المداخل الاستراتيجية لإعادة بناء وحدة الأمة في سياق طوفان الأقصى
محماد رفيع
أستاذ أصول الفقه ومقاصد الشريعة، جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس–المغرب
تاريخ الاستلام: 16/01/2025 تاريخ التحكيم: 20/01/2025 تاريخ القبول: 13/04/2025
أهداف البحث: يهدف البحث تجليةَ إشكال إعادة بناء وحدة الأمة الإسلامية في هذا السياق الجديد الاستثنائي من طوفان الأقصى، الذي تجاوز أثره وتأثيره دوائر الأمة الإسلامية إلى مختلف المجتمعات الإنسانية، فأعاد القضية الفلسطينية إلى مركز الإمامة لكل القضايا، فاشتدت الحاجة أمام التآمر الدولي على الشعب الفلسطيني إلى البحث عن مداخل توحيد الأمة الإسلامية؛ لتستعيد قوتها.
منهج البحث: تبنّى البحث المنهج الاستقرائي؛ وذلك باستقراء المادة العلمية من مظانها المتعددة، ثم تأصيل المفاهيم وتحليل القضايا، وتعليل الآراء والمواقف المختلفة، ومقارنتها بغيرها، ونقدها عند الموجب، وفق النظر المقاصدي والرؤية السننية، وتوثيق النقول من مختلف المصادر والمراجع.
النتائج: خلص البحث إلى نتائج منها؛ أن البناء الاستراتيجي لوحدة الأمة في سياقنا المعاصر يقوم على البناء العلمي التأصيلي السنني والبناء العملي الإجرائي.
أصالة البحث: تتمثل في استثمار المتغيرات الجيوسياسية الجارية في سياق معركة طوفان الأقصى، من أجل رسم استراتيجية متكاملة لتوحيد الأمة الإسلامية.
الكلمات المفتاحية: المداخل الاستراتيجية، وحدة الأمة الإسلامية، طوفان الأقصى، فلسطين
للاقتباس: رفيع، محماد. «المداخل الاستراتيجية لإعادة بناء وحدة الأمة في سياق طوفان الأقصى»، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر، المجلد 43، العدد 2 (2025).
https://doi.org/10.29117/jcsis.2025.0423
©2025، رفيع. مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، دار نشر جامعة قطر. نّشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0
Rebuilding the Unity of the Muslim Umma: Strategic Pathways in the Wake of the Al-Aqsa Storm Operation (Ṭūfān al-Aqṣā)
Mohamad Rafia
Professor of Usul fikh and Maqasid of shareia, University Sidi Mohamed ben Abdallah, Fes, Morocco
Received: 16//01/2025 Peer-reviewed: 20/01/2025 Accepted: 13/04/2025
Abstract
Objectives: This article explores the question of rebuilding the unity of the Muslim umma within the recent context of the Al-Aqsa Storm operation or Ṭūfān al-Aqṣā, whose impact has transcended the Islamic world to affect various other communities. This event has placed the Palestinians’ struggle at the center of all struggles, which, in the face of the international community’s complacency against the Palestinian people, revived the calls and increased the need for ways to unite Muslims.
Methodology: The scholarly approach pursued in this study includes reviewing material from its diverse sources, establishing concepts, analyzing questions, justifying different opinions and stances, comparing them with others, and critiquing them as needed. It adheres to both a maqāṣid-based approach (related to the higher objectives of the Sharia) and a sunan-based approach (grounded in the Quran’s reading of the divine patterns in the history of societies, i.e., sunan). It also documents references from various sources and presents the research in its final form.
Findings: This research concludes that the strategic restoration of the Muslim ummah must be founded on two methodological grounds: the foundational principles and divine patterns of God (sunan), and a practical implementation process.
Originality: The originality of this work lies in harnessing the current geopolitical changes in the context of Al-Aqsa Storm operation to design a comprehensive strategy to uniting the Muslim Ummah.
Keywords: Strategic approaches; Ummah; Unity; Ṭūfān al-Aqṣā; Palestine
Cite this article as: Rafia, Mohamad. "Rebuilding the Unity of the Muslim Umma: Strategic Pathways in the Wake of the Al-Aqsa Storm Operation (Ṭūfān al-Aqṣā)." Journal of College of Sharia and Islamic Studies, Qatar University, Vol. 43, Issue 2 (2025).
https://doi.org/10.29117/jcsis.2025.0423
© 2025, Rafia, M., Mohamad. Published in Journal of College of Sharia and Islamic Studies. Published by QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, trans.form, and build upon the material, provided the original work is properly cited. The full terms of this licence may be seen at: https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0
ظل القول بإعادة بناء وحدة الأمة الإسلامية في ظل ما تعيشه منذ عشرات السنين، من حالة التمزق السياسي والتقطيع الجغرافي والضعف الحضاري؛ حُلما يراود كل المصلحين في مشاريعهم الإصلاحية المتوالية على الأمة في العصر الحديث، غير أن التغني بالوحدة والسعي إليها من غير مداخلها، ومن دون مراعاة شروطها، يحيل ذلك إلى ضرب من الهدر لزمن التغيير والنهوض الحضاريين، فما ضاع منذ قرون، لا يمكن استرجاعه في سنوات، ولا يتم إلا وفق النظر الاستراتيجي الحضاري المؤسس على خطوات علمية وعملية متواصلة ومتكاملة في زمن سنني حضاري غير قصير.
وتسعى هذه المقالة العلمية إلى ابتحاث إمكان تجاوز تحديات إعادة بناء وحدة الأمة في هذا السياق الجديد الاستثنائي الذي تعيشه الأمة والإنسانية جمعاء، وهو طوفان الأقصى المبارك، الذي تجاوز أثره وتأثيره دوائر الأمة الإسلامية إلى مختلف المجتمعات الإنسانية، فأعاد القضية الفلسطينية إلى مركز الإمامة لكل القضايا، فتأكد لمن يحتاج إلى تأكيد أمام ما يجري في فلسطين من مشاهد الأهوال ومراقي الأعمال البطولية أن تحرير فلسطين إنما يتم عبر توحيد الأمة من مداخله الاستراتيجية.
أما المنجز من الدراسات في موضوع وحدة الأمة، قديما وحديثا، فيكاد يفوق الحصر، فقد توالت على الأمة مشاريع متعددة في الإصلاح السياسي، من أهمها جملة مشاريع معاصرة، رامت النهوض السياسي الحضاري في الأمة، تعددت وتنوعت، حتى أوصلها الكبيسي([1]) إلى أكثر من خمسين اتجاها، تؤول إلى خمسة اتجاهات كبرى، غير أن التي أفادت منها هذه الدراسة، ما يتعلق منها بموضوع الخلافة الإسلامية في صورتها المعاصرة، وما كتب حول شروط النهوض الحضاري للأمة في السياق المعاصر، وما ألف في الرؤية الكلية القرآنية التوحيدية، وما ارتبط بها من مراجعات نقدية فاحصة لمشاريع الإصلاح المتوالية على الأمة، فضلا عن الكتابات المتخصصة في موضوع الوحدة والتنوع والأمة القطب، وغيرها كثير؛ فهذه المشاريع في مجموعها تشكل مرجعية أفادت منها هذه المقالة في استئناف القول في إعادة بناء وحدة الأمة في سياقها الاستراتيجي الجديد، على نحو يتجاوز المقترب التقليدي الذي يركز على التأسيس النظري دون التنزيل العملي الإجرائي الزمني لمفهوم الوحدة.
ولعل تفصيل القول في مقاربة هذا الإشكال، يتم من خلال ثلاثة مباحث بعد المقدمة وقبل الخاتمة: أولاها في موجب القول بإعادة بناء وحدة الأمة في سياقنا الحالي، وثانيها في مدخل التأسيس العلمي لإعادة بناء وحدة الأمة، وثالثها في مدخل التأسيس العملي لإعادة بناء وحدة الأمة.
أما المنهج المعتمد في مقاربة هذا الموضوع، فيقوم ابتداء على: استقراء المادة العلمية من مظانها المتعددة، التي اقتضتها طبيعة الموضوع، ثم تأصيل المفاهيم وتحليل القضايا، وتعليل الآراء والمواقف المختلفة، ومقارنتها بغيرها، ونقدها عند الموجب، وفق النظر المقاصدي والرؤية السننية، وتركيب ذلك كله في سياق تصور عام ناظم للموضوع، في صورة بيان علمي وعملي موثق كاشف للتأسيس الاستراتيجي لوحدة الأمة الإسلامية في هذا السياق المعاصر.
ولعل من مقتضيات المنهج بيان المفاهيم المركزية التي انبنى عليها هذا العمل، من أجل ضمان حسن التواصل مع القارئ، وهي مفاهيم ثلاثة: أولاها مفهوم وحدة الأمة: ونقصد به في سياق هذا البحث إعادة جمع ما تفرق من اجتماع كلمة المسلمين في العالم المعاصر، امتثالا للتكليف الشرعي، كما في قوله تعالى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْ﴾ [آل عمران: 103]، وتحقيقا لمصلحة التمكين للأمة، وذلك وفق صيغة سياسية اجتهادية مناسبة، يتحقق بها مقصود الوحدة، وتراعي خصوصيات الدول القطرية الحالية، وتحديات السياق الدولي، ويعد مفهوم الأمة من المفاهيم التي تعرضت لهزات فكرية حتى كاد يشك في حقيقة وجودها([2]).
وثاني المفاهيم: مفهوم المداخل الاستراتيجية: ونقصد بها جملة أصول معرفية، وخطوات عملية وئيدة على نحو متكامل، تتأسس عليها وحدة الأمة، أما ثالث ثلاثة فهو مفهوم طوفان الأقصى، ونقصد به الحدث العسكري الاستراتيجي النوعي الذي ابتدأ في غلاف غزة يوم سابع أكتوبر من سنة 2023، في سياق كونه جولة من جولات مقاومة المحتل لأرض فلسطين، منذ سنين عددا([3])، وامتدت أحداثه العسكرية، وتفاعلاته السياسية والقانونية والاجتماعية والخلقية والإنسانية إلى العالم، وما زالت الأحداث ونتائجها تتفاعل على نحو مطرد ومتزايد إلى حد كتابة هذه السطور؛ مما شكل منه سياقاً جديداً[4] يفرض إعادة القول في إمكان توحيد الأمة، أمام حالة عجز العالم الإسلامي عن وقف حالة الإبادة الجماعية لأهل غزة.
يرجع القول بإعادة بناء وحدة الأمة في سياق طوفان الأقصى إلى موجبات ثلاثة: أحدها شرعي والثاني حضاري، والثالث مصلحي زمني، نوجز القول فيها على النحو الآتي:
فالسعي لتحقيق وحدة الأمة سعي لتحقيق مقصد من المقاصد الشرعية العظمى التي بادر الرسول ﷺ منذ اللحظة الأولى من بعثته، بتوحيد المؤمنين المخاطبين بالقرآن؛ ذلك أن الأمة المخاطبة بالاستخلاف في الأرض أمة متماسكة بناء على قوله تعالى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْ﴾ [آل عمران: 103]، وقوله سبحانه: ﴿إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 92]، وأنها أمة متلاحمة، كما وصفها الرسول ﷺ في قوله: «مَثَل الْمُؤْمِنِين في تَوَادِّهِم ْوَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَل الْجَسَد إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْو ٌتَدَاعَى لَه ُسَائِر ُالْجَسَد ِبِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»([5])، حتى إن معظم التكاليف الشرعية، جاءت في القرآن مسبوقة بنداء جميع للمؤمنين ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾، مما يدلل على وحدة المخاطبين.
وإنما يتمكن خلق الله من معرفة الله وعبادته بالتمكين للدين في الأرض، وذلك لا يتم إلا بأمة «واحدة تحمل رسالة للعالمين تبلغها وتجاهد عليها وتتوحد عليها وتحكم بمقتضاها»([6])؛ لأن رسالة التوحيد تبلغها أمة موحدة، على صيغة من صيغ الوحدة([7]) المناسبة للزمان والحال، إذ ليست هناك صيغة واحدة ملزمة، وإنما الملزم أن ترتقي الأمة من حالة التفكك والضعف والتبعية، إلى حالة القوة الحضارية الاستراتيجية العالمية؛ انسجاما مع عالمية رسالة الإسلام وحضارته.
إن ضياع مقصد وحدة الأمة، بعد تعرضها لهزات ورجّات عبر التاريخ، حتى آلت إلى تفككها إلى دويلات، يجعل المسلمين أمام مسؤولية تاريخية حضارية، في استعادة هذه الوحدة الجماعية، رغم ما يحفها من صعوبات وتحديات، فالأفق الحضاري المطلوب للأمة هو السعي اللطيف الحكيم لتبليغ الرسالة الحضارية للإنسانية، متمثلة في تذكير الإنسان وتبصيره بالغاية التي من أجلها خلق، وهي العبودية لله تعالى، فمهمتنا إسماع البلاغ الإلهي ورسالة القرآن لإعلام الإنسان، «بأن من وراء الموت حياة، وبأن الإنسان ليس دابة أرضية»([8]).
فهذه الرسالة الحضارية التي اؤتمنت عليها الأمة تجاه الإنسانية، تقتضي منها أداء مسؤولية عمارة الأرض رخاء وأمانا واستقرارا، حتى يستطيع الإنسان أن يسمع كلام الله مطمئنا؛ لأن «الأصل في تعايش أهل الأرض الأمان والاستقرار العالمي»([9])، وشرط هذا الأداء أن تنتهض الأمة من حالة التمزق إلى حالة التوحد جسما معافى متماسكا قويا، وذلك وسط تحديات جسام ذاتية وخارجية.
يتعزز المقتضى الشرعي والحضاري لمطلب وحدة الأمة بالمقتضى المصلحي الزمني الذي يعتذر نفيه أو استبعاده، ذلك أن ما تحققه وحدة الأمة من تكامل اقتصادي فلاحيًا وصناعيًا وتجاريًا وسياحيًا، وتبادل ثقافي وتواصل اجتماعي، وتنسيق أمني، وانتظام سياسي، ينقل الأمة بمختلف مجتمعاتها من حالة الضعف والعجز الحاصل الآن إلى حال القوة والتمكين، خصوصًا وأننا في سياق زمني عالمي لا مكان فيه للكيانات السياسية الهزيلة.
ولعل القضية الفلسطينية الآن، في سياق معركة طوفان الأقصى، كشفت على نحو غير مسبوق عن حالة الاضطرار العاجل لتحرير الأمة ودفعها نحو الوحدة؛ من خلال ما انكشف من حقائق متناقضة؛ أولاها: حجم تآمر وتخاذل بعض الأنظمة السياسية الرسمية في العالم الإسلامي للشعب الفلسطيني فيما يتعرض له من إبادة جماعية من الكيان المحتل، وثانيها: حالة الهبوب الجماعي والفردي والفئوي لشعوب الأمة في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني بكل الوسائل رغم التضييق والحصار، وثالثها: حجم التآمر الغربي الشامل على الشعب الفلسطيني بدعم الكيان المحتل.
فتأكد يقيناً أن بقاء الكيان المحتل جاثماً على فلسطين، هو ضمان لتأبيد حالة الضعف والتمزق والتخاذل لدول الأمة الإسلامية، وأن التحرير الكلي لفلسطين يتم عبر مسارين: أحدهما عاجل وهو دعم المقاومة الفلسطينية، وصمود الشعب الفلسطيني بكل الوسائل الممكنة على سبيل الوجوب الشرعي العيني الزمني، وثانيهما العمل على تحرير أقطار الأمة من حالة الاستبداد والفساد التي تحول دون تنمية أو وحدة، ولعل تحقيق مقصد الوحدة الاستراتيجي زماناً ومكاناً، في سياقنا المعاصر، يتوقف على جملة شروط علمية وعملية.
لا شك أن إعادة بناء وحدة الأمة على أسس متينة، بعد عهود من التفكك والتمزق، وفي سياق ما يجري من تحديات عظام ([10])، ينطلق من مدخل التأسيس المعرفي القائم على نوعين من المعرفة التأسيسية، أحدهما تأصيلي يشد البناء إلى أصل الوحي حتى يكون على أساس متين، وثانيهما إنساني سنني يمكن من الوعي بمقتضيات الزمان والمكان والحال في البناء، وتفصيل ذلك في مطلبين اثنين:
إن استنهاض الأمة إلى أفق الوحدة والقوة والتمكين الاستراتيجي، لا يتم إلا على أساس مرجعية الأمة الدينية وشريعتها الإسلامية، وهي المرجعية التي نشأت عنها حضارة عملاقة ممتدة عبر زمن طويل، غير أنها تهاوت، بسبب الإخلال بمقتضيات تلك المرجعية الدينية نفسها، وعليه فإن الحاجة الزمنية إلى المعرفة الشرعية المرجعية قائمة، حتى تتمكن الأمة من حماية وتمتين هويتها الأصيلة من جهة، ومن التواصل الإيجابي مع الحضارة المعاصرة، أخذاً ونقداً من جهة أخرى.
غير أنه لابد من التمييز بين معارف الوحي الأصلية وبين المعارف الاجتهادية الزمنية؛ فالأولى هي المرجعية العليا الشاملة للزمان والمكان والحال، وإليها الاحتكام والامتثال، بينما الثانية موضوع مراجعة وإفادة، في سياقها الزمني والمكاني والحالي الذي يحكمها.
فالاستنجاد بالتراث المعرفي في إدارة قضايا وإشكالات العصر، يتأسس على لزوم التمييز، في هذا التراث، بين ثوابته ومتحولاته، بين معارفه ومناهجه التي أنتجت مضامينه، وهي التي سماها طه عبد الرحمن «الآليات الإنتاجية» في التراث التي تقوم بوظيفة التوسل([11])، فالحاجة إلى اكتشاف المناهج تفوق الحاجة إلى المعارف نفسها، ذلك أن البحث في المناهج بحث في الوسيلة المنتجة لتلك المعارف، لاختبار مدى ملاءمتها للمقصود، وبحث وجه تجديدها.
فتحقيق المطلوب مرتبط بوضوح المنهج، و«إذا غاب المنهج حوصرت الأهداف وتعطل عطاؤها، وأسيء إليها، وأجهضت قيمتها، وتحول الناس إلى غيرها بوهم أن الإصابة فيها»([12])؛ لذا بات لزاماً، أن نستنهض الأمة نحو أفق الوحدة، بمعارف شرعية تجديدية، تتأصل بنصوص الوحي المرجعية، وتفيد من التراث المعرفي الإسلامي والإنساني، بعيون فاحصة وناقدة؛ بحثاً عن الأجوبة الزمنية المؤصلة للأسئلة الحضارية المعاصرة.
إن القول بشرطية المعرفة الإنسانية السننية في استنهاض الأمة من أجل استعادة وحدتها، مقتضى المعرفة التأصيلية نفسها، وذلك من وجهين اثنين:
الوجه الأول، هو أن تنزيل مطلوب المعرفة الشرعية في الواقع الزمني للأمة، مبني على جملة معارف ومناهج، وحزمة خبرات إنسانية، يتوسل بها إلى تصوير أحوال الأمة، كما هي في الواقع، وحسب ما آلت إليه بعد مقدمات تاريخية سننية تراعى، قبل التكييف والحكم عليها؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره([13])، ولأن التصور متقدم عن التصديق، كما تقرر عند أهل الأصول والمنطق([14])، وهذا الذي يطلق عليه الآن فقه الواقع والاجتهاد التنزيلي، فأي قصور في الإحاطة بخصوصيات المناطات المعاصرة الزمانية والمكانية والحالية، قد تترتب عليها أخطاء استراتيجية، في تنزيل المشاريع والخطط المناسبة، فيتحول هذا النوع من التقدير القاصر منهجيًا ومعرفيًا، إلى عائق، يفوّت إمكانية رسم الأفق السياسي الحضاري المطلوب لوحدة الأمة، ويهدر زمن النهوض.
فدراسة مناطات الاجتهادات الماضية، إذا كانت تتم بخبرات فردية لوقائع جزئية، فإن دراستها وتصويرها الآن، يتطلب معارف مختلفة، نظرًا لتعقد المناطات المعاصرة، وهو ما يستدعي لزوم اعتماد الخبرة العلمية في مختلف التخصصات من علم اجتماع وتاريخ ونفس وطب وإحصاء وقانون وسياسة وغيرها، مما يمكن من استيعاب المناط المعاصر بشقيه الكلي والتفصيلي.
وقد قرر ابن نبي أولوية العلوم الأخلاقية والاجتماعية والنفسية والإنسانية المعاصرة، على العلوم المادية ([15])، في البناء الحضاري، بحيث تستثمر مناهجها في التشييد الحضاري، ولعل هذا متوقف على قضية مركزية، فشلت فيها الأمة لحد الآن، وهي منهج الإفادة من الحضارة الغربية، التي يتعين على نخب الأمة العالمة اكتشاف سر فعاليتها في تطوير تلك العلوم، من خلال تحققها بسنن الله في الأنفس والمجتمعات والتاريخ، في سياق دورة الحضارة السننية.
فبتوظيف هذه المعارف الإنسانية السننية، نتمكن من تجاوز حالة الفجوة الحاصلة في تاريخ الأمة الإصلاحي، بين فقه النص وفقه محله المتحرك، فمعارف الوحي خاطبت زمانًا ومكانًا وأحوالًا ثقافية واجتماعية ونفسية، بما يحقق المصلحة ويدرأ المفسدة، فمن أجل إدراك مفاهيم ومقاصد تلك المعارف ونصوصها، يتعين استيعاب سياق تنزلها، وهو البعد الزماني والمكاني للنص، حسب عبارة عبد الحميد أبو سليمان([16])، وهو تحقيق مناط النص والحكم بالتعبير الأصولي، وهذا هو مدخل معارف السنن والطبائع في فهم مقتضى النصوص ومقاصدها، فعدم «القدرة على إدراك طبيعة المجالات والوقائع والأحداث التي تعاملت معها النصوص، وقصدت إلى إدارتها وتوجيهها وترشيدها؛ إنما يقود الناس، والباحث إلى أخطاء لا يدركون أسبابها، ونتائج لا يعون آثارها»([17]).
فمعظم الأحاديث النبوية في نظر (أبو سليمان) مرتبطة بخصوصيات الزمان والمكان، يتعين دراستها واستيعابها، «فبدائية العرب ونزعتهم الفردية، هي العوامل التي وقفت خلف خصوصية معالجات كثير من السياسات والتوجيهات النبوية، التي أمر بها واتبعها ومارسها في إدارة شؤون حكم العرب وسياسة دولتهم والتي هدفت إلى إخضاع الأعراب وقبائلهم للعيش في مجتمع إنساني كريم متحضر»([18]).
فالدراسة الاجتماعية والأنثروبولوجية للقبائل العربية زمن النبوة في نزعتهم الفردية، وميلهم إلى العصيان والتمرد والتناحر القبلي المسلح، وعدم الخضوع إلى أي سلطة، هو ما يمكننا من فقه أحاديث وجوب الطاعة للسلطة والخضوع لها، وحملها على قصد سد الذرائع على العصيان والثورة على السلطة دون موجب شرعي([19]).
ولعل (أبو سليمان) أدرك الخلل المنهجي، في حمل أحاديث الفتن على غير محملها، بتجريدها من سياقها الزمني والمكاني والحالي، عند بعض المعاصرين، فأكد «أن الفهم السليم المنهجي لنصوص الفتنة والطاعة؛ لا يمكن أن يؤدي إلى إلغاء حق المقاومة المدنية، أو عدم مسؤولية الحكام عن مفاسدهم، ولا نزع سلطة الأمة وأهل الشورى فيها، من استخدام كافة الوسائل في مقاومة الفساد والظلم»([20]).
والوجه الثاني لتوظيف المعرفة السننية، في معرفة الجذور التاريخية للمناط الكلي المعاصر للأمة، ذلك أن وظيفة هذه المعرفة في فن التاريخ، هي خدمة الحاضر تفسيرًا وتغييرًا، فقد وصف ابن خلدون وظيفة علم التاريخ بأنه: «يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم والأنبياء في سيرهم والملوك في دولهم وسياستهم حتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في الدين والدنيا»([21])، لذلك ألفينا مالك بن نبي يربط إشكال النهوض الحضاري المتمنع في الأمة، بشروط وقوانين الدورة التاريخية[22]، على نحو فلسفي عميق للتاريخ.
وتتجلى أهمية المعرفة السننية التاريخية، في كونها المعرفة المعيارية التي تستند إلى القرآن، في قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ﴾ [الرعد: 11]، وتطبيقاتها القرآنية كثيرة، في تعليل الحضارات، وربط النتائج بمقدماتها، والأسباب بمسبباتها، على وجه مطرد لا يتخلف، فلا نتيجة تحصل دون الوفاء بمقدماتها، ولا تحصيل مسببات دون أسبابها، فهي سنة الله في كونه وخلقه كما قال الباري: ﴿ٱسۡتِكۡبَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَكۡرَ ٱلسَّيِّيِٕۚ وَلَا يَحِيقُ ٱلۡمَكۡرُ ٱلسَّيِّئُ إِلَّا بِأَهۡلِهِۦۚ فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ ٱلۡأَوَّلِينَۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبۡدِيلٗاۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحۡوِيلًا٤٣ أَوَ لَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَكَانُوٓاْ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعۡجِزَهُۥ مِن شَيۡءٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَلِيمٗا قَدِيرٗا٤٤﴾ [فاطر:43-44].
فليس من فقه السنن أن ننشد مطلب وحدة الأمة، دون استيعاب حاضرها المتولد عن تاريخها، وذلك من مدخل العلوم الإنسانية والاجتماعية، التي يسميها أبو سليمان، بحق،«علوم الفطرة»([23])، فما بالأمة من أزمة حضارية شاملة عائقة لأي صورة من صور الوحدة، له جذور تاريخية عميقة، لذلك تعين «علينا النظر في كياننا وتاريخنا على كامل مداه حتى اليوم دون استثناء، بنظر الفاحص المدقق الذي ينشد الفهم والمعرفة الصحيحة الصادقة، لا القداسة الزائفة، ولا الملامة والتشهير الفاسد العقيم»([24])، وقد أدرك أبو سليمان من التحليل التاريخي السنني لمسير الأمة الحضاري أن المظهر الأول للأزمة هو الفتنة الكبرى، وهو الحدث الذي لا يمكن تجاوزه دون فهمه وفهم أسبابه وآثاره الناجمة عنه، وما زالت تؤثر في مقدرات الأمة([25])، كما أدرك من التحليل السنني لمسير الحضارة الغربية، أن نهضتها المعاصرة إنما قامت على إصلاح ديني (بروتستان) وإصلاح مناهج الفكر والبحث العلمي المنظم[26]، وذلك في سياق الخصوصية التاريخية والحضارية للمجتمعات الغربية([27]).
لقد تعرضت الأمة الإسلامية في عصرها الحاضر إلى صدمة عنيفة، هي قضية الاستعمار الغربي للعالم الإسلامي التي أثرت في بنية واقعه السياسي والحضاري الراهن، فقد كان الغزو الاستعماري للعالم الإسلامي صدمة قوية للمسلمين، أيقظتهم مما هم فيه من حالة انحطاط وتخلف عما كان يجري في أوروبا من تطور صناعي وتقدم علمي وتنظيم سياسي واقتصادي، غير أن هذه الهجمة الاستعمارية ما كانت لتحدث بالكيفية التي بها حدثت لولا وجود إنسان القابلية للاستعمار بتعبير ابن نبي([28])، ويفسر ابن نبي القابلية للاستعمار بأنها «ما للاستعمار من قوة خفية في نفوس المستعمرين على توجيه الطاقة وتبديدها وتشتيتها، تجعل المستعمّر مستعدا لخدمة المستعمر»([29])، ولذلك فالاستعمار «ناتج عن وجود قابلية للاستعمار»([30])، وعليه «فإن التحرر منه يتم بالتحرر من القابلية»([31]).
ترتب عن تلك الصدمة التاريخية، مع الزمن، حالة اندهاش وشعور بالهزيمة النفسية لجيل من المسلمين، أمام النموذج الحضاري الغربي الغالب، فكانوا بذلك ممهدين لعملية التغريب الممنهج التي رسّخت فيهم قابلية انتحال نحلة الغالب بالتعبير الخلدوني؛ لأن الحركة الاستعمارية «وفدت إلى العالم الإسلامي مستعمرة لا ممدّنة»([32])، فاصطحبت إلى العالم الإسلامي ما به تحقق مصالحها كالمدرسة لكن وفق مفهومها وأهدافها منها، وحجمها التعليمي المسقوف، ومن هذه المدرسة تخرجت النخبة المثقفة في العالم الإسلامي([33]).
فهذه الصدمة الاستعمارية ما زال أثرها الثقافي والحضاري في الأمة حاضرا، ولا يتحصل الوعي المعرفي السنني النقدي المرجو في إعادة بناء وحدة الأمة إلا باستيعاب وإدراك لتاريخ الأمة ومنجزاتها الحضارية الكثيرة التي لا تنكر؛ لنؤسس بذلك المقدمة الشرطية، لتفكيك مفردات واقع الأمة المعقد، واستيعاب تناقضاته وإشكالاته، ومعرفة حاجياته العاجلة والآجلة، من أجل صياغة محكمة لمشاريع الوحدة.
لعل ما سبق من التأسيس المعرفي في استئناف بناء وحدة الأمة، يقتضي التأسيس العملي لتكتمل الصورة، ويتضح الإمكان العملي لهذه الوحدة في سياق معركة طوفان الأقصى، وسيتم تقديم هذا التأسيس العملي من خلال جملة شروط عملية مترابطة، قامت عليها وحدة الأمة أصالة، زمن النبوة والخلافة الراشدة، وعليها يتأسس التوحيد المطلوب استئنافه في هذا الزمان الجديد من زمن طوفان الأقصى، الذي غير وما يزال يغير الكثير من المفاهيم السياسية والعسكرية والأمنية والاستراتيجية والقانونية في الرأي العام الدولي([35])، وأسقط، أو يكاد، عددا من السرديات التي هيمنت على الإعلام الغربي، ونخبه السياسية، وعلى بعض النخب في العالم الإسلامي([36])، وقرب الكثير من الإمكانات التي كانت بعيدة المنال، ومنها أن عائق «دولة» الاحتلال في فلسطين عن أي نهوض أو توحيد، يمكن تحييده، وأن العامل الذاتي في التوحيد أقوى من العائق الخارجي، وهذا ما سيتأسس عليه القول في ورش العمل الآتية لتوحيد الأمة:
لا يستقيم الحديث عن توحيد الأمة، وإخراجها من واقع التشتت والتجزئة، ما لم يتم ذلك على أساس من التبصر العميق بالعلل التاريخية المنشئة لداء التمزق في الأمة، وعوائق جهود التوحيد في الواقع المعاصر([37])، وبناء على ذلك يتم وضع الخطط الصحيحة الناضجة لجهود توحيد الأمة، من أجل تحقيق شروط الإقلاع الآمن حسب عبارة جاسم سلطان([38])؛ لأننا «نحتاج إلى الاستفادة من تجارب تاريخنا وإلى عرض ما نتج عن أوزار الماضي وسلبياته، نستخرج منه دروسا إيجابية لتاريخ مستأنف»([39])، ولعل من هذه الدروس المستفادة من تاريخ الأمة، ما خلص إليه عبد الحميد أبو سليمان، من أن أعطاب الأمة الحضارية منحصرة في خمسة، وهي تشوه الرؤية الكلية، والمنهج، والمفاهيم، والخطاب، والعرقية القومية([40])، وأوصلها عماد الدين خليل على نحو من التفصيل التاريخي الحضاري، إلى واحد وعشرين سببا من أسباب انهيار وانحصار الحضارة الإسلامية([41])، وذلك في سياق ما يسميه بـ«التفسير الشمولي للسقوط الحضاري»([42]).
ففي سياق مراجعتنا لتاريخ التفرق في الأمة، وجب التمييز بين منشأ الخلاف ومنبعه، وبين عوامل إدامته، فلا ينبغي لجهود التوحيد أن تنشغل بأعراض الخلاف، وعوامل تأبيده في الأمة، على حساب أولوية النفاذ المباشر إلى أصل الداء، لمعالجته بعلم وحكمة، وبوسائل مختلفة، في زمن غير قصير، فقد تمخض عن الفتن الداخلية التي ابتليت بها الأمة عبر تاريخها، نشوء هيجان عاطفي، عمق جرح التمزق، وحال دون الوحدة، ذلك أن خطورة هذا العرض المرضي، في كونه يعمي الأبصار عن رؤية الأهداف البعيدة السامية، كوحدة الأمة، خصوصا في سياق طوفان الأقصى الذي فرض بكل تداعياته ضرورة توحيد الأمة العاجل على قضية فلسطين، فإذا ما استؤصل أصل المرض، اختفى العرض، حين يتعزز ذلك بجهود أخرى، ومنها رصيد تجربة الأمة الحضارية التاريخية في تدبير الاختلاف والتعايش بين المذاهب والطوائف[43].
فاستيعابنا الإيجابي لهذه العلل التاريخية، والتمييز بين أصولها وفروعها وآثارها، في سياق ما يجري من طوفان الأقصى الذي أثبت من جديد أن جوامع الأمة أولى وأعلى من هذه الفوارق يمثل خطوة عملية مهمة في اتجاه الوحدة، غير أن ذلك يقتضي جهودا متواصلة من البناء التربوي لتلك المعاني في النفوس، معززة بسعي عملي جهادي.
إن مطلب التوحيد جليل وعظيم، فتحقيقه إنما يتأسس على التربية الإيمانية للأمة، التي تنبت القدرة على التحمل والصبر جهادا، إلى نهاية التوحيد، ولعل ما عليه أهل غزة من صبر وتحمل وصمود على البلاء العظيم، يكشف سر البناء التربوي الإيماني والتعليمي لأهل غزة، يقول عبد السلام ياسين في تقرير المنطلق التربوي للتوحيد: «لن نستعيد الوحدة الضائعة، ولا الشوكة المخضودة المكسورة، ولا الشورى ولا العدل إن لم نُعِدْ تربية أنفسنا على الإيمان والإحسان»([44]).
وموجب الربط بين التربية الإيمانية والتعبئة الجهادية أمران: أحدهما التأسي بالخطوات النبوية في توحيد الأمة في ابتداء أمرها، وهي الخطوات التي لم ينفك فيها الجانب التربوي عن الجانب الجهادي، والثاني استفحال داء الغثائية وكارثة التفتت في الأمة، وهو ما كشفته معركة طوفان الأقصى من حالة الخذلان أمام ما يجري في فلسطين، وهي الأدواء التي لا نتحرر منها إلا بالتعبئة الجهادية، مع لزوم الإفادة من تجارب تاريخنا؛ إيجابياته وسلبياته.
فبهذا الترابط بين التربية الإيمانية والتعبئة الجهادية في التماس توحيد الأمة، نكون قد أنجزنا بعبارة عبد السلام ياسين واجبا مقدسا، «وحركة ضرورية لتعبئة الشعوب المسلمة حتى تتبنى مشروع التوحيد، وتتجاوز يوما ما ضيق محابس الدولة القومية»([45])، غير أن هذا المسلك وإن بدا عسيرا وطويل المدى، لكنه أصيل المضمون، ومحمود النتائج، بل إن السعي الجهادي الإيماني إلى تحقيق مشروع توحيد الأمة من شتاتها، يقتضي العمل وسط تحديات جسام من مجتمع «مفتون سادر في خموله أو هيجانه، والأفكار في تفاعل، والاتجاهات السياسية في تصارع، والتخلف الصناعي والعلمي والاقتصادي ضارب أطنابه، وحكام الجور في كيد يكيدون، ومن خارج رحى الجاهلية تطحن»([46]).
فإنجاز هذا المشروع وسط تلك التحديات الداخلية والخارجية، يقتضي التحلي بأعلى درجة من الصبر وطول النفس وعدم استعجال الوفاق، عملا بأصل التدرج الواجب اعتماده في معالجة موضوع من حجم توحيد الأمة، أو ما يسميه وائل حلاق في سياق آخر «التوليفة العظمى» (Great Synthesis)([47])، ولعل الوسيلة العملية في تنزيل هذا البناء التربوي في إعادة بناء منظومة تربوية تعليمية وإعلامية وثقافية مترابطة ومتناسقة، تنتظمها رسالة التربية والتعليم والتثقيف لمجتمعات الأمة، مستفيدين مما فتحه طوفان الأقصى من ثغرات في جدار تلك الموانع الداخلية والخارجية، لهذا البناء التربوي، ومما أبرزه من جوامع بين مختلف الشعوب، ينبغي تعزيزها في سياق التوحيد.
لعل الجوامع الفكرية والثقافية الحاصلة بين أقاليم الأمة وشعوبها وافية، لكنها في حاجة إلى إعادة إبرازها وتأصيلها وحسن تقديمها، في سياق ما يحصل الآن من حالة الالتفاف حول قضية فلسطين ومعركة طوفان الأقصى، فوحدة العقيدة بين المسلمين، تشكل في نظر عبد المجيد النجار أساسا للوحدة الثقافية بين المسلمين، على شرط التربية الفكرية القائمة على حرية الفكر والنقد والمدارسة المقارنة، وشمولية النظر، وواقعية المنطلق، وحوارية التدافع([48]).
فبناء الوحدة الثقافية للمسلمين على أساس الأصول المشتركة، يستلزم الإبقاء على التنوع، من أجل التدافع نحو التطوير والارتقاء([49])، حتى تتحول هذه الوحدة الثقافية إلى داعم كبير للوحدة العامة، ومظهر من مظاهرها، فيتم التعارف والتواصل المنشئان للتعاون بين أطراف الأمة الواحدة، غير أن الوحدة الثقافية إنما تتأسس على تربية الأمة على الحرية الفكرية، والحوار الثقافي، من خلال مؤسسات ثقافية وإعلامية وعلمية مجتمعية مدنية، تسهم في تأطير المجتمع، فقد ارتبطت في التجربة الإسلامية الوحدة الثقافية بحرية الرأي والفكر، وإن تعددت المذاهب، فكلما ساد القهر الفكري، تشتت تلك الوحدة، ونشأ الصراع، نتيجة الانطواء والانغلاق على الرأي، دون القدرة على الإفصاح عنه أمام الآخرين، مما ينشأ معه النفور من الفكرة المخالفة، ونظرة الكراهية إلى المخالف[50]، خلافا لأجواء الحرية التي تعرض فيه كل الأفكار وتناقش، على القاعدة القرآنية ﴿لِّيَهۡلِكَ مَنۡ هَلَكَ عَنۢ بَيِّنَةٖ وَيَحۡيَىٰ مَنۡ حَيَّ عَنۢ بَيِّنَةٖۗ﴾ [الأنفال: 42].
ومعلوم أن الحرية شرط في الإبداع، وتوحيد الأمة في هذا السياق من التحديات المعاصرة المختلفة، مشروع إبداع كبير، يمكن أن ينقل الأمة من حالة الضعف والتجزئة إلى حالة القوة والوحدة، غير أنه لا بد من الاستفادة من عوامل إفشال مشاريع الإصلاح التي توالت على الأمة في القرنين الماضيين ([51])، ومن أبرز عوامل الإفشال الداخلي سوء تدبير حالة الاختلاف الداخلي.
إن الحديث عن التوحيد، يقتضي لزوما تدبير واقع الاختلاف الطائفي والمذهبي والاثني والثقافي والعرقي والقبلي والسياسي والجغرافي وغيره، الحاصل في الأمة منذ قرون، وذلك بتوسيع وتنمية دائرة الائتلاف من الأصول المشتركة التي تشكل المرجعية العليا الناظمة لكل الاختلافات، مع ضرورة تربية الأمة على تجاوز الكثير من تفاصيل الخلاف التي تضر بالوحدة ولا تخدمها، فوحدة الأمة «إنما تـتاح بالرجوع إلى أصولها الثابتة بالكف عن تغذية ذكريات المآسي وشرحها، إلا بمقدار ما تحصل العبرة، وإن الإغضاء الكريم عن فروع الخلاف ضروري ليتسنى لنا الحفاظ على ما يجمعنا»([52])؛ لأن اعتماد الخلاف أصلا بين فرقاء الأمة، يقلل من دائرة الائتلاف الذي هو الأصل، ويزيد المفتت تفتيتا، وهو ما يناقض مقتضى الوحدة.
فجل الخلاف الحاصل بين الأمة، ليس في أصول العقيدة، كالتوحيد والنبوة والمعاد، ولا في أصول الشريعة، من صلاة وصوم وزكاة وحج وغيرها، وإن ادعت بعض الطوائف أنها من الأصول، قال أبو زهرة: «لسنا نقصد محق الطائفية وإدماج المذاهب الإسلامية في مذهب واحد، فإن ذلك لا يصلح أن يكون عملا علميا ذا فائدة، يحمده العلماء؛ لأن كل مذهب مجموعة من المعلومات، أقيمت على مناهج، تتجه في مجموعها إلى النصوص الإسلامية والبناء عليها، وهي ثمرات جهود لأكابر العلماء، وكل إدماج فيه إفناء، وليس من المصلحة العلمية في شيء، إفناء أي أثر فكري مهما يكن نوعه، فلا مصلحة في إفناء ثمرات تلك الجهود التي قامت في ظل القرآن والسنة الصحيحة الثابتة»([53]).
فالانتماءات الوطنية والقومية والقبلية وغيرها، مشروعة في أصلها الفطري، ينبغي توجيهها في اتجاه خدمة وعاء الوحدة الجامع، يقول أحمد الريسوني: «فالانتماءات الوطنية والقومية والقبلية والجوارية، يجب اعتبارها معضدة ومقوية للانتماء الإسلامي العام، ويجب التعامل معها بهذه الصفة، بدل تحقيرها ومعاداتها»([54])، وهذا ما يسميه مسفر القحطاني «عقلنة الطائفية»([55]).
إن طموح التوحيد وجهوده، يصطدم بما عليه الأمة من واقع التجزئة الموروثة التي تَنَزَّلَ عليها التقطيع الاستعماري، وتولد عن ذلك التشرذم المتفاقم ([56])، وهذا ما ينبغي فهمه في سياق الترابط الجدلي بين المقدمات ونتائجها، والعلل ومعلولاتها في تاريخ الأمم، وأن الأمة الإسلامية ليست بدعا من تلك الأمم، في سياق هذا القانون الكوني، الذي يشكل حسب (Larmore) «نظاما معياريا جوهريا للواقع»([57])، فمراعاة مقتضيات الأحوال، واعتبار المآلات في تنزيل الخطط والمشاريع الإصلاحية، من أصول الشريعة المنهجية التي ينبغي أن تراعى.
فالتجزئة الجغرافية والسياسية والثقافية، الموروثة عن الحقبة الاستعمارية، معطى واقعي لا يرتفع ضربة لازب، بل يقتضي التعامل معه بحكمة وروية وبعد نظر، بعيدا عن المقاربة العاطفية، والحماس الرخيص، وذلك باستحضار عائقين اثنين: أحدهما داخلي، يتمثل في حالة الانقسام الأيديولوجي والاثني والطائفي والمذهبي والسياسي، وثانيهما خارجي، وهو هيمنة الأجنبي على القرار السياسي والاقتصادي والثقافي لمعظم الدول الإسلامية، وهو ما يقتضي التصرف وفق استراتيجية بناء الائتلاف داخل أقطار التجزئة أولا([58])، ثم إتمام البناء على نحو متدرج على مستوى الأمة، ولعل البناء السياسي للأمة من أقوى ما يتوج به مشروع بناء الوحدة.
إن توحيد الأمة على الصورة الحضارية المطلوبة شرعا وزمانا، التي تجعل الأمة قادرة على أداء وظيفتها الاستخلافية في الأرض، والتمكين لدين الله في العالمين، لا يتأتى إلا في إطار نظام سياسي قائم على أصل الشورى تأسيسا وتدبيرا، بحيث تستعيد الأمة وظيفتها المركزية في الولاية على نفسها وعلى أمرها، بعد التحرر من الوصاية التاريخية عليها من السلطان، وهو ما يضمن إقامة العدل وإشاعة الحرية، ومعاني الإحسان في الأمة، ويضع الحد لوباء الاستبداد.
أما صيغة هذا النظام الجامع لوحدة الأمة، ففيه سعة من اجتهاد، من حيث اختيار الصيغة التي ترتضيها الأمة، بعد مشاورات ومناظرات، في زمن غير قصير، حتى ينضج الاختيار وترتضيه الأمة عبر استفتاء عام، ومن الصيغ المقترحة من بعض المعاصرين، ما ذهب إليه عبد الرزاق السنهوري من توحيد دار الإسلام على شكل «عصبة الأمم»، وذلك مراعاة لواقع التجزئة، وتعدد الدول والحكومات([59](، وما ذهب إليه محمد عمارة من تحويل منظمة المؤتمر الإسلامي الحالية القائمة، إلى منظمة الدول الإسلامية، إذا نضجت الظروف، وعادت الدول الإسلامية الحالية إلى الإسلام عقيدة وشريعة في حياتها([60])، غير أن هذه التجارب وغيرها في درب التوحيد، عجزت عن الوصول للمطلوب لأنها غير مؤسسة على الشروط المعرفية والعملية السابقة، ولأنها صيغ غير متحررة من هيمنة الأجنبي، وغير مسنودة بإرادة سياسية حقيقية.
ولعل الذي يسعف في الاهتداء للصيغة الزمنية المناسبة للوحدة، ما راكمته الأمة من تجربة تاريخية في صيغ الوحدة قبل التجزئة الحالية، وذلك من الوحدة تحت سلطة واحدة، إلى الوحدة مع تعدد الدول والأقاليم، مع وحدة العقيدة والشريعة في السلوك الفردي والجماعي، وحرية الحركة في الوطن الإسلامي([61])، حتى استقر في الفكر السياسي الإسلامي، أن ما عليه الأمة من الوحدة في الدين والحضارة، يستلزم الوحدة في الوطن (دار الإسلام)، مع وجود حالة تعدد الإمارات والولايات والحكومات([62]).
والمطلوب في صيغة الوحدة، أن تتم في إطار الثوابت التي توحدت عليها الأمة طوال مرحلتي النبوة والخلافة الراشدة، وهي الشورى والعدل والحرية والكرامة والمساواة، فالأمة حين أبدعت في إشاعة قيم العدل والحرية والسلام في العالمين، في ظرف تاريخي قياسي، لا يتجاوز ثلاثين سنة، إنما كان ذلك على أساس توحد الأمة على الشورى والولاية العامة بين المسلمين.
فليست الشورى مجرد مسطرة تدبيرية للشأن العام، ولا مجرد قضية هيكلية تنظيمية في تشكيل مؤسسات الحكم، بقدر ما هو إطار حضاري، تندمج فيه المبادئ والمفاهيم التي تتمكن في ضمير شعوب الأمة على مستويات التربية والتعليم والتنظيم والتعامل([63])، وبهذا المعنى يصبح هذا النظام فضاء حضاريا لمجتمع أخوي يسعى في حدود الحقوق الثابتة شرعا، لكل فرد بغض النظر عن موقعه، نحو المصلحة والحق لذاته([64]).
ويمكن استثمار التحولات السريعة الجارية في العالم في سياق طوفان الأقصى، من أجل الشروع في إنجاز استراتيجية الوحدة، وذلك من الوجوه الآتية: أولاها استثمار حالة التضامن والتساند مع قضية المسلمين الأولى فلسطين من مختلف شعوب ودول العالم، حيث ظهرت بقوة عدالة القضية ومظلومية الشعب الفلسطيني، والشعب اللبناني والسوري وغيرها من الشعوب التي تتعرض للعدوان، ثانيها استثمار حالة العزلة المتنامية للاحتلال الظالم، باعتباره أقوى موانع الاستقرار والتوحيد في العالم الإسلامي، وثالثها التمسك بالقرارات الأممية في موضوع السلم العالمي، والاتفاقيات الدولية، كاتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية الهادفة إلى تحقيق الأمن الجماعي والسلم العالمي، والانضمام إلى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية([65]). لإظهار للعالم أن المسلمين أحرص الناس على السلم العالمي، وعلى القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وعلى مبادئ العدالة الدولية حقا وصدقا بمقتضى شريعتهم، وهذا ما يمكن العالم الإسلامي من الاحتجاج بقوة أمام المنتظم الدولي.
غير أن هناك معاهدات واتفاقيات دولية ذات الطابع الاجتماعي، أصبحت تتجاوز تنظيم العلاقة السياسية والاقتصادية بين الدول إلى تنظيم حقوق الأفراد داخل الدولة، وفي علاقتهم بالدولة، منها اتفاقيات حقوق الإنسان، وحقوق الطفل وحقوق المرأة، ومناهضة التعذيب ومكافحة التمييز، واتفاقيات الحقوق الاقتصادية والسياسية والثقافية والمدنية، وغيرها، وهي اتفاقيات كثيرا ما توظف لهدم الخصوصيات الثقافية للشعوب، مما يستلزم التعامل مع هذا التحدي بذكاء دبلوماسي، وحجاج حضاري قوي، وذلك باستعمال حق التحفظ([66]) على ما يتعارض منها مع خصوصيات المسلمين الثقافية والحضارية والدينية([67]).
من المسالك العملية في إنجاز مشروع التوحيد، بناء مؤسسة علمائية، تكون مرجعية على مستوى العالم الإسلامي، تضم شخصيات عالمة مشهود لها بالأهلية العلمية والمنهجية والخلقية، من خلال كتاباتها ومواقفها، وحرصها على الوحدة الإسلامية، خطابا وبحثا وتيسيرا([68])، تقود جهود التوحيد وتشرف عليه وتوجهه، وذلك من خلال ثلاث وظائف مركزية: أولاها إنتاج خطاب اجتهادي متسامح ومتصالح وميسِّر يدعم التوحيد عبر «تعميق الوحدة الشعورية النابعة من الهوية الدينية الداعية للجماعة والاتحاد، والنائية على الفرقة والاختصام، وسبيل ذلك رفع العقيرة الدائم بالأخوة الإسلامية القاصمة لظهر كل ساع بالفتنة والتحريش بين المسلمين»([69])، وثانيها العمل على فض النزاعات بين دول الأمة وطوائفها ومذاهبها، سواء في شق النزاع العلاجي، أو الوقائي([70])، وثالثها الإشراف على محاضن لصناعة علماء يخدمون بعلمهم واجتهادهم دعائم الوحدة الإسلامية بأفق إنساني عالمي.
وبذلك يمكن تحرير علماء الأمة من قبضة الحكام والعوام، فتستعيد المؤسسة العُلَمَائية سلطتها الشرعية، ووظيفتها الاستراتيجية، يساعد في ذلك ما ينبغي تأسيسه من مؤسسات علمائية على مستوى الأقطار..
تلك هي المداخل الاستراتيجية التي يمكن اعتمادها في إعادة بناء وحدة الأمة في هذا السياق المعاصر من طوفان الأقصى المبارك، أرجو أن أكون قد وفقت في بنائها، وسلامة عرضها، وإن تكن الأخرى، فحسبي أني استفرغت وسعي وما ألَوْت.
في ختام هذه الجولة البحثية في التماس مداخل استراتيجية لإعادة بناء وحدة الأمة المفقودة، أورد أهم ما خلص إليه البحث من نتائج على النحو الآتي:
- شكلت معركة طوفان الأقصى، بجسامة أحداثه وحجم تداعياته محليًا وإقليميًا وعالميًا، الداعي الأكبر والحافز الأقوى للانخراط في مشروع إعادة بناء وحدة الأمة الإسلامية، من حيث هي المدخل الاستراتيجي الشرطي لتحرير فلسطين، القضية المركزية للأمة.
- إن الوظيفة الاستخلافية الحضارية المنوطة بالأمة أرجئت منذ زمن طويل حين تفككت وحدة الأمة، وإن ما تعيشه الأمة الآن في سياق طوفان الأقصى من حالة الارتهان للأجنبي إلى حد التخاذل أمام ما يجري في غزة وفلسطين من الإبادة الجماعية لكل ما على الأرض من بشر وحيوان وشجر وحجر، يجعل من المبادرة إلى إعادة بناء وحدة الأمة أولوية زمنية قصوى؛ وذلك من أجل وضع حد لواقع الغثائية الذي تعيشه الأمة، ووقف حالة صلف وتغول المحتل، وحالة التكالب الغربي على أهل فلسطين.
- من المداخل الاستراتيجية المقترحة لإعادة بناء وحدة الأمة في سياقنا المعاصر، مدخلان رئيسان؛ المدخل العلمي بشقيه التأصيلي والسنني التاريخي، الذي يمكّن من تأمين المشروع التوحيدي ليسير على سنن الهدي الشرعي، وفق مقتضى الزمان من وجه، ويضمن الوعي التاريخي السنني لمسير الأمة في التاريخ الذي يمكن من حسن استيعاب تناقضات وتحديات الواقع الراهن من وجه آخر، وثاني المدخلين الشق العملي لمشروع التوحيد القائم على جملة شروط إجرائية عملية تمكّن في مجموعها من حسن إنجاز مشروع التوحيد.
- ويوصي الباحث دول العالم الإسلامي باستثمار اللحظة التاريخية الفاصلة التي فتحتها معركة طوفان الأقصى، بالقيام بمبادرة تعميق التشاور المجدول القاصد إلى تحويل منظمة المؤتمر الإسلامي إلى جامعة الدول الإسلامية من أجل فلسطين؛ بحيث تكون كل من جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي واتحاد المغرب العربي، وغيرها من الاتحادات الإقليمية أعضاء في هذه الجامعة، لتكون خطوة عملية، يسعفها السياق الدولي، نحو أفق التوحيد لاحقًا.
ابن خلدون، عبد الرحمن. المقدمة. بيروت: دار صادر، ط2، 2005م.
ابن نبي، مالك. شروط النهضة الحضارية. ترجمة: عبد الصبور شاهين وعمر كامل مسقاوي. دمشق: دار الفكر، إصدار ندوة مالك بن نبي، [د. ت]، [د. ط].
–––. وجهة العالم الإسلامي. ترجمة: عبد الصبور شاهين. دمشق: دار الفكر، ط1، 1986.
أبو زهرة، محمد. الإمام زيد: حياته وعصره، آراؤه وفقهه. بيروت: دار الفكر العربي، [د. ت].
أبو سليمان، عبد الحميد. أزمة العقل المسلم. الرياض: الدار العالمية للكتاب الإسلامي؛ هرندن: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط3، 1994.
–––. إشكالية الاستبداد والفساد في التاريخ الإسلامي. هرندن: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط2، 2012.
–––. الإسلام ومستقبل الإنسانية. الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية،1987م.
–––. العنف وإدارة الصراع السياسي في الفكر الإسلامي بين المبدأ والخيار: رؤية إسلامية. القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، وهرندن: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 2002م.
إمام، محمد كمال وآخرون. مقاصد الشريعة والاتفاقيات الدولية. لندن: مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، ط1، 2013.
أيت أحمد، مريم. «الوحدة الثقافية وأثرها في ائتلاف الصف الإسلامي». مجلة الأمة الوسط، ع2 (2010)، 181-210.
البخاري، محمد أبو عبد الله. الجامع الصحيح. تحقيق: مصطفى ديب البغا. بيروت: دار ابن كثير، ط3، 1407/1987م.
البرغوتي، عمر صالح وطوطاح، خليل. تاريخ فلسطين من الفتح الإسلامي إلى احتلال الصهيوني. القاهرة: مكتبة الثقافة الدينية، 2001.
بلقزيز، عبد الإله. «في الإصلاح وراهنيته». ضمن مصطفى المرابط وآخرون، أولويات الإصلاح بين السياسي والثقافي. الرباط: مركز مغارب، سلسلة مغارب، كتاب 2، ط1، 2018.
بيشي، محمد عبد الحليم. «المصالح الحيوية للأمة وشروط الاستجابة الحضارية عند الإمام القرضاوي». مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر، مج43، ع1 (2025)، عدد خاص بمؤتمر «قراءات في قضايا التجديد والترشيد في فكر الشيخ القرضاوي». https://doi.org/10.29117/jcsis.2025.0405
التسخيري، محمد علي. «تعدد المذاهب، والتقريب، والوحدة الإسلامية». مجلة الأمة الوسط، ع2 (2010)، 89-104.
حسنة، عمر عبيد. «مقدمة كتاب الأمة»، في: أم نائل البركاني. فقه الوسائل في الشريعة الإسلامية. سلسلة كتاب الأمة، العدد 120، 1428هـ، وزارة الأوقاف، قطر.
حلاق، وائل. الدولة المستحيلة الإسلام والسياسة ومأزق الحداثة الأخلاقي. ترجمة: عمرو عثمان، مراجعة: ثائر ذيب. بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات، ط1، 2014.
خطوف، عبد الرحيم. «هل الأمة الإسلامية حقيقة واقعية أم جماعة متخيلة؟». مجلة سراج، ع11 (2024)، 45-74.
خليل، عماد الدين. في المشروع الحضاري الإسلامي، التأسيسات...المعطيات...الاحتمالات. القاهرة: مفكرون الدولية للنشر والتوزيع والمغرب: دار برهون الدولية للنشر والتوزيع، ط1، 2019.
رفيع، محماد. «عوائق النهوض الحضاري للأمة الإسلامية في السياق المعاصر». مجلة سراج، ع11 (2024)، 29-44.
رفيع، محماد وعطية، مصطفى. نحو استراتيجية النهوض السياسي في سياق التحديات المعاصرة للأمة الإسلامية من التأصيل إلى التفعيل. إستانبول: TASQ Company، ط1، 2024.
الريسوني، أحمد. الفكر الإسلامي والانتماء الإسلامي بين الوحدة والتعدد. المغرب: الدار المغربية للنشر والتوزيع، ط1، 2023م.
السلطان، جاسم. الفكر الاستراتيجي في فهم التاريخ (أداة فلسفة التاريخ). بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، ط1، 2015.
صحراوي، مقلاتي. «فض المنازعات السياسية آلية فعالة للوحدة الإسلامية». مجلة الأمة الوسط، ع2 (2010)، 211-256.
عبد الرحمن، طه. تجديد المنهج في تقويم التراث. البيضاء: المركز الثقافي العربي، ط3، 2007.
عبد الفتاح، سيف الدين. في إسراء عمران، دور القيادة في الإصلاح السياسي دراسة العلاقة بين الفكر والممارسة قيادة عمر بن عبد العزيز نموذجًا. القاهرة: دار السلام، ط1، 2011.
عمارة، محمد. «وحدة الأمة الإسلامية». مجلة الأمة الوسط، ع2 (2010)، 105-110.
الغزالي، محمد. الإسلام والاستبداد السياسي. القاهرة: دار الكتاب العربي، [د. ت].
الفتوحي، محمد بن أحمد. شرح الكوكب المنير، تحقيق: محمد الزحيلي ونزيه حماد. دمشق: دار الفكر، 1400هـ.
القحطاني، مسفر. سؤال التدبير رؤى مقاصدية في الإصلاح المدني. بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، ط1، 2014م.
الكفوي، أبو البقاء. الكليات، تحقيق: عدنان درويش ومحمد المصري. بيروت: مؤسسة الرسالة، ط1، 1412هـ.
المرابط، مصطفى وآخرون. أولويات الإصلاح بين السياسي والثقافي. الرباط: مركز مغارب، سلسلة مغارب، كتاب 2، ط1، 2018.
مسلم، أبو الحسين النيسابوري. الجامع الصحيح. تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. القاهرة: دار إحياء التراث العربي، [د. ت]، [د. ط].
المسيري، عبد الوهاب. تاريخ الفكر الصهيوني، جذوره ومساره وأزمته. القاهرة: دار الشروق، ط1، 2010.
–––. موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية. القاهرة: دار الشروق، 1999.
النجار، عبد المجيد. «دور التربية الفكرية في الوحدة الثقافية بين المسلمين». مجلة الأمة الوسط، ع2 (2010)، 111-128.
ياسين، عبد السلام. الإحسان. البيضاء: مطبوعات الأفق، ط1، 1998.
–––. الإسلام والحداثة. البيضاء: مطبوعات الأفق، ط1، 2000.
–––. حوار مع الفضلاء الديمقراطيين. البيضاء: مطبوعات الأفق، ط1، 1994.
–––. المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا. [د.ن]، ط2، 1989.
–––. نظرات في الفقه والتاريخ. المحمدية: مطبعة فضالة، ط1، 1989م.
Abd al-Raḥmān, Ṭāhā. Tajdīd al-manhaj fī taqwīm al-Turāth (in Arabic), Casablanca: Al-Markaz al-Thaqāfī al-ʻArabī, 2007.
Abū Sulaymān, ʻAbd al-Ḥamīd. Azmat al-ʻaql al-Muslim (in Arabic), Riyadh: Al-Dār al-ʻĀlamīyah lil-Kitāb al-Islāmī wa-al-Maʻhad al-ʻĀlamī lil-Fikr al-Islāmī, 1994.
_____. Ishkālīyat al-istibdād wal-fasād fil-tārīkh al-Islāmī (in Arabic), Herndon: International Institute of Islamic Thought, 2012.
_____. Al-ʻUnf wa-idārat al-ṣirāʻ al-siyāsī fil-fikr al-Islāmī bayn al-mabdaʼ wa-al-khiyār: ruʼyah Islāmīyah (in Arabic), Cairo: Dār al-Salām and Al-Maʻhad al-ʻĀlamī lil-Fikr al-Islāmī, 2002.
_____. Al-Islām wa-mustaqbal al-insānīyah (in Arabic), Riyadh: Jāmiʻat Nāyif al-ʻArabīyah lil-ʻUlūm al-Amnīyah, 1987.
Abū Zahrah, Muḥammad. Al-Imām Zayd: Ḥayātuh wa-ʻaṣruh, ārāʼuh wa-fiqhuh (in Arabic), Beirut: Dār al-Fikr al-ʻArabī.
Al-Barghuti, ʻUmar Ṣāliḥ and Ṭuṭāḥ, Khalīl. Tārīkh Filasṭīn min al-fatḥ al-Islāmī ila l-iḥtilāl al-Ṣuhyūnī (in Arabic), Cairo: Maktabat al-Thaqāfah al-Dīnīyah, 2001.
Al-Bukhārī, Muḥammad Abū ʻAbd Allāh. Al-Jāmiʻ al-ṣaḥīḥ (in Arabic), Ed. Muṣṭafā Dīb al-Bughā. Beirut: 1987.
Al-Futūḥī, Muḥammad b. Aḥmad. Sharḥ al-kawkab al-munīr (in Arabic), Ed. Muḥammad al-Zuḥaylī and Nazīh Ḥammād. Damascus: Dār al-Fikr, 1980.
Al-Ghazālī, Muḥammad. Al-Islām wal-istibdād al-siyāsī (in Arabic), Cairo: Dār al-Kitāb al-ʻArabī.
Al-Kaffawī, Abū al-Baqāʼ. Al-Kullīyāt (in Arabic), Ed. ʻAdnān Darwīsh and Muḥammad al-Miṣrī. Beirut: Muʼassasat al-Risālah, 1992.
Al-Misīrī, ʻAbd al-Wahhāb. Tārīkh al-fikr al-Ṣuhyūnī: judhūruh wa-masāruh wa-azmatuh (in Arabic), Cairo: Dār al-Shurūq, 2010.
_____. Mawsūʻat al-yahūd wal-yahūdīyah wal-ṣuhyūnīyah (in Arabic), Cairo: Dār al-Shurūq, 1999.
Al-Murābiṭ, Muṣṭafa. Awlawīyāt al-iṣlāḥ bayn al-siyāsī wal-thaqāfī (in Arabic), Rabat: Markaz Maghārb, 2018.
al-Najjār, ʻAbd al-Majīd. "Dawr al-Tarbiyah al-fikrīyah fī al-Waḥdah al-Thaqāfīyah bayna al-Muslimīn" (in Arabic), Majallat al-ummah al-Wasaṭ, no. 2 (2010), 111-128.
Al-Qaḥṭānī, Musfir. Suʼāl al-tadbīr: ruʼa maqāṣidīyah fī al-iṣlāḥ al-madanī (in Arabic), Beirut: al-Shabakah al-ʻArabīyah lil-Abḥāth wa-al-Nashr, 2014.
Al-Raysūnī, Aḥmad. Al-Fikr al-Islāmī wal-intimāʼ al-Islāmī bayn al-waḥdah wal-taʻaddud (in Arabic), Al-Dār al-Maghribīyah, 2023.
al-Taskhīrī, Muḥammad ʻAlī. "Taʻaddud al-madhāhib, wa-al-taqrīb, wa-al-waḥdah al-Islāmīyah" (in Arabic), Majallat al-ummah al-Wasaṭ, no. 2 (2010), 89-104.
Ayt Aḥmad, Maryam. "al-Waḥdah al-Thaqāfīyah wa-atharuhā fī Iʼtilāf al-ṣaff al-Islāmī" (in Arabic), Majallat al-ummah al-Wasaṭ, no. 2 (2010), 181-210.
Balqazīz, ʻAbd al-Ilāh. "fī al-iṣlāḥ wrāhnyth" (in Arabic), ḍimna Muṣṭafá al-Murābiṭ wa-ākharūn. Awlawīyāt al-iṣlāḥ bayna al-siyāsī wa-al-thaqāfī, al-Rabāṭ: Markaz mghārb, Silsilat mghārb, Kitāb 2, 1st ed., 2018.
Bichi, Muhammad Abdel Halim. “The Vital Interests of the Ummah and the Conditions for Civilizational Response in the Thought of Imam al-Qaraḍāwī.” (in Arabic), Journal of College of Sharia and Islamic Studies 43-1 (2025) https://doi.org/10.29117/jcsis.2025.0405
Hallaq, Wael. Al-dawlah al-mustaḥīlah: al-Islām wal-siyāsah wa-maʼziq al-ḥadāthah al-akhlāqī (in Arabic), Trans. ʻAmr ʻUthmān. Rev. Thāʼir Dhīb. Beirut: Al-Markaz al-ʻArabī lil-Abḥāth wa-dirāsāt al-Siyāsāt, 2014.
Ḥasanah, ʻUmar ʻUbayd. "Muqaddimat kitāb al-ummah: fiqh al-wasāʼil fīl-sharīʻah al-Islāmīyah li-Umm Nāʼil al-Burkānī" (in Arabic), Silsilat Kitāb al-Ummah 120 (2007). Wizārat al-Awqāf, Qatar.
Ibn Khaldūn, ʻAbd al-Raḥmān. Al-Muqaddimah (in Arabic), Beirut: Dār Ṣādir, 2005.
Ibn Nabī, Mālik. Shurūṭ al-nahḍah al-ḥaḍārīyah (in Arabic), Trans. ʻAbd al-Ṣabūr Shāhīn and ʻUmar Kāmil Misqāwī. Damascus: Dār al-Fikr.
_____. Wijhat al-ʻālam al-Islāmī (in Arabic), Trans. ʻAbd al-Ṣabūr Shāhīn. Damascus: Dār al-Fikr, 1986.
ʻImārah, Muḥammad. "Waḥdat al-ummah al-Islāmīyah" (in Arabic), Majallat al-ummah al-Wasaṭ, no. 2 (2010), 105-110.
Jāsim, Al-Sulṭān. Al-Fikr al-istirātījī fī fahm al-tārīkh: adāt Falsafat al-tārīkh (in Arabic), Beirut: Al-Shabakah al-ʻArabīyah lil-Abḥāth wa-al-Nashr, 2015.
Khalīl, ʻImād al-Dīn. Fīl-mashrūʻ al-ḥaḍārī al-Islāmī: al-tʼsisāt, al-muʻṭayāt, al-iḥtimālāt (in Arabic), Cairo: Mufakkirūn and Dār Barhūn, 2019.
Khaṭuf, ʻAbd al-Raḥīm. "Hal al-ummah al-Islāmīyah Ḥaqīqat wāqiʻīyah am jamāʻa mutakhayyalah?" (in Arabic), Majallat Sirāj, no. 11 (2024).
Larmore, Charles. The Autonomy of Morality. Cambridge: Cambridge University Press, 2008.
Majmūʻat Buḥūth: Maqāṣid al-sharīʻa wal-ittifāqīyāt al-Dawlīyah (in Arabic), London: Muʼassasat al-Furqān lil-Turāth al-Islāmī, 2013.
Muslim, Abū al-Ḥusayn al-Nīsābūrī. Al-Jāmiʻ al-ṣaḥīḥ (in Arabic), Ed. Muḥammad Fuʼād ʻAbd al-Bāqī Beirut: Dār Iḥyāʼ al-Turāth al-ʻArabī.
Naẓarāt fī al-fiqh wal-tārīkh (in Arabic), Al-Mouhammadiya: Maṭbaʻat Faḍālah, 1989.
Rafīʻ, Miḥmād, wa ʻAṭiyah, Muṣṭafá. Naḥwa istrātījīyat al-nuhūḍ al-siyāsī fī siyāq al-taḥaddiyāt al-muʻāṣirah lil-ummah al-Islāmīyah: min al-taʼṣīl ila al-Tafʻīl (in Arabic), Istānbūl: TASQ Company, 1st ed., 2024.
Rafīʻ, Miḥmād. "ʻAwāʼiq al-nuhūḍ al-ḥaḍārī lil-ummah al-Islāmīyah fīl-siyāq al-muʻāṣir" (in Arabic), Majallat Sirāj, 11 (2024).
Ṣaḥrāwī, Maqlātī. "faḍḍ al-munāzaʻāt al-siyāsīyah ālīyat fʻālh lil-Waḥdah al-Islāmīyah" (in Arabic), Majallat al-ummah al-Wasaṭ, no. 2 (2010), 211-256.
Yāsīn, ʻAbd al-Salām. Al-iḥsān (in Arabic), Casablanca: Maṭbūʻāt al-Ufuq, 1998.
_____. Al-Islām wal-ḥadāthah (in Arabic), Casablanca: Maṭbūʻāt al-Ufuq, 2000.
_____. Al-Minhāj al-Nabawī: tarbiyatan wa tanẓyman wa-zaḥfan (in Arabic), 1998.
_____. Ḥiwār maʻa al-fuḍalāʼ al-dīmuqrāṭīyīn (in Arabic), Casablanca: Maṭbūʻāt al-ufuq, 1994.
([1]) ينظر: سعد الكبيسي، فاعلية الإصلاح عند الاتجاهات الإسلامية الحديثة والمعاصرة دراسة تقويمية (إستانبول: مكتبة الأسرة العربية، ط1، 2021)، ص11.
([2]) ينظر عبد الرحيم خطوف، «هل الأمة الإسلامية حقيقة واقعية أم جماعة متخيلة؟»، مجلة سراج، ع11 (2024)، ص45.
([3]) ينظر كرونولوجيا الاعتداءات الصهيونية والبريطانية على أهل فلسطين منذ القرن التاسع عشر في تاريخ فلسطين، في عمر صالح البرغوتي وخليل طوطاح، تاريخ فلسطين من الفتح الإسلامي إلى احتلال الصهيوني (القاهرة: مكتبة الثقافة الدينية، 2001)، ص258-262، وينظر كذلك: «تاريخ الجماعات اليهودية في العالم منذ القديم وعلاقتها بالصهيونية»، في عبد الوهاب المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (القاهرة: دار الشروق، 1999).
([4]) ينظر: «معركة طوفان الأقصى وإشكال بناء التصور للحدث»، في: محماد رفيع، معركة طوفان الأقصى بين الواقع والمتوقع، دراسة قيد النشر.
([5]) أخرجه مسلم في الجامع الصحيح، كتاب البر والصلة والآدب، باب تَرَاحُمِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَعَاضُدِهِمْ، رقم 2586، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي (بيروت: دار إحياء التراث العربي، [د.ت])، والبخاري في الجامع الصحيح، كتاب الأدب، بَاب رَحْمَةِ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ، رقم 2011، تحقيق: مصطفى ديب البغا (بيروت: دار الكتب العلمية، ط3، 1407هـ/1987م).
([7]) من الصيغ المعاصرة للوحدة التي يمكن الاستفادة منها في الموضوع: صيغة الولايات المتحدة الأمريكية، وصيغة الاتحاد الأوروبي، وغيرهما.
([10]) ينظر تفاصيل هذه التحديات في: محماد رفيع، «عوائق النهوض الحضاري للأمة الإسلامية في السياق المعاصر»، مجلة سراج، ع11 (2024)، ص29-44.
([11]) ينظر: طه عبد الرحمن، تجديد المنهج في تقويم التراث (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، ط3، 2007)، ص87.
([12]) عمر عبيد حسنة، «مقدمة كتاب الأمة»، في أم نائل البركاني، فقه الوسائل في الشريعة الإسلامية، سلسلة كتاب الأمة، وزارة الأوقاف، قطر، ع120، 1428هـ، ص12.
([13]) ينظر: محمد بن أحمد الفتوحي، شرح الكوكب المنير، تحقيق: محمد الزحيلي ونزيه حماد (دمشق: دار الفكر، 1400هـ)، ج1، ص50.
([14]) ينظر: أبو البقاء الكفوي، الكليات، تحقيق: عدنان درويش، ومحمد المصري (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط1، 1412هـ)، ص291.
([15]) ينظر مالك بن نبي، وجهة العالم الإسلامي، ترجمة عبد الصبور شاهين (دمشق: دار الفكر، ط1، 1986)، ص38.
([16]) ينظر عبد الحميد أبو سليمان، العنف وإدارة الصراع السياسي في الفكر الإسلامي بين المبدأ والخيار: رؤية إسلامية (القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، هرندن: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 2002م)، ص27.
([22]) ينظر مالك بن نبي، شروط النهضة الحضارية، ترجمة عبد الصبور شاهين وعمر كامل مسقاوي (دمشق: دار الفكر، إصدار ندوة مالك بن نبي، [د.ت])، ص62.
([23]) عبد الحميد أبو سليمان، إشكالية الاستبداد والفساد في التاريخ الإسلامي (هرندن: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط2، 2012م)، ص78.
([24]) عبد الحميد أبو سليمان، أزمة العقل المسلم (الرياض: الدار العالمية للكتاب الإسلامي، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط3، 1994م)، ص45.
([27]) مفهوم الإصلاح يختلف في معناه اللغوي والاصطلاحي بحسب المجال التداولي للمصطلح، ينظر للتوسع: سيف الدين عبد الفتاح في: إسراء عمران، تقديم كتاب دور القيادة في الإصلاح السياسي دراسة العلاقة بين الفكر والممارسة قيادة عمر بن عبد العزيز نموذجا (القاهرة: دار السلام، ط1، 2011)، ص9، فما بعدها؛ ومصطفى المرابط، «افتتاحية العدد»، في مصطفى المرابط وآخرون، أولويات الإصلاح بين السياسي والثقافي، سلسلة مغارب، كتاب 2 (الرباط: مركز مغارب، ط 1، 2018)، ص14.
([34]) للتوسع في هذه الشروط العملية، ينظر المبحث الثالث في: محماد رفيع، نحو استراتيجية النهوض السياسي في سياق التحديات المعاصرة للأمة الإسلامية من التأصيل إلى التفعيل، البحث الفائز بالمرتبة الثانية في جائزة الدكتور مهاتير محمد للإبداع الفكري في دورتها الرابعة 2024م.
([35]) ينظر تفصيل القول في هذه التحولات في وليد عبد الحي، تحولات الرأي العام الدولي وطوفان الأقصى (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، ط1، 2023)، ص7 فما بعدها.
([36]) ينظر: «أزمة الصهيونية» في: عبد الوهاب المسيري، تاريخ الفكر الصهيوني، جذوره ومساره وأزمته (القاهرة: دار الشروق، ط1، 2010)، الباب الرابع.
([38]) ينظر تفاصيل تلك الشروط في: جاسم السلطان، الفكر الاستراتيجي في فهم التاريخ (أداة فلسفة التاريخ) (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، ط1، 2015م)، ص136 فما بعدها.
([40]) ينظر: أبو سليمان، «انهيار الحضارة الإسلامية»، ص47 وما بعدها؛ و«أزمة الإرادة والوجدان المسلم»، ص53 فما بعدها.
([41]) ينظر عماد الدين خليل، في المشروع الحضاري الإسلامي، التأسيسات...المعطيات...الاحتمالات (القاهرة: مفكرون الدولية للنشر والتوزيع، والمغرب: دار برهون الدولية للنشر والتوزيع، ط1، 2019)، ص158–196.
([43]) وقد تأصلت مناهج، وتقعدت قواعد وتأسست علوم في التاريخ الحضاري للأمة، في موضوع «تدبير الاختلاف»، نذكر من ذلك: منهج المناظرة والحجاج، وعلم الخلاف العالي والنازل، وما تقرر في علم أصول الفقه من أصل مراعاة الأعراف في اختلاف الأحكام، وأصل مراعاة الخلاف...، وغيرها.
([47]) وائل حلاق، الدولة المستحيلة الإسلام والسياسة ومأزق الحداثة الأخلاقي، ترجمة عمرو عثمان، مراجعة ثائر ذيب (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات، ط1، 2014م)، ص291.
([48]) ينظر عبد المجيد النجار، «دور التربية الفكرية في الوحدة الثقافية بين المسلمين»، مجلة الأمة الوسط، ع2 (2010)، ص111.
([49]) ينظر مريم أيت أحمد، «الوحدة الثقافية وأثرها في ائتلاف الصف الإسلامي»، مجلة الأمة الوسط، ع2 (2010)، ص193 فما بعدها.
([51]) ينظر عبد الإله بلقزيز، في الإصلاح وراهنيته، ضمن مصطفى المرابط وآخرون. أولويات الإصلاح بين السياسي والثقافي، ص27-37.
([53]) محمد أبو زهرة، الإمام زيد: حياته وعصره، آراؤه وفقهه (بيروت: دار الفكر العربي، [د. ت])، ص11.
([54]) أحمد الريسوني، الانتماء الإسلامي بين الوحدة والتعدد (الدار البيضاء: الدار المغربية للنشر والتوزيع، ط1، 2023)، ص63.
([55]) مسفر القحطاني، سؤال التدبير رؤى مقاصدية في الإصلاح المدني (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، ط1، 2014م)، ص160.
([57]) Larmore Charles. The Autonomy of Morality (Cambridge: Cambridge University, Press, 2008(. p. 122.
([58]) ينظر دراسة تأصيلية تفصيلية للموضوع في: محماد رفيع، «التعاون مع المخالف في درء الظلم وجلب العدل»، ضمن خالد العسري وآخرون، الربيع العربي وأسئلة المرحلة (الرباط: منشورات مجلة منار الهدى المغربية، مطبعة الجودة، ط1، 2012)، ص162فما بعدها.
([64]) ينظر عبد الحميد أبو سليمان، الإسلام ومستقبل الإنسانية (الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، 1987)، ص147-148.
([65]) رفضت العديد من الدول الانضمام إليها خوفًا من تبعات الانضمام، وعلى رأسها أمريكا و«الكيان الصهيوني» ومعظم الدول العربية. ينظر: محمد عوض، «مقاصد الشريعة والمحكمة الجنائية الدولية»، ضمن محمد كمال الدين إمام وآخرون، مقاصد الشريعة والاتفاقيات الدولية (لندن: مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، ط1، 2013)، ص177.
([66]) وذلك بمقتضى اتفاقية فيينا الخاصة بقانون المعاهدات لسنة 1969، نص المادة 19 التي تجيز للدول إبداء تحفظات عند الانضمام للمعاهدة.
([67]) ينظر تفاصيل هذه الاتفاقيات وأثرها على الأوضاع الداخلية للدول في: أحمد هندي، «مقاصد الشريعة الإسلامية وتحفظات الدول الإسلامية على الاتفاقيات الدولية»، ضمن كمال الدين إمام وآخرون، ص143-166.
([68]) ينظر: محمد علي التسخيري، «تعدد المذاهب والتقريب والوحدة الإسلامية»، مجلة الأمة الوسط، ع2 (2010)، ص102 – 104.