الواقع التدريسي لمقرر الثقافة الإسلامية المطور بجامعة قطر خلال الفترة (2017-2021م)
- دراسة وصفية تحليلية

عمر بن بوذينة

أستاذ مشارك في العقيدة الإسلامية، قسم العقيدة والدعوة،
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية،
جامعة قطر قطر

amarbenboudinaa@qu.edu.qa

علي العشي

أستاذ مشارك في العقيدة الإسلامية، قسم العقيدة والدعوة،
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية،
جامعة قطر قطر

aeuchi@qu.edu.qa

أبوبكر محمد أحمد محمد إبراهيم

أستاذ مشارك في الدراسات الإسلامية والمناهج وطرق التدريس،
قسم العقيدة والدعوة، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية،
جامعة قطر قطر

aibrahim@qu.edu.qa

تاريخ الاستلام: 01/11/2022                               تاريخ التحكيم: 02/04/2023                                تاريخ القبول: 13/04/2023

ملخص البحث

أهداف البحث: يرصد البحث تجربة تدريس مقرر الثقافة الإسلامية المطور في جامعة قطر -بعد تعميمه-، ويعرض تفاصيل التجربة على المجتمع العلمي بغرض تبادل الخبرات حول طرق تدريس المقرر، كما يهدف البحث إلى تتبع كيفيات تنزيل أساتذة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية لخطة تطوير المقرر.

منهج الدراسة: يعتمد البحث على المنهج الوصفي عبر وصف ممارسات المدرسين لمقرر الثقافة الإسلامية وتفاعل الطلبة مع أنشطة المقرر، مع رصد التحسينات المتعددة على المقرر، كما يسلك التحليل والاستنباط للوقوف على المؤشرات الدالة على التخطيط والإدارة الصفية، وتعرج الدراسة على المنهج الاستقرائي عبر اختيار عينات عشوائية للنماذج التدريسية مع تقسيمها حسب درجة الأداء والتشابه.

النتائج: توصَّل البحث إلى وجود تباين بين النماذج التدريسية؛ فبعضها اتسقت مع خطة تطوير المقرر بينما غاب عن النماذج الأخرى الالتزام بخطة التطوير. هذا التباين الحاصل بين أداء المدرسين لا يمكن تجاوزه عن طريق التنميط المطلق كما أن خصوصية تدريس المقرر لا تعفي من تكييف أساليب التدريس الحديثة لمفرداته، خاصة أن المقرر ينفتح على كل طلبة الجامعة بمختلف تخصصاتهم وخلفياتهم الثقافية.

أصالة البحث: على الرغم من ثراء تجربة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر في تدريس مقرر الثقافة الإسلامية إلا أن هذه التجربة لم تنل حقها من التحليل والوصف، ولعل هذا البحث يفي بغرض العرض العلمي لها.

الكلمات المفتاحية: تدريس، تجربة، الثقافة الإسلامية، تطوير، جامعة قطر

للاقتباس: بن بوذينة، عمر، علي العشي، وأبو بكر محمد أحمد محمد إبراهيم. «الواقع التدريسي لمقرر الثقافة الإسلامية المطور بجامعة قطر خلال الفترة (2017-2021م)
- دراسة وصفية تحليلية
»، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر، المجلد 42، العدد 1 (2024(، عدد خاص بالملتقى الدولي «مقرر الثقافة الإسلامية في الجامعات: تحديات الواقع وآفاق التطوير»

https://doi.org/10.29117/jcsis.2024.0375

©2024، بن بوذينة، عمر، علي العشي، وأبو بكر محمد أحمد محمد إبراهيم. مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، دار نشر جامعة قطر. نّشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0

 


 

The Teaching Reality of the Developed Islamic Culture Course at Qatar University in 2017-2021:
 A descriptive-analytical study

Amar Benboudina

Associate Professor in Islamic Creed and Dawa,
Department of Creed and Dawa, College of Sharia and Islamic Studies, Qatar University–Qatar

amarbenboudinaa@qu.edu.qa

Ali Euchi

Associate Professor in Islamic Creed and Dawa,
Department of Creed and Dawa, College of Sharia and Islamic Studies, Qatar University–Qatar

aeuchi@qu.edu.qa

Abubaker Mohamed Ahmed Ibrahim

Associate Professor of Islamic Studies and Curriculum and Instruction,
Department of Creed and Dawa, College of Sharia and Islamic Studies, Qatar University–Qatar

aibrahim@qu.edu.qa

Received: 01/11/2022                Peer-reviewed: 02/04/2023                    Accepted: 13/04/2023

Abstract

Objectives: This study closely examines the teaching experiences regarding the Islamic Culture course at Qatar University as implemented after its development. It presents the academic community with details of this teaching experience to facilitate the exchange of knowledge regarding teaching methods for the course. Additionally, this study aims to trace how professors at the College of Sharia and Islamic Studies implemented the course development plan.

Methodology: This study employs a descriptive method by describing the teaching practice surrounding the Islamic Culture course and the students' interaction with the course's practical elements. It also examines the course's multiple enhancements. Furthermore, this study involves analysis and deduction to identify indicators related to classroom planning and management. The study employs an inductive approach by randomly selecting teaching models and categorising them based on performance and similarities.

Results:

1.       Identification of variations among teaching models, some aligning with the course development plan while others do not.

2.       There is no universal solution to these variations in teaching, and the unique nature of teaching the course requires adapting modern teaching methods to each particular situation, especially since the course is open to students from various backgrounds and specialities.

Authenticity: Despite the richness of the experience teaching the Islamic Culture course at the College of Sharia and Islamic Studies at Qatar University, this experience still lacked adequate analysis and description. Hopefully, this study will serve as a scholarly presentation of this experience.

Keywords: Teaching; Experience; Islamic Culture; Development; Qatar University

 

Cite this article as: Benboudina, Amar, Ali Euchi, & Abubaker Mohamed Ahmed Ibrahim. “The Teaching Reality of the Developed Islamic Culture Course at Qatar University in 2017-2021: A descriptive-analytical study”, Journal of College of Sharia and Islamic Studies, Volume 42, Issue 1 (2024),  Special issue on the International Symposium “The Islamic Culture Course in the Universities: Challenges and Development Prospects”

https://doi.org/10.29117/jcsis.2024.0375

© 2024, Benboudina, Amar, Ali Euchi, & Abubaker Mohamed Ahmed Ibrahim. Published in Journal of College of Sharia and Islamic Studies. Published by QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, trans.form, and build upon the material, provided the original work is properly cited. The full terms of this licence may be seen at: https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0

 


 

المقدمة

بالنظر إلى أهمية المقرر في تعزيز الخصوصية الثقافية وتحصين العقل المسلم؛ فإن الخطط الأكاديمية التي باشرت طرح المقرر وتوطينه في الفضاء الجامعي تظل محل متابعة وإثراء لممارساتها في أفق إنتاج درس ثقافي رسالي يتجاوب مع المعطيات الراهنة ويسهم في اقتراح حلول لأزمات الواقع عبر تخريج كفاءات مؤصلة ووازنة.

وباستصحاب هذا الإطار؛ تحاول دراستنا أن تقترب من الواقع التدريسي لمقرر الثقافة الإسلامية المطور في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، بوصفه نموذجا من نماذج متعددة لطرح المقرر، نشتغل فيه على وصف الكيفيات التي جرى بموجبها تنزيل الإطار النظري للتطوير وموجهاته الكبرى المسطرة في وثائق الكلية ووثائق المقرر في الفترة بين 2017-2021.

أهمية الدراسة وهدفها

تستمد الدراسة أهميتها في محاولتها ابتكار نموذج متابعة لتنزيل الخطط والتأسيسات النظرية لمقرر الثقافة الإسلامية، وهو النموذج الذي يعنى بوصف تجربة تدريس المقرر المطور بعد تعميمه وعرضها على المهتمين بحقل الثقافة الإسلامية وعلى المجتمع الأكاديمي العام عبر استثمار وثائق عمل المدرسين وتحليلها ووصف كيفيات التخطيط وأداء الدرس بمعيار المناهج التعليمية الحديثة، وهو الأمر الذي يسهم في تبادل التجارب وتلاقح الخبرات بوقائع حية وممارسة. كما يهدف البحث إلى إبراز مدى تفاعل المدرسين مع تنزيل خطة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية وفلسفتها حول المقرر.

مشكلة الدراسة

تعالج الدراسة تجارب أساتذة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في تدريس مقرر الثقافة الإسلامية المطور من خلال وصف ممارساتهم التدريسية، وتحليل مادة الأنشطة التعليمية والتعلمية ذات الصلة، في الفترة منذ تعميم تدريس المقرر المطور، في خريف 2017، وإلى خريف 2021، وذلك بغرض وصف اختيارات الهيئة التدريسية لطرق التعليم والتعلم. وفهم فلسفاتهم ومنطلقاتهم في التدريس، ودورها في ترجمة فلسفة تطوير المقرر وخطته، وتشخيص أبرز التحديات التي أظهرتها تجربة السنوات الماضية.

بناءً عليه، يحاول فريق البحث الإجابة عن التساؤلات الآتية:

1.    ما طبيعة الممارسات التعليمية التي ظهرت على مستوى تدريس مقرر الثقافة الإسلامية في جامعة قطر؟

2.    وما نوعية التحسينات التي أجريت على نمط تدريس المقرر بعد تعميمه؟

3.    وما أبرز التحديات التي أظهرتها تلك التجربة؟

منهجية الدراسة وأساسها النظري

من خلال المنهج الوصفي؛ تتجه الدراسة إلى تتبع استراتيجيات التدريس المتبعة لدى مدرسي المقرر بما في ذلك وصف تخطيط الدروس وإدارة التعلم ووصف طبيعة تعاطي الطلبة مع الأنشطة، مع رصد أهم التحديات والتحسينات التي جرت على المقرر وكيفيات التعامل معها، كما تتجه الدراسة إلى التحليل والاستنباط للوقوف على المؤشرات الدالة على التخطيط الفعال في النماذج التدريسية، ومستوى الاستيعاب لدى الطلاب. وتعرج الدراسة على المنهج الاستقرائي عبر اختيار عينات عشوائية للنماذج التدريسية مع تقسيمها حسب درجة الأداء والتشابه.

تستعين الدراسة بوثائق المقرر كمادة للبحث وهي: التوصيف والدليل الثقافي المتجدد، وصحائف تفكر المدرسين وشرائح عروضهم، وأرشيف تطوير المقرر، وتقارير اللجان، وأعمال الطلبة ونتائجهم.

خطة الدراسة

تحاول دراستنا من خلال خمسة مباحث، أن تغطي النقاط الآتية:

1-   استراتيجيات تدريس المقرر وتقويم التعلم لدى أساتذة مقرر الثقافة الإسلامية.

2-   تخطيط التعلم وإدارته في تجارب أساتذة مقرر الثقافة الإسلامية.

3-   وصف أداء الطلبة للأنشطة والامتحانات.

4-   التحسينات التي جرت على المقرر بعد تعميمه.

5-   التحديات التي واجهت تجربة تدريس المقرر في السنوات السابقة (2017-2021).

المبحث الأول: استراتيجيات تدريس المقرر وتقويم التعلم لدى أساتذة مقرر الثقافة الإسلامية

تضمنت حلقات "تبادل الخبرات بين أساتذة مقرر الثقافة الإسلامية"([1]) جملة من الكيفيات لأداء المدرّس واستصحاب أفضل الطرق الممكنة لزيادة مكاسب الفهم والاستيعاب وتنمية المهارات المختلفة لدى الطالب.

ومن جملة الأهداف التي سعت إليها تلك الحلقات؛ التوصل إلى حقيقة الفعل التدريسي ومضمونه بوصفه "عملية منتظمة محكومة بأهداف ومستندة إلى أسس نظرية نموذجية تهدف إلى اعتبار مكونات منظومة التدريس وخصائص الطلبة والمدرسين والمحتوى التدريسي وفق منظومة متفاعلة لتحقيق التطور والتكامل في العملية التدريسية وبهدف تربوي عام"([2]). كما هدفت حلقات "تبادل الخبرات" إلى دفع المدرّس نحو التناغم مع ثقافة المؤسسة التي تستهدف تخريج جيل مؤهل لمواجهة التحديات المختلفة، بطرق تدريسية فعالة وذات أثر "يتسق فيها ما هو مكتوب مع ما هو ممارس"([3]).

وقد حاول أساتذة المقرر تنزيل المكتسبات النظرية والخبرات التدريسية أثناء الدرس بإضفاء الطابع العملي على تلك القواعد المؤسسية المتنوعة. سنحاول تتبعها في هذا المبحث من خلال رصد وتحليل استراتيجيات التدريس لدى أساتذة مقرر الثقافة الإسلامية ووصف أعمالهم من تخطيط عملية التدريس وإدارة التعلم والأنشطة إلى تقويم العملية التعليمية.

استراتيجيات التدريس

 انتهى أساتذة المقرر إلى ضرورة أن يخضع تخطيط درس الثقافة الإسلامية إلى التنويع بين الإلقاء والنشاطات الجماعية والفردية، بما يتناسب مع قدرة استيعاب الطلاب وتفاعلهم مع المواضيع والقضايا الإسلامية والمشكلات المثارة في حقلها؛ حيث تُفرز مستويات الاستيعاب لدى المتعلمين، وبالتالي العمل على التطوير الذاتي بالاستراتيجيات الآتية:

1-  استصحاب معضلات الواقع، ومقاربتها لفهم الطالب بما ينسجم مع أهداف المقرر، فالطالب يتنفس في بيئة اجتماعية ويحتك بأطيافها وينخرط في تفاصيلها؛ وبالتالي فإن اعتناء المقرر بهذا المدخل الإشكالي يجري على شكل تثوير قضايا معينة بمختلف الزوايا العقلية والنفسية والشرعية... مع السعي إلى توسيع مدارك الطالب وتنبيهه إلى بنية المشكلة ومستوياتها وأطوارها وعلاقتها بغيرها، بمنهجيات التركيب والاستنتاج والتحليل الجماعي والفردي لتلك القضايا داخل الصف وخارجه. ومن القضايا التي يجري أشكلتها في المقرر مواضيع: (مقاصد خلق الإنسان، المقاصد الشرعية، القيم، الهوية، حماية البناء الإسلامي، التعايش... إلخ).

وقد قدم المدرسون في حلقات تبادل الخبرات وصحائف التفكر عددًا من الأمثلة حول كيفيات معالجة تلك القضايا بدءا بإقرار عدم التمكن المعرفي المسبق للطالب بتلك القضايا مع تعاطيه السطحي لها، وعجزه النسبي عن الربط بين الواقع الاجتماعي والتأصيل الشرعي، كما بينت تلك المنهجية التحليلية والتركيبية للمشكلات إقبالا جيدا للطلبة، بعد إضفاء صفة العلمية على تلك القضايا الإشكالية.

2-  اصطحاب الطالب للإنتاج التلقائي للمعرفة؛ وهي استراتيجية انتبه إليها معدّو المقرر، وجرت صياغتها في توصيف المقرر عبر وصف (فالطالب لا الأستاذ هو الذي ينبغي أن يغوص لاستكشاف هذا البحر الزاخر، وأما الأستاذ فيقوم بدور الربان الملهم والمبدع)([4]). وهذا التوجه لا يعني أن يفقد المنهج الدراسي هويته المعرفية لصالح التركيز على المهارات والإجراءات.

 وعلى هذا التوجيه قام المدرّسون بتحويل تلك الرؤية إلى ممارسة عملية عبر استحضار معنى "إشراك الطالب" في صناعة المعرفة أولا، وفي تطبيقها مجتمعيا (باعتباره فردا ضمن إطار مجتمعي واسع)، وكانت محاور (الأمة، القيم، الأسرة، النظام الاجتماعي والنظام الاقتصادي، العمارة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...إلخ)؛ أبرز المحاور التي انصب عليها اشتغال المدرسين في تحصيل وعي الطالب وبلورة تصوراته حولها وتهيئة مسار لتنزيلها في الفضاء العام.

3-  التعامل بالتقنيات الرقمية: تطرح جامعة قطر منصة البلاكبورد Blackboard Learn؛ وهي المنصة الرقمية التي تتنزل فيها محتويات المقرر وأنشطته مع الاختبارات الإلكترونية ونوافذ تسليم الواجبات مع رصد النتائج والدرجات، وعلى المنصة توجد لوحة المناقشات الإلكترونية وغيرها من بيانات المقرر وتوصيفه وبيانات حضور الطلبة للدروس، كما تطرح الجامعة منصة البانر Banner التي تعرض تخصصات طلبة المقرر وبياناتهم الدقيقة، كما يطرح مكتب تقييم مخرجات التعلم في الجامعة نظاما إلكترونيا لتقييم المخرجات (OAS) والذي يتيح لكل مدرّس إعداد نشاط التقويم وإدخال نتائجه على المنصة بعد اختيار المكتب لعينات الطلبة المعنيين بتقييم المخرج الذي يجري تحديده كل فصل.

وبالنظر إلى ضرورة التفاعل الإيجابي مع احتياجات الطلبة المختلفة؛ بادر فريق تدريس الثقافة الإسلامية عبر سلسلة من اللقاءات التفاكرية إلى استثمار عدد من الوسائل التقنية بوصفها عناصر جذب فعالة في تقديم الدرس ومنها ضرورة الاعتناء بشرائح العرض، وتنويع الاستخدامات الإلكترونية لتحفيز المشاركة من خلال البادلت (Padlet) وغيرها كأدوات تعلمية. وجرى عرض بعض تجارب المدرسين في لوحة المناقشات الإلكترونية وتقنيات طرح الأسئلة في الاختبارات الإلكترونية، مع تنويع استخدام منصات التدريس والساعات المكتبية عن بعد؛ مثل منصة الويبيكس Webex ومنصة المايكروسوفت تيمز Microsoft Teams.

4-  تحفيز البحث العلمي: اقترح توصيف مقرر الثقافة الإسلامية أنشطة بحثية بأوزان متساوية، بغرض تنشيط الجانب البحثي لدى الطالب ورفده بمسارات تأهيلية تعبر عن وضعه الجامعي، ومن أجل ذلك ارتبط البحث بالتقويم. ذلك أن عملية التقويم تساعد على تحقيق الأهداف بدقة وعلى المراجعة الدورية لها، كما تساعد في التركيز على تحقيقها([5]). وقد أخذت عملية التقويم في توصيف المقرر حيزا نوعيا باحتواء التوصيف على حزمة من الأنشطة تمثلت في: الملف الثقافي إجراء البحث (ميداني، أو تأصيلي أو قراءة ناقدة) تقديم الطالب محاضرة المشاركة الصفية الامتحانات([6]).

المبحث الثاني: تخطيط التعلم وإدارته في تجارب مدرّسي مقرر الثقافة الإسلامية

يتنزل الإطار النظري لتدريس المقرر من خلال النماذج التدريسية التي أطرها أساتذة المقرر بالاستناد إلى معطيات العملية الإبداعية في التدريس، وما ينص عليه بـ"هيكلة العملية التعليمية" التي تنبني على جوانب ثلاثة لا تحيد عنها وهي:

1- تخطيط التعليم                             2- تنظيم التعليم                3- تقويم التعليم

سنحاول أن نتتبع بعض النماذج التدريسية لمقرر الثقافة الإسلامية، ونَصِف بنية العملية التعليمية كما تظهر من خلال مستندات المدرّسين([7]) التي سنقوم بتحليلها وفقا لهيكلة العملية التعليمية السابق.

أولًا: تخطيط التعليم في تجارب مدرّسي مقرر الثقافة الإسلامية

التخطيط وظيفة أساسية في الإطار التربوي بصفة عامة وفي العملية التعليمية خاصة، والتخطيط البنَّاء هو التخطيط الذي يتوخى الإنجاز وهو "العملية المقصودة المبنية على الدراسة العلمية والتفكير والتدبير والتي تهدف للوصول إلى تحقيق أهداف تنمية معينة"([8])، ويعرّف بأنه "عملية مستمرة تشمل عددًا من الأنشطة التي تحدث في ترتيب وتنظيم معينين عبر وقت محدد. وتتوقف طبيعة تلك الأنشطة والعلاقات بينها علـى بنيـة التخطيط واختيارات المخططين الذين يقومون بالعملية ودرجة الأولويات، وعلى المعوقـات التي تؤثر في عملية التخطيط التعليمي"([9]).

وتخطيط التعليم ينبني على سؤال: ماذا يجب أن أُدرِّس؟ وعليه تقع جميع المسؤوليات والواجبات التي تخدم التوجه العام في تدريس مقرر الثقافة الإسلامية أو غيره، كما تراها سياسة الكلية في التدريس، وهنا بالضبط تقع مسؤولية تحويل الأهداف العامة إلى موضوعات حقيقية ومتجددة، خاصة أن توصيف مقرر الثقافة الإسلامية قد عُضّد بدليل إرشادي للتدريس([10])، فصّلت فيه المواضيع المطروحة والمطالب الجديرة بالحضور في الدرس.

وباستقصاء النماذج التدريسية للمقرر؛ نلحظ الالتزام بالدليل الإرشادي لدى أساتذة المقرر في عموم النماذج التي جرت متابعتها، وتبعا لفلسفة الدليل الإرشادي التي تقوم بالأساس على تخطيط محتويات المحاور الخمسة للمقرر وتأثيثها بالعناوين الضرورية انتظمت شرائح العروض التدريسية.

وبالعودة إلى شرائح العروض التدريسية؛ والتي اخترنا منها عينة عشوائية ومن خلال الاحتكام إلى جملة من المعايير أهمها:

-      نوعية أساليب التدريس المناسبة لطلاب المقرر.

-      اختيار الأنشطة التعليمية المحفزة للتفكير لدى الطالب.

-      تجهيز التقنيات والمصادر التعليمية المساعدة في بناء الفهم.

-      تحديد الأهداف الخاصة للدرس في ضوء الأهداف العامة.

-      استخدام استراتيجيات تدريس ملائمة لطبيعة المقرر.

وقفنا على سبعة نماذج لمدرّسي المقرر (وهو نصف العدد المعتاد للتدريس تقريبا في الفصل الواحد)؛ وبعد دراستها وتحليلها؛ عكفنا على تقسيمها إلى مجموعتين لاعتبارات تتعلق بجملة من الأوصاف المتقاربة، وعلى هذا الاعتبار انطوت المجموعة الأولى على النماذج: (1، 2، 4، 7)، والمجموعة الثانية انطوت على النماذج: (3، 5، 6)،

النموذج رقم (1):

تميز بإثارته لأدوات التحفيز الذهني لدى الطالب بتنويع مادة الدرس وأشكاله وتنويع وسائل العرض وطرقه الفعالة (بيانات مكتوبة، أشرطة فيديو، محتويات مسموعة، خرائط، استبانات...إلخ) مع الاعتناء الواضح باستصحاب المشكلات بطرح يجمع بين التأصيل المعرفي والتفكير النقدي والبعد الواقعي وهي الاستراتيجيات التي تتمثل ثمرات المقرر وأهدافه.

وعلى سبيل المثال: يطرح النموذج في أحد الدروس مشكلة تشويه المفاهيم ويقتطع بعض النصوص من الكتب ويعرضها للطلبة في قوالب إشكالية، كما يفتح ذهن الطالب إلى بعض التصورات والتساؤلات الكبرى والسجالات في عالم الأفكار، ويقاربها إلى فهم الطالب بعامل جذب وإثارة بصرية ملهمة.

ويعود في درس الدين إلى تنويع المداخل النفسية والاجتماعية لفعل التدين ويطرح بعض البيانات الإحصائية الدقيقة لقضايا تتعلق بالجريمة والآثار المصاحبة لانهيار المنظومة الأخلاقية، ثم يهيئ الطالب لاستنتاج غريزة التدين الفطرية وأثرها في ترشيد السلوك الإنساني.

ويعمد في درس الابتلاء إلى سحب ذهن الطالب إلى واقعه وتأمل حاله وحكمة ربه عز وجل في تقدير ظروف خلقه، بأسلوب يجمع بين نصوص الوحي والواقع من جهة؛ وطرح أكاديمي جذاب قائم على استثمار الموارد التعليمية من جهة أخرى.

النموذج رقم (2):

اتجه إلى استصحاب واقع الطالب والخروج بخياله من قاعة الدرس نحو المجتمع لتحديد المعارف اللازمة، عبر (استراتيجية المبادرة)، بجعل الطالب يسهم في تصور حلول واقعية، وقد ظهر ذلك في عديد الدروس التي تمثلت مقاصد درس الثقافة الإسلامية ومخرجاته، كما اتجه النموذج إلى إثارة الجوانب النقدية والتحليلية لدى الطالب، واستدعاء المهارات والملكات المتعددة.

ففي درس القيم الإسلامية يطرح المدرّس بعض المعضلات ليستنتج من خلالها الطلبة واقعا مأزوما يتطلب الإصلاح، ومن ثم يطالب المتعلمين باقتراح معالجات لتلك الفجوات الأخلاقية، وإعادة ترتيب القيم عبر نصوص الوحي ومتطلبات الحياة الإسلامية الرشيدة. كما يعمد المدرس في موضوع الفطرة إلى دعوة الطلبة للتأمل في حالات انفصام الفطرة وتشويهها واستعراض مظاهر التشويه الحديث، لينطلق الطلبة في تحرير سبل ترميم مظاهر الاختلال واقتراح مسار لتحصين ثقافة المجتمع، ومن ثم ربط موضوع الفطرة بالثقافة والتحديات الاجتماعية.

وفي درس العمارة والخلافة يكلف المدرّس الطلبة بقراءة وتحليل مقتطفات نصية من كتاب: (الإنسان وعدالة الله في الأرض)[11]، وكتاب (فقه التحضر)[12]، مع متابعة مستويات إنجاز القراءة والتحليل.

النموذج رقم (3):

مع استطراده في التعريفات؛ تنوَّع تخطيط الدرس بين الجوانب الإشكالية والجوانب البيانية ووضوح أهداف كل درس، إضافة إلى الاعتناء بتنويع الأسئلة ومداخلها الموضوعية المتعددة، مع تسجيل نوع من النزوع التخصصي في بعض الزوايا؛ من خلال الاستشهاد الكثيف بالنصوص والأقوال. كما يقدم المدرس أهداف المحاضرة (المعرفية والوجدانية والمهارية) في بداية كل درس، ويقدم نصوصا متعددة وتعريفات للقضايا التي يطرحها في كل درس. ويختتم بأسئلة للنقاش والحوار.

في موضوع الفطرة مثلا (وهو أحد المواضيع المركزية في المقرر)؛ يطرح المدرس في موضوع الفطرة تعريفات للإمام النووي ونقولا لابن حجر عن الطبري...ويسرد عددا من الاستشهادات النصية مع كل عنوان يطرحه في الموضوع.

وفي مفهوم الدين؛ يدمج المدرّس بينه وبين مفهوم الحضارة ومفهوم الهوية، ويطرح أسئلة كبيرة في آخر الدرس من قبيل: لماذا تتغير سمات الحضارات تبعا لتغير الهويات والثقافات؟ وضّح كيف يساعد ترسيخ الهويات والثقافات على البناء الحضاري؟ من وجهة نظرك؛ ما المشكلات التي تواجه الثقافة الإسلامية في العصر الحديث؟

النموذج رقم (4):

اتسم بالتنوع في أساليب العرض (البيان، الاستشهاد، السؤال، الإحالات المرجعية)، وجلب انتباه الطالب بأساليب الصورة والاستشهاد الواقعي مع العناية بالإخراج الفني لشرائح العرض، وتمثل روح الدليل الإرشادي مع التصرف في تفاصيل محتوياته.

قدم المدرس في درس الزكاة الفوائد الاجتماعية لها، وركز على دورها في الحياة مبرزا جوانب التنمية وتحقيق التكافل مع تزكية النفس وتطهير المال، وفي درس النظم الإسلامية حاول المدرّس أن يقارب ذهنية الطالب إلى مفهوم البناء ومحاولة رسم خارطة ذهنية لمكونات البناء الإسلامي اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، بأساليب تنوعت بين الجذب البصري والأمثلة الحية. وفي درس مصادر الثقافة الإسلامية؛ تطرق المدرس إلى الجوانب الوجدانية المتعلقة بالتدبر وصوره وكيفياته، كما سعى المدرس إلى تقديم عدد من المراجع المركزة في قضايا الإعجاز العلمي للاستعانة بها على الفهم وهي كتب: العلم يدعو للإيمان، الله يتجلى في عصر العلم، الطب محرابًا للإيمان.

النموذج رقم (5):

طغى الجانب السردي على شرائح عرض الدروس، فجاء شكل الدروس على صورة مقالات مجتزأة افتقدت عناصر جذب الطالب للمشاركة والتفاعل وتسليط الضوء على القضايا الضرورية التي نص عليها الدليل الإرشادي، إضافة إلى تسلل مفاهيم ومفردات غير مطلوبة في المقرر بنسخته الحالية.

فعلى سبيل المثال؛ يستعرض المدرّس في محور الأمة بإسهاب مفهوم الإقليم ومجالاته، ومفهوم الشعب، والشعب الاجتماعي والشعب السياسي !!، ومدلول السكان، وغيرها من المفاهيم والتعاريف دون أي توضيح لوجه الارتباط مع المحور ومتطلباته المعرفية والتربوية.

وفي محور الآخر؛ وعبر ملاحظتنا للشرائح؛ يرصف المدرّس مفهوم الولاء وأدلته من القرآن والسنة، ومعنى التعارف وأهميته عوض التركيز على الأمثلة التي تؤدي بالطالب إلى استيعاب قيمة التعارف أو معنى الولاء وهي الأمثلة الذي تدفع الطالب للمشاركة في إثراء المحتوى، "وموضوع الولاء والبراء لا ينبغي تناوله بمعزل عن المبادئ والقيم الإسلامية التي تؤسس لعلاقة المسلمين بغيرهم مثلًا؛ قيمة الرحمة، وقيمة العدل، وقيمة الوفاء، وتحقيق المصالح الإنسانية المشتركة"[13].

النموذج رقم (6):

تمثَّل النموذج التدريسي مفردات المقرر كما نص عليها التوصيف والدليل الإرشادي؛ غير أن مادة العرض ظهرت في شكل مستلات مقالية يغلب عليها الطابع السردي، كما غابت عنها عناصر الجذب التفاعلية من أسئلة ومحفزات ذهنية تشغيلية يمكن اعتمادها أثناء الدرس.

ففي درس التراث الإسلامي مثلا يستعرض المدرس نقطة أهمية التراث الإسلامي في ثمانية أسطر متتالية بالشريحة الواحدة، وفي خصوصية منظومة القيم الإسلامية يعرض للطلاب توجيهه للمسألة في تسعة أسطر بالشريحة الواحدة.

وفي توضيحه للعلاقة بين مفهوم العمارة والخلافة لا يترك المدرس للطالب فرصة للاستنتاج الذي يؤهله لترسيخ وجه العلاقة بين المفهومين؛ بدلا من ذلك؛ لقّن المدرس تلك العلاقة لطلبته في شريحة من ثمانية أسطر متتالية. وهو نفس الأسلوب الذي اتبعه في استعراض (عمارة الأرض كمقصد مستقل).

النموذج رقم (7):

لم يختلف درس الثقافة الإسلامية باللغة الإنجليزية عن اهتمامه بخصوصية مقرر الثقافة الإسلامية كمتطلب عام، فجاءت محتوياته متوازنة مع مقصود الدليل الإرشادي ومضمونه، كما ظهر فيه بشكل لافت الاهتمام باستراتيجية التعلم بالمشكلات، ونزوع المحتوى إلى الاستدلال وربطه بالواقع المجتمعي العام، كما انتظم في النموذج دقة العبارة واختصارها لمناسبة وضع المتلقي.

ففي محور الأمة؛ يجمع المدرس طلبته على تحليل معادلة النهوض الحضاري، ويسلط الضوء على عوامل التخلف والتقدم، كما يستثير وجدان الطالب في شكل أسئلة واستفهامات لقضايا راهنة. وفي موضوع الهوية يعرض المدرس مكونات الهوية (اللغة والدين والتاريخ والتراث) ويفسح المجال للطلبة لإثراء تلك المكونات وإنتاج تعريفات منسجمة مع مفاهيمها الأصلية بالاستناد إلى نصوص ومواد مرجعية.

ثانيًا: إدارة التعلم في تجارب مدرِّسي مقرر الثقافة الإسلامية

إزاء إدارة التعلم نطرح السؤال "عن كيفية التعلم"؛ فالمدرس في إدارته لعملية التدريس يخضع لشروط خارجية متعددة تحكم عملية تنظيم التعلم من حيث عدد الأسابيع المتاحة وعدد الطلاب في كل مجموعة، ومدى توفر مصادر المقرر والوسائل التعلمية... إلخ، وشروط داخلية أيضًا تتعلق بالعملية أثناء التدريس. وإدارة التعلم هي "طريقة تمكّن المدرس من تنظيم عمله داخل قاعة الدرس حتى يصل من خلالها إلى أهدافه وإعطاء المعلومات التي يرغب بإيصالها للطلبة بكل هدوء ونظام"([14]).

 وتنظيم التعلم في درس الثقافة الإسلامية لا ينفك كذلك إضافة إلى ما تقدم عن جملة من الأسس الضرورية التي ينبغي توفرها، وهي: الدافعية+ البنية المعرفية+ الإيجابية + مراعاة الأسس النفسية والوجدان الديني، وذلك في حدود الإمكانيات المتاحة ومساحاتها، وحسب كل حالة على حدة. والتنظيم الناجح هو الذي يؤثر إيجابيا على الجانب الوجداني لدى الطالب، وينجح بذكاء في إبهاره ومن ثم استدراجه إلى النشاط.

ومن خلال الاقتراب من تجارب النماذج التدريسية السابقة؛ يمكن وصف عملية تنظيم العملية التعلمية لدرس الثقافة الإسلامية بأنها تراوحت بين البيانية والمهارية؛ بحسب مميزات كل خلفية ذهنية للعملية التعلمية وخصائصها عند كل مدرّس للمقرر، فاكتفت بعض النماذج التدريسية بالعملية الإثرائية لمحتويات المقرر من خلال رصد جملة من المعارف وتقديمها للمتعلمين، بينما اتجهت النماذج التدريسية الأخرى إلى تبني استراتيجيات تصب في إطار تحفيز الطالب لصناعة المعارف وربطها بخبراته وتشغيل مهارات التفكير والتفكير النقدي وإثارة التساؤل والنقاش.

ومن خلال الاحتكام إلى جملة من المعايير أهمها:

-      تكليف المتعلمين بالأنشطة التعلمية الفردية والجماعية.

-      تحفيز التفكير المستقل لدى الطالب.

-      توجيه الطالب إلى كيفية اقتناص مصادر المعلومات.

-      تشجيع الطالب على المقارنة وتفسير التناقضات في الأفكار.

-      إثارة الانتباه.

وقفنا على النماذج التي حاولت تمثُّل المعايير السابقة باقتراح جملة من الأساليب التربوية أثناء تقديم الدرس، والتقييم الأمثل لأنشطة الطلبة واختبار مدى تحقيقهم لمخرجات التعلم.

 وكانت المجموعة الأولى (النماذج: 1، 2، 4، 7) أكثر انضباطَا بالخطة الدراسية وبمعايير التدريس الفعال، فعبّرت عن فهم متزن لعملية إدماج الطالب وإدارة تعلمه ومرافقته في تنزيل المحتوى الدراسي. وفيما يلي عرض لعدد من المؤشرات الظاهرة في النماذج، والدالة على التخطيط الفعال للأنشطة التعلمية للطلاب:

1-  طرح السؤال:

تبرز أهمية التساؤل في عالم المعرفة من خلال تحفيز الذهن لاقتناص أفضل سبل الحقيقة. وطرح السؤال هو منهج دلت عليه الآيات والسنن، وقد طرح المتخصصون تعريفا للسؤال في عالم التربية مفاده "طلب تحصيل المعلومة، سواء طابقت الواقع أو جاءت خلاف ذلك"([15]). كما يعرف بأنه: "جملة تبدأ بأداة استفهام توجَّه إلى شخص معين للاستفسار عن مـعلومات معينة، ويُعمِل هذا الشخص فكرَه في معناها ليجيب بإجابة تتفق مع ما تتطلبه هذه الإجابة من استفسار"([16]). وعلى هذا الوصف جرى عمل المدرسين في المقرر؛ حيث احتفت كل النماذج بهذا "الفعل التربوي" لثلاثة عوامل مهمة هي:

-      إشراك الطالب وتحفيزه للانخراط في التفكير، بعيدًا عن التقييم التالي للإجابات.

-      تسليط الضوء على الجوانب المغلقة، وفتح مجال النظر فيها تمهيدا لبحثها.

-      تمكين الطالب من توليد الأسئلة بناء على ملاحظاته لواقعه، وملابسته لحيثياته.

وقد تنوعت الأسئلة المطروحة في المقرر؛ من أسئلة استطلاعية في بداية المحاور ونهايتها، وأسئلة ضمن المشكلات المطروحة أثناء تقديم الدرس، وأسئلة تقييم تحصيلية.

ومن بين الأسئلة المطروحة في تلك النماذج: لماذا خلقنا الله مختلفين؟ ما الوسائل الممكنة التي تؤدي إلى غرض التعايش وتوطيده؟ ما أبرز قيمة في نظرك تقوم عليها الأسرة؟ فيمَ تختلف الزكاة عن الضريبة؟ لماذا تصلي؟ لماذا يحتاج الإنسان إلى الوحي؟ ما معنى الدين؟ كيف تتشوه الفطرة؟ ... إلخ.

2-  تدبر النصوص:

يقترح عددٌ من النماذج نصوصًا من القرآن والسنة، ونصوصا أخرى من التراث الإسلامي؛ للتفاكر حولها وإثراء محتواها بما ينسجم مع حالة الفهم العام للدروس، والتدبر بوصفه إجراءً تربويًّا يُظهر مدى حاجة الطلبة إليه في مقرر الثقافة الإسلامية، سواء انصب على مواد فكرية عامة، أو اتجه إلى نصوص الوحي، فهو "يشحذ قوى الوعي الإنساني ويجعلها قادرة على التفتح بالقرآن على الكون وما فيه، والزمان والدوائر التي ينظمها، والمكان وما يشتمل عليه، ويحيط به، فيدرك المتدبر قدرات القرآن الهائلة على (التصديق والهيمنة والاستيعاب والتجاوز) لمختلف الأنساق الثقافية والحضارية"([17]).

وقد جسدت وثائق مدرسي المقرر هذه المعاني؛ فظهرت عديد النصوص نذكر منها على سبيل المثال:

-      ﴿هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۖ حَتَّىٰٓ إِذَا كُنتُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَجَرَيۡنَ بِهِم بِرِيحٖ طَيِّبَةٖ وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتۡهَا رِيحٌ عَاصِفٞ﴾ [يونس: 22]، وردت عند أحد المدرسين في درس الابتلاء مقترنة بمشهد تصويري مجسّد، ودعوة للتأمل والتدبر.

-      ﴿وَإِبۡرَٰهِيمَ إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُۖ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ١٦ ... الآيات [العنكبوت: 16-23]، وردت عند أحد المدرسين في درس التوحيد، وقد دعا طلبته إلى استنباط المنهج القرآني في الاستدلال على وجود الله تعالى.

-      ﴿لَّا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوٓاْ إِلَيۡهِمۡۚ ... الآيات [الممتحنة: 8-9]، وردت عند أحد المدرسين في سياق استعراض النظرة الكلية في استعراض فقه العلاقة مع الآخر، مجسِّدا التأصيل القرآني لتلك العلاقة مع دعوة الطلبة إلى اعتماد النظر القرآني في تصور قضايا الحياة.

3-  تحليل المضمون:

وهو من الأساليب التربوية التي تنمي لدى الطالب روح المناقشة والتحليل والتركيب، ويعرّف بأنه "إجراء يقوم الفرد بواسطته بعمل استنتاجات معينة حول كل من مصدر الرسالة ومستقبلها في ضوء دلائل معينة تشمل عليها هذه الرسالة"([18]).

وقد شمل منهج تحليل المضمون عددا من النماذج التدريسية سابقة الذكر، وتنوعت المواد المستعرضة بين:

‌أ)      التوجيه لتحليل الأفلام ومناقشة المحاضرات المسموعة والمرئية، مثل: محاضرة لفيزيائي ملحد يناقض ما استشهد به ريتشارد دوكنز، ومحاضرة مصورة بعنوان منهجية التفكير والعمل الإسلامي للدكتور محمد عياش الكبيسي، بهدف استنباط القيم العلاقية، وموعظة مصورة في درس الابتلاء عن قصة التابعي عروة بن الزبير للشيخ الدكتور سعيد الكملي... والقصة جزء من التربية ﴿فَٱقۡصُصِ ٱلۡقَصَصَ لَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ [الأعراف: 176].

‌ب)  عرض تجربة من التجارب المؤثرة، وفي ذلك نوع من تعميق الفكرة واستنباط العبرة، واتساع الذهن على الحدود القصوى للقضايا المطروحة في المقرر. وقد استعرض المدرسون بعض الأشرطة المصورة عن تجارب وشهادات مثل قصة عالم الرياضيات (جيفري لانج) من الإلحاد إلى الإيمان، وتجربة المسلمين مع ظاهرة الإسلاموفوبيا، واستطلاعات ميدانية عن الشباب وموضة الإلحاد... إلخ.

‌ج)   تحليل النصوص التراثية والمعاصرة؛ حيث لا يقتصر عرض مادة الدرس دون إحالات مرجعية لعدد من العلماء والمفكرين، ولا يُكتفى بتلك الإحالات مجردةً عن القراءة والتحليل والتساؤل، فاتجه عدد من المدرسين إلى اقتراح عدد من النصوص والتحفيز لقراءتها وتحليلها واستطلاع إنجازها، مثل: نص أدب الاختلاف في الإسلام لطه جابر العلواني، وشروط النهضة لمالك بن نبي، وجدد حياتك لمحمد الغزالي، والنظام الاجتماعي في الإسلام لمحمد الطاهر بن عاشور... إلخ.

4-  تصحيح قراءة ونقد مفهوم:

من أولويات المقرر رفد وعي الطالب ودعمه، وقد نص توصيف المقرر على ذلك بوصف: (تمكين الطالب من تطوير دور ثقافي رسالي له في العصر في ضوء وعيه بالقيم والمقاصد الكلية للإسلام ووعيه بالعصر). وعلى هذا الاعتبار؛ اتجهت ممارسات المدرسين إلى تنقية فكر المتعلمين من عديد المغالطات والتوهمات التي طبعت أذهان الطلبة. "فالخلط بين ما نسميه الأزمة الفكرية التي يعاني منها العقل المسلم...وبين التوهم بأن الأزمة في القيم نفسها كان وراء الكثير من المغالطات والتراجعات والحواجز النفسية التي لاتزال تكرس التخلف باسم التدين... لذلك نعتقد أن من الأبجديات الأولى اليوم: ... إزالة الخلط بين المبادئ المحفوظة أو الأوعية الفكرية المطلوبة لحركة الحياة وبين القيم الثابتة والأفكار الغائبة..."([19]).

والأساليب المتبعة في هذا الاتجاه توسلت بإثارة النقاش داخل الصف حول نصوص معروضة وعناوين لقضايا معروفة وأحداث تاريخية مشهورة، فمثلا:

-      يقترح النموذج رقم (2) نصًا للشيخ يوسف القرضاوي من كتابه (كيف نتعامل مع السنة النبوية) في قضية الغلو والتقصير، ويستميل الطلبة لموافقة المضمون بعد تحرير مفاهيمه وتثويرها، وبعد تصوير حالة الفهم العام التي يشبِّهها الدرس بالغرق المفاهيمي وقصور النظر في بعض الممارسات الدينية، وعدم الوعي بمقاصد الشريعة الإسلامية ضمن الوعي الكلي بدين الإسلام.

-      يقدم النموذج رقم (1) نصًا لمالك بن نبي من كتاب "مشكلة الثقافة"؛ بغرض اكتشاف المقاييس الذاتية وعلاقتها بنمط الثقافة، ويصل المدرّس بالطلبة إلى العلاقة اللزومية بين فاعلية المجتمع والثقافة، وأنه لا يمكن تحريك المجتمع ما لم تتحرك العناصر الثقافية فيه، وهو ما يفتح مساحات جديدة لدى الطلاب للتفكير وتصحيح التصورات السابقة.

-      يستعرض النموذج رقم (7) "وثيقة المدينة" ويقرؤها مع طلبته لاكتشاف أصل تعامل الإسلام مع الأقليات وحقيقة التعايش مع غير المسلمين، ودفع الشبهات والأقاويل المغلوطة عن الإسلام والجدل الذي ينشأ عن حركات الإسلاموفوبيا مثل شبهات "انغلاق الإسلام" و "قهره للإنسان" وغيرها من حملات التشويه المقصودة وغير المقصودة.

المبحث الرابع: وصف أداء الطلبة للأنشطة والامتحانات

تقوم فلسفة التدريس الجامعي على الحرية الأكاديمية والاستقلالية واللامركزية وتحمل المسؤولية في إطار ميثاق مؤسسي مشترك. وكل مبادرة لتنميط الدور الإبداعي للمدرس تشكل عائقا له كأستاذ، كما تلغي الفوارق النوعية بينه وبين غيره من الأساتذة، ولذلك تبنت الكلية مبدأ تحرير الأستاذ من كل القيود التنميطية من أجل تحقيق الفاعلية في تدريس الطلبة ومرافقتهم إلى أفضل طرق التحصيل، وهو الشرط الأساس والضمان الأفضل لتحقيق التميز في التعليم الجامعي.

ولو راجعنا العلاقة التفاعلية بين المدرسين والطلبة في مجال مراقبة الأنشطة الطلابية وتقييمها من خلال تمثّل معايير تصنيف القدرات والمهارات المعرفية والذهنية (كما أقرها هرم بلوم الشهير: المعرفة والتذكر، الفهم والاستيعاب، التطبيق، التحليل، التركيب، التقييم)؛ سنعثر على أن فعل تدريس مقرر الثقافة الإسلامية لم يغفل مبدأ "محورية الطالب في العملية التعليمية"، ففضلا عن تأطير العملية من خلال الموجّهات في توصيف المقرر؛ باشر الأساتذة تدريبا عمليا للطلبة في الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية، عبر أنشطة المقرر الصفية واللاصفية، والتي تراوح مستوى أداء الطلبة فيها حسب مستوى نضج التجربة لدى المدرسين. وفيما يأتي تفصيل لأداء الأنشطة:

أولًا: أداء الطلبة في الملف الثقافي

حاز نشاط الملف الثقافي على اهتمام واسع للطلبة، وظهر ذلك من خلال إشاعة ثقافة الاستقلالية النسبية في صناعة المضمون المعرفي للدرس. وقد لاحظنا أن شكل الملف الثقافي ومتنه العلمي لدى عموم دفعات المقرر قد تطور بصفة عامة منذ طرحه عام 2016، من الزوايا الآتية:

-      تحرر أذهان الطلبة من روتينية التلقي؛ والاعتماد على الصياغة الذاتية لمضامين المحاضرات الصفية.

-      اهتمام الطلبة بإضافة مواد علمية مستفادة من خارج الدرس تنوعت بين محتويات مكتبية، وأشرطة فيديو، ومناقشات إثرائية حرة.

-      اكتساب الطلبة لمفهوم "الوحدة الموضوعية" عبر التزام الخيط الناظم لموضوعات المقرر؛ حيث لوحظ اهتمام عدد من المنجزات الطلابية بربط مواضيع المحاضرات بالمكتسبات السابقة.

ثانيًا: أداء الطلبة في البحث الميداني

 لم يجرِ الإقبال على نشاط البحث الميداني بالصورة المطلوبة في توصيف المقرر، كما انحسر هذا النشاط واقتصر على نسبة ضئيلة من طلبة دفعات المقرر، وتعود نسبة العزوف على البحث الميداني إلى الأسباب الآتية:

-      صعوبة البحث الميداني بالنظر إلى تكاليف ومستويات إجرائه عند الطلبة، وعدم قدرتهم النسبية على تلمّس الظواهر المرضية في المجتمع.

-      انخفاض المستوى المنهجي العام؛ بسبب المرحلة الجامعية الأولى لدى عموم طلبة المقرر.

-      ميل الطلبة إلى الصناعة البحثية المكتبية كأفضل وأيسر طريق لإنجاز التكاليف.

ثالثًا: أداء الطلبة في البحث التأصيلي

سعى الطلبة إلى تمثّل توجيهات المدرسين في كيفية كتابة البحوث في الإطار الإسلامي، إلا أن عديد البحوث لم ترقَ إلى مأمول المقرر في صياغة مهارات بحثية ومعرفية، ويرجع ذلك إلى الأسباب الآتية:

-      فقدان تصور الصنعة البحثية عند الطالب؛ وهو الأمر الذي أدى به إلى الاعتماد الكلي على المراجع العلمية المتوفرة.

-      تنازل المدرس عن تحكيم عدد من الضوابط المنهجية لبحوث الطلبة اعتبارا للمرحلة الجامعية المبكرة لديهم.

-      معضلة الاقتباس غير الموضوعي والانتحال غير المبرر لدى عدد من المنجزات البحثية الطلابية.

رابعًا: أداء الطلبة في القراءة الناقدة

تميز نشاط القراءة الناقدة على قلة الإقبال عليه نسبيًا بحضور ذهني ملفت لدى نسبة معتبرة من المتجهين لهذا الاختيار، مما يعكس أهمية هذا النشاط النوعي في مصاحبة الطلبة لفعل القراءة المثمر، وقد اتسمت تلك الأعمال المقدمة بالخاصيتين الآتيتين:

-      استيعاب الطلبة للمضامين المعرفية المقروءة والتزامهم بسقف القراءة وحجمها.

-      حضور الممارسة النقدية وتعدد مواقف التحليل والتقييم.

خامسًا: أداء الطلبة في تقديم محاضرة

لم يقف فريق البحث على مستندات أو تسجيلات توثق النشاط سوى ما ظهر في بعض صحائف التفكر لدى عدد من المدرسين من وصف لنجاح التجربة وتحمس الطلبة المميزين فقط لتقديم النشاط، مع اعتراف بالأداء المميز لأغلب النماذج الطلابية التي قدمت النشاط.

سادسًا: أداء الطلبة في المشاركة الصفية والمناقشة الإلكترونية

بادر عدد من المدرسين للمقرر بطرح مواد معرفية للنقاش على لوحة المناقشات في منصة البلاكبورد، وتفاوتت مستويات مشاركة الطلبة فيها بحسب المواضيع المطروحة للنقاش، كما لاحظ فريق البحث أن المناقشة الإلكترونية لا تعكس بدرجة كبيرة المستوى الحقيقي للطلبة، إذ أثبتت نتائج الامتحانات اختلافا بين مستوى الطالب عموما ومستوى مشاركته الإلكترونية المكتوبة.

ولعل اكتفاء مدرسي المقرر بالمشاركات الصفية له ما يبرره في اقتناص أفضل سبل تقييم الطالب ومتابعة مستواه (توصيف المقرر يقترح وزن 15 درجة للمشاركة الصفية). مع تهيئة التدريس الفعال له من إيجاد لبيئات للتعلم المحفز والتي ينخرط فيها الطلاب مع محتويات المقرر انخراطا كاملا([20]). وقد اقتصرت مشاركة الطلبة على الإجابات المتعلقة بالأسئلة التي يطرحها المدرّس داخل الصف، بينما انفرد عدد محدود من الطلبة بإثارة قضايا تتراوح أهميتها بين مستويات طرحها وراهنيتها ومدى تعبيرها عن وعي بالمشكلات المعاصرة([21]).

سابعًا: أداء الطلبة في الامتحانات

يشكِّل كلٌّ من امتحاني المنتصف والنهائي الجزء الأكبر من عملية التقييم، وهي المجال الأبرز الذي يجري فيه قياس مخرجات التعلم، ولعل أفضل وسيلة للمدرّس في متابعة حصيلة مكتسبات الطالب واستيعابه لمفردات المقرر تكمن في نوعية الأسئلة المطروحة التي تحتم عليه ضبطها بما يتلاءم مع مستويات الطلبة ومأمول البرنامج الدراسي.

ونظرا لكون الوعاء الزمني بين الامتحانين كافيا لتطوير مستوى أداء الطالب؛ فقد ظهرت نتائج عدد معتبر من الطلبة متباينة في عمومها بين الامتحانين([22])، مما يعكس أثر النقد الذاتي والتطوير الذي يمارسه الطلبة طيلة المسار الدراسي في المقرر.

فضلا عن ذلك؛ جاءت نتائج عدد آخر متدنية ولا تعكس حجم الممارسة التدريسية والإجراءات المصاحبة لها من تحفيز ذاتي وساعات مكتبية أسبوعية يقدمها كل مدرّس لدعم مستويات الفهم والاستيعاب لدى الطلبة.

وقد استدعى هذا الوضع اهتمام مدرسي المقرر، وتنادى فريق التدريس إلى تباحث أسباب تدني عديد الدرجات وكانت أسئلة الامتحانات حاضرة في جملة المعالجات والتحسينات التي أقرها وساهم فيها أساتذة المقرر. وهي التحسينات التي سيتناولها المبحث اللاحق.

المبحث الرابع: التحسينات التي جرت على المقرر بعد تعميمه

إن تنزيل مقرر الثقافة الإسلامية المطور هو المرحلة التي توجت المسارات السابقة التي مرّ بها حتى اتخذ شكله النهائي الذي أصبح معه جاهزًا لوضع مضامينه بين يدي الطالب ووضع أهدافه موضع التنفيذ، مع ما تخلل ذلك من عمليات التحسين والترشيد المستمر لمناحي كثيرة متعلقة بطرق تدريس المقرر ومادته العلمية وتقويم اختباراته ومخرجاته مع تبادل الخبرات بين مدرسيه والدعم الأكاديمي لطلابه.

وقد حظي هذا المقرر منذ خريف 2016 بعمل تحسيني مستمر في سبيل التطوير الفعّال، وهو عمل مؤسسي يقوم على روح العمل الجماعي الإثرائي؛ حيث أسهم فيها وما يزال عدد من أساتذة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، تحت إشراف قسم العقيدة والدعوة، ومتابعة عمادة الكلية([23]).

سنحاول تتبع جوانب التحسين المتعلقة بكل من: المواد العلمية للمقرر ودليله وتوصيفه، والاختبارات، وتقييم المخرجات، والدعم الأكاديمي.

أولًا: جوانب التحسين المتعلقة بالمادة العلمية للمقرر ودليله وتوصيفه

بعد انتهاء فريق تطوير مقرر الثقافة الإسلامية من وضع خطة التطوير؛ جرى طرح المقرر للتجريب، وتبنى المدرسون ما انتهى إليه فريق التطوير من توصيف للمقرر. وفي خضم التجربة تبين للفريق جملة من المشكلات تتمثل أساسا في عدم استيعاب عدد من المدرسين لمسائل تتعلق بالعناوين والمفردات كما لم يتبين عدد آخر الخيط الناظم بين محاور المقرر، وهو الأمر الذي أدى بفريق التطوير إلى صياغة دليل للمقرر يدعم التوصيف، وهو الدليل الذي يستند إلى محاولة الكشف عن الملابسات التي يمكن أن تتعلق بمحتوى المحاور، وانتهى الدليل إلى سرد جملة المواضيع التي ينبغي التطرق إليها في كل محور من المحاور الأربعة بالإضافة إلى محور المفاهيم.

وعلى الرغم من حضور الدليل إلى جانب التوصيف قد تظهر بين الحين والآخر بعض الإشكالات عند بعض المدرسين ممن لم يتشربوا فلسفة تدريس المقرر وروحه، ولذلك تتواصل خطة التحسينات التي تتناول جوانب متعددة تشترك جميعا في محاولة تمكين الطالب من عدة معرفية تجعله مستوعبًا للحد الأدنى من الثقافة الإسلامية مع حضور الجانب النقدي والتفاعل الإيجابي مع القضايا الراهنة. إضافة إلى تجاوز الطرح التقليدي المبني على تزويد الطالب بثقافة إسلامية متينة.

وقد تُركت الحرية لأساتذة المقرر في إعداد المادة العلمية مع الالتزام بتوصيف المقرر وتمثل دليله، كما جرت عدة مراجعات لدليل المقرر وتعديل بعض مفرداته وجزئياته، وتعديل سلم التقويم ليتوافق مع الأوضاع المستجدة لاسيما في فترة تحول التدريس من الحضور إلى التدريس عن بعد في ظل جائحة كوفيد-19.

ثانيًا: جوانب التحسين المتعلقة بالدعم الأكاديمي

يتجلى جهد الدعم الأكاديمي من خلال خدمة (تدريس الأقران) ويقصد بالأقران جملة من الطلبة (بنين وبنات) المتفوقين قيد الدراسة ممن تخرجوا في مقرر الثقافة الإسلامية، يقترحهم أساتذة المقرر لمكتب الدعم الأكاديمي في الجامعة. يعكف هؤلاء الأقران في جلسات دورية على دعم الطلبة في فهم محتوى المقرر وتذليل الصعوبات المختلفة في الأنشطة التعليمية.

وقد أظهرت خدمة تدريس الأقران فاعلية في تحسين أداء الطلبة وفي استقطابهم للاستفادة من بقية خدمات قسم الدعم الأكاديمي؛ حيث يجري تحويل الطلبة متدني الدرجات إلى قسم الدعم الأكاديمي؛ حيث يقوم الأخصائيون بالقسم بالتواصل مع هؤلاء الطلبة وتخصيص جلسات فردية للدعم.

ثالثًا: جوانب التحسين المتعلقة بتبادل الخبرات

عقدت لجنة التنسيق والمتابعة لمقرر الثقافة الإسلامية جلسات دورية حوارية تفاكرية منذ العام 2016 إلى اليوم، لغرض تبادل خبرات التدريس وتحسين أداء العملية التعليمية لمقرر الثقافة الإسلامية.

وقد أسهمت تجربة تبادل الخبرات بين أساتذة مقرر الثقافة الإسلامية في إثراء عديد الجوانب المهارية والمعرفية لدى أساتذة المقرر، وجرى توثيق تلك الجلسات وأرشفتها عبر وثائق المحاضر وعبر منصة التواصل المرئي (التيمز).

رابعًا: جوانب التحسين في مجال تقويم التعلم

يعكس أرشيف المقرر تباين ممارسات الهيئة التدريسية في طرق صياغة أسئلة الاختبارات والامتحانات التحريرية، إلى درجة أن بعضها لا يتسق مع ما يتوقع من استراتيجيات التعليم التي تحقق ثمار التعلم ومخرجاته المعلنة في توصيف المقرر.

 وبسبب ذلك؛ طرأ على سياسات التقويم في مقرر الثقافة الإسلامية عدد من التغييرات، فبعد أن كان الأستاذ مستقلًا في تقويم طلابه، جرى إلزامه في بعض الفترات قبل تنزيل المقرر المطور بامتحان موحد تضعه لجنة مختارة من الأساتذة بناء على موضوعات الكتاب أو الملزمة المعتمدة لمقرر الثقافة الإسلامية، مع تحديد إجابات "نموذجية" من الكتاب أو الملزمة، سعيًا لضمان المساواة المنشودة بين الطلبة في المجموعات الدراسية للمقرر، وضمان قياس مخرجات التعلم بمقياس واحد.

ولا شك "أن إلغاء الاختبارات الموحّدة يعد نقلة ليس في طرائق التقويم فقط، بل في مضمون المقرر، وطرائق التدريس؛ لأن كل ذلك كان مقيّدا بنمط الأسئلة والتي قد توضع من قبل لجنة لا تضم كل أساتذة المقرر، فيبقى هاجس الأستاذ كيف يضبط مضمون المقرر ومضمون المحاضرة على وفق الأسئلة الموحّدة، وهذا التنميط لا يتناسب أبدا مع الطبيعة الثقافية والفكرية المفتوحة لهذا المقرر"([24]).

وقد كان من أهم دواعي تجاوز فكرة الاختبار الموحد أن تتوافق الاختبارات فعليًا مع المادة العلمية المقدمة، والتي تختلف بالضرورة بين أستاذ وآخر كما تتنوّع طرائق التدريس والتلقي عند كل مدرس وطالب، وقد عبر أحد تقارير اللجان عن هذا الأمر بالقول: "في التجربة الحالية المطوّرة لم نعد نشعر بالحاجة إلى الاختبارات الموحّدة؛ لأن المضمون نفسه يختلف من أستاذ إلى أستاذ، بل ومن مجموعة إلى أخرى حتى بالنسبة للمدرّس الواحد"([25]).

وفي الجلسات التفاكرية أولى أساتذة المقرر اهتمامًا بضرورة وضع موجهات تنظم عملية طرح أسئلة الامتحان؛ بحيث تقيس بدقة مخرجات المقرر. كما عقدت لغرض تطوير سياسة التقويم ورشة تناولت الموجهات العامة لأسئلة الاختبارات خصصت لأربع نقاط رئيسة هي:

-      موجهات عامة قبل إنجاز الاختبار.

-      موجهات عامة للأسئلة الموضوعية.

-      موجهات عامة للأسئلة المقالية.

-      موجهات عامة للأفعال المستخدمة في تصميم الاختبار.

كما جرى تسليط الضوء على بعض النقاط التي تحتاج إلى تطوير، ومنها: ضرورة الالتزام بسلم التقييم المعتمد، ومراعاة الطرح المتوازن في الاختيار من المتعدد، والدقة اللغوية، والشكل الفني، والموازنة بين عدد الأسئلة المقالية والموضوعية ووضوح صياغة السؤال وهدفه([26]).

المبحث الخامس: التحديات/ الصعاب العملية التي أظهرتها السنوات السابقة (2016-2021)

يجادل فريق البحث الحالي بأن هناك حاجة إلى مزيد من الحوار البيني، وتبادل الخبرات، بين فريق تدريس مقرر الثقافة الإسلامية المطور، فيما يتعلق بالتحديات التي عكستها تجربة السنوات الخمس الماضية. تلك التحديات تشمل، ولا تقتصر على، الآتي:

أولًا: أسْر المعهودية

لعل أولى الصعاب العملية، وهي صعاب يمكن التغلب عليها، تتمثل في أسر المعهودية والتماهي مع الطرق المتبعة في التجارب الأخرى، بما فيها تجربة التدريس التي كان عليها العمل سابقًا بجامعة قطر وتجارب الجامعات الإقليمية الأخرى؛ حيث تظهر نماذج من العروض الصفية لأساتذة المقرر، وكذلك مقترحاتهم المتعلقة بنوعية التحديات التي يعالجها أنها لم تحد عن مسار كرست له مؤلفات الثقافة الإسلامية بالجامعات الخليجية([27])، والأردنية([28])، وعبرت عنه تجربة تدريس المقرر بجامعة قطر قبل التطوير([29]). ولنعطِ مثالًا على ذلك بالسجال الذي عبرت عنه الهيئة التدريسية للمقرر في سنوات التطوير الأولى (2017-2019)، من دعوة للتنصيص على التحديات التي يفترض أن يعالجها المقرر.

وعند التدقيق في نماذج من أسئلة الامتحانات (امتحانات منتصف الفصل وامتحانات نهاية الفصل) نجد أن مجموعة من الأساتذة ما زالت تعالج التحديات بأسلوب "تدريس موضوعات" (مثل: الصهيونية، والاستشراق، والعلمانية، والعولمة). هذا في الوقت الذي ينشد فيه مصممو المقرر في ثوبه الجديد، المطور، إلى معالجة تحديات اختلال الخارطة الذهنية للإسلام لدى هذا الجيل من شباب اليوم، وتحدي الجمود وسطحية الفكر وضعف التكوين العلمي، وفقدان الرسالية، وانحسار الفاعلية والابداع، وضعف الحصانة الثقافية، وتفشي العلل الثقافية والفكرية([30]).

صحيح أن تلك الموضوعات؛ المبثوثة في كتب الثقافة الإسلامية بالجامعات، تتقاطع مع هذه التحديات؛ المعبر عنها في توصيف المقرر المطور، إلا أن أسلوب التناول والتعاطي هو الذي كان يؤمل أن يميز بين ما كانت عليه التجربة وما ينشده التطوير. وقد انتبه د. محمد المصلح، الذي قاد عمليات التطوير تلك، إلى أن علة عدم تمثل فلسفة التطوير قد تعود إلى المعنى الذي يحمله أستاذ المقرر، وعبارته في ذلك: "إن من يحاول أن ينتحت منهج المقرر بناءً على تعريف يختاره للثقافة الإسلامية، أي يبني المقرر بناءً على مفردات التعريف الذي اختاره فقد أبعد النجعة، لا سيما أن تعريف الثقافة مشكل، ويختلف باختلاف الزاوية التي ينظر فيها إلى الموضوع"([31]). وحاصل الأمر أن تعريف الثقافة من منظور التثقيف الفكري واكتساب المعارف والمفاهيم والمصطلحات من شأنه أن يضفي على تدريس المقرر أسلوب التلقين والحفظ والاستظهار الذي يعلي من قيمة الأفكار المجردة، مع العجز عن توظيفها في السياقات الحياتية المختلفة.

إن فلسفة المقرر المطور تتماهى مع طريقة الأستاذ مالك بن نبي، من منطلق أن "الفكرة من حيث كونها فكرة ليست مصدرًا للثقافة، أعني عنصرًا صالحًا لتحديد سلوك ونمط من أنماط الحياة، فإن فاعليتها ذات علاقة وظيفية بطبيعة علاقتها بمجموع الشروط النفسية الزمنية التي ينطبع بها مستوى الحضارة في المجتمع"([32]). وبهذا المنطلق نفسه "ليس يكفي مطلقًا أن ننتج أفكارًا [فحسب]؛ بل يجب أن نوجهها طبقًا لمهمتها الاجتماعية المتحدة التي نريد تحقيقها"([33])... "فمفتاح المشكلة يكمن في وضع برنامج لتوجيه الثقافة، توجيهًا يتفق وسمو الغاية التي ننشدها"([34]).

ينافح الأستاذ مالك بن نبي عن تعريف الثقافة على أنها "علاقة عضوية بين سلوك الفرد وأسلوب الحياة في المجتمع"([35])، وهو ذات التوجه الذي اختاره مطورو مقرر الثقافة الإسلامية بجامعة قطر منذ العام 2016. بالنسبة لهم فإن "التحدي الثقافي" هو ما تعنيه عبارة مالك بن نبي بـ "مشكلة الثقافة"، فالتحديات الثقافية هي مشكلات الثقافة الكبرى التي تواجه هذا الجيل، وهذا يتطلب أن تعالج همومهم الثقافية (وهي متغيرة ومتجددة باستمرار، ففي كل فصل أو عام دراسي جديد قد تبرز تحديات ثقافية جديدة) مستثمرين توصيفًا دراسيًا محددة أهدافه ومخرجاته ومحتوياته سلفًا. وهذا يتطلب من الأستاذ أن يوجه طلابه، وأن يطور معهم، تفاعلًا خلاقًا بين محتوى دراسي معبر عنه في إطار من نسق فكري وخيط ناظم نظري ومشكلات ثقافية يستكشفها أستاذ المقرر عبر عصف ذهني يديره مع طلابه مستلهمًا المحيط الثقافي الذي تتشكل فيه، ومن خلاله، سلوكيات طلابه. وحتى لا يغيب هذا المعنى، فإن مشكلة الثقافة، يجب أن ينظر لها "لا بوصفها دراسة واقع اجتماعي معين، بل منهجًا للتحقيق؛ وبعبارة أدق: بوصفها منهجًا تربويًا"([36]).

ولا شك أن مفردات المقرر المضمنة في التوصيف المطور لمقرر الثقافة الإسلامية، محل الدراسة، لا تعبّر إلا على معالم المحتوى الدراسي الذي يتوقع أن تترجمه عملية التعليم والتعلم فعليًا، وهي معالم عامة ورؤوس موضوعات يناط بالأستاذ أن يطورها مستثمرًا "معارف كثيرة لا تحصى، متنوعة أبلغ التنوع لا يكاد يحاط بها"([37])، ينزلها على القضايا الثقافية الحية بحيث يطور لدى طلابه مناعة ثقافية أصيلة، تعصمه من الضياع، على اعتبار أن "العاصم يأتي من قبل الثقافة التي تذوب في بنيان الإنسان ... لا من حيث هي معارف متنوعة تُدرك بالعقل وحسبُ؛ بل من حيث هي معارف يؤمن بصحتها من طريق العقل والقلب، ومن حيث هي معارف مطلوبة للعمل بها، والالتزام بما يوجبه ذاك الإيمان، ثم من حيثُ هي بعد ذلك انتماءٌ إلى هذه الثقافة انتماءً ينبغي أن يُدركَ معه تمام الإدراك أنه لو فرط فيه لأدَّاهُ تفريطه إلى الضياع والهلاك، ضياعه هو، وضياع ِما ينتمي إليه"([38]). وقد جرت مراعاة هذا البعد في التخطيط للمقرر، وقد نُصّ على ذلك في المخرج الثالث: (أن يُظهر اعتزازه البصير بهويته الإسلامية).

ثانيًا: تباين وجهات النظر حول جدوى الكتاب المنهجي

يتصل بالصعوبات العملية المرتبطة بتصورات أساتذة المقرر حول بعض مسلمات التطوير بالإضافة إلى ما ذكر أعلاه تباين وجهات نظرهم حول جدوى فكرة الكتاب المنهجي واعتماده في عملية التعليم والتعلم؛ حيث اضطرت إدارة الكلية لتشكيل لجنة علمية للتفاكر حول هذه القضية، وحول إمكانية تطوير وثيقة الدليل الثقافي الذي اعتمد مرجعيةً للتجديد حتى وُصف بالدليل الثقافي المتجدد.

ويبدو جليًا في أدبيات تطوير تجربة تدريس الثقافة الإسلامية بجامعة قطر عدم الرضى عما اصطلح عليه في هذه التجربة بـ "الملزمة التجميعية"، ويقصد بها مجموعة من القراءات أو مستلات جمعت لتشكل المادة التعليمية للمقرر، بالإضافة إلى رفض فكرة اعتماد كتاب للمقرر، فـ"ليس هناك كتاب واحد يتعاطى مع جوانب التحدي التي تواجه طالب الثقافة الإسلامية". وقد اقترحت لجنة تطوير المقرر، ما اصطلح عليه بالدليل النوعي المتجدد، "يعده فريق من أساتذة الثقافة الإسلامية على ضوء الأهداف النوعية التي تستجيب للتحديات [الثقافية [. هذا الدليل ينبغي أن يبقى قابلًا للتعديل والإغناء والإثراء باستمرار من قبل أساتذة الثقافة الإسلامية حتى أثناء تدريس المقرر"([39]).

كما شهدت فترة تعميم التجربة (2017-2021)، بعض الأصوات الداعية للتفكر في جدوى تطوير كتاب منهجي مرجعي، ولسنا هنا بصدد تقييم مبدأ اعتماده من عدمها في هذا البحث التحليلي الوصفي. بيد أن الإلزام المنهجي يضطرنا للالتفات إلى بعض القضايا والأفكار التي نتوقع أن تثري التجربة وترفد عملية التطوير بخبرات وأدبيات تربوية ذات قدر من المصداقية، نجملها في الآتي:

في سياق العلاقة بين التعليم والتنمية، ثمة تأكيد في البحوث التربوية على أن سبب الفجوة بين ما يدرس في المؤسسات التعليمية، والمعارف والمهارات المطلوبة لتحقيق التنمية، يعود إلى استمرار التمسك بالخاصية التقليدية للمناهج واعتبار الكتاب المدرسي التقليدي أساس عملية التعليم والتعلم، ومصدر الاختبارات وأنشطة التقييم([40]). وبسبب هذا التشخيص أُقِرَّت استراتيجيات لإحداث التحول في نوع المنهاج الدراسي المقدم للطلاب، "من منهاج دراسي يقوم على الكتاب المقرر إلى التعليم القائم على المعايير أو النتائج"([41]). هذا التحول من شأنه أن يؤدي إلى التخلص من عيوب النظام التقليدي الذي تستمد فيه أسئلة الامتحانات كلية وحرفيًا في الغالب من الكتاب المقرر، إذ يُمتحن الطلاب في المعلومات التي يفترض أنهم قد حفظوها من أجل الامتحان فيها([42]). كما يسمح بقدر أكبر من المرونة؛ حيث يوفر للمعلمين الاستفادة من الموارد التدريسية الكثيرة، مما يجعل الحصص الدراسية أكثر ملاءمة وجاذبية للطلاب"([43])، وقد اعتنت كلية الشريعة بجامعة قطر في معايير الفاعلية في تطوير المقررات بجوانب المرونة عبر رفع "القيود والتنميط الذي يكاد يلغي دور الأستاذ الفاعل ويلغي الفوارق النوعية بين الأساتذة ويقتل فيهم الإبداع فضلا عن أن ذلك يتعارض مع الحرية الأكاديمية للأستاذ الجامعي كما يتعارض تماما مع فلسفة التدريس الجامعي الذي يرتكز بالأساس على الحرية الأكاديمية والاستقلالية واللامركزية ثم تحمل المسؤولية"([44]).

إن الواقع التدريسي لمقرر الثقافة الإسلامية المطور، محل عنايتنا في هذه الدراسة، يظهر محاولة تحوم حول فكرة توجيه أساتذة المقرر لتمثل أسلوب في التعليم والتعلم يحتل فيه المتعلم مركزًا بارزًا، في ذات الوقت الذي يلعب فيه المدرس دورًا أساسيًا، على أن تظل في الحالتين بوصلة فعل التدريس موجهة نحو ثمار التعلم ونواتجه. والحال كذلك؛ فإن فكرة "الدليل الإرشادي/الثقافي المتجدد" هي محاولة أشبه بطريقة في التدريس لها أصولها وتقاليدها في التجربة التعليمية في تراثنا الإسلامي فيما عرف بالتعليقة، فقد كان يقال "علق" للطالب الذي يدون ملاحظات شيخه في درس الفقه. وكان دفتر الملاحظات يسمى "التعليقة"([45]).

الخاتمة

لم تعدم عملية تنزيل الإطار النظري في الواقع التدريسي لمقرر الثقافة الإسلامية في عمومها فلسفة تطوير المقرر، والأهداف المسطرة لذلك، فبالرغم من تعدد النماذج التدريسية واختلافها وتعدد التحديات التي واجهت فعل التدريس فإن روح الثقافة الإسلامية تجسدت في جملة الممارسات التعليمية التي وقفت عليها الدراسة، وسواء ظهر بعض الخلل النسبي في بعض الجوانب المتعلقة بالمقرر؛ فإن عملية التطوير المستمر وترشيد الإطار التدريسي كفيلة بتقويم مسارات عرض درس الثقافة الإسلامية.

ويمكن أن نجمل نتائج هذه الدراسة في النقاط الآتية:

-      توصَّل البحث إلى وجود تباين بين النماذج التدريسية فبعضها اتسقت مع خطة تطوير المقرر بينما غاب عن النماذج الأخرى الالتزام بخطة التطوير. هذا التباين الحاصل بين أداء المدرسين لا يمكن تجاوزه عن طريق التنميط المطلق كما أن خصوصية تدريس المقرر لا تعفي من تكييف أساليب التدريس الحديثة لمفرداته، خاصة أن المقرر ينفتح على كل طلبة الجامعة بمختلف تخصصاتهم وخلفياتهم الثقافية.

-      لم تلغ خصوصية تدريس مقرر الثقافة الإسلامية تكييف أساليب التدريس الحديثة لمفردات المقرر، خاصة أن المقرر ينفتح على كل طلبة البكالوريوس بالجامعة بمختلف تخصصاتهم العلمية وخلفياتهم الثقافية.

-      أهمية مقرر الثقافة الإسلامية لم تظهر فقط عند المدرسين في تعريف الطالب بقضايا الدين الإسلامي وممارساته التعبدية وقيمه السلوكية، وإنما تجلت كذلك في التربية الفكرية الإسلامية وتنمية الحس النقدي لديه، وهذا الإطار التكويني ضمنه النشاط البحثي الذي أولاه عدد من المدرسين أهمية بالغة، كما ضمنه الحوار التفاعلي داخل الصف.

-      رسوخ مدرسي مقرر الثقافة الإسلامية وتماهيهم مع فلسفة طرح المقرر رفع من أهمية الدليل الإرشادي للمقرر، كونه الموجه الأبرز في ترتيب المادة وضبط تفاصيلها.

-      تنويع المداخل وزوايا النظر في مفردات المقرر (قضايا الفكر الإسلامي) لا يعني عدم إشراك الطالب في التعاطي مع فرص تطويره، فعلى ضوء مشاركات الطالب في أنشطة المقرر يجري استيعاب شكل التحديات الجديدة وانطباعها الذهني لديه، وبالتالي صياغة مداخل تربوية جديدة للقضايا المطروحة.

-       لا تعالج التباينات بين أداء مدرسي مقرر الثقافة الإسلامية عن طريق التنميط المطلق للفعل التدريسي؛ فقد أبانت لقاءات تبادل الخبرات بين المدرسين عن تلاقح الأساليب التدريسية وابتكار عناصر جذب جديدة ومفاهيم إبداعية تتعلق بالمفردات والوسائل والمهارات.

-      مسألة تقويم التعلم لا تتعلق فقط برصد نتائج الطلبة، بل هي جزء من عملية تطوير مقرر الثقافة الإسلامية، فهو مقرر أكاديمي يقيس قدرات الاستيعاب ودرجات تمثّل القضايا وجدواها، والنتائج العامة للطلبة فيه هي محل تحليل ونظر في جدوى المواد المطروحة ومدى صلاحيتها للاستمرار.

كما يوصي الباحثون بالآتي:

-      ضرورة توسيع الدليل الارشادي لمقرر الثقافة الإسلامية حتى يستوعب أيضا أنشطة الطلبة ومراجع المقرر وأسئلته الكبرى وغيرها.

-       تعميم تجربة تدريس مقرر الثقافة الإسلامية بجامعة قطر، وإجراء مقارنة للتجربة مع غيرها من التجارب في العالم الإسلامي.

-      الاهتمام البحثي بموضوع الكتاب المنهجي لمقرر الثقافة الإسلامية بين خصوصياته المعرفية ومتطلباته الأكاديمية.

المصادر والمراجع

أولا: العربية

أرشيف مكتب رئيس قسم العقيدة والدعوة (صحيفة التفكر لأساتذة مقرر الثقافة الإسلامية)، وصفحة منصة ميكروسوفت تيمز لأساتذة المقرر.

الأميري، عبد الله محمد. التعليم المدرسي في دولة الإمارات: الطموح والواقع والتحديات. أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2012.

بالعمش، فيصل سعيد، وآخرون. الثقافة الإسلامية، المستوى الثالث. جدة: دار حافظ للنشر والتوزيع؛ جدة، 2015.

بن نبي، مالك. مشكلة الثقافة، ترجمة: عبد الصبور شاهين. دمشق: دار الفكر، ط17، 2005.

توصيف مقرر الثقافة الإسلامية (خريف 2017 خريف 2021)

الجندي، عادل. الإدارة والتخطيط التعليمي والاستراتيجي. الرياض: مكتبة الرشيد، 2002.

حجاب، محمد. مهارات الاتصال للإعلاميين والتربويين والدعاة. القاهرة: دار الفجر للنشر والتوزيع، ط2، 2012.

حسن، حسين، وزيتون، كمال. التعليم والتدريس من منظور البنائية. القاهرة: عالم الكتب، 2003.

ريدج، ناتاشا. دور المناهج المدرسي في خلق اقتصاد مبني على المعرفة في دولة الإمارات العربية المتحدة. أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2011.

شاكر، محمود محمد. رسالة في الطريق إلى ثقافتنا. جدة: دار المدني، 1987.

شحادة، نعمان. التقويم وضمان الجودة في التعليم الجامعي. أبو ظبي: مطبوعات جامعة الإمارات العربية المتحدة، ط1، 2006.

 صائغ، عبد الرحمان. التخطيط التربوي. الرياض: منشورات جامعة الملك سعود، 2002.

طعيمة، رشدي أحمد، تحليل المحتوى في العلوم الإنسانية، القاهرة: دار الفكر العربي، 2004.

عبد الظاهر، حسن محمد عيسى، وآخرون. الثقافة الإسلامية: التحديات المعاصرة، الدوحة: كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، 2008.

 العلواني، طه جابر. إصلاح الفكر الإسلامي (بين القدرات والعقبات). فرجينيا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط2، 1994.

–––. أفلا يتدبرون القرآن (معالم منهجية في التدبر والتدبير). القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر، 2010.

غرابيه، رحيل، وآخرون. الثقافة الإسلامية. الأردن: دار أسامة للنشر والتوزيع، 2017.

قطامي، يوسف، استراتيجية التعليم والتعلم، عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع، ط2015،2.

الكبيسي، محمد عياش. "مفهوم الولاء والبراء وصلته بفقه العلاقة مع الآخر (دراسة تأصيلية)". مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر، مج40، ع2 (1443هـ/2022م).https://doi.org/10.29117/jcsis.2022.0337

المصلح، محمد أبوبكر. "نحو توظيف معايير الفاعلية في تطوير مقرر الثقافة الإسلامية بجامعة قطر". مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر، مج34، ع2 (1438هـ/2016م). https://doi.org/10.29117/jcsis.2016.0153

مقدسي، جورج. نشأة الكليات: معاهد العلم عند المسلمين وفي الغرب، نقله إلى العربية: محمود سيد محمد. القاهرة: مدارات للأبحاث والنشر، ط3، 2020.

 ناصر، علي، والدليمي، أحمد. الإدارة الصفية. القاهرة: دار الشروق للنشر والتوزيع، 2006.

ثانيًا:

References:

ʿAbd al-Ẓāhir, Ḥasan Muḥammad ʿIsā, wa ʾĀkharūn. al-Thaqāfah al-ʾIslāmiyah: al-Taḥaddiyāt al-Muʿāṣirah. (in Arabic). Doha: Qatar University Kulliyat al-Sharīʿah wa al-Dirāsāt al-ʾIslāmiyyah, 2008AD.

Al-ʿAlwānī, Ṭāha Jābir. ʾAflā Yatadabbarūna al-Qurʾān - Maʿālim Minhajiyah fā al-Tadabbur wa al-Tadbīr (in Arabic). Cairo: Dār al-Salām li al-Ṭibāʿah wa al-Nashr, 2010AD.

–––. ʾIṣlāḥ al-Fikr al-ʾIslāmī - bayna al-Qudurāt wa al-ʿAqabāt (in Arabic). Virginia: al-Maʿhad al-ʿĀlmī li al-Fikr al-Islāmī, 2nd ed., 1994AD.

Al-ʾAmīrī, ʿAbd Allah Muḥammad. al-Taʿlīm fī Dawlat al-ʾImārāt: al-Ṭumūḥ wa al-Wāqiʿ wa al-Taḥadiyāt (in Arabic). Abu Dhabi: Markaz al-ʾImārat li al-Dirāsāt wa al-Buḥūth al-Istrātījiyah, 2012AD.

Al-Jundī, ʿĀdil. al-Idārah wa al-Takhṭīṭ al-Taʿlīmī wa al-ʾIstrātījī (in Arabic). Riyadh: Maktabat al-Rashīd, 2002AD.

Alkubaisi, Mohammed Aiash. “Allegiance and Enmity in Relations with One Another”. (in Arabic). Journal of College of Sharia and Islamic Studies, Vol. 40, No. 2 (2022). https://doi.org/10.29117/jcsis.2022.0337

Al-Musleh, Mohamed Abubakr. “Towards the Use of Effective Criteria in the Development of the Course: Islamic Culture at Qatar University.” (in Arabic). Journal of College of Sharia & Islamic Studies, Vol. 34, No. 2 (2016). https://doi.org/10.29117/jcsis.2016.0153

Bilʿamash, Fayṣal Saʿīd, wa ʾĀkharūn. al-Thaqāfah al-ʾIslāmiyah, al-Mustawā al-Thālith (in Arabic). Jeddah: Dār Ḥāfiẓ li al-Nashr wa al-Tawzīʿ, 2015AD.

Bin Nābī, Mālik. Mushkilat al-Thaqāfah (in Arabic). Ed. ʿAbd al-Ṣabūr Shāhīn, Damascus: Dār al-Fikr, 17th Ed.., 2005AD.

Ghrāybiyah, Raḥīl wa ʾĀkharūn. al-Thaqāfah al-ʾIslāmiyah (in Arabic). Jordan: Dār ʾUsāmah li al-Nashr wa al-Tawzīʿ, 2017AD.

Ḥajjāb, Muḥammad. Mahārāt al-ʾItiṣāl la al-ʾIʿlāmiyīn wa al-Tarbawiyīn wa al-Duʿāt (in Arabic). Cairo: Dār al-Fajr li al-Nashr wa al-Taszīʿ, 2nd ed., 2012AD.

Ḥusayn, Ḥasan, wa Zaytūn, Kamāl. al-Taʿlīm wa al-Tadrīs min Manẓūr al-Bināʾiyah (in Arabic). Cairo: ʿĀlam al-Kutub, 2003AD.

Maqdisī, Jūrj. Nashʾat al-Kuliyyāt: MaʿĀhid al-ʿIlm ʿInda al-Muslimīn wa fi al-Gharb (in Arabic). Ed. Maḥmūd Sayyid Muḥammad, Cairo: Madārāt li al-ʾAbḥāth wa al-Nashr, 3rd ed., 2020AD.

Nāṣir, ʿAlī, wa AlDlīmī, ʾAḥmad. al-ʾIdārah al-Ṣafiyah (in Arabic). Cairo: Dār al-Shurūq li al-Nashr wa al-Tawzīʿ, 2006 AD.

Qaṭṭāmī, Yūsuf. Istrātījiyat al-Taʿlīm wa al-Taʿallum (in Arabic). Amman: Dār al-Masīrah li al-Nashr wa al-tawzī, 2nd, 2015.

Rīdj, Natasha. Dawr al-Manāhij fī Khalq Iqtiṣād Mabnī ʿAlā al-Maʿrifah fī Dawlat al-ʾImārāt al-ʿArabiyah al-Mutaḥidah (in Arabic). Abu Dhabi: Markaz al-ʾImārat li al-Dirāsāt wa al-Buḥūth al-Istrātījiyah, 2011AD.

Ṣāʾigh, ʿAbd al-Raḥmān. al-Takhṭīṭ al-Tarbawī (in Arabic). Riyadh: Manshūrāt Jāmiʿat al-Malik Sʿūd, 2002AD.

Shaḥādah, Nuʿmān. al-Taqwīm wa Ḍamān al-Jawdah fī al-Taʿlīm al-Jāmiʿī (in Arabic). Abu Dhabi: Maṭbūʿāt Bijāmiʿat al-ʾImārāt al-ʿArabiyah al-Mutaḥidah, 1st ed., 2006AD.

Shākir, Maḥmūd Muḥammad. Risālatun fī al-Ṭarīqi ʾIla Thaqāfatinā (in Arabic). Jeddah: Dār al-Madanī, 1987AD.

Ṭaʿīmah, ʾAḥmad Rushdī. Taḥlīl al-Muḥtawā fī al-ʿUlŪm al-ʾInsāniyah (in Arabic). Cairo: Dār al-Fikr al-ʿArabī, 2004AD.



([1]) جلسات دورية حوارية تفاكرية تعقدها لجنة التنسيق لمقرر الثقافة الإسلامية منذ خريف 2016؛ لغرض تبادل خبرات التدريس، وتحسين أداء العملية التعليمية لمقرر الثقافة الإسلامية.

([2]) يوسف قطامي، استراتيجية التعليم والتعلم (عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع، ط2، 2015)، ص35.

([3]) محمد أبوبكر المصلح، "نحو توظيف معايير الفاعلية في تطوير مقرر الثقافة الإسلامية بجامعة قطر"، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر، مج34، ع2 (1438هـ/2016م)، ص312.

([4]) من توصيف مقرر الثقافة الإسلامية (خريف 2017- خريف 2021)، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، ص5.

([5]) نعمان شحادة، التقويم وضمان الجودة في التعليم الجامعي (أبو ظبي: مطبوعات جامعة الإمارات العربية المتحدة، ط1، 2006)، ص248.

([6]) للتعريف بكل نشاط يراجع: توصيف مقرر الثقافة الإسلامية، 2016-2022.

([7]) المستندات هي شرائح عرض لدروس أساتذة المقرر وصحائف تفكر المدرسين (من صفحة البلاكبورد المشتركة وأرشيف مكتب رئيس قسم العقيدة والدعوة).

([8]) عبد الرحمان صائغ، التخطيط التربوي (الرياض: منشورات جامعة الملك سعود، 2002)، ص3.

([9]) الجندي عادل، الإدارة والتخطيط التعليمي والاستراتيجي (الرياض: مكتبة الرشيد، 2002)، ص134.

([10]) دليل إرشادي متجدد وضعته كلية الشريعة والدراسات الإسلامية (ضمن جملة الوثائق)، يخضع لمعايير جودة التدريس، ويتضمن توجيهات تخص مضامين المحتويات والمفردات الخاصة بالمقرر.

([11]) محمد سعيد رمضان البوطي، الإنسان وعدالة الله في الأرض (دمشق: مكتبة الفارابي للنشر والتوزيع، 1976)، ص34،32.

 ([12]) عبد المجيد النجار، فقه التحضر (بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1999)، ص86.

([13]) محمد عياش الكبيسي، "مفهوم الولاء والبراء وصلته بفقه العلاقة مع الآخر (دراسة تأصيلية)"، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر، مج40، ع2 (1443هـ/2022م)، ص188.

([14]) علي ناصر وأحمد الدليمي، الإدارة الصفية (القاهرة: دار الشروق للنشر والتوزيع، 2006) ص8.

([15]) محمد حجاب، مهارات الاتصال للإعلاميين والتربويين والدعاة (القاهرة: دار الفجر للنشر والتوزيع، ط2، 2022)، ص49.

([16]) حسن حسين، وكمال زيتون، التعليم والتدريس من منظور البنائية (القاهرة: عالم الكتب، 2003)، ص486.

([17]) طه جابر العلواني، أفلا يتدبرون القرآن: معالم منهجية في التدبر والتدبير (القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر، 2010)، ص17.

([18]) رشدي أحمد طعيمة، تحليل المحتوى في العلوم الإنسانية (القاهرة: دار الفكر العربي، 2004)، ص70.

([19]) طه جابر العلواني، إصلاح الفكر الإسلامي - بين القدرات والعقبات (فرجينيا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط2، 1994)، ص4.

([20]) المصلح، "نحو توظيف معايير الفاعلية..."، ص279.

([21]) استعرض أساتذة المقرر بعضًا من نماذج مشاركات الطلبة ومستوياتهم، في حلقات تبادل الخبرات بين مدرسي المقرر (خريف 2018- خريف 2021).

([22]) وثائق امتحانات مقرر الثقافة الإسلامية 2017-2021.

([23]) تقرير عن المسار التطويري لمقرر الثقافة الإسلامية بجامعة قطر، دعمًا للتوصية برفع رقم المقرر إلى مستوى 200، إعداد/ لجنة تنسيق مقرر الثقافة الإسلامية خريف 2017، ص1.

([24]) تقرير عن المسار التطويري لمقرر الثقافة الإسلامية، ص12.

([25]) المرجع السابق نفسه.

([26]) محضر الورشة الأولى للجنة التنسيق والمتابعة لمقرر الثقافة الإسلامية - موجهات أسئلة الاختبارات، بتاريخ الأربعاء 18 نوفمبر 2020م، الموافق: 3 ربيع الثاني 1442 هـ، ص3.

([27]) فيصل سعيد بالعمش وآخرون، الثقافة الإسلامية، المستوى الثالث (جدة: دار حافظ للنشر والتوزيع، ط6، 2015). وقد حُددت القضايا المعاصرة في الآتي: الإسلام وحوار الحضارات، الإسلام وحقوق الإنسان، العولمة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، موقف الإسلام من الإرهاب. انظر: ص279-388.

([28]) انظر؛ رحيل غرابية وآخرون، الثقافة الإسلامية (الأردن: دار أسامة للنشر والتوزيع، 2017)، وقد حددت التحديات الثقافية في: 1- الغزو الثقافي: الاستشراق، والتبشير، والعلمانية، والعولمة، والتغريب؛ 2- الديمقراطية؛ 3- التعددية؛ 4- قضايا المرأة والأسرة، ص299-350.

([29]) حسن محمد عيسى عبد الظاهر وآخرون، الثقافة الإسلامية: التحديات المعاصرة (الدوحة: كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، 2008)، حددت تلك التحديات في الآتي: الصهيونية، والتنصير، والاستشراق، والعلمانية، والعولمة، ص327-568.

([30]) انظر؛ توصيف مقرر الثقافة الإسلامية المطور بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، في السنوات من 2016 وإلى تاريخه.

([31]) المصلح، "نحو توظيف معايير الفاعلية"، ص287.

([32]) مالك بن نبي، مشكلة الثقافة، ترجمة: عبد الصبور شاهين (دمشق: دار الفكر، ط17، 2015)، ص46-47.

([33]) المرجع السابق، ص67.

([34]) المرجع السابق، ص69.

([35]) المرجع السابق، ص67.

([36]) المرجع السابق، ص64.

([37]) محمود محمد شاكر، رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (جدة: دار المدني، 1987)، ص28.

([38]) المصلح، "نحو توظيف معايير الفاعلية"، ص30.

([39]) المرجع السابق، ص308.

([40]) يراجع: عبد الله محمد الأميري، التعليم المدرسي في دولة الإمارات: الطموح والواقع والتحديات (أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2012)، ص29-70؛ ناتاشا ريدج، دور المناهج المدرسي في خلق اقتصاد مبني على المعرفة في دولة الإمارات العربية المتحدة (أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2011)، ص79-112.

([41]) الأميري، التعليم المدرسي في دولة الإمارات، ص37.

([42]) ريدج، دور المناهج المدرسي في خلق اقتصاد مبني على المعرفة، ص95.

([43]) المرجع السابق، ص99.

([44]) المصلح، "نحو توظيف معايير الفاعلية"، ص297.

([45]) يراجع حول تعريف التعليقة وما يتصل بفلسفتها وتطبيقاتها: جورج مقدسي، نشأة الكليات: معاهد العلم عند المسلمين وفي الغرب، نقله إلى العربية: محمود سيد محمد (القاهرة: مدارات للأبحاث والنشر، ط3، 2020)، ص245-246؛ والصفحات: 30، 100، 173، 216، 217، 222، 241-258.