OPEN ACCESS

تاريخ الاستلام: 21 يونيو 2022

تاريخ القبـــــــــــول: 25 أغسطس 2022

مقالة بحثية

الدساتير والقوانين الجنائية المغاربية: دراسة في العلاقة بين الحريات الفردية والمرجعية الإسلامية

خاليد شخمان

دكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، جامعة محمد الخامس، الرباط

khalid_9430@yahoo.fr

ملخص

لقد جَسَّد الصراع الدائر حول مَوقِع الحريات الفردية في النصوص الدستورية والجنائية، مَدعاةً مباشرة لاختيار موضوع البحث، والنظرِ في الخلفيات الإدراكية المتوارية خلف هذا الصراع؛ أهي خلفيات تمتح من الرؤية الغربية/الليبرالية؟ أم أنها تنضبط لهَدْيِ فلسفة المرجعية الإسلامية؟ ويتحدد أساس اختيار المنطقة المغاربية كمجال للدراسة في: أولًا، استيعاب تنامي دعوات الحركات الفردانية في السنوات الأخيرة، ومحاولة استشراف مدى مقدرتها على إحداث التغيير في البنية التشريعية لمجتمعاتها. وثانيًا، سد الثغرات البحثية التي لم يكتب لها – على ما نعلم – استقراء النصوص الدستورية والجنائية المتعلقة بالحريات الفردية لدى البُلدان المغاربية مجتمعة. وهو اختيار أقامته الدراسة على فرضية استمرار حالة الاحتقان بين دعاة الحريات الفردية وبين دولهم المغاربية، كلما عاكست هذه الدعوات المرجعية الدستورية لهذه الدول بوصفها مرجعية معبِّرَةِ عن الشرعية المجتمعية لهذه المجتمعات. ولتحقيق أغراضها البحثية تَوَسَّلت الدراسة في محورها الأول بالمنهج الوصفي المقارن، في إحداث المقايسة النظرية اللازمة، لاسْتِجلاءِ مُقَامِ الفرد ومركزيته داخل النسقَيْنِ الفكريَيْن والواقعيَيْن الغربي الليبرالي والمغاربي/الإسلامي. كما أُعْمِلَتْ في المحور الثاني، أدوات المَنْهجين الاستقرائي والتاريخي/التحليلي، للتدقيق في الطابع الإجرائي للقوانين الدستورية والجنائية المغاربية. وذلك بغية تتبع السياق التاريخي والسياسي لهذه القوانين، وتحليل بنيتها Structure الداخلية، لوصف مقدار تأطير المرجعية لها. وإذ حاولت الدراسة استدراج النصوص نحو الإفصاح عن الفقه المبثوث بين ثنايا المواد والفصول، واستكناه النماذج الإدراكية الكامنة خلف ذلك، فإننا نقدر أن هذا العمل يشكِّل مدخلًا من مداخل فهم مجموعات اجتماعية وسياسية أخرى، أكانت بمنطقة المشرق العربي، أو بمنطقة الخليج، أو بمنطقة جنوب شرق آسيا. فالدراسة تمثل مادة علمية وأرضية بحثية يمكن أن يُستفاد منها لإقامة المقارنات اللازمة التي تقتضيها الضرورات السياسية والاجتماعية.

الكلمات المفتاحية: الحريات الفردية، المغرب العربي، الفلسفات الغربية والإسلامية، القوانين الدستورية والجنائية

للاقتباس: شخمان، خاليد."الدساتير والقوانين الجنائية المغاربية: دراسة في العلاقة بين الحريات الفردية والمرجعية الإسلامية"، مجلة تجسير، المجلد الرابع، العدد 2 ، 2022

https://doi.org/10.29117/tis.2022.0104

© 2022، شخمان، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.

OPEN ACCESS

Submitted: 21 June 2022

Accepted: 25 August 2022

Research Article

Constitutions and Penal Codes in the Maghreb: A study of the relationship between individual freedoms and Islamic Authority

Khalid Chokhmane

PhD researcher in public law and political science, Mohammed V University, Rabat

khalid_9430@yahoo.fr

Abstract

The direct reason for choosing the topic of research, was the conflict surroundding the position of individual freedom in the constitutional and criminal texts, and the view of cognitive backgrounds behind this conflict; Is it affected by the expression of the Western/liberal vision, or by the Islamic philosophy?. The basis for choosing the Maghreb region as a field of study is due to: Firstly, understanding the growing calls of individualist movements in recent years, and trying to anticipate their ability to change the legislative structure of their societies. Secondly, filling the research gaps that were not explored - as far as we know – on the extrapolation of the constitutional and criminal texts related to individual freedoms in the Maghreb countries as a whole. The study proposes this hypothesis due to the continuation of the state of tension between the individual freedom advocates and their countries, especially if these calls contradict the constitutional Authority. Mainly, the study relied on the comparative descriptive approach, in order to explore the individual’s status and centrality within the Western liberal and Maghreb/Islamic philosophical systems. The tools of the inductive and historical/analytical approaches, were adopted to scrutinize the procedural nature of the Maghreb laws. The historical and political context of these laws, and the analysis of their internal structure, helped also to describe their relationship with the Islamic Authority. We appreciate that this work constitutes an entry to understand other social and political groups, whether in the Gulf region, or in the Southeast Asian region.

Keywords: Individual Freedoms; The Maghreb; Western and Islamic philosophies; Constitutional and Criminal laws

Cite this article as: Chokhmane, K., "Constitutions and Penal Codes in the Maghreb "A study of the relationship between individual freedoms and Islamic," Tajseer, Vol. 4, Issue 2, 2022

https://doi.org/10.29117/tis.2022.0104

© 2022, Chokhmane, licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited..

مقدمة

تَقْرِن الأدبيات القانونية والحقوقية احترام الحريات والحقوق بإقرار الضمانات الدستورية والقانونية المنسجمة مع مقتضيات ومستلزمات التشريعات الدولية والتزاماتها "الكونية". وفي الحالة المغاربية، لا تتحقق هذه الضمانات إلا بمحاولات التوليف بين ثوابت ومقتضيات الدين الإسلامي، وبين النماذج المعيارية التي تتطلبها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، مما يحيل العلاقة بين مرجعية النص الدستوري ومتطلبات الحريات الفردية علاقة التباس يصعب ضبطها، خاصة وأن هذه الدساتير تنفتح على نوافذ دستورية متنوعة: (فرنسية، بريطانية، إيطالية..)، ورؤى فكرية أخرى (اشتراكية وليبرالية)1.

من شأن هذا الالتباس، أن يُذْكي التناقضات المستترة الثّاوِيَة خلف التشريعات المنقولة من نماذج إدراكية أخرى، وأن يجعل من الدساتير المغاربية مشتلًا لإقرار الارتباك الفكري بين مرجعية الدساتير المحدَّدَةِ في المرجعية الإسلامية، وبين المقتضيات الدلالية اللغوية والفلسفية لمفهوم "الحريات الفردية" كما يتطلبها النظر الغربي/الليبرالي، والغالب أن هذا الارتباك قد يخلق حالةً من عدم التوازن الاجتماعي بين مطالب الحركات الفردانية Mouvements individualistes، وبين القواعد القانونية لمجتمعاتها، أكانت قواعد تأسيسية دستورية أم قواعد فرعية تابعة مثل القوانين الجنائية.

وإذا كان الدستور هو الإطار الناظم لما يدنوّه من قوانين وأحكام وتشريعات، وهو الضامن لممارسة الحقوق والحريات، فإن القانون الجنائي يشكل مرآة التقييدات التي تطرأ على هذه الحريات2؛ وذلك لارتباطه الوثيق، من جهة أولى، بالفقه الدستوري المُعَبَّرِ عنه ضمن ثنايا نصوص الدستور3. ولتحديده، من جهة ثانية، للضمانات الأساسية التي تمنع السلطات العامة من المس بالحريات الفردية4، فعلى هذا الأساس تشكل التشريعات الجنائية، مناط التحقق من انسجام دلالات الحريات الفردية، مع ما تطرحه وتصرح به نصوص الدساتير.

وعَبْرَ الهواجس المتنامية بين دعاة الفردانية والتيارات المحافظة في البدان المغاربية، تُفَعِّل الدراسة نظرها في الدساتير والقوانين الجنائية المغاربية من خلال العَلاقة التي تحكم الحريات الفردية بالمرجعية الإسلامية، وذلك اتكاءً على السؤال الإشكالي التالي: هل تُعبر الدساتير المغاربية عن انسجام مرجعيتها مع نصوص القوانين الجنائية، بالشكل الذي يخدم الحريات الفردية بالمنطقة، أم أنَّ هذه التشريعات فيها من التعارض ما يستزيد حالة الاحتقان بين دعاة هذه الحريات وبين الدول المغاربية ذاتها؟

وهو سؤال تفترض له الدراسة جوابًا من استشراف استمرار حالة الاحتقان بين دُعَاة الحريات الفردية وبين الدول المغاربية ذاتها، كلما عاكست هذه الدعوات المرجعية الدستورية المعبرة عن الشرعية المجتمعية لهذه المجتمعات، بوصفها شرعية متطابقة مع شرعية الدولة المجسدة في إسلاميتها.

هذا وتَعمل الدراسة على تمحيص فرضيتها من خلال محورين اثنين، يُعنى الأول بالحريات الفردية في الدساتير المغاربية، من خلال إشكالية المفهوم وأصوله الفلسفية؛ أهو مفهوم يمتح من النسق الدلالي اللغوي والفلسفي الغربي/الليبرالي، أم من النسق الدلالي اللغوي والفلسفي الإسلامي؟ بينما يُعنى المحور الثاني، بسؤال الانسجام، أو التناقض بين الأصل الدستوري والقوانين الجنائية المغاربية، وذلك من خلال تمحيص عَلاقة الحريات الفردية بالمرجعية الإسلامية في مَتْنَيَ الدساتير والقوانين الجنائية المغاربية.

أولًا: الحريات الفردية في الدساتير المغاربية بين النسقين الغربي/الليبرالي والإسلامي

تحاول الحركات الفردانية أن تحقق شمولية دعاواها، بنقل مطالبها الفردية إلى مطالب يتبناها جمع من الناس؛ ذلك لأنها لا تستطيع التحقق واقعيًا من هذه المطالب ذات الطابع الفردي المحض، إلا بتجسيدها في حرية المجموع: أي في كيان الدولة ذاته5 ولغته القانونية، وهو الأمر الذي من شأنه أنْ يثير التعارض بين الأساس الفلسفي لهذه الحركات وبين مرجعيات الدول المغاربية المُحَدَّدَة دستوريًا في إسلامية دينها وهويتها. ففي هذا مثلًا، قد يخلق تكتل واحتماء النسوانيات Les féministes بحِمَى جماعة ما، التعارض والتصادم مع الهُوية الجامعة للمجتمعات التي تندرج تحت إطارها اجتماعيًا وسياسيًا.

لذا نرى من اللازم النظر في المحددات الدلالية والفلسفية والاجتماعية لمفهوم الحريات الفردية في النسقين الغربي الليبرالي والإسلامي.

1. مفهوم الحريات الفردية في المرجعية الليبرالية الغربية

يوحي الفرد Individu في الدلالات اللغوية الغربية إلى أصغر وحدة Unité تُكَوِّن المجتمع، فالفرد هو المتفرد Unique المتميز عن كل ما سواه، المختلف عما عداه6 في الوصف والعدد7؛ لهذا فإن اختصاصه بطباع وحاجيات بيولوجية واجتماعية ونفسية مُمَيِّزة، يجعل من تحديد معالمه أو التعرف على ماهيته أمرًا صعبًا8. غير أنْ الفرد رغم تعبيره عن الاستقلال والتفرد في كل شيء، فإنَّ المعالم النفسية والاجتماعية والإدراكية لشخصيته، لا يمكنها أنْ تتشكل إلا بالتعلُّم والتفاعل المتبادل مع محيطه ومجتمعه، وبدوام حصول التأثير والتأثر بينهما9.

لهذا تُصِيغُ الدلالات اللغوية والفلسفية الغربية مفهوم الحر libre، بالشكل الذي يمنح الفرد أسباب مغالبة تأثير المجتمع عليه، ويجعلُه قادرًا على التحرر من الالتزامات والواجبات المعيقة لحركته؛ فالحرية liberté بهذا المعنى، هي عنوان استواء شخصية الفرد، الذي عليه أن يكون مالكًا لذاته، غيرَ مملوكٍ لغيره10. أما الليبرتاري Libertarien le أو الحُرَّاني11، فهو الفرد الذي يرفض الانضباط للقواعد والقوانين التي تَحُدُّ من حريته: سواء بالتملك أو بالحيازة أو بالتصرف12.

والواقع أنَّ الفرد في التصور الغربي لم يستفد وحسب من الدلالات اللغوية والفلسفية لمفهومَيْ "الفرد" و"الحرية"؛ بل لقد أسعفه شعار "فصل الدين عن الدولة" المسيحي، من الظفر بأولويات الحياة الخاصة على حساب أولويات الحياة العامة والسياسية13، وذلك بنقل المثال الإنساني إلى "أنا" متفرد، لا يدرك حدود وجوده، إلا حينما يدرك أنه متفرد في ملكيته لذاته وصفاته، بالشكل الذي يُعينه على الانعزال عن القيود المجتمعية والسياسية التي تحد من تفرده14.

والأصل في الأمر، أنَّ المسيحية لا تتوفر على منظومة تشريعية متكاملة تجيب عن كل أسئلة الفرد الحياتية، أو قل لغياب التشريع أصلًا عن الدين المسيحي15. فمن صلب التشريعات الوضعية، أخذ الفرد موقعه المتقدم في مساحات الفراغ التشريعي المسيحي، ليَنْحِتَ القوانين والأعراف التي تجيب عن أسئلته الفردية، ممتطيًا في ذلك صهوة عقله المجرد المقدس، ومتبنيًا ما يمكن أن نصطلح عليه سياسة "انعزل تغنم".

ولأنَّ الفرد بهذا المعنى لا يُضاهَى في علمه بدواخله وأموره، فلا يجوز للمجتمع "التدخل" في شؤونه أو الوقوف في وجه آرائه وأغراضه وسائر أحواله الخاصة؛ لأن الأحوال العامة لا يمكنها أن تسعف الإنسان في فهم أحوال وطبيعة الأفراد الخاصة16.

يبدو من اللازم، إذن، التمييز بين الحريات الفردية وما يختلط بها من حريات وحقوق أخرى عامة وجماعية. فإذا كانت الحريات العامة والجماعية هي التي يدفع فيها الفرد أثمان نضاله، من أجل شموليتها على شكل مصلحة عامة تخدم البنيان الاجتماعي والسياسي، كحرية الاجتماع والتظاهر، وحرية تأسيس الهيئات السياسية والمدنية، وحرية التعبير والرأي؛ فإن الحريات الفردية لا تخدم سوى رغبات ومصالح ذاتية محضة.

الأهم في هذا التمييز، أنه ينقلنا إلى "العقيدة" الليبرالية، التي تمنح الحُرَّاني محددات تحقيق سيادته المطلقة، من حَقِّ تملك بدنه وعقله وكل ما يحوزه: امتلاكًا وتصرفًا17. فشعارات من قبيل "جسدي ملك لي"، و"عقلي ملك لي"؛ تخفي وراءها توسُّلًا بمصلحة موغلة في الذاتية والفردانية، ومتغافلة عن مصلحة المجتمع؛ لذا عُدّت مطالب الفردانيين ضمن النسق الليبرالي، من قبيل المطالب التي لا ترى في الجماعة إلا المقدار العددي الذي يتعاضد به الأفراد بقصد اكتساب مزيد من الحريات والمصالح.

وما دامت شؤون الحُرّاني لا تهم الآخرين، فإنَّ الحريات الفردية تعبر عن رغبات غير اجتماعية، يستعصم فيها "الحُرّاني" بمطالب تخدم مِلْكَهُ ومَمْلوكَهُ، بالشكل الذي يَحُولُ دُونَه وقَبولَ العقوبات الأدبية والقانونية التي تُذكره بمَضَرَّتِه لذاته وأملاكه18. فمِصداق هذا الرأي مُجسَّد في مقولة الليبرالي الخالدة: "أنا حرّ إذا لم يتدخل الآخرون في شؤوني ولم يجبروني على فعل شيء لا أرغب في القيام به، أنا حر عندما أقوم بما يحلو لي، أنا حرّ عندما يَدَعُني الآخرون وشأني"19. فالفرد بهذا المعنى هو مرجعية نفسه ومقياس الخير والشر وأساس الأحكام20، وهَمُّهُ الأمثل ينحصر في تحقيق "أعظم قدر من السعادة"21.

استنادًا على هذا البناء المفاهيمي، يتضح أنَّ الفرد يحتل موقعًا مبهمًا داخل النسيج الاجتماعي والسياسي الغربي؛ ففي الوقت الذي تدفعه تعاقداته السياسية والاجتماعية الافتراضية، إلى التخلي عن حقوقه وحرياته لصالح الدولة ومؤسساتها، من أجل لجم صراعاته وضمان أمنه ورفاهه، فإنَّ الواقع الغربي يفرض على الدولة تذكير الفرد بأصوله الطبيعية التي يفرضها قانونه الطبيعي، بل واستدراجه للمنافحة عن حرياته الفردية الموغلة في الذاتية.

من الواضح أن مَرَدَّ هذا التناقض، يعود إلى طبيعة القانون الطبيعي ذاته، الذي لا يمكن منحه للدولة إلا تكلفًا وتعسفًا؛ فإذا كانت الفلسفات الغربية تجعل من القانون الطبيعي عنوان طبيعة الفرد ومعيار تميزه، ومعلمًا هامًا من معالم سيادته وتملكه لذاته وجسمه ومحيطه، فإن انتقال هذه الحقوق للدولة، بوصفها كيانًا مصطنعًا غير طبيعي لا يتم إلا بأدوات القهر والظلم والعدوان. ففي هذا يرى ميراي روتبارد الليبرالي، أن الدولة تمارس ظلمين كبيرين: يتجلى الأول في ثقل وقساوة الضرائب المفروضة على الناس22، فلا يضرّ أنْ يقترن استخلاصها بسلب الأفراد حرياتهم، ما دام أن الثمن هو الخضوع للدولة وسلطانها23. ويتحدد الثاني في سيادة لغة الدولة القانونية الشاملة، كلغة تعبر عن "كفاءة" الدولة في لجم صراعات الأفراد فيما بينهم، عِوضًا عن لغات "الأخلاق والأعراف والدين"24.

واضحٌ أيضًا أنَّ اتفاقَ تمتيعِ الأفراد بحرياتهم الفردية، يمثلُ ضرورةً يفرضها الواقع الغربي وأصوله التعاقدية، الذي بقدر ما يمنح الفرد حرية مطلقة للتصرف في ذاته وأملاكه، بقدر ما يمنح الدولة وأهل نفوذها حَقَّ الانكباب على ضبط المجال السياسي العام داخليًا، ومباشرة غاياتها التوسعية خارجيًا، فعلى هذا الأمر يتحقق التفوق الخارجي ويُضْمَنُ الاستقرار والرفاه الداخلي؛ كما يمثل هذا الاتفاق صورةً بارزةً على مركزية الفرد في النظام التعاقدي التشريعي الوضعي، كنظام يجعله يلوذ بعقله المجرد، لإنشاء قوانينه التي تعلي من ذاته وتحمي حرياته، وإن تناقضت مع ذات وحرمات مجتمعه.

عَبْرَ هذا السياق الفلسفي والتاريخي للواقع الغربي، يتأكد أنَّ الحريات الفردية لا تشكل حلَقَة مفصولة مَبْتورة الأصول والجذور؛ بل إنها على العكس من ذلك، ترتبط بسلسلة متشابكة من المتواليات25 التي أَعْيَتْ حياة الحُرّاني وأضفت عليها طابع الانعزالِ والوَحدةِ، لا فرق في ذلك بين عباداته أو نسكه أو تقاليده الحياتية، فكلها أضحت تقاليد بلا حياة تنبض، وبلا حميمية اجتماعية ولا قيم تناصحية26؛ إذ صار مدار حياته على مصارعة قوانين الدولة وسوقها الرأسمالي ذي المضمار الشرس، متوسلًا في ذلك بتطويع موارد الطبيعة لزيادة إنتاجه واستهلاكه27، وتحقيق خلاصه المادي28، الذي يكسبه لذات وأهواء جديدة، تنسيه تنظيماته التقليدية التي كانت تُؤْويه وتحميه.

لقد كانت حصيلة التمركز حول الفرد في السياق الغربي، وراء إيناعِ أعمالٍ فكريةٍ جادّة حاولت التقييد من إطلاقية الحريات الفردية، والعمل على إرجاع الفرد إلى حضنه الجماعي، ومنها ما قَدَّمه ألسدير ماكنتاير (Alasdair Macintyre) في كتابه "بعد الفضيلة بحث في النظرية الأخلاقية" من نقد للقيم الفلسفية الفردية، وتعويله على الأسس الجماعية التي حددها في : "المبدأ السوسيولوجي" الذي يعلي من المجتمع على حساب الفرد، و"المبدأ الغائي" الذي يرد القيم لمقاصد كلية تؤطر سلوك الفرد وتلجم نزواته، والمبدأ الأخير المحدد في "مصلحة المجتمع فوق كل مصلحة"29 .

وبالمثل شكلت دعاوى مايكل جوستيس ساندل Michael Justice Sandel محاولات قمينة بالمزاوجة بين الإفراط في الفردانية (الحياة الخاصة) وبين الاهتمام بحرمات الجماعة (الحياة العامة). غير أنَّ هذه المحاولات لم تتجاوز كونها دعاوى أدبية، تَقْتصِرُ مطالبها على التشبث بالنقاشات العمومية المعمقة، للحد من الخلافات الأخلاقية وتلافي الإكراه والتعصب. فعلى رهان استدامة "المحاولة" والتغافل عن الصعوبات والخلافات يُعَوِّلُ ساندل على إقامة مجتمع التعددية والاحترام المتبادل30.

2. مفهوم الحريات الفردية في المرجعية الإسلامية

يكاد مفهوم الحريات الفردية ينعدم في أدبيات الفكر الإسلامي، اللهم إلا عند بعض المفكرين المحْدَثين31، الذين تأثروا بمفهومها الغربي نهاية القرن 18 وبداية القرن 19، فكان تنظيرهم للحرية يتم من منطلق الواقع وقيوده، لا من منطلق المجال التداولي ومستلزماته. فعلى هذا الهَمِّ شكل الانتصار للحرية أولوية لديهم، وإنْ تمَّ ذلك على حساب "تأويل" التراث الإسلامي "تأويلًا ليبراليًا"32، أو على حساب الخلط بين "حيز الدولة" الضيق، الذي لم يكن يُحِيط بجميع جوانب "الفرد الإسلامي"، وبين "حيز اللادولة" الواسع الفسيح، الذي كان يسرح فيه الفرد بكل حرية33.

لا يمكن التعرض لمفهوم الحرية في السياق العربي34 المغاربي، دون النظر في المرجعية الإسلامية لهذه المجتمعات؛ ليس بوصفها مرجعية سياسية تقرّها الأنظمة السياسية والدستورية وحسب؛ بل لأنها مرجعية مجتمعية يتحدد بها الوجود الاجتماعي كذلك. فماذا نعني بالمرجعية الإسلامية لهذه المجتمعات؟ وما دور الإسلام في بنيانها الاجتماعي والإدراكي؟

يعني المرجع في الدلالات اللغوية العربية، العودةُ، والرجوعُ، والمآل والأصلُ. وهو مشتق من مصدر الفعل "رَجَع"، كقولنا رجَع من رحلته أي عاد منها، ورجع إلى الكتاب أي "عاد إليه عند الحاجة"35. والمرجعية تحيل في الاصطلاح على "الفكرة الجوهرية التي تشكل أساس كل الأفكار في نموذج معين، أو منظومة فكرية معينة، والركيزة النهائية الثابتة التي لا يمكن أنْ تقوم رؤية العالم دونها، والمبدأ الواحد الذي ترد إليه كل الأشياء وتُنسب إليه ولا يرد هو أو ينسب إليها"، فالمرجعية هي التي تمنح "العالم تماسكه ونظامه ومعناه"، مثلما تميز "حلاله" عن "حرامه"36.

وإذا كان الإدراك يتحدد على المستوى الفردي، بتفاعل الفرد مع عالمه الخارجي، بما يضمن تفرده بأحاسيس وقيم وتقاليد، يختص بها دون غيره؛ فإنه لا يتحدد على المستوى الجماعي، إلا بالانتقال من أطوار الأسرة والعشيرة والقبيلة التي لا استقرار فيها37، إلى الطور الحضري الذي يتسم بالاستقرار المديد على أرض مخصوصة، وباستتباب "مدركات جماعية" 38 تعبر عن استكمال التشكل المجتمعي39 لهذا المجتمع/الأمة.

معلوم عند علماء الاجتماع أنَّ الدين يشكل ركنًا أساسيًا من أركان الإدراك الجماعي للأمم والمجتمعات، ومكونًا من المكونات التي تسهم في تمايزها حضاريًّا40؛ غير أنَّ دين الإسلام يتجاوز هذا الأمر بالنسبة للمجتمعات التي نصطلح عليها "عربية"41، لكونه لا يمثل وحَسْبْ، عنصرًا من عناصر تشكلها اجتماعيًا، واستواء "مدركاتها الجماعية". بل إنه هو الذي أخرج الجماعات "القبلية" الموجودة في المنطقة العربية، من "العدم" إلى الوجود الحضاري، وهو النظامُ الذي رَفَع عنها التبعية والعبودية للإمبراطوريات السائدة آنذاك، كالبيزنطية والساسانية الفارسية، فتم لهذه الجماعات بفضل نظام الإسلام، الاختصاص بأرضها واستكمال تشكلها وتماسكها المجتمعي42.

فكانت معركتها الوجودية الحاسمة بحطين سنة 583ه(1187م) بقيادة القائد "الكردي" صلاح الدين الأيوبي، وبمشاركة جيوش "المغرب الإسلامي" عنوان هذا الاختصاص وهذا التشكل المجتمعي43. وبالمثل كانت فتوحاتها السابقة، عنوان اندراج المجتمعات المغاربية ضمن "المغرب المفتوح" ذي النسيج الاجتماعي الواحد والمصير المشترك،44 المؤطَّرِ بمرجعية ورؤية الإسلام.

ولكي يتحقق الطابع التشريعي الشمولي المميز للإسلام عن غيره من الديانات، كان لزامًا على الجماعة أنْ تنهض، مجتمعة، بأعباء إنفاذ التشريع وتنزيله على أرض الواقع، وسيلتها في ذلك، أساليبها الجماعية في الاجتهاد: كالحِلَقِ العلميةِ المفتوحة في وجه عموم الناس والمنتشرة في كل مكان، أو نسكها التعبدية الجماعية: كالصلاة والحج والصوم وسائر العبادات، أو تقاليدها الحياتية الجماعية: كالإشهاد في البيوع والعقود والزواج، وتقاليد المآكل، والمشارب والولائم.. فكلها تُوسَمُ بطابعها الجماعي.

لقد كانت هذه النُّسُك الجماعية مِعوَلَ الجماعة وأداتها في تهذيب النزعة الفردية "الجنينية" في الإنسان؛ لتجعله "أنيسًا" بنمط الحياة الجماعية45، مثلما كانت هذه النُّسُك، مستند الجماعة في التمسك بالحق: تآزرًا وتناصحًا وتواصيًا. لهذا لم ترتبط الجماعة في عرف هذه المجتمعات وفي رؤية الإسلام بالجماعة العددية الكمية؛ لأن الحق قد يتجسد كميًا بجمع من الناس، كما قد يتجسد نوعيًا بفرد واحد46. وهو أمر ما كان ليتم لولا، أولًا: اتكاء الجماعة على فردها وتوسلها بتقواه، بدل النظر في انتماءاته القبلية السابقة على الإسلام؛ لتَضْمَن تآلف وتماسك وانصهار الفرد في جماعته؛ كما لم يكن ليتحقق، ثانيًا: لولا طابع الجماعة الموسوم بتوارث قيمها وقواعدها ومسلكياتها في الاحتكام والعيش، عَبْرَ الوسائل الإقناعية والبرهانية المبتعدة عن القوة والسلطان.

ومن ذلك مثلًا أنَّ الأحكام الشرعية لا يُعتد بها في الفقه الإسلامي، إلا حين استنادها على قوة الدليل47، وأنَّ عدالة "الحق" تثبت بورود الحكم الشرعي، لا بالأغلبية العددية التي تحددها القوانين الوضعية48.

لهذا فرغم أنَّ مادة "ف ر د" تُحيل في اللفظ العربي على التفرد والوحدة، كما هو شأن "الفَرَدُ والفَرِدُ": أي الواحد، الوحيد. أو إلى معان الانفراد بالأمور والانعزال عن الجماعة كقولنا: "فَرِدَ بأموره"، و"فَرَدَ عن جماعته"؛ فإن الانفراد لا يكون محمودا، إلا بالتفرد في "الجَوْدَةِ" والحُسْنِ49، كمثل الذي ينعزل بغاية العبادة في قولنا "فَرَّدَ الرَّجُلُ"، أو الذي يتفرغ للفقه في "فَرَّدَ المُتَعَلِّمُ"50. فهي معانٍ تحيل على التفرد: اتباعًا للحق والخير واستعصامًا بما يوصل إليهما51.

إنَّ هذا البناء المفاهيمي للمرجعية وللفرد في النسق الفكري والتداولي العربي الإسلامي، لا يحصر معاني "الحُرّ" في الدلالات التي ترفع القيود وتُخَلِّص من العبودية والرق فقط52. بل إن "الحُرّ" هو ما يحيل كذلك، على الأصالة والفطرة، أي الذي لا تُزَيِّف فطرتَهُ "الشوائبُ"، كقولنا عسل حرّ وفرس حرّ وذهب حر. أما الخلاص من الرّق، فإذا لم يقترن بالكرامة، فلا يمكنه أن يرفع الفرد إلى مقام الحرية53؛ لأنّ الكرامة في الرؤية الإسلامية تتحدد بحسن الاختيار، ثم بالالتزام بتحمل المسؤوليات وحفظ الحرمات. ففي هذا يكون اختيار الرِّق مثلًا، توجُّهًا طوعيًا نحو الالتزام بتكاليف "الأحكام الشرعية" ومسؤولياتها54.

والاختيار وَفق هذه الرؤية يتسم بمحددين اثنين: مُحَدّدٍ معنوي يتكئ على التقوى، كضامن لتمسك الفرد باختياراته ضدًا على سطوة شهواته ولذاته، ومُحدّدٍ عقلي يمنح الفرد معنى تحمل التكاليف؛ لأنه مُحَدّدٌ متجسد في المادة الفقهية التي تبرر للعقل عِلَّة اتخاذ اختياراته؛ أو ليس غياب هذه العلل والمعاني هو الذي يَحُولُ دُونَ سمو الأطفال والحمقى إلى مقام النضج والتكليف؟55

مجمل القول في هذا المحور، أنَّ مفهوم الحريات الفردية يندرج ضمن مسارات دلالية وأنساق فلسفية وسياسية، تُعَبِّرُ عن التباعد الحاصل، بين الفكر الغربي/الليبرالي الذي سَكَّ مفهومي الحرية والفردية من واقع التشريع الوضعي، وبين الفكر العربي الإسلامي الذي من المفترض أن تُعَبّر عنه الدساتير المغاربية ومرجعيتها الإسلامية. ففي هذا ستنظر الدراسة في المحور الموالي.

ثانيًا: الحريات الفردية بين نصوص الدستور والقوانين الجنائية المغاربية

نرى من اللازم في هذا الصدد استقراء مختلف المواد الدستورية المغاربية التي تهمّ المرجعية الإسلامية والحريات الفردية، ومحاولة مقارنتها مع القوانين الجنائية التي عليها المُعَوَّلُ في تمحيص مدى انسجام مفاهيم الحريات الفردية مع مرجعية الدساتير المغاربية، وذلك اعتبارًا للدور المحوري الذي تشكله قوانين العقوبات، بوصفها خلفيةً "معياريةً" إجرائية، تقيم الدليل والبرهان على صدق الدعاوى المبثوثة في متون دساتير بُلدانها.

سيبحث الجزء الأول من هذا المحور في الدساتير المغاربية وعَلاقتها بالحريات الفردية، من خلال جرد مختلف النصوص الدستورية التي تهم المرجعية الإسلامية والحريات الفردية، فيما سيخصص الجزء الثاني للحريات الفردية في القوانين الجنائية المغاربية.

1. المرجعية الإسلامية والحريات الفردية في الدساتير المغاربية

نُقرّ بدءًا أنَّ مقام الدراسة لا يُمَكِّننا من التنقيب في تاريخ الدساتير المغاربية والتدقيق في سياقاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما لا يُمَكننا من فَرْزِ معظم القوى السياسية والفكرية المؤثرة في هذا التاريخ، لكن هذا المقام يسعفنا حتمًا في رصد المراحل والمحطات الكبرى التي رافقت مسار إنشاء وتعديل دساتير المنطقة، مع ما يقتضيه هذا الرصد من تِبيانٍ لمركزية المرجعية والحريات الفردية ضمن هذا المسار، وفي هذا الشأن يمكن تحديد ثلاث مراحل بارزة.

أ. المراحل والمحطات الكبرى

لم تتبلور في هذه المرحلة فكرة الدستور بالشكل الذي يتيح نقاش المرجعية والهوية أو بالشكل الذي يحدد مضمون نظام الحكم ومؤسساته. فالراجح في هذه الحقب أنها لا تتسع إلا لنقاشات التحرر والاستقلال. وبهذا تكون الوثيقة الدستورية معبرة عن الأرضية التعاقدية التي يُدْحَر بمقتضاها المستعمِرُ من الأرض المستعمرة، وتكون الحرية معبرة، فقط، عن التحرر الذي بمقتضاه تنهمك الحركات الوطنية في الذود عن حياض حدودها بشتى أشكال المواجهات الممكنة، قصد الحصول على استقلالها وإنشاء أولى دساتيرها المعبرة عن السيادة المطلقة لشعوبها على أراضيها. فعلى هذا الأساس أقامت تونس دستور 1955 الذي تمّ إعداده من قبل لجنة تأسيسية56، وأقام المغرب أولى وثائقه عَبْرَ مشروع دستور حزب الإصلاح سنة 1954 57، والجزائر من خلال دستور 1963 58، وموريتانيا بعد الحصول على التحررين الداخلي والخارجي في 20 ماي 1961 59 . أما ليبيا فإنَّ دستور 1959 هو الذي عبر عن مسارها نحو الاستقلال60.

من اللافت في هذه المرحلة أنَّ الفكرة الدستورية انتقلت من التداول النخبوي بين أعضاء المقاومة والحركات الوطنية المغاربية إلى فكرة شعبية تشمل مختلف الشرائح الاجتماعية61. وقد اتسمت بالبحث عن المشروعية السياسية لنظام الحكم، وانطبعت بالنزاعات حول من يملك السلطة السياسية بالنسبة إلى بعض الدول، وحول كيفية تدبيرها بالنسبة للبعض الآخر، ومن ذلك مثلًا، أنَّ المغرب عرف تجاذبات سياسية وصراعات شكلت فيها وثيقة العهد الملكي لسنة 1958 ملمحًا من ملامح بداية التنازع على السلطة، ففي هذا الأمر برزت مركزية الملك والمرجعية الإسلامية، مقابل تغييب الحديث عن الحريات الفردية62، وفي تونس تمت الاستجابة لمطلب التخلي عن النظام الملكي بالإعلان عن ولادة النظام الجمهوري سنة 1957 63. أما في الجزائر فقد كان دستور 1963، بحسب البعض، غير مستوفٍ لأجوبة "المشروعية التأسيسية أو الإنشائية"؛ ليشمله فيما بعد النَّسْخ السريع بدستور صغير مؤقت سمي ببيان جوان 1965، كان من معالمه الأساسية أنه أعاق وضعَ دستور جديد إلى غاية سنة 1976 64. وبالنسبة لموريتانيا فرغم إعلانها الأخذ بمبادئ الإسلام، إلا أنَّ الصراع الدستوري في هذه المرحلة، قد احتدم على البنيان المؤسساتي وشكله؛ ليميل الحكم لكفة الجيش الذي أطاح بولد داده بعد انقلاب 1978، وما تلاه من انقلابات أخرى داخل البنية العسكرية وَسَمَتِ المرحلةَ بعدم الاستقرار السياسي والدستوري65. أما بخصوص ليبيا فقد تم لها الثبات على الحكم/الدستور طيلة عهد العقيد معمر القذافي، منذ بدايته كرئيس لمجلس قيادة الثورة سنة 1969، إلى حين اغتياله على يد الثوار سنة 2011، رغم التعديلات الطفيفة التي كان يقيمها بين الفينة والأخرى، كمثل "إعلان سلطة الشعب" الذي حدد فيه بعض الملامح الكبرى لنظام الحكم ولمصدر التشريع66.

عَرفت هذه المرحلة تحولاتٍ عميقة شملت موازين القوى والإيديولوجيات العالمية الحاكمة، نتيجة انهيار المعسكر الاشتراكي وأفول عقيدته الشيوعية بداية من سنة 1991، مما كان له الدور البارز في تنامي العقيدة الليبرالية، وتوغل أدواتها الإعلامية في أدق تفاصيل الحياة. وحيث إنَّ الغرب الأمريكي/الأوربي قد عرف كيف يضفي البريق على تفوقه العمراني والتقني، ويحيله خلفية معيارية للمجتمعات الأخرى، فإنَّ مفاهيمه وأفكاره ومناهجه غَدَتْ جذابة للنخب الفكرية والحركات السياسية والمنظمات المدنية المغاربية، التي كان عليها أنْ ترفع أسئلة التعديلات الدستورية المرتبطة بالمرجعية والحريات إلى مقام الأولويات والأساسيات.

غير أن التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتسارعة التي أملتها ثورات الوطن العربي بداية من سنة 2011، قد أعاقت الاستمرار في هذه النقاشات؛ نتيجة الارتباك الواضح الذي أصاب الحركات الاحتجاجية المغاربية. وهو ارتباكٌ مَعْزُوٌّ، في الغالب، إلى غياب وحدة المنطلقات والفكر والمسار عند هذه الحركات.

لقد أدَّى غياب الوحدة الفكرية وإطلاق يد الانفتاح على خلفيات سياسية وفكرية متعددة ومتنوعة67، ومتناقضة في كثير من الأحيان، إلى الاستعصام بعموميات الشعارات، كالكرامة والحرية والمساواة68، بدل التدقيق في خلفياتها وحمولاتها الإدراكية. وهو ما أثمر نِقاطًا خلافيةً جوهرية بين التيارات "الإسلامية" والتيارات "الحداثيةحول نظام الحكم والعلاقة مع الدين والشريعة ومصير الدولة المدنية69.

وبهذا، أضحت الدساتير70 الأخيرة التي بين أيدينا ثمرة للتدافع بين قوى سياسية وفكرية متعددة حول تملك النص الدستوري وخلفياته الإدراكية الحاكمة: فهمًا وصياغةً.

يَعتبر الدستورُ المغربي71المغربَ "دولةً إسلامية ذات سيادة كاملة" يتبوأ الدين الإسلامي مكانة الصدارة في هويتها (التصديرويجعلُ "الدينَ الإسلاميَّ السمحَ" في مقدمة "الثوابت الجامعة" للبلد (ف 1التي لا يجوز المس بها (ف 7). فالإسلام هو "دين الدولة" (ف 3وشعار المملكة هو "الله، الوطن، الملك" (ف 4). أما الملك فهو "حامي حمى الملة والدين والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية" (ف 41).

وبالنسبة إلى دستور الجزائر72، فلأن الإسلام هو "دين الدولة" (م 1)، فلا يجوز للمؤسسات أنْ تقوم بسلوك مخالف "للخُلق الإسلامي" (م10) ولا يحق أنْ يترشح لرئاسة الجمهورية من لا "يدين بالإسلام" (م 87). كما لا يمكن للتعديل الدستوري أنْ يهم الإسلام كدين للدولة (م 211).

وعن الدستور التونسي73، فإنه يعبر عن تمسك الشعب التونسي "بتعاليم الإسلام ومقاصده" (التوطئةوالإسلام دين الدولة التونسية (ف 1). كما تعمل الدولة على "تأصيل" هُوية الدين في "الناشئة" (ف 39ورعاية الدين وشعائره (ف 6)؛ لهذا يشترط المشرع التونسي في الذي يترشح لرئاسة الجمهورية، أن يَدِين بدِينِ الإسلام (ف 74) 74.

ويشير دستور ليبيا75 منذ أولى عباراته، إلى اهتداء الشعب الليبي بــ"الدين الحنيف" (الديباجةوأنَّ ليبيا جزء من الوطن العربي والعالم الإسلامي (م 2و"الإسلام دين الدولة والشريعة الإسلامية مصدر التشريع" (م8ومناهج التعليم تُبنى على اعتبارات التوفيق بين "المعايير الدولية وتعاليم الإسلام"(م61).

أما بخصوص دستور موريتانيا76 فإنه يُعلن اتكال الشعب "على الله العلي القدير" وتمسكه "بالدين الإسلامي الحنيففي ضمان حوزته واستقلاله وحرياته والمساواة بين أبنائه (الديباجة). وأنَّ أحكام الدين الإسلامي هي "المصدر الوحيد للقانون" (الديباجة). وأنَّ الإسلام هو "دين الشعب والدولة" (م 5)77. وأنَّ دين رئيس الدولة هو الإسلام (م 23).

يبدو جليًا أنَّ الدساتير المغاربية تُجْمِع بالوضوح اللازم على أهمية الدين الإسلامي ومرجعيته في البنيان السياسي والاجتماعي للمجتمعات المغاربية. مع تسجيل فروقاتٍ بارزةٍ بين دساتير تتطرق وحسب للأبعاد الفلسفية والسياسية للمرجعية، في تشكيل الهوية المجتمعية والسياسية لبلدانها، كالمغرب وتونس والجزائر؛ ودساتير أخرى تَعتَبِرُ الدينَ الإسلاميَّ وشريعته، مصدرًا للتشريع والقانون (لبيبا وموريتانيا). فالدساتير بهذا التوجه تنسجم مع ما توصلنا إليه في المحور الأول، من أهمية الإسلام في تشكيل مدركات وهُوية المجتمعات العربية/المغاربية.

غير أنَّ اعتبار الدساتير كمواثيق للحريات في ظل ما بات يعرف "بدسترة الحقوق والحريات"78، يدفعنا للنظر في كيفية تعامل الدساتير المغاربية مع مفهوم "الحريات الفردية"، وكيفية الدفاع عنها.

ب. تعامل الدساتير المغاربية مع مفهوم "الحريات الفردية"

يتفادى الدستور المغربي الإفصاح عن مفهوم "الحريات الفردية" بصيغة واضحة جلية؛ لأنه لا يطرح مصطلح "الفردية" إلا في موضعين اثنين فقط: يتحدث الأول عن "الاستقالات الفردية"، والثاني عن "الوضعيات الفردية" كمقررات للسلطة القضائية (ف 47).

أما الدستور الجزائري فيتطرق لمصطلح الحريات الفردية في موضعين اثنين، يربط الأول "بحماية الحريات الفردية" (م 140والثاني "بالحريات الفردية والحريات الجماعية" (م 39فيما يحصر المشرع الدستوري التونسي مصطلح "الحريات الفردية" في ضمان الدولة "للحقوق والحريات الفردية والعامة" (م 21).

وإذا كان الدستور الليبي، مثله مثل المغربي، لم يطرح مصطلح الحريات الفردية في أي موضع من مواضع الدستور، فإنَّ المشرع الموريتاني قد بسطها في ثلاثة مواضع مختلفة: "الحريات العمومية والفردية" (م 10و"نظام الحريات العمومية وحماية الحريات الفردية" (م 57وحماية "حمى الحرية الفردية" (م 91).

إنَّ تأرجُح الدساتير المغاربية بين التصريح، أو عدم التصريح، بمفهوم الحريات الفردية، يفرض علينا تعقُّب مضمون هذه الحريات والحقوق من داخل البنيان التشريعي الدستوري، عَلَّها تسعفنا في تبين الخلفية الإدراكية الحاكمة لهذه المفاهيم، واستلهامِ مؤشرات تعبيرها عن النموذج الإدراكي الذي تعبر عنه.

في مضمون الحريات والحقوق الفردية:

تتخذ الدساتير المغاربية مسافات مختلفة من دقة تحديد معنى الحريات الفردية، بين من يربطها بالحقوق ومن يقرنها بالحرمات، وبين ثالث يجعلها رديفة للحريات المدنية والسياسية.

ففي الدستور المغربي لا يتمّ التطرق للحريات إلا بوصفها حقوقًا خالصة أو حريات مقرونة بحقوق، كمثل الحديث عن الحقوق والحريات المدنية (ف 19أو الحق في الحياة (ف 20أو الحق في سلامة الناس وحماية ممتلكاتهم (ف 21أو الحق في حماية الحياة الخاصة (ف 24)؛ فعلى هذه الأسس يدعو الدستور المغربي لاحترام الحريات والحقوق الأساسية (الفصول 21، 71، 133ويطرح دعاواه لتأسيس هيئات تعنى بالحقوق والحريات (الفصول 160، 161، 164، 175).

كما يحدد المشرع الدستوري المغربي الحريات في: "حرية ممارسة الشؤون الدينية" (ف 3و"حرية التنقل" (ف 24وحرية الفكر والرأي والتعبير (ف25وحرية الإبداع والنشر والعرض (ف 25وحرية الصحافة (ف 26وحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم (ف 6أو بوصفها حرمات كحرمة "المنزل" والحياة الخاصة (ف 24).

وهو نفس المسار الذي سار عليه المشرع الجزائري حين جاور الحقوق بالحريات، في مقام توعده بمن يمس "الحقوق والحريات" (م 41، م 188، م 212). أو حين ربط الحريات "بالحرمات" كحرمة المعتقد والرأي" (م 42و"حرمة حياة المواطن الخاصة" و"حرمة شرفه"(م 46).

وعلى درب "الحرمات" سار المشرع الدستوري التونسي، في دفاعه عن: "الحياة الخاصة" و"حرمة المسكن"(ف 24وفي تشبثه بـ"كرامة الذات البشرية وحرمة الجسد" (ف 23و"الحق في الحياة" (ف 22أما الحريات التي يتكفل الدستور التونسي برعايتها فتنحصر في حرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية (ف 6).

ولا يطرح المشرع الدستوري الليبي مسألة الحريات، كذلك، إلا مقرونة بحقوق أو حرمات، فلا يمكن المساس بها إلا وفق أوامر معللة (م 71وبمضامين تحدد بدقة القيود التي تطرأ عليها (م 75وبضمانات قانونية حمائية (م 131). ومن أمثلة هذه الحقوق: "الحق في الحرية الشخصية" (م 74و"الحق في الحياة" (م 38و"الحق في السلامة الجسدية والبدنية والعقلية"(م 39). و"حرمة الحياة الخاصة" (م 42، 54) و"حرمة المؤسسات التعليمية"(م 61).

وبخصوص المشرع الموريتاني، فقد جعل من الدولة ضامنة لـ"شرف المواطن وحياته الخاصة وحرمة شخصه ومسكنه ومراسلاته" (م 13). وقد حصر المشرع الدستوري الحريات "العمومية والفردية" في: حرية التنقل، وحرية الإبداع والتفكير، والتعبير، والاجتماع، والإبداع الفكري والفني والعلمي، (م 10أو في الحقوق مثل: "حق المساواة" و"حق الملكية" و"الحقوق المتعلقة بالأسرة" (الديباجةفهي حقوق وحريات يمنع تقييدها إلا بقانون (م 10).

يبقى أنَّ مسار البناء المفاهيمي للحريات الفردية في الدساتير المغاربية، لا يمكنه أنْ يتحدد بشكل واضح وواقعي/إجرائي، إلا بالنظر في ثنايا نصوص القوانين الجنائية79، التي سيكون عليها، إما الانحياز للرؤية والمرجعية الإسلامية التي تحظر هذا النوع من الحريات، وإما الانحياز للرؤية الغربية الليبرالية التي تبيح هذه الممارسات والدعوات، وتعتبرها شأنًا خاصًا، وعلاقةَ مالكٍ بمملوكِه يَستعمله أنّى شاء وأين شاء.

2. الحريات الفردية في القوانين الجنائية المغاربية

لا تتدخل القوانين الجنائية المغاربية80 في مجملها، في "الحياة الشخصية" غير العلنية للأفراد، ولا تسمح للأفراد والسلطات بالمس بهذه الحقوق، إلا أنها ترفض إكراه الناس على العبادات كيفما كان مصدرها، مثلما ترفض تغيير عقيدة المسلم بوسائل الترهيب أو الإغراء، ومن ذلك ما أقره الجنائي المغربي81 من عقوبة تصل إلى 3 سنوات وغرامة تصل إلى 500 درهم (ف 220أو ما نص عليه قانون العقوبات الجزائري82 من عقوبة تصل إلى 5 سنوات لكل "من أساء إلى الرسول g، أو بقية الأنبياء، أو استهزأ بالمعلوم من الدين بالضرورة، أو بأي شعيرة من شعائر الإسلام". وهو أمر تباشره النيابة العامة بشكل تلقائي (م 144مكرر).

وقد عمل المشرع الجنائي التونسي83 على معاقبة من يتعرض للمباني والهياكل "المعدة لممارسة الشعائر الدينية"، بإتلاف، أو هدم، أو حرق أو إفساد. (م 161ومن يتعرض لممارسة الشعائر أو الاحتفالات الدينية (م 165). ولا يَتدخل المشرع التونسي لحماية ما يَصطلِحُ عليه "الحرية الذاتية"، إلا حينما يترافق ذلك مع سلب الحرية بالتوقيف، أو السجن، أو القبض أو الحجز بدون سند قانوني، فقد تصل العقوبة في هذه الحالات إلى عشرين عامًا (الفصول من 250 إلى 254).

فيما ذهب المشرع الجنائي الليبي84 إلى معاقبة من "يشوش على إقامة شعائر دينية تؤدى علانية أو على احتفال ديني خاص بها أو عطلها بالعنف أو التهديد"، أو تعرض لمبانٍ "مُعدة لإقامة شعائر دينية" (م 289).

وقد حسم القانون الليبي أمر التوازن بين القانون الجنائي والدستور، حينما صرح بأنَّ أحكام القانون الجنائي "لا تُخِل في أي حال من الأحوال بالحقوق الشخصية المقررة في الشريعة الغراء"(م 14). كما قصر الجرائم ضد "الحرية الشخصية" على الخطف (م 428واستعمال العنف إرغامًا للغير (م 429) والتهديد (م 430) أو إساءة استعمال السلطة (م 431) أو التفتيش (م 432).

ويعاقب القانون الجنائي الموريتاني "بالقتل كفرًا"، ويؤول "ماله إلى بيت مال المسلمين" (م 306) "كلّ مسلم ذكرًا كان أم أنثى ارتدّ عن الإسلام صراحة، أو قال، أو فعل ما يقتضي ذلك، أو أنكر ما علم من الدين بالضرورة، أو استهزأ بالله، أو ملائكته، أو كتبه أو أنبيائه"، إن لم يتب بعد استتابته بعد الحبس ثلاثة أيام85.

وعلى صعيد آخر، تكاد تجمع هذه القوانين الجنائية في توصيف حالات الإساءة للأخلاق والآداب، فالقانون الجنائي المغربي يتعامل مع الأخلاق العامة، بشكل واضح ويعاقب بسنتين و500 درهم كأقصى عقوبة "من ارتكب إخلالًا علنيًا بالحياء، وذلك بالعُري المتعمد أو بالبذاءة في الإشارات أو الأفعال" (م 483). كما يعاقب بحبس يصل إلى سنتين" عن "جريمة الخيانة الزوجية"، التي يمكن أنْ تتم المتابعة فيها بشكل تلقائي من النيابة العامة، في الحالات التي يتواجد فيها "أحد الزوجين خارج تراب المملكة" (ف 491). غير أنَّ المشرع المغربي يوقف المتابعة بتنازل أحد الزوجين (ف 492كما يعدّ قانون العقوبات المغربي البغاء أو التشجيع عليه من الجرائم المعاقب عليها (الفصول من 496 إلى 504).

أما من يجاهر بالإفطار عمدًا وعلنًا، وبدون سند شرعي في نهار رمضان، فإنَّ الفصل 222 من القانون الجنائي يتوعده بمدة حبسية تصل إلى 6 أشهر وغرامة تصل إلى 120 درهما" (ف 222). هذا ويتشدد المشرع المغربي في عقوبة الإجهاض التي قد تصل إلى 5 سنوات، سواء تم بالرضا أو بدونه (ف 449).

وفي الجزائر، فإن قانونُ العقوبات الجزائري "يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين، وبغرامة من 500 إلى 200 دج، كل من ارتكب فعلًا علانيًا مخلًا" (م 333كما يعاقب القانون على الترويج للأفعال المخلة بالحياء (م 333مكررةوالإجهاض (م 309).

أما القانون التونسي، فإنه يعاقب بالسجن، المجاهرَ "عمدًا بفحش" والمعتديَ على "الأخلاق الحميدة أو الآداب العامة"، "بوجه يخل بالحياء" (ف 226). غير أنه في جريمة التحرش، لا يجوز تدخل النيابة العامة إلا بناءً على شكاية المتضرر (ف 226).

وفي ليبيا، يُعاقِبُ القانون الجنائي بمدة حبسية "لا تزيد عن سنة، وبغرامة لا تتجاوز خمسين جنيهًا"، مرتكبي الأفعال الفاضحة والمخلين بالحياء، مع استثناء النتاج العلمي أو الفني الذي لا يدخل ضمن الأفعال الفاضحة (ف 421).

وقد حدد المشرع الليبي الأفعال الفاضحة والمخلة بالحياء في "السكر المدبر" (م 88و"السكر الاختياري" (م 90والبغاء (م 415والتحريض والإرغام عليه (م 416، 417وفتح المجال للفجور (409والتلقيح الصناعي (م 402، 403).

وبخصوص القانون الجنائي الموريتاني، فإنه يعاقب بحبس يصل إلى سنتين "كل من ارتكب إخلالا بالحياء أو انتهك حرمات الله والدين" (م 306). ناهيك عن عقوبة الجلد "أمام الملأ"، و"الحبس مع التغريب سنة" للبكر، و"الرجم أمام الملأ" للمحصن. فيما يرفع التغريب عن المرأة، ويؤخر الجلد عن الحامل والمريض (م 307).

من اللافت، أنه بالرغم من احتدام النقاشات بين القوى الفكرية والسياسية المغاربية، سواء كانت حداثية أو محافظة، حول مصير الحريات الفردية في القوانين الجنائية المغاربية، وبالرغم من تبدل السياقات الدولية والأحوال والظروف المحلية/المغاربية، إلا أنَّ القوانين الجنائية المغاربية ما تزال موسومةً بتوجهٍ عامٍ يحظر الحريات الفردية ويتعقب أصحابها. وذلك على اعتبارات متعددة، تجملها نصوص القوانين في تهديد بنيان وحرمات وأخلاق مجتمعاتها.

خاتمة

على صعيد أول، يتوقف الناظر في دلالات الحقوق والحريات المصرح بها داخل البنيان الدستوري المغاربي، على ترجيح الاعتقاد بتطابق معانيها مع المفاهيم المتعارف عليها "كونيًا"، وذلك وفق الاعتبار الذي يُمَكِّنُ الفرد من تَأَبُّطِ حيازته لبدنه وعقله وسائر مملوكاته؛ ليتصرف فيها تصرُفًا مُطلقًا، لا يُراعي ضوابط وحرمات جماعته ومجتمعه.

وعلى صعيد ثان مخالف، ينبهنا إمعان التأمل في الضامر من هذه الدلالات، إلى صعوبة نقلها من واقع له مجاله التداولي الخاص وسياقاته التاريخية والفلسفية، وأدبياته المفهومية والإجرائية، إلى واقع آخر، يتمايز بما تتمايز به المجتمعات بعضها عن بعض، ففي هذا أسفر البحث عن تأرجح موضوع الحريات والحقوق الفردية، بين نموذجين إدراكيين مختلفين، سُكَّت مفاهيمهما ومناهج نظرهما وأساليب اشتغالهما، من مجالين تَدَاوُلِيَيْن متناقضين ومتباعدين:

أولهما، نسقٌ فلسفي وتشريعي غربي يتميز بالوَضْعانية، وتَعْتَمِلُهُ رؤيةٌ تُجيز النسبيةَ في التعامل مع القوانين سواء كانت تأسيسية أم فرعية، بما يضمن تبوأ الفرد المكانة البارزة في التشريع لنفسه واحتمائِه بقوانين تتقاطع مع رغباته في الانعزال والتفرد.

وثانيهما، رؤية إسلامية متجاوزة "للوضعانية"، لا تقبل مزاحمة مرجعيات أُخرى في وجودها، أو المهاترةَ في أصول نظرها. فهي، وإن كانت تمنح إنسانها حرية مطلقة في تقبل، أو رفض هذه الأصول [فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ][الكهف: 29و[لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ] [البقرة: 256فإنها ترفض النبش فيما يهدد وحدة الجماعة وتراص بنيانها السياسي والاجتماعي والأخلاقي.

فعلى مداميك هذه الرؤية، انتهت الدراسة إلى أنَّ الدساتير المغاربية مازالت في مجملها، تَتَبَرَّمُ من التعبير الصريح عن مفهوم الحريات الفردية، ومن التّماهي البارز مع دلالاته الإدراكية ذات الخلفيات الليبرالية/الحُرّانية. وبالمثل خلصت الدراسة إلى أن القوانين الجنائية المغاربية لم تستطع التَّنَكُّبَ المطْلَقَ، عن "مظلة" المرجعية الهوياتية لدساتير بلدانها. وآية ذلك أن هذه القوانين الزجرية، لا تتوقف وحسب، عند عدم مجاراة الحركات الفردانية في دعاواها التي تنظر إلى الفرد بالمنظارٍ الذي يجعله يُفَعّلُ إرادته المطلقة في بدنه وعقله وسائر مملوكاته، بل إنها لا تتوانى كذلك، عن تعقب كل من يجاهر بهذه الدعوات، متوعدة إياه بعقوبات تتراوح بين الغرامات والسلب من الحريات.

وبعيدًا عن هذه الخلاصات، يرى البعض أننا أمام ارتباكٍ مفهومِيٍّ يَسْتَثير تناقضًا حاصلًا بين مفاهيم الحقوق والحريات وبين ثوابت البُلدان المغاربية؛ لأنها تمثل بحسبهم "عبارات بدون مضمون معياري"86.

لكن الراجح في اعتقادنا أنَّ النصوص الدستورية والجنائية المغاربية، تتجاوز التقييم الذي قد يَهُمُّ جودة، أو سوء الصياغة الدستورية والجنائية المتعلقة بالحريات الفردية87 إلى محاولة إقرار نوعٍ من التماهي والانسجام مع المرجعية السياسية والاجتماعية لمجتمعات هذه البلدان، وهو تماهٍ عبَّرت عنه الدساتير المغاربية بشكل صريح في بعض الفصول، كما هو شأن الدستور المغربي، الذي ينص على أنَّ حماية أمير المؤمنين لـ"حقوق وحريات المواطنين والمواطنات" (ف 42لا تمنعه من تقييد هذه الحريات من أجل "ضمان احترام الدين الإسلامي" (ف 41أو شأن الدستور الجزائري الذي يقرن حرية نشر المعلومات والأفكار والصور والآراء بــ"احترام ثوابت الأمة وقيمها الدينية والأخلاقية والثقافية" (م 50أو كحرص الدستور التونسي على اعتبار "الآداب العامة" من تقييدات وضوابط الحريات (ف 49 دستور 2014/ ف 55 من دستور 2022رغم تأكيد دستور 2022 "على التمسك بالأبعاد الإنسانية للدين الإسلامي" (توطئة 2022).

المراجع

أولًا: العربية

ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر. إعلام الموقعين. تحقيق: مشهور بن حسن آل سلمان، ط1، الرياض: دار ابن الجوزي، 1423ه.

ابن منظور. لسان العرب. تصحيح أمين عبد الوهاب، ومحمد العبيدي. ط1، لبنان: دار إحياء التراث العربي، 1995.

أسمن، يان. الذاكرة الحضارية الكتابة والذكرى والهوية السياسية في الحضارات الكبرى الأولى. ترجمة وتعليق عبد الحليم عبد الغني رجب. ط1، القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة، 2003.

بسيوني، محمد شريف وآخرون. حقوق الإنسان دراسات تطبيقية من العالم العربي. مج3، ط1، لبنان: بيروت دار العالم للملايين، 1989.

بن سيد أب، سيدي محمد. "التطور الدستوري والسياسي في موريتانيا". المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والسياسية، مج4، ع40، (2003).

البوبكري، عمر. "ظهور فكرة الدستور وتطورها في تونس". مجلة تبين للدراسات الفكرية والثقافية، المركز العربي للأبحاث وتحليل السياسات، مج1، ع3، (2013).

الحبابي، محمد عزيز. الشخصانية الإسلامية. ط2. القاهرة: دار المعارف، [د.ت].

الحسن، خالد "أبو السعيد". الأعمال الكاملة. مج1، الرباط: مؤسسة خالد الحسن للفكر والدراسات، 2022.

الحسن، خالد. إشكالية الديمقراطية والبديل الإسلامي في الوطن العربي. ط2، تونس: دار البراق، 1990.

الحسن، سعيد. مدخل نظرية القيم المدركات الجماعية. ط1، الرباط: دار الأمان، 2015.

دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية، 2017، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 25/3/2022، على الرابط:

https://alakhbar.info/?q=node/15680

دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، 2016، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 16/2/2022، على الرابط:

https://www.globalhealthrights.org/wp-content/uploads/2015/03/Algeria-Constitution-2008-Arabic.pdf

دستور المملكة المغربية لسنة 2011، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 12/2/2022، على الرابط:

https://www.constituteproject.org/constitution/Morocco_2011.pdf?lang=ar

دستور تونس 2022، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 12/8/2022، على الرابط:

https://legislation-securite.tn/ar/law/105310

دستور تونس، 2014، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 27/3/2022، على الرابط:

https://www.constituteproject.org/constitution/Tunisia_2014.pdf?lang=ar

دستور ليبيا سنة 2016، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 19/3/2022، على الرابط:

https://www.constituteproject.org/constitution/Libya_2016D.pdf?lang=ar

راسل، برتراند. حكمة الغرب عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي. سلسلة عالم المعرفة، ترجمة فؤاد زكريا، ج1، ط2. الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 2009.

رايلي، كاﭬين. الغرب والعالم تاريخ الحضارة من خلال موضوعات. القسم الأول. الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب،1985.

روشو، خالد."جودة القاعدة الدستورية ضمانة لحماية الدستور". مجلة القانون الدستوري والعلوم الإدارية، ع4، المركز الديمقراطي العربي، برلين (سبتمبر 2019).

ساندل، مايكل ج. العدالة ما الجدير أن يعمل به؟ ترجمة مروان الرشيد. ط1، بيروت: جداول للنشر والترجمة والتوزيع، 2015.

سايحي، محمد. "الحماية الجنائية للحرية الفردية في ظل الشريعة الإسلامية والقانون". مجلة الحقيقة للعلوم الإنسانية والاجتماعية، مج3، ع1، (2004).

سيف الدولة، عصمت. نظرية الثورة العربية، الأسس جدل الإنسان، الحرية أولا.. وأخيرًا. ط1، بيروت: دار المسيرة، 1979.

سينجر، بيتر. هيجل مقدمة قصيرة جدًا، ترجمة محمد إبراهيم السيد. ط1، القاهرة: مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، 2015.

الطويل، محمد. "جدل الحريات الفردية: من الاختراق المفاهيمي إلى التشويش القيمي". جريدة العمق الإلكترونية المغربية، ج3، 30 نوفمبر 2019، استرجع بتاريخ: 20/03/2022، على الرابط: https://al3omk.com/479240.html

عباس، عمار. "محطات بارزة في تطور الدساتير الجزائرية". مجلة المحكمة الدستورية، مج1، ع2 (2013).

عبد الرحمن، طه. روح الدين من ضيق العلمانية إلى سعة الائتمانية. ط1، بيروت: المركز الثقافي العربي، 2012.

العروي، عبد الله. مجمل تاريخ المغرب. ط3. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2012.

–––. مفهوم الحرية. ط5. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2012.

الفاسي، علال. مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها. ط5. الرباط: دار الغرب الإسلامي، مؤسسة علال الفاسي، 1993.

القانون الجنائي الموريتاني، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 7/4/2022، على الرابط:

https://www.justice.gov.mr/IMG/pdf/codepenalarabe.pdf

قانون العقوبات الجزائري لسنة 2015، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 17/4/2022 على الرابط:

https://www.joradp.dz/TRV/APenal.pdf

قانون العقوبات الليبي، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 7/4/2022، على الرابط:

https://ssf.gov.ly/wp-content/uploads/2012/09

الكوت، البشير علي. "الدستور والتعديلات الدستورية في ليبيا". مجلة العلوم القانونية والسياسية، جامعة الوادي، مج7، ع3 (2016).

كيوة، عبد المنعم. القيود الدستورية في تحديد القانون لضوابط الحقوق والحريات الأساسية في الدساتير الحديثة في البلدان العربية دراسة مقارنة. تونس: المنظمة العربية للقانون الدستوري، 2017.

اللالكائي، هبة الله بن الحسن. شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة. تحقيق: أحمد الغامدي، ج1، رقم 160، ط8. المملكة العربية السعودية: دار طيبة، 1423هـ/2003م.

ماكنتاير، ألسدير. بعد الفضيلة بحث في النظرية الأخلاقية. ترجمة حيدر حاج إسماعيل. ط1، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2013.

مجموعة القانون الجنائي المغربي، صيغة محينة بتاريخ 25 مارس 2019، وزارة العدل، مديرية التشريع، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 25/3/2022 على الرابط : https://wipolex-res.wipo.int/edocs/lexdocs/laws/ar/ma/ma089ar.pdf

مدني، محمد، المغروي، إدريس، الزرهوني، سلوى. دراسة نقدية للدستور المغربي للعام 2011. ستوكهولم: المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، 2012.

المسيري، عبد الوهاب."الإنسان والشيء". الجزيرة نت، 3/7/2008، استرجع بتاريخ: 15/03/2022، على الرابط:

https://www.aljazeera.net/opinions/2008/7/3

معجم المعاني الجامع الإلكتروني، على الرابط: https://www.almaany.com

ملين، نبيل. فكرة الدستور في المغرب وثائق ونصوص (1901- 2011). المغرب: تيل كيل ميديا، 2017.

ميل، جون ستيوارت. الحرية. تعريب طه السباعي. ط1، الإسكندرية: مكتبة ومطبعة الشعب، 1922.

النيسابوري، مسلم بن الحجاج. صحيح مسلم. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. بيروت: دار الكتب العلمية،2010.

وزارة العدل وحقوق الإنسان، المجلة الجزائية التونسية. نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 2/4/2022 على الرابط:

https://www.wipo.int/edocs/lexdocs/laws/ar/tn/tn030ar.pdf

ثانيًا: الأجنبية

References:

ʻAbbās, ʻAmmār. "Maaṭṭāt bārizah fī Taawwur al-dasātīr al-Jazāʼirīyah" (in Arabic), Majallat al-Makamah al-dustūrīyah, V1, N 2 (2013).

Abbé Baudouin Roger, "De l’individu à la personne, détours historiques," NRT 131 (2009), d’après https://www.cairn.info/revue-nouvelle -revue-theologique-2009-3-page-570.htm, Consulté le 23/03/2022

ʻAbd al-Ramān, āhā. al-Dīn min ayyiq al-ʻAlmānīyah ilá sʻh al-iʼtimānīyah, (in Aarabic) 1st ed. Beirut: al-Markaz al-Thaqāfī al-ʻArabī, 2012.

Al-ʻArawī, ʻAbd Allāh. Mafhūm al-urrīyah, (in Arabic), 5th ed., Casablanca: al-Markaz al-Thaqāfī al-ʻArabī, 2012.

____. Mujmal Tārīkh al-Maghrib, (in Arabic), 3rd ed., Casablanca: al-Markaz al-Thaqāfī al-ʻArabī, 2012.

Albwbkry, ʻUmar. "uhūr fikrat al-Dustūr wa-taawwuruhā fī Tūnis", (in Arabic), Majallat tubayyinu lil-Dirāsāt al-fikrīyah wa-al-thaqāfīyah, al-Markaz al-ʻArabī lil-Abāth wa-talīl al-Siyāsāt, V1, N3, (2013).

Al-Fāsī, ʻAllāl. Maqāid al-sharīʻah al-Islāmīyah wmkārmhā, (in Arabic), 5thed., Al-Rabā: Dār al-Gharb al-Islāmī, Muʼassasat ʻAllāl al-Fāsī, 1993.

Al-abbābī, Muammad ʻAzīz. Al-Shakhānīyah al-Islāmīyah, (inArabic) 2nd ed. Cairo: Dār al-Maʻārif, n. d.

Al-asan, Khālid "Abū al-Saʻīd". al-Aʻmāl al-kāmilah, (in Arabic), al-Rabā : Muʼassasat Khālid al-asan lil-Fikr wa-al-Dirāsāt, 2022.

____. Ishkālīyat al-Dīmuqrāīyah wa-al-badīl al-Islāmī fī al-waan al-ʻArabī, (in Arabic), 2nd ed., Tunisia: Dār al-Burāq, 1990.

Al-asan, Saʻīd. madkhal Naarīyat al-Qayyim al-Mudrakāt al-jamāʻīyah, (in Arabic), 1sted., al-Rabā : Dār al-Amān, 2015.

Al-Kūt, al-Bashīr ʻAlī. "al-Dustūr wa-al-taʻdīlāt al-dustūrīyah fī Lībiyā", (in Arabic), Majallat al-ʻUlūm al-qānūnīyah wa-al-siyāsīyah, Jāmiʻat al-Wādī, V7, N3 (2016).

Al-Lālakāʼī, Hibat Allāh ibn al-asan. shar uūl iʻtiqād ahl al-Sunnah wa-al-jamāʻah, (in Arabic), Ed: Amad al-Ghāmidī,Part1, No 160, 8thed., Sudia Arabia: Dār aybah, 1423AH/2003 AD.

Al-Misīrī, ʻAbd al-Wahhāb. "al-insān wālshyʼ", (in Arabic), al-Jazīrah Nit, 3/7/2008, accessed on15/03/2022, at: https://www.aljazeera.net/opinions/2008/7/3

Al-Nīsābūrī, Muslim ibn al-ajjāj. aī Muslim, (in Aarabic) ed Muammad Fuʼād ʻAbd al-Bāqī. Beirut: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 2010.

Al-Qānūn al-jināʼī al-Mūrītānī, nuskhah iliktrūnīyah, (in Arabic), accessed on 7/4/2022, at https://www.justice.gov.mr/IMG/pdf/codepenalarabe.pdf

Al-awīl, Muammad. "jadal al-urrīyāt al-fardīyah" min al-Ikhtirāq almfāhymy ilá altshwysh al-qiyamī ", (in Arabic), Jarīdat al-ʻumq al-iliktrūnīyah al-Maghribīyah, p 3, 30/11/2019, accessed on 20/03/2022, at: https://al3omk.com/479240.html

Asmn, Yān. Al-dhākirah al-aārīyah al-kitābah wa-al-dhikrá wa-al-huwīyah al-siyāsīyah fī al-aārāt al-Kubrá al-ūlá, (in Arabic), Trans & et ʻAbd al-alīm ʻAbd al-Ghanī Rajab, 1st ed. Cairo : al-Majlis al-Aʻlá lil-Thaqāfah, 2003.

Basyūnī, Muammad Sharīf & el. uqūq al-insān Dirāsāt tabīqīyah min al-ʻālam al-ʻArabī, (in Arabic), 1st ed., Beirut: Dār al-ʻālam lil-Malāyīn, 1989.

Bernard chantebout, DE L’ETAT une tentative de démystification de l’univers politique, L’État au service de tous. versiontous. version numérique,université, Paris descartes, 1975. Consulté le 14/02/2022

Dictionnaire Larousse électronique (mot individu), d’après le site. definition/liberté, Consulté le 14/03/2022 https://dictionnaire.lerobert.com

Dodier, Rodolphe. "Individus et groupes sociaux dans l’espace, apports à partir de l’exemple des espaces périurbains". Sciences de l’Homme et Société. Université du Maine, V3, (2009).

Dustūr al-Jumhūrīyah al-Islāmīyah al-Mūrītānīyah, 2017, (in Arabic), accessed 25/3/2022, at https://alakhbar.info/?q=node/15680

Dustūr al-Jumhūrīyah al-Jazāʼirīyah al-Dīmuqrāīyah al-shaʻbīyah, 2016, nuskhah iliktrūnīyah, (in Arabic), accessed on 16/2/2022, at https://www.globalhealthrights.org/wp-content/uploads/2015/03/Algeria-Constitution-2008-Arabic.pd

Dustūr al-Mamlakah al-Maghribīyah li-sanat 2011, nuskhah iliktrūnīyah, (in Arabic), accessed on 12/2/2022, at https://www.constituteproject.org/constitution/Morocco_2011.pdf?lang=ar

Dustūr Lībiyā sanat 2016, nuskhah iliktrūnīyah, (in Arabic), accessed on 19/3/2022, at

https://www.constituteproject.org/constitution/Libya_2016D.pdf?lang=ar

Dustūr Tūnis 2022, nuskhah iliktrūnīyah, (in Arabic), accessed on 12/8/2022, at

https://legislation-securite.tn/ar/law/105310

Dustūr Tūnis, 2014, nuskhah iliktrūnīyah, (in Arabic), accessed on 27/3/2022, at https://www.constituteproject.org/constitution/Tunisia_2014.pdf?lang=ar

https://www.larousse.fr/dictionnaires/francais/individu/42657 , Consulté le 14/03/2022.

Ibn manūr, Lisān al-ʻArab, (in Arabic), et Amīn ʻAbd al-Wahhāb, & Muammad al-ʻUbaydī, B 10. 1st ed Lubnān : Dār Iʼ al-Turāth al-ʻArabī, 1995.

Ibn Sayyid Ab, Sīdī Muammad. "al-taawwur al-dustūrī wa-al-siyāsī fī Mūrītāniyā", (in Arabic), al-Majallah al-Jazāʼirīyah lil-ʻUlūm al-qānūnīyah wa-al-siyāsīyah, V4, N 40, (2003).

Kaywah, ʻAbd al-Munʻim. Al-quyūd al-dustūrīyah fī tadīd al-qānūn lwāb al-uqūq wa-al-urrīyāt al-asāsīyah fī al-dasātīr al-adīthah fī al-buldān al-ʻArabīyah dirāsah muqāranah. (in Arabic), Tunisia: al-Munaẓẓamah al-ʻArabīyah lil-qānūn al-dustūrī, 2017.

Madanī, Muammad, almghrwy, Idrīs, al-Zarhūnī, Salwá. dirāsah naqdīyah lil-dustūr al-Maghribī lil-ʻām 2011.(in Arabic), stwkhwlm : al-Muʼassasah al-Dawlīyah lil-dīmuqrāīyah wa-al-intikhābāt, 2012.

Majmūʻah al-qānūn al-jināʼī al-Maghribī, īghah muayyanah. (in Arabic), on 25 March 2019, Wizārat al-ʻAdl, Mudīrīyat al-tashrīʻ, nuskhah iliktrūnīyah, accessed on 25/3/2022 , at : https://wipolex-res.wipo.int/edocs/lexdocs/laws/ar/ma/ma089ar.pdf

Mākntāyr, alsdyr. baʻda al-Faīlah bath fī al-naarīyah al-akhlāqīyah,(in Aarabic) Trans aydar ājj Ismāʻīl, 1st ed. Beirut: Markaz Dirāsāt al-Wadah al-ʻArabīyah, 2013.

MAX STIRNER, l’unique et sa proprieté, (1845 ouvrage électronique), télécharger d’après le site web, https://inventin.lautre.net/livres/Stirner-L-unique-et-sa-propriete.pdf, Consulté le 29/03/2022.

Mīl, Jūn Stuart. Al-urrīyah, (inArabic) Tran’s āhā al-Sibāʻī, 1sted. Al-Iskandarīyah: Maktabat wa-Mabaʻat al-Shaʻb, 1922.

Muʻjam al-maʻānī al-Jāmiʻ al-iliktrūnī, (in Arabic), at https://www.almaany.com

Mulīn, Nabīl. fikrat al-Dustūr fī al-Maghrib wathāʼiq wa-nuū (1901-2011). (in Arabic), Morocco: tyl kayl Mīdiyā, 2017.

Murray Rothbard, l’éthique de la liberté, ouvrage électronique, (télécharger d’après le site web, http://freetransradio.com/wp-content/uploads/2015/11/ethique-liberte.pdf, Consulté le 10/04/2022

Omar Bendourou, La nouvelle Constitution marocaine du 29 juillet 2011, Revue française de droit constitutionnel,V3 ,N° 91, (2012), d’après www.cairn.info/revue-francaise-de-droit-constitutionnel-2012-3-page-511.htm

Qānūn al-ʻuqūbāt al-Jazāʼirī li-sanat 2015, nuskhah iliktrūnīyah, (in Arabic), accessed on 17/4/2022, at https://www.joradp.dz/TRV/APenal.pdf

Qānūn al-ʻuqūbāt al-Lībī, nuskhah iliktrūnīyah, (in Aarabic) accessed on7/4/2022, at https://ssf.gov.ly/wp-content/uploads/2012/09

Rāsil, Bertrand. ikmat al-Gharb ʻar tārīkhī lil-falsafah al-Gharbīyah fī iārihā al-ijtimāʻī wa-al-siyāsī, Silsilat ʻĀlam al-Maʻrifah, (inArabic) Trans Fuʼād Zakarīyā, B1, 2ND ED. Kuwait: al-Majlis al-Waanī lil-Thaqāfah wa-al-Funūn wa-al-Ādāb, 2009.

Rāyly, kāvyn. Al-Gharb wa-al-ʻālam Tārīkh al-aārah min khilāl mawūʻāt. (in Arabic), Kuwait: al-Majlis al-Waanī lil-Thaqāfah wa-al-Funūn wa-al-Ādāb, 1985.

Rūshū, Khālid. "Jawdah al-Qāʻidah al-dustūrīyah amānah li-imāyat al-Dustūr", (in Arabic), Majallat al-qānūn al-dustūrī wa-al-ʻUlūm al-Idārīyah, N4, al-Markaz al-dīmuqrāī al-ʻArabī, Birlīn (Sibtambir 2019).

Sāndl, Māykil J. al-ʻadālah mā aljdyr an yaʻmalu bi-hi?, (in Arabic), tarns Marwān al-Rashīd, 1st ed, Beirut : Jadāwil lil-Nashr wa-al-Tarjamah wa-al-Tawzīʻ, 2015.

Sayf al-dawlah, ʻImat. Naarīyat al-thawrah al-ʻArabīyah, al-Usus jadal al-insān, al-urrīyah awwalan .. Wa-akhīrān, (inArabic) 1st ed. Beirut: Dār al-Masīrah, 1979.

Sāyy, Muammad. "al-imāyah al-jināʼīyah lil-urrīyah al-fardīyah fī ill al-sharīʻah al-Islāmīyah wa-al-qānūn", (inArabic) Majallat al-aqīqah lil-ʻUlūm al-Insānīyah wa-al-Ijtimāʻīyah, V3, N 1 (2004).

Synjr, Bītir. Hayjal muqaddimah qaīrah jiddan, (in Arabic), Trans Muammad Ibrāhīm al-Sayyid, 1st ed. Cairo: Muʼassasat Hindāwī lil-taʻlīm wa-al-Thaqāfah, 2015.

Wizārat al-ʻAdl wa-uqūq al-insān, al-Majallah al-jazāʼīyah al-Tūnisīyah, nuskhah iliktrūnīyah, (in Arabic), accessed on 2/4/2022, at https://www.wipo.int/edocs/lexdocs/laws/ar/tn/tn030ar.pdf


1 - خالد الحسن أبو السعيد، الأعمال الكاملة، مج1 (الرباط: مؤسسة خالد الحسن للفكر والدراسات، 2022)؛ محمد مدني، وإدريس المغروي، وسلوى الزرهوني، دراسة نقدية للدستور المغربي للعام 2011 (ستوكهولم: المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، 2012ص2.

2 - محمد شريف بسيوني وآخرون، حقوق الإنسان دراسات تطبيقية من العالم العربي ، ط1 (لبنان: بيروت دار العالم للملايين، 1989مج3، ص24، نقلًا عن محمد سايحي، "الحماية الجنائية للحرية الفردية في ظل الشريعة الإسلامية والقانون"، مجلة الحقيقة للعلوم الإنسانية والاجتماعية، مج3، ع1 (2004ص212.

3 - سايحي، ص212.

4 - المرجع السابق، ص213.

5 - عصمت سيف الدولة، نظرية الثورة العربية، الأسس جدل الإنسان، الحرية أولًا.. وأخيرًا، ط1 (بيروت: دار المسيرة، 1979ص175.

6 - Rodolphe Dodier. Individus et groupes sociaux dans l’espace, apports à partir de l’exemple des espaces périurbains. Sciences de l’Homme et Société. Université du Maine, V3, (2009), p. 19, Voir aussi Dictionnaire Larousse électronique (mot individu), d’après le site Consulté le 14/03/2022, https://www.larousse.fr/dictionnaires/francais/individu/42657

7 - طه عبد الرحمن، روح الدين من ضيق العلمانية إلى سعة الائتمانية، ط1 (بيروت: المركز الثقافي العربي، 2012ص244.

8 - Radolphe Dodier, (MR). Voir aussi Dictionnaire Larousse électronique (mot individu), MR.

9 - يان أسمن، الذاكرة الحضارية الكتابة والذكرى والهوية السياسية في الحضارات الكبرى الأولى، ترجمة وتعليق عبد الحليم عبد الغني رجب، ط1 (القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة، 2003ص63؛ محمد عزيز الحبابي، الشخصانية الإسلامية، ط2 (القاهرة: دار المعارف، [د.ت])، ص5.

10 - Dictionnaire le robert electronique , (mot liberté), https://dictionnaire.lerobert.com/definition/liberté. Consulté le 14/03/2022.

11 - نميل إلى مفهوم الحُرَّاني الذي نحته الدكتور طه عبد الرحمن، في مقابل مفهوم الليبرتاري lébertarien المشتق من المبدأ الليبرالي، وذلك تقديرًا لإمكاناته التوصيلية وقدرته التأصيلية للمعاني المرتبطة بالحرية المطلقة على مقتضيات المجال التداولي العربي. عبد الرحمن، ص245، 264.

12 - مايكل ج. ساندل، العدالة ما الجدير أن يعمل به؟ ترجمة مروان الرشيد، ط1 (بيروت: جداول للنشر والترجمة والتوزيع، 2015ص75.

13 - Abbé Baudouin Roger, De L’individu a La Personne, Détours Historiques (Nouvelle revue thélogique, 2009/3, Tome 131, p. 572, d’après https://www.cairn.info/revue-nouvelle-revue-theologique-2009-3-page-570.htm . Consulté le 23/03/2022.

14 - Max Stirner, l’unique et sa proprieté, (1845 ouvrage électronique) p. 284, télécharger d’après le site web, https ://inventin.lautre.net/livres/Stirner-L-unique-et-sa-propriete.pdf. Consulté le 29/03/2022.

15 - خالد الحسن، إشكالية الديمقراطية والبديل الإسلامي في الوطن العربي، ط2 (تونس: دار البراق، 1990ص13.

16 - جون ستيوارت ميل، الحرية، تعريب طه السباعي، ط1 (الإسكندرية: مكتبة ومطبعة الشعب، 1922ص193.

17 - عبد الرحمن، ص244.

18 - ميل، ص194، 198.

19 - بيتر سينجر، هيجل مقدمة قصيرة جدا، ترجمة محمد إبراهيم السيد، ط1(القاهرة: مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، 2015ص42.

20 - سعيد الحسن، مدخل نظرية القيم المدركات الجماعية، ط1 (الرباط: دار الأمان، 2015ص71، 73.

21 - برتراند راسل، حكمة الغرب عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي، سلسلة عالم المعرفة، ترجمة فؤاد زكريا، ج1، ط2 (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 2009ص184.

22 - عبد الرحمن، ص245، 246.

23 -Bernard chantebout, De L’etat une tentative de démystification de l’univers politique, L’État au service de tous (version numérique, université Paris Descartes, 1975), p. 42. Consulté le 14/02/2022

24 - عبد الرحمن، ص245، 246؛ محمد الطويل، "جدل الحريات الفردية" من الاختراق المفاهيمي إلى التشويش القيمي"، جريدة العمق الإلكترونية المغربية، ج3، 30 نوفمبر 2019، استرجع بتاريخ: 20/03/2022.

25 - لقد كانت نشأة "العقيدة" الحُرانية/الليبرالية في الستينيات من القرن الماضي، من خلال كتابَيْ "دستور الحرية" 1960، و"الرأسمالية والحرية" 1962. ففيهما بَدَتِ الأفكار الحُرانية متأرجحة في بداياتها بين محافظين يقصرونها على الجوانب الاقتصادية والتسويقية، وآخرين يَرْجُونَ شمولها للجوانب الثقافية "كالصلاة في المدارس والإجهاض والقيود على المواد الإباحية".. وهكذا أخذت هذه الأفكار تتطور محاولة كسر جميع القيود مادية كانت أم أخلاقية. ساندل، ص76.

26 - يطرح عبد الوهاب المسيري مثالًا صارخًا من عمق الوجبات السريعة التي تحول دون الفرد الغربي واستفادته من بعض القيم الجماعية الحميمية كالجلوس مع عائلته وأصدقائه في حلقات تمكنهم من تبادل أطراف الحديث والتناصح والتسامر. راجع في هذا الصدد: عبد الوهاب المسيري، "الإنسان والشيء"، الجزيرة نت، 3/7/2008، استرجع بتاريخ: 15/03/2022.

27 -Murray Rothbard, l’éthique de la liberté, ouvrage électronique, pp. 30-32 (télécharger d’après le site web, http://freetransradio.com/wp-content/uploads/2015/11/ethique-liberte.pdf) . Consulté le 10/04/2022

28 - كاﭬين رايلي، الغرب والعالم تاريخ الحضارة من خلال موضوعات. القسم الأول (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1985ص238؛ سعيد الحسن، ص71-73.

29 - ألسدير ماكنتاير، بعد الفضيلة بحث في النظرية الأخلاقية، ترجمة حيدر حاج إسماعيل، ط1 (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2013ص7، 8.

30 - ساندل، ص293، 294.

31 - كمحمد عبده والكواكبي وخير الدين التونسي ولطفي السيد وطه حسين. عبد الله العروي، مفهوم الحرية، ط5 (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2012ص63.

32 - العروي، مفهوم الحرية، ص63، 70.

33 - المرجع السابق، ص32.

34 - لا نقصد بالعربي المعنى العرقي، بل إنَّ المقصود هو المعنى الاجتماعي/السوسيولوجي، الذي تتمايز من خلاله المجتمعات بعضها عن بعض، تمايزًا بقيمها وتقاليدها الحياتية. فقد شاع أنَّ هذه المجتمعات عربية لتقبلها باللسان العربي الذي تفرضه عمليتي الاجتهاد والتشريع في ظل المرجعية الإسلامية لبلدانها.

35 - معجم المعاني الجامع الإلكتروني، مادة مَرجِع، على الرابط: https://www.almaany.com؛ وأيضا: سعيد الحسن، ص19.

36 - سعيد الحسن، ص19.

37 - سعيد الحسن، ص17 وما بعدها؛ أسمن، ص63 -68، ص241 فما بعدها.

38 - "المدركات الجماعية" مفهوم نحته الدكتور سعيد الحسن، ويحيل على منظومة معرفية تستكمل في ظلها جماعة ما، إدراكها الجماعي من خلال التفاعل المتشابك بين فكرتها المرجعية وقيمها التوجيهية وتقاليدها الحياتية.. ومعالم المدركات الجماعية لا تستتب ولا تكتمل، إلا باستقرار الناس على أرض مخصوصة بهم استقرارًا مديدًا يتحدد بآلاف السنين. فيكون هذا الاستقرار الطويل هو ضمان رسوخ الفكرة المرجعية وتأطيرها لقيم الناس وأنماطهم السلوكية. انظر في هذا الصدد: سعيد الحسن، ص17 فما بعدها.

39 - سعيد الحسن، ص17 فما بعدها.

40 - سعيد الحسن، ص17؛ أسمن، ص65.

41 - كان من الممكن أنْ تُسمى هذه المجتمعات بتسمية أخرى غير "العربية"، لكن الذي يهم في الموضوع ليس المسمى بقدر ما يهم التشكل المجتمعي الواحد لهذه المجتمعات. بما هو تشكل قد تم بفضل الاستقرار المديد على أرض واحدة، والنهل من هدي مرجعية واحدة أفضت بهم إلى إنشاء قيم وتقاليد مخصوصة ومتشابهة إلى حد ما.

42 - سعيد الحسن، ص42.

43 - سعيد الحسن، ص42.

44 - عبد الله العروي، مجمل تاريخ المغرب، ط3 (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2012ص118، 119.

45 - سعيد الحسن، ص60.

46 - لنتأمل في قوله تعالى:إِنَّ إِبْرَٰهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ [النحل: 120فالأمة هنا تأتي بعدة معانٍ منها: الجماعة، والدين والملة، والخيرية، والانفراد بالإيمان. فإبراهيم في اتباعه للحق يصير أمة على الدين، أي جماعة على الحق. وهو نفس المعنى المستوحى من قول ابن مسعود: "الجماعة ما وافق الحق؛ ولو كنت وحدك". انظر في هذا الصدد، هبة الله بن الحسن اللالكائي، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، تحقيق: أحمد الغامدي، ج1، رقم 160، ط8 (المملكة العربية السعودية: دار طيبة، 1423هـ /2003مص122.

47 - قال ابن القيم: "اعلم أن الإجماع والحجة والسواد الأعظم هو العالم صاحب الحق وإن كان وحده، وإن خالفه أهل الأرض، فإذا ظفرت برجل واحد من أولي العلم طالب للدليل محكم له، متبع للحق حيث كان وأين كان، ومع من كان زالت الوحشة وحصلت الألفة". محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية، إعلام الموقعين، تحقيق: مشهور بن حسن آل سلمان، ج3، ط1 (المملكة العربية السعودية: دار ابن الجوزي، 1423هص39.

48 - خالد الحسن، ص238.

49 - معجم المعاني الجامع، مادة فرد.

50 - هذه المعاني منسجمة مع حديث أبي هريرة ،عن رسول الله قال: "سَبَقَ المُفَرِّدُونَ"؛ أي "الذاكرون الله كثيرًا، والذاكرات"، مسلم بن الحجاج النيسابوري، صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي (بيروت: دار الكتب العلمية، 2010مادة 2676.

51 - ابن منظور، لسان العرب، تصحيح أمين عبد الوهاب، ومحمد العبيدي، ج10. ط1. لبنان: دار إحياء التراث العربي، 1995. (مادة فردص216.

52 - معجم المعاني الجامع، مادة فرد.

53 -معجم المعاني الجامع، مادة فرد؛ علال الفاسي، مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها، ط5 (الرباط: دار الغرب الإسلامي، مؤسسة علال الفاسي، 1993ص251.

54 - الحبابي، ص15، 23.

55 - العروي، مفهوم الحرية، ص18.

56 - عمر البوبكري، "ظهور فكرة الدستور وتطورها في تونس"، مجلة تبين للدراسات الفكرية والثقافية، المركز العربي للأبحاث وتحليل السياسات، مج1، ع3، (2013ص75 و81.

57 - نبيل ملين، فكرة الدستور في المغرب وثائق ونصوص (1901-2011) (المغرب: تيل كيل ميديا، 2017ص122.

58 - عمار عباس، "محطات بارزة في تطور الدساتير الجزائرية"، مجلة المحكمة الدستورية، مج1، ع2 (2013انظر المقدمة.

59 - سيدي محمد بن سيد أب، "التطور الدستوري والسياسي في موريتانيا"، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والسياسية، مج4، ع40 (2003ص23.

60 - البشير علي الكوت، "الدستور والتعديلات الدستورية في ليبيا"، مجلة العلوم القانونية والسياسية، جامعة الوادي، مج7، ع3 (2016ص28.

61 - البوبكري، ص79، 80.

62 - ملين، ص128.

63 - البوبكري، ص81.

64 - عباس، ص4.

65 - بن سيد أب، ص25، 26.

66 - الكوت، ص30، 31.

67 - لقد أفضى الدستور الجزائري لسنة 2016 إلى دعوة أكثر من 250 شخصية سياسية وحزبية وطنية، عباس، ص13، 14.

68 - كما حدث مع حركة عشرين فبراير في المغرب التي كان لها الدور البارز في تعيين لجنة ملكية متعددة المشارب الفكرية والسياسية والنقابية والجمعوية، في هذا الصدد: ملين، ص202.

69 - البوبكري، ص85.

70 - اختصارًا سيشار لمواد الدساتير داخل المتن، وسوف تذكر مرة واحدة في الهامش مع أول استشهاد بها.

71 - دستور المملكة المغربية لسنة 2011، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 12/2/2022، على الرابط:

https://www.constituteproject.org/constitution/Morocco_2011.pdf?lang=ar

72 - دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، 2016، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 16/2/2022، على الرابط:

https://www.globalhealthrights.org/wp-content/uploads/2015/03/Algeria-Constitution-2008-Arabic.pdf

73 - إبان كتابة هذه المقالة بدأت تلوح في تونس بوادر مشروع لتعديل الدستور، وقد كانت المصادقة عليه مؤخرًا. فرصة لتعديل بعض البنود التي تهم المرجعية، وهي بنود لا تغير من واقع الأمر شيئًا؛ حيث تم استبدال "تونس دولة إسلامية" بـ"تونس جزء من الأمة الإسلامية، وعلى الدولة وحدها أن تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف على النفس والعرض والمال والدين والحرية" (دستور 2022، الفصل 5). دستور 2022، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 12 /8/2022، على الرابط: https://legislation-securite.tn/ar/law/105310

74 - دستور تونس، 2014، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 27/3/2022، على الرابط:

https://www.constituteproject.org/constitution/Tunisia_2014.pdf?lang=ar

75 - دستور ليبيا سنة 2016، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 19/3/2022، على الرابط:

https://www.constituteproject.org/constitution/Libya_2016D.pdf?lang=ar

76 - لقد شكل دستور 1991 الحجر الأساس لموريتانيا الحديثة، وقد تلته بعض تعديلات 2006 و2012 و2017 التي لم تهم جوهر المرجعية والهوية والحريات، بل لقد ركزت في الغالب على نظام الحكم وشكل مؤسساته ومبدأ فصل السلط.. لهذا ستعتمد المقالة على دستور موريتانيا وفق آخر تعديلات 2017.

77 - دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية، 2017، استرجع بتاريخ: 25/3/2022، على الرابط: https://alakhbar.info/?q=node/15680

78 - عبد المنعم كيوة، القيود الدستورية في تحديد القانون لضوابط الحقوق والحريات الأساسية في الدساتير الحديثة في البلدان العربية دراسة مقارنة (تونس: المنظمة العربية للقانون الدستوري، 2017ص123.

79 -Omar Bendourou, La nouvelle Constitution marocaine du 29 juillet 2011, Revue française de droit constitutionnel, V3, N° 91,) 2012 (,pp. 514-515, d’après www.cairn.info/revue-francaise-de-droit-constitutionnel-2012-3-page-511.htm.

80 - اختصارًا سيشار لمواد الفصول ومواد القوانين الجنائية المغاربية داخل المتن، وسوف تذكر مرة واحدة في الهامش مع أول استشهاد بها.

81 - مجموعة القانون الجنائي المغربي، صيغة محينة بتاريخ: 25 مارس 2019، وزارة العدل، مديرية التشريع، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 25/3/2022، على الرابط: https://wipolex-res.wipo.int/edocs/lexdocs/laws/ar/ma/ma089ar.pdf

82 - قانون العقوبات الجزائري لسنة 2015، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 17/4/2022، على الرابط: https://www.joradp.dz/TRV/APenal.pdf

83 - المجلة الجزائية التونسية، وزارة العدل وحقوق الإنسان، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 2/4/2022، على الرابط:

https://www.wipo.int/edocs/lexdocs/laws/ar/tn/tn030ar.pdf

84 - قانون العقوبات الليبي، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 7/4/2022، على الرابط: https://ssf.gov.ly/wp-content/uploads/2012/09

85 - القانون الجنائي الموريتاني، نسخة إلكترونية، استرجع بتاريخ: 7/4/2022، على الرابط: https://www.justice.gov.mr/IMG/pdf/codepenalarabe

86 - كما جاء في دراسة للمؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات عن دستور المغرب لسنة 2011، مدني والمغروي والزرهوني، ص20.

87 - خالد روشو، "جودة القاعدة الدستورية ضمانة لحماية الدستور"، مجلة القانون الدستوري والعلوم الإدارية، ع4، المركز الديمقراطي العربي، برلين (سبتمبر 2019ص59.