تاريخ الاستلام: 29 مارس 2023 | تاريخ التحكيم: 15 يونيو 2023 | تاريخ القبول: 25 سبتمبر 2023

مقالة بحثية

البلاغة والعلوم الطبيعيَّة: مقاربة تطبيقيَّة في النَّص القرآني - التَّشبيه نموذجًا*

سعد محمد يوسف

أستاذ البلاغة والنقد الأدبي المساعد، كلية الآداب، جامعة الوادي الجديد–مصر

saadyousef@art.nvu.edu.eg

ملخص

تتعلَّقُ الإشكالية التي تطرحها هذه الورقة بالوقوف على دور البلاغة في تقديم ظواهر العلوم الطبيعية في النَّص القرآني، وهي إشكاليةٌ تثير طائفة من الأسئلة تحيل على علاقة البلاغة بالعلوم الطبيعية، أهمها: هل علاقة البلاغة بالعلوم الطبيعية علاقة إحاليَّة، أم إنَّها علاقة استدلاليَّة برهانيَّة؟ وهل يمكن إعادةُ إنتاج تفسير بعض آيات القرآن الكريم في ضوء المعارف الطبيعية التي تُحيل عليها البلاغة القرآنية؟ وكيف حافظت البلاغة القرآنيَّة على السَّيرورة التأويليَّة للآيات التي تضمَّنتْ بعضَ الظواهر الطبيعية؟ وكيف جمعت البلاغة القرآنيَّة في تقديمها للظواهر الطبيعية بين البُعدَيْن: التأثيري، والمعرفي؟ وهل تُمثِّلُ المعرفة العلميَّة في البيان القرآني دليلًا على امتداد سياقه الإعجازي؟ وهل تختلف المعرفة التي تقدمها البلاغة القرآنية عن المعرفة التي تقدمها العلوم الطبيعية عن نفس الشَّيء؟ هذا، وقد اتبع البحث المنهج الوصفي التَّحليلي في دراسته لعلاقة البلاغة بالعلوم الطبيعيَّة؛ بغيةَ تحقيق مجموعة من الأهداف، أهمها: بيان الدَّور الذي تضطلع به البلاغة في تقديم الظَّواهر الطبيعيَّة في النَّص القرآني، ومن ثَم الوقوف على الطاقات المعرفيَّة الهائلة للبلاغة القرآنية، وبيان الفرق بين المعرفة التي تحيل عليها البلاغة القرآنية عن الظواهر الطبيعية، والمعرفة التي تقدمها العلوم الطبيعية عن نفس الظواهر، وكذلك بيان الدور الذي أسهمتْ به البلاغة العرفانيَّة في المحافظة على السيرورة التأويليَّة للنَّص القرآني، ومن ثَم إعادة إنتاج تفسير بعض الآيات القرآنية في ضوء ما تحيل عليه البلاغة القرآنية من علوم ومعارف.

الكلمات المفتاحية: البلاغة القرآنيَّة، العلوم الطبيعيَّة، التَّشبيه، التَّأويل

للاقتباس: يوسف، سعد محمد. "البلاغة والعلوم الطبيعيَّة (مقاربة تطبيقيَّة في النَّص القرآني - التَّشبيه نموذجًا)"، مجلة تجسير لدراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية البينية، المجلد السادس، العدد 2 (2024): 11-32. https://doi.org/10.29117/tis.2024.0182

© 2024، يوسف، الجهة المرخص لها: مجلة تجسير، دار نشر جامعة قطر. نُشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأي وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0

 


 

Received: 29 March 2023 Peer-reviewed: 15 June 2023 Accepted: 25 September 2023

Research Article

Rhetoric and Natural Sciences: An Applied Approach in the Qur’anic Texts - Simile as a Case Study*

Saad Mohammed Yousef

Associate Professor of Rhetoric and Literary Criticism, Faculty of Arts, New Valley University–Egypt

saadyousef@art.nvu.edu.eg

Abstract

This paper examines the role of rhetoric in presenting natural phenomena within the Qur'anic text. It investigates whether the relationship between rhetoric and natural sciences is referential or inferential and whether certain Qur'anic verses can be reinterpreted in light of the natural knowledge that Qur'anic rhetoric alludes to. The study explores how Qur'anic rhetoric preserves the interpretive process of verses containing natural phenomena and integrates both the influential and cognitive dimensions in its presentation. Additionally, it questions whether the scientific knowledge embedded in the Qur'anic discourse signifies an extension of its miraculous context and if the knowledge provided by Qur'anic rhetoric differs from that offered by natural sciences concerning the same phenomena. Using a descriptive-analytical approach, the research aims to clarify rhetoric's role in presenting natural phenomena, highlight the vast cognitive potential of Qur'anic rhetoric, and differentiate between the knowledge provided by rhetoric and that offered by natural sciences. It also assesses the contribution of rhetorical knowledge to maintaining the interpretive process of the Qur'anic text and reinterpreting certain verses in light of the sciences and knowledge referenced by Qur'anic rhetoric.

Keywords: Qur'anic Rhetoric; Natural sciences; Analogy; Interpretation

Cite this article as: Yousef, S. M. A. "Rhetoric and Natural Sciences (An Applied Approach in the Qur’anic Text - Simile as An Example)," Tajseer Journal for Interdisciplinary Studies in Humanities and Social Science, Vol. 6, Issue 2 (2024): pp. 11-32. https://doi.org/10.29117/tis.2024.0182

© 2024, Yousef, licensee, Tajseer & QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0


 

مقدمة

ركزتْ كثير من الدِّراسات والمناقشات العلميَّة في الغرب – في الآونة الأخيرة – على وظيفة البلاغة في تقديم العلوم، فجاوز بها توماس هوبز (Thomas Hobbes)، وجون لوك (John Lock) الوظيفةَ الإمتاعيَّة التَّأثيريَّة إلى الوظيفة العرفانيَّة؛ بدليل تلك الاستعارات التي تكثر في تاريخ وفلسفة العلوم، ومن ثَم ظهر مصطلح البلاغة العلميَّة (Scientific Rhetoric)، بوصفه مصطلحًا بينيًّا يصل العلم بالبلاغة. وليس هدف هذه الدِّراسة بيان كيفيَّة توظيف البلاغة في مجال العلوم الطبيعيَّة (Natural Sciences)، وإنَّما هدفها بيان الدَّور الذي تضطلع به البلاغة في تقديم وتعليل بعض ظواهر العلوم الطبيعيَّة في النَّص القرآني.

ومن ثَم فإنَّ الإشكالية التي تطرحها هذه الورقة تتعلَّق بالوقوف على دور البلاغة في تقديم بعض ظواهر العلوم الطبيعيَّة في النَّص القرآني، وهي إشكاليةٌ تثير طائفة من الأسئلة تحيل على علاقة البلاغة بالعلوم الطبيعيَّة، نذكر منها ما يأتي:

       1.       هل علاقة البلاغة بالعلوم الطبيعيَّة علاقة إحاليَّة أم أنَّها علاقة استدلاليَّة برهانيَّة؟

       2.       لماذا عمَدَ الباحث إلى اختيار "التَّشبيه" ليعبِّرَ عن علاقة البلاغة بالظَّواهر الطبيعيَّة في النَّص القرآني؟

       3.       كيف جمعت البلاغة القرآنيَّة في تقديمها للظَّواهر الطبيعيَّة بين البُعدَيْن التَّأثيري والعرفاني؟

       4.       هل تُمثِّلُ المعرفة العلميَّة في البيان القرآني دليلًا على امتداد سياقه الإعجازي؟

       5.       هل تختلف المعرفة التي تقدمها البلاغة القرآنية عن المعرفة التي تقدمها العلوم الطبيعية عن الشَّيء نفسه؟

       6.       هل يمكن إعادةُ إنتاج تفسير بعض آيات القرآن الكريم في ضوء المعارف الطبيعيَّة التي تُحيل عليها البلاغة القرآنيَّة؟

       7.       كيف حافظت البلاغة القرآنيَّة على السَّيرورة التَّأويليَّة للآيات التي تضمَّنتْ بعضَ الظواهر الطبيعيَّة؟

هذا، ويهدف البحث إلى بيان الدَّور الذي تضطلع به البلاغة القرآنية في الإحالة على بعض الظَّواهر والعلوم الطبيعيَّة، ويسعى وفقًا لهذا إلى تحقيق مجموعة أخرى من الأهداف، أهمها:

الوقوف على الطَّاقات العرفانيَّة الهائلة للبلاغة القرآنيَّة، وبيان مسؤولية متلقي النَّص القرآني في المحافظة على توسعاته المعرفيَّة الثرية. وكذلك بيان الفرق بين المعرفة التي تقدمها البلاغة القرآنية والمعرفة التي تقدمها العلوم الطبيعية عن الشَّيء نفسه، بالإضافة إلى بيان الدَّور الذي أسهمتْ به البلاغة العرفانيَّة في المحافظة على السَّيرورة التَّأويليَّة للنَّص القرآني، ومن ثَم إعادة إنتاج تفسير بعض آياته في ضوء ما تُحيل عليه البلاغة القرآنيَّة من ظواهر طبيعية.

وقد اعتمد البحث المنهج الوصفي التَّحليلي؛ حيث قام بوصف بعض ظواهر العلوم الطبيعيَّة التي عرض لها البيان القرآني، ثم قام بتحليل دور التَّشبيه في تقديم هذه الظَّواهر، تحليلًا يُجلِّي علاقة البلاغة بالعلوم الطبيعيَّة، وقد اختارت الدِّراسة التَّشبيه بوصفه أكثر الأساليب البلاغيَّة التي عرضتْ لكثير من الظَّواهر الطبيعيَّة في النَّص القرآني.

ولم يقف الباحث – فيما طالع من دراسات – على دراسة أُفردتْ لبيان دور البلاغة القرآنيَّة في الإحالة على الظواهر، والعلوم الطبيعيَّة، فكلُّ ما هنالك بعض الومضات المتفرقة في بعض التَّفاسير، وبعض المؤلفات ذات الصِّلة، أمثال:

1.     الطَّاهر بن عاشور، التَّحرير والتَّنوير، تونس، الدَّار التونسية للنشر، 1984م؛حيث ضمَّنَ الطَّاهر بن عاشور تفسيرَه بعض النكات البلاغيَّة الدالة على أثر البيان القرآني في التدليل على الإعجاز العلمي.

2.     موريس بوكاي، التوراة والإنجيل والقرآن والعلم، ترجمة: الشيخ حسن خالد، بيروت، المكتب الإسلامي، ط3، 1411هـ/1990م. عرضَ موريس بوكاي (Maurice Bucaille) في إشارات مقتضبة طرفًا من مظاهر الإعجاز العلمي في خلق السَّموات والأرض، وخلق الشَّمس، والقمر، والنُّجوم، إلَّا أنَّه لم يعتنِ بإلقاء الضوء على أثر البلاغة القرآنيَّة في التَّدليل على مظاهر هذا الإعجاز العلمي في الظَّواهر الطبيعيَّة.

أولًا: أثر البلاغة القرآنيَّة في تأمُّل العالم

تأثرت البلاغة على مدى تاريخها الطَّويل بسيادة المناهج الفكريَّة والجماليَّة أو تراجعها؛ فتارةً تأخذ مكانتها الرَّفيعةَ مع ازدهار الخطابة بوصفها دراسة لكيفيَّة الإقناع[1]، وتزدهر مع ازدهار فن الشعر بوصفها فن الإمتاع، وتارةً ينحسر دورُها ويتراجع لدى أنصار الفن للفن وأنصار اليقين العقلي والعلمي بعد ديكارت (R. Descartes)، فتغدو من وجهة نظرهم مجرد زينة لفظيَّة إلَّا أنَّها عادتْ لتتبوأ مكانتها عاليةً في النصف الثَّاني من القرن العشرين[2]. وهذا أمرٌ طبيعيٌ مع كلِّ هذا الزَّخم العلمي والمعرفي الهادر الذي ركزتْ فيه كثيرٌ من المذاهب الفلسفيَّة في تناولها للبلاغة على المسائل المعرفيَّة وأساليب التَّفكير بشكلٍ رئيس، على نحو ما فعل هانز بلومينبيرج (Hans Blumenberg) الذي وجَّه جلَّ اهتمامه إلى المفاهيم المجازيَّة في تاريخ الفكر الأوروبي[3]. كما شهدت الآونة الأخيرة تطورًا كبيرًا لبلاغة العلم (Rhetoric of science) بما يجعلها أكثر بروزًا مِمَّا كانتْ عليه في الفترات السَّابقة[4].

1.     أثرُ البلاغة في إثارة الفكر

إنَّ المنجزات المعرفيَّة التي يمكن أن تقدمها المقاربات البلاغيَّة كثيرة جدًّا، فالصور البيانيَّة على سبيل المثال، تُعدُّ إحدى الوسائل المعرفيَّة الأكثر قدرة على تصوير موضوعها بطريقة تتسع للتَّأويل عن طريق ابتكاراتها الدلالية وتوسيعها للمعنى، الأمر الذي دَفَعَ فرانسيس بيكون (Francis Bacon) إلى وصف "البلاغة بأنَّها خادم مطيع للمعرفة"[5]، لا سيَّما بعد أن شهدت السَّنوات الأخيرة محاولات عديدة لجمع الشمل بين ممارسة البلاغة والمعرفة العامَّة (Public knowledge)؛ فقد حاولتْ كثير من الدِّراسات التي أُجريتْ في مجالات عديدة، مثل علم الإثنوغرافيا (Ethnography)، وعلم الأنثروبولوجي (Anthropology)...، تحقيقَ هذا الهدف[6]، الأمر الذي دفع كثيرًا من الغربيين إلى النظر إلى البلاغة بوصفها فرعًا من المعرفة الإنسانيَّة يجسِّدُ التَّرابط بين الفكر والكلام[7] إلى الحدِّ الذي قال معه ريتشاردز (I. A. Richards): "إنَّ الاستعارة هي المبدأ الحاضر أبدًا في اللُّغة، وهو ما يمكن البرهنة عليه بالملاحظة المجرَّدة، فنحن لا نستطيع صوغ ثلاث جملٍ في أي حديث عادي سلس دون اللُّجوء إلى الاستعارة [...] وحتَّى في اللُّغة الجافة للعلوم الرَّاسخة لا يمكننا أن نستغني عنها دون أن نعاني من بعض المصاعب"[8].

ويردُّ ريتشاردز بذلك على الفلاسفة الذين يعدُّون الصور البلاغيَّة مضرةً بلغة العلم، ومن ثَم راحَ يبذل جهودًا، وآخرون معه، أمثال: ماكس بلاك (Max Black)، وبول ريكو (Paul Ricoeur) من أجل تحرير المجاز – وبخاصَّة الاستعارة – من أَسْرِ مخيمات الزَّخرفة والتَّحسين الخَطَابي، لتنطلق إلى آفاق أرحب في الاستعمال اللُّغوي غير المحدود بفنٍ أو علمٍ بعينه. ولعلَّ من آثار ذلك ما رأيناه من إسهاماتها في دراسات الخطاب الجاد (Serious discourse)؛ بل – في لغة الحياة اليوميَّة – على نحو ما فعل جـورج لاكوف (George Lakoff)، ومارك جونسون (Mark Johnsen) حينما ألقيا الضوء على الدَّور المعرفي للمجاز بصفة عامَّة والاستعارة (Metaphor) بصفة خاصَّة في كتابهما: "الاستعارات التي نحيا بها" (Metaphor we Live By)[9]؛ حيث أظهرا أنَّ الاستعارة ليستْ مجرد حلية بلاغيَّة أو أداة جماليَّة، بل هي أساسٌ من أسس تشكيل إدراكنا للواقع، فضلًا عن كونها تقدِّم لنا تصوُّرًا عن المفاهيم المجردة، مثل الحُجَّة والبرهان العقلي، والمشاعر، مثل الحب أو الغضب إلخ، على أساسٍ من خبراتنا الحسيَّة اليوميَّة، ومن ثَم فهي أكثر تَداولًا في حياتنا مِمَّا نتصور؛ لأنَّها تمثلُ الحاجات الفرديَّة، والاجتماعيَّة، والعلميَّة، والثَّقافيَّة العميقة[10]. وهو ما يعني أنَّ الصور البلاغيَّة تقوم بدورٍ اتصالي في حياتنا لا غنى عنه، فنحن نعتمد عليها في نقل كثير من مشاعرنا، وخبراتنا، وتجاربنا، كما تؤكده صحَّةُ المقاربة التي تُعنَى بتسليط الضوء على الأبعاد المعرفيَّة للصور البلاغيَّة، والانتقال من هيمنة الوظيفة الجماليَّة إلى فضاء الوظائف الأدائيَّة على النحو الذي يوضحه الشكل الآتي:

الشكل (1): أبرز وظائف الصور البلاغيَّة في النَّص القرآني (من إعداد الباحث)

إنَّ التَّعامل مع البلاغة بوصفها مثيرةً للفكر والمعرفة يدعونا إلى الاهتمام بما تقدمه لنا من تراكيب إنشائيَّة ومجازيَّة، وهو ما يعني أنَّ نظرتنا للتشبيه، والاستعارة، والكناية، والمجاز، يجب أن تنعتقَ من أَسْرِ أَوْ حَديَّة التَّقييم الجمالي! فالقيمةُ الجماليَّة لسيتْ هدفها النَّهائي والأوحد، لأنَّها تنطلق من خلالها باتجاه وظائف أدائيَّة أخرى فوق لغويَّة لا ينفك الخطاب يطلبها، أمثال الوظيفة الحِجَاجِيَّة، والوظيفة العرفانيَّة، والوظيفة الإنجازيَّة، والوظيفة الاستشرافية، وغيرها من الوظائف التي يستدعيها الخطاب والسِّياق.

2.     دور البلاغة القرآنيَّة في تأمُّل العالم

جذبت البلاغة القرآنيَّة، بوصفها أحد وجوه الإعجاز القرآني الدَّالة على فصاحة ألفاظه، ومتانة نَظْمِه، وانتظام دلالته، واستيفائه للمعاني، وحسن بيانه، ودقة تعبيره[11]، جذبت القلوب والعقول منذ أن طرقَ مسامع القوم يومئذٍ، فأذعنَوا له – وهم الغاية في البلاغة – لما سَمِعُوه حتَّى تخاذلتْ طبائعُ الكِبْرِ منهم، وتَطامَنتْ سجايا اللَّدد بهم، فقهرَ منهم القُوى والقُدَر، وقيَّدَ الخواطر والفِكَر، وما كان لينال منهم كلَّ هذا المنال بغير بلاغته المعجِزة التي توافرَ المسلمون على دراستها جيلًا بعد جيل، وها نحن أولاء نعرض – هاهنا – لدورها في الإحالة على بعض الظَّواهر الطبيعيَّة التي تأخذ بأيدينا إلى تأمُّل هذا العالَم الذي نعيش فيه؛ قال الله تعالى: ﴿سَنُرِيهِمۡ ءَايَٰتِنَا فِي ٱلۡأٓفَاقِ وَفِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّۗ أَوَ لَمۡ يَكۡفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ [فصلت: 53]، تمثل الآية المباركة دليلًا على سيرورة الإعجاز القرآني في عالمي النَّفس والطَّبيعة (الكون المنظور)، فهو إعجازٌ منسربٌ في الزَّمان والمكان جميعًا، يُدْرِكُ كلُّ قوم طرفًا منه على قدر تهيؤ عقولهم وإدراكاتهم، مادام لكلِّ عقلٍ حظه من الإدراك، ولكلِّ بصرٍ حظه من الالتفات[12].

والجدير بالذكر – في هذا السِّياق – أنَّ البيان القرآني أبدى عدم المبالاة تجاه الزمانيَّة والمكانيَّة؛ بحيث يمكن القول بهيمنته على الاتساع الزَّماني، وحدثان المعرفة بوصفه صادرًا عن نصٍ يُحاجِجُ لموضوعه، فيُعنَى بمخاطبة العقل البشري، كما يُعنى بمخاطبة الحسِّ والشعور، نصٍّ يقيم دليلًا على إعجازه وإِحكامه، ويُضيئ حُجَجَه بشكلٍ أكثر عمقًا ووضوحًا، فلا يتوقف تأثيره المستقبلي، بل يبتكر المستقبل ويؤكِّد وجودَه فيه! فانفتاحُ بلاغته بحمولاتها الدلاليَّة ومنجزاتها المعرفيَّة تعني قابليته للتفسير في ضوء معارف ومنجزات العلم على امتداد العصور، بوصفها مَعْنِيةًفي بعض وظائفها – بمَهمة تأمُّل العالم، وتقديم الحُجَج على قدرة الله المطلقة، فضلًا عن التَّعبير عمَّا لا يمكن التَّعبير عنه بشكلٍ تامٍ من طريق آخر! وهو ما يعكس مظهرًا من مظاهر الانغمار المطلق للنَّص القرآني في السِّياقَيْن البشري والكوني، الأمر الذي يجعله يبدو معاصرًا بشكلٍ ملحوظٍ؛ حيث تنسكبُ الفكرة فيه بطريقة معجِزة، فتنفسح أمامها مجالات التَّأويل؛ ومن ثَم لا تَستنزفُ ذاتَها في فكرة أو زمن أو مكان واحد! ولا تسعى لضمِّ أشياء خارج قدرتها، لكونها مطلقة القدرة! تُدخِلُ كلَّ ما تريد في حوزتها، ومن ثَم فلا عجب أن نراها تُعنَى بالتَّعبير عن الظَّواهر الطبيعيَّة والعلوم التَّجريبيَّة إلى الدرجة التي تجعلنا ننظر إليها بوصفها إحدى سُبُل تلقي المعرفة في الخطاب القرآني، الذي لم يجعل البلاغة حكرًا على الإحساس والشعور على نحو ما كان سائدًا في الشعر الجاهلي، وإنَّما خرج بها إلى آفاق أرحب؛ هي آفاق الفكر ببراهينه العقليَّة، وحُجَجه المنطقيَّة، واستدلالاته الاستنباطيَّة، واستكشافاته العلميَّة، واستشرافاته المستقبليَّة، ولم لا وأسلوبه ‌مباين لسائر كلامهم بما يتضمنه من تجاوز الحد الذى يقدر عليه البشر في البلاغة[13].

لقد تجاوز القرآن الكريم الفصلَ بين الشَّكل والمضمون حينما برهَنَ على وحدتهما (الشَّكل والمضمون)، وأَعْلَى من شأن المضمون الذي يحملُه شكلٌ (نَظْمٌ) مُعجِزٌ، ولذلك تراه يُلحُّ على الحقيقة كما يُلحُّ على الجميل، لأنَّه ذو مسؤولية أخلاقيَّة وعَقَديَّة، وهو يلفتنا – في الوقت نفسه – إلى إعجاز الشَّكل الحامل لهذا المضمون، قال تعالى: ﴿الٓرۚ كِتَٰبٌ أُحۡكِمَتۡ ءَايَٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتۡ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ خَبِيرٍ١﴾ [هود: 1].

وإذا كان من صفات المعجِزة أن تكون في مستوى إدراك الخَلْق لتكون سببًا في إيمانهم، فقد جعل القرآن الكريم مضمونه في مستوى إدراك المخاطَبين جميعًا، ليتمكن العربي من فهمه ويتمكن غير العربي من فهم معانيه عندما تُتَرجم إلى لغته، وهو ما يعني أنَّ مضمونه يمثل مظهرًا من مظاهر إعجازه المخترق لحدود الزَّمان والمكان، وهو ما أشار إليه الطَّاهر بن عاشور في حديثه عن وجوه إعجاز القرآن الكريم، بقوله: "ومِلَاكُ وجوه الإعجاز يرجع إلى ثلاث جهات ‌‌[...] الجهة الثَّالثة: ما أُودِعَ فيه من المعاني الحِكميَّة، والإشارات إلى الحقائق العقليَّة، والعلميَّة مِمَّا لم تَبلغْ إليه عقول البشر في عصر نزول القرآن، وفي عصورٍ بعده متفاوتة، وهذه الجهة أغفلها المتكلمون في إعجاز القرآن من علمائنا، أمثال: أبي بكر الباقلاني، والقاضي عياض [...] فالقرآنُ مُعجِزٌ من هذه الجهة للبشر قاطبة إعجازًا مستمرًا على مرِّ العصور، وهذا من جملة ما شمله قولُ أئمة الدِّين: إنَّ القرآن هو المعجزة المستمرة على تعاقب السِّنين؛ لأنَّه قد يُدْرِكُ إعجازَه العقلاءُ من غير الأمة العربيَّة بواسطة ترجمة معانيه التَّشريعيَّة، والحكميَّة، والعلميَّة، والأخلاقيَّة، وهو دليلٌ تفصيلي لأهل تلك المعاني، وإجماليٌ لمَن تبلغه شهادتهم بذلك"[14]. ولذلك كان الهدف الأسمى للقرآن – بوصفه مَعنيًّا بإحياء الإيمان في النفوس – هو تقديمُ الحُجَج والبراهين العقليَّة والعلميَّة على وحدانيَّة الله تعالى، وليس السَّعي وراء الجماليَّة[15]، ومن ثَم تراه يراعي في خطابه التَّوازن بين البُعدَيْن المعرفي والشُّعوري، فهو يصل عن طريق العقل من خلال بُعده المعرفي ويُعتنَق عن طريق القلب من خلال بُعده الشُّعوري التَّأثيري[16].

ويُحيل الحديث عن دور البلاغة القرآنيَّة في تأمُّل العالم على علاقة البلاغة بالعلوم الطبيعيَّة: هل هي علاقة إحاليَّة أم علاقة استدلاليَّة برهانيَّة؟ وهذا ما يُجيب عنه المبحث الآتي، بوصفه معنيًّا بإبراز أثر البلاغة في تقديم العلوم الطبيعيَّة في النَّظم القرآني.

ثانيًا: أثرُ التَّشبيه القرآني في الإحالة على العلوم الطبيعيَّة

تأتي خصوصية البلاغة القرآنيَّة، في التَّعبير عن بعض الظَّواهر الطبيعيَّة، من جهة كونها تكفل للنَّص القرآني أن يظل مفهومًا لدى الأولين، وفق معارفهم البسيطة وحسهم البياني المرهف، كما تكفل له أن يبقى دليلًا لدى المتأخرين على عظمة ووحدانية الله الخالق، بما تؤكِّده حقائق العلم المثبتة لديهم، لتبقى الشُّجنةُ والنَّسبُ بين الفهمَيْن (فهم الأوائل، وفهم المتأخرين) ماثلةً في بلاغة النَّظْم المُعجِز الذي لا يتضاد فيه الفهمان، تلك البلاغة المجاوزة للتَّموقع، والتَّحقيب الزَّماني، والمواضعة الجزئيَّة المؤقتة، المتجاوبة بشكلٍ مُعجِز ومطلق مع ثقافات الإنسان ومعارفه على اختلاف بيئاته الحضارية والثقافية.

1.     التَّشبيه وواقع البيئة العربيَّة في عصر التَّنزيل

تُمثِّل الصور البلاغيَّة مظهرًا من مظاهر إعجاز النَّص القرآني على مستوى المضمون والشَّكل معًا، فقد أعطتْ كلَّ شيءٍ في وقتٍ واحدٍ بوجودها في نصٍّ ذي معماريَّة استثنائيَّة، مثَّلتْ ظَهِيرًا قويًّا لإعجازه إلى الحدِّ الذي بُهِتَ معه كبارُ الشعراء وأحبِطوا تمامًا حتَّى ترك بعضهم قول الشعر دُبرَ أُذنِهِ، على نحو ما فعل لَبيد بن ربيعة العامري (ت:41هـ) الذي ترك قول الشعر جملةً، وهو مِن شعراء المعلقات[17]، فلم يقل في الإسلام إلَّا بيتًا واحدًا، هو: مَا ‌عَاتَبَ ‌الْمَرْءَ ‌الْكَرِيمَ ‌كَنَفْسِهِ وَالْمَرْءُ يُصْلِحُهُ الْجَلِيسُ الصَّالِحُ[18].

ويجب أن نلفتَ في هذا المقام – قبل أن نعرض لدور البلاغة القرآنيَّة في تقديم العلوم الطبيعيَّة – إلى أنَّ علاقة النَّص القرآني بالعلوم الطبيعيَّة هي علاقة حِجَاجيَّة دَعَويَّة في المقام الأول، مبنية على مخاطبة العقل والمحاجَجة لوحدانيَّة الله تعالى بوصفها دليلًا ماديًّا على قدرته المطلقة سبحانه، ولذلك نجد توافقًا شديدًا بين الحقائق الكونيَّة التي خلقها الله وتلك التي وردتْ في البيان القرآني، وهذا أمرٌ بدهي مادام المُخبِر عنها هو خالقها[19]. فالله تعالى أمرنا في مواضع كثيرة من كتابه الكريم بالتَّدُّبر، والتَّفكُّر، والنَّظر في أنفسنا، وفي الكون، للاستدلال على وحدانيته واستحقاقه وحده العبادة دون سواه، قال تعالى: ﴿قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ بَدَأَ ٱلۡخَلۡقَۚ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِئُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأٓخِرَةَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ [العنكبوت: 20]، وقال تعالى: ﴿وَفِي ٱلۡأَرۡضِ ءَايَٰتٞ لِّلۡمُوقِنِينَ٢٠ وَفِيٓ أَنفُسِكُمۡۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ٢١ [الذاريات: 20–21]. ومن اللافت أنَّ الإخبار عن هذه الآيات الكونيَّة جاء مجمَلًا في أغلبه، ليظل مفهومًا لجميع المخاطَبين على اختلاف مستوياتهم العقليَّة وإدراكاتهم العلميَّة، وليُترَك الوقوف على تفاصيله ودلائله للناس جيلًا بعد جيل، بما وضعه الله في أيديهم من أدوات العلم التَّجريبي[20].

ولعلَّ سائلًا يسأل: لماذا اختار الباحث (التَّشبيه) دون غيره من الصور البيانيَّة ليعبِّر عن الدَّور الذي تضطلع به البلاغة القرآنيَّة في تقديم بعض الظَّواهر الطبيعيَّة؟ فنقول: إنَّ الإجابة على هذا السُّؤال تقتضي ربطَ التَّشبيه بواقع البيئة العربيَّة في عصر التَّنزيل، ذلك الواقع الذي مَثَّلَ سياقًا ثقافيًّا وبلاغيًّا لتنزُّل النَّص القرآني. فهو واقعٌ تميزَ بإعلاء قيمة المكان، على نحو ما تعكسه المقدمات الطَّلليَّة للقصيدة العربيَّة القديمة، التي مَثَّلَ الوصفُ فيها سائدًا أسلوبيًّا في بنائها الفني، متجاوزًا وصفَ الدِّيار ووصف الرِّحلة إلى باقي الثِّيمات الأخرى في القصيدة، معتمدًا على (التَّشبيه) بشكلٍ لافتٍ في مقاربة واقع البيئة العربيَّة مقاربة فنيَّة؛ لما يتميز به التَّشبيه من وضوحٍ وشفافيَّة، يُعزِّزُهما اعتماده – في الغالب – على كثير من أدوات المقاربة النَّحويَّة، أمثال: الكاف، وكأنَّ، ومِثلَ ...إلخ[21]، الأمر الذي جعل منه انعكاسًا لواقع البيئة العربيَّة آنذاك.

ولا عجب أن تُراعي البلاغة القرآنيَّة خصوصية هذا السِّياق، فيحتل التَّشبيه فيها حضورًا بارزًا بين باقي أساليبها البيانيَّة الأخرى، حضورًا يقارب في كثير من مواضعه بعض الظَّواهر البيئيَّة مقاربةً لا تخرج عن مستوى الإدراك البشري على امتداد سياقاته المكانيَّة والزمانيَّة، فلا يعزبُ معها شيءٌ عن فهم الأوائل في حدود معارفهم البسيطة ولا عن فهم المتأخرين مع تقدم معارفهم وعلومهم، وهو ما سوف نلاحظه في عناصر البحث الآتية.

2.     أثرُ التَّشبيه في وصف بعض المعارف الجيولوجيَّة (البحر اللُّجي، والجبال أوتادًا - نموذجًا)

هل يمكن أن تسهم الأساليب البلاغيَّة في الإحالة على بعض العلوم الطبيعيَّة التي أثبتَ العلم التجريبي الحديث تحققها بالأدلة القطعيَّة؛ بحيث يمكن القول إنها تحوَّلتْ من مجرد دوال طبيعيَّة إلى دوال علميَّة لها قوانينها المثبتة علميًّا؟

جاء الإخبار عن كثير من العلوم الطبيعيَّة في القرآن الكريم من خلال (التَّشبيه) الذي يُنزِّلُ المعقول منزلةَ المحسوس، لتكون المعرفة به أكمل وأوضح؛ "فأُنْس النفوس موقوفٌ على أن تُخرجها من خفيٍّ إلى جليٍّ، وتأتيها بصريح بعد مكنىٍّ، وأن تردَّها في الشَّيء تُعلِّمها إيَّاه إلى شيءٍ آخر هي بشأنه أعلم، وثقتُها به في المعرفة أحكم؛ ‌نحو ‌أن ‌تنقلها ‌عن ‌العقل ‌إلى ‌الإحساس، وعمَّا يُعلَم بالفِكر إلى ما يُعلم بالاضطرار والطَّبع؛ لأنَّ العلم المستفاد من طرق الحواسِّ أو المركوز فيها من جهة الطبع وعلى حدِّ الضرورة، يَفضلُ المستفاد من جهة النَّظر والفِكر في القوة والاستحكام، وبلوغ الثقة فيه غاية التَّمام، كما قالوا: ليس الخَبرُ كالمعاينة، ولا الظنُّ كاليقين؛ فلهذا يحصل بهذا العِلم هذا الأُنْسُ من جهة الاستحكام، والقوة ..."[22]؛ فانتقالُ الشَّيءِ عن مجرد الوصف والخبر إلى الرُّؤية والعيان يُمكِّنُ له في النفس باستحضار صورته، ولذلك نجد القرآن الكريم كثيرًا ما يشبِّه بـالظُّلمات، وبالنُّور، وبالنبات، وبالرِّياح، وبالسَّراب ...إلخ، ومن هذا السَّبيل قوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَعۡمَٰلُهُمۡ كَسَرَابِۢ بِقِيعَةٖ يَحۡسَبُهُ ٱلظَّمۡ‍َٔانُ مَآءً حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَهُۥ لَمۡ يَجِدۡهُ شَيۡ‍ٔٗا وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُۥ فَوَفَّىٰهُ حِسَابَهُۥۗ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ٣٩ أَوۡ كَظُلُمَٰتٖ فِي بَحۡرٖ لُّجِّيّٖ يَغۡشَىٰهُ مَوۡجٞ مِّن فَوۡقِهِۦ مَوۡجٞ مِّن فَوۡقِهِۦ سَحَابٞۚ ظُلُمَٰتُۢ بَعۡضُهَا فَوۡقَ بَعۡضٍ إِذَآ أَخۡرَجَ يَدَهُۥ لَمۡ يَكَدۡ يَرَىٰهَاۗ وَمَن لَّمۡ يَجۡعَلِ ٱللَّهُ لَهُۥ نُورٗا فَمَا لَهُۥ مِن نُّورٍ٤٠ [النور: 39-40]، يقول الإمام الزَّمخشري (ت: 538ه) في تفسير الآية المباركة: "شبَّه أعمالَهم في ظُلمتها وسوادها؛ لكونها باطلةً، وفي خلوها عن نور الحقِّ بظُلماتٍ متراكمةٍ من لُجِ البحر والأمواج والسَّحاب"[23]. ولا يخفى أنَّ غرض التَّشبيه في الآية المباركة المبالغة في إظهار خسران الكافرين وبطلان أعمالهم، وهذا بُعدٌ تأثيري وإقناعي للتَّشبيه القرآني. أمَّا بُعده العِرفاني، فيتمثل في تفسير الظُّلمة (المشبَّه به) في الآية المباركة التي ذكر المفسرون فيها وجوهًا كثيرة، أهمها – في هذا السِّياق – قول الحسن: إنَّ الله تعالى ذكر ثلاثة أنواع من الظُّلمة؛ ظلمة البحر، وظلمة الأمواج، وظلمة السَّحاب، وكذا الكافر له ظلمات ثلاثة: ظُلمة الاعتقاد، وظُلمة القول، وظُلمة العمل[24].

أمَّا علماء الجيولوجيا فقرَّروا، استنادًا إلى صور الأقمار الصناعيَّة الدقيقة، أنَّ (الظُّلُمَات) في قوله تعالى: ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ (سورة النور:40) هي البحر اللُّجي؛ أي: قيعان البحار العميقة التي تغشاها ظُلمةٌ شديدةٌ؛ نتيجة الموج الدَّاخلي الهائل الذي هو أطول وأعرض من الموج السَّطحي[25]. ولا يمكنُ لمن يجهل هذه المعرفة الجيولوجيَّة الدَّقيقة أن يقف على هذه الدلالات العلميَّة لهذه الظَّاهرة الطبيعيَّة التي يقدمها (التَّشبيه) في الآية المباركة، وإنَّما سيحملها على معنى آخر يتوافق مع ما حصَّله من معارف في هذا الباب؛ لأنَّ معرفة ما إذا كان (وجه الشَّبه) حقيقيًّا تتطلب معرفةً بالحقيقة ذاتها، فمَن يعرف الحقيقة يعرف دائمًا كيف يكتشف أوجه الشبه على أكمل وجه[26]؛ ولذلك وجدنا الفرَّاء (ت: 207ه) يفسر (الظُّلمَات) في الآية السَّابقة بأنَّها مَثَلٌ لقلبِ الكافر الذي لا يَعقلُ ولا يُبصر[27]. وهو تفسيرٌ يتوافق مع معارف عصره، وبيئته؛ اعتمدَ فيه على حسِّه البياني، وسياق الآية الكريمة. فلمَّا تطاولَ الزَّمانُ، وتطورت العلوم، صارت المعرفة التي يقدمها هذا (التَّشبيه/ كَظُلُمَاتٍ) معرفةً علميَّةً متحققةً بواسطة الآلات، والتَّقنيات العلميَّة المتطورة لدى علماء الجيولوجيا؛ ففي الآية إشارةٌ علميةٌ واضحةٌ إلى تراكب الأمواج، فضلًا عن الإشارة إلى الظُّلمَات المتكاثفة في أعماق البحار، وهاتان العبارتان تستلزمان معرفة علميَّة دقيقة بالظَّواهر الطبيعيَّة الخاصَّة بقاع البحار، وهي معرفةٌ لم تُتَحْ للبشرية إلَّا بعد معرفة جغرافيَّة المحيطات (Ocean geography) ودراسة البصريات الطبيعيَّة. وقد عززت الإشارة إلى ظاهرة تكاثف وتراكب الظُّلمَات في الآية المباركة بذكر "ظُلمَاتٍ" بصيغة الجمع، فهي ليستْ ظُلمة واحدة، بل ظُلمات كثيفة ناتجة عن امتصاص أطياف الضوء واحدًا تلو الآخر[28].

وغنيٌّ عن البيان أن نقول: إنَّ العصر الأول كان يجهل تراكب الأمواج، وظاهرة امتصاص الضوء، واختفائه على عمق معين في الماء. فليس لنا أن ننسب هذا التَّشبيه إلى عبقريةٍ صنعتها الصحراء أو إلى ذاتٍ إنسانيَّةٍ صاغتها بيئةٌ قاريَّة[29]، وإنَّما ننسبه إلى البيان الرَّباني المعجِز الذي يتمتع بسيرورة تأويليَّة تستشرف المستقبل؛ حيث لا يتعارض فيها تفسير الأوائل مع التَّفسيرات العلميَّة اليقينيَّة المتأخرة. بدليل ربط مقاتل بن سليمان (ت: 150ه) بين شدة الظُّلمات وشدة عمق البحر، بقوله: ﴿أَوۡ كَظُلُمَٰتٖ فِي بَحۡرٖ لُّجِّيّٖ؛ أي: في بحرٍ عميقٍ، فكلما زاد عمق البحر زادت شدة ظلمته! ويعني بالظُّلمات: ظُلمة الموج، وظُلمة اللَّيل، وظُلمة البحر والسَّحاب[30].

ومن التَّشبيهات التي تُحيل على بعض الحقائق الجيولوجيَّة كذلك قوله تعالى: ﴿أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ مِهَٰدٗا٦ وَٱلۡجِبَالَ أَوۡتَادٗا٧﴾ [النبأ: 6، 7]. شبَّه الله تعالى الجبال بـــالأوتاد التي تثبت للخيمة على سبيل التَّشبيه البليغ، ليدل على كيفية تثبيت الأرض. فهو يصف الأرض بأنها ﴿‌مِهَادًا﴾، أي: ممدودة ومهيأة للعيش، بينما يصف الجبال بأنها ﴿أَوْتَادًا﴾ تعمل على تثبيت الأرض والحفاظ على توازنها في الكون، كما يتضح من قوله تعالى: ﴿وَجَعَلۡنَا فِي ٱلۡأَرۡضِ رَوَٰسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمۡ [الأنبياء: ‌31]، أي: مخافةَ أن تميلَ أو تضطرب بهم، وكذلك وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ [الرعد: 3].

ونبدأ – هنا – بأقدم أقوال المفسرين في الآية المباركة لنستبين مدى اتساق فهمهم مع ما توصَّلَ إليه علماء الجيولوجيا في العصر الحديث من حقائق علميَّة مثبتة عن طبيعة تكوين الجبال، وأهميتها بالنسبة لكوكب الأرض. يقول مقاتل بن سليمان في تفسير هذه الآية: "ذكرَ صُنعَه؛ ليعتبروا ...، فعظَّمَ الرَّبُّ نفسَه، تبارك وتعالى، فقال: ﴿أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ مِهَٰدٗا٦يعنى فراشًا وبساطًا، و﴿وَٱلۡجِبَالَ أَوۡتَادٗا٧على الأرض؛ لئلا تزول بأهلها"[31]. ولم يخرج جمهرة المفسرين قديمًا أو حديثًا عن هذا المعنى[32]. وقد أكد علماء الجيولوجيا المحدثون هذا الفهم؛ حيث أثبتوا أنَّ "جذور الطَّبقات الجبليَّة تصل إلى 200 كيلو مترًا، وأنَّها الأُسس القوية التي تقوم عليها الجبال، بوصفها أوتادًا مدفونة في الأرض؛ ودليل ذلك أنَّ سلسلة جبال إيفرست – أعلى جبال الأرض – يبلغ ارتفاعها حوالي 8.8 كيلومترًا عن مستوى سطح البحر في الوقت الذي تبلغ فيه جذورها حوالي 200 كيلومترًا!"[33].

إذن، يحيل تشبيه القرآن الكريم الجبال بالأوتاد على حقيقة جيولوجيَّة، هي أنَّ الأوتاد (pegs) تمثل الأُسس العميقة للطيات الجيولوجيَّة (Deep foundations of geological folds) التي تُثبِّتُ الأرضَ، وقد أكَّد عالم الجيولوجيا البارز فرانك برس (Frank Press) أنَّ الجبل وَتدي الشكل (as a wedge-shape)؛ حيث الجزء المرئي منه أصغر بكثير من الجزء المدفون في باطن الأرض، المعروف باسم جذور الجبال (mountain roots) التي تمتد إلى ما يصل إلى 10 إلى 15 ضعف ارتفاعها. لتخلق ما يُعرف في علم الجيولوجيا بالتَّوازن Equilibrium المسؤول عن تثبيت الأرض[34]، وهذا ما يتفق تمامًا مع المعطيات الجيولوجيَّة الحديثة[35]. ويُظهر الشَّكل الآتي الطبيعة الجيولوجيَّة لتكوين الجبال وكيف أنها تشبه الأوتاد.

الشكل (2): جذور الجبال (Mountain Roots) (من إعداد الباحث)

إذن، جاء المعنى في هذا التَّشبيه القرآني إحاليًّا؛ حيث يشير إلى ظاهرة طبيعيَّة مُشاهَدة،"فجذبَ إليه كلَّ السِّمات الجديدة التي يسندها إليه حدثان المعرفة[36]ومع ذلك تبقى كلُّ هذه التَّفسيرات والتَّأويلات للتشبيه القرآني معاني مُمكِنة؛ لأنَّ الإعجاز القرآني "ليس إعجاز المفاجأة السَّريعة المرتبطة بالحدث المؤقت"[37]، بل هو إعجاز السَّيرورة المطلقة، المنسجمة مع معارف البشر وإدراكاتهم الممتدة، فكلُّ معنًى من هذه المعاني التَّأويليَّة المذكورة للتشبيه لا يناقضُ صاحبَه ولا يلغيه، فجميعها مقبولة في ضوء معارف وإدراكات وأدوات كلِّ عصر، وتلك أحد الطَّاقات العِرفانيَّة الهائلة للبلاغة القرآنيَّة ذات التوسعات المعرفيَّة الهادرة التي يمكن أن يعاد بسببها إنتاج تفسير بعض آيات القرآن الكريم، لا سيَّما في ضوء المعارف والعلوم الطبيعيَّة المستجدَة.

3.     وصفُ التَّغيرات الجسديَّة التي تعتري الإنسان عند الصعود إلى الفضاء (التَّصعُّد في السَّماء نموذجًا)

ليس في وسع التَّشبيه أن يقول شيئًا من تلقاء نفسه، لكونه مقيَّدًا بفهمنا للعلاقات القائمة بين وحداته في ضوء التَّجارب، والمواضعات، والأعراف اللُّغويَّة، والاجتماعيَّة، ومستجدات العلم، والمعرفة، مما يعني أنَّ اعتبار العلوم والمعارف الحادثة في الزَّمان والمكان لها منطقها في التَّوجيه الدلالي للتشبيه، بوصفه وسيلةً بيانيَّة لا تُولد في فراغٍ معرفي، كما يعني انفتاح رؤية التَّشبيه القرآني واتساعها حول موضوعه وقدرته على توسيع المعنى، والتَّعبير عن كثير من المعاني التي تقبلها سياقاته النَّصيَّة، وتألفها إدراكات المخاطَبين الشعوريَّة والعقليَّة؛ وهو ما يعني احتفاظه بوصلاته المفاهيميَّة مع المخاطَبين عبر الزَّمان والمكان جميعًا.

أسهم التَّشبيه القرآني أيضًا في تقديم بعض المعارف عن ارتياد الفضاء، كما يتضح في تفسير قوله تعالى: ﴿فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهۡدِيَهُۥ يَشۡرَحۡ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِۖ وَمَن يُرِدۡ أَن يُضِلَّهُۥ يَجۡعَلۡ صَدۡرَهُۥ ضَيِّقًا حَرَجٗا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِۚ كَذَٰلِكَ يَجۡعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجۡسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ١٢٥ [الأنعام: 125]. يقدم هذا التشبيه تعزيةً وتسليةً الله لرسوله – صلى الله عليه وسلم – لما يلاقيه من عناد الكفار وإعراضهم عن قبول الإسلام، وفيه مبالغةٌ في وصف ضيق صدر الكافر وامتناعه عن قبول الإيمان[38]؛ بدلالة قوله تعالى: ﴿ضَيِّقًا حَرَجٗا، والحرج هنا يشير إلى "أشد ‌الضِّيق الذي يتكلَّف الإنسان معه ما لا يطيق"[39]. يتضح ذلك من خلال التشبيه: ﴿كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِۚ، كما تؤكده قراءة الجمهور لكلمة ﴿يَصَّعَّدُ بتشديد الصَّاد، والعين، لتدل على معنى أنه يتفعَّل الصعود"؛ أي يتكلَّفُه بمشقة[40]، مما يعزّز معنى الصعود الذي يتطلب جهدًا كبيرًا، ويُبرز له ما تضمَّنته الآية من طباقٍ واضح بين الحالين: (يَهْدِيَهُ، ويُضِلَّهُ)، و(يَشْرَحْ صَدْرَهُ، ويَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا)[41].

هذا هو فهم المفسرين والبلاغيين الأوائل للآية المباركة، وهو فهمٌ صحيحٌ يتوافق مع سياق الآية ومنطوقها، كما أنه فهمٌ يقبلُ في الوقت نفسه الإضافة، ويظل في الوقت ذاته متاحًا للتأويل والتوسيع في ضوء مستجدات العلم التَّجريبي التي تقدم تفسيرًا علميًا لمعنى (التَّصعُّد في السَّماء). فــإذا كان (التَّصعُّد) يشير إلى المكان المشرِف المرتفع[42]، فإنَّ التَّشبيه بدلالة الفعل المركزي ﴿يَصَّعَّدُ يشير إلى إمكانية صعود الإنسان في السَّماء، ويرشِّح لهذا المعنى حرف الجر (في) الذي يفيد الظرفيَّة ويعزز هذا السياق. فالسَّماء هي الوعاء، والسبب هو كون الصدر ﴿ضَيِّقًا حَرَجٗا، وهو ما قد يعانيه كلُّ مَنْ يصعد ارتفاع شاهق؛ بسبب (الجهد التَّنفُّسي) الناتج عن نقص الأكسجين، و(الجهد العضلي)؛ بسبب مقاومة الجاذبيَّة الأرضيَّة.

سجلت الأجهزة الدَّقيقة التَّغيرات الجسديَّة التي تعتري الإنسان حالَ صعوده في الفضاء، مثل تلك التي تطرأ على الجهازَيْن التَّنفُّسي والدَّوري؛ فقد لاحظَ العلماء أنَّ الصَّاعد في أجواء السَّماء يشعر بضيقٍ متدرج في الصدر نتيجة لتخلخل الضَّغط الجوي، مما يجعل التَّنفس أصعب وتتسارع ضربات القلب؛ بسبب انخفاض مستوى الأكسجين في الدَّم. هذا الهبوط تزداد شدته كلما ارتفع الصاعد؛ بسبب قلة كثافة الهواء في الطبقات العليا، مِمَّا يقلل الضَّغط الجوي للغازات المكونة للهواء، وأهمها الأكسجين. نتيجة لذلك، تزداد سرعة التَّنفس ونبضات القلب، مما يسبب شعورًا متزايدًا بالضيق في الصدر[43]. ولهذا السبب يلجأ رواد الفضاء، والطَّيارون الذين يُحلِّقون عاليًا إلى استخدام الألبسة المعَدَّة لمواجهة كلِّ هذه التَّغيرات. وقد لاحظ العلماء أنَّ الصعود التَّدرجي أصعب على الإنسان من الصعود المباشر؛ لأنَّ أعراض نقص الأكسجين في الصعود المباشر لا تحدث إلَّا بعد عدة ساعات من الصعود، أمَّا في الصعود المتراخي، فيزداد الشعور بشدة الضِّيق[44]. وهذا ما عبَّر عنه القرآن في هذا التَّشبيه بالفعل ﴿كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ.

وهكذا يُحيل التَّشبيه في الآية المباركة على دلالات تشير إلى إمكانية صعود الإنسان في السَّماء بشكلٍ متدرج، وهو صعود مقرون أيضًا بالتدرج في الشعور بضيق الصَّدر، وفقًا لما أثبته طبُّ الطَّيران (Aviation medicine)[45]. ويشير هذا التَّفسير لمعنى الفعل المركزي في الآية المباركة ﴿يَصَّعَّدُ إلى مسؤولية المتلقي للنَّص القرآني في المحافظة على توسعاته المعرفيَّة الثرية في ضوء معارف، وعلوم العصر التَّجريبيَّة، وهو ما يعني القول بإمكانية إعادة إنتاج تفسير بعض آيات القرآن الكريم في ضوء المعارف الطبيعيَّة التي تُحيل عليها البلاغة القرآنيَّة.

أسهم التَّشبيه – إذن – في تحقيق الغرض المسوق له، بما يمكُّنُ للمعنى ويصعِّده في قلب السَّامع عن طريق استحضار أوجه الشَّبه بين أجزائه، تلك التي تقوم مقام الدَّليل الذي يُحرِّكُ النَّفس ويحملُها على تَصوُّر وفهم موضوعه في إيجاز وتكثيف دون إطالة أو تخليط؛ ولذلك كان مِمَّا "اتفقَ العقلاء عليه أنَّ التَّمثيل إذا جاء في أعقاب المعاني أو بَرَزَتْ هي باختصار في مَعرِضه، ونُقِلتْ عن صُوَرها الأصليَّة إلى صورته، كسَاها أُبَّهةً، وأكسَبها مَنْقَبةً، ورفع من أقدارها؛ لأنَّك في ذلك كلِّه تردُّ نفسَ السَّامع إلى شيءٍ آخر هي بشأنه أعلم، وثقتها به في المعرفة أحكم، نحو أن تنقُلها عن العقل إلى الإحساس، وعمُّا يُعلَمُ بالفِكر إلى ما يُعلمُ بالاضطرار والطَّبع"[46]. ويجب أن نشير – هنا – إلى ارتباط كثير من تشبيهات القرآن الكريم بأمثاله[47]، وهــو ارتباطٌ مشخــوصٌ فيه إلى نفـع المخاطَبــين عـن طريق حثهم على التَّفكر والتَّذكُّر بما يتوافق مع الوظيفة الإنجازيَّة للتشبيه في مثل هذه السِّياقات.

والشَّواهد الدَّالة على أثر التَّشبيه القرآني في الإشارة إلى بعض الظَّواهر الطبيعيَّة كثيرة، نذكر منها إجمالًا – وقد اكتفينا تفصيلًا بما سبق – قولَه تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَعۡمَٰلُهُمۡ كَسَرَابِۢ بِقِيعَةٖ يَحۡسَبُهُ ٱلظَّمۡ‍َٔانُ مَآءً حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَهُۥ لَمۡ يَجِدۡهُ شَيۡ‍ٔٗا وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُۥ فَوَفَّىٰهُ حِسَابَهُۥۗ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ٣٩﴾ [النور: 39]، وقوله تعالى: ﴿وَٱلۡقَمَرَ قَدَّرۡنَٰهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلۡعُرۡجُونِ ٱلۡقَدِيمِ٣٩﴾ [يس: 39]، وقوله تعالى: ﴿يَوۡمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلۡمُهۡلِ٨ وَتَكُونُ ٱلۡجِبَالُ كَٱلۡعِهۡنِ٩ [المعارج: 8-9].

يمكن القول – إذن – بعد هذا العرض أنَّ علاقة البلاغة بالعلوم والظَّواهر الطبيعيَّة علاقة إحاليَّة؛ حيث تقدم البلاغة كليات مجملة عبر تقنياتها المختلفة، تحيل إلى علوم ومعارف تتكشَّف للإنسان جيلًا بعد جيل وفق ما مكَّنه الله من علوم تُتيح له الوقوف على الحقائق العلميَّة التي تشير إليها الآيات القرآنيَّة على نحو ما فصَّلنا منذ قليل، ومن ثَم لا يمكن القطع بأنَّ علاقة البلاغة بالعلوم والظواهر الطبيعيَّة علاقة برهانيَّة[48]؛ إذ إن الاستدلال والبرهان على الظَّواهر الطبيعيَّة من شأن العلوم التَّجريبيَّة. وهنا يبدو الفرق بين المعرفة التي تُحيل عليها البلاغة القرآنيَّة فيما يتعلق بالظَّواهر الطبيعيَّة، والمعرفة التي تقدمها العلوم الطبيعيَّة حول نفس الظَّواهر. فالبلاغة القرآنيَّة تقدم معرفة مَرنة قابلة للتأويل. أمَّا المعرفةُ التي تقدمها العلوم الطبيعيَّة فهي معرفة محدَّدة بحدود العلم التَّجريبي.

4.     وَصْفُ وَهَن بيت العنكبوت

في قوله تعالى: ﴿مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلۡعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتۡ بَيۡتٗاۖ وَإِنَّ أَوۡهَنَ ٱلۡبُيُوتِ لَبَيۡتُ ٱلۡعَنكَبُوتِۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ٤١ [العنكبوت: 41]، يتجلى التشبيه القرآني بقوة، إذ يصور حال الذين يعتمدون على غير الله في قوتهم ومعونهم كحال العنكبوت التي تبني بيتًا من خيوط واهية[49]،لا توفر ملجأ آمنا أو قوة حقيقية. ويربط هذا الشبيه بين هشاشة البيت الذي تبنيه العنكبوت وبين ضعف من اتخذوا من غير الله وليًا، في إشارة بليغة إلى عدم جدوى اعتمادهم على غير الله. كما يحمل هذا التشبيه معنيين مهمين: للمعنى الأول وظيفة حجاجية؛ حيث يبنى حجته على القياس الواضح والمشترك في تجربة البشر، فلا أحد ينكر ضعف بيت العنكبوت، مما يعزز حجة القرآن في إظهار ضعف اعتماد الكفار على أوليائهم مهما كانوا أقوياء. وللمعنى الثاني وظيفة معرفية، تحيل على سلوك العنكبوت في بناء بيتها الواهن، مما يضيف بعدًا علميًا إلى التشبيه، ويبرز الدقة في اختيار الأمثلة القرآنية التي تتوافق مع التجربة الحسية والمعرفة الإنسانية.

ينبغي أن نقدم هنا وصفًا علميا لحشرة العنكبوت كما ذكرها علماء الأحياء، بوصفها "المشبَّه به" في الآية المباركة؛ حيث يوضح فهم سمات "المشبَّه به" السِّمة الأبرز التي تجعل وجه الشبه بين طرفي التَّشبيه واضحًا وجليًا. ولذلك قرَّر البلاغيون أنَّ "المشبَّه به عمدة التَّشبيه الحاصل بين الطَّرفين، فظهورُ وجه الشبه وعدمه، إنَّما يُسند إليه"[50]. ووفقا لعلماء الأحياء (Biologists) تعتبر حشرة العنكبوت كونها مفترسة، ومخادعة، وشديدة النفعيَّة[51]؛ حيث تنسجُ أنثى العنكبوت شبكةً خاصة بها لتغري الذَّكَرَ، ثم بعد أن يخصبها وتتحقق منفعتها، تفتِك به فتفترسه! أمَّا أبناؤها، فلا يلبثون طويلًا حتَّى يقتتلوا في كيسهم الحريري إذا ما ضاق بهم، ومَن ينجو منهم ويقوى، ينقضَّ على أمِّه ويفترسها! ثم يقضى مَن تبقى منهم على أخيه حتَّى ينهدم البيتُ بأكمله[52].

تلك هي العلاقة التي تحكم "بيت العنكبوت": علاقة الأم بالأب، وعلاقة الأبناء بالأم، ثم علاقة الأبناء بعضهم ببعض! إنَّها علاقة في غاية الوَهَن، تُحيل بدورها على دلالة المركزية للمشبه به في الآية الكريمة، كما تشير كلمة ﴿بَيۡتٗاۖ إلى احتمالية معنيَيْن:

-      أولهما حقيقي: يعني الدَّار؛ فبَيْتُ الرَّجل يعني داره[53]. وهو الفهم الذي اعتمده جمهور المفسرين؛ حيث يرون في الآية مَثَلًا "ضربَه الله للمشرك، فمَثَلُ إلههِ الذي يدعوه من دون الله كمَثَل ‌بيتِ ‌العنكبوت وَاهِن ضعيف لا ينفعه"[54]، فكما أنَّه لا يدفع عنها بَردًا ولا حَرًّا، فكذلك الأوثان لا تملك لعابديها نفعًا ولا ضرًّا[55]، والغرض منه "تشبيه ما اتخذوه متكلًا، ومعتمدًا في دينهم وتولَّوه مِن دون الله، بما هو مَثَلٌ عند الناس في الوَهَن وضعف القوة، وهو نسج العنكبوت"[56].

-      وثانيهما مجازي: يشير إلى مَنْ يسكنون الدَّار، فَبَيْتُ الرَّجل يعني امرأتُه وعياله[57].

فأيُّ المعنيَيْن أرجح من الآخر؟

ذهبَ بعض الباحثين إلى أنَّ كلمة (بَيْت) في سياق الآية الكريمة يُرجِّحُ دلالتها المجازيَّة عن دلالتها الحقيقيَّة، إذْ ليس المقصود من دلالتها على المأوَى المادي لحشرة العنكبوت الذي يتألف من شبكة اصطياد الفرائس، وكِيس البيض، ثم الصغار، ومخبأ الأنثى، وإنَّما المقصود بها أفراد العنكبوت السَّاكنين فيه، ويشمل: الأنثى، والذَّكَر، والصغار، وما يجمعهم من علاقات وسلوكيات، وذلك على غرار تأويل قوله: ﴿وَسۡ‍َٔلِ ٱلۡقَرۡيَةَ ٱلَّتِي كُنَّا فِيهَا [يوسف: 82]، المراد به أهلَ القرية، فلا تُسأل مساكنُ القرية ومرافقها وإنَّما يُسأل ساكنُوها[58].

وهو ترجيحٌ له وجاهته، لا سيَّما أنَّه يتفق مع إحالة التَّشبيه إلى طبيعة سلوك حشرة العنكبوت كما درسها علم الأحياء biology[59]، ومع ذلك، نرى أنَّ المعنيَيْن (الحقيقي والمجازي) يساندُ كلٌّ منهما الآخر ويعزِّزه، فإذا كان المفسرون قد فسروا "بَيْتَ العنكبوت" بمعناه المادي/المكاني بجامع الضَعف بين المشبَّه والمشبَّه به، فهذا هو المفهوم من ظاهر اللَّفظ، المتبادر إلى الذِّهن وفق البنية التَّصوريَّة لديهم عن (بَيْتِ العنكبوت)، وهو فهمٌ لا يُضاد الفهم المجازي الذي تُحيلُ عليه دراسةُ علماء الأحياء لسلوكيات هذه الحشرة على المستوى الأُسَري. لتجتمع بذلك لهذا البَيْت كلُّ أسباب الوَهَن (المادي والمكاني، والمعنوي والأُسَري)، بدلالة اسم التَّفضيل "أَوهَن" في الجملة الحاليَّة المعترضة المبينة لوجه الشبه ﴿وَإِنَّ أَوۡهَنَ ٱلۡبُيُوتِ لَبَيۡتُ ٱلۡعَنكَبُوتِۚ، الذي أفادَ المبالغة في إضفاء صفة الوَهَن على هذا البَيْت.

وهكذا، أدَّى التَّشبيه في البيان القرآني – بوصفه تقنيةً بلاغيَّة – مَهمَةَ الإحالة على بعض الظَّواهر الكونيَّة، على نحو ما رأينا من دلالته على تراكب الأمواج، والإشارة إلى الظُّلمات المتكاثفة في أعماق البحار. وهي إحالات علميَّة أثبتت في مجال جغرافيَّةُ المحيطات (Ocean geography) والبصريات الطبيعيَّة. كما رأينا إحالته على بعض التَّغيرات الجسديَّة التي تعتري الإنسان عند ارتياده الفضاء وتصعُّده في السَّماء، وهي حقيقةٌ علميَّة أثبتها طبُّ الطيران (Aviation medicine). ولاحظنا أخيرًا، إحالة هذا التشبيه إلى حقيقة علميَّة متعلقة بوَهَن بَيْتِ حشرة العنكبوت، بوصفه بيتًا هشًّا لا أساس له، إذ إن علاقة أفراده قائمة على الفَتْك والافتراس، وفق ما أثبته علماء الأحياء المحدثون في دراستهم عن سلوك هذه الحشرة الغريب!

خاتمة

لقد أثبت البحث أن علاقة البلاغة بالعلوم الطبيعية علاقة إحالية بامتياز؛ إذ تسهم البلاغة القرآنية في الإحالة إلى كليات علمية مجملة تنطوي على معارف وعلوم تتكشف للإنسان جيلًا بعد جيل، وفقًا لما مكَّنه الله من علومٍ تسهم في فهم الحقائق العلمية التي تشير إليها الآيات القرآنية. لذا، لا يمكن اعتبار هذه العلاقة برهانية؛ لأن البرهان والاستدلال على الظواهر الطبيعية من اختصاص العلوم التجريبية.

أظهر البحث إمكانية إعادة إنتاج تفسير بعض آيات القرآن الكريم في ضوء المعارف والعلوم الطبيعية التي تُحيل إليها البلاغة القرآنية. ومع ذلك، تبقى جميع هذه التفسيرات والتأويلات معاني مُمكنة؛ حيث إن الإعجاز القرآني ليس إعجازًا مفاجئًا مرتبطًا بالحدث المؤقت، بل هو إعجاز السيرورة المطلقة، المنسجم مع معارف البشر وإدراكاتهم الممتدة. وقد كشف البحث عن دور التَّشبيه القرآني في المحافظة على مفهوم السيرورة التأويلية؛ بحيث لا يتعارض تفسير الأوائل مع التفسيرات العلمية اليقينية.

كما أثبت البحث أن البلاغة القرآنية تجمع بين بُعدين: التأثيري والعرفاني، في إحالتها إلى بعض الظواهر الطبيعية. وقد ميز البحث بين المعرفة التي تُحيل إليها البلاغة القرآنية حول تلك الظواهر، والمعرفة التي تقدمها العلوم الطبيعية بشأنها؛ حيث تظل المعرفة البلاغية مرنة وقابلة للتأويل، بينما تقتصر المعرفة العلمية على حدود العلم التجريبي.

أخيرًا، أظهر البحث أهمية مسؤولية التلقي في الحفاظ على التوسعات المعرفية الثريَّة للنص القرآني من خلال ربط الإحالات البلاغية بالحقائق العلمية.

التوصيات

يوصي البحث بالآتي:

-      تجسير الهوة بين البلاغة والعلوم الطبيعية من خلال بعض المقاربات التي تُعنَى بدراسة أثر كلِّ منهما في الآخر.

-      عقد المزيد من الندوات والمؤتمرات التي تُعنَى بالدِّراسات البلاغيَّة البينيَّة، قصد شحذ الفكر العربي المعاصر الذي عطف دهرًا طويلًا بفعل الجماليَّة الشعريَّة الموروثة.


 

المراجع

أولًا: العربية

ابن الأثير، علي بن أبي الكرم محمد بن محمد. أسد الغابة في معرفة الصحابة، تحقيق علي محمد معوض. عادل أحمد عبد الموجود. بيروت: دار الكتب العلميَّة، ط1، 1415هـ/1994م.

ابن الأثير، مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن عبد الكريم الشيباني. النهاية في غريب الحديث والأثر، تحقيق طاهر أحمد الزاوي، محمود محمد الطناحي. بيروت: المكتبة العلمية، 1399هـ/1979م.

ابن عاشور محمد الطَّاهر بن محمد، التَّحرير والتَّنوير. تونس: الدار التونسية للنشر، 1984م.

ابن فارس، أحمد بن زكرياء القزويني الرازي، مجمل اللُّغة، دراسة وتحقيق زهير عبد المحسن سلطان. بيروت: مؤسسة الرسالة، ط2، 1406هـ/1986م.

أحمد، يوسف الحاج. موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسُّنة المطهرة. مكة المكرمة: مكتبة ابن حجر للنشر والتوزيع، ط2، 1424هـ/2003م.

الباقلاني، أبو بكر محمد بن الطيب. إعجاز القرآن، تحقيق السيد صقر. مصر: دار المعارف، ط5، 1997م.

البسومي، حسين محمد. "حِجاجيَّة مَثَل (بيت العنكبوت) في القرآن الكريم". وقائع المؤتمر العلمي الدولي الثاني المدمج: القرآن الكريم وعلوم الحياة، العراق: جامعة ديالي، 1444هـ/2022م.

بلبع، عيد. دلائل الإحكام "مقدمة في نظرية البلاغة القرآنيَّة". القاهرة: مصر العربية للنشر والتوزيع، ط1، 2014م.

البلخي، أبو الحسن مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي. تفسير مقاتل بن سليمان، تحقيق عبد الله محمود شحاته. بيروت: دار إحياء التراث، ط1، 1423ه.

بن نبي، مالك. الظاهرة القرآنية. دمشق: دار الفكر، ط4، 1420هـ/2000م.

بوكاي، موريس. التَّوراة والإنجيل والقرآن والعلم، ترجمة الشيخ حسن خالد. بيروت: المكتب الإسلامي، ط3، 1411هـ/1990م.

البيضاوي، ناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر. أنوار التنزيل وأسرار التأويل، تحقيق محمد عبد الرحمن المرعشلي. بيروت: دار إحياء التراث العربي، ط1، 1418ه.

الثعالبي، أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم. الكشف والبيان عن تفسير القرآن، تحقيق الإمام أبي محمد بن عاشور. مراجعة وتدقيق نظير السَّاعدي. بيروت: دار إحياء التراث العربي، ط1، 1422هـ/2002م.

الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر، البيان والتبيين، تحقيق: عبد السلام هارون. القاهرة: مكتبة الخانجي للطباعة والنشر والتوزيع، ط5، 1405هـ/1985م.

الجرجاني، أبو بكر بن عبد الرحمن بن محمد. أسرار البلاغة، قرأه وعلَّق عليه محمود محمد شاكر. القاهرة: مطبعة المدني، دار المدني بجدة، ط1، 1412هـ/1991م.

الجوهري، أبو نصر إسماعيل بن حماد. الصحاح تاج اللُّغة وصِحَاح العربية، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار. بيروت: دار العلم للملايين، ط4، 1407هـ/1987م.

الخلوتي، إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي. روح البيان. بيروت: دار الفكر، [د.ت].

دراز، محمد بن عبد الله. النبأ العظيم نظرات جديدة في القرآن الكريم. القاهرة: دار القلم للنشر والتوزيع، 1426هـ.

الدسوقي، محمد بن عرفة. حاشية الدسوقي على مختصر المعاني لسعد الدين التفتازاني، تحقيق عبد الحميد هنداوي. بيروت: المكتبة العصرية، [د.ت].

دوراكوفيتش، أسعد. علم الشَّرق، ترجمة عدنان حسن، الكويت: مؤسسة عبد العزيز البابطين، ط1، 2010م.

رفعت، محمد. "الضوء والنور". مجلة الإعجاز العلمي الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، مكة المكرمة، ع42 (محرم 1434ه).

الزَّمخشري، محمود بن عمر. الكشَّاف عن حقائق غوامض التنزيل. بيروت: دار الكتاب العربي، ط3، 1407ه.

سلوان، توماس أ. موسوعة البلاغة، ترجمة نخبة، إشراف وتقديم عماد عبد اللطيف. القاهرة: المركز القومي للترجمة، ط1، 2016م.

شمس الدين، محمد بن أحمد الخطيب الشربيني. السِّراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير. القاهرة: مطبعة بولاق الأميرية، 1285ه.

الصاوي، عبد الجواد. "ضيق الصدر والتصعُّد في السَّماء"، مجلة الإعجاز العلمي، ع10 (رجب 1422ه).

الطَّبري، أبو جعفر محمد بن جرير. تفسير الطَّبري جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي. السعودية: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، ط1، 1422 هـ/2001 م.

الطَّيار، مساعد بن سليمان بن ناصر. الإعجاز العلمي إلى أين؟ مقالات تقويمية للإعجاز العلمي. السعودية: دار ابن الجوزي، ط3، 1433ه.

العلوي، يحيى بن حمزة بن علي. الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز. بيروت: المكتبة العصرية، ط1، 1423ه.

الفرَّاء، أبو زكريا يحيى بن زياد. معاني القرآن، تحقيق أحمد يوسف النجاتي، وآخرَيْن. القاهرة: دار المصرية للتأليف والترجمة، ط1، [د.ت].

الفراهيدي، الخليل بن أحمد. كتاب العين، تحقيق مهدي المخزومي، وإبراهيم السَّامرائي. القاهرة: دار ومكتبة الهلال، [د.ت].

القرطبي، محمد بن أحمد الأنصاري. الجامع لأحكام القرآن، تحقيق أحمد البردوني، وإبراهيم أطفيش. القاهرة: دار الكتب المصرية، ط2، 1384هـ/1964م.

الماتريدي، محمد بن محمد بن محمود أبو منصور. تفسير الماتريدي (تأويلات أهل السنة)، تحقيق مجدي باسلوم. بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1426 هـ/2005 م.

مجموعة مؤلفين، التَّفسير الوسيط للقرآن الكريم، إشراف مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر. القاهرة: الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، ط1، 1414ه/1993م.

مسلم، مصطفى. مباحث في إعجاز القرآن، الرياض: دار التدمرية، 1432ه/2011م.

النجار، زغلول. من آيات الإعجاز العلمي: الحيوان في القرآن الكريم، بيروت: دار المعرفة، 2003م.

ثانيًا: الأجنبية                                                                                                                                                                                             References

Aḥmad, Yūsuf al-Ḥājj. Mawsūʻat al-iʻjāz al-ʻIlmī fī al-Qurʼān al-Karīm wālssunh al-muṭahharah. (in Arabic) Mecca: Maktabat Ibn Ḥajar lil-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 2nd ed., 1424h/2003.

Al-ʻAlawī, Yaḥyá ibn Ḥamzah ibn ʻAlī. Al-Ṭirāz li-asrār al-balāghah wa-ʻulūm ḥaqāʼiq al-iʻjāz, (in Arabic) Beirut: al-Maktabah al-ʻAṣrīyah, 1st ed., 1423h.

Al-Balkhī, Abū al-Ḥasan Muqātil ibn Sulaymān ibn Bashīr al-Azdī. Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān. (in Arabic) taḥqīq ʻAbd Allāh Maḥmūd Shiḥātah, Beirut: Dār Iḥyāʼ al-Turāth, 1st ed., 1423h.

Al-Bāqillānī, Abū Bakr Muḥammad ibn al-Ṭayyib. Iʻjāz al-Qurʼān, (in Arabic) taḥqīq al-Sayyid Ṣaqr. Egypt: al-ḥayāh. Al-ʻIrāq: Jāmiʻat dyāly, 1444h/2022.

Al-Bayḍāwī, Nāṣir al-Dīn Abū Saʻīd ʻAbd Allāh ibn ʻUmar. Anwār al-tanzīl wa-asrār al-taʼwīl, (in Arabic) taḥqīq Muḥammad ʻAbd al-Raḥmān al-Marʻashlī, Beirut: Dār Iḥyāʼ al-Turāth al-ʻArabī, 1st ed., 1418h.

Al-Dasūqī, Muḥammad ibn ʻArafah. Ḥāshiyat al-Dasūqī ʻalá Mukhtaṣar al-maʻānī li-Saʻd al-Dīn al-Taftāzānī, (in Arabic) taḥqīq ʻAbd al-Ḥamīd Hindāwī. Beirut: al-Maktabah al-ʻAṣrīyah, [n.d].

Al-Farāhīdī, al-Khalīl ibn Aḥmad. Kitāb al-ʻAyn. (in Arabic) taḥqīq Mahdī al-Makhzūmī, Ibrāhīm alssāmrāʼy, Cairo: Dār wa-Maktabat al-Hilāl, [n.d].

Alfrrāʼ, Abū Zakarīyā Yaḥyá ibn Ziyād. Maʻānī al-Qurʼān, (in Arabic) taḥqīq Aḥmad Yūsuf alnjāty, wʼākhrayn. Cairo: Dār al-Miṣrīyah lil-Taʼlīf wa-al-Tarjamah, 1st ed., [n.d].

Al-Jawharī, Abū Naṣr Ismāʻīl ibn Ḥammād. Al-ṣiḥāḥ Tāj alllughh wṣiḥāḥ al-ʻArabīyah. (in Arabic) taḥqīq Aḥmad ʻAbd al-Ghafūr ʻAṭṭār. Beirut: Dār al-ʻIlm lil-Malāyīn, 4th ed., 1407h/1987.

Al-Jurjānī, Abū Bakr ibn ʻAbd al-Raḥmān ibn Muḥammad. Asrār al-balāghah. (in Arabic) qaraʼahu wʻllaq ʻalayhi Maḥmūd Muḥammad Shākir. Cairo: Maṭbaʻat al-madanī, Dār al-madanī bi-Jiddah, 1st ed., 1412h/1991.

Al-Khalwatī, Ismāʻīl Ḥaqqī ibn Muṣṭafá al-Istānbūlī. Rūḥ al-Bayān. (in Arabic) Beirut: Dār al-Fikr, [n.d].

Al-Māturīdī, Muḥammad ibn Muḥammad ibn Maḥmūd Abū Manṣūr. Tafsīr al-Māturīdī (Taʼwīlāt ahl al-Sunnah), (in Arabic) taḥqīq Majdī Bāslūm. Beirut: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 1st ed., 1426 H/2005.

Al-Najjār, Zaghlūl. Min āyāt al-iʻjāz al-ʻIlmī: al-ḥayawān fī al-Qurʼān al-Karīm. (in Arabic) Beirut: Dār al-Maʻrifah, 2003.

Al-Qayrawānī, Abū ʻAlī al-Ḥasan ibn Rashīq al-Azdī. Al-ʻUmdah fī Maḥāsin al-shiʻr wa-ādābuh, (in Arabic) taḥqīq Muḥammad Muḥyī al-Dīn ʻAbd al-Ḥamīd. Beirut: Dār al-Jīl, [n.d].

Al-Qurṭubī, Muḥammad ibn Aḥmad al-Anṣārī. Al-Jāmiʻ li-aḥkām al-Qurʼān, (inArabic) taḥqīq Aḥmad al-Baraddūnī, wa-Ibrāhīm Aṭṭafayyish. Cairo: Dār al-Kutub al-Miṣrīyah, 2nd ed, 1384h/1964.

Al-Ṣāwī, ʻAbd al-Jawwād. "ḍayyiq al-Ṣadr wāltṣʻʻud fī alssamāʼ". (in Arabic) Majallat al-iʻjāz al-ʻIlmī, No. 10, (Rajab 1422H).

Al-Thaʻālibī, Abū Isḥāq Aḥmad ibn Muḥammad ibn Ibrāhīm. Al-kashf wa-al-bayān ʻan tafsīr al-Qurʼān, (in Arabic) taḥqīq al-Imām Abī Muḥammad ibn ʻĀshūr. murājaʻat wa-tadqīq Naẓīr alssāʻdy, Beirut: Dār Iḥyāʼ al-Turāth al-ʻArabī, 1st ed, 1422h/2002.

Alṭṭabry, Abū Jaʻfar Muḥammad ibn Jarīr. Tafsīr alṭṭabry Jāmiʻ al-Bayān ʻan Taʼwīl āy al-Qurʼān. (in Arabic) taḥqīq ʻAbd Allāh ibn ʻAbd al-Muḥsin al-Turkī. KSA: Dār Hajar lil-Ṭibāʻah wa-al-Nashr wa-al-Tawzīʻ wa-al-Iʻlān, 1st ed., 1422H/2001.

Alṭṭayār, Musāʻid ibn Sulaymān ibn Nāṣir. Al-iʻjāz al-ʻIlmī ilá ayn? maqālāt taqwīmīyah lil-iʻjāz al-ʻIlmī. (in Arabic), KSA: Dār Ibn al-Jawzī, 3rd ed, 1433h.

Alzzamkhshry, Maḥmūd ibn ʻUmar. Alkshshāf ʻan ḥaqāʼiq ghawāmiḍ al-tanzīl, (in Arabic). Beirut: Dār al-Kitāb al-ʻArabī, 3rd ed, 1407h.

Balbaʻ, ʻĪd. Dalāʼil al-Iḥkām "muqaddimah fī Naẓarīyat al-balāghah alqrʼānyyah". (in Arabic) Cairo: Miṣr al-ʻArabīyah lil-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 1st ed., 2014.

Bwkāy, Mūrīs. Alttawrāh wa-Al-Injīl wa-Al-Qurʼān wa-Al-ʻilm. (in Arabic) tarjamat al-Shaykh Ḥasan Khālid. Beirut: al-Maktab al-Islāmī, 3rd ed., 1411h/1990.

Caulfield, Jack. “ethnology”, scribbr,13/3 /2020, accessed on:23/2/ 2023. at: https://www.scribbr.com/methodology/ethnography

Darāz, Muḥammad ibn ʻAbd Allāh. Al-Nabaʼ al-ʻAẓīm Naẓarāt jadīdah fī al-Qurʼān al-Karīm. (in Arabic) Cairo: Dār al-Qalam lil-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 1426H.

Deschênes, JD. “Gift helps spider to escape cannibalism,” Nature, Vol. 533 (26 May 2016).

Dwrākwfytsh, Asʻad. ʻilm alshsharq. (in Arabic) tarjamat ʻAdnān Ḥasan. Kuwait: Muʼassasat ʻAbd al-ʻAzīz al-Bābaṭīn, 1st ed., 2010.

Eco, Umberto. Languages the semiotics, Bloomington: Indiana University Press, 1984.

Frank Press & Raymond Siever, Understanding Earth, New York: W.H. Freeman & Company, 2000.

Guyton, Arthur C & Hall, John E. Human physiology and Mechanisms of disease. U.S.A: Sounders company, 5th ed, 1992.

Guyton, Arthur C. Textbook of Medical physiology.U.S.A: W.B. Saunders, 8th ed, 1991.

Herberstein, Marie Elisabeth. Spider Behaviour: Flexibility and Versatility, Cambridge: Cambridge University Press, 2011.

Ibn al-Athīr, ʻAlī ibn Abī al-karam Muḥammad ibn Muḥammad. Asad al-ghābah fī maʻrifat al-ṣaḥābah, (in Arabic) taḥqīq ʻAlī Muḥammad Muʻawwaḍ. ʻĀdil Aḥmad ʻAbd al-Mawjūd. Beirut: Dār al-Kutub alʻlmyyah, 1st ed, 1415h-1994.

Ibn al-Athīr, Majd al-Dīn Abū al-Saʻādāt al-Mubārak ibn Muḥammad ibn ʻAbd al-Karīm al-Shaybānī. Al-nihāyah fī Gharīb al-ḥadīth wa-al-athar, (in Arabic) taḥqīq Ṭāhir Aḥmad al-Zāwī, Maḥmūd Muḥammad al-Ṭanāḥī. Beirut: al-Maktabah al-ʻIlmīyah, 1399h/1979.

Ibn ʻĀshūr Muḥammad Alṭṭāhr ibn Muḥammad. Alttaḥryr wālttanwyr, (in Arabic) Tunis: al-Dār al-Tūnisīyah lil-Nashr, 1984.

Ibn Fāris, Aḥmad ibn Zakarīyāʼ al-Qazwīnī al-Rāzī. Mujmal alllughah. (in Arabic) dirāsah wa-taḥqīq Zuhayr ʻAbd al-Muḥsin Sulṭān. Beirut: Muʼassasat al-Risālah, 2nd ed., 1406h/1986.

Ibn Nabī, Mālik. Al-ẓāhirah al-Qurʼānīyah. (in Arabic), Damascus: Dār al-Fikr, 4th ed, 1420h/2000.

Lakoff, George and Johnsen, Mark. Metaphors we live by, London: Chicago press, 1980.

Majmūʻah muʼallifīn.Alttafsyr al-Wasīṭ lil-Qurʼān al-Karīm, (in Arabic), Ishrāf Majmaʻ al-Buḥūth al-Islāmīyah bi-al-Azhar, Cairo: al-Hayʼah al-ʻĀmmah li-Shuʼūn al-Maṭābiʻ al-Amīrīyah, 1st ed., 1414h/1993.

Muslim, Muṣṭafá. Mabāḥith fī Iʻjāz al-Qurʼān. (in Arabic) Riyadh: Dār al-Tadmurīyah, 1432h/2011.

Prelli, Lawrence J. A Rhetoric of Science: Inventing Scientific Discourse (Studies iRhetoric/Communication). USA: Univ of South Carolina Pr, 1989.

Press, Frank & Siever, Raymond. Earth. San Francisco: W. H. Freeman,3rd ed,1982.

Richard Peter McKeon, Zahava K. McKeon & William G. Swenson, Selected Writings of Richard McKeon: Volume One: Philosophy, Science, and Culture, U. S. A: University of Chicago Press, 1998.

Richards, I. A. The Philosophy of Rhetoric (Galaxy Books). UK: Oxford University Press, 1965.

Rifʻat, Muḥammad. "Al-ḍawʼ wa-al-nūr", (in Arabic), Majallat al-iʻjāz al-ʻIlmī al-Hayʼah al-ʻĀlamīyah lil-iʻjāz al-ʻIlmī fī al-Qurʼān al-Karīm wa-al-sunnah al-Nabawīyah, Mecca, No. 42, (Muḥarram 1434h).

Shams al-Dīn, Muḥammad ibn Aḥmad al-Khaṭīb al-Shirbīnī. Alssirāj al-munīr fī al-iʻānah ʻalá maʻrifat baʻḍ maʻānī kalām Rabbinā al-Ḥakīm al-khabīr, (inArabic) Cairo: Maṭbaʻat Būlāq / al-Amīrīyah, 1285h.

Sulwān, Tūmās A. Mawsūʻat al-balāghah. (inArabic) tarjamat nukhbah, ishrāf wa-taqdīm ʻImād ʻAbd al-Laṭīf, Cairo: al-Markaz al-Qawmī lil-Tarjamah, 1st ed., 2016.

Waugh, Anne & Grant, Allison. Ross and Wilson, Anatomy and physiology in health and illness, Edinburgh: Churchill Livingstone, 7th ed, 1994.

 



* قُدم في: مؤتمر مركز ابن خلدون السنوي للتجسير (30 سبتمبر-1 أكتوبر 2023).

* Submitted for: The Annual Conference of Ibn Khaldon Center on Interdisciplinary Research (September 30th-October 1st, 2023).

[1] نظرَ البلاغي والفيلسوف البيزنطي بوثيوس Boethius (480-524م) إلى البلاغة بوصفها معرفة، أو مَقْدرةً موجهة نحو الإقناع. راجع: توماس أ. سلوان، موسوعة البلاغة. ترجمة نخبة، إشراف وتقديم عماد عبد اللطيف (القاهرة: المركز القومي للترجمة، ط1، 2016م)، ج2، ص485.

[2] Richard Peter McKeon, Zahava K. McKeon & William G. Swenson, Selected Writings of Richard McKeon: Volume One: Philosophy, Science, and Culture (U. S. A: University of Chicago Press, 1998), pp.139-140.

[3] انظر: سلوان، ج2، ص316؛ 580.

[4] Lawrence J. Prelli, A Rhetoric of Science: Inventing Scientific Discourse (Studies in Rhetoric/Communication) (U.S.A: Univ of South Carolina Pr, 1989).

[5] سلوان، ج2، ص525.

[6] تختصُّ الإثنوغرافيا (Ethnography) أو وصف الأعراق البشرية بالدراسة المنهجية للأجناس والثقافات البشرية، وقد أصبحتْ علمًا شائعًا في ميدان العلوم الاجتماعيَّة بشكل عام...؛ كما تُعنى بإعادة التَّوطين، وخصائص الرَّفاه الاجتماعي الماديَّة، والروحيَّة...، ومن ثَم فهي تملك إسهامات جوهريَّة في فهم الحياة الاجتماعيَّة للبشر. انظر:

Jack Caulfield, "ethnology", scribbr, 13/3 /2020, accessed on: 23/2/ 2023, at: https://www.scribbr.com/methodology/ethnography

[7] سلوان، ج2، ص200؛243.

[8] I. A. Richards, The Philosophy of Rhetoric (Galaxy Books) (U.K: Oxford University Press, 1965), p. 92.

[9] George Lakoff and Mark Johnsen, Metaphors we live by (London: Chicago press, 1980).

[10] Ibid.

[11] انظر: محمد بن عبد الله دراز، النبأ العظيم نظرات جديدة في القرآن الكريم (القاهرة: دار القلم للنشر والتوزيع، 1426هـ)، ص153، وكذلك: ص146-148.

[12] انظر: محمد الطَّاهر بن محمد بن عاشور، التَّحرير والتَّنوير (تونس: الدار التونسية للنشر، 1984م)، ج1، ص256.

[13] أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني، إعجاز القرآن، تحقيق السيد صقر (مصر: دار المعارف، ط5، 1997م)، ص286.

15 ابن عاشور، ج1، ص104-105؛ كما أن للقرآن أثرين؛ الأول: ما يشتمل عليه من المعاني المقبولة لدى أهل العقول السَّليمة، وهي المعاني التي يدركها ويُسلِّم لها مَن تبلغ إليه، ولو من خلال الترجمة؛ بحيث يستوي في إدراكها العربيُّ والعجميُّ، وهذا أثرٌ عقلي. والثَّاني: دلالةُ نَظْمِه وبلاغته على أنَّه خارجٌ عن مقدرة بلغاء العرب. وهذا أثرٌ لفظيٌ، من حيث هو دليلُ الإعجاز، وهو خاصٌّ بالعرب مباشرة، وحاصلٌ لغيرهم من أهل النظر والتَّأمل إذا تدبَّروا في عجز البلغاء من أهل اللِّسان الذي جاء به القرآن. انظر: ابن عاشور، التَّحرير والتَّنوير، ج20، ص35.

[15] انظر: أسعد دوراكوفيتش، علم الشَّرق، ترجمة عدنان حسن (الكويت: مؤسسة عبد العزيز البابطين، ط1، 2010م)، ص105.

[16] فمِن الأدلة على امتلائه المعرفي قوله تعالى: ﴿وَنَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ تِبۡيَٰنٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُسۡلِمِينَ٨٩ [النَّحل: 89]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا طَٰٓئِرٖ يَطِيرُ بِجَنَاحَيۡهِ إِلَّآ أُمَمٌ أَمۡثَالُكُمۚ مَّا فَرَّطۡنَا فِي ٱلۡكِتَٰبِ مِن شَيۡءٖۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ يُحۡشَرُونَ٣٨ [الأنعام: 38]. والدليل على تأثيره الشعوري والنَّفسي، قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَتۡكُم مَّوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَشِفَآءٞ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ٥٧ [يونس: 57]، وقوله تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ١٠٧ [الأنبياء: 107]. وقوله تعالى: ﴿قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ بَدَأَ ٱلۡخَلۡقَۚ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِئُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأٓخِرَةَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ٢٠ [العنكبوت: 20].

[17]يجب أن نشير في هذا السِّياق إلى أنَّ القرآن الكريم بتوجهاته الدَّعَويَّة والعَقَديَّة أجبرَ التراثَ على خلق مسلمات شعريَّة مختلفة.

[18] انظر: علي بن أبي الكرم محمد بن محمد ابن الأثير، أُسد الغابة في معرفة الصحابة، تحقيق علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود (بيروت: دار الكتب العلميَّة، ط1، 1415هـ/1994م)، ج4، ص482.

[19] راجع: مساعد بن سليمان بن ناصر الطَّيار، الإعجاز العلمي إلى أين؟ مقالات تقويمية للإعجاز العلمي (السعودية: دار ابن الجوزي، ط3، 1433ه)، ص20؛ مصطفى مسلم، مباحث في إعجاز القرآن (الرياض: دار التدمرية، 1432هـ/2011م)، ص137.

[20] وردتْ بعضُ الحقائق الكونية مفصَّلة، مثل مراحل خلق الإنسان، قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن سُلَٰلَةٖ مِّن طِينٖ١٢ ثُمَّ جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ١٣ ثُمَّ خَلَقۡنَا ٱلنُّطۡفَةَ عَلَقَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡعَلَقَةَ مُضۡغَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡمُضۡغَةَ عِظَٰمٗا فَكَسَوۡنَا ٱلۡعِظَٰمَ لَحۡمٗا ثُمَّ أَنشَأۡنَٰهُ خَلۡقًا ءَاخَرَۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَٰلِقِينَ١٤ [المؤمنون: 12-14].

[21] وخير شاهد على ذلك المعلقات السَّبعة، بوصفها تمثل الأنموذج في الشعر العربي القديم. انظر: دوراكوفيتش، ص131-137.

[22] أبو بكر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني، أسرار البلاغة. قرأه وعلَّق عليه محمود محمد شاكر (القاهرة: مطبعة المدني، دار المدني بجدة، ط1، 1412هـ/1991م)، ص121.

[23] محمود بن عمر الزَّمخشري، الكشَّاف عن حقائق غوامض التنزيل (بيروت: دار الكتاب العربي، ط3، 1407ه)، ج3، ص244.

[24] انظر: محمد بن أحمد الخطيب الشربيني شمس الدين، السِّراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير (القاهرة: مطبعة بولاق الأميرية، 1285هـ)، ج2، ص628. وانظر أيضًا: إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الخلوتي، روح البيان (بيروت: دار الفكر، [د.ت] ج3، ص101.

[25] انظر: مالك بن نبي، الظاهرة القرآنية (دمشق: دار الفكر، ط4، 1420هــ/2000م)، ص11.

[26] سلوان، ج2، ص312.

[27] انظر: أبو زكريا يحيى بن زياد الفرَّاء، معاني القرآن، تحقيق أحمد يوسف النجاتي وآخرَيْن (القاهرة: دار المصرية للتأليف والترجمة، ط1، [د.ت])، ج2، ص255؛ ولعلَّه اعتمد في تفسيره (للمشبَّه به) (كَظُلُمَاتٍ) على الحضور الاستدلالي للسياق في الآية السَّابقة عليها: ﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَعۡمَٰلُهُمۡ كَسَرَابِۢ بِقِيعَةٖ يَحۡسَبُهُ ٱلظَّمۡ‍َٔانُ مَآءً؛ حيث جاء المعنى الوضعي في سياق هذه الآية الكريمة: ﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ مفسِّرًا للمشبَّه به ﴿كَظُلُمَٰتٖ في الآية التالية، في نوعٍ من الإحالة غير المباشرة، لا سيَّما مع وجود التلاؤم بين معنى الآيتَيْن المباركتَيْن، فضلًا عن السِّياق الكلي للنَّص القرآني الذي دأب على تصوير الكفر بالظُّلمات، والإيمان بالنُّور. انظر: [البقرة: 257]، [المائدة: 16]، [إبراهيم: 5]، [الأحزاب: 43]، [الحديد: 9]، [(الطلاق: 11].

[28] انظر: محمد رفعت، "الضوء والنور"، مجلة الإعجاز العلمي الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، مكة المكرمة، ع42 (محرم 1434ه)، ص56.

[29] بن نبي، ص296؛ وفي السياق نفسه، يقول مالك بن نبي: إنه "بقدر ما تتطور معارفنا حول الطَّبيعة، والنفس البشرية، وكلما اكتسبنا سببًا جديدًا يحملنا على أن نرى الأشياء من زاوية مختلفة، فإنَّ ذلك يدعونا أن نضع المشكلات حين ندرسها بما يتفق وهذا الجديد من واقع العلم، والمسألة القرآنيَّة لا ينبغي لها أن تخرج عن هذه القاعدة". انظر: بن نبي، ص10-11.

[30] أبو الحسن مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي، تفسير مقاتل بن سليمان، تحقيق عبد الله محمود شحاته (بيروت: دار إحياء التراث، ط1، 1423ه)، ج3، ص202.

[31] المرجع نفسه، ج4، ص558.

[32] انظر: أبو جعفر محمد بن جرير الطَّبري، تفسير الطَّبري جامع البيان عن تأويل آي القرآن. تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي (السعودية: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، ط1، 1422هــ/2001م)، ج9، ص24؛ محمد بن محمد بن محمود أبو منصور الماتريدي، تفسير الماتريدي (تأويلات أهل السنة)، تحقيق مجدي باسلوم (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1426هـ/2005م)، ج10، ص391؛ مجموعة مؤلفين، التَّفسير الوسيط للقرآن الكريم، إشراف مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر (القاهرة: الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، ط1، 1414ه/1993م)، ج10، ص1746.

[33] Frank Press & Raymond Siever, Earth (San Francisco: W. H. Freeman, 3rd ed,1982), p. 435.

[34] Frank Press & Raymond Siever, Understanding Earth (New York: W.H. Freeman & Company, 2000).

[35] موريس بوكاي، التَّوراة والإنجيل والقرآن والعلم. ترجمة الشيخ حسن خالد (بيروت: المكتب الإسلامي، ط3، 1411هـ/1990م)، ص220.

[36] Umberto Eco, Languages the semiotics (Bloomington: Indiana University Press, 1984), p. 84.

[37] عيد بلبع، دلائل الإحكام "مقدمة في نظرية البلاغة القرآنيَّة" (القاهرة: مصر العربية للنشر والتوزيع، ط1، 2014م)، ص73.

[38] انظر: ناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر البيضاوي، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، تحقيق محمد عبد الرحمن المرعشلي (بيروت: دار إحياء التراث العربي، ط1، 1418ه)، ج2، ص181.

[39] محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق أحمد البردوني، وإبراهيم أطفيش (القاهرة: دار الكتب المصرية، ط2، 1384ه/1964م)، ج7، ص82.

[40] ابن عاشور، ج8، ص59.

[41] انظر: يحيى بن حمزة بن علي العلوي، الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز (بيروت: المكتبة العصرية، ط1، 1423ه)، ج2، ص200.

[42] الخليل بن أحمد الفراهيدي، كتاب العين، تحقيق مهدي المخزومي، إبراهيم السَّامرائي (القاهرة: دار ومكتبة الهلال، [د.ت])، ج1، ص289.

[43] Anne Waugh &Allison Grant, Ross and Wilson, Anatomy and physiology in health and illness (Edinburgh: Churchill Livingstone, 7th ed, 1994); Arthur C. Guyton & John E. Hall, Human physiology and Mechanisms of disease (U.S.A: Sounders company, 5th ed, 1992).

[44] انظر: عبد الجواد الصاوي، "ضيق الصدر والتصعُّد في السَّماء"، مجلة الإعجاز العلمي، ع10 (رجب 1422ه)، ص13.

[45] Arthur C. Guyton, Textbook of Medical physiology (U.S.A: W.B. Saunders, 8th ed, 1991).

[46] الجرجاني، ص115؛ 116؛ 121.

[47] من ذلك ضربه المثل لنماء الصدقة في قوله تعالى: ﴿مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنۢبَتَتۡ سَبۡعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنۢبُلَةٖ مِّاْئَةُ حَبَّةٖۗ وَٱللَّهُ يُضَٰعِفُ لِمَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ٢٦١ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ لَا يُتۡبِعُونَ مَآ أَنفَقُواْ مَنّٗا وَلَآ أَذٗى لَّهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ٢٦٢ ۞قَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞ وَمَغۡفِرَةٌ خَيۡرٞ مِّن صَدَقَةٖ يَتۡبَعُهَآ أَذٗىۗ وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٞ٢٦٣ [البقرة: 261-262]. وقوله تعالى: ﴿وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمُ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ وَتَثۡبِيتٗا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ كَمَثَلِ جَنَّةِۢ بِرَبۡوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٞ فَ‍َٔاتَتۡ أُكُلَهَا ضِعۡفَيۡنِ فَإِن لَّمۡ يُصِبۡهَا وَابِلٞ فَطَلّٞۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ٢٦٥ [البقرة: 265]. وكذلك قوله تعالى يُشبه الإيمان بالنُّور، والكفر بالظُّلمات: ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيۡتٗا فَأَحۡيَيۡنَٰهُ وَجَعَلۡنَا لَهُۥ نُورٗا يَمۡشِي بِهِۦ فِي ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُۥ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ لَيۡسَ بِخَارِجٖ مِّنۡهَاۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلۡكَٰفِرِينَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ١٢٢ [الأنعام: 122]. وأمثال هذا في القرآن الكريم كثير.

[48] ولا يعني هذا أنَّ البلاغة منفصلة عن الاستدلال، بل إنَّها تستعمله عبر تقنياتها الحِجاجيَّة المختلفة في الخطابات التي تنشد التأثير على المخاطَب. ولذلك ربط أرسطو البلاغة بالحِجَاج في تعريفه للخطابة /للريطوريقا بأنَّها "قوةٌ تتكلَّفُ الإقناع الممكن"، كما ربط بينها وبين وصناعة الجدل (الديالكتيكية) بوصفهما يرميان إلى شيءٍ واحدٍ هو الإقناع. أمَّا البلاغي والفيلسوف البيزنطي بوثيوس (Boethius)، فقد نظر إلى البلاغة بوصفها معرفةً أو مقدِرةً موجهةً نحو الإقناع. أمَّا البلاغيون العرب فلم يفصلوا أيضًا بين البلاغة والحِجَاج، فقد عرَّف الجاحظ البلاغة بأنَّها "البصر ‌بالحُجَّة والمعرفة بمواضع الفرصة". ولكننا نفصل - في هذا السِّياق - بين الاستدلال الخطابي الذي هو من شأن اللغة والبلاغة، والاستدلال العلمي في العلوم التجريبية.

انظر: سلوان، ج2، ص485؛ أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، البيان والتبيين، تحقيق: عبد السلام هارون (القاهرة: مكتبة الخانجي للطباعة والنشر والتوزيع، ط5، 1405هـ/1985م)، ج1، ص92.

[49] العلوي، ج3، ص97، 183.

[50] محمد بن عرفة الدسوقي، حاشية الدسوقي على مختصر المعاني لسعد الدين التفتازاني، تحقيق عبد الحميد هنداوي (بيروت: المكتبة العصرية، [د.ت])، ج3، ص209.

[51] JD Deschênes "Gift helps spider to escape cannibalism," Nature, Vol. 533 (26 May 2016), p. 440.

[52] انظر: زغلول النجار، من آيات الإعجاز العلمي: الحيوان في القرآن الكريم (بيروت: دار المعرفة،2003 م)، ص142-144؛ يوسف الحاج أحمد، موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسُّنة المطهرة (مكة المكرمة: مكتبة ابن حجر للنشر والتوزيع، ط2، 1424هـ/2003م)، ص499-501.

[53] مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن عبد الكريم الشيباني ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر، تحقيق طاهر أحمد الزاوي، محمود محمد الطناحي (بيروت: المكتبة العلمية، 1399هـ/1979م)، ج1، ص170.

[54] الطبري، ج18، ص404.

[55] انظر: أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعالبي، الكشف والبيان عن تفسير القرآن، تحقيق الإمام أبي محمد بن عاشور. مراجعة وتدقيق نظير السَّاعدي (بيروت: دار إحياء التراث العربي، ط1، 1422هـ/2002م)، ج2، ص297.

[56] الزَّمخشري، ج3، ص454.

[57] أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري، الصحاح تاج اللُّغة وصِحَاح العربية، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار (بيروت: دار العلم للملايين، ط4، 1407هـ/1987م)، ج1، ص244؛ أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، مجمل اللُّغة، دراسة وتحقيق زهير عبد المحسن سلطان (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط2، 1406هـ/1986م)، ص140.

[58] حسين محمد البسومي، "حِجاجيَّة مَثَل (بيت العنكبوت) في القرآن الكريم"، ضمن وقائع المؤتمر العلمي الدولي الثاني المدمج: القرآن الكريم وعلوم الحياة (العراق: جامعة ديالي، 1444هـ/2022م)، ص305.

[59] Marie Elisabeth Herberstein, Spider Behaviour: Flexibility and Versatility (Cambridge: Cambridge University Press, 2011).