معالم التجديد في المصطلحات والمفاهيم عند العلامة يوسف القرضاوي رحمه الله
(التجديد - الأمة - الفقه)

عصام البشير

رئيس مجمع الفقه الإسلامي-السودان

نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

essamalbashir2021@gmail.com

تاريخ الاستلام: 16/10/2023             تاريخ التحكيم: 08/03/2024              تاريخ القبول: 02/04/2024

ملخص البحث

أهداف البحث: اشترع العلامة القرضاوي معالم وصوًى لتجديد المفاهيم والمصطلحات في عالم الوعي ومساحة السعي؛ تأصيلًا للتصورات وتنزيلًا للتصرفات، محتكمًا إلى منهجية علمية تستقرئ سياقات اللغة وتطورها التاريخي، وتستوعب نصوص الوحيين، واستعمالات التراث، وتستصحب مقاصد الشارع، وغايات الواضع، وتستجيب لإشكالات الواقع، وتستشرف تحديات المستقبل.

فهدفت هذه الدراسة إلى بيان منهج القرضاوي في تجديد ثلاثة مفاهيم ومصطلحات، وهي: (التجديد، الأمة، الفقه)، ولتسليط الضوء على معانيها وآفاق تجديدها بنهج وسطي واستيعاب شمولي ونظر إبداعي؛ لينسج الباحثون والعلماء على ذات المنوال ويضيفون في هذه المسارات، استنادا إلى هذا المنهج الرحيب.

منهج الدراسة: اعتمدت الدراسة على المنهج الاستقرائي لتراث القرضاوي وكتبه ومحاضراته، والمنهج التحليلي لها.

النتائج: أبرز البحث منهج التجديد عند القرضاوي في المفاهيم، وبين محدداته ومعالمه، كما كشفت الدراسة شدة اهتمام الشيخ بحقل المفاهيم والمصطلحات تأصيلًا وتنزيلًا، ونقدًا وتجديدًا.

أصالة البحث: تحفل المكتبة الإسلامية بكتابات القرضاوي كما أن الكتابات والدراسات المتعلقة بفقهه ومشروعه الفكري تكاد تفوت الحصر، غير أن هذه الدراسة تركز على موضوع المفاهيم والمصطلحات، وتتخصص في مفاهيم نموذجية اشتغل عليها القرضاوي في مختلف مصنفاته، وتحليل منهج التجديد فيها.

الكلمات المفتاحية: التجديد، الفقه، الأمة، المواطنة، الوسطية

للاقتباس: البشير، عصام. «معالم التجديد في المصطلحات والمفاهيم عند العلامة يوسف القرضاوي رحمه الله (التجديد - الأمة - الفقه)»، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر، المجلد 43، العدد 1 (2025)، عدد خاص بمؤتمر «قراءات في قضايا التجديد والترشيد في فكر الشيخ يوسف القرضاوي».

https://doi.org/10.29117/jcsis.2025.0398

©2025، البشير، عصام. مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، دار نشر جامعة قطر. نّشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0

 


 

Landmarks of Terminological and Conceptual Renewal in Yūsuf al-Qaraḍāwī
(Renewal, Jurisprudence, and the Umma)

Essam Al-Bashir

President of the Islamic Fiqh AcademySudan

Vice President of the International Union of Muslim Scholars

essamalbashir2021@gmail.com

Received: 16/10/2023                Peer-reviewed: 08/03/2024                    Accepted: 02/04/2024

Abstract

Objectives: Al-Qaraḍāwī established principles and guidelines for modernizing concepts and terminology, with the goal of fostering their sound understanding and effective application. His approach follows a systematic method that considers the context and historical development of language. He incorporates insights from the Qur’an and the Sunna, references traditional usage, and keeps the goals of the Sharia and the intentions of the lawgiver in mind. His methodology is responsive to current issues and looks ahead to future challenges. This study seeks to explore al-Qaraḍāwī’s approach to renewing three key concepts: ‘renewal’, ‘umma’ (the Islamic community), and ‘jurisprudence’. It aims to clarify their meanings and the potential for their renewal through a balanced approach that values both depth and creativity. The study intends to offer a model that researchers and scholars can use to further develop and expand these areas within an inclusive framework.

Methodology: This study relies on an inductive approach to explore al-Qaraḍāwī’s legacy, including his books and lectures, as well as an analytical approach to examining these sources.

Results: The article highlights al-Qaraḍāwī’s approach to renewal in conceptual terms, outlining its guidelines and characteristics. It also reveals his deep focus on terminology, emphasising foundational understanding, practical application, as well as critique and renewal.

Originality: Although there is a wealth of Islamic scholarship on al-Qaraḍāwī’s jurisprudential and intellectual work, this study focuses on his approach to concepts and terminology. It examines crucial ideas he developed in his writings and how he approached updating them.

Keywords: Renewal; Jurisprudence; The Umma; Citizenship; Moderation

 

Cite this article as: Al-Bashir, E. “Landmarks of Terminological and Conceptual Renewal in Yūsuf al-Qaraḍāwī (Renewal, Jurisprudence , and the Umma)”, Journal of College of Sharia and Islamic Studies, Qatar University, Vol. 43, Issue 1 (2025), Special Issue on “Reflections on Renewal and Moderation in the Thought of Sheikh Yūsuf al-Qaraḍāwī”.

https://doi.org/10.29117/jcsis.2025.0398

© 2025, Al-Bashir, E. Published in Journal of College of Sharia and Islamic Studies. Published by QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, trans.form, and build upon the material, provided the original work is properly cited. The full terms of this licence may be seen at: https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0

 

 


 

مقدمة

القرضاوي هو خلاصة جهود المصلحين والإحيائيين الكبار في القرن العشرين وامتدادهم، وقد هيأ الله له ظروفًا مكنته من التميز والفرادة، فجعلته وارثا عن رسول الله ، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر، وكان رحمه الله تعالى رائدا للتجديد في هذا العصر.

وقد اشترع القرضاوي معالم وصوى لتجديد المفاهيم والمصطلحات في عالم الوعي ومساحة السعي تأصيلًا للتصورات وتنزيلًا للتصرفات، محتكمًا إلى منهجية علمية تستقري سياقات اللغة وتطورها التاريخي، وتستوعب نصوص الوحيين، واستعمالات التراث، وتستصحب مقاصد الشارع، وغايات الواضع، وتستجيب لإشكالات الواقع، وتستشرف تحديات المستقبل، ومن تلك المفاهيم التي نالت نظرًا فاحصًا:

أولًا: مفهوم التجديد نفسه، القائم على إحياء ما اندرس في عالم التدين فهمًا وممارسة، وهو مرهون بالأحياء لا بولادة المجدد أو وفاته كما شاع عند العلماء، وأن المجدد ليس شرطًا أن يكون فردًا، بل قد يكون حركة جهد جماعي، وإحياء مؤسسي، وهو الأقرب لعصرنا.

ثانيًا: تجديده في مبنى الفقه ومعناه، وهو نوعان: فقه عن الله فيما خلق: ﴿أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ [الأعراف: 54]، وهو فقه الكون المنظور مصدرًا للمعرفة، وتسخيرًا للآيات، وتعميرًا للكون، ومزاوجة بين الكون المسبح تسخيرًا والإنسان الساجد اختيارًا، وتأسيسًا لعلاقة المحبة بينهما، ضمن قيم الجمال وصلاتها، وفقه عن الله فيما شرع ﴿وَٱلۡأَمۡرُۗ [الأعراف: 54]، وهو فقه الكتاب المسطور، بفهم النصوص الجزئية في ضوء مقاصدها الكلية، ورعاية الثوابت واستيعاب المتغيرات، والمزاوجة بين المثال المنشود والممكن الموجود في ضوء فقه الوسع والمقدور، والمتاح والمستطاع، والارتباط بالأصل، والاتصال بالعصر.

وقد ابتكر الشيخ أنماطًا من الفقه جدد بها حقائق الدين مثل فقه الأولويات، والموازنات، والمآلات، والمقاصد، والسنن، والواقع، والاختلاف. وتطرق إلى أنماط أخرى عبر مضامينها مثل فقه النهوض بواقع الأمة من عالم الوجود العادل إلى عالم الشهود الفاعل من خلال العقيدة الموافقة للفطرة، والعبادة الدافعة للعمارة، والعقل المهتدي بالوحي، والعلم المرتبط بالإيمان، والأخلاق المترقية بالإنسان، والجسد الممدود بالروح، والأسرة التي تصون الفرد، والتشريع المحقق للمصلحة.

ثالثًا: مفهوم الأمة، حيث اتسع تجديدها من أمة الجغرافيا إلى أمة اللسان، فأمة العقيدة، وانتهاء بأمة الإنسانية، كما تعددت مراقي الأخوة، (وأشهد أن العباد كلهم إخوة)[1]، دون أن تنفي أن أوثق الروابط رابطة الإيمان.

وقد اهتم الشيخ القرضاوي بالمفاهيم وضبطها ورعايتها والتجديد فيها، فقال: «إنَّ أكثر ما يضر بثقافتنا ويشيع البلبلة بيننا هو اختلاط المفاهيم، واضطراب الدلالات، بترك بعض الألفاظ المهمة التي لها قوة المصطلحات مائعةً رجراجةً، دون ضبط ولا تحديد لمدلولاتها، ليفسِّرها من شاء كما يشاء»([2]).

والشيخ رحمه الله مَهيَعٌ مُتّسع ويُسر منداح، لا يتسع المقام للإفاضة شرحًا وتبيانًا في شمول نظره وسعة عطائه، ولهذا اقتصرت في هذه الورقة على ثلاثة مصطلحات ومفاهيم جدَّد فيها ما اندرس في عالم الفهم والتأصيل والممارسة والتطبيق وهي: مفهوم التجديد في حد ذاته، ومفهوم الأمة، ومفهوم الفقه.

وكان التجديد في فكر القرضاوي قائمًا على خمسة محدّدات هي: استقراء سياقات اللغة وتطورها التاريخي، ودلالاتها الواسعة والمتعددة، استيعابه من خلال المنظومة القرآنية، من خلال فقه الكتاب المسطور، بفهم النصوص الجزئية في ضوء مقاصدها الكلية، والاستيعاب للمأثور من خلال المزاوجة بين الرواية والدراية، والجمع بين تراث السلف ومعارف الخلف، والإفادة من تنوع المذاهب الفقهية، فلم يكن متعصّبًا لمذهب فقهي، ولم يكن أسيرًا لرأي واحد، بل تحلَّى بروح الانفتاح على جميع المدارس، فنهل من الجميع، على قاعدة «التخير والانتقاء بعد التحصيل والارتواء«، ثم الإفادة من الفكر الإسلامي المعاصر بمدارسه الرحبة من دون تعصُّب لمدرسة ما أو توجه محدد، والانفتاح على التجربة الإنسانية الواسعة، والفكر العالمي بتنوع مشاربه، وتعدد رؤاه وتنوع عطاءاته.

وجاءت هذه الدراسة لقراءة معالم التجديد في المصطلحات والمفاهيم عند القرضاوي ونبحث فيها ثلاثة مفاهيم، وهي: (التجديد، الأمة، الفقه)، وتأتي الدراسة عبر ثلاثة مطالب وخاتمة؛ نتناول في أولها: التجديد في مفهوم التجديد عند القرضاوي، وفيه حديث عن المعالم الستة للتجديد في مفهوم التجديد عند العلامة القرضاوي، وهي: تجديد يرتبط بالأصل ويتصل بالعصر، وتجديد فيه تعميق للمعنى وتطوير للمبنى، فتجديد الدين من داخله من خلال ثوابته المحكمات وقطعياته الجَلِيات، ثم تجديد جماعي إحيائي ومؤسسي، وبعد ذلك التجديد في سياق البعث والذيوع، فشمول التجديد للعقائد والدعوة والتزكية وعدم انكفاء المفهوم في تجديد الفقه فقط، ثم تجديد وسطي، ووسطية مجدّدة.

أما المطلب الثاني، فيتناول التجديد في مفهوم الأمة عند القرضاوي، وفيه بحث لعناصر التجديد في مفهوم الأمة عند القرضاوي وعددها سبعة: الأمة الإسلامية: أمة حقيقية لا مفهوم نظري، وانتفاء انقطاع الأمة: فهي حية لا تموت، فمفهوم الأمة العابر للقوميات والجغرافيا، والفرق بين أمة العقيدة وأمة الأوطان، ثم الأمة بين مقاصد الوحدة والتّمثُّلات السياسية، وأخيرا الإسلام سياج وحدة الأمة وضمان فاعليتها.

ويتناول المطلب الثالث، التجديد في مفهوم الفقه عند القرضاوي؛ ونعرض فيه ملامح التجديد في مفهوم الفقه من خلال ستة معالم: ألا وهي: ثنائية فقه الكتاب المسطور وفقه الكون المنظور، ثم أنماط جديدة من الفقه المنشود، فإخراج الفقه من السكون إلى رحاب الحياة، والتجديد في طرائق التجديد الفقهي، وكذلك تجديد الاجتهاد بين التّهيُّب والتّسيُّب.

المطلب الأوَّل: التجديد في مفهوم التجديد عند القرضاوي

قال الجوهري في مفهوم التجديد باللغة: «تجدَّد الشيءُ: صار جديدًا، وأجَدَّهُ واستجدَّهُ، وجدَّده: أي صيَّره جديدًا»([3])، واصطلاحًا يأتي بمعنى إحياء ما اندرس من علوم الدين وشعائره، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «والتجديد إنَّما يكون بعد الدُّرُوس، وذاك هو غربة الإسلام»([4]).

ولقد استخدمت كلمة جديد وليس لفظ التجديد في القرآن الكريم بمعنى البعث والإحياء والإعادة غالبًا للخلق فتكرّر لفظ (جديد) ثماني مرات، وجميعها ارتبطت بـ(الخلق): ﴿أَفَعَيِينَا بِٱلۡخَلۡقِ ٱلۡأَوَّلِۚ بَلۡ هُمۡ فِي لَبۡسٖ مِّنۡ خَلۡقٖ جَدِيد [ق: 15]، وقوله تعالى: ﴿قَوۡلُهُمۡ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبًا أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدٍۗ [الرعد: 5]، وكذلك أشارت السُّنّة النبوية إلى مفهوم التجديد من خلال المعاني السابقة المتصلة: الخلق الضعف أو الموت الإعادة والإحياء. ويُعَدُّ حديث التجديد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «إنَّ اللهَ يبعثُ لهذه الأمة على رأس كلِّ مئةِ سنةٍ مَن يُجدِّد دِينَها»([5]) من أهم الإشارات إلى مفهوم التجديد في السنة النبوية.

تحدَّث القرضاوي عن مفهوم التجديد وبث رؤيته في تجديد المصطلح نفسِه في مجموعة من مصنفاته، كان من أبكرها كتابه (من أجل صحوة راشدة: تجدد الدين وتنهض بالدنيا) وهو تجميع لمقالات نشرها في مختلف المجلات الإسلامية ابتداء من خروجه من السجن الحربي عام 1956م، فكتب عن مفهوم التجديد بعنوان: «في تصحيح المفاهيم»، وأوسع الكتب حديثًا عن هذا المفهوم كان كتاب:(فقه الوسطية الإسلامية والتجديد) فجاء الفصل السابع بعنوان: «مفهوم التجديد ومظاهره»، وكذلك بث فكرة التجديد في مفهوم التجديد بمختلف كتاباته، ومنها: (الفقه الإسلامي بين الأصالة والتجديد).

ومن خلال التتبع والاستقراء نجد أنَّ مفهوم التجديد عند القرضاوي رحمه الله قائم على سبعة معالم:

أولًا: تجديد يرتبط بالأصل ويتصل بالعصر

الأصالة ليست ضد الجِدَّة والحدوث، وإنما ضد الزيف والدَّخَل، ووصف الأصيل إذا ذكر عادة ما يكون مقابل الدخيل الوافد أو الأجنبي، وإذا وصفنا الأشياء بالأصالة كانت ضد المزيفة المقلدة، ومنه أنْ ليس ثمة تعارض ولا صدام بين التجديد والأصالة.

ومن هذا الاستعمال اللغوي الشائع يضبط العلامة القرضاوي إيقاع التجديد غير المتصادم مع الأصالة، فيقول: «يمكننا أن نكون أصلاء ومجدّدين في الوقت ذاته، نبقي على الأصيل ونأتي بالجديد، فليست الأصالة هي التقوقع على القديم، ورفض كل جديد، مهما يكن في القديم من ضرر، ومهما صاحَبَ الجديد من نفع»([6]).

إنَّ من التجديد المنسجم مع الأصالة ترك السَّير وراء غيرنا، وتتبع سنن الآخرين، شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، فنفقد ذاتنا ونذيب هُويتنا، وإنَّ معالم هذا التجديد: الاستفادة من أطر الآخر وأشكاله لتكون ضمن مضاميننا ومفاهيمنا الخاصة، فقد نقتبس بعض الجزئيات والصور من هنا وهناك عند الحاجة إليها، وهذا غير متعارض مع الأصالة، غير أنَّ هذا التجديد بهذا الاقتباس لا ضير فيه بشرط: «أن نهضمها ونتمثَّلها ونحوّلها إلى عُصارة تذوب في داخلنا وتختلط بأجزاء كياننا، فتنسى جنسيتها الأولى وتصبح جزءًا لا يتجزأ من فقهنا»([7]).

وخلاصة هذه الجزئية أنَّ الموقف السليم الذي يلزمنا أن نتخذه هو: معرفة ما تحتمه علينا الأصالة، وما يقتضيه التجديد، ثمَّ: أن نجمع بين الثبات في الأصول والكليات، والمرونة في الفروع والجزئيات، بشرط أن نميز بين الثابت كالمحافظة على الأهداف والغايات، والمتغير المتطور كالوسائل والآليات.

ثانيًا: تجديد فيه تعميق للمعنى وتطوير للمبنى

يأبى العلامة القرضاوي فكرة الاستخفاف بكل قديم بدعوى التجديد، وفتح الأبواب لكل جديد بدعوى أنّه يمثل التقدم والرقي، والقديم يمثل التخلف والانحطاط، فهذه دعوة مرفوضة، فالتجديد لا يكون بالانبهار بالحديث المعاصر، ويسمى هذه الحالة بـ«ظاهرة التعظيم للحديث»([8])، بل التجديد يكون على القديم، حيث يحتفظ بجوهره وأصله ويجدد ظاهره وصوره، ففي العمران وعالم المحسوسات، نجد أنَّ التجديد يكون في البناء القديم مع إبقاء أصله، أمَّا إعادة بنائه من الصفر فيُعَدُّ هدمًا وإنشاءً وليس تجديدًا.

وفي ضوء هذا المثال المحسوس يكون التجديد قد اقتضى جملة من الأمور ([9]):

1.    الاحتفاظ بجوهره القديم والإبقاء على طابعه وخصائصه.

2.    ترميم ما بلي منه، وتقوية ما ضعف من أركانه.

3.    إدخال تحسينات عليه لا تغيِّر من صفته ولا تبدِّل من طبيعته.

ثم إنَّ مفهوم التجديد عند العلامة القرضاوي هو: إعادة الدين إلى أصله لا تبديله بحجة التطوير؛ إعادته إلى مرحلة الوحي وما بلّغه صاحب الوحي، وإلى فهم الصحابة السليم، فعملية التجديد محاولة العودة إلى ما كان عليه يوم نشأ وظهر، بحيث يبدو مع قدمه كأنه جديد، وذلك بتقوية ما وَهي منه، وترميم ما بلي، ورتق ما انفتق، حتى يعود أقرب ما يكون إلى صورته الأولى.

قال الشيخ: «وكذلك الدين: لا يعني تجديده إظهار طبعة جديدة منه تتغير بتغير الناس وتتلوَّن بتلوّن الحياة، فالحق أنَّ الإسلام هو الذي يلوّن الحياة ويصبغها بصبغته، بل التجديد يعني العودة به إلى حيث كان في عهد الرسول وصحابته ومن تبعهم بإحسان، عودة للمنبع»([10]).

ثالثًا: تجديد الدين من داخله من خلال ثوابته المحكمات وقطعياته الجَلِيات

يرفع العلامة القرضاوي شعار «تجديد الدين من داخله والاجتهاد من أهله في محله»([11]). فيَعُدُّ أنَّ الاجتهاد أبرز معالم تجديد الدين «غير أنَّ هذا الاجتهاد يجب أن يكون من أهله الذين استجمعوا شرائطه المعروفة، وفي محله: أي في غير القطعيّات التي تمثل وحدة الأمة العقدية والفكرية والشعورية والعملية وهي الثوابت»([12]).

رابعًا: تجديد جماعي إحيائي ومؤسسي

من المسائل التي ساقها العلامة القرضاوي لمفهوم التجديد، قضية البحث عن المجدِّد، فمن المجدِّدُ وما صفاته؟

جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله قال: «إنَّ الله يبعث لهذه الأمة على رأس كلِّ مئةِ سنةٍ مَن يُجدِّد لها دينها»([13])، والحديث فيه نبأ من أنباء الغيب، يبعث الأمل في نفوس الأمة أن دينها لن يموت، وأنَّ الله يقيض لها كل قرن من يجدِّد حالها.

وقد فهم كثيرون أنَّ المجدّد فرد واحد، من عباقرة الأمة وأفذاذها، فتناقشوا في حصر أسمائهم وبيان صفاتهم، وقد نظم جلال الدين السيوطي منظومة في أسمائهم حتى زمانه، وطمح أن يكون مجدّد المئة التاسعة ([14])، فقالوا إنَّ مجدّد المئة الأولى هو الخليفة عمر بن عبد العزيز (ت 101هـ)، ومجدّد المئة الثانية هو الشافعي (ت 204هـ) ثم اختلفوا في المئة الثالثة فقيل إنه أبو الحسن الأشعري (ت 324هـ) وقيل هو النسائي صاحب السنن (ت 303هـ) وهكذا في كل قرن تقدير وتخمين وخلاف في الأسماء.

هذا وإن كان بعضهم يرى أنَّ المجدّد فرد، فإنَّ ابن الأثير في جامع الأصول يقول: «فإنَّ (من) بنص الحديث تقع على الواحد والجمع، ولا تختص بالفقهاء، فإن انتفاع الأمة يكون أيضًا بولاة الأمر والقراء والوعاظ»([15]).

وقياسًا على توجيه النووي لبيان صفة الطائفة المنصورة الواردة في الحديث ومكانها: «لا تزالُ طائفةٌ مِن أمَّتي ظاهرينَ على الحَقّ»([16]) من أنَّه يجوز أن تكون الطائفة جماعة متعددة من أنواع المؤمنين، ما بين شجاع وبصير بالحرب، وفقيه، ومحدّث، وقائم بالأمر بالمعروف وزاهد وعابد، ولا يلزم اجتماعهم ببلد واحد»([17]).

فقال العلامة القرضاوي في بيان من المجدِّدُ على رأس القرون: «والذي أختاره أنَّ الذي يقوم بالتجديد والإحياء قد يكون أفرادا أو مجموعات متناثرة، كلٌّ في موقعه ومجال اهتمامه، هذا في مجال الفكر والعلم، وذاك في مجال السلوك والتربية، والثالث في مجال خدمة المجتمع، ورابع في مجال الحكم والسياسة وآخرون في مجال الجهاد والمقاومة، كل على ثُغرة من ثُغَر الإسلام، اتحدت أهدافهم، واختلفت مواقعهم وطرائقهم... وقد تقوم بالتجديد جماعة أو مدرسة أو حركة يتواصى أهلها بالحق والصبر ويتعاونون على البر والتقوى»([18]).

فالمجدّد ثلاثة أنواع؛ فرد: كما استقر واتفق على أنَّ الخليفة عمر بن عبد العزيز مجدّد القرن الأوَّل، أو أن يكون المجدّد مجموعة من الأفراد بحسب التخصص والمجال، فيكون مجدّد في الفقه ومجدّد في الدعوة ومجدّد في الفكر ... أو يكونون موزعين في الأرض، فكانت في القرن الأخير قامات جددت الدين مثل الأئمة: رشيد رضا ومحمد عبده والشهيد حسن البنا بمصر، وأبو الأعلى المودودي في الهند، وعبد الحميد بن باديس في الجزائر والسنوسي في ليبيا وغيرهم من الأعلام، وقد يكون التجديد في جماعة أو مؤسسة أو حركة أو تيار إصلاحي واسع وهو الصنف الثالث.

إنَّ ثمرة هذا الفهم الدقيق للتجديد والمجدّد هي الجانب العملي؛ إذ يصبح كل واحد في الأمة يبحث عن موقع في عمل التجديد ويسأل نفسه: ما دوري في هذا العمل التجديدي الإحيائي؟ ويجعلنا أيضًا في غير حاجة إلى انتظار مجدّد أو مهدي فرد يهبط من السماء في علبة مغلقة من دون أي جهد أو سعي منا، وكذلك لم نعد في حاجة إلى أن يدَّعي واحد من الناس أنَّه مجدّد القرن الأوحد، ولم نعد في حاجة إلى أن ينتصب كل فريق ليرشح مجدِّدًا منه ([19]). فالثمرة هي إشراك كفاءات الأمة وطاقاتها كلها في عمل التجديد المنشود.

خامسًا: التجديد في سياق البعث والذيوع

يشرح الشيخ كلمة البعث التي جاءت في الحديث، بأنها ليست إظهارًا بخارق من الخوارق الكونية، يهبط من السماء بغتة، بل تهيئة للأسباب المواتية، وإتاحة للظروف المناسبة، وخلق المناخ الملائم، لظهور حركة التجديد للدين والإحياء للأمة وفق سنن الله التي لا تتبدل ([20]).

والحديث حدد للتجديد وقتًا وهو «رأس كل مئة سنة»، ورأس الشيء أعلاه، ورأس السنة أوَّلها، ويلاحظ أنَّ الشراح القدامى جعلوا العبرة بوفاة المجدّد رأس القرن، كما يظهر من تاريخ وفيات من استقرؤوهم للتجديد بالقرون، فعمر بن عبد العزيز توفي 101هـ، والشافعي توفي 204هـ، والباقلاني توفي 403هـ، والغزالي توفي 505هـ، والرازي توفي 606هـ، وابن دقيق العيد توفي 703هـ، والحافظ العراقي توفي 808هـ، ولم يذكروا أعلامًا كثرًا ضمن المجدّدين لأنهم تُوفُّوا خارج هذا السياق الزمني، فمثلًا ابن تيمية على رغم حركته التجديدية الضخمة لم يعدُّوه مجدّدًا لأنّه تأخرت وفاته عن رأس المئة؛ إذْ توفي 728هـ، والحديث لم يقل: إنَّ الله يَتوفَّى المجدّد على رأس القرن، بل نص على أنَّه يبعثه على رأس القرن، فنص على البعث وليس الموت والأخذ، وهو المفهوم الذي تفطَّن له العلامة القرضاوي فعَدَّ أنَّ «مهمته تبدأ في رأس القرن، وليست تنتهي عنده»([21]).

ويقول: «والذي أراه أن الحديث يفيد أنه لا يبزغ قرن، إلا ويبزغ معه فجر جديد، وأمل جديد، وبعث جديد.... ولم ينفِ الحديث وجود مجدّدين في أواسط القرن وأواخره، بل هو الواقع الملحوظ لمن يقرأ تاريخ هذه الأمة، فيجد من المجدّدين: الأئمة الأربعة، والبخاري ومسلما، والعز والجويني وابن تيمية وابن القيم، ونور الدين الشهيد وصلاح الدين الأيوبي وغيرهم من الأعلام»([22]).

سادسًا: شمول التجديد للعقائد والدعوة والتزكية وعدم انكفاء المفهوم في تجديد الفقه فقط

يرى العلامة القرضاوي أنَّ التجديد للدين يكون من داخله من خلال «تجديد الفهم له، وتجديد الإيمان به، وتجديد العمل به، وتجديد الدعوة له، وتجديد العقول والأفكار، وتجديد القلوب والعواطف، وتجديد الإرادات والعزم»([23])، فهو تجديد شامل ينبع من داخل الدين.

وكذلك يرى أنَّ «التجديد الحق يشمل جانب العلم والفكر، كما يشمل جانب العمل والسلوك»([24]).

وقد ذهب الفقهاء إلى حصر التجديد في الفقه فقط، وفئة الفقهاء خاصّةً، بل استقرؤوا المجدِّدين بالقرون وجعلوهم من أتباع المذهب الشافعي، فابتداء من القرن الثاني الهجري واستثناء لمجدّد القرن الأول، كان المجدّدون في منظومة السيوطي كلهم شوافع ([25]):

فَكَانَ عِنْدَ الْمِائَةِ الْأُولَى عُمَرْ

 

خَلِيفَةُ الْعَدْلِ بِإِجْمَاعٍ وَقَرْ

وَالشَّافِعِيُّ كَانَ عِنْدَ الثَّانِيَةِ

 

لِمَا لَهُ مِنَ الْعُلُومِ السَّامِيَةِ

وابن سُرَيْجٍ ثَالِثُ الْأَئِمَّهْ

 

وَالْأَشْعَرِيُّ عَدَّهُ مَنْ أَمَّهْ

والباقلاني رابع أو سهل أو

 

الإسفراييني خلفٌ قَدْ حَكَوْا

وَالْخَامِسُ الْحَبْرُ هُوَ الْغَزَالِي

 

وَعَدّهُ مَا فِيهِ مِنْ جِدَالِ

وَالسَّادِسُ الْفَخْرُ الْإِمَامُ الرَّازِي

 

وَالرَّافِعِيُّ مِثْلُهُ يُوَازِي

وَالسَّابِعُ الرَّاقِي إلى المراقي

 

ابن دَقِيقِ الْعِيدِ بِاتِّفَاقِ

وَالثَّامِنُ الْحَبْرُ هُوَ الْبُلْقِينِي

 

أَوْ حَافِظُ الْأَنَامِ زَيْنُ الدِّينِ

وَهَذِهِ تَاسِعَةُ الْمِئِينَ قَدْ

 

أَتَتْ وَلَا يُخْلَفُ مَا الْهَادِي وَعَدْ

وَقَدْ رَجَوْتُ أَنَّنِي الْمُجَدِّدُ

 

 

فِيهَا فَفَضْلُ اللَّهِ لَيْسَ يُجْحَدُ

فالتجديد للدين ليس فكريًّا أو فقهيًّا فحسب كما هو مفهوم الكثيرين، بل التجديد في مفهوم العلامة القرضاوي «يشمل كيان الإنسان كله»، والإنسان عقل وقلب، فيقع التجديد في الإيمان والتزكية والسلوك وفق تجديد التصوف وعلم التربية، ونريد به: «تصوف التربية والأخلاق القرآنية والنبوية، التصوف الذي يغذي الإيمان، ويرقق القلوب، ويعلم القلب الخشوع، والعين الدموع، ويشحذ الإرادة، ويقوي السلوك الخيِّر للإنسان، في ضوء الكتاب والسُّنّة وهدي السلف الصالح، لا التصوف السلبي المرفوض»([26]).

سابعًا: تجديد وسطي، ووسطية مجددة

«إنَّ شعار الوسطية يدعو إلى تجديد منضبط، وإلى اجتهاد معاصر قويم، واضح الأهداف، بَيِّن المناهج، يرفض موقف الذين يغلقون باب الاجتهاد، ويوجبون التقليد على كل العلماء، ويرفض موقف الذين يفتحون أبوابه لكل من هب ودب بلا قيود ولا ضوابط»([27]).

ينبغي أن يتحلى التجديدُ بالوسطية بين غلاة التشديد في منعه والتحفظ منه، وبين دعاة الانفتاح الواسع فيه من دون قيد ولا شرط ولا ضابط، فصار هوسًا أكثر منه عملًا تطويريًّا إصلاحيًّا، أولئك الذين سخر منهم الأديب الرافعي بأنهم يريدون تجديد الدين واللغة والشمس والقمر.

وقد قال الأمير شكيب أرسلان في كتابه (لماذا تأخر المسلمون؟): «إنَّ الدِّين إنما ضاع بين جاحد وجامد، فالجاحد يضلل الناس بجحوده، والجامد يفتنهم بجموده»([28]).

وقد قال أمير الشعراء أحمد شوقي رحمه الله في نفس السياق ووصف هؤلاء:

لا تحْذُ حذْوَ عصابةٍ مفتونةٍ

 

يجدُون كلَّ قديمِ شيءٍ مُنكَرَا

ولو استطاعوا في المَجامع أنكروا

 

مَن مات من آبائِهم أو عُمِّرَا

من كلِّ ماضٍ في القديمِ وهَدمِهِ

 

وإذا تقدَّم للبِنايةِ قصَّرَا[29]

ولقد سمى العلامة القرضاوي هؤلاء بـ«تجديد المسرفين والمتسيبين» الذين يريدون أن يبدلوا مرجعية الأمة بغير القرآن، وزعامتها بغير محمد، وقبلتها بغير مكة، وقانونها بغير الشريعة، وقد رد على هذا النهج في كتابه (بينات الحل الإسلامي وشبهات العلمانيين والمتغربين)، بفصل كامل عنوانه: «نعم للتحديث لا للتغريب»([30]).

وسمى الفئة الأولى الرافضة للتجديد بـ«الظاهرية الجدد وفئة مقلدي المذاهب» الذين يسعون لـ«تجميد الإسلام»([31]).

وعَدَّ العلامة القرضاوي التجديد المتزن من معالم الوسطية الثلاثين التي جمعها في كتابه (فقه الوسطية الإسلامية والتجديد: معالم ومنارات) ولشدة التلازم بين مفهومي الوسطية والتجديد أسس الشيخ رحمه الله –: مركز القرضاوي للوسطية والتجديد في جامعة حمد بن خليفة سنة 2008م، فالتجديد داخل في مدلول الوسطية، كما أنَّ الوسطية داخلة في مدلول التجديد الحقيقي.

خلاصة مفهوم التجديد

نختم هذا المبحث باقتباس من كلام العلامة القرضاوي نعدُّه تعريفًا متكاملًا جدَّد فيه مفهوم التجديد الذي يرتبط بالأصل ويتصل بالعصر، فقال: «التجديد الحق هو الذي يبنى على الأصول، ويرتبط بالجذور، ويستلهم التراث، ويستنطق التاريخ، ويصل اليوم بالأمس، ولا يتنكر لأسلافه، وإنما يضيف إليهم وينمي تراثهم، وينتقي أفضل ما فيه، ويدع ما لا خير فيه، يجمع بين العلم النافع والإيمان الراسخ، يحتفظ بكل قديم راشد ويرحب بكل جديد صالح، يؤمن بالثبات في الأهداف والغايات، والمرونة في الوسائل والآليات»([32]).

المطلب الثاني: التجديد في مفهوم الأمة عند القرضاوي رحمه الله

أوّلًا: المفهوم العام لمصطلح الأمة

يقول الراغب الأصفهاني في مفهوم الأمة: «كل جماعة يجمعهم أمر ما؛ إمَّا دين واحد، أو مكان واحد، أو زمان واحد، سواء كان ذلك الأمر الجامع تسخيرًا، أو اختياريًّا، وجمعها: أمم، وقوله عز وجل: ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِوَلَاطَٰٓئِرٖيَطِيربِجَنَاحَيۡهِ إِلَّآ أُمَمٌ أَمۡثَالُكُمۚ [الأنعام: 38]؛ أي: كل نوع منها على طريقة قد سخرها الله عليها بالطبع، فهي من بين ناسجة كالعنكبوت، وبانية كالسوس، ومدخرة كالنمل، ومعتمدة على قُوت وقتها كالعصفور والحمام... ثم قال: وفي الإيمان، ﴿وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ [آل عمران: 104]؛ أي: جماعة يتحرَّون العلم والعمل الصالح تكون أسوة لغيرها، وقوله: ﴿إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ [الزخرف: 22]؛ أي: على دين مجتمع عليه» ([33]).

وترد الأمة في سياقات النص والمفهوم القرآني على أربعة معانٍ:

الأوَّل: الإمام المقتدى به: ﴿إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ كَانَ أُمَّةٗ قَانِتٗا لِّلَّهِ حَنِيفٗا وَلَمۡ يَكُ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ [النحل: 120].

الثاني: ترد بمعنى الحين والزمن: ﴿وَقَالَ ٱلَّذِي نَجَا مِنۡهُمَا وَٱدَّكَرَ بَعۡدَ أُمَّةٍ [يوسف: 45]، وفي قوله تعالى: ﴿وَلَئِنۡ أَخَّرۡنَا عَنۡهُمُ ٱلۡعَذَابَ إِلَىٰٓ أُمَّةٖ مَّعۡدُودَةٖ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحۡبِسُهُۥٓۗ أَلَا يَوۡمَ يَأۡتِيهِمۡ لَيۡسَ مَصۡرُوفًا عَنۡهُمۡ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ [هود: 8].

الثالث: بمعنى جنس من الأجناس: ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا طَٰٓئِرٖ يَطِيرُ بِجَنَاحَيۡهِ إِلَّآ أُمَمٌ أَمۡثَالُكُمۚ [الأنعام: 38]، وفي حديث رسول الله ما يعزز هذا الاستخدام المفاهيمي فقال: «لولا أنَّ الكلابَ أمَّةٌ من الأمم لأمرتُ بقَتْلِها»([34])، فالحيوانات في أصنافها أمم.

الرابع: جماعة اجتمعوا على ملّة ودِين: ﴿رَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَيۡنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةٗ مُّسۡلِمَةٗ لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبۡ عَلَيۡنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ [البقرة: 128]، وقال أيضًا: ﴿إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُون [الأنبياء: 92].

ومقتضى الآية في قول الله تعالى: ﴿كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ [آل عمران: 110] أنَّ الله أخرج أممًا مختلفة، وكل من بعث إليهم رسول من الرسل فهم أمة له، وكانت رسالة محمد للناس أجمعين: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ الأنبياء: 107، ومنه كانت أمة محمد تنقسم قسمين:

القسم الأول: أمة الإجابة، والمقصود بها كل من استجاب لدعوة محمد وآمن به ودخل في دينه، وهي المقصودة بكلمة الأمة عند الإطلاق.

والقسم الثاني: أمة الدعوة وتشمل سائر العالم بعد ذلك.

ثانيًا: عناصر التجديد في مفهوم الأمة عند القرضاوي

1.     الأمة الإسلامية: أمة حقيقية لا مفهوم نظري

الأمة عند العلامة القرضاوي: «هي حقيقة بمنطق التاريخ وبمنطق الجغرافيا، وبمنطق الواقع، وبمنطق المصلحة، وبمنطق الآخرين»([35]).

فهي أمة حقيقية بكل معيار، فعاش المسلمون لا يفرقون بين بلال الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الرومي، ولا يفرقون بين القرشي والأوسي والخزرجي والدَّوْسي، وقاد في تاريخهم حركات التحرر التركي عماد الدين زنكي، وابنه نور الدين، والكردي صلاح الدين الأيوبي، فالمسلمون لا يعرفون جنسية إلا الانتماء إلى الإسلام.

وهي حقيقة بمنطق الجغرافيا، فالأمة تعيش في أقطار متصلة متشابكة بعضها موصول ببعض من جاكارتا شرقًا إلى طنجة غربًا، من المحيط إلى المحيط، «وإن دار الإسلام على سعتها وتعدد أقطارها، تمثل وطنًا واحدًا مترابط الأجزاء، وتكاد الحدود السياسية بين بلدانه كلها تكون مصطنعة، وجلها من صنع الاستعمار الذي فرض التجزئة فكانت أكبر همه ورأس طموحه، ومن هنا كان وجود إسرائيل جسمًا غريبًا في كيان الأمة، وحاجزًا مصنوعًا بين شرقها وغربها»([36]).

وهي أمة بواقعها وتحدياته والشعور السائد في كيان أبناء الأمة ووجدانهم، وينكشف هذا الترابط في مظاهر التضامن بينهم وقت المحنة والأزمات، وهي أمة بمنطق التحدي والخطر، فالتكتل الأمني ضرورة كي لا يأكلهم العدو بلدًا بلدًا، وهو ضرورة اقتصادية؛ لأنَّ السوق اليوم لا تقبل الضعفاء، وهو حاجة سياسية؛ لأن العالم وسائر الأمم تتكاتف وتتكتل في منظمات وروابط سياسية واتحادات دولية.

«ولهذا لا يجوز لنا أن نقول (أمم إسلامية)؛ بل (شعوب إسلامية) لأمة واحدة، خاطبها الله تعالى بقوله: ﴿وَإِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱتَّقُون [المؤمنون: 52]، إنها أمة واحدة في الغاية والوجهة، واحدة في الأفكار والمفاهيم، واحدة في المشاعر والأحاسيس، صَوَّر الرسول وحدتها في ذلك فمثّلها بالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»([37]).

2.     انتفاء انقطاع الأمة؛ فهي حية لا تموت

عَدَّ العلامة القرضاوي أنَّ الأمة المسلمة ينتفي عنها الانقطاع، فهي باقية ولم تمت، ولن تموت، وهي حقيقة لا وهم، فالقرآن الكريم اعتبر المسلمين (أمة واحدة) ولم يعدَّهم أممًا؛ لقوله تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ[البقرة: 143]، وقوله: ﴿إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ [الأنبياء: 92].

وهذه الأمة لا ينتفي عنها وصف الخيرية على تعاقب الأزمان، وقد يصيبها بعض العلل والأمراض في مجال من المجالات أو عصر من العصور، لكنها تبقى قائمة بالشهادة، ففي الحديث: «لا تزالُ طائفةٌ من أمتي قائمين على الحق»، وهم «الغرباء» الذين يَصلُحون إذا فسد الناس، ويُصلِحون ما أفسد الناس وهم «الفرقة الناجية» بين الهالكين، المهتدون بين السالكين، الذين يحيون ما كان عليه الرسول وأصحابه.

كما عصمت الأمة بمجموعها عن الغلط والزلل فجاء بالحديث الشريف: «إنَّ الله لا يجمعُ أمَّتي على الضَّلالة»([38]).

«وبرغم هذه النتوءات لم يزايل أبناءَها الشعورُ العام بأنهم أمة واحدة، وأن مصيرهم واحد، وأنَّ عدوهم واحد، وأنَّ مصلحتهم واحدة، وأنَّ خلاصهم في الاتحاد والتضامن، وهلاكهم في الاختلاف والتفرق والتنازع، وهو ما حذر منه كتاب الله: ﴿وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ﴾ [الأنفال: 46] وفي الصحيح: «ولا تختلفوا فإنَّ من قبلكم اختلفوا فهلكوا»»([39]).

«من خصائص هذه الأمة:

1.    أنها أمة خالدة، بخلود رسالتها وكتابها: فهي باقية ما بقي الليل والنهار، دائمة ما دام في الدنيا قرآن يتلى، وإذا كان القرآن محفوظًا بحفظ الله، فأمة القرآن باقية ببقاء القرآن.

2.    قد تكفل الله تعالى لرسوله الكريم ألا يهلك أمَّتَه بما أهلك به أممًا من قبلها، بالعقوبات القدرية، والنوازل الكونية، كالطوفان والخسف والمسخ والريح الصرصر، وغير ذلك.

3.    تكفل له كذلك ألا يسلط عليها عدوًّا من غيرها، يستأصل شأفتها، ويقتلعها من جذورها، إلَّا أن يهلك بعضها بعضًا، ويذوق بعضهم بأس بعض.

4.    كما تكفل الله لرسوله أن يحفظ أمَّتَه من الهلاك الحسي بعذاب الاستئصال، تكفل له بحفظها من الهلاك المعنوي بالاجتماع على الضلال»([40])، ففي الحديث: «إنَّ اللهَ لم يكن لِيَجمعَ أمَّتي على ضلالة»([41]).

وقد ردَّ العلامة القرضاوي على الشهيد سيد قطب في فكرة انقطاع الأمة، حيث قال في كتاب المعالم: «إنما الأمة المسلمة جماعة من البشر تنبثق حياتهم وتصوراتهم وأوضاعهم وأنظمتهم وقيمهم وموازينهم كلها من المنهج الإسلامي... وهذه الأمة، بهذه المواصفات، قد انقطع وجودها منذ انقطاع الحكم بشريعة الله من فوق ظهر الأرض جميعًا»([42]).

فقال العلامة القرضاوي: «ولقد ناقشت المفكر الشهيد في بعض كتبي في بعض أفكاره الأساسية، وإن لامني بعض الإخوة على ذلك، ولكني في الواقع، كتبت ما كتبت وناقشت ما ناقشت، من باب النصيحة في الدين، والإعذار إلى الله، وبيان ما أعتقد أنَّه الحق...».

وهذه مرحلة جديدة تطور إليها فكر سيد قطب، يمكن أن نسميها «مرحلة الثورة الإسلامية»، الثورة على كل «الحكومات الإسلامية»، أو التي تدَّعي أنها إسلامية، والثورة على كل «المجتمعات الإسلامية»، أو التي تدَّعي أنها إسلامية، فالحقيقة في نظر سيد قطب أنَّ كل المجتمعات القائمة في الأرض أصبحت مجتمعات جاهلية.

بل تجاوز سيد قطب، عندما لم يكتف بالحكم بجاهلية «المجتمعات الإسلامية» و«دولها» و«تاريخها» و«ثقافتها» و«حضارتها» ... وإنما ذهب فأعلن «انقطاع الأمة الإسلامية عن الوجود منذ قرون»! ... وأن المهمة التي يدعو إليها، هي إيجاد الأمة والجماعة المسلمة من جديد!([43])

3.     مفهوم الأمة العابر للقوميات والجغرافيا

يَعُدُّ العلامة القرضاوي أنَّ تعدد الشعوب في الأمة المسلمة لا يجعل منها مشكلة إذا كان الإسلام هو الموجِّهَ لها، والحاكم لتصرفاتها، فالإسلام يذيب الفوارق بعقائده وقيمه وأحكامه وآدابه، فيكون اختلافهم في هذا الحال اختلاف تنوع وإثراء لا اختلاف تضادّ وتصارع ([44]).

ويَعُدُّ أن الانتماء إلى الأمة الإسلامية لا يلغي الانتماء إلى الأوطان أو القوميات، «والإنسان ينتمي لدوائر متعددة تتداخل وتتكامل ولا تتناقض»([45]).

وكان بعض من الحرفيين يعترضون على العلامة القرضاوي في إطلاقه قول: (إخواننا الأقباط) فكان يجيبهم: أن الأقباط إخوتنا في الوطن، وإن لم يكونوا إخواننا في الدين، وهناك أخوة غير أخوة الدين، هناك أخوة الوطنية، والأخوة القومية، والأخوة المهنية، والأخوة الإنسانية... وقد قال تعالى: ﴿كَذَّبَتۡ عَادٌ ٱلۡمُرۡسَلِينَ إِذۡ قَالَ لَهُمۡ أَخُوهُمۡ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ [الشعراء: 123، 124].

فكان العلامة القرضاوي يتمثل ويجسد تقسيم الإمام علي رضي الله عنه حينما قال: «النَّاسُ صنفانِ: إمَّا أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق»، فلا حرج في تعدُّد الانتماءات، فالإنسان ينتمي إلى أسرته، وفي الوقت نفسه ينتمي إلى قريته، وإلى محافظته، وينتمي إلى وطنه، وإلى قارَّته، وينتمي إلى دينه وإلى أمته الكبرى المؤسسة على العقيدة، وينتمي إلى أسرة الإنسانية الجامعة.

يقول العلامة القرضاوي هنا: «لا حرج في ذلك ولا ضير، فهذه الانتماءات غير متعارضة ولا متناقضة، بل تعبّر عن حقائق قائمة بالفعل، والعلاقة بينها علاقة الخاص بالعام، والأخص بالأعم، وإنما تحدث الإشكالية حين يتعارض الانتماء إلى الوطن والولاء له مع انتماءات وولاءات يلتزم بها الإنسان»([46]).

غير أنَّ الانتماء إلى الأمة الإسلامية الكبرى أسمى وأكبر من الانتماء إلى الوطنيات الجغرافية، «فللمسلم انتماء أكبر وأعمق من الانتماء للأرض، فالانتماء للوطن قدريّ وجبريّ لا اختيار للإنسان فيه، ولكن الانتماء الآخر هو باختيار الإنسان وحريته، وهو الولاء لله ولرسوله وللأمة التي تشاركه العقيدة، فتغدو أمة الإسلام أهله وإخوانه ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ [الحجرات: 10]» ([47]).

وهذا المفهوم عن أخوة الأمة جاء في حديث رسول الله : «المسلمونَ يَسْعَى بذِمَّتهم أدناهُمْ، وهُمْ يَدٌ على مَن سِواهُم»([48]).

4.     بين أمة العقيدة وأمة الأوطان

تتعدد دوائر الانتماء إلى الأمة، ومن هذه الدوائر دائرة الأمة العقدية التي ينتمي إليها أهل القبلة باختلاف لغاتهم وجغرافياتهم وقومياتهم، هذه الأمة التي تعددت في مكوناتها: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ [الحجرات: 13]، وتعددت عواصمها في إنتاج الحضارة الإسلامية، فكانت مكة المكرمة والمدينة المنورة وبغداد وسمرقند وقرطبة وإسطنبول ودمشق والكوفة وخراسان وتمبكتو، كما تعددت في الشعوب التي بنتها، فكان العرب والأمازيغ الفاتحون والترك السلاجقة وشعوب بلاد ما وراء النهرين والفرس وغيرهم، وهذا كله تعبير عن حيوية هذه الأمة العقدية وتنوعها.

وفي دائرة أخرى للأمة تأتي في السياق القطري والجغرافي، وهي أمة الأوطان، فالوطن المحلي هو الأرض التي ولد فيها الإنسان ونشأ، وله بها علاقة مادية وعاطفية، وتمثل نوعًا من الانتماء والولاء، وكان حبها والحنين إليها فطرة بشرية يشترك فيها عامة الناس، مؤمنهم وكافرهم.

وقد بدا تأثر العلامة القرضاوي برؤية الإمام حسن البنا إلى الوطنية والأمة القطرية، فكان كثير الاستشهاد بآرائه، فالإمام الشهيد يَعُدُّ أنَّ خلق الوطنية فريضة دينية، وأنَّ تمسُّكنا بالوحدة الإسلامية وفق مفهوم الأمة الكبرى العقدية لا يعارض الوحدة القطرية فيقول: «ومن هنا كان المسلم أعمق الناس وطنية، وأعظمهم نفعًا لمواطنيه، لأنَّه مفروض من رب العالمين، ونحن أشد الناس حرصًا على خير وطنهم وتفانيًا في خدمة قومهم، وحريصون على وحدته الإقليمية بهذا الاعتبار، ولا نجد غضاضة على أي إنسان يخلص لبلده، وأن نفنى في سبيل أقوامنا»([49]).

وقد ناقش العلامة القرضاوي الإمام المودودي في تشدُّده في إنكار مفهوم الأمة القطرية أو المحلية؛ إذ يرى رحمه الله أنَّ الاختلاف بين الناس في المواطن أو المساكن أو المدافن ليس بشيء جوهري، ﴿وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ فَمُسۡتَقَرّٞ وَمُسۡتَوۡدَعٞۗ[الأنعام: 98]، وأنَّ الاختلاف بين شعوبكم وقبائلكم لتتعارفوا، لا لتتباغضوا وتتحاربوا، والإسلام يَعُدُّ هذه الطائفية من جملة الجرائم التي استحق فرعون على أساسها اللعنة والعذاب الأليم: ﴿إِنَّ فِرۡعَوۡنَ عَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَجَعَلَ أَهۡلَهَا شِيَعٗا يَسۡتَضۡعِفُ طَآئِفَةٗ مِّنۡهُمۡ يُذَبِّحُ أَبۡنَآءَهُمۡ وَيَسۡتَحۡيِۦ نِسَآءَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ [القصص: 4]، والقرآن كله ليس فيه كلمة تسويغ للنسلية والوطنية([50]). وقد رفض القرضاوي هذا الخطاب والمفهوم، وعَدَّ أنَّ وضع المودودي وقيام دعوته في الهند الكبرى التي يتمتع فيها الهندوس بأغلبية كبيرة، يخشى على المسلمين أن يذوبوا فيها إذا نسوا انتماءهم الديني، هو الذي ترك أثره في تفكير هذا الإمام، والإنسان ابن بيئته ([51]).

وكذلك يرفض العلامة القرضاوي فكرة أنَّ جنسية المؤمن عقيدته والتي طرحها الشهيد سيد قطب في المعالم فقال: «جاء الإسلام ليرفع الإنسان، ويخلصه من وشائج الأرض والطين، فلا وطن للمسلم إلا الذي تقام فيه شريعة الله، فتقوم الروابط بينه وبين سكانه على أساس الارتباط في الله، ولا جنسية للمسلم إلا عقيدته التي تجعله عضوًا في (الأمة المسلمة)، ولا قرابة للمسلم إلا تلك التي تنبثق من العقيدة في الله، فتصل الوشيجة بينه وبين أهله في الله».

لكن وثيقة المدينة التي كتبها النبي بين مختلف الأطراف والفئات الساكنة بعد هجرته إلى المدينة، نصَّت على «المعنى الجغرافي للأمة السياسية»، فالمادة تنص على أنَّ: «المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أمة واحدة دون الناس»، فتمتع المسلم بالمزايا السياسية للانتساب إلى هذه الأمة مشروط بالانضمام إليها من خلال الهجرة، والمشاركة في الدفاع عنها من خلال الجهاد، فكل مسلم جزء من الأمة الإسلامية الاعتقادية، أمَّا الدولة الإسلامية السياسية فالانتساب إليها يستلزم الانحياز الجغرافي إليها، ونصر هذه الدولة للمسلم المظلوم خارج حدودها ليس مقدَّمًا على مصالحها والتزاماتها([52]).

وقد قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلَٰيَتِهِم مِّن شَيۡءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْۚ وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوۡمِۢ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰقٞۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ [الأنفال: 72].

فالعلامة القرضاوي يفرّق بين مفهوم الأمة السياسية القُطرية والأمة الاعتقادية، ولا مشكلة عنده في الانتماء إلى الأمة القطرية، بل يرى الوفاء لها من المحامد فيقول: «إنَّ الإسلامي الحق: وطني مخلص وقومي مناضل وعالمي أصيل»([53]).

ومما يعزز ما ذهب إليه العلامة القرضاوي رحمه الله صياغة مفهوم المواطنة من خلال مداخل التأصيل الثلاثة ([54]):

المدخل السفيني: الذي يؤسس لعلاقات تحفظ على الفرد كيانه كما تحفظ للجماعة والجماعية مقامها، وتُحدث التوازن المطلوب بين الفرد والجماعة في علاقات سوية وفق منظومة معرفية وسلوكية متكاملة جاءت بنص الحديث الشريف: «مَثَل القائمِ في حُدودِ اللهِ والواقعِ فيها كمَثَلِ قومٍ استهموا على سفينةٍ فصار بعضُهم أعلاها وبعضُهم أسفلَها، وكان الذين في أسفلِها إذا استَقَوْا من الماء مَرُّوا على مَن فوقهم، فقالوا: لو أنَّا خرقنا في نصيبنا خَرْقًا ولم نؤذِ مَن فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا»([55]).

المدخل الدستوري النبوي: فمن وثيقة المدينة نجد أنَّ الإسلام يقبل فكرة تأسيس مجتمع سياسي متنوع في دولة واحدة ونظام حكم واحد في وطن واحد على أساس الإسلام، يتمتع فيه الجميع بحق المواطنة الكاملة، ولا يشترط لإقامة دولة أن تكون لمجتمع إسلامي نقي خالص.

مدخل المقاصد العامة الكلية: وهي دين مُتبع، ونفس مكرَّمة، ونسل قوي فاعل ومؤثر، وعقل واع ومدبّر، ومال يشير إلى خصب الزمان وحركة العمران، وهذه المقاصد تشكل الأساس المكين لنظرية في حقوق الإنسان، وهو أمر يتعلق بصميم المواطنة حينما تؤكد هذه الحقوقَ التأسيسيةَ المرتبطة بها.

5.     الأمة بين مقاصد الوحدة والتّمثُّلات السياسية

عُرفت عن العلامة القرضاوي حالة من الشغف بالخلافة الإسلامية، والطموح لعودتها بصورتها العصرية، وهي تعبير سياسي عن مفهوم الأمة الواحدة، «فلم يطلب الإسلام من المسلمين أن يكونوا أمة واحدة في الأفكار والمشاعر والشعائر والتقاليد، ثم يدعهم متفرّقين في سياساتهم ومختلفين في أنظمتهم، متباينين في مصالحهم»([56])، فمفهوم الأمة الواحدة عند العلامة القرضاوي ليس مفهومًا نظريًّا وشعوريًّا مجرَّدًا، بل مفهوم يترجم في مؤسسة وحالة سياسية جامعة لكل المكونات، فقد كان للمسلمين خليفة يناديهم في الأزمات أنْ هُبُّوا، وكان يستنصر به المستضعفون، ويحسب حسابه الخصوم إذا فكروا في اقتحام حماه، و«اليوم لم يعد لهم خليفة يمثلهم، ولا بابا كبابا النصارى، فلا قيادة سياسية ولا قيادة دينية»([57]).

ومدار هذا النظام الذي يوحّد الأمة والكيان الإسلامي أمور ثلاثة فصَّل فيها في كتبه المتعلقة بالفقه السياسي:

‌أ.      وحدة دار الإسلام: فالمسلمون لهم دار واحدة وإن تعدَّدت أقاليمها وتنوعت عناصر سكانها.

‌ب.  وحدة المرجعية العليا: وتتجلى في الاحتكام إلى الكتاب والسّنَّة في ضوء اجتهاد معاصر قويم، يصل الحديث بالفقه، كما يصل الفقه بالواقع.

‌ج.   وحدة القيادة المركزية أو الرئاسة العامة للأمة كلها وهي تمثل الخليفة أو الإمام الذي ينوب عن رسول الله في إقامة الدين وسياسة الدنيا به.

«وقد تختلف صور هذه الوحدة وتتنوع، كما وقع قديمًا ويقع اليوم: وحدة اندماجية، فيدرالية، كونفدرالية... المهم أن تتحقق هذه الأمور الجامعة»([58])، فلا جمودَ على شكل معين ولا نموذج خاص ولا مقيدين إلا بالمبادئ التي ألزمنا الله تعالى بها من الشورى والعدل والبر والتقوى.

وكان العلامة القرضاوي يجيب الذين يعُدُّون طرحه هو «حلم الفقيه»([59]) بقوله: «إنَّ اليهود حلموا بإقامة دولة لهم، واستطاعوا أن يحققوا حلمهم بعد خمسين سنة، ولا زالوا يحلمون بدولة إسرائيل الكبرى؟ والعالم في الشرق والغرب يحلم، فلماذا تصادرون حقنا في مجرد الحلم؟ وقد قيل: حقائق اليوم أحلام الأمس، وأحلام اليوم حقائق الغد»([60])، فالخلافة خطوة استراتيجية لبناء وحدة الأمة في فكر العلامة القرضاوي رحمه الله.

6.     الإسلام سياج وحدة الأمة وضمان فاعليتها

يَعُدُّ العلامة القرضاوي في مختلف كتاباته أنَّ الإسلام هو الحل، وأنَّ الحل الإسلامي كافٍ لعلاج ما تعانيه أمتنا، وكان يتألم لحال الفرقة التي زرعها فينا أعداء الملة بمشاريعهم ومخططاتهم ودسائسهم التي بدوؤها بمشروع احتلال البلاد وتقسيمها، وكان يَعُدُّ أنَّ الإسلام هو المظلة الكبرى الجامعة لمكونات هذه الأمة بتنوع عرقياتها وألسنتها وهمومها، فيقول: «ما عرفنا في التاريخ أنَّ هذه الأمة انتصرت إلا بالعودة إلى الإسلام، فالإسلام يجمع ولا يفرّق، ويبني ولا يهدم، ويقوى ولا يضعف، هذا هو الإسلام الذي ندعو إليه: الإسلام الذي انتصرت به هذه الأمة، وفتحت به العالم، ورثت ممالك كسرى وقيصر، وأقامت دولة العدل والإحسان، وحضارة العلم والإيمان، وهذا الإسلام وحده هو الذي يجمعنا ولا يفرقنا»([61]).

ثالثًا: ثلاثية انعكاس مفهوم الأمة على منهج العلامة القرضاوي:

انعكست هذه المعاني المتعلقة بمفهوم الأمة كما صاغه العلامة القرضاوي على مسيرته وممارسته من خلال ثلاثة تمظهُرات:

1.     تسخير قلمه لتشخيص حالة الأمة وبحث همومها واستشراف مستقبلها

فكتب الشيخ في ترشيد الصحوة وبناء الجيل: «جيل النصر المنشود»، و«من أجل صحوة راشدة»، و«الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف»، و«الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم»، و«الصحوة الإسلامية وهموم الوطن العربي».

وفي رحلة البحث عن حلول الأزمات التي تعيشها الأمة كتب عن «أعداء الحل الإسلامي»، ونقد «الحلول المستوردة وكيف جنت على أمتنا»، وقدَّم «الحل الإسلامي فريضة وضرورة».

وبحث «مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلام»، ونقد «ظاهرة الغلو في التكفير» لما بدأت تتسرب لأبناء الدعوة والفكرة، ورسم «ملامح المجتمع الإسلامي الذي ننشده».

وقاوم الأفكار التي تنخر أمتنا، فكتب «الإسلامية والعلمانية وجهًا لوجه» و«التطرف العلماني في مواجهة الإسلام»، ودافع عن «مركز المرأة في الحياة العامة».

وكتب في مسألة الأقليات وموقعها ضمن مفهوم الأمة: «الأقليات الدينية والحل الإسلامي»، و«غير المسلمين في المجتمع الإسلامي»، وعن الأقليات الإسلامية في المجتمعات الغربية وحمايتها من مشروع انسلاخها عن الأمة الأصلية التي تنتمي إليها والأمة السياسية والجغرافية التي تعيش فيها، كتب: «في فقه الأقليات المسلمة».

2.     حمله لقضايا الأمة المختلفة

فكان له في كل قضية رأي وموقف ناصر، من دون النظر إلى حدود جغرافية أو تقسيمات سياسية، فكان يَعُدُّ كلَّ بلاد الإسلام بلاده، وكلَّ هموم إخوانه همومًا له:

فسكنته قضية القدس وفلسطين ونافح عنها ودعم مقاومتها كتابة وفتوى وتأسيسًا للمؤسسات وخطابة ومواقفَ، واصطفَّ مع خيارات الشعوب في مواجهة حكامها الظلمة، فناصر ثورات الربيع العربي، وعاش القضية الأفغانية بمختلف أزماتها ومعاركها، ورفض احتلال العراق وضرب أفغانستان، وناصر البوسنة والهرسك في مواجهة الصرب الصليبي، وتوسط للإفراج عن الدعاة المعتقلين في بلادهم، وقاد الحوار والصلح عند مختلف الفرقاء.

3.     ترجيحه للتموقع في مربع الأمة لا مربع الحركة

إنَّ العلامة القرضاوي قد خرج في نشاطه وحجم تأثيره من ضيق الحركة إلى سعة الأمة، فاستعفى من العمل التنظيمي الإخواني في أواخر السبعينيات، ورفض تولي منصب المرشد العام للإخوان المسلمين مرتين، وكان لافتًا أنَّ سبب رفضه في المرة الثانية هو أنه يريد أن يكون مرشدًا للأمة كلها لا مرشدًا للجماعة فحسب.

فقد اختار العلامة القرضاوي أن يكون عنوانًا جامعًا لكل الأمة، يجمع بين تراث السلف ومعارف الخلف، ولم يكن أسيرًا لمرحلة تاريخية معينة، وعلى المستوى الفقهي انتمى إلى رحابة هذا الفقه الواسع، فخرج من ضيق المذهبية الفقهية إلى سعة المذاهب كلها، فأخذ من رخص ابن عباس وتشدّد ابن عمر، ومن أثرية ابن حنبل وفقه أبي حنيفة، ومن مقاصد الشاطبي وظاهرية ابن حزم، ومن رقائق الجنيد وفقه الغزالي، وكلُّهم من رسول الله ملتمسٌ غَرْفًا من البحر أو رَشْفًا من الدِّيمِ.

وكذلك انتقل من ضيق الحركية إلى سعة الأمة، فانتمى إلى الحركة وتحرر من قيودها، وانتمى إلى الوطن وخدمه في القاهرة والدوحة، لكنه تحرر من جغرافيته.

المطلب الثالث: التجديد في مفهوم الفقه عند القرضاوي

تكاد تجمع المعاجم على أنَّ «الفقه لغةً هو: الفهم. بمعنى: إدراك معنى الكلام»([62]).

وفي القرآن الكريم وردت مادة «ف ق هـ» عشرين مرة، مثل قوله تعالى: ﴿فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ [التوبة: 122]، وكذلك جاء بمصطلحات مقاربة للمعنى، مثل استخدام القرآن لمعنى الاستنباط، وهو استخراج ما خفي من النص بطريق صحيح، قَال الله تعالى:﴿وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ [النساء: 83].

وقد جدَّد القرضاوي في مفهوم الفقه من خلال الموسوعة التي تركها لنا من الكتابات والمصنفات، ومن خلال فتاويه واختياراته الفقهية، ووضع لنا ضوابط للاجتهاد وربطه بالأصل والمصدر، وعَدَّ أنَّ الاجتهاد يصدر من أهله في موضعه، غير أنه قد جدّد لنا في مفهوم الفقه عامّةً من خلال خمسة معالم:

أولًا: الفقه فقهان: فقه الكتاب المسطور وفقه الكون المنظور

يرى العلامة القرضاوي أنَّ الفقه مصطلح واسع لا يشمل المفهوم الاصطلاحي المشهور، وهو: معرفة الأحكام الشرعية الفرعية الجزئية من أدلتها التفصيلية([63])، مثل أحكام الطهارة والصيام والزواج والطلاق، فيتبع شيخه أبا حامد الغزالي صاحب الإحياء في عَدِّ هذا المصطلح والمفهوم مما بدَّله الناس من مصطلحات العلوم وأسمائها، وهي خمسة ألفاظ بُدِّلت: الفقه، والعلم، والتوحيد، والتذكير، والحكمة.، فقال الغزالي: «فهذه أسامٍ محمودة، والمتصفون بها أرباب المناصب في الدين؛ ولكنها نُقلت الآن إلى معانٍ مذمومة، فصارت القلوب تنفر من مذمة من يتصف بمعانيها، لشيوع إطلاق هذه الأسامي عليهم»([64](.

فالمفهوم الصحيح الواسع والمتجدد للفقه أنّه نوعان:

الأوّل: فقهٌ عن الله فيما خلق ﴿أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ [الأعراف: 54]، وهو فقه الكون المنظور مصدرًا للمعرفة، ﴿سَنُرِيهِمۡ ءَايَٰتِنَا فِي ٱلۡأٓفَاقِ وَفِيٓ أَنفُسِهِمۡ[فصلت: 53]، وتسخيرًا للآيات، ﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مِّنۡهُۚ [الجاثية: 13]، وتعميرًا للكون، ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ وَٱسۡتَعۡمَرَكُمۡ فِيهَا [هود: 61]، ومزاوجة بين الكون المسبح تسخيرًا والإنسان الساجد اختيارًا، ﴿يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ [الحشر: 24]، وتأسيسًا لعلاقة المحبة بينهما، فصار رحمًا بين المسبِّحين والمسبِّحات ضمن قيم الجمال وصلاتها: (أُحُدٌ جبلٌ نحبُّه ويحبُّنا) كما جاء في الحديث الشريف([65]).

والثاني: فقه عن الله فيما شرع ﴿وَٱلۡأَمۡرُۗ [الأعراف: 54]، وهو فقه الكتاب المسطور، بفهم النصوص الجزئية في ضوء مقاصدها الكلية، ورعاية الثوابت واستيعاب المتغيرات، والمزاوجة بين المثال المنشود والممكن الموجود في ضوء فقه الوسع والمقدور، والمتاح والمستطاع، والارتباط بالأصل، والاتصال بالعصر.

ويسمي العلامة القرضاوي الفقه الأول بـ(الفقه القرآني) وهو «يتعلق بالفهم لآيات الله في الآفاق والأنفس، والتأمل في سنن الله في الكون والاجتماع، في ضوء شواهد التاريخ ودلائل الواقع ومعرفة أسرار الله في خلقه، ومقاصده في شرعه»([66]).

ويَعُدُّ العلامة القرضاوي هذا النوع من الفقه أشمل وأعم، فيقول: «وفقه الآيات، والفقه في الدين أخصُّ وأعمق من مجرَّد العلم بالآيات، والعلم بالدين»([67]).

وفي كتاب الله تعالى ما يعزّز هذه الرؤية، فقد نفى الله هذا الفقه عن الكفار والمنافقين، فيقول عن الكفار: ﴿لَهُمۡ قُلُوبٞ لَّا يَفۡقَهُونَ بِهَا [الأعراف: 179]، ويقول عن المنافقين: ﴿وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَفۡقَهُونَ [المنافقون: 7]، ثم يصف أهل الإيمان بالفقه: ﴿قَدۡ فَصَّلۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَفۡقَهُونَ [الأنعام: 98]

ويؤكد هذا المفهومَ الواسع أيضًا حديثُ رسول الله : «مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّين»([68])؛ والمعنى أن ينير الله بصيرته، فيتعمق في فهم حقائق الدين وأسراره ومقاصده، ولا يقف عند ألفاظه وظواهره.

ثانيًا: فقه جديد: أنماط جديدة من الفقه المنشود

تحدّث الشيخ في كتابه (أولويات الحركة الإسلامية) عن «حاجتنا لفقه جديد»([69])، وقد تحدّث في كتب عديدة عن أنواع الفقه الذي ينشده، ومنها:

‌أ.     فقه السنن وفقه مراتب الأعمال في كتابه (الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف)، فتحدّث عن سنن التدرج، وفقه الجزئيات في ضوء الكليات، والفقه في مراتب الأحكام، ومراتب المأمورات ومراتب المنهيات، وسنن النصر، فقال عن السنن: «أعني بها القوانين الكونية والاجتماعية التي أقام الله عليها عالمنا، وقضى بأنها لا تتبدّل ولا تتحول، مثل سنن: النصر والتغيير والتدرج وغيرها»([70])، وقال عن مراتب الأحكام وفقه الخلاف: «أن من الفقه الذي يغفل عنه بعض المتدينين: معرفة مراتب الأحكام الشرعية، وأنها ليست في درجة واحدة، وبالتالي يجوز الاختلاف فيها»([71]).

‌ب. فقه الاختلاف وفقه الائتلاف وكتب له كتابًا كاملًا بعنوان: (الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم)، فعَدَّ أنَّ تفرق الأمة ليس قدرًا دائمًا ولا لازمًا، وكانت له رؤية في تفسير حديث افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، وعَدَّ أنَّ الاختلاف في الفروع رحمة وسعة وطبيعة خلقنا الله عليها، ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخۡتَلِفِينَ١١٨ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمۡۗ [هود: 119، 118]، وكذلك عَدَّ الاختلاف ثروة، ثم قدّم الدعائم الأخلاقية لفقه الاختلاف، فنبذ التعصب بمختلف صوره للرأي وللحزب وللمذهب والأئمة، فكان فقهًا قائمًا على فلسفة الجمع لا التفريق، مع تقبل التنوع والاختلاف([72]).

‌ج.   فقه الموازنات وفقه الأولويات في كتابه (في فقه الأولويات دراسة جديدة في ضوء الكتاب والسّنَّة)، ثم أسقط هذا الفقه على العمل الإسلامي في كتابه (أولويات الحركة الإسلامية)، فقال: «وأعني به وضع كل شيء في مرتبته بالعدل، من الأحكام والقيم والأعمال، ثم يقدم الأولى فالأولى، بناء على معايير شرعية، فلا يُكَبّر الصغير ولا يُهَوّن الخطير، ولا يقدّم غير المهم على المهم، بل كل شيء في موضعه بالقسطاس المستقيم»([73]).

‌د.    فقه مقاصد الشريعة في كتابه (دراسة في مقاصد الشريعة بين المقاصد الكلية والنصوص الجزئية)، فتحدث عن «مدرسة الظاهرية الجدد»([74]) أصحاب فقه النصوص بمعزل عن مقاصدها، وبيَّن سماتهم ومرتكزاتهم، مثل حرفية الفهم والتفسير، والجنوح للتَّشدُّد والتعسير، والإنكار بشدة على المخالفين، وعدم المبالاة بإثارة الفتن، وتحدَّث ناقدًا لمدرسة مغالية أخرى توازيها وهم «المعطلة الجدد» ممن يعطلون النصوص باسم المصالح والمقاصد، ثم أصَّل للمدرسة الوسطية المقاصدية التي تربط بين النصوص الجزئية والمقاصد الكلية.

‌ه.     فقه الدولة في كتابه (من فقه الدولة في الإسلام) وعَدَّه «فقهًا قصَّر فيه المسلمون كثيرًا في الأزمنة الأخيرة، ولم يعطوه حقه من البحث والاجتهاد، كما أعطوا مجالات الفقه الأخرى، التي توسعت وتضخمت، وخصوصًا فقه العبادات»([75])، فطرح مسائل مهمة وجدَّد فيها: الدولة المسلمة ومكانتها، وحكم إقامتها، ومعالمها المميزة لها، وبيان طبيعتها أهي دولة مدنية تلتزم الإسلامَ أم دولة ثيوقراطية دينية كهنوتية، وردَّ على من يزعمون أنها دولة دينية تحكم بالحق الإلهي، وبحث الموقف من التعددية والديمقراطية، والمرأة، وقضايا غير المسلمين، إلى آخر هذه القضايا الحساسة والمهمة.

‌و.    الفقه الحضاري ونظَّر له في كتابه: (السُّنّة مصدرًا للمعرفة والحضارة) فقال: «نعني بالفقه الحضاري الفقه الذي ينقل الإنسان من فهم سطحي بدائي إلى فهم أعمق للكون والحياة، ومن عقل راكد إلى عقل متحرك، من عقل مقلد تابع إلى عقل متحرر مستقل، ومن عقل خرافي يتبع الأوهام إلى عقل علمي يتبع البرهان، ومن عقل متعصب إلى عقل متسامح»([76])، ثم رسم له ملامح وهي: فقه الآيات والسُّنن، وفقه المعرفة، وفقه الحياة، وفقه الواقع، وفقه المقاصد، وفقه مكارم الشريعة.

‌ز.    فقه الأقليات في كتبه:(غير المسلمين في المجتمع الإسلامي)، و(الأقليات الدينية والحل الإسلامي)، و(فقه الأقليات حياة المسلمين في المجتمعات الأخرى)، وقد جدَّد العلامة في طرح تسمية «غير المسلمين في المجتمع الإسلامي» في كتابه، ولم يذكر المصطلح الشرعي «أهل الذمّة»، ويعلل القرضاوي ذلك: «لما أصبحت كلمة (أهل الذمّة) غير مقبولة عند إخواننا من مواطنينا من أهل الكتاب الذين يعيشون بين ظَهرانينا، وهم من بني جلدتنا، ويتكلمون بلساننا، ويشعرون بأنَّ هذه الكلمة توحي بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، ولهذا لم أرَ بأسًا من حذف هذا العنوان الذي ينفر منه الأقباط في مصر والسودان، والمسيحيون في بلاد الشام وغيرها».([77])

ثم أسَّس لفقه كبير للمسلمين الذين يعيشون أقلّيةً في المجتمعات الغربية، وأسَّس لهم المؤسسات المختلفة وعلى رأسها المجلس الأوروبي للإفتاء، ليسدَّ احتياجهم الإفتائي والفقهي، وليكون مرجعية لهم بعيدًا عن مجامع الشرق والغرب ممن لا يفقه واقعهم.

‌ح.   أنماط أخرى من الفقه المنشود: وإلى جانب هذه الأنماط من الفقه التي ابتكرها الشيخ وجدَّد بها حقائق الدين، فقد تطرق إلى أنماط أخرى من خلال مضامينها مثل فقه النهوض بواقع الأمة من عالم الوجود العادل إلى عالم الشهود الفاعل من خلال العقيدة الموافقة للفطرة، والعبادة الدافعة للعمارة، والعقل المهتدي بالوحي، والعلم المرتبط بالإيمان، والأخلاق المترقية بالإنسان، والجسد الممدود بالروح، والأسرة التي تصون الفرد، والتشريع المحقق للمصلحة.

ثالثًا: إخراج الفقه من السكون إلى رحاب الحياة

من عبارات العلامة القرضاوي الجميلة: «أنَّ حياة الفقه بتطبيقه»([78])، ومعناها أنَّ أعظم ما يحتاج إليه الفقه ليحيا وينمو ويتجدد هو العمل به والاحتكام إليه، وأن يعود إلى مكانه الطبيعي ليكون المصدر الأول لتشريعنا وقضائنا، فالرجوع إلى الشريعة مقتضى الإيمان والإسلام، ومنه أنَّ الفقه مكانه ساحة الحياة ومجالات الحكم وتنظيم معيشة الخلق وإدارة المال والاقتصاد وتهذيب المجتمع وترقيته، وليس مجاله المختبرات العلمية ورفوف الكتب وحلق الدراسة فحسب.

وقد تابع هنا الشهيد سيد قطب لما تحدث عن (فقيه الأوراق) في مقابل (فقيه الحياة) أو (فقيه الميدان والمعركة)، فنبَّه أنَّ هناك فقهًا يسمى فقه المعركة، أو فقه الحركة، ويقصد به الفقه الميداني الذي تكسبه التجارب والمعاناة، مستهديًا بقوله تعالى: ﴿فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ [التوبة: 122].

وعَدَّ العلامة القرضاوي في هذا المفهوم أنَّ فقهاء الأوراق يقاتلون على أشياء يمكن التسامح فيها، أو الاختلاف عليها، أو تأجيلها إلى حين، ويغفلون قضايا حيوية مصيرية، تتعلق بالوجود الإسلامي كله، وهؤلاء قوم ربما لا ينقصهم الإخلاص، ولكن ينقصهم الفقه، ولئن جازت تسميتهم (علماء) فلا تجوز تسميتهم (فقهاء) ([79]).

وقد تمثَّل العلامة القرضاوي نموذج فقيه الميدان والمعركة، فكان معبِّرًا عنه بفتاويه وكتاباته ومواقفه والضريبة التي دفعها في سبيله سجنًا ونفيًا وتحمُّلًا لكلام زملائه المشايخ ممن لم يدرك رؤية العلامة القرضاوي في نوازل الواقع وتحديات الحياة.

رابعًا: التجديد في طرائق التجديد الفقهي

جدَّد القرضاوي في طرائق التجديد في الفقه الإسلامي، فذكر أنَّه «ليس التجديد هو تطويع الفقه الإسلامي حتى يساير القوانين الوضعية، فهذا تحريف وتزييف، بل التجديد الحق هو تنمية الفقه الإسلامي من داخله، وبأساليبه هو، مع الاحتفاظ بخصائصه الأصيلة وبطابعه المتميز»([80]).

وذكر العلامة القرضاوي معالم التجديد المنشود للفقه الإسلامي وطرائقه، بعضها يتعلق بالمضمون والمحتوى، وبعضها بالإطار والشكل، فذكر منها ([81]):

أوّلًا: تنظير الفقه الإسلامي، ونعني به: أن تصاغ أحكامه الجزئية وفروعه المختلفة ومسائله المنثورة في صورة نظريات كلية عامة تصبح هي الأصول الجامعة.

ثانيًا: الدراسات المقارنة: وهي ذات شعبتين: الأولى دراسة مقارنة داخل الفقه الإسلامي نفسه بين مذاهبه، لاستبانة وجهات النظر، ومنازع الاجتهاد، والعلامة القرضاوي هنا لا يقصد بالمذاهب الفقهية هنا مذاهب أهل السنة وحدها، بل المذاهب الثمانية المدونة (الأربعة زائد المذهب الظاهري والزيدي والجعفري والإباضي)، والثانية المقارنة بين الفقه والقانون والمذاهب الوضعية العالمية الشهيرة القديمة كالروماني والحديثة كالفرنسي.

ثالثًا: تقنين الفقه بحيث يصاغ في مواد قانونية مرتبة لتكون مرجعًا سهلًا ومحدّدًا، ولعل أعظم عمل في هذا الباب كان مجلة الأحكام العدلية في الدولة العثمانية.

رابعًا: الكتابة الموسوعية العصرية: وهي أن يعرض الفقه عرضًا حديثًا في صورة موسوعة، أو دائرة معارف مكتوبة بلغة عصرية سهلة الفهم، ومرتبة ترتيبًا معجميًّا على نهج الموسوعات العالمية العصرية.

خامسًا: تجديد الاجتهاد بين التَّهيُّب والتّسيُّب

حاول بعض الفقهاء حماية الفقه من أدعيائه كي لا يجتهد من ليس أهلًا لذلك، وكي لا يُجتهد في غير محل الاجتهاد من خلال إغلاق باب الاجتهاد، والنَّظر إلى أنَّ الأوّل لم يترك للآخر من شيء، غير أنَّ العلامة القرضاوي يرفض هذا الإجراء الاحترازي، ويقول:

«باب الاجتهاد سيظل مفتوحًا، ولا يملك أحد إغلاقه بعد أن فتحه رسول الله ، ولا يسع فردًا أو مجموعة من العلماء أن يقولوا في واقعة تُعرض عليهم: ليس لنا حق الاجتهاد فيها؛ لأنَّ الأقدمين لم يقولوا شيئًا في شأنها؛ إذ الشريعة لا بدَّ أن تحيط بكل أفعال المكلفين، وأن يكون لهم حكم في كل واقعة»([82]).

غير أنَّه يوجه باب الاجتهاد المفتوح إلى استفراغ طاقة رجاله في المساحات المتاحة والمحتاجة إلى الرأي والبحث، «فالاجتهاد في مجال العبادات قد بلغ مداه وأكثر، ولم تبقَ فيه استزادة لمستزيد، وأنَّ المطلوب اليوم الاجتهاد في مجال المعاملات خاصة المعاملات المستحدثة»([83]).

وفرَّق بين نوعين من الاجتهاد: إبداعي إنشائي، وترجيحي انتقائي ([84])، فالأول مطلوب لبيان الرأي في المسائل الجديدة التي لم يعرفها فقهاؤنا السابقون، والثاني مطلوب لاختيار أرجح الآراء من تراثنا الفقهي العريض، فكان منهج العلامة القرضاوي وفق قاعدة التوسط في النظر إلى التراث بين التقديس والتبخيس، والاجتهاد الصحيح من أهله القائم على التَّخَيُّرِ والانتقاء بعد التحصيل والارتواء.

خاتمة

من خلال الورقة البحثية نصل إلى النتائج التالية المتعلقة بمنهج العلامة القرضاوي في التجديد للمصطلحات الثلاثة المدروسة:

-      جدد العلامة القرضاوي في مفهوم «التجديد» ابتداء، فجعله يرتبط بالأصل ويتصل بالعصر، تجديد فيه تعميق للمعنى وتطوير للمبني، وهو جماعي إحيائي مؤسسي لا يقتصر بالضرورة على المجدد الفرد المنشود، وهو تجديد للدين من داخله يخدمه، شامل للعقيدة والتزكية ومناهج الدعوة.

-      جدد العلامة القرضاوي في مفهوم «الأمة»، فأثبت حقيقتها وخلودها وعدم انقطاعها، كما اعتبرها مفهوما عابرا للجغرافيا والحدود وغير متعارض مع مفهوم المواطنة للدولة الحديثة القطرية.

-      كشف في سياق تجديده لمفهوم «الفقه» عن أنماط جديدة من الفقه المنشود الواسع الذي يخرجه من السكون إلى رحابة الحياة، وهو فقه قائم على فتح باب الاجتهاد والإبداع فيه في شقيه الإنشائي والانتقائي لعلاج النوازل والقضايا المستجدة.

ومن أهم توصيات هذه الورقة البحثية:

-      التأكيد على أهمية تبني المنهج الذي سلكه العلامة القرضاوي رحمه الله في تأصيل وتجديد المفاهيم وعيا وسعيا، مزاوجة بين تراث السلف ومعارف الخلف، مع الانفتاح على الفكر الإنساني الواسع، بما يحقق مقاصد الشرع وغايته الكريمة.

-      ضرورة إعمال المنهج الاستقرائي والتحليلي النقدي، فالعلامة القرضاوي رحمه الله دعا للتجديد ومارسه، ونبذ التعصب والجمود وحاربه، وهو ليس بالنبي المعصوم ولا الملك المُطهر، نقدِّر جهده ولا نقدِّسه، والماء إذا بَلغ القُلتين لم يحمل الخبث.

المصادر والمراجع

أولًا: العربية

ابن الأثير، أبو السعادات. جامع الأصول في أحاديث الرسول. بيروت: دار الفكر، 1972.

ابن المبرد، يوسف جمال الدين. غاية السول إلى علم الأصول. الكويت: غراس للنشر والتوزيع، 2012.

ابن تيمية. مجموع الفتاوي. بيروت: دار الكتب العلمية، 1987.

أرسلان، شكيب. لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم. المملكة المتحدة: مؤسسة هنداوي، [د.ت].

البنا، حسن. مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا. الإسكندرية: دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع، ط1، 2002.

حسنة، عمر عبيد. «حوار الشيخ القرضاوي مع مجلة الأمة القطرية، بعنوان: الاجتهاد والتجديد بين الضوابط الشرعية والحاجات المعاصرة». سلسلة كتاب الأمة، العدد 19 (1408هـ).

الراغب الأصفهاني، أبو القاسم الحسين. مفردات القرآن. بيروت: الدار الدمشقية، 1412هـ.

السبكي، تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين. رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب. بيروت: عالم الكتب، 1999.

شوقي، أحمد. الشوقيات. المملكة المتحدة: مؤسسة هنداوي، ط1، 2012.

عبد الفتاح، سيف. المواطنة. إسطنبول: مركز الفكر السياسي الإسلامي الاستراتيجي، 2022.

الغزالي، أبو حامد. إحياء علوم الدين. بيروت: دار المعرفة، [د.ت].

الفارابي، أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري. الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية. بيروت: دار العلم للملايين، 1987.

القرضاوي، يوسف. ابن القرية والكتاب سيرة ومسيرة. القاهرة: دار الشروق، 2001.

–––. «الإسلام هو الضمان الوحيد لوحدة هذه الأمة» (مقال). موقع الشيخ القرضاوي، نشر بتاريخ: 5/5/2002، www.al-qaradawi.net

–––. الإسلام والعلمانية وجهًا لوجه. القاهرة: مكتبة وهبة، 1997.

–––. الأمة الإسلامية حقيقة لا وهم. القاهرة: مكتبة وهبة، 1994.

–––. السُّنّة مصدرًا للمعرفة والحضارة. القاهرة: دار الشروق، 2002.

–––. «حاجتنا لفقه جديد». محاضرة قدمها الشيخ القرضاوي بجامعة الملك فهد للعلوم والمعادن بموسمها الثقافي، [د.ت]، منشورة مسجلة https://audio.islamweb.net

–––. الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم. القاهرة: دار الشروق، 2001.

–––. الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف. القاهرة: دار الشروق، 2001.

–––. العقل والعلم في القرآن الكريم. القاهرة: مكتبة وهبة، 1996.

–––. الفقه الإسلامي بين الأصالة والتجديد. القاهرة: مكتبة وهبة، 1999.

–––. الوطن والمواطنة في ضوء الأصول العقدية والمقاصد الشرعية. القاهرة: دار الشروق، [د.ت].

–––. بينات الحل الإسلامي وشبهات العلمانيين والمتغربين. القاهرة: مكتبة وهبة، 1993.

–––. دراسة في فقه مقاصد الشريعة بين المقاصد الكلية والنصوص الجزئية. القاهرة: دار الشروق، 2008.

–––. فقه الوسطية الإسلامية والتجديد معالم ومنارات-. القاهرة: دار الشروق، [دت].

–––. في فقه الأولويات دراسة جديدة في ضوء القرآن والسُّنّة. القاهرة: مكتبة وهبة، 1997.

–––. من أجل صحوة راشدة تجدد الدين وتنهض بالدنيا. القاهرة: دار الشروق، 2001.

–––. من فقه الدولة في الإسلام. القاهرة: دار الشروق، [د.ت].

–––. الاجتهاد في الشريعة الإسلامية مع نظرات تحليلية في الاجتهاد المعاصر. الكويت: دار القلم، 1996.

قطب، سيد. معالم في الطريق. القاهرة: دار الشروق، 1979.

المناوي، زين الدين. فيض القدير شرح الجامع الصغير. مصر: المكتبة التجارية الكبرى، 1356هـ.

المودودي، أبو الأعلى. بين الدعوة القومية والرابطة الإسلامية. القاهرة: دار الأنصار، ط1، 1978.

النووي، محيي الدين يحيى بن شرف. المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج. بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1392هـ.

ياسين، سيد. "الحركة الإسلامية بين حلم الفقه وتحليل المؤرخ". صحيفة الأهرام، 1/8/1994.

ثانيًا:

References:                                                                                                            

Abd al-Fattāḥ, Sayf. al-muwāṭanah (in Arabic). Istanbul: Markaz al-Fikr al-siyāsī al-Islāmī al-istirātījī, 2022.

al-Bannā, Ḥasan. Majmūʻah Rasāʼil al-Imām al-Shahīd Ḥasan al-Bannā. (in Arabic). Alexandria: Dār al-Daʻwah lil-Ṭabʻ wa-al-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 1st ed., 2002.

al-Fārābī, Abū Naṣr Ismāʻīl ibn Ḥammād al-Jawharī. al-ṣiḥāḥ Tāj al-lughah wa-ṣiḥāḥ al-ʻArabīyah (in Arabic). Beirut: Dār al-ʻIlm lil-Malāyīn, 1987.

al-Ghazālī, Abū Ḥāmid. Iḥyāʼ ʻulūm al-Dīn (in Arabic). Beirut: Dār al-Maʻrifah, [n.d].

al-Manāwī, Zayn al-Dīn. Fayḍ al-qadīr sharḥ al-Jāmiʻ al-Ṣaghīr (in Arabic). Egypt: al-Maktabah al-Tijārīyah al-Kubrá, 1356h.

al-Mawdūdī, Abū al-Aʻlá. Bayna al-Daʻwah al-Qawmīyah wa-al-Rābiṭah al-Islāmīyah. (in Arabic). Cairo: Dār al-Anṣār, 1st ed., 1978.

al-Nawawī, Muḥyī al-Dīn Yaḥyá ibn Sharaf. al-Minhāj sharḥ Ṣaḥīḥ Muslim ibn al-Ḥajjāj (in Arabic). Beirut: Dār Iḥyāʼ al-Turāth al-ʻArabī, 1392AH.

al-Qaraḍāwī, Yūsuf. al-ʻaql wa-al-ʻilm fī al-Qurʼān al-Karīm (in Arabic). Cairo: Maktabat Wahbah, 1996.

–––. al-fiqh al-Islāmī bayna al-aṣālah wa-al-tajdīd (in Arabic). Cairo: Maktabat Wahbah, 1999.

–––. al-Ijtihād fī al-sharīʻah al-Islāmīyah maʻa Naẓarāt taḥlīlīyah fī al-Ijtihād al-muʻāṣir (in Arabic). Kuwait: Dār al-Qalam, 1996.

–––. "al-Islām huwa al-ḍamān al-waḥīd li-waḥadat Hādhihi al-ummah". (in Arabic). al-Qaraḍāwī website, 05/05/2002, www.al-qaradawi.net

–––. al-Islām wa-al-ʻalmānīyah wjhan li-wajh (in Arabic). Cairo: Maktabat Wahbah, 1997.

–––. al-Ṣaḥwah al-Islāmīyah bayna al-Ikhtilāf al-mashrūʻ wa-al-tafarruq almdhmwm (in Arabic). Cairo: Dār al-Shurūq, 2001.

–––. al-Ṣaḥwah al-Islāmīyah bayna aljḥwd wa-al-taṭarruf (in Arabic). Cairo: Dār al-Shurūq, 2001.

–––. alssunnh mṣdran lil-maʻrifah wa-al-ḥaḍārah (in Arabic). Cairo: Dār al-Shurūq, 2002.

–––. al-ummah al-Islāmīyah Ḥaqīqat lā Wahm (in Arabic). Cairo: Maktabat Wahbah, 1994.

–––. al-waṭan wa-al-muwāṭanah fī ḍawʼ al-uṣūl al-ʻaqadīyah wa-al-maqāṣid al-sharʻīyah (in Arabic). Cairo: Dār al-Shurūq.

–––. Bayyināt al-ḥall al-Islāmī wa-shubuhāt al-ʻilmānīyīn wālmtghrbyn (in Arabic). Cairo: Maktabat Wahbah, 1993.

–––. dirāsah fī fiqh Maqāṣid alshryʻt-bayna al-maqāṣid al-Kullīyah wa-al-nuṣūṣ al-juzʼīyah (in Arabic). Cairo: Dār al-Shurūq, 2008.

–––. fī fiqh al-awlawīyāt dirāsah jadīdah fī ḍawʼ al-Qurʼān wālssunnh (in Arabic). Cairo: Maktabat Wahbah, 1997.

–––. fiqh al-Wasaṭīyah al-Islāmīyah wa-al-tajdīd – Maʻālim wmnārāt- (in Arabic). Cairo: Dār al-Shurūq.

–––. "Ḥājatunā li-fiqh jadīd". muḥāḍarah qaddamahā al-Shaykh al-Qaraḍāwī bi-Jāmiʻat al-Malik Fahd lil-ʻUlūm wa-al-maʻādin bmwsmhā al-Thaqāfī (in Arabic). https://audio.islamweb.net

–––. Ibn al-qaryah wa-al-Kuttāb-sīrat wa-masīrat (in Arabic). Cairo: Dār al-Shurūq, 2001.

–––. min ajl Ṣaḥwat rāshidah tujaddidu al-Dīn wtnhḍ bi-al-dunyā (in Arabic). Cairo: Dār al-Shurūq, 2001.

–––. min fiqh al-dawlah fī al-Islām (in Arabic). Cairo: Dār al-Shurūq.

al-Rāghib al-Aṣfahānī, Abū al-Qāsim al-Ḥusayn. mufradāt al-Qurʼān (in Arabic). Beirut: al-Dār al-Dimashqīyah, 1412h.

al-Subkī, Tāj al-Dīn ʻAbd al-Wahhāb ibn Taqī al-Dīn. Raf ʻ al-Ḥājib ʻan Mukhtaṣar Ibn al-Ḥājib (in Arabic). Beirut: ʻĀlam al-Kutub, 1999.

Arslān, Shakīb. Li-mādhā taʼakhkhara al-Muslimūn wa-li-mādhā taqaddum ghayruhum (in Arabic). UK: Muʼassasat Hindāwī.

Ḥasanah, ʻUmar ʻUbayd. "ḥiwār al-Shaykh al-Qaraḍāwī maʻa Majallat al-ummah al-Qaṭarīyah, bi-ʻunwān : al-Ijtihād wa-al-tajdīd bayna al-ḍawābiṭ al-sharʻīyah wālḥājāt al-muʻāṣirah". (in Arabic). Silsilat Kitāb al-ummah, No. 19 (1408AH).

Ibn al-Athīr, Abū al-Saʻādāt. Jāmiʻ al-uṣūl fī aḥādīth al-Rasūl (in Arabic). Beirut: Dār al-Fikr, 1972.

Ibn al-Mibrad, Yūsuf Jamāl al-Dīn. Ghāyat al-sūl ilá ʻilm al-uṣūl (in Arabic). Kuwait: Ghirās lil-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 2012.

Ibn Taymīyah. Majmūʻ al-fatāwī (in Arabic). Beirut: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 1987.

Quṭb, Sayyid. Maʻālim fī al-ṭarīq (in Arabic). Cairo: Dār al-Shurūq, 1979.

Shawqī, Aḥmad. al-Shawqīyāt. (in Arabic). UK: Muʼassasat Hindāwī, 1st ed., 2012.

Yāsīn, Sayyid. "al-Ḥarakah al-Islāmīyah bayna Ḥulm al-fiqh wa-taḥlīl al-Muʼarrikh". (in Arabic). Ṣaḥīfat al-Ahrām, 1/8/1994.



([1]) أخرجه أحمد في مسنده، رقم: 19293؛ والطبراني في المعجم الكبير، رقم: 5122؛ وأبو داود في السنن، باب تفريع أبواب الوتر، باب ما يقول الرجل إذا سلم، رقم: 1508؛ والنسائي في عمل اليوم الليلة، رقم: 102، وفي بعض طرقه ضعف يسير لكن يشهد له أصل عام قرآني، مثل قوله تعالى: ﴿كَذَّبَتۡ قَوۡمُ نُوحٍ ٱلۡمُرۡسَلِينَ١٠٥ إِذۡ قَالَ لَهُمۡ أَخُوهُمۡ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ١٠٦ [الشعراء: 105].

 ([2])يوسف القرضاوي، الفقه الإسلامي بين الأصالة والتجديد (القاهرة: مكتبة وهبة، ط2، 1999)، ص25.

([3]) أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (بيروت: دار العلم للملايين، ط4، 1987)، ج2، ص454.

([4]) ابن تيمية، مجموع الفتاوي (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1987)، ج18، ص297.

([5]) رواه أبو داود، كتاب الملاحم، باب ما يذكر في القرن المئة، رقم: 4270؛ وصححه الحاكم في مستدركه، كتاب الفتن؛ والبيهقي في معرفة السنن والآثار؛ كما ذكره الألباني في سلسلة الصحيحة، رقم: 599.

([6]) القرضاوي، الفقه الإسلامي بين الأصالة والتجديد، ص25.

([7]) المرجع نفسه، ص27.

([8]) يوسف القرضاوي، بينات الحل الإسلامي وشبهات العلمانيين والمتغربين (القاهرة: مكتبة وهبة، ط 2، 1993)، ص124.

([9]) القرضاوي، الفقه الإسلامي بين الأصالة والتجديد، ص30.

([10]) يوسف القرضاوي، الأمة الإسلامية حقيقة لا وهم (القاهرة: مكتبة وهبة، 1994)، ص42.

([11]) يوسف القرضاوي، فقه الوسطية الإسلامية والتجديد معالم ومنارات (القاهرة: دار الشروق، [د.ت])، ص217.

([12]) المرجع نفسه، ص218.

([13]) سبق تخريجه.

([14]) نقلها: زين الدين المناوي، فيض القدير شرح الجامع الصغير (القاهرة: المكتبة التجارية الكبرى، ط1، 1356هـ)، ج2، ص282.

([15]) أبو السعادات ابن الأثير، جامع الأصول في أحاديث الرسول (بيروت: دار الفكر، ط1، 1972)، ج11، ص319.

([16]) مسلم، كتاب الإمارة، باب قوله ﷺ (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم)، حديث رقم: 3452.

([17]) محيي الدين يحيى بن شرف النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (بيروت: دار إحياء التراث العربي، ط2، 1392هـ)، ج13، ص67.

([18]) يوسف القرضاوي، من أجل صحوة راشدة تجدد الدين وتنهض بالدنيا (القاهرة: دار الشروق، ط1، 2001)، ص21.

([19]) القرضاوي، فقه الوسطية الإسلامية والتجديد، ص193.

([20]) القرضاوي، من أجل صحوة راشدة، ص22.

([21]) القرضاوي، فقه الوسطية الإسلامية والتجديد، ص194.

([22]) المرجع نفسه، ص195.

([23]) المرجع نفسه، ص217.

([24]) المرجع نفسه، الصفحة ذاتها.

([25]) نقلها: المناوي، فيض القدير، ج2، ص282.

([26])القرضاوي ، فقه الوسطية الإسلامية والتجديد، ص205.

 ([27]) المرجع نفسه، ص218.

([28]) شكيب أرسلان، لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم (المملكة المتحدة، مؤسسة هنداوي، [د.ت])، ص86.

([29]) قصيدة قيلت بمناسبة إصلاح الأزهر الشريف والبدء فيه في سنة 1924م. أحمد شوقي، الشوقيات (المملكة المتحدة، مؤسسة هنداوي، ط1، 2012)، ص175.

([30]) يوسف القرضاوي، بينات الحل الإسلامي وشبهات العلمانيين والمتغربين، ص137.

([31]) عمر عبيد حسنة، «حوار القرضاوي مع مجلة الأمة القطرية، بعنوان: الاجتهاد والتجديد بين الضوابط الشرعية والحاجات المعاصرة»، في كتاب فقه الدعوة - ملامح وآفاق، سلسلة كتاب الأمة، العدد 19، 1408هـ، ج2، ص164.

([32]) القرضاوي، فقه الوسطية الإسلامية والتجديد، ص185.

([33]) أبو القاسم الحسين المعروف بالراغب الأصفهاني، مفردات القرآن (بيروت: الدار الدمشقية، ط1، 1412هـ)، ص86.

([34]) سنن الترمذي، أبواب الأحكام والفوائد، باب ما جاء في قتل الكلاب، رقم: 1486.

([35]) القرضاوي، الأمة الإسلامية حقيقة لا وهم، ص8.

 ([36]) المرجع نفسه، ص11.

 ([37]) القرضاوي، من أجل صحوة راشدة تجدد الدين وتنهض بالدنيا، ص137143.

 ([38]) رواه: الترمذي والطبراني والحاكم والبيهقي.

([39]) متفق عليه. وانظر: القرضاوي، الأمة الإسلامية حقيقة لا وهم، ص9.

([40]) القرضاوي، من أجل صحوة راشدة تجدد الدين وتنهض بالدنيا، ص137.

([41]) سبق تخريجه.

 ([42]) سيد قطب، معالم في الطريق (القاهرة: دار الشروق، ط6، 1979)، ص8، 173.

([43]) يوسف القرضاوي، ابن القرية والكتاب سيرة ومسيرة (القاهرة: دار الشروق، 2001)، ج1، ص89.

([44]) القرضاوي، الأمة الإسلامية حقيقة لا وهم، ص17.

([45]) المرجع نفسه.

([46]) يوسف القرضاوي، الوطن والمواطنة في ضوء الأصول العقدية والمقاصد الشرعية (القاهرة: دار الشروق، [د.ت])، ص34.

([47]) المرجع نفسه، ص24.

([48]) رواه أحمد، رقم: 6692؛ وأبو داود في الجهاد، رقم: 2751؛ وصححه الألباني في صحيح أبي داود، رقم: 2390.

([49]) حسن البنا، "رسالة المؤتمر الخامس"، ضمن: مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا (الإسكندرية: دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع، ط1، 2002)، ص191-192 ؛ وانظر: فصل: "مصرية... عربية... إسلامية"، من كتاب: يوسف القرضاوي، الإسلام والعلمانية وجهًا لوجه (القاهرة: مكتبة وهبة، ط7، 1997)، ص128.

 ([50]) انظر: أبو الأعلى المودودي، بين الدعوة القومية والرابطة الإسلامية (القاهرة: دار الأنصار، ط1، 1978)، ص18-20.

 ([51]) القرضاوي، الوطن والمواطنة، ص47.

([52]) المرجع نفسه، ص21.

 ([53]) القرضاوي، الأمة الإسلامية حقيقة لا وهم، ص18.

([54]) سيف عبد الفتاح، المواطنة (إسطنبول: مركز الفكر السياسي الإسلامي الإستراتيجي، ط1، 2022)، ص76 وما بعدها.

([55]) البخاري، كتاب الشركة، باب هل يقرع في القسمة والاستهام فيه، رقم: 2493.

([56]) القرضاوي، الأمة الإسلامية حقيقة لا وهم، ص26.

([57]) المرجع نفسه، ص16.

([58]) المرجع نفسه، ص29.

([59]) على سبيل المثال: مقال الأستاذ سيد ياسين، "الحركة الإسلامية بين حلم الفقه وتحليل المؤرخ"، صحيفة الأهرام، 1/8/1994م، وقد ردّ عليه القرضاوي بمقال: "لماذا تصادرون حقنا بالحلم؟" في جريدة الأهرام نفسها.

([60]) القرضاوي، الأمة الإسلامية حقيقة لا وهم، ص66.

([61]) يوسف القرضاوي، «الإسلام هو الضمان الوحيد لوحدة هذه الأمة»، مقال، موقع القرضاوي، تاريخ النشر: 05/05/2002، www.al-qaradawi.net

([62]) يوسف جمال الدين ابن المبرد، غاية السول إلى علم الأصول (الكويت: غراس للنشر والتوزيع، ط1، 2012)، ص30.

([63]) ورد التعريف في كتب كثيرة للفقه والأصول، منها: تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي، رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب (بيروت: عالم الكتب، ط1، 1999)، ص243.

 (2) أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين (بيروت: دار المعرفة، [د.ت])، ج1، ص32.

(([65] مسلم، كتاب الحج، باب أحد جبل يحبنا ونحبه، رقم: 1392.

([66]) يوسف القرضاوي، العقل والعلم في القرآن الكريم (القاهرة: مكتبة وهبة، ط1، 1996)، ص186.

(([67] يوسف القرضاوي، دراسة في فقه مقاصد الشريعة- بين المقاصد الكلية والنصوص الجزئية (القاهرة: دار الشروق، ط3، 2008)، ص34.

([68]) متفق عليه.

([69]) محاضرة قدمها القرضاوي بهذا العنوان بجامعة الملك فهد للعلوم والمعادن بموسمها الثقافي، [د.ت]، منشورة مسجلة https://audio.islamweb.net

([70]) يوسف القرضاوي، الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم (القاهرة: دار الشروق، ط1، 2001)، ص7.

([71]) يوسف القرضاوي، الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف (القاهرة: دار الشروق، ط1، 2001)، ص124.

([72]) انظر: القرضاوي، الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم، ص30-143.

([73]) يوسف القرضاوي، في فقه الأولويات دراسة جديدة في ضوء القرآن والسنة (القاهرة: مكتبة وهبة، ط2، 1997)، ص9

([74]) القرضاوي، فقه مقاصد الشريعة، ص43 وما بعدها.

([75]) يوسف القرضاوي، من فقه الدولة في الإسلام (القاهرة: دار الشروق، [د.ت])، ص3.

([76]) يوسف القرضاوي، السُّنّة مصدرًا للمعرفة والحضارة (القاهرة: دار الشروق، ط3، 2002)، ص205.

([77]) يوسف القرضاوي، سيرة ومسيرة (القاهرة: دار الشروق، 2001)، ج2، ص121.

([78]) القرضاوي، الفقه الإسلامي بين الأصالة والتجديد، ص 75.

([79]) القرضاوي، الاجتهاد والتجديد (حوار)، ج2، ص187.

([80]) القرضاوي، الفقه الإسلامي بين الأصالة والتجديد، ص28.

([81]) المرجع نفسه، ص30 وما بعدها.

([82]) يوسف القرضاوي، الاجتهاد والتجديد (حوار)، ج2، ص157.

([83]) المرجع نفسه، ص182.

([84]) يوسف القرضاوي، الاجتهاد في الشريعة الإسلامية مع نظرات تحليلية في الاجتهاد المعاصر (الكويت، دار القلم، ط1، 1996)، ص97.