تاريخ الاستلام: 17 أبريل 2023 | تاريخ التحكيم: 01 يونيو 2023 | تاريخ القبول: 10 أكتوبر 2023

مقالة بحثية

إشكالية التعميم الاستقرائي في العلوم الشرعية والتجريبية: دراسة مقارنة بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي*

يمينة بوسعادي

أستاذة محاضرة في الفقه وأصوله، جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية-الجزائر

yaminaboussaadi@hotmail.com

ملخص

يرتكز علم أصول الفقه على أسس منطقية؛ حيث يميل علماء الأصول بشكل ملحوظ نحو التفكير العملي، كما يتجلى في مباحث القياس الأصولي. إلا أن الأشكال المحدّدة المرتبطة بالقياس، إلى جانب الميل نحو المنطق الأرسطي، أدت إلى تفسيرات قياسية لا تتماشى ومقتضيات التفكير الإسلامي. للتغلب على ذلك، اتجه الأصوليون تدريجيًا نحو الاستقراء، فأصبحت معظم المباحث الأصولية مستندة عليه، خاصةً في تقسيم النص الشرعي إلى "قطعي وظني"، مما أدى إلى الوقوع في إشكالية أخرى تمثّلت في قلّة النصوص القطعية، وما استتبع ذلك من إشكالات في المنهج. انتقلت هذه الإشكالية إلى علماء الطبيعة المسلمين؛ حيث واجه المنهج التجريبي الذي أسسّوه المشكلة ذاتها، والتي تستوجب الإجابة عن الإشكالية الآتية: كيف نحكم بما هو مشاهد على ما هو غائب؟ وكيف نحوّل ما هو خاص جزئي إلى ما هو عام كلّي؟ هذه الإشكالية نفسها طرحها فلاسفة العلم في العصر الحديث؛ حيث تساءلوا: ما هو أساس تعميماتنا الاستقرائية، العقل أم التجربة؟ وما الضمانة الفلسفية التي تجعل العقل ينتقل من الحكم على الجزء إلى الحكم على الكلّ (في علوم الطبيعة)؟ وكيف نحكم على صحة هذا الانتقال؟ وإذا لم تكن هناك أي ضمانة (حسب بعض الفلاسفة) فهل يبقى للعلم أي مبرر وما مصيره؟ للإجابة عن هذه التساؤلات، تناول هذا البحث منهج الفكر الإسلامي في حل هذا الإشكالية مقارنةً بالفكر الغربي.

الكلمات المفتاحية: التعميم، الاستقراء، أصول الفقه، المنهج التجريبي، الفكر الإسلامي، الفكر الغربي

للاقتباس: بوسعادي، يمينة. "إشكالية التعميم الاستقرائي في العلوم الشرعية والتجريبية (دراسة مقارنة بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي)مجلة تجسير لدراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية البينية، المجلد السادس، العدد 2 (2024): 33-56. https://doi.org/10.29117/tis.2024.0183

© 2024، بوسعادي، الجهة المرخص لها: مجلة تجسير، دار نشر جامعة قطر. نُشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأي وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0

 


 

Received: 17 April 2023 | Peer-reviewed: 01 June 2024 | Accepted: 10 October 2023

Research Article

The Problem of Inductive Generalization in Sharia and Experimental Sciences: A Comparative Study Between Islamic and Western thought*

Yamina Boussaadi

Professor, Lecturer in Jurisprudence and its Principle, Emir Abd El Kader University-Algeria

yaminaboussaadi@hotmail.com

Abstract

In the study of "Usul al-Fiqh" (fundamentals of jurisprudence), one observes a prevailing methodological focus, distinguishing scholars in this field through their pronounced tendency towards practical reasoning, particularly evident in issues of juristic analogy (qiyas). Although qiyas had evolved into a definitive form, scholars gradually shifted towards induction upon recognizing the limitations of qiyas due to its lack of conclusiveness. Consequently, Usul al-Fiqh continued to rely on analogy in most of its discussions, notably in the division of legal texts into "definitive and speculative." This approach led to the significant issue of the scarcity of texts with a "definitive/categorical nature," resulting in various methodological problems. This challenge was subsequently encountered by Muslim natural scientists, whose experimental methods faced the same issue, raising the question: How do we infer the unseen from the observed? Contemporary philosophers of science have posed similar questions: What is the basis of our inductive generalizations—reason or experience? What philosophical guarantees support the transition from judgments about parts to judgments about wholes (in the natural sciences)? How can we assess the validity of this transition as both correct and certain? And if no such guarantee exists, does science retain its justification, and what is its future?

Keywords: Generalization; Induction; Usul Al-Fiqh; Experimental method; Islamic thought; Western thought

 

Cite this article as: Boussaadi, Y. "The Problem of Inductive Generalization in The Legal and Experimental Sciences (A Comparative Study Between Islamic Thought and Western thought)," Tajseer Journal for Interdisciplinary Studies in Humanities and Social Science, Vol. 6, Issue 2 (2024): pp. 33-56. https://doi.org/10.29117/tis.2024.0183

© 2024, Boussaadi, licensee, Tajseer & QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0


 

مقدمة

يدرك المشتغل بعلم أصول الفقه أن هذا العلم يغلب عليه الطابع المنهجي، إذ يُعد الأساس المنطقي الذي يقوم عليه الفقه، ويعكس العلاقة بينهما التفاعل بين النظرية والتطبيق. ولهذا، يظهر ميل علماء أصول الفقه تجاه الفكر العملي، ويتجلى هذا الفكر لديهم بشكل خاص في مباحث القياس الأصولي، بِعدّه أصلًا من أصول الأدّلة، وعليه تُبنى الأحكام الشرعية.

وقد ظهر القياس الأصولي في أوّل أمره كضرب من الاجتهاد بالرأي؛ إذ إنه عملية ينتقل فيها العقل من شيء إلى آخر حتى يتبيّن له أقرب الأمور شبهًا بالمقيس فيأخذ به. وهذا المسلك يشبه إلى حدّ كبير إعداد وتصميم التجربة، خاصة فيما يتعلق بمسالك العلّة التي كانت الرافد الكبير لأصحاب المنهج التجريبي كعلماء الطبيعة والطب والفلك والعمران.

على الرغم من استقرار القياس بصورته النهائية، إلا أنّ الأصوليين بدؤوا تدريجيًا بالتحول نحو الاستقراء في معظم تقسيمات فصول الأصول، لا سيّما في ثنائية "القطعي والظني" من الأدّلة، والتي تشكل أساس التشريع الحاكم لأفعال المكلفين. وقد أدى هذا التحول إلى ظهور إشكالية تجلت في ندرة النصوص القطعية، وما استتبع ذلك من تحديات في المنهج.

انتقلت هذه الإشكالية إلى علماء الطبيعة المسلمين، الذين واجهوا نفس التحديات ضمن المنهج التجريبي الذي وضعوه. وتثير هذه الإشكالية الرئيسة إشكالية أخرى: كيف نحكم على الغائب بناء على ما هو مشاهد؟ وكيف يمكن تعميم ما هو جزئي ليصبح كليًا؟

وقد طرحت الإشكالية ذاتها من قبل فلاسفة العلم في هذا العصر الحديث؛ حيث تساءلوا: إذا كان العلم يعتمد على الاستقراء، فكيف يمكن تبرير هذا الاستقراء؟ وما الأساس الذي تقوم عليه تعميماتنا الاستقرائية، العقل أم التجربة؟ وما الضمانة الفلسفية التي تبرر الانتقال من الحكم على الجزء إلى الحكم على الكلّ في علوم الطبيعة؟ وكيف يمكن تأكيد صحة هذا الانتقال ويقينه في الوقت نفسه؟ وإذا لم تكن هناك أي ضمانة، هل يبقى للعلم أي مبرر؟ وما مصيره؟

تتضح من هنا أهمية دراسة هذه الإشكالية بعمق، فمشكلة التعميم في الاستقراء الناقص تعد من أبرز القضايا المعرفية التي طرحها الفكر الإسلامي قديمًا والفكر الغربي حديثًا؛ نظرًا لارتباطها بالمنهج التجريبي-الاستقرائي الذي يعد أساس دراسة الظواهر الطبيعية.

يهدف البحث إلى استكشاف كيفية تعامل علماء الأصول مع إشكالية التعميم على المستويين التنظيري والعملي، وأثر ذلك على علماء الطبيعة المسلمين ممّن ساهم في التأسيس للمنهج التجريبي، كما يسعى البحث إلى تحليل كيفية تعامل فلاسفة العلم ومناهجهم في الغرب مع هذه المشكلة، وتوضيح الأسس التي اعتمد عليها كل طرف والنتائج التي توصل إليها.

على الرغم من تعدد الدراسات التي تناولت موضوع الاستقراء، فإن الدراسات ذات الصلة الوثيقة بإشكالية البحث يمكن تلخيصها في دراستين رئيستين:

-      الأولى: "الاستقراء عند الشاطبي ومنهج النظر في مدوناتنا الأصولية" لإبراهيم محمد زين، وهي دراسة وصفية تحليلية لما دوّنه علماء الأصول في مبحث الاستقراء والحلول التي قدموها للإشكالات الواردة عليه. وهذه الدراسة تتقاطع مع هذا البحث في بعض جزئياته المتعلقة بالجانب الأصولي فقط.

-      والثانية: "مشكلة الاستقراء والعلّيّة بين المسلمين والغرب: دراسة مقارنة" لمحمد علي محمد الجندي، وهي عبارة عن تقويم منطقي للاستقراء، من حيث طرقه وأساسه ومبدئه، مع نظرة مقارنة بين علماء الفكر الإسلامي والغربي. وقد استفدت منها فيما يتعلق بأساس الاستقراء، وهو مسألة التعميم عند ابن حيان وعند علماء الغرب المعاصرين، إلاّ أنّ الدراسة كانت شحيحة فيما يتعلق بالجانب المنهجي في تناول الأصوليين لمشكلة التعميم مكتفيًا بمسالك العلّة دون غيرها، وهذا ما أضافته هذه الدراسة كما سيأتي بيانه.

وللإجابة عن الإشكالية المطروحة وما تفرع عنها من تساؤلات، اقتضت طبيعة البحث الاستناد إلى مجموعة من المناهج العلمية، والمتمثلة في: المنهج الاستقرائي: من خلال تتبع آراء علماء الأصول والطبيعة وعلماء الفكر الغربي في مدوناتهم، مع الاستعانة بكتابات المعاصرين في موضوع البحث. كما توسل البحث المنهج الوصفي؛ بغية تقرير الحقائق العلمية، وإيراد المعلومات كما قرّرها أصحابها في مصنفاتهم، في حين كان اعتماد المنهج التحليلي لاستخلاص الآراء وتحليلها، وصولًا إلى استعراض النتائج، وكانت الاستعانة بالمنهج المقارن؛ حيث سعى البحث إلى مقابلة منهجية المسلمين في تناول الإشكالية مع منهجية الفكر الغربي وأثر ذلك على الاتجاهين.

أولًا: مدخل مفاهيمي

1.     تعريف الاستقراء لغةً واصطلاحًا

الاستقراء لغة: مصدر من استقرى يستقري، على وزن: استفعال، ويرجع اشتقاقه إلى معنيين: الأوّل: قرَوَ، يقال: قرا يقرو قروا، والقَرْوُ: التتبع والقصد[1]. والثاني: قَرَي، يقال: قرى يقرى قريًا، والقَرْيُ: الجمعُ[2]، جاء في لسان العرب: "قرأت الشيء قرآنًا: جمعته وضممت بعضه بعضًا"[3]. وعلى هذا يكون الاستقراء مصدر استقرأ، أي قصد إلى تتبع الجزئيات، وضم بعضها إلى بعض للحصول على نتيجة كلية.

الاستقراء اصطلاحًا: للوصول إلى المعنى الاصطلاحي للاستقراء لا بد من إيراد كل من تعريف المناطقة والأصوليين والفلاسفة المعاصرين.

-      عند المناطقة: يقصد به إقامة البرهان على قضية كلية من خلال سلسلة من القضايا الجزئية ثبت صدقها إلى قضايا كلية، أي تعميم المعلوم على المجهول[4]. فالاستقراء ينطلق من جزئيات تجمعها خصائص مشتركة لتصل إلى حكم مشترك يصاغ في شكل تعميم كلّي يشملها ويشمل نظائرها.

-     عند الأصوليين: عرّفه الغزالي بقوله: "أما الاستقراء فهو عبارة عن تصفح أمور جزئية ليحكم بحكمها، على أمر يشمل تلك الجزئيات"[5]. فقوله: "ليحكم بحكمها على أمر يشمل تلك الجزئيات" الحكم على المحكوم عليه بصفة التعميم.

-     عند الفلاسفة المعاصرين: يرى الفلاسفة المعاصرون أن الاستقراء بمفهومه اليوناني قاصر، واعتبروه أوسع من ذلك، فعرّفه مِل (Mill) بأنه: "عملية اكتشاف وبرهنة القضايا العامة"[6].أما عند ديوي (J. Dewey) فإن "الاستقراء اسم يطلق على مجموعة طرائق تقرر بها عن حالة معينة أنها تمثل غيرها، وهي عملية يعبّر عنها كون تلك الحالة المذكورة نموذجًا أو عيّنة"[7]. ويلاحظ عندهم أن الاستقراء اكتشاف القانون العام من خلال عيّنة نموذجية لتعمم بعد ذلك على الحالات المشابهة لها[8]، وهذا ما يعرف عند الأصوليين بمسلك" تنقيح المناط" في مسالك العلة.

2.     أنواع الاستقراء

تتفاوت الجزئيات المستقرأة من حيث القلّة والكثرة، لذا أصبح من المسلّم به عند المناطقة والأصوليين تقسيم الاستقراء إلى تام وناقص، مع اختلاف في تفسير كلّ منهما، وفيما يلي بيان المراد منهما عند المناطقة والأصوليين.

‌أ.       الاستقراء التام

·      عند المناطقة: يقول أرسطو: والاستقراء هو أن يبرهن بأحد الطرفين أن الطرف الآخر في الواسطة موجود[9]؛ أي أن الاستقراء التام عنده يتألف من علاقة قياسية بين حدّ وآخر عن طريق الحدّ الأوسط. وعرّفه الفارابي بقوله: "تتبع جميع جزئيات أمر كلي ليحكم بحكمها عليه"[10]؛ أي تتبع الذهن جميع الجزئيات لينتقل من الحكم على جميعها إلى الحكم على كلّيها.

·      عند الأصوليين: انقسموا في تفسيره إلى اتجاهين:

-      ذهب فريق إلى تفسيره وفق مذهب المناطقة، فعرّفوه من حيث هو دال على شرط الحصر المستوعب، ومنهم الغزالي الذي نصّ على أنه: "لا يفيد الاستقراء علمًا كلّيًا بثبوت الحكم للمعنى الجامع للجزئيات، حتى يجعل ذلك مقدمة في قياس آخر، لا في إثبات الحكم لبعض الجزئيات[11].

-      وذهب فريق آخر إلى تعريفه بأنه تتبع جميع الجزئيات ما عدا صورة النزاع التي هي محل الاستدلال، بحيث "إثبات حكم في جزئي لثبوته في الكلّي"[12].

‌ب.   الاستقراء الناقص

·      عند المناطقة: يمكن استخلاص تعريف الاستقراء من قول أرسطو: "...أما في حال استعمالك الاستقراء فإنك تتدرج من الأشياء الجزئية إلى القضية الكلية، ومن الأشياء المعروفة إلى التي هي غير معروفة"[13]. وإلى هذا المفهوم ذهب المناطقة المسلمون.

·      عند الأصوليين: عرّف أكثر الأصوليين الاستقراء الناقص بأنه: "تتبع أكثر جزئيات كلّي ليثبت حكمها له"[14]، بمعنى أن الحكم في الاستقراء الناقص ينشأ عن تتبع أغلب الجزئيات، فيغلب على الظن عموم الحكم لجميع الجزئيات بما فيها صورة النزاع، والجزئيات غير المستقرأة.

وكما هو ملاحظ فإن مفهومه قريب من مفهوم المناطقة، وكثيرًا ما يعبّر عنه المتكلمون بـ "السبر والتقسيم" بينما يعبّر عنه الفقهاء بـ "إلحاق الفرد بالأغلب" وبـ "الأعم الأغلب"[15].

·      عند الفلاسفة المعاصرين: أخذوا المعنى السابق للاستقراء الناقص، إلا أنهم قسّموه إلى رياضي وعلمي[16]:

-      الاستقراء الرياضي: هو طريقة إثبات تعتمد على مثال واحد أو عدّة أمثلة لاستخراج قانون عام في مجال العلوم الرياضية.

-      الاستقراء العلمي: يكون عادة في مجال العلوم الطبيعية وغيرها، ونسبة التأكد فيه أقلّ من نسبة التأكد في الاستقراء الرياضي.

3.     حكم الاستقراء

‌أ.       الاستقراء التام

يفيد الاستقراء التام اليقين[17]، لأن نتيجته مساوية للجزئيات التي وقعت تحت الملاحظة، بشرط أن يكون ثبوت الحكم للجزئيات قطعيًا، وأن يكون شمول الاستقراء جميع الجزئيات قطعيًا أيضًا[18]، وهذا الحكم تتفق عليه الاتجاهات الثلاثة.

‌ب.   الاستقراء الناقص

ذهب المناطقة وأكثر الأصوليين إلى أن الاستقراء الناقص يفيد الظن المعمول به، وفي ذلك يقول البيضاوي: "فمادام الاستقراء يفيد أن ظاهر الأمر على ما تحصل منه فإن العمل به يكون لازمًا"[19].

إلا أن المتتبع لأقوال الأصوليين يلحظ أنهم ذكروا نوعًا آخر من الاستقراء الناقص، وذلك بالنظر إلى القطع بنتيجته واعتبروه ناقصًا تام النتيجة كصنيع الغزالي والشاطبي كما سيأتي تفصيله.

والفلاسفة المعاصرون أيضًا قالوا بظنية الاستقراء الناقص، وجعلوا السند المنطقي الذي يدعو إلى الأخذ به في مجال العلوم الطبيعية وغيرها، يرجع إلى ملاحظة قانونين مهيمنين على ظواهر الطبيعة بصفة عامة، هما[20]: قانون العلّية (السببية): ومقتضى هذا القانون أنه لا يمكن حدوث شيء دون سبب أو علّة صالحة لتفسيره. وقانون الاطراد: ومفاده أن الأسباب والعلل المتشابهة تنتج عنها أسباب لمسبّبات ومعلولات متشابهة.

ثانيًا: موقف علماء الإسلام من مشكلة التعميم الاستقرائي

يتناول هذا القسم نماذج من علماء الإسلام في الشريعة والطبيعة ممّن ساهموا في إيجاد حلول منهجية لمشكلة التعميم الاستقرائي، ممّا شكّل سبقًا على رجال المنهج العلمي المعاصر.

1.     أبو حامد الغزالي

لقي الاستقراء عناية فائقة من الإمام الغزالي بوصفه منهجًا ذا طبيعة عملية، والناظر في كتابيه "المستصفى" و"معيار العلم" يدرك أن الغزالي حصر مدارك اليقين في خمسة أمور: الأوليات، والمشاهدات الباطنة، والمحسوسات الظاهرة، والتجريبيات، والمتواترات[21].

أما المشهورات فتصلح للفقهيات التي لاحظّ لها من البراهين اليقينية، وفي ذلك يقول: "والمشهورات تصلح للفقهيات الظنية والأقيسة الجدلية، ولا تصلح لإفادة اليقين البتة"[22].

فالغزالي باستعماله للاستقراء كمنهج للنظر وأداة للبرهان، أدرك أن الفقهيات مبنية على أخبار الآحاد وعلى الأقيسة الجزئية، وما كان كذلك لا يشترط فيه القطع لأن الغاية المقصودة هي العمل لا العلم.

وأما المتواترات، فيري أنها آخر مراتب اليقين، رغم أنها من أمور ما وراء المحسوسات إلا أنها بتكرار سماع خبرها تتأتى لحظة "ينقلب فيها الظن علمًا ولا يشعر بوقته"[23].

ثم يؤكد على أن "الاستقراء إذا كان تامًا رجع إلى النظم الأوّل وصلح للقطعيات، وإن لم يكن تامًا لم يصلح إلاّ للفقهيات [...] لأنه مهما وجد الأكثر على نمط غلب على الظن أن الآخر كذلك"[24].

والمتواترات عند الغزالي لا بد أن تتوفر فيها أربعة شروط: الأوّل: أن يخبروا عن علم لا عن ظن، الثاني: أن يكون علمهم ضروريًا مستندًا إلى محسوس، الثالث: أن يستوي طرفاه وواسطته في هذه الصفات وفي كمال العدد، الرابع: في العدد (كعدد المخبرين...إلخ)[25].

وفي أثناء تناوله للمتواترات كآخر مرتبة لليقين، نبّه إلى أهمية القرائن المحتفّة بالأخبار في إفادة القطع، وفي ذلك يقول: فلا يبعد أن تنظم القرائن إلى الأخبار فيقوم بعض القرائن مقام بعض المخبرين، ولا ينكشف هذا إلَّا بمعرفة معنى القرائن وكيفية دلالتها"[26].

ولتوضيح ما قرّره جاء بمثال تجريبي (أوردته على طوله لأهميته): "نشهد الصبي يرتضع مرّة بعد أخرى فيحصل لنا علم قطعي بوصول اللبن إلى جوفه، وإن لم نشاهد اللّبن في الضّرع؛ لأنه مستور ولا عند خروجه فإنه مستور بالفم، ولكن حركة الصبي في الامتصاص وحركة حلقه تدل عليه دلالة ما، مع أن ذلك قد يحصل من غير وصول اللبن، لكن ينضم إليه أن المرأة الشابة لا يخلو ثديها عن لبن، ولا تخلو حلمته عن ثقب، ولا يخلو الصبي عن طبع باعث على الامتصاص مستخرج للبن، وكل ذلك يحتمل خلافه نادرًا، وإن لم يكن غالبًا، لكن إذا انضم إليه سكوت الصبي عن بكائه مع أنه لم يتناول طعامًا آخر صار قرينة"[27].

أي أن العقل بالاستقراء يستخلص معاني من مجموعة الجزئيات. ولأن احتمالات أخرى واردة عن سكون الصبي، يجيب الغزالي عن ذلك بقوله: "ويحتمل أن يكون بكاؤه عن وجع وسكونه عن زواله، ويحتمل أن يكون تناول شيئًا آخر لم نشاهده وإن كنّا نلازمه في أكثر الأوقات، ومع هذا فاقتران الدلائل كاقتران الأخبار وتواترها، وكل دلالة شاهدة يتطرق إليها الاحتمال كقول كل مخبر على حياله، وينشأ من الاجتماع "العلم"، وكأن هذا مدرك سادس من مدارك العلم سوى ما ذكرناه في المقدمة"[28].

نستنتج مما سبق، أن الغزالي قد سلك طريقًا جديدًا حين اقترح اعتبار الأخبار يقينية. وإن لم تبلغ كمال العدد شرط احتفائها بالقرائن، وهذا النوع من البرهان سيُخرِج الكثير من الفقهيات من دائرة الظن، وذلك بتطبيق هذا البرهان على الاستقراء الناقص فنكون أمام نوعين منه:

-      استقراء ناقص مجرد من القرائن: وهذا يفيد الظن كما سبق ذكره.

-      استقراء ناقص محتف بالقرائن: وهذا يفيد القطع.

إن هذا النوع من البرهان الذي توصل إليه الغزالي مكنّه من إدراك قصد الشارع لا عن طريق القياس على أصل معيّن، وإنما عن طريق المصالح المرسلة التي اشترط لاعتبارها أن تكون ضروريـة، قطعية وكلّية[29].

فالغزالي بتحليله لمسألة التواتر استخلص تكييفًا جديدًا للتواتر؛ حين عد المتواترات المُحتفّة بالقرائن مرتبة سادسة مُفضية لليقين بعد أن كان كمال العدد وحده في التواتر يبلغ هذه الدرجة. كما فتح أبوابًا جديدة في البحث الأصولي؛ حين ربط الاستقراء بالتواتر في باب المصالح عامة والمصلحة المرسلة خاصة.

2.     الإمام الشاطبي

طوّر الشاطبي فكرة الغزالي وفق منهج دقيق من خلال استقرائه للكليات التي تخضع لها الجزئيات، بمعنى أنّه لا يعتمد على دليل واحد، وإنمّا يجمع كل النصوص العامة والخاصة، المطلقة والمقيدة والجزئيات في الأعيان المختلفة، مع ما يضاف إليها من قرائن وأحوال، وما يفهم من روح المسألة وما تعبّر عنه[30]، ثم يستخلص من هذه الكليات كليات أعم منها هي في حقيقتها الأصول القطعية للشريعة الإسلامية (القوانين).

ولحل مشكلة التعميم الاستقرائي، وضع الشاطبي شروطًا ثلاثة[31]:

-      التكرار: يُتوصل إلى نتيجة الاستقراء من خلال تكرّر تقريرها في النصوص الشرعية، كالتيسير ورفع الحرج، ومنع الضرر والضرار.

-      التأكيد: تأكيد مضمون نتيجة الاستقراء دون استثناء لموضع أو حال مما يشمله.

-      الانتشار: ينتشر هذا المعنى في أبواب الشريعة، دون اقتصار على باب واحد وإلا نتج عن ذلك استقراء ظني.

والناظر في طريقته لجعل الاستقراء الناقص قطعي النتيجة، يلحظ أنّه مزج بين الاستقراء بمفهومه الضيق في المنطق الأرسطي وبين التواتر المعنوي عند علماء الحديث، فنتج عنه تجاوزه لتنظير المنطق القديم للاستقراء، حين أوجد له أسسًا جديدة ذات جذور أصيلة في العلوم الشرعية، من خلال إدراجه وربطه بالتواتر.

وكمثال تطبيقي، يورد الشاطبي مثال الصلاة[32]، فقوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ (سورة البقرة: 43)، مع كونه قطعي الثبوت، إلا أن دلالته لا تفيد الوجوب، وإنما حصل لنا علم يقيني بوجوبها من استقراء مقتضيات الأدلة بإطلاق لا من آحادها على الخصوص.

فلو اكتفينا بنص واحد منفصل عن بقية النصوص لَكَرّ علينا المعترض نصًّا نصًّا، لاستنادها إلى نص ظني الدلالة، أما لو استقرأنا بقية النصوص التي تمدح المتصفين بإقامتها، وتذم التاركين لها، وتلزم المكلفين على فعلها وإقامتها، وتلزمهم حتى في حال القتال، وقتال من تركها أو عاند في تركها، إلى غير ذلك مما هو في هذا المعنى.

من كل هذا يتحصل لنا علم يقيني بوجوب الصلاة، وهذا هو الاستقراء المعنوي الذي قرّره الشاطبي "فهو استقراء ينصب على إدراك العقل للمعاني التي استخلصها من واقع تجريبي، فهو يرتقي من معنى إلى آخر حتى يصل إلى معنى كلّي يأخذ حكم الضروري"[33].

وأمّا التواتر المعنوي الذي أخذ به عن علماء الحديث في علم الجرح والتعديل، فقد أمكنه من استخدام الآثار كطريقة للدلالة القطعية إذا تواترت. وهنا يأتي دور العقل، "فالمبادئ لديه – العقل – تنقسم إلى أوائل وثانويات. الأوائل: هي تلك المسلمات التي لا تحتاج إلى برهنة أو دليل، وليس فيها مجال للشك، وأما الثانويات فتستوفى من الأوائل بدلالتها، أي أنّ دلالة تلك المسلّمات الأوّلية تقود إلى الثانويات، وللوصول إلى هذه الدلالات يجب أن يكون الحدس مطلقًا وبدون خطأ"[34].

واستعمال الحدس طريقًا إلى رفع الآثار إلى مستوى اليقين من خلال التأكد من صحة الحوادث، لا يكون إلاّ بالعيان البتة، "العيان الحقيقي والبرهان، وإقامة البرهان لا يكون إلاّ من خلال العيان"[35]. أي أن تتأكد من الشيء بنفسك وليس بالآثار لأنها من فعل أناس آخرين.

ولأنّ العيان هو السبيل الأوحد المعتمد عليه في إقامة البرهان والدليل المؤدي إلى التصديق، ابتكر علماء الحديث علم الجرح والتعديل[36]؛ لتمييز أنواع الأحاديث تبعًا لوثاقة سلسلة الرواة، بغية الوصول إلى من يجب أن ينقل عنهم تلك الآثار بأسلوب يصل إلى مرحلة اليقين.

ومن خلال هذا العلم حُدّد حملة الآثار، وهم الأصحاب الأوائل للعيان، وبذلك أمكن استخدام الآثار كطريق لليقين إذا تيقنا وصولها إلينا بشكل قطعي من النبي – صلى الله عليه وسلم – وهذا معنى تواتر الحديث.

وباتباع هذا المنهج ومزجه مع الاستقراء، ابتكر الشاطبي مصطلح "الاستقراء المعنوي" الذي جعله أداة في دراسته التطبيقية، فاستخلص من مقاصد الشارع خمس كليات يقينية، ورأى أنه لا توجد جزئية في الشريعة إلا وانضمت تحت كلية من هذه الكليات.

والحقيقة، أن الشاطبي انتهج منهجًا تجريبيًا للوصول إلى الاستقراء المعنوي، لا يختلف كثيرًا عن منهج التجريبين، من حيث وضع الملاحظات وتفسير الفروض، ثم وضع البرهان للتحقيق من الفروض.

لذلك فإنّ وجه الشبه قوي بين فكرة التجربة عند ابن سينا وبين فكرة الاستقراء المعنوي، فالتجربة عند ابن سينا حدّدها بقوله: "التجربة مثل أن يرى الرائي أو يحس الحاس أشياء من نوع واحد يتبعها حدوث فعل وانفعال، فإذا تكرر ذلك كثيرًا جدًّا حكم العقل أن هذا ذاتي لهذا الشيء وليس اتفاقًا عنه، فإنّ الاتفاق لا يدوم"[37].

3.     جابر بن حيان

تناول جابر بن حيان الاستقراء كمبدأ لمنهجه التجريبي متأثرًا بالأصوليين من خلال مباحثهم في القياس والعلة ومسالكها فقد كانوا في بحوثهم أشبه بإعداد وتصميم التجربة، كما سبق ذكره.

وجابر يصرّح في أكثر من موضع أخذه عن مناهج الأصوليين في تجاربه، ومن ذلك قوله: "إياك أن تجرب أو تعمل حتى تعلم، ويحق أن تعرف الباب من أوّله إلى آخره بجميع تنقينه وعلله ثم تجرّب ليكون في التجربة كمال العلم، فهذا شرط من شروط الشافعي وهو الابتداء بالعلم ثم تمحيص خصائص الأشياء والاستمرار في التجربة إلى أن تستقر نتائجها. وبالعلم السابق وحده يمكن تحقيق مبدأ تصميم التجربة قبل إجرائها وهذا مبدأ عند جابر"[38].

وبهذه الخطوات، اقتفى جابر أثر الشافعي لبناء منهجه التجريبي، مدركًا أن فهم الطبيعة يقتضي حتمًا استنطاقها عن طريق التجربة، وفي ذلك يوصي تلامذته، فيقول: "ما افتخر العلماء بكثرة العقاقير، ولكن بجودة التدبير، فعليك بالرفق والتأني وترك العجلة، واقتفِ أثر الطبيعة فما تريده من كل شيء طبيعي"[39].

لم يكن جابر ابن حيان تجريبيًا فحسب، وإنما منهجيًّا في استدلاله العلمي، مدركًا لوجوب وضع قواعد وأصول تضبط التجربة، ومدركا أيضًا لطبيعة الاستدلال التجريبي وحدوده وإشكالاته. لذلك من الإجحاف إرجاع الفضل إلى ديفيد هيوم (David Hume) في معالجة مشكلة الاستقراء الشهيرة التي هي حجر الزاوية في نظرية المنهج التجريبي دون الإشارة إلى أسبقية جابر بن حيان.

إن مشكلة التعميم أو كيفية الحكم من المعلوم على المجهول أو قياس الغائب على الشاهد تناولها ابن حيان بطريقة متناسقة، يجعلنا نفهم من الوقائع المتاحة أمامنا القانون العام الذي يحكمها جميعًا وذلك من خلال قوله: "إن هذا التعلق يكون من الشاهد (المعلوم) بالغائب (المجهول) على ثلاثة أوجه، وهي المجانسة ومجرى العادة والآثار"[40].

‌أ.       المجانسة

وتعني المجانسة التماثل بين الظواهر الجزئية، يُتناول جزء الشيء بالدراسة والفحص لاستخلاص خواصه فيصبح (أنموذجًا) يُعمّم من خلاله الحكم من الجزء إلى الكل؛ بسبب علاقة المجانسة، وفي ذلك يقول: "إن المجانسة كالرجل يرى صاحبه بعضًا من الشيء ليدل به على أن الكل من ذلك الشيء مشابه لهذا البعض"[41].

إلاّ أنّ دلالة الحكم المُعمّم في المجانسة ليست يقينية بل احتمالية ظنية؛ لأنّ وجود الأنموذج لا يدل بذاته على وجود الكل الذي قيل إنه ممثل في هذا الأنموذج، وأيضًا لوجود كليات في الكون لا أجزاء لها، مما يجعل الإحاطة بالآثار الموجودة غير ممكنة لأي كان، وبالتالي لا يمكن أن تخضع لهذا الحكم. ونظرًا للطبيعة الاحتمالية، حذّر جابر من الأخذ بأي نظرية إلا مع الدليل القاطع كما سيأتي بيانه. وهذا يتوافق مع صنيع الأصوليين حين توسعوا في شروط القياس لضبط القياس الصحيح من غيره.

وعليه، فإن دلالة المجانسة ظنية، وبذلك يقرر جابر احتمالية التجربة، وأنها لا تؤدي إلى اليقين، مما يدفع بالباحث إلى المزيد من البحث والتقصي، وهذه النتيجة تتفق مع ما توصل إليه العلم الحديث، وبذلك يكون جابرًا متقدمًا على هيوم ومِل وغيرهما.

‌ب.   مجرى العادة

تحيل مجرى العادة إلى ما يستقر في النفوس من أمور متكررة ومعقولة عند الطبائع السليمة[42]، أي أنّ العالم يستقرئ عدّة أمثلة متشابهة، فيعمم عليها الحكم تعميمًا يجعلها كلًّا واحدًا.

ويذكر ابن حيان أن استخدام هذا الضرب من الاستدلال يفوق الأضرب الأخرى؛ لأنّه قياس واستقراء للنظائر واستشهاد بها "وليس في هذا الباب علم يقيني واجب اضطراري برهاني أصلًا، بل علم إقناعي يبلغ إلى أن يكون أحرى وأولى وأجدر لا غير"[43].

ومن الملاحظ أن ابن حيان أخذ فكرة الاحتمالية هذه من علماء الأصول؛ حيث قررّوا أن القياس يكون قطعيًّا نتيجة لسلسلة طويلة من الجزئيات التي تشكل بمجموعها دليلًا يفيد العلم اليقيني[44]. يقول الشافعي: "يلزم أن تكون قواعده قطعية وأن قطعيته لا يستفاد من آحاد الأدّلة، وإنما تستفاد من استقراء جملة أدّلة تضافرت على معنى واحد حتى أفادت فيه القطع، فإذا حصل من استقراء أدّلة المسألة مجموع يفيد العلم فهو الدليل المطلوب"[45].

ومعلوم أن الأصوليين يقصدون بهذا المبدأ ما كان خاضعًا لمفهوم الكل والجزء، أما في غير ذلك فاستدلالهم احتمالي ليس فيه علم ثابت يقين كما نصّ جابر على ذلك[46]. وبذلك، يكون جابر قد سبق الفلاسفة المحدثين كجون ستيوارت مِل وديفيد هيوم الذي جعل من العادة تبريرًا للاستدلال الاستقرائي، كما سيأتي تفصيله.

وفي النهاية، يصل جابر إلى حكم عام مفاده أنه "ليس لأحد أن يدعي بالحق أنه ليس في الغائب إلا مثل ما شاهد، أو في الماضي والمستقبل إلا مثل ما في الآن"[47]. وهو بذلك يبيّن حدود المنهج التجريبي بشكل دقيق؛ حيث يؤكد أن "من المشاهد لا يجوز الحكم على ما لم يشاهد إلاّ على سبيل الاحتمال، وإذا لم يكن جائزًا القطع بوجود الغائب على أساس الحاضر المشاهد، فكذلك لا يجوز إنكار وجود الغائب إذا لم يقع في نطاق حسّنا وإدراكنا، وإلا انحصر الإنسان في حدود حسّه، وأنكر أشياء كثيرة لأنّه لم يرها"[48].

‌ج.     الآثار[49]

يقصد بالآثار "الدليل النقلي أو شهادة الغير أو السماع أو الرواية"[50]، وابن حيان يؤكد في أكثر من موضع على أن الآثار من الأدلة التي لا يعتد بها إلا إذا كانت مطابقة لما يتوصل إليه من نتائج خلال التجارب، وذلك في قوله: "وما استخرجناه نحن قايسناه على أقوال هؤلاء القوم"[51]. إذًا فالمعوّل في الاستدلال عنده ما رآه فقط وامتحنه وجرّبه ثم يأتي دور الآثار كشهادة الغير ليتأكد بها إلى ما توصل إليه من خلال مقايسة تجاربه على تجارب الآخرين وأقوالهم. وفي الوقت ذاته، يوصي تلامذته بالتجربة وعدم التعويل على غيرها، كما سبق الإشارة إليه.

وخلاصة القول، إن الدليل النقلي أو شهادة الغير عند ابن حيان هو ألّا تقبل بإطلاق ولا ترفض بإطلاق، وإنما تخضع للتمحيص، وقد استقى جابر هذا المنهج من علماء الحديث، فيما وضعوه من قواعد الجرح والتعديل وعلم طبقات الرواة، فلا غرابة إذن أن جابرًا يوصي تلامذته بقوله: "الجرح لك لازم إن فرطت في طلبه"[52].

يبقى سؤال أخير: هل يمكن الجزم بأنّ جابر بن حيان هو أوّل من أثار مشكلة التعميم في الاستقراء عند علماء الطبيعة، أم أن هذه المشكلة حديثة، فجّرها الفيلسوف هيوم، كما يدّعى فلاسفة علم المناهج المعاصرون؟

ثالثًا: موقف علماء الغرب من مشكلة التعميم في الاستقراء

إن أوّل من أثار مشكلة التعميم في الاستقراء عند علماء الغرب، الفيلسوف ديفيد هيوم، حين شكّك في قطعية النتيجة الاستقرائية، معتبرًا الاستدلال الاستقرائي عادة ذهنية بحتة – كما سيأتي بيانه – وجاء الردّ المعاكس لهيوم عن طريق الفيلسوف جون ستيوارت مِل؛ حيث استمات في الدفاع عن مبدأ الاستقراء كونه يؤدي إلى نتائج يقينية، ثم أعقب الاثنين كارل بوبر (Karl Popper) بإلغائه للاستقراء كلية.

والجزئية الموالية، ستبحث في الاتجاهات الثلاث، لكن قبل ذلك، لا بد من التصدير بمسألة محورية في موضوع البحث في الاتجاه الغربي عامة، وهو إشكالية مصدر المعرفةلأنّ إشكالية الاستقراء منبثقة عنها – وما استتبع ذلك من جدال فلسفي حول مصدرها: هل هو عقلي أم تجريبي؟

طرح فلاسفة مناهج البحث العلمي الغربيون، قضية مصدر المعرفة من خلال تساؤلهم: هل يستطيع الذهن التوصل إلى معلوم جديد من خلال التركيب والتزاوج بين المعلومات وتحويل المجهول بذلك إلى معلوم؟ أو لا يتمكن من ذلك إلا عن طريق التجربة؟[53]

اختلفت وجهات النظر بين التجريبيين والحسيّين من جهة، والعقليين وأهل القياس من جهة أخرى، إذ يرى التجريبيون أن الطريق الصحيح لاكتساب المعلومات الجديدة يكمن في التجربة فحسب. غير أنّ العقليين والقياسيين يدّعون أن التجربة هي إحدى الطرق إلى ذلك، فيمكن الوصول إلى معلومات جديدة بوساطة الربط بين المعلومات السابقة أيضًا وهو ما يعبّر عنه بـ "الحد" و"القياس" أو "البرهان".

1.     ديفيد هيوم

منهج الاستقراء عند هيوم يفيد "أن الظواهر التي لم نختبرها بعد يجب أن تشابه الظواهر التي اختبرناها، وأن مجرى الطبيعة سيستمر كما هو بانتظام"[54]، ومعنى ذلك أن في الطبيعة نظامًا ثابتًا لا يتبدل، وأن المستقبل هو تمامًا ودائمًا كالماضي؛ لأن الأسباب ذاتها تنتج النتائج ذاتها. وهذا الاستدلال اعتبره هيوم فاسدًا، وبرهن على ذلك بإرجاع مشكلة الاستقراء إلى مسألتين أساسيتين[55]:

-      أن أي محاولة للاستدلال على مبدأ الاستقراء تتعرض للدور، كما أن التبرير فيه لا يملك أي تبرير ممكن.

-      أن ما نسعى إليه من استنتاجات استقرائية وقضايا تعميمية، يقوم على فهم خاطئ للسببية.

وميز هيوم بين قضايا الرياضة والمنطق عن قضايا الواقع من حيث معيار الصدق فيهما، فالمعرفة الصحيحة عنده تقوم على نوعين من القضايا[56]:

-      عقلية مجردة: تتصف بالضرورة المطلقة وتقوم على مبدأ عدم التناقض، كما أنها صادقة صدقًا مطلقًا؛ كالقضايا الرياضية... لكنها لا تخبر عن الواقع الخارجي بشيء، أو لا تعطي نتيجة وهي المعروفة بالطريقة الاستنباطية.

-      واقعية: لا تتصف بالضرورة المطلقة، ولا تقوم على مبدأ عدم التناقض، وتتوقف صحتها على التحقق التجريبي، وهي المعروفة بالطريقة الاستقرائية.

وبالرجوع إلى المسألة الأولى (إثبات الدور في الاستقراء)، يرى هيوم أن كل من يحاول البرهنة على صحة الاستدلال الاستقرائي لا بد أن يواجه حلقة فارغة من الدور. وعلى رأيه، فإن أحكامنا السابقة لمجريات الطبيعة هي التي علمتنا صحة الدليل الاستقرائي، فنحن نلاحظ دومًا أن النار محرقة، وأن الشمس تشرق وتغرب كل يوم، وأن الحديد يتمدد بفعل الحرارة...إلخ فجميع هذه الظواهر جعلتنا نعتقد أنه بالإمكان تعميم الحالات الأخرى المشابهة لها عليها؛ لأن مخيلتنا تتأثر بالتصورات الانطباعية التي يفرضها الواقع الموضوعي، بمعنى أن الانطباع الحسّي المتكرر يمكنه أن يؤثر على المخيلة كحالة نفسية تفسرها نظرية تداعي المعاني، أما من الناحية المنطقية فلا تفسير لذلك سوى الارتكاز على قوانين الاحتمال[57].

 من هنا، تساءل هيوم عن المبرر الذي يؤدي إلى الاعتقاد بأن الحاضر والماضي يشبهان المستقبل بالنسبة إلى هذا النوع من القضايا المتعلقة بالواقع. فواقع الأمر أننّا نستدل على الدليل الاستقرائي من خلال استقراء آخر، فنقع في الدور. وهيوم – بهذا المنطق – لا يرى حتى إثبات الاحتمال للنتيجة الاستقرائية كما فعل جابر بن حيان، فمردّ الاحتمال عنده إلى ضربين كما نصّ على ذلك: إن الاحتمال يتأسس على افتراض المشابهة بين تلك الموضوعات التي لنا فيها خبرة، وتلك التي لم نجربها بعد[58]. فهيوم يفرّق بين نوعين من الاحتمال: الاحتمال التخميني الخاص بالمصادفات، والاحتمال المنطقي الخاص بالاطرادات السببية ويتصف هذا الأخير في البداية ينشأ على أساس الأوّل، إلاّ أن كليهما يخضع للانطباعات الحسية التي تفسرها العادة بحسب كثرة الإحساس بوقوع الحوادث المتشابهة[59].

وهكذا فسّر هيوم الاحتمال بردّه إلى الانطباعات الحسية وفرّغه من الطابع المنطقي، وهو أمر غير مسلّم إطلاقًا؛ لأن حتى الواقع المعيش لأبسط الناس يدل على ذلك. وعليه، فإن المحاولة التي أثارها هيوم لحل مشكلة الاستقراء، أدّت إلى الشك في كل شيء، وانتهت بذلك التجريبية التي نادى بها إلى عدم إمكان المعرفة، وإنكار التنبؤ بالمستقبل؛ نتيجة لإقصاء العقل من دوره في القدرة على التعميم.

2.     جون ستيوارت مِل

يعتبر مِل من أبرز العلماء الذين اهتموا بمعالجة الاستقراء وتحليله، جاعلًا منه الأداة الصحيحة والسليمة لكسب المعارف من دون استثناء، فكل العلوم عنده مستمدة من التجربة والاستقراء حتى تلك التي يعتبرها المذهب العقلي أولية كعدم التناقض والعلّيّة ومبادئ الرياضيات، فيقول: "إن أصل كل العلوم، حتى تلك العلوم الاستنباطية أو البرهانية هو الاستقراء"[60]. وهذا الأمر لا يسلّم له لإلغائه مبادئ الاحتمال؛ فإذا كانت جميع المعارف نتائج التجربة والاستقراء، فكيف نبرر الحكم على قضية استقرائية سببية الحرارة لتمدد الحديد؟ مع أنها تخضع للعديد من الاحتمالات الممكنة، وهذه الاحتمالات: إذا كانت مستنتجة بدورها من خلال الاستقراء فسوف نقع في الدور والتسلسل، وإن لم تكن استقرائية، فهي لا تتناسب مع ما ذهب إليه الاتجاه التجريبي عامة ومِل خاصة.

لتجاوز هذا المأزق، اتخذ مِل من الاستقراء أداة للكشف على ما عليه الطبيعة من علاقات، سواء كانت هذه العلاقات خاضعة لمبدأ السببية أم كانت محض صدفة. وهنا يأتي دور التجربة عند مِل للتأكيد على أن علاقات الطبيعة ليست فوضوية ولا عشوائية، بل تسير على نسق منتظم من عدّة اطرادات جزئية تسمى "قوانين الطبيعة"، ويقول مِل: "إذا تأملنا الاطراد في سلوك الطبيعة المفترض في كل تجربة، فمن الملاحظات الأولى التي تكشف نفسها أن الاطراد في هذه الحالة ليس اطرادًا واحدًا وإنما هو في الحقيقة عدّة اطرادات، فالانتظام العام ينتج عنه وجود انتظامات جزئية، وسلوك الطبيعة على العموم ثابت"[61].

وقد توصل مِل إلى هذه الحقيقة من خلال طرق الاستقراء التي ابتكرها، وهي:

·      طريقة الاتفاق: نصّ عليها بقوله: "إذا كان هناك ظرف واحد مشترك اتفقت فيه حالتان أو أكثر للظاهرة قيد البحث، فإن هذا الظرف الوحيد الذي اتفقت فيه الحالات، يعدّ علّة الظاهرة أو سببها"[62]. ثم يمثل لها بقوله: "إذا أصيب شخص ما برصاصة نافذة في قلبه فقُتل على الفور، فإننا نقول: إن الرصاصة التي أصابته هي التي أدت إلى مصرعه"[63]. فظروف الشخص المصاب تتفق مع ظروفه قبل الإصابة إلا ظرف إصابته بالرصاصة، فنخلص إلى أن الرصاصة هي علة القتل، وتعرف هذه الطريقة عند علماء الأصول، بمسلك "الطرد"، ويقصد به: "ما يوجب الحكم لوجود العلة"[64].

وقد وجهت عدة اعتراضات لهذه الطريقة منها:

-      يوجد معلول تؤدي إليه أكثر من علّة واحدة، وهذا ما أشار إليه الغزالي في مثال سكون الصبي عند الارتضاع.

-      تفترض هذه الطريقة وجود ظروف محدّدة يمكن تعيينها، والحال أن هذه المسألة نسبية لصعوبة تحديد جميع الظروف.

-      من المسلّم به أن هذه الطريقة لا تنفع كأداة شاملة للبحث العلمي.

·      طريقة الاختلاف: وهي على عكس طريقة الاتفاق، ونصّها عند مِل: "إذا وجدت الظاهرة في حالة ولم توجد في الأخرى، فإن اشتراك الحالتين في كل الظروف، باستثناء ظرف واحد لا يوجد إلاّ في الثانية وحدها، يعني أن الظرف الوحيد الذي اختلفت فيه الحالتان هو سبب أو علّة ظاهرة أو أنه جزء لا ينفصل عن علّة ظاهرة"[65].

ومثال ذلك: إذا أخذنا زجاجتين متشابهتين، وملأناهما بماء من نفس النوع، ووضعناهما في إناء به ماء يغلي في درجة حرارة فوق المائة لمدة معينة، ثم أحكمنا إغلاق إحداهما وتركنا الأخرى معرضة للهواء – وهذا هو الاختلاف الوحيد بينهما – فسنرى بعد فترة أن الزجاجة المفتوحة هي وحدها التي تفسد بالتخمر. وهذا بالضبط ما استنتجه أبو بكر الرازي في إحدى تجاربه.

وتدخل هذه الطريقة ضمن أنواع "تخريج مناط الحكم" المعروفة عند الأصوليين، واستخراج العلّة بهذه الطريقة استخراج لها عن طريق "العكس": وهو أن ينعدم الحكم عند عدم الوصف، ولا يوجد عند وجوده"[66]. وقد اعتُرض على هذه الطريقة لعدّة أسباب[67]:

-      بسبب تعقد الظواهر الطبيعية، إذ لا يوجد ظرف واحد يؤدي اختفاؤه إلى اختفاء معلول واحد.

-      قد لا يميز الباحث بين الاختلاف العارض والاختلاف الجوهري نتيجة لتسرعه، وهذا قد يوقعه في الخطأ.

·      طريقة الجمع بين الاتفاق والاختلاف: تتحقق هذه الطريقة من خلال إيجاد اختبارات تستند إلى كلّ من قاعدتي الاتفاق والاختلاف، ونصّها عند مِل "حذف غير المتلازمين في الوجود أو في العدم؛ لأن علاقة العلّيّة قوامها التلازم"[68]. وهذه طريقة كثيرًا ما تستعمل في الأبحاث العلمية، لكنها لم تتخلص من جميع المشاكل السابقة على الصعيد الفني.

وتعرف الطريقة عند علماء أصول الفقه، بدوران العلّة مع المعلول وجودًا وعدمًا، فمن أدلّة العلّيّة القوية عندهم هذا الدوران، ومنه يستنبطون أن الوصف الذي يلزم من وجوده وجود الحكم، ومن انعدامه انعدام الحكم هو العلّة في الحكم[69]. لذلك اعتبروا "الدورانات هي عين التجربة"[70].

·      طريقة التغير النسبي: ونصّها "مهما كانت الظاهرة متغيرة بصورة ما، كلّما تغير ظاهرة أخرى، بنفس الصورة التي تغيرت بها الأولى، فهي إما علة أو سبب لهذه الظاهرة أو أنها ترتبط ارتباطًا عليًا"[71].

وتعتبر هذه الطريقة صحيحة – إلى حدّ ما – من الناحية الفنية، لكن من الناحية المنطقية، فإن احتمال حدوث الظاهرة (المد والجزر مثلًا) يكون ناتجًا عن الصدفة مهما كانت ضئيلة؛ لأن المعوّل عليه هو تبرير درجة اليقين بعد عملية الترجيح الاحتمالي[72].

·      طريقة البواقي: ونصها "إذا حذف من الظاهرة ما يعرف بالاستقراءات السابقة أنه معلول بعض المقدمات، فالباقي من الظاهرة هو معلول المقدمات الباقية"[73]. وتعد من أهم الطرق المؤدية إلى الكشف العلمي.

ومن أمثلتها اكتشاف بعض الظواهر الكونية بالاستناد إلى مبدأ الجاذبية الذي تخضع له العلاقات المادية، فقد لوحظ وجود انحراف في مدار كوكب (أورانوس) يحتاج إلى تفسير يشترط فيه ألّا يكون متعارضًا مع مبدأ الجاذبية المسلّم به سلفًا؛ فكان لا بد من تقدير وجود كوكب آخر مجهول هو الذي يسبب انحراف المدار. وبالفعل فقد كُشف عن هذا الكوكب وهو (نبتون). يقابل طريقة البواقي طريقة "السبر والتقسيم" عند الأصوليين وهو: "حصر الأوصاف الموجودة في الأصل، الصالحة للعلّيّة في عدد ثم إبطال بعضها، وهو ما سوى الذي يدعى أنّه العلّة واحدًا كان أو أكثر"[74].

واعترض على هذه الطريقة – رغم كفاءتها – بما يلي[75]:

-      قد يكون التنبؤ من خلالها خاطئًا في حالات معينة؛ بسبب خطأ الفرضية المسلّم بها، أو خطأ يتعلق بنوع التنبؤ ذاته.

-      الطريقة عاجزة كسابقاتها عن تبرير اليقين مهما بلغت درجتها في إمكانية التنبؤ به من ظواهر؛ لوجود احتمال أن تكون هناك علل مختلفة ومجتمعة صدفة، تعمل على توجيه تلك الظواهر، وهو احتمال يتناقص باطراد مع زيادة اكتشاف الظواهر، لكنه لا ينتفي منطقيًّا.

وكما هو واضح، فإن طرق مِل غير قادرة على حلّ مشكلة الاستقراء في تبرير درجة اليقين؛ لأنها لا تفيد يقينًا وإنما رجحان ظنيٌّ فحسب. فالعقل عاجز عن الوصول إلى المبادئ وغيرها إلاّ عن طريق التجريب، فالاستقراء مبدؤه إلى السببية، والسببية توّصلنا إليها عن طريق التجريب، فتجاربنا قد دلّتنا على أن الظواهر ترتبط ببعضها ارتباطًا ضروريًّا، هو بلا شك ارتباط العلّة مع المعلول، وعلى أساس السببية نُقيم الاستقراء.

ونلاحظ أن الدوران المنطقي هنا شديد الوضوح؛ لأننا في الواقع نقيم الاستقراء بمبدأ استقرائي، نبحث له عن أساس فنأتيه بأساس استقرائي، نبحث له عن أساس وهكذا[76].

3.     كارل بوبر

جعل كارل بوبر نقطة الارتكاز في حل أزمة المنهج العلمي هو الفصل بين العلم وبين الاستقراء، وأن تحرير العلم يبدأ من النظر إلى الاستقراء على أنه خرافة. يرى بوبر أن الاستدلال الاستقرائي هو الانتقال من القضايا الجزئية التي تصف نتائج الملاحظات والتجارب التي يقوم بها العلماء إلى قضايا كلية، ويعقب قائلًا: "لكن ذلك أبعد ما يكون عن الوضوح من وجهة نظر منطقية فليس هناك ما يسوّغ استدلال قضايا كلية من قضايا جزئية مهما كان عددها؛ لأن أي نتيجة مستدلة بحسب ذلك المنوال، يمكن أن ينتهي بها الأمر دائما لتكون خاطئة، ومهما كان عدد الحالات التي نلاحظ فيها أوزًا أبيض، فإن ذلك كله لا يسوّغ الاستنتاج بأن الأوز كله أبيض"[77].

وبعد نقده ثم رفضه للاستقراء، وضع بوبر منهجًا بديلًا سمّاه: منهج الفحص الاستدلالي، ومفاده: أن الفروض يمكن فحصها تجريبيًّا فقط، وفقط بعد وضعها[78].

ويشرح بوبر مذهبه الجديد في منطق العلوم بتوسع، ثم يحسم موقفه من المذهب الاستقرائي قائلًا وبصورة قاطعة والآن في نظري لا يوجد شيء اسمه استقراء"[79]. عانيًا – طبعًا – الاستقراء في العلوم الطبيعية. وإذا كان منهج الوضعيين المنطقيين يعرف معنى القضية بإمكانية التحقق من صدقها تجريبيًّا، فإن بوبر يعطي منهجه اسمًا آخر وهو: إمكانية تكذيب القضية أو التحقق من عدم صدقها بالفحص[80].

وهذا يعني – حسب بوبرأن القابلية للتكذيب هي المعيار الذي يحدد مفهوم العلم التجريبي الطبيعي، وليس الإمكانية المنطقية فحسب، أي أن الإمكانية التجريبية القائمة على وقائع الحسّ والتجربة يتوصل من خلالها إلى الخاصية العلمية للقضية، وهي: إمكانية إثبات كذبها "إذ إن المحاكمة العلمية لا تفترض إمكانية الملاحظة فحسب بل وإنجازها أيضًا" وعلى هذا، يمكن تمييز العلم التجريبي بأنه "العبارة العلمية على قدر ما تتحدث عن الواقع فإنها يجب أن تكون قابلة للتكذيب وعلى قدر ما لا يمكن تكذيبها فإنها لا تتحدث عن الواقع"[81].

وكمثال على المعيار الذي وضعه بوبر لمنهجه الجديد العبارة الآتية "غدًا سوف تمطر السماء شمال الوجه البحري" هذه عبارة علمية قائمة على التجربة، لا إمكانية تكذيبها في الغد، فقد تشرق الشمس غدًا شمال الوجه البحري ولا تمطر السماء، فتدلنا الخبرة التجريبية على أن هذه العبارة كاذبة، فقابليتها للتكذيب هو ما يجعلها علمية وليس إمكانية تحققها؛ لأن الخبرة الآتية في الغد قد تدلنا على أن السماء تمطر شمال الوجه البحري وأن العبارة صادقة. غير أن هذا، لا يجعلها علمية أو بمعنى أدق ليس هو المحك الذي نعتمد عليه في اعتبارها علمية – رغم أنه يجعلها صادقةإنما ذلك المحك هو قابلية التكذيب القائمة فيها على أي حال[82].

ومعنى ذلك، أننا نحكم على النظرية – حسب بوبر – بالتكذيب إذا تناقضت التنبؤات المستنبطة منها مع الواقع التجريبي؛ لأنّ تكذيب التنبؤات يكذّب بدوره النظرية، رغم أنها عملية وستزال، لكن علمنا بموطن الكذب، يجعلنا نتلافاه في النظرية الجديدة التي ستحل محلها، والتي ستكون أكثر اقترابًا من الصدق، وأغزر في المحتوى المعرفي، وفي القوة الشارحة؛ لذلك فكل تكذيب هو ظفر علمي جديد، وليس خسارة كما قد يبدو للنظرة السطحية العابرة[83].

باختصار، هذه فلسفة بوبر ومنهجه في دحض الاستقراء واعتباره خرافة سيطرت على عقول العلماء منذ قرون، إلاّ أنّ محاولته قوبلت بكثير من النقد، من أقرانه وممن جاء بعده، ولعلّ أهم ما يمكن تسجيله في هذا الخصوص ما يتعلق بموضوع البحث وهو التعميم في الاستقراء.

إن بوبر أراد تقويض الاستقراء، إلاّ أنّه ارتكز عليه في البدء والمنتهى[84].

ففي البدء، ليس من المنطق العلمي أن يضع الباحث فرضًا ذهنيًا بمعزل كلّي عن الواقع والقرائن المتعلقة به، ويشهد لذلك علماء الطبيعة وواقع الناس. أما في المنتهى، فمن غير المعقول أن يقال: إن التأييد ليس له تأثير على قوة الفرض، فمن منطق الحساب الاحتمالي أن اعتبار القرينة التأييدية لا بد أن تقوّي من قيمة احتمال الفرض، كما ذهب إليه الغزالي وابن حيان وغيرهم من علماء الإسلام والغرب. وبوبر لا ينكر هذا الأمر، لكنّه اعتبر ذلك ليس بقوة ما تفعله القرينة التكذيبية، بل اعتبر أن القرار المؤيد إنما يؤيد النظرية فحسب من الناحية الزمنية؛ "لأنّه من الممكن دائمًا أن نقول: إن النتائج التجريبية لا يوثق بها"[85]، وبالتالي فهي قابلة للتكذيب.

والسؤال المطروح: أليس هذا الحكم حكمًا تعميميًّا لا يجد تبريرًا له من غير ملاحظة ما سبق أن تعرضت له النظريات، فكيف لبوبر – وهو يطوّق مشكلة الاستقراء – أن يستند إلى هذا التعميم القائم بدوره على الاستقراء؟

-      لقد أصرّ معظم العلماء والفلاسفة على اختلافهم على ضرورة الأخذ بالتعميمات العلمية لأهميتها، حتى وإن وجدت بعض الشواهد التي تكذبها أو تتنافى معها[86].

-      أصبح من المعروف لدى العلماء أنّه يمكن للنظرية العلمية أن تبقى موردًا للقبول حتى لو ظهر دليل يكذبها، طالما أن لديها قوة تفسيرية كافية من نواح أخرى؛ بمعنى أن الاستبعاد الذي قال به بوبر ليس عاملًا حاسمًا لإسقاط النظرية كليًا[87].

وتبقى كلمة أخيرة حول فائدة استثارة مثل هذه القضايا في الوقت الراهن، ونحن نرى التقدم العلمي منقطع النظير في الدول التي حمل علماؤها لواء التشكيك في الاستقراء أو حتى تقويضه.

والجواب عن ذلك: أن مثل هذه القضايا تستثير جوانب أخرى من التفكير عند فلاسفة العلم الحديث، وحتى قبل ذلك وبالتحديد عند علماء المسلمين.

فبالنسبة إلى علماء الغرب، فإنّ كانط (Kant) – على سبيل المثال – ومن خلال محاولة هيوم التشكيكية للاستقراء، يدّعي بأنّه استيقظ من سباته العميق بفضل ضربات مطرقة هيوم الساقطة على أساس العلم؛ حيث ادّعى كانط أن مبدأ السببية ليس موجودًا في الواقع الحسّي، وإنما هو في العقل النظري[88]، وبالتالي انتقل كانط من عقيدة الواقعية الحسية – حيث افترض وجود نظام علاقات في الطبيعة – إلى عقيدة جديدة هي عقيدة المثالية المتجاوزة للواقع، وهكذا أصبح أساس العلم عقائديًّا خاضعًا لإرادات الفلاسفة.

والحقيقة أن العقيدة الكانطية – كما يقول كون (Kun) – أخطر بكثير من كونها قرارًا إراديًا لفيلسوف كان متأثرًا بظروف زمانه ومكانه، إنها العقيدة التي جعلت العلم نوعًا من الإنتاج، فالعلم صانع العالَم، لم يعد معرفة الواقع (الأشياء في ذاتها) بل صار معرفة لظواهر الأشياء بعد تنظيمها بمقولات العقل النظري. واستنادًا إلى ذلك نحن لا نعرف العالم كما هو، بل كما نريد[89].

وحتى مذهب العقليين لم يسلم من بعض هذه التداعيات، فمن خلال دراسته للاستقراء والتمسك به، يرى أن الطبيعة تتضمن الروابط الحتمية الخاصة بين ماهيات الأسباب والمسببات، ومهمة الباحث تنحصر في تشخيصها واستخلاص كلياتها، والعمل على تعميمها، لكن نتج عن ذلك ظهور نظريات، مثل: النظرية الجديدة للقيمة البيولوجية التي تزعم أن طبيعة الإنسان محتومة بتركيب وراثي لا فكاك منه، فالشذوذ الجنسي للإنسان مبرر وراثيًّا بطريقة علمية، والفروق بين الأجناس والطبقات هي فروق وراثية أيضًا وغير قابلة للتغيير، وما الفروق في السلطة والطبقة والثروة إلا بسبب فروق في القدرات الوراثية[90]، إلى غير ذلك من النظريات الهدّامة، ومردّ ذلك كما يقول كون: "إن أساس العلم ليس أساسًا ثابتًا، لأن مبدأه الإرادة الإنسانية، وقرار الإرادة الإنسانية قرارات بعدد الفلاسفة، ولما كانت الإرادة والمصلحة متلازمتين؛ إذ الإرادة إرادة لتحقيق مصلحة، إذًا أساس العلم هو المصلحة الإنسانية، أما وقد فقد العلم أساسه الثابت في الطبيعة وصار تابعًا لقرارات الإرادة الإنسانية ومصالحها، فهو صار – مثل كل أيديولوجيًّا تصدر عن الإرادات – نوعًا من الأيديولوجيا"[91].

خاتمة

سعى المقال إلى تسليط الضوء على إشكالية التعميم في الاستقراء الناقص، وتوصل إلى عدد من النتائج التي يمكن تلخيصها في النقاط الآتية:

1-     انتقل الاستقراء من مبحث فلسفي محض إلى مبحث تجريبي علمي مع ظهور الإسلام.

2-     تطور الاستقراء ليأخذ طابع المنهجية العلمية مع تطور الدراسات الأصولية المتعلقة بالقياس ومسالك العلّة.

3-     سبق علماء الأصول والطبيعة المسلمون للفكر الغربي المعاصر في تناول القضايا المنهجية المتعلقة بالاستقراء، ومنها التعميم في الاستقراء الناقص.

4-     أدخل الغزالي تكييفًا جديدًا لمسألة التواتر، بعد أنّ عدّل موقفه من مسألة كمال العدد، واعتبر المتواترات المُحتفّة بالقرائن مقتضية لليقين.

5-     مزج الشاطبي بين الاستقراء والتواتر ليخرج بمصطلح "الاستقراء المعنوي"، وبيّن أن المقصود بأوصاف القطع والعموم والكلية عند الحديث عن نتيجة الاستقراء وتعميماته هي الأوصاف "العادية" التي تقضي العادة بكونها كذلك، وليس من اللازم أن تكون عملية محضة.

6-     أكد جابر بن حيان أن الاستقراء لا يُوصل إلى اليقين، وإنما إلى نتائج احتمالية، وهو ما يتوافق مع آراء بعض فلاسفة العلم المعاصرين.

7-     شكّك ديفيد هيوم في الاستقراء؛ حيث رأى أنه لا يمكن تأكيد أي احتمال لا يعتمد عليه الاستقراء، مما يجعل حساب الاحتمال غير كافٍ في تبرير التعميمات الاستقرائية.

8-     حلل جون ستيوارت مِل الاستقراء ووضع طرقًا لضبطه، باعتباره الوسيلة الوحيدة للوصول إلى المعرفة الحقيقية في نظره.

9-     عدّ بوبر الاستقراء خرافة صدّقها العلماء لقرون، ودعا إلى استبداله بمعيار "القابلية للتكذيب"، مؤكدا أن النظريات العلمية هي فروض قابلة للتكذيب عبر التجربة.

التوصيات

إن ما تناولته هذه المقالة هو جزء بسيط مما يشغل أذهان علماء المناهج، وما زالت إشكالات الاستقراء تحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة. لذلك، أقترح ما يلي:

1-     البحث والتنقيب في كتب الأوائل، سيما كتب أصول الفقه لإثراء المناهج العلمية المتعلقة بعلوم الطبيعة وغيرها والاستفادة منها.

2-     تطبيق الحلول التي قدمها علماء الأصول لمشكلة تعميم الاستقراء في العلوم الشرعية على العلوم الطبيعية، في حال وُجد منهج تجريبي متكامل يحقق الغرض.

3-     إجراء دراسة مقارنة بين علماء الأصول وفلاسفة الغرب حول مسألة "السببية"، واستكشاف كيفية تحويل المسلمين للحوار حول الأسباب والمسببات من بحث كوني إلى بحث إنساني واقعي.

4-     دراسة إشكالية "اللغة" المستعملة في المنهج التجريبي، بوصفها أداة تعمل على تشكيل الحقائق والأفكار، وليست مجرد أدوات وصفية، وذلك عبر مقاربات الأصوليين وفلاسفة الفكر الغربي، مع التركيز على فكرة أن لغة العلم ومصدرها العقل وليس الحواس.


 

المراجع

أولًا: العربية

ابن السبكي، علي بن عبد الكافي. الإبهاج في شرح المنهاج، كتب هوامشه وصححه: جماعة من العلماء. بيروت: دار الكتب العلمية، 1984.

ابن النجار الحنبلي، محمد بن أحمد بن عبد العزيز. شرح الكوكب المنير، تحقيق: محمد الزحيلي ونزيه حماد. الرياض: مكتبة العبيكان، 1993.

ابن حيان، جابر. مختار رسائل جابر بن حيان، نشره بول كرواس. القاهرة: مكتبة الخانجي ومطبعتها،1354هـ.

ابن سينا، أبو علي الحسين بن عبد الله. الإشارات والتنبيهات، شرح نصير الدين الطوسي، تحقيق سليمان دنيا. القاهرة: دار المعارف، 1960م.

ابن فارس، أحمد بن فارس بن زكريا أبو الحسين. معجم مقاييس اللغة. تحقيق عبد السلام محمد هارون. دمشق: دار الفكر، 1979.

ابن منظور، محمد بن مكرم بن علي أبو الفضل جمال الدين. لسان العرب. تحقيق عبد الله علي الكبير، ومحمد حسب الله، وهاشم الشاذلي. القاهرة: طبعة دار المعارف، [د.ت].

أبو الوليد الباجي، سليمان بن خلف. الحدود في الأصول، تحقيق نزيه حماد نقادي. الرياض: مكتبة العبيكان،1993.

أرسطو، منطق أرسطو. تحقيق عبد الرحمن بدوي. بيروت: دار القلم، الكويت: وكالة المطبوعات، 1980.

الإسنوي، عبد الرحيم بن الحسن. نهاية السول شرح منهاج الوصول في علم الأصول. مصر: مطبعة محمد علي صبيح، [د.ت].

الإيجي، عضد الدين عبد الرحمن. شرح العضد لمختصر المنتهى الأصولي لابن الحاجب. مصر: نشر مكتبة الكليات الأزهرية،1973.

الباجوري، إبراهيم بن محمد. حاشية الباجوري على السلم المرونق في علم المنطق، قرأه وحرره محمد روتان. سوريا: دار السلام للطباعة والنشر، 2019.

بوبر، كارل. منطق الكشف العلمي، ترجمة ماهر عبد القادر. بيروت: دار النهضة العربية، 1986.

التهانوي، علي بن محمد. كشاف اصطلاحات الفنون، تحقيق علي دحروج. لبنان: مكتبة لبنان ناشرون،1996.

جحيم، نعمان. طرق الكشف عن مقاصد الشريعة. الأردن: دار النفائس،2001.

الجندي، عبد الحليم. القرآن والمنهج العلمي المعاصر. مصر: دار المعارف، 1984.

ديوي، جون. المنطق: نظرية البحث، ترجمة وتصدير وتعليق زكي نجيب محمود. مصر: المركز القومي للترجمة، 2011.

روز، ستيفن وآخرون، علم الأحياء والأيديولوجيا والطبيعة البشرية. سلسلة عالم المعرفة، ع148، ترجمة مصطفى إبراهيم فهمي، الكويت: المجلس الوطني الثقافة والفنون والآداب، 1990.

الزركشي، بدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله. البحر المحيط في أصول الفقه، تحرير: عبد الستار أبو غدة. الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 1992.

زين، إبراهيم محمد. "الاستقراء عند الشاطبي ومنهج النظر في مدوناتنا الأصولية". إسلامية المعرفة، سنة 8، ع30 (2002)، ص27-59.

الشاطبي، إبراهيم بن موسى الغرناطي. الموافقات، تعليق عبد الله دراز. بيروت: دار المعرفة، د.أ، [د.ت].

الشافعي، محمد بن إدريس. الرسالة، تحقيق أحمد شاكر. مصر: مطبعة البابي الحلبي، 1938.

علوان، فهمي محمد. القيم الضرورية ومقاصد التشريع الإسلامي. مصر: الهيئة العامة للكتاب، 1985.

الغزالي، أبو حامد محمد. المستصفى من علم الأصول. بيروت: دار الفكر، [د.ط.ت].

–––. معيار العلم في المنطق، شرحه أحمد شمس الدين. بيروت: دار الكتب العلمية، 1990.

الفارابي، أبو نصر محمد بن محمد. المنطق عند الفارابي، تحقيق وتقديم: رفيق العجم. بيروت: دار المشرق،1987.

الفيروز آبادي، محمد يعقوب. القاموس المحيط، تحقيق محمد نعيم العرقسوسي. بيروت: مؤسسة الرسالة، ط2، 1407ه/1987م.

قاسم، محمود. المنطق الحديث ومناهج البحث. مصر: مكتبة الأنجلو المصرية، ط2، 1953.

القرافي، شهاب الدين أحمد نفائس. الأصول في شرح المحصول، دراسة وتحقيق وتعليق عادل عبد الموجود وعلي معوض. مكة المكرمة: مكتبة نزار مصطفى الماز، 1995.

القضاة، شرف. المنهاج الحديث في علوم الحديث. عمّان: الأكاديميون للنشر والتوزيع، 2004.

كون، توماس س. بنية الثورات العلمية، ترجمة حيدر حاج إسماعيل. بيروت: المنظمة العربية للترجمة،2007.

محمد، جلال موسى. منهج البحث العلمي عند العرب في مجال العلوم الطبيعية والكونية. بيروت: دار الكتاب اللبناني، 1982.

محمد، علي عبد المعطي، ونقادي، السيد. المنطق وفلسفة العلم. الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، 1988.

محمد، يحيى. "فضيحة الفلسفة كما أثارها ديفيد هيوم"، فلسفة العلم والفهم. تاريخ الزيارة: 03/02/2023، https://www.philosophyofsci.com/index.php?id=83

–––. "نظرية كارل بوبر والقضايا العلميةفلسفة العلم والفهم. تاريخ الزيارة: 24/02/2023. https://www.philosophyofsci.com/index.php?id=84

المطري، مرتضى. المنطق. بيروت: دار الولاء للطباعة والنشر والتوزيع،2011.

الميداني، عبد الرحمن حبنكة. ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة. دمشق: دار القلم، ط4، 1993.

نقادي، السيد. الضرورة والاحتمال. بيروت: دار التنوير، 1983.

ثانيًا: الأجنبية                                                                                                                                                                                          References:

Abū al-Walīd al-Bājī, Sulaymān ibn Khalaf. Al-ḥudūd fī Al-uṣūl. (in Arabic) taḥqīq Nazīh Ḥammād Naqqādī.Riyadh: Maktabat al-ʻUbaykān, 1993.

Al-Bājūrī, Ibrāhīm ibn Muḥammad. Ḥāshiyat al-Bājūrī ʻalá al-silm almrwnq fī ʻilm al-manṭiq, (in Arabic), qaraʼahu wa-ḥarrarahu Muḥammad rwtān. Sūriyā: Dār al-Salām lil-Ṭibāʻah wa-al-Nashr, 2019.

Al-Fārābī, Abū Naṣr Muḥammad ibn Muḥammad. al-manṭiq ʻinda al-Fārābī. (in Arabic) taḥqīq wa-taqdīm: Rafīq al-ʻAjam. Bayrūt: Dār al-Mashriq, 1987.

Al-Fayrūz Ābādī, Muḥammad Yaʻqūb. Al-Qāmūs al-muḥīṭ. (in Arabic) taḥqīq Muḥammad Naʻīm alʻrqswsy. Beirut: Muʼassasat al-Risālah, 2nd ed, 1407h/1987.

Al-Ghazālī, Abū Ḥāmid Muḥammad. Al-Mustaṣfá min ʻilm al-uṣūl, (in Arabic), Beirut: Dār al-Fikr, [n.d].

–––. Miʻyār al-ʻIlm fī al-manṭiq, (in Arabic), sharaḥahu Aḥmad Shams al-Dīn. Beirut: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 1990.

Al-Ījī, ʻAḍud al-Dīn ʻAbd al-Raḥmān. Sharḥ alʻḍd li-Mukhtaṣar al-Muntahá al-uṣūlī li-Ibn al-Ḥājib, (in Arabic), Egypt: Nashr Maktabat al-Kullīyāt al-Azharīyah, 1973.

Al-Isnawī, ʻAbd al-Raḥīm ibn Al-Ḥasan. Nihāyat al-sūl sharḥ Minhāj al-wuṣūl fī ʻilm al-uṣūl, (in Arabic), Egypt: Maṭbaʻat Muḥammad ʻAlī Ṣubayḥ, [n.d].

Al-Jundī, ʻAbd al-Ḥalīm. Al-Qurʼān wa-al-manhaj al-ʻIlmī al-muʻāṣir. (in Arabic), Egypt: Dār al-Maʻārif, 1984.

Al-Maydānī, ʻAbd al-Raḥmān Ḥabannakah. Ḍawābiṭ al-Maʻrifah wa-uṣūl al-istidlāl wa-al-munāẓarah. (in Arabic) Damascus: Dār al-Qalam, 4th ed, 1993.

Al-Muṭahharī, Murtaḍá. Al-manṭiq. (in Arabic), Beirut: Dār al-Walāʼ lil-Ṭibāʻah wa-al-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 2011.

Al-Qarāfī, Shihāb al-Dīn Aḥmad Nafāʼis. Al-uṣūl fī sharḥ al-Maḥṣūl, (in Arabic) dirāsah wa-taḥqīq wa-taʻlīq ʻĀdil ʻAbd al-Mawjūd wa-ʻAlī Muʻawwaḍ, B1. Meccaal-Mukarramah: Maktabat Nizār Muṣṭafá almāz, 1995.

Al-Quḍāh, Sharaf. Al-Minhāj al-ḥadīth fī ʻulūm al-ḥadīth. (in Arabic), Amman: al-Akādīmīyūn lil-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 2004.

Al-Shāfiʻī, Muḥammad ibn Idrīs. Al-Risālah, (in Arabic), taḥqīq wa-sharḥ Aḥmad Shākir. Egypt: Maṭbaʻat al-Bābī al-Ḥalabī, 1938.

Al-Shāṭibī, Ibrāhīm ibn Mūsá al-Gharnāṭī. Al-Muwāfaqāt, (in Arabic), taʻlīq: ʻAbd Allāh Darāz, Beirut: Dār al-Maʻrifah, [n.d].

Al-Tahānawī, ʻAlī ibn Muḥammad. Kashshāf iṣṭilāḥāt al-Funūn, (inArabic), taḥqīq ʻAlī Daḥrūj, Lebanon: Maktabat Lubnān Nāshirūn, 1996.

ʻAlwān, Fahmī Muḥammad. Al-Qayyim al-ḍarūrīyah wa-maqāṣid al-tashrīʻ al-Islāmī. (in Arabic), Egypt: al-Hayʼah al-ʻĀmmah lil-Kitāb, 1985.

Al-Zarkashī, Badr al-Dīn Muḥammad ibn Bahādur ibn ʻAbd Allāh. al-Baḥr al-muḥīṭ fī uṣūl al-fiqh, (in Arabic), taḥrīr: ʻAbd al-Sattār Abū Ghuddah, Kuwait: Wizārat al-Awqāf wa-al-Shuʼūn al-Islāmīyah, 1992.

Arisṭū, Manṭiq Arisṭū. (in Arabic), taḥqīq ʻAbd al-Raḥmān Badawī, Beirut: Dār al-Qalam, Kuwait: Wakālat al-Maṭbūʻāt, 1980.

Bwbr, Kārl. Manṭiq al-kashf al-ʻIlmī, (in Arabic) tarjamat: Māhir ʻAbd al-Qādir. Beirut: Dār al-Nahḍah al-ʻArabīyah, 1986.

Dīwī, Jūn. Al-manṭiq: Naẓarīyat al-Baḥth. (in Arabic), tarjamat wa-taṣdīr wa-taʻlīq Zakī Najīb Maḥmūd. Egypt: al-Markaz al-Qawmī lil-Tarjamah, 2011.

Ibn al-Najjār al-Ḥanbalī, Muḥammad ibn Aḥmad ibn ʻAbd al-ʻAzīz. Sharḥ al-Kawkab al-munīr, (in Arabic), taḥqīq: Muḥammad al-Zuḥaylī wa-Nazīh Ḥammād, Riyadh: Maktabat al-ʻUbaykān, 1993.

Ibn al-Subkī, ʻAlī ibn ʻAbd al-Kāfī. Al-Ibhāj fī sharḥ al-Minhāj, (in Arabic) kataba hawāmishahu wa-ṣaḥḥaḥah: Jamāʻat min al-ʻulamāʼ, b3. Beirut: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 1984.

Ibn Fāris, Aḥmad ibn Fāris ibn Zakarīyā Abū al-Ḥusayn, Muʻjam Maqāyīs al-lughah. (in Arabic) taḥqīq wa-ḍabaṭa: ʻAbd al-Salām Muḥammad Hārūn, Damascus: Dār al-Fikr, 1979.

Ibn Ḥayyān, Jābir. Mukhtār Rasāʼil Jābir ibn Ḥayyān, (in Arabic), nasharahu Būl krwās. Cairo: Maktabat al-Khānjī wa-Maṭbaʻatuhā, 1354h.

Ibn manẓūr, Muḥammad ibn Mukarram ibn ʻAlī Abū al-Faḍl Jamāl al-Dīn. Lisān al-ʻArab. (in Arabic) taḥqīq ʻAbd al-kabīr, Muḥammad Ḥasab Allāh, Hāshim al-Shādhilī, Cairo: Ṭabʻah Dār al-Maʻārif, [n.d].

Ibn Sīnā, Abū ʻAlī al-Ḥusayn ibn ʻAbd Allāh. Al-Ishārāt wa-al-tanbīhāt, (in Arabic), sharḥ Naṣīr al-Dīn al-Ṭūsī, taḥqīq: Sulaymān Dunyā, Cairo: Dār al-Maʻārif, 1960.

Jughaym, Nuʻmān. Ṭuruq al-kashf ʻan Maqāṣid al-sharīʻah. (in Arabic), Jordan: Dār al-Nafāʼis, 2001.

Muḥammad, ʻAlī ʻAbd al-Muʻṭī., Naqqādī, al-Sayyid. Al-manṭiq wa-falsafat al-ʻIlm. (in Arabic), Alexandria: Dār al-Maʻrifah al-Jāmiʻīyah, 1988.

Muḥammad, Jalāl Mūsá. Manhaj al-Baḥth al-ʻIlmī ʻinda al-ʻArab fī majāl al-ʻUlūm al-ṭabīʻīyah wa-al-kawnīyah. (in Arabic) Beirut: Dār al-Kitāb al-Lubnānī, 1982.

Muḥammad, Yaḥyā. "Faḍīḥat al-Falsafa kamā Athārahā Dāyfīd Hīyūm." Falsafat al-ʻIlm wa-al-Fahm. Accessed: 03/02/2023. https://www.philosophyofsci.com/index.php?id=83

–––. "Naẓariyyat Kārl Būbār wa-al-Qaḍāyā al-ʻIlmiyya." Falsafat al-ʻIlm wa-al-Fahm. Accessed: 24/02/2023. https://www.philosophyofsci.com/index.php?id=84

Naqqādī, Al-Sayyid. Al-ḍarūrah wālāḥtmāl. (in Arabic) Beirut: Dār al-Tanwīr, 1983.

Rūz, Stephen wa-ākharūn, ʻilm al-aḥyāʼ wa-al-īdiyūlūjiyā wa-al-ṭabīʻah al-basharīyah, (in Arabic), Silsilat ʻĀlam al-Maʻrifah, no 148, tarjamat: Muṣṭafá Ibrāhīm Fahmī. Kuwait: al-Majlis al-Waṭanī al-Thaqāfah wa-al-Funūn wa-al-Ādāb, 1990.

Tūmās S. kūn, Binyat Al-Thawrāt Al-ʻIlmīyah, (in Arabic), tarjamat: Ḥaydar Ḥājj Ismāʻīl. Beirut: al-Munaẓẓamah al-ʻArabīyah lil-Tarjamah, 2007.

Zayn, Ibrāhīm Muḥammad. "al-istiqrāʼ ʻinda al-Shāṭibī wa-manhaj al-naẓar fī mdwnātnā al-uṣūlīyah”, (in Arabic), Islāmīyah al-Maʻrifah, Vol. 8, No. 30, (2002), pp. 27-59.

 



* قُدم في: مؤتمر مركز ابن خلدون السنوي للتجسير (30 سبتمبر-1 أكتوبر 2023).

* Submitted for: The Annual Conference of Ibn Khaldon Center on Interdisciplinary Research (September 30th-October 1st, 2023).

1 محمد يعقوب الفيروز آبادي، القاموس المحيط، تحقيق محمد نعيم العرقسوسي (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط2، 1407ه/1987م)، ص1707.

2 أحمد بن فارس بن زكريا أبو الحسين، معجم مقاييس اللغة، تحقيق وضبط: عبد السلام محمد هارون (دمشق: دار الفكر، 1979)، ج5، ص78.

3 محمد بن مكرم بن علي أبو الفضل جمال الدين ابن منظور، لسان العرب، تحقيق عبد الله علي الكبير، ومحمد حسب الله، وهاشم الشاذلي (القاهرة: طبعة دار المعارف، د.ت)، ج1، ص128.

4 إسماعيل فرحات، ومحمد قرقد،"منهج الاستقراء عند أرسطو"، مجلة البحوث الأكاديمية، ع15 (2020)، ص424.

[5] أبو حامد محمد الغزالي، المستصفى من علم الأصول (بيروت: دار الفكر، [د.ط.ت])، ج1، ص51، و ذكره بدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي، البحر المحيط في أصول الفقه، تحرير عبد الستار أبو غدة (الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية،1992)، ج6، ص10؛ موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة، روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق محمد مرابي(دمشق، مؤسسة الرسالة ناشرون، 2009)، ص188؛ إبراهيم بن محمد الباجوري، حاشية الباجوري على السلم المرونق في علم المنطق، قرأه وحرره محمد روتان (سوريا: دار السلام للطباعة والنشر، 2019)، ص74.

[6] علي عبد المعطي محمد، السيد نقادي، المنطق وفلسفة العلم (الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، 1988)، ص308، نقلًا عن: جون ستيوارت مِل، نظام المنطق (A System of Logic).

[7] جون ديوي، المنطق: نظرية البحث، ترجمة وتصدير وتعليق: زكي نجيب محمود (مصر: المركز القومي للترجمة، 2011)، ص672.

[8] نفسه.

[9] أرسطو، منطق أرسطو، تحقيق: عبد الرحمن بدوي (بيروت: دار القلم، الكويت: وكالة المطبوعات، 1980)، ج1، ص307.

[10] أبو نصر محمد بن محمد الفارابي، المنطق عند الفارابي، تحقيق وتقديم رفيق العجم (بيروت: دار المشرق،1987)، ص91.

[11] أبو حامد محمدالغزالي، معيار العلم في المنطق، شرحه أحمد شمس الدين (بيروت: دار الكتب العلمية، 1990)، ص51-52، ووافقه من الأصوليين: علي بن عبد الكافي ابن السبكي، الإبهاج في شرح المنهاج، كتب هوامشه وصححه: جماعة من العلماء (بيروت: دار الكتب العلمية، 1984)، ج3، ص173؛ الزركشي: البحر المحيط، ج6، ص10؛ كمال الدين محمد السيواسي ابن الهمام، التحرير في أصول الفقه: الجامع بين اصطلاحي الحنفية والشافعية، تحقيق: محمد عبد العزيز عبد الخالق (بيروت: دار الكتب العلمية، 2005)، ج1، ص65.

[12] الغزالي، معيار العلم في المنطق، ص51-52.

[13] أرسطو، ج1، ص307.

[14]الزركشي: البحر المحيط، ج6، ص10.

[15] عبد الوهاب السبكي، جمع الجوامع في أصول الفقه، علق عليه ووضع حواشيه عبد المنعم إبراهيم (بيروت: دار الكتب العلمية، [د.ت])، ج2، ص535؛ الزركشي، ج4، ص321؛ محمد بن أحمد بن عبد العزيز النجار الحنبلي، شرح الكوكب المنير، تحقيق محمد الزحيلي ونزيه حماد (الرياض: مكتبة العبيكان، 1993)، ج4، ص419.

[16] عبد الرحمن حبنكة الميداني، ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة (دمشق: دار القلم، ط4، 1993)، ص195.

[17] ابن النجار الحنبلي، ج4، ص418؛ ابن السبكي، جمع الجوامع، ج2، ص534-535؛ الغزالي، معيار العلم، ص148.

[18] علي بن محمد التهانوي، كشاف اصطلاحات الفنون، تحقيق علي دحروج (لبنان: مكتبة لبنان ناشرون،1996)، ج1، ص172.

[19] عبد الله بن عمر البيضاوي، منهاج الوصول إلى علم الأصول، تحقيق شعبان محمد إسماعيل (بيروت: دار بن حزم،2008)، ص180؛ الغزالي، معيار العلم، ص151؛ الزركشي، ج4، ص321.

[20] البيضاوي، منهاج الوصول إلى علم الأصول، ج3، ص180.

[21] الغزالي، المستصفى، ج1، ص49.

[22] نفسه.

[23] نفسه.

[24] نفسه، ج1، ص134.

[25] نفسه.

[26] نفسه.

[27] الغزالي، المستصفى، ج1، ص134

[28] نفسه.

[29] نفسه، ج1، ص296.

[30] فهمي محمد علوان، القيم الضرورية ومقاصد التشريع الإسلامي (مصر: الهيئة العامة للكتاب،1985)، ص63-64.

[31] نعمان جغيم، طرق الكشف عن مقاصد الشريعة (الأردن: دار النفائس،2001)، ص269-270.

[32] إبراهيم بن موسى الغرناطي الشاطبي، الموافقات، تعليق: عبد الله دراز (بيروت: دار المعرفة، د.ت)، ج1، ص36.

[33] علوان، ص64.

[34] بركات محمد مراد، "جابر بن حيان: رائد منهج البحث العلمي"، مجلة المسلم المعاصر، 2/12/1987، تاريخ الزيارة 17/01/2023، https://almuslimalmuaser.org

[35] نفسه.

[36] الجرح هو الطعن في عدالة الراوي أو ضبطه والتعديل: هو توثيق الراوي، أي الحكم عليه بأنّه عدل ضابط. انظر: شرف القضاة، المنهاج الحديث في علوم الحديث (عمّان: الأكاديميون للنشر والتوزيع،2004)، ص51.

[37] علوان، ص84.

[38] عبد الحليم الجندي، القرآن والمنهج العلمي المعاصر (مصر: دار المعارف،1984)، ص63-64.

[39] مراد، "جابر بن حيان: رائد منهج البحث العلمي".

[40] جابر بن حيان، مختار رسائل جابر بن حيان، نشره بول كرواس (القاهرة: مكتبة الخانجي ومطبعتها،1354ه)، ص415.

[41] ابن حيان، ص415.

[42] التهانوي، ج2، ص147(بتصرف).

[43] نفسه.

[44] محمد علي الجندي، "مشكلة الاستقراء والعلّية بين المسلمين والغربيين: دراسة مقارنة"، مجلة المسلم المعاصر، 30/7/1990، تاريخ الزيارة: 17/01/2023، https://almuslimalmuaser.org

[45] محمد بن إدريس الشافعي، الرسالة، تحقيق أحمد شاكر (مصر: مطبعة البابي الحلبي، 1938)، ص336.

[46] ابن حيان، ص417.

[47] نفسه، ص422.

[48] موسى محمد، ص134.

[49] الجزء الخاص بدلالة الآثار قد يكون مفقودًا لانخرام المخطوط في آخره كما صّرح بذلك ناشره بول كراوس. ينظر: مختار رسائل جابر بن حيان، ص134.

[50] محمود قاسم، المنطق الحديث ومناهج البحث (مصر: مكتبة الأنجلو المصرية، ط2، 1953)، ص122.

[51] ابن حيان، ص232.

[52] ابن حيان، ص334.

[53] مرتضى المطهري، المنطق (بيروت: دار الولاء للطباعة والنشر والتوزيع،2011)، ص104.

[54] توماس س. كون: بنية الثورات العلمية، ترجمة: حيدر حاج إسماعيل (بيروت: المنظمة العربية للترجمة،2007)، ص11.

[55] يحيى محمد، "فضيحة الفلسفة كما أثارها ديفيد هيوم"، فلسفة العلم والفهم، تاريخ الزيارة: 03/02/2023، https://www.philosophyofsci.com/index.php?id=83

[56] نفسه.

[57] محمد، "فضيحة الفلسفة ".

[58] نفسه.

[59] نفسه.

[60] السيد نقادي: الضرورة والاحتمال (بيروت: دار التنوير،1983)، ص75.

[61] نفسه، ص215.

[62] السيد نقادي: الضرورة والاحتمال (بيروت: دار التنوير،1983)،، ص212.

[63] الميداني، ص220

[64] سليمان بن خلف أبو الوليد الباجي، الحدود في الأصول، تحقيق نزيه حماد نقادي (الرياض: مكتبة العبيكان،1993)، ص74.

[65] الميداني، ص222.

[66] عبد الرحيم بن الحسن الإسنوي، نهاية السول شرح منهاج الوصول في علم الأصول (مصر: مطبعة محمد علي صبيح، د.ت)، ج3، ص68.

[67] الميداني، ص223.

[68] نفسه، ص225.

[69] الميداني، ص225.

[70] شهاب الدين أحمد القرافي، نفائس الأصول في شرح المحصول، دراسة وتحقيق وتعليق عادل عبد الموجود وعلي معوض (مكة المكرمة: مكتبة نزار مصطفى الماز، 1995)، ج1، ص113.

[71] ماهر عبد القادر، الاستقراء العلمي (مصر: دار المعرفة الجامعية، د.ت)، ص161.

[72] نفسه.

[73] نفسه.

[74] عضد الدين عبد الرحمن الإيجي: شرح العضد لمختصر المنتهى الأصولي لابن الحاجب (مصر: نشر مكتبة الكليات الأزهرية،1973)، ج2، ص236.

[75] الميداني، ص225-226.

[76] محمد، "ستيوارت مِل والنزعة اللانقدية".

[77] كون، ص15.

[78] كون، ص16.

[79] نفسه.

[80] نفسه.

[81] نفسه.

[82] يمنى ظريف الخولي، فلسفة كارل بوبر: منهج العلم منطق العلم (المملكة المتحدة: مؤسسة هنداوي، 2017) تاريخ الزيارة: 12/02/2023. https://www.hindawi.org/books

[83] نفسه.

[84] يحيى محمد، "نظرية كارل بوبر والقضايا العلميةفلسفة العلم والفهم، تاريخ الزيارة: 24/02/2023 https://www.philosophyofsci.com/index.php?id=84

[85] كارل بوبر، منطق الكشف العلمي، ترجمة ماهر عبد القادر (بيروت: دار النهضة العربية، 1986)، ص66.

[86] محمد،" نظرية كارل بوبر والقضايا العلمية".

[87] نفسه.

[88] كون، ص12.

[89] نفسه.

[90] ستيفن روز وآخرون، علم الأحياء والأيديولوجيا والطبيعة البشرية، سلسلة عالم المعرفة، ع148، ترجمة مصطفى إبراهيم فهمي (الكويت: المجلس الوطني الثقافة والفنون والآداب،1990)، ص7-8.

[91] كون، ص18.