الثقافة الإسلامية في عصر صعود الأديان وتراجع الأيديولوجيات

عدنان محمد زرزور

أستاذ التفسير وعلوم القرآن والعقيدة والفكر الإسلامي في عدد من الجامعات العربية سابقًا - البحرين

dradnanzar39@gmail.com

تاريخ الاستلام: 11/9/2022                تاريخ التحكيم: 20/1/2023                 تاريخ القبول: 20/6/2023

ملخص البحث

أهداف البحث: يرصد البحث أخطر التحديات التي واجهتها الثقافة الإسلامية عبر مراحل التاريخ المختلفة، وكيف تغلبت عليها من خلال التعامل الصائب مع الكتاب والسنة، والفهم الصحيح المتكامل الجوانب لهذين المصدرين الخالدين، وأن هذا التعامل الذي ميز أو أفرز (أهل السنة والجماعة) أو الذي (عزل) فرق الضلال (وهي فرق سياسية/عقائدية، أو عقائدية سياسية)، وأخطرها الباطنية الضُّلال التي كانت تعبيرًا عن الشعوبية والزندقة، والانتصاف من الإسلام الذي انساح في الأرض وأسقط عروشًا وممالك وامبراطوريات.

منهج الدراسة: استخدم الباحث المنهج الوصفي، كما انتهج المنهج التحليلي الاستنباطي للوقوف على أخطر التحديات التي واجهت الثقافة الإسلامية من أعداء الداخل.

النتائج: من أهم النتائج التي توصل إليها البحث هو كيف نحفظ على الأجيال عقيدتها وإسلامها (العملي في الحياة اليومية إن صح التعبير)، ونحميها من السقوط في جحيم الإسلام المغشوش، أو "إسلام الضرار" الذي اجتمع على نصره وتأييده والقتال عليه أو دونه بأسنة الرماح علمانيو الأمس، وعلمانيو اليوم، وكفاره، ومشركوه في الشرق والغرب.

أصالة البحث: البحث يمتاز بالأصالة والعمق ودقة التشخيص، وهو ينسجم مع التطوير الجذري لمقرر الثقافة الإسلامية في جامعة قطر.

الكلمات المفتاحية: الباطنية، أهل السنة، الثقافة الإسلامية، إسلام الضرار، الأقليات

للاقتباس: زرزور، عدنان محمد. «الثقافة الإسلامية في عصر صعود الأديان وتراجع الأيديولوجيات»، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر، المجلد 42، العدد 1 (2024(، عدد خاص بالملتقى الدولي «مقرر الثقافة الإسلامية في الجامعات: تحديات الواقع وآفاق التطوير»

https://doi.org/10.29117/jcsis.2023.0370

©2024، زرزور، عدنان محمد. مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، دار نشر جامعة قطر. نّشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0

 


 

Islamic Culture in an Era of Religious Resurgence and Ideological Decline

Adnan Muhammad Zarzour

Professor of Quranic Exegesis, Islamic Dogma and Thought at various Arab universities (formerly)-Bahrain

dradnanzar39@gmail.com

Received: 11/09/2022                      Peer-reviewed: 15/06/2023                            Accepted: 20/06/2023

Abstract

Objectives: This study delves into the major obstacles that Islamic culture encountered across various historical eras, analysing how it successfully addressed them by engaging with the Quran and the Sunna while fostering a thorough and accurate understanding of these timeless sources. It explores how this engagement, a distinguishing feature of the adherents of the Sunni tradition (Ahl al-Sunna wal-Jamāʿa, i.e. those who follow the Quran & the Prophet's teachings), resulted in the isolation of deviant sects with political or ideological inclinations, especially the most dangerous among them, the Bāṭiniyya sect, which manifested itself as populism and heresy, combating Islam as it spread across the lands, toppling thrones, kingdoms, and empires.

Methodology: The author employed a descriptive method while adopting an analytical deductive approach to identify the most dangerous challenges Islamic culture faces from within.

Results: One of the most significant findings of this study is how to safeguard the beliefs and the practical application of Islam in daily life, protecting them from falling into the abyss of a distorted Islam or the "Islam of Harm." This harmful version of Islam has always found its supporters among secularists, idolaters and infidels, ever united in their struggle to defeat it.

Originality: This study's authenticity, depth, and precise diagnostic qualities are in harmony with the ground-breaking evolution of the Islamic Culture course at Qatar University.

Keywords: Bāṭiniyya; Ahl al-Sunnah; Islamic Culture; "Islam of Harm"; Minorities

 

Cite this article as: Zarzour, Adnan Muhammad. “Islamic Culture in an Era of Religious Resurgence and Ideological Decline”, Journal of College of Sharia and Islamic Studies, Volume 42, Issue 1 (2024),  Special issue on the International Symposium “The Islamic Culture Course in the Universities: Challenges and Development Prospects”

https://doi.org/10.29117/jcsis.2024.0370

© 2024, Zarzour, Adnan Muhammad. Published in Journal of College of Sharia and Islamic Studies. Published by QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, trans.form, and build upon the material, provided the original work is properly cited. The full terms of this licence may be seen at: https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0

 

 


 

مدخل تمهيدي

نعيش منذ نحو ربع قرن في عصر ما بعد السقوط الاشتراكي أو تواري الحقبة السوفياتية، وهو العصر الذي وصفناه في مناسبات سابقة بأنه عصر صعود الأديان وتراجع الأيديولوجيات، وقد يمكننا بقدر قليل من التجاوز وصفه بأنه عصر ما بعد العلمانية، وذلك بحق الدول والمجتمعات الأوروبية على الأقل بوصفها المجتمعات التي صنعت الحضارة السائدة أو التي ما تزال سائدة حتى الآن، مع الإشارة في هذا السياق إلى الأثر الإيجابي للعلمانية الأوروبية في النهضة والتقدم وقيام الحضارة، وإن كنا نصف هذه الحضارة عادةً بأنها (عقلية) بمعنى أن عقول (الفلاسفة) ومناهجهم في (المعرفة) هي التي صنعتها أو كانت السبب في قيامها في التاريخ الحديث([1]).

بعد السقوط الاشتراكي عاد "الشأن الديني" إلى الظهور بوجه عام، وكعامل حاسم في سياسات الغرب الداخلية والخارجية بوجه خاص. وقد كتبت هذا في العاصمة القطرية عام 1998 ومما قلته أو أضفته في مقدمة أحد الكتب حول هذا الموضوع في التاريخ المذكور ما يلي: "وحين يصل الأمر إلى أن يوافق البرلمان الروسي على تشريع يحظر التبشير الإنجيلي أو البروتستانتي المرتبطة بالكنيسة الأمريكية بخاصة حفاظا على "الأرثوذكسية" التي غبرت فيها روسيا ألف عام؛ فإن الأمر يشكل "محطة" لا بد من الإشارة إليها، خصوصا أمام ربط البرلمان المذكور بين المسيحية الأرثوذكسية وثقافة وتاريخ الشعب الروسي، علما بأن هذا الربط العام عندنا بين الثقافة والدين مبرر ومفهوم. وأشير هنا إلى أنه سبق للمؤرخ الروسي البارز "ديميتري ليخاتشيف" عام 1988 بين يدي تفكك الاتحاد السوفيتي، أو بعد بدء بوادره في دول بحر البلطيق وكان ذلك في العام المذكور بمناسبة الألفية المشار إليها أن وصف المسيحية بأنها "قوة إيجابية في التاريخ الروسي"، وقال: "إن المسيحية وحّدت روسيا عندما غزتها موجات المغول والتتار في العصور الوسطى"، وقال أيضا: "إن المسيحية لم تخلق أراضٍ وطنية وحسب بل أخلاق وطنية كذلك".

وقلت كذلك: "هذا بالإضافة إلى الكنيسة الغربية أو الأوروبية الكاثوليكية والبروتستانتية التي أضحت إحدى المكونات الرئيسة والفاعلة في النسيج المؤسسي "للمجتمع المدني" والتي بدأت تنازع هذا المجتمع بعض تصوراته وقيمه في الزواج والإجهاض والمخدرات، وبخاصة بعد السقوط الشيوعي الذي نتحدث عنه والذي لم تكن الكنيسة بعيدة عنه بحال فضلًا عن دورها الاجتماعي الأخلاقي، ودفاعها عن القوى المهمشة أو المستضعفة، ونشاطها الهائل الذي تموله الحكومات (العلمانية!) في حقل التبشير في إفريقيا وسائر أصقاع العالم".

"ولا ينطبق هذا فقط على المجتمعات الأوروبية أو الغربية التي شهدت العلمانية، بل ينسحب على الشعوب والمجتمعات الأخرى على وجه العموم لأنها بدأت بدورها رحلة العودة إلى الجذور الدينية والمذهبية مرةً اخرى. وقد يكون في وسعنا أن نعبر عن هذا بالقول: إن أحداث ووقائع القرن العشرين أثبتت أن القوميات والأديان والثقافات أرسخ في المجتمعات الإنسانية، وفي وجدان الأمم والشعوب، من أن تزول أو تمحى سواء أقلنا إن رحلة العودة إلى الذات، أو إعادة اكتشافها بدأت أو لم تبدأ بعد على مستوى بعض الأمم"([2]).

والأمر المهم الآن هو تأكيد الفرق بين صعود الإسلام وصعود باقي سائر الأديان، وبخاصة الدين المسيحي، بوصف الشعوب الأوروبية كما أشرنا هي صانعة الحضارة. إن هذه الشعوب لن تعود في حركة التاريخ الدائرية كما نعتقد وليس السهمية كما يعتقد الكثيرون، لأننا نؤمن (بتقدمية العلم) ولا نسلم بتقدمية التاريخ، لن تعود إلى الدولة الثيوقراطية أو الحياة والمجتمع الذي يقوده ويتحكم فيه رجال الدين؛ لأن حركة التاريخ هذه لا صلة لها بما نتحدث عنه لأسباب لا مجال هنا للحديث عنها، وبحسبنا القول: إن أوروبا وبعبارة أخرى: إن (الشأن الديني) الذي تحاول الكنيسة أن تستجيب له أو تنهض به اليوم أو بعد سقوط أحد شقي حضارتهم لا يعني شيئا متصلًا بهذه الحضارة؛ تجديدًا أو رضًا بالدين أو لا يعني شيئًا متصلًا على وجه الخصوص بالتقدم الذي أحرزته أوروبا في عصر النهضة يوم فصلت كلًا من الدولة والسياسة والتعليم (ومناهج المعرفة) عن الكنيسة. وإن شئت قلت: إن صعود الشأن الديني (المسيحي) بعد السقوط المشار إليه لا يحمل أي مدلول خاص أو إضافي أو جديد ثقافي أو حضاري. بل ربما أمكننا القول: إن الشأن الديني القديم أو الذي بقي مصاحبا للمسيحي الأوروبي كفرد بعد عصر النهضة أضحى معرضًا للامتحان والنقد، وبخاصة في نسخته الكاثوليكية وذلك في ضوء (العقل) وممارسات رجال الدين من جهة، وفي ضوء صعود الإسلام الذي نتحدث عنه من جهة أخرى.

وقد نكوِّن اليوم معادلة جديدة أثارتها عندنا مقولة الكاتب الأمريكي صمويل هنتنغتون، أو "نظريته" حول صدام الحضارات والتي خص فيها المسلمين والحضارة الإسلامية بالنصيب الأوفر من هذا الصدام، وبغض النظر عن لهجته التحذيرية للغرب والعالم من الإسلام وأفكاره التحريضية على المسلمين([3])، فإن هذا عندنا مفهوم ومبرر كذلك؛ نظرًا لقوة العامل الثقافي الديني ومفارقته في الحضارة الإسلامية للعامل الثقافي العقلي في الحضارة الغربية تمام المفارقة، أو على نحو لا يقبل الهيمنة أو الإلحاق أو الهضم والاستيعاب، وبغض النظر عن الصرح "العقلي" الذي أقامه القرآن والذي كان أشد رسوخًا وصلابة من العقل الذي قامت عليه (الفلسفة) أو حضارة القوم التي نتحدث عنها، وكما عرضنا له في بعض بحوثنا الأخرى.

 ونكتفي هنا بالقول: إن الحضارة الغربية السائدة أو على النحو القائم الآن في عصر العولمة، هي كما كانت من قبل في عصر الكشوف الجغرافية كما دعيت والفتح العسكري أو السياسي العسكري: حضارة استعمارية، أو حضارة هيمنة واستكبار، والاستعمار كما عرفه على نحو موجز معبر روجيه جارودي بقوله: "الاستعمار نهب وهو بالدرجة الأولى قتل"([4]).

ولهذا فإن الحضارة التي يمكن أن تنافسها أو تقف في وجهها، بل أن تخلفها ولو على المدى المتوسط أو البعيد، يجب أن تكون حضارة إنسانية تقوم على (الحق) وعلى الانضمام والمشاركة، وليس على (القوة) وعلى الضم والإلحاق. ولا يوجد في العالم الآن، كما لم يعرف التاريخ من قبل حضارة حملت السمة أو السمات الإنسانية، ودارت عجلتها على روح التوحيد والمساواة بين الأفراد والأمم والشعوب، سوى الحضارة الإسلامية.

لقد حارب القوم الإسلام منذ عصر الحروب الصليبية بمقدار حقدهم عليه، ويتصدون الآن لمحاربته بمقدار خوفهم منه وحاجتهم إليه وحقدهم عليه! وهكذا أضحى الإسلام العدو الجديد أو العدو الجديد القديم.

ولا نعتقد أننا كنا مغالين أو متشائمين، كما كتبنا كذلك في عام 1989 وقلنا: إن حروب القرن القادم سوف تكون "حروبًا حضارية"، وأنها سوف تكون في عالم الإسلام والمسلمين. وأذكر أنني أفدت فكرة الحروب الحضارية من المفكر المغربي البارز الدكتور مهدي المنجرة، رئيس الجمعية الدولية للدراسات المستقبلية، وأستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة محمد الخامس في الرباط عليه رحمة الله.

المطلب الأول: فكرة (الثقافة الإسلامية) في الجامعات

لقد ولدت فكرة (الثقافة الإسلامية) في الجامعات في أواسط القرن الماضي، وتطورت ووضعت فيها المقررات بمختلف توصيفها في الجامعات وأعتقد بهذه المناسبة أن توصيف جامعة قطر لهذا المقرر يتصدر هذه التوصيفات أمام ثقافة عصر الركود التي كانت سائدة في البلاد العربية والإسلامية، وفي مناخ العلمانية أو المناخ العلماني الذي كان سائدًا عندما تم افتتاح الجامعات ومن قبلها المدارس الحديثة في هذه البلاد. ولهذا فقد كان (تأسيس) هذا المقرر أو انطلاقه من تحديد سمات أو قسمات الثقافة الإسلامية وليس من منظور تاريخي أو تراثي في عالم تتوزعه ثقافات شتى، أو ثقافات كبرى متعددة، وتتصدرها الثقافة الغربية التي أشاعت أصلا المناخ العلماني المشار إليه، ولهذا فإن أهم التحديات التي كانت قائمة في ذلك الوقت أعني النصف الثاني من القرن العشرين بخاصة (جغرافية) وافدة من الخارج، وأعتقد أن هذه التحديات ضعف أمرها تمامًا، وكادت تتلاشى في عصر صعود الأديان الذي نتحدث عنه ونحن نسجل هنا أن الأيديولوجيات أو المذاهب المستعارة أو المنقولة ودع عنك وصفها بالمعاصرة كالقومية والوجودية والاشتراكية، والماركسية كذلك (التي وصفت بالاشتراكية العلمية!) فشلت جميعها في إلحاق الهزيمة بالإسلام أو في مجتمعات المسلمين، كما أنها لم تهدد حياة المسلمين ووجودهم بعد نهاية الحقبة الاستعمارية أو في أعقاب هذه الحقبة المريرة. بعبارة أخرى: لقد حققت الثقافة الإسلامية النصر على (مفرزات) الثقافة الغربية، بل على (العلمانية) بوصفها الحامل لهذه العقائد والمقولات، أو بدلالاتها المناقضة والعدائية (للدين) أي: وليس بكل مفاهيمها وميادينها.

وهذا يحتاج إلى تفصيل عرضت له في كتابي (جذور الفكر القومي والعلماني).

أما الثقافة الإسلامية (والشخصية الإسلامية كما ربطنا بينهما في مناسبات سابقة) في عصر صعود الأديان أو عصر ما بعد الاشتراكية؛ فإن التحديات في وجهها ليست جغرافية وافدة من الخارج، ولكنها (تاريخية) نابعة من الداخل بل هي (مستوطنة) فيه منذ مئات السنين، وأعني بها: التحديات القديمة التي قامت في وجه الإسلام والحضارة الإسلامية إبان النشأة والصعود والسيادة على "مسرح التاريخ" كما يقال والتي كانت أشرسها دون أدنى ريب: الباطنية والفكر الباطني الذي قام في فحواه على تفريغ القرآن الكريم من دلالاته وفحواه! والعجيب في هذه المسألة أن الباطنية (التي كانت تعبيرًا عن الشعوبية والزندقة، والانتصاف من الإسلام الذي انساح في الأرض وأسقط عروشًا وممالك وإمبراطوريات) إنما ازدهرت إن صح التعبير بعد فشل الملحدين والزنادقة في النيل من الإسلام وهم ينتقدون النبي - صلى الله عليه وسلم - والقرآن وأحكام الشريعة.. صراحةً في كتبهم كابن الراوندي وغيره. (وهم الذين تصدى لهم وردّ عليهم المعتزلة وسواهم من المتكلمين في الكتب التي عرفت بالنقوض).

وكأن التاريخ اليوم يعيد نفسه من أكثر من وجه وتحت أكثر من شعار أو عنوان!

الطعن المباشر فشل أو سقط، فاستعاضوا عنه بالنفاق تحت عنوان الظاهر والباطن، والقشر واللب، والإمام والعوام.. إلى آخر هذا الشريط، وهو شريط طويل جدا كما هو معلوم، ولكن لا بد لنا هنا، قبل المتابعة في عرض مشهد النفاق هذا في هذه الأيام الحالكة، من شيء من التفصيل لسقوط الطعن المباشر، والإشارة إلى جهود المتكلمين في الرد على الزنادقة والملاحدة، أو إلى بعض كتبهم في "النقوض" المشار إليها.

المطلب الثاني: جهود المتكلمين في الرد على الزنادقة والملاحدة

لقد ترجم ابن الجوزي (ت597) لابن الراوندي أو الريوندي كما ضبطها، وكما تابعه في ذلك الذهبي فيما بعد في كتابه سير أعلام النبلاء، تحت عنوان: "أبو الحسين الريوندي الملحد الزنديق"([5]).

قال ابن الجوزي: "ووقعت على كتبه، فمنها: كتاب (نعت الحكمة)، وكتاب (قضيب الذهب)، وكتاب (الزمرد)، وكتاب (التاج)، وكتاب (الدامغ)، وكتاب (الفريد)، وكتاب (إمامة المفضول)".

ثم قال رحمه الله: "وقد نقض عليه هذه الكتب جماعة، فأما كتاب (نعت الحكمة)، وكتاب (قضيب الذهب)، وكتاب (التاج)، وكتاب (الزمرد والدامغ)؛ فنقضها عليه أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي. وقد نقض عليه كتاب (الزمرد) أبو الحسين عبد الرحيم بن محمد الخياط، ونقض عليه أيضًا كتاب (إمامة المفضول) ...، وأما كتاب (الفريد) فقد نقضه عليه أبو هاشم عبد السلام بن علي الجبائي".

وقد اطلع ابن الجوزي على هذه الكتب، ونقل طرفًا من شُبه وأكاذيب بعض منها؛ قال في كتاب "نقض الدامغ" لأبي علي الجبائي؛ قال: "قال أبو علي الجبائي: قرأت كتاب الملحد الجاهل السفيه ابن الريوندي، فلم أجد فيه الا السفه والكذب والافتراء ... إلخ"([6]).

وقال: "وقال أبو هاشم بن أبي علي الجبائي: ابتدأ ابن الريوندي لعنه الله كلامه في كتاب الفريد فقال ... إلخ".

ويدور الكتاب فيما يبدو حول النبوة ودلائلها، وقد وجدت الإمام ابن حزم يرد على هذا الكتاب كذلك في كتاب له - رحمه الله - بعنوان: "الترشيد في الرد على كتاب الفريد"([7])، الأمر الذي يدل على سعة انتشار هذه الكتب فيما يبدو!

هذا، وقد أثنى الحافظ ابن كثير الدمشقي - رحمه الله - على عمل أبي علي الجبائي في هذه النقوض، بقوله: "وقد انتصب للرد عليه في كتبه هذه جماعة، منهم الشيخ أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي شيخ المعتزلة في زمانه، وقد أجاد في ذلك، وكذلك ولده أبو الهاشم عبد السلام بن أبي علي"([8]).

قلت: والذي نقض على ابن الريوندي: كتاب الزمرد وكتاب إمامة المفضول هو أبو الحسين عبد الرحيم بن محمد، المعروف بالخياط([9]).

وعنوان كتابه: "الانتصار والرد على ابن الراوندي الملحد".

والخياط من معتزلة بغداد، ومن رجال الطبقة الثامنة من طبقاتهم، وهي الطبقة التي وضع القاضي على رأسها

أبا علي الجبائي (ت303هـ) المشار إليه(1).

وأذكر هنا ما نقله ابن الجوزي عن بعض العلماء عن ابن الريوندي هذا قال ابن الجوزي: "وأنبأنا محمد بن أبي طاهر البزاز، قال: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي، عن أبيه قال: كان الريوندي يلازم الرافضة وأهل الإلحاد"([10]).

كما أضيف طرفًا مما قاله الجاحظ عن الشعوبية: "وأعلم أنك لم تر قومًا قط أشقى من هؤلاء الشعوبية، ولا أعدى على دينه، ولا أشد استهلاكًا لعرضه، ولا أطول نصبًا، ولا أقل غنمًا من أهل هذه النحلة ... إلخ"([11]).

نعود من هذا الطعن المباشر للإسلام، أو للقرآن وللنبي ﷺ إلى الحديث عن النفاق والمنافقين، أو إلى الباطنية الذين حلوا محل الزنادقة والشعوبيين ونحوهم. ونمهد لهذا الحديث بنقطة مهمة عن هؤلاء الباطنية، وهي أن رد دعاواهم ومزاعمهم، أو (نقض) عقائدهم مرّ بطورين:

الأول: حين تصدى لهذا الرد والنقض: كل من قاضي السنة أبو بكر الباقلاني وقاضي المعتزلة عبد الجبار بن أحمد، الأول في كتابه: "كشف الأسرار وهتك الأستار"([12]).

والثاني: في كتابه أو موسوعته الكلامية الجدلية "المغني في أبواب التوحيد والعدل"([13]).

فقد كان رد هذين العلمين من علماء الكلام عقديًا، أو فكريًا ثقافيًا. وكان هذا في عصر بني بويه([14]).

أما الطور الثاني الذي تم بعد نحو قرن، والذي تم بوجه خاص وعلى نحو عال على يد الإمام الغزالي، حيث لم يكتف رحمه الله بنقض عقائد الباطنية، ورد دعاواهم وتخاريفهم عقليا وثقافيًا فحسب، بل تعداه إلى نقد أساليبهم وطرائقهم في الإغواء والإضلال بوصفهم باتوا يشكلون خطرًا شديدًا على الحياة الاجتماعية والسياسية، فضلا عن الدين والعقيدة بطبيعة الحال.

وفي هذا يقول الإمام الغزالي: "ومقصدهم بذلك كله: الملك والاستيلاء، والتبسط في أموال المسلمين وحريمهم، والانتقام منهم فيما اعتقدوه فيهم وعاجلوهم به من النهب والسفك، وأفاضوا عليهم من فنون البلاء"([15]).

وأؤكد هنا على أساليب الباطنية التي تحدث عنها الإمام الغزالي، والتي سماها "درجات حيلهم"، وقال: إنهم "قد نظموها على تسع درجات مرتبة، ولكل مرتبة اسم"([16]).

هذا كما هو معلوم في ظل السلطنة السلجوقية، أو دولة السلاجقة العظام الذين حكموا بغداد من عام 447هـ بعد أن نجحوا في إقصاء بني بويه، وكان لوزيرهم نظام الملك الذي وزر لهم تسعًا وعشرين سنة الفضل الأكبر في مقاومة الفكر الباطني، والقضاء على "التشظي الثقافي" كما يمكن تسميته الذي أصاب حياة المسلمين في ظل البويهيين([17]).

وقد نجح نظام الملك بتحقيق الوحدة الفكرية أو الثقافية للمجتمع الإسلامي إلى حد كبير عن طريق المدارس التي افتتحها في العواصم الكبرى، والتي قامت مناهجها على المدرسة الكلامية الأشعرية كما هو معلوم.

المطلب الثالث: دور الباطنية في نشر ثقافة رفض الإسلام تحت مسمى التقية

لأن باطنية الرفض اليوم ينحون نحوها، أو ينسجون على منوالها في إشاعة دينهم وثقافتهم بين المسلمين، أو في أرجاء العالم الإسلامي، أو حيثما وجد تجمع للمسلمين في أركان المعمورة.. تسعفهم في ذلك إن صح التعبير عقيدة "التقية" التي نصت أحاديثهم على أنها "تسعة أعشار الدين"، وأنه "لا إيمان لمن لا تقية له"! وأذكر بهذه المناسبة أن هذه الأحاديث بلغت في كتابهم "الكافي" ثلاثة وعشرين خبرًا، جميعها عن أبي عبد الله جعفر الصادق، وأبيه، عدا خبر واحد صحح فيه أبو عبد الله حديثا روي عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه! ومنها عن أبي جعفر: "وأي شيء أقر لعيني من التقية، إن التقية جنة المؤمن". وروى الكليني والصدوق عن هشام بن سالم، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: "والله ما عبد الله بشيء أحب اليه من الخبء! قلت: وما الخبء؟ قال: التقية"([18]).

ولا أعلق على شيء من هذا كله، وإن كان عجب المرء لا ينقضي من دين تسعة أعشاره كذب! حتى لكأن الإيمان، أو حقيقته وتعريفه، أنه الإيمان بالكذب! كما لا أتحدث عن "صحة" هذه الأخبار، وأنها مما قاله الإمام جعفر الصادق (ت 148هـ) - رحمه الله - أم لا؛ لأنه حديث طويل عرضت لطرفٍ منه في بعض الكتب.

وأكتفي هنا بالقول: لقد رصدت ثقافة القوم، أو الثقافة التي أنجبها الدين الإمامي أو انبثقت عنه في مكان آخر وقد بلغت عندي مواصفاتها أو صفاتها نحوا من اثني عشر صفة، ولعلها انفردت بهذه الصفات من بين سائر الثقافات وفي مقدمتها: الثقافة الاسلامية، التي كانت تعبيرًا عن (الذات) وتحترم (الآخر) في حين أن الثقافة الإمامية تقوم على (رفض) الآخر، ولم أقف فيها على شيء يمكن عده تعبيرًا عن الذات! إلى جانب أنها ثقافة اللعن والتكفير، وقد تكون أسوأ ثقافة تكفيرية لاعنة عرفها التاريخ، كما أنها تلتصق بالآخر الملعون والمكفّر كل موبقاتها، على قاعدة المثل العربي: رمتني بدائها وانسلت. إلى جانب "تاريخية" هذه الثقافة وأنها تحيل الحسنات إلى سيئات، وتجعل المناقب مثالب... إلخ.

وأهم ما أود الإشارة إليه في هذا السياق: هو أن الشعوب أو (القوم) الذين آمنوا بها، أو حُملوا عليها! كُتب عليهم كما تشهد وقائع التاريخ أن يخرجوا من دورة الحضارة الإسلامية، بمعنى أنهم لم يعودوا جزءًا من العالم الإسلامي، وقد تكون لهم دورتهم الحضارية الخاصة بهم، وقد يكونون عادوا لحضارتهم القديمة قبل الإسلام، أو أنهم يعدون أنفسهم جزءًا أو تابعًا لحضارة العصر، وكل هذا مما يحتاج إلى دراسة وتحليل.

المطلب الرابع: الباطنية نقيض الإسلام

نعود الآن لنقول: إن مشهد اليوم يتصدره باطنية (الرفض) هؤلاء الذين يمكن أن يوصف (دينهم) الذي يسمى (إسلامًا) تقية ومصانعة، أو تحقيقًا للنفاق الذي أشرنا إليه بأنه "نقيض الإسلام" وأنه ليس تعبيرًا مذهبيًا عنه كما لا يزال يظن أو يعتقد: الخادعون والمخدوعون.

يضاف إلى ذلك أن "هدف" هذا الدين وغايته تمامًا ومن كل وجه وقد عكفت على قراءة مصادره الأساسية شهورًا متطاولة، هو إخراج المسلمين (أي الذين يوصفون كما قلت بالمسلمين السنة) من دينهم وتاريخهم، ولم أكن أدري حين كتبت هذا من سنوات: أن الوقائع على الأرض سوف تضيف إلى هذه الغاية: إخراج المسلمين كذلك من أرضهم وديارهم وأوطانهم، وتشريدهم، وقتل ذراريهم، والعدوان على أعراضهم بهمجية ووحشية وأحقادٍ وسخائم صدور لم يعرف التاريخ لها مثيلًا إلا في القليل، وربما لم يصل التتار والمغول في التاريخ، وفرنسا في الجزائر في التاريخ الحديث، إلى ما وصل إليه هؤلاء. وأقول عند هذه النقطة: إن على المسلمين أن يعلموا حق العلم أن هذا كله مما يأمرهم به دينهم، وتدفعهم إليه ثقافتهم. و(الأحاديث) والأخبار والوقائع كذلك في مصادرهم الأساسية تعد بالعشرات. وتحت يدي الآن على سبيل المثال حديث علي بن سويد السائي، وهو حديث طويل، روي في كتابهم "الكافي" ورواه أيضا صاحب كتاب "رجال الكشي"، وهو أوثق كتبهم في التراجم، قال "كتب الي أبو الحسن الأول (يعني موسى بن جعفر) وهو في السجن (أيام هارون الرشيد) قال: "وأما ما ذكرت يا علي ممن تأخذ دينك؟ لا تأخذ معالم دينك إلا من شيعتنا، فإنك إن تعديتهم أخذت دينك عن الخائنين الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم، إنهم اؤتمنوا على كتاب الله جل وعلا فحرّفوه وبدّلوه فعليهم لعنة الله، ولعنة رسوله، ولعنة ملائكته، ولعنة آبائي البررة، ولعنتي، ولعنة شيعتي إلى يوم القيامة ..."، وفيه: "وسألت عن أمهات أولادهم، وعن نكاحهم، وعن طلاقهم، فأما أمهات أولادهم فهن عواهر إلى يوم القيامة: نكاح بغير ولي، وطلاق لغير عدة ..."، وجاء هذا في سياق قوله - في رواية الكليني -: "ولا تلتمس دين من ليس من شيعتك، ولا تحبن دينهم، فإنهم الخائنون الذين خانوا الله ورسوله، وخانوا أماناتهم ... إلخ"([19]).

وقد روى الكليني ثلاثة وثلاثين حديثًا في ردة الصحابة، عقد لها الفيض الكاشاني بابًا خاصًا - في كتابه (الوافي) الذي جمع فيه كتبهم الأربعة تحت عنوان: "باب أن عامة الصحابة نقضوا عهدهم وارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم" ([20]).

ومما تجدر الاشارة إليه، في مسألة الردة هذه، والتي "تواترت" في الدين الإمامي، أن القاضي عبد الجبار الذي كان يكتب، وينقض الفكر الباطني، في ظل دولة بني بويه، وبعد أن تبنّوا الرفض والمناقضة والخروج عن الإسلام! لم يستطع أن يفصح تمامًا عن سبب هذه الردة المزعومة عندهم، فأشار إليها بدون ذكر الأسماء، فقال: "إنهم ربطوا هذه الردة بيوم الغدير، لأن رسول الله كما قالوا استخلف على أمته في هذا اليوم رجلًا بعينه، وقد أجابته إلى ذلك، وأظهرت السمع والطاعة! فلما قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أبطلوا ذلك وارتدّوا"، وأضاف القاضي مشيرًا إلى ما فعله معز الدولة البويهي، قائلًا: إن هذه الطائفة أي المكفرة للصحابة "في سنة نيف وخمسين وثلاثمائة اتخذت من هذا اليوم عيدًا، ليؤكدوا كذبهم في المهاجرين والأنصار في أنهم ارتدوا"([21]).

والأحاديث كذلك في حل سفك دماء المسلمين، وأخذ أموالهم، لا تخطئها العين في مصادرهم في كل عصور التدوين! نعم "عصور" بالجمع، وقد عرضت لهذا في كتابي "السنة النبوية بين أهل السنة والشيعة الإمامية".

ولا أدري ما "رأي" بعض أهل السنة المعاصرين فيمن يعتقد بتحريف القرآن وردّة الصحابة، ومن يقول: "إن أهل مكة يكفرون بالله جهرة، وإن أهل المدينة أخبث منهم بسبعين ضعفا"([22])، وإن "الأمة عاصية مفتونة بعد نبيها، وكلها ملعونة أشباه الخنازير" لعنت وتلعن إلى يوم القيامة، وإن "كل أصحاب الجمل ملعونون على لسان محمد... وأبو حنيفة ملعون، وعمر بن عبد العزيز يلعنه من في السماء. وبعض العشرة المبشرين بالجنة!"، ليسوا في النار فحسب؛ بل كما سمع علي من النبي صلى الله عليه وسلم! "في تابوتٍ في شعبٍ في جُبٍ في أسفل دركٍ من جهنم، على ذلك الجب صخرة، إذا أراد الله أن يسعر جهنم رفع تلك الصخرة"([23])... إلخ.

وشريط اللعن والتكفير والحض على القتل وسفك الدماء، واستحلال المحرمات... طويل جدًا.

المطلب الخامس: تمكين الغرب الصليبي للباطنية والأقليات من حكم العالم الإسلامي

والسؤال المهم الآن: هل وجد الغرب اليوم من يكفيه مؤنة حربه الحضارية الكبرى على الإسلام والمسلمين (أي السنة كما قلنا مرارًا) في القرن الحادي والعشرين الميلادي، حين وقع على هؤلاء، أو حين أعاد اكتشافهم من جديد، فعمل على التمكين لهم من رقاب المسلمين، ومن قيادة "الدول" التي يشكلون فيها أقلية بالقياس إلى عدد المسلمين الغالب أو الظاهر، وبكل وسيلة ممكنة سياسية أو اقتصادية أو عسكرية؟ الجواب: نعم، وإن شئت قلت: الجواب ما يراه الناس ويعيشونه كل يوم، لا ما نخطه على الصحائف والأوراق اليوم أو ما كتبناه بالأمس!

أعود الآن، وبمناسبة هذه الإشارة إلى الأقليات، إلى ما كتبته عام 1998 حول هذه الأقليات، ولم يكن يخطر لي يومها ببال أن الأمور سوف تصل إلى هذا الحد! قلت: "إن عدم تمتع الأقليات بحق المساواة قد يتخذ من قبل ما سمي بالنظام العالمي الجديد، ذريعةً للتدخل في شؤون العرب والمسلمين، كما حصل أيام الدولة العثمانية عن طريق ما سمي بالامتيازات الأجنبية، كما نخشى من التمادي في تبني الفكر العلماني تحت لافتة الدفاع عن حقوق هذه الأقليات أو مراعاة لخصوصياتها الدينية والثقافية حتى يصل الأمر إلى إهدار حقوق الأغلبية! أو حتى يحقق هذا الإهدار، الأمر الذي يفضي بنا من الوجهة العملية أو من الطرف الآخر إلى دكتاتورية الأقليّة.

"ويمكن تأكيد هذه النقطة بالإشارة إلى أن الاستعمار سبق له أن استغل أو وظف الوعي بالعروبة أو الوعي القومي العربي في حربه ضد العثمانيين في أوائل هذا القرن. وها هو النظام العالمي الجديد يحاول في نهايته استغلال تخوف الأقليات من عودة الإسلام؛ فبعد سقوط الاتحاد السوفيتي شكلت الأمم المتحدة عام 1992 هيئة خاصة بشؤون حقوق الأقليات، وفي الوقت الذي لم ترفض فيه الحركة القومية العربية! مساعدة الغرب الاستعماري، وكان فيها الكثير من أبناء هذه الأقليات وفي مواقع قيادية كذلك، فإن مما يثير التخوف حقًا ألا ترفض الأقليات اليوم شكلًا من أشكال التعاون مع الغرب، تحقيقا للمساواة، أو تحت عنوان: "الأمم المتحدة وحقوق الإنسان".([24])

أقرأ هذا الكلام الآن وقد مضى عليه نحو من ربع قرن وأشفق على نفسي أنني لم يخطر لي يومها ببال أن "الأقليات الدينية التي تدعي الإسلام أو تزعم أنها طوائف دينية إسلامية!" وهي لا تعدو أن تكون من الفرق الباطنية التي نتحدث عنها، لم يخطر لي ببال أن هذه الفرق سوف تعبر عن نفسها، أو عن حقيقة أديانها ومعتقداتها، من خلال التحامها مع (الأكثرية)- الباطنية في بعض البلاد غير العربية، أو في إحياء حلفها المقدس القديم معها من جهة، وبين هذه الفرق جميعها مع الغرب (الصليبي) الذي وصفناه في الاقتباس المشار اليه (بالاستعماري)- من جهة أخرى. وذلك لشنّ هذه الحرب المسعورة على الإسلام السني، وهو الإسلام اليوم وأمس وفي الغد كذلك.

المطلب السادس: تحصين طلاب الجامعات من تحدي الإسلام المغشوش (إسلام الضرار)

هذا الواقع الجديد يفرض علينا الآن أن نعيد النظر فيما ندرّسه لطلابنا وطالبتنا أو ما نلقيه على مسامعهم ونريد منهم أن يعوه ويحفظوه ويتمثلوه في حياتهم وواقعهم وسلوكهم في حياتهم اليومية وأن "نحصنهم" من هذا الدين الجديد القديم أو الإسلام المغشوش الذي يبشر به وينتصر له اليوم الشرق والغرب ويعملون على فرضه على شبابنا وأجيالنا وأمتنا الإسلامية بالكذب والتشويه، و" بتأويلات الباطنية القدامى أو الجدد"، وهي التأويلات التي قال عنها حجة الإسلام أبو حامد الغزالي - رضي الله عنه -: إنها تكذيبات عبر عنها بالتأويلات.

وبمناسبة الإمام الغزالي، مرة أخرى، فإنه خير من يؤتم به في هذا المقام، فقد صاغ كثيرًا من كتبه ورسائله في ضوء هذا التحدي (الباطني) الذي نتحدث عنه، ولا أعني كتابه "فضائح الباطنية"، فهو واضح بالتصدي لهم والرد عليهم، ولكن أعني رسائله العديدة التي أدارها حول الرد على هؤلاء "التعليمية" كما سماهم، وهو أحد الأسماء أو الألقاب العشرة التي قال إنها تطلق على الباطنية أو يسمون بها([25])، وأذكر من هذه الرسائل على سبيل المثال رسالته "القسطاس المستقيم"، وهي جزء أو ركن من أركان (المنهج أو المنطق العقلي) الذي استنبطه من القرآن، واستكمله في بعض رسائله القيمة الأخرى رحمه الله تعالى. ولطالما سخر من محدثه أو محاوره في الرسالة المشار إليها، والذي كان يؤمن بالإمام المعصوم الذي يناط به أمر الباطن المزعوم! وعلينا نحن اليوم أن نفعل نحوًا مما فعله أو نهض به الإمام الغزالي رحمه الله، بل قد يكون هذا في حقنا ألزم وأكثر، لأن ما فعله هؤلاء في عصر ازدهار وسيادة الحضارة الإسلامية، كانت الغاية منه تقويض أركان الأمة والمجتمع، وإزاحة الحضارة الإسلامية أو التعفية عليها! في حين أن ما يفعله باطنية اليوم، بالتعاون الوثيق مع سائر أعداء الإسلام والمسلمين في الشرق والغرب، ومع المرتدين عن الإسلام كذلك، الغاية منه: منع المسلمين من أن يبدؤوا عصر صعود حضارتهم من جديد، أو الحيلولة بينهم وبين الدعوة إلى "دينهم" وثقافتهم، والتبشير أو التمهيد لهذا الصعود مرة أخرى.

المطلب السابع: ما الذي يجب أن يقف عليه الطالب الجامعي في مقرر الثقافة الإسلامية

لم يعد يكفينا اليوم أن نقدم للأجيال، وللطالب الجامعي في هذه المرحلة المهمة من حياته "وتكوينه" الثقافة التي يعيش معها "وحدته" أو انسجام شخصيته من خلال وحدة وتكامل عناصر هذه الثقافة لم يعد هذا كافيًا، وإن كان هو الأساس في البناء والتشييد، بل لا بد أن يضاف إليه: أن يعيش معها امتداد هذه الشخصية عبر عصور تاريخه الطويل. وبخاصة في القرون الأولى التي شهدت ولادة وتأسيس المدارس الفكرية في الاعتقاد، من أشاعرة وماتريدية وسواهم، والمذاهب الفقهية في الفروع والأحكام من أحناف ومالكية وشافعية وحنابلة وسواهم.

لا بد أن يمتلئ الطالب ثقة واطمئنانًا إلى حاضره ومستقبل دينه وثقافته، من خلال وقوفه على أخطر التحديات التي واجهتها في هذا التاريخ، وكيف تغلبت عليها في التعامل الصائب مع الكتاب والسنة، والفهم الصحيح المتكامل الجوانب لهذين المصدرين الخالدين. وأن هذا التعامل الذي ميز أو أفرز (أهل السنة والجماعة) والذي (عزل) فرق الضلال (وهي فرق سياسية/عقائدية، أو عقائدية سياسية) وأخطرها الباطنية الضُّلال الذين نتحدث عنهم، عن الإسلام والمسلمين، ووضعهم مع (المنافقين).

هذا التعامل لم يكن في يوم من الأيام لا في عصر النهضة ولا في عصر الركود - ضالا ولا فاسدا، ولم يكن كذلك (مأزومًا) أو (تقية)، بل لم يكن فيه بقية من كذب وتزوير. ودع عنك هنا، أو في هذا السياق المهم - من يرفعون أصواتهم كل يوم في وسائل التواصل الاجتماعي، أو ممن يكتبون ويعيدون ويكررون ويصدعون الرؤوس قائلين: الأشاعرة فرقة ضالة وأنهم أهل ضلال، والماتريدية مثلهم، ومن قبل هؤلاء وهؤلاء: المعتزلة، وإن كان الحديث عن هؤلاء أضحى نادر الوقوع، لأن المجتمع الإسلامي أو المجتمعات الإسلامية - عبر عصور الحضارة الإسلامية اقتنعت أو اقتنع علماؤها ومفكروها بالمدرسة الأشعرية والماتريدية، وعزلوا شطط الفكر الاعتزالي إلى حد كبير، لكنهم لم يشتغلوا بالتكفير والتبديع والتفسيق كما يفعل حُدَّاث العقل والفهم ونحوهم في هذه الأيام، الذين يرمون هذه المدارس جميعًا عن قوس واحدة، ويعدونهم جميعًا وسائر من لا يتفق معهم هم في الفقه ضلالًا أو من الفرق الضالة، علمًا بأن الفرق لا علاقة لها بجميع هذه المدارس بدون استثناء! كما يظهر لكل دارس، وكما شرحناه في بعض بحوثنا الأخرى. وأقول هنا بغاية الوضوح: إن التطاول على الناس باحتكار فهم الإسلام أو الاعتقاد مرفوض. ولكن يا ليت الأمر في هذه المرحلة التي نتحدث عنها يقف عند هذا الحد، ولأن هذا التطاول الأرعن يكاد يأتي على مفهوم الإسلام (السني الذي نتحدث عنه) أو مفهوم السنة والجماعة بالمعنى التاريخي والمعنى المعاصر الذي يعيشه المسلمون (أي السنة) العرب والأتراك والهنود والبربر والأكراد، وسائر الشعوب الإسلامية.. وهو الذي صبغ (ثقافتهم) وصنع كذلك تاريخهم! إن فاعلية العقيدة الإسلامية وأثرها، ليس موقوفًا على تحديد "مكان" وجود الله، ولا على بعض وجوه التفسير، لما عرف بآيات الصفات، أو لبعض الآيات، أو تفسيرها على نحو ما ذهب إليه السلف! ولا يمكن أن يختزل الإيمان والاعتقاد أو يختزل التاريخ والحضارة بتفسير فلان للاستواء أو فلان للعرش أو للكرسي.. فضلًا عن لزوم الإيمان أو التسليم بأن (الكرسي) موضع قدمي الرب !، ونحو هذا من المسائل أو الغرائب! بحيث يقال عن كل مخالف لهذه الآراء والفهوم: إنه مبتدع وضال، وليس من أهل السنة! هذا مرفوض ومدان، وعلى هؤلاء أن يكفوا عن الوصاية على الأمة، وعن تمزيقها والطعن في علمائها ومفكريها، وعن تشويه حضارتها وتاريخها.

وأقول هنا بمرارة تكاد لا تنقطع، بل تكاد تقطِّع الأنفاس: أنني شهدت قومًا ممن أصاخوا السمع لهذا الكلام وأمثاله الذي يخرج من (أهل السنة) من صنعوا هذا المفهوم وحموه قرونًا متطاولة، شهدتهم وهم لا يتحسّرون على ما يصب على المسلمين (أقول: السُنة مرة أخرى) من أنواع العذاب أو وهم يقتلعون من ديارهم، ويعتدى على أعراضهم ويجري عليهم من أنواع العذاب والعدوان الهمجي، وبأحقاد "وثارات"، وسخائم صدور، ربما لم يشهد التاريخ مثيلًا لها من قبل! والسؤال: لماذا؟ والجواب: لأنهم ليسوا من أهل السنة والجماعة! والكلام في هذا أمثلة وشواهد، وفي أبواب شتى، طويل وموجع للقلب مع شديد الأسى!

والسؤال الأهم هو: أليست هذه حربًا شرسة أخرى تشن على الإسلام الحقيقي من داخل الصف لا من خارجه؟ وهكذا فإن أعداء (الخارج) يدمرون حاضر المسلمين ومستقبلهم، وخصوم الداخل، وضيقو العطن فيه ومعظمهم لا يعتد بالعقل والنظر، والفهم والاجتهاد، يدمرون الماضي والحاضر والله المستعان.

إن علينا اليوم ألا نغفل عن الطرح العلمي الدقيق والموثق كميزة كبرى من مزايا الثقافة الإسلامية، وهي: (الوحدة والتنوع) ضمن الإطار (السني) الجامع الذي نتحدث عنه، ونميز ذلك تمام التمييز عن (مقولات) الإسماعيلية وسائر الباطنية.

وأضع فيما يلي بين يدي الإخوة الزملاء القائمين اليوم على تدريس مقرر أو مقررات الثقافة الإسلامية في الجامعات عناوين بعض الموضوعات أو (الوحدات الدراسية) بغض النظر عن أن بعضها ربما ليس له وجود الآن في توصيفات هذا المقرر، وتحتاج إضافته إلى بعض المحاور أو (الوحدات الدراسية) الجديدة. في حين أن بعضها الآخر يمكن معالجته من خلال بعض المحاور أو الفقرات التي تجري العناية بها وتدريسها الآن. وفي هذه الحال يمكن إدراجه فيها، أو التعقيب به، بوصفه يمثل مناقضة وخروجًا عن هذا المعنى أو المفهوم المعروض، كأن أقول أو أعقب في عرض عقيدة التوحيد إن بعض من يدعي الإسلام، كالإسماعيلية أو الإمامية أو هؤلاء على الأقل، تنقض عقيدتهم في (الأئمة) الركن الأول والأساس الذي قام عليه الإسلام، بالإضافة إلى أنها تجعل من (طبيعتهم) شيئا أقرب إلى الخيال والخبال، ولقد تتبعت بوجه خاص الروايات والحكايات التي تتحدث عن هذه الطبيعة، فوجدتها أشد تعقيدا وبعدا من عقيدة النصارى في المسيح من حيث طبيعته أو طبيعتيه، ومشيئته - الواحدة أو مشيئتيه والتي دار حولها جدل واسع في تاريخ الكنيسة وتاريخ الاعتقاد عندهم.

وأورد هنا في بضعة أسطر معالم هذه العقيدة في الأئمة بذكر طرف من تراجم (عناوين) بعض الأبواب التي جاءت في كتاب (الحجة) من مصنفهم (الكافي) أو أصول الكافي "باب رقم 100 من هذا المصنف فما بعده"، أقول بعض الأبواب فقط:

-     باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل (5 أحاديث).

-     باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون متى يموتون، وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم (8 أحاديث).

-     باب أن الأئمة (عليهم السلام) يعلمون ما كان وما يكون، وأنهم لا يخفى عليهم الشيء صلوات الله عليهم (6 أحاديث).

-     باب أن الله عز وجل لم يعلّم نبيّه علما إلا أمره أن يعلمه أمير المؤمنين (أي سيدنا علي)، وأنه شريكه في العلم (3 أحاديث).

والقائمة طويلة جدًا([26]).. وهناك ما هو أبعد من هذا وأغرب وأعجب، وأكتفي بقول بعض علمائهم:

قال المحدث الحجة السيد عبد الله شبّر: "إن قياس الأئمة على أشخاصنا قياس مع الفارق، فإن عليهم مسحة من الصفات الإلهية"، وقال: "إن الأئمة لهم حالة روحانية برزخية أوّلية تجري عليهم فيها صفات الربوبية "([27]).

والطريف، بمناسبة أن عليًا شريك النبي في العلم، يروي الإمامية هؤلاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أعطيت جوامع الكلم، وأعطي عليٌ جوامع العلم"، فقد صار العلم كله هنا من اختصاص عليّ... إلخ.

قلت: ويمكن للإخوة الزملاء أن يتخيروا من هذه الموضوعات ما يرونه مناسبًا، وقد يقدمون الأهم على المهم، وذلك في ضوء هذه المقدمات، أو "توصيف الحالة التي نحن عليها الآن، إن رأوا أنها صواب، أو إن فيها جوانب منه إن شاء الله تعالى.

-     المدارس الفكرية (العقدية) والمذاهب الفقهية في الإسلام.

ويمكن عرض هذه المدارس والمذاهب، أو الإشارة إليها من خلال العنوان المشار إليه قبل قليل، وهو (الوحدة والتنوع في الثقافة الإسلامية وحضارة الإسلام).

-     قواعد التفسير وحدود التأويل.

-     أقول: بعيدًا عن ضيق العطن وتقزيم علماء الإسلام.

-     موقف الثقافة الإسلامية من الأقليات العرقية والدينية. أو موقعهم في المجتمع والحضارة الإسلامية.

-     بيئة الحضارة الإسلامية وخصائص هذه الحضارة.

-     لمحة عن منزلة الصحابة - رضوان الله عليهم - بوجه عام، وعن أعلام الفكر الإسلامي وحضارة الإسلام (في حدود صفحة أو صفحتين لكل علم من هؤلاء الأعلام)، وأعدّ منهم، أو يمكن أن يكتفى بالتعريف بهؤلاء الأعلام:

§      الإمام أبو حنيفة: الذي أسس مدرسة فقهية، ووضع الأصول والقواعد التي بنى عليها فيما بعد المذهب الماتريدي في الاعتقاد.

§      الأئمة: مالك والشافعي وأحمد بن حنبل، وهؤلاء أئمة الفقه والاجتهاد.

§      أما أعلام الفكر والاعتقاد، فهم (أبو منصور الماتريدي، أبو حسن الأشعري، الإمام الباقلاني، إمام الحرمين الجويني، حجة الإسلام أبو حامد الغزالي).

هؤلاء هم أبرز علماء الأمة في الفكر والاعتقاد قبل عصر سقوط بغداد عام 656 هـ، وهؤلاء جميعًا مع أئمة الاجتهاد في الفروع والأحكام، هم الذين تبعهم (المسلمون السنة)، أو (أهل السنة والجماعة) ورضوا اجتهاداتهم وفهومهم للكتاب والسنة، ومناهجهم في عرض العقيدة والذود عنها، ودرَّسوا كتبهم، وأشير هنا إلى أن العرب السنة (وهم أشاعرة)، والأتراك السنة (وهم ماتريدية)، ما يزالان رغم كل الخطوب أبرز جناحين في الإسلام السني وحضارة الإسلام.

علمًا بأننا في مقررات (الثقافة الإسلامية ) لا نعرض العقيدة من خلال هذه المذاهب أو سواها، ولكن الحديث ليس عن هذه المسألة، وأنا لم أعرضها - على سبيل المثال - على هذا النحو، وإن كانت الحالة الآن قد تستلزم استدعاء بعض التراثيات في هذا المقرر، وبدون التزام مذهبي ضيق، أو لا ضرورة له في هذا الاستدعاء، لأن القضية الآن - كما أوضحنا أننا لا نكتب في أعقاب عصر الركود، الذي "ضاعت" أو غيبت فيه عقيدة أهل السنة والجماعة، أو الإسلام السني الذي نتحدث عنه، أو الذي اختلطت فيه الأوراق كما يقال (حتى حسبنا ما ليس بدين دينًا، وما ليس بإسلام المسلمين، أي أهل السنة، إسلامًا)، كما لا نكتب كما أوضحنا أيضًا في هذا البحث في المناخ العلماني.

الخاتمة

-      القضية الآن وباختصار شديد: كيف نحفظ على الأجيال عقيدتها وإسلامها (العملي في الحياة اليومية إن صح التعبير) ونحميها من السقوط في جحيم الإسلام المغشوش أو "إسلام الضرار" والذي اجتمع على نصره وتأييده، والقتال عليه أو دونه بأسنة الرماح: علمانيو الأمس وعلمانيو اليوم وكفاره ومشركوه في الشرق والغرب.

-      هذه مسؤوليتنا ومسؤولية علمائنا ومفكرينا، ومسؤولية جامعاتنا ومعاهدنا. والله الذي لا إله غيره إننا لمسؤولون عن هذا يوم الدين.

-      وأخيرًا، فإن إعادة النظر في مفردات المناهج القائمة حاليًا لهذا المقرر، قد تستدعي حذف بعض الموضوعات، مثل نظام الحكم على سبيل المثال أو غيره من الموضوعات، لأكثر من سبب لا مجال للإطالة فيها في هذه العجالة، وقد نقتصر كذلك في عرض النظام الاقتصادي على صفحات قليلة في فلسفة الكسب والإنفاق، وتحريم الربا، ووظيفة المال، ونحو ذلك، والله تعالى أعلم.

المصادر والمراجع

أولًا: العربية

ابن الجوزي، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد. المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، ومصطفى عبد القادر عطا، بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1412هـ/1992م.

ابن بابويه القمي، محمد بن علي غفاري. معاني الأخبار. طهران: مكتبة الصدوق، 1379هـ/1959م.

ابن خلكان، شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر. وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس. بيروت: دار صادر، 1994م.

ابن كثير، إسماعيل بن عمر. البداية والنهاية، تحقيق: علي شيري. بيروت: دار إحياء التراث العربي، ط1، 1408هـ/1988م.

الأسد أبادي. أبو الحسين المعتزلي القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذاني، المغني في أبواب التوحيد والعدل، تحقيق: محمد مصطفى حلمي وأبو الوفا الغنيمي. مصر: المؤسسة المصرية العامة للتأليف والأنباء والنشر، [د.ت].

البلخي، أبو القاسم، والقاضي عبد الجبار، والحاكم الجشمي. فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة، تحقيق: فؤاد سيد. دمشق: دار الفارابي، 2017.

الجاحظ، عمرو بن بحر بن محبوب الكناني. البيان والتبيين. بيروت: دار ومكتبة الهلال، 1423هـ.

جارودي، روجيه. حوار الحضارات، ترجمة: عادل العوا. دمشق: دار الفكر [د.ت].

جبري، شفيق. الجاحظ معلم العقل والأدب. القاهرة: دار المعارف، 2001.

الخطيب البغدادي، أحمد بن علي بن ثابت. تاريخ بغداد، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا. بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1417هـ.

الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان. سير أعلام النبلاء، تحقيق: مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط، تقديم: بشار عواد معروف، بيروت: مؤسسة الرسالة، ط3، 1405هـ/1992م.

زرزور، عدنان. تداول الأيام لا نهاية التاريخ. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1420هـ/1999م.

–––. السنة النبوية وعلومها بين أهل السنة والشيعة الإمامية. عمًان: دار الأعلام للنشر والتوزيع، 2008.

شبر، عبد الله. مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار. بيروت: مؤسسة النور للمطبوعات، 1987.

الطبرسي، أحمد بن علي بن أبي طالب. الاحتجاج. منشورات الشريف الرضي [د.ت].

الطوسي، شيخ الطائفة أبو جعفر. اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي، تصحيح وتعليق: المعلم الثالث ميرداماد الاستربادي، تحقيق: السيد مهدي الرجائي. قم: مؤسسة آل البيت عليهم السلام طبع مطبعة بعثت، 1404هـ‍.

الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد الطوسي. فضائح الباطنية، تحقيق: عبد الرحمن بدوي. الكويت: مؤسسة دار الكتب الثقافية [د.ت].

الكاشاني، محمد بن مرتضى. الوافي. أصفهان: مكتبة الإمام أمير المؤمنين على العامة، 1430هـ/2009م.

الكليني، محمد بن يعقوب. أصول الكافي. بيروت: دار المرتضى للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، 1426هـ/2005م.

المقريزي، أحمد بن علي بن عبد القادر. المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار. بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1418هـ.

ثانيًا:

References:

al-Asad Abādī, Abū al-Ḥusayn al-Muʻtazilī al-Qāḍī ʻAbd al-Jabbār ibn Aḥmad ibn ʻAbd al-Jabbār al-Hamadhānī. al-Mughnī fī abwāb al-tawḥīd wa-al-ʻadl, taḥqīq: Muḥammad Muṣṭafá Ḥilmī wa-Abū al-Wafā al-Ghunaymī, (in Arabic), Miṣr: al-Muʼassasah al-Miṣrīyah al-ʻĀmmah lil-Taʼlīf wa-al-Anbāʼ wa-al-Nashr, [D. t].

al-Balkhī, Abū al-Qāsim, wa-al-Qāḍī ʻAbd al-Jabbār, wa-al-ḥākim al-Jishumī. Faḍl al-iʻtizāl wa-ṭabaqāt al-Muʻtazilah, taḥqīq: Fuʼād Sayyid, (in Arabic), Dimashq: Dār al-Fārābī, 2017AD.

al-Dhahabī, Shams al-Dīn Muḥammad ibn Aḥmad ibn ʻUthmān. Siyar Aʻlām al-nubalāʼ, taḥqīq: majmūʻah min al-muḥaqqiqīn bi-ishrāf al-Shaykh Shuʻayb al-Arnāʼūṭ, taqdīm: Bashshār ʻAwwād Maʻrūf, (in Arabic), Bayrūt: Muʼassasat al-Risālah, 3rd ed., 1405AH/1992AD

al-Ghazālī, Abū Ḥāmid Muḥammad ibn Muḥammad al-Ṭūsī. Faḍāʼiḥ al-bāṭinīyah, taḥqīq ʻAbd al-Raḥmān Badawī, (in Arabic), al-Kuwayt: Muʼassasat Dār al-Kutub al-Thaqāfīyah.

al-Jāḥiẓ, ʻAmr ibn Baḥr ibn Maḥbūb al-Kinānī. al-Bayān wa-al-tabyīn, (in Arabic), Bayrūt: Dār wa-Maktabat al-Hilāl, ʻām al-Nashr: 1423AH.

al-Kāshānī, Muḥammad ibn Murtaḍá. al-Wāfī. (in Arabic), Aṣfahān: Maktabat al-Imām Amīr al-Muʼminīn ʻalá al-ʻĀmmah, 1430HD/2009AD.

al-Khaṭīb al-Baghdādī, Aḥmad ibn ʻAlī ibn Thābit. Tārīkh Baghdād, taḥqīq Muṣṭafá ʻAbd al-Qādir ʻAṭā, (in Arabic), Bayrūt: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 1st ed., 1417AH.

al-Kulaynī, Muḥammad ibn Yaʻqūb. uṣūl al-Kāfī, (in Arabic), Bayrūt Lubnān, Dār al-Murtaḍá lil-Ṭibāʻah wa-al-Nashr wa-al-Tawzīʻ 1st ed., 1426AH/2005AD.

al-Maqrīzī, Aḥmad ibn ʻAlī ibn ʻAbd al-Qādir. al-mawāʻiẓ wa-al-iʻtibār bi-dhikr al-Khiṭaṭ wa-al-āthār, (in Arabic), Bayrūt: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 1st ed., 1418AH.

al-Ṭabarsī, Aḥmad ibn ʻAlī ibn Abī Ṭālib. al-iḥtijāj (in Arabic), Manshūrāt al-Sharīf al-Raḍī, [D. t].

al-Ṭūsī, li-Shaykh al-ṭāʼifah Abī Jaʻfar. ikhtiyār maʻrifat al-rijāl al-maʻrūf bi-rijāl al-Kashshī, taṣḥīḥ wa-taʻlīq al-Muʻallim al-thālith myrdāmād alāstrbādy, taḥqīq al-Sayyid Mahdī al-Rajāʼī, (in Arabic), Qum: Muʼassasat Āl al-Bayt ʻalayhim al-Salām Ṭubiʻa Maṭbaʻat Buʻithtu, 1404AH.

Ibn al-Jawzī, Jamāl al-Dīn Abū al-Faraj ʻAbd al-Raḥmān ibn ʻAlī ibn Muḥammad. al-muntaẓim fī Tārīkh al-mulūk wa-al-umam, taḥqīq: Muḥammad ʻAbd al-Qādir ʻAṭā, wa-Muṣṭafá ʻAbd al-Qādir ʻAṭā, (in Arabic), Bayrūt: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 1st ed., 1412AH/1992AD.                               

Ibn Bābawayh al-Qummī, Muḥammad ibn ʻAlī Ghaffārī. maʻānī al-akhbār, (in Arabic), Ṭihrān: Maktabat al-Ṣadūq, 1379AH/1959AD.

Ibn Kathīr, Ismāʻīl ibn ʻUmar. al-Bidāyah wa-al-nihāyah, taḥqīq ʻAlī shyry, Dār Iḥyāʼ al-Turāth al-ʻArabī, 1st ed., 1408AH 1988AD.

Ibn Khallikān, Shams al-Dīn Aḥmad ibn Muḥammad ibn Ibrāhīm ibn Abī Bakr. wafayāt al-aʻyān wʼnbāʼ abnāʼ al-Zamān, taḥqīq, Iḥsān ʻAbbās, (in Arabic), Bayrūt: Dār Ṣādir, 1994AD.

Jabrī,Shafīq. al-Jāḥiẓ Muʻallim al-ʻaql wa-al-adab, (in Arabic), Miṣr: Dār al-Maʻārif, 2001AD.

Rūjīh, Jārūdī. ḥiwār al-ḥaḍārāt, (in Arabic), Tarjamat ʻĀdil al-ʻAwwā Dimashq: Ṭubiʻa Dār al-Fikr [D. t].

Shubbar, ʻAbd Allāh. Maṣābīḥ al-anwār fī ḥall Mushkilāt al-akhbār (in Arabic), Bayrūt: Muʼassasat al-Nūr lil-Maṭbūʻāt, 1987AD.

Zarzūr, ʻAdnān. al-Sunnah al-Nabawīyah wa-ʻulūmihā bayna ahl al-Sunnah wa-al-Shīʻah al-Imāmīyah, (in Arabic), al-Urdun: Dār al-Aʻlām lil-Nashr wa-al-Tawzīʻ al-Urdun, 2008AD.

–––. Tadāwul al-Ayyām lā nihāyat al-tārīkh, (in Arabic), Bayrūt: Ṭubiʻa Muʼassasat al-Risālah, 1420AH/1999AD.



([1]) ونذكّر بهذه المناسبة بما تحدثنا عنه أو أشرنا إليه في بعض البحوث من أن الحضارة الإسلامية هي التي وسعت الفلسفة أو التي اتسع صدرها للفلسفة، وأن الفلسفة لم تكن السبب في قيام هذه الحضارة أو ازدهارها بحال.

([2]) انظر بقلم الكاتب: تداول الأيام لا نهاية التاريخ (بيروت: مؤسسة الرسالة، 1420هـ/1999م)، ص11-12.

([3]) كتاب "صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي" لصموئيل هنتنغتون، لا يفتقر إلى الإحاطة والشمول والرصانة الفلسفية التي تفتقر إليها مقولة فرنسيس فوكوياما الياباني المتأمرك "نهاية التاريخ والرجل الأخير"، على الرغم من مآخذنا الكثيرة على هنتنغتون، التي عرضنا لبعضها في عدة مناسبات سابقة. انظر على سبيل المثال: كتبه: الإسلام: وعي بلا تماسك، ص322-330؛ السياسات العالمية للحضارات، ص367 فما بعدها، والصفحات: 370-383 بعنوان: "الإسلام والغرب"؛ وانظر كذلك الفصل العاشر من الكتاب بعنوان "من الحروب الانتقالية إلى حروب خط الصدع"، ص425-453. وما أشرنا إليه في البحث يجده القارئ في صفحات هذا الفصل تحت عنوان: "حدود الإسلام الدامية"!! راجع الكتاب بترجمة مالك عبيد ومحمود خلف (مصراتة: الدار الجماهيرية بمصراته، 1999). وكنا قد رجعنا إلى طبعة سابقة ترجمت في مصر قبل ذلك. علما بأن طبعة الكتاب بلغته الأصلية الإنجليزية صدرت عام 1996م.

([4]) روجيه جارودي، حوار الحضارات، ترجمة: عادل العوا (دمشق: دار الفكر [د.ت]).

([5]) جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجوزي، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، ومصطفى عبد القادر عطا (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1412هـ/1992م)، ج12، ص108، في ذكر من توفي عام 298هـ. وانظر شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، سير أعلام النبلاء، تحقيق: مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط، تقديم: بشار عواد معروف (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط3، 1405هـ/1992م)، ج14، ص60.

([6]) ابن الجوزي، مرجع سابق، ج13، ص111، في ترجمة أَحْمَد بْن يحيى بْن إسحاق، أَبُو الحسين الريوندي الملحد الزنديق.

([7]) كتاب الترشيد في الرد على كتاب الفريد لابن الراونديِّ في اعتراضه على النبوَّات، مجلد [وسمَّاه الفيروز آبادي: كتاب التزهيد في بعض كتاب الفريد]، وهو مفقود.

([8]) أبو هاشم الجبائي: هو عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي (247-321هـ)، من كبار رجال المعتزلة له طائفة تنتسب إليه تسمى بالبهشمية، ويعتبر القاضي عبد الجبار من تلاميذه ورجال مدرسته. انظر: شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس، بيروت: دار صادر، 1994م)، ج1، ص292؛ أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1417هـ)، ج11، ص55.

([9]) انظر: أبو القاسم البلخي، والقاضي عبد الجبار، والحاكم الجشمي، فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة، تحقيق: فؤاد سيد (دمشق: دار الفارابي، 2017م)، ص74، 296. وكان أهمّ من نقض على ابن الراوندي كفرياتِه معاصرُه أبو الحسين عبد الرحيم بن محمد المعروف بالخياط. وقد نشر له المستشرق نيبرج كتابه «الانتصار والرد على ابن الراوندى الملحد ما قصد به من الكذب على المسلمين والطعن عليهم»، وكذلك عنى بالرد عليه معاصره أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي. وكان أهم من ورث عن ابن الراوندي إلحاده وزندقته وطعنه على الدين الحنيف، بل على جميع الديانات الطبيب أبو بكر محمد بن زكريا الرازي المتوفى سنة 320، وكان كيميائيّا ماهرا إلا أنه اتبع هواه وضل ضلالا بعيدا إذ مضى على هدي ابن الراوندي وأشباهه ينكر النبوات وألف في ذلك كتابه «مخاريق الأنبياء» وسقط بدوره من يد الزمن، إلا أن أبا حاتم الرازي أورد في كتابه «أعلام النبوة» اقتباسات كثيرة منه ردّ عليها ونقضها نقضا، وقد حلّلها الدكتور بدوي تحليلًا جيدًا، وأظهر أنه يتابع في حججه وأدلته ابن الراوندي، فالعقل يكفى وحده لمعرفة الخير والشر، ولا حكمة ولا داعي لإرسال الأنبياء، وأيضا لا معنى لأن يخصّ الله نفرا (يريد الأنبياء) من البشر لإرشادهم وتوجيههم، والناس جميعًا متساوون في الفطن والمواهب. وبرهانه المنكسر ما ذكره من أن الأنبياء متناقضون فيما بينهم، زاعمًا أن اختلافهم لم يصدروا فيه عن الله، جاهلا بأنه كان من حكمة الله أن يحدث هذا الاختلاف تخفيفًا على الناس ورحمة بهم.

وينقد الأديان عامة ويدخل فيها ديانات المجوسية، كما ينقد الكتب المقدسة، ويزعم أنها جميعها زاخرة بالتناقض، وأن خيرا منها للناس العلوم التي استنبطها الفلاسفة والعلماء بعقولهم. وهو خلط بين حاجات البشر المادية وحاجاتهم الروحية.

ولعل في هذا كله ما يصور نشاط الملحدين والزنادقة في العصر وكان لهم المعتزلة والمتكلمون بالمرصاد فنقضوا آراءهم وأوضحوا ما فيها من فساد وزيف ودحضوها دحضا.

([10]) ابن الجوزي، مرجع سابق، ج13، ص108.

([11]) عمرو بن بحر بن محبوب الكناني الشهير بالجاحظ، البيان والتبيين (بيروت: دار ومكتبة الهلال، 1423هـ)، ج3، ص14؛ شفيق جبري، الجاحظ معلم العقل والأدب (القاهرة: دار المعارف، 2001م)، ص72.

([12]) إسماعيل بن عمر بن كثير، البداية والنهاية، تحقيق: علي شيري (بيروت: دار إحياء التراث العربي، ط1، 1408هـ/1988م)، ج11، ص361.

([13])أبو الحسين المعتزلي القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذاني الأسد أبادي، المغني في أبواب التوحيد والعدل، تحقيق: محمد مصطفى حلمي وأبو الوفا الغنيمي (مصر: المؤسسة المصرية العامة للتأليف والأنباء والنشر، [د.ت])، ج17، ص363-368.

([14]) الأسرة الفارسية التي حكمت بغداد سلاطين متنفذين في ظل الخلافة أو الخليفة العباسي من سنة 334 إلى سنة 447هـ) وكانوا في الأصل شيعة زيدية، أو أقرب للزيدية وهي عقيدة الشريف الرضي، أو التي بقي عليها، وربما كان هذا سبب عزله عن نقابة الطالبيين أكثر من مرة من قبل السلطان البويهي، أو البويهيين الذين تحولوا عن هذه العقيدة إلى الرفض والباطنية في عامي 351 و352، كما بسطنا القول في ذلك في كتابنا: السنة النبوية وعلومها بين أهل السنة والشيعة الإمامية (عمًان: دار الأعلام للنشر والتوزيع، 2008م).

([15]) أبو حامد محمد بن محمد الطوسي الغزالي، فضائح الباطنية، تحقيق: عبد الرحمن بدوي. الكويت: مؤسسة دار الكتب الثقافية [د.ت])، ص14.

([16]) المرجع السابق، ص15.

([17]) يقول المقريزي: "واشتهرت مذاهب الفرق من القدرية والجهمية والمعتزلة والكرامية والخوارج والروافض والقرامطة والباطنية حتى ملأت الأرض". أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1418هـ)، ج2، ص358.

([18]) محمد بن مرتضى الكاشاني، الوافي (أصفهان: مكتبة الإمام أمير المؤمنين على العامة، 1430هـ/2009م)، ج5، ص689 (ح: 2887)؛ محمد بن يعقوب الكليني، أصول الكافي (بيروت: دار المرتضى للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، 1426هـ/2005م)، ج1، ص574؛ محمد بن علي غفاري ابن بابويه القمي، معاني الأخبار (طهران: مكتبة الصدوق، 1379هـ/1959م)، ص162.

([19]) الكاشاني، مرجع سابق، ج2، ص205-206.

([20]) المرجع السابق نفسه، ج2، ص184-215.

([21]) زرزور، السنة النبوية وعلومها، ج1، ص41-42؛ ج2، ص1173-1174.

([22]) الكليني، مرجع سابق، ج2، ص410.

([23]) انظر: أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، الاحتجاج (منشورات الشريف الرضي [د.ت])، ص161؛ شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي، اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي، تصحيح وتعليق: المعلم الثالث ميرداماد الاستربادي، تحقيق: السيد مهدي الرجائي (قم: مؤسسة آل البيت عليهم السلام طبع مطبعة بعثت، 1404هـ‍)، ص277-278 (ح278)؛ وراجع: زرزور، السنة النبوية وعلومها، ص12-13.

([24]) زرزور، تداول الأيام، ص22-23.

([25]) الغزالي، مرجع سابق، ص9.

([26]) انظر في الأبواب هذه وسواها: أصول الكافي، مرجع سابق، ص183 فما بعدها.

([27]) عبد الله شبر، مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار (بيروت: مؤسسة النور للمطبوعات، 1987م)، ج2، ص173.