مصطلح التفضيل في القرآن الكريم: دراسة مصطلحية

عادل الوادي

أستاذ باحث، مختبر العلوم الدينية والإنسانية وقضايا المجتمع،
كلية الآداب
، فاس سايس، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، المغرب

adil.elouade@usmba.ac.ma

تاريخ استلام البحث: 10/8/2022    

تاريخ تحكيمه: 14/11/2022              

تاريخ قبوله للنشر: 9/3/2023

ملخص البحث

أهداف البحث: اهتم هذا البحث بدراسة مصطلح التفضيل؛ للكشف عن مفهومه في نسقه القرآني؛ سعيًا إلى فهم معاني التفضيل وموقع الإنسان منها، ومن ثم تعريف هذا المصطلح القرآني؛ قصد زيادة فهمه وحسن استعماله.

منهج الدراسة: اتبع هذا البحث منهج الدراسة المصطلحية، الذي يجمع بين منهج الاستقراء في ركني الإحصاء والدراسة المعجمية، وكلًا من المنهج التحليلي في دراسة نصوص هذا المصطلح، والمنهج الاستنباطي في تعريف مصطلح التفضيل من خلال معانيه الجزئية التي حملتها نصوصه.

النتائج: تميز مصطلح التفضيل في القرآن الكريم، بأهمية مادته من حيث حجم الورود وتعدد الصيغ؛ مما دل على مركزية مفهومه كأساس من أسس الدعوة، وأصل تبنى عليه التكاليف، خاصة مع كثرة الأساليب وتنوعها بحسب السياقات؛ فأكد ذلك محورية هذا المصطلح، وارتباطه بمصير الإنسان، وقد خلصت الدراسة إلى التعريف الآتي: "التفضيل هو كل زيادة عطاء ورفعة، من الخالق تعالى تكريمًا وإحسانًا، مقصده الشكر والمغفرة، تام في الآخرة لا تلحقه إهانة".

أصالة البحث: إن دراسة مصطلح التفضيل داخل كل نصوصه، سلطت الضوء على أهمية مفهوم هذا المصطلح في ارتباطه بالإنسان، خاصة مع أهمية حجم ورود مادة التفضيل في القرآن الكريم، واختلاف الصيغ الصرفية التي وردت بها، وغيرها من الخصائص؛ مما يفتح آفاق دراسة هذا المصطلح في جميع امتداداته الداخلية والخارجية، وفهمه في النسق القرآني داخل أسرته المفهومية.

الكلمات المفتاحية: مصطلح التفضيل، المصطلح القرآني، السياق القرآني، الإنسان

للاقتباس: عادل الوادي، «مصطلح التفضيل في القرآن الكريم: دراسة مصطلحية»، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، المجلد 41، العدد 2 (2023)

https://doi.org/10.29117/jcsis.2023.0360

©2023، عادل الوادي، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، دار نشر جامعة قطر. نّشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0

 


 

The Term “Preference” in the Holy Qurʾān:

A Terminological Study

Adil Elouade

Professor and Researcher, Laboratory of Religious and Human Sciences and Social Issues,

Faculty of Letters and Human Sciences Saïs, Sidi Mohamed Ben Abdellah University, Fes, Morocco

adil.elouade@usmba.ac.ma

Received: August 10, 2022

Reviewed: November 14, 2022

Accepted: March 9, 2023

Abstract

Objective: This study examines the use of the Qurʾānic term “preference” (tafḍīl) to elucidate its meanings and the position of humanity concerning it and define it to enhance its understanding and proper use.

Methodology: This study follows a terminological approach that combines the inductive method in statistics and lexicography with the analytical method in studying the texts using the term “preference” and the deductive method in defining it through its partial meanings as occurring in the texts.

Results: The term “preference” holds an essential place in the Holy Qurʾān as it appears frequently and in various forms, indicating its centrality as a fundamental concept and a basis for obligations. The abundance and diversity of its applications in different contexts further highlight its importance, validating the central role of this term in its connection to the fate of humankind. The study concludes with a definition that describes preference as “an increase in grace and honour from the Almighty Creator, symbolising gratitude and forgiveness, and ultimately leading to completeness in the Hereafter, without any possibility of humiliation to follow.”

Originality: This study highlights the significance of the term “preference” for humankind, particularly due to its frequent occurrences and diverse grammatical forms in the Qurʾān. New avenues for studying the term’s inner and outer scope come into view and, more specifically, for understanding its applications in the Holy Qurʾān.

Keywords: “Preference” (tafḍīl); Qurʾānic terminology and context; Humankind

Cite this article as: Adil Elouade, “The Term “Preference” in the Holy Qurʾān: A Terminological Study”, Journal of College of Sharia and Islamic Studies, Volume 41, Issue 2, (2023).

https://doi.org/10.29117/jcsis.2023.0360

© 2023, Adil Elouade. Published in Journal of College of Sharia and Islamic Studies. Published by QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, trans.form, and build upon the material, provided the original work is properly cited. The full terms of this licence may be seen at: https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0

 


 

المقدمة

بحث الإنسان عما يحقق له النفع ويضمن له التفضيل، "فوجوده مغيّا بغايات، هي التي تمنحه قيمته الحقيقية"([1])، وقد خصّ القرآن الكريم مصطلح التفضيل بعناية خاصّة، كما أكّد من خلال الآيات حقيقة تفضيل بني آدم جميعًا دون فرق بينهم أو تمييز، فبيَّن لذلك سبلًا للمحافظة على هذه المكانة العظيمة، وحثّ على السعي إلى الفلاح عن طريقها، كما خصّ الله تعالى بتفضيله أمورًا عديدةً ذكرها في كتابه؛ لذلك انشغل هذا البحث بمحاولة تبين وبيان مصطلح التفضيل في القرآن الكريم، وذلك من خلال إعمال منهج الدراسة المصطلحية([2])الذي يفيد في فهم ألفاظ القرآن الكريم، هذه الألفاظ المكرَّمة التي لا سبيل إلى الإحاطة بكلام الخالق عزّ وجلّ إلا بفهمها.

"صحب التفكير في التجديد الديني مجموعة من المفاهيم التي كثر دورانها في وسائل الإعلام"([3])؛ فاهتمت دراسات عديدة بمفهوم التفضيل في القرآن الكريم، حيث اقتصر بعضها على استعراض أنواع التفضيل في القرآن الكريم وما ارتبط به، دون دراسة مصطلح التفضيل من خلال كل نصوصه، فتناول محمد عبد الخالق خله([4]) في بحثه: أنواع التفضيل، مبرزًا بعض هذه الأنواع في هذه الدراسة الموضوعية، أما عوني عدنان([5])،فاستعرض جملة من أنواع الفضل والتفضيل في القرآن الكريم، وسبل تحصيلها. ودرس أحمد فيصل([6])المشترك اللفظي لمادة فضل في القرآن الكريم دراسة دلالية، حيث تناول في الفصل الرابع: المشترك اللفظي في كلمة: (فضل) بحسب السياقات، وقد ذكر أنواع المشترك اللفظي، فحدد معنى الفضل في الآيات، إلا أنّه كسابقيه لم يدرس مصطلح التفضيل في كل نصوصه دراسة مصطلحية وافية؛ تتيح تعريف هذا المصطلح.

إن الدراسات الموضوعية السابقة للتفضيل كان مدخلها الموضوع لا المصطلح، أما الدراسات الدلالية: فاهتمت بدراسة ألفاظ التفضيل في علاقاتها بالمعاني؛ مما جعلها غير كافية للإحاطة بهذا المصطلح دقّة وشمولًا، كما أنّها لم تهتم بتعريف التفضيل انطلاقا من دراسة مصطلحه في نصوصه، وهذا ما سيحاول هذا البحث إنجازه.

المبحث الأول: مفهوم التفضيل في المعاجم

تستهدف الدراسة المعجمية هنا البحث عن معنى مصطلح التفضيل، خاصة في المعاجم اللغوية والاصطلاحية، وذلك قصد الوقوف على المعنى العام لجذره اللغوي، وكذا المعاني الخاصة لمشتقاته، مع ضبط المأخذ اللغوي للمصطلح وتحديد مداره، ثم محاولة الإحاطة بما تيسر من تعاريفه الاصطلاحية في تطورها التاريخي، مع إبداء بعض ما ظهر من ملاحظات، والاستفادة من ذلك في تبين التعريف الذي يرجى جامعا مانعا.

المطلب الأول: التفضيل في المعاجم اللغوية

إن تناول مفهوم التفضيل في المعاجم اللغوية يتطلب الوقوف على مادته: (فضل) في هذه المعاجم؛ لضبط مأخذها ومدارها اللغوي، ومن ثم تحديد معنى التفضيل في اللغة.

أولًا: مادة (فضل) في المعاجم: المأخذ والمدار اللغوي

‌أ-    المأخذ:

المتتبع لمختلف استعمالات مادة (فضل: الفاء والضاد واللام) في اللغة، يجدها منبثقة من الاستعمال الحسي الآتي: التوشح، جاء في العين للفراهيدي: "والتفضل: التوشح. ورجل فضل ومتفضل، وامرأة فضل ومتفضلة. وعليها ثوب فضل، وهو أن تخالف بين طرفيه على عاتقها تتوشح به"([7])، وجاء في الصحاح: "وتَفَضَّلَتِ المرأةُ في بيتها، إذا كانت في ثوب واحد. وذلك الثوب مِفْضَلٌ"([8]).

جاء عند ابن فارس في المقاييس: "ويقال المتفـضل: المتوشح بثوبه"([9])، قال ابن سيده: "والتَّفَضُّلُ: التَّوَشُّح... والمِفْضَلَةُ: الثوبُ الذي تَتَفَضَّل فيه المرأةُ"([10])، فالتوشح زيادة ثوب له بقيّة، فيه رفعة وجمال وخير وإحسان.

مما سبق يمكن القول إن مأخذ مادة (فضل) هو: التوشّح، وترتبط بالمأخذ المعاني الآتية: الزيادة([11])، البقية([12])، الإحسان([13])، الخير، والرفعة، والشرف، والجمال([14]).

‌ب-      المدار:

أصل مادة(فضل): في المعاجم اللغوية مرتبط بالمأخذ اللغوي، فهو لا يخرج عن معاني الزيادة، قال ابن فارس: "الفاء والضاد واللام أصل صحيح يدل على زيادة في شيء، ومن ذلك الفضل: الزيادة والخير، والإفضال: الإحسان"([15]).ويؤكّد هذا الأصل حسن جبل بقوله: "الفضل: زيادة من مادة الشيء متميزة عنه"([16]).

أيضًا التفضيل من معاني التكريم، جاء في شمس العلوم: "وكَرُم كرامةً فهو كريم: أي عزيز فاضل، قال الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ١٣[الحجرات: 13]؛أي: أفضلكم وأعزَّكم وأرفعكم منزلةً عند الله"([17]).

مما سبق يتضح جليّا أن أصل مادة التفضيل(فضل): واحد، وهو الزيادة في الشيء على ما كان لازمًا مقررًا، وتدور حول هذا الأصل معان كثيرة([18])كالخير والباقي، والإحسان والتكريم والشرف والرفعة عن النقص.

ثانيًا: معنى التفضيل في اللغة

التفضيل على وزن (التفعيل)،  من "فَضَّلْتُهُ على غيره تَفْضيلًا، إذا حكمت له بذلك، أي صيَّرته كذلك"([19])، و"أَفْضَلَ الرجل على فلان وتفَضَّل بمعنى إِذا أَناله من فضله وأَحسن إِليه والإِفْضال: الإِحسان"([20])، "وفضَّله على غيره تفضيلًا: مزّاه أي أثبت له مزيّة، أي خصلة تميزه عن غيره، وفضَّله: حكم له بالتفضيل أو صيّره كذلك... وتفضّل عليه: تمزّى ومنه قوله تعالى: (يريد أن يتفضل عليكم) أي يكون له الفضل عليكم في القدر والمنزلة. أو تفضل عليه: إذا تطوّل وأحسن وأناله من فضله، قال الشاعر:متى زدت تقصيرًا تزدني تفضلا... كأني بالتقصير أستوجب الفضلا"([21]).

قال المصطفوي: "وفضَّلته على غيره تفضيلًا: صيرته أفضل منه... فالفضيلة: ما يزيد على ما هو اللازم الجاري. والإفضال: هو الإعطاء زائدًا على ما هو المعمول المقرر. والمتفضل: من يدعي زيادة على ما هو المتعارف المتوقع"([22]).

إن تحديد معنى التفضيل لغة، يبنى بالأساس على مأخذ مادة (فضل) وأصلها في اللغة، كما أنه يتأسس على ما ذهب إليه أهل المعاجم فيذكر معاني التفضيل.

بناءً على أصل ما تركب من (فضل) والذي هو الزيادة في الشيء، وما يدور حوله من معاني الخير والإحسان والتكريم والرفعة عن النقص، فإن التفضيل في اللغة هو: التشريف في الذات والزيادة في الإحسان، والترفع عن النقص؛ لرفعة في الشأن.

المطلب الثاني: التفضيل في المعاجم الاصطلاحية

إن تعريف التفضيل في المعاجم الاصطلاحية، ارتبط ارتباطا وثيقا بالمفهوم اللغوي، إلا أنه اختلف من معجم لآخر، وفقًا لاختلاف الحقول الدلالية لأصحابها، في إطار السيرورة الزمنية لتأليف هذه المعاجم؛ فانعكس ذلك على تعريف هذه المعاجم لمصطلح التفضيل في ضوء نصوص القرآن الكريم.

نظرًا لما سبق، لابد من إيراد بعض تعريفات أصحاب المعاجم للفضل؛ لما قد تحمل تلك التعريفات من معانٍ تخصّ التفضيل، فالبعض قصر الفضل على المعنى المادي، بينما جعله آخرون مرتبطًا بعموم المعنى اللغوي، فوضع بعض الشروط والأقسام والتفريعات؛ لذلك اهتم هذا المبحث باستعراض ما تحصّل من بعض أهم هذه التعريفات، مع محاولة تسجيل جملة من الملاحظات.

1-    في المفردات للراغب الأصفهاني (ت 502هـ)

قال الراغب: "الفضل: كل عطية لا تلزم من يعطي... والفضل: الزيادة عن الاقتصاد... وهو ضربان: محمود: كفضل العلم والحلم، ومذموم: كفضل الغضب على ما يجـب أن يكـون عليه، والفضل في المحمود أكثر استعمالًا، والفضول في المذموم..."([23]).

يلاحظ على هذا التعريف الآتي:

-      اعتبر الراغب الفضل عطاءً غير ملزم لصاحبه، فإلزام المعطي في العطاء لايعتبره الراغب فضلًا.

-      بنى التعريف على أصله اللغوي المرتبط بالزيادة عن الاقتصاد، وهو مازاد عن الحاجة في المعتاد، فكل اقتصاد أو ما دونه لا يعتبره فضلًا.

-      ميّز بين الفضل الممدوح وهو أكثر ما يستعمل له اللفظ، وآخر مذموم وهو القليل.

-      قسم الفضل إلى أنواع([24]): اعتبارًا للجنس والنوع والذات، وبيّن ما يمكن التنافس فيه، وما هو عطيّة من الله يخص من شاء بها دون غيره، وفي ذكره لهذه الأنواع تمييز ضمني بين الفضل والتفضيل، وإن لم يذكر ذلك صراحة أو يميزه تعريفًا.

2-    في التعريفات للجرجاني

جاء في تعريف الجرجاني: "الفضل: ابتداء إحسان بلا علّة"([25]).

 يلاحظ في هذا التعريف أنه:

-      اعتبر الفضل ابتداء إحسان، فكل إحسان لم يكن بالسبق والابتداء، لا يعتبره فضلا، وهذا يخرج كثيرا من الإحسان الذي لا يكون ابتداء، كرد الجميل وكل عمل يقابل الإحسان بالإحسان.

-      اشترط انتفاء العلة، فكل فضل له علّة، لا يدخله هنا، كما أنه عرف الفضل دون تمييز بينه وبين التفضيل.

3-    في التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي

قال المناوي: "الفضل إذا استعمل لزيادة حسن أحد الشيئين على الآخر، ثلاثة أضرب: فضل من حيث الجنس...وفضل من حيث النوع...وفضل من حيث الذات...قد يكون عرضيا لا يمكن اكتسابه ومن هذا النحو التفضيل المذكور في قوله تعالى:﴿وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعۡضَكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ فِي ٱلرِّزۡقِۚ فَمَا ٱلَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزۡقِهِمۡ عَلَىٰ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ فَهُمۡ فِيهِ سَوَآءٌۚ أَفَبِنِعۡمَةِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ٧١[النحل: 71]؛ وكل عطية لا يلزم إعطاؤها لمن تعطى له يقال لها: فضل، نحو:﴿وَسۡ‍َٔلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضۡلِهِۦٓۚ [النساء: 32]"([26]).

من أهم ما يمكن ملاحظته بخصوص تعريف المناوي:

-      عرف الفضل بزيادة حسن شيء على آخر، وهو هنا اعتمد الأصل اللغوي الذي يفيد الزيادة.

-      جعل التفضيل من أنواع فضل الذات العرضي الذي قد لا يمكن اكتسابه، كتفضيل الله تعالى الناس بعضهم على بعض في الرزق.

-      اعتبر الفضل عطاء من غير إلزام، فأخرج من الفضل كل عطاء واجب.

رغم أهمية هذا التعريف، فحدود التفريق بين الفضل والتفضيل غير واضحة تمامًا، خصوصا مع استعمال التعريف عبارات تفيد الاحتمال.

4-    في الكليات للكفوي

قال الكفوي: "الفضل والفاضلة: الإفضال وجمعهما فضول وفواضل، والفضائل هي المزايا غير المتعدية، والفواضل هي المزايا المتعدية والأيادي الجسيمة أو الجميلة، والمراد بالتعدية: التعلق كالإنعام أي إعطاء النعمة وإيصالها إلى الغير لا الانتقال، والفضل بمعنى كثرة الثواب في مقابلة القلة، والخير بمعنى النفع بمقابلة الشر، والأوّل من الكيفية والثاني من الكمية... وفضَّل الإنسان على سائر الحيوانات بأمور خلقية طبيعية ذاتية، مثل العقل والنطق والخط وغيرها، وهو التكريم. واكتساب العقائد الحقة والأخلاق الفاضلة بواسطة ذلك العقل هو التفضيل"([27]).

يلاحظ على هذا التعريف، الآتي:

-      ميز التعريف بين الفضل والإفضال، فالفضائل جمع الفضل، وهو لازم ومعناه كثرة الثواب أما الإفضال وجمعه الفواضل فهي مزايا متعدية إلى الغير.

-      اعتبر التفضيل هو اكتساب الإنسان العقائد الحقّة والأخلاق الفاضلة بواسطة ما كرَّمه الله من عقل ومن أمور خلقية طبيعية ذاتية، وهو هنا ميز بين التكريم والتفضيل.

-      ميز بين الفضل من حيث الجنس([28])، ومن حيث النوع حيث لا سبيل إلى إزالة النقص، أما الفضل من حيث الذات فهو مكتسب يمكن تحصيله.

يمكن اعتبار هذا التعريف مميزًا؛ لتفريقه بين معاني الفضل بأنواعه، ومعاني الإفضال والتفضيل، مع بناء ذلك على الأصل اللغوي المرتبط بالكثرة والزيادة، إلا أنه حصر تعريف التفضيل فيما يكتسبه الإنسان من عقائد وأخلاق فاضلة بواسطة عقله، وما كرّمه الله به من أمور خلقية طبيعية ذاتية.

الخلاصة

مما سبق، يمكن القول إن التفضيل في المعاجم الاصطلاحية ارتكز بشكل ملحوظ على الجوانب الآتية:

-      ربط التفضيل بأصله اللغوي، المرتكز على معاني الكثرة والزيادة الممدوحة، وهي أكثر ما يستعمل اللفظ له.

-      تعلق مادة (فضل) بالخير والشرف والثواب، والإحسان بلا علة، والعطاء الذاتي غير الملزم.

-      شمول بعض التعاريف للفظ الفضل: معاني التفضيل، فعرفت الفضل وذكرت أنواعه، كما ضمت بعضها لفظ التفضيل وأشارت إلى معانيه. 

-      اعتبر المناوي التفضيل من أنواع فضل الذات العرضي الذي قد لا يُستطاع اكتسابه، كتفضيل الله تعالى الناس بعضهم على بعض في الرزق.

-      ميّز الكفوي التفضيل عن الإفضال والفضل؛ حيث إن الفضل لازم والإفضال متعد إلى الغير، أما التفضيل فهو عنده اكتساب الإنسان العقائد الحقّة والأخلاق الفاضلة؛ بواسطة ما كرَّمه الله به من عقل ومن أمور خلقية طبيعية ذاتية.

بناء على ما سبق، يمكن استخلاص الآتي:

أولًا: اعتمدت المعاجم الاصطلاحية المعنى اللغوي للتفضيل، الذي هو الزيادة في الشيء، وما يدور حوله من معاني الخير والإحسان والتكريم والرفعة عن النقص.

ثانيًا: ما سبق من تعريفات التفضيل، رغم أهميتها، لا يخلو من ملاحظات، فما هو إذن مفهوم التفضيل الذي تدلّ عليه الآيات الواردة في القرآن الكريم؟ سيحاول المبحث الثاني بحول الله، الوقوف على الآيات مواطن الورود، ثم ضبط العناصر الدلالية التي تحملها، لعلّ ذلك يُعين على تبيُّن مفهوم التفضيل في القرآن الكريم.

المبحث الثاني: التفضيل في القرآن الكريم

إن تحديد مفهوم التفضيل في القرآن الكريم، ووضع تعريف مناسب له يتطلب إضافة لما سبق من نتائج الدراسة المعجمية، الاعتماد على دلالات هذا المصطلح في النصوص التي ورد فيها.

المطلب الأول: ورود مادة (فضل) في القرآن الكريم

وردت مادة (فضل) في القرآن الكريم مئة وأربع مرات، في عدد كبير من السور: إحدى وثلاثين سورة، ستة عشر منها مكية، وهذه عناية كبيرة بمفهوم التفضيل عبر مشتقاته؛ استلزم إيرادها وبيانها في سياقات كثيرة، تعددت بتعدد هذه السور.  

-      الجدول (1): مادة التفضيل في سور القرآن الكريم

السور التي وردت فيها مادة (فضل)

عددها

عدد الورود في كل سورة

المجموع

الأنعام الأنفال سبأ الدخان الفتح الحجرات الحشر القصص الرعد المؤمنون المزمل يوسف غافر الأحزاب

14

1

14

الأعراف الجاثية المائدة الشورى

4

2

8

يونس الجمعة الروم هود النحل

5

3

15

فاطر النمل

2

4

8

التوبة الحديد

2

5

10

النور الإسراء آل عمران

3

8

24

البقرة

1

11

11

النساء

1

14

14

المجموع

32

 

104

ومن خلال التتبع والاستقراء، نخلص إلى ما يلي:

-      أعلى عدد مرات ورود المادة في السور هو أربع عشرة مرة، وكان في سورة النساء، تلتها سورة البقرة، وهما سورتان مدنيتان؛ فسورة النساء التي تضمنت أعلى ورود، غلب فيها ذكر الأحكام والآداب الداعية إلى الإحسان والتضامن والتكافل، على أساس من التوحيد والتقوى، هذا الأساس المتين الذي بني عليه أيضا ما جاء في سورة البقرة، حيث تكرّر التذكير بفضل الله عز وجل على الناس، كلما ذكرت تلك الأحكام والآداب الهادية إلى الزيادة في الخير والإحسان والإفضال.

-      يؤكد أهمية مادة التفضيل انتشار زهاء 76% منها في 30سورة، أي في حوالي 94% من مجموع السور التي بها ورود مادة المصطلح، وتركزت أزيد من 24% من هذه المادة في سورتي البقرة والنساء؛ وهذا راجع لما ذُكر أعلاه إجمالا؛ مما استوجب الاهتمام بما ورد في السور من تلك المعاني الجزئية لمصطلح التفضيل.

-      وردت مادة التفضيل مرة واحدة في أربع عشرة سورة، أي أن زهاء 50% من مجموع سور الورود، بها حوالي 13% من مادة (فضل)، وهذا حرص على ذكر مادة التفضيل ولو مرة واحدة على امتداد أربع عشرة سورة، تأكيدًا على أهمية مفهوم التفضيل. ومن اللطيف أن يكون عدد السور التي بها أدنى ورود (14)، هو نفسه عدد الورود في سورة النساء التي بها أعلى ورود.

-      انقسمت مادة التفضيل في القرآن الكريم بين ست عشرة سورة مكية، وخمس عشرة سورة مدنية؛ وفي ذلك تقارب في عدد السور، مع استمرار متوازن من حيث عدد السور بين القرآن المكي والقرآن المدني، في التذكير بفضل الخالق في سياقات مختلفة، وبصيغ متنوعة تناسب تلك السياقات، مع اختلاف يتلاءم مع طبيعة الخطاب القرآني العقدي بمكة، وينسجم مع طبيعة الخطاب التشريعي بالمدينة، فكان لحجم ورود ما نزل من القرآن في المدينة من مادة التفضيل النصيب الأكبر: (63 مرة)، بينما كان الحجم لما نزل منه بمكة أقل منه بقليل: (41 مرة).

-      احتوت أربع سور مدنية: (البقرة، النساء، آل عمران، النور) إضافة إلى سورة الإسراء المكية: 55% من مادة التفضيل؛ وهذا مؤشر من جهة على أهمية ما ورد في هذه السور للدلالة على مفهوم التفضيل، وما ارتبط به من معاني في سياقات ما نزل من القرآن في المدينة، ومن جهة أخرى دال على أهمية سورة الإسراء، باعتبارها سورة حازت أعلى نسبة ورود بين السور المكية.

-      ما ذكر يبيّن الامتداد الكبير لمادة التفضيل عبر سور القرآن الكريم، وهذا يدل على أهمية مفهوم التفضيل عموما، كما يدل على خصوصية ارتباطه بما نزل من القرآن في المدينة، وبسياقات السور الأربع التي احتوت أعلى ورود بوجه أخص.

ويمكن من خلال تلك المعطيات استخلاص النتائج الآتية:

أولا: التفضيل بين ما نزل من القرآن في مكة وما نزل من القرآن في المدينة

تعد المرحلة المكية مرحلة التأسيس والبناء لمصطلح التفضيل، ويدل على ذلك عدد ورود مادة(فضل) فيها: (41مرة)، أي بنسبة ورود اقتربت من 40%، ولعل هذا مرده إلى أن المرحلة المكية احتضنت تأسيس المفهوم الجديد للتفضيل، وبيان أصله الرباني وماهيته، وحقيقته اللغوية والشرعية، وكذا مقاصده. أما ما جاء في المرحلة المدنية، فكان تأكيدًا لما سبق وتأسيسًا للتشريعات والأحكام المختلفة على ضوئه، ورجوعًا بالتفضيل إلى أصله وبيانًا لعاقبته؛ لذلك حظيت بنسبة ورود أكبر جاوز60% بقليل.

ثانيا: ميلاد مصطلح التفضيل

الناظر في القرآن الكريم يلاحظ أن أوّل ما نزل من مادة التفضيل: (فضل)، كان في سورة الأعراف، فيقوله تعالى:﴿وَقَالَتۡ أُولَىٰهُمۡ لِأُخۡرَىٰهُمۡ فَمَا كَانَ لَكُمۡ عَلَيۡنَا مِن فَضۡلٖ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡسِبُونَ٣٩[الأعراف: 39­]؛ والفضل هنا يعني الزيادة كما هو مقرر في اللغة، وسواء تعلق المعنى بزيادة العذاب أو زيادة التخفيف منه، أو بأي زيادة أخرى، فالفضل هنا مرتبط بالزيادة، والسياق يدل على أنها تلك التي تحصل بترك الكفر والضلال، وهو فضل الهداية المعتبر في الزيادة، حيث استحقاق التفضيل في الآخرة.

انتقل الوحي في قوله تعالى: ﴿قَالَ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَبۡغِيكُمۡ إِلَٰهٗا وَهُوَ فَضَّلَكُمۡ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ١٤٠[الأعراف: 140­]؛ من الصيغة الاسمية(فضل) التي وردت في الآية السابقة، إلى صيغة الفعل (فضَّل) التي تقتضي التكثير في التفضيل، وهو هنا ما حباه الله بني إسرائيل، بما ميّزهم من فضائل على العالمين، أعظمها هدايتهم إلى توحيده عز وجل.

لقد جاءت هاتان الآيتان، وهما من أول ما نزل من مادة التفضيل في القرآن الكريم، تأسيسًا لمنطلق هام من منطلقات الدعوة، وتثبيتًا لأصل من أصولها، والمتمثل في التفضيل المرتبط بزيادة الخير والشرف والهداية، ذلك التفضيل المتأصل من الذات الإلهية، فالله تعالى دون غيره هو منبع كل تفضيل، وإليه يرجع أمره، ثم توالت الآيات حاملة مادة التفضيل([29])، ناسبةً أصل كل فضل إلى الله تعالى، مذكرةً بأنواع فضل الله على خلقه في الدنيا والآخرة.

لقد كان أول ما نزل من الآيات المتضمنة لمادة (فضل)؛ هادفًا إلى إرساء مفهوم جديد لمصطلح التفضيل، يتجاوز المعاني الحسية التي ارتبط بها عند العرب، فجاءت الآيات مؤكدة الأصل الرباني للفضل والتفضيل، أما التفضيل (على وزن التفعيل) فقد كانت ولادة مصطلحه في سورة الإسراء التي احتضنت ميلاد هذا المصطلح([30])، وذلك في قوله تعالى: ﴿ٱنظُرۡ كَيۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ وَلَلۡأٓخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَٰتٖ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِيلٗا٢١[الإسراء: 21]؛وقوله تعالى:﴿وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِيلٗا٧٠ [الإسراء: 70]؛ حيث أكدت الآيتان بجلاء أن الإنسان مفضل في أصله، بغض النظر عن جنسه أو انتمائه، تفضيلا يميزه عن سائر الخلق، أي مؤكدة التفضيل المطلق للإنسان على كثير من الخلق، وجاء ذلك بعد أن ذكر الحق تعالى في الآية التي سبقت، تفضيله الناس بعضهم على بعض في الدنيا، لكنه بيّن أنّ التفضيل في الآخرة هو المعتبر؛ لأنه عطاء يفوق عطاء الدنيا، وهو أيضا مرتبط بصلاح الأعمال، إذ هو جزاء به يُفضَّل المؤمن على غيره في الدار الآخرة.

جاء ميلاد مصطلح التفضيل من جهة، في سياق المقارنة بين عطاء الدنيا وعطاء الآخرة، ومن جهة أخرى في سياق ذكر تكريم بني آدم قاطبة وتخصيصهم بنعم كثيرة، تفضيلًا لهم في الدنيا، وفي الآخرة محل نيل التفضيل العظيم، لمن آمن منهم واهتدى، قال القرطبي: "وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا أي للمؤمنين، فالكافر وإن وسع عليه في الدنيا مرة، وقتر على المؤمن مرة، فالآخرة لا تقسم إلا مرة واحدة بأعمالهم، فمن فاته شيء منها لم يستدركه فيها"([31])، فكان التفضيل دعوة إلى إيثار ما يبقى، "وهو تذكير بجوهر الإيثار، أي أثره الذي هو خير وأبقى؛ إذ بسببه يكون التقديم والتفضيل"([32]).

مادة مصطلح التفضيل، جاءت في كثير من آيات القرآن الكريم؛ تأكيدًا على أهميته، وتذكيرًا بتفضيل الخالق للإنسانية جمعاء ابتداءً، فآدم عليه السلام مفضّل وكل ذريته، فهي مفضلة من بعده عن كثير من الخلق بصريح آيات سورة الإسراء.

لقد انتقل القرآن المكي بمصطلح التفضيل من مفهومه اللغوي المتعلق بمعاني الزيادة المادية، إلى مفهوم اصطلاحي خاص، يتجاوز المعنى الحسي([33]) إلى معاني التفضيل والتشريف المتعلق ببني آدم جميعا مهما اختلفوا، فهم أشرف ما خلق الله تعالى في هذه الأرض، غاية هذا التفضيل: إخلاص العبادة لله المنعم الأكرم، والإحسان لعياله؛ سعيًا لمرضاته، ونيل جناته ورضاه؛ فيتحقق بذلك امتداد التفضيل إلى الآخرة، عند من بيده الفضل العظيم.

ثالثا: تنوع الصيغ الصرفية

‌أ-    المصادر والأفعال:

الجدول (2): ورود مادة (فضل) في القرآن الكريم وفق الصيغ الصرفية

الصيغة

الفعل

الماضي

المضارع

الأمر

المصدر

العدد

18

15

02

_

86

-      من أهم ما يلتفت إليه هنا: الحجم الأكبر لصيغة المصدر(86مرة)، فالمصادر باعتبارها أسماء، لها دلالة قوية على مفاهيمها، حيث تعبِّر وفرة هذه الصيغة التي ورد بها المصطلح على سمو هذه الدلالة ورفعتها([34]).

-      فيما يتعلق بالأفعال، هناك غلبة لصيغة الفعل الماضي، خاصة ما دل على الماضي لفظًا، والماضي والحاضر والمستقبل معنى، كقوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِيلٗا٧٠[الإسراء: 70]؛وفي هذه الآية إشارات إلى أن تفضيل الله تعالى للإنسان هو تفضيل أبدي، وجب على الأمم أفرادًا وجماعات مقابلته بالشكر، والعمل على تمكين كل الناس من حقوقهم التي أنعم الله بها عليهم امتثالًا لأمره، وطلبًا للفوز بالتفضيل الأبدي بمعية من فاز بفضل الله في الآخرة، وهو قوله تعالى: ﴿ٱنظُرۡ كَيۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ وَلَلۡأٓخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَٰتٖ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِيلٗا٢١ [الإسراء: 21].

-      نسبة الأفعال ضعيفة على العموم (حوالي 17%) من مجموع الصيغ؛ مما يدل على ضعف ارتباط التفضيل بالزمن عمومًا، فتحقيقه مطلوب منذ أن خلق الله آدم عليه السلام، ومستمر لا يحد بزمن أو مكان، بل يشمل كل بني آدم ويعم كل ما خصه الله بالتفضيل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

-      جل الأفعال تضمنتها سورتا البقرة والنساء؛ حيث جاء بهما أكبر عدد ورود للمادة. ففيهما ذكر للأحكام والآداب الداعية إلى الإحسان والتضامن والتكافل، اهتداء بنور التوحيد وتفاضلًا بالتقوى، هذا الأساس المتين المرتبط بفضل الله عز وجل على الناس، حيث أسس القرآن في نزوله مفهوم التفضيل وبناه على أسس جديدة، مختلفة عما كان سائدا من قبل، فبيَّن حقيقته بذكره كلما ذكر تلك الأحكام والآداب الهادية إلى سواء السبيل، وهذا يفسر استعمال الأفعال، فحركية تجديد الفهم تنسجم مع حركية الأفعال بين ماض ومضارع، كما أن غلبة الفعل الماضي في السورتين يؤكد ثبات فضل الله عمومًا، ودوام تفضيله للإنسان خصوصا، وذلك منذ خلقه الأول، ليمتد ذلك فيشمل كل ذريته من بعده، في الماضي والحاضر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

-      إن لورود مادة التفضيل في هاتين السورتين وجهين من التناسب: تناسب من جهة طبيعة وخصائص السياق العام لما أنزل من القرآن في المدينة، والذي يفصِّل في أمر الدعوة إلى تفضيل الإنسان؛ وذلك بتحريره من كل عبودية، ووصله بخالقه الذي استخلفه وحمله الأمانة، وتناسب كذلك من جهة السياق الذي تنتمي إليه السورتان، حيث مضامينهما متشابهة، فالسورتان راسختان في الدعوة إلى الآداب الرفيعة وقويم السلوك؛ ببناء عقيدة الإخلاص والتوحيد، كما أن تلك المضامين تكاد تتفق في ارتكازها على ترسيخ عقيدة التفضيل، وذكر لأنباء فساد أقوام سابقة جحدت نعم تفضيل الخالق لها؛ فاستحقت الإهانة بالتعذيب، وفاز من آمن منهم بمغفرة الله وفضله.

-       أما ما يخص الأفعال، فأغلبها جاء بصيغة الماضي، وذلك للإخبار: (خمس عشرة صيغ في الماضي)، أما في صيغة المضارع فورد الفعل مرتين: الموضع الأول جاء بصيغة(نفضل) وذلك في قوله تعالى: ﴿وَفِي ٱلۡأَرۡضِ قِطَعٞ مُّتَجَٰوِرَٰتٞ وَجَنَّٰتٞ مِّنۡ أَعۡنَٰبٖ وَزَرۡعٞ وَنَخِيلٞ صِنۡوَانٞ وَغَيۡرُ صِنۡوَانٖ يُسۡقَىٰ بِمَآءٖ وَٰحِدٖ وَنُفَضِّلُ بَعۡضَهَا عَلَىٰ بَعۡضٖ فِي ٱلۡأُكُلِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ٤[الرعد:4]؛وفي الآية دلالة على استمرار التمايز في الأكل بين أنواع ما يخرج من الأرض. أما الموضع الثاني فجاء بصيغة (يتفضل) وذلك في سياق رد من كفر من قوم نوح عليه، لما دعاهم إلى توحيد الله بالعبادة، وذلك قوله تعالى: ﴿فَقَالَ ٱلۡمَلَؤُاْٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ مَا هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيۡكُمۡ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَٰٓئِكَةٗ مَّا سَمِعۡنَا بِهَٰذَا فِيٓ ءَابَآئِنَا ٱلۡأَوَّلِينَ٢٤ [المؤمنون: 24]؛وفي استعمال المضارع إشارة إلى استمرار عناد أصحاب السيادة من الكفار في محاربة الـأنبياء والدعاة؛ خوفًا على سلطانهم وسيادتهم على الناس، والمتأمل في سياقات هذه النصوص؛ يتجلى له استمرار التفضيل لا انقطاعه، أو انحصاره في الماضي أو المضارع؛ وذلك لتعلق تفضيل الله تعالى لجميع ذرية بني آدم عبر كل الأزمنة، فهو المنعم بهدايتهم المستمرة الدائمة إلى سبيله المستقيم الذي ارتضاه لهم.

-      ما تعلق باستعمال القرآن لأفعال التفضيل: يلاحظ من خلال استقراء الآيات التي حوت الجذر (فضل) ما يلي:

-      بالنسبة للأفعال: ميز القرآن الكريم بين التفضيل الإلهي فاستعمل له الفعل الماضي فضَّل وفُضِّل، وذلك قوله تعالى: ﴿وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعۡضَكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ فِي ٱلرِّزۡقِۚ فَمَا ٱلَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزۡقِهِمۡ عَلَىٰ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ فَهُمۡ فِيهِ سَوَآءٌۚ أَفَبِنِعۡمَةِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ٧١[النحل: 71]؛ وقد ذكر الله تعالى في أوّل هذه الآية أنه هو الذي فضَّل، وجاءت (فُضِّل) لتقرير ما سبق. أما التفضيل الإنساني، فقد استعمل له الفعل المضارع (يتفضل)؛ وفي ذلك إشارة إلى أن التفضيل هو حقيقة ثابتة، لذلك خصّه القرآن الكريم بصيغة الفعل(فضَّل)، وناسب تشكيك الكفار في الدعوة وطبيعته مرائهم المتجدد والمستمر استعمال المضارع بصيغة (تفعَّل) الدالة على اتهامهم الأنبياء بالتكلف، عن غير صدق منهم وإخلاص.

-      المصادر كان ورودها الأكبر حجما، والكثرة هذه مرتبطة بكثرة التفضيل بالنعم، التي تقتضي دوام شكر المنعِم، كما أن دلالة المصدر هنا قوية ومنبهة على ثبات هذا المفهوم، وعدم خضوعه لسنة التحول والتغيير والارتباط بالزمن المحدود المعلوم، الذي قد يعبر عنه الفعل بأزمنته المختلفة، فالفضل جاء متعلقا بالله عز وجل، في سياق الدعوة إلى توحيده تعالى، وذِكر فضل الله على الناس، المتصل بالمغيبات الواقعة في الآخرة الأكبر تفضيلا.

-      كان المصدر(فَضْل) الأكثر ورودًا، حيث جاء أربعًا وثمانين مرة، أما صيغة المصدر(تفضيل) فلم ترد إلا مرتين في سورة الإسراء، ولعلّ ذلك يشير إلى عزة هذه الصيغة وشرف من خصهم الله بها، وهم بنو آدم عمومًا، وحاز المؤمنون منهم تفضيلًا فوق هذا التفضيل: درجات.

-      أكبر ورود لمادة: (فضل) جاء مضافا إلى لله تعالى بصيغتي: (فضل الله، فضل ربي) باثنتي عشرة مرة، وبصيغة: (ذو الفضل) إحدى عشرة مرة، منها الفواصل القرآنية: (والله ذو الفضل العظيم) بسبع مرات([35])، وصيغة الإضافة: (من فضله) بسبع وعشرين مرة، وصيغة التوكيد: (إن الفضل بيد الله) بثلاث مرات، وهذا كله متصل بكرمه تعالى، وتفضيله بني آدم بما سخر لهم من مخلوقاته، وبما أغدق عليهم من نعم الهداية بإرسال الرسل وإنزال الكتب، وبما أعد للمؤمنين منهم زيادة في الفضل والمغفرة والتكريم.

‌ب-         الصيغ بحسب مادة: (فضّل)، ومادة: (فضل):

عند تمييز مادة التفضيل: (فضّل) عن مادة الفضل (فضل) يُحصَّل على ما يلي:             

الجدول (3): الصيغ بحسب مادة: (فضّل) ومادة:(فضل)

التصنيف بحسب المادة

الصيغ

المجموع

النسبة

مادة: (فضَّل)

فضَّل الله - والله فضَّل - فضَّلْتُكم - فضَّلَكم - فضَّلَنا - فضَّلْنا - نُفَضِّل - يَتفَضَّل - فضِّلوا - تفضيلا

20

19%

مادة: (فضل)

فضل الله - فضله - فضلا - الفَضْل - فَضْل

84

81%

يلاحظ أن مادة الفضل قد أخذت نصيبا وافرا، وذلك بأربع وثمانين مرة، أي بحوالي81%من مجموع المشتقات، بينما كان لمادة التفضيل عشرون لفظا، وذلك بما يقارب نسبة 19% من مجموع المشتقات، حيث تناولت تفضيل الأنبياء بعضهم على بعض، كذلك الناس وما يأكلون، وما قد يدعيه المرء من فضل، واستعمل القرآن الكريم له صيغة المطاوعة (يتفضل: وردت مرة واحدة)، وذلك في قوله تعالى: ﴿فَقَالَ ٱلۡمَلَؤُاْٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ مَا هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيۡكُمۡ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَٰٓئِكَةٗ مَّا سَمِعۡنَا بِهَٰذَا فِيٓ ءَابَآئِنَا ٱلۡأَوَّلِينَ٢٤[المؤمنون: 24]؛لكن أعظم التفضيل: تفضيل الله تعالى بني آدم على كثير من خلقه، وتفضيل بعضهم على بعض في الآخرة، بما قدموا في دنياهم؛ لذلك اختص الرحمن هذا الفضل العظيم بما تحمله صيغة (التفضيل) من شرف التكثير في زيادة الفضل؛ لعظمة المنعِم وشرف المنعَم عليه، وكذلك اعتبارًا لتفضيل الدنيا كوسيلة لبلوغ التفضيل الخالد في الآخرة.

استعمل القرآن الكريم المصدر(فضل) مضافا إلى ذاته تعالى وهو الكثير، ومضافا إلى البشر (أُوْلُواْ ٱلفَضلِ مِنكُم) وهو القليل، أما المصدر(تفضيل) فلم يذكره إلا مشتقا من فعل (فضَّل) الذي اقترن به، فورد معه في موضعي وروده، مستعمَلا للدلالة على تفضيل الخالق لبني آدم دون غير ذلك من التفضيل.

يمكن القول إذًا إن ذكر الفضل في القرآن الكريم كان وافرًا، أما ما خصّ بالتفضيل كان قليلا وخاصًا، وقد ارتبط هذا التفضيل ابتداء بخلق بني آدم وتشريفهم بالخلافة في الأرض، واستمر بهداية للإنسان إلى الفوز بتفضيل الآخرة، وهذان أصلان عظيمان، بهما ارتبط كل ما تعلق بالتفضيل.

نخلص أيضًا إلى اعتبار سورة الإسراء سورة التفضيل بامتياز؛ حيث تضمنت فعل التفضيل (فضَّل) مرتين؛ وهو تفضيل يعمّ كل ذرية آدم في الدنيا، ويخص المؤمنين في الآخرة، يفضَّلون على غيرهم بدخول الجنة، وفيها يُفضَّل بعضهم على بعض، فكانت بذلك سورة الإسراء من بين تلك السور التي احتوت على أكبر حجم لمادة التفضيل(فضَّل)، ومادة (فضل) بشكل عام، كما اختصت بصيغة: (تفضيلا) التي لم ترد في غيرها؛ وهذا دل على محوريتها في بناء مفهوم التفضيل، خاصة وأنها نزلت بعد رحلة الإسراء والمعراج، ذلك الحدث الفاصل بين مرحلة بناء العقيدة ومرحلة تشريع العبادات والمعاملات، فأكد هذا أهمية التفضيل كأساس تبنى عليه الأحكام والتشريعات.

بالنظر إلى الصيغ الصرفية التي وردت بها مادة: (فضل) في القرآن الكريم، يمكن تقرير الآتي:

-     إن تنوع صيغ مادة (فضل)يدل أيضا على أهمية التفضيل، وكذا على أهمية دعوة الناس إليه، فقيمة التفضيل ظاهرة من خلال إضافة أصله إلى ذات الله تعالى، فالخالق تعالى هو الغني، منه يكون الفضل والتفضيل، وفضله كبير عظيم، به يحصل الفوز بالإيمان، وتنال والتزكية والرضوان، وتتجنب الخسارة والغواية والطغيان، وبفضل الله يدحض كل كفر، وبه يطيب كل فرح ويزكو كل شكر.

-     جاءت مادة التفضيل (فضَّل) كلها في المرحلة المكية، وهذا دال على أن الله تعالى قد جعل أمر التفضيل مرتبطا بالمرحلة المكية؛ بوصفه أساسًا يبنى عليه التكليف والاستخلاف وحمل الرسالة، ففضَّل الله تعالى في قرآنه آدم وبنيه، والمؤمنين فضل بعضهم على بعض درجات فيه، حيث جاء التفضيل ظاهرًا في الآيات بصيغة المصدر (تفضِيل)، يسبقه ما اشتق منه من الفعل(فضَّل) أو قيل ما اشتق من المصدر (تفضيل) ([36]).

لقد أظهرت هذه الدراسة في مراحلها السابقة أهمية مصطلح التفضيل، وذلك من حيث حجم وروده في القرآن الكريم، وتنوع صيغه، وكذا من حيث سعة مفهومه.

المبحث الثالث: تحديد التعريف

من خلال ما سبق، وانطلاقا من المعاني الجزئية التي دل عليها مصطلح التفضيل، وبعد تتبع وجوه ورود مادة (فضل) في القرآن الكريم، يمكن استخلاص المعنى الكلي الذي لزم مصطلح(التفضيل) في كل موارده، ومنه الخلوص إلى تعريف مصطلح التفضيل كما يلي:

التفضيل هو كل زيادة عطاء ورفعة، من الخالق تعالى تكريما وإحسانا، مقصده الشكر والمغفرة، تام في الآخرة لا تلحقه إهانة.

من هذا التعريف، يمكن القول إن التفضيل في القرآن الكريم يرتكز على العناصر التالية:

أولا: التفضيل زيادة عطاء وتمييز من الله تعالى لعباده

الزيادة في العطاء هي أصل التفضيل في اللغة، والناظر في الآيات التي تناولت التفضيل، يجدها تؤكد أن مصدر كل تفضيل هو الله تعالى، وذلك كقوله سبحانه: ﴿وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِيلٗا٧٠ [الإسراء: 70]؛،وقوله تعالى: ﴿ٱنظُرۡ كَيۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ وَلَلۡأٓخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَٰتٖ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِيلٗا٢١[الإسراء: 21]؛ والفضل هنا زيادة وكثرة عطاء، وهو العطاء الأكبر الذي ليس بعده فضل، والدرجة الرفيعة العالية المميزة، فالمتفضل الحقيقي على الناس هو الله تعالى الذي كرَّمهم، وفضلهم على كثير من خلقه، وأنعم عليهم بفضله، فلم يكن له كفؤا أحد.

 لقد دلت الآيات التي حملت مصطلح التفضيل، وكذا أشار حجم ورودها إلى أن مصدر التفضيل هو الله تعالى، فالتفضيل في كل تلك الآيات منسوب إليه وحده تصريحا أو تضمينا، إنه الخالق العظيم الذي خلق الإنسان واختاره ليخصه بتفضيله.

إن التفضيل الرباني هو تفضيل عام وليس خاصا بفئة دون أخرى، بل يؤول إلى تفضيل بني آدم كلهم بحكم الآدمية، كما تؤكد ذلك آيات التفضيل في سورة الإسراء، إلا أن هناك تفضيلا آخر، هو أنفس وأشرف وأبقى: إنه تفضيل الله لعباده المخلصين، الداعين إليه في السراء والضراء، قال تعالى: ﴿ٱنظُرۡ كَيۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ وَلَلۡأٓخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَٰتٖ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِيلٗا٢١[الإسراء: 21]؛إنه تفضيل المؤمنين في الدنيا حيث تحقيق شرف العبودية لله، والقيام بوظيفة الإنسان في الكون، وتفضيله بالفوز برضوان الله وجنته يوم القيامة، وهو التفضيل العظيم الأكبر، الذي لا يتكرم به إلا هو سبحانه، قال تعالى: ﴿قُلۡ إِنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ[آل عمران: 73]؛لقد كرّم الله بني آدم عامة وكرّم المؤمنين منهم خاصة، وشرفهم بمنزلة رفيعة، فضلهم بها على كثير من خلقه.

ثانيا: التفضيل تشريف بالعقل وتكريم على وجه الإحسان

شرّف([37])الله الإنسان واختاره وفضّله على كثير من الخلائق، فالله يخلق ما يشاء ويختار، فهو الذي خلق هذا الإنسان من ماء مهين وفضّله إكرمًا وإحسانًا، قال تعالى يُذَكِّر الإنسان بإحسانه له وتفضُّلِه عليه: ﴿لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ٣٨ [النور: 38]؛فكل فضل هو من الله تعالى، وكل تفضيل في الدنيا والآخرة هو على سبيل الإحسان لا لعلّة، قال البغوي:"والفضل ابتداء إحسان بلا علّة ولا لزوم"([38])، قال المناوي:"وكل عطية لا يلزم إعطاؤها لمن تعطى له يقال لها:  فضل، نحو: ﴿وَسۡ‍َٔلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا٣٢[النساء: 32]؛"([39])والفضل أيضا إحسان بالتجاوز عن السيئات بداية، وزيادة([40]) في تنعيم المؤمنين بلا نهاية، قال الخازن في تفسير قوله تعالى:﴿وَلَقَدۡ عَفَا عَنكُمۡۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ١٥٢[آل عمران:152]؛ "وهذا من تمام نعمه على عباده المؤمنين؛ لأنه نصرهم أولًا، ثم عفا عن المذنبين منهم ثانيا؛ لأنه ذو الفضل والطول والإحسان"([41]).

لقد من الله على بني آدم عامة، والمشركين خاصة، تفضله عليهم وإحسانه إليهم بتكريمهم([42])، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِيلٗا٧٠ [الإسراء: 70]؛قال الطاهر بن عاشور: "هذا اعتراض جاء بمناسبة العِبرة والمنة على المشركين، فأمّا منة التكريم فهي مزية خص بها الله بني آدم وفضلهم بها على سائر المخلوقات الأرضية"([43]).

إن أعظم نفع كُرِّم به الإنسان وفُضِّل: هو نعمة العقل، قال القرطبي وغيره من المفسرين، وهي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِيلٗا٧٠ [الإسراء: 70]؛ "والصحيح الذي يعول عليه أن التفضيل إنما كان بالعقل الذي هو عمدة التكليف، وبه يعرف الله ويفهم كلامه، ويوصل إلى نعيمه وتصديق رسله؛ إلا أنه لما لم ينهض بكل المراد من العبد بعثت الرسل وأنزلت الكتب... وإنما التكريم والتفضيل بالعقل كما بيناه"([44]).

لقد جعل الله تعالى العقل مناطًا للتكليف، فالتفضيل بالعقل أكبر نفع، به يحصل العلم الذي فضِّل به آدم عليه السلام على الملائكة، وبه يعرف الإنسان خالقه، وبه يفهم كلامه، فيحقق الإيمان، ويتجنب الشيطان، ويحصل التفضيل في الجنان.

إن كل ما ذكره القرآن من أنواعا لتفضيل، وما حمله مصطلح التفضيل من معاني جزئية: من إحسان ورفعة وتكريم وهداية وزيادة ربح، وتجاوز وفوز، وغير ذلك مما اتصل بهذه المعاني، هو في حقيقته يرجع إلى تفضيل هذا الإنسان الذي كرَّمه الله تعالى واختاره لحمل أمانة الاستخلاف في الأرض، فسخر له الكون والمخلوقات، وبعث فيه الرسل بالوحي والرسالات، حتى يسعد دنيا وبعد الممات، فما أعظمه من تفضيل بعد التكريم، وما أزكاه من تشريف وإحسان وتنعيم.

ثالثا: التفضيل ابتلاء في الدنيا مقصده الشكر والمغفرة

قرن الله تعالى ذكر فضله على الناس بأمرين مدارهما على الشكر:

1-     تذكيره أنما أنعم به من فضله على الناس، القصد منه دعوتهم إلى شكر المنعم المتفضل؛ لذلك جاء ذكر الفضل متبوعا بقوله تعالى:(لعلهم يشكرون) وذلك في خمسة مواضع([45])، فكان واضحًا أن في هذا الورود المعتبر تنبيه على ارتباط الفضل والتفضيل بالشكر، فهو مقصده وسبيل استدامته.

2-     تقريره تعالى لجحود أكثر الناس ومقابلتهم فضله بعدم الشكر؛ إذ جاء ذكر الفضل مقترنا بعبارة: (ولكن أكثر الناس لا يشكرون)، أو (أكثرهم لا يشكرون) وذلك أيضا في خمسة مواضع([46])، وهذا نبأ بذم هذا المستخلف حيث سمي بالإنسان والناس في أردى أحواله([47])، أما الذين آمنوا فيستجيبون لربهم؛ ليدخلهم في رحمته ويزيدهم من فضله، قال تعالى: ﴿وَيَسۡتَجِيبُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضۡلِهِۦۚ وَٱلۡكَٰفِرُونَ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞ٢٦[الشورى: 26]؛وقوله عز وجل: ﴿فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعۡتَصَمُواْ بِهِۦ فَسَيُدۡخِلُهُمۡ فِي رَحۡمَةٖ مِّنۡهُ وَفَضۡلٖ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَيۡهِ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا١٧٥[النساء: 175].

وبين الدعوة إلى شكر الخالق المتفضل على عباده، وجحود أكثر الناس، يبين سبحانه أن التفضيل ابتلاء لتمحيص الشاكر من الكافر، كما أن الشكر سبيل الفوز والنجاة، فالله غني عن شكر عباده، قال تعالى: ﴿قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُۥ عِلۡمٞ مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن يَرۡتَدَّ إِلَيۡكَ طَرۡفُكَۚ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسۡتَقِرًّا عِندَهُۥ قَالَ هَٰذَا مِن فَضۡلِ رَبِّي لِيَبۡلُوَنِيٓ ءَأَشۡكُرُ أَمۡ أَكۡفُرُۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيّٞ كَرِيمٞ٤٠ [النمل: 40]. ويقرر سبحانه أن توفية الأجر والزيادة من فضله جزاء المؤمنين التالين لكتابه، المقيمين الصلاة، المنفقين من رزقه، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ يَرۡجُونَ تِجَٰرَةٗ لَّن تَبُورَ٢٩ لِيُوَفِّيَهُمۡ أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ غَفُورٞ شَكُورٞ٣٠ [فاطر:29-30]؛ حيث دعا عباده إلى شكره على ما فضلهم به؛ ليؤكد على أن فضله مضاعف لعباده: مغفرةً لذنوبهم، وشكرًا لهم على ما قدموا من طاعة، واستجابةً لما حملوا من رجاء.

رابعًا: تفضيل الآخرة تكريم تام كامل لا يلحقه انتقاص أو إهانة

لقد شرف الله بني آدم بالتفضيل بتكريم لا نقص فيه([48])، يبلغ مداه في الآخرة، قال تعالى: ﴿ٱنظُرۡ كَيۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ وَلَلۡأٓخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَٰتٖ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِيلٗا٢١[الإسراء: 21]؛فلا يجوز انتقاص أي حق فضلهم به الخالق الكريم عن غيرهم، قال تعالى: ﴿قُلۡ إِنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ٧٣[آل عمران: 73]؛، قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِيلٗا٧٠[الإسراء: 70]: "كرّمنا تضعيف كرّم أي جعلنا لهم شرفا وفضلا وهذا هو كرم نفي النقصان، لقد دلت هذه الآية على تكريم الله سبحانه للإنسان، تكريما كاملا يضمن له كامل حقوقه كاملة كما أوجبها الله تعالى له؛ دون انتقاص منها لأن كل انتقاص منها، هو إخلال بهذا التكريم الإلهي لجميع البشر من بني آدم كيفما كانوا، وأينما وجدوا"([49]).

إن التفضيل الإلهي لبني آدم لا يقبل انتهاكًا بانتقاصه، كما أن هذا التفضيل تكريم، لا يستقيم مع الإهانة، قال الراغب في المفردات: "والتكريم أن يوصل إلى الإنسان إكرامًا ينفع لا يلحقه فيه غضاضة"([50])، والغضاضة هنا الذل، جاء في لسان العرب: "قال الأَزهري: عليه غَضاضةٌ أَي ذُلّ. ورجل غَضِيضٌ: ذَلِيلٌ بَيِّنُ الغَضاضةِ من قوم أَغِضّاءَ وأَغِضّةٍ، وهم الأَذِلاّءُ"([51]).

لقد منع الإسلام إهانة الإنسان الذي كرمه الله تعالى وفضله، وجعل ما فضله به مصونا عن كل انتقاص، وعن أي إهانة تسيء إلى هذا المخلوق المتفرد، الذي شرفه الله تعالى وفضله على كثير من مخلوقاته تفضيلا.

إن أعظم إهانة بني آدم تكمن في قطع صلتهم بخالقهم أصل التفضيل ومنبعه، قال تعالى: ﴿قَالَ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَبۡغِيكُمۡ إِلَٰهٗا وَهُوَ فَضَّلَكُمۡ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ١٤٠[الأعراف: 140]؛ فإذا وقع هذا انقطع استمداد التفضيل من الله تعالى، فاتُبِع الشيطان وانقطعت بذلك التزكية، ففَضْلُ الله تعالى مانع المؤمنين من تتبع خطوات الشيطان، قال تعالى مؤكدًا ذلك: ﴿وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَٱتَّبَعۡتُمُ ٱلشَّيۡطَٰنَ إِلَّا قَلِيلٗا٨٣ [النساء: 83]. وقال جل وعلا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ وَمَن يَتَّبِعۡ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَإِنَّهُۥ يَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۚ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ أَبَدٗا وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ٢١[النور: 21].

إن الإهانة بالعذاب رافعة كل تكريم لبني آدم، وبذهاب التكريم يضيع تفضيلهم، قال تعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَسۡجُدُۤ لَهُۥۤ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلۡجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَآبُّ وَكَثِيرٞ مِّنَ ٱلنَّاسِۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيۡهِ ٱلۡعَذَابُۗ وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن مُّكۡرِمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ١٨[الحج: 18].

إن تفضيل الله تعالى للإنسان بوأه مكانة رفيعة؛ جعلته أهلًا للتكريم والاستخلاف، قال الراغب الأصفهاني: "تفضيل الإنسان، هو جعله صاحب المقام الأسنى بين المخلوقات، فهو الجدير بالخلافة والتكريم")([52])(، والقرآن الكريم أكدّ تكريم بني آدم وتفضيلهم، كما دعا الناس إلى التشبث بهذا المنهج وإعماله؛ ليكمل تفضيلهم دنيا وآخرة، قال الشاهد البوشيخي مؤسس منهج الدراسة المصطلحية: "إن الله عز وجل من تكريمه لبني آدم أنه منحهم هدية منه رحمة بهم وتفضلّا منه تعالى، هي المنهج إذا ساروا عليه ظلوا كرماء، كأبيهم آدم بعد أن اجتباه الله وهداه، وحافظوا على هذا الكرم وعاملوا بعضهم بعضا بما يناسب هذا الأصل الأول الذي هو التكريم. إذ كل خروج عن منهج الله عز وجل فيه إهانة لهذا الإنسان، وفيه تدنيس له"([53]).

الخاتمة

لقد أفضى هذا البحث إلى نتائج أهمها:

أولًا: تنبني دلالة التفضيل في القرآن الكريم على أصلها اللغوي، الذي يدور على معنى"الزيادة في الشيء على ما كان لازما مقررا"، وتدور حول هذا الأصل معاني الخير والباقي، والإحسان والتكريم والشرف والرفعة عن النقص، وتتفرع داخل سياقات النصوص القرآنية، لتشمل معاني تتعلق بتشريف الذات والزيادة في الإحسان، والترفع عن النقص؛ لرفعة في الشأن.

ثانيًا: يتميز مصطلح التفضيل في القرآن الكريم: بكونه مصطلحا كثير الورود، متعدد الصيغ؛وهذا يدل على أهمية مفهومه بين المفاهيم القرآنية، خاصة مع الامتداد الكبير لمشتقاته عبر سور القرآن الكريم، وتكرارها في تلك السور وبأكثر من أسلوب، بحسب السياقات المختلفة، ممّا يؤكد محورية هذا المصطلح في نسق المصطلحات القرآنية.

ثالثًا: يدل اختلاف الصيغ الصرفية التي ورد بها المصطلح على ارتباط التفضيل بالإنسان، ورجوعه إليه فردًا وجماعة في دنياه وفي آخرته.

رابعًا: يؤكد حجم ورود مادة التفضيل في ما نزل من القرآن في مكة على أهمية مفهوم التفضيل كأساس من أسس الدعوة، وأصل تبنى عليه التكاليف والتشريعات، حيث ميزت الآيات بين الفضل والتفضيل.

خامسًا:تتجلى أهمية سورة الإسراء بين السور في تميزها، حيث احتوت على أكبر حجم ورود لمادة التفضيل؛ مما جعلها سورة التفضيل بامتياز، كما أن الامتداد الكبير لمادة التفضيل عبر سور القرآن الكريم؛ دل على أهمية مفهوم التفضيل عموما، كما دل على خصوصية ارتباطه بما نزل من القرآن في المدينة، وبسياقات السور الأربع التي احتوت أعلى ورود بوجه أخص.

سادسًا: تعريف مصطلح التفضيل:"التفضيل هو كل زيادة عطاء ورفعة، من الخالق تعالى تكريما وإحسانا، مقصده الشكر والمغفرة، تام في الآخرة لا تلحقه إهانة".

إن ما تم اعتماده من أركان الدراسة المصطلحية في دراسة مصطلح التفضيل من دراسة معجمية وإحصاء ودراسة نصية، وإن كان عمدة الدراسة المصطلحية ولبها، إلا أن ذلك لا يكمل إلا بدراسة هذا المصطلح في امتداداته الداخلية والخارجية؛ أي بدراسة صفاته ومنها: الفضل الكبير والفضل العظيم، وعلاقاته،ومنها: علاقته بمصطلحي الرحمة والسعة، وكذا دراسة ضمائمه ومشتقاته وقضاياه؛ إذ لاشك أن ذلك من شأنه إثراء نتائج البحث بزيادة فهم مصطلح التفضيل بامتداداته في نصوصه داخل النسق القرآني الفريد.


 

المصادر والمراجع

أولًا: العربية

ابن الجزري، محمد بن علي بن يوسف. النشر في القراءات العشر. بيروت: دار الكتب العلمية، 1423ه/2002م.

ابن جني، عثمان أبو الفتح. الخصائص. القاهرة: المكتبة العلمية عن دار الكتب المصرية، 1952م.

ابن عاشور، محمد الطاهر. التحرير والتنوير. تونس: الدار التونسية، 1984م.

ابن عباد، الصاحب إسماعيل. المحيط في اللغة. الرياض: عالم الكتب، 1994م.

ابن عطية، عبد الحق أبو محمد. المحرر الوجيز. المحمدية: مطابع فضالة، 1982م.

ابن فارس، أحمد. مقاييس اللغة. سوريا: دار الفكر، 1979م.

ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر. زاد المعاد. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1994م.

ابن كثير، إسماعيل بن عمر. تفسير القرآن العظيم. بيروت: دار الفكر، 1982م.

ابن مسكويه، أحمد بن يعقوب. تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق. بيروت: مكتبة الثقافة الدينية.

ابن منظور، محمد بن مكرم. لسان العرب. بيروت: دار صادر، 1992م.

أبو حيان، محمد بن يوسف. البحر المحيط. بيروت: دار الكتب العلمية، 1993م.

الأزهري، محمد بن أحمد. تهذيب اللغة. بيروت: دار إحياء التراث العربي، 2001م.

الاستراباذي، محمد بن الحسن. شرح شافية ابن الحاجب. بيروت: دار الكتب العلمية، 1982م.

الأصفهاني الراغب. المفردات في غريب القرآن. بيروت: دار القلم، الدار الشامية، 1991م.

الألوسي، شهاب الدين. روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني. بيروت: دار الكتب العلمية، 1993م.

البوشيخي، الشاهد. دراسات مصطلحية. فاس: دار السلام للطباعة والنشر والترجمة، 2012م.

–––. مظاهر تكريم الإنسان في القرآن الكريم. فاس: أنفو برانت، 2009م.

البيضاوي، ناصر الدين. أنوار التنزيل وأسرار التأويل. بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1997م.

جبل، محمد حسن. المعجم الاشتقاقي المؤصل. القاهرة: مكتبة الآداب، 2010م.

الجرجاني، عبد القاهر. التعريفات. بيروت: دار الكتب العلمية، 1983م.

الجوهري، إسماعيل بن حماد. صحاح العربية. بيروت: دار العلم للملايين، 1990م.

الحميري، نشوان بن سعيد. شمس العلوم. دمشق: دار الفكر، 1999م.

خله، محمد عبد الخالق. فضل محمد صلى الله عليه وسلم وفضل أمته في القرآن الكريم [رسالة ماجستير منشورة]. غزة: كلية أصول الدين الجامعة الإسلامية، 2009م.

الخيّاطي، محامدي بن عبد السلام. تراث أبي الحسن الحرالي المراكشي في التفسير. الدار البيضاء: مطبعة النجاح الجديدة،1997م.

الرازي، فخر الدين. التفسير الكبير. بيروت: دار الفكر، 1981م.

رضا، محمد رشيد. تفسير القرآن الحكيم. بيروت: دار الفكر، 1947م.

الزمخشري، جار الله محمود. أساس البلاغة. بيروت: دار الكتب العلمية، 1998م.

–––. الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل. بيروت: دار الكتب العلمية، 1995م.

السعدي، عبد الرحمن. تيسير الرحمن في تفسير كلام المنان. بيروت: مؤسسة الرسالة، 2000م.

سيبويه، عمرو بن عثمان. الكتاب. القاهرة: مكتبة الخانجي، 1988م.

شحاتة، حسن سيد. "التربية الإسلامية ومراعاتها للقضايا المعاصرة: نظرة في المناهج المدرسية"، المجلة العلمية لجامعة الملك فيصل، مج23، ع2 (2022م.

الطبري، محمد بن جرير. جامع البيان في تأويل آي القرآن. بيروت: دار الفكر، 1986م.

عوني عدنان محمد كميل، الفضل في القرآن الكريم دراسة موضوعية [رسالة ماجستير منشورة]. نابلس: كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، 2016م.

الفراهيدي. العين. بيروت: دار الكتب العلمية، 2003م.

القرطبي أبو عبد الله. الجامع لأحكام القرآن. القاهرة: دار الكتب المصرية، 1935م.

الكفوي. الكليات. (بيروت: مؤسسة الرسالة، 1998م.

المرتضى الزبيدي. تاج العروس من جواهر القاموس. بيروت: دار الفكر، 1994م.

المصطفوي. التحقيق في كلمات القرآن الكريم. طهران: مؤسسة الطباعة والنشر، 1995م.

المصلح، محمد أبو بكر. "مقاصد الخلق الخمسة وجوهر التربية الأصيل: دراسة في ضوء القرآن الكريممجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة قطر، مج38، ع2 (1202م).

المناوي، محمد عبد الرؤوف. التوقيف على مهمات التعاريف. بيروت: دار الفكر المعاصر، 1988م.

الوادي عادل، الينبعي امحمد. "مصطلح الإيثار في القرآن الكريم من خلال منهج الدراسة المصطلحية"، مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة والدراسات الإسلامية، 2022م، مج89، ع2 (2022.

ثانيًا: الأجنبية

References

Abū Ḥayyān, Muḥammad ibn Yūsuf. Al-Baḥr al-muḥīṭ. (in Arabic), (Beirut: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 1993.

Al-Alūsī, Shihāb al-Dīn. Rūḥ al-maʻānī fī tafsīr al-Qurʼān al-ʻAẓīm wa-al-Sabʻ al-mathānī.(in Arabic), Beirut: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 1993.

Al-Aṣfahānī al-Rāghib. Al-Mufradāt fī Gharīb al-Qurʼān. (in Arabic), Beirut: Dār al-Qalam, al-Dār al-Shāmīyah, 1991.

Al-Astarābādhī, Muḥammad ibn al-Ḥasan. Sharḥ Shāfīyah Ibn al-Ḥājib. (in Arabic), Beirut: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 1982.

Al-Azharī, Muḥammad ibn Aḥmad. Tahdhīb al-lughah. (in Arabic), Beirut: Dār Iḥyāʼ al-Turāth al-ʻArabī, 2001.

Al-Bayḍāwī, Nāṣir al-Dīn. Anwār al-tanzīl wa-asrār al-taʼwīl. (in Arabic), Beirut: dārʼḥyāʼ al-Turāth al-ʻArabī, 1997.

Al-Būshaykhī, al-Shāhid. Dirāsāt muṣṭalaḥīyah. (in Arabic), Fez: Dār al-Salām lil-Ṭibāʻah wa-al-Nashr wa-al-Tarjamah, 2012.

–––. Maẓāhir takrīm al-insān fī al-Qurʼān al-Karīm. (in Arabic), (Fez: Anfū Brānt 2009.

Al-Farāhīdī. Al-ʻAyn. (in Arabic), Beirut: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 2003.

Al-Ḥimyarī, Nashwān ibn Saʻīd. Shams al-ʻUlūm. (in Arabic), Damascus: Dār al-Fikr, 1999.

Al-Jawharī, Ismāʻīl ibn Ḥammād. Siḥāḥ al-ʻArabīyah. (in Arabic), Beirut: Dār al-ʻIlm lil-Malāyīn, 1990.

Al-Jurjānī, ʻAbd al-Qāhir. Altʻryfāt. (in Arabic), Beirut: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 1983.

Al-Kaffawī. Al-Kullīyāt. (in Arabic), Beirut: Muʼassasat al-Risālah, 1998.

Alkhyyāṭy, Maḥāmdy ibn ʻAbd al-Salām. Turāth Abī al-Ḥasan al-Ḥarālī al-Marrākushī fī al-tafsīr. (in Arabic), Casablanca: Maṭbaʻat al-Najāḥ al-Jadīdah, 1997.

Al-Munāwī, Muḥammad ʻAbd al-Raʼūf. Al-Tawqīf ʻalá muhimmāt al-taʻārīf (in Arabic), Beirut: Dār al-Fikr al-muʻāṣir, 1988.

Al-Murtaḍá al-Zubaydī. Tāj al-ʻarūs min Jawāhir al-Qāmūs. (in Arabic), Beirut: Dār al-Fikr, 1994.

Al-Musleh, Mohamed Abubakr. “The Five Purposes of Creation and the Authentic Essence of Tarbiya (Education): A study in light of the Holy Qur’an”, (in Arabic), Journal of College of Sharia and Islamic Studies, Volume 38, Issue 2, (2021). https://doi.org/10.29117/jcsis.2021.0273.

Al-Muṣṭafawī. Al-taḥqīq fī Kalimāt al-Qurʼān al-Karīm. (in Arabic), Ṭehran: Muʼassasat al-Ṭibāʻah wa-al-Nashr, 1995.

Al-Qurṭubī Abū ʻAbd Allāh al-Qurṭubī. Al-Jāmiʻ li-aḥkām al-Qurʼān. (in Arabic), Cairo: Dār al-Kutub al-Miṣrīyah, 1935.

Al-Rāzī, Fakhr al-Dīn. Al-tafsīr al-kabīr. (in Arabic), Beirut: Dār al-Fikr, 1981.

Al-Saʻdī, ʻAbd al-Raḥmān. Taysīr al-Raḥmān fī tafsīr kalām al-Mannān. (in Arabic), Beirut: Muʼassasat al-Risālah, 2000.

Al-Ṭabarī, Muḥammad ibn Jarīr. Jāmiʻ al-Bayān fī Taʼwīl āy al-Qurʼān. (in Arabic), Beirut: Dār al-Fikr, 1986.

Al-Zamakhsharī, Jār ah A Maḥmūd. Al-Kashshāf ʻan ḥaqāʼiq ghawāmiḍ al-tanzīl wa-ʻuyūn Al-aqāwīl fī Wujūh al-taʼwīl. (in Arabic), Beirut: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 1995.

–––. Asās al-balāghah. (in Arabic), Beirut: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 1998.

ʻAwnī ʻAdnān Muḥammad Kamīl. Al-Faḍl fī al-Qurʼān al-Karīm dirāsah mawḍūʻīyah. (in Arabic), (Risālat mājistīr manshūrah), Kullīyat al-Dirāsāt al-ʻUlyā: Jāmiʻat al-Najāḥ al-Waṭanīyah Nablus, 2016.

El-Ouade ʻĀdil, alynbʻy Imḥammad. "Muṣṭalaḥ al-Īthār fī al-Qurʼān al-Karīm min khilāl Manhaj al-dirāsah al-Muṣṭalaḥīyah". (in Arabic), Majallat Jāmiʻat Umm al-Qurá li-ʻUlūm al-sharīʻah wa- Al-Dirāsāt al-Islāmīyah, Jāmiʻat Umm al-Qura, vol.  89, issue 2 (2022).

Ibn ʻAbbād, al-Ṣāḥib Ismāʻīl. Al-muḥīṭ fī al-lughah. (in Arabic), Riyadh: ʻĀlam al-Kutub, 1994.

Ibn al-Jazarī, Muḥammad ibn ʻAlī ibn Yūsuf. Al-Nashr fī al-qirāʼāt al-ʻashr. (in Arabic), Beirut: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 1423AH / 2002.

Ibn ʻĀshūr, Muḥammad al-Ṭāhir. Al-Taḥrīr wa-al-tanwīr. (in Arabic), Tunis: al-Dār al-Tūnisīyah, 1984.

Ibn ʻAṭīyah. ʻAbd al-Ḥaqq Abū Muḥammad, Al-muḥarrir al-Wajīz. (in Arabic), Moḥammedia: Maṭābiʻ Faḍālah, 1982.

Ibn Fāris, Aḥmad. Maqāyīs al-lughah. (in Arabic), Syria: Dār al-Fikr, 1979.

Ibn Jinnī, ʻUthmān Abū al-Fatḥ. Al-Khaṣāʼiṣ. (in Arabic), Cairo: al-Maktabah al-ʻIlmīyah ʻan Dār al-Kutub al-Miṣrīyah, 1952 (.

Ibn Kathīr, Ismāʻīl ibn ʻUmar. Tafsīr al-Qurʼān al-ʻAẓīm. (in Arabic), Beirut: Dār al-Fikr, 1982.

Ibn manẓūr, Muḥammad ibn Mukarram. Lisān al-ʻArab. (in Arabic), Beirut: Dār Ṣādir, 1992.

Ibn Miskawayh, Aḥmad ibn Yaʻqūb. Tahdhīb al-akhlāq wa-taṭhīr al-aʻrāq. (in Arabic), Beirut: Maktabat al-Thaqāfah al-dīnīyah.

Ibn Qayyim al-Jawzīyah, Muḥammad ibn Abī Bakr. Zād al-maʻād. (in Arabic), Beirut: Muʼassasat al-Risālah, 1994.

Jabal, Muḥammad Ḥasan. Al-Muʻjam al-ishtiqāqī al-muʼaṣṣal. (in Arabic), Cairo: Maktabat al-Ādāb, 2010.

Khallah, Muḥammad ʻAbd al-Khāliq. Faḍl Muḥammad ṣallá Allāh ʻalayhi wa-sallam wa-faḍl ummatih fī al-Qurʼān al-Karīm, 2009, (Risālat mājistīr manshūrah) in Arabic), Kullīyat uṣūl al-Dīn al-Jāmiʻah al-Islāmīyah: Jāmiʻat Gaza.

Riḍā, Muḥammad Rashīd. Tafsīr al-Qurʼān al-Ḥakīm. (in Arabic), Beirut: Dār al-Fikr, 1947.

Shehata, H. S. " Islamic Education and its Consideration of Contemporary Matters: An Enquiry into School Curricula", (in Arabic), The Scientific Journal of King Faisal University: Humanities and Management Sciences, vol. 23, issue 2 (2022): 64–73. DOI: 10.37575/h/edu/220002.

Sībawayh, ʻAmr ibn ʻUthmān. Al-Kitāb. (in Arabic), Cairo: Maktabat al-Khānjī, 1988.



([1]) محمد أبو بكر المصلح، "مقاصد الخلق الخمسة وجوهر التربية الأصيل: دراسة في ضوء القرآن الكريم"، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر، مج38، ع2(2001)، ص179.

([2]) من أهم المراجع المعتمدة في هذا المنهج: كتابات الدكتور الشاهد البوشيخي، وتطبيقيات المنهج على مصطلحات قرآنية ككتاب المصطلح الأصولي عند الشاطبي لفريد الأنصاري، وكتاب مفهوم التأويل في القرآن الكريم: دراسة مصطلحية لفريدة زمرد، ومثيلاتها من الدراسات المصطلحية المفيدة في بابها.

([3]) حسن سيد شحاتة، "التربية الإسلامية ومراعاتها للقضايا المعاصرة: نظرة في المناهج المدرسية"، المجلة العلمية لجامعة الملك فيصل، جامعة الملك فيصل، مج23، ع2(2022)، ص65.

([4]) محمد عبد الخالق محمد خله، "فضل محمد صلى الله عليه وسلم وفضل أمته في القرآن الكريم" [رسالة ماجستير منشورة] (غزة: كلية أصول الدين الجامعة الإسلامية، جامعة غزة، 2009).

([5]) عوني عدنان محمد كميل، "الفضل في القرآن الكريم دراسة موضوعية" [رسالة ماجستير منشورة] (نابلس: كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، 2016).

([6]) أحمد بوشلطة، مفهوم الإنسان في  القرآن الكريم والحديث الشريف (بيروت: منشورات الحلبي، ط1، 2007م).

([7]) الفراهيدي، العين، تحقيق عبد الحميد هنداوي (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 2003م)، ج7، ص43.

([8]) الجوهري، صحاح العربية، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار (بيروت: دار العلم للملايين، ط4، 1990م)، ج5، ص1791.

([9]) ابن فارس، مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون (سوريا: دار الفكر، ط1، 1979م)، مادة(فضل)، ج4، ص508.

([10]) علي بن إسماعيل بن سيده، المحكم والمحيط الأعظم، تحقيق عبد الحميد هنداوي (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 2000م)، مادة(فضل)، ج8، ص205.

([11]) قال الجوهري: "الفَضْلُ والفَضيلَةُ: خلاف النقص والنقيصة" الصحاح، مادة (فضل)، ج5، ص1791.

([12]) قال الفراهيدي: "الفضل معروف: ما فضل من كل شيء، والفضلة: البقية من كل شيء" العين مادة (فضل): ج7، ص43. وقال الجوهري: "والفُضالَةُ: ما فَضَلَ من شيء، وفَضَلَ منه شيءٌ يَفْضُلُ" الصحاح مادة (فضل)، ج5، ص1791، وأورد الزبيدي: "والفضلة: البقية من الشيء كالطعام وغيره إذا ترك منه شيء "المرتضى الزبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس (بيروت: دار الفكر، ط1، 1994م) مادة (فضل)، ج30، ص171.

([13]) قال الفراهيدي: "وأفضل فلان على فلان: أناله من فضله وأحسن إليه" العين، ج7، ص43. وقال الجوهري: "والإفْضالُ: الإحسان. ورجلٌ مِفْضالٌ وامرأةٌ مِفْضالَةٌ على قومها، إذا كانت ذات فضْلٍ سمحةً. "مادة (فضل)، الصحاح، ج5، ص1791.

([14]) قال الفراهيدي: "ورجل مفضال: كثير الخير... والفضيلة: الدرجة والرفعة في الفضل"، العين، ج7، ص43. وقال ابن سيده "والفضيلة: الدَّرجةُ الرَّفيعةُ في الفَضْل والفاضلةُ الاسْمُ من ذلك. والفِضَال، والتَّفَاضُلُ: التمايز في الفَضْلِ. والفَواضِلُ: الأيادي الجميلة "المحكم والمحيط الأعظم، مادة(فضل)، ج8، ص205. وقال الفيروزآبادي: "الفضيلة: الدرجة الرفيعة في الفضل" القاموس المحيط، تحقيق محمد نعيم العرقسوسي (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط8، 2005م) مادة (فضل)، ج4، ص31.

([15]) ابن فارس، مقاييس اللغة، مادة (فضل)، ج4، ص508.

([16]) محمد حسن جبل، المعجم الاشتقاقي المؤصل (القاهرة: مكتبة الآداب، ط1، 2010م)، مادة(فضل)، ج3، ص1687.

([17]) نشوان بن سعيد الحميري، شمس العلوم، تحقيق حسن العمري (بيروت: دار الفكر المعاصر، ط1، 1999م)، ج9، ص5817.

([18]) ذهب هارون بن موسى (ت170هـ) في الوجوه والنظائر (كما ذهب مقاتل بن سليمان البلخي(ت150هـ) قبله) ويحيى بن سلام(ت200هـ) في التصاريف مادة (كرم)، ص251و252، إلى أن: "تفسير الفضل في القرآن على سبعة وجوه: "1- الإسلام، 2- النبوة، 3- الرزق في الجنة، 4- الرزق في الدنيا، 5- الرزق في التجارة، 6- المن، 7- الجنة". هارون بن موسى، الوجوه والنظائر، تحقيق حاتم صالح الضامن (بغداد: دائرة الآثار والتراث، ط1، 1988م)، ص207، وكل ذلك متعلق بالزيادة التي هي الأصل وما يدور بها من معاني الخير والإحسان والتكريم والتشريف والرفعة عن النقص.

([19]) الجوهري، الصحاح، ج5، ص1791.

([20]) ابن منظور، لسان العرب، تحقيق عبد الوهاب والعبيدي (بيروت: دار صادر، ط3، 1992م)، ج11، ص524.

([21]) ابن منظور، لسان العرب، ج11، ص524؛ الزبيدي، تاج العروس، ج30، ص171.

([22]) المصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، ج9، ص115.

([23]) الراغب الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، تحقيق صـفوان عدنان داوودي (دمشق: دار القلم للنشر، ط1، 1992م)، ص639.

([24]) الراغب الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص639.

([25]) الجرجاني، التعريفات، ص215.

([26]) المناوي، التوقيف على مهمات التعاريف، تحقيق محمد رضوان الداية (بيروت: دار الفكر المعاصر، ط1، 1988م)، ج1، ص261.

([27]) الكفوي، الكليات، تحقيق: عدنان درويش، محمد المصري(بيروت: مؤسسة الرسالة، ط2، 1998م)، ج1، ص1085.

([28])الكفوي، الكليات، ج1، ص1085.

([29]) وذلك في ما جاء من الآيات في السور بحسب ترتيب النزول: فاطر: 30، فاطر: 32، فاطر: 35، القصص: 73، النمل: 15، النمل: 16، النمل: 40، النمل: 73.

([30]) سورة الإسراء حازت على أعلى نسبة ورود بين السور المكية، حيث وردت مادة (فضل): سبع مرات، ورد منها أربع في الآيتين أعلاه، كما ورد مصطلح (التفضيل) بالصيغة المصدرية مرتين، وفي كل مرة يرد معه فعله (فضَّل)، وهذا تأكيد على احتضان هذه السورة الكريمة ولادة هذا المصطلح.

([31]) أبو عبد الله القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: سامي بن محمد السلامة (الرياض: دار طيبة، 1999م)، ج10، ص213.

([32])عادل الوادي، امحمد الينبعي، "مصطلح الإيثار في القرآن الكريم من خلال منهج الدراسة المصطلحية"، مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة أم القرى، مج89، ع2(2022)، ص171.

([33]) ذلك المعنى الحسي الذي ارتبط بشرف الزيادة والعطاء والانتماء القبلي وغيرها من المعاني التي عندما اعتمدت لم تنصف بني آدم، كما أنها كانت غير منضبطة، واختلفت باختلاف أهواء من وضعها.

([34]) أصل الاسم من السمو والعلو، انظر مادة سما في معاجم: العين؛ ومقاييس اللغة، ومختار الصحاح، مادة (سمو).

([35]) منها مرة واحدة بصيغة النكرة (والله ذو فضل عظيم)سورة آل عمران174، وسياق الآية يدل على أن الفضل هنا متعلق فقط بالحماية من السوء ومكر العدو كما ذكر الطبري وابن كثير والزمخشري وغيرهم، رحمهم الله تعالى.

.

([36]) الجملة هنا تتضمن اختلاف البصريين والكوفيين في أصل الاشتقاق: المصدر كما هو مذهب البصريين، أم الفعل كما ذهب إلى ذلك الكوفيون. ينظر كتاب: ابن الأنباري، الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين (بيروت: دار الجيل، ط2، 1982م)، ج1، ص235.

 

([37]) "فأما الفضل الذي هو بمعنى الشرف فليس فيه إلا لغة واحدة وهي فضل يفضل كقعد يقعد". تاج العروس، ج30، ص171.

([38]) البغوي، معالم التنزيل، ج1، ص133.

([39]) المناوي، التوقيف على مهمات التعاريف، ج1 ص261، فصل الضاد.

([40]) قال القرطبي: "ويزيدهم من فضله: يحتمل وجهين: أحدهما ما يضاعف من الحسنة بعشر أمثالها. الثاني: ما يتفضل به من غير جزاء... من غير أن يحاسبه على ما أعطاه إذ لانهاية لعطائه" القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج12، ص245.

([41]) الخازن، لباب التأويل في معاني التنزيل، ج1، ص308.

([42]) التفضيل نوع من التكريم، وكثيرًا ما يفسر به، قال الحميري: "وكَرُم كرامةً فهو كريم: أي عزيز فاضل، قال الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} أي: أفضلكم وأعزَّكم وأرفعكم منزلةً عند الله". نشوان بن سعيد الحميري، شمس العلوم، ج9، ص5817.

([43]) الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، ج16، ص165.

([44]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج10، ص684؛ ابن عطية، المحرر الوجيز، ج5، ص514؛ الألوسي، روح المعاني، ج15، ص118؛ أبو حيان، البحر المحيط ج6، ص62. وذكره الزمخشري في الكشاف، ج2، ص456.

([45]) تلك السور هي: النحل: 14، القصص:73، الروم: 46، فاطر: 12، الجاثية:12.

([46]) في السور الآتية: البقرة: 243، يونس: 60، يوسف: 3، ا لنمل: 73، غافر: 61.

([47]) قال الحرالي في تفسيره: "فأردى الأحوال لهذا المستخلف المحل الذي يسمى فيه بالإنسان، وهو حيث أنس بنفسه وغيره، ونسي عهد ربه... والمسمون فيه بالناس لنوسهم أي ترددهم بين سماع الزجر من ربهم، وغلبة أهوائهم عليهم، فيرد لذلك نبؤهم بذم أكثرهم في القرآن". محامدي بن عبد السلام الخِيَّاطي، تراث أبي الحسن الحرالي المراكشي في التفسير (الدار البيضاء: مطبعة النجاح الجديدة، ط1، 1997م)، ص34.

([48]) ذكر في مبحث الدراسة المعجمية أن الفضل هو الزيادة المنافية للنقص، وذلك كتعريف صاحب اللسان الفضل بضده في قوله: "الفَضْل والفَضِيلة معروف: ضدُّ النَّقْص والنَّقِيصة" ابن منظور، لسان العرب، مادة (فضل).

([49]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج10، ص264.

([50]) الراغب الأصفهاني، المفردات، مادة(كرم).

([51]) ابن منظور، لسان العرب، مادة(كرم).

([52]) الراغب الأصفهاني، الذريعة إلى مكارم الشريعة، ص86.

([53]) الشاهد البوشيخي، مظاهر تكريم الإنسان في القرآن الكريم، ص37.