تاريخ الاستلام: 28 أبريل 2023

تاريخ القبول: 31 يوليو 2023

ترجمات

فك رموز إسهامات الدراسات البينية والعابرة للتخصصات*

تأليف: رودريك ج. لورنس**

ترجمة: هلا سليمان دقوري

مترجمة وأستاذة جامعية، قسم اللغة الانكليزية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة دمشق، سورية

smart.halla@gmail.com

ملخص

يمكننا إجراء مقارنة بين عدم قدرة العديد من المجتمعات البشرية على التعامل مع القضايا البيئية المعاصرة (كالتغير المناخي والجوائح الصحية واستعمال الأراضي وإدارة الحراج والموارد المتجددة وغير المتجددة والإسكان والفقر والتخطيط الحضري)، ووجهة نظر العديد من المهنيين والسياسيين ممن لديهم قناعة بأنهم يمتلكون "الإجابات الصحيحة"، إلا أن عدم التوافق حول التغير المناخي ومخزون الموارد المتجددة وغير المتجددة وعدم نجاح ما يسمى بالتجمعات السكنية النموذجية ومشاريع التخطيط الحضري التي أنشئت منذ خمسينيات القرن الماضي في بلدان تتبع اقتصاد السوق الاشتراكي أو اقتصاد السوق الحر يشير بوضوح إلى الحاجة إلى أفكار وأساليب عمل وأهداف ومعايير جديدة في مجال البحث العلمي والممارسة المهنية معًا. وترتبط تحديات القضايا آنفة الذكر بمدى تعقيد هذه القضايا وتجزئ المعرفة المهنية والعلمية وتقسيم المسؤوليات بناء على القطاعات في المجتمع المعاصر وزيادة تنوع طبيعة السياقات المجتمعية التي يعيشها الناس. كما أدّى الافتقار إلى التعاون الفعال بين العلماء والمهنيين وواضعي السياسات إلى "فجوة تطبيقية" في القطاعات التي تتعامل مع البيئات الطبيعية والبيئات بشرية الصنع. تناقش هذه المقالة القيمة المضافة للإسهامات البينية والعابرة للتخصصات وكذلك التحديات التي عادة ما يواجهها أولئك الذين يرغبون بتنفيذها للتعامل مع القضايا المعقدة للعالم الحقيقي.

الكلمات المفتاحية: الإسهامات البينية والعابرة للتخصصات، البيئة، التعاون

للاقتباس: دقوري، هلا سليمان (مترجم). «فك رموز إسهامات الدراسات البينية والعابرة للتخصصات» لرودريك ج. لورنس»، مجلة تجسير، المجلد الخامس، العدد 2 (2023)

https://doi.org/10.29117/tis.2023.0145

© 2023، دقوري، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. نُشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.

 

 


 

Submitted: 28 April 2023

Accepted: 31 July 2023

Translations

Deciphering Interdisciplinary and Transdisciplinary Contributions*

Authored by: Roderick J. Lawrence

Translated by: Halla Daqqouri

Translator and University Teacher, Department of English, Faculty of Literatures and Human Sciences, Damascus University, Syria

smart.halla@gmail.com

Abstract

The incapacity of many human societies to deal with contemporary environmental questions (such as climate change, health epidemics, land-use, forestry management, renewable and non-renewable resources, housing, poverty, and urban planning) can be contrasted with the viewpoint of many professionals and politicians who are convinced that they have the “right answers.” However, the lack of consensus about climate change, the stock of renewable and non-renewable resources, and the failure of so-called “model” housing estates and urban planning projects constructed since the 1950s in countries with socialist or freemarket economies clearly show that new ideas, working methods, objectives, and criteria are needed in both scientific research and professional practice. The challenges related to dealing with the above-mentioned problems concern their complexity, the compartmentalization of scientific and professional knowledge, the sector-based division of responsibilities in contemporary society, and the increasingly diverse nature of the societal contexts in which people live. In addition, the lack of effective collaboration between scientists, professionals, and policy decision-makers has led to the “applicability gap” in sectors that deal with both the natural and human-made environment. This article discusses the added value of interdisciplinary and transdisciplinary contributions as well as the challenges that are commonly confronted by those who wish to implement them to deal with complex real-world issues.

Keywords: Interdisciplinary and Transdisciplinary contributions; Environment; Collaboration

Cite this article as: Daqqouri, Halla. (Translator) "Deciphering Interdisciplinary and Transdisciplinary Contributions by: Roderick J. Lawrence," Tajseer Journal, Vol. 5, Issue 2 (2023)

https://doi.org/10.29117/tis.2023.0145

© 2023, Daqqouri, licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-Non Commercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.

 


 

مقدمة

لا يوجد اليوم تعريف متفق عليه للإسهامات البينية والعابرة للتخصصات. فالخلط الحالي وسوء الفهم بشأن الإسهامات البينية[1] والعابرة للتخصصات[2] ومتعددة التخصصات في البحث العلمي وبرامج التعليم الرسمي والممارسة المهنية له تاريخ يعود على الأقل إلى الندوة البحثية التي نظمتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في عام 1970. ومن خلال بعض الأوراق البحثية التي قدمت في تلك الندوة كان ثمة تمييز بين الإسهامات البينية والعابرة للتخصصات[3]. وقد تبنى كل من الفيزيائي النمساوي إيريش جانتش (Erich Jantsch) وعالم النفس السويسري جان بياغيت (Jean Piaget) تأويلاً يشير إلى نظريات الأنظمة ونماذج متعددة المستويات أو نماذج هرمية تضع الإسهامات متعددة التخصصات في مرتبة أدنى من الإسهامات البينية والتي كانت بدورها في مرتبة أدنى من الإسهامات العابرة للتخصصات. يوافق جانتش وبياغيت على أن المقاربات متعددة التخصصات تضع الإسهامات التخصصية المختلفة جنباً إلى جنب في وقت يجري فيه التنسيق والتكامل بين المقاربات البينية. وبناء على ذلك، تجمع المقاربات العابرة للتخصصات إسهامات تخصصية أكبر لكي تولّد مستوى أعمق للفهم من خلال تطبيق إطار عمل نظامي (systemic) موسع لعدة إسهامات تخصصية وبينية.

بعد مضي ثلاثين عامًا على الندوة البحثية التي أقامتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) نظم اتحاد مجموعة مؤسسات أكاديمية ومهنية مؤتمرًا دوليًا في مدينة زيوريخ في عام 2000.

حضر المؤتمر حوالي 800 مشارك من 50 دولة، تعرفوا من خلاله على التأويلات المختلفة للمقاربات البينية والعابرة للتخصصات مقارنة بالمقاربات التي كانت موجودة في فترة السبعينيات[4]. وكانت المقاربات العابرة للتخصصات على نحو خاص تعتبر أشكالاً جديدة للتعلم وحل المشاكل وتضم لاعبين من المجتمع العلمي وقطاعات أخرى في المجتمع المدني (منظمات غير حكومية، هيئات مجتمعية، والقطاع الخاص) لمعالجة مشاكل العالم الحقيقي. وهذا التأويل لا يشبه التطبيق الموسع للمقاربات التخصصية الذي اقتُرح في سبعينيات القرن الماضي.

تعود بعض أسباب التحول في تأويل المقاربات البينية والعابرة للتخصصات بين عامي 1970 و2000 إلى قدرة البحث العلمي على التعامل مع المشكلات البحثية الملموسة التي تحتاج المجتمعات إلى معالجتها. وتشتمل هذه المشكلات على تحديات صحية عامة كوباء السمنة وتأثيرات التغير المناخي بما فيها آثار التصحر على الأنظمة البيئية الطبيعية والبشرية وعواقب استخدامات أنواع مختلفة من موارد الطاقة على الاقتصادات المحلية والعالمية. وثمة قلق آخر يرتبط بتعقد قضايا العالم الحقيقي هذه وعدم قدرة أي تخصص بعينه أو مهنة بعينها على معالجتها على نحو فاعل. يجادل غيبونز (Gibbons) وآخرون بأن الأساليب التقليدية لإجراء بحث علمي غير كافية، وإن الجهد المشترك بين العلم والتقانة وممثلي المجتمع المدني بخصوص حل المشكلات إنما هو ضرورة[5]. وعليه، وبمقارنة بتأويلات أخرى، قدم المؤتمر الدولي في زيوريخ إطار عمل مبتكر للبحث التشاركي الذي يتناول مجموعة واسعة من مشكلات العالم الحقيقي بدلًا من التركيز فقط على البحث الأكاديمي ومناهج برامج التعليم العالي.

لا يوجد اليوم تعريف مشترك للإسهامات البينية والعابرة للتخصصات. ولكن بات من المقبول على نحو واسع أن المقاربات العابرة للتخصصات ليست مرادفًا للمقاربات البينية. ومع ذلك، فليس هناك أيّ إجماع حتى الآن بخصوص الاختلافات بين الإسهامات البينية والعابرة للتخصصات[6].

تعتبر العلاقة بين الباحثين في التخصصات المختلفة وخاصة في العلوم الإنسانية/الاجتماعية والعلوم الأساسية/الطبيعية مصدرًا للخلاف. ومع ذلك، يجب ألا تكون الحال كذلك وفقًا لما أوضحه بويدن (Boyden) وزملاؤه منذ أكثر من عشرين عامًا في بحثهم التطبيقي في علم البيئة البشرية حول هونغ كونغ[7]. يمكن أن تؤدي إسهامات مبتكرة من هذا النوع إلى تطوير مصطلحات جديدة ومفاهيم مبتكرة ومعارف جديدة. وهذا تحدٍ هام لأولئك الذين يرغبون بتطبيق المقاربات البينية والعابرة للتخصصات لمعالجة القضايا البيئية المعقدة.

عند التعامل مع مواضيع معقدة، كالقضايا البيئية الجوهرية، من الضروري أن يكون هناك تحوّل من المفاهيم والمناهج أُحادية التخصص إلى المفاهيم والطرق البينية والعابرة للتخصصات. ولكي يكون هذا التحول فاعلًا يجب أن يتأسس على توضيح التعاريف والأهداف والمناهج. يشير مصطلح "التخصص" في هذه الورقة البحثية إلى الاختصاص وتجزئة التخصصات الأكاديمية منذ القرن التاسع عشر تحديدًا. كلّ اختصاص له مفاهيمه وتعريفاته وبروتوكولاته المنهجية الخاصة الضرورية لدراسة مجال اختصاصه المحدد بدقة. أما مصطلح "متعدد التخصصات" فيشير إلى جدول الأعمال البحثية المضافة، والتي يبقى بموجبها كل باحث في مجال تخصصه، ويطبق مفاهيمه ومناهجه دون تشارك أهداف عامة بالضرورة مع باحثين آخرين. وفيما يتعلق بالدراسات البينية فهي الدراسات التي يقبل فيها الباحثون من مختلف التخصصات تضافر الأعمال والتكامل كوسيلة لتحقيق هدف مشترك يكون عادة موضوعًا شائعًا للدراسة. وفي المقابل، تدمج الإسهامات العابرة للتخصصات مجموعة من المفاهيم والمعارف التي لا يستخدمها الأكاديميون والباحثون فحسب، وإنما جهات أخرى في المجتمع المدني بما فيها ممثلي القطاع الخاص والإداريين الحكوميين والعامة. تسمح هذه الإسهامات بالإثراء المتبادل للمعارف والخبرات بين مجموعات متنوعة من الأشخاص الذين يستطيعون تقديم رؤية موسعة لموضوع ما وكذلك نظريات تفسيرية جديدة. وهذا النوع من الأبحاث ليس غاية في حد ذاته وإنما هو طريقة لتحقيق أهداف مبتكرة وتعزيز الفهم وتداؤب المناهج.

لا تتعارض تعددية التخصصات والبينية والعابرة للتخصصات مع بعضها وإنما تكمل بعضها بعضًا. وتتطلب الأبحاث والممارسات البينية والعابرة للتخصصات إطارًا مفاهيميًّا عامًا ومناهج تحليلية تستند إلى مصطلحات مشتركة وصور ذهنية وأهداف مشتركة. وبدون الدراسات التخصصية لن يكون هناك أي معرفة أو بيانات متعمقة. تلخص هذه الورقة البحثية التأويلات السائدة للإسهامات البينية والعابرة للتخصصات وتقدم شروحات لها بالنظر إلى المنشورات الحديثة في مجال الدراسات البيئية.

ما البينية؟

من المتفق عليه أن الإسهامات البينية تتضمن تشارك وتعاون العلماء من تخصصين على الأقل ممن يستخدمون كفاءاتهم التخصصية في العمل على قضايا عامة وتحقيق أهداف مشتركة. السمة الجوهرية للمقاربات البينية هو هدفها في دمج المفاهيم والمناهج والمبادئ التي تعود إلى تخصصات مختلفة[8].

ما المقصود بمصطلح "عبور التخصصات"؟

مصطلح "عبور التخصصات" هو مصطلح غامض جرى تفسيره بعدة أساليب. أشار بالسيغر (Balsiger) إلى عدم وجود تاريخ كامل لهذا المصطلح أو المفهوم[9]. وكما هي الحال مع الدراسات البينية يبدو أن ليس ثمة إجماع حول معناه. ومع هذا، يمكن تحديد عدة أهداف مشتركة لهذا المفهوم عند تحليل المنشورات الحديثة:

أولًا: تعترف المعرفة العابرة للتخصصات بتعقيدات العلم وتواجهها، وتتحدى تشظي المعرفة [10]. وتتعامل مع مشكلات وتنظيمات بحثية يُصار إلى تحديدها في مجالات معقدة وغير متجانسة كالتغير المناخي العالمي أو تحديات الصحة العامة[11]. ويتسم هذا النمط من إنتاج المعرفة بطبيعته الهجينة وعدم خطيته وانعكاسيته وتجاوزه لأي بنية تخصصية أكاديمية إضافة إلى سمتي التعقيد وعدم التجانس[12].

ثانيًا: يقبل البحث العابر للتخصصات السياقات المحلية وعدم اليقين. ويمكن القول إنه تفاوض معرفي ذو سياقات محددة[13].

ثالثًا: تتضمن المعرفة العابرة للتخصصات فعلًا بينيّ التواصل، وهي نتاج التذوات (Intersubjectivity)[14]. لذلك، فهي عملية بحثية تشتمل على التفكير العملي للأفراد مع الطبيعة المقيدة والمعقدة للسياقات الاجتماعية والتنظيمية والمادية. ولهذا السبب، يتطلّب البحث والممارسة العابران للتخصصات تعاونًا وثيقًا ومستمرًا خلال كافة مراحل المشروع البحثي أو تنفيذ المشروع.

رابعًا: البحث العابر للتخصصات هو بحث يتوجه نحو الفعل في الغالب. ويتضمن إنشاء الروابط ليس فقط عبر الحدود التخصصية، وإنما بين التطور النظري والممارسة المهنية[15]. غالبًا ما تتناول الإسهامات العابرة للتخصصات موضوعات العالم الحقيقي وتولّد المعرفة التي لا تعالج فقط المشاكل المجتمعية، وإنما تسهم أيضًا في التوصل إلى حلول لها[16]. وتتمثل أحد أهداف البحث العابر للتخصصات في فهم العالم الفعلي، وجسر الهوة بين المعرفة المستمدة من الأبحاث، وعمليات صنع القرار في المجتمعات الديموقراطية، لكن يجب ألّا يقتصر على المعرفة التطبيقية[17]. هذا التأويل العام تقييدي جدًا لأنه لا يوجد سبب ضمني يفسر سبب عدم قدرة المعرفة العابرة للتخصصات على تحقيق التطور النظري وخاصة الوصف التحليلي للقضايا البيئية المعقدة وتأويلها. إن كان هناك رغبة بإحراز تقدم في ميدان البحث والممارسة بخصوص قضايا العالم الفعلي، فالمعرفة العابرة للتخصصات ضرورة أساسية.

فهم الإسهامات متعددة التخصصات والبينية والعابرة للتخصصات:

سنتطرق في الملخص الآتي إلى الاختلاف بين الإسهامات متعددة التخصصات والبينية والعابرة للتخصصات، رغم أن بعض المؤلفين استخدموا المفهومين بالدلالات ذاتها.

يقول بروس (Bruce) وآخرون: في البحث متعدد التخصصات يعمل كل تخصص بصورة منفصلة، وفي الأبحاث البينية، تجري مقاربة موضوع ما من عدد من الزوايا التخصصية التي تتكامل لتقديم مخرجات مجموعية[18]. أما في الأبحاث العابرة للتخصصات، فيجادلون أن التركيز هو على تنظيم المعرفة حول مجالات معقدة وغير متجانسة بدلًا من التخصصات والموضوعات التي يجري تنظيم المعرفة فيها.

يذكّرنا بعض المؤلفين بأن كلمة "البينية" استخدمت بصورة متسقة للدلالة على الأبحاث العلمية التي تشمل عددًا من التخصصات[19]. لكن في المقابل، لم تقتصر كلمة "عابر للتخصصات" على البحث العلمي فحسب. فقد جرى استخدامها منذ السبعينيات في نقاشات حول التعليم أطلقها عالم النفس السويسري الشهير جان بياجيه (Jean Piaget)، وكذلك في ممارسة فن العمارة والتصميم الحضري وتخطيط استعمال الأراضي الذي يُشرك أصحاب المصلحة في عملية صنع القرار.

ويجادل راماديير (Ramadier) أن على المعرفة العابرة للتخصصات ألّا تبسّط الحقيقة بالتعامل فقط مع أجزاء منها تكون متوافقة مع تقاطع وجهات نظر تخصصية متعددة، كما هي الحال مع الأبحاث البينية[20]. وقدم نقاشًا حول أن المقاربات العابرة للتخصصات تقع بين التخصصات وعبر التخصصات، ووراء أي تخصص في وقت واحد، وهي تجمع بذلك وتتجاوز كل عمليات البينية وتعددية التخصصات. وأكد أن المقاربات العابرة للتخصصات يمكن أن تكون فعّالة فقط إن كان هناك تحول كبير في التفكير التخصصي، وهذا ينطوي على تحول من التقسيمات التخصصية (التي تبحث عن وحدة المعرفة) إلى التفكيكية التعاونية (التي تسعى إلى التماسك).

يوضح راماديير هذه المقاربات من خلال دراسة العلاقات بين البشر والبيئة في المناطق الحضرية. ويدرس إسهامات الباحثين في علم الإنسان (الأنثروبولوجيا) والعمارة والتاريخ والجغرافيا البشرية وعلم الاجتماع الحضري وعلم النفس. وتضمّ كل من هذه المساهمات التخصصية مفاهيم ومناهج تطبق على دراسة الأشخاص في المواقف الدقيقة وعادة ما يكون ذلك في فترة زمنية محددة. ثم ناقش كيف أن التأويلات التخصصية لوضوح الفضاء الحضري لا تقدم معرفة مبتكرة. لكنه في المقابل يلاحظ أن الإسهامات العابرة للتخصصات التي تقدم بها بعض علماء النفس البيئي أدت إلى صياغة وإقرار مفاهيم مبتكرة كالهوية المكانية، وهو مفهوم قدّم منذ سبعينيات القرن الماضي إسهامات جليلة في الميادين المعمارية والجغرافية البشرية والنفسية والاجتماعية وذلك بإظهار تأثيرات البيئة المادية على الهوية والتصور الذاتي.

تعطي ديسبريس (Després) وبريس (Brais) وأفيلان (Avellan) وصفًا للسياق والإطار النظري والمنهجية ونتائج مشروع التخطيط الحضري التعاوني لإعادة تعريف مستقبل أحياء الضواحي الواقعة في محيط مدينة كيبيك الكندية بين عامي 1950 و1975[21]. يؤكد المؤلفون على أن مفهومي (عبور التخصصات) و(التذوات) يشكلان بوضوح الأسس النظرية والمنهجية لعملهم. وهم يتبنون إطار عمل ينبع من نظرية الفعل التواصلي للفيلسوف الألماني يورغن هابرماس (Jür gen Habermas). يتشارك المؤلفون مع هابرماس في قناعته بأن المعرفة العلمية ليست النوع الوحيد للمعرفة العقلانية، وأن المعرفة الأداتية والأخلاقية والجمالية يجب أن تتكامل لتشكل علمًا شموليًا[22]. وهم يؤيدون موقف هابرماس الذي يقول إن المعرفة العقلانية لا يمكن تعريفها بما هو معروف فحسب، وإنما بكيفية نقلها للآخرين؛ العمليات الحوارية، والوساطة، والتفاوض، والإجماع، هي وسائل لتطوير التذوات (Intersubjectivity) والفهم المشترك اللذين ينتجان بدورهما نوعًا خامسًا من المعرفة الهجينة.

طبّقت ديسبريس وزملاؤها هذا الإطار النظري وطوّروا منهجية تجمع التحليل العلمي والبحث الإجرائي وعمليات التصميم التشاركية. وتشتمل المراحل المتتالية في عملهم على تشخيص للسمات الديموغرافية والبيئية والمادية والاجتماعية لبيئات الضواحي، وتعريف للأهداف والمعايير لإنعاش ضواحٍ معينة، وتطوير مشروع تصميم معماري وحضري؛ لإعادة تطوير هذه الضواحي باستخدام عملية تشاركية تستمر لمدة 18 شهرًا مع أصحاب المصلحة وممثلين عن السكان المحليين.

يسمح هذا النوع من الإسهامات العابرة للتخصصات بالإثراء المتبادل للأفكار والمعرفة من مختلف المساهمين، مما يسمح بتقديم رؤية موسعة لموضوع ما ولنظريات تفسيرية جديدة أيضًا مع العلم أن الإسهامات المبتكرة لا تتطلب تفكيرًا منطقيًا فحسب وإنما تفكيرًا خلاقًا أيضًا[23]. وتعتبر المعرفة العابرة للتخصصات طريقة لتحقيق أهداف مبتكرة، وفهم ثرّ، وتفاعل بين مناهج جديدة.

ترى عدة مساهمات حديثة أن الفرق بين الإسهامات البينية (Interdisciplinarity) والعابرة للتخصصات (Transdisciplinarity) تتأتى من البادئة اللاتينية (trans) التي تشير إلى تجاوز الحدود التي حددتها الأنماط التخصصية التقليدية للاستقصاء. فهي تميز بين المجموعة البحثية التي ستبقى بينية بسبب الطبيعة التخصصية للتعليم والتقصي عمومًا، والتي تشتمل على المعرفة النهائية، فإن كانت عابرة للتخصصات، فهي ستكون أكبر من مجموع العناصر التخصصية فيها. ويقارن لورنس (Lawrence) المناهج البينية مع مزيج من التخصصات، في حين أن المقاربات العابرة للتخصصات ستكون لها صلة بدمج التخصصات وأنواع أخرى من المعارف[24]. وهذا التأويل يعني أن مصطلح "عبور التخصصات" لا يشير إلى عملية آلية تتأتى من الجمع بين أشخاص من تخصصات أو مهن مختلفة، بل يتضمن إضافة إلى ذلك مكونًا أطلق عليه البعض "التعالي"[25]. ويتضمن المصطلح الأخير التخلي عن السيادة على المعرفة، وتوليد رؤى ومعارف جديدة عن طريق التعاون، والقدرة على التفكير في المعرفة الفنية للمهنيين والناس العاديين.

يلخص وايزمان (Wiesmann) وزملاؤه التأويل السائد للمعرفة العابرة للتخصصات في الدول الناطقة بالألمانية في أوروبا بالعبارة الآتية: "البحث العابر للتخصصات هو بحث يتضمن تعاونًا ضمن المجتمع العلمي، ونقاشًا بين البحث والمجتمع بصورة عامة. وعليه، يتجاوز هذا البحث الحدود الفاصلة بين التخصصات العلمية، وبين العلم ومجالات مجتمعية أخرى ويشتمل على مداولات بشأن الحقائق والممارسات والقيم".

تظهر هذه الورقة البحثية أن النقاش حول التعريف الصحيح للبحث البيني والعابر للتخصصات لم يتوقف منذ سبعينيات القرن الماضي. ومن الأهمية بمكان هنا التشديد على التكامل بين المقاربات متعددة التخصصات والبينية والعابرة للتخصصات بدلًا من النظر إليها على أنها متعارضة. ومن المهم أيضًا أن نشدد على هذا التكامل: لأن الترابط بين هذه المقاربات يجب أن يكون أكثر منهجية عمّا كان عليه في السنوات الأخيرة.

خاتمة

برزت حاجة ملحة إلى المقاربات المبتكرة في الكثير من الحالات، كالفشل الذريع لأغنى الدول في العالم في مواجهة مجموعة واسعة من التحديات. فعلى سبيل المثال، لم تعترف كل الجهات والمؤسسات في الدول المتقدمة والدول التي تندرج تحت مسمى "دول نامية" بضرورة مواجهة المخاوف البيئية لاستدامة شروط الحياة على سطح هذا الكوكب. لم تدرك العديد من الحكومات في هذه الدول الحاجة الملحة لتخفيف تبعات سبل العيش التي تفرضها بتطبيق السياسات المبتكرة. ويعزى هذا القصور إلى نقص المساهمات البينية والعابرة للتخصصات. تكمل معظم المساهمات العلمية حول هذا الموضوع العلوم البيئية الفيزيوحيوية لفهم التغيرات والتأثيرات التي تطال البيئة الفيزيوحيوية. ومع ذلك، فتحليلات سلوك وتنظيم المجتمعات الإنسانية تحتاج أيضًا إلى مواجهة الموقف بأدوات سياسية. لهذا، نجد بالحد الأدنى أن تعددية التخصصات مطلوبة لمعالجة هذه المسألة المعقدة في عالميتها. بيد أن الإبستمولوجيات المختلفة لكل تخصص وعلم (في كل من العلوم الطبيعية والإنسانية) تظهر صعوبات في التعاون، مانعة بذلك البينية القوية، وخاصة حين يجري تناولها ضمن الأطر المنهجية العلمية التخصصية التقليدية. أما الحل العملي فيتمثل في قدرة فرق الباحثين وممثلي المجتمع الأهلي على ربط أهدافهم البحثية من خلال بناء الحوار. لكن، وحتى مع توقف العديد من الباحثين والممارسين عن طرح تساؤلات حول الحاجة إلى المساهمات البينية، لا تزال المقاربات العابرة للتخصصات غير مطبقة بصورة عامة بعد لمعالجة القضايا البيئية الجوهرية.

المراجع

References:

Balsiger, P. “Supradisciplinary Research Practices: History, Objectives and Rationale.” Futures, Vol. 36, No. 4 (2004).

Boyden, S. et al. The Ecology of a City and Its People: The Case of Hong Kong. Canberra: Australian National University Press, 1981.

Brown, V., Harris, J., & Russell, J. (eds.). Tackling Wicked Problems: Through Transdisciplinary Imagination. London: Earthscan. 2010.

Bruce, A., et al. "Interdisciplinary Integration in Europe: The Case of the Fifth Framework Programme." Futures, Vol. 36, No. 4 (2004).

Després, C., Brais, N. and Avellan, S. "Collaborative Planning for Retrofitting Suburbs: Transdisciplinarity and Intersubjectivity in Action." Futures, Vol. 36, No. 4 (2004).

Easton, D., and Schelling. C.S. Divided Knowledge: Across Disciplines, Across Cultures. Newbury CA: Sage Publications, 1991.

Frodeman, R., Klein, J., Thompson & Mitcham, C. (eds.), The Oxford Handbook of Interdisciplinarity. New York: Oxford University Press, 2010.

Gibbons, M. et al. The New Production of Knowledge: The Dynamics of Science and Research in Contemporary Societies. London: Sage. 1994.

Habermas, J. The Theory of Communicative Action: Reason and Rationalization of Society, Vol. 1. New York: Beacon, 1985.

Hadorn, G.H. et al. (eds.). Handbook of Transdisciplinary Research. Dordrecht: Springer, 2008.

Klein, J.T. "Prospects for Transdisciplinarity." Futures, Vol. 36, No. 4 (2004).

Klein, J.T. et al. (eds). Transdisciplinarity: Joint Problem Solving Among Science, Technology, And Society: An Effective Way for Managing Complexity. Basel: Birkhäuser, 2001.

Klein, J.T. Grossenbacher-Mansuy, W., Häberli, R., Bill, A., Scholz, R., & M. Welti (eds.). Transdisciplinarity: Joint Problem Solving Among Science Technology and Society, An Effective Way of Managing Complexity. Basel: Birkhäuser, 2001.

Lawrence, R. "Beyond Disciplinary Confinement to Imaginative Transdisciplinarity." In Brown, V., Harris, J. & Russell, J. (eds.) Tackling Wicked Problems through Transdisciplinary Imagination, pp. 16-30. London: Earthscan, 2010.

–––. "Housing and Health: Beyond Disciplinary Confinement." Journal of Urban Health, Vol. 83, No 3 (2006).

–––. "Housing and Health: From Interdisciplinary Principles to Transdisciplinary Research and Practice." Futures, Vol. 36, No. 4 (2004).

Organization for Economic Co-operation and Development (OECD). Interdisciplinarity: Problems of teaching and research in universities. Paris: OECD. 1972.

Pohl, C. & Hadorn, G.H. Principles for Designing Transdisciplinary Research - proposed by the Swiss Academies of Arts and Sciences. Munich: oekom Verlage, 2007.

Ramadier, T. "Transdisciplinarity and Its Challenges: The Case of Urban Studies." Futures, Vol. 36, No. 4 (2004).

Somerville, M., & D. Rapport (eds.). Transdisciplinarity: Recreating Integrated Knowledge. (Oxford: EOLSS Publishers, 2000).

Wiesmann, U. et al. “Enhancing Transdisciplinary Research: A Synthesis in Fifteen Propositions." In Hadron Hirsch, et al, Handbook of Transdisciplinary Research. Dordrecht: Springer, 2008.



* نُشِر المقال في الأصل باللغة الإنجليزية، انظر:

Roderick J. Lawrence, “Deciphering Interdisciplinary and Transdisciplinary Contribution,” Transdisciplinary Journal of Engineering & Science, Vol. 1, No. 1 (December, 2010), pp. 125-130, doi: 10.22545/2010/0003

وقد حصلت المترجِمة على موافقة المؤلف وصاحب الحقوق لترجمته في مجلة تجسير، ونُشرِت الترجمة لما فيها من أهمية قصوى في هذا العصر الذي لم يعد عصرًا للدراسات البينية فحسب، بل يتعداها إلى الدراسات العابرة للتخصصات التي لا تزال غير مألوفة إلى حد ما. يلقي البحث الضوء على الإسهامات البينية والعابرة للتخصصات في مواضيع البحث العلمي والتعليم بشقيه النظري والعملي. تتمثل أهمية المقال بطرح أفكار جديدة من خلال الإسهامات البينية والعابرة للتخصصات التي تمكّن البحث العلمي من التعامل مع مشكلات تحتاج المجتمعات إلى معالجتها على نحو متزايد، عدا عن القدرة على توليد مستويات أعمق للفهم وتطوير مصطلحات جديدة ومفاهيم مبتكرة ومعارف حديثة، تبتعد عن أحادية التخصص التي سادت في القرن الماضي، والتحول نحو الطرق البينية ومتعددة التخصصات والعابرة للتخصصات على أن يتأسس هذا على إيضاح كامل للتعاريف والأهداف والمناهج. يقدم المقال عرضًا موجزًا للتأويلات السائدة للإسهامات البينية والعابرة للتخصصات ويقدم شروحات لها بالنظر إلى المنشورات الحديثة في مجال الدراسات البيئية، واستعرض آراء بعض الباحثين في المجال الذين كتبوا عن هذين المفهومين؛ البينية وعبور التخصصات.. البحث جديد وهو المنارة التي تضيء الطريق أمام الباحثين اليوم لتكون أعمالهم وأبحاثهم أكثر شمولية ومناهجية وموسوعية. (المترجمة)

** رودريك ج. لورنس: مجموعة البيئة البشرية – معهد العلوم البيئية، جامعة جنيف، سويسرا Roderick.Lawrence@unige.ch.

* This article is a translation of Roderick J. Lawrence, “Deciphering Interdisciplinary and Transdisciplinary Contribution” Transdisciplinary Journal of Engineering & Science, Vol. 1, No. 1 (December, 2010), pp. 111-116, doi: 10.22545/2010/0003

Translation Rights were granted by the author and the publisher.

[1]- الدراسات البينية هي دراسات تعتمد على حقلين أو أكثر من حقول المعرفة الرائدة، أو العملية التي يتم بموجبها الإجابة عن بعض الأسئلة، أو حل بعض المشاكل، أو معالجة موضوع واسع أو معقد يصعب التعامل معه بشكل كافٍ عن طريق نظام أو تخصص واحد. [المترجم]

[2]- وفقًا لرجا بهلول أستاذ الفلسفة بمعهد الدوحة للدراسات العليا، ظهر مفهوم عبور التخصصات (Transdisciplinarity) في الأدبيات الغربية في عشرينيات القرن الماضي، ولكنه ما زال غير مألوف نسبيًا. وهو يحمل معانٍ عدة تتراوح بين تشجيع الاتصال بين الباحثين في حقول مختلفة، وصولًا إلى مقترحات بعيدة الأثر تتضمن دعوات لهدم البنية التخصصية برمتها. [المترجم]

[3]- Organization for Economic Co-operation and Development (OECD), Interdisciplinarity: Problems of Teaching and Research in Universities (Paris: OECD (1972).

[4]- J. Thompson Klein, et al., (eds.), Transdisciplinarity: Joint Problem Solving among Science, Technology, and Society: An Effective Way for Managing Complexity (Basel: Birkhäuser, 2001).

[5]- M. Gibbons, et al., The New Production of Knowledge: The Dynamics of Science and Research in Contemporary Societies (London: Sage. 1994).

[6]- C. Pohl, & G. Hirsch Hadorn, Principles for Designing Transdisciplinary Research - proposed by the Swiss Academies of Arts and Sciences (Munich: Oekom Verlage, 2007).

[7]- S. Boyden, et al., The Ecology of a City and its People: The Case of Hong Kong (Canberra: Australian National University Press, 1981).

[8]- R. Frodeman, J. Thompson Klein, & C. Mitcham, (eds.), The Oxford Handbook of Interdisciplinarity (New York: Oxford University Press, 2010).

[9]- P. Balsiger, “Supradisciplinary Research Practices: History, Objectives and Rationale,” Futures, Vol. 36, No. 4 (2004), pp. 407-421.

[10]- M. Somerville, & D. Rapport (eds.), Transdisciplinarity: Recreating Integrated Knowledge (Oxford: EOLSS Publishers, 2000).

[11]- R. Lawrence, "Housing and Health: From Interdisciplinary Principles to Transdisciplinary Research and Practice," Futures, Vol. 36, No. 4 (2004), pp. 487-502.

[12]- J. Thompson Klein, et al., (eds.), Transdisciplinarity: Joint Problem Solving Among Science Technology and Society, An Effective Way of Managing Complexity (Basel: Birkhäuser, 2001).

[13]- J. Thompson Klein, "Prospects for Transdisciplinarity," Futures, Vol. 36, No. 4 (2004), pp. 515-526.

[14]- C. Després, N. Brais, & S. Avellan, "Collaborative planning for retrofitting suburbs: transdisciplinarity and intersubjectivity in action," Futures, Vol. 36, No. 4 (2004), pp. 471-486.

 [15]- R. Lawrence, "Housing and Health: Beyond Disciplinary Confinement," Journal of Urban Health, Vol. 83, No. 3 (2006), pp. 540-549.

[16]- G. Hirsch Hadorn, et al., (eds.). Handbook of Transdisciplinary Research (Dordrecht: Springer, 2008).

[17]- A. Bruce, et al., "Interdisciplinary integration in Europe: the case of the Fifth Framework programme," Futures, Vol. 36, No. 4 (2004), pp. 457-470.

[18]- D. Easton, & C.S. Schelling, Divided Knowledge: Across Disciplines, Across Cultures (Newbury CA: Sage Publications, 1991).

[19]- T. Ramadier, "Transdisciplinarity and its Challenges: The Case of Urban Studies," Futures, Vol. 36, No. 4 (2004), pp. 423-439.

[20]- Després, "Collaborative Planning for Retrofitting Suburbs: Transdiciplinarity and Intersubjectivity in Action."

[21]- J. Habermas, The Theory of Communicative Action: Reason and Rationalization of Society (New York: Beacon, Vol. 1, 1985).

[22]- V. Brown, J. Harris, & J. Russell (eds.), Tackling Wicked Problems: Through Transdisciplinary Imagination (London: Earthscan. 2010).

[23]- R. Lawrence, "Beyond Disciplinary Confinement to Imaginative Transdisciplinarity." In Brown, V., Harris, J. & Russell, J. (eds.) Tackling Wicked Problems through Transdisciplinary Imagination (London: Earthscan, 2010), pp. 16-30.

[24]- Klein, Op. cit.

[25]- U. Wiesmann, et al., “Enhancing Transdisciplinary Research: A Synthesis in Fifteen Propositions”. In G. Hirsch Hadorn, et al., Handbook of Transdisciplinary Research (Dordrecht: Springer, 2008).