed., 2002), p. 21.
[9] دينيس يوكان، البيولوجيا تاريخ وفلسفة، ترجمة لبنى الريدي ومها قابيل) القاهرة: المركز القومي للترجمة، ط1، 2017)، ص51-60.
[10] هناك ما يسمى تحسين النسل الإيجابي الذي يمثله بنك الحيوانات المنوية لأصحاب جائزة نوبل الذي افتتح في الولايات المتحدة الأمريكية.
[11] John Alford, Carolyn Funk & John Hibbing, "Are Political Orientations Genetically Transmitted?", American Political Science Review.Vol. 99, No. 2 (2005), pp. 153-167.
[12] خديجة تباني، "سوسيولوجيا الجسد عند بيير بورديو -الجسد والرياضة وسلطة الهابيتوس"، سلسلة الأنوار، مج13، ع1 (2023)، ص160-165.
[13] محمد سبيلا ونوح الهرموزي، موسوعة المفاهيم الأساسية في العلوم الإنسانية والفلسفة (إيطاليا: دار المتوسط، 2017)، ص531.
[14] عبد الرحمن بن خلدون، مقدمة ابن خلدون، تحقيق إبراهيم شبوح (تونس: دار القيروان، 2006)، ص269.
[15] شعبان جمال وآخرون، فكر ابن خلدون الحداثة والحضارة والهيمنة (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، 2010)، ص52.
[16] Didier Fassin, "La biopolitique n’est pas une politique de la vie", Sociologie et Société, Vol. 38, No. 2 (automne 2006), pp. 35-48.
[17] عامر شطارة، "مفهوم السياسات الحيوية عند ميشيل فوكو وجورجيو اغامبين"، تبين، مج10، ع40 (ربيع 2022)، ص95.
[18] Kyle Fischer, Ananish Chaudhuri & Quentin D. Atkinson, "Ananish Chaudhuri and Quentin D. Atkinson, Dual Evolutionary Foundations of Political Ideology Predict Divergent Responses to COVID-19", British Journal of Political Science, Vol. 53, No. 3 (2023), pp. 861–877.
[19] أماني أبو رحمة، أبعد من فوكو: السياسات الحياتية في عصر الجينوم (القاهرة: مؤسسة أروقة للدراسات والنشر، ط2، 2020)، ص84.
[20] الزواوي بغوره، مدخل إلى فلسفة ميشيل فوكو (لبنان: دار الطليعة للنشر والتوزيع، ط1، 2013)، ص132-162.
[21] جودة محمد إبراهيم أبوخاص، المنظور الفلسفي للسلطة عند ميشيل فوكو، دراسة في الفلسفة السياسية والاجتماعية (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ط1، 2017)، ص84-93.
[22] ابن سعيد، ص98-99.
[23] شطارة، ص103-104.
[24] حنة آرندت، في العنف، ترجمة ابراهيم العريس (بيروت: دار الساقي، ط1، 1992)، ص54-86.
[25] مراد بن سعيد، "البيولوجيا السياسية وفهم الشمولية: العنف والسلطة في فكر (ميشيل فوكو) و(انا ارندت)"، دراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية، مج44، ع2 (2017)، ص214-216.
[26] David Easton, The Political System, An Inquiry into the State of Political Science (New York: Knopf , 1953) , pp. 95-195.
[27] طيبي عماري، الجسد من البيولوجيا إلى العلوم الاجتماعية (الجزائر: كوكب العلوم، ط1، 2018)، ص9.
[28] Olivier Simioni, "Politiques du corps et science-fiction cyberpunk," In: Gianni Haver (Ed), De beaux lendemains? Histoire, Politique et Société dans la science-fiction (Lausanne: Antipodes, 2002), pp. 67-81. https://folia.unifr.ch/unifr/documents/301695
[29] ديفيد لوبروتون، أنثروبولوجيا الجســــد والحداثة، ترجمة محمد عرب صاصيلا (بيروت: المؤسســة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط1، 1997)، ص14-25.
[30] Ernst Kantorowicz, William Chester Jordan & Conrad Leyser, The King's Two Bodies: Study in Medieval Political Theology (U.S. A: Princeton University Press, 2016), pp. 193-271.
[31] مثلًا ينص الفصل 23 من دستور المملكة المغربية لسنة 1962 و1970 و1972 و1996، ثم الفصل 21 من دستور 1992 على "شخص الملك مقدس لا تنتهك حرمته"، لكن نزعت صفة القداسة عن الملك في دستور 2011 الذي جاء في سياق الربيع العربي، ونصّ على واجب الاحترام.
[32] محمد شقير، جدلية الموت والسياسة بالمغرب من الاستئثار بالرمزية إلى احتكار الشرعية السياسية (الدار البيضاء: أفريقيا الشرق، ط1، 2023)، ص16.
[33] مثلًا الفصل 43 من دستور 29 يوليوز 2011 للمملكة المغربية ينص على" إن عرش المغرب وحقوقه الدستورية تنتقل بالوراثة إلى الولد الذكر الأكبر سنًا من ذرية جلالة الملك محمد السادس، ثم إلى ابنه الأكبر سنًا وهكذا ما تعاقبوا، ما عدا، إذا عين الملك قيد حياته خلفًا له ولدًا آخر من أبنائه غير الولد الأكبر سنًا، فإن لم يكن ولد ذكر من ذرية الملك، فالمُلك ينتقل إلى أقرب أقربائه من جهة الذكور، ثم إلى ابنه طبق الترتيب والشروط السابقة الذكر".
[34] ابن أحمد، "الجسد المستباح في الثقافة السياسية العربية"، ص2.
[35] ابن أحمد، "المقدس والطقس والسياسة"، ص54.
[36] الشخصية القاعدية كمفهوم في علم النفس يحيل إلى الشخصية الاجتماعية الثقافية المشتركة بين مجموع مكونات جماعة خاصة أو مجتمع يربط بين أفراده نظام مشترك من القيم والمعايير وطرق الاستجابة.
[37] عثمان الزياني، حوكا بن أحمد، "الأخلاق العائلية ومستقبل الديمقراطية في العالم العربي: جينالوجيا متلازمة محاباة الأقارب وانعكاساتها السياسية" لباب، ع2 (2019)، ص2.
[38] جورج بلاندييه، الأنثربولوجية السياسية، ترجمة علي المصري (بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط2، 2007)، ص86.
[39] ابن خلدون، ص89.
[40] عبد العزيز خواجة، سوسيولوجيا الرابط الاجتماعي: بناءات مفاهيمية ومسارات نظرية (الجزائر: داية للطباعة، ط1، 2018)، ص15-30.
[41] Serge Paugam، le lien social: que sais-je ? (France : Presses Universitaires de France, 2009), p. 43.
[42] خالد فريد، "النخب الأعيانية بالصحراء، وأزمة التأسيس لحكامة السياسات العامة المحلية، مقاربة سوسيو–سياسية"، مجلة الربيع، ع2-3 (2015)، ص111.
[43] الحافظ بن مان، دور اتحادية ايت اوسى في ضبط المجال ما بين القرن التاسع عشر والقرن العشرين، [أطروحة دكتوراه في القانون العام]، كلية العلوم القانونية والاقتصادية -عين الشق، الدار البيضاء، 2012-2013)، ص50.
[44] Hassan Rachik, "Les usage politique de notion de tribu et de nation au Maroc," Culture and Politiques, Vol. 1, No. 1 (January 2000), p. 4.
[45] رجا بهلول، "حول مفهوم عبور التخصصات"، سيمنار المركز العربي (الدوحة: المركز العربي للدراسات والأبحاث، 14 مارس 2018)، ص3-4.
[46] Moti Nissani, "Fruits, Salads, and Smoothies : A Working Definition of Interdisciplinarity”, The Journal of Educational Thought, Vol. 29, No. 2 (1995), pp. 121-128.
[47] محمد العيادي، "المدارس التاريخية الحديثة ومسألة الحدود بين العلوم الاجتماعية"، مجلة أمل: التاريخ، الثقافة، المجتمع، ع15 (1988)، ص25.
[48] انظر: عبد الصمد الديالمي، سوسيولوجيا الجنسانية العربية (بيروت: دار الطليعة للطباعة والنشر، ط1، 2009)؛ فاطمة المرنيسي، ما وراء الحجاب الجنس كهندسة اجتماعية، ترجمة: فاطمة الزهراء أزرويل (المغرب: المركز الثقافي العربي، 2012).
[49] يقصد بالليبيدو أو الدافع الجنسي رغبة الشخص في ممارسة الجنس.
[50] حسن إغلان، الجنس والسياسة والإسلام التدبير السياسي للجسد في الإسلام (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، ط1، 2018)، ص15-80.
[51] Kate Millett, Sexual Politics (U.S.A: University of Illinois Press, 2000), pp. 23-59.
[52] انتوني غدنز، علم الاجتماع، ترجمة وتقديم فايز الصياغ (بيروت: المنظمة العربية للترجمة، ط1، 2005)، ص185-223.
[53] يقصد بالمجين البشري مجموعة كاملة من المعلومات الوراثية عن الإنسان.
[54] - عبد الكاظم عبودي، أخلاقيات البحث العلمي البيولوجيا وأسلحة الدمار الشامل نموذجين، [أطروحة لنيل الدكتوراه في الفلسفة]، جامعة وهران، الجزائر (2010-2011)، ص106-142.
[55] دانييل كيفلس وليروي هود، الشفرة الوراثية للإنسان القضايا العلمية والاجتماعية لمشروع الجينوم البشري، ترجمة: أحمد مستجير، عالم المعرفة، ع217 (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ط1، 1997)، ص52.
[56] رمزي زكي، المشكلة السكانية وخرافة المالتوسية الجديدة، عالم المعرفة، ع84 (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والآداب والفنون،1984)، ص8-14.
[57] نفسه، ص135-155.
[58] السيبرنتيكا علم شمولي يهتم بدراسة عمليات الاتصال أو تلقي المعلومات وتخزينها ومعالجتها وتبادلها وعمليات التحكم، أي استخدام المعلومات في توجيه عمل منظومة آلية كانت أو حية، وهي تتقاطع مع العديد من العلوم؛ فهي تقوم على أسس رياضية وتحديد تطبيقاتها في الطب والتعليم وعلم النفس والاجتماع والاقتصاد والموسيقى والبيولوجيا وغيرها.
[59] يمثل هذا الاتجاه مالتوس(malthus)، انظر: زكي، ص136.
[60] يمثل هذا الاتجاه رايموند بيرل (Raymond Pearl)، المرجع نفسه، ص141.
[61] يمثل هذا الاتجاه طوماس دوبلداي (thomas D. Doubleday) وجوزيه دي كاسترو (josue decastro)، المرجع نفسه، ص147.
[62] ابن أحمد، "حين تكف السلطة عن القتل لتراقب الحياة"، ص61-64.
[63] الديالمي، ص150.
[64] نفسه، ص159.
[65] علي العكروف، "مسألة الإجهاض في الجزائر مقاربة سوسيو-ديموغرافية"، مجلة الآداب والعلوم الاجتماعية، مج18، ع2 (2021)، ص215.
[66] كوثر زركان، "السياسة الجنائية في الجنايات والجنح ضد نظام الأسرة"، مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية، ع5 (2020)، ص142-150؛ ص144.
[67] جمعية خيرية تعنى بالصحة الإنجابية، وتتخذ من الولايات الأمريكية المتحدة مقرًا لها.
[68] انظر: منظمة الصحة العالمية، "تقرير حول الإجهاض" (25 نوفمبر 2021). https://www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/abortion
[69] أحمد الريسوني وآخرون، الإجهاض بين الحق في الحياة وحرية التصرف في الجسد، إعداد وتنسيق: عصام الرجواني (المغرب: منشورات المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، ط1، 2015)، ص15-46.
[70] لوسيا اوشو- ليفبر، الأمهات العازبات في المغرب العربي الدفاع عن الحقوق والادماج الاجتماعي مجموعة تجارب، ترجمة رو للخدمات متعددة اللغات (الدار البيضاء: سانتي سيد، ط1، 2015)، ص7.
[71] خيرة قويدر وحليمة قادري، "أي واقع واي مصير للام العازبة؟ دراسة عيادية على عينة من الأمهات العازبات"، مجلة دراسات نفسية وتربوية، مج15، ع1 (فبراير 2022)، ص239.
[72] مثلًا في المغرب توجد جمعية التضامن النسوي والجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري (AMLC).