تاريخ الاستلام: 20 يوليو 2023

تاريخ القبول: 25 أغسطس 2023

مقالة بحثية

الاستعارة: من الكلمة إلى الخطاب*

غصاب منصور علي الصقر

محاضر، اللغة العربية وآدابها - اللسانيات، المتطلبات العامة، جامعة التقنية والعلوم التطبيقية، صلالة، عُمان

ghassab@utas.edu.om

ملخص

يهدف هذا البحث إلى دراسة الاستعارة، وتبيان كيفية انتقالها من الكلمة المفردة إلى الجملة، حتى وصلت إلى الخطاب، وتجاوزها الرؤية التركيبية والدلالية إلى التداولية. ويتمثل إشكال البحث في سؤال رئيس، هو: كيف انتقلت الاستعارة من الرؤية التركيبية والدلالية إلى الرؤية التداولية؟ وقد توصلنا في نهايته إلى أنَّ الاستعارة تجاوزت الرؤية التركيبية والدلالية إلى الرؤية التداولية، وانتقلت من الاعتماد على الكلمات المفردة إلى الجملة فالخطاب؛ فأضحت نشاطًا لغويًا يستدعي حضور المتكلم والمخاطب والسياق، في عملية التواصل، وجزءًا من البنية التصورية للإنسان، ووسيلة معرفية وإدراكية؛ إذ إنَّها تتيح فهم شيء ما وتجربته انطلاقًا من شيء آخر، ذلك أنَّ الألفاظ المجردة قد لا تفهم على حقيقتها التي وجدت عليها، أو قد يكون فهمها على هذه الصورة ناقصًا، ولكن الاستعارة تجعلها محسوسة ومدركة، مما يسهل فهمها، والإحاطة بدلالاتها، فتصبح حيوية ومؤثرة في المتلقي أكثر.

الكلمات المفتاحية: الاستعارة، الخطاب، التركيب، الدلالة، التداولية

للاقتباس: الصقر، غصاب منصور. «الاستعارة: من الكلمة إلى الخطاب»، مجلة تجسير، المجلد الخامس، العدد 2 (2023)

https://doi.org/10.29117/tis.2023.0141

© 2023، الصقر، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. نُشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-Non Commercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.


Submitted: 20 July 2023

Accepted: 25 August 2023

Research Article

The Metaphor: From Word to Discourse*

Ghassab Mansoor Ali Al Saqr

Lecturer, Arabic Language and Literature- Linguistics, General Requirements, University of Technology and Applied Sciences, Salalah, Oman

ghassab@utas.edu.om

Abstract

This research aims to study the metaphor, and to show how it moved from the single word to the sentence, until it reached the discourse, and transcended the syntactical and semantic vision to the pragmatic. The research problem is represented in a main question, which is: How did the metaphor move from the syntactic and semantic vision to the pragmatic vision? We have reached at the end of it that metaphor exceeded syntactical and semantic vision into a pragmatic vision and moved from reliance on single words to the sentence and discourse. Thus, it became a linguistic activity which requires the presence of the speaker listener and context in the process of communication. In addition, it became a part of the pictorial structure of human and a means of knowledge and cognition. Metaphor allows an understanding and an experience of something out of something else since the abstract words may not be clearly connected to the facts in context, or it may be understood on this image incompletely. However, the metaphor makes it sensible and aware making it easier to understand and know its semantics, so it becomes more vital and influential when receiving.

Keyword: Metaphor; Discourse; Syntax; Semantic; Pragmatic

Cite this article as: Al Saqr, Ghassab Mansoor. “The Metaphor: From Word to Discourse.". Tajseer Journal, Vol. 5, Issue 2 (2023).

https://doi.org/10.29117/tis.2023.0141

© 2023, Al Saqr, licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-Non Commercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.

 

 

 

 

مقدمة

انتقلت الاستعارة (Metaphor) من الاعتماد على الكلمات المفردة إلى الجملة فالخطاب، فأصبحت نشاطًا لغويًا يستدعي حضور أطراف الخطاب جميعًا في عملية التواصل؛ فظهرت تقسيمات وتصنيفات متعددة لها، تظهر في جُلِّها توجهات اللسانيين الذين اهتموا بها، فتعددت نظرياتها واختلفت اتجاهاتها، ذلك أنَّ الاستعارة تجسّد الأبعاد التركيبية والدلالية والتداولية للغة، وتشكل جزءًا من البنية التصورية الذهنية للإنسان، ومن تجاربه؛ إذ يدرك الفرد من خلالها العالم، ويتفاعل معه، إنَّه يحيا بها حسب رأي لايكوف وجونسون (George Lakoff)[1].

يعنى البحث بدراسة الاستعارة، وتبيان كيفية انتقالها من الكلمة المفردة إلى الجملة، حتى وصلت إلى الخطاب، وتجاوزها الرؤية التركيبية والدلالية إلى التداولية، من خلال عرض مجموعة من النظريات اللسانية، وتصورات أصحابها، وهذه النظريات هي: نظرية النقل والاستبدال عند الفيلسوف الإغريقي أرسطو، التي تضمنت الأنواع الآتية: النقل من الجنس إلى النوع، والنقل من النوع إلى الجنس، والنقل من النوع إلى النوع، والنقل القائم على الاستبدال. ونظرية التركيب والاستبدال عند جاكبسون (Jacobson) الذي انطلق من دراسات فرديناند دو سوسير (Ferdinand de Saussure) [1839-1913]. والنظرية الدلالية عند ميشال لوغرين (Michael Loughran) [1937-...]. ونظرية الانزياح عند جان كوهين (J. Cohn) [1919-1994]. والنظرية التفاعلية عند آيفور آرمسترونغ ريتشاردز (I. A. Richards) [1893-1979]، وماكس بلاك (Max Black) [1909-1988]، وبول ريكور (Paul Ricoeur) [1913-2005]. والنظرية التصورية عند جورج لايكوف (George Lakoff) [1941-...] ومارك جونسون (Mark Johnson) [1949-...]، اللذين انطلقا من مجموعة من الطروحات المعرفية، وهي: القيد المعرفي عند جاكندوف Jackendoff)) [1945-...]، والفضاءات الذهنية عند فوكنيي (Fauconnier) [1944-...]، ودلالة الأطر عند فيلمور (Fillmore) [1929-2014]، واللذين قسَّما الاستعارة إلى استعارات اتجاهية، واستعارات أنطولوجية، واستعارات بنيوية. والنظرية التداولية التي اشتملت على مظهرين مهمين، هما: المقصدية عند جون سورل (John Searle) [1932-...]، والمقصدية عند بول غرايس (Paul Grice) [1913-1988].

يتمثل إشكال البحث في سؤال رئيس، هو: كيف انتقلت الاستعارة من الرؤية التركيبية والدلالية إلى الرؤية التداولية؟ وهو يهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، موجزها: تبيان نواحي قصور المنظور التقليدي للاستعارة، معرفة أهمية المنظور الحديث للاستعارة الذي نقض الأفكار التقليدية، وفتح أفقًا أرحب لدراستها، الوقوف على تجسيد الأبعاد التركيبية والدلالية والتداولية للاستعارة، وبيان انتقال الاستعارة من الكلمات المفردة إلى الخطاب؛ إذ أصبحت نشاطًا لغويًا يستدعي أطراف الخطاب جميعًا، وأخيرًا فهم تبني الاستعارة منطلقات جديدة مبنية على علاقة تفاعلية بين الإنسان ومحيطه الخارجي؛ إذ أصبحت جزءًا من البنية التصورية للإنسان، ووسيلة معرفية وإدراكية.

ولأهمية ذلك، تتبع البحث جهود اللسانيين في دراسة الاستعارة، فكشف عن أضواء على جوانب مهمة من الدراسات اللسانية، والتي من شأنها أن تفتح أبوابًا جديدة للبحث يفيد منها الباحثون والدارسون فوائد جمة، ولا سيما في مفهوم الاستعارة الحديث، وتصورها في اللسانيات الغربية، وهو ما ينقص دراسة الاستعارة العربية لعدم استفادتنا من جهود غيرنا. واعتمد المقال المنهج اللساني الوصفي التحليلي.

النظريات اللسانية للاستعارة

1.     نظرية النقل والاستبدال

لقد أولى الفيلسوف الإغريقي أرسطو (Aristotle) [385ق.م-322ق.م] الاستعارة عناية فائقة في مصنفيه الخاصين بـ(الخطابة)، و(فن الشعر)[2]؛ إذ يُعدُّ أول من تناولها في الفكر البلاغي الغربي، وقد استمر تأثيره في هذا الفكر زمنًا طويلًا، وخصوصًا في الدراسات التي اعتمدت على الاسم والكلمة أساسًا للاستعارة. وهي – في ظل النزعة الوضعية الأرسطية – تُعدُّ اصطلاحًا تجنيسيًا تضم إليها باقي الوجوه البلاغية بصفة عامة بوصفها جنسًا يحوي الصور البيانية الأخرى وتكون أنواعًا منه[3].

يعرّف أرسطو الاستعارة على أنَّها نقل اسم يدلّ على شيء ما إلى شيء آخر[4]، ويكون النقل من جنس إلى نوع، أو من نوع إلى جنس، أو من نوع إلى نوع، أو حسب التمثيل[5]؛ وعليه فالاستعارة تعمل على تحويل اسم شيء إلى آخر بوساطة القياس. ويمكننا التمثيل للأنواع السالفة الذكر، على النحو الآتي:

أ. النقل من الجنس إلى النوع:

أعطى أرسطو للتمثيل لهذا النوع المثال الآتي: "هنا توقفت سفينتي". فـ(الوقوف) جنس، و(الإرساء) نوع؛ إذ يمثل الوقوف الجنس الذي يحتوي من بين أنواعه الإرساء. ويرى أمبرتو إيكو أنَّ تسمية شيئين من جنس مشترك يشكل نوعًا من الترادف، يرتبط إنتاجه وتأويله بشجرة فورفورية[6].

ب. النقل من النوع إلى الجنس:

يُعدُّ هذا النمط – حسب أمبرتو إيكو (Umberto Eco) – أكثر مقبولية من النمط الأول، ولكنه قليل الإقناع من وجهة نظر اللغة الطبيعية، ومثال ذلك: "لقد قام أودوسوس بآلاف من الأعمال المجيدة". فـ(آلاف) نوع، و(كثير) جنس؛ إذ استخدمت كلمة آلاف بدلًا من كثير. فليس بالضرورة أن تكون كلمة (آلاف) بمعنى (كثير)[7].

ج. النقل من النوع إلى النوع:

يسمى هذا النوع بالاستعارة ذات العناصر الثلاثة؛ إذ قدم أرسطو مثالًا مزدوجًا على النحو الآتي: (استلّ الحياة بسيف من نحاس)، و(عندما قطع الماء بكأس متين من نحاس). فـ(استلّ)، و(قطع) هما حالتان من حالة أشمل، وهي (انتزع). ويبدو هذا النمط من بين الاستعارات الأخرى الأكثر شرعية؛ لأنَّ ثمة تشابه يجمع بين الفعلين (استلَّ، وقطع). ويمكننا تمثيل البنية المنطقية والحركة التأويلية للفعلين بالشكل الآتي[8]:

 

 

 


             قطع                                       استل

الشكل (1): الاستعارة ذات العناصر الثلاثة، إعداد الباحث.

ويمكن الانتقال من الجنس إلى النوع، ومن النوع إلى الجنس، من اليمين إلى الشمال، أو من الشمال إلى اليمين. ويبدو أنَّ هذا النوع من الاستعارات أكثر الأنواع شرعية، حتى إنَّ معظم النظريات التي تلت فضّلت انتهاج الدرب نفسه[9].

وقدّم أمبرتو إيكو – في هذا الصدد – أمثلة من نحو (إنَّها غصن بان)، و(سنّ الجبل)، فالفتاة والبان يشتركان في جنس واحد (جسم لين) والسن والقمة يشتركان في جنس واحد (شكل مدبب)، ففي المثال الأول، يكتسب البان خاصية بشرية، والفتاة تكتسب خاصية نباتية، وكلا الوحدتين تفقد شيئًا من خاصيتيهما، وتكتسب القمة، في المثال الثاني، طابعًا إنسانيًا، بينما السن يأخذ خاصية المعدن.

عَدَّ أمبرتو إيكو استعارة النمط الثالث استعارة من النمط الرابع بوصفها تستخدم أربعة حدود بدلًا من ثلاثة. ولا يقتصر الأمر على المطابقة فحسب، بل يتعلق بالمشابهة والمقابلة أيضًا[10]. فالارتفاع مثلًا بالنسبة إلى الجبل هو بمثابة الظهر بالنسبة إلى الإنسان.

د. النقل القائم على النسبة:

في هذا النوع، يُنقل الطرف الرابع بدلًا من الثاني، والثاني بدلًا من الرابع، إنَّها استعارة ذات أربعة حدود أ/ب=ج/د، أي نسبة أ إلى ب كنسبة ج إلى د. وفي هذا السياق يقدم أرسطو مثالًا يكمن في: نسبة الشيخوخة إلى الحياة كنسبة العشية إلى النهار؛ ولهذا يقال عن الشيخوخة بأنَّها عشية الحياة، وعن العشية بأنَّها شيخوخة النهار. (أ) الشيخوخة / (ب) الحياة = (ج) العشية / (د) النهار. الشيخوخة= عشية النهار (أ=ج/ب)، العشية= شيخوخة النهار (ج=أ/د)[11].

نستنتج من الأمثلة التي سقناها لشرح معنى الاستعارة، أنَّ الاستعارة تستبدل معنى جديدًا بمعنى آخر حقيقي موجود. وهكذا استخدمت كلمة (الوقوف) نوعًا لجنس (الإرساء) في المثال الخاص بالنوع الأول من الاستعارة. واستعمل العدد (آلاف) بدلًا من (كثير) في المثال الخاص بالنوع الثاني. واستعملت الكلمتان (استلّ) و(قطع) متبادلتين، وكلتاهما نوع لمعنى (انتزع) في المثال الخاص بالنوع الثالث. ويقال الشيء نفسه بخصوص الاستعارة القائمة على القياس أو النسبة في المثال الرابع.

إنَّ الأمثلة السالفة الذكر تنسجم مع أحد أسس النظرية الاستبدالية للاستعارة، التي مفادها أنَّ الاستعارة تستبدل كلمة مجازية بأخرى حقيقية موجودة في اللغة؛ إذ ترى هذه النظرية أنَّ كل استعارة تتضمن تناقضًا ما، فكلمة (زيد) في (زيد ذئب) تعود على إنسان، بينما كلمة (ذئب) حيوان من جنس آخر (غير إنسيّ)؛ لذا فإنَّ عَدَّ الإنسان أسدًا هو تناقض جلي، ولحل هذا التناقض يجعل القارئ يقوم بإيجاد مقابل مقبول؛ ليستبدل به هذه الجملة المتناقضة، نحو استخدام التشبيه، مثل (زيد كالذئب)، وهذا ما يمكن قبوله حرفيًا.

ولكن الاستعارة عند أرسطو لا تقوم على الاستبدال في الأحوال جميعها؛ إذ توجد أمثلة استثنائية لا تحل فيها كلمة مجازية بدلًا من أخرى حقيقية؛ إذ تعمل – في بعض الأوقات – على إغناء اللغة، وسد الفراغ الذي يحدث نتيجة لغياب الكلمة المناسبة[12].

وتكتسب الاستعارة شرعيتها لدى أرسطو فقط على المستويين الشعري والخطابي، وتقتصر على الألفاظ فقط، ولا تتعداها إلى الأنشطة والأنساق الأخرى. ولكن هذه النظرة قاصرة تفنّدها الدراسات الحديثة، التي ترى أنَّ الاستعارة موجودة في مجالات حياتنا جميعها، وأنّها تخترق أنساقنا الفكرية والثقافية؛ إذ يقول أمبرتو إيكو: "إنَّ اللغة بطبيعتها وفي الأصل استعارية؛ إذ تؤسس آلية الاستعارة للنشاط اللغوي وكل قاعدة أو مواضعة لاحقة تولد بقصد تحديد الثراء الاستعاري الذي يعرّف الإنسان على أنّه حيوان رمزي"[13]. فاللغة لا تشتمل إلا على المجازات، فكلما كانت غامضة ومتعددة، كانت غنية بالرموز والاستعارات، فالذي تبديه هو عكس ما تخفيه[14]؛ وعليه فإنَّ الاستعارة تتمثل في خطاباتنا اليومية كلها، اللغوية والأدبية والسياسية، والدينية.

وفي مجال المشابهة، يرى أرسطو أنَّ الاستعارة تقوم على المشابهة، وأنَّه لا يوجد اختلاف واسع بينها وبين التشبيه، غير أنَّ أداة التشبيه تغيب في الأولى وتحضر في الثانية؛ وهذا ما يجعل الاستعارة تشبيهًا مختصرًا[15]. وانتهج العرب المنهج نفسه؛ إذ يرى عبد القاهر الجرجاني أنَّ الأصل يكمن في التشبيه، والفرع يكون في الاستعارة؛ إذ يقول: "التشبيه كالأصل في الاستعارة، وهي تشبيه بالفرع له صورة مقتضبة من صوره"[16]. فجلّ كتب البلاغة تعرّف الاستعارة على أنَّها تشبيه حذف أحد طرفيه.

ويُقصِر أرسطو القدرة على رؤية التشابهات على فئة معينة من البشر، فهي موهبة يمتلكها البعض دون البعض الآخر؛ وعليه فهي سمة فردية لا يمكن نقلها إلى الآخرين بوصفها علامة العبقرية؛ ولهذا فصياغة استعارات جديدة لا تكون إلا تبريرًا للقدرة على رؤية التشابهات[17].

يرتبط طرفا الاستعارة (المستعار منه، المستعار له) بعلاقة تلاحم وتقارب لدرجة أن يصيرا شيئًا واحدًا، الأمر الذي يجعل الاستعارة تتربع على عرش خانة التطابق لدى أرسطو. وهذا استجابة لدعوة فلسفية تؤمن بالوجود المستقل في ذاته لموضوعات العالم، لتصبح اللغة حينها مرآة تقوم بنسخ موضوعات وأشياء العالم وتقوم بترجمتها في نسق دال[18].

ومجمل القول، أنَّ الاستعارة – حسب نظرية النقل والاستبدال لدى أرسطو – تقتصر على كلمة معجمية واحدة، وتتضمن معنيين، أحدهما: حقيقي، والآخر: مجازي. وتحدث باستبدال كلمة حقيقية بأخرى مجازية، مما يجعلها تنحصر في مبدأي التركيب والاستبدال، ويقوم هذا الاستبدال على علاقة المشابهة الموضوعية، ومع ذلك، فإنَّ مفهوم الاستبدال لا يشمل الأمثلة جميعها؛ نظرًا إلى غياب المعنى الحقيقي الدال على المعنى. ولا تتعدى هذه النظرية إلى الجملة والخطاب، ولا تأخذ بمبدأ التحليل الشمولي، وتهمل أيضًا دور السياق، الذي سنراه عند أصحاب النظرية التفاعلية.

2.     نظرية التركيب والاستبدال

انطلق جاكبسون (R. Jakobson) [1896-1982] من دراسات فرديناند دو سوسير في بحثه الموسوم بـ(الاستعارة والكناية)؛ إذ تقوم الاستعارة عنده على محوري التركيب (Syntagmatic والاستبدال (Paradigmatic)[19]، أي: إحلال كلمة محل أخرى، تؤدي نفس المعنى؛ وعليه فإنَّ الاستعارة تكون عمومية ترابطية في ميزتها، وتستثمر العلاقات العمودية للغة، في حين أنَّ الكناية (Metonymy) تتابعية عمومًا في طبيعتها وتستثمر العلاقات الأفقية للغة[20].

ويفرق جاكبسون بين الاستعارة والمجاز المرسل (Synecdoche)؛ فيرى أنَّ الاستعارة ترتبط بالمحور الاستبدالي؛ لأنَّها "نتاج عملية استبدال وحدة دلالية بأخرى تشترك معها في سمات دلالية، وتختلف معها في سمات أخرى"[21]، أما المجاز المرسل – ذو البعد الزمني – فينبثق من مقدرة المتكلم على التركيب بين الكلمات ضمن قواعد نحو اللغة التي يستخدمها، أي: أنَّه يرتبط بالمحور التركيبي، وينضاف إلى هذا الفرق بين الاستعارة والمجاز المرسل من حيث اشتغال أحدهما على المحور الاستبدالي، والآخر على المحور التركيبي فرق آخر دلالي، يتمثل في المنافرة الدلالية، والغرابة التي تحدثهما الاستعارة في سياق الكلام، مما يجعل المتكلم يلجأ إلى التأويل، والانتقال من الدلالة الأولى إلى الثانية حتى يتحقق التواصل، ويرجع الكلام إلى حظيرة اللغة، في حين أنَّ المجاز المرسل لا يحدث أي تناقض بين نواته الدلالية والسياق الدلالي للجملة التي يرد فيها؛ ولذلك نجده في الكلام العادي أكثر من الاستعارة. ويمكن تلخيص نظرية جاكبسون في الاستعارة والمجاز المرسل في الجدول الآتي[22]:

الجدول (1): الفرق بين الاستعارة والمجاز المرسل عند جاكبسون، المصدر: لحويدق، نظريات الاستعارة في البلاغة الغربية

القضية

العملية

العلاقة

المحور

المجال

العامل اللساني

استعارة

انتقاء

تماثل

استبدال

دلالي

الدلالة (في النظام)

مجاز مرسل

اختيار

تجاور

تركيب

نحوي

الدلالة (في السياق)

هب أننا أخذنا جملة (يركب المسافر البحر) لتوضيح الاستعارة حسب محوري التركيب والاستبدال فإنَّ معنى الجملة يتحدد من دخول الكلمات في علاقات أفقية ببعضها داخل الجملة، ويتكشف المعنى تدريجيًا مع المضي في الزمن في أثناء النطق بمفردات الجملة، فعند محاولة الإجابة عن سؤال: ماذا يركب المسافر؟ لا يمكن تحديد الإجابة إلا بالنظر إلى العلاقات التي تتخذها الكلمات بالنسبة إلى بعضها بعضًا؛ إذ لو أبدلنا (الحصان) مكان (البحر)، لأصبحت الجملة (يركب المسافر الحصان)، عندئذ سيختلف معنى الجملة، وستصبح الإجابة عن السؤال مختلفة، وهذا التغيير تغيير في المحور التركيبي؛ لأنه تغيير في المسيرة الأفقية للجملة. لكن لو أبدلنا (البحر) بكلمة أخرى مثل (السفينة)، لأصبحت الجملة (يركب المسافر السفينة). هنا نجد التغيير في علاقات الاقتران على مستوى رأسي لاستبدال (البحر) بما يقترن به من مفردات في عقل المتكلم.

3.      النظرية الدلالية:

انطلق ميشال لوغرين في كتابه (الاستعارة والمجاز المرسل)[23] من نظرية جاكبسون في الاستعارة التي نشرت في بحثه الموسوم بـ(حالتان للكلام، ونموذجان من الحبسة)[24] في التفريق بين الاستعارة والمجاز المرسل؛ إذ يرى لوغرين أنَّ الاستعارة تقوم على علاقة التماثل، أما المجاز المرسل، فإنَّه ينهض على علاقة التجاور[25].

يُنتقل في الاستعارة من معنى إلى آخر، بحذف بعض السمات الدلالية المتعارضة مع السياق؛ نظرًا إلى وجود المنافرة الدلالية التي يشعر بها المتلقي نحوها. في حين، يُنتقل في المجاز المرسل عن طريق التصور الذهني للكلمة المجازية إلى ما يُراد التعبير عنه؛ إذ يحدث هذا الانتقال من طريق انزلاق المرجع[26].

للاستعارة ثلاثة أنواع لدى لوغرين: استعارة فعلية، واستعارة اسمية، واستعارة صفة. فالاستعارتان الفعلية والاسمية تحدثان نتيجة وجود تناقض دلالي بين الفعل وفاعله، أو بين الفعل ومفعوله؛ الأمر الذي يؤدي إلى حذف بعض السمات الدلالية للفاعل، أو المفعول التي تسببت في المنافرة الدلالية، وجعلت الكلام غير مفهوم[27]. أما استعارة الصفة، فإنَّها تنتج من إظهار سمة دلالية واحدة، وجعلها مدركة من لدن المتلقي؛ مما يؤدي إلى طرح السمات الدلالية الأخرى كلها للموصوف، التي تتعارض مع السياق[28]. فقول الشاعر الجاهلي الشنفرى: (أُونِس ريحَ المَوتِ في المكاسِر)[29] أدى إلى وجود تناقض دلالي جلي في الاستعارة الاسمية في التركيب الإضافي (ريح+ الموت)على صعيد التواصل المنطقي؛ مما أدى إلى قطع الصلة بين عناصر الدلالة المتنافرة مع السياق. ولكي يعود هذا الملفوظ للاضطلاع بوظيفته التواصلية، يضطر متلقي الاستعارة إلى حذف بعض السمات الدلالية التي تتعارض مع السياق لـ (ريح) أو (الموت).

وبالمحصلة، فإنَّ وظيفة الاستعارة لدى ميشال لوغرين ليست تزيينًا وتجميلًا، أو سد فراغ لغوي، بل هي دينامية، هدفها الإقناع والتأثير، بوساطة إحداث انفعال شعوري عاطفي، في نفسية المتلقي[30].

4.     نظرية الانزياح:

أقام جان كوهن تصوره للاستعارة على مبدأ الانزياح، وهي القاعدة النظرية التي بنى عليها تصوره للغة الشعرية؛ ليفسر كيفية اشتغال الاستعارة على محوري التركيب والاستبدال. فهي انزياح استبدالي؛ إذ تتميز – بحسبه – عن الانزياحات السياقية الأخرى مثل، المستوى الصوتي (قافية، وزن)، والمستوى التركيبي (تقديم، تأخير)، والمستوى الدلالي، ينضاف إلى كونها انزياحًا استبداليًا، فهي مكملة للأنواع الأخرى كلها من الصور[31].

يميز كوهن بين نوعين من الاستعارات: نوع عام، يشمل صور التغيير الدلالي كلها، بصرف النظر عن طبيعة العلاقة التي تجمع بين طرفي الاستعارة. ونوع خاص، تكون العلاقة فيه بين المدلول الأول والمدلول الثاني قائمة على المشابهة[32].

إذًا، تقوم المشابهة الموجودة في المعنى الخاص للاستعارة بدور فعال في نفي الانزياح، وخلق تشاكل دلالي، يحفظ للغة تواصلها مع القارئ، وانسجامها مع قاعدة لغوية أساس، هي "بديهة قابلة للفهم". كما لا ينفي معنى الاستعارة العام الذي يشمل جميع صور تغيير المعنى، بصرف النظر عن العلاقة الجامعة لطرفيها؛ وبهذا فإنَّ مفهوم الاستعارة عند كوهن يتقلص تارة إلى صور بلاغية خاصة من الصور البيانية، التي تقوم على المشابهة، ويمتد تارة أخرى ليشمل صور المحسنات الدلالية أو المجاز[33].

والاستعارة – حسب كوهن – لا تتوقف عند المدلول الأول الذي لا يلائم الدلالة، بل تتجاوزه إلى المدلول الثاني الذي ينفي الانزياح، بوساطة استبدال كلمة من الكلمات. ومثال ذلك: تعبير (حتى يذوق عسيلتها) في حديث عائشة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم: "أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ، فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ رَجُلٌ آخَرُ، فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، هَلْ يَصْلُحُ لِزَوْجِهَا الأَوَّلِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لاَ حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا"[34]. و(العُسَيْلة) تصغير (عَسَلَة). وهي كناية عن الجماع؛ إذ شُبِّهت لذته بلذة العسل وحلاوته. فاستعير له ذوقًا. وأُنِّث العسل في التصغير؛ لأنَّه يذكّر ويؤنّث[35]. أي: قطعة من العسل. إنَّ الملفوظ (عسيلتها) لا يلائم المعنى إذا أخذناه بمعناه الحرفي، أي: نوع من الطعام (عسل النحل)، إلا أنَّ هذا المعنى معنى تقريري، يحيل على معنى ثانٍ إيحائي. فـ(عسيلتها) تعني في الحقيقة الزواج؛ وبهذا نكون أمام صورة مجازية يمكن أن نمثل لها بالشكل 2 الآتي:

د (عسيلتها)                                                                         م1 (طعام)                                                                                 م2 (الزواج)

الشكل (2): تمثيل للاستعارة عند كوهن، إعداد الباحث.

وبهذا، تكون الاستعارة قد نفت الانزياح المتحقق على المستوى التركيبي، ذلك أنَّ إسناد العسل إلى الزواج يشكل انزياحًا صارخًا، يتطلب تدخل الاستعارة؛ لترفع المنافرة الدلالية، وذلك عن طريق الاستبدال. والاستعارة – بهذا المفهوم – نتاج انزياحين متكاملين، يكون الأول على المستوى التركيبي، والثاني على مستوى الاستبدالي، ويؤدي إلى نفي المنافرة. والمستوى الثاني يكون هو وحده الجدير بمفهوم الاستعارة[36].

للاستعارة نوعان من حيث الانزياح: استعارة تعد انزياحًا من الدرجة الأولى، تقبل وحداتها التحليل البنيوي، والانقسام إلى سمات دلالية، وتقوم بين مدلوليها علاقة داخلية قائمة على سمة مشتركة؛ إذ يقول كوهن: "وكل منافرة محصورة في عنصر من عناصر المدلول، وقابلة للتعطيل بمجرد حذف هذا العنصر، فهي عندنا انزياح من الدرجة الأولى". واستعارة تعد انزياحًا من الدرجة الثانية، لا تقبل التحليل البنوي للدلالة[37].

وهناك نوعان آخران للاستعارة: استعارة من الدرجة الأولى، من نحو (الاستعارة التفسيرية)، أو (الاستعارة القريبة)، أو (الاستعارة الواضحة). واستعارة من الدرجة الثانية، فهي ما اصطلح على تسميتها بـ(الاستعارة الوجدانية)، و(الاستعارة البعيدة)، و(الاستعارة الغامضة)[38].

والمتحصل من جملة هذه الأفكار، أنَّ الاستعارة انزياح عن معيار قانون اللغة، فهي لا تغير في المعنى فحسب، وإنما تغير في طبيعة أو نمط المعنى، فهي انتقال من المفهوم إلى المعنى الانفعالي[39].

5.      النظرية التفاعلية:

تُعدُّ هذه النظرية من أهم نظريات الاستعارة، وأقربها إلى التطبيق العملي، فالاستعارة – وفق رأي أصحاب هذه النظرية – تتجاوز الاقتصار على كلمة واحدة، لتتبنى منطلقات جديدة مبنية على علاقة تفاعلية بين الإنسان ومحيطه الخارجي، قوامها الموسوعية والشمولية والدينامية. ومن أهم أنصار هذه النظرية نذكر:

أ. أيفور آرمسترونغ ريتشاردز:

قطع ريتشاردز في مؤلفه (فلسفة البلاغة)، الصلة مع المقاربات البلاغية القديمة، ونقض فكرة (خرافة المعنى الخاص) (Proper meaning superstition)[40]، وأكد على الطبيعة التفاعلية للاستعارة؛ إذ يرى أنَّ الاستعارة تعني: "وجود فكرتين لشيئين مختلفين يعملان معًا، وينتج المعنى نتيجة التفاعل بين الحدين أو الشيئين"[41]. لقد كان اهتمام ريتشاردز منصبًا على النظرية التفاعلية والسياقية على السواء؛ إذ يرى أنَّ الكلمات لا معنى لها خارج السياق، الذي استخدمت من أجله. وتأسيسًا على ذلك، فإنَّ الاستعارة تحدث نتيجة التفاعل بين السياقات المختلفة، فهي ليست انزياحًا عن المعنى الحقيقي، ذلك أنَّ الكلمات ليس لها معنى حقيقي وآخر مجازي. ومن ثم فهي لا تقتصر على كلمة واحدة، بل تتعدى ذلك إلى الجملة والخطاب.

ويُعزى قصور نظرية الاستعارة في ظل النزعة الأرسطية إلى ثلاث فرضيات، على النحو الآتي[42]:

الفرضية الأولى: عندما قصر أرسطو الاستعارة على فئة معينة من الناس، حينما جعلها موهبة يمتلكها البعض دون البعض الآخر، أكّد ريتشاردز أنَّ التشابه هو من يضمن البقاء للبشر. والاختلاف يكون في الدرجة فقط؛ لأنَّ الناس يعيشون ويتكلمون بسبب رؤية التشابهات.

الفرضية الثانية: يرى أرسطو أنَّ موهبة صياغة الاستعارة لا يمكن نقلها للآخرين، في حين، يؤكد ريتشاردز أنَّ اكتساب القدرة على صياغة الاستعارة يمكن تعلمها واكتسابها. فالأفراد يكتسبون قدرتهم على الاستعارة كما يتعلمون أي شيء يميزهم كبشر. إنَّ هذا كله ينقل إلينا عن طريق الآخرين، ومع اللغة التي نتعلمها وبوساطتها. اللغة التي لا نستطيع أن تكون ذات عون لنا، إلا من خلال القدرة على الاستعارة التي تقدمها تلك اللغة[43].

الفرضية الثالثة: يعد أرسطو الاستعارة انحرافًا عن الأنماط العادية للاستعمال، وشيئًا خاصًا واستثنائيًا في الاستعمال اللغوي، بيد أنَّها – عند ريتشاردز – المبدأ الحاضر في اللغة؛ إذ يبين أنَّ الاستعارة دائمة الحضور في اللغة، ولا نستطيع الاستغناء عنها، وأننا نستخدمها في ميادين حياتنا كلها: العادية، والعلمية، والفلسفية، وأنَّ استعمالنا لها يزداد كلما ازددنا في التجريد. وبحسب رأيه، فهي علاقات واستعارات بين الأفكار، وعملية تبادل بين النصوص؛ لأنَّ الفكر ذو طبيعة استعارية. ووفق هذا المبدأ تنبثق الاستعارات في اللغة.

وضع ريتشاردز مصطلحين لطرفي الاستعارة: الحامل (Vehicle)، والمحمول (Tenor)، ورأى أنَّ المعنى يتحصل جراء تفاعلهما معًا، وأنَّ اجتماع كل منهما يولد معنى ذا قوى متعددة، لا يمكن نسبته إلى أي منهما منفصلين[44].

وتنقسم الاستعارة – حسب هذه النظرية – إلى نوعين، الأول: يقوم على علاقة شبه مباشرة بين الحامل والمحمول، والثاني، يقوم على الموقف المشترك، الذي يُتخذ نحو طرفي الاستعارة[45]. ومثال ذلك: (أرجل المائدة) فهذه استعارة ميتة، ومختلفة عن عبارة (أرجل الحصان)، والذي يجعلها تختلف هو امتلاك أرجل المائدة شيئًا من خصائص أرجل الحصان، فأرجل المائدة نمسك بها ولا نمشي عليها، وتدعى الخصائص المشتركة في هذا الصدد أرضية أو قاعدة. والثاني: يقوم على الموقف المشترك الذي يُتخذ نحو طرفي الاستعارة، ومثال ذلك: (الفتاة بطة)، فمن العبث أن نبحث عن وجه الشبه الحقيقي بين الفتاة والبطة؛ لأنَّ الفتاة لا تملك منقارًا أو أرجلًا نحو أرجل البطة[46]. وكما تنبني الاستعارة على التشبيه، فإنَّها تنبني – أيضًا – على المفارقة والاختلاف، وكلما تباعد طرفا الاستعارة قوي الاقتران.

ومع ذلك كله، فإنَّ هذين المصطلحين (الحامل والمحمول) لا يزالان يتصفان بالقصور؛ لأنَّ ريتشاردز وظفهما بمعان مختلفة؛ إذ لم يستقر على معنى محدد في استخدامهما؛ لذلك نجد ماكس بلاك قد استبدلهما بمصطلحي البؤرة والإطار، وسنرى أنَّ النظرية التفاعلية قد وصلت معه إلى حد النضج.

ب. ماكس بلاك:

لقد ضمّن ماكس بلاك تصوره للاستعارة الذي يتخذ من الجملة والخطاب أساسًا له، في مقال نشر له تحت اسم (الاستعارة)، في الفصل الثالث من كتابه (نماذج واستعارات) (Models and Metaphor’s)[47].

تُنتج الاستعارة – حسب هذا التصور – من التفاعل (Interaction) أو التوتر بين بؤرة الاستعارة (Focus of Metaphor) والإطار المحيط بها (The frame of Metaphor)، أي: باقي الجملة. فلكي تحدث الاستعارة ينبغي وجود كلمة على الأقل قد استخدمت استخدامًا مجازيًا، وكلمة أو أكثر من الكلمات المتبقية مستعملة استعمالًا حقيقيًا[48].

وهكذا، فإنَّ الاستعارة في (ضحكت عيون الرجل) يشعر المتلقي إزاءها بوجود تفاعل أو توتر بين الكلمة (ضحكت) التي تمثل (البؤرة)، وباقي الجملة الذي يمثل (الإطار). فالاستعارة هنا لم تقم على استبدال كلمة مجازية بأخرى حقيقية، إنَّما تحصلت نتيجة التفاعل بين البؤرة والإطار. وفي هذا المثال أيضًا، فإنَّ التركيب الاستعاري – حسب بلاك – تكوّن من موضوعين: أحدهما، رئيس. وثانيهما، ثانوي، مرتبط به. وينبغي النظر إليهما على أنَّهما نظامان لا شيئان فرديان[49]؛ وبهذا تكون كلمة (ضحكت) نظام من علاقات المعاني الضمنية، التي عُبِّر عنها بكلمة (ضحكت). ونتحصل على الاستعارة بإسقاط مجموعة من المعاني المتداعية الخاصة بالموضوع الثانوي على الموضوع الرئيس، عندما نطبق عليه ملفوظات تتماثل مع جوانب من مركب المعاني المتضمنة في الموضوع الثانوي. والتفاعل بين موضوعي الاستعارة يتم بوجود الموضوع الرئيس الذي يدفع المتلقي إلى انتقاء بعض خصائص الموضوع الثانوي، ويدعوه إلى إيجاد مركب من المعاني الضمنية الموازية التي تناسب الموضوع الرئيس، وتحدث بصورة متبادلة اختلافات موازية في الموضوع الثانوي[50].

ففي ملفوظ (عمرو نمر)[51] نجد أنَّ التفاعل يتحصل بين البؤرة والإطار، عندما يفقد (عمرو) أي: (الإنسان) بعضًا من سماته الإنسانية؛ ليكتسب سمات حيوانية، كما أنَّ النمر سيفقد بدوره بعضًا من سماته الحيوانية؛ ليكتسب من جهة أخرى سمات إنسانية.

وبهذا، يكون التوتر قد تحصل جرّاء ورود سمات مشتركة بين الفكرين النشطين، ثم يُنتقل إلى وحدة تشملهما معًا، وتكون وليدة ذاك التفاعل لا النقل، يراعى فيها المختلف والمؤتلف، والوحدة الناتجة عن التفاعل لا تعني عملية إضافة بسيطة للطرفين إلى بعضهما، بقدر ما هي جديدة ومولدة[52].

فالاستعارة تغير نظرتنا إلى ذواتنا، وإلى العالم من حولنا، وتجعلنا نكتشف الأشياء من جديد، وتبرز الجوانب الخفية، التي قد لا تبدو من خلال رؤية مغايرة[53].

وتحدث بلاك عن مفهوم (التداخل الاستعاري)، ورأى أنَّه أفضل من النظرية الاستبدالية؛ إذ انطلق من فكرة: أننا حين نستخدم استعارة ما، نكون أمام فكرتين حول أشياء مختلفة وحركية في وقت واحد، وترتكز الفكرتان على لفظ واحد، ودلالتهما تنتج من تداخلهما. وقدّم بلاك مثالًا لتوضيح ذلك، على النحو الآتي: (الفقراء هم زنوج أوروبا). يمثل هذا الملفوظ مقابلة بين الفقراء والزنوج، بتعارض بين الأولى والثانية، ذلك أنَّ أفكارنا حول الفقراء الأوروبيين والزنوج الأمريكيين تتفاعل؛ لتعطي معنى ناتجًا عن هذا التفاعل. فالكلمة المجازية (الزنوج) تمثل البؤرة، وباقي الجملة يشكل الإطار؛ وعليه فلكي تنجح الاستعارة على المتلقي أن يبقى واعيًا امتداد الكلمة، أي: أنَّه عليه إعارة اهتمامه للدلالة القديمة والجديدة في آن معًا[54].

وللتركيب الاستعاري عند بلاك موضوعان: موضوع رئيس، وموضوع ثانوي. ففي مثال (النَّمَّامُ شيطانٌ) فإننا نكون إزاء موضوعين، أحدهما: رئيس (النَّمَّام)، والآخر: ثانوي (شيطان). فالمطلوب من هذا الملفوظ ليس معرفة معنى شيطان القاموسي، بل معرفة ما يسميه بلاك (طريقة المواضع المتشابهة المشتركة). والأساس في فعالية الاستعارة – بحسبه – ليس بأن تكون المواضع المتشابهة صحيحة، بل أن تستوحى بحرية. بتعبير آخر، إنَّ استعمالات الملفوظ (شيطان) تحكمها قواعد تركيبية ودلالية، يسبب خرقها الوقوع في تناقض. فالمهم أن تلتزم استعمالات ذلك الملفوظ بقبول مجموعة اعتقادات كلاسيكية حول (الشيطان) تكون أعضاء مشتركة لأي اشتراك كلامي. فعندما نقول (شيطان) يتبادر إلى الذهن أنَّ هذا الاسم يحيل على شيء ضارٍ، مؤذٍ. إنَّ فكرة هذا الملفوظ هي جزء من نظام فكر لم يوضح تمامًا، لكنه محدد بشكل يكفي لسرد مفصل على حد قول بلاك. فاستعارة (شيطان) تحذف تفصيلات وتجعل أخرى مكانها. وبكلمة "تنظم مفهومنا للإنسان"[55]. ويرى بلاك أنَّ الاستعارات السالفة الذكر يمكن ترجمتها إلى أكثر من لغة دون أن تفقد قيمتها الاستعارية بوصفها ترتبط بالبعد الدلالي لا بالتركيبي[56].

وعليه، فإنَّ بلاك قد تجاوز الكلمة المفردة إلى الجملة والخطاب في تصوره للاستعارة، التي تنتج – بحسبه – من التفاعل أو التوتر بين البؤرة والإطار المحيط لها. هذا التوتر يتحصل نتيجة تفاعل سمات مشتركة بين فكرين نشطين؛ فيتولد عن ذلك التفاعل وحدة شاملة تجمعهما معًا؛ فتتغير نظرتنا إلى أنفسنا وإلى العالم من حولنا، وتجعلنا نعيد اكتشاف الأشياء من جديد.

ج. بول ريكور:

الاستعارة عند بول ريكور هي "حاصل التوتر بين استعارتين في قول استعاري". ويرى أنَّها تتجاوز دلالة الكلمة الواحدة إلى دلالة الجملة، وأنَّها لا تنبني على المشابهة، وإنَّما تقوم على اختزال الصدمة الناتجة عن فكرتين متناقضتين. فعندما نقول (صلاة زرقاء)، فإننا نكون أمام مفردتين متناقضتين (صلاة) و(زرقاء) تجمعهما علاقة توتر، وهذا التوتر لا يتحصل بين قولين، وإنَّما بين تأويلين متعارضين للقول، والصراع بينهما هو الذي يقوّي الاستعارة[57].

وميّز ريكور بين الاستعارة الحية والاستعارة الميتة، فالأولى، تنبني على حدة التوتر القائم بين التأويلين الحرفي والمجازي، الأمر الذي يؤدي إلى انبثاق دلالات مبتكرة وجديدة. أمّا الثانية، من نحو (أرجل الكرسي) و(لسان الباب) فهي ليست باستعارة؛ فالاستعارات الحية تتحول بالتكرار إلى استعارات ميتة، وفي مثل هذه الأحوال يتحول المعنى الممتد ليصبح جزءًا من مادة المعجم؛ إذ لا وجود في القاموس لاستعارات حية[58]؛ وبهذا تكون الاستعارة – عند ريكور – ليست زخرفًا لفظيًا للخطاب، بل لها قيمة انفعالية؛ لأنَّها تخبرنا عن أشياء جديدة عن الواقع.

وتأسيسًا على ما سبق، فإنَّ الاستعارة – حسب تصور أصحاب النظرية التفاعلية – تتجاوز الكلمة المفردة إلى الجملة أو الخطاب. وهي حصيلة تفاعل أو توتر بين الحامل والمحمول (ريتشاردز)، أو بين البؤرة والمحيط (ماكس بلاك)، أو بين استعارتين في قول استعاري، عن طريق اختزال الصدمة التي تنتج من فكرتين متناقضتين (ريكور). إنَّ المعنى الذي ينتج من حالة التفاعل أو التوتر يكون محددًا بالسياق. وترتبط الاستعارة بعلاقة المشابهة أو بعلاقات أخرى مثل التباين. وأخيرًا، فإنَّ وظيفتها لا تقتصر على التزيين والتجميل فحسب، بل تضطلع بوظيفة شعورية عاطفية، ومعرفية كذلك. وتطورت هذه النظرية وأصبح التفاعل يشمل تجاربنا الفيزيائية والثقافية، ويرتبط بنسق تفكيرنا، على نحو ما سنلاحظه عند أصحاب النظرية التجريبية المعرفية التفاعلية.

6.     النظرية التجريبية المعرفية التفاعلية (الاستعارة التصورية):

أحدثت النظرية التجريبية المعرفية التفاعلية ثورة على الأسس الوضعية، التي سيطرت على التفكير البلاغي ردحًا من الزمن، وبنت على أنقاضها أسسًا جديدة ذات رؤى تجريبية جشطلتية (Gestalt)[59]، تؤمن بقدرة الإنسان على التفاعل مع محيطه جسميًا واجتماعيًا وثقافيًا؛ مما أدى إلى عد الاستعارة جزءًا من البنية التصورية للإنسان، وكوة نطل من خلالها على الواقع؛ لنفهمه ونتمثله، وظهر ما بات يسمى بـ(الاستعارة التصورية) (Conceptual Metaphor). وخير من يمثل هذه النزعة جورج لايكوف ومارك جونسون.

يُعدُّ لايكوف وجونسون أبرز من جسّدا النزعة التجريبية التفاعلية، في مؤلفهما المشترك الموسوم بـ(الاستعارات التي نحيا بها) (Metaphors we Live by)[60] الذي حقق نقلة نوعية على مستوى العلوم اللسانية والمعرفية؛ إذ أعلنا فيه الثورة على النزعة الموضوعية التي تقوم على فكرة التطابق بين الرموز اللغوية وعناصر العالم الخارجي، وانفصال الجسم عن المحيط؛ إذ حددا أربعة مداخل تاريخية كبرى لفهم طبيعة الفكر الاستعاري الغربي، تعود كلها تقريبًا إلى أرسطو، وتشكل أربع وجهات نظر خاطئة، نوجزها في الآتي ذكره[61]:

المغالطة الأولى: الاستعارة تتمثل في الكلمات، وليس في التصورات.

المغالطة الثانية: الاستعارة تقوم على المشابهة.

المغالطة الثالثة: التصورات كلها حرفية، وغير استعارية.

المغالطة الرابعة: التفكير العقلاني – بأي حال من الأحوال – لا يتشكل حسب طبيعة عقولنا وأجسامنا.

يستعمل المؤلفان مفهوم النزعة التجريبية بمعناه الواسع ليشمل الأبعاد الحسية-الحركية، والاجتماعية، والعاطفية، وتجارب أخرى من هذا القبيل، وينضاف إلى ذلك القدرات الفطرية التي توجه التجربة وتجعلها ممكنة[62]. تصورات الإنسان ليست مجرد انعكاسات لواقعه الخارجي، لكنها تتشكل من قبل جسمه وعقله، وبشكل خاص، من قبل نظامه الحركي الحسي[63]. وبالرغم من أنَ البشر مختلفون جميعهم، إلا أنَّهم ما زالوا يمتلكون حدًا من التجربة المشتركة للعالم؛ بسبب العديد من التشابهات في جهازهم الإدراكي الحسي الجسمي[64]. وهذا ما يتعارض مع ما جاءت به النزعة الموضوعية.

يلتقي المؤلفان مع أمبرتو إيكو في منطلقات النزعة التجريبية؛ إذ يرى إيكو أنَّ طبيعة صور الحلم غالبًا ما تكون استعارية، فالمسألة عنده لا تتعلق بوجود استعارات بصرية، أو شمّية، أو سمعية، أو حركية، إنَّما يتعلق الأمر في أنَّ الاستعارة اللسانية، لكي يمكن تفسيرها بطريقة من الطرائق من حيث أصولها، غالبًا ما تحتاج إلى الإحالة على تجارب بصرية، وشمّية، ولمسية، وسمعية[65].

يكمن جوهر الاستعارة عند المؤلفين في "كونها تتيح فهم شيء ما وتجربته أو معاناته انطلاقًا من شيء آخر". إلا أنَّ هذا لا يعني أنَّ المستعار له هو جزء من المستعار منه، فهما مختلفان والأنشطة المنجزة في كليهما مختلفة أيضًا. وعندما نقول (الجدال حرب) فالجدالات (الخطاب الكلامي) والحروب (الصراع المسلح) شيئان مختلفان، وإنَّ المستعار له (الجدال)، في جزء منه، مبنين ومفهوم ومنجز ومعلق عليه انطلاقًا من المستعار منه (الحرب)؛ ولهذا فإذا قلنا أنَّ التصور مبنين استعاريًا، فإننا نقصد بذلك اللغة والأنشطة. والاستعارة لا توجد في لفظة (الجدال) فحسب، بل متمثلة وحاضرة في تصورنا للجدال نفسه، فلغة الجدال حرفية، أي: ليست بلاغية أو تخييلية أو شعرية. ولكن عندما نتحدث عنها بهذه الطريقة فإننا نتصورها، ونتصرف باعتبار الطريقة التي نتصوره بها؛ وعليه فإنَّ الاستعارة عند لايكوف وجونسون لا ترتبط باللغة أو الألفاظ، بل ترتبط بسيرورات الفكر البشري التي تعد استعارية في جزء كبير منها؛ وبهذا تكون الاستعارة عندهما نسق تصوري حاضرًا في الإنتاج والتأويل معًا، وتتحدد الاستعارة، ضمن هذا، ولهذا فإذا قلنا: إنَّ التصور مبنين استعاريًا، فإننا نقصد بذلك اللغة والأنشطة[66]. والاستعارة لا توجد في لفظة (الجدال) فحسب، بل متمثلة وحاضرة في تصورنا للجدال نفسه، فلغة (الجدال) حرفية، أي: ليست بلاغية أو تخييلية أو شعرية. ولكن عندما نتحدث عنها بهذه الطريقة فإننا نتصورها، ونتصرف باعتبار الطريقة التي نتصورها بها؛ وعليه فإنَّ الاستعارة عند المؤلفين لا ترتبط باللغة أو الألفاظ، بل ترتبط بسيرورات الفكر البشري، التي تعد استعارية في جزء كبير منها؛ وبهذا تكون الاستعارة عندهما نسقًا تصوريًا حاضرًا في الإنتاج والتأويل معًا، وتتحدد الاستعارة ضمن هذا النسق بوصفها محصلة لإفرازات السيرورة التفاعلية بين الفرد ومحيطه من جانب، وبين المتلقي (المؤوِّل) من جانب آخر[67]؛ إذ إنَّ كثيرًا من الأمور في حياتنا اليومية لا يمكننا فهمها إلا من خلال الاستعارة.

إذا كانت النزعة الموضوعية (التقليدية الكلاسيكية) لدى أرسطو تقرُّ بوجود طرف واحد من طرفي الاستعارة وغياب الآخر، فإنَّ المؤلفَين يدحضان تلك النظرية، ويؤكدان على وجود الطرفين (المستعار له، المستعار منه) كليهما معًا في الاستعارة[68].

أ. أصول النظرية:

انطلق لايكوف وجونسون في بناء هذه النظرية من مبدأ التفاعل بين الإنسان ومحيطه، مستفيدين من علوم ومعطيات ونظريات مختلفة من نحو، علم النفس المعرفي والتجريبي، والذكاء الاصطناعي، والنظرية الجشطلتية.

لقد استلهم البعد المعرفي الذي شكّل الروافد العامة للنظرية التجريبية من مجموعة من الطروحات المعرفية، منها: القيد المعرفي (Cognitive Constraint) الذي اقترحه جاكندوف، ونظرية الفضاءات الذهنية (Mental Spaces) التي قدمها فوكونيي، ودلالة الأطر (Frames) التي وضع أساسها فيلمور، وهي على النحو الآتي:

ب. القيد المعرفي:

يستدعي هذا القيد وجوب افتراض مستويات للتمثيل الذهني؛ إذ تتضافر فيها المعلومات القادمة من أجهزة بشرية أخرى من نحو الجهاز الحركي، والشمي، والبصري، والأداء غير اللغوي، وبوساطة هذا الربط يستطيع البشر أن يتحدثوا عما يرونه ويسمعونه، ودون افتراض هذه المستويات التمثيلية يتعذر علينا القول إننا نستخدم اللغة في وصف تجاربنا وإدراكاتنا وأحاسيسنا المختلفة؛ ولهذا فالبنية الدلالية عند البشر من المفترض أن تكون قوية تعبيريًا؛ لكي تفك ترميز التعابير اللغوية، وتعالج متطلبات التجربة البشرية[69].

وهذا الأمر – في حقيقته – يرتبط بالكيفية التي يرى فيها البشر العالَم، وبطريقة معالجتهم له وبنائهم لحقيقته، وذلك بوصفهم – وتعد اللغة جزءًا منهم – ذواتًا مدركة لها مجموعة من الوسائل للاتصال بمحيطها، والتفاعل معه والتأثير فيه والانفعال به، واللغة هي التي تقوم بالتعبير عن هذا الاتصال وإخبارنا بتفاصيله[70].

ج. الفضاءات الذهنية[71]:

لقد كان المعنى – في ظل النظريات الدلالية – يتحصل من تركيب مجموعة من الألفاظ مع بعضها بعضًا؛ لينتج منها وحدات كبرى (مركبات، جمل، نصوص)، تُشتق من التركيبات التي تمت بين الألفاظ، التي تخضع بدورها لشروط الصدق؛ مما يولد فروقًا واضحة بين الخصائص الدلالية لعبارة لغوية ما بمقتضى بنيتها (المعنى النووي)، وبين الخصائص التداولية (Pragmatic Properties) التي تفيدها تلك العبارة، انطلاقًا من السياق والاستعمال (المعنى الهامشي)[72].

أمّا فوكونيي، فقد نقض أفكار النظريات الدلالية؛ إذ يرى أنَّ الآليات التي تنتج المعنى النووي (المركزي) هي نفسها التي تنتج المعنى الهامشي (الثانوي)، فبنينة مجال معين من خلال مجال آخر يلعب دورًا مهمًا في إنتاج كلا المعنيين الحرفي والتداولي، وأنًّ كلا الفضاءين أو المجالين المختلفين من حيث محتواه الموضوعي يمكن أن يشترك في خصائص رئيسة، في مستوى معين من التمثيل الدلالي[73].

لا ترتبط اللغة – حسب فوكونيي – بعالم حقيقي أو فيزيائي؛ إذ إنَّ هناك سيرورة بناء واسعة بين اللغة والعالم الفيزيائي، فالتطابق بين اللغة والعالم الخارجي ضمن حدود هذه السيرورة لا وجود له، ويُعرف هذا المستوى الوسيط (Intermediate) بالمستوى المعرفي. وهذا المستوى يبنى في أثناء استخدام اللغة، كما يُحدد في الوقت ذاته بوساطة الأشكال اللغوية، التي نستعملها في إنتاج خطاب ما وتركيبه، وبوساطة مجموعة من التلميحات الخارج لسانية (Extralinguistic) التي تدخل فيها أشياء عديدة من نحو، التنبؤات والخلفيات والتجليات التداولية؛ وعليه فإنَّ العبارات اللغوية لا يكون لها معنى في ذاتها، أو محتوى قضوي، إنَّما يُنظر إليها بوصفها أوامر (Instructions) تُنفّذ نحو نوع معين من البناء الذهني على المستوى المعرفي[74].

د. دلالة الأطر[75]:

يستخدم مصطلح الأطر في مجالي علم النفس المعرفي، والذكاء الاصطناعي بشكل واسع. فالناس يفكرون من خلال الأطر والاستعارات؛ إذ توجد الأطر في نقطة الاشتباك العصبي (Synapses) في الدماغ، وهي – من الناحية الفيزيائية – تكون على شكل دورة عصبية، يعمل الذهن البشري من خلالها على تنظيم المعرفة، ضمن موضوعات مثالية مناسبة لأوضاع خاصة؛ إذ تحتوي ذاكرة الإنسان على مجموعة من المعارف المنظمة في شكل بنيات، فعندما يواجه الإنسان سلوكًا ما، فإنّه يستمد من مخزون ذاكرته أحد أجزاء البنية لتأويل هذا السلوك[76].

يربط لايكوف دلالة الأطر بما يسميه التأطير، فتحديد الكلام لا يتم إلا عن طريق النظر إلى إطار تصوري معين[77]، فعلى سبيل المثال وجود مصطلح (ثورة) يقتضي وجود شعب مظلوم، يريد التخلص من الظلم السائد، فهذا الأمر يُدعى إطارًا، وعندما نضيف ثورة الطالب فعندئذ نتحصل على معنى استعاري؛ يدل على أنَّ الطلاب أشخاص مظلومون ورئيس الجامعة ظالم، وحينما يزال رئيس الجامعة الظالم فإنَّ الظلم سيزول والأمور ستتحسن.

هـ. أنماط الاستعارة التصورية:

قسّم رأي لايكوف وجونسون الاستعارة إلى الأنماط الآتية:

·      استعارات اتجاهية (Orientational Metaphors):

ينبثق هذا النمط من الاستعارات من تجاربنا الفيزيائية المباشرة مع المحيط. وهي نسق كامل من التصورات المتعالقة، ويرتبط أغلبها بالتوجهات الفضائية من نحو، أمام، وراء، فوق، تحت، داخل، خارج[78]. فالإشارة إلى العلو تدل على الحالة الإيجابية، نحو النصر والنجاح، بينما الإشارة إلى الأسفل تدل على الحالة السلبية، مثل الهزيمة والرسوب، ومن أمثلة ذلك (السعادة فوق) فكون تصور السعادة موجهًا إلى أعلى هو الذي يبرر وجود ملفوظات من قبيل (أحس أنني في القمة اليوم)[79].

·      استعارات أنطولوجية (وجودية) Metaphors) (Ontological:

يعمل هذا النمط من الاستعارة على بنية أنساق وموضوعات مجردة، بالاستناد إلى أنساق فيزيائية وموضوعات محسوسة؛ إذ ينظر إلى الأشياء المجردة والانفعالات على أنَّها أشياء مادية ملموسة[80]. ومن أمثلة ذلك استعارات الوعاء، واستعارات الكيان والمادة، والاستعارات التشخيصية.

·      استعارات بنيوية (Structural metaphors):

وهي أن تبني تصورًا ما استعاريًا بوساطة تصور آخر. تتأسس هذه الاستعارات شأنها شأن النمطين الآخرين على ترابطات نسقية داخل تجربتنا[81]. ولكي نفهم معنى هذا الكلام سندرس أساس استعارة (الدَّيْنُ حَرْبٌ)؛ إذ تسمح لنا هذه الاستعارة بإقامة تصور لما هو دَيْن بالاستعانة بشيء نفهمه بسهولة أكثر، وهو الصراع الفيزيائي. هذا الصراع الذي يحدث بطرائق متنوعة، ومنها الحرب. فنسقط تمثلنا للحرب على عملية الدَّيْن. فإذا كانت الحرب حسب الاستراتيجية العسكرية تتطلب معدات وعتادًا وجنودًا وتقبل النتيجة هزيمة أو نصرًا، فإنَّ الدَّين – على سبيل المثال – يُدرك انطلاقًا من التصور الحربي، فنكون إزاء صراع بين طرفين: الدائن والمَدين، سواء أكان هذا الصراع بالكلام أم بالضرب؛ لتتحقق في النهاية نتيجة النصر أو الهزيمة، فإن أخذ الدائن دينه فإنَّه يكون قد انتصر، وإن لم يظفر به يكون قد انهزم. فهذه الاستعارة وما شاكلها تملك أساسًا ثقافيًا قويًا؛ إذ تنبثق بشكل طبيعي داخل ثقافتنا؛ لأنَّها تعكس بدقة ما نجربه بشكل جماعي، فهي تؤثر في تجاربنا، وفي سلوكنا كذلك.

وتأسيسًا على ما سبق، فإنَّ كوفيتش (Kövecses) [1946-...][82] قد لخص رؤية لايكوف وجونسون الجديدة للاستعارة، بذكره الأطروحات التي نقضا بها النظرية التقليدية، وهي على النحو الآتي:

‌أ-         الاستعارة خصيصة للتصورات وليس للكلمات.

‌ب-      لا تقوم الاستعارة – في الغالب – على المشابهة.

‌ج-       لا تتعلق الاستعارة بطبقة معينة من الجنس البشري، بالموهوبين مثلًا، بل يستخدمها عامة الناس دون جهد في حياتهم اليومية.

‌د-        الاستعارة هي حتمية للتعقل والتفكر الإنسانيين.

‌ه-       تتمثل وظيفة الاستعارة في فهم أفضل لبعض التصورات، وليس فقط لأغراض فنية وتزيينية معينة.

وعليه، فإننا نستطيع القول: إنَّ الاستعارة ذات النزعة التصورية تتكون من بنيتين رئيستين: البنية الأولى، بنية سطحية (الدال) (تصور أكوستي)، تشمل اللغة الاستعارية التي تعد بمثابة تجلٍ سطحي للاستعارة التصورية. والبنية الثانية، بنية عميقة (المدلول)، تشمل التصور الذهني للاستعارة التصورية (مفهوم الاستعارة).

من خلال تتبع التطور الذي طرأ على الاستعارة – قديمًا وحديثًا – نجد أنَّ تناولها الضيق الذي لم يتجاوز الكلمات إلى الجملة أو الخطاب، قد فتح المجال واسعًا أمام الدارسين والباحثين للتعمق في دراستها والبحث فيها. فنلحظ أنَّه طرأ عليها تطور دلالي كبير، ابتداء من مبدأ النقل والاستبدال إلى المشابهة، إلى الانزياح إلى مبدأ المحورين (التركيب والاستبدال)، إلى التفاعل، حتى وصلت إلى التصور؛ فأصبحت تشمل أنساقنا الفكرية والثقافية والفيزيائية والعاطفية وتجاربنا اليومية؛ فأمست مجالًا خصبًا للتأويل التداولي على نحو ما سنلاحظه عند سورل، وغرايس.

7.     النظرية التداولية:

تُعنى التداولية بدراسة الاستعارة بوصفها نشاطًا لغويًا يستدعي حضورًا متزامنًا لأطراف الخطاب الكامنة في المرسل والمستقبل والمقام، في ضوء المعينات التواصلية الذاتية والسياقية والإحالية؛ ليتحقق التواصل بين البشر؛ وبهذا يكون البعد التداولي للاستعارة قد تجاوز النظرية الموضوعية الأرسطية، التي توقفت عند حدود الشجرة الفورفورية، ومفهوم القاموس الذي شكل عائقًا في فهمها. وتجاوز كذلك حدود النظرية الدلالية التي لم تتعدَّ في تفسيرها للعلامة الاستعارية بعدها الدلالي – بوصفها علامة لسانية – دون الأخذ في الاعتبار النسق العام الذي يحكم العلامة الاستعارية، الخاضع بدوره لشروط تداولية. ومن المظاهر التداولية للاستعارة: المقصدية، والمقبولية.

أ. مقصدية الاستعارة (Metaphor Intentionality):

يرى جون سورل[83] أنَّ الجملة لها معنى واحد فقط، ألا وهو المعنى الحرفي (Literal Meaning)، أما المعنى الاستعاري، فهو دائمًا معنى تلفظ المتكلم (Speakers Utterance Meaning)، وليس معنى الكلمة أو الجملة؛ لأنَّ الطبيعة الاستعارية لملفوظ ما لا تعود إلى أسباب داخلية للبنية الموسوعية، بل تعود إلى مقصدية المؤلف واختياره[84].

بتمثل القول الاستعاري – عند سورل – في المعادلة الآتية: المتكلم يتلفظ بجملة حرفية بصورة (س) هي (ب)، ويريد استعاريًا أنَّ (س) هي (ر)[85]. فحين نناقش الآية القرآنية الآتية: ﴿وَٱلصُّبۡحِ إِذَا تَنَفَّسَ١٨ [التكوير: 18] نجد أنَّها تكونت من ثلاثة عناصر: أولاها، تعبير الموضوع (س) (الصبح). وثانيها، تعبير المحمول (ب) (الإنسان). وثالثها، معنى تلفظ المتكلم (س هي ر) (الصبح يشبه الإنسان، ووجه الشبه هو حركة الإنسان وخروج النور، فكلتاهما حركة دائبة مستمرة، وقد ذكر المشبه وهو الصبح، وحذف المشبه به وهو الإنسان).

أما المظهر التداولي الثاني للاستعارة، فإنَّه يتمثل في المقبولية، التي سنوضحها في الآتي ذكره.

ب. مقبولية الاستعارة (Metaphor Acceptability):

تتحدد مقبولية الاستعارة بمدى خضوعها لقواعد التخاطب التي وضعها بول غرايس وفقًا لمبدأ التعاون (Cooperative Principle)؛ إذ يتمثل النشاط الاستعاري – حسبه – في اختراق القواعد الأربع الآتية[86]: قاعدة (الكم) (Quantity)، قاعدة (النوع) (Quality)، قاعدة (الطريقة) (Manner)، قاعدة (المناسبة) (Relation).

يتجسد الهدف من هذه القواعد التخاطبية في الوصول إلى الغاية القصوى في الوضوح لكل مخاطبة، بحيث تكون المعاني المتبادلة بين المرسل والمستقبل معاني صريحة وحقيقية؛ إلا أنَّ المتخاطبين قد يخالفان بعض هذه القواعد؛ فإذا تحصلت هذه المخالفة، فإنَّ الإفادة في المخاطبة تنتقل من ظاهرها الحقيقي إلى غير الحقيقي، فتكون المعاني عندئذ بين المتخاطبين ضمنية ومجازية[87]، وهذا ما يتناسب مع الاستعارة.

وخلاصة القول، إنَّ المقاربة التداولية وضعت شرطين لتحليل الاستعارة: يتمثل الأول في المقصدية التي أتى بها سورل، الذي يرى أنَّ الاستعارة توجد في تلفظ المتكلم، وليس في الجملة، وتفسر بناء على مقصديته. أما الشرط الثاني، فإنَّه يتحصل نتيجة خرق قاعدة أو أكثر من القواعد التخاطبية التي وضعها غرايس (الكم، النوع، الطريقة، المناسبة).

خاتمة

لقد تتبعنا – في هذا البحث – النظريات اللسانية التي ناقشت مراحل تطور الاستعارة، وكيفية انتقالها من الكلمة المفردة إلى الجملة فالخطاب؛ فخلصنا إلى النتائج الآتية:

-      قصور المنظور البلاغي التقليدي للاستعارة؛ نظرًا إلى الاعتقاد الخاطئ بجمود اللغة، والاعتماد على الكلمات وحدها دون تجاوزها إلى الجملة والخطاب، ومحدودية الشجرة الفورفورية، والقاموس، والاعتماد على النقل والاستبدال القائم على المشابهة.

-      أهمية المنظور الحديث للاستعارة الذي نقض الأفكار التقليدية، وفتح أفقًا أرحب لدراستها؛ إذ تجاوز الكلمة إلى الجملة والخطاب بمختلف سياقاته الدينية والسياسية والتاريخية ...إلخ.

-      حصول الاستعارة – حسب النظرية التفاعلية – نتيجة التفاعل أو التوتر بين الحامل والمحمول (ريتشاردز)، أو بين البؤرة والإطار (بلاك)، أو اختزال الصدمة الناتجة عن فكرتين متناقضتين (ريكور)، والمعنى الناتج عن هذا التفاعل يكون محددًا بالسياق، ويرتبط بالمشابهة أو بغيرها، مثل التباين.

-      حصول الاستعارة – حسب النظرية التصورية – نتيجة تفاعل الإنسان وتجاربه مع محيطه الخارجي جسميًا وحسيًا وثقافيًا واجتماعيًا وعاطفيًا؛ مما جعلها جزءًا من البنية التصورية الذهنية للإنسان، ووسيلة معرفية لإدراك الواقع المعيش.

-      تجاوز النظرية التداولية الرؤية التركيبية والدلالية للاستعارة؛ لتقرر أنَّها تلفظ (فعل كلامي غير مباشر)، يستدعي حضور المتكلم والمخاطب والسياق، في عملية التواصل؛ إذ وضعت شرطين لتحليلها، أولاهما: المقصدية، التي ترى أنَّ الاستعارة تتمثل في القصد الكامن في تلفظ المتكلم (سورل). وثانيهما: المقبولية، التي ترى أنَّ الاستعارة تحدث نتيجة خرق قاعدة أو أكثر من القواعد التخاطبية التي وضعها غرايس (الكم، والنوع، والطريقة، والمناسبة).

-      فتحت الاستعارة – بمختلف نظرياتها وآلياتها الإجرائية – أفقًا أرحب لدراستها، وولَّدت فضاءات أوسع لتأويلها، فأصبحت جزءًا من البنية التصورية للإنسان، ووسيلة معرفية وإدراكية؛ إذ إنَّها تتيح فهم شيء ما وتجربته انطلاقًا من شيء آخر. ذلك أنَّ الألفاظ المجردة قد لا تفهم على حقيقتها التي وجدت عليها، أو قد يكون فهمها على هذه الصورة ناقصًا، ولكن الاستعارة تجعلها محسوسة ومدركة، مما يسهل فهمها، والإحاطة بدلالاتها، فتصبح حيوية ومؤثرة في المتلقي أكثر.

المراجع

أولًا: العربية

أرسطوطاليس. الخطابة، تر. عبد القادر قنيني. الدار البيضاء: إفريقيا الشرق، 2008.

–––. فن الشعر، ترجمه عن اليونانية وشرحه وحقق نصوصه عبد الرحمن بدوي. بيروت: دار الثقافة، [د.ت].

أورو، سيلفان. وآخرون، فلسفة اللغة، تر. بسام بركة. بيروت: المنظمة العربية للترجمة، توزيع مركز دراسات الوحدة العربية، 2012.

 أوكان، عمر."أرسطو والاستعارة"، مجلة فكر ونقد، المغرب، ع17 (1999).

إيكو، أمبرتو. التأويل بين السيميائيات والتفكيكية، ترجمة وتقديم سعيد بنكراد. الدار البيضاء، بيروت: المركز الثقافي العربي، 2000.

–––. السيميائية وفلسفة اللغة، تر. أحمد الصمعي، ط1، بيروت: المنظمة العربية للترجمة، 2005.

بلاك، ماكس."الاستعارة"، تر. ديزيريه سقال (بتصرف)، مجلة الفكر العربي المعاصر، ع30،31 (1984).

بن أنس، مالك. المُوطّأ، صحّحه ورقمه وخرج أحاديثه وعلّق عليه محمد فؤاد عبد الباقي، ج2. القاهرة: الناشر مصطفى البابي الحلبي، 1985.

جاكبسون، رومان. "ظاهرتان لغويتان وحالتان من الحبسة"، تر. فاطمة الطبال، في النظرية الألسنية عند رومان جاكبسون، دراسة ونصوص. بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1993.

الجرجاني، عبد القاهر. أسرار البلاغة، قرأه وعلق عليه محمود محمد شاكر. القاهرة- جدة: مطبعة المدني، [د.ت].

الحلبي، محاسن إسماعيل علي. شرح شعر الشنفرى الأزدي، تحقيق وتعليق خالد عبد الرؤوف الجبر. عمَّان: دار البنابيع، 2004.

الحنصالي، سعيد. الاستعارات والشعر العربي الحديث، ط1. المغرب: دار توبقال للنشر، 2008.

ريتشاردز، آيفور آرمسترونغ. فلسفة البلاغة، تر. سعيد الغانمي وناصر حلاوي. ط2، المغرب: إفريقيا الشرق، 2002.

–––. "فلسفة البلاغة"، تر. سعيد الغانمي وناصر حلاوي، مجلة العرب والفكر العالمي، مركز الإنماء القومي، ع13، 14 (ربيع 1991).

ريكور، بول. نظرية التأويل، الخطاب وفائض المعنى، تر. سعيد الغانمي. ط2، الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2006.

سليم، عبد الإله. بنيات المشابهة في اللغة العربية، مقاربة معرفية. المغرب: دار توبقال للنشر، 2001.

سيرل، جون. "الاستعارة، صياغة المشكل"، تر. طارق النعمان، مجلة فصول، ع77 (2010).

السيوطي، عبد الرحمن. تنوير الحَوالِك، شرح مُوَطّأ مالك. مصر: المكتبة التجارية الكبرى، 1969.

عبد الرحمن، طه. اللسان والميزان أو التكوثر العقلي. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 1998.

كوهن، جان. بنية اللغة الشعرية، تر. محمد الولي ومحمد العمري. الدار البيضاء: دار توبقال، 1986.

لايكوف، جورج. حرب الخليج والاستعارات التي تقتل، تر. عبد الحميد جحفة وعبد الإله سليم. ط2، الدار البيضاء: دار توبقال للنشر، 2009.

لايكوف، جورج. وجونسون، مارك. الاستعارات التي نحيا بها، تر. عبد المجيد جحفة. ط2، الدار البيضاء: دار توبقال، 2009.

لحويدق، عبد العزيز. "الاستعارة عند رومان جاكبسون"، مجلة علامات في النقد الأدبي. ج54، م14 (2004).

–––. نظريات الاستعارة في البلاغة الغربية من أرسطو إلى لايكوف ومارك جونسون. عمَّان: كنوز المعرفة، 2015.

لوغرين، ميشال. الاستعارة والمجاز المرسل، تر. حلا صليبا. ط1، بيروت- باريس: منشورات عويدات، 1988.

مفتاح، محمد. مجهول البيان. ط1، الدار البيضاء: توبقال للنشر، 1990.

هوكز، ترنس. البنيوية وعلم الإشارة، تر. مجيد الماشطة، مراجعة ناصر حلاوي. بغداد: دار الشؤون الثقافية، 1986.

يوسف، أحمد. السيميائيات الواصفة. بيروت: الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي، منشورات الاختلاف، الدار العربية للعلوم، 2005.

ثانيًا: الأجنبية

References:

ʻAbd al-Raḥmān, Ṭāhā. al-lisān wa-al-mīzān aw al-Takawthur al-ʻaqlī (in Arabic). al-Dār al-Bayḍāʼ: al-Markaz al-Thaqāfī al-ʻArabī, 1998.

Al-Ḥalabī, Maḥāsin ibn Ismāʻīl. sharḥ shiʻr al-Shanfará al-Azdī (in Arabic). taḥqīq wa-taʻlīq Khālid ʻAbd al-Raʼūf al-Jabr. ʻmmān: Dār al-Yanābīʻ, 2004.

Al-Ḥanṣālī, Saʻīd. Al-Istiʻārāt wa-al-shiʻr al-ʻArabī al-ḥadīth (in Arabic). 1st ed., al-Maghrib: Dār Tūbqāl lil-Nashr, 2008.

Al-Jurjānī, ʻAbd al-Qāhir. Asrār al-balāghah (in Arabic). qaraʼahu wa-ʻallaqa ʻalayhi Maḥmūd Muḥammad Shākir. alqāhrt-Jiddah: Maṭbaʻat al-madanī, No. date.

Al-Suyūṭī, ʻAbd al-Raḥmān. Tanwīr alḥawālik, sharḥ muwaṭṭʼ Mālik (in Arabic). Miṣr: al-Maktabah al-Tijārīyah al-Kubrá, 1969.

Aristotles. al-khaṭābah (in Arabic). trans. ʻAbd al-Qādir qnyny. Al-Dār al-Bayḍāʼ: Ifrīqiyā al-Sharq, 2008.

–––. Fann al-shiʻr (in Arabic). Trans & edit ʻAbd al-Raḥmān Badawī. Bayrūt: Dār al-Thaqāfah, No. Date.

Awkān, ʻUmar. "Arisṭū wālāstʻārh" (in Arabic). Majallat fikr wa-naqd, al-Maghrib, No. 17 (1999).

Awrw, Sylvian, Wa ākharūn. Falsafat al-lughah (in Arabic). trans. Bassām Barakah. Bayrūt: al-Munaẓẓamah al-ʻArabīyah lil-Tarjamah, Tawzīʻ Markaz Dirāsāt al-Waḥdah al-ʻArabīyah, 2012.

Black, Max. Models and Metaphor. Ithaca, N Y: Cornell University Press, 1962.

–––. "al-Istiʻārah" (in Arabic). trans. Dīzīrīh Saqqāl (bi-taṣarruf), Majallat al-Fikr al-ʻArabī al-muʻāṣir, No. 30, 31 (1984).

Eco, Umberto. Semiotics and Philosophy of Language. Indiana University Press: Bloomington, 1986.

Evans, Vyvyan. A Glossary of Linguistics. Edinburgh: Edinburgh University Press, 2007.

Grice, H. P. Logic and Conversation, in Donald Davidson & Gilbert Harman (eds.), The Logic of Grammar. U.K: Dickenson Pub. Co, 1975.

Hwkz, Trans. al-binyawīyah wa-ʻilm al-ishārah (in Arabic). trans. Majīd almāshṭh, reviewed by Nāṣir Ḥalāwī. Baghdād: Dār al-Shuʼūn al-Thaqāfīyah, 1986.

Ibn Anas, Mālik. Almūṭṭʼ (in Arabic). ṣḥḥaḥah warqqamh wa kharraja aḥādīthahu wa ʻllaq ʻalayhi Muḥammad Fuʼād ʻAbd al-Bāqī. Al-Qāhirah: al-Nāshir Muṣṭafá al-Bābī al-Ḥalabī, 1985.

Īkū, Umbirtū. alsymyāʼyh wa-falsafat al-lughah (in Arabic). trans. Aḥmad alṣmʻy, 1st ed. Bayrūt: al-Munaẓẓamah al-ʻArabīyah lil-Tarjamah, 2005.

–––. Al-taʼwīl bayna al-sīmiyāʼīyāt wāltfkykyh (in Arabic). Trans Saʻīd Bingarād. Al-Dār al-Bayḍāʼ, Bayrūt: al-Markaz al-Thaqāfī al-ʻArabī, 2000.

Jākbswn, Rūmān. "ẓāhrtān lghwytān wḥāltān min alḥbsh" (in Aarabic), trans. Fāṭimah al-Ṭabbāl, fī al-naẓarīyah al-alsunīyah ʻinda Rūmān jākbswn, dirāsah wa-nuṣūṣ. Bayrūt: al-Muʼassasah al-Jāmiʻīyah lil-Dirāsāt wa-al-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 1993.

Jakobson, Mathias Vestergaad. “Semiotics, Fashion and Cognition, from fashion semiotics to fashion cognition”, www. mtproduction.dk.11/6/2008, p. 6, accessed on 20/3/2023, at: chrome-extension://efaidnbmnnnibpcajpcglclefindmkaj/http://www.mtproductions.dk/mathias/artikler/fashionSemioticsAndCognition.pdf Kövecses, Zoltẚn. Metaphor, A Practical Introduction, 2nd ed., Oxford: Oxford University Press, 2010.

Kwhn, Jān. Binyat al-lughah al-shiʻrīyah (in Arabic). trans. Muḥammad al-Walī wa Muḥammad al-ʻUmarī. Al-Dār al-Bayḍāʼ: Dār Tūbqāl, 1986.

Lakoff, George and Johnson, Mark. Metaphors we live by. Chicago: University of Chicago press, 2003.

–––. Philosophy in the Flesh, The Embodied Mind and its Challenge to Western Thought. New York: Basic Books, 1999.

Lakoff, George. The Contemporary Theory of Metaphor, in Metaphor and Thought, Edited by Andrew Ortony, 2nd ed., Cambridge: Cambridge University Pres., 1993.

Lāykwf, Jūrj. Ḥarb al-Khalīj wālāstʻārāt allatī taqtul (in Arabic). trans. ʻAbd al-Ḥamīd Jaḥfah wa-ʻAbd al-Ilāh Salīm, 2nd ed., al-Dār al-Bayḍāʼ: Dār Tūbqāl lil-Nashr, 2009.

Lāykwf, Jūrj. wa jwnswn, Mārk. al-Istiʻārāt allatī Naḥyā bi-hā (in Arabic). trans. ʻAbd al-Majīd Jaḥfah, 2nd ed., al-Dār al-Bayḍāʼ: Dār Tūbqāl, 2009.

Lḥwydq, ʻAbd al-ʻAzīz. "al-Istiʻārah ʻinda Rūmān jākbswn" (in Arabic). Majallat ʻAlāmāt fī al-naqd al-Adabī, Part 54, Vol. 14 (2004).

–––. Naẓarīyāt al-Istiʻārah fī al-balāghah al-Gharbīyah min Arisṭū ilá lāykwf wmārk jwnswn (in Arabic). ʻmmān: Kunūz al-Maʻrifah, 2015.

Lwghryn, Mīshāl. al-Istiʻārah wa-al-majāz al-mursal (in Arabic). trans. Ḥalā Ṣalībā, 1ed. byrwt-Bārīs: Manshūrāt ʻUwaydāt, 1988.

Miftāḥ, Muḥammad. majhūl al-Bayān (in Arabic). 1st ed. al-Dār al-Bayḍāʼ: Tūbqāl lil-Nashr, 1990.

Rykwr, Būl. Naẓarīyat al-taʼwīl, al-khiṭāb wa-fāʼiḍ al-maʻná (in Arabic). trans. Saʻīd al-Ghānimī, 2nd ed., al-Dār al-Bayḍāʼ: al-Markaz al-Thaqāfī al-ʻArabī, 2006.

Rytshārdz, āyfwr ārmstrwngh. "Falsafat al-balāghah" (in Arabic). trans. Saʻīd al-Ghānimī wa nāṣr Ḥalāwī, Majallat al-ʻArab wa-al-fikr al-ʻĀlamī, Markaz al-Inmāʼ al-Qawmī, No. 13, 14 (rabyʻ1991).

–––. Falsafat al-balāghah (in Arabic). trans. Saʻīd al-Ghānimī wa nāṣr Ḥalāwī, 2nd ed., al-Maghrib: Ifrīqiyā al-Sharq, 2002.

Salīm, ʻAbd al-Ilāh. bunyāt al-mushābahah fī al-lughah al-ʻArabīyah, muqārabah maʻrifīyah (in Arabic). al-Maghrib: Dār Tūbqāl lil-Nashr, 2001.

Syrl, Jūn. "al-Istiʻārah, ṣiyāghat al-mushkil" (in Arabic). trans. Ṭāriq al-Nuʻmān, Majallat fuṣūl, No.77 (2010).

Yūsuf, Aḥmad. Al-sīmiyāʼīyāt al-wāṣifah (in Arabic). Bayrūt: al-Dār al-Bayḍāʼ, al-Markaz al-Thaqāfī al-ʻArabī, Manshūrāt al-Ikhtilāf, al-Dār al-ʻArabīyah lil-ʻUlūm, 2005.



* أصل هذا البحث مستل من رسالة دكتوراه بعنوان: "العلامات وأبعادها الدلالية والتداولية في موطأ مالك: دراسة سيميائية"، للباحث غصاب منصور علي الصقر، كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، جامعة السلطان قابوس، 2016.

* The research is derived from a PhD thesis entitled: "Signs in Muwatta' Malik and their semantic and pragmatic functions: A semiotic study" by Ghassab Mansoor Ali Al Saqr, College of Arts & Social Sciences, Sultan Qaboos University, 2016.

[1]جورج لايكوف ومارك جونسون، الاستعارات التي نحيا بها، تر. عبد المجيد جحفة، ط2 (الدار البيضاء: دار توبقال، 2009).

[2]- أرسطوطاليس، الخطابة، تر. عبد القادر قنيني (الدار البيضاء: إفريقيا الشرق، 2008)؛ أرسطوطاليس، فن الشعر، ترجمه عن اليونانية وشرحه وحقق نصوصه عبد الرحمن بدوي (بيروت: دار الثقافة، د.ت).

[3]- Umberto Eco, Semiotics and Philosophy of Language (Indiana University Press: Bloomington, 1986), p. 87.

[4]- أرسطوطاليس، فن الشعر، ص38.

[5]- أمبرتو إيكو، السيميائية وفلسفة اللغة، تر. أحمد الصمعي، ط1 (بيروت: المنظمة العربية للترجمة، 2005)، ص246.

[6]- الشجرة الفورفورية (Tree Porphyry): شرح توضيحي على شكل شجرة استخدمه فورفوريوس أحد شراح أرسطو؛ وضَّح فيه كيفية الانتقال من الجنس إلى النوع في نظرية أرسطو الاستعارية. وهي: "مشجر يمثل تبعية المفاهيم بعضها إلى بعض، ضمن تراتبية معروفة. وهو يقدم ارتباط المفاهيم – وبالتالي الكلمات بعضها ببعض وفق التضمين، بمعنى أنَّ (أرزة) تتضمنها (شجرة)، و(شجرة) يتضمنها (كائن)". سيلفان أورو وآخرون، فلسفة اللغة، تر. بسام بركة (بيروت: المنظمة العربية للترجمة، توزيع مركز دراسات الوحدة العربية، 2012)، ص545.

[7]- إيكو، السيميائية وفلسفة اللغة، ص247.

[8]- المرجع نفسه، ص249.

[9]- المرجع نفسه، ص247.

[10]- المرجع نفسه، ص252.

[11]- المرجع نفسه، ص252.

[12]- عبد العزيز لحويدق، نظريات الاستعارة في البلاغة الغربية من أرسطو إلى لايكوف ومارك جونسون (عمَّان: كنوز المعرفة، 2015)، ص18.

[13]- أمبرتو إيكو، السيميائية وفلسفة اللغة، ص245.

[14]- أمبرتو إيكو، التأويل بين السيميائيات والتفكيكية، ترجمة وتقديم سعيد بنكراد (الدار البيضاء، بيروت: المركز الثقافي العربي، 2000)، ص14-15.

[15]- عمر أوكان، "أرسطو والاستعارة"، مجلة فكر ونقد، المغرب، ع17 (1999)، ص110.

[16]- عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، قرأه وعلّق عليه محمود محمد شاكر (القاهرة- جدة: مطبعة المدني، د.ت)، ص29.

[17]- آيفور آرمسترونغ ريتشاردز، فلسفة البلاغة، تر. سعيد الغانمي وناصر حلاوي، ط2 (المغرب: إفريقيا الشرق، 2002)، ص91.

[18]- أحمد يوسف، السيميائيات الواصفة (بيروت: الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي، منشورات الاختلاف، الدار العربية للعلوم، 2005)، ص121.

[19]مبدأ التركيب: "تتأسس اللغة على القدرة التركيبية بين الكلمات التي تنتمي إلى المقولة النحوية ذاتها، أي: أنَّ المتكلم يقوم بتركيب الكلمات وفق قواعد اللغة التجريدية التي ينتمي إليها". أما مبدأ الاستبدال: "ذلك أنَّ كل كلمة تشترك مع كلمات أخرى في سمات دلالية معينة، وهو ما يسمح للمتكلم بالقيام بعملية الانتقاء والاستبدال فيما بينها تبعًا لمقصديته وغاياته التواصلية". لحويدق، نظريات الاستعارة في البلاغة الغربية، ص81.

[20]- ترنس هوكز، البنيوية وعلم الإشارة، تر. مجيد الماشطة، مراجعة ناصر حلاوي (بغداد: دار الشؤون الثقافية، 1986)، ص71.

[21]- عبد العزيز لحويدق، "الاستعارة عند رومان جاكبسون"، مجلة علامات في النقد الأدبي، ج54، م14 (2004)، ص227.

[22]- لحويدق، نظريات الاستعارة في البلاغة الغربية، ص183،8.

[23]- ميشال لوغرين، الاستعارة والمجاز المرسل، تر. حلا صليبا، ط1 (بيروت- باريس: منشورات عويدات، 1988).

[24]- رومان جاكبسون، "ظاهرتان لغويتان وحالتان من الحبسة"، تر. فاطمة الطبال، في النظرية الألسنية عند رومان جاكبسون، دراسة ونصوص (بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1993).

[25]- ميشال لوغرين، الاستعارة والمجاز المرسل، ص37.

[26]- المرجع نفسه، ص40.

[27]- المرجع نفسه، ص45.

[28]- المرجع نفسه، ص46.

[29]- محاسن بن إسماعيل الحلبي، شرح شعر الشنفرى الأزدي، تحقيق وتعليق خالد عبد الرؤوف الجبر (عمَّان: دار الينابيع، 2004)، ص119.

[30]- ميشال لوغرين، الاستعارة والمجاز المرسل، ص145.

[31]- جان كوهن، بنية اللغة الشعرية، تر. محمد الولي ومحمد العمري (الدار البيضاء: دار توبقال، 1986)، ص110.

[32]- المرجع نفسه، ص109.

[33]- لحويدق، نظريات الاستعارة في البلاغة الغربية، ص135.

[34]- مالك بن أنس، الموطأ، صححه ورقمه وخرج أحاديثه وعلق عليه محمد فؤاد عبد الباقي (القاهرة: الناشر مصطفى البابي الحلبي، 1985)، ج2، ص531.

[35]- عبد الرحمن السيوطي، تنوير الحوالك، شرح مُوَطّأ مالك (مصر: المكتبة التجارية الكبرى، 1969)، ج2، ص8.

[36]- كوهن، ص110.

[37]- المرجع نفسه، ص122-123.

[38]- لحويدق، نظريات الاستعارة في البلاغة الغربية، ص147.

[39]- كوهن، ص205.

[40]- خرافة المعنى الخاص: هو أن يكون للكلمة معنى ثابت مستقر بغض النظر عن الاستعمال أو السياق، أي: أن تتضمن المفردة معنى واحدًا نهائيًا. وهذا ما دحضه ريتشاردز، وعده مجرد وهم قائم على ما سماه خرافة المعنى الخاص، ويرى أنَّ ثبات المعنى إنما ينشأ عن استقرار السياقات التي تضفي عليها معناها. آيفور آرمسترونغ ريتشاردز، "فلسفة البلاغة"، تر. سعيد الغانمي وناصر حلاوي، مجلة العرب والفكر العالمي، مركز الإنماء القومي، ع13، 14 (ربيع1991)، ص9.

[41]- المرجع نفسه، ص39.

[42]- ريتشاردز، فلسفة البلاغة، ص91-96.

[43]- آ. ريتشاردز، في الاستعارة، تر. ناصر حلاوي، مجلة كلية الآداب في جامعة البصرة، س.7، ع9 (1974)، العراق، ص270.

[44]- ريتشاردز، فلسفة البلاغة، ص100-101.

[45]- المرجع نفسه، ص113-114.

[46]- المرجع نفسه، ص113-114.

[47]- Max Black, Models and Metaphor (Ithaca, N Y: Cornell University Press, 1962(.

[48]- ماكس بلاك، "الاستعارة"، تر. ديزيريه سقال (بتصرف)، مجلة الفكر العربي المعاصر، ع30،31 (1984)، ص135-138.

[49]- المرجع نفسه، ص138.

[50]- عبد العزيز لحويدق، نظريات الاستعارة في البلاغة الغربية، ص186.

[51]- يعد هذا المثال استعارة في عرف البلاغة الغربية، أما في عرف البلاغة العربية، فهو تشبيه بليغ. ومن الأمثلة الواردة في هذا البحث أيضًا: (الدَّين حرب)، و(النمام شيطان)، و(الجدال حرب).

[52]- عبد الإله سليم، بنيات المشابهة في اللغة العربية، مقاربة معرفية (المغرب: دار توبقال للنشر، 2001)، ص63.

[53]- ماكس بلاك، "الاستعارة"، ص137.

[54]- المرجع نفسه، ص137.

[55]- المرجع نفسه، ص137.

[56]- Black, pp. 27-28.

[57]- بول ريكور، نظرية التأويل، الخطاب وفائض المعنى، تر. سعيد الغانمي، ط2 (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2006)، ص90.

[58]- المرجع نفسه، ص93.

[59]- يُعرِّف جورج لايكوف ومارك جونسون الجشطلت بأنَّه: شكل أو صورة من الظواهر الطبيعية الفيزيائية أو البيولوجية أو النفسية المتكاملة، بحيث تكون الوحدة الوظيفية (أي الشيء المدرك) ذات خصائص لا يمكن استمدادها من أجزائها بمجرد ضم بعضها إلى بعض. ويعرفان علم النفس الجشطلتي بأنَّه: ذلك التيار النفسي الذي يهتم بدراسة الإدراك والسلوك انطلاقًا من استجابة البشر لوحدات أو صور متكاملة آخذًا بعين الاعتبار تطابق الأحداث النفسية والفيزيولوجية، ويرفض التحليل الذي يقوم على المنبهات والاستجابات إلى عناصر متفرقة تُجمع داخل هذا الكل (الجشطلت). لايكوف وجونسون، ص88.

[60]- George Lakoff and Mark Johnson, Metaphors we live by (Chicago: University of Chicago Press, 2003(.

[61]- Ibid, p. 245.

[62]- جورج لايكوف، حرب الخليج والاستعارات التي تقتل، تر. عبد الحميد جحفة وعبد الإله سليم، ط2 (الدار البيضاء: دار توبقال للنشر، 2009)، ص11.

[63]- George Lakoff and Mark Johnson, Philosophy in the Flesh, The Embodied Mind and its Challenge to Western Thought (New York: Basic Books, 1999), p. 22.

[64]- Mathias Vestergaad Jakobson, "Semiotics, Fashion and Cognition, from fashion semiotics to fashion cognition", mtproduction.dk, 2008, p. 6. accessed on 20/3/2023, at: chrome-extension://efaidnbmnnnibpcajpcglclefindmkaj/http://www.mtproductions.dk/mathias/artikler/fashionSemioticsAndCognition.pdf

[65]- إيكو، السيميائيات وفلسفة اللغة، ص236-237.

[66]- لايكوف وجونسون، ص23.

[67]- سعيد الحنصالي، الاستعارات والشعر العربي الحديث، ط1 (المغرب: دار توبقال للنشر، 2008(، ص23.

[68]- George Lakoff, The Contemporary Theory of Metaphor, in Metaphor and Thought, Edited by Andrew Ortony, 2nd ed, (Cambridge: Cambridge University Pres., 1993), p. 244.

[69]- لايكوف وجونسون، ص6.

[70]- المرجع نفسه، ص6.

[71]- الفضاءات الذهنية (Mental Space): نطاقات فضائية تصورية تحوي أنواعًا محددة من المعلومات، تبنى استنادًا إلى استراتيجيات توظيف معلومات معممة لغويًا وتداوليًا وثقافيًا. انظر:

Vyvyan Evans, A Glossary of Linguistics,) Edinburgh: Edinburgh University Press, 2007), p. 134.

[72]- لايكوف وجونسون، ص8.

[73]- المرجع نفسه، ص8.

[74]- المرجع نفسه، ص8.

[75]- الإطار (Frame): بنية خطاطية للتجربة (بنية معرفية)، تتمثل في المستوى التصوري، ويحتفظ بها في الذاكرة طويلة المدى، والتي تتعلق بالعناصر والكيانات المرتبطة ثقافيًا، بمشهد أو موقف أو حدث من التجربة الإنسانية. وتشمل الأطر أنواعًا مختلفة من المعرفة، بما في ذلك السمات والعلاقات بينها. انظر: Evans, p. 85.

[76]- محمد مفتاح، مجهول البيان، ط1 (الدار البيضاء: توبقال للنشر، 1990)، ص68.

[77]- لايكوف، ص6.

[78]- لايكوف وجونسون، ص33.

[79]- المرجع نفسه، ص33.

[80]- المرجع نفسه، ص45.

[81]- المرجع نفسه، ص33، 81.

[82]- Zoltn Kövecses, Metaphor, A Practical Introduction (Oxford: Oxford University Press, 2nd ed., 2010(, pp. ix- x.

[83]- جون سيرل، "الاستعارة، صياغة المشكل"، تر. طارق النعمان، مجلة فصول، ع77 (2010)، ص139-140.

[84]- أمبرتو إيكو، التأويل بين السيميائيات والتفكيكية، ص159.

[85]- عند تحليل الحمل (Metaphorical Predication) فإننا نحتاج إلى أن نميز وفق ذلك بين ثلاثة عناصر: أولًا: تعبير الموضوع (س) (S) (The Subject Expression) والشيء (The Object) أو الأشياء المستخدمة التي تحيل عليه. ثانيًا: تعبير المحمول (ب) (P) (The predicate Expression) المتلفظ، والمعنى الحرفي لذلك التعبير مع شروط الصدق المقابلة له (Its Corresponding Truth Condition)، زائد الدلالة التعيينية (المرجعية) (The Donotation) إذا وجدت. ثالثًا: معنى تلفظ المتكلم (س هي ر)، وشروط الصدق المحددة بذلك المعنى. انظر: سيرل، ص145-146.

[86]- H. P. Grice, Logic and Conversation, in Donald Davidson & Gilbert Harman (eds.), The Logic of Grammar (U.K: Dickenson Pub. Co, 1975), pp. 45-46.

[87]- طه عبد الرحمن، اللسان والميزان أو التكوثر العقلي (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 1998)، ص239.