هُويَّة الذات الافتراضية وعلاقتها بتقدير الذات لدى طلاب الجامعةِ في ظل جائحةِ كورونا

عبد الناصر فخرو

أستاذ مشارك علم النفس التربوي، قسم العلوم النفسية، كلية التربية، جامعة قطرقطر

afakhrou@qu.edu.qa

محمود علي موسى

أستاذ مشارك القياس والتقويم، كلية التربية، جامعة قناة السويسمصر؛ وأستاذ زائر بقسم علم النفس، كلية التربية، جامعة السلطان قابوسسلطنة عمان

mahmoud_muhanna@edu.suez.edu.eg

ملخص

هدفت الدراسةُ إلى التحقُّق من البنية والمصداقية لمقياس هوية الذات الافتراضية في علاقتها بتقدير الذات لدى طلاب الجامعة في ظل جائحة كورونا في المجتمع العربي. اختيرت عينة متاحةٌ للدراسة، وتكونت من 243 طالبًا وطالبة من طلاب جامعة قطر ممن تراوحت أعمارهم بين 18 إلى 34 سنة، بمتوسط عمري 21 سنة وانحراف معياري 4.54 سنة. واعتمدت الدراسة على المنهج الارتباطي. واختبرت الدراسة ثلاثة نماذج لبنية مقياس هوية الذات الافتراضية (النموذج الاستقلالي، والنموذج الارتباطي، والنموذج التفاعلي). وتوصلت النتائج إلى تفوق النموذج الارتباطي ثم النموذج التفاعلي في ضوء مؤشرات المطابقة. وتوصلت نتائج الدراسة إلى وجود علاقة ارتباطية سالبة بين تقدير الذات وهوية الذات الافتراضية. وعليه فإن هوية الذات الافتراضية هي نتيجة تناوُب الذوات الداخلية للفرد أو نتيجة تفاعل أنواع الذوات.

الكلمات المفتاحية: هوية الذات الافتراضية، تقدير الذات، كوفيد-19

للاقتباس: فخرو، عبد الناصر، وموسى، محمود علي. (2024). هُويَّة الذات الافتراضية وعلاقتها بتقدير الذات لدى طلاب الجامعةِ في ظل جائحةِ كورونا. مجلة العلوم التربوية، جامعة قطر، 24(1)، ص205-236. https://doi.org/10.29117/jes.2024.0163

© 2024، فخرو وموسى، الجهة المرخص لها: مجلة العلوم التربوية، دار نشر جامعة قطر. نُشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0

 


 

Virtual Self-identity and its Relationship to Self-esteem among University Students during Corona Pandemic

Abdulnaser Fakhrou

Associate Professor of Educational Psychology, Department of Psychological Sciences, College of Education, Qatar University–Qatar

afakhrou@qu.edu.qa

Mahmoud Ali Moussa

Associate Professor of Measurement and Evaluation, College of Education, Suez Canal University–Egypt; Visiting Professor, Psychology Department, College of Education, Sultan Qaboos University–Sultanate of Oman

 

mahmoud_muhanna@edu.suez.edu.eg

Abstract

The main objective of this research is to test the factor structure of digital self-identity scale and its relationship to self-esteem among Arab university students during COVID-19 pandemic. 243 available participants had been drawn from university students whose age ranged from 18 to 46 years (M=21, Std= 4.54 years). The study relied on the correlational approach. The study tested three models of the structure of the virtual self-identity scale (the autonomous model, the relational model, and the interactive model). The results showed that the relational model was superior to the interactive model in light of the matching indicators. The results of the study found a negative correlation between self-esteem and virtual self-identity. Accordingly, the identity of the virtual self is the result of the alternation of the individual's internal selves or the result of the interaction of types of selves.

Keywords: Virtual self-identity; Self-esteem; Covid-19

Cite this article as: Fakhrou, A. & Moussa, M.A. (2024). Virtual Self-identity and its Relationship to Self-esteem among University Students during Corona Pandemic. Journal of Educational Sciences, Qatar University, 24(1), pp. 205-236. https://doi.org/10.29117/tis.2024.0163

© 2024, Fakhrou, & Moussa, licensee, JES & QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0

 


 

مقدمة

كانت جائحة كورونا COVID-19، التي بدأت في الصين في نهاية عام 2019، حدثًا غير مسبوق في جميع أنحاء العالم، بل وكانت منذرة باحتمالية عالية لانتشار العدوى. وقد اعترفت منظمة الصحة العالمية بانتقال الفيروس على نطاق واسع بأنه جائحة (Ornell, Schuch, Sordi, & Kessler, 2020; Pakpour & Griffiths, 2020).

وقد أدت المعلومات المشكوك فيها أو حتى الكاذبة حول العوامل المتعلقة بانتقال الفيروس، وفترة الحضانة، وانتشارها الجغرافي، وعدد المصابين، ومعدل الوفيات الفعلي؛ إلى انعدام الأمن وانتشار الخوف بين الناس (Ornell et al., 2020). وتسبب عدم وجود آليات فعالة في العديد من العواقب في جميع القطاعات، وأثرت الجائحة بصورة مباشرة في الحياة اليومية؛ فقد التزم الملايين من الأشخاص منازلهم، ومن ثَمَّ عجز الكثير عن ممارسة أعمالهم وكسب أرزاقهم؛ بسبب عدم قدرتهم على القيام بأعمالهم من خلال المنزل (Pakpour & Griffiths, 2020).

ونظرًا للحجر المنزلي الذي حال دون التفاعل الحي بين الأفراد في البيئة المحيطة، فقد دعت الحاجة إلى تطوير قواعد سلوكية في التفاعلات الافتراضية، تمكِّن المرء من الحصول على تغذية راجعة اجتماعية لتقييم ردود الفعل الخارجية والتأقلم معها بمثالية، فقد تكون التفاعل المثالي سببًا في تحقيق منفعة شخصية مستقبلية (Hamari et al., 2018). أو قد تكون هذه التغذية جبرًا لتدني تقدير الذات، خصوصا لدى الشباب الذي شعر فجأة بأن أحلامه تبخرت في ظل طول فترة الوباء (عماد وشاوي، 2020).

كما أن هناك نوعين من الهوية: حقيقية وزائفة، ونتيجة للتباعد الاجتماعي وتقليل التفاعلات الحية، فقد عانى الأفراد من الوحدة النفسية ومن تدنٍ في تقدير الذات، وزادت الحاجة إلى تفاعلات أكثر تكيفًا، خصوصًا في ظل التنمر الذي لوحظ في تفاعلات الآخرين، سواء على شخص مصاب، أو في التحامل على بعض الشرائح في المجتمع كالأطباء وأصحاب العمل، أو المصابين بعاهة معينة، أو ذوي الاحتياجات الخاصة، أو مقدِّمي الخدمات.

وقلت التفاعلات الحية، ولجأ البعض إلى التفاعلات الافتراضية في مواقع التواصل الاجتماعي، تعويضًا عن تلك التفاعلات الحية في ظل غياب تقدير الذات، وهي طريقة تبعث على التفاؤل إذ تمكِّن الفرد من التكيف الاستباقي، والرفاهية النفسية، وتقدير الذات، والتعلق الاجتماعي بالأصدقاء ودائرة المعارف في ظل جائحة كورونا، وهذا له صلة وثيقة بالهوية الذاتية للفرد (موسى، 2018).

ويرى كوت (Kohut, 1972) أن الهوية الذاتية للفرد ثلاثية الأبعاد تتمحور حول احتياجات الفرد التأملية والمثالية والتكيفية، وتختلف هذه الاحتياجات الثلاثة في ضوء طبيعة الذات التي يلجأ إليها الفرد (زائفة أو حقيقية)، وهذا يتوقف على تقدير الذات المدرك لدى الفرد (Hornsey 2008; Kohut, & Elson, 1987; Mackay, White, & Obst, 2016). وقد تكون الذات الزائفة التي يستخدمها الفرد حيلة دفاعية للخروج من التجارب المؤلمة التي لم يجتزها الفرد؛ ومن ثَمَّ يعلق خيبة آماله على المعايير المرجعية المجتمعية التي أدت إلى إخفاقه، أو التسامي الذي سبَّب اعتراض الآخرين لأحلامه، كما يرى سيكوسكي (Sekowski, 2020).

وقسمت نظرية Winnicott (1960) الأنا Ego إلى الذات الحقيقية والزائفة، وتصف الأولى بأنها أكثر تلقائية وواقعية، والثانية بأنها أكثر دفاعية ووقائية ومحاولةً لإخفاء أخطاء الذات الحقيقية. وقد تكون الذات الزائفة في ظل جائحة كورونا هي محاولة تصحيحية لإنهاء الخطر النفسي الواقع على عاتق المرء؛ جرَّاء قلقه من ظروف العدوى بالفيروس التاجي كورونا. وعلى نحو مماثل، فقد حددت نظرية Rogers (1959) الذات الحقيقية باعتبارها الذاتَ الكامنة للفرد.

وتعد الفجوة بين الذات الحقيقية والذات المثالية تعارضًا في صلب النظريتين، وهذه الفجوات الكبيرة يمكن أن تؤديَ إلى مشكلات نفسية متعددة، أما أن تتلاقى هوية واضحة صريحة للفرد مع الذات الحقيقية فذلك يؤدي إلى نتائج إيجابية. وانطلاقًا من هذه الفكرة إلى البيئات الافتراضية، فإن الأشخاص الذين لديهم الذات الحقيقية يميلون إلى إنشاء علاقات صادقة وصحية وأطول مع أصدقائهم عبر الفيسبوك. وهذه العلاقات في العديد من حالاتها تترجَم إلى العالم الواقعي (McKenna, Green, & Gleason, 2002).

ويكون لعرض الذات الزائف مزايا مرحلية؛ إذ يوفر العرض الزائف للذات التلاعبَ بالهوية بصورة تبهر الآخرين وتزيد إعجابهم، وعليه فالفرد يبني هوياتٍ مختلفةً تمامًا عن هويته الخاصة (Turkle, 1995). ويمكن اعتبار هذا السلوك إيجابيًا للترويج للذات، إذا حدث من وقت إلى آخرَ بمرونة وبصورة مقبولة، وبما لا يتنافى مع المعايير الاجتماعية والأخلاقية (Mackay, White, & Obst, 2016).

بالإضافة إلى ذلك، فإن الذات الزائفة تحمي الشخص من الانهيار في الحقيقة؛ ففي جائحة كورونا تكمن نقطة الانهيار في الضغوط النفسية والانفعالية والأسرية والاجتماعية، التي فرضت على المرء قيودًا اجتماعية ونفسية ومالية معينة. كما أن الذات الزائفة تعمل على التعرف عن قرب على الشخصيات نفسِها بصور مثالية ممتزجة بتأويلات النفس الزائفة في مجتمع افتراضي (العنزي وموسى، 2020). ويمكن أن تتحقق ثمرةُ هذه الذات الزائفة في حالة ثبوتها بحيث لا تبتعد كثيرًا عن الذات الحقيقية، وإلا سيعاني الشخص من العواقب السلبية لافتضاح أمره. وهو ما أسماه إريكسون (Erikson, 1964) اختلاق الأنا Ego Epigenesists؛ إذ يرى أنه عملية انتقالية متكاملة متماسكة تربط حياة الفرد الداخلية بأدواره الاجتماعية. وتختلَق الأنا أو الذات الزائفة من خلال عمل صور منظمة، والشعور بالذات التي يعبر عنها الآخرون، وقد لا يكون عليها الفرد حقًا، وتتجمع أجزاء الأنا لتشكل كلًّا فعالًا (Erikson, 1959). ويرى أريكسون (Erikson, 1968) أن وظيفة الأنا تحدث من تفاعل النمو الداخلي للفرد مع متطلبات المجتمع الخارجية، ويركِّز الفرد في هذا التفاعل على صورة الذات الجسدية، ومواجهته مع المجتمع والأدوار المجتمعية التي يؤديها، وترتيبه الداخلي لتلك التجارب. وعليه، فيرى الباحثان أن تجسيد الذات الزائفة في الفيسبوك يكون عن طريق عرض الشخص معلوماتٍ عن هويته بطرق مختلفة، عن ملفه السكني وخبراته التعليمية والمهنية، عبر صوره الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو والنصوص المكتوبة. أما المدونات والمنتديات غير معلومة المصدر، فإنه من المعتاد أن يقدم الشخص فيها معلوماتٍ سطحيةً خاطئة، كاسم مستعار وأنشطة ومعلومات ديمغرافية واجتماعية عديمة الجدوى.

أما هوياتهم الحقيقية، فتبدو ضمنية خلال الإشارات البادية في صورهم ومشاركاتهم في المنتديات، كأن ينشرَ الشخص صورًا له على نحوٍ انتقائي في أثناء تناول الطعام في مطعم تارة، أو مع أصدقاء ذوي مظهر حسن تارة أخرى، في محاولة ضمنية لتعزيز صورة ذاته في عيون الآخرين بشبكات التواصل الاجتماعي، رغم أن ذواتهم الحقيقية قد تكون مكتئبة ومنطوية، ورغم أن دقائق حياتهم قد تحمل أمورًا روتينية مملة، وربما أن حدثَ تناول الطعام ما هو إلا حدث طارئ؛ ومن ثم يكون الشخص قد عرض هويته بصورة تجعل ذاته إيجابية لدى الآخرين (Zhao et al., 2008).

وتشير هوية الذات إلى التمييز بين مفهوم الذات، والذات المدركة لدى الفرد؛ أي: التعرف على الفجوة بينهما؛ للتعرف على اتساق المعتقدات والاتجاهات مع تلك التصرفات الصادرة عن الفرد. في حين أن مفهوم الذات هو مفهوم نسبي تقديري خاضع للآراء. وقد يتفاعل تقدير الذات مع طبيعة هوية الذات لتتكون الذات ككل (رباحي ويحيى، 2020). وغالبًا تتغير الذات من الحقيقية والواقعية إلى الزيف؛ نتيجة حدوث توتر بين الذات والمجتمع، حين تنتقل مهمة الهوية من انشغال الفرد بمن هو، إلى التوتر الدينامي بين ما يريد وما يطلبه المجتمع (Widick et al., 1978).

مشكلةُ الدراسة

اهتمت الدراسات السابقة في مجال علم النفس بالذات الحقيقية والذات الافتراضية عقب انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، وتطرقت إلى كيفية اندماج نوعَي الذات، حسب غرض المستخدم من منشوراته الشخصية؛ فقد يعرض المستخدم منشورًا يحمل ذاتًا تجسده على أنه شخصية مرموقة، وهذه الشخصية تنافي الواقع تمامًا، فقد يعدُّ هذا حيلة دفاعية نتيجة خلل تقدير الذات الاجتماعي لديه في البيئة الواقعية.

وهناك فجوة تظهر في شخصية المستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا في فترة المراهقة المتأخرة، التي يمثلها طلاب الجامعات واليافعون في سن الشباب وسن الرشد؛ إذ يلاحَظ أنها منشورات خالية واقعيًا أو إسقاطية، تعكس مشكلاتٍ وتمثل صرخةً تعبر عن آلام دفينة لدى المستخدم، أو تعكس معاناته من خلال تكرار بعض الكلام أو الألفاظ أو المشاهد التي تجسد واقعًا معينًا يمر به، ويسبب الصراع النفسي لديه.

ولوحظ أن الذات المستخدمة على مواقع التواصل مغايرة تمامًا لِما هي عليه في الواقع الحي الذي نعيشه؛ وهذا قد يرجع إلى تجارب مؤلمة عايشها الفرد أو ضعف الأنا الكامن، الذي يؤدي إلى الانهيار الانفعالي كما أشار سيكوسكي Sekowski (2020). فعلى سبيل المثال، نجد أن تعبيره عن ذاته افتراضيًا قد تضمن الذاتَ المثالية ومعها الذات الواقعية، أو الذات المثالية والذات المهنية، أو الذات المثالية والذات الاجتماعية، أو الذات الاجتماعية والذات الواقعية. وقد تكون تفاعلات الذات في كتاباته حقيقيةً أو يشوبها بعض الزيف لعلاج نقائص الذات من ناحية، وقد يكون نتيجة إحساسه بتدني مفهوم الذات أو تقديره لذاته.

وعليه، وبتحليل التراث في ضوء النظرية التي تبناها الباحثان، وهي نظرية الهوية الافتراضية التي طرحها موسى (2019)، فقد وجد أن الذات الافتراضية تتضمن ثلاثة أبعاد، هي: (1) مرجعية الذات، و(2) تسامي الذات، (3) والإقصاء الاجتماعي. وهي صور سلوكية من تفاعلات الذات الحقيقية أو الزائفة التي يعبر بها الفرد عن ذاته. وعليه، يمكن توصيف مشكلة الدراسة في الأسئلة البحثية التالية:

       1.       ما البناءُ العاملي الذي ينتظم حوله مفرداتُ مقياس هوية الذات الافتراضية؟

       2.       هل توجد علاقة بين هوية الذات الافتراضية وتقدير الذات لدى طلاب الجامعة في ظل جائحة كورونا؟

       3.       هل تختلف هوية الذات الافتراضية باختلاف الجنس، والعمر، ومحل الإقامة لدى طلاب الجامعة في ظل جائحة كورونا؟

أهدافُ الدراسة

1.       دراسةُ البنية العاملية لمقياس هوية الذات الافتراضية.

2.       دراسةُ العلاقة الارتباطية بين هوية الذات الافتراضية وتقدير الذات لدى طلاب الجامعة في ظل جائحة كورونا.

3.       دراسةُ اختلاف هوية الذات الافتراضية باختلاف الجنس، ومحل الإقامة، والعمر.

فروضُ الدراسة

1.       نموذجُ العوامل الثلاثة هو أفضل بناء ينتظم حوله مفردات مقياس هوية الذات الافتراضية في ضوء النظرية المفترضة.

2.       توجد علاقةٌ ارتباطية بين هوية الذات الافتراضية وتقدير الذات لدى طلاب الجامعة في ظل جائحة كورونا.

3.       لا توجد فروق في هوية الذات الافتراضية باختلاف الجنس، ومحل الإقامة، والعمر.

أهميةُ الدراسة

توفيرُ معلومات للمرشدين الأكاديميين بالجامعة عن طبيعة الذات لدى الطلاب الجامعة؛ لتحسين فرص التواصل مع الطلاب وسبله، بما يخفف العبء النفسي على الطلاب، وبما يحقق الرفاهية النفسية للطلاب نتيجة الظروف الضاغطة والأزمات الأسرية والاجتماعية الناجمة عن قلق المجتمع المدني وخوفه من التلامس والعدوى. كما يمكن توفير برامجَ اجتماعيةٍ للأسر تمكنهم من التعامل مع أبنائهم لرفع تقدير الذات في ظل الظروف الاجتماعية الضاغطة المحفوفة بخطر الإصابة بوباء كورونا. كما توفِّر الدراسة نظرية حديثة عن هوية الذات، تصف طبيعة الذات في مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد التحقق الإمبيريقي. كما توفر الدراسة إطارًا جديدًا لدراسة الظواهر النفسية، وهي الدراسة المتفاعلة للظواهر الشخصية والنفسية باعتبارها بناءً مركَّبًا في السياق الاجتماعي.

مبرراتُ القيام بالدراسة

1.       تهتم نظرية إريسكون بالتغيير في سلوكيات الفرد واتجاهاته ومعتقداته وتوجهاته في ضوء تقدير الذات ومفهوم الذات (Erikson, 1968)، وأغفلت التأثيرَ الشديد لعمليات المجموعة والعلاقات بين المجموعات (Hornsey, 2008).

2.       أشار كوت (Kohut, 1972) إلى أن الذات ثنائية القطب بالصورة التي تحقق لها سمة تكيفية؛ وذلك لتخطي اضطرابات الذات، وتحقيق النمو الذاتي بما يسمح له بالاندماج الانفعالي، وتنظيم الذات بالاستجابة بالطريقة التي تلفت نظر الآخر. وعليه، يرى كل من تيري وهوق ووايت (Terry, Hogg, & White, 2000) أن القطب الآخر يميل إلى إعادة تحري الأعراف الاجتماعية في العلاقات بين المواقف والسلوك، وتأثيرها في العلاقات بين السلوك والسلوك، في ضوء نظرية الهوية الاجتماعية ونظرية التصنيف الذاتي.

3.       هناك بعض الأفراد فشلوا في تطوير شعور ناضج ومتماسك بالذات في البيئة الواقعية، وهم بحاجةٍ إلى الاتزان النفسي، ومن ثمَّ يلجؤون إلى الذات الزائفة، وبالأخص العظمة النرجسية، في حيلة دفاعية للدفاع عن القلق والاكتئاب والمشاعر السيئة؛ وذلك نتيجة العالم الداخلي المعقد والدينامي (Afek, 2019).

4.       تتسم الذات المثالية في نظرية هوية الذات بعدة سمات (Afek, 2019; Reich, 1960)، منها: أن يكون لديه شعور كبير بأهمية هويته الذاتية (يبالغ في إنجازاته ومواهبه، ويتوقع أن يعترف الآخرون به على أنه متفوق دون إنجازات متكافئة)، والانشغال بأوهام النجاح اللامحدود أو القوة أو التألق أو الجمال أو الحب المثالي، إضافة إلى شعور الفرد بأنه خاص أو فريد من نوعه بصورة لا يمكن للآخرين فهمُها، مع الشعور بالاستحقاق (التوقعات غير المعقولة بمعاملة تفضيلية خاصة والامتثال التلقائي لتوقعاته)، واستغلال العلاقات الشخصية (أي استغلال الاخرين لتحقيق غايات خاصة)، والافتقار إلى التعاطف (عدم الرغبة في التعرف على مشاعر الآخرين واحتياجاتهم أو التماهي معها)، وغالبا ما يحسد الآخرين أو يعتقد أن الآخرين يغارون منه، ويظهر سلوكياتٍ أو مواقفَ متعجرفة وعدائية في البيئة المحيطة.

5.       الميل إلى الذات الحقيقية أو الزائفة إنما هو نابعٌ من ثلاثة احتياجات (Banai, Mikulincer, & Shaver, 2005)، أشارت إليها نظرية كوهوت للهوية النفسية، وهي: احتياجات الذات التأملية، والمثالية، والتكيفية. وتتذبذب هذه الاحتياجات حسب الحيل الدفاعية، والتماسك الذاتي، والصحة العقلية، والتنظيم الذاتي، وصورة الذات المدركة لدى الفرد (Kohut & Elson, 1987).

مصطلحاتُ الدراسة

1.       هويةُ الذات: هي مجموعة من المعتقدات والأفكار بخصوص الذات، تجسد مفهوم الذات للإجابة عن تساؤل من أنا (Erikson, 1968). وتعرَّف إجرائيا بالدرجة التي يحصل عليها الفرد على مقياس هوية الذات.

2.       الهويةُ الافتراضية: وتعكس المعتقداتِ والأفكارَ الخاصة بالمخططات الذاتية الشخصية، وما يدركه الفرد من طبيعة آراء الآخرين، ونظرة الفرد إلى ذاته وما يجب أن تكون عليه مستقبلًا، مما يجعله يتصرف بصورة واقعية خلال استخدامه لمواقف التواصل الاجتماعي أو يزيف ذاتًا يجبر بها نفسه، ويشعر خلالها أنه متكيفٌ مع ما يدور حوله من مجريات. وتعرف إجرائيًا في هذا البحث بأنها الدرجة التي يحصل عليها الفرد من خلال استجابته على مقياس هوية الذات الافتراضية.

3.       تقديرُ الذات، وهو موقفٌ تجاه الذات، أو الشعور العام الإيجابي أو السلبي حول ما نشعر به حيال الذات (Rosenberg, 1965). ويعرفه الباحثان إجرائيا بأنه الدرجة التي يحصل عليها الفرد عند استجابته على مقياس روسنبرج لتقدير الذات.

الإطارُ النظري والدراسات السابقة

تناولت العديد من الدراسات موضوعَ الهوية بصفته متغيرًا رئيسًا يتأثر بمتغيرات أخرى ويؤثر فيها؛ فقد استهدفت دراسة رجم (2019) معرفة تجليات الهوية الافتراضية لدى المراهقين، والمعاني التي تحملها من حيث المعلومات التي يقدمها المراهقون عن أنفسهم وأسمائهم وصورهم المستخدمة عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي؛ نظرا لأهمية هذه المسألة لهذه المرحلة العمرية، التي يبحث فيها المراهق عن هويته وإثبات ذاته، ويواجه فيها الكثير من التحديات، وهو الأمر الذي ينعكس على هويته الافتراضية التي تكون جزءًا من هذه التحديات. وذلك من خلال مساءلة عينة من المراهقين قوامُها 150 فردًا، باستخدام أداة الاستمارة لجمع البيانات، وقد توصلت الدراسة إلى أن معظم المراهقين يقدمون معلوماتٍ غيرَ صحيحة عن أنفسهم؛ إذ إن 63.33% منهم يقدمون أعمارًا أكثر من أعمارهم، و53.33% منهم يقدمون مستوى تعليميا أكبر، ويتواصلون عبر أسماء غير أسمائهم بنسبة 95.34% وصور غير صورهم الحقيقية بنسبة 86%، وهو ما يحمل الكثير من المعاني والدلالات. ويمكن الخلوص من هذه الدراسة بأن الشخص في سن المراهقة يستخدم ذاتًا زائفة لإثارة إعجاب الآخرين؛ من أجل التجاوب وتحسين سبل التواصل الاجتماعي معهم، خصوصًا مع الغرباء.

وقد سُلط الضوء على إشكالية تعدد الهويات لدى الشباب الجزائري لعينة من الطلبة الجامعيين؛ نظرًا لتزايد حيثيات العولمة، وما نتج عنها من انشطار في الهوية لدى الشباب الجزائري بدرجة تؤدي إلى التعارض والتنافر، لتشكل لديه أزمةَ اضطراب فكري وانفصال عن الذات؛ بسبب استجابته لمختلف أشكال الانفتاح الثقافي (عماد وشاوي، 2020).

ودرس كل من علي وكزيز (2017) أثر موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي في تشكيل هوية الأبناء بين الهوية الواقعية والهوية الافتراضية. وتوصلت دراستهما إلى أن تأثيره يتمثل فيعلى شكل التفاعل، والجمع بين هوية الهوية الواقعية والمثالية لهم خلال تفاعلات الفيسبوك.

في حين اتفق كل من إكلرهارت وجيل أور وزملاؤه وكذلك ميكيان وآخرون (Eckler-Hart, 1987; Gil-Or et al., 2015; Michikyan et al., 2015) على أن صور الهوية الزائفة تكون في صورة نشر مشاعر مستعارة، أو اسم مزيف، أو أنشطة وصور مستعارة لشخصية مجهولة، وقد يتحول الفرد من الهوية الحقيقية إلى الزائفة نتيجة الغيرة التي تعتريه نتيجة المقارنات الاجتماعية. وهذه الدراسات النفسية تؤكد ما أكده روجرز Rogers, 1959)) من وجود فجوة بين الهوية الحقيقية والمثالية.

هويةُ الذات:

يعد العالم الحقيقي والافتراضي عالميْن متوازييْن؛ إذ يرتبطان ويتشابكان لتشكيل نسيج التواصل الاجتماعي. فتطوُّر وسائل التواصل وتغلغلها في مختلف مجالات الحياة نتج عنه الاستخدام المكثف لتلك المواقع. وهذه النقلة في الممارسات الفردية التي استمدت معناها من الوعي بالذات والتميز الفردي عن الآخرين داخل هذا النوع من الفضاءات؛ جعلت هوية الفرد المستخدم محل سؤال وبحث، باعتبار أنه بمجرد الدخول إلى المجتمعات الافتراضية تنمحي خصائصُ الحضور المادي للمستخدم، ويصبح يُعرف من خلال اسم الحساب أو الصورة وغيرها من المعلومات، التي يقدمها على الخط وقد تعكس أو لا تعكس هويته الواقعية (رباحي ويحيى، 2020).

ويروِّج المرء لهوية زائفة أو حقيقية، هروبا إلى الشعور السلبي وعدم التقيد، وشعوره بالعزلة وإقصاء الآخرين له، تلبيةً لمتطلبات القبول الاجتماعي أو للحصول على منافع تبادلية (الزهرة، 2017)، مما يسبب انهيار المسافات؛ بسبب ميل المرء إلى النكوص إلى قيم المجتمع الذي ينتمي إليه، باعتبارها القيم الأصلية له ذاتَ الثبات والتأييد والمستمدة من قيم وأصول تشكل ثوابت الأمة، وهي تنطوي على جملة من الخصوصيات تضعه بين مد وجزر يجعله يعيش صراعا بين إن كانت هويته الأصيلة تُلزمه بضرورة الانفتاح على إنتاجات الآخر أو لا، باعتبارها إنتاجاتٍ إنسانية عالمية (عماد وشاوي، 2020).

وهناك العديد من الجوانب التي تثير أزمة في الهوية الذاتية لدى الفرد، حددها إركسون في العوامل التالية (علي وكزيز، 2017):

‌أ.     فشلٌ في تحقيق هوية الأنا في سن المراهقة؛ نتيجة سوء فهم العوامل التي أثرت بصورة مشوهة في السياق الاجتماعي.

‌ب. هويةُ الفرد الثقافية، التي تؤثر في ثقافة الفرد وسلوكياته، واتجاهاته، وقيمه، ولغته، ونمط الملابس والمظهر.

‌ج.   التغييراتُ الثقافية التي تأثرت بالتقنية والإنترنت، وأدت إلى انبهار الشخص بثقافة الآخر، واختراق المعايير الثقافية التي استهدفت النسيج الثقافي المجتمع، وذوبان حدود التناقض داخل نسيج المجتمع.

الذاتُ الحقيقية والذاتُ الزائفة خلال مواقع التواصل الاجتماعي:

تعد مواقع التواصل الاجتماعي من البدائل التفاعلية كليًا في ظل جائحة كورونا؛ إذ تسمح للمستخدمين بمشاركة المعلومات عن أنفسهم وتتبع أصدقائهم وذويهم ومعارفهم والتفاعل معهم (Michikyan et al., 2015). وقد بدأت الدراسات النفسية التي ربطت بين الرفاهية النفسية والاجتماعية بعرض الذات عبر مواقع التواصل، وترى رايت وزملاؤها Wright et al., 2018)) ميلَ من يتمتع بتقدير ذات مرتفع إلى عرض الذات الحقيقية، في حين أن ذوي تقدير الذات المتدني أكثر عرضة لتقديم الذات الزائفة. ويعرض الأفراد ذواتِهم بوعي أو بغير وعي عبر صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي. ونتيجة لذلك، فقد ينحرف المرء عن الذات الحقيقية. ومن المفترض أن يكتبَ الشخص منشوراتٍ على صفحته تعزز هوية الذات الحقيقية عندما يكون ما كتب مطابقًا لما يعتقده (Gil-Or et al., 2015).

وفي الحياة الواقعية، لوحظ أن الفرد يلجأ إلى عرض الذات باستخدام استراتيجيات تعزز إثارة إعجاب الآخرين واستراتيجيات لتوكيد الذات لآرائهم الذاتية (Wright et al., 2018). أما في مواقع التواصل الاجتماعي فالأمر يختلف، فقد أكدت دراسة رايت وزملاؤها (Wright et al., 2018) أن عرض الهوية يكون متناوبًا بين الذات الزائفة والذات الحقيقية؛ لتعزيز الذات من ناحية ولتحسين صورة الذات من ناحية أخرى، بصورة قد تكون منطقية في ضوء معلومات متاحة ومعروفة عن الفرد. في حين تختلف دراسة جيل أور وآخرين (Gil-Or et al., 2015) في أنها ترى أن العرض الزائف للهوية يعزَّز عن طريق التعليق إما بشكل مجهول أو تحت اسم مزيف، أو قد يكون هذا صراحة عن طريق فضح الذات، ليس عن طريق الاسم، وإنما بالأنشطة والصور ونشر المشاعر الجياشة والتفضيلات. وغالبًا ترتبط الذات الزائفة بالهوية المهنية (Eckler-Hart, 1987). أو قد تعكس انعدام الأمن لدى البالغين والمراهقين، وربما تكون مدفوعة بآمال الحصول على تعليقات يمكن أن تعزز رؤيتهم لأنفسهم، والتوافق مع الظروف الحالية، سواء عن طريق التحقق الاجتماعي أو المقارنة الاجتماعية (Michikyan et al., 2015).

فتقديم الذات الزائف False self-presentation يشير إلى طرح معلومات عن الذات بطريقة لا تطابُقَ فيها بين ما هم عليه فعليًا وبين مجموعة المعتقدات والقيم الحقيقية، وهذا يسمى التناقض أو الفجوة بين الهوية الحقيقية والمثالية (Rogers, 1959). ويمكن أن تؤديَ الذات الزائفة إلى خلق ذات افتراضية تعمل عمل الحيلة الدفاعية؛ يتخفى وراءها الفرد من ذاته الحقيقية (Gil-Or et al., 2015).

وعادة ما تكون الهوية المعبَّر عنها بمواقع التواصل هي الذات الأكثر قبولًا وشعبية اجتماعيًا، ويختلف استخدام الهوية الحقيقية والهوية الزائفة باختلاف المستخدم والمواقف، وعادة ما يلجأ الفرد إلى الهوية الزائفة في حالة عدم الرضا عن حياته الحقيقية بظروفها، وهو ما يبدو حاليًا في ظل جائحة كورونا (Gil-Or et al., 2015)، أو يلجأ إلى الذات الزائفة عندما يتدنى تقدير الذات لديه (Harter et al., 1996). وعليه، يخلق الفرد بيئة تعويضية بديلة تتلاشى فيها عيوبُه الحاضرةُ في الحياة الحقيقية، وهذه الآلية تعد منطقية للدفاع عن التعويضات التي تقي الفرد من المهددات الداخلية للذات والخارجية (مثل الضغوط والتوقعات الاجتماعية). وهذه البيئة التعويضية للذات الزائفة نتجت لتعارض السياق الاجتماعي للموقف مع ردود الفعل والتعليقات، بما أدى إلى الصراع في تعزيز إحساس الفرد بذاته، بالأخص لدى من تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 29 سنة (Erikson, 1968; Schwartz et al., 2009). وغالبًا تكون الهوية الزائفة بغرض الحصول على الاستحسان والقبول من الآخرين بطريقة معينة تعزز تقدير الذات، وتمكِّن الفرد من التوافق مع العديد من أصدقائه؛ وعليه فقد يلجأ الفرد إلى قمع مشاعره وذاته للحصول على القبول ممن يهمه في دائرة معارفه افتراضيًا (Harter et al., 1996).

مرجعيةُ الذات والمعايير الاجتماعية عبر مواقع التواصل الاجتماعي:

تؤثر المعاييرُ الاجتماعية والمعايير الأخلاقية في السلوكيات الفردية عبر مواقع التواصل، سواء المتزامنة منها أو غير المتزامنة Online/ Offline. وتكون المعايير الأخلاقية (الالتزام الأخلاقي بالانخراط في السلوك) والمعايير الاجتماعية (التي يتصرف الفرد في ضوئها على نحوٍ متسق مع تصورات المجموعات الاجتماعية) منبئةً بسلوكيات التعاون micro volunteering في أضيق حدوده عبر مواقع التواصل. وترتبط المعاييرُ الاجتماعية الداعمة بزيادة استخدام مواقع التواصل؛ وعليه فإن تأثُّر الأشخاص بقواعد اجتماعية يُلزمهم بالعرض الزائف للذات في نوع من الامتثال للمعايير الاجتماعية؛ إذ يعدُّونها نوعًا من أخلاقيات الالتزام والمقبولية داخل مجموعاتهم الاجتماعية (Erikson, 1968; Wright et al., 2018). وغالبًا يكون تقديم الهوية الحقيقية أو الزائفة أو عرضهما متوقفًا على طبيعة تقدير الذات؛ إذ إن السلوك البشري في مواقع التواصل هو سلوك مقصود يتأثر بطبيعة التقييمات الإيجابية والسلبية في السياق الاجتماعي والمعايير الذاتية كالضغوط الاجتماعية المدرَكة، التي تؤدي إلى انخراطه في نوع معين من السلوك لتنفيس انفعالاته، وهو ما حدث في ظل جائحة كورونا (Mackay et al., 2016; Ringelheim, 2012).

وغالبًا تكون المعايير الاجتماعية مؤشراتٍ معياريةً للكشف عن سلوكيات صحية واجتماعية، فغالبًا ما يتأثر الأفراد بالسلوك الناجم عن الآخرين، في نوعٍ من العدوى الانفعالية رغم تعارض هذا السلوك مع المعايير الذاتية للفرد، ويميل الأفراد إلى التصرف بطرق تزيد من أوجه التشابه بينهم وبين مجموعتهم المرجعية. وقد تزيد المعايير الاجتماعية من نية الفرد لأداء سلوك معين عندما يكون السلوك متسقًا مع المعايير الاجتماعية المرجعية، على نحوِ ما كان من بعض الشباب المتطوع من أداء بعض التوصيلات المنزلية في ظل جائحة كورونا، خوفًا على انتشار العدوى بين كبار السن والنساء (Mackay et al., 2016; Ringelheim, 2012; Sippola, Buchanan & Kehoe, 2007).

نظريةُ الهوية الافتراضية:

تنمو هوية الطفل منذ صغره، منذ تفاعل الطفل في البداية مع الوالدين. وتتكون ذاتان متوازيتان معًا، أولهما الذات المثالية التي تبدو في انتقائه لتفاعلات والديه وتعليقاتهما وأسلوبهما حرفيًا في الأفعال والأقوال (Patton & Robbin, 1982; Rogers, 1959). ثم يظهر تماسك الطفل في تفاعلاته مع المجتمع من خلال تقمص شخصية أحد الوالدين أو الأقارب، ويبدأ في تكوين بعض الجوانب الخاصة بسلوكياته وقيمه واتجاهاته، التي تبدو في تفاعلاته المتسمة بالاستثارة وفي محاولاته لتأكيد ذاته بصورة قد تفرَض في تفاعلاتها النرجسية، أو تعاليها، أو تساميها، أو تماهيها (Mackay et al., 2016; Ringelheim, 2012)، أو من خلال التقمص الوهمي لبعض المعايير والإجراءات التي تظهره بصورة ذاتٍ يدركها في نظرات الآخرين إليه (Erikson, 1968). وفي ضوء النظرية الثنائية التي اقترحها (Kohut, 1972)، فإن الذاتَ ثنائيةُ القطب، وتعمل في ضوء ثلاثة احتياجات رئيسة، يؤدي فيها قطبا الذات دور التوجيه لتلك الاحتياجات (Kohut & Elson, 1987)، وقد لخَّصها باتون وروبين (Patton & Robbin, 1982) في الرسم التخطيطي التالي:

شكل (1): العلاقة بين الذات المثالية والذات المتضخمة (مأخوذ من Patton & Robbin, 1982).

واقترح موسى (2019) انطلاقًا من القصور في النظريات النفسية التي تطرقت إلى طبيعة الذات وصورتها، وقد حاولت نظريته المقترَحة علاجَ القصور في نواحي الذات الثلاثية (الواقعية، والاجتماعية، والمثالية)، وإحداث التقارب بين الذات الحقيقية والذات الزائفة في مواقع التواصل. واعتمد الباحثان على افتراض كارل روجرز بأنه قد يحدُث تفاعلٌ بين نوعين من هؤلاء في أثناء تفاعل الفرد مع الفيس بوك أو غيره من شبكات التواصل الاجتماعي. وفيما يلي استعراضًا للأبعاد المقترحة للنظرية:

البُعد الأول: مرجعيةُ الذات Self-reference:

ويُقصد بها منطقية الذات، وتشير إلى الأحكام القيمية الصادرة عن الذات على جودة الأشياء أو سوئها. ويعدُّ الشخصُ نتاجَ التخصيصات والتحولات الواردة له من المصادر الاجتماعية إلى الفضاء الافتراضي، ولحدوث ذلك فإن الأمر يتطلب التفكير المنطقي وضبط الذات Self-control، خصوصًا في مبتدَأ تكوين العلاقات والعائلات الافتراضية (موسى، 2019). ونظرًا للفوائد الاجتماعية التي يحصل عليها الشخص من تعزيز ذاته، فقد يكون استخدام مواقع التواصل الاجتماعي جذابًا بصفةٍ خاصة للأشخاص الذين يعانون من ضعف في تقدير الذات، والذين يمكنهم استخدام هذه الشبكات للإفصاح عن ذواتهم بصورة زائفة تقلل من صراعهم الداخلي (Reis & Shaver, 1988).

البُعد الثاني: تسامي الذات Self-transcendence:

يعد تسامي الذات أحدَ عناصر الحكمة الشخصية والتكيف مع ظروف الحياة (Levenson, Jennings, Aldwin, & Shiraishi, 2005). ويقصد به الجانبُ السلوكي الذي يتكشف خلال مواقع التواصل الاجتماعي عندما يتحول موضوع النقاش إلى العلن لاستقصاء رأي الآخرين، بغير تحيز وعلى نحوٍ جزئي أو مؤقت. ويمكن أن تتبلور الذات طبقًا لهذا إلى قسمين:

1-  تأمليةُ الذات Self-reflexivity: ويقصد به تفاعلُ المستوى النفسي والاجتماعي المسيطر على الفرد، الذي يبدو في زلات اللسان أو تمحوره ضمنيًا حول موضوع معين، بحثًا عمَّن يشاركه أفكاره في هذا الصدد. وتتطلب هذه المرحلة انتحالًا ضمنيًّا لأفكار الآخر واستقطاب آراء المعادين لتلك الأفكار، في نوع من قمع ذات الآخر، وتمهيدًا للترويج لآرائه الشخصية.

ولسوء الحظ، يرى كل من فورست ووود Forest & Wood, 2012)) أن التفاعلاتِ الافتراضيةَ بمواقع التواصل الاجتماعي تؤدي إلى عواقب سلبية كالانتقام من أشخاص لديهم آراء مختلفة، في حين يرى ليفينسون وآخرون (Levenson et al., 2005) أن التسامي مرتبط بالعصابية والانفتاح على الخبرة، وهذا بدوره يؤدي إلى ترفُّع الفرد في تفاعلاته داخل مواقع التواصل. أما فينستن وزملاؤه (Feinstein et al., 2012) فيرون أن التفاعل غير الداعم للآراء الذاتية يسبب للشخص أعراضًا اكتئابية، ومن ثم ينعكس في صورة تفاعلات سلبية وتأثيرات سلبية عبر الفيس بوك. وهذا في الوقت الحالي قد يكون راجعًا إلى شعور الأشخاص بالاغتراب النفسي؛ نتيجة الخوف الاجتماعي من كورونا والعدوى.

2-  الاهتمامُ الشخصي Self-interest: وهي نتاج للمرحلة السابقة، التي يبدو في نهايتها خوفُ الفرد من الإقصاء عن المشهد الاجتماعي وتشوُّه صورة الذات. وهنا قد يلتزم الفرد انتقاليًا بمحدِّدات الموقف بحثًا عن مؤيدات جديدة لوجهة نظره، أو العزوف عن تلك العلاقة أو الشريك الافتراضي الذي ارتضاه مسبقًا. وهذه المرحلة ترتبط بالحالة النهائية للعلاقات، التي يرغب المرء في تحقيقها أو خسارتها أو تجنبها كما حدَّد حمري وحسن وضياء (Hamari, Hassan, & Dia, 2018). ورغم كوْن النتيجة استبقاءً أو خسارة أو تجنبًا، فإن جوهر التفاعل هو الاستمتاع بالتفاعل عن طريق زيادة القيمة المتصوَّرة للنتائج المحققة. فعلى سبيل المثال، يتجنب المرء التفاعل مع بعض الشخصيات على مواقع التواصل، خوفًا من الاصطدام وتفاديًا للمشاعر السلبية.

ويرى كيم وآخرون (Kim et al., 2009) أن القلق المتعلق بالسلامة الاجتماعية والعاطفية والانفعالية أحد العوامل التي تشجع على الامتثال الاجتماعي وتطوير الذات الزائفة على الفيس بوك. علاوة على ذلك، يميل الأشخاص الذين يعانون من ضعف المهارات الاجتماعية إلى تطوير سلوكيات استخدام الإنترنت القهرية، ونتيجة لذلك يكون لديهم اتجاهات سلبية نحو الحياة، وهذا يسبب ضغطًا في مشكلاتهم الأصلية. في حين حدَّد كل من كوس وقريفيثس (Kuss & Griffiths, 2011) بعض مشكلات تتعلق بالشخص، مثل الشعور بهدر الوقت، ومشاعر الذنب، والانسحاب من التحديات الاجتماعية في العلاقات، وانخفاض المشاركة في الحياة الاجتماعية، وتحوُّل الشخص إلى دور المتابع فحسب.

كما أن المعايير الخاصة بصورة الذات المعترف بها علنًا هي نتاج للإحباط الناتج عن تناقضات بين الذات المثالية الفعلية والمبنية اجتماعيًا. وتسبب المنشورات التي ينشر فيها الفرد والآخرون المعلوماتِ والصورِ والفيديوهات قدْرًا من التناقضات في ذات الفرد، كما حددها يانشو وقو (Yanshu & Guo, 2014)، وهي على نحوِ ما يلي:

       1.       الذاتُ المثالية Ideal self: هي السمات الشخصية التي يودُّ الفرد امتلاكها من الناحية المثالية، وتشمل آمال الفرد وتطلعاتها وأمنياته.

       2.       الذاتُ الحقيقية Real self: تشير إلى عرض الفرد للمعلومات التي تعبر عن شخصيته الحقيقية. وتؤدي الذات المثالية دورًا مهمًا في تشكيل شعور الفرد تجاه الذات الفعلية.

وعندما تتناقض الذات المثالية والذات الواقعية، تقل القيم الإيجابية المنشودة من الفرد، ويرى أن تسامي الذات هو تكامل بين الاندماج ومعرفة الذات والقدرة على الانفصال، وهذا يبرره أن تعليقات الأفراد ومنشوراتهم على مواقع التواصل أقرب إلى المثالية، وهذا يتفق مع آراء كلوننجر وبريزيبيك (Cloninger, Svrakic, & Przybeck, 1993). فمعرفة الذات هي إدراكُ مصادر إحساس المرء بذاته، وتنشأ عن الشعور بالذات في سياق الأدوار والإنجازات والعلاقات والمعتقدات، ويعكس الاندماجُ الذواتِ الداخلية في صورة آليات الدفاع التي تدافع عن الأنا ضد التهديدات لقيمة الذات. وتساعد القدرة على الانفصال في إذابة الحدود الجامدة بين الذات والآخر، على تجاوز الأزمات، وهذا يتفق مع كوارد (Coward, 1996; 1998; 2000).

البُعد الثالث: الإقصاء (الاستبعاد) الاجتماعي Social Exclusion:

وهنا تبدو قدرة الفرد في إقناع الآخر اعتمادًا على تمثيلات متعددة، في حين أن حالاتِ التشبث التي تبدو من أحد الطرفين برأيه قد تبدو نتيجة استبعاد بعض تفاصيل الذكريات، نتيجة القمع اللاشعوري للذات. ويصفها إيفانز (Evans, 2012) بأنها حالة الهيام التي تبدو لدى الفرد نتيجةَ الهروب من واقع خانق في حياته الواقعية، ولا يحب الخروج منها مطلقًا، وإلا لجأ إلى إقصاء هذا الشخص اجتماعيًا بعيدًا عن علاقاته الافتراضية. وغالبًا ما يلجأ الفرد إلى الإقصاء الاجتماعي لكل من يؤدي إلى الاعتلال المزاجي وتقليل تقديره لذاته، وغالبًا ما يبحث مستخدمو شبكات التواصل في ظل جائحة كورونا عن الخدر العاطفي Affective numbing، وهذا يتفق مع ما ذهب إليه كل من بلاكهارت ونيلسون ونوليس وبوميستر (Blackhart, Nelson, Knowles, & Baumeister, 2010).

تسامي الذات وعلاقته بتقدير الذات:

من الاحتياجات الضرورية للمرء حاجتُه إلى تقدير الذات، ومن المهم لأي شخص أن يحافظَ على تقدير الذات أو رفعته. ومن المتوقع أن يسعى المرء إلى تقديم عروض إيجابية عن ذاته، وأن يقدمَ نفسه في أبهى صورها الإيجابية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. فعلى سبيل المثال، عند تصميم الفرد لملفه الشخصي بمواقع التواصل، فإنه يربط ذاته بعدد من المشاهير من أصدقائه، وهذا يعكس أن الأشخاص ذوي تقدير الذات المتدني يستمرون في الانخراط في أنشطة أكثر حماسًا تعزز تقدير الذات لديهم (Krämer & Winter, 2008).

ومن ناحية أخرى، يرى سوان جر (Swann Jr, 1990) أنه كلما زاد عدد الجمهور كان عرضُ الذات أكثر صدقًا في الواقع الحي؛ وعليه يمكن أن يكون العرض الذاتي الإيجابي المفرط أكثرَ خطورة، خاصة إذا كان المرء يعاني من ضعف تقدير الذات. وغالبًا ما يفضل ذوو تقدير الذات المنخفض عرضًا ذاتيًّا متسقًا ولا يلجؤون إلى العروض التعويضية.

الإقصاءُ الاجتماعي وعلاقتُه بتقدير الذات:

نظرًا لما تفرضه جائحة كورونا على انفعالات المرء من ضغوط نفسية وانفعالية، ونظرًا لكمِّ الأخبار السلبي المروَّج عن كورونا؛ فإن المرء قد يكون تفاعله سلبيًّا بدرجة في بعض الأحيان، وقد يكون هذا نابعًا من بعض الضغوط الأسرية أو النفسية أو العدوى الانفعالية من منشورات الآخرين، وقد يلجأ حينها إلى الإقصاء الاجتماعي لبعض الأصدقاء بسبب منشوراتهم التي تؤزِّمه نفسيًا، ثم يستفحل كلا التفاعلين إلى ضائقة انفعالية لا يمكن تجنبها. وغالبا هذا الاستبعاد للأفراد من المشهد يؤدي إلى إحباط الحاجة إلى الانتماء إلى ما يلقونه عليه من قيود انفعالية وشروط مقبوليته أمام الآخرين والسلوك الانهزامي للذات self-defeating behavior (Blackhart et al., 2010; Twenge, Catanese, & Baumeister, 2002; Zhang, Wu, Zhao, & Zhang, 2020).

كما أن انتشار وباء كورونا أدى إلى التباعد الاجتماعي، وهو ما سبَّب القلق، الذي بدوره يؤدي إلى الأعراض الاكتئابية نتيجة الغيرة وردود الفعل الانفعالية المتخبطة الناجمة عن انخفاض تقدير الذات (Blackhart et al., 2010). هذه الانفعالات ترتبط سلبًا مع تقدير الذات؛ فالأشخاص ذوو تقدير الذات المتدني أكثر عرضة لتجربة القلق الاجتماعي والوحدة النفسية والغيرة والاكتئاب باعتباره تراكمًا للمشاعر السلبية (Leary, 1990). ويؤدي الإهمال الاجتماعي عبر مواقع التواصل والرفض والاستبعاد إلى تدني تقدير الذات، وهذا ما أكده كل من جيو ولي ولياو وليري (Chiou, Lee, & Liao, 2015; Leary, 1990).

كما أن تقدير الذات موقفٌ تجاه الذات (Rosenberg, 1965)، أو هو الشعور العام الإيجابي أو السلبي الذي يتولَّد فينا حيالها. كما يعد تقدير الذات مؤشر للترابط الشخصي، وينبه المرء إلى الوقت الذي تتدهور فيه تفاعلاته واتصالاته مع الآخرين وتكون غير كافية (Bernstein, Claypool, Young, Tuscherer, Sacco, & Brown, 2013). ويرى جيربر وويلر (Gerber & Wheeler, 2009) في دراسة أجرياها على الاستبعاد الاجتماعي وتقدير الذات، باستخدام ما وراء التحليل، أن تدني تقدير الذات ناتج عن الاستبعاد الاجتماعي، نتيجة شعور المرء بالسوء وعدم الرضا وعدم الكفاية بعد الرفض الذي وجِّه إليه.

الطريقةُ والإجراءات

وتتضمن النواحيَ التالية:

منهجُ الدراسة:

 اعتمدت الدراسة على المنهج الارتباطي لدراسة العلاقات بين بنية الذات الافتراضية لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من طلاب الجامعة، وعلاقتها بتقدير الذات، وذلك في ظل جائحة كورونا، إضافة إلى دراسة أثر المتغيرات الديموغرافية في هوية الذات الافتراضية.

عينةُ الدراسة:

 حُصِل على عينة متاحة من خلال الموافقة على الاستجابة على الإنترنت، على مقاييس الدراسة على صيغة Google forms، التي أرسلت إلى طلبة جامعة قطر. وقد كان التطبيق إلكترونيًا، ومن ثَمَّ كان مجتمع الدراسة هو مستخدمي الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والإنترنت؛ وذلك لدراسة ظاهرة كونية تحدث في ظل تداعيات وباء كورونا. وبلغ عدد المشاركين طوعيا 243 فردًا، تراوحت أعمارهم بين 18 إلى 34 سنة، بمتوسط عمري 21 سنة وانحراف معياري 4,54 سنة. وانقسمت العينة من حيث متغير الجنس إلى 51 (21%) ذكور و192 (79%) إناث. وقُسمت حسب محل الإقامة إلى 98 (40.3%) من سكان المناطق الريفية (الخور والوكرة)، و145 (59.7%) من سكان المناطق الحضرية والمدنية (الدوحة وضواحيها).

مقاييسُ الدراسة:

اشتملت على المقاييس التالية:

1.     مقياسُ تقدير الذات لــ Rosenberg (1965):

تكوَّن المقياس من عشر مفردات وضعها روزنبرغ (Rosenberg, 1965) وفقًا لمقياس ليكرت الرباعي: أوافق بشدة (3)، وغير موافق بشدة (0). ولكن البحث الحالي اعتمد مقياس ليكرت الخماسي: أوافق بشدة (5)، وأوافق بدرجة قليلة جدًا (1). والدرجة العالية مفادها مرتفعو تقدير الذات، والدرجة المنخفضة تعبر عن تقدير ذات منخفض.

حسبت الدراسة الحالية ثباتَ المقياس، وقد بلغ معامل ألفا لبيانات عينة الدراسة القيمة 0.66، واستبعدت مفردتان فأصبح الثبات 0.60. وبإجراء التحليل العاملي الاستكشافي بطريقة المكونات الأساسية PCA والتدوير المائل Promax للمفردات، استُخلص عاملان فسَّرا 44.65% من تباين المصفوفة. ومن ثَمَّ فإن تقدير الذات بصفته متغيرًا كامنًا أمكن تمثيله بحزمتين (عامر، 2005). مثَّلت الحزمة الأولى المشاعر السلبية وضمت المفردات 2 و5 و6، في حين مثلت الحزمة الثانية المشاعر الإيجابية وضمت المفردات 1 و3 و4 و7 و10.

2.     مقياسُ الهوية الافتراضية:

أعد موسى (2019) مقياس الذات الافتراضية؛ بهدف قياس طبيعة الذات في مواقع التواصل الاجتماعي. وتكوَّن المقياس من 15 مفردة، وكانت جميع صياغات المفردات إيجابية. وتكون استجابة الفرد وفقًا لمقياس ليكرت الخماسي: دائمًا (5)، وغالبًا (4)، وأحيانًا (3)، ونادرًا (2) وأبدًا (1).

الإجراءات:

جُمعت البيانات من خلال التطبيق الإلكتروني للمقاييس. واستجاب طلاب الجامعة باستخدام الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية على المقاييس منذ بداية شهر يونيو ولمدة أسبوعين، وكان التطبيق اختياريًا لأفراد العينة. كانت جميع الاستجابات على المفردات إلزامية. وقد حُوِّلت البيانات الخام لاستجابات الطلاب إلى نسق SPSS، وذلك بعد إجراء التكويد اللازم للبيانات. وأُجريَ التحليل الإحصائي.

التحليل الإحصائي:

أجريَ التحليل لاستجابات الطلاب على مقاييس هوية الذات الافتراضية وتقدير الذات. وأجريَ التحليل الإحصائي باستخدام برنامج IBM SPSS 20 وبرنامج LISREL 8.50. ويمكن قبول النموذج العاملي في ضوء مؤشرات المطابقة، بحيث تكون RMSEA 0.50; NNFI 0.95; GFI 0.95; CFI 0.95، ويكون مؤشر AGFI يؤول إلى الواحد الصحيح.

نتائجُ الدراسة

نتائجُ الفرض الأول:

وينصُّ على أن نموذج العوامل الثلاثة هو أفضل بناء ينتظم حوله مفرداتُ مقياس هوية الذات الافتراضية، في ضوء النظرية المفترضة. انقسمت النتائجُ الخاصة بالبناء والمصداقية إلى قسمين رئيسين، هما: أ- البناء العاملي الاستكشافي، ب- البناء العاملي التوكيدي؛ وذلك للتحقق من البناء الناتج من التحليل الاستكشافي، ودراسة مدى ارتباط العوامل بعضِها ببعض، أو استقلالها، أو تداخلها وتفاعلها.

أ‌.     البناءُ العاملي الاستكشافي: تُحُقِّق من صدق البناء للمقياس باستخدام التحليل العاملي الاستكشافي بطريقة المحاور الأساسية PAF واستخدام التدوير العمودي بطريقة Varimax. وبلغت قيمة محك كايزر ماير أولكين لاختبار مناسبة مصفوفة معاملات الارتباط للتحليل 0.874، وهي قيمة مُرضية جدًا، وأفرز التحليل ثلاثةَ عوامل كانت تشبعاتها على النحو المبيَّن:

جدول (1): تشبعات المفردات لمقياس هوية الذات الافتراضية

م

مرجعية الذات

تسامي الذات

الإقصاء الاجتماعي

1

0.738

 

 

2

0.804

 

 

3

0.753

 

 

4

0.661

 

 

5

0.668

 

 

6

0.452

 

 

7

0.587

 

 

8

 

0.641

 

9

 

0.488

 

10

 

0.571

 

11

 

0.444

 

12

 

 

0.532

13

 

 

0.499

14

 

 

0.458

15

 

 

0.672

وأفرز التحليل ثلاثة عوامل بجذر كامن للأول 3.60، وفسَّر 24% من تباين مصفوفة الارتباطات، وتشبع عليه 7 مفردات بمعاملات تشبُّع من 0.45 الي 0.80، وهي مفردات تعكس مرجعية الذات (فيسبوك يُفهمني حقيقة الأفراد المحيطين بي)، في حين بلغ الجذر الكامن للعامل الثاني 2.11، وفسَّر 14.06% من تباين المصفوفة، وتشبع عليه 4 مفردات بمعاملات تشبُّع من 0.44 إلي 0.64، وهي تعبِّر عن تسامي الذات (أجاري الآخرين تجنبًا لسبهم وذمهم بفيس بوك)، في حين بلغ الجذر الكامن للعامل الثالث 1، وفسَّر 6.36% من تباين المصفوفة، وتشبع عليه 4 مفردات، وهي تعبر عن الاستبعاد (أتحاشى ما يثيرني نفسيًا من متابعة التعليقات على مواقف سابقة). والملاحظ أن معاملات التشبع مرتفعة؛ فقد فزادت في معظمها عن 0.44، وهذا يعني معاملات صدق متوسطةً للمفردات.

وبالنظر في قيمة التباين الكلي المفسر، نجد أنها تقريبا ساوت 44.42%، وهي قيمة متدنية؛ وهذا قد يرجع إلى أن البنية الثلاثية تحمل في طياتها أبعادًا ثنائية القطب، ومن ثَمَّ فهناك عوامل أغفلها البناء في تفسيره، وهذا قد يتفق جزئيًا مع دراسة عماد وشاوي (2020)، التي ترى أنها تولِّد تعارضًا في تفسير الظاهرة محل الدراسة في هوية الأنا. في حين يرى كوهوت (Kohut, 1972) أن البناء ذو قطبين وثلاثة أبعاد. وعليه، فإنه يجب الحذر عند استخدام الباحثين المقياس في النواحي السيكولوجية؛ إذ إن قدرته التفسيرية متدنية إلى حد ما وتقترب من 44% وأن 56%، وهو ما يرجع إلى عوامل أخرى قد تتصل بقطبية البناء.

ب‌. البناءُ العاملي التوكيدي:

وقد حاولت الدراسةُ المفاضلةَ بين مؤشرات المطابقة لمجموعة من البني العاملية التي تختص بوصف هوية الذات الافتراضية، وكان على الباحثين أن يختبرا نموذجين. الأول يشير إلى النموذج الارتباطي الذي تكون فيه العوامل الكامنة للنموذج مرتبطة؛ أي توجد ارتباطات بينها، والثاني هو النموذج الاستقلالي (عدم الارتباط بين العوامل). واستخلصت المفردات في بُعد مرجعية الذات R على ثلاثة حزم، بحيث يتوزع على الحزمة الأولى ثلاث مفردات، بلغ الجذر الكامن لها 3.69، وفسرت 57.96% من التباين الكلي لمصفوفة الارتباط للبعد. في حين تكوَّنت الحزمة الثانية من مفردتين، وكان الجذر الكامن لها 2.14، وفسرت 13.17%، أما الحزمة الثالثة فتوزع عليها مفردتان، وبلغ الجذر الكامن لها 2.71، وفسرت 8.09% من التباين الكلي للبعد. أما بُعد الاستبعاد الاجتماعي E، وعدد مفرداته 4 مفردات؛ فقد استخلصت مفرداته على حزمتين، بلغت الجذور الكامنة لهما 1.67 و1.11 على الترتيب، وفسرت 41.71% و27.68% على الترتيب من التباين الكلي للبعد. أما بُعد تسامي الذات T، وعدد مفرداته 4 مفردات؛ فقد استخلصت مفرداته على حزمتين، بلغت الجذور الكامنة لهما 2.01 و1.53 على الترتيب، وفسرت 55.11% و17.34% على الترتيب من التباين الكلي للبعد. وقد أجرى الباحثان التحليل العاملي التوكيدي للنماذج الثلاثة على النحو التالي:

جدول (2): مؤشرات المطابقة لبنية نظرية هوية الذات الافتراضية (N=243).

النموذج

c2 / df

RMSEA

90% CI

GFI

AGFI

NNFI

CFI

النموذج العاملي التوكيدي

2.5

0.078

0.065

0.092

0.90

0.85

0.88

0.90

النموذج الاستكشافي ذو العوامل المستقلة

4.2

0.120

0.066

0.092

0.83

0.77

0.83

0.78

النموذج الاستكشافي ذي العوامل المرتبطة

2.5

0.079

0.100

0.130

0.98

0.97

1.00

1.00

يلاحَظ من النتائج سوءُ النموذج الاستقلالي لبنية نظرية هوية الذات الافتراضية، في ضوء مؤشرات المطابقة.

اتفقت الدراسة الحالية مع دراسة باناي ورفاقه (Banai et al., 2005)، التي أقرت بأن هوية الذات بناء ثلاثي الاحتياجات؛ فقد قسمت هوية الذات إلى ثلاثة أقسام تتشابه إلى حد ما مع تقسيم كوهوت وإلسون (Kohut & Elson, 1987). إلا أن هذه الأقسام الثلاثة للذات ما هي إلا تفاعلية لا تعمل بمعزلٍ بعضُها عن بعض، وهذا من ثمَّ يدحض فرضية الذي يرى أن الذات ثنائية القطب. إلا إذا اعتبرنا أن الاحتياجات الثلاثة توجه الذات إلى العمل باتجاهين: إما التوافق بصورة واقعية مع طبيعة المثيرات الموقفية الراهنة (الذات الحقيقية)، أو إصدار استجابات تكيفية تتناسب مع طبيعة الموقف ولا يرضاها الفرد كي يتجاوز الموقف بمثيراته الراهنة (الذات الزائفة أو الذات التكيفية)، وهذا ما أشار إليه تيري وزملاؤه (Terry et al., 2000) عند حديثهم عن الذات الزائفة.

والمتأمل في نتائج الدراسات السابقة يرى أن النظرة الثلاثية لنظرية هوية الذات إنما استخدمت في إطار إكلينيكي، أو في إطار علم الاجتماع، وأن الدراساتِ السابقةَ لم تقدم تفسيرًا سيكولوجيًا إلا في إطار التحليل النفسي في إطار طبي، كما ورد في نظرية كوهوت (Kohut, 1972; Kohut & Elson, 1987). وقد قُدِّر الثبات باستخدام معامل ألفا كرونباخ لمفردات الأبعاد 0.877 لبعد مرجعية الذات، وتراوحت معاملات ألفا للبعد بين 0.845 و0.886، واستبعدت المفردة 6، في حين بلغ معامل ألفا لبعد تعالي الذات 0.728 وتراوحت معاملات ألفا للبعد بين 0.617 و0.693، في حين بلغ معامل ألفا لبعد الاستبعاد 0.533، وتراوحت معاملات ألفا للبعد بين 0.446 إلى 0.473.

نتائجُ الفرض الثاني:

وينصُّ على وجود علاقة ارتباطية بين هوية الذات الافتراضية وتقدير الذات، لدى طلاب الجامعة في ظل جائحة كورونا. واعتمد الباحثان على حساب مصفوفة ارتباط بيرسون بين متغيرات الدراسة على النحو المبين:

جدول (3): مصفوفة ارتباط بيرسون بين متغيرات الدراسة (N=243)

 

(1)

(2)

(3)

(4)

(5)

(6)

(7)

مرجعية الذات (1)

1.000

 

 

 

 

 

 

تسامي الذات (2)

0.588**

1.000

 

 

 

 

 

الإقصاء الاجتماعي (3)

0.332**

0.440**

1.000

 

 

 

 

المشاعر السلبية (4)

-0.194**

-0.301**

-0.083

1.000

 

 

 

المشاعر الإيجابية (5)

0.0570

-0.094

0.0300

0.471**

1.000

 

 

الهوية الافتراضية (6)

0.888**

0.817**

0.655**

-0.240**

0.0120

1.000

 

تقدير الذات (7)

-0.060

-0.214**

-0.022

0.814**

0.896**

-0.113*

1.000

المتوسط

15.91

9.21

13.23

10.16

20.10

38.35

30.26

الانحراف المعياري

6.20

3.51

3.31

2.53

3.31

10.54

5.02

الالتواء

0.150

0.590

-0.40

-0.43

-0.49

0.220

-0.44

التفرطح

0.930

0.040

0.140

0.420

0.370

0.420

0.310

معامل ألفا كرونباخ

0.8770

0.7280

0.5330

0.6660

0.7590

0.8640

0.7870

 ** دالة عند مستوى دلالة 0.01                                    * دالة عند مستوى دلالة 0.05

لوحظ من النتائج أن متوسط درجة المشاعر السلبية هي 10.15، وهي درجة عالية؛ إذ إن الحد الأقصى للبعد 15 درجة، وهذا يعني أن الظروف العالمية لانتشار وباء كورونا زادت بالعبء الانفعالي والضغوط النفسية والأسرية على طلاب الجامعة من ناحية، بالإضافة إلى تخوف الطلاب على طموحاتهم وآمالهم المستقبلية، وهو ما لم يعد يتضح له معالم في ضوء الفترة التي طُبقت فيها الدراسة.

ولوحظ أن متوسط درجة المشاعر الإيجابية لتقدير الذات هي 20.10 درجة، وأن أعلى درجة للبعد هي 25 درجة؛ وعليه فإن شعور الفرد إيجابيًا نحو ذاته مرتفعٌ، وهذا يعني أن الفرد إما أن يكون اعتمد على ذاته الزائفة في نشر معلومات تتوافق مع المعايير الاجتماعية التي اعتادها من حوله من جماعته المعيارية، أو أنه اعتمد على الذات الحقيقية في أنه تسامى بذاته عن كل مسببات الضغوط النفسية جرَّاء تفاعلاته مع أصدقائه، أوأن يكون قد تجنب أو استبعد بعض الاهتمامات التي تسبب العبء الانفعالي، وهذا يتفق مع ما ذهب إليه بيرنستاين ورفاقه وكذلك جربر وويلر (Bernstein et al., 2013; Gerber & Wheeler, 2009).

كما يرى الباحثان أنه، وفي ضوء جائحة كورونا، يعدُّ الفرد في ضوء النتائج متوسطًا في تقديره لذاته إذا كانت نتائج المشاعر الإيجابية والسلبية نحو الذات عالية، وهذا يعبر عن آمال الفرد في التعايش مع ظروف الوباء، وممارسة حياته نتيجة المشاعر السلبية، التي تعرض لها نتيجة الوحدة النفسية والأعراض الاكتئابية في ظروف الحجر المنزلي، وهذه النتيجة تتفق مع نتائج دراسات كلٍّ من بلاكهارت ورفاقه وجياو وزملائه وليري (Blackhart et al., 2010; Chiou et al., 2015; Leary, 1990).

ويلاحَظ وجود علاقة سالبة بين المشاعر السلبية ومرجعية الذات؛ فالتزام الفرد بالذات الحقيقية يجعله يتراجع عن سلوكيات الإفصاح عن الذات أو فضح الذات بالمشاعر السلبية التي يعانيها نتيجة التباعد الاجتماعي، وعدم التلامس، وعدم القدرة على ممارسة الحياة بصورة طبيعية، وتوتر العلاقات بينه وبين ذويه وخوفهم من العدوى وانتشار والوباء، والصراع الناجم عن الحاجة إلى مواكبة المعايير الاجتماعية والأخلاقية من جهة، ومن جهة أخرى الشعورُ بالذنب نتيجة التباعد وعدم فهم طبيعة انتشار العدوى ولا الإجراءات العلاجية؛ قد أثَّرا في الفرد من جهة تفاعلاته العادية والافتراضية، بل قد ينتج هذا الاندماج والتفاعل قهرًا مع بعض التعليقات؛ إذ يجعل المرء يتصرف بطريقة تتماشى مع المعايير الجماعية، وهذه النتيجة تتفق جزئيًا مع نتيجة هذه الدراسات: (Kim et al., 2009; Kuss & Griffiths, 2011; Mackay et al., 2016; Wright et al., 2018).

ويلاحَظ من النتائج وجود علاقة سالبة بين التسامي الذاتي والمشاعر السلبية؛ بمعنى أن الفرد كلما تسامى بذاته ونأى وأعرض عن التعليق السلبي في ظل الظروف السلبية، قلَّت المشاعر السلبية في صفحته بمواقع التواصل، وهذا يفسر بعض المنشورات التي تحن إلى ذكريات مرحلةٍ ما من مراحل سابقة مما قبل الجائحة، كمنشورات الصور الشخصية مع بعض المشاهير، أو الانخراط في أنشطة حماسية، وهذا يتفق كليًا مع نتائج كلٍّ من كرامر وونتر (Krämer & Winter, 2008). وهذا قد يعدُّ نوعًا من التعويض الاجتماعي؛ إذ إنه لم يستطيع أن يحصل على نفس الإعجاب أو الانبهار السابق، ومن ثمَّ فهو يظهر عرضًا متسقًا لذاته عبر مواقع التواصل، وهذا يتفق مع نتائج دراسة سوان جر (Swann Jr, 1990).

ويلاحَظ من النتائج وجود علاقة ارتباطية موجبة بين المشاعر الإيجابية والمشاعر السلبية نحو الذات، وهذا قد يفسره تناوب استخدام الذات الحقيقية والذات الزائفة في بعض الفترات من الجائحة، التي يشعر الفرد فيه أنه انهزاميٌّ أو ينخفض فيها تقدير الذات لديه عما هو معهود؛ نتيجة التخبط في ردود الأفعال، وهذا يتفق مع نتائج دراسَتَي بلاكهارت ورفقاؤه وزانق ورفاقه (Blackhart et al., 2010; Zhang et al., 2020). أو قد يكون التناوب بين المشاعر الإيجابية والسلبية نحو الذات رغبة من الفرد في توكيد ذاته أو تحسين صورتها، وهذه النتيجة قد تعد منطقية في ظل جائحة كورونا، وهذا يتفق منطقيًا مع نتائج دراستَي جيلور وزملاؤه ورايت وزملاؤه (Gil-Or et al., 2015; Wright et al., 2018).

ووُجدت علاقة سالبة بين تسامي الذات وتقدير الذات؛ بمعنى أنه كلما انخفض تقدير الذات لدى الفرد بالغ الفرد في تسامي ذاته؛ أي: رفعتها وإظهارها في أبهى صورها وتقديم عروض إيجابية، كانضمامه إلى نشاط مجتمعي تطوعي أو غيره، وهذا قد يؤدي إلى تعريضه للخطر؛ فانخراط الشاب أو الفتاة في ظل وباء كورونا في أنشطة مجتمعية قد يؤدي إلى إصابته نتيجة التلامس مع شخص لديه عدوى في ظروف حضانة الفيروس خلال الأربعة عشر يومًا الأولى التي لم تظهر فيها الأعراض عليه، وهذا يتفق مع ما ذهب إليه كلٌّ من كرامر وونتر وسوان جر (Krämer & Winter, 2008; Swann Jr, 1990).

واتضح من النتائج وجود علاقة ارتباطية سالبة بين تقدير الذات والهوية الافتراضية. وهذا يعني أن زيادة هوية الذات الافتراضية يصاحبها نقص في تقدير الفرد لذاته. فمن المنطقي أن يميل الفرد إلى إنشاء علاقات صادقة وصحية مع أصدقاء يمكنهم التعامل معًا بمرونة، وقد يلجأ الفرد إلى صداقات الغرباء عبر مواقع التواصل؛ للتحرر من القيود الاجتماعية والأخلاقية إذا لزم الأمر لذلك؛ ليكون نوعًا من حيلة دفاعية لإنهاء الخطر النفسي الواقع عليه جراء خوفه من الإصابة بوباء كورونا (McKenna et al., 2002; Winnicott, 1960). وهذا قد يدفع المرء أحيانًا إلى تكوين عائلات موازية افتراضية تعوضه عن تلك المشاعر الإيجابية تجاه ذاته، وهذا يتفق مع نتائج دراسة العنزي وموسى (2020).

نتائجُ الفرض الثالث:

وينصُّ على أنه لا توجد فروق في هوية الذات الافتراضية باختلاف الجنس، ومحل الإقامة، والعمر. وقد حوَّل الباحثان متغير العمر من متغير فتري متصل إلى متغير اسمي ذي ثلاث مستويات، وهي: مرحلة المراهقة المتأخرة (18 إلى 21 سنة)، ومرحلة الشباب (أعلى من 21 إلى أقل من 40)، ومرحلة الرشد (40 سنة فأكثر). واستخدم الباحثان أسلوب تحليل التباين المتعدد، وكانت النتائج على النحو المبين:

جدول (4): تحليل التباين المتعدد لتأثير المتغيرات الديموغرافية على هوية الذات الافتراضية

مصدر التباين

مجموع المربعات

درجة الحرية

متوط المربعات

قيمة ف

الدلالة

النموذج المصحح

5967.81

8

74.60

0.66

0.723

الثابت

46445.79

1

46445.79

413.79

0.000

مستوى العمر

170.01

2

85

0.76

0.471

الجنس

93.32

1

93.32

0.83

0.363

محل الإقامة

37.01

1

37.01

0.33

0.567

الخطأ

26300.78

234

112.40

 

 

النموذج الكلي

384356

243

 

 

 

الكلي المصحح

26897.56

242

 

 

 

يتضح من النتائج عدم وجود تأثيرات دالة إحصائيًا لمتغيرات الديمغرافية على هوية الذات الافتراضية. ولكن بحساب معامل ارتباط بيرسون بين هوية الذات الافتراضية والعمر، وُجدت علاقة سالبة بين المتغيرين (r = -.164, N = 243, P =.010)؛ بمعنى أن هوية الذات الافتراضية تنخفض لدى كبار السن، في حين أنها تزيد لدى طلاب الجامعة في مراحل المراهقة المتأخرة والشباب. ويمكن تأكيد النتيجة من خلال الرسوم المربعة على النحو التالي:

شكل (2): الرسوم المربعة لتحديد الأعمار الأكثر تغيرًا بهوية الذات الافتراضية.

ويتضح من الرسوم المربعة أن المتوسط العمري المبتور (5% trimmed mean = 20.22) لعينة ذوي تغير الهوية الافتراضية، الذي يتأثر بتحليلات تتضمن ذاتًا حقيقية أو زائفة، كان مُركزًا في مرحلة المراهقة المتأخرة تحديدًا، وهذا أكدته قيمة معامل الالتواء، التي بلغت 3.27، وهذا يعني أن صغار السن في مرحلة المراهقة المتأخرة، وعددًا قليلًا ممن يجتازون مرحلة الشباب؛ كانت هوية الذات الافتراضية لديهم أكثر تغيرًا وتضاربًا، وهذا يتضح من حدود الثقة للمتوسط المبتور للعمر (95% CI for mean = 20.42 21.57).

وعليه، فهذا يعني أن متغير العمر بصفته متغيرًا متصلًا هو متغير دخيل يؤثر في العلاقة بين تقدير الذات وهوية الذات الافتراضية. ويمكن استخدام معامل الارتباط الجزئي Partial correlation لضبط تأثير العمر في العلاقة بين تقدير الذات وهوية الذات الافتراضية. وقد لوحظ عدم وجود علاقة دالة إحصائيًا (r = -.116, N = 240, P =.071)، وهذا يعني أن العمر هو المحدد الرئيس في حساسية العلاقة بين تقدير الذات وهوية الذات. ويمكن تفسير نتائج عدم وجود فروق في درجات العمر على متغيرات الدراسة بأن الفرد مهما كان عمره، فإن هوية الذات الافتراضية لديه متغيرة حسب طبيعة الموقف الاجتماعي الذي يعاني منه، إضافة إلى كيفية توظيف المعايير الاجتماعية وحسب مستوى تقدير الذات؛ فالأعراف والقيم مكونات راسخة تحرك الفرد، إما نحو تفهُّم شعور الآخرين ومزاجهم، خصوصا في فترة الإصابة بالوباء، أو فيما بعدها نتيجة سيادة المزاج السيئ، نتيجة إصابة أحد أفراد الأسرة أو ما فرضه الوباء من قيود اجتماعية واقتصادية في بعض الأعراف كالزيارات والمناسبات الاجتماعية وغيرها، وهذا يتفق مع ما توصل إليه مكاي وزملاؤه ورنجلهيم (Mackay et al., 2016; Ringelheim, 2012).

ولكن من الملاحظ عدم وجود فروق بين الجنسين في درجاتهم على متغيرات الدراسة، وهذا يتعارض مع دراسات ميكيكيان ورفاقه ورنجلهيم وسيبولا ورفاقه (Michikyan et al., 2015; Ringelheim, 2012; Sippola et al., 2007)، التي ترى أن الإناث متفوقات في عمليات التسامي والإقصاء الاجتماعي ومرجعية الذات. وهذا قد يكون سببه تلك الضغوط التي وقعت على الإناث في فرض مسؤوليات اجتماعية أكثر في الاهتمام بصحة الأسرة، وبعض ترتيبات الوقاية، والضغوط الاجتماعية في رعاية الأطفال أو متابعتهم في دروسهم، وهذا قد يتفق مع نتائج دراستَي مكاي وزملاؤه ورنجلهيم (Mackay et al., 2016; Ringelheim, 2012).

 كما أن زيف الذات الذي ينتهجه الفرد في تفاعلاته الافتراضية، قد يكون مقننًا لدى الإناث لعدم تفهم سلوكياتهن على أنها غطاء لتفاعلات غير سوية؛ إذ يلتزم الإناث بقواعد المعايير الاجتماعية في التفاعلات الافتراضية، وبنوع من الأخلاقيات كي يحظين بتأييد الآخرين واحترامهم؛ وعليه فقد تتفوق الإناث في بعدَي التسامي والمعايير الاجتماعية، كما أن العرض الزائف للذات لدى الإناث يكون على مستوى التفاعلات المقيدة المحدودة بالدردشة بين زميلاتها كما يرى ايركسون ورايت وزملاؤه (Erikson, 1968; Wright et al., 2018). أو تكون التفاعلات تتطلب نوعًا معينًا من التأييد أو الرفض بطريقة معينة تختلف مع المعايير الاجتماعية، كمناسبات الوفاة والأفراح أو المجاملات الاجتماعية، كما حدَّد ذلك جيلور وزملاؤه (Gil-Or et al., 2015).

المناقشةُ والتعليق

حاولت الدراسة التحقق من إحدى النظريات الحديثة التي تصف هوية الذات. وباعتبار أن هوية الذات هي كل متماسك يصف المشاعر الحقيقية والزائفة، فإن الفرد غالبًا ما يلجأ إلى مثالية التفاعل خصوصًا إذا كان في سن الجامعة، حيث مرحلة المراهقة المتأخرة، رغبة منه في توكيد ذاته ودوره باعتباره عنصرًا فاعلًا في المجتمع.

وعند النظر في الانفتاح الثقافي والمجتمعي عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، الذي مهد وجعل من السهل الوصول إلى أفراد يتمتعون بنفس الاهتمامات والتجارب السابقة، فإن الفرد يمكنه الوصول إلى أفراد مروا بنفس التجارب الانفعالية والعاطفية. ونظرًا لأن المشاعر الزائفة هي حيلة دفاعية تعويضية عن ظروف الإخفاق في التجارب الحقيقية، فإن الفرد بحاجة إلى أن يشعر بتقدير ذاته وبأنه شخصٌ ناضجٌ كامل، ويستعيد التوازن النفسي لتعزيز صورة الذات الاجتماعية، أو المهنية، أو الأسرية، أو العاطفية، كما أوضح كل من (Mackay et al., 2016; Turkle, 1995فقد يلجأ الفرد إلى التلاعب ببعض منشوراته من أجل استقطاب صديق من الغرباء له نفس المشاعر فيكتمل كلاهما بتجارب الآخر، بحيث لا تتنافى هذه التفاعلات في بدايتها، على سبيل المثال، مع المعايير المجتمعية أو الخلقية لكليهما.

وغالبًا قد يجد الفرد نفسه أمام صديق من الغرباء إما يفوقه في التجربة النفسية والأمن النفسي فيستغرق المرء في استخدام الذات الزائفة، أو يجد صديقه الغريب يتجاوب معه، عندئذ يعاونه الصديق الغريب على التهدئة النفسية والانفعالية ويساعده في تخطي الضغوط النفسية الناجمة عن صراعه النفسي الداخلي الناجم عن ظروف كورونا، على نحو ما بيَّن ذلك ميكيكيان وزملاؤه (Michikyan et al., 2015). وقتها يشعر الفرد أنه يتسامى نتيجة تصحيحات أصدقائه الغرباء من انعكاسات الذات نتيجة تحليل زلات اللسان واللزمات التي تبدو في تفاصيل منشوراته وتنم عن معاناة نفسية أو انفعالية، فيساعده هؤلاء الأصدقاء على إضفاء المشاعر الإيجابية نحو ذاته، وهذا يتوافق مع ما يراه ليفنسون وآخرون (Levenson et al., 2005).

وقد يجد الفرد نفسه أمام صديق يحاصره انفعاليًا نتيجة إدراكه لزيف ما يسرده من تفاصيل؛ فيتدنى تقدير الذات لديه، فيلجأ الفرد إلى الاستبعاد الاجتماعي، سواء بتجنب التفاعل مع أصدقائه أو تجنُّب التعليق عليهم، أو قد ينعكس الأمر بالتعليق بصورة سلبية تبدو فيها العصابية؛ فيلجأ أحد الطرفين إلى الإقصاء الاجتماعي لدائرة معارفه واستبعادهم أحيانًا من لائحة أصدقائه، كما يرى فينيستاين وزملاؤه (Feinstein et al., 2012).

توصلت الدراسة إلى أن الهوية الافتراضية مرنة ثنائية القطب (الذات الحقيقية، والذات الزائفة)، لها ثلاثة احتياجات برزت في بناء الدراسة، وغالبًا ما تتحرك هذه الهوية والذات في إطارين، أحدهما يحاول التعايش بواقعية مع طبيعة الأعراف والسلوكيات والاتجاهات والقيم السائدة دون الخروج عنها، والآخر يميل إلى التكيف بصورة توافقية مع متغيرات الموقف الراهن بما يحسِّن صورة الذات الاجتماعية أمام الآخرين في الواقع الافتراضي، ويحسن صور الترابط الاجتماعي ويثير التعاطف والشفقة للتصرف بمقتضيات معينة.

كما توصلت الدراسة إلى بناء عاملي ثلاثي تُحُقِّق منه توكيديًا. وأسفرت النتائج عن نموذج توكيدي ذي مؤشرات مطابقة مقبولة في ضوء بيانات العينة. وقد تفوق النموذج الارتباطي في مؤشرات مطابقته التي وقعت في المدى المثالي، وهذا يعني أن العوامل يرتبط بعضُها ببعض، ولا يمكن دراسة بعضها بمعزل عن أحدها، وأن احتياجات الفرد مرتبطة بعضها ببعض لتسبب له الاتزان النفسي والانفعالي. ثم في المرتبة الثانية كان النموذج المتفاعل، وهذا يعني أن الاحتياجات متداخلة، وهذا يبرر عوامل التهدئة الانفعالية التي يلجأ إليها لتصحيح وجهة نظر الآخرين حيال تصرفاته بمقتضي أمور معينة، وسعي الفرد باستمرار لتحسين ذاته والتصرف بالصورة المقبولة اجتماعيًا. وقد رُفض النموذج الاستقلالي للعوامل، الذي يرى أن الاحتياجات النفسية للفرد منفصلة ولا علاقة لها ببعضها.

ويمكن أن نستخلص من نتائج الدراسة أن الشخص في المرحلة الجامعية يكون في أوج صناعة الهوية الذاتية (المهنية، والثقافية، والنفسية، والاجتماعية)؛ إذ إنه سيصبح شخصًا مسؤولًا في المجتمع، ويمكنه التغيير من خلال مهنته التي يعد لها في كليته. وقد وظفت الدراسة الحالية الأبعاد الثلاثة التي تفترضها النظريات النفسية لهوية الذات، ولكنها بشيء من التطور في ضوء تفاعلات التواصل الاجتماعي الافتراضي؛ إذ لوحظ أن سلوكيات الطلاب الجامعيين اختلفت عن الطبيعة الواقعية، وأن الفرد ينتحل سمات شخصية غير متوفرة فيه من أجل رفع قدر الطموحات ولفت نظر الآخرين والإعجاب، حتى وإن كان بالكذب بطرح ذات زائفة.

وقد ينطلق الفرد من مرجعية ذاتية تحدد الأعراف والقيم والسلوكيات والاتجاهات الاجتماعية التي سيثبتها الفرد في ضوء تفاعلاته، وهو البعد الذي يرى الباحثان أنه البعد المرجعي الثابت في هذه النظرية. أما البعدان الثانيان فهما متداخلان إلى حد ما؛ فإن تسامي الذات أو الإقصاء الاجتماعي هما قطبان لسمة واحدة: إما تسامي الفرد عن الأفعال والتصرفات التي تدور في دائرة تفاعلاته، أو الإقصاء الاجتماعي لتلك الشخصيات التي لا يستطيع دحضها في الواقع الحقيقي. وهنا تتجه الذات المثالية أو الذات الزائفة في ضوء افتراضات كوهوت (Kohut, 1972) في اتجاهين؛ الأول: وهي الذات المثالية، التي تتحرك في إطار تسامي الذات وتترفع عن بعض الصفات، وإقصاء تلك التصرفات الصادرة عن أشخاص أثاروا استجابات إما مهينة، أو مشينة، أو تجلب الإحراج؛ والثاني: رفض تلك السلوكيات والسعي نحو تحقيق الهدف الرئيس للتفاعل دون الدخول في تفاصيل الموقف؛ أي بتحاشي الأفراد أو تفاعلاتهم، والتعامل بهامشية مع المواقف التي تجلب استثارة الاخرين.

أما الذات الزائفة في ضوء آراء آفيك وبناي وآخرون وأريكسون وكوهوت (Afek, 2019; Banai et al., 2005; Erikson, 1964, 1968; Kohut, 1972)، فترى أن الفرد في ظل انخفاض تقدير الذات لديه ينتهج سياسة التفاعل الإلكتروني واستدرار عطف الآخرين وتعاطفهم، أو الشكوى من مشاعر سلبية غير متوفرة فعليا، ويكون هذا إما باستقطاب الأشخاص الذين يراهم ذوي قوة من حوله للتعليق على منشوراته، التي يكتسب في ضوئها الحماسة والاستثارة لتضخم الذات تدريجيًا، إلى أن تصبح منشوراته وتعليقاته نرجسية متجهة إلى الإقصاء الاجتماعي للآخرين من المحيط الاجتماعي الافتراضي الذي يتحول فيما بعد إلى الواقع الحي.

ويمكن الخلوص من النتائج إلى أن الفرد في ظل الأزمات النفسية والاجتماعية يحاول الابتعاد عن الأخبار غير السارة، التي تثير المشاعر السلبية، ويحاول بصورة ما التأقلم والتكيف باستجابات معتدلة للتعايش مع طبيعة المتغيرات الراهنة للسياق الاجتماعي، ويميل الفرد إلى إقصاء الأشخاص اجتماعيا التي تثير الذعر، والاستثارة الانفعالية، وتعكر صفو المزاج، ويميل إلى التزام المعايير المرجعية الاجتماعية التي قد تجعله يساعد الآخرين ويتعاون معهم، في إطار أنه عضو في مجتمع وجزء من محيط اجتماعي.

وعليه، يوصي الباحثان مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي بالالتزام بانتقاء الأصدقاء ذوي الحكمة الشخصية والاتزان الانفعالي والانفتاح على الخبرة؛ إذ إن التفاعل مع أصدقاء من الغرباء ممن يتمتعون بتلك السمات ينعكس على الشخص الذي يشعر بالضغط النفسي ونقص تقدير الذات، بالتكامل بين الاندماج، وتعرُّف محاسن الذات وإيجابياتها، والقدرة على توظيفها، والانفصال عن الخيالات وأغاليط التنبؤ؛ فإن رؤية الفرد تكون محدودة نتيجة اختلاف الأدوار الاجتماعية عن التوقعات الاجتماعية في سياقات البيئة الاجتماعية.

وتعاني الدراسة من بعض المحددات، منها صغر حجم العينة N = 243؛ إذ إنها عينة غير ممثلة للمجتمع الطلابي العربي، بالإضافة إلى أنه لم يتحدد جنسية المستجيبين على مقاييس الدراسة؛ إذ إن هوية الذات سمة شخصية لا تتغير بتغير الثقافة. ويوصي الباحثان بإجراء الدراسات على عينات مختلفة للتحقق من الصدق العبوري لنتائج الدراسة الحالية عبر ثقافات مختلفة وعينات عمرية مختلفة.

المراجع

أولًا: العربية

رباحي، ناسلية ويحيى، بدير. (2020). استخدام الوسائط الجديدة وإشكالية بناء الهوية الافتراضية. مجلة دراسات إنسانية واجتماعية، جامعة وهران2 محمد بن أحمد، 9(2)، 157-170.

رجم، جنات. (2019). الهوية الافتراضية لدى المراهقين: دراسة ميدانية لعينة من المراهقين بمدينة سطيف. مجلة الآداب والعلوم الاجتماعية، جامعة محمد لمين دباغين سطيف2، 16(3)، 26-44.

الزهرة، غمشي. (2017). الهوية الافتراضية بين الذات الأصلية والذات الزائفة: قراءة في الاغتراب الذاتي للمتلاعبين بالهوية عبر الفضاءات الافتراضية. المجلة المغربية للعلوم الاجتماعية والإنسانية، 1، 37-52.

عامر، عبد الناصر السيد. (أكتوبر 2005). استراتيجية تحزيم العناصر (Item parceling) في التحليل العاملي. المجلة المصرية للدراسات النفسية، 15(49)، 145-192.

علي، ساحي وكزيز، آمال. (2017). تأثير الفيسبوك في تشكيل هوية الأبناء بين الهوية الواقعية والهوية الافتراضية. مجلة العلوم الإنسانية، المركز الجامعي علي كافي تندوف، 2، 116-134.

عماد، العيد وشاوي، رندة. (2020). الشباب الجزائري بين هوية الذات والهوية الافتراضية في ضوء الإعلام الجديد: دراسة ميدانية على عينة من طلبة سكيكدة رواد موقع فيسبوك. مجلة المعيار، جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، كلية أصول الدين، 24(52)، 285-305.

العنزي، عبد الله قريطان، وموسى، محمود علي. (أبريل، 2020). الضبط الأبوي وعلاقته بالاتجاه نحو تكوين العائلات الافتراضية لدى المراهقين من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي. مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، 56، 247-286.

موسى، محمود على. (2018). التحليل النفسي للمشاعر والذكريات والسلوك في الواقع الافتراضي. دار السواقي العالمية للنشر والتوزيع، عمَّان، الأردن.

–––. (2019). الهوية الافتراضية: الخصائص والأبعاد. دار العبيكان للنشر الإلكتروني، الرياض، السعودية.

ثانيًا:

References:

Afek, O. (2019). Reflections on Kohut’s theory of self-psychology and pathological narcissism—Limitations and concerns. Psychoanalytic Psychology36(2), 166.

al-ʻAnzī, ʻAbd Allāh Qurayṭān, wa-Mūsá, Maḥmūd ʻAlī. (Abrīl, 2020). al-ḍabṭ al-abawī wa-ʻalāqatuhu bālātjāh Naḥwa takwīn al-ʻāʼilāt al-iftirāḍīyah ladá al-murāhiqīn min Mustakhdimī Shabakāt al-tawāṣul al-ijtimāʻī. (in Arabic), Majallat al-ʻUlūm al-Insānīyah wa-al-Ijtimāʻīyah, 56, 247-286.

ʻAlī, Sāḥī wa-Kazyz, Amāl. (2017). Taʼthīr al-Fīsbūk fī tashkīl huwīyah al-abnāʼ bayna al-huwīyah al-wāqiʻīyah wa-al-huwīyah al-iftirāḍīyah. (in Arabic), Majallat al-ʻUlūm al-Insānīyah, al-Markaz al-Jāmiʻī ʻAlī Kāfī tndwf, 2, 116-134.

al-Zahrah, Ghamshī. (2017). al-huwīyah al-iftirāḍīyah bayna al-dhāt al-aṣlīyah wa-al-dhāt al-zāʼifah: qirāʼah fī al-Ightirāb al-dhātī llmtlāʻbyn bi-al-huwīyah ʻabra al-faḍāʼāt al-iftirāḍīyah. (in Arabic), al-Majallah al-Maghribīyah lil-ʻUlūm al-ijtimāʻīyah wa-al-insānīyah, 1, 37-52.

ʻĀmir, ʻAbd al-Nāṣir al-Sayyid. (Uktūbir 2005). istirātījīyah taḥzīm al-ʻAnāṣir (Item parceling) fī al-Taḥlīl al-ʻĀmilī. (in Arabic), al-Majallah al-Miṣrīyah lil-Dirāsāt al-nafsīyah, 15(49), 145-192.

Banai, E., Mikulincer, M., & Shaver, P. R. (2005). "Self-object" needs in Kohut's self psychology: Links with attachment, self-cohesion, affect regulation, and adjustment. Psychoanalytic Psychology, 22(2), 224–260. https://doi.org/10.1037/0736-9735.22.2.224

Bernstein, M. J., Claypool, H. M., Young, S. G., Tuscherer, T., Sacco, D. F., & Brown, C. M. (2013). Never let them see you cry: Self-presentation as a moderator of the relationship between exclusion and self-esteem. Personality and Social Psychology Bulletin39(10), 1293-1305.

Bernstein, M. J., Sacco, D. F., Young, S. G., Hugenberg, K., Cook, E. (2010). Being “in” with the in-crowd: The effects of social exclusion and inclusion are enhanced by the perceived essentialism of ingroups and outgroups. Personality and Social Psychology Bulletin, 36, 999-1009.

Blackhart, G. C., Nelson, B. C., Knowles, M. L., & Baumeister, R. F. (2010). "Rejection elicits emotional reactions but neither causes immediate distress nor lowers self-esteem: A meta-analytic review of 192 studies on social exclusion": Erratum.

Chiou, W. B., Lee, C. C., & Liao, D. C. (2015). Facebook effects on social distress: Priming with online social networking thoughts can alter the perceived distress due to social exclusion. Computers in Human Behavior49, 230-236.

Cloninger, C. R., Svrakic, D. M., & Przybeck, T. R. (1993). A psychobiolobical model of temperament and character. Archives of General Psychiatry, 50, 975-990.

Coward, D. D. (1996). Self-transcendence and correlates in a healthy population. Nursing Research, 45, 116-121.

–––. (1998). Facilitation of self-transcendence in a breast cancer support group. Oncology Nursing Forum, 25, 75-84.

–––. (2000). Making meaning within the experience of life-threatening illness. In G. Reker & K. Chamberlain (Eds.), Existential meaning: Optimizing human development across the lifespan (pp. 157-170). Thousand Oaks, CA: Sage.

Eckler-Hart, A. H. (1987). True and false self in the development of the psychotherapist. Psychotherapy: Theory, Research, Practice, Training, 24(4), 683–692. 

Erikson, E. H. (1964). Insight and responsibility. WW Norton & Company.

–––. (1968). Identity, youth, and crisis (1st ed.). New York, NYW. W. Norton.

–––. (1959). Identity and the life cycle. Psychological Issues Monograph. I., New York: International Universities Press.

Evans, S. (2012). Virtual selves, real relationships: An exploration of the context and role for social interactions in the emergence of self in virtual environments. Integrative psychological and behavioral science46(4), 512-528.

Forest, A. L., & Wood, J. V. (2012). When social networking is not working individuals with low self-esteem recognize but do not reap the benefits of self-disclosure on facebook. Psychol. Sci. 23, 295–302. doi: 10.1177/0956797611429709

Gerber, J. P., Wheeler, L. (2009a). On being rejected: A meta-analysis of experimental research on rejection. Perspectives on Psychological Science, 4, 468-488.

Gil-Or, O., Levi-Belz, Y., & Turel, O. (2015). The “Facebook-self”: Characteristics and psychological predictors of false self-presentation on Facebook. Frontiers in psychology, 6, 99.

Hamari, J., Hassan, L., & Dias, A. (2018). Gamification, quantified-self or social networking? Matching users’ goals with motivational technology. User Modeling and User-Adapted Interaction28(1), 35-74.

Harter, S., Marold, D. B., Whitesell, N. R., & Cobbs, G. (1996). A model of the effects of perceived parent and peer support on adolescent false self-behavior. Child development67(2), 360-374.

Hornsey, M. J. (2008). Social identity theory and self‐categorization theory: A historical review. Social and personality psychology compass2(1), 204-222.

ʻImād, al-ʻĪd wa-Shāwī, Randah. (2020). al-Shabāb al-Jazāʼirī bayna huwīyah al-dhāt wa-al-huwīyah al-iftirāḍīyah fī ḍawʼ al-Iʻlām al-jadīd: dirāsah maydānīyah ʻalá ʻayyinah min ṭalabat Skīkdah Rūwād Mawqiʻ Fīsbūk. (in Arabic), Majallat al-Miʻyār, Jāmiʻat al-Amīr ʻAbd al-Qādir lil-ʻUlūm al-Islāmīyah, Kullīyat uṣūl al-Dīn, 24(52), 285-305.

Kenny, D. A., & Judd, C. M. (1984). Estimating a nonlinear and interactive effects of latent variables. American Psychological Association, 96, 1, 201- 210

Kim, J., La Rose, R., & Peng, W. (2009). Loneliness as the cause and the effect of problematic internet use: the relationship between internet use and psychological well-being. CyberPsychol. Behav. 12, 451–455. doi: 10.1089/cpb.2008.0327

Kohut, H. (1972). Thoughts on narcissism and narcissistic rage. The psychoanalytic study of the child27(1), 360-400.

Kohut, H., & Elson, M. E. (1987). The Kohut seminars on self-psychology and psychotherapy with adolescents and young adults. WW Norton & Company.

Krämer, N. C., & Winter, S. (2008). Impression management 2.0: The relationship of self-esteem, extraversion, self-efficacy, and self-presentation within social networking sites. Journal of media psychology20(3), 106-116.

Kuss, D. J., & Griffiths, M. D. (2011). Online social networking and addiction—A review of the psychological literature. Int. J. Environ. Res. Public Health 8, 3528–3552. doi: 10.3390/ijerph8093528

Leary, M. R. (1990). Responses to social exclusion: Social anxiety, jealousy, loneliness, depression, and low self-esteem. Journal of Social and Clinical Psychology9(2), 221-229.

Levenson, M. R., Jennings, P. A., Aldwin, C. M., & Shiraishi, R. W. (2005). Self-transcendence: Conceptualization and measurement. The International Journal of Aging and Human Development60(2), 127-143.

Mackay, S. A., White, K. M., & Obst, P. L. (2016). Sign and share: What influences our participation in online microvolunteering. cyberpsychology, behavior, and social networking, 19(4), 257–263.

McKenna, K. Y. A., Green, A. S., and Gleason, M. E. J. (2002). Relationship formation on the internet: What’s the big attraction? J. Soc. Issues 58, 9–31. doi: 10.1111/1540-4560.00246

Michikyan, M., Dennis, J., & Subrahmanyam, K. (2015). Can you guess who I am? Real, ideal, and false self-presentation on Facebook among emerging adults. Emerging Adulthood3(1), 55-64.

Mūsá, Maḥmūd ʻAlī. (2018). al-Taḥlīl al-nafsī llmshāʻr wa-al-dhikrayāt wa-al-sulūk fī al-wāqiʻ al-iftirāḍī. (in Arabic), Dār al-sawāqī al-ʻĀlamīyah lil-Nashr wa-al-Tawzīʻ, ʻAmmān.

–––. (2019). al-huwīyah al-iftirāḍīyah: al-Khaṣāʼiṣ wa-al-abʻād. (in Arabic), Dār al-ʻUbaykān lil-Nashr al-iliktrūnī, al-Riyāḍ.

Ornell, F., Schuch, J. B., Sordi, A. O., & Kessler, F. H. P. (2020). “Pandemic fear” and COVID-19: Mental health burden and strategies. Brazilian Journal of Psychiatry42(3), 232-235.

Pakpour, A. H., & Griffiths, M. D. (2020). The fear of COVID-19 and its role in preventive behaviors. Journal of Concurrent Disorders. Vol. 2 No. 1, 2020 (58-63). DOI: https://doi.org/10.54127/WCIC8036

Patton, M. J., & Robbins, S. B. (1982). Kohut’s self-psychology as a model for college-student counseling. Professional Psychology, 13(6), 876–888.

Rajm, Jannāt. (2019). Adolescent virtual identity: A field study of a sample of adolescents in Setif. (in Arabic), Majallat al-Ādāb wa-al-ʻUlūm al-ijtimāʻīyah, Jāmiʻat Muḥammad Limīn dbāghyn Siṭīf2, 16(3), 26-44.

Reich, A. (1960). Pathologic forms of self-esteem regulation. The psychoanalytic study of the child15(1), 215-232.

Reis, H. T., & Shaver, P. (1988). Intimacy as an interpersonal process. J. Pers. Soc. Psychol. 74, 1238–1251.

Ringelheim, J. (2012). Falsebook: False self-manifestations in modern online socialization. The Chicago School of Professional Psychology.

Rogers, C. R. (1959). “A theory of therapy, personality, and interpersonal relationships: as developed in the client-centered framework,” in Psychology: A Study of a science, vol. 3, Formulations of the Person and the Social Context, ed. S. Koch (New York, NY: McGraw-Hill), 184–256.

Rosenberg, M. (1965). Society and the adolescent self-image. Princeton, NJPrinceton University Press.

Rubāḥī, Nāslyah wa-Yḥyá, Bidyr. (2020). The use of new media and the problematic of virtual identity building. (in Arabic), Majallat Dirāsāt insānīyah wa-ijtimāʻīyah, Jāmiʻat whrān2 Muḥammad ibn Aḥmad, 9(2), 157-170.

Schwartz, S. J., Zamboanga, B. L., Wang, W., Olthuis, J. V. (2009). Measuring identity from an Eriksonian perspective: Two sides of the same coin? Journal of Personality Assessment, 91, 143154.

Sekowski, M. (2020). Attitude toward death from the perspective of Erik Erikson’s theory of psychosocial ego development: An unused potential. OMEGA-Journal of Death and Dying, 0030222820921604.

Sippola, L. K., Buchanan, C. M., & Kehoe, S. (2007). Correlates of false self in adolescent romantic relationships. Journal of Clinical Child and Adolescent Psychology36(4), 515-521.

Swann Jr, W. B. (1990). To be adored or to be known? The interplay of self-enhancement and self-verification.

Terry, D. J., Hogg, M. A., & White, K. M. (2000). Attitude–behavior relations: Social identity and group membership. In D. J. Terry & M. A. Hogg (Eds.), Attitudes, behavior, and social context: The role of norms and group membership (pp. 67–93). Lawrence Erlbaum Associates Publishers.

Turel, O., He, Q., Xue, G., Xiao, L., and Bechara, A. (2014). Examination of neural systems sub-serving Facebook “addiction.” Psychol. Rep. 115, 675–695. doi: 10.2466/18.PR0.115c31z8

Turkle, S. (1995). Life on the screen. Identity in the age of Internet. New York, NY: Simon and Schuster.

Twenge, J. M., Catanese, K. R., & Baumeister, R. F. (2002). Social exclusion causes self-defeating behavior. Journal of Personality and Social Psychology, 83(3), 606–615.

Widick, C., Parker, C. A., & Knefelkamp, L. (1978). Erik Erikson and psychosocial development. New Directions for Student Services, 1978(4), 1–17.

Winnicott, D. W. (1960). “Ego distortion in terms of true and false self,” in The Maturational Processes and the Facilitating Environment, ed. D. W. Winnicott (London: Hogarth, 1965; New York: International Universities Press). Reprint.

Wright, E. J., White, K. M., & Obst, P. L. (2018). Facebook False Self-Presentation Behaviors and Negative Mental Health. Cyberpsychology, Behavior, and Social Networking, 21(1), 40–49. doi:10.1089/cyber.2016.0647 

Yanshu, S. U. N., & Guo, S. (2014). Media exposure, social comparison and self-discrepancy: A model of prediction of fashion clothing involvement. Intercultural Communication Studies23(2).

Zhang, J., Wu, W., Zhao, X., & Zhang, W. (2020). Recommended psychological crisis intervention response to the 2019 novel coronavirus pneumonia outbreak in China: A model of West China Hospital. Precision Clinical Medicine3(1), 3-8.

Zhao, S., Grasmuck, S., and Martin, J. (2008). Identity construction on facebook: Digital empowerment in anchored relationships. Comput. Human Behav. 24, 1816–1836. doi: 10.1016/j.chb.2008.02.012

تاريخ الاستلام: 14/4/2021

تاريخ التحكيم: 16/5/2022

تاريخ القبول: 7/11/2022