الفروق الفردية وخطاب التكليف
غزالة نوري بن عاشور
طالبة دكتوراه في الفقه وأصوله، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر
gb٢٠٠٠٥٥٢@student.qu.edu.qa
صالح قادر الزنكي
أستاذ أصول الفقه، ورئيس قسم الفقه وأصوله، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر
salih.alzanki@qu.edu.qa
تاريخ الاستلام: ٦/١٢/٢٠٢٠ تاريخ التحكيم: ٣٠/١/٢٠٢١ تاريخ القبول: ٦/٩/٢٠٢١
ملخص البحث
أهداف البحث: يسعى البحث إلى الوقوف على مدى مراعاة الخطاب الشرعي التكليفي، للفروق الفردية، وعلى ما إذا كانت هذه الفروق محلّ نظر واعتبار في الأحكام التكليفية.
منهج البحث: اعتمد البحث المنهج الوصفي التحليلي؛ بتناول عدد من الأحكام التكليفية في أبواب فقهية مختلفة، ومراعاتها للفروق الفردية، في أربعة من مظاهرها.
النتائج: انتهى البحث إلى أن الشريعة قد راعت في الأحكام التكليفية الفروق على المستويات الجسمية، والعقلية، والإدراكيّة حق رعايتها، تحقيقًا للعدل التشريعي بين المكلفين، وأن عدم مراعاتها يدخل الحرج والضيق على المكلّف.
أصالة البحث: تظهر قيمة البحث العلمية في تكريس مراعاة التشريع الإسلامي الفروقَ الفرديةَ، وأنّها مبدأ أصيل فيه، متقدم على النظريات التربوية التي تنظر لذلك وتدعو إليه.
الكلمات المفتاحيّة: خطاب الشرع، الفروق الفردية، الأحكام التكليفية، خطاب التكليف، العدل التشريعي
للاقتباس: غزالة نوري بن عاشور، صالح قادر الزنكي «الفروق الفردية وخطاب التكليف»، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، المجلد ٤١، العدد ١، ٢٠٢٣.
https://doi.org/10.29117/jcsis.2023.0348
© ٢٠٢٣، غزالة نوري بن عاشور، صالح قادر الزنكي، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0)t. وتسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0-
The Islamic Prescriptive Discourse on Individual Differences
Gazala Nouri Ben Ashur
PhD Student, Qatar University, Qatar
gb2000552@student.qu.edu.qa
Salih Qadir Al-Zanki
Professor of the Principles of Islamic Jurisprudence, Head of the Department of Islamic Jurisprudence and its Principles, Qatar University, Qatar
salih.alzanki@qu.edu.qa
Received: 6/12/2020 Reviewed: 1/30/2021 Accepted: 6/9/2021
Abstract
Purpose: This study investigates how the Islamic legal prescriptive discourse considers individual differences and whether these differences are given sufficient observation and consideration in the prescriptive rulings.
Methodology: The study applies the descriptive analytical approach, tackling a number of Islamic provisions in different doctrines and their views of four aspects of individual differences.
Findings: Among the main conclusions of the study, we find that Sharia effectively considers the physical, mental, and cognitive differences in its prescriptive rulings. Such consideration is an aspect of the accomplishment of Sharia justice by legislators. In addition, disregarding these differences would be sufficient cause for legislators to become embarrassed and distressed.
Originality: The scientific value of the study is that we prove that the prescriptive legal rulings consider individual differences and that this process is a genuine principle in Islamic legislation that predated the emergence of the educational theories that advocate it.
Keywords: Legal discourse; Individual differences; Prescriptive rulings; Prescriptive discourse; Legislating justice
Cite this article as: Gazala Nouri Ben Ashur, Salih Qadir Al-Zanki “The Islamic Prescriptive Discourse on Individual Differences”, Journal of College of Sharia and Islamic Studies, Volume 41, Issue 1, (2023).
https://doi.org/10.29117/jcsis.2023.0348
© 2022, Sultan Ibrahim Al-Hashemi. Published in Journal of College of Sharia and Islamic Studies. Published by QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, trans.form, and build upon the material, provided the original work is properly cited. The full terms of this licence may be seen at
https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0/
المقدمة
الحمد لله الذي ختم الشرائع بشريعة الإسلام، وجعلها تامةً كاملةً صالحةً لكل زمان ومكان، مستوفيةً لحاجات الناس، راعيةً لمصالحهم في المعاش والمآل، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإنه لما كانت الشريعة الإسلامية عامةً للناس جميعًا، وكانت حكمة الله قاضيةً بالاختلاف والتنوع بينهم، فإنهم وإن كانوا متشابهين من وجوه عديدة إلا أنهم يتمايزون من وجوه أخرى كثيرة، منها؛ الشكلي الحسي كاللون والوزن والطول وغيرها، ومنها: النفسي والإدراكي كدرجة الذكاء والصفات الانفعالية، كالغضب والخوف والجرأة وغيرها، فإنها قد راعت ما بينهم من تفاوت وفروق في خطابها التكليفي، لمَا ابتنت عليه الشريعة من عدل ومراعاة لأحوال المكلفين، وهو ما تحاول هذه الورقة البحثية دراسته، وذلك ببحث مدى مراعاة الفروق الفردية بين المكلفين في خطاب التكليف، ويأتي الحكم منسجمًا مع تلك الفروق كل حسب حاله.
أهداف البحث:
تهدف الدراسة إلى بيان مدى مراعاة الفروق الفردية في الأحكام التكليفية، فعدل الشارع سبحانه يقتضي أن تكون الأحكام التكليفية متناسبةً مع قدرات المكلفين، كما تهدف إلى بيان المجالات التي روعيت فيها الفروق الفردية في الخطاب التكليفي، ومن ثم ضرورة السير على هذا النهج، واتخاذه أساسًا ومنطلقًا في الاجتهادات الفقهية المعاصرة.
أهمية البحث:
تتجلى أهمية هذه الدراسة في أمور، منها؛ أنها من الدراسات البينية التي تتناول موضوعًا مشتركًا بين عِلمينِ، فيما بات يعرف اليوم بتنافذ المعارف، أو عبور التخصصات، ولذلك أهميته في الاستفادة من العلوم المختلفة. أن الأحكام التكليفية هي التي يتجلى فيها تطبيق المكلف للشرع وصولًا لمرضاة الله ، فلا تخفى أهمية بحث ما يتعلق بامتثال المكلف لهذه الأحكام. كما أن مما تهتم به هذه الدراسة إبراز العدل التشريعي في مراعاة الفروق بين الأفراد فيما كلفهم الله تعالى به، وإظهار الإعجاز التشريعي في مراعاة ذلك قبل مئات السنين من ظهور النظريات التربوية الحديثة التي تؤكد أهمية مراعاتها وضرورتها.
إشكالية الدراسة:
تبحث هذه الدراسة مسألة مراعاة الشريعة في أحكامها التكليفية للفروق الفردية، وتناولت في سبيل ذلك نماذج من أحكامها التكليفية بالدراسة، للتوصل إلى مدى مراعاة هذه الفروق الفردية في الخطاب التكليفي.
أسئلة الدراسة:
تروم الدراسة الإجابة عن الأسئلة التالية: ما المراد بالفروق الفردية وخطاب التكليف؟ وما الفروق الفردية المراعاة في الخطاب التكليفي؟ وكيف ميز الخطاب التكليفي بين المكلفين حسب الفروق الفردية بينهم؟ وما أثر هذه المراعاة على الأحكام من حيث التخفيف، أو الزيادة، أو نحو ذلك؟ ثم هل عدم مراعاة الفروق الفردية في خطاب التكليف يؤثر سلبًا على أدائها، أو على المكلفين؟
منهج الدراسة:
اتبعت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي؛ من خلال دراسة نماذج مختارة، وبيان أقوال العلماء فيها، وبيان وجه مراعاة الفروق الفردية فيها، وإن كان في المسألة أكثر من قول بُين أكثرها توافقًا مع مبدأ مراعاة الفروق بين المكلفين، على أن البحث تناول نماذج من أبواب فقهية متعددة، وذلك بحسب ما سمحت له طبيعته، وبما يكون كافيًا وسانحًا للإجابة عن الأسئلة البحثية.
حدود الدراسة:
قد تقع الفوارق بين الناس لأسبابٍ عرَضية مؤقتة من مرض، أو سفر، أو نحو ذلك، ويكون مؤقتًا ثم يزول، ولا يكون سمةً فرديةً للشخص مستمرة معه، وهذه الأعراض قد راعتها الشريعة، فشرعت لها الرخص، أو الأحكام الاستثنائية، وهو ما يطلق عليه الأصوليون الرخص في مقابل الأحكام الأصلية (العزائم)، وهي أحكام تراعي حال المكلف في ظرف استثنائي معين، رحمةً من الشارع به، ورعيًا لظرفه، ثم إذا زال هذا العذر عاد للحكم الأصلي؛ ولا يدخل هذا النوع من الأحكام في موضوع الدراسة، بل المراد بالبحث الفروق الفردية التي هي بمثابة سمات وصفات شخصية شبه لازمة للفرد، كما أنها تناولت ما يتعلق بالخطاب التكليفي دون ما هو من باب الخطاب الشرعي التربوي، أو الإرشادي الذي ليس بتكليف.
الدراسات السابقة:
فيما يتعلق بمراعاة الفروق الفردية في الخطاب التكليفي أو كيفية تعامل الأحكام التكليفية مع الفروق الفردية، لم تقف الدراسة على كتاب، أو بحث، أو مقال تناول موضوع الدراسة قيد البحث، أما ما يتعلق بدراسة الفروق الفردية في غير الخطاب التكليفي، فثمة دراسات ومن أهمها صلة بالموضوع:
١- سلافة محمد توفيق الشرايري، الفروق الفردية في التربية الإسلامية، جامعة اليرموك، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، ١٩٩٣م، رسالة ماجستير غير مطبوعة، وهذه الدراسة تناولت الفروق الفردية من الجانب التربوي، وبالتحديد أثر الفروق الفردية بين المتعلمين في التربية من منظور إسلامي، وقد تناول الفصل الأول من الدراسة طبيعة الفروق الفردية في الكتاب والسنة، وفي الفصل الثاني تناول مجالات الفروق الفردية في القرآن والحديث من إيمانية وانفعالية وعقلية... وغيرها، وفي الفصل الثالث عرضت الدراسة لمجموعة من المربّين المسلمين ببيان آرائهم التربوية المتعلقة بالفروق الفردية، وفي الفصل الأخير حديث عن بعض الممارسات العملية لمراعاة الفروق الفردية في مؤسسات التعليم الإسلامي، وتسعى هذه الدراسة إلى محاولة تقصي الفروق الفردية في مؤسسات التعليم الإسلامي، وفي آراء بعض المربّين المسلمين عبر العصور الإسلامية المختلفة، وإبراز هذا الجانب في التربية الإسلامية، وبيان سبقهم إليه، وهذه الدراسة تتناول مراعاة الفروق الفردية من الناحية التربوية.
٢- صالح بن أحمد رضا، جامعة الأزهر، «السنة النبوية والفروق الفردية»، المجلة العلمية لكلية أصول الدين والدعوة، الزقازيق، ٢٠٠٤م، وقد تناول البحث أربعة عناصر، الأول منها للتعريف بالفروق الفردية، وحاول الثاني تبيين الفروق الفردية في السنة، وتناول أحاديث نبوية تبين سبق النبي ﷺ لتقرير مبدأ الفروق، وسعى الثالث إلى إظهار اعتبار النبي ﷺ للفروق الفردية بذكر بعض المواقف من السيرة، وهدف المبحث الرابع إلى استعراض الفروق بين الجنسين، وعرض نماذج من الأحاديث التي تقوم على اعتبار الفروق بين الجنسين، وتسعى الدراسة إجمالًا إلى التأصيل لمبدأ مراعاة الفروق الفردية من السنة النبوية.
٣- نعيم أسعد الصفدي وعبد اللطيف مصطفى الأسطل، «الفروق الفردية في ضوء التربية النبوية»، مجلة جامعة الأزهر، غزة، ٢٠١٠م، تضمن هذا البحث مبحثين، الأول بعنوان: أهم الأساليب التي استخدمها النبي ﷺ لمراعاة الفروق الفردية، والثاني بعنوان: مراعاة النبي ﷺ للفروق الفردية عند الناس، وقد تناول هذا المبحث جملةً من الأحاديث التي تبين مراعاة النبي ﷺ للفروق الفردية.
٤- هاني بن حسن اليماني، منهج السنة النبوية في مراعاة الفروق الفردية وتطبيقاته التربوية في المدرسة الابتدائية، جامعة أم القرى، كلية التربية، قسم التربية الإسلامية المقارنة، رسالة ماجستير غير مطبوعة، ١٤٢٦هـ، وتقوم هذه الدراسة على بيان منهج السنة النبوية في التعامل مع الفروق الفردية، والتطبيقات التي يمكن الإفادة منها في ضوء ذلك.
٥- محمد بن سعيد الغامدي، الفروق الفردية في السنة النبوية، دراسة حديثية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كلية أصول الدين، قسم السنة وعلومها، رسالة دكتوراه غير مطبوعة، ١٤٢٧هـ/٢٠٠٧م. تقوم هذه الدراسة على جمع الأحاديث المتعلقة بالفروق الفردية ودراستها، وتناول الباحث جملةً من المواقف من السيرة النبوية التي تظهر مراعاة النبي ﷺ للفروق الفردية.
وهذه الدراسات كما تبين تتناول جانب مراعاة الفروق الفردية في السيرة النبوية من خلال دراسة الأحاديث الواردة في ذلك، ولم تتعرض لمراعاة الشارع للفروق الفردية في الأحكام التكليفية التي هي غاية هذه الدراسة وهدفها.
المبحث الأول: (إطار نظري): مدخل إلى موضوع الدراسة
اختلاف الناس فيما بينهم من سنن الله في خلقه، وقد دلت آيات قرآنية على هذا الاختلاف بينهم، منها قوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الذِينَ يَعْلَمُونَ وَالذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: ٩]، وأشارت في بعضها إلى الحكمة من ذلك: ﴿وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ليَتخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مما يَجْمَعُونَ﴾ [الزخرف: ٣٢]، وهذا الاختلاف والتنوع سبب التكامل بين البشر (1)، وقد تناولت الفلسفات القديمة مسألة الاختلاف والفروق بين الناس، وما يتأهّل كل منهم للقيام به، والتمييز والتفاضل بين الناس بسبب هذه الاختلافات، وتعددت النظرات في معيار هذا التفاضل، ولم يجعل الإسلام الفروق بين الأفراد من الناحية الخَلقية كاختلاف اللون، أو العِرق، وكذا الفروق من حيث الحالة الاقتصادية سببًا للتفضيل بينهم، بل معيار التفاضل في الإسلام التقوى ﴿إِن أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣]، وتحصيل التقوى أمر ممكن من كل المكلفين، قال ﷺ: «يَا أيهَا الناس، ألَا إِن ربكم واحد، وإِن أَباكم واحد، ألَا لا فضل لعربِي عَلَى أَعجمي، وَلَا لعجمي عَلَى عربِي، وَلَا لأَحمرَ على أَسود، ولا أسودَ على أَحمر إلا بالتقوَى»(2).
وقد نوع الخطاب التكليفي من أبواب الطاعات بما يتناسب مع كل مكلف، فلكل منهم أن يستزيد، ويتطوع من هذه الأبواب بما يتناسب معه قدرة وميولًا، فالتكليف الشرعي ينقسم إلى أوامرَ ونواهٍ، ولما كانت الأوامر أفعالًا، وبهذا تختلف قدرة المكلفين على الامتثال لها، روعي هذا المعنى في الخطاب الشرعي التكليفي، وكان جانب الاستطاعة مقدرًا، وقد وضح النبي ﷺ هذا الأصل بقوله: «دعوني ما تركتكم، إنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم»(3). وقد عنيت الدراسات الحديثة في علم النفس بهذا الموضوع، وغدا تخصصًا، له موضوعاته ومباحثه ومجاله المعرفي المسمى: علم النفس الفارق، وهو مجال معرفي يتعلق بالبحث في نواحي الاتفاق والاختلاف، بين الأفراد بُغية فهمها، وتوجيهها وتنظيمها في قوانين ونظريات، تصلح للتعميم والتنبؤ(4).
وتسعى الدراسة إلى توضيح عدد من المفاهيم الاصطلاحية المرتبطة بها؛ لتكون تأسيسًا نظريا للانتقال منه إلى المبحث التطبيقي.
المطلب الأول: الفروق الفردية
اهتمت الدراسات التربوية والنفسية المعاصرة بدراسة الفروق بين الأفراد باعتبارها مؤثرًا فاعلًا على تحصيل الفرد العلمي وإنتاجه، وطريقة تعامله مع المشكلات وظروف الحياة المختلفة، ولا سيما تأثير الفروق بين الأفراد في العملية التعليمية، وكذا في ميادين العمل والإنتاج؛ إذ يظهر تأثير الفروق الفردية في التمايز بين الأفراد بشكل واضح. وهم يعنون بها إذ يطلقونها: «الصفات التي يتميز بها كل إنسان عن غيره، سواء أكانت تلك الصفات جسمية، أو عقلية، أو مزاجية، أو في سلوكه النفسي، أو الاجتماعي»(5)، وبما أن الأفراد يشتركون في مستوًى معين في الصفات، فإن مقدار الزيادة أو النقصان في معدل صفة ما، هو الذي يميز بين فرد وآخر؛ ولذلك تُعرف الفروق الفردية بأنها: «الانحرافات الفردية عن المتوسط العام للمجموعة في صفة، أو أخرى من صفات الشخصية والتي من خلالها نميز الفرد عن الأفراد الآخرين»(6).
وتتجلى مظاهر الفروق الفردية بين الأفراد في الصفات الجسمية بالاختلاف في الطول والوزن والقوة الجسمية وغيرها من الصفات، وفي الصفات الانفعالية كميل البعض إلى الانطواء، والآخر إلى الانفتاح والتواصل، وكذا التمايز بين الأفراد في درجة الانفعال بين الثبات والتهيج، كما تظهر أيضًا في القدرات العقلية كالتنوع في درجة الذكاء والقدرة على الابتكار وغيرها، وهذه الصفات تميز بين كل فرد وآخرَ وتتسم بأنها: ثابتة إلى حد كبير، فهي ليست صفات آنية، أو عرضية طارئة على الفرد، وإن كانت نسبة الثبات تختلف بين الفروق الفردية، فمثلًا درجة الثبات في الفروق في الصفات العقلية أكبر من درجة ثبات الفروق في السمات الانفعالية(7)، فهي إذًا صفات يمكن تغييرها إلى حد ما وليست ثابتةً كليا، «ويرى العلماء أن معظم الصفات النفسية يمكن أن تخضع للتغيير طالما أن الإنسان يتمتع بقدرة عالية على التعلم»(8)، وقد أرشد إلى هذا النبي ﷺ في قوله: «إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم»(9)؛ ففيه توجيه إلى أن هذه الصفة النفسية وهي الحلم، يمكن أن تنال وتكتسب، فهي قابلة للتغير بالزيادة، ومنه قوله ﷺ لرجل سأله الوصية: «لا تغضب»(10)، فهذا إرشاد إلى أنه يمكن التدرب لتغيير هذه الصفات الانفعالية، وهي أقل الفروق الفردية ثباتًا كما تقدم، كما تتسم الفروق الفردية أيضًا بأنها تختلف من جهة الكم أكثر منها في النوع، إذ لا يوجد شخص معدوم الذكاء مثلًا، وهذه الفروق وإن كانت تخضع للقياس عن طريق قياس آثارها في تصرفات الأفراد إلا أنها تبقى أمورًا تقديريةً افتراضيةً لا يمكن قياسها بصورة يمكن بعدها تصنيف الناس إلى أصناف متمايزة محددة تمامًا(11)، ومع ذلك يمكن عند قياس الفروق الفردية للأشخاص بحساب متوسط درجات هذه الفروق لفئة معينة من الناس(12)، لتقام الدراسات من ثم على هذه الفئة، كما أشارت الدراسات إلى أنهّا تختلف من حيث المدى، وأن أكبر تشتت بينها يوجد في السمات الانفعالية، وأقل مدى يوجد في الصفات الجسمية(13)، كما أنها تتأثر بعدة عوامل أهمها العوامل البيئية والوراثية(14).
وتظهر أهمية دراسة الفروق الفردية في أننا عند فهمها يمكننا البناء عليها ومراعاتها في شتى المجالات العلمية منها والاجتماعية؛ إذ يمكن الانتفاع بالمواهب المتنوعة الموجودة لدى الأفراد لتطوير المجتمع؛ وذلك بالاستفادة منه بصورة تطبيقية في تنظيم العلاقات الاجتماعية والمهنية والإدارية وتوزيع الأدوار بين أعضاء المجتمع، كما أن دراسة الفروق الفردية تعين على التكيف مع الأفراد الآخرين استنادًا إلى تلك الفروق(15)، فدراسة الفروق الفردية اليوم ليس ضربًا من الترف المعرفي؛ إذ التعقيد الذي وصل إليه المجتمع المعاصر، وكثرة الأدوار التي تحتاج إلى معرفة مَن الأنسب للقيام بها، جعل دراسة هذه الفروق أمرًا مهما لبناء المجتمع وتحقيق التوافق بينهم(16)، وفي المقابل عدم الاعتناء بمراعاة الفروق بين الأفراد واستثمار ذلك في تحسين تعلمهم وأدائهم المهني ومحاولة تكييفهم في المجتمع، له ضرر على الفرد نفسه من حيث توافقه النفسي، وعلى المجتمع من حيث تطويره وبناؤه.
وقد تعامل الإسلام من خلال خطابه التكليفي مع هذه الفروق بعدله، فلم ينظر إليها على أنها أمر يحتاج لعلاج، أو هو أمر خارج عن ميزان الطبيعة، فينبغي محاولة تقليله بقدر الإمكان(17)، وكذلك لم يتجاهله، بل على العكس، فهو ينظر لهذا التفاوت والتنوع على أنه نعمة ومصدر إثراء، وآية من آيات الله، به يتحقق التكامل في المجتمع، ويؤدي كل فرد دوره باتساق وتوافق، فمن ذلك استحبابه بذل الجاه خدمة لمصالح الآخرين وإعانة لهم(18)، وفي هذا مراعاة لاختلاف المكانة الاجتماعية بين الأفراد، فمنهم صاحب الجاه والنفوذ، ومنهم الضعيف.
المطلب الثاني: خطاب التكليف
التكليف لغةً: الأمر بما يشق عليك(19)، ومعنى التكليف في اصطلاح الأصوليين لا يخرج عن المعنى اللغوي، من حيث الدلالة على الطلب والإلزام، إلا أنه يختص بما كان تكليفًا من الشارع فهو: «إلزام مقتضى خطاب الشرع»(20)، ويلاحظ أن هذا التعريف لم يميز بين قسمي الحكم الشرعي؛ إذ مقتضى خطاب الشرع هو الحكم الشرعي، وهو بدوره ينقسم إلى حكم تكليفي وحكم وضعي، والذي يعنينا في هذا البحث هو الحكم التكليفي لتعلق خطاب التكليف به، ويُعرف اصطلاحًا بأنه: «خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء، أو التخيير»(21)، وبناءً عليه فالأحكام التكليفية خمسة؛ لأن الخطاب إما أن يكون جازمًا، أو لا يكون، وإن كان جازمًا، فإما أن يكون طلب فعل فالإيجاب، أو طلب ترك فالتحريم، وإن كان غير جازم، فإما أن يكون الطرفان (الفعل والترك) متساويين، فالإباحةُ، أو يترجّح جانب الفعل فالندب، أو جانب الترك فالكراهة(22)، ويكون إطلاق التكليف على الإباحة من باب التغليب؛ إذ لا كُلفة في الإباحة، فلا ينطبق عليها المفهوم الاصطلاحي للتكليف؛ لأن المكلف في سعة لعدم المؤاخذة(23).
فالخطاب التكليفي هو الذي يترتب عليه الواجبات والمحرمات وسائر الأحكام التي يناط بها الثواب والعقاب، وعلى أساس معنى التكليف يتحقق الجزاء على الفعل، أو الترك، وإن كان في التكليف معنى الكلفة إلا أنها لا تخرج عن الحد المستطاع للمكلف، فلا يدخله في الحرج والعنت، ﴿لَا نُكَلفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا﴾ [الأعراف: ٤٢]، ﴿لَا يُكَلفُ اللهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق: ٧]، ولذا فإنه يشترط فيه أن يكون أهلًا للتكليف(24)، بأن يكون عاقلًا فاهمًا للخطاب، وقادرًا على الفعل، وأن يكون من كسبه، إذًا فالخطاب التكليفي لا يتعلق بما ليس من كسب الإنسان، وما هو خارج عن وسعه، والفروق الفردية كما سبق صفات تتأثر بعوامل البيئة والوراثة، وتمزج بين الجانب المكتسب وغيره، وإذا راعت الشريعة طبيعة الإنسان عمومًا في التكليف، فإن عدلها يستلزم أيضًا اعتبار ما بين الأفراد من فروق في القدرات والصفات ووضع الأحكام التي تتناسب وهذا التنوع.
وتميز دراسات علم النفس الفارق بين ثلاثة أنواع من الفروق(25):
١- الفروق بين الأفراد من حيث القدرات والصفات، وهو المراد في هذا البحث.
٢- الفروق في داخل الفرد الواحد؛ إذ الفرد نفسه يختلف في قدراته، فقد يكون ضعيفًا في القدرة اللغوية، متفوقًا في القدرة الرياضية مثلًا، ودراسة الفروق داخل الفرد تفيد في تنمية جوانب القوة لديه وتوجيهه مهنيا وتربويا بما يتلاءم معه، ومن حيث مراعاة هذا الجانب في الأحكام التكليفية، فهو يحتاج لبحث وتفصيل لا تسعه هذه الدراسة.
٣- الفروق بين الجماعات(26)، وذلك لدراسة ما بينها من فروق في السلوك والعمليات العقلية والعمليات الانفعالية، فلكل جماعة ثقافتها وتقاليدها الاجتماعية، وهي تنعكس بدورها على سلوك الأفراد، وقد راعت الشريعة هذه الفروق بينهم، ويظهر ذلك في اعتبار الأعراف والاعتداد بها، وذلك في المسائل التي يكون لاختلاف تقاليد الجماعات أثر فيها، كالأعراف التي تنزل منزلة الشروط في بعض المعاملات، فراعتها الشريعة تيسيرًا على الناس ومراعاةً للفروق بين الجماعات فيما اعتادوه في تخاطبهم ومعاملاتهم.
وقد راعت الشريعة الفروق بين الأفراد -وإن لم يذكر الأصوليون صراحةً هذا الاعتبار، إلا أننا نجد بعض الإشارات الدالة على مراعاة الاختلاف بين المكلفين – من ذلك ما نظّر له الشاطبي (ت ٧٩٠هـ) في موضوع تحقيق المناط الخاص في الاجتهاد، حيث قال: «وهو النظر فيما يصلح لكل مكلف في نفسه، بحسب وقت دون وقت، وحال دون حال، وشخص دون شخص، إذ النفوس ليست في قبول الأعمال الخاصة على وزان واحد، كما أنها في العلوم والصنائع كذلك»(27)، والاجتهاد في تحقيق المناط الخاص بكل مكلف يعني النظر إلى المكلف نظرةً خاصةً، فالخطاب التكليفي مناسب للمكلفين في المتوسط العام الذي يشترك فيه الجميع، وطبيعة التنوع البشري تستلزم أن تكون هناك خصوصية لكل مكلف من حيث صفاته الشخصية، وهذا هو معنى مراعاة الفروق الفردية، «فهو يحمل على كل نفس من أحكام النصوص ما يليق بها، بناءً على أن ذلك هو المقصود الشرعي في تلقي التكاليف»(28)، وإضافةً إلى هذا التوجيه الصريح من الشاطبي إلى مراعاة الفروق بين المكلفين وما عليه حال كل منهم، الذي يعد أظهر توجيه أصولي في هذا الخصوص، نجد إشارات من بعض الأصوليين تدل على اعتبار الفروق بين المكلفين في الأحكام التكليفية، من ذلك قول ابن عقيل (٥١٣هـ): «أحوال المكلفين مختلفة غاية الاختلاف، ولهذا خالف الله سبحانه بينهم في التكاليف بحسب اختلاف أحوالهم»(29)، ويلاحظ أنه جاء في سياق الاستدلال على أن أفعال النبي ﷺ لا يثبت وجوبها من جهة العقل، وإنما يكون ذلك من جهة السمع، فدل ذلك على أنه أمرٌ قارٌ لديهم، ولم يكن موضع خلاف أو تجاذب من الناحية النظرية، بل جاء استدلالًا على أمر آخر، كما أن جل الحديث عن الاختلاف في أحوال المكلفين يتجه نحو الاختلاف في الأمور العارضة كالمرض والسفر، ونحوهما مع الإشارة أحيانًا إلى الاختلاف في السمات الشخصية الثابتة، أو شبه الثابتة، ولعل هذا الملحظ من أبرز ما ميز التناول الأصولي، فيما يتعلق بالفروق بين المكلفين، ففي النص السابق لابن عقيل وضح بالمثال اختلاف أحوال المكلفين بذكر الاختلاف بين الذكور والإناث مما استلزم الاختلاف بينهم في الأحكام، والاختلاف بين المسافر، والحاضر، وغيرها، وفي الدرس التربوي الحديث نجده يرتكز على السمات الشخصية، لا الأمور العارضة للشخص، مع مزيد تنظير وتفصيل في أنواع هذه السمات ودرجات الفروق بين الأفراد فيها ونسبة ثباتها.. إلخ، مما يعد من طبيعة تطور العلوم وزيادة تخصصها، فإذا أخذنا بهذا المدلول يتبين أن تناول الأصولي لمفهوم الفروق أو الاختلاف بين المكلفين أوسع من المراد بالفروق الفردية في علم النفس التربوي؛ ولعل هذا راجع إلى موضوع كل علم، فعلم الأصول ثمرته الوصول إلى الأحكام الشرعية العملية في كل الظّروف والأحوال الطارئ منها والعادي، ولكل المكلفين باختلاف صفاتهم، ففهم طبيعة الإنسان أمر أساسي لفهم المكلف الذي يمتثل أوامر الله تعالى(30)، وإن كان غالب الحديث عن مراعاة الفروق في الأحكام بين الظّروف العادية والظّروف الطارئة المراعاة للمكلفين، إلا أن الفروق بين المكلفين مراعاة أيضًا، وسيأتي في المبحث التالي أن الأحكام الشرعية التكليفية المبثوثة في مختلف الأبواب الفقهية تنظر للفروق الفردية باهتمام، وتميز بين المكلفين بناءً عليها.
المبحث الثاني: نماذج من مراعاة الفروق الفردية في الأحكام الشرعية
في هذا المبحث نماذجُ من أبواب فقهية متنوعة راعت فيها الشريعة الفروق الفردية في الأحكام، وهي تتنوع بحسب ما يتناسب وهذه الفروق.
المطلب الأول: الفروق في الجنس (31)
إن الله سبحانه وتعالى قد ساوى بين المرأة والرجل في أصل التكليف وفي الجزاء على الأعمال، ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا من ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنهُ حَيَاةً طَيبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: ٩٧]، ومع ذلك هناك بعض الأحكام اختلف فيها الجنسان نظرًا لطبيعة كل منهما، ﴿وَلَيْسَ الذكَرُ كَالْأُنثَىٰ﴾ [آل عمران: ٣٦]، واختلاف الجنس من العوامل المؤثرة على الصفات الشخصية؛ التي تنعكس بدورها على التصرفات وطرق التعامل مع مختلف المواقف والظّروف ومع طبيعة الوظائف التي تلائم كلا منهما، وهذا الاختلاف بين الجنسين أمر اقتضته الحكمة الإلهية، ويستلزمه حصول التكامل بينهما، فلكل من المرأة والرجل من الصفات ما يؤهّله للقيام بوظائف يصعب على الآخر القيام بها، ولذا نجد هذه الفروق قد روعيت في بعض التكاليف الشرعية التي يكون لهذا الفرق أثر في أدائها، بحيث تتلاءم مع خصائص كل منهما، ومن العدل مراعاة هذه الظّروف وتنزيل التكليف بما يتناسب معها، ومن هذه الأحكام:
أولًا: اختلاف نصاب الشهادة على الديْن بين الرجال والنساء
قال تعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رجَالِكُمْ فَإِن لمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمن تَرْضَوْنَ مِنَ الشهَدَاءِ أَن تَضِل إِحْدَاهُمَا فَتُذَكرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، فجعل الله الشهادة على الديْن متحققةً برجلين، أو برجل واحد وامرأتين، فجعل امرأتين في مقابل الرجل، وفي الآية تعليل لهذا الاختلاف ﴿أَن تَضِل إِحْدَاهُمَا فَتُذَكرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، فسبب اختلاف الحكم راجعٌ إلى الاختلاف في الضبط، وأن المرأة في الغالب يكثر منها النسيان، فيما ليس لها شأن خاص واهتمام به، ومعلوم أن الحكم يبنى على الغالب دون النادر، وذلك احتياطًا لحفظ الشهادة من التحريف(32)، وفي هذا مراعاة للفروق الفردية بين الجنسين، وإذا نظرنا لحكم الآية بالتفصيل الذي أوضحه ابن تيمية (ت ٧٢٨هـ)، وأكده ابن القيم (ت ٧٥٦هـ)، وهو أن الآية فرقت بين شهادتهما في مقام الإشهاد؛ أي: التحمل، ولم يرد التفريق بينهما في مقام الأداء أمام القاضي(33)، وأرشدت الآية صاحبَ الحق إلى الطريق الأكمل للتوثق زيادةً في الاحتياط للحقوق، وقد أوردت عدة أمور تفصيلية لتوثيق الشهادة منها: الأمر بالكتابة، وأن يملي الذي عليه الحق، وغيرها، وكان منها الإرشاد إلى الإشهاد برجلين، أو برجل وامرأتين، وقد ورد تعليل ذلك في الآية الكريمة؛ بأنه إذا ضلت إحداهما؛ أي: نسيت، تذكرها الأخرى(34)، وصاحب الحق في أي مجال، إذا أراد أن يستوثق لحقه، فالعقل يقتضي أن يستعين بأصحاب الخبرة والدراية، هذا هو الوضع الطبيعي، وهذا ما أرشد إليه القرآن، وليس في هذا عدم اعتداد بشهادة المرأة مطلقًا، أو اعتبارها نصف شهادة الرجل في كل الأحوال؛ إذ شهادتها مقبولة في الأداء، «قال شيخ الإسلام ابن تيمية: القرآن لم يذكر الشاهدين والرجل والمرأتين في طرق الحكم التي يحكم بها الحاكم، وإنما ذكر النوعين من البينات في الطرق التي يحفظ بها الإنسان حقه»(35)، فأداء الشهادة يقبل من الرجل والمرأة بحسب ما يتبين للقاضي، كما أن شهادتها مقبولة منفردة في بعض الأمور كالرضاع، وعيوب النساء؛ وهي أمور قريبة من مزاولة النساء وما تمارسه غالبًا وتعايشه؛ ولو كانت شهادتها لا تقبل إطلاقًا لكان في هذا الحكم انتقاص من إنسانيتها، ولا أدل على بطلان ذلك من قبول رواية المرأة للحديث، فلا فرق في هذا بين الجنسين، والحديث دين، فأي شيء يمكن أن يكون أخطر وأهم منه، وبهذا يظهر أن التفريق بين شهادتها وشهادة الرجل إنما كان في الموضع الذي يظهر فيه تأثير الفرق بينهما.
ثانيًا: وجوب النفقة على الرجل دون المرأة
أوجب الشرع النفقة للمرأة في مختلف مراحل حياتها؛ فأوجب نفقتها بنتًا على أبيها، وزوجةً على زوجها، وأما على ابنها، ولم يوجب عليها النفقة على غيرها، ولو كانت ذات مال، فنفقة الزوجة واجبة على زوجها(36)، ولم يوجب عليها النفقة على زوجها، ولا على أولادها إذا كان لهم أب(37)، كما أوجب على الأب النفقة على الأبناء، وجعله آكد في البنت، إذ إنه ينفق على الولد إلى أن يكون قادرًا على الكسب، أما البنت فيُطالب بالنفقة عليها إلى أن تتزوج(38).
وفي عدم إلزامها بالنفقة ومطالبة غيرها بالنفقة عليها، تقدير للفروق الفردية بين المرأة والرجل؛ وذلك لما يترتب على إلزامها بالنفقة من تكليف لها، وتحميلها ما يدخلها في المشقة، فالسعي في طلب الرزق يترتب عليه ما لا يخفى من بذل الجهد والوقت، بصورة لا تحتملها قدراتها على وجه الكمال، فأسقط عنها ما يستلزمه وجوبه عليها من العنت والمشقة، وأنيط الحكم بالرجل فهو الأقدر بما يتصف به من قدرات على تحمل هذا التكليف.
فهي شريعة كاملة تراعي مصالح العباد وما يتوافق مع قدراتهم وطبيعتهم في كل جزئية من جزئياتها، على هيئة تُنظّم واجبات كل فرد بما يتلاءم معه، فيضمن قيامه بها على الوجه الأكمل تحقيقًا للاستقرار والنمو في المجتمع المسلم، وهذا ينبغي أن لا يُفهم أن ثمة بخسًا لحقوق النساء، أو تمييزًا سلبيا ضدهن، بل هو تمييز إيجابي ومراعاة للفروق، كما ينبغي أن لا نفرق بين القول بمراعاة الفروق الفردية في علم دون علم، ففي علم النفس الفارق، تكون هذه الفروق أمرًا مقبولًا، بل يُشجّع على مراعاتها، ولكن في علوم الشريعة وأحكامها، مراعاة تلك الفروق تُتخذ ذريعةً للنيل منها، وادعاء ظلمها، وهضمها لحقوق المرأة، فأين الموضوعية العلمية المطلوبة!
المطلب الثاني: الفروق في القدرة الجسمية
من المسلم به أن الناس ليسوا سواءً في القدرة الجسمية ودرجة ضبط النفس، فهم على صفات مختلفة ودرجات متفاوتة، ففيهم الضعيف والقوي ومتوسط الحال؛ لذا نجد الخطاب التشريعي في بعض التكاليف البدنية يراعي هذه الفروق، فيرفق بالضعيف، ويضع التكليف في المتوسط الذي يستطيعه الجميع، من ذلك:
أولًا: أمر النبي ﷺ الإمام بالتخفيف في الصلاة
أمر النبي ﷺ الإمام بأن يراعي الفروق الجسمية بين المأمومين، فأمره بالتخفيف في الصلاة «إذا صلى أحدكم للناس فليخفّف، فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء»(39).
فالضعيف ضعيف الخلقة، والسقيم من كان به مرض(40)، وفي الحديث تصريح وبيان واضح بأن العلة في حكم التخفيف، إنما هي لمراعاة الفروق الفردية بين المأمومين، فأرشد الإمام إلى التخفيف بما يتناسب مع من هو أدنى في القدرة الجسمية حتى يتأتى للجميع تحصيل فضل الجماعة في تأدية هذه العبادة العظيمة، فإنه لا شك أن المصلي يتشوف إلى زيادة الثواب بالتطويل في صلاته التي هي أول القربات وأعظم الطاعات، إلا أنه في صلاة الجماعة يُلاحظ معنى آخر وهو وجود جماعة المصلين، وتفاوتهم في قدراتهم، فيكون في التطويل إدخال للضعيف منهم والسقيم في الحرج، مما قد يؤدي إلى تضييع معنى الخشوع في الصلاة، أو حتى عدم الحرص على المبادرة إلى حضورها.
وقد جاء في هذا المعنى حديث آخر عن أبي مسعود الأنصاري قال فيه: «جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: إني لأتأخّر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا، قال: فما رأيت النبي ﷺ غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ، فقال: يأيها الناس إن منكم منفّرين، فأيكم أم الناس فليوجز، فإن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة»(41)، فبالتخفيف بما يراعي الضعيف يتحقق له فضل الجماعة دون إيقاعه في حرج؛ إذ لا يجوز له التخلف عن الإمام فينقطع عن الجماعة إذا دخل فيها.
ولتعلق النهي عن التطويل بالفروق الفردية بينهم من حيث القدرة الجسدية، فقد بين العلماء أنه يختلف باختلاف المأمومين، فما يكون تطويلًا عند البعض لا يكون تطويلًا عند آخرين، فهو أمر يمكن للإمام تقديره، قال ابن دقيق العيد: «لما ذكرت العلة وجب أن يتبعها الحكم، فحيث يشق على المأمومين التطويل، ويريدون التخفيف يؤمر بالتخفيف، وحيث لا يشق، أو لا يريدون التخفيف لا يكره التطويل، وعن هذا قال الفقهاء، أنه إذا علم من المأمومين أنهم يؤثرون التطويل طول، كما إذا اجتمع قوم لقيام الليل فإن ذلك وإن شق عليهم فقد آثروا ودخلوا عليه»(42).
وقد عد البعض أن الأمر بالتخفيف لا يتعلق فقط بمراعاة الفروق الفردية من حيث القدرة الجسمية، بل أيضًا يُنظر إلى الفروق الفردية من حيث الدرجة الإيمانية، فما يعده البعض تطويلًا قد لا يكون كذلك عند آخرين، ولذلك فَسر البعضُ الضعف بأنه ضعف بالعلة، أو الهمة(43)، فالهمة بالتطويل في الصلاة تختلف باختلاف الإيمان من شخص لآخر، وقد أُثر عن النبي ﷺ أنه كان يصلي بأصحابه بطوال السور، مع أمره الإمام بالتخفيف، وكذلك روي التطويل بالقراءة في الصلاة عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي (44)، وذلك راجع لحال المأمومين من خلفهم، قال ابن عبد البر (ت ٤٦٣هـ): «وما أشك- أنهم- كانوا يعرفون من حرص من خلفهم على التطويل ما حملهم عليه أحيانًا»(45). على أنه تخفيف لا يخرج عن مقاصد الصلاة وعن إقامتها تامةً بأركانها وواجباتها وسننها؛ أي: ألا يُخل التخفيف بالصلاة نفسها، وقد وصف أنس صلاة النبي ﷺ بقوله: «كان من أخفّ الناس صلاةً في تمام»(46).
كما أن في الأمر بالتخفيف في الصلاة، تدريب على الالتفات إلى حال الضعيف فيهم، وترك الأنانية حتى في العبادة، وفي ذلك محاولة إلى إيجاد مجتمع متآزر متعاون، يساند بعضهم بعضًا، ويتألم أحدهم بما يتألم به الآخر، ويراعي بعضهم بعضًا.
ثانيًا: النهي عن القبلة للصائم
الصوم من العبادات التي تُعين على ضبط النفس، ويرتقي بها المؤمن إلى درجات التقوى والمراقبة لله ، وهي أحد أركان الإسلام، ولما كان الناس متفاوتين في درجة ضبط دوافعهم؛ فقد نهى النبي ﷺ عن أن يقبّل الصائم، وذلك سدا لذريعة ما قد يؤدي إلى فساد صومه، وخص الشاب بالنهي، عن عائشة -رضي الله عنها- «أنه ﷺ رخّص في القبلة للشيخ، وهو صائم، ونهى عنها للشابّ، وقال: الشيخ يملك إربه، والشابّ يفسد صومه»(47).
وقد علل النبي ﷺ النهي بعدم ضبط النفس للشابّ، وذلك بحسب الغالب، وهذا هو سبب التفريق بينه وبين الشيخ، ولذا فقد أجاز له ذلك لانتفاء العلة في حالته، وهذا التفريق من النبي ﷺ فيه رعاية واضحة للفروق الفردية، فليس كل المكلفين سواء في ضبط دوافعهم، ولذا فلا يُسوى في الحكم بين من يملك نفسه بمن ليس في حاله، ولكل منهما حكمه المناسب، والمفضي إلى تحقيق الغاية التي شُرع لأجلها الصوم من ضبط للنفس، وامتثال لأمر الشارع، وحصول للتقوى.
وبناءً على دوران الحكم مع علته، فقد ذهب العلماء إلى أنه في حكم الشيخ من كان في مثل حاله في ضبط النفس، وأن التعبير بالشيخ والشابّ خرج مخرج الغالب، فلو انعكس الأمر انعكس الحكم «والأصل أن القُبلة لم يكرهها من كرهها إلا لما يُخشى أن تولده على الصائم من التطرق إلى الجماع على كل صائم»(48)، واختلف العلماء فيمن غلب على ظنه ألا ينزل، هل يكره في حقه التقبيل في الصيام احتياطًا للصوم، أم أنه لا يكره له ذلك؛ لأن القبلة إنما تكره خشية الإنزال وإفساد الصوم، فإن أمن ذلك فلا تكره(49)، وهذا القول الثاني هو الذي تظهر فيه مراعاة الفروق الفردية، فلا يكره لمن يعلم أنه يضبط نفسه، كما ورد به التفريق في الحديث السابق.
المطلب الثالث: الفروق في مستوى التدين
يختلف الأفراد من حيث الدرجة الدينية، وهو عامل يتأثر بالبيئة بما فيها من دواعي وحوافز للالتزام وبالعكس، كما أنه مؤثر رئيس في تكوين سمات الفرد وقيمه وترتيب أولوياته التي هي من الجوانب التي تظهر فيها ما بين الأفراد من فروق، والفرق في مستوى التدين يدخل ضمن الفروق الفردية نظرًا لما له من أثر في إدراك الفرد وتصوره للمواقف المختلفة، وتوجيهه للتعامل معها، كما سيظهر من الأمثلة أنه ملاحظ ومحل نظر في الأحكام التكليفية.
أولًا: قبول النبي ﷺ الاقتصار على الفرائض من حديث عهد بالإسلام
عن طلحة بن عبيد الله قال: «جاء رجل إلى رسول الله ﷺ من أهل نجد ثائر الرأس، يسمع دوي صوته، ولا يفقه ما يقول حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله ﷺ «خمس صلوات في اليوم والليلة»، فقال: هل علي غيرها؟ قال:» لا إلا أن تطوع»، قال رسول الله ﷺ: «وصيام رمضان»، قال: هل علي غيره؟ قال: «لا إلا أن تطوع»، قال: وذكر له رسول الله ﷺ الزكاة، قال: هل عليّ غيرها؟ قال: «لا، إلا أن تطوع»، قال: فأدبر الرجل وهو يقول: لا أزيد ولا أنقص، قال رسول الله ﷺ: «أفلح إن صدق»(50).
وقد وصف النبي ﷺ السائل بالفلاح بعد إخباره بالاقتصار على هذه الفرائض إن صدق فيما التزم به رغم حرصه ﷺ على بيان النوافل، وكل أبواب الخير والطاعة لأصحابه على أتم ما تكون به تأدية الأمانة، فكان يحثهم على الطاعة، ويرغّبهم فيها كقوله لعبد الله: «نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل»(51).
وقد اقتصر النبي ﷺ على هذه الفروض للأعرابي مراعاةً لشخصه، فهو في أول إسلامه، فلم يكن حاله كحال الصحابة الذين عاشوا مع النبي ﷺ في المدينة، فقد كان معهم يقومهم وينصحهم، وكانوا في أعلى درجات الإيمان، ولذا كان من حسن تبليغه صلى الله عليه وسلم أنه بدأ له بالفرائض نظرًا إلى حداثة عهده بالإسلام، تخفيفًا له وتيسيرًا عليه، ثم إذا اطمئن قلبه بالإيمان فله أن يزيد ما شاء، قال ابن العربي (ت ٥٤٣هـ): «إنما قال له النبي ﷺ ذلك؛ لأنه كان أول ما أسلم، فأراد أن يطمئن فؤاده عليها، وبعد ذلك يفعل هو سواها مما يظهر من ترغيب الإسلام»(52).
وليس المراد بالحديث جواز ترك السنن مطلقًا، فمن تركها فقد فوت على نفسه خيرًا عظيمًا، كما أن من داوم على ترك شيء من السنن كان ذلك نقصًا في دينه(53)، وإنما أثبت له النبي ﷺ أنه أتى بما عليه، وليس فيه أنه إذا أتى معه بالمندوب لا يكون مفلحًا، بل فلاحه بالمندوب مع الواجب أولى(54).
وفي هذا مراعاةٌ للفروق في الدرجة الإيمانية ومستوى التدينِ، وحكمةٌ في التعامل مع المخاطَب بحسب حاله والتدرج في ذلك، فاقتصر له على ما به نجاته وفلاحه إن أتمه، ثم بعد أن تسهل عليه هذه الفرائض ويشرح بالإيمان صدرًا سيرغب في أن يتنفّل ويزداد فلاحًا، وفي هذا إرشاد للداعي والمفتي أيضًا في تعامله مع من هو حديث عهد بالإسلام، فيسترشد بالهدي النبوي الكريم في كل من حاله مثل حاله.
ثانيًا: اختلاف قبول النبي ﷺ التصدق بكل المال
اختلف قبول النبي ﷺ التصدق بكل المال؛ إذ قبل من أبي بكر التصدق بكل ماله(55)، في حين لم يقبل ذلك من كعب بن مالك ، عن كعب بن مالك قال: «قلت يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله ﷺ قال: أمسك عليك بعض مالك، فهو خير لك، قلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر» (56)، وهذا الاختلاف في موقفه صلى الله عليه وسلم راجع لاختلاف الأشخاص في درجة الإيمان، وفي سياق بيان سبب قبول النبي ﷺ من أبي بكر كل ماله، وعدم قبول ذلك من كعب يقول الشاطبي: «والناس في ذلك مختلفون باختلاف أحوالهم في الاتصاف بأوصاف التوكل المحض واليقين التام»(57).
فالنبي ﷺ راعى الفروق في الصفات الشخصية، حتى لا يتضرر من يريد التصدق بكل ماله؛ إذ إنه ليس من الهين أن يجود الإنسان ويتصدق بكل ماله، فهي مرتبة تحتاج إلى إيمان عميق، ولذا لما علم النبي ﷺ من أبي بكر تمام التوكل والإيمان قَبِل منه ذلك.
وعليه ذهب بعض العلماء إلى أن إمساك الإنسان ما يحتاجه من مال أولى من إخراجه كله، وذلك بحسب حاله، فإن كان ممن يصبر على التصدق بكل ماله، وبلغ درجة الإيثار على نفسه، وعلم أنه يصبرُ، ويصبر أهله عليه، فجائز له أن يتصدق بكل ماله، وإلا فالأولى أن يترك شيئًا منه(58)، ولا يكلف نفسه بأن يتصدق به جميعًا لورود ما أعانه وشجّعه على ذلك في الحال، فيتضرر بعد ذلك في المآل، لذا لم يكلف الشارع به ابتداءً.
كما فسر بعض الفقهاء الاختلاف في بعض الأحكام، كالاختلاف في نقض الوضوء بالمس، بإرجاعه إلى الفروق في مستوى التدين، حيث فرق بين من وصل إلى مستوى إيماني عالٍ، ومن هو دونه، فجعل القول بعدم نقض الوضوء بالمس خاصا بمن هو على درجة عالية من التدين، والقول بالنقض لمن هو أقل منه درجة؛ إذ من هو على درجة عالية من الالتزام أملك لنفسه(59).
المطلب الرابع: فروض الكفاية مظهر من مظاهر مراعاة الفروق الفردية
فالفرض يُقسم من حيث الفاعل المطلوب منه الفعل إلى فرض عيني، وفرض كفائي، فالفرض العيني هو الذي يجب على كل مكلف بعينه القيام به، أما فرض الكفاية فهو ما لم يُطلب من كل مكلف القيام به، بل يُكتفى فيه بقيام البعض، ولكن قصد الشارع أن يقوم به البعض الذين يحصل بهم المقصد الشرعي من الطلب، دون الحاجة لقيام الجميع به، ومصلحته مصلحة عامة، ولا تتحقق المصلحة العامة المقصودة من الفرض الكفائي على الوجه الأكمل الذي شرعت لأجله إلا إذا أتى بالفعل من هو أهل له؛ وأقدر من غيره على القيام به والإبداع فيه على أتم وجه؛ إذ بذلك يُتصور التحقق الأمثل للمصلحة المرجوة من تشريعه ابتداءً، وقد نص على ذلك الشاطبي عندما قرر: «أن الطلب وارد على البعض، ولا على البعض كيف كان، ولكن على من فيه أهلية القيام بذلك الفعل المطلوب، لا على الجميع عمومًا»(60).
ولا يخفى ما في هذا الخطاب التكليفي الكفائي من مراعاة واضحة للفرورق الفردية(61)، فلا يتعين طلبه إلا مِمن توفّرت فيهم القدرة والأهلية لذلك الفعل المطلوب، وغير القادر يلزمه تمكين من لهم القدرة للقيام به(62)، وبهذا تُحَصل المصلحة التي لأجلها شُرعت هذه الفروض الكفائية على الوجه المطلوب؛ بتعينها على من توفّرت فيهم الكفاءة وبتمكينهم من القيام بها.
وقد ورد الخطاب التكليفي بالعديد من الفروض الكفائية؛ ومنها: فرضية طلب العلم على وجه الكفاية(63) ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُل فِرْقَةٍ منْهُمْ طَائِفَةٌ ليَتَفَقهُوا فِي الدينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٣]، ورد الخطاب لطائفة من المسلمين، بالنفر لطلب العلم وجوبًا على الكفاية، «أي على المقدار الكافي لتحصيل المقصد من ذلك الإيجاب»(64)، والمكلفون مخاطبون بهذا الفرض بحسب ما تهيأ لهم من قدرات على العلم والتحصيل.
ومنها الصناعات والحرف التي تحتاج إلى قدرات ومهارات خاصة، فالناس ليسوا على وزان واحد في القدرة على القيام بها، كما أنها أمور لا غنى عنها لقيام المجتمع وصلاح أفراده، ولذا فقد نص بعض العلماء كابن تيمية على وجوبها عينًا على من كان قادرًا عليها، ولم يوجد غيره، فللإمام أن يجبره، وهذا لأنه كفؤ، واختص بالقدرة عليها، فتعينت في حقه بناءً على مراعاة الفروق الفردية(65).
ومن مراعاة الفروق الفردية في فروض الكفاية، تقديم النبي ﷺ بلالًا للأذان(66) ووصفه بأنه «أندى صوتًا»(67)، وقد قيل في معنى قوله ﷺ أندى: أرفع وأعلى، وقيل: أحسن وأعذب(68)، وأيا يكن فقد خصه النبي ﷺ للقيام بهذا التكليف الشرعي لقدرة في صوته تميز بها، وجعلته أولى من غيره، ولو حُمل معنى «أندى صوتًا» على أنه أرفع وأعلى، تكون مراعاة الفروق الفردية متعلقًة بأمر أساسي للفعل، وهو إسماع الناس وإعلامهم، الذي هو مقصد رئيس من الأذان.
أما إذا حمل على معنى أعذب وأحسن، فتكون هنا مراعاة الفروق الفردية متعلقةً بأمر تحسيني تجميلي للفعل، فالإعلام يقع ولو بصوت أدوَن في الحُسن، ولكن حرِص النبي ﷺ على هذا الجانب التحسيني حتى يُؤدى الأذان على أكمل وجه وأحسنه، وعلى المعنى الأول، فلا يكون هناك وجه لمراعاة هذا الفرق في وقتنا الحاضر للاستغناء عنه بمكبّرات الصوت، أما على المعنى الثاني فيستمر طلب مراعاته، ولا مانع أن يكون المراد المعنيين، وقد ورد في روايةٍ: «أندى وأمد صوتًا»(69).
وبهذا يتبين أن مبدأ تشريع الفروض الكفائية، يقوم على مراعاة الفروق الفردية بين المكلفين في شتى النواحي: النفسية والعقلية والجسمية والانفعالية وغيرها، فيكون الإنسان مكلفًا بما يتناسب مع قدراته، وما يمكنه إجادته من هذه الفروض، وهي متعددة متنوعة، وتختلف القدرات المطلوبة لكل منها، وعليه فلا يمكن وضع معيار واحد لها، كما أن كل مكلف سيجد ما يتلاءم معه فيها، وبهذا فيكون التنوع والاختلاف، سببًا للتوافق والتكامل بين الناس، وفي هذا تظهر جليةً حكمة الله في تنوعهم.
خاتمة
بعد أن بحثت الدراسة ما يتعلق بنظر التكليف الشرعي إلى التفاوت بين المكلفين في السمات الشخصية شبه الثابتة للفرد، والمستمرة معه. وكيف تعاملت مع الانحرافات عن المتوسط العام في هذه السمات بالزيادة أو النقص، وتناولها نماذج من الأحكام التكليفية، انتهت الدراسة إلى عدد من النتائج والتوصيات الآتية:
أولًا: النتائج:
١- راعت الشريعة الإسلامية الفروق الفردية في التكليف على كل المستويات الجسمية، والانفعالية، والإدراكية.
٢- تمثل الفروق الفردية الانحرافات عن المتوسط الذي يشترك فيه العدد الأكبر من الأفراد، وقد راعت الشريعة الانحراف بالزيادة، أو النقص في هذه الصفة، أو تلك، وذلك بأن قدمت من يتفوق في صفة ما للمكان المناسب الذي يمكنه من العطاء والتميز، ويظهر ذلك في فروض الكفاية، وراعت الأضعف في صفة ما بتيسير الحكم التكليفي عليه بما يجعل الامتثال في مقدوره ووسعه.
٣- مراعاة الفروق الفردية يكون لصالح الفرد نفسه، وكذا لصالح المجموع، فراعت الشريعة كلا الجانبين.
٤- هذا الجانب من التشريع الإسلامي ينبغي أن يكون حاضرًا في الممارسات الاجتهادية والإفتائية؛ إذ مراعاتها تحمي المكلف من الوقوع في الحرج والضيق، فيترك التكليف، أو يؤديه وهو له كاره، كما يحمي الشريعة من التقهقر في حياة الناس، إذا كانت غير متسقة مع ما هم عليه من فروق في صفاتهم وقدراتهم.
٥- عدم مراعاة الفروق الفردية له أثره السلبي على من كان في الحد الأدنى في هذا الفرق أو ذاك، وكذا على من كان في الحد الأعلى، بتفويت الخير الكثير عليه، بل على مجتمعه أيضًا، كما في العديد من الفروض الكفائية.
٦- الاعتداد بالفروق الفردية بين الأفراد المختلفين في الصفات والقدرات، يحقق العدل بما يعني الموازنة بين الجميع، وإعطاء كل ذي حق حقه، ولو لم تُراعَ الفروق الفردية في التكليف الشرعي، لكانت مساواةً مُفضِيةً إلى ظلم الضعيف وتحميله ما لا يستطيع، لذا فالشريعة جاءت بالعدل لا المساواة، فالمساواة في التكليفات بين المختلفين في الصفات والقدرات ظلم، بينما العدل بينهم وتقدير حال كل منهم حكمة وإنصاف.
ثانيًا: التوصيات
يوصي البحث بالآتي:
١- ينبغي في الفتوى رعاية الجانب الخاص بالمكلف، في حدود الفروق الفردية، فكما تراعى عناصر اختلاف الزمان والمكان، فكذا ينبغي مراعاة المكلف نفسه في حدود الخطاب التكليفي، كمراعاة الفروق لحديثي العهد بالإسلام وغيرهم.
٢- دراسة الأحكام الشرعية من منظور مراعاة الفروق الفردية فيما تختلف فيه الأحكام بين المكلفين؛ لأن ذلك يساعد على تجلية الأفهام، وإزالة الالتباس لدى من قد يشكل عليهم ما يُنسب إلى الأحكام الشرعية من ظلم لبعض أو لجنس.
٣- على الباحثين وطلبة العلم المزاوجة في دراساتهم وأبحاثهم بين العلوم الشرعية والعلوم الإنسانية؛ لأن هذه النقلة تخدم البحث العلمي وتقربه أكثر من الواقع والقارئ.
المصادر والمراجع
ابن العربي، محمد بن عبد الله. القبس في شرح موطأ مالك بن أنس. تحقيق محمد عبد الله كريم. بيروت: دار الغرب الإسلامي، ١٩٩٢م.
ابن القيم، محمد بن أبي بكر. الطرق الحكمية في السياسة الشرعية. تحقيق محمد غازي. القاهرة: مطبعة المدني، [د.ت].
ابن النجار، محمد بن أحمد. شرح الكوكب المنير. تحقيق محمد الزحيلي ونزيه حماد. الرياض: مكتبة العبيكان، ط٢، ١٤١٨هـ/١٩٩٧م.
ابن بطال، علي بن خلف. شرح صحيح البخاري. الرّياض: مكتبة الرّشد، ط٢، ١٤٢٣هـ/٢٠٠٣م.
ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم. مجموع الفتاوى. تحقيق أنور الباز وعامر الجزار. القاهرة: دار الوفاء، ط٣، ١٤٢٦هـ/ ٢٠٠٥م.
ابن حنبل، أحمد بن محمد. مسند الإمام أحمد بن حنبل. تحقيق شعيب الأرناؤوط وآخرون. بيروت: مؤسسة الرسالة، ١٤٢١هـ/٢٠٠١م.
ابن دقيق العيد، محمد بن علي. إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام. تحقيق مصطفى شيخ ومدثر سندس. بيروت: مؤسسة الرسالة، ١٤٢٦هـ/ ٢٠٠٥م.
ابن عاشور، محمد الطاهر. التحرير والتنوير. تونس: الدار التونسية للنشر، ١٩٨٤م.
ــــــــــ. مقاصد الشريعة. تحقيق محمد الحبيب ابن الخوجة. الدوحة: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ١٤٢٥هـ/ ٢٠٠٤م.
ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله. الاستذكار، تحقيق عبد المعطي قلعجي. دمشق: دار قتيبة، ١٤١٤هـ/ ١٩٩٣م.
ابن قدامة، عبد الله بن أحمد. المغني. القاهرة: مكتبة القاهرة، ١٣٨٨هـ/ ١٩٦٨م.
أبو الوفاء، علي بن عقيل. الواضح في أصول الفقه. تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي. بيروت: مؤسسة الرسالة، ١٤٢٠هـ/١٩٩٩م.
أبو صعيليك، محمد أحمد. «الفروق الفردية والتعلم»، مجلة رسالة التربية، ع٢ (٢٠٠٢م).
الألباني، ناصر الدين. صحيح الجامع. بيروت: المكتب الإسلامي، ط٣، ١٤٠٨هـ/ ١٩٨٨م.
ــــــــــ. صحيح سنن أبي داود. الكويت: مؤسّسة غراس للنّشر والتّوزيع، ط١، ١٤٢٣هـ/ ٢٠٠٢م.
الأمارة، أسعد شريف. سيكولوجية الفروق الفردية علم النفس الفارقي. عمان: دار صفاء، ١٤٣٥هـ/ ٢٠١٤م.
البخاري، عبد العزيز بن أحمد، كشف الأسرار شرح أصول البزدوي. بيروت: دار الكتاب الإسلامي، [د.ت.].
البخاري، محمد بن إسماعيل. الجامع الصحيح. تعليق: مصطفى ديب البغا. بيروت: دار ابن كثير، ط٣، ١٤٠٧هـ/١٩٨٧م.
البغوي، الحسين بن مسعود. تفسير البغوي. تحقيق عبد الرزاق المهدي. بيروت: دار إحياء التراث، ١٤٢٠هـ.
البيهقي، أحمد بن الحسين. سنن البيهقي الكبرى. مكة المكرمة: دار الباز، ١٤١٤هـ/١٩٩٤م.
الترمذي، محمد بن عيسى. سنن الترمذي، تحقيق أحمد شاكر وآخرون. القاهرة: شركة مصطفى البابي الحلبي، ط٢، ١٣٩٥هـ/١٩٧٥م.
الرّملي، محمد حلمي. «مصادر المعرفة عند التّفتازاني في شرح التّلويح على التّوضيح لمتن التّنقيح في أصول الفقه»، أفكار: مجلّة العقيدة والفكر الإسلامي، مج٢٢، ع٢ (٢٠٢٠م).
https://doi.org/10.22452/afkar.vol22no2.5
الريماوي، محمد عودة. سيكولوجية الفروق الفردية والجمعية في الحياة النفسية. عمان: دار الشروق، ١٩٩٤م.
الزبيدي، محمد بن محمد. تاج العروس. تحقيق مجموعة من المحققين. دار الهداية، [د.ت.].
الزركشي، محمد بن عبد الله. البحر المحيط. تحقيق عبد القادر العاني. الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ط٢، ١٤١٣هـ/١٩٩٢م.
الزعبي، أحمد محمد. سيكولوجية الفروق الفردية وتطبيقاتها التربوية. الرياض: مكتبة الرشد، ط٢، ١٤٣٦هـ/٢٠١٥م.
ــــــــــ. علم نفس الفروق الفردية وتطبيقاتها التربوية. دمشق: دار الفكر، ١٤٢٨هـ/٢٠٠٧م.
الشاطبي، إبراهيم بن موسى. الموافقات. القاهرة: دار ابن عفّان، ط١، ١٤١٧هـ/١٩٩٧م.
الشعراني، عبد الوهّاب بن أحمد. الميزان الكبرى. القاهرة: مصطفى البابي الحلبي وأولاده، [د.ت.].
الشوكاني، محمد بن علي. إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول. تحقيق أحمد عناية. بيروت: دار الكتاب العربي، ١٤١٩هـ/١٩٩٩م.
ــــــــــــ. نيل الأوطار. تحقيق عصام الدين الصبابطي. القاهرة: دار الحديث، ط١، ١٤١٣هـ/١٩٩٣م.
الشيخ، سليمان الخضري. سيكولوجية الفروق الفردية في الذكاء. عمان: دار المسيرة، ط٦، ١٤٣٧هـ/ ٢٠١٦م.
صدر الدين، علي بن علي الحنفي. التنبيه على مشكلات الهداية. تحقيق عبد الحكيم شاكر وأنور أبو زيد. الرياض: مكتبة الرشد، ١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م.
الطبري، محمد بن جرير. جامع البيان في تأويل القرآن. تحقيق أحمد شاكر. بيروت: مؤسسة الرسالة، ١٤٢٠هـ/٢٠٠٠م.
العيني، محمود بن أحمد. شرح سنن أبي داود. تحقيق خالد بن إبراهيم. الرياض: مكتبة الرشد، ١٤٢٠هـ/ ١٩٩٩م.
الفيروز آبادي، محمد بن يعقوب. القاموس المحيط. تحقيق محمد نعيم العرقسوسي وآخرون. بيروت: مؤسسة الرسالة، ط٨، ١٤٢٦هـ/٢٠٠٥م
القرافي، أحمد بن إدريس. الذخيرة. تحقيق محمد حجي وآخرون. بيروت: دار الغرب الإسلامي، ١٩٩٤م.
ــــــــــ. الفروق. تحقيق عمر القيام. بيروت: مؤسسة الرسالة، ١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م.
القرطبي، أحمد بن عمر. المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم. تحقيق محيي الدين مستو وآخرون. دمشق: دار ابن كثير، ١٤١٧هـ/١٩٩٦م.
القرطبي، محمد بن أحمد. الجامع لأحكام القرآن. تحقيق أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش. القاهرة: دار الكتب المصرية، ط٢، ١٣٨٤هـ/١٩٦٤م.
القسطلاني، أحمد بن محمد. إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري. القاهرة: المطبعة الكبرى الأميرية، ط٧، ١٣٢٣هـ.
الكاساني، أبو بكر بن مسعود. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع. بيروت: دار الكتاب العربي، ١٩٨٢م.
الكيلاني، جمال زيد. «ثمن الجاه في الفقه الإسلامي»، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، الدوحة، مج٣٦، ع١ (١٤٣٩هـ/٢٠١٨م).
الماوردي، علي بن محمد. الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي. تحقيق علي معوض وعادل عبد الموجود. بيروت: دار الكتب العلمية، ١٤١٩هـ/١٩٩٩م.
مسلم، ابن الحجاج النيسابوري. المسند الصحيح. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. بيروت: دار إحياء التراث العربي، [د.ت].
النووي، يحيى بن شرف. المجموع شرح المهذب. تحقيق محمد نجيب المطيعي. جدة: مكتبة الإرشاد، [د.ت.].
ــــــــــ. المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجّاج. بيروت: دار إحياء التراث العربي، ط٢، ١٣٩٢هـ.
الهروي، علي بن محمد. مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح. بيروت: دار الفكر، ١٤٢٢هـ/٢٠٠٢م.
ثانيًا: الأجنبية
References:
Abū al-Wafāʼ, ʻAlī B. ʻAqīl, al-Wāḍiḥ fī ʼuṣūl al-fiqh, (in Arabic), taḥqīq: ʻAbd Allāh ibn ʻAbd al-Muḥsin al-Turky, Beirut: Muʼassasat al-Risālah, 1999, 1st ed.
Abū Ṣuʻaylīk, Muḥammad Aḥmad, “al-Furūq al-fardiyah wa al-taʻlīm”, (in Arabic), Risālat al-Tarbiyah journal, 2002(2).
Al-Albānī, Nāṣir al-Dīn, Ṣaḥīḥ al-Jāmiʻ, (in Arabic), Beirut: al-Maktab al-Islāmī, 1988, 3rd ed.
–––, Ṣaḥīḥ Sunan Abī Dāwūd, (in Arabic), al-Kuwayt: Muʼassasat Ghirās linnashr wālttawzyʻ, 2002, 1st ed.
Al-Qurṭubī, Aḥmad B. ʻUmar, al-Mufhim li mā ʼUshkila min Talkhīṣ Kitāb Muslim, (in Arabic), taḥqīq: Muḥyī al-Dīn Mistū wa ākharūn, Dimashq: Dār Ibn Kathīr, 1996, 1st ed.
Al-Qurṭubī, Muḥammad B. Aḥmad, al-Jāmiʻ li Aḥkām al-Qurʼān, (in Arabic), taḥqīq: Aḥmad al-Baraddūnī wa Ibrāhīm Aṭfīsh, al-Qāhirah: Dār al-Kutub almiṣryyah, 1964, 2nd ed.
Al-ʼAmārah, Asʻad Sharīf, Saykūlūjīyat al-Furūq al-Fardiyah ʻilm al-Nafs al-Fāriqī, (in Arabic), ʻAmmān: Dār Ṣafāʼ, 2014, 1st ed.
Al-ʻAynī, Maḥmūd B. Aḥmad, Sharḥ Sunan Abī Dāwūd, (in Arabic), taḥqīq: Khālid B. Ibrāhīm, al-Riyāḍ: Maktabat al-Rushd, 1999, 1st ed.
Al-Baghawī, al-Ḥusayn B. Masʻūd, Tafsīr al-Baghawī, (in Arabic), taḥqīq: ʻAbd al-Razāq al-Mahdī, Beirut: Dār ʼIḥyāʼ al-Turāth, 1420 AH, 1st ed.
Al-Bayhaqī, Aḥmad B. al-Ḥusayn, Sunan al-Bayhaqī al-Kubrá, (in Arabic), Makkah al-Mukaramah: Dār al-Bāz, 1994.
Al-Bukhārī, ʻAbd al-ʻAzīz B. Aḥmad, Kashf al-Asrār Sharḥ ʼUṣūl al-Bazdawī, (in Arabic), Beirut: Dār al-Kitāb al-ʼslāmī.
Al-Bukhārī, Muḥammad B. Ismāʻīl, al-Jāmiʻ al- Ṣaḥīḥ,(in Arabic), taḥqīq: Muṣṭafá Dīb al-Bughā, Beirut: Dār Ibn Kathīr, 1987, 3rd ed.
Al-Fayrūzʼābādī, Muḥammad B. Yaʻqūb, al-Qāmūs al-muḥīṭ, (in Arabic), taḥqīq: Muḥammad Naʻīm alʻIrqswsy wa ʼākharūn, Beirut: Muʼassasat al-Risālah, 2005, 8th ed.
Al-Harawī, ʻAlī B. Muḥammad, Mirqāt al-Mafātīḥ Sharḥ Mishkāt al-Maṣābīḥ, (in Arabic), Beirut: Dār al-Fikr, 2002, 1st ed.
Al-Kāsānī, Abū Bakr B. Masʻūd, Badāʼiʻ al- Ṣanāʼiʻ fī Tartīb al-Sharāʼiʻ, (in Arabic), Beirut: Dār al-Kitāb al-ʻArabī, 1982.
Al-Kīlānī, Jamāl Zaid, Thaman al-Jāh fī al-Fiqh al-Islāmī, “The Value of Status in Islamic Law” (in Arabic), Journal of College of Sharia and Islamic Studies, vol. 36, issue 1, 2018.
Al-Māwardī, ʻAlī B. Muḥammad, al-Ḥāwī al-Kabīr fī Fiqh Madhhab al-Imām Al-Shāfiʻī, (in Arabic), taḥqīq: ʻAlī Muʻawwaḍ wa ʻĀdil ʻAbd al-Mawjūd, Beirut: Dār al-Kutub alʻIlmīyah 1999, 1st ed.
Al-Nawawī, Yaḥyá B. Sharaf, al-Majmūʻ Sharḥ al-Muhadhab, (in Arabic), taḥqīq: Muḥammad Najīb al-Muṭīʻī, Jiddah: Maktabat al-Irshād.
–––, al-Minhāj sharḥ Ṣaḥīḥ Muslim ibn al-Ḥajjāj, (in Arabic), Beirut: Dār ʼIḥyāʼ al-Turāth al-ʻArabī, 1392 AH, 2nd ed.
Al-Qarāfī, Aḥmad B. Idrīs, al-Dhkhyrah, (in Arabic), taḥqīq: Muḥammad Ḥajjī wa ākharūn, Beirut: Dār al-Gharb alʼslāmī, 1994, 1st ed.
–––, al-Furūq, (in Arabic), taḥqīq: ʻUmar al-Qayyām, Beirut: Muʼassasat alrrsālh, 2003, 1st ed.
Al-Qasṭalānī, Aḥmad B. Muḥammad, Irshād al-Sāry li sharḥ Ṣaḥīḥ al-Bukhārī, (in Arabic), al-Qāhirah: al-Maṭbaʻah al-Kubrá alʼAmīrīyah, 1323 AH, 7th ed.
Al-Rymāwy, Muḥammad ʻAwdah, Saykūlūjīyat al-Furūq al-Fardyyah wāljmʻyah fī al-ḥayāh al-Nafsyah, (in Arabic), ʻAmmān: Dār al-shurūq, 1994, 1st ed.
Al-Shaʻrāny, ʻAbd al-Wahhāb B. Aḥmad, al-Mīzān al-Kubrá, (in Arabic), al-Qāhirah: Muṣṭafá al-Bābī al-Ḥalabī wa Awlāduh, 1st ed.
Al-Shāṭiby, Ibrāhīm B. Mūsá, al-Muwāfaqāt, (in Arabic), al-Qāhirah: Dār Ibn ʻAffān, 1997, 1st ed.
Al-Shawkāny, Muḥammad B. ʻAlī, Irshād al-Fuḥūl ilá Taḥqīq al-Haqq min ʻIlm al- ʼuṣūl, (in Arabic), taḥqīq: Aḥmad ʻInāya, Beirut: Dār al-Kitāb al-ʻArabī, 1999, 1st ed.
–––, Nayl al-awṭār, (in Arabic) taḥqīq: ʻIṣām al-Dīn al-Ṣabābiṭī, al-Qāhirah: Dār al-ḥadīth, 1993, 1st ed.
Al-Shaykh, Sulaymān al-Khuḍarī, Saykūlūjīyat, al-Furūq al-Fardiyah fī al-dhakāʼ, (in Arabic), ʻAmmān: Dār al-Masīrah, 2016, 6th ed.
Al-Ṭabary, Muḥammad B. Jarīr, Jāmiʻ al-Bayān fī Taʼwīl al-Qurʼān, (in Arabic), taḥqīq: Aḥmad Shākir, Beirut: Muʼassasat al-Risālah, 2000, 1st ed.
Al-Tirmidhy, Muḥammad B. ʻĪsá, Sunan al-Tirmidhy, (in Arabic), taḥqīq: Aḥmad Shākir wa ākharūn, al-Qāhirah: Sharikat Muṣṭafá al-Bābī al-Ḥalabī, 1975AD, 2nd ed.
Al-Zabydy, Muḥammad B. Muḥammad, Tāj al-ʻarūs, (in Arabic), taḥqīq: majmūʻah min al-muḥaqqiqīn, Dār al-Hidāyah.
Al-Zuʻby, Aḥmad Muḥammad, ʻIlm Nafs al-Furūq al- Fardiyah wa taṭbīqātuhā al-Tarbawiyah, (in Arabic), Dimashq: Dār al-Fikr, 2007AD, 1st ed.
–––, Saykūlūjīyat al-Furūq al-Fardiyah wa Taṭbīqātuhā al-Tarbawiyah, (in Arabic), al-Riyāḍ: Maktabat al-Rushd, 2015, 2nd ed.
Ibn ʻAbd al-Barr, Yūsuf B. ʻAbd Allāh, al-ʼIstidhkār, (in Arabic), taḥqīq: ʻAbd al-Muʻṭī Qalʻajī, Dimashq: Dār Qutaybah, 1993, 1st ed.
Ibn al-Qayyim, Muḥammad B. Abī Bakr, al-Ṭuruq al-Ḥukmiyah fī al-Siyāsah al-Sharʻīyah, (in Arabic), taḥqīq: Muḥammad Ghāzī, (al-Qāhirah: Maṭbaʻat al-madanī.
Ibn al-ʻArabī, Muḥammad B. ʻAbd Allāh, al-Qabas fī sharḥ Muwaṭṭaʼ Mālik ibn Anas, (in Arabic), taḥqīq: Muḥammad ʻAbd Allāh Karīm, Beirut: Dār al-Gharb alʼslāmī, 1992, 1st ed.
Ibn al-Najār, Muḥammad ibn Aḥmad, Sharḥ al-Kawkab al-munīr, (in Arabic), taḥqīq: Muḥammad Al-Zuḥaylī wa Nazīh Ḥammād, Alrryāḍ: Maktabat al-ʻUbaykān, 1997, 2nd ed.
Ibn ʻĀshūr, Muḥammad al-Ṭāhir, al-Taḥrīr wa al-Tanwīr, (in Arabic), Tūnis: al-Dār al-Tūnisyya, 1984.
–––, Maqāṣid al-Sharīʻa, (in Arabic), taḥqīq: Muḥammad al-Ḥabīb B. al-Khūjah, al-Dawḥa: Wizārat al-Awqāf wa al-shʼūn al-ʼslāmiyah, 2004.
Ibn Baṭṭāl, ʻAlī B. Khalaf, Sharḥ Ṣaḥīḥ al-Bukhārī, (in Arabic), al-Riyāḍ: Maktabat alrrshd, 2003, 2nd ed.
Ibn Daqīq al-ʻĪd, Muḥammad B. ʻAlī, Iḥkām al-Aḥkām Sharḥ ʻUmdat al-Aḥkām, (in Arabic), taḥqīq: Muṣṭafá Shaykh, mudathar Sundus, Beirut: Muʼassasat al-Risālah, 2005, 1st ed.
Ibn Ḥanbal, Aḥmad B. Muḥammad, Musnad al-Imām Aḥmad ibn Ḥanbal, (in Arabic), taḥqīq: Shuʻayb al-Arnaʼūṭ, waʼākharūn, (Beirut: Muʼassasat al-Risālah, 2001), 1st ed.
Ibn Qudāmah, ʻAbd Allāh B. Aḥmad, al-Mughnī, (in Arabic), al-Qāhirah: Maktabat al-Qāhirah, 1968m.
Ibn Taymīyah, Aḥmad B. ʻAbd al-Ḥalīm, Majmūʻ al-Fatāwá, (in Arabic), taḥqīq: Anwar al-Bāz wa ʻĀmir Al-Jazzār, Al-Qāhirah: Dār al-Wafāʼ, 2005, 3rd ed.
Muslim B. al-Ḥajjāj, al-Musnad al-Ṣaḥīḥ, (in Arabic), taḥqīq: Muḥammad Fuʼād ʻAbd al-Bāqī, Beirut: Dār ʼIḥyāʼ al-Turāth alʻArabī.
Ramli, Mohd Hilmi. 2020. “Al-Taftāzānī’s Sources of Knowledge in Sharḥ Al-Talwīḥ ‘alā Al-Tawḍīḥ Li Matn Al-Tanqīḥ Fī Uṣūl Al-Fiqh”. Afkar: Jurnal Akidah &Amp; Pemikiran Islam 22 (2):155-204. https://doi.org/10.22452/afkar.vol22no2.5.
Ṣadr al-Dyn, ʻAlī B. ʻAlī al-Ḥanafī, al-Tanbyh ʻalá Mushkilāt al-Hidāyah, (in Arabic), taḥqīq: ʻAbd al-Ḥakīm Shākir wa ʼAnwr Abū Zayd, al-Riyāḍ: Maktabat al-Rushd, 2003, 1st ed.
Williamson, Jeanine M. Teaching to individual differences in science and engineering librarianship: Adapting library instruction to learning styles and personality characteristics, Amsterdam: Elsevier Ltd, 2017, 1st ed.
(1) أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي، تفسير البغوي، تحقيق عبد الرزاق المهدي (بيروت: دار إحياء التراث، ط١، ١٤٢٠هـ)، ج٤، ص١٥٩.
(2) أحمد بن محمد بن حنبل، مسند الإمام أحمد بن حنبل، أحاديث رجال من أصحاب النبي ﷺ، تحقيق شعيب الأرنؤوط وآخرون (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط١، ١٤٢١هـ/٢٠٠١م)، ج٣٨، ص٤٧٤، رقم: ٢٣٤٨٩، من حديث أبي نضرة، قال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(3) محمد بن إسماعيل البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله ﷺ، تعليق مصطفى ديب البغا (بيروت: دار ابن كثير، ط٣، ١٤٠٧هـ/١٩٨٧م)، ج٦، ص٢٦٥٨، رقم: ٦٨٥٨؛ مسلم بن الحجاج النيسابوري، المسند الصحيح، كتاب الحجّ، باب فرض الحجّ مرة في العمر، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي (بيروت: دار إحياء التراث العربي، [د.ت])، ج٢، ص٩٧٥، رقم: ١٣٣٧، من حديث أبي هريرة ، واللفظ للبخاري.
(4) أحمد الزعبي، علم نفس الفروق الفردية وتطبيقاتها التربوية (دمشق: دار الفكر، ط١، ١٤٢٨هـ/٢٠٠٧م)، ص٢٣، ٢٤.
(5) أحمد الزعبي، سيكولوجية الفروق الفردية وتطبيقاتها التربوية (الرياض: مكتبة الرشد، ط٢، ١٤٣٦هـ/٢٠١٥م)، ص١٨.
(6) المرجع نفسه، ص١٩.
(7) سليمان الخضري الشيخ، سيكولوجية الفروق الفردية في الذكاء (عمان: دار المسيرة، ط٦، ١٤٣٧هـ/٢٠١٦م)، ص٢٤.
(8) الشيخ، ص٣٤.
(9) الطبراني، المعجم الأوسط، باب من اسمه إبراهيم، ج٣، ص١١٨، رقم: ٢٦٦٣، عن أبي الدرداء ، قال الألباني: حسن. صحيح الجامع.
(10) البخاري، صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب الحذر من الغضب، ج٥، ص٢٢٦٧، رقم: ٥٧٦٥، عن أبي هريرة .
(11) الزعبي (سيكولوجية الفروق الفردية...)، ص٢٧.
(12) Williamson, Jeanine M. Teaching to individual differences in science and engineering librarianship: Adapting library instruction to learning styles and personality characteristics, (Amsterdam: Elsevier Ltd, 2017), 1st ed, p. 2.
(13) الشيخ، ص٢٤.
(14) محمد أبو صعيليك، «الفروق الفردية والتعلم»، مجلة رسالة التربية، ع٢ (٢٠٠٢م)، ص٣٥-٣٧؛ الزعبي (سيكولوجية الفروق الفردية...)، ص٣٨، ٣٩.
(15) أسعد شريف الأمارة، سيكولوجية الفروق الفردية علم النفس الفارقي (عمان: دار صفاء، ط١، ١٤٣٥هـ/٢٠١٤م)، ص١٦، ٢١.
(16) الشيخ، ص١٧.
(17) يقول الريماوي: إنه عن طريق علم النفس الفارق يمكننا التخطيط لضبط هذه الفروق بالتقليل منها بين الأفراد والتقريب بينهم، مما يُمتن اللحمة الاجتماعية، الريماوي، محمد عودة، سيكولوجية الفروق الفردية والجمعية في الحياة النفسية (عمان: دار الشروق، ط١، ١٩٩٤م)، ص٤٠-٤٨، ولا يبدو أن ما يتميز به الأفراد من صفات شخصية هو سبب عدم تماسك المجتمع، نعم إن أراد بذلك التقريب بينهم في القيم ونحوها، والله أعلم.
(18) جمال زيد الكيلاني، «ثمن الجاه في الفقه الإسلامي»، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، الدوحة، مج٣٦، ع١ (١٤٣٩هـ/٢٠١٨م)، ص١٢٢.
(19) محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، القاموس المحيط، تحقيق محمد نعيم العرقسوسي وآخرون (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط٨، ١٤٢٦هـ/٢٠٠٥م)، جذر (ك. ل. ف)؛ محمد بن محمد الزبيدي، تاج العروس، تحقيق مجموعة من المحققين (دار الهداية، [د.ت])، جذر (ك. ل. ف).
(20) محمد بن أحمد ابن النجار، شرح الكوكب المنير، تحقيق محمد الزحيلي، نزيه حماد (الرياض: مكتبة العبيكان، ط٢، ١٤١٨هـ/١٩٩٧م)، ج١، ص٤٣٦.
(21) محمد بن عبد الله الزركشي، البحر المحيط، تحقيق عبد القادر العاني (الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ط٢، ١٤١٣هـ/١٩٩٢م)، ج١، ص١١٧.
(22) محمد بن علي الشوكاني، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، تحقيق أحمد عزو عناية (بيروت: دار الكتاب العربي، ط١، ١٤١٩هـ/١٩٩٩م)، ج١، ص٢٥.
(23) أحمد بن إدريس القرافي، الفروق، تحقيق عمر حسن القيام (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط١، ١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م)، ج١، ص٣٦١.
(24) أهلية الإنسان شرعًا، هي صلاحيته لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه، وتنقسم إلى أهلية الوجوب، وكل آدمي يولد له ذمة صالحة للوجوب، وأهلية الأداء، وهي تتعلق بقدرتين: قدرة الفهم وذلك بالعقل، وقدرة العمل وذلك بالبدن، عبد العزيز بن أحمد البخاري، كشف الأسرار (بيروت: دار الكتاب الإسلامي، [د.ت])، ج٤، ص٢٣٧، ٢٤٨، وأهلية الأداء هي المقصودة هنا في البحث؛ لأنه في هاتين القدرتين تظهر الفروق الفردية في الأداء.
(25) الأمارة، ص٢٥، ٢٦.
(26) يرى البعض أن اختلاف العرق عامل مؤثر في الفروق الفردية بين الجماعات، وهؤلاء الذين يعطون للوراثة دورًا كبيرًا في الفروق الفردية، بينما يرى أنصار البيئة أن هذه الفروق ترجع لعوامل أخرى، الزعبي (علم نفس الفروق الفردية...)، ص٦٤، ٦٥.
(27) الشاطبي، إبراهيم بن موسى، الموافقات (القاهرة: دار ابن عفّان، ط١، ١٤١٧هـ/١٩٩٧م)، ج٥، ص٢٥.
(28) المرجع نفسه، ج٥، ص٢٥.
(29) أبو الوفاء علي بن عقيل، الواضح في أصول الفقه، تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط١، ١٤٢٠هـ/١٩٩٩م)، ج٤، ص١٥٧.
(30) Mohd Hilmi Ramli, 2020. “Al-Taftāzānī’s Sources of Knowledge in Sharḥ Al-Talwīḥ ‘alā Al-Tawḍīḥ Li Matn Al-Tanqīḥ Fī Uṣūl Al-Fiqh”. Afkar: Jurnal Akidah &Amp; Pemikiran Islam 22 (2), 2020, p. 162. https://doi.org/10.22452/afkar.vol22no2.5.
(31) بات هذا الأمر وهو إثبات اختلاف الفروق الفردية بين الجنسين من الحقائق الثابتة في الدراسات التربوية والنفسية. الأمارة، سيكولوجية الفروق الفردية، ص٤٠.
(32) محمد بن جرير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، تحقيق أحمد شاكر (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط١، ١٤٢٠هـ/٢٠٠٠م)، ج٦، ص٦٦، ٦٧؛ محمد الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير (تونس: الدار التونسية للنشر، ١٩٨٤م)، ج٣، ص١٠٩.
(33) محمد بن أبي بكر ابن القيم، الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، تحقيق محمد غازي (القاهرة: مطبعة المدني، [د.ت])، ص١٠٣، ١٠٤.
(34) فُسر نسيان المرأة لهذه الأمور بأنها عادة لا تنشغل بأمور المعاملات المالية ولا تحضر مجالسها، فتكون بهذا أقل ضبطًا لها، وقد أثبتت بعض الدراسات المعاصرة وجود اختلافات فسيولوجية بين الرجل والمرأة تنعكس على اختلافهما في طرق أداء بعض الوظائف، ومنها التذكر لمثل هذه المعاملات، وأيا يكن فإن سبب جعل شهادة المرأة نصف شهادة الرجل ورد في الآية معللًا بخشية النسيان، فهو من باب الاحتياط للحقوق دفعًا للنزاع المحتمل، وما أكثره في القضايا المالية كما يشهد بذلك واقعنا المعاصر.
(35) ابن القيم، ص١٠٤.
(36) أبو بكر بن مسعود الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (بيروت: دار الكتاب العربي، ١٩٨٢م)، ج٤، ص١٥؛ عبد الله بن أحمد ابن قدامة، المغني (القاهرة: مكتبة القاهرة، ١٣٨٨هـ/١٩٦٤م)، ج٨، ص١٩٥.
(37) علي بن محمد الماوردي، الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي، تحقيق علي معوض وعادل عبد الموجود (بيروت: دار الكتب العلمية، ط١، ١٤١٩هـ/١٩٩٩م)، ج١١، ص٤٧٧؛ ابن قدامة، ج٨، ص٢١١، ٢١٢؛ أحمد بن إدريس القرافي، الذخيرة، تحقيق محمد حجي وآخرون (بيروت: دار الغرب الإسلامي، ط١، ١٩٩٤م)، ج٨، ص٢١٣.
(38) ابن قدامة، ج٨، ص٢١٥.
(39) البخاري، صحيح البخاري، كتاب الجماعة والإمامة، باب إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء، ج١، ص٢٤٨، حديث رقم: ٦٧١.
(40) محمد بن علي الشوكاني، نيل الأوطار، تحقيق عصام الدين الصبابطي (القاهرة: دار الحديث، ط١، ١٤١٣هـ /١٩٩٣م)، ج٣، ص١٦٣.
(41) البخاري، صحيح البخاريّ، كتاب الجماعة والإمامة، باب تخفيف الإمام في القيام وإتمام الرّكوع والسّجود، ج١، ص٢٤٨، رقم: ٦٧٠؛ ومسلم؛ صحيح مسلم، كتاب الصّلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصّلاة في تمام، ج١، ص٣٤٠، رقم: ٤٦٦، واللّفظ له.
(42) محمد بن علي ابن دقيق العيد، إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، تحقيق مصطفى شيخ ومدثر سندس (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط١، ١٤٢٦هـ/٢٠٠٥م)، ص١٤٤.
(43) علي بن محمد الهروي، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (بيروت: دار الفكر، ط١، ١٤٢٢هـ/٢٠٠٢م)، ج٣، ص٨٧٢.
(44) يوسف بن عبد الله ابن عبد البر، الاستذكار، تحقيق عبد المعطي أمين قلعجي (دمشق: دار قتيبة، ط١، ١٤١٤هـ/١٩٩٣م)، ج٤، ص١٧٧.
(45) المرجع السابق، ج٤، ص١٧٧.
(46) البخاريّ، صحيح البخاريّ، كتاب الجماعة والإمامة، باب من أخفّ الصّلاة عند بكاء الصّبي، ج١، ص٢٥٠، رقم: ٦٧٦، ومسلم، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب أمر الأئمّة بتخفيف الصّلاة في تمام، ج١، ص٣٤٢، رقم: ٤٦٩، واللّفظ له.
(47) البيهقي، سنن البيهقي، كتاب الصيام، باب كراهية القبلة لمن حركت القبلة شهوته، ج٤، ص٢٣٢، رقم:٧٨٧٣، شعيب الأرنؤوط: رجاله ثقات، وفيه انقطاع، وأخرج أبو داود عن أبي هريرة : «أن رجلًا سأل النبي ﷺ عن المباشرة للصائم فرخّص له، وأتاه آخر فسأله فنهاه، فإذا الذي رخّص له شيخ، والذي نهاه شابّ»، أول كتاب الصوم، باب كراهيته للشاب، ج٤، ص٦٢، رقم: ٢٣٨٧، شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
(48) ابن عبد البر، ج١٠، ص٦٢.
(49) الماوردي، ج٣، ص٤٣٩، ٤٤٠؛ ابن قدامة، ج٣، ص١٢٧.
(50) البخاري، صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام، ج١، ص٢٥، رقم: ٤٦.
(51) البخاري، صحيح البخاري، أبواب التهجّد، باب فضل قيام الليل، ج١، ص٣٧٨، رقم: ١٠٧٠.
(52) محمد بن عبد الله ابن العربي، القبس في شرح موطأ مالك بن أنس، تحقيق محمد عبد الله ولد كريم (بيروت: دار الغرب الإسلامي، ط١، ١٩٩٢م)، ص٣٦٨.
(53) أحمد بن عمر القرطبي، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، تحقيق محيي الدين مستو وآخرون (دمشق: دار ابن كثير، ط١، ١٤١٧هـ/١٩٩٦م)، ج١، ص١٦٦؛ محمد بن علي ابن دقيق العيد، شرح الأربعين النووية (بيروت: مؤسسة الريان، ط٦، ١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م)، ص٨٣.
(54) يحيى بن شرف النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجّاج (بيروت: دار إحياء التراث العربي، ط٢، ١٣٩٢هـ)، ج١، ص١٦٧.
(55) أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، سنن أبي داود، كتاب الزكاة، باب في الرخصة في ذلك -أي: أن يخرج الرجل من ماله، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد (بيروت: دار الفكر، [د.ت])، ج١، ص٥٢٦، رقم: ١٦٧٨، شعيب الأرنؤوط: حديث حسن.
(56) البخاري، صحيح البخاري، كتاب الوصايا، باب إذا تصدق، أو أوقف بعض ماله، أو بعض رقيقه، أو دوابّه فهو جائز، ج٣، ص١٠١٣، رقم: ٢٦٠٦؛ مسلم، صحيح مسلم، كتاب التوبة، باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه، ج٤، ص٢١٢٠، رقم: ٢٧٦٩، واللفظ للبخاري.
(57) الشاطبي، ج٣، ص٧٠.
(58) علي بن علي الحنفي صدر الدين، التنبيه على مشكلات الهداية، تحقيق عبد الحكيم محمد شاكر وأنور أبو زيد (الرياض: مكتبة الرشد، ط١، ١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م)ج٤، ص٤٨٩، ٤٩٠؛ أحمد بن محمد القسطلاني، إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (القاهرة: المطبعة الكبرى الأميرية، ط٧، ١٣٢٣هـ)، ج٣، ص٢٩؛ ابن بطال، شرح صحيح البخاري (الرّياض: مكتبة الرّشد، ط٢، ١٤٢٣هـ/٢٠٠٣م)، ج٣، ص٤٢٩، ٤٣٠.
(59) عبد الوهّاب بن أحمد الشعراني، الميزان الكبرى (القاهرة: مصطفى البابي الحلبي وأولاده، ط١، [د.ت])، ص١٢٠.
(60) الشاطبي، ج١، ص٢٧٨.
(61) والمراد منها هنا ما يحتاج منها لخبرات وقدرات وسمات معينة، كالتعليم ومختلف المهن والحرف والوظائف الإدارية والتنظيمية المختلفة، أما ما يتعلق منها بالتكاليف التي يشترك الجميع في القدرة عليها كصلاة الجنائز، فلا يظهر فيها التمايز بين الأفراد واضحًا بحسب الفروق الفردية.
(62) الشاطبي، ج١، ص٢٨٤؛ محمد الطاهر بن عاشور، مقاصد الشريعة، تحقيق محمد الحبيب ابن الخوجة (الدوحة: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ١٤٢٥هـ/٢٠٠٤م)، ج٣، ص٣٩٤.
(63) أي: القدر الزائد على الفرض العيني، أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش (القاهرة: دار الكتب المصرية، ط٢، ١٣٨٤هـ/١٩٦٤م)، ج٨، ص٢٩٥.
(64) ابن عاشور (التحرير...)، ج١١، ص٦١.
(65) أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، مجموع الفتاوى، تحقيق أنور الباز وعامر الجزار (القاهرة: دار الوفاء، ط٣، ١٤٢٦هـ/٢٠٠٥)، ج٢٨، ص٨٢.
(66) هذا على رأي من ذهب إلى أنه فرض كفاية، وقد اختُلف في حكمه على أقوال، منها: أنها سنة مؤكدة، أو فرض كفاية، ابن قدامة، ج١، ص٣٠٢، ٣٠٣؛ يحيى بن شرف النووي، المجموع شرح المهذب، تحقيق محمد نجيب المطيعي (جدة: مكتبة الإرشاد، [د.ت])، ج٣، ص٨٨.
(67) أحمد، مسند الإمام أحمد بن حنبل، مسند المدنيين، ج٢٦، ص٤٠٢، رقم: ١٦٤٧٨، قال شعيب الأنؤوط: إسناده حسن؛ أبو داود، سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب كيف الأذان، ج١، ص١٨٩، رقم: ٤٩٩، قال الألباني: حسن صحيح؛ محمد بن عيسى الترمذي، سنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في بدء الأذان، تحقيق أحمد محمد شاكر وآخرون (القاهرة: شركة مصطفى البابي الحلبي، ط٢، ١٣٩٥هـ/١٩٧٥م)، ج١، ص٣٥٩، رقم: ١٨٩، بلفظ: «أندى وأمد صوتًا»، وقال: حديث حسن صحيح.
(68) أبو محمد محمود بن أحمد العيني، شرح سنن أبي داود، تحقيق خالد بن إبراهيم المصري (الرياض: مكتبة الرشد، ط١، ١٤٢٠هـ/١٩٩٩م)، ج٢، ص٤٢٤.
(69) سبق تخريجها.