رضوان الأهدب
باحث بمختبر قضايا التجديد في الدراسات الإسلامية والإنسانية، الكلية متعددة التخصصات بالناظور، جامعة محمد الأول–المغرب
تاريخ الاستلام: 15/10/2023 تاريخ التحكيم: 12/01/2024 تاريخ القبول: 08/08/2024
أهداف البحث: يهدف البحث إلى اللفت إلى اتجاه تفسيري لم يُفرد بالتأليف بشكل مستقل، وإن كانت لمحاته وإشاراته لم تغب عن كثير من المفسرين، وهو الاتجاه القيمي، وذلك من خلال نموذج تطبيقي على آيتَي النداء القرآني للناس في سورتي لقمان والحجرات.
منهج البحث: اعتمد البحث المنهج؛ الاستنباطي: لاستخراج القيم من آيتَيْ النداء القرآني في سورتي لقمان والحجرات، والوصفي: لتوصيف القيم وتصنيفها، والتحليلي: لتحليلها وربطها بالواقع.
النتائج: توصل البحث إلى تعريف الاتجاه القيمي في التفسير بأنّه مَيْل المفسر إلى بيان الآيات القرآنية من جهة ما تتضمنه من قيم إسلامية تصريحا أو إضمارًا، وأنّ هذا الاتّجاه يعين على تمثّل القرآن، وتنزيله واقعًا، وأنّ سورتي لقمان والحجرات تشتملان على آيتين من آيات النداء القرآني للناس، تضمنّتا ثلاث عشرة قيمة؛ منها خمس قيم سلبية، وثماني قيم إيجابية.
أصالة البحث: إن دراسة الاتجاه القيمي في تفسير آيات النداء القرآني للناس في سورتي لقمان والحجرات تظهر أهميته في الإسهام في التربية على القيم، وتعديل السلوك الإنساني؛ ممّا يفتح الأفق لمزيد بحث في جميع آي القرآن للكشف عن الجانب القيمي فيها.
الكلمات المفتاحية: الاتجاه القيمي، آيات النداء القرآني للناس، لقمان، الحجرات
للاقتباس: الأهدب، رضوان. «الاتجاه القيمي في تفسير القرآن الكريم: آيتا النداء القرآني للناس في سورتي لقمان والحجرات»، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر، المجلد 43، العدد 2 (2025).
https://doi.org/10.29117/jcsis.2025.0417
©2025، الأهدب. مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، دار نشر جامعة قطر. نّشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0
A Value-Based Approach to Qur’an Exegesis:
A Study of Qur’anic Address (nidāᵓ)
in Surahs Luqman and Al-Ḥujurāt
Ridoine Lahdeb
Researcher at the Laboratory for Issues of Renewal in Islamic and Human Studies, Faculty of Multidisciplinary Studies, Nador, Mohammed First University-Morocco
https://orcid.org/0009-0006-7082-9684
Received: 15/10/2023 Peer-reviewed: 21/01/2024 Accepted: 08/08/2024
Abstract
Objectives: This study seeks to draw scholarly attention to an important exegetical approach —value-based — which, despite being implicitly recognized by several exegetes, has not been systematically explored as an independent field. It applies the value-based approach to the Qur’anic address (al-nidāᵓ al-qurᵓānī) to humanity in two specific verses from the chapters of Luqman and Al-Ḥujurāt (The Private Apartments).
Methodology: The study employs a deductive method to derive and reconstruct ethical values embedded in the Qur’anic address within select verses in these two surahs. Additionally, it adopts a descriptive-analytical approach to categorize, analyze, and contextualize the derived values in relation to contemporary realities.
Findings: This research defines a value-based in Qur’anic tafsīr as the exegetes’ inclination to interpret verses based on the values they, explicitly or implicitly, convey. It argues that this approach facilitates internalizing Qur’anic teachings and actualizing them in practice. Furthermore, this study identifies 13 key values in the two examined verses of al-nidā within surahs Luqman and Al-Hujurat, eight are considered positive values and five are negative.
Originality: Investigating the value-based approach underscores its relevance in fostering ethical education and shaping human behavior. The study is expected to opens new avenues for further exploration of value-based interpretations in the Qur’an.
Keywords: Value-based exegesis; Qur’anic address; Al-nidāᵓ al-qurᵓānī; Surah Luqmān; Surah Al-Ḥujurāt
Cite this article as: Lahdeb, R. “A Value-Based Approach to Qur’an Exegesis: A Study of Qur’anic Address (nidāᵓ) in Surahs Luqman and Al-Ḥujurāt”, Journal of College of Sharia and Islamic Studies, Qatar University, Vol. 43, Issue 2 (2025).
https://doi.org/10.29117/jcsis.2025.0417
© 2025, Lahdeb, R. Published in Journal of College of Sharia and Islamic Studies. Published by QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, trans.form, and build upon the material, provided the original work is properly cited. The full terms of this licence may be seen at: https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0
إن الناظر في اتجاهات التفسير يلاحظ تنوعا مُهمًّا في تفسير القرآن الكريم؛ حيث نجد بعض المصنفات اتجهت اتجاهًا لغويًا، وأخرى ذات اتجاه عقدي، وثالثة ذات اتجاه فقهي، ورابعة نحت منحى مقاصديًا، وخامسة سلكت مسلكًا إشاريًا، إلى غير ذلك من الاتجاهات التفسيرية.
غير أن اللّافت للانتباه هو غياب تفاسير ذات اتجاه قيمي خالص، ولعلّ هذا الفراغ هو أبرز الدوافع التي دفعت إلى كتابة هذا المقال، الذي يوجّه أنظار الباحثين إلى الاهتمام بهذا اللّون التفسيري، لا سيما أنه شديد الارتباط بحياة الناس؛ إذ إنه يتوجه مباشرة إلى السلوك البشري، محاولًا الترقّي به في سلّم القيم الإيجابية بمختلف تصنيفاتها، وينأى به عن القيم السلبية بمختلف مجالاتها.
تتلخص مشكلة البحث في مدى إمكانية تفسير القرآن الكريم تفسيرًا قيميًا من خلال تطبيق عملي([1]) على آيتَي النداء القرآني للناس في سورتي لقمان والحجرات.
ويتفرع عن هذه المشكلة الأسئلة الآتية:
- ما المقصود بالاتجاه القيمي في التفسير؟
- ما المنهجية العملية في التفسير القيمي؟
- كيف تُفسّر آيتا النداء القرآني للناس في سورتي لقمان والحجرات في إطار الاتجاه القيمي؟
يهدف البحث إلى:
- بيان مفهوم الاتجاه القيمي في التفسير.
- تفسير آيتَي النداء القرآني للناس في سورتي لقمان والحجرات تفسيرًا قيميًا.
بعد البحث والتنقيب، لم أجد – في حدود اطّلاعي – من تناول موضوع: الاتجاه القيمي في التفسير من خلال تطبيق عملي على آيتَي النداء القرآني للناس في سورتي لقمان والحجرات؛ غير أن هناك دراسة قريبة للدكتورة فاطمة بنت عمر نصيف بعنوان: (لنحيا بالقرآن: التفسير القيمي للقرآن الكريم، سورتي الفاتحة والبقرة)، شركة باب الكويت للصحافة والنشر، الطبعة الثانية، 1439ه/2017م. وقد خصّصت الجزء الثاني لسورة آل عمران، ودراستها محاولة تطبيقية للتفسير القيمي على سور الفاتحة والبقرة وآل عمران. لكنها خالية من أيّ توضيح لمفهوم التفسير القيمي، فضلا عن أن طريقتها في التفسير تشبه إلى حدّ بعيد طريقة أبي بكر الجزائري في مصنّفه أيسر التفاسير؛ حيث تنهي المقطع القرآني بالقيم المُتضمَّنة فيه بجمل قصيرة مركّزة، غالبا ما تخلط فيها بين القيم والهدايات.
من هنا، سعى هذا البحث إلى تقديم إضافة نوعية متمثلة في اقتراح تعريف للاتجاه القيمي في التفسير، وتطبيق عملي على آيتَي النداء القرآني للناس في سورتي لقمان والحجرات، بمنهجية تختلف كلّيًا عن الدراسة السابقة.
اقتضت طبيعة البحث اتباع:
- المنهج الاستنباطي: بُغية استنباط القيم من الآيات، لا سيما تلك القيم التي تحتاج إلى تدبّر.
- المنهج الوصفي التحليلي: الذي يتجلى في تحديد مفهوم التفسير القيمي وشرحه، ثمّ الوقوف عند القيم المستفادة تحليلًا، وشرحًا، وتعليقًا، واستدلالًا.
جاءت خطة البحث في مقدمة وتمهيد ومبحثين وخاتمة؛ أما المقدمة، فاشتملت على بيان أهمية الموضوع وأهدافه ومشكلته والدراسات السابقة والمنهج المتبع فيه ثم خطته العامّة. وأما التمهيد، فكان تحديدًا للمفاهيم المشكِّلة للعنوان، بينما جاء المبحثان الأول والثاني تطبيقيين على آيتَي النداء القرآني للناس في سورتي لقمان والحجرات، ثم جاءت الخاتمة رصدًا لأبرز نتائج البحث وتوصياته.
يتضمن هذا التمهيد التعريف بأهم مصطلحات عنوان البحث، وهي كالآتي:
يطلق الاتجاه في اللغة على عدة معان، منها: الرأي، والإقبال، والطريق، والمسلك([2]). وفي اصطلاح الباحثين في مجال التفسير نجد تعريف د. محمد شريف بأنه: «مجموعة الآراء والأفكار والنظرات والمباحث التي تشيع في عمل فكري – كالتفسير – بصورة أوضح من غيرها، وتكون غالبة على ما سواها، ويحكمها إطار نظري أو فكرة كلية، تعكس بصدق مصدر الثقافة التي تأثر بها صاحب التفسير، ولونت تفسيره بلونها»([3]). وعرّفه د. فهد الرومي بأنه: «الهدف الذي يتجه إليه المفسرون في تفاسيرهم، ويجعلونه نصب أعينهم وهم يكتبون ما يكتبون»([4]).
ويمكن تعريف الاتجاه من وجهة نظري بأنه: نسق منظم يُعبّر عن نزعة الباحث وهدفه في مقاربة موضوع ما.
إن مراجعة مادة (ق و م) في المعاجم اللغوية تحيل إلى المعاني الآتية: الاستقامة، الاعتدال، العدل، القدر، الثبات، المحافظة، الإصلاح، والدوام([5]). أما من الناحية الاصطلاحية، فقد اختُلف في تحديد مفهوم القيم تبعًا لاختلاف الحقول المعرفية التي تناولته، لكنّ الذي يهمنا في هذا السياق هو تعريف القيم في المجال الديني. ولأن العلماء المتقدمين لم يشتهر عنهم استعمال هذا المصطلح، أورد تعريفًا معاصرًا للقيم الإسلامية؛ إذ هي «مجموعة من المعايير والأحكام النابعة من تصورات أساسية عن الكون والحياة والإنسان والإله، كما صورها الإسلام، وتتكون لدى الفرد والمجتمع من خلال التفاعل مع المواقف والخبرات الحياتية المختلفة، بحيث تمكنه من اختيار أهداف وتوجهات لحياته تتفق مع إمكانياته، وتتجسد من خلال الاهتمامات أو السلوك العملي بطريقة مباشرة وغير مباشرة»([6]).
ويمكن تعريف القيم الإسلامية على سبيل الاختصار بأنّها: مجموع المبادئ والمثُل والمعايير والاختيارات العقلية والوجدانية والسلوكية التي تستند إلى المرجعية الإسلامية.
ويجدر التنبيه في هذا المقام إلى أن الأصل في القيم الإيجاب؛ لكن القرآن الكريم قد ينهانا ويحذرنا من قيم سالبة، قد يظنّ أصحابها أنها قيم إيجابية. لذلك نحوت منحى من يُصنّف القيم إلى ثنائية تقوم على الإيجاب والسّلب.
يقول ابن فارس: «الفاء والسين والراء كلمة واحدة تدل على بيان شيء وإيضاحه»([7])، وفي لسان العرب: «الفَسْرُ: الْبَيَانُ. فَسَر الشيءَ يفسِرُه، بالكَسر، ويفْسُرُه، بِالضَّمِّ، فَسْرًا وفَسَّرَهُ: أَبانه [...] والفسْر: كشف المُغطى، والتفسير: كشف المراد عن اللفظ المشكل»([8]).
أما اصطلاحًا، فتنوعت تعريفات العلماء للتفسير، وتراوحت بين الضيق والسعة، أذكر من بين تلك التعريفات ما ذكره الإمام ابن جزي في تسهيله؛ حيث قال: «التفسير: شرح القرآن وبيان معناه، والإفصاح بما يقتضيه بنصه أو إشارته أو فحواه»([9]). ومعنى ذلك أن التفسير هو إيضاح لمعاني القرآن بطرق البيان المعروفة في علمي اللغة وأصول الفقه. وتوسّع الإمام الزركشي ليجعل التفسير علمًا «يفهم به كتاب الله المنزل على نبيه محمد ﷺ وبيان معانيه، واستخراج أحكامه وحكمه، واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والتصريف وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات، ويحتاج لمعرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ»([10]).
بناءً على ما سبق، يمكن القول بأن التفسير هو بيان المراد من كلام الله تعالى من خلال استدعاء كل ما يساعد على الكشف عن المعنى وإيضاحه.
رابعا: مفهوم الاتجاه القيمي في التفسير
بعد تحرير مصطلحات الاتجاه والقيم والتفسير كلٌّ على حدة، نأتي إلى صياغة تعريف إجرائي للاتجاه القيمي في التفسير، كما ترومه الدراسة الراهنة، فنقول: إن معناه يتلخص في مَيْل المفسر إلى بيان الآيات القرآنية من جهة ما تتضمنه من قيم إسلامية تصريحا أو إضمارًا.
فهو تفسير يعنى بدراسة آيات القيم، ويوليها عناية خاصة. وبذلك تنحصر مهمة التفسير القيمي في تتبُّع واستقراء الآيات القيمية، وبيان ما تنطوي عليه من مُثل وقيم، يهدف القرآن الكريم إلى غرسها في نفوس قارئيه، حتى يصطبغ سلوكهم بها، ويحتكموا إليها في كل تصرفاتهم، وعند كل مواقف الحياة. وليس بالضرورة أن يصرّح القرآن بهذه القيم؛ بل يمكن الاستفادة منها ضمنيا وتلميحا.
خامسا: آيات النداء القرآني للناس
يُقصد بآيات النداء القرآني للناس تلك الآيات التي يخاطب فيها الله تعالى عموم الناس بصيغة (يا أيها الناس).
ورد في سورة لقمان آية واحدة بصيغة ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ﴾، وهي قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡ وَٱخۡشَوۡاْ يَوۡمٗا لَّا يَجۡزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِۦ وَلَا مَوۡلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِۦ شَيًۡٔاۚ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ﴾ [لقمان: 33].
- واخشوا يومًا: خافوا يوم القيامة.
- لا يجزي: لا يُغني([11]).
- إن وعد الله حق: يعني البعث والحساب.
- الغرور: بالفتح يراد بها الشيطان، وبالضم تعني غُرور الدنيا وأباطيلها([12]).
تتضمن الآية أمرين ونهيين، وبينهما تقرير؛ فأمّا الأمران، فيتعلّقان بتقوى الله تعالى والخوف من لقائه يوم القيامة. وأمّا النّهيان، فهما نهي عن الاغترار بالدنيا، ونهي عن الاغترار بوساوس الشيطان. وأمّا التقرير، فيتعلّق بالإخبار عن حقيقة يوم البعث والجزاء.
تتضمن الآية الثانية والثلاثون من سورة لقمان أربع قيم إيجابية، وأربع قيم سلبية، وهي:
ينصّ قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡ﴾ على قيمة التقوى التي تعدّ من بين القيم العظمى في المنظومة الإسلامية، وقد اقترنت بكلمة الرّب؛ فأفادت أن من واجب العبد أن يتقي مولاه وربّه، فكما أنّه في الدّنيا يأخذ العبد أو الأجير حِذره ويتّقي ما يُغضب سيّده أو ربّ عمله؛ فإنّ الله أولى بهذا الاتّقاء، ولله المثل الأعلى.
وحقيقة التقوى أن يجعل الإنسان بينه وبين عقاب الله حجابًا يتمثل في الامتثال لأوامره واجتناب نواهيه، وقد عرّفها الإمام المحاسبي بأنها «القيام بما أوجب الله عز وجل لله، وترك ما نهى الله عز وجل عنه لله تبارك وتعالى»([13]).
ولنتأمل أن المخاطبين بالتقوى في الآية هم عموم الناس مؤمنين وكافرين. وعليه؛ فإن مظاهر التقوى تختلف بين المؤمن والكافر؛ بحيث يكون الأمر للكافر بالاتقاء متجهًا إلى وقاية نفسه من الكفر والشرك ابتداءً، بينما يكون بالنسبة للمؤمن منصرفًا إلى تجنّب كلّ ما يجلب غضب الله وسخطه، فضلا عن تجنّب الكفر ضرورة. يقول الإمام الماتريدي: «يختلف الأمر بالاتقاء في المؤمن والكافر؛ يكون للكافر: اتقوا الشرك وعبادة غير اللَّه، وفي المؤمن: اتقوا مخالفة اللَّه في جميع ما يأمركم وينهاكم، واتقوا عبادة غير الله أو الشرك في حادث الوقت»([14]).
تُستفاد قيمة الخشية من قوله تعالى: ﴿وَٱخۡشَوۡاْ يَوۡمٗا﴾؛ إذ يأمرنا الله تعالى بأمر ينطوي على تحذير، مفاده أن نخاف من لقائه يوم القيامة، والخوف من الشيء يفرض على الإنسان الاستعداد له لمواجهته، وقد زوّدنا الله تعالى في بداية الآية بطريقة الاستعداد لمثل هذا اليوم، ألا وهي التقوى.
وقد لفت انتباهي تفسير الإمام الشعراوي لخشية هذا اليوم، بأنها خشية من اليوم نفسه بصرف النظر عن الجزاء فيه؛ فكما تقول خفت شدة الملاحظة يوم الامتحان، فالخوف من الحدث، لا من اليوم نفسه، أمَّا لو قلت خفت يوم الامتحان، فالخوف من كل شيء في هذا اليوم، أي من اليوم نفسه([15]). ومؤدى هذا الكلام أن المؤمنين والكافرين سيعتريهم الخوف في هذا اليوم، مصداقًا لعموم قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ إِنَّ زَلۡزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيۡءٌ عَظِيمٞ ١ يَوۡمَ تَرَوۡنَهَا تَذۡهَلُ كُلُّ مُرۡضِعَةٍ عَمَّآ أَرۡضَعَتۡ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمۡلٍ حَمۡلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَٰرَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٞ ٢﴾ [الحج: 1، 2].
ويبدو أن هذا القول مشكل، لا سيما إذا فُهم على عمومه؛ لأن الله تعالى أخبرنا في آيات أُخَرَ وفي أكثر من موضع بأن المؤمنين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، قال تعالى: ﴿فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ﴾ [البقرة: 38]، وقال تعالى: ﴿يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ إِمَّا يَأۡتِيَنَّكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَقُصُّونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِي فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصۡلَحَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ﴾ [الأعراف: 35]، وقال تعالى: ﴿لَا يَحۡزُنُهُمُ ٱلۡفَزَعُ ٱلۡأَكۡبَرُ وَتَتَلَقَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ هَٰذَا يَوۡمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمۡ تُوعَدُونَ﴾ [الأنبياء: 103]، وأكّد النبي ﷺ شعور فئة من الناس يوم القيامة بالأمن وعدم الخوف، فقال عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ، يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ، قِيلَ: مَنْ هُمْ لَعَلَّنَا نُحِبُّهُمْ؟، قَالَ: هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِنُورِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ أَرْحَامٍ وَلَا انْتِسَابٍ، وُجُوهُهُمْ نُورٌ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ٦٢﴾ [يونس: 62]»([16]).
تحتمل الإجابة عن هذا المشكل عدة احتمالات، منها:
- إن الخوف المنفي عن هذا الفريق من الناس هو الخوف في الدنيا([17])، وهذا الاحتمال بعيد. يقول أبو حيان: «لأنه في دار الدنيا قد يلحق المؤمن الخوف والحزن»([18])، وهو ما يؤكّده الواقع؛ فالدنيا دار ابتلاء، والخوف والحزن من مظاهر الابتلاء، وأشدّ الناس ابتلاء أقربهم إلى الله. ومن جهة أخرى فإن المعنى الأول الذي يُفهم من ظاهر جميع الآيات النافية للخوف والحزن هو خوف الآخرة، لا خوف الدنيا.
- إن الخوف المنفي عن هؤلاء المؤمنين هو الخوف الشديد؛ «إذ يخففه عن المطيعين، وإذا صاروا إلى رحمته فكأنهم لم يخافوا»([19])، وغمسة واحدة في الجنة كافية لتنسيه خوفي الدنيا والآخرة، وهذا وجه محتمل.
- إن الخوف المنفي هنا هو خوف ما بعد الحساب؛ إذ «يحتمل أن يريد أنه يدخلهم الجنة حيث لا خوف ولا حزن»([20])، ذكر هذا الاحتمال الإمام ابن عطية، لكنّه يَبعُد؛ لأن الجنّة معلوم بداهة أن لا خوف فيها ولا حزن.
- إن الخوف المنفي هنا هو الخوف المستمرّ؛ إذ إن أهوال اليوم الآخر تُدخل الفزع إلى قلوب الجميع مؤمنين وكافرين، غير أن طائفة المؤمنين لن يدوم خوفها، وإنما سيكون خوفا فطريا مؤقتا في البداية، لتسري الطمأنينة فيما بعد برحمة الله.
- إن الخوف المنفي هنا خاصّ ببعض المؤمنين الذين توافرت فيه صفات القبول عند الله تعالى فأكرمهم بهذه الميزة، والله أعلم.
بعد هذا التوضيح، وعلى كلّ حال، أقول: إن قيمة الخشية مطلوبة، وهي خشية الله تعالى، والخوف من لقائه؛ لأن هذه الخشية هي الدافعة والمحفّزة على أخذ الحذر وفعل كلّ ما يرضي الله تعالى، وهي القنطرة لبلوغ الأمان الذي يطمع فيه المؤمنون الذين ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمۡ عَنِ ٱلۡمَضَاجِعِ يَدۡعُونَ رَبَّهُمۡ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا﴾ [السجدة: 16].
يقول تعالى: ﴿وَٱخۡشَوۡاْ يَوۡمٗا لَّا يَجۡزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِۦ وَلَا مَوۡلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِۦ شَيۡـًٔاۚ﴾؛ بمعنى أنّ الوالد والولد لا ينفع أحدهما الآخر يوم القيامة؛ فكلاهما معلّق بأعماله، مؤاخذ بأفعاله، و﴿كُلُّ نَفۡسِ بِمَا كَسَبَتۡ رَهِينَةٌ﴾ [المدثر: 38].
يقول الإمام الطبري: «خافوا أن يحلّ بكم سخطه في يوم لا يغني والد عن ولده، ولا مولود هو مغن عن والده شيئا؛ لأن الأمر يصير هنالك بيد من لا يغالب، ولا تنفع عنده الشفاعة والوسائل، إلا وسيلة من صالح الأعمال التي أسلفها في الدنيا».
تعلّمنا هذه الآية قيمة مهمة في علاقة الإنسان بربّه، وهي أن يعتمد على نفسه في إرضائه سبحانه وتعالى، ولا يتعلّق بأنسابه وقرابته للنجاة في الآخرة، قال ﷺ: «مَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ»([21])؛ فكلّ عبد سيقف وحده بين يدي ربّه، ﴿وَكُلُّهُمۡ ءَاتِيهِ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَرۡدًا﴾ [مريم: 95]، فأين هي الشوكة التي كان يتغنى بها؟ وأين هي العصبية التي كان يتباهى بها؟ وأين هي العشيرة التي كان يحتمي بها؟ جميعهم يفرّون، قال تعالى: ﴿يَوۡمَ يَفِرُّ ٱلۡمَرۡءُ مِنۡ أَخِيهِ ٣٤ وَأُمِّهِۦ وَأَبِيهِ ٣٥ وَصَٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ ٣٦ لِكُلِّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُمۡ يَوۡمَئِذٖ شَأۡنٞ يُغۡنِيهِ﴾ [عبس: 34-37]. كلّ أحد لا يهمّه إلا نفسه، ولا ينشغل إلا بذاته، ولا يُفكّر إلا فيما قدّمه من صالح الأعمال علّها تنفعه بين يدي الله، ﴿يَوۡمَ لَا يَنفَعُ مَالٞ وَلَا بَنُونَ ٨٨ إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ ٨٩﴾ [الشعراء: 88، 89].
إن قيمة الاعتماد على النفس وعدم التوسل بالأنساب والصداقات يجب أن تمتد إلى حياتنا الدنيوية؛ حتى يتحقق مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين الناس، لكن للأسف، واقعنا المرير تفوح منه رائحة المحسوبية وعلاقات القرابة والصداقة؛ فكان من آثارها غمط حقوق الناس، وهضم حقوقهم، وإسناد الأمور إلى غير أهلها.
إذا كان قوله تعالى: ﴿وَٱخۡشَوۡاْ يَوۡمٗا لَّا يَجۡزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِۦ وَلَا مَوۡلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِۦ شَيۡـًٔاۚ﴾ يفيد بطلان الافتداء في الآخرة؛ فإنه ينبّهنا إلى قيمة المسؤولية التي لا تنتظم الحياة إلا بها، وكلّ فرد سيقف موقف المسؤول، قال تعالى: ﴿وَقِفُوهُمۡۖ إِنَّهُم مَّسۡـُٔولُونَ﴾ [الصافات: 24]، «فهذا هو الموقف الذي يواجهون فيه المسؤولية في كل ما اعتقدوه وما قالوه وفعلوه، ليتميز الحق عن الباطل. وهم مطالبون بتحديد الإجابة عن أسئلةٍ من قبيل: من هو المسؤول عن انحرافهم عن الخط المستقيم؟ وهل يتحملون مسؤولية أعمالهم أو يتحملها غيرهم؟ ليواجهوا بعد ذلك النتائج من خلال طبيعة الجواب في تفاصيل الموقف كله، من دون أن يغني أحدٌ عن أحدٍ شيئًا، بعد أن عاشوا جماعاتٍ في الدنيا مرتبطين ببعضهم البعض كلّ الارتباط»([22]). وأسئلة أخرى عن العمر، والعلم، والمال، والجسم، قال ﷺ: «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ»([23]).
فجميع الناس سوف يُسألون عن أعمالهم، قال تعالى: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسۡـَٔلَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ ٩٢ عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ٩٣﴾ [الحجر: 92، 93]، ولن يتحمّل تبعاتها أحد عن أحد، فلنحسن اختياراتنا وقراراتنا لأننا مسؤولون عنها، كما قال تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أخرى﴾ [فاطر: 18].
تُستنبط قيمة الوفاء بالوعود من قوله تعالى: ﴿إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ﴾، ووجه الدلالة على هذه القيمة هو وصف وعد الله تعالى بالحق والصدق، وهذا الوصف تكرّر في القرآن كثيرًا، نحو قوله تعالى: ﴿وَكَانَ وَعۡدُ رَبِّي حَقّٗا٩٨﴾ [الكهف: 98]، وقوله تعالى: ﴿كَمَا بَدَأۡنَآ أَوَّلَ خَلۡقٖ نُّعِيدُهُۥۚ وَعۡدًا عَلَيۡنَآۚ إِنَّا كُنَّا فَٰعِلِينَ﴾ [الأنبياء: 104]، وقوله تعالى: ﴿وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ٦﴾ [الروم: 6].
وعليه؛ فإن الإنسان يجب أن يكون له حظ من هذا الصدق في الوعود. ومن المعلوم أن إنفاذ الوعود من القيم المحبوبة إلى البشر جميعا. فجميعنا يأنف ويمقت إخلاف الوعد، لذلك عدّه النبي ﷺ من خصال النفاق، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ»([24]).
بما أن الله تعالى أخبرنا بأن وعده حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها؛ فإنه حذرنا من الاغترار بالدنيا وما فيها من ملذات وشهوات...، قال تعالى: ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا﴾ «بزخارفها الغرارة فإِنَّ نعمها دانية، ولذاتها فانية، فلا تشغلكم عن التأهب للّقاء، بالزهد فيها، والتفرغ لِمَا يرضي الله، من توحيده وطاعته»([25]).
فالكيّس الفطن هو من تفطّن لأمر الدنيا، ولم ينخدع بسرابها، ولم يُعطها أكثر من حجمها. جعلها قنطرة وجسرًا يمرّ من خلاله إلى الآخرة، ومزرعة يزرع فيها صالح الأعمال؛ ليجني ثمارها وقطوفها عند لقاء ربّه.
إن حقيقة الدنيا التي ننساها أو نتناساها هي كما وصفها خالقها: ﴿ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞ وَزِينَةٞ وَتَفَاخُرُۢ بَيۡنَكُمۡ وَتَكَاثُرٞ فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِۖ كَمَثَلِ غَيۡثٍ أَعۡجَبَ ٱلۡكُفَّارَ نَبَاتُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰمٗاۖ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٞ شَدِيدٞ وَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٞۚ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ﴾ [الحديد: 20]. ومع أن هذه هي حقيقتها؛ إلّا أن أكثر الناس ليس لهم من همٍّ إلّا الجري وراءها جري الوحوش. تراهم يبحثون عن الجاه والنفوذ والسلطة والمال والشهرة وغير ذلك من بهرج الدنيا وعرضها الزائل. وللّه درّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه القائل: «يا دنيا غري غيري، إليّ تعرضت أم إليّ تشوفت؛ هيهات هيهات! قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعمرك قصير، وخطرك قليل، آه من قلة الزاد وبُعد السفر ووحشة الطريق»([26]).
تؤخذ هذه القيمة السلبية من نهي الله تعالى: ﴿وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ﴾، والغَرور كما فسّره الإمامان مجاهد والضحّاك هو الشيطان([27])؛ فنهتنا الآية عن مطاوعة الشيطان في تغريره ووساوسه، لأنه العدوّ اللّدود لبني آدم، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ﴾ [فاطر: 6]، ومن ثَمَّ؛ فإن الاستسلام للشيطان هو قيمة سلبية ستعود بالوبال على الإنسان في دنياه وأخراه، قال تعالى: ﴿قَالَ ٱذۡهَبۡ فَمَن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمۡ جَزَآءٗ مَّوۡفُورٗا ٦٣ وَٱسۡتَفۡزِزۡ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتَ مِنۡهُم بِصَوۡتِكَ وَأَجۡلِبۡ عَلَيۡهِم بِخَيۡلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِ وَعِدۡهُمۡۚ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ إِلَّا غُرُورًا ٦٤﴾ [الإسراء: 63، 64].
ذكر المفسرون معنى آخر من معاني الغَرور في قوله تعالى: ﴿وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ﴾، وهو «الأمل والتسويف»([28])، ومعنى الأمل تشرحه عبارة الإمام سعيد بن جبير: «أن تعمل بالمعصية وتتمنى المغفرة»([29])، وقد عدّ النبي ﷺ هذا النوع من الأمل عجزًا وكسلًا، فقال: «الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ، وَالعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ»([30]).
وللأسف هذا واقع كثير منّا، يحفظ فقط قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ﴾ [الشورى: 5]، ويتناسى قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ﴾ [الأنفال: 52]، علمًا بأن الله جمع في آية واحدة بين المغفرة والعقاب؛ حتى لا يغرّنا الشيطان بطول الأمل، أو تزيّن لنا النفس الأمارة بالسوء الأماني، قال تعالى: ﴿ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ وَأَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾ [المائدة:98].
ومن معاني الأمل ما ذكره الإمام الزمخشري: «ذكرك لحسناتك، ونسيانك لسيئاتك»([31])، وهذا حالنا نذكر حسناتنا ومحامدنا ونتغاضى عن سيئاتنا ومثالبنا، ونكره كلّ من يواجهنا بنقائصنا ومعايبنا، رحم الله عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان يقول: «إن أحب الناس إلي من أهدى إلي عيوبي»([32]). مع أن ذكر المقابح والمعايب الذاتية من القيم الإيجابية لأنها نقد ذاتي يُحفّز على المراجعة والتقويم، وهو أمر مطلوب في إطار الاستعداد للمحاسبة الأخروية، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإنه أهون لحسابكم، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتجهزوا للعرض الأكبر»([33]).
إن خطورة قيمة الأمل تمتد آثارها لتنتج قيمة سلبية أخرى، هي قيمة التسويف؛ حيث يؤجل الإنسان أوبته وتوبته إلى الله، ويوسوس له شياطين الإنس والجن بأنّ الوقت طويل، وأن الأوان لم يحن بعد.
إن قيمة التسويف قيمة سلبية في جميع المجالات، ليس في الحياة الدينية فحسب، وإنما حتى على مستوى الحياة العملية؛ إذ نجد كثيرا من الناس يحيون حياتهم بمنهج التسويف، فيتأخرون في مواعيدهم، وإنجاز مهامهم، ويتماطلون في أداء حقوق غيرهم.
ورد في سورة الحجرات آية واحدة نادى فيها الله سبحانه وتعالى عموم الناس، وهي:
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ﴾ [الحجرات: 13].
- من ذكر وأنثى: من آدم وحواء عليهما السلام([34]).
- إن أكرمكم: إن أفضلكم([35]).
يخبرنا الله تعالى في الآية الثالثة عشرة من سورة الحجرات بأصل البشرية الذي يرجع إلى آدم وحواء عليهما السلام، ويبيّن لنا أن التعارف هو الحكمة من خلق الناس مختلفين شعوبا وقبائل، ثم يحدّد لنا التقوى مقياسا للتفاضل بينهم.
تتضمن الآية الثالثة عشرة من سورة الحجرات أربع قيم إيجابية وقيمة سلبية، وهي
تستنبط قيمة الأخوة الإنسانية من قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ﴾، ووجه الدلالة عليها وحدة الأصل الذي تشترك فيه البشرية جمعاء؛ إذ ينتسب الناس جميعًا إلى أبيهم آدم وأمّهم حواء عليهما السلام. وهذا الأصل المشترك يقضي بضرورة الأخوة بين بني آدم، وقد نبّه القرآن الكريم على ذلك في أكثر من آية نحو قوله تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَجَعَلَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا لِيَسۡكُنَ إِلَيۡهَاۖ﴾ [الأعراف: 189]، وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ فَمُسۡتَقَرّٞ وَمُسۡتَوۡدَعٞۗ قَدۡ فَصَّلۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَفۡقَهُونَ﴾ [الأنعام: 98].
إن الأخوة الإنسانية آصرة تجمع بين الناس أجمعين بحكم اشتراكهم في الأصل، وتدمجهم في بوتقة واحدة رغم اختلافهم العرقي، واللغوي، والديني، والجغرافي... وعليه؛ فإنها تفرض حقوقًا متبادلة بين هؤلاء الإخوة، الكلّ ملزم باحترامها ومراعاتها.
تستنبط هذه القيمة السلبية التي يرفضها الإسلام رفضا قاطعًا من قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ﴾، ويستدلّ عليها من ثلاثة أوجه:
- انتماء الناس إلى أصل واحد، ومن ثَمّ؛ فلا معنى ولا منطق لوجود تمييز عنصري بينهم، وهل يُتصوّر أن يُعامل أفراد الأسرة الواحدة بعضهم بعضا معاملة عنصرية وهم من أب واحد وأمّ واحدة؟!
- مفهوم المخالفة في قوله تعالى: ﴿لتعارفوا﴾؛ إذ إن المقصد من خلق الناس متشعبين ومختلفين هو التعارف، فيُفهم من ذلك أن التمييز غير مقصود وغير معتبر.
- يفيد سبب نزول الآية عدّ الإسلام التمييز العنصري قيمة سالبة، يقول الإمام قتادة: «لما فتح مكة أمر بلالا فصعد ظهر الكعبة وأذن، وأراد أن يذل المشركين بذلك، فلما صعد بلال وأذن. قال عتاب بن أسيد: الحمد لله الذي قبض أسيد قبل هذا اليوم. وقال الحارث بن هشام: عجبت لهذا العبد الحبشي أما وجد رسول الله ﷺ إلا هذا الغراب الأسود وقال سهيل بن عمرو: إن يكره الله شيئا يغيره. وقال أبو سفيان: أما أنا فلا أقول، فإني لو قلت شيئا لتشهدن عليّ السماء ولتخبرن عني الأرض- فنزل جبريل على النبي ﷺ فأخبره بقولهم، فدعاهم (...) فأنزل الله تعالى فيهم: يا أيها الناس»([36]).
وفي رواية أخرى أن رسول الله ﷺ «مرّ ذات يوم ببعض الأسواق بالمدينة، وإذا غلام أسود قائم ينادى عليه: يباع فمن يريد، وكان الغلام يقول: من اشتراني فعلى شرط، قيل: ما هو؟ قال: لا يمنعني من الصلوات الخمس خلف رسول الله ﷺ، فاشتراه رجل على هذا الشرط، وكان يراه رسول الله ﷺ عند كل صلاة مكتوبة، ففقده ذات يوم فقال لصاحبه: أين الغلام؟ فقال: محموم يا رسول الله، فقال لأصحابه: قوموا بنا نعوده، فقاموا معه فعادوه، فلما كان بعد أيام قال لصاحبه: ما حال الغلام؟ فقال: يا رسول الله إن الغلام لما به، فقام ودخل عليه وهو في برحائه فقبض على تلك الحال، فتولى رسول الله ﷺ غسله وتكفينه ودفنه، فدخل على أصحابه من ذلك أمر عظيم، فقال المهاجرون: هجرنا ديارنا وأموالنا وأهلينا فلم ير أحد منا في حياته ومرضه وموته ما لقي هذا الغلام. وقالت الأنصار: آويناه ونصرناه وواسيناه بأموالنا فآثر علينا عبدا حبشيا. فأنزل الله تبارك وتعالى: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى»([37]).
فهاتان الرّوايتان([38]) تبيّنان موقف الإسلام من التمييز العنصري؛ حيث يرفضه ويعدّه تصرفا من تصرّفات الجاهلية التي لا تعتدّ إلّا بالأنساب والأموال.
فانظر إلى تحضُّر الإسلام وشريعته القائمة على مبدأ المساواة منذ القرن السابع الميلادي، وقارنه بما كان عليه العالم آنذاك من تقسيم للمجتمعات، وتأخر في إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وما صاحبه من انتهاك لمبدأ المساواة وترسيخ للتمييز العنصري الذي ما تزال معالمه وآثاره إلى الآن.
تستفاد قيمة التعارف من قوله تعالى: ﴿وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ﴾؛ ذلك أن الله تعالى كشف لنا عن الغاية من خلق الناس متشعبين ومختلفين، وهي غاية التعارف، والتواصل، والتفاعل الإيجابي، وليس لأجل التصادم، والتناحر، والهيمنة، والاستعمار...
فالآية تدعونا إلى استثمار التنوع العرقي والجغرافي والثقافي الذي تزخر به الحياة البشرية في تحقيق قيمة التعارف، ومن المعلوم أن التنوع والاختلاف آية ربّانية، قال تعالى: ﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفُ أَلۡسِنَتِكُمۡ وَأَلۡوَٰنِكُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡعَٰلِمِينَ﴾ [الروم: 22]، وعلى المسلمين استثمار قيمة التعارف من أجل التعريف بثقافة الإسلام، وتصحيح صورته التي تعرّضت للتشويه من قِبل أفراد ومؤسسات غربية رسمية وغير رسمية.
ولا يعني هذا أن التعارف منتهاه الانصهار الكلي والاندماج التام في الآخر؛ بل كلّ طائفة لها الحق في الاحتفاظ بخصوصياتها، والانفتاح على غيرها في إطار التواصل الاجتماعي، وتبادل المنافع والمصالح والخبرات([39]).
تستنبط قيمة التعاون من قوله تعالى: ﴿وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ﴾، ووجه الدلالة عليها هو مُقتضى التعارف الذي حثّت عليه الآية الكريمة؛ ذلك أن التعارف لا بدّ أن يفضي إلى التعاون، وإلّا فما قيمة التعارف إذا لم يُثمر تعاونًا وتضامنًا.
وها هنا سؤالان؛ أولهما هل يستساغ التعاون في ظل وجود الاختلاف؟ وثانيهما هل التعاون مطلوب على إطلاقه؟
إن حمل الناس على الاتفاق الكلّي في جميع الأمور من العسر بمكان، بل من المحال؛ فكل جماعة لها أعرافها وعوائدها وثقافتها ومعتقداتها... ورغم هذه المساحة التي تعجّ بنقاط الاختلاف، إلّا أنه يمكن البحث عن مساحات أخرى مشتركة تتيح فرص التعاون فيها. فعلى سبيل المثال لا الحصر: يمكن أن تتكاثف الجهود في نصرة المظلومين والمستضعفين، ولنا أسوة في الرسول ﷺ، الذي أثنى على حلف الفضول ورحّب به لأنه كان يدافع عن المظلومين. قال ﷺ: «شَهِدْتُ مَعَ عُمُومَتِي حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمْرَ النّعَمِ وَإِنِّي أَنْكُثُهُ»([40])، كما يمكن التعاون بين الدول في المجال العلمي والصحي والاقتصادي والبيئي وغير ذلك من ميادين الحياة.
غير أن هذا التعاون يجب أن يتأطر بالبرّ والخير، وكلّ تعاون على المعصية والإثم غير مأذون فيه، قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ﴾ [المائدة: 2].
ينص قوله تعالى: ﴿إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ﴾ على قيمة التقوى باعتبارها معيارًا للتفاضل بين الناس، وسبب نزول الآية يؤكد على هذا المعيار، يقول ابن عباس رضي الله عنه: «نزلت في ثابت بن قيس، وقوله في الرجل الذي لم يفسح له ابن فلانة؟ فقال رسول الله ﷺ: من الذاكر فلانة؟ فقام ثابت فقال: أنا يا رسول الله. فقال: انظر في وجوه القوم، فنظر فقال: ما رأيت يا ثابت؟ فقال: رأيت أبيض وأحمر وأسود، قال: فإنك لا تفضلهم إلا في الدين والتقوى، فأنزل الله تعالى هذه الآية»([41]).
ولم يفت النبي ﷺ في أكثر من مناسبة التأكيد على أن الرّفعة والفضيلة لا تكتسب بالمال أو الجاه أو النسب أو الجمال، وإنما بمدى تحقق التقوى. قال ﷺ: «أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى»([42])، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»([43]).
فنسب التقوى هو النسب الذي سيرفعه الله يوم القيامة، لا الأنساب التي يختلقها الناس في دنياهم وعلى أساسها يتعاملون، عن أبي هريرة رضي الله عنه. قال: قال رسول الله ﷺ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَمَرَ اللَّهُ مُنَادِيًا يُنَادِي: أَلَا إِنِّي جَعَلْتُ نَسَبًا، وَجَعَلْتُمْ نَسَبًا، فَجَعَلْتُ أَكْرَمَكُمْ أَتْقَاكُمْ فَأَبَيْتُمْ إِلَّا أَنْ تَقُولُوا: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ خَيْرٌ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، فَأَنَا الْيَوْمَ أَرْفَعُ نَسَبِي، وَأَضَعُ نَسَبَكُمْ أَيْنَ الْمُتَّقُونَ»([44]). ورغم ما قد يقال عن مدى صحة الحديث؛ فإن معناه صحيح وأكيد، وهو يصبّ في معنى آية الحجرات التي تجعل الرّفعة والفضيلة والكرامة من آثار التقوى.
إن قيمة معيارية التقوى يجب أن تُستصحب في واقعنا المعيش، لتحلّ محلّ المقاييس الوضعية التي وضعها البشر، وهي مقاييس إقصائية تزن الإنسان بمقداره المادّي والاجتماعي، فصار الناس يتقرّبون ويتودّدون لذوي الامتياز الاقتصادي والعائلي، وينفرون من الأشعث الأغبر التقي، وتأمّل ظاهرة الزواج لتقف على مدى تغلغل هذه الموازين الوضعية.
في ختام هذا البحث، يمكن تسجيل النتائج والتوصيات الآتية:
أولًا: النتائج
- الاتجاه القيمي في التفسير: هو مَيْل المفسر إلى بيان الآيات القرآنية من جهة ما تتضمنه من قيم إسلامية تصريحًا أو إضمارًا.
- الاتجاه القيمي في التفسير له أهمية كبرى؛ إذ يسهم في التربية على القيم، ويعمل على تعديل سلوك الإنسان.
- الاتجاه القيمي في التفسير يعين على تمثّل القرآن، وتنزيله واقعًا.
- تضمنت آيتا النداء القرآني للناس في سورتي لقمان والحجرات ثلاث عشرة قيمة، منها ثماني قيم إيجابية وخمس قيم سلبية.
- تضمنت آية النداء القرآني للناس في سورة لقمان القيم الإيجابية الآتية؛ التقوى، الخشية، المسؤولية، الوفاء بالوعود. والقيم السلبية الآتية: التعلّق بالأنساب للنجاة في الآخرة، الاغترار بالدنيا، الاستسلام للشيطان، الأمل والتسويف.
- تضمّنت آية النداء القرآني للناس في سورة الحجرات القيم الإيجابية الآتية؛ الأخوة الإنسانية، التعارف، التعاون، التقوى. وقيمة سلبية واحدة هي التمييز العنصري.
ثانيًا: التوصيات
- العناية بالاتجاه القيمي في تفسير القرآن الكريم، وتدريس التفسير القيمي ضمن اتجاهات التفسير.
- العمل على إنجاز مشروع التفسير القيمي للقرآن الكريم من خلال رسائل الماجستير والدكتوراه.
ابن الأثير، علي بن أبي الكرم. أسد الغابة في معرفة الصحابة. تحقيق علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود. بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1415هـ/1994م.
الألباني، محمد ناصر الدين. صحيح أبي داود. الرياض: مكتبة المعارف، ط1، 1419هـ/1998م.
الأهدب، رضوان. «الاتجاه التجديدي القيمي في الدرس التفسيري: مقاربة نظرية». مجلة المدونة، ع34 (2022م).
البخاري، محمد بن إسماعيل. صحيح البخاري. تحقيق محمد زهير الناصر. بيروت: دار طوق النجاة، ط1، 1422هـ.
البغوي، محمد الحسين. معالم التنزيل في تفسير القرآن. تحقيق عبد الرزاق المهدي. بيروت: دار إحياء التراث العربي، ط1، 1420هـ.
بيشي، محمد عبد الحليم. «الأقليات غير المسلمة في العهد المدني النبوي». مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر، مج40، ع2 (2022م). https://doi.org/10.29117/jcsis.2022.0334
الترمذي، محمد بن عيسى. سنن الترمذي. تحقيق أحمد شاكر، محمد فؤاد عبد الباقي، وإبراهيم عطوة. مصر: مكتبة مصطفى البابي الحلبي، ط2، 1395هـ/1975م.
ابن جزي، محمد بن أحمد. التسهيل لعلوم التنزيل. تحقيق عبد الله الخالدي. بيروت: دار الأرقم بن أبي الأرقم، ط1، 1416هـ.
الجوهري، إسماعيل بن حماد. الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية. تحقيق أحمد عبد الغفور عطار. بيروت: دار العلم للملايين، ط4، 1408هـ/1987م.
الحاكم، محمد بن عبد الله. المستدرك على الصحيحين. تحقيق مصطفى عبد القادر عطا. بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1411هـ/1990م.
ابن حبان، محمد بن أحمد. صحيح ابن حبان. تحقيق شعيب الأرنؤوط. بيروت: مؤسسة الرسالة، ط1، 1408هـ/1988م.
ابن حنبل، أحمد أبو عبد الله. مسند الإمام أحمد. تحقيق شعيب الأرنؤوط، عادل مرشد وآخرون. بيروت: مؤسسة الرسالة، ط1، 1421هـ/2001م.
أبو حيان، محمد بن يوسف. البحر المحيط في التفسير. تحقيق صدقي محمد جميل. بيروت: دار الفكر، د ط، 1432هـ/2010م.
أبو داود، سليمان بن الأشعث السجستاني، سنن أبي داود. تحقيق شعيب الأرنؤوط، ومحد كامل قره بللي. بيروت: دار الرسالة العالمية، ط1، 1430هـ/2009م.
الرومي، فهد. اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر. بيروت: مؤسسة الرسالة، ط3، 1418هـ/1997م.
الزركشي، بدر الدين. البرهان في علوم القرآن. تحقيق محمد الفضل أبو إبراهيم. القاهرة: دار إحياء الكتب العربية، ط1، 1376هـ/1957م.
الزمخشري، محمود أبو القاسم. الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل. بيروت: دار الكتاب العربي، ط3، 1407هـ.
شريف محمد إبراهيم، اتجاهات التجديد في تفسير القرآن الكريم في مصر. القاهرة: دار التراث، ط1، 1402هـ/1982م.
الشعراوي، محمد متولي. تفسير الشعراوي. مصر: دار أخبار اليوم، [د.ت].
صالح بن عبد الله بن حميد. موسوعة نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم. جدة: دار الوسيلة، ط1، 1418هـ/1998م.
الطبراني، سليمان بن أحمد. المعجم الصغير. تحقيق محمد شكور محمود أمرير. بيروت: المكتب الإسلامي، عمان: دار عمار، ط1، 1405هـ/1985م.
الطبري، محمد بن جرير. جامع البيان في تأويل القرآن. تحقيق أحمد شاكر. بيروت: مؤسسة الرسالة، ط1، 1420هـ/2000م.
ابن عبد البرّ، يوسف. الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق: علي محمد البجاوي. بيروت: دار الجيل، ط1، 1412هـ/1992م.
ابن عجيبة، أحمد. البحر المديد في تفسير القرآن المجيد. تحقيق أحمد القرشي رسلان. القاهرة: منشورات حسن عباس زكي، د ط، 1419هـ.
ابن عطية، عبد الحق بن أبي بكر. المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز. تحقيق عبد السلام عبد الشافي محمد. بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1422هـ.
ابن فارس، أحمد أبو الحسين. مقاييس اللغة. تحقيق عبد السلام هارون. دمشق: دار الفكر، د ط، 1399هـ/1979م.
فضل الله، محمد حسين. تفسير من وحي القرآن. بيروت: دار الملاك، ط2، 1419هـ/1998م.
الفيومي، أحمد بن محمد. المصباح المنير. بيروت: المكتبة العلمية، [د.ت].
القرطبي، محمد بن أحمد. الجامع لأحكام القرآن. تحقيق أحمد البردوني، إبراهيم اطفيش، القاهرة: دار الكتب المصرية، ط2، 1384هـ/1964م.
القيسي، مكي بن أبي طالب. الهداية إلى بلوغ النهاية. تحقيق مجموعة من الباحثين بإشراف الشاهد البوشيخي، جامعة الشارقة: منشورات كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، ط1، 1429هـ/2008م.
الماتريدي، أبو منصور محمد بن محمد. تأويلات أهل السنة. تحقيق مجدي باسلوم، بيروت: دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1426هـ/2005م.
ابن المبرد، يوسف بن الحسن. محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. تحقيق عبد العزيز بن عبد المحسن، المدينة المنورة: منشورات الجامعة الإسلامية. ط1، 1420هـ/2000م.
مجمع اللغة العربية. المعجم الوسيط. القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، ط4، 1425هـ/2004م.
المحاسبي، الحارث بن أسد. الرعاية لحقوق الله. تحقيق عبد القادر أحمد عطا. بيروت: دار الكتب العلمية، ط4، د ت.
مسلم، أبو الحسين ابن الحجاج القشيري. صحيح مسلم. تحقيق نظر محمد الفاريابي. الرياض: دار طيبة، ط1، 1427هـ/2006م.
مقاتل بن سليمان، أبو الحسن. تفسير مقاتل. تحقيق عبد الله محمود شحاتة. بيروت: دار إحياء التراث، ط1، 1423هـ.
ابن منظور، محمد بن مكرم. لسان العرب. بيروت: دار صادر، د ط، 1414هـ.
الهواري، هود بن محكم. تفسير كتاب الله العزيز. تحقيق بلحاج بن سعيد شريفي. بيروت: دار الغرب الإسلامي، ط1، 1990.
الواحدي، علي بن أحمد. أسباب نزول القرآن. تحقيق عصام الحميدان. الدمام: دار الإصلاح، ط2، 1412هـ/1992م.
References:
Abū Ḥayyān, Muḥammad b. Yūsuf. Al-Baḥr al-muḥīṭ fī al-tafsīr (in Arabic), Ed. Ṣidqī Muḥammad Jamīl. Beirut: Dār al-Fikr, 2010.
Abū Dāwūd, Sulaymān b. al-Ashʻath. Sunan Abī Dāwūd (in Arabic), Ed. Shuʻayb al-Arnaʼūṭ and Muḥammad Kāmil Qarah Bilalī. Beirut: Dār al-Risālah al-ʻĀlamīyah, 2009.
Al-Ahdab, Raḍwān. “Al-Ittijāh al-tajdīdī al-qiyamī fīl-dars al-tafsīr: muqārabah naẓariyya” (in Arabic), Majallat al-Mudawwanah vol. 34 (2022).
Al-Albānī, Muḥammad Nāṣir al-Dīn. Ṣaḥīḥ Abī Dāwūd. Riyadh: Maktabat al-Maʻārif, 1998.
Al-Baghawī, Muḥammad al-Ḥusayn. Maʻālim al-tanzīl fī tafsīr al-Qurʼān (in Arabic), Ed. ʻAbd al-Razzāq al-Mahdī, Beirut: Dār Iḥyāʼ al-Turāth al-ʻArabī, 1420AH.
Al-Bukhārī, Muḥammad ibn Ismāʻīl. Ṣaḥīḥ al-Bukhārī (in Arabic), Ed. Muḥammad Zuhayr al-Nāṣir. Beirut: Dār Ṭawq al-najāh, 2001.
Al-Fayyūmī, Aḥmad ibn Muḥammad. Al-Miṣbāḥ al-munīr. Beirut: al-Maktabah al-ʻIlmīyah.
Al-Jawharī, Ismāʻīl b. Ḥammād. Al-Ṣiḥāḥ tāj al-lughah wa-ṣiḥāḥ al-ʻArabīyah (in Arabic), Ed. Aḥmad ʻAbd al-Ghafūr ʻAṭṭār. Beirut: Dār al-ʻIlm lil-Malāyīn, 1987.
Al-Ḥākim, Muḥammad b. ʻAbd Allāh. Al-Mustadrak ʻalā al-ṣaḥīḥayn (in Arabic), Ed. Muṣṭafā ʻAbd al-Qādir ʻAṭā. Beirut: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 1990.
Al-Hawwārī, Hūd b. Muḥakkam. Tafsīr kitāb Allāh al-ʻAzīz (in Arabic), Ed. Bilḥājj b. Saʻīd Sharīfī. Beirut: Dār al-Gharb al-Islāmī, 1990.
Al-Māturīdī, Abū Manṣūr Muḥammad b. Muḥammad. Taʼwīlāt ahl al-sunnah (in Arabic), Ed. Majdī Bāslūm. Beirut: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 2005.
Al-Qaysī, Makkī b. Abī Ṭālib. Al-Hidāyah ilā bulūgh al-nihāyah (in Arabic), Al-Shāhid al-Būshaykhī et al. Sharjah: Jāmiʻat al-Shāriqah, 2008.
Al-Qurṭubī, Muḥammad b. Aḥmad. Al-Jāmiʻ li-aḥkām al-Qurʼān (in Arabic), Ed. Aḥmad al-Baraddūnī and Ibrāhīm Aṭṭafayyish. Cairo: Dār al-Kutub al-Miṣrīyah, 1964.
Al-Rūmī, Fahd. Ittijāhāt al-tafsīr fī al-qarn al-rābiʻ ʻashar (in Arabic), Beirut: Muʼassasat al-Risālah, 1997.
Al-Shaʻrāwī, Muḥammad Mutawallī. Tafsīr al-Shaʻrāwī (in Arabic), Cairo: Dār Akhbār al-Yawm.
Al-Ṭabarānī, Sulaymān b. Aḥmad. Al-Muʻjam al-ṣaghīr (in Arabic), Ed. Muḥammad Shukūr M. Amīr. Beirut and Amman: Al-Maktab al-Islāmī and Dār ʻAmmār, 1985.
Al-Tirmidhī, Muḥammad b. ʻĪsā. Sunan al-Tirmidhī (in Arabic), Ed. Aḥmad Shākir, Muḥammad ʻAbd al-Bāqī, and Ibrāhīm ʻAṭwah. Cairo: Maktabat Muṣṭafā al-Bābī al-Ḥalabī, 1975.
Al-Wāḥidī, ʻAlī b. Aḥmad. Asbāb nuzūl al-Qurʼān (in Arabic), Ed. ʻIṣām al-Ḥumaydān. Dammam: Dār al-Iṣlāḥ, 1992.
Al-Zamakhsharī, Maḥmūd Abū al-Qāsim. Al-Kashshāf ʻan ḥaqāʼiq ghawāmiḍ al-tanzīl. Beirut: Dār al-Kitāb al-ʻArabī, 1987.
Al-Zarkashī, Badr al-Dīn. Al-Burhān fī ʻulūm al-Qurʼān (in Arabic), Ed. Muḥammad Abū Ibrāhīm. Cairo: Dār Iḥyāʼ al-Kutub al-ʻArabīyah, 1957.
Bīshī, Muḥammad ʻAbd al-Ḥalīm. “Non-Muslim Minorities in the Madani era of the Prophet” (in Arabic), Journal of College of Sharia and Islamic Studies, Qatar University, vol. 40, no. 2 (2022): 87-114. https://doi.org/10.29117/jcsis.2022.0334
Faḍl Allāh, Muḥammad Ḥusayn. Tafsīr min waḥy al-Qurʼān (in Arabic), Beirut: Dār al-Malāk, 1998.
Ibn ʻAbd al-Barr, Yūsuf. Al-Istīʻāb fī maʻrifat al-aḥṣāb (in Arabic), Ed. ʻAlī Muḥammad al-Bajāwī. Beirut: Dār al-Jīl, 1992.
Ibn ʻAjībah, Aḥmad. Al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʼān al-Majīd (in Arabic), Ed. Aḥmad al-Qurashī Raslān. Cairo: Manshūrāt Ḥasan ʻAbbās Zakī, 1998.
Ibn ʻAṭīyah, ʻAbd al-Ḥaqq b. Abī Bakr. al-muḥarrir al-Wajīz fī tafsīr al-Kitāb al-ʻAzīz (in Arabic), Ed. ʻAbd al-Salām ʻAbd al-Shāfī Muḥammad, Beirut: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 2001.
Ibn al-Athīr, ʻAlī b. Abī al-karam. Asad al-ghābah fī maʻrifat al-ṣaḥābah (in Arabic), Ed. ʻAlī Muḥammad Muʻawwaḍ and ʻĀdil Aḥmad ʻAbd al-Mawjūd. Beirut: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 1994.
Ibn Fāris, Aḥmad Abū al-Ḥusayn. Maqāyīs al-lughah (in Arabic), Ed. ʻAbd al-Salām Hārūn. Damascus: Dār al-Fikr, 1979.
Ibn al-Mubrid, Yūsuf b. al-Ḥasan. Maḥḍ al-ṣawāb fī faḍāʼil amīr al-muʼminīn ʻUmar Ibn al-Khaṭṭāb (in Arabic), Ed. ʻAbd al-ʻAzīz b. ʻAbd al-Muḥsin. Medina: Al-Jāmiʻah al-Islāmīyah, 2000.
Ibn Juzayy, Muḥammad b. Aḥmad. Al-Tasʹhīl li-ʻulūm al-tanzīl (in Arabic), Ed. ʻAbd Allāh al-Khālidī, Beirut: Dār al-Arqam b. Abī al-Arqam, 1996.
Ibn Ḥanbal, Aḥmad Abū ʻAbd Allāh. Musnad al-Imām Aḥmad (in Arabic), Ed. Shuʻayb al-Arnaʼūṭ, ʻĀdil Murshid et al. Beirut: Muʼassasat al-Risālah, 2001.
Ibn Ḥibbān, Muḥammad b. Aḥmad. Ṣaḥīḥ Ibn Ḥibbān (in Arabic), Ed. Shuʻayb al-Arnaʼūṭ, Beirut: Muʼassasat al-Risālah, 1988.
Ibn manẓūr, Muḥammad b. Mukarram. Lisān al-ʻArab (in Arabic), Beirut: Dār Ṣādir, 1994.
Majmaʻ al-lughah al-ʻArabīyah. Al-Muʻjam al-wasīṭ (in Arabic), Cairo: Maktabat al-Shurūq al-Dawlīyah, 2004.
Al-Muḥāsibī, al-Ḥārith b. Asad. Al-Riʻāyah li-ḥuqūq Allāh (in Arabic), Ed. ʻAbd al-Qādir Aḥmad ʻAṭā, Beirut: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah.
Muqātil Ibn Sulaymān, Abū al-Ḥasan. Tafsīr Muqātil (in Arabic), Ed. ʻAbd Allāh Maḥmūd Shiḥātah. Beirut: Dār Iḥyāʼ al-Turāth, 2002.
Muslim, Abū al-Ḥusayn Ibn al-Ḥajjāj. Ṣaḥīḥ Muslim (in Arabic), Ed. Naẓar Muḥammad al-Fāryābī. Riyadh: Dār Ṭaybah, 2006.
Ṣāliḥ ibn ʻAbd Allāh ibn Ḥamīd. Mawsūʻat Naḍrat al-Naʻīm fī Makārim Akhlāq al-Rasūl al-Karīm (in Arabic), Jeddah: Dār al-wasīlah, 1998.
Sherif, Muhammad Ibrahim. Ittijāhāt al-tajdīd fī tafsīr al-Qurᵓān al-karīm fī Miṣr (in Arabic), Cairo: Dār al-Turāth, 1982.
([1]) أنجز الباحث دراسة تأصيلية للاتجاه القيمي في التفسير، ينظر: رضوان الأهدب، «الاتجاه التجديدي القيمي في الدرس التفسيري: مقاربة نظرية»، مجلة المدوّنة، ع34 (2022م)، ص195-221.
([2]) ينظر إسماعيل الجوهري، الصحاح: تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطا (بيروت: دار العلم للملايين، ط4، 1408هـ/1987م)، ج6، ص2255، 2256؛ مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط (القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، ط4، 1425هـ/2004م)، ص1015.
([3]) شريف محمد إبراهيم، اتجاهات التجديد في تفسير القرآن الكريم في مصر (القاهرة: دار التراث، ط1، 1402هـ/1982م)، ص63.
([4]) فهد الرومي، اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط3، 1418هـ/1997م) ج2، ص22.
([5]) ينظر ابن منظور، لسان العرب (بيروت: دار صادر، ط3، 1414هـ)، ج12، ص497؛ الفيومي أحمد، المصباح المنير (بيروت: المكتبة العلمية، [د.ت])، ج2، ص520.
([6]) علي خليل أبو العينين، «الأخلاق والقيم التربوية في الإسلام»، ضمن موسوعة نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، إشراف: صالح بن عبد الله بن حميد (جدة: دار الوسيلة، ط1، 1418هـ/1998م) ج1، ص79.
([7]) ابن فارس أحمد، مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام هارون (دمشق: دار الفكر، د ط، 1399هـ/1979م)، ج4، ص504.
([9]) ابن جزي الكلبي، التسهيل لعلوم التنزيل، تحقيق: عبد الله الخالدي (بيروت: دار الأرقم بن أبي الأرقم، ط1، 1416هـ)، ج1، ص15.
([10]) بدر الدين الزركشي، البرهان في علوم القرآن، تحقيق: محمد الفضل أبو إبراهيم (القاهرة: دار إحياء الكتب العربية، ط1، 1376هـ/1957م)، ج1، ص13.
([11]) مقاتل بن سليمان، تفسير مقاتل، تحقيق: عبد الله محمود شحاتة (بيروت: دار إحياء التراث، ط1، 1423هـ)، ج3، ص439.
([12]) هود بن محكم الهواري، تفسير كتاب الله العزيز، تحقيق: بلحاج بن سعيد شريفي (بيروت: دار الغرب الإسلامي، ط1، 1990م)، ج3، ص341.
([13]) الحارث المحاسبين الرعاية لحقوق الله، تحقيق: عبد القادر أحمد عطا (بيروت: دار الكتب العلمية، ط4، [د.ت])، ص39، 40.
([14]) أبو منصور الماتريدي، تأويلات أهل السنة، تحقيق: مجدي باسلوم (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1426هـ/2005م)، ج8، ص321.
([16]) ابن حبان، صحيح ابن حبان، كتاب البر والإحسان، باب الصحبة والمجالسة ج2، ص332، حديث رقم573. صححه شعيب الأرنؤوط؛ ينظر حاشية صحيح ابن حبان؛ والحديث أخرجه أبو داود، سنن أبي داود، كتاب الإجارة، باب في الرهن، ج5، ص386، 387، حديث رقم3527؛ صححه الألباني، ينظر صحيح سنن أبي داود (الرياض: مكتبة المعارف، ط1، 1419هـ/1998م)، ج2، ص379.
([17]) ينظر الحسين البغوي، معالم التنزيل في تفسير القرآن، تحقيق: عبد الرزاق المهدي (بيروت: دار إحياء التراث العربي، ط1، 1420هـ)، ج1، ص108.
([18]) أبو حيان الأندلسي، البحر المحيط، تحقيق: صدقي محمد جميل (بيروت: دار الفكر، د ط، 1420هـ) ج1، ص275.
([19]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: أحمد البردوني، إبراهيم اطفيش (القاهرة: دار الكتب المصرية، ط2، 1384هـ/1964م)، ج1، ص329.
([20]) ابن عطية، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تحقيق: عبد السلام عبد الشافي محمد (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1422هـ)، ج1، ص132.
([21]) مسلم، صحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة الاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، ج4، ص2074، حديث رقم: 2699.
([23]) الترمذي، سنن الترمذي، أبواب صفة القيامة والرقائق والورع، باب في القيامة، ج4، ص612، حديث رقم 2417، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
([24]) البخاري، صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب قول الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّٰدِقِينَ﴾، ج8، ص23، حديث رقم 6095.
([25]) أحمد بن عجيبة، البحر المديد في تفسير القرآن المجيد، تحقيق: أحمد القرشي رسلان (القاهرة: منشورات حسن عباس زكي، 1419هـ)، ج4، ص382.
([26]) ابن عبد البرّ يوسف، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق: علي محمد البجاوي (بيروت: دار الجيل، ط1، 1412هـ/1992م)، ج3، ص1108.
([30]) الترمذي، سنن الترمذي، أبواب صفة القيامة والرقائق والورع، ج4، ص638، حديث رقم 2459، وقال: هذا حديث حسن؛ وصححه الحاكم في المستدرك، كتاب الإيمان، ج1، ص125، حديث رقم 191، وقال: حديث صحيح على شرط البخاري.
([31]) الزمخشري أبو القاسم محمود، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (بيروت: دار الكتاب العربي، ط3، 1407هـ)، ج3، ص504.
([32]) ابن المبرد يوسف، محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، تحقيق: عبد العزيز بن عبد المحسن (المدينة المنورة: منشورات الجامعة الإسلامية، ط1، 1420هـ/2000م)، ج2، ص593.
([33]) ابن الأثير علي، أسد الغابة في معرفة الصحابة، تحقيق: علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1415هـ/1994م)، ج4، ص156.
([34]) مكي بن أبي طالب، الهداية إلى بلوغ النهاية، تحقيق: مجموعة من الباحثين بإشراف الشاهد البوشيخي (الشارقة: منشورات كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، ط1، 1429هـ/2008م)، ج11، ص7010.
([37]) أبو الحسن علي الواحدي، أسباب نزول القرآن، تحقيق: عصام الحميدان (الدمام: دار الإصلاح، ط2، 1412هـ/1992م)، ص411، 412.
([39]) للاطلاع على بعض مظاهر هذا التواصل والتبادل ينظر: محمد عبد الحليم بيشي، «الأقليات غير المسلمة في العهد المدني النبوي»، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر، مج40،ع2 (2022م)، ص102، 103. https://doi.org/10.29117/jcsis.2022.0334
([40]) ابن حبّان، صحيح ابن حبان، كتاب الأيمان، حديث رقم: 4373. إسناده صحيح، ينظر تعليق شعيب الأرنؤوط، ج10، ص216.
([42]) أحمد بن حنبل، مسند أحمد، حديث رجل من أصحاب النبي ﷺ، حديث رقم: 23489. إسناده صحيح، ينظر تعليق شعيب الأرنؤوط، ج38، ص474.