تاريخ الاستلام: 03 يوليو2023

تاريخ التحكيم: 27 أغسطس 2023

تاريخ القبول: 12 أكتوبر 2023

مقالة بحثية

تأنيث الرياضة في ملاعب القرب بالمغرب: مقاربة تقاطعية

عبد القادر بوطالب

أستاذ التعليم العالي، جامعة عبد المالك السعدي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، تطوان-المغرب

boutalebabd@yahoo.fr

https://orcid.org/0009-0000-0883-5123

عمرو رامي

باحث في علم الاجتماع، جامعة عبد المالك السعدي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، تطوان-المغرب

rami.amtou@gmail.com

https://orcid.org/0009-0002-2285-9572

ملخص

الممارسة الرياضية سيرورة للاندماج الاجتماعي. وهي رهان رياضي يطرح لفئتي النوع والإعاقة مجموعة عراقيل، يكتنفها الكثير من الغموض. يناقش البحث إشكالية الولوجية إلى ملاعب القرب طلبًا للإيضاح؛ ما سنعمل عليه باختبار الفرضية القائلة بتماثل سيرورات الاستبعاد بين النوع والإعاقة، وهكذا سيتوزع الاهتمام على تحليل السياق الاجتماعي والسياسي الذي تبلور فيه الموضوع، وكيف أصبح البحث في الاندماج تقاطعيًا، وبناء تركيب للثيمات المشتركة بين الدراسات فيهما، واستقصاء تجارب النساء مع الرياضة. وقد توصل البحث إلى تماثل سيرورات إنتاج الإعاقة، الأمر الذي تأكد في وجود ثيمات قابلة للنقل من دراسات الإعاقة لاستثمارها في توسيع فهمنا لقضايا وظواهر النوع.

الكلمات المفتاحية: الإعاقة، الاندماج الاجتماعي، الرياضة في ملاعب القرب، التقاطعية

للاقتباس: بوطالب، عبد القادر. ورامي، عمرو. «تأنيث الرياضة في ملاعب القرب بالمغرب: مقاربة تقاطعية». مجلة تجسير لدراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية البينية، المجلد السادس، العدد 1 (2024)، ص35-58. https://doi.org/10.29117/tis.2024.0160

© 2024، بوطالب ورامي، الجهة المرخص لها: مجلة تجسير ودار نشر جامعة قطر. نُشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0

 

 

 

 


 

Submitted: 03 July 2023

Reviewed: 27 February 2023

Accepted: 12 October 2023

Research Article

Feminization of Sports in Proximity Stadiums in Morocco: An Intersectional Approach

Abdelkader Boutaleb

Professor and researcher, Abdelmalek Essaadi University, Tetouan-Morocco

boutalebabd@yahoo.fr

https://orcid.org/0009-0000-0883-5123

Amar Rami

Researcher, Department of Humanity studies, Abdelmalek Essaadi University, Tetouan-Morocco

rami.amtou@gmail.com

https://orcid.org/0009-0002-2285-9572

Abstract

Practice is a process of social integration. A bet that poses a set of constraints, to the categories of « gender » and «disability», that are little understood and that will be clarified by researching the issue of accessibility to nearby stadiums, and examining the hypothesis supporting the symmetry of the processes of exclusion towards the two categories ; thus the analysis must relate to the context of social elaboration of the object of study, the way in which research and reflection become intersectional, the constitution of a synthesis from the themes resulting from an interdisciplinarity between « gender studies » and « disability studies » and the investigation of women’s experiences in interaction with the issue of sport/integration. The results endorsed the symmetrie of exclusion from one category to another, although the visibility is variable.

Keywords: Handicap; Gender; Social Integration; nearby stadiums; Intersectionality

Cite this article as: Boutaleb, Abdelkader & Rami, Amar. "Feminization of Sports in Proximity Stadiums in Morocco: An Intersectional Approach". Tajseer Journal for Interdisciplinary Studies in Humanities and Social Science, Vol. 6, Issue 1 (2024), pp. 85-108. https://doi.org/10.29117/tis.2024.0162 

© 2024, Boutaleb, licensee Tajseer Journal & QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution Non-Commercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0

 

 

 

 

 


 

مقدّمة

تَطرح مسألة الاندماج الاجتماعي عبر الانخراط في الأنشطة الرياضية – كسيرورات دامجة – نفسها للنقاش في التمفصل الممكن بين سياسات المدينة وسياسات المساواة[1]، على اعتبار أن العمل في اتجاه خلق تقارب بينهما يسعف في إيجاد تهيئة مجالية حاضنة للسيرورات المعتمدة. لهذا نرى أن التفكير في الأبعاد الاندماجية للممارسة الرياضية – مفكرًا فيها من خلال الفرضية المجالية – يفيد في فهم دينامية هذه السيرورات المقترحة، خصوصًا أن هذه الأخيرة تأتي إلى المجال وقد سبقتها إليه سيروراتٌ استبعاديةٌ هي بالضرورة علة وجودها. سيرورات بهذا التعارض في المنطلقات والغايات لا يمكن إلا أن تعمل ضدًا على بعضها البعض، وهو ما سنبسِّط فيه القول بتتبع مساقات مشروع "تأنيث الرياضة" في مرآة ملاعب القرب بالمغرب، كتهيئة مجالية تقبل المساءلة حول ما أسهمت به في سياق تقريب الرياضة من النساء كفئة من الفئات المستبعدة.

هذه التهيئة المجالية التي تقدم نفسها برهانات اندماجية، يُفترض فيها أن تشكل عبر الممارسة الرياضية مدخلًا لتذويب التفاوتات الاجتماعية[2]، ما يستلزم إعادة صياغة علاقة الأفراد بالجسد وبالفضاء العام[3]، محورها الحق في الصحة وحسن الكينونة[4]، وتفكيك الكليشيهات العتيقة التي وزعت الأفراد إلى مستبعدين وغير مستبعدين[5]. رهان يصادف بالنسبة للنساء العديدَ من الإكراهات التي ما زالت تحتفظ بقدر غير يسير من الالتباس والغموض، الأمر الذي يجعل هذا القرب الجغرافي المقترح يتحول في أحيان كثيرة إلى بعد اجتماعي (Eloignement) مضاد للاندماج، وهكذا فالفكرة التي ندافع عنها تتلخص في أن التهيئة المجالية التي لا تدرك ماهية الإكراهات المنتجة للإقصاء، بما هو تراكم للإعاقات[6]، تنتهي إلى رسم حدود جديدة للتفرقة الاجتماعية، تصبح داخلها الآثار الاستبعادية قربًا مضنيًا والإمكانيات الاندماجية بعدًا يتحدى أي اختزال للمسافات.

وبناء عليه، فمحاور الدراسة الراهنة تتكامل في تحقيق ثلاثة أهداف فرضت علينا عدة قراءات واستقراءات موجَّهة بتساؤلات أثارتها الملاحظة الإمبريقية التي أبانت عن احتكار ذكوري للممارسة الرياضية داخل ملاعب القرب، وهو ما يتناقض كليًّا مع دلالات القرب في الأعراف التنموية، حيث الرهان هو تفعيل الولوجية المعطلة لدى الفئات المهمشة على وجه الخصوص:

في أول أهداف هذه الدراسة، سنسعى إلى تجميع بعض العناصر النظرية والمفاهيمية التي تسمح لنا بفهم مجموعة وقائع تدور داخل مجالات صغرى، كملاعب القرب، في سياق التفاعل بين الظواهر الاستبعادية والسيرورات الاندماجية المقترحة لمعالجتها. فما دور القرب الجغرافي في تفعيل الولوجية كشرط للاندماج الاجتماعي؟ وهل كل قرب محقق للولوجية والاندماج؟ ويرتبط بالهدف السابق رهان آخر: محاولة فهم بعض العوامل المتحكمة في التهيئة المجالية، بما هي إنتاج للمجال المعيق للمشاركة النسائية من ناحية، وإصلاح مجالي يربط الاندماج الشمولي بإنتاج المجال التعددي المُفكِّك للإعاقة من ناحية أخرى. بأي معنى نتحدث عن الإعاقة كسيرورة إنتاج اجتماعي؟ وما دور المجال في عملية الإنتاج هاته؟ وما شروط المراجعة المجالية التي تسمح بالولوجية للجميع، وللفئات المهمشة على وجه الخصوص؟ وإذا أخذنا في الحسبان أن الإقصاء هو تراكم الإعاقات، فكيف يكون إقصاء النساء من المشاركة الرياضية منتِجًا للإعاقة؟ وما القيمة المضافة التي تكون للإلمام بقضايا الإعاقة والولوجيات (ضمن أدبياتها الأصيلة) في توسيع فهمنا لأشكال الحرمان المجالي بالنسبة للنوع؟ غير أن مصداقية هذين الهدفين تظل معلقة إلى حين اختبار القدرة التحليلية، كهدف ثالث، لهذه العناصر النظرية الناشئة عن التقاطعات بين النوع والإعاقة في إيضاح علاقة النساء بالرياضة.

إذًا، ولإضفاء المصداقية على الطرح القائل باستمرارية الاستبعاد حتى في وجود سياق للقرب يخص الممارسة الرياضية، سنعمل على تأطير تفكيرنا في هذه الإشكالية، من منظور النموذج التقاطعي، بالسؤال عن الكيفية التي يتقاطع بها النوع والإعاقة في تحديد علاقة النساء بالرياضة؛ وسنوجه استقراءاتنا نحو اختبار الفرضية القائلة بأن سيرورات تشكل الاستبعاد تتنمذج تبعًا للتأويل السوسيو ثقافي الذي يبرره بعدم القدرة، ويتضاعف بتهيئة اجتماعية غير ملائمة، وتختلف تجارب الممارسة الرياضية بدلالة التفاوتات في إدراك التغايرات بين السيرورات التنشئوية الأصلية المستمدة من الثقافة السائدة في المجتمع المغربي، وبين السيرورات التنشئوية الرياضية كسمة من سمات المجتمعات الحديثة.

في استطلاعنا للأدبيات ذات العلاقة، بدا واضحًا أن أبحاث من نتقاسم وإياهم إشكاليات الاندماج الاجتماعي لفئتي النوع والإعاقة، أضحت ترسخ تداولًا يكاد يكون ميكانيكيا للمقاربة التقاطعية، تجعلنا نتوقع خططهم التحليلية وما ستؤول إليه نتائج أبحاثهم حتى قبل الانطلاق في البحث؛ حيث إن النتيجة المنتظرة من اندغام الإعاقة والنوع على مستوى نفس الفرد يؤدي دائمًا إلى تهميش مضاعف، وإهمال مزدوج، وهيمنة مركبة... وما إلى ذلك. لذا فأصالة بحثنا الراهن وأهميته تكمنان في سعيه إلى إبراز إمكانيات جديدة للتناول التقاطعي، سنعمد من خلالها إلى دمج مفهوم الإعاقة في فهم علاقة النساء بالرياضة، على اعتبار أن الابتعاد عن الممارسة الرياضية منتج للإعاقة[7]، والانخراط فيها لن يكون ميسورًا إلا بتكسير العديد من العوائق، وفي مقدمتها تفكيك المجال المعيق الذي يعرقل الولوجية إلى الحقوق والخدمات.

من الواضح، إذًا، أن موضوع الدراسة يندرج ضمن إشكالية اندماج النساء عبر الممارسة الرياضية المقترحة في ملاعب القرب، منظورا إليها من زاوية البردايغم/ النموذج التقاطعي؛ ولمعالجته سنتتبع الكيفية التي تبلور بها الموضوع سياسيًا واجتماعيًا، ثم نقدم بعض الإسهامات النظرية حول سيرورات تشكل الإعاقة بالنسبة للنوع والأشخاص في وضعية إعاقة، مع التركيز على دور التهيئة المجالية في تفاقمها (عمران معيق للولوجية) وأيضا في تفكيكها (عمران مفكِّك للإعاقة ويسمح بالولوجية)، ومن ثمة الخروج ببعض الثيمات المركبة التي تصف تماثل سيرورات بناء الإعاقة لدى الفئتين المبحوثتين. وفي الختام سنمر إلى تطبيق هذه الثيمات في تحليل المتن البحثي الذي تم بناؤه بمنهجية إثنوغرافية، جمعت بين ثلاث أدوات لجمع المعطيات: الملاحظة بدون مشاركة والزيارات الميدانية لملاعب القرب بمدينة تطوان ثم المقابلة نصف الموجهة، التي جمعتنا مع ست شابات تداولن حول سيرهن فيما يخص تجاربهن مع الممارسة الرياضية في علاقتها بالتهيئة المجالية المتوفرة، حيث تمركز النقاش حول الظروف التي تأسست فيها العلاقة بالرياضة، والإكراهات التي ما تزال قادرة على إعاقة ومنع انخراط النساء في الممارسة الرياضية التي تقترحها ملاعب القرب، وما تخسره النساء والشابات جراء الحرمان من الرياضة، وعن خططهن المعتمدة في تجاوز هذه العوائق والظفر بمزايا الممارسة الرياضية.

 

أولًا: الممارسة الرياضة وإشكاليات الاندماج الاجتماعي في المغرب: سياقات، مفهمة، ومقاربات

لبيان الكيفية التي تشكل بها موضوع البحث الراهن في ذهن الباحثين، سنعمد في هذا الحيز إلى رصد السياق السياسي والاجتماعي الذي تبلور فيه النوع والإعاقة كفئتين اجتماعيتين معنيتين بمضامين السياسات الاجتماعية المقترحة لتحقيق الاندماج الاجتماعي في المغرب، ومن خلال العودة إلى الأحداث التي ضغطت في اتجاه استجابات ذات طابع استعجالي سنحدد ما انطوت عليه البدايات من مفارقات، تمثلت أساسًا في برمجة تدخلات دون تشخيص الشروط السياقية والبنيوية بما يكفي من دقة وموضوعية، وقد بلغ التناقض ذروته في انطلاق متزامن لسيرورات متعارضة، فما سياقات التبلور السياسي؟ وما حيثياته؟

1.     سياقات التبلور السياسي للموضوع وحيثياته

عرف المغرب في أوائل هذا القرن عمليات بناء واسعة، همت تشييد ملاعب للقرب، في سياق سياسي واجتماعي مشحون، هيمن عليه بعض الحركات الاجتماعية، وفجرته الأحداث الإرهابية التي شهدتها مدينة الدار البيضاء في 16 ماي 2003[8]، وأبرزت بعضا من معالمه المعطيات التي استُجمعت بداية عن طريق التحريات التي فتحتها الأجهزة الأمنية مباشرة بعد التفجيرات؛ إذ مكنت من تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية، والكشف عن هوية الضالعين في أعمال العنف هاته، وحتى أولئك المرشحين للقيام بأعمال مماثلة، ما يشكل تهديدا حقيقيا للأمن العام بالمجتمع المغربي؛ وامتدادًا عبر الأبحاث التي عادت لاستطلاع الترابطات بين هذه الظواهر والسياقات الاجتماعية التي أفرزتها[9] .

تبين بالملموس أن غالبية هؤلاء يمثلون شبابًا ينحدرون من هوامش المدن الكبرى[10]، حيث نشأت بروليتاريا (Prolétariat) في ظروف إقامة بطبعها العشوائي، ويغلب على حياتها المهنية النشاط غير المهيكل[11]، وقد تشكلت هذه الساكنة نتيجة عمليات النزوح القروي الكبير خلال التسعينيات. باختصار: الخطر الداهم أصبح من شباب ينحدر من بروليتاريا هشة، لم تسمح لها الشروط التي تعمل داخلها بتأسيس روابط اجتماعية دامجة لأفرادها، بأن تضمن لهم الحق في الحماية الاجتماعية[12].

وهكذا فالقراءة السريعة لهذه الظرفية تشير إلى وجود أزمة تطال الرابط الاجتماعي، الأمر الذي يجد امتداداته في خطاب السلطات العمومية التي بدأت تروج قاموسًا تنمويًا جديدًا، خطاب بدا وكأنه يصدر عمن يحاول أن يساوق بين ما تلتقطه أذنه من مضامين تنموية أممية، مرجعُها أهداف الألفية الثالثة[13]، وبين ما ترقبه عينُه من أشكال متعددة لـ"لأنوميا"(anomie)/ عدم الاستقرار، كضرب من الاختلالات – باعتماد التداول "الدوركهايمي"[14] – التي يقع فيها الشباب الجانح معلنةً بالمناسبة عن إخفاق السيرورات التنشئوية التقليدية في الوصول إلى أهدافها في تحقيق الانسجام البناء.

من مخرجات التفاعل، بين المشاكل المسجلة وحلولها المقترحة، أنْ بدأنا نسمع عن سياسات اندماجية، تجسمت رسميا بالإعلان عام 2005 عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وكان يهمنا الاقتراب من فقراتها لمعرفة الحيثيات التي أودت بالاندماج – على الطريقة المغربية – إلى الفشل؛ لأن الاندماج في شروط عادلة للمواطنة، ما عادت تحدد المواطن – كما يؤكد عليه "آلان تورين" (Alain Touraine) – بصفاته وإنما بحقوقه[15]. لإيضاح ما يعنيه السوسيولوجي الفرنسي بقوله، نلفت الانتباه إلى دلالة الحق باعتباره منتوجًا اجتماعيًا توفره المؤسسة للمواطن في شروط معينة للجودة، هكذا يصير لكل واحد – بغض النظر عن جنسه وسلامة جسده وباقي مواصفاته – الحق في نفس المنتوج وبنفس الدرجة من الجودة.

من بواكير هذه السياسات الاندماجية بالمغرب، أنْ بدأ الفضاء العام يشهد بناء ملاعب، كان لها من الأسماء أن تدعى "ملاعب القرب"، تسميةٌ تعكس في مضمونها هاتين المصادرتين: أولهما الرهان على الدور الاندماجي للممارسة الرياضية، وثانيهما أهمية المجال بمعناه المكاني في وضع تقارب بين سياسات عمرانية وأخرى للمساواة.

بناءً عليه، يحق لنا أن نسائل هذه التهيئة المجالية، التي تعلن عن خلفيتها الاندماجية الكامنة في رهانها على القرب، حول ما إذا كان قربها هذا متاحًا للجميع؛ أي يسمح بالولوجية لجميع الفئات. ومعلوم أنها المرحلة التي تزامنت مع ديناميات اجتماعية وحكومية همت على الخصوص وضع آليات قانونية وخطط اقتصادية واجتماعية تهدف إلى المساواة والنهوض بأوضاع فئتي النوع والإعاقة. ولنا أن نتحفظ حول قدرة هذه السياسات في تحقيق هذا المقوِّم بخصوص مدى عدالتها وسلامة تدابيرها الاندماجية، ليس لأن كتابتنا لهذا البحث تأتي شهورًا بعد الإعلان عن فشل النموذج التنموي برمته فحسب – والذي نحن الآن بصدد دراسة أحد تجلياته – ولكن لأننا نستحضر بعض الوقائع التي ظهرت كإرهاصات كانت تندر بنتيجة مماثلة:

      وجود خطاب رسمي يؤكد على أن المقصود من إنشاء ملاعب القرب هو إيجاد التهيئة الملائمة للتشجيع على تأنيث الرياضة؛ في مقابل واقع يَبرز فيه احتكارٌ ذكوري شبه تام لهذه الفضاءات الرياضية[16].

      الأولوية الممنوحة للذكور في مجال الاندماج عبر الانخراط في الممارسة الرياضية، باتت مرتبطة في العديد من التجارب بـ"تكتيك" سياسي واجتماعي، يروم سحب الشباب من الفضاءات العامة المفتوحة إلى أخرى مغلقة من أجل تلقي تنشئة رياضية يؤْثر عنها أنها مهدئة ومهذبة للطبع الإنساني[17]. في حين عدم مرئية الفتيات والشابات بهذه الصور المزعجة في الشارع العام، تكشف كيف أن الأدوار الأبوية تنجح معهن إلى حد بعيد في ترسيخ طباع أنثوية امتثالية للقواعد والمعايير السائدة، وهكذا فالشابات يُعوِّلن – بخلاف الشباب الذي ينزع إلى التمرد والعنف من أجل تحقيق الذات كنوع من الاندماج المنحرف – على النجاح الدراسي من أجل الاندماج[18].

      مسارات أنثوية تكامل فيها التكوين الدراسي الجيد والنجاح الرياضي، إنْ على المستوى العالمي أو المحلي، ما كرس نموذجًا أنثويًا بدا مسموع الكلمة في النقاش العمومي، قادرًا على إثارة الانتباه إلى الاختلالات المسجلة التي مرجعها النوع، والعرق والطبقة والإعاقة... ما جعل هؤلاء الرياضيّات ينخرطن في مبادرات تأنيث الرياضة، بالمعنى الاندماجي العام الذي يتوخى توسيع الممارسة الرياضية بين النساء. ومنه بدأت تتجسر الهوة التاريخية بين النسائيات والرياضيات، فبدأ اهتمام النسائيين والنسائيات يزداد بالرياضة كما أن الرياضيات أصبحن ينخرطن في خدمة مشروع الحركة النسائية.

في سياق هذه الديناميات التي راهنت على الاندماج عبر الممارسة الرياضية، وهي التي اشتهرت بأنها صانعة الفحولة في نسختها المعاصرة[19]، عُبئِت مجموعة مفاهيم كــ"المقاربة بالنوع"، و"تأنيث الرياضة"، و"الرياضة للجميع"، وذلك بالتزامن مع انطلاق تهيئة مجالية تكشف عن أهدافها الاندماجية في مقوم القرب، غير أن المرئية الضعيفة للشابات في هذه الملاعب، تطرح إشكالات مفاهيمية في وجود مشاريع تزعم أنها مستجيبة للمقاربة بالإدماج لكن مخرجاتها في الواقع تتجسم في كل ما هو مخالف للإدماج (Insertion)، وحتى للاندماج (Intégration)[20]. ففي أية شروط مجالية يمكن مقاربة الولوجية العادلة لسيرورات الاندماج عبر الرياضية؟

2.     المجال والدينامية المفاهيمية المواكبة لسيرورات اندماج النساء في الرياضة

إن المتتبع للدراسات التي اهتمت بالمشاركة النسائية في الرياضة لن يحتاج إلى إجهاد ذهني كبير ليدرك أن هناك طغيانًا للبعد التأريخي على غالبية المقاربات المنهجية المعتمدة؛ لأن إرادة فهم الإكراهات التي ما تزال قادرة على إعاقة مشاريع اجتماعية، من قبيل ما تقدمت الإشارة إليه، استلزمت من الباحثين إسناد حاضر الظاهرة إلى ماضيها.... وهكذا فوصف وتحليل التغيرات الاجتماعية أو حتى محاولة الأخذ بأسباب هذه التغيرات فرض دينامية مفاهيمية، تتدرج من "الاندماج عبر الانخراط في الممارسة الرياضية"، إلى "مراجعة التهيئة المجالية"، ف "التثليث كمنهجية تقاطعية اندماجية". كانت تلكم هي البنية المفاهيمية المؤطرة لتفكيرنا وبحثنا في موضوع العلاقة الملتبسة للنساء بالرياضة:

‌أ.      الاندماج عبر الانخراط في الممارسة الرياضية:

لا بد من الإشارة بدايةً إلى أن الاندماج الاجتماعي يأتي، بما هو سيرورة يسعى من خلالها المجتمع إلى تقليص الفوارق بين سكانه المستبعدين وغير المستبعدين، ليؤكد بذلك وجود تغييرات تطال النظرة إلى "المستبعَد" و"المستبعد منه" كليهما، وهكذا فالحديث عن مشاريع تأنيث الرياضة – كسيرورات دامجة – يعكس تحولًا في النظرة إلى المرأة (المستبعَدة) والرياضة (المستبعد منه)، ولأهمية هذه التطورات في مفهومي النظرة الاجتماعية للمرأة والمشاركة النسائية في الرياضة بالنسبة للبحث، فهي تحتاج لبعض الإيضاح:

     من علاقة معطَّلة بالرياضة إلى أخرى مفعَّلة أو على الأقل هذا ما يُفكَّر فيه، تكون النظرة التي يحملها المجتمع عن المرأة قد انتقلت من نظرة تأسست على التناقض الصارخ بين مبادئ التنشئة التقليدية (الأفضلية الذكورية والدونية الأنثوية، الجسد/العورة وقواعد الاحتشام الزائدة لدى الإناث، حصر نشاطها في الفضاء الخاص)، وبين الخصائص الرائجة عن الرياضة (البحث عن التفوق، استعراضية الجسد، الاختلاط، الرغبة في التنافس، وروح المجازفة أو المخاطرة، التموقع في الفضاء العام)[21]، إلى أخرى بدت معالمها تتشكل على ضوء التجارب النسائية الأولى في عالم الرياضة التي غالبا ما كانت تحمل دلالة التمرد على الحدود والمعايير الثقافية، غير أن المفيد في هذه التجارب هو أنها أسهمت في الكشف بتعبير النسائية "لوس إيريغاري" (Luce Irigaray) عن زيف المكانزمات المعتمدة في إقصاء النساء من المشاركة في الحياة الاجتماعية، فبالممارسة الرياضية، ستبرهن النساء عن القوة والمرونة والمهارة العالية، وهي المقومات التي تتطور بالمشاركة وليس بالإقصاء والاستبعاد: إن مثل هذه التجارب كانت كافية لتفنيد الطروحات التي غالبا ما كانت تؤوِّل منع النساء من مزاولة الرياضة بمبررات العجز الجسماني والأخطار المترتبة عن الممارسة إلى أن ثبت العكس، وثبت أن الحرمان هو المسؤول عن العديد من الإعاقات التي لحقت بالجسم والنفسية الأنثويين (السمنة، الضغط النفسي).

     الرياضة هي الأخرى عرفت تحولات بالتوازي مع تغيُّر النظرة إليها، فلم تعد ترفًا سلوكيًا محصورًا على الأقوى والأمهر والأسرع، بل أصبحت أحد المداخل الأساسية للحق في الصحة وجودة الحياة بالنسبة للجميع، باختصار شديد: كان الانتقال من الرياضة في صورها الاستبعادية والمؤسسة للفحولة في نسختها الحديثة[22] إلى تعريف مغاير لمفهوم الرياضة، يتحدد في دلالته على مختلف السيرورات الاندماجية التي تسمح لمن يتحركون داخل الامتداد الترابي للمجتمع بالمشاركة في أنشطته من خلال تفعيل روابط مهنية وتنشئوية دامجة، وبتعلم معايير وقواعد وتبني سلوكيات معينة؛ لأن الرياضة كواحدة من المؤسسات الاجتماعية تدل على القيم التي يتبناها المجتمع، وتنخرط بنوع من العفوية في إعادة إنتاج المجتمع تبعا للقيم السائدة[23].

‌ب.  مراجعة التهيئة المجالية: القرب كمدخل لتحقيق الولوجية

معلوم أن الأفعال الإنسانية تقع، جميعها، داخل مجال ذلك الامتداد الترابي الذي يمثل إطارًا يستوعب النشاط الإنساني في مجموعه، وبحكم وظيفته هاته فهو يرتبط بهذه الأفعال من خلال علاقة محتوٍ بمحتوىً (Contenant/Contenu)[24]؛ غير أن جانبًا مهمًا منها يقع على المجال بهدف التأثير فيه تسهيلًا لسيرورات تملكه وضمان الولوجية إليه. يظهر بذلك أن التهيئة المجالية تمثل وظيفة إنسانية تستجيب لحاجة متأصلة في الإنسان؛ هي الحاجة إلى تنظيم وتخطيط وتصميم الحياة الجماعية داخل رقعة جغرافية محددة. ولترابط التملك مع الولوجية في أعمال التهيئة، فهي تعمل على تعبئة روابط الهيمنة الكامنة في الثقافة المحلية. بهذا المعنى، نتحدث عن التهيئة كإنتاج للمجال يدمج مختلف المعايير والقيم السائدة من أجل التحكم في الولوجية إليه وإلى ما به من موارد وخدمات.

للإيضاح أكثر، نستحضر التغييرات المجالية التي واكبت تغير النظرة إلى المرأة وإلى المشاركة في الرياضة: يأتي بناء "ملاعب القرب" ليعكس وعيًا إنسانيًا بوجود مظالم اجتماعية والحاجة إلى التجاوز، إنها تعبر عن سياسة اندماجية ترى في المشاركة الرياضية القدرة على تنمية الروابط الاجتماعية لأفراد الفئات المهمشة من باب، ما يصفه "هنري لوفيبفر" (Henri Lefebvre)بالحق في المدينة، وقد اقتضت إرادة التجاوز مراجعةً مجاليةً تنتقل من عمران رياضي متحيز، غالبًا ما كان ينحصر في الملعب الوحيد التابع للإدارة الجماعاتية، إلى عمران رياضي تعددي مفتوح للجميع على قاعدة المساواة.

يبدو أن المعوَّل عليه، في عمليات تصحيح المجال وتعديله، يتمثّل في عامل القرب الجغرافي على اعتبار أن تقليص المسافة من شأنه أن ييسر الولوجية، فهل فعلًا كل قرب جغرافي محقِّق للولوجية؟ وقبل ذلك، دعونا نعرف ما نقصده بالولوجية وبالقرب الجغرافي:

      تدلّ الولوجية – في مستوى تحققها طبعًا – على رفع جميع العوائق التي كانت تحد من حركية الأفراد، أو تقلص من المشاركة في الأنشطة المختلفة للمجتمع[25]، على أن تحقيق الولوجية يمرّ حتمًا بتفكيك الإعاقات المجالية إلى أن تصير الأمكنة في متناول الفاعلين الاجتماعيين.

      يتحدد القرب الجغرافي عمومًا بدلالة المسافة الفاصلة بين الفاعلين الاجتماعيين والأمكنة وما بها من موارد متوفرة. وليكون القرب مطابقًا لأهدافه الاندماجية يلزم أن يكون مفعِّلًا للولوجية. والحالة هذه، يتعين التركيز على الفئات المهمشة المعنية أكثر بإشكالات الاندماج الاجتماعي.

وبما أن الولوجية تقتضي رفعَ العوائق التي تحد من حركية الأفراد، أو تقلص من المشاركة في الأنشطة المختلفة للمجتمع[26]، فذلك ما خول لها أن تصبح من المبادئ والآليات المنصوص عليها من أجل تحقيق مبدأ آخر من مبادئ العدالة، يتعلق الأمر بتكافؤ الفرص في مختلف ميادين الحياة الاجتماعية[27]. في هذا المستوى، لا يمكن الحديث عن الولوجية – كآلية لتحقيق العدالة – إلا في إطار شمولي: لن تكون الولوجية عادلة وهي – مثلا – لا تستجيب إلا لفئة من الفئات، وللشمولية مظهر آخر في تدبير الولوجية، إذْ لن تكون محققة لأهدافها إلا بمعالجة المسارات التي يقطعها الأفراد في اتجاه مواضيع رغبتهم في كليتها، وليس الاقتصار على بعض المقاطع النهائية، لأنه على سبيل المثال لا يمكن الحديث عن ولوجية محدودة عند مدخل الملعب أو أية مؤسسة أخرى، والطرقات المؤدية إليها غير مؤهَّلة، إما لأنها ممرات غير آمنة، أو لأنها تقع خارج الخطوط التي يغطيها النقل العمومي، أو ما شابه ذلك.

وباستلهام المبدأ "الراولزي" (نسبة إلى راولز) في تأسيس العدالة على تكافؤ الفرص، تتحدد التهيئة المجالية بوصفها إصلاحًا مجاليًا يفعَّل جغرافيًا لتصحيح التفاوتات الناجمة عن مظالم اجتماعية سائدة، وذلك بالتأثير المباشر على المجال، ومنه التأثير غير المباشر على المجتمع، وبهذا فالتهيئة المجالية كإنتاج للمجال تفرض نفسها، من منظور راولز (John Rawls) للعدالة، كنوع من التمييز الإيجابي.

بهذا المعنى، فالمجال يفقد حيادَه إزاء من يعيش فيه؛ لأنه ببساطة هو نتاج لسيرورة بناء اجتماعي، ويتنمذج تبعًا لروابط القوة السائدة في المجتمع؛ فتارة يجنح للاضطراب والتوتر لوجود علاقات صراعية، وتارة أخرى للسكون المفروض في روابط مكتفية بإعادة الإنتاج، وهي الحيثيات التي تظل قابلة للملاحظة عند النظر فيما يسميه "لوفيبفر" (Lefèbvre) "مجالًا مدركا" (Espace perçu). وفي تحليله للدور الذي يلعبه المجال في توسيع الفوارق، يثير الباحث نفسُه الانتباهَ إلى أن سيرورة إنتاج المجال تتغدى من التمثلات التي تشكلت حول "المجال المتصوَّر" (Espace conçu)، وأيضا من تجارب المعيش اليومي المؤطَّر بالرموز الثقافية، أي مما ينتج في المجال المعيش (Espace vécu)، وبالنظر للتفاعلات المتواصلة بين أبعاد الوجود الإنساني وطبيعة المجال الذي تحيل إليه، ينتهي كل مجتمع إلى تشكيل مجاله الخاص، بالانتقال من المجال الذهني (المدرك، المتصور، الممثَّل) إلى المجال الاجتماعي (المبني، المعيش)[28]. وهكذا، فالمجالية التي تخص كل مجتمع على حدة هي نتاج تفاعلات أبعاد الوجود الإنساني، التي تأخذ مظاهر وتشكلات تختلف تبعًا للمجال الذي تحيل إليه من بين الأشكال الثلاثة السابقة الذكر.

‌ج.    التثليث كمنهجية تقاطعية لتجسير الهوة بين آليات الاستبعاد وسيرورات الاندماج

يحتاج المجال كموضوع للفهم والتهيئة والإصلاح إلى طرائق تكون قادرة على النفاذ إلى التقاطعية الإمبريقية المسؤولة عن إنتاج واقع استبعادي للنساء من الرياضة، تداخلت في تشكيله عوامل متطابقة للهيمنة والإقصاء؛ لأن التحليل والتدخلات الاجتماعية دون الإلمام بالأبعاد المتعددة للمشكلة سيزيد من احتمالية مواجهة اللامتوقع، ومنه السقوط في الارتباك وضياع الجهود.

وفي علاقة بالموضوع، يوضح الفكر النسائي كيف أن التصاميم التي أنشئت في مناخ السياسات البيروقراطية المرسِّخة لهيمنة النماذج الأحادية، كإسقاط للذكورية، تتلاءم بكل التقنيات والأدوات مع متطلبات وقدرات المهيمنين، وفي الوقت ذاته تتجاهل حاجيات المهيمن عليهم وما يعترضهم من عوائق وإكراهات[29]، وهكذا يجهّز المجال قياسًا لنموذج الفرد المهيمن المحدد ثقافيًا في الذكر القوي، وبكل ما يدعم حركيته داخل المجال، مما سيفضي إلى ما كنا قد أشرنا إليه في سياق سابق بالقول: "تزداد بذلك الفوارق بينه وبين من تم تجاهل خصوصياتهم في تصميم المجال، وهكذا يصبح واقع اللامساواة، لا يجد تفسيره فقط في تلك الفوارق الأولية بين الذكورة والأنوثة، بين الإعاقة واللاإعاقة...؛ وإنما في تلك الرؤية التي انحازت في تهيئتها للمجال لصالح فئة على حساب أخرى"[30].

ذلك أن انقلاب النسائية السوداء – ومعها نسائيات دول الجنوب – على تنظيرات النسائية الكلاسيكية، جاء بناءً على أن المفاهيم التي أنشأتـها النسائية البيضاء لوصف وضع النساء قد تصلح لفهم نساء الطبقة المتوسطة في الغرب، تلك الأوضاع الأقرب إلى التجانس، لكنها تبقى عاجزة عن وصف غيرهن من نساء العالم، حيث الاختلاف الهائل بين الثقافات والمعطيات الجغرافية. فماذا يعني أن يصبح الفكر النسائي تقاطعيًا؟

تحيل التقاطعية إلى نظرية عابرة للتخصصات تسعى إلى فهم تراكب الهويات واللامساواة الاجتماعية عبر مقاربة مندمجة[31]، وذلك من منطلق أن الواقع الاجتماعي للنساء والرجال يتشكل تعدديًا وتزامنيًا وعبر تفاعلية دينامية بين خصائص السياق الاجتماعي وأبعاد الحياة الفردية. للإيضاح، نكتفي بالإشارة إلى أن واقع الهيمنة المركبة التي كانت تعيشها النسائيات السوداوات بالولايات المتحدة الأمريكية، فتبعيتهن للنسائيات البيض ضمن الحركية النسوية وتبعيتهن للرجال ضمن حركة مكافحة التمييز العنصري، ستمنحهن وعيًا بواقع التهميش المزدوج. والمدرك من حركية الفكر النسائي، هو أن مواجهة التهميش المركب يقتضي تبني مقاربة تقاطعية.

لقد استفادت النسائية السوداء من المعرفة التي تشكلت على مستوى حركة السود ضد العنصرية، والأمر نفسه ينطبق على المعرفة المتوفرة مع الفكر النسائي، لبناء تقاطعية شمولية، اتخذت في أحد تشكلاتها صورة تبادلات معرفية بين حقول معرفية مختلفة. وهكذا فتوجهنا في الدراسة الراهنة إلى استثمار المعرفة التي تشكلت في الأدبيات حول الإعاقة من أجل توسيع فهمنا لبعض الإشكالات المتعلقة بالنوع يستلهم بعضًا من مسلماته من هذا التقليد الذي كان مؤسسًا للتقاطعية، أي فتح تبادلات معرفية بين حقول مختلفة. ولأن دراستنا تستلزم تحليلًا مجاليًا، وحتى يكون هذا التحليل تقاطعيًا، يتعين اتباع منهجية تثليثية، (Méthode triangulaire) يحددها "جيل فريول"(Gilles Ferréol) فيما يلي[32]:

      تنويع مصادر المعلومات نشدانا للحقائق التي يمكن تتبعها في مقارنة الوثائق.

      اعتماد أدوات مختلفة للفحص والتقصي من مقابلات واختبارات ودراسة الأحوال...

      اعتماد أطر مرجعية تيسر الدمج بين المقاربات المختلفة للإشكاليات المطروحة".

وبذلك، فالمقاربة التقاطعية – بقواعد تثليثية – للكيفية التي يتفاعل بها النوع والإعاقة في تحديد العلاقة بالممارسة الرياضية ستسعف في قيادة البحث صوب استطلاع التموقع المزدوج لبعض الأفراد بين فئتي النوع والإعاقة (النساء في وضعية إعاقة) وما ينجم عنه من استبعاد مضاعف، قد يصل إلى درجة الحجر المكاني في حالة الإعاقة الذهنية؛ إلا أنه ليس هذا ما يهم الدراسة الراهنة، فهي تتوخى الكشف عن إمكانيات التقاطعية البين-تخصصية في خلق مبادلات معرفية تتيح لنا نقل مفهوم الإعاقة كما يتحدد في الدراسات الأصلية (دراسات الإعاقة) إلى دراسات النوع بهدف استثماره في تحليل علاقة النساء بالرياضة؛ وهذا ما سنعمل على إضاءته بتتبع بعض الثيمات العابرة للتخصصات، ومن ثمة بناء معرفة جديدة تنشأ عن تمفصل الثيمات الأصلية ضمن ثيمات مركبة.

ثانيًا: في التقاطعية بين النوع والإعاقة: انبثاقية الثيمات المركبة

عن الحاجة إلى التكتل بين التخصصات في دراسة الظواهر الإنسانية وتحقيق شمولية العلم، تبين الباحثة "روزماري غارلاند-تومسون (Rosemary Garland - Thompson)" الأهمية النظرية لدمج الإعاقة في توسيع النظرية النسائية، وفي ذلك تقول: "إن أرفع التحليلات في موضوع الإعاقة وأكثرها دقة، في رأيي، تأتي من باحثين ملمين بالنظرية النسوية"[33]، والأمر نفسه عند عكس اتجاه المقايسة[34]. يستند هذا التمفصل بين النوع والإعاقة على مستوى الفكر إلى تقاطعية إمبريقية تسود بينهما في الواقع، بهذا الشكل الذي يظهر فيه النوع على أنه إعاقة، فحين ينظر أرسطو إلى النساء على أنهن ذكور مشوهين[35]، فهو يشير إلى الإعاقة كمخالَفة للمعتاد، أي قياسًا إلى الذكورة، وفي ذلك تحريك للتفاوتات بين النوعين.

كانت هذه التوطئة ضرورية لإبراز أهمية التفكير التقاطعي في مقاربة الظواهر المرتبطة بالنوع والإعاقة، الأمر الذي نراهن عليه بالانفتاح على دراسات في النوع وأخرى في الإعاقة، تشترك في إثارة موضوع الممارسة الرياضية. وقد عملنا على تأطير قراءتنا للنصوص بطرح السؤال الآتي: ما الثيمات المشتركة بين هذه الدراسات (عن النوع والإعاقة) في تحليل الأبعاد الاندماجية للممارسة الرياضية؟

1.     النوع والإعاقة في بحث سيرورات الاندماج عبر الانخراط في الممارسة الرياضية

عديدة ومتنوعة هي الأفكار والوقائع، التي يعمد من خلالها الباحثون/ات إلى تحليل علاقة كل من النوع والإعاقة بالرياضة في مستوياتها الاندماجية والاحترافية معا، ما أفرز تنوعًا في الثيمات المدروسة، حصرنا اهتمامنا على الأهم منها، (قياسا إلى معدلات تواتر هذه الثيمات وموقع الكلي بالنسبة للفرعي منها)، وهي كالآتي:

فيما يخص الأدوار الاندماجية للرياضة[36]، التي ما كانت لتكون كذلك لولا أن تحريكها يحصل داخل مجتمعات، ينفصل فيها الأفراد والفئات إلى مندمجين/ات وغير مندمجين/ات[37]، فغالبًا ما تثار من خلال ثيمات تستحضر هذا الوضع الاستبعادي المشترك بين النوع والإعاقة، فيتوزع الاهتمام إلى تحليل العوائق المتحكمة في عزلتهما الاجتماعية[38]، التي تجد مضامينَها الثقافية في سيادة العديد من الصور النمطية[39] المشحونة بدلالات الوصم[40] والتمثل السلبي لقدرة الجسد على الممارسة والتقدير المبالَغ فيه لمخاطر الرياضة عليهم[41]، وحواملَها المجالية في انتشار عمران متحيز، وذلك لوجود حدود بين المجال الحيوي، المتوفر على مواضيع المتعة، ما جعله مكتظًا إلى حدود التشبع بالآخر المهيمن؛ وبين خارج هذا المجال، أي التموقع الناتج عن الحرمان المجالي، بسبب الموانع وغياب الولوجيات[42].

ولأن الحدود قابلة للاختراق في وجود جرأة تقوم على التجاوز، وردت بعض الثيمات التي تشير إلى تجارب نسائية وأخرى لأشخاص في وضعية الإعاقة تتحدى العزلة المفروضة عليهم/هن في الممارسة الرياضية[43]، ما كشف عن خلوِّ الممارسة الرياضية من أية مخاطر عليهم/هن، دون إغفال قابلية الرياضة – على غرار باقي الإنشاءات الثقافية – للتكييف والملاءمة[44]، وبه يفكّك هذا الاشتراط الميكانيكي بين الرياضة والقوة[45]، وتفتح أبوابها أمام ممارسين/ات جدد/جديدات. استمرارية هذا الانفتاح في الممارسة الرياضية سيتواصل في أعمال البحث التي همت الأدوار الاندماجية للممارسة الرياضية[46]؛ حيث تتوقف على السيرورات التنشئوية التي تُقترح كمضادات لسيرورات تنشئوية تقليدية[47]، ما يسمح للنساء والأشخاص في وضعيات إعاقة بتأسيس العلاقة مع الفضاء العام[48]، والاختلاط[49]، إضافة إلى تفكيك المراقبة الخارجية المفروضة عليهم/هن[50].

هذه القراءة في أهم الثيمات التي تعبر دراسات النوع والإعاقة، فيما يخص الممارسة الرياضة، أشَّرت إلى تماثل الوقائع بينها، مما حفّز إعادة قراءة هذه النصوص، جملةً جملةً، فتبيّن أن التقاطعات الدلالية بين الثيمات الواردة، تحيل إلى بروز ثيمات جديدة بهيكلة مغايرة، يتصل فيها المركزي بالفرعي عبر علاقات تكاملية، وهكذا نسجل انبثاق ثيمتين أساسيتين: تتمثل أولاهما في الوضع خارج اللعبة[51]، وضع يجد في المجال أرضية لتصميم عمران رياضي متحيزٍ تبعًا لمقتضيات النوع، ومفعلٍ للهيمنة وفق معيار القوة، وضع يعيد نفسه بالمحافظة على نفس المعايير المنتجة للإعاقة.

أما الثانية، وهي على صلة وثيقة بالأولى؛ لأنها تتعلق بتجارب الإعاقة والنوع في التفاعل مع الممارسة الرياضية، حيث ستبرز الولوجية العسيرة في وجود حوافز –من جهة- تجد مراجعها الأساسية في الخطاب الطبي الذي سينقل الممارسة الرياضية من موقف الفُضْلة الاجتماعية إلى مقام الضرورة لدورها في التمكين من الصحة؛ ومن جهة أخرى، وجود عوائق وإكراهات أصبحت – في لزومية الممارسة الرياضية – بمثابة تحديات، تفرض مفاوضات بسيناريوهات مختلفة من أجل تجاوز الحدود.

2.     الثيمات الناشئة عن التقاطع بين النوع والإعاقة

‌أ.      الوضع خارج اللعبة: إسقاط مجالي لثقافة متحيزة

·      العمران الرياضي المتحيز:

تعتمد المقاربة النسائية للإعاقة على عدد من المقولات النقدية. من بينها أن التمثيل ينشئ الواقع[52]، أو إذا شئنا القول بلغة معرفانية محضة، الفكرةُ هي ما يقود السلوك الإنساني ويوجهه. وهكذا فتحقق الفهم يقتضي منا الانتقال من التجليات الظاهرة للعيان صوب التمثيلات الساكنة في الأذهان، فالوضع خارج اللعبة الذي يوازي في الاصطلاح الفرنسي عبارة "Hors-jeu" يشير إلى عدم المشاركة في اللعب، وضع يشمل النساء كما الأشخاصَ في وضعية الإعاقة. هذا العزل المجالي قد يبلغ مداه – في حالة التقاطع بين النوع والإعاقة الذهنية – بأن يأخذ شكل حجر مكاني، لأن التخوف يصدر عن كون هذه الفئة تشكل صيدًا سهلًا للاستغلال الجنسي، والمتابعة فيها تكون أمرًا صعبًا... بهذا الضغط على الحدود الفاصلة بين الخاص والعام، تلك الثنائية العتيقة في تاريخ التمييز المجالي، يغدو الارتباط بالمجال الخاص حاملًا لمعاني التهميش والحرمان والحط من القيمة؛ كما أن الارتباط بالمجال العام هو ربط بالرهانات الكبرى، وهكذا فالهيمنة داخل هذا السوق، الذي هو بتعبير "بيير بورديو" (Pierre Bourdieu)سوق للخيرات، تذكي روح التنافس بالاستناد إلى معْيرة ثقافية ترى في القوة فيصلًا في توزيع الخيرات[53].

·      تعزيز الهيمنة وتفعيل معيار القوة:

تبرز من خلال تحليل التمثيلات – حول الترابطات بين النوع والإعاقة من جهة والممارسة الرياضية من جهة أخرى – الكيفيةُ التي تسهم بها هذه الأخيرة في صناعة الوضع الاستبعادي للفئتين معًا، فالتمثيل يعمل – من حيث هو اقتصاد معرفي للواقع – على اختزاله بكل تفاصيله وتشعباته في صور ذهنية تعوضه، وفي كثير من الأحيان تزيفه على خلفية ما يقع فيه الناس من إنكار أو تجاهل له؛ تماما كما يحدث بالنسبة للصور النمطية[54]، التي تنشأ عن آلية/ الميكانزم نفسه في التشكل، وفي وجود نزوع نفسي لدى الإنسان، يتمثل من وجهة نظر عالم النفس الأمريكي "البورت"(Gordon Allport) في إنتاج كم هائل من التعميمات بأقل عدد من المعلومات[55].

من هذه الماكرو/ الكليات تعميمات خصّ بها الناس واقعهم بأنْ صوّرت كل من الأنوثة والإعاقة على أنهما شذوذ عن المعيار، أو تشويه له[56]، هذا ما تخلص إليه – كما سبقت الإشارة – الباحثة "روزماري غارلان-تومسون" من كلام أرسطو حين يقول عن النساء أنهن "ذكور مشوهين"[57]، فالإعاقة – إذًا – تعبر عن جسد غير معياري في بنيته ووظائفه، وبذلك فهو مصنف في مقام أدنى على اعتبار أن "التجسيد غير العادي هو أدنى بطبيعته"[58]، هذا التصنيف يتحدد طبقًا لفحوى بعض الصور النمطية التي دأبت على ربط النساء والأشخاص في وضعية الإعاقة بالضعف وعدم القدرة، ومنه انطلقت التقديرات السلبية لآثار الرياضة عليهما معا.

·      المجال بين إنتاج الإعاقة وإعادة إنتاجها:

من الخلاصات الأساسية في الدراسات حول المجال أنه يأوي في تصاميمه سيرورات استلابية[59]، والدليل على ذلك هو استئثار المعماري بالتهيئة المجالية، وبما أنه شخص محسوب على الطبقة المتوسطة، فغالبًا ما تكون تصاميمه تتماشى بما ينسجم أو على الأقل يقترب من شعور الفئات المهيمنة، وهي بذلك تسير بإيقاعات وتتجه نحو أهداف ليست هي نفسها الأهداف والإيقاعات المفترضة للفئات المهيمن عليها. وبناءً عليه، فالتفاوتات الأولية بين الأفراد تسير – في غياب معالجات فارقية – نحو مزيد من التباعد، فيصير المجال المتدخَّل فيه مقحمًا في تشكلات جديدة من الاستبعاد الاجتماعي، ومن ثم مسؤولًا عن إنتاج الإعاقة. باختصار شديد: الاستبعاد – كما هو مهيّئ مجالي – يؤدي إلى تراكم الإعاقات[60].

‌ب.  تجارب التفاعل مع رهان الاندماج عبر الممارسة الرياضية

في كل تمهيد لخوض أية تجربة إنسانية، على غرار الانخراط في الأنشطة الرياضية، يبدأ الفرد في التأرجح بين الحوافز والإكراهات المحيطة به. وفي تتبعنا للحوافز وراء الانخراط في الممارسة الرياضية، يتأكد أن الرياضة لم تعد نوعًا من الترف السلوكي، بل أضحت ضرورة بحكم دورها في تمكين الإنسان من الولوج إلى حقه في الصحة. لبيان ذلك، يعود "روي كونت"(Roy Compte)[61] إلى الدراسات التي عالجت العلاقة بين الصحة والممارسة الرياضية ليبرز ما للأنشطة الرياضية من أدوار إيجابية في الحماية من بعض الأمراض، وأيضا في معالجتها. فهذا "ميشيل غيو"(Michel Rieu) [62] يخلص إلى أن الانتظام في ممارسة بعض التمارين العضلية بوتيرة معتدلة يرفع من القدرات الدفاعية للجهاز المناعي. كما أن لهذه الممارسات أدوارًا علاجية عندما يتعلق الأمر بالأمراض الاكتئابية؛ إذ تخفض من حدة القلق لدى المصابين، وتخرجهم ولو جزئيا من حالة اللااستقرار الانفعالي.

والأمر نفسه يؤكده الدكتور "فريدريك دوبييس"(Frédérick Depiesse) [63]، طبيب مختص في الطب الرياضي، من خلال الوقوف على النتائج السلبية المترتبة عن عدم مزاولة النشاط الرياضي. وهكذا فالأهمية الصحية للممارسة الرياضية تبرز – حسب ما خلص إليه الباحث – في كون أنماط الحياة القائمة على السكون والتراخي، لا الحركة، تكون مهددة مع التقدم في السن بظهور إعاقات وعجز عن الاعتماد على النفس، مما يطرح مشكل التبعية للآخر وصعوبة العيش.

وفيما يتعلق بالإكراهات التي لا تزال تعيق ولوجية النساء إلى هذه المزايا، أثارت الدراسات – التي عالجت مسألة الاندماج عبر الممارسة الرياضية بالنسبة لنساء وشابات بعض الجاليات العربية المسلمة بأوربا – الإشكالَ المتعلق بثقافة دينية رافضة لأنثوية الرياضة، وهي بذلك ترفض قيم التحررية والاستقلالية المحايثة لأنشطتها[64]، فالتمثلات الاجتماعية، المستمدة من التشريع الديني، تحط من القدرات العضلية والعقلية للمرأة، وكتكملة لمخطط الحرمان هذا تتبع مقاربة ازدرائية للتغيرات التي تطرأ على الجسد الأنثوي بفعل الممارسة الرياضية: عوض النظر إلى تقوية الجسد بإيجابية فهو يُنعت بفقدان هويته الأنثوية، وبذلك يكون الوصم حاجزًا لأي اقتراب من القوة كرأسمال ذكوري مدعوم ثقافيًا. إن وجود نموذج للأنثوية المثالية يحث على إظهار الاستحياء والهشاشة والضعف[65]، فهو بذلك يُبعد النساء عن الممارسة الرياضية بوصفها تعبيرا جسديا مرسِّخا للحرية، ومتطلبا للقوة ولكل ما يسمح بالفوز على الخصوم؛ كما أنه مما يجعل الرياضة غير مقبولة للنساء هو أنها ممارسة خارجية، تتطلب الاختلاط ومشهدانية الجسد[66].

إن التحفظ على رياضة النساء لم يستمر في الواقع بالحدة نفسها؛ فالمجتمعات معنية – بما فيها المجتمعات العربية/الأمازيغية الإسلامية – بالتجارب الرائدة لبطلاتها في الأولمبيادات و "البراأولمبيادات" (الأولمبياد الخاص بذوي الاحتياجات الخاصة) المنظمة، كما أن الاقتناع بالأهمية الصحية للممارسة الرياضة سيدفع في اتجاه تبني سياسات للاندماج عبر الانخراط في الممارسة الرياضية، والتي تبعًا لذلك أصبحت مؤشرًا يقيس درجة الاندماج داخل المجتمعات.

وتقريب الرياضة بهذا المعنى – الذي قيل – من أدوارها الاندماجية يمر عبر توطين سيروراتها الدامجة في بيئات، هي مأهولة –سلفًا – بسيرورات استبعادية، ما يفرض تأطيرًا مجاليًا جديدا يدمج من كان خارج الإطار السابق، والحالة هاته تستلزم تنشئة جديدة تأتي لمعالجة الاختلالات المصاحبة لتنشئة سابقة كانت مدمرة للرابط الاجتماعي وبالتالي رافضة للاندماج الاجتماعي. فكيف كان الاندماج بالنسبة للنوع في مرصد ملاعب القرب؟

ثالثًا: الأثنوجرافيا في رصد مهمشات ملاعب القرب بالمغرب: تهيئة مجالية غير مستجيبة وسيَرُ حياة مفككة

في مقابلة بحثية مع الفاعلة الجمعوية سعاد[67]، كان ذلك سنة 2020، ستخبرني أن الجمعية تفكر في تخصيص حيز من فضائها لممارسة الرياضية، سيما وأن البناية الموضوعة رهن إشارتها كانت تسمح بذلك، والمشروع برمته تبلور نزولا عند رغبة الغالبية من النساء والشابات المترددات على الجمعية. وتحكي سعاد أنها جربت عدة إمكانيات، كان من بينها محاولة الاستفادة من ملاعب إحدى المؤسسات التعليمية الشريكة، لكن مديرها امتنع بحجة ألا وجود لأي مستند قانوني يخول له السماح بذلك، غير أن مقترح استغلال ملعب القرب سيتم رفضه ليس من مسيريه، وإنما من طرف الغالبية من النساء الراغبات في الرياضة.

بدا لنا الأمر حينها كما لو أن النساء في سياق علاقتهن بالرياضة ينزعن نحو الاستبعاد الذاتي. على أي، ففي غياب آراء النساء حول الموضوع، تحضر بعض الأحكام المسبقة وأشكال أخرى من المعرفة الاحتمالية، ستكون بعيدة – ولا شك – عن حقيقة الميدان. لهذا تبلورت الحاجة إلى الإنصات إلى هؤلاء النساء ومعرفة آرائهن حول وضعية ملاعب القرب، فيما يخص دورها في تمكين النساء من الانخراط في سيرورات الاندماج عبر الممارسة الرياضية. في العمل من أجل هذا الهدف، تبينت وجاهة الاعتماد في الدراسة الراهنة على منهجية إثنوغرافية، تكاملت فيها ثلاث وسائل لجمع المعطيات: فضلًا عن الملاحظة بدون مشاركة خلال بعض التدريبات والأنشطة الرياضية التي كان يؤطرها أستاذ مادة التربية البدنية في المؤسسة التي نشتغل فيها معًا، وبالخصوص إلى الحصة الأسبوعية المبرمجة لمساء يوم الجمعة، حيث يكون الحضور اختياريًا[68]، وبعض الزيارات المنظمة على امتداد سنة كاملة لملاعب القرب الموجودة بمدينة تطوان، شمال المغرب؛ مثلت المقابلة نصف الموجهة مع النساء الممارسات للرياضة الأداةَ الرئيسة لاستقصاء المعطيات، وقد وُجِّهت المقابلات الست لاستطلاع سير حياتهن. استلزمت المقابلة الواحدة ما بلغ مقداره حوالي ساعتين ونصف من الزمن، توزعت إلى ثلاث حصص، بمعدل خمسين دقيقة للواحدة. سؤال الانطلاق كان بهذه الصيغة: "كيف كانت بدايتك مع الرياضة في ملاعب القرب؟"

سؤال كان الغرض منه الانخراط مع المشاركات في عصف ذهني (Brainstorming) حول العلاقة بالرياضة، تجربة تمهيدية أسعفتنا في أخذ صورة أولية عن إدراك النساء لقيمة العرض الرياضي الذي تقترحه ملاعب القرب: كل المؤشرات في أحاديث النساء جاءت مؤيدة لملاحظاتنا المسجلة طيلة ترددنا على هذه الملاعب بمدينة تطوان، التي تؤكد على أنها تعرف احتكارًا ذكوريًا. والحضور النادر للنساء في هذه الملاعب، أو حتى على جنباتها يعكس في الآونة الأخيرة تبلور وعي بضرورة تجاوز هاته السيطرة. لهذا، واستثمارًا منا لمضامين الثيمتين، اللتين انبثقتا عن تحليلنا للتقاطعات بين دراسات النوع وأخرى للإعاقة فيما يتعلق بالانخراط في الممارسة الرياضية، عمدنا في وقت أول إلى تطوير النقاش في اتجاه محاولة فهم الوضع الاستبعادي الذي تعيشه غالبية النساء بخصوص الممارسة الرياضية، فكان يهمنا أن نعرف قراءتهن للموانع والإكراهات التي ما تزال تعطل علاقة النساء بالرياضة، وأيضا لما تخسره المرأة جراء هذا الحرمان من الممارسة الرياضية، الذي أضحى في العمق حرمانًا من الحق في الصحة. وفي وقت ثان، سنتحول إلى إبراز تجارب نسائية توفرت لها من الحوافز ما جعلها قادرة على تجاوز هذه الإكراهات والانخراط فيما ظل إلى عهد قريب – بحكم الشائع والمتداول – اختصاصًا ذكوريًا؛ كل هذا وذلك بالاستناد إلى بعض الأحداث والوقائع المعبرة من سير هؤلاء المشاركات:

1.     تفاعلات تُبنى على هامش ملاعب القرب

يمنح ملعب القرب صورة مكبَّرة (Image grossie) عن حجم التفاوتات في علاقة النوعين بالممارسة الرياضية. في هذا الصدد تكررت الإشارة في حديث النساء عن غياب شبه تام للإناث عن ملاعب القرب؛ لأن في حديثهن عن الفضاءات الرياضية، لم نجد ما يدل على أن لهاته الملاعب أي دور في احتضان الأنشطة الرياضية النسائية. ربما كان ذلك بسبب أن "هذه الملاعب – كما تقول إحسان (طالبة جامعية، 25 سنة) – لم تصنع لنا، إنما بنيت للذكور، هذا ما يظهر من أن الحصة الكبرى من هذه الملاعب مخصصة لكرة القدم، الرياضة التي يختص فيها الذكور... طبعًا هناك ملاعب لرياضات أخرى ككرة السلة، الطائرة، اليد؛ إلا أن عددها قليل، وهي عادة ما توجد في محيط المدينة". مما يطرح مشكل التنقل إلى هذه الملاعب وتكاليفه المادية، إضافة إلى مخاطر التحرك في هوامش المدينة.

وبناءً عليه، يبقى صبيب تفاعل النساء مع هذه الملاعب جد منخفض، حيث يمكن في بعض الحالات النادرة معاينة مباريات في رياضة جماعية، غير كرة القدم، بين فرق مختلطة من الشباب والشابات. وقد سجلنا أن هذه المباريات تجرى في معظم الأحيان نهارا، خارج أوقات الذروة المحددة فيما بين السادسة والتاسعة ليلًا؛ لأن هذه الفترة يطغى عليها التنافس بين فرق من الذكور؛ وعندما استفسرنا عن اختيار اللعب ضمن فرق مختلطة، أكدت لنا المشاركة سهام (طالبة جامعية، 19 سنة) أن "الاختلاط وسيلتنا لتسهيل ولوجيتنا لملاعب بعيدة، هناك من الشبان من يتكفل بالتنسيق نيابة عن الجميع من أجل حجز الملعب، كما أن اللعب مع الذكور يسمح لك بقياس قدراتك ورفع التحدي". وفيما يتعلق بالبرمجة خارج أوقات الذروة، أوضحت لنا المشاركة نفسها بأنه " في بعض الأحيان، قد نصل إلى حجز حصة في هذه الأوقات، وتمر الأمور على ما يرام، وتزداد حماستنا لتكرار الأمر في الأسبوع المقبل؛ لأن هذه هي الطريقة الوحيدة للمحافظة على الحصة في هذا التوقيت بالضبط. لكن ما يحدث بالنسبة لي ولبعض الصديقات، هو أن بعض الطوارئ التي تحدث تمنعنا من المواظبة، فتحول حصتنا لغيرنا، كما أن بعض الشابات يتضايقن من فترات الذروة التي يكثر فيها التردد على جنبات الملاعب، التي هي في الأصل محاطة بسياج كاشف". وقد يحدث أن تجد عنصرًا نسويًا يلعب ضمن فريق من الذكور لكرة القدم، إلا أن المسألة توضح مريم (فاعلة جمعوية، 27 سنة) تبقى "محصورة في حالات جد قليلة، وهي حديثة العهد بمجال الممارسة الرياضية، لهذا فالمزاولات لا يتجاوزن من العمر 14 سنة، كأبعد تقدير".

وأمام هذه الولوجية الوعرة لملاعب القرب، يظهر أن ميل الكثير من النساء إلى الرياضات الفردية، كالمشي أو الجري الخفيف، الذي يبقى ميسورًا على الممرات وجوانب الطرقات الكبرى بالمدينة، ليس من تلقاء اختيارهن، وإنما هو تأقلم مع ما توفَّر لهن من إمكانات.

2.     الحضور المتعدد الأوجه للإعاقة

في تحليلهن لانخراط النساء في الممارسة الرياضية، كما لبقائهن خارج هذه السيرورات، أو حتى لانقطاع ناجم عن سبب ما، تستخدم المشاركات مفهوم الإعاقة أحيانًا للدلالة على الموانع والإكراهات التي تحول بينهن وبين عالم الرياضة؛ وأحيانًا أخرى للإحالة على الخسائر العضوية والنفسية التي تتكبدها النساء نتيجة عدم مزاولة أي نشاط رياضي:

في استخدامات الإعاقة بالمعنى الأول، تبين أن استبعاد النوع من الممارسة الرياضية غالبًا ما يستند إلى ثقافة دينية مضادة لأنوثة الرياضة؛ في ذات السياق، تحكي لنا حسناء (موظفة، 27 سنة) عن إحدى قريباتها التي قضت تجربة هجروية قصيرة بإيطاليا، لم تتعدَّ خمس سنوات، ففي عامها السادس التحقت هذه القريبة رفقة أمها وأخيها ذي الثلاث سنوات في إطار التجمع العائلي بالأب... فور وصولها إلى هناك، عمل الأب على تسجيل ابنته بأقرب مؤسسة تعليمية من مقر سكناه، مضت الشهور الأولى، وبدأت أستاذة التربية البدنية تنتبه لمواهبها في رياضة التزلج الفني، فبدأت تستدعيها لحصص تدريبية إضافية، الأمر الذي انعكس إيجابا على تطوير مهاراتها وقدراتها، وصارت في سن العاشرة من المكونات الرئيسة للفريق المدرسي، ما خول لها خوض منتديات رياضية، كانت تدوم أحيانًا لأكثر من أسبوع، هذا الأمر أزعج الوالد الذي بدأ يظهر مخاوفه من أن تتأثر ابنته بثقافة غير المسلمين، فكان قراره هو إرجاع أسرته إلى المغرب متدرعًا بتداعيات الأزمة وتراجع موارد الأسرة... قرار فجائي كهذا أدى إلى تفرق عائلي، وفراق بين النوع والرياضة.

أما فيما يخص استخدامات الإعاقة بمعناها الثاني، فقد ترددت مرارًا وتكرارًا الإشارة إلى ما تخسره النساء – عضويًا ونفسيًا – جراء البقاء دون مزاولة أي نشاط رياضي؛ مثال ذلك المعاناة التي أصبحت تعيشها فرح (صاحبة متجر، 33 سنة) بالموازاة مع الزيادة الملحوظة في الوزن؛ حيث أبان التشخيص الطبي أنها تعاني من مشكل الشوكة العظمية (Epine calcanéenne) التي تظهر في أسفل القدم، لكن الطبيب وبمجرد أن رآها أول مرة أشار إليها بضرورة تتبع برنامج رياضي، مؤيدًا بذلك منطق تسلسل الأحداث الذي يقضي بأن عدم ممارسة الرياضة تسبب لها في الزيادة في الوزن، ما أدى بدوره إلى مشكلة صحية، تتجسد لديها كإعاقة، أصبحت تمنعها من التحرك أو الوقوف لفترات طويلة، وفي أحسن الأحوال لا تتجاوز ساعةً من الزمن.

3.     في التنشئة المضادة لأنوثة الرياضة

وفي تفسير هذا التباعد بينهن وبين الرياضة، ترى النساء أن الأمر حصيلة حرمان متراكم وإقصاء متكرر، يبدأ في أولى التجارب الأكثر عفوية مع اللعب، ويستمر مع تعطيل الأدوار الاندماجية التي من المفروض أن تلعبها الرياضة المدرسية، وهكذا فالقرب بدلالة المسافة لم يسعفهن في تقليص هذا البعد الاجتماعي.

‌أ.      دور اللعب

فيما يخص علاقة اللعب بالأنشطة الرياضية، أثارتها بعض المشاركات في سياق إبراز التمايز بين اللعب الذكوري واللعب الأنثوي، حيث تبرز علاقة الاستمرارية بين ألعاب الذكور وخصوصيات الأنشطة الرياضية كممارسة خارجية تتطلب حيزا معينا داخل الفضاء العام. للإيضاح، تربط ليلى (مصممة أزياء، 29 سنة) مآلات النساء مع الممارسة الرياضية بمقدمات علاقاتهن مع اللعب في مرحلة طفولتهن، وهي بذلك تقول: "في بداية حياتنا، كان علينا أن نلعب ألعابا كالعرائس والدمى والحجلة، وحتى لعبة الحبل، يمكن لعبها في أي مكان بالمنزل... بينما إخوتي لهم ألعابهم مثل "جري علي! نجري عليك"، تفرض عليهم اللعب خارج المنزل، واللقاء بأطفال الجيران من أجل اللعب... هكذا فالأطفال يجدون أنفسهم في وضعية فضلى للالتحاق بالممارسة الرياضية"، يبدو من مضمون هذه الشهادة أن اللعب الذكوري يؤهل للدخول في الممارسة الرياضية من منطلق أنه يخول للفتى الاستئناس بالمجال الخارجي، ما دامت الرياضة – كما أشرنا إليه مع محمد خماليا (Mohammed Khmailia) ومعاونيْه – هي الفعالية الإنسانية التي تختص بأنها ممارسة خارجية تتطلب وجودًا في الفضاء العام، وجودًا لا يتحفظ على الاختلاط، ويحتفي بمشهدانية الجسد القادر على الاستعراض والأداء المميز[69].

بالعودة إلى اللعب من منظور النظرية النسوية، يبدأ التفريق الجنسي للعب من خلال تقسيم لائحة الألعاب إلى ذكوري وأنثوي، تقسيم صارم في حدوده، ذلك أن أي اقتراب للطفل من ألعاب الجنس الآخر ينطوي على تهديد بفقدان هويته الجنسية، ما يقابل بوصم تختصره عبارة "عزري الحومة"، وهو ما يكافئ دلاليا عبارة "الطفل المسخ" (Garçon manqué)[70] التي يشيع استعمالها في مناطق عديدة تجاه كل فتاة تنخرط في ممارسة ما هو ذكوري ككرة القدم، ورياضات النزال.

‌ب.  دور المدرسة

وعطفًا على ما تقدم حول لعب أنثوي لا ينفك يباعد بين النساء والرياضة عبر رفض الاختلاط وحصر الألعاب داخل الفضاء الخاص، أبرزت المشارِكات الدور السلبي لمادة التربية البدنية في تكريس هذا الوضع الشاذ للرياضة في المدرسة المغربية، فعلى امتداد ست سنوات للتعليم الابتدائي، تحضر المادة في جدول الحصص (حصتان أسبوعيتان، 45 دقيقة للحصة الواحدة) وتغيب عن التعليم الفعلي للمتعلمين؛ لأن غالبية المؤسسات تفتقر لملاعب خاصة بالمادة، ولا وجود لأساتذة متخصصين في تدريسها بهذا السلك. لهذا فاللقاء الفعلي بالمادة يتأجل إلى السلك التأهيلي الإعدادي، لتظهر من جديد مقاربات في تدريس المادة لا تسمح بتوطيد علاقة الشابات بالممارسة الرياضية؛ وللاستدلال على ذلك، تعود إلهام (فاعلة جمعوية، 42 سنة) إلى حياتها المدرسية، وإلى تجربتها مع مادة التربية البدنية على وجه التحديد، لتوضح كيف أن الصيغ السائدة في تدبير المادة تعمل على إعاقة الارتباط بالمادة وتضعف الدافعية نحو الممارسة الرياضية؛ وهذا ما لخصته بالقول: "في بداية كل سنة دراسية، كنت أنا والعديد من صديقاتي نفعل كل ما بوسعنا للحصول على شهادة طبية، تخول لنا الحصول على إعفاء من المشاركة في حصص المادة، بالنسبة لي كان الانسحاب، هو انسحاب من منافسات لا أجد فيها راحتي، منافسات لا يمكن أن أحتل فيها غير المراتب الأخيرة، لهذا كنت ألجأ إليها دائما رغم أن هذه الشهادة كانت تعني لي الإعاقة". تقول ذلك لأنها تعرف مسبقا أن هذه الرخصة موجهة في الأصل لذوي الاحتياجات الخاصة، أو لمن يشكو بعض الأمراض المزمنة، وهي الآلية المعمول بها في النظام التعليمي بالمغرب، منذ تأسيسه سنة 1956. آلية كهذه تعمل ضد مقولة "الرياضة للجميع"؛ لأنها تشجع غير القادرين على الأداء بمواصفات محددة على الانقطاع عن الممارسة الرياضية، وضعية كان بالإمكان تلافيها بتفعيل ما يغيب عن الرياضة المدرسية حاليا، أي ضرورة نهج بيداغوجيات/ أساليب تربوية فارقية، تكون هي المفتاح للرفع من جاذبية المادة، واعتمادها ضمن خطة أوسع لاستغلال باقي مواد التفتح من أجل الرفع من جاذبية المؤسسة التعليمية، وتكون الانطلاقة بتكييف الأنشطة الرياضية المقترحة تبعا لقدرات المتعلمين(ات)، بمن فيهم ذوي الاحتياجات الخاصة، وليس الاكتفاء بهذه الآلية التي تشرعن تسربا دراسيا، ولو بشكل جزئي على مستوى دراسة المادة، كما أنها تضفي المصداقية على معيرة ثقافية غالبا ما جعلت من القدرة شرطا[71]، في ظاهره يبدو تحقيقا للولوجية إلى عالم الرياضة، وفي باطنه إقصاءً واستبعاداً بدعوى عدم القدرة.

خاتمة

إن اهتمامنا بتجارب النساء في تفاعلها مع السيرورات الاندماجية المقترحة (تأنيث الرياضة من خلال ملاعب القرب)، يعود من ناحية إلى التعقد الذي يطبع سيرورات التغيير الاجتماعي عامة، وما اتصل منها بقضايا النوع على نحوٍ خاص، ومن ناحية أخرى إلى التطور في النماذج المعتمدة في دراسة ظواهره، لعلنا نعثر على ما يدفع بالبحث نحو إضاءة هذه الزوايا المبهمة من حياتنا الاجتماعية، فكان المجتبى منها هو النموذج التقاطعي الذي مهدنا له بدينامية بينت خصيصة أتاحت لنا معرفة بعض الثيمات العابرة لحقول المعرفة في تمحورها حول الرياضة، ما يخص منها النوع والإعاقة معًا، فكان ذلك دليلًا على تماثل المعطيات الإمبريقية بخصوص الآليات المنتجة للاستبعاد، وهذا ما يزكيه الإدراك العلمي في العقدين الأخيرين لكون الإعاقة سيرورة إنتاج اجتماعي، فبأي معنى يعبّأ مفهوم الإعاقة وتفعيله اجتماعيًا بإزاء النوع تمهيدا لاستبعاده؟

سؤال حفز الرغبة في التفاعل مع النموذج التقاطعي على غير ما هو مألوف بحثيًا؛ حيث تصير قيادة التحليل بما يوحي أن اجتماع الإعاقة والنوع في الفرد يتحرك بطريقة تراكمية، يُضاف إليها النوع إلى الإعاقة، ما يؤدي إلى مضاعفة القهر والتهميش... وغيرهما؛ وفي ذلك تجاهل لواقعة أن الشخصية هي حصيلة انبناء دينامي تتداخل فيه مختلف الأبعاد والمكونات. لذا فالتقاطعية بين النوع والإعاقة في البحث الراهن، راهنت على استثمار المعرفة التي تشكلت بمرئية ووضوح أكثر حول ظروف وأوضاع الإعاقة، في فهم سيرورات يلفها الغموض لأنها تشتغل بشكل مستتر لإنتاج الإعاقة بالنسبة للنوع، على اعتبار أن آليات وسيرورات إنتاج الإعاقة تتماثل بالنسبة للفئتين.

إن تحليلنا لتفاعلات النساء مع السيرورات الاجتماعية، بالانخراط في السيرورات الرياضية، أتاح الاقتراب من تجارب مختلفة باختلاف سياقاتها، لكن هذا لم يمنع من تسجيل بعض الجوانب المشتركة بينها:

1.     القرب ضروري – وليس كافيًا – لتفعيل سيرورات الاندماج عبر الانخراط في الممارسة الرياضية.

2.     تماثل سيرورات الإنتاج الاجتماعي للإعاقة، يسمح بدينامية بين-تخصصية، قوامها تبادل المعارف والتقنيات، التي أثبتت جدارتها في مجال ما من أجل تجريبها في سياقات وتخصصات مغايرة.

3.     معالجة إشكاليات الاندماج الاجتماعي ضمن سياق الممارسة الرياضية، يسمح برؤيا مزدوجة للموضوع: من حيث هي سيرورات محققة للاندماج؛ وأيضًا لكونها مؤشرًا يُعتمَد في قياس درجة تحقق الاندماج داخل أي مجتمع من المجتمعات.


 

المراجع

أولًا: العربية

 أوريد، حسن. الإسلام السياسي في الميزان. حالة المغرب. الرباط: توسنا، 2016.

تورين، آلان. براديغما جديدا لفهم عالم اليوم. ترجمة جورج سليمان. بيروت: منشورات المنظمة العربية للترجمة، 2011.

رامي، عمرو. التمكين والنساء في وضعيات الهشاشة. سؤال الفاعلية والنجاعة في المشاريع الجمعوية بإقليم تطوان. [أطروحة دكتوراه]، جامعة عبد المالك السعدي، تطوان، 2021.

زايد، أحمد. سيكولوجية العلاقات بين الجماعات، قضايا في الهوية الاجتماعية وتصنيف الذات. سلسلة عالم المعرفة 326. الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 2006.

الخمليشي، الزهرة. وياسني، ياسين. دراسات النوع الاجتماعي بالمغرب: نحو براديغم تقاطعي في التفكير والكتابة. تطوان: المركز المغربي جنوب شمال للدراسات والأبحاث الاجتماعية، 2021.

غارلاند-تومسون، روزماري. "دمج الإعاقة، تحويل النظرية النسوية". ضمن: ويندي كيه. كولمار وفرانسيس بارتكوفسكي، النظرية النسوية. مقتطفات مختارة. ترجمة عماد إبراهيم. الأردن: الأهلية، 2010.

فريول، جيل. معجم مصطلحات علم الاجتماع. ترجمة أنسام محمد الأسعد. بيروت: المنظمة العربية للترجمة، 2007.

ثانيًا:

References:

Al-Khamlīshī, al-Zahrah. Wyāsny, Yāsīn. Dirāsāt al-nawʻ al-ijtimāʻī bi-al-Maghrib: Naḥwa barādīghm tqāṭʻy fī al-tafkīr wa-al-kitābah. (in Arabic). Tiṭwān: al-Markaz al-Maghribī Janūb Shamāl lil-Dirāsāt wa-al-Abḥāth al-ijtimāʻīyah, 2021.

Beau, Nicolas & Graciet, Catherine. Quand le Maroc sera islamiste. Paris: Editions La Découverte, 2006.

Bilge, Sirma. Théorisation féministe de l’intersectionnalité, Diogène, Vol. 255, No. 1 (Janvier 2009), pp. 70-80.

Bourdieu, Pierre. Domination masculine. Paris: Éditions du Seuil, 1998.

Chairmain, Levy & Andrea, Martinez. Genre, Féminismes et développement: une trilogie en Construction. Canada: Les presses de l’Université d’Ottawa, 2019.

Clair, Isabelle. Sociologie du genre. Paris: Armand Colin, 2012.

Colmar, Wendy And Bartkowski, Feminist Theory: A Reader. (in Arabic). trans ʻImād Ibrāhīm. Al-Urdun: al-Ahlīyah, 2010.

Compte, Roy. Sport, santé et situation de Handicap mental”, Epman, No. 66 (2007).

Didiergean, Romaine. Les pratiques sportives des immigrées à l’épreuve de la comparaison: l’exemple des filles d’origine turque en France et en Allemagne”, Sciences sociales et sport, Vol. 8, No. 1 (2015), pp. 103-124.

Ferréol, Gilles. Vocabulaire de la sociologie. (in Arabic). trans Ansām Muḥammad al-Asʻad. Bayrūt: al-Munaẓẓamah al-ʻArabīyah lil-Tarjamah, 2007.

Folocher, Viviane & Lompré, Nicole. Accessibilité pour et dans l’usage: concevoir des situations D’activités adaptées à tous et à chacun, Le travail humain, Vol. 75, No. 1 (2012), 89-120.

Gasparini, William. L’intégration par le sport”, Sociétés contemporaines, Vol. 69, No. 1 (2008), pp. 7-23.

Guérandel, Carine. “Une nouvelle catégorie des politiques d’ « intégration par le sport »: les « filles de cités », Sciences sociales et sport, Vol. 10, N0. 1 (2017).

Jean-Louis, Fabiani. La sociologie: histoire, idées et courants. Auxerre: Sciences Humaines Éditions, 2021.

Khmailia, Mohamed ; Bui-Xuân, Gilles ; Mikulovic, Jacques. Une approche singulière de l’évaluation des niveaux d’intégration sociale des femmes arabo-musulmanes issues de l’immigration maghrébine en France: corps, sport et analyse conative, Staps, Vol. 94, No. 4 (2011), pp. 39-61.

Lachenal, Pierre. Questions de genre: comprendre pour dépasser les idées reçues. Paris: Le Cavalier Bleu, 2016.

Lebaron Frédéric., Gaubert, Christophe & Pouly Marie-Pierre. Manuel visuel de la sociologie. Paris: Dunod, 2013.

Lefebvre, Henri. Espace et politique. Le droit à la ville. Paris: Anthropos, 2000.

Mennesson, Christine. Etre une femme dans un sport masculin”, Société contemporaines, Vol. 55, No. 3 (2004), pp. 69-90.

Mignon, Patrick. “Sport, insertion, intégration”, Hommes et migrations, No. 1226 (Juillet-Out 2000).

Paccaud, Laurent & Baril, Alexandre. Corps dérangeant, corps dérangé: performer la féminité supercrip dans le milieu du powerchair hockey et du blogage”, Recherches féministes, Vol. 34, No. 1 (2021).

Paker, Beth. Hors-jeu dans le football féminin au Sénégal: genre, islam et politique du corps. Paris: EHESS, 2019.

Parmantier, Charlotte. Footballeuses et musulmanes: des transgressions négociées, Migrations et Sociétés, Vol. 157, No. 1 (2015), pp. 33-50.

Rāmī, ʻAmr. Al-tamkīn wa-al-nisāʼ fī wḍʻyāt alhshāshh. suʼāl al-fāʻilīyah wālnjāʻh fī al-Mashārīʻ aljmʻwyh bi-Iqlīm Tiṭwān, (in Arabic). Uṭrūḥat duktūrāh. Tiṭwān: Jāmiʻat ʻAbd al-Mālik al-Saʻdī, 2021.

Richard, Rémi. L’expérience sportive du corps en situation de handicap: vers une phénoménologie Du fauteuil roulant, Staps. Vol. 98, No. 4 (2012), pp. 127-142.

Touraine, Alain. Un nouveau paradigme pour comprendre le monde d'aujourd'hui. (in Arabic). trans Jūrj Sulaymān. Bayrūt: Manshūrāt al-Munaẓẓamah al-ʻArabīyah lil-Tarjamah, 2011.

Ūrīd, Ḥasan. Al-Islām al-siyāsī fī al-mīzān. ḥālat al-Maghrib (in Arabic). al-Rabāṭ: twsnā, 2016.

Zāyid, Aḥmad. Saykūlūjīyat al-ʻAlāqāt bayna al-jamāʻāt, Qaḍāyā fī al-huwīyah al-ijtimāʻīyah wa-taṣnīf al-dhāt. (in Arabic). Silsilat ʻĀlam al-Maʻrifah,326. al-Kuwayt: al-Majlis al-Waṭanī lil-Thaqāfah wa-al-Funūn wa-al-Ādāb, 2006.



[1]- Carine Guérandel, Une nouvelle catégorie des politiques d’« intégration par le sport »: les « filles de cités » , Sciences sociales et sport, Vol. 10, No. 1 (2017), p. 91.

[2]- يفيد الاندماج في أحد معانيه محو الفوارق والتفاوتات الاجتماعية في مختلف المكانزمات التي تنتجها. ينظر:

Patrick Mignon, Sport, insertion, intégration, Hommes et migrations, No. 1226 (Juillet-Out 2000), p. 15.

[3]- Guérandel, p. 81.

[4]- Roy Compte, Sport, santé et situation de Handicap mental, Epman, No. 66 (2007), p. 155.

[5]- Mohamed Khmailia, Gilles Bui-Xuân, Jacques Mikulovic, “Une Approche Singulière De l’évaluation Des niveaux d’intégration Sociale Des Femmes Arabo-musulmanes issues de l’immigration maghrébine en France: corps, sport et analyse conative, Staps, Vol. 94, No.4 (2011), p. 41.

[6]- Fabiani Jean-Louis, La sociologie: Histoire, idées et courants (Auxerre: Sciences humaines Editions, 2021).

[7]- Compte, p. 153.

[8]- حسن أوريد، الإسلام السياسي في الميزان. حالة المغرب (الرباط: توسنا، 2016)، ص95.

[9]- Nicolas Beau & Catherine Graciet, Quand le Maroc sera islamiste (Paris: Editions La Découverte, 2006), p. 10.

[10]- Ibid., p. 7.

[11]- Ibid.

[12]- في أحد الحوارات التي خص بها عالم الاجتماع الفرنسي "سيرج بوغام" Serge Paugam مجلة Sciences économiques et sociales، يتوقف مطولًا عند مفهوم الرابط الاجتماعي، أحد المفاهيم المفتاحية في غالبية أبحاثه، ومن بين ما ركز عليه المحاور هي الوظائف التي يكفلها الرابط الدامج؛ إذ أن الأثر الاندماجي يتجلى قياسًا بما يتحقق للفرد من اعتراف اجتماعي بأهمية دوره، وما يكفله له من حماية اجتماعية. لمزيد من التوسع في الموضوع، يمكن العودة إلى:

Serge Paugam, Le lien social: entretien avec Serge Paugam , ses.ens, 06/07/2012, accessed on 04/04/2002, at https://ses.ens-lyon.fr/articles/le-lien-social-entretien-avec-serge-paugam-158136.

[13]- تمحورت استراتيجية التنمية، وصيغت من طرف الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة خلال دورتها 55 سنة 2000، حول ثمانية أهداف هي: 1- تقليص الفقر المدقع والجوع؛ 2- تأمين التعليم الابتدائي للجميع؛ 3- تعزيز المساواة بين الجنسين؛ 4- تخفيض معدل وفيات الأطفال؛ 5- تحسين الصحة النفاسية؛ 6- مكافحة فيروس المناعة المكتسب؛ 7- كفالة الاستدامة البيئية؛ 8- إقامة شراكة عالمية. وللتوسع في مضامين هذه الأهداف والأهمية المخصصة فيها للنوع ومقتضيات المقاربة بالتمكين، يمكن العودة إلى:

Charmain Levy & Andrea Martinez, Genre, Féminismes et développement. Une trilogie en construction (Canada: Les presses de l’Université d’Ottawa, 2019), p. 30.

[14]- ورد في:

Frédéric Lebaron, Christophe Gaubert& Marie-Pierre Pouly, Manuel visuel de la sociologie (Paris: Dunod, 2013), p. 231.

[15]- آلان تورين، براديغما جديدًا لفهم عالم اليوم، ترجمة جورج سليمان (بيروت: منشورات المنظمة العربية للترجمة، 2011)، ص317.           

[16]- من خلال تتبع الجلسات الشفوية لأسئلة البرلمانيين المنقولة على القنوات المسموعة والمرئية بالمغرب، والتي تتداول مقاطع منها على شبكات التواصل الاجتماعي خاصة "اليوتيوب"، يتضح أن ملاعب القرب تستأثر باهتمام ممثلي الشعب؛ حيث توزعت الأسئلة على عدة محاور، من بينها النقص في عدد هذه الملاعب والتأخر في تشييدها وضعف شروط الصيانة؛ الحاجة إلى إيلاء أهمية خاص ة لمشاريع تأنيث الرياضة بالمغرب عبر ملاعب القرب؛ المطالبة بمجانية الاستفادة من هذه الملاعب وإحداث ملاعب متعددة الرياضات.

[17]- في تحليلها لسياسات الاندماج -عبر الممارسة الرياضية- المتبعة من طرف السلطات الفرنسية في ضواحي المدن الكبرى؛ حيث الديمغرافيا هناك تتألف في غالبيتها من ساكنة مهاجرة تنحدر من بعض المجتمعات المغاربية، تثير الباحثة "كرين غرانديل" Carine Guérandel المقاربة المفارِقة في التفاعل مع هذه السيرورات الاندماجية، فيكون تقريب هذه السيرورات من الذكور كمعالجة فورية لمصادر التوتر والمشاكل الاجتماعية، وتأجيل النظر في طلب أنثوي معبر عنه من خلال انتظام شابات هذه الأحياء في جمعيات وأندية تنشد الانخراط في الممارسة الرياضية، وهو التأجيل الذي يجد تفسيره في أن هذه الفئة لم يصدر عنها ما يقلق بال السلطات المحلية، كما هو شأن النوع الآخر. لأخذ صورة عن الآليات التي يحضر بها النوع في سياق الحد من الآثار الاندماجية لسيرورات الانخراط في الممارسة الرياضية، ينظر:

Guérandel, pp. 79-111.

[18]- Ibid., p. 85.

[19]- Christine Mennesson, « Etre une femme dans un sport masculin », Société contemporaines, Vol. 55, No.3 (2004), p. 70.

[20]- للمزيد من الإيضاح حول التمايز بين الإدماج والاندماج، ينظر:

William Gasparini, L’intégration par le sport”, Sociétés contemporaines, Vol. 69, No. 1 (2008), pp. 7-23.

[21]- S. Mischler, « Représentations sociales sur la femme sportive, tome1 », thèse de doctorat en sciences sociales (Stras- bourg: Université Marc Bloch Strasbourg II, 2003).

[22]- Mennesson, p. 70.

[23]- Mignon, pp. 15-26.

[24]- Henri Lefebvre, Espace et politique. Le droit à la ville (Paris: Anthropos, 2000), p. 34.

[25]- Viviane Folocher & Nicole Lompré, Accessibilité pour et dans l’usage: concevoir des situations d’activités adaptées à tous et à chacun”, Le travail humain, Vol. 75, No.1 (2012), p 90.

[26]- Ibid.

[27]- Ibid., p. 95.

[28]- Lefèbvre, p. 20

[29]- الزهرة الخمليشي وياسين ياسني، دراسة النوع الاجتماعي بالمغرب: نحو براديغم تقاطعي في التفكير والكتابة (تطوان: المركز المغربي جنوب شمال للدراسات والأبحاث الاجتماعية، 2021)، ص20.

[30]- المرجع نفسه، ص18.

[31]- Sirma Bilge,  Théorisation féministe de l’intersectionnalité, Diogène, Vol. 255, No. 1 (Janvier 2009), p. 70.

[32]- جيل فريول، معجم مصطلحات علم الاجتماع، ترجمة أنسام محمد الأسعد (بيروت: المنظمة العربية للترجمة، 2007)، ص180.

[33]- روزماري غارلاند-تومسون، "دمج الإعاقة، تحويل النظرية النسوية"، ضمن: ويندي كيه. كولمار وفرانسيس بارتكوفسكي (تنسيق): النظرية النسوية. مقتطفات مختارة، ترجمة عماد إبراهيم، ط 1 (الأردن: الأهلية، 2010)، ص440.

[34]- المرجع نفسه.

[35]- غارلاند-تومسون، ص445.

[36]- Gasparini, p. 12.

[37]- Khmailia et al., p. 41.

[38]- Guérandel, p. 99.

[39]- Laurent Paccaud & Alexandre Baril, Corps dérangeant, corps dérangé: performer la féminité supercrip dans le milieu du powerchair hockey et du blogage”, Recherches féministes, Vol. 34, No.1 (2021), p. 162.

[40]- Mennesson, p. 71.

[41]- Compte, p. 152.

[42]- Marion Segaud, Anthropologie de l’espace. Habiter, fonder, distribuer, transformer (Paris: Armond Colin, 2007).

[43]- Paccaud, p. 176.

[44]- Rémi Richard, L’expérience sportive du corps en situation de handicap: vers une phénoménologie du fauteuil roulant Staps, Vol. 98, No. 4 (2012), pp. 127-142.

[45]- Khmailia, p. 45.

[46]- Paccaud, p. 175.

[47]- Mennesson, p. 73.

[48]- Khmailia, p. 58.

[49]- Romaine Didiergean, Les pratiques sportives des immigrées à l’épreuve de la comparaison: l’exemple des filles d’origine turque en France et en Allemagne”, Sciences sociales et sport, Vol.8, No.1 (2015), pp. 103-124.

[50]- Khmailia, p. 54.

[51]- نقتبس هذا الوصف من الباحث "بيث باكر" الذي سبق وأن وظفه في أطروحته حول واقع الممارسة النسائية لكرة القدم بالسنغال:

Beth Paker, Hors-jeu dans le football féminin au Sénégal: genre, Islam et politique du corps (Paris: EHESS, 2019).

[52]- غارلاند-تومسون، ص444.

[53]- Pierre Bourdieu, Domination masculine (Paris: Editions du Seuil, 1998), pp. 65-78.

[54]- Pierre Lachenal, Questions de genre: comprendre pour dépasser les idées reçues (Paris: Le Cavalier Bleu, 2016), p. 114.

[55]- أحمد زايد، سيكولوجية العلاقات بين الجماعات، قضايا في الهوية الاجتماعية وتص نيف الذات، سلسلة عالم المعرفة 326 (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 2006)، ص128.

[56]- غارلاند-تومسون، ص445.

[57]- المرجع نفسه.

[58]- المرجع نفسه.

[59]- Segaud, p. 120.

[60]- Isabelle Clair, Sociologie du genre (Paris: Armand Colin, 2012), p. 181.

[61]- Compte, p. 153.

[62]- Ibid.

[63]- Ibid.

[64]- Khmailia, p. 44.

[65]- Ibid., p. 45.

[66]- Ibid.

[67]- يتعلق الأمر بمقابلة في سياق بحثنا لإعداد رسالة الدكتوراه، مما كان يفرض علينا الالتزام بالضوابط الإدارية لإجراء البحث الميداني من خلال الحصول على ترخيص موقَّع من طرف إدارة الكلية، وبأخلاقيات البحث المؤطِّرة لإجراءاته، بما في ذلك الحصول على موافقة المساهِمين/ات والحفاظ على سرية مصادر المعلومات بمنحهم/ات أسماء مستعارة، ينظر: عمرو رامي، التمكين والنساء في وضعيات الهشاشة. سؤال الفاعلية والنجاعة في المشاريع الجمعوية بإقليم تطوان، [أطروحة دكتوراه] جامعة عبد المالك السعدي، تطوان، 2021، ص392.

[68]- داومت على حضور الأنشطة الرياضية المدرسية، لزوال الجمعة، وهي الحصة التي كانت اختيارية بالنسبة للتلاميذ والتلميذات، ما يسمح باستطلاع بعض خصوصيات العلاقة مع الرياضة قياسًا إلى محدد النوع. وكانت البرمجة المرنة تسمح أحيانًا بنقل هذه الحصص إلى فضاءات خارجية، كما حدث خلال الحصص الأربع الأخيرة من الموسم الدراسي 2022/2022م، حيث نظمت بملعب القرب المجاور للمؤسسة.

[69]- Khmailia, p. 46.

[70]- Charlotte Parmantier, Footballeuses et musulmanes: des transgressions négociées”, Migrations Société, Vol. 157, No. 1 (2015), p. 38.

[71]- غارلاند-تومسون، ص443.