وداد بنت مصلح الأنصاري
أستاذ مناهج وطرق تدريس الدراسات الاجتماعية، كلية التربية، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية
تناولت الدراسة الحالية أحد أهم التوجهات الحديثة للتربية على المواطنة، المتمثل في المواطنة الاقتصادية، تطبيقًا على المملكة العربية السعودية. وهدفت إلى تقصي تصورات أعضاء هيئة التدريس عن توظيف المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام بالمملكة العربية السعودية. واتبعت الدراسة المنهج النوعي؛ أسلوب النظرية المتجذرة. وتمثلت عينة الدراسة في أعضاء هيئة التدريس الاختصاصيين في المواطنة والاقتصاد والدراسات الاجتماعية التربوية، عددهم (13) عضوًا، واستخدمت أسئلة المقابلة شبه المقننة أداة لرصد تصوراتهم، وقد جرى التحقق من قيم الصدق والثبات اللازمة للأداة.
وأوضحت نتائج الدراسة أن مفهوم المواطنة الاقتصادية له منظورات اقتصادية وتربوية متعددة، وغايته القصوى تتمحور حول تنشئة المواطنين الاقتصاديين المؤهلين للممارسة الفعالة لأربع عمليات اقتصادية رئيسة، وهي: الاستهلاك الرشيد، وجودة الإنتاج كمًا ونوعًا، وتحقيق الادخار المالي، والاستثمار الناجح. كما أبانت الدراسة وجود موجهات رئيسة للتربية على المواطنة الاقتصادية، من أبرزها: تجارب الدولة السباقة في التربية على القيم الوطنية الاقتصادية، والالتزام بالمعايير العالمية للتربية على المواطنة الاقتصادية، والتدرج في تضمين مكونات التربية على المواطنة الاقتصادية في المناهج الدراسية للمواطنة. وكشفت النتائج عن وجود ثلاثة مجالات رئيسة للتربية على المواطنة الاقتصادية، وهي: مجال المعرفة الاقتصادية، ومجال القيم الاقتصادية، ومجال المهارات الاقتصادية. كما كشفت النتائج عن مجموعة من مداخل التعلم الملائمة للتربية على المواطنة الاقتصادية في مراحل التعليم العام السعودي، ومن أهمها: التعلم البنائي، والتعلم الخِدْمي، والتعلم الخبراتي، والتعلم التشاركي، والتعلم التنافسي، والتعلم الذاتي. وأخيرًا أوضحت النتائج عدة تحديات تواجه التربية على المواطنة الاقتصادية في مراحل التعليم العام السعودي، ومنها: ضعف الوعي لدى أفراد المجتمع بأهمية التربية على المواطنة الاقتصادية، وندرة وجود ذوي الاختصاص، والنمو السريع للمعرفة. وخلصت الدراسة إلى أهم الاستنتاجات، وقُدمت مجموعة من التوصيات والمقترحات المناسبة للدراسة.
الكلمات المفتاحية: التربية الاقتصادية، التربية على المواطنة، المواطنة الاقتصادية، المناهج الدراسية، مراحل التعليم العام السعودي
للاقتباس: الأنصاري، وداد. "تصورات أعضاء هيئة التدريس عن توظيف التربية على المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية"، مجلة العلوم التربوية، العدد 22 (2023)
https://doi.org/10.29117/jes.2023.0122
© 2023، الأنصاري، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه؛ طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.
Widad Musleh Alansari
Professor of Curriculum and Teaching Methods of Social Studies, College of Education, Umm Al Qura University, Makkah, Saudi Arabia
wmansari@uqu.edu.sa
The current study dealt with one of the most important modern trends in citizenship education, which is economic citizenship as applied to the Kingdom of Saudi Arabia. It aimed to investigate the perceptions of faculty members towards employing economic citizenship in the stages of public education in the Kingdom of Saudi Arabia. The study followed the qualitative approach - the method of grounded theory. The study sample consisted of (13) faculty members specialized in citizenship, economics, and educational social studies. The semi-structured interview questions were used as a tool to monitor their perceptions, and the validity and reliability values necessary for the tool were verified.
The results of the study showed that the concept of economic citizenship has multiple economic and educational perspectives, and that its ultimate goal is to raise qualified economic citizens to effectively practice four main economic processes, namely: rational consumption, quality and quantity of production, achieving financial savings, and successful investment. The study also indicated the existence of main directions for economic citizenship education, most notably are: the country’s pioneering experiences in economic national values education, adherence to international standards for economic citizenship education, and the gradual inclusion of the components of economic citizenship education in citizenship curricula. The results showed that there are three main fields of education for economic citizenship, which are: the field of economic knowledge, the field of economic values, and the field of economic skills. The results also revealed a set of appropriate learning approaches for economic citizenship education in the stages of Saudi public education, the most important of which are: constructivist learning, service learning, experiential learning, participatory learning, competitive learning, and self-learning. Finally, the results revealed several challenges facing economic citizenship education in the stages of Saudi public education, including the lack of awareness among members of society of the importance of economic citizenship education, the scarcity of specialists, and the rapid growth of knowledge. The study concluded the most important conclusions, and presented a set of recommendations and proposals suitable for the study.
Keywords: Economic education; Citizenship education; Economic citizenship; School curricula; General learning stages
Cite this article as: Alansari W., "Faculty Members Perception toward the Employment of Economic Citizenship Education in the General Education Stages in the Kingdom of Saudi Arabia", Journal of Educational Sciences, Issue 22, 2023
https://doi.org/10.29117/jes.2023.0122
© 2023, Alansari W., licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.
يمثل الاقتصاد عصب الحياة لكل أمة ترغب في التنمية والنهوض بمجالات الصناعة والتجارة والعلوم وسائر مجالات التقدم الحضاري، وتعد ممارسات الاستهلاك والإنتاج من الممارسات التي توضح قيم المواطنة بجميع أنماطها لدى المواطنين، وتكشف المواطنة عن أرقى ما استقرت عليه المجتمعات البشرية من صيغ تكفل مصالح أفرادها عموما ومشاركتهم، وتنفي في الوقت نفسه عن المواطنين الجورَ والعدوان والتدهور الناجمين عن الممارسات الاقتصادية الخاطئة.
وتحظى النظم الاقتصادية والتوظيف بأهمية متزايدة في المجتمعات الحديثة؛ بصفتهما منتجين للتفاوت الاجتماعي؛ إذ يتحملان المسؤولية عن توزيع السلع الاقتصادية ويحددان مقدار المشاركة المجتمعية الفردية. ومن ثمَّ فإن الكفاءة التشغيلية الاقتصادية تشكل أساسًا لا يقدر بثمن لأي أسلوب حياة يحدد ذاتيًا، فيما يتعلق بتغيرات الحالة وكذلك الحياة اليومية. ولذا يستحسن عدم اختزال هذه الأنظمة إلى ملخصات تتجاوز الواقع الاجتماعي، ولكن يستحسن تصويرها على أنها أنظمة فرعية مجتمعية مدمجة ثقافيًا. تتسبب هذه النظم المترابطة دائمًا في حدوث صراعات ومشكلات ومعضلات هيكلية في مناطق الاختراق (Göbel, 2006).
وفي ضوء ذلك، أصبحت قرارات الإنتاج والاستثمار تتخذ منظورًا عالميًا وفقًا لاعتبارات الرشاد الاقتصادي المتعلقة بالتكلفة والعائد، بل وأصبحت هناك فرص أمام الكثير من الدول النامية للوصول إلى الأسواق العالمية بالكثير من المنتجات؛ إذ تتيح الأنماط الجديدة تقسيم العمل الدولي لتلك الدول، واكتساب مزايا تنافسية في دائرة واسعة من السلع، ولا سيما في الصناعات الكهربائية والإلكترونية والهندسية والكيماوية. ولعل تجربة النمور الآسيوية في جنوب شرق آسيا خير شاهد على ذلك (حديدي، 2020).
وفي المقابل، يُعد التمييز الاجتماعي من المظاهر السيئة التي تحول دون النهوض بالتنمية الاقتصادية، ولكي يجري التخفيف من وطأة التمييز الاجتماعي فإنه يجب ضمان المساواة الرسمية والجوهرية للمواطنين، كما يتطلب ذلك إنشاء مجموعة من المؤسسات؛ إذ يمثل التميز الاجتماعي أحد الأدوار الأساسية للدولة في رسم مسار التنمية الاقتصادية الذي يمكن أن يوفر فرصًا لائقة لمواطنيها لكسب العيش، وتنعكس نتيجة هذا الواجب في نطاق التوظيف والأرباح في قطاعات الاقتصاد الرسمية وغير الرسمية (Scott, 2008).
ونتيجة التطور الهائل في جميع المجالات، وبالأخص مع ظهور العولمة الاقتصادية (Economic Globalization) التي طالت جوانب الحياة المختلفة والتي تعد الجوانب الاقتصادية واحدة من أبرزها، فقد ظهرت المواطنة الاقتصادية (Economic Citizenship) بقوة في العالم على المستويات الإعلامية والاجتماعية والتربوية، وقد عرفت بأنها: ميثاق اقتصادي أساسي ينطوي على حقوق وواجبات اقتصادية يتمتع بها كل مواطن، ويمارسها وفق القانون (زيود ودنورة، 2013). وهي نمط من أنماط المواطنة تسعى إلى تلبية احتياجات المجتمع المحددة، وتفكر في نشاط الخدمة بطريقة مختلفة لاكتساب مزيدٍ من الفهم للاقتصادين المحلي والعالمي، وتقدير أوسع للانضباط المالي، وإحساس محسّن بالمسؤولية المدنية يساعد على فحص القيم والمعايير من خلال مواجهة "عالم الاقتصاد" (Bringle & Hatcher, 1996; Butin, 2005).
وتضطلع المواطنة الاقتصادية بدور كبير في جميع المجالات الإنسانية؛ إذ تضمن للمواطن حقوقه الاجتماعية، مثل: المساواة في العمل وعدم التمييز، والحصول على الضمان الاجتماعي، والتأمين ضد البطالة؛ وتضمن أيضًا له حقوقه السياسية المتمثلة في حق الانتخاب، والترشيح، والمشاركة، والتمكين في صنع السياسات وتنفيذها؛ وكذلك حقوقه الاقتصادية المتمثلة في مزاولة الأعمال التجارية، وحرية انتقال رؤوس الأموال، وحق التملك والإرث، والتنقل والعمل والإقامة، بالإضافة إلى الحماية من الاستغلال الاقتصادي، والوصول المتميز إلى الائتمان وانخفاض معدلات الرهن العقاري؛ وكذلك حقوقه التعليمية، مثل: الحصول على التعليم النظامي والمنح الدراسية، والحق في حرية الفكر؛ وأخيرًا حقوقه الصحية، مثل: الحصول على الرعاية الصحية والنفسية والحصول على العلاج (الصلاحي، 2013؛ Marshall,1950).
ويبرز دور المواطنة الاقتصادية في تطوير المهارات الخاصة بالادخار والتخطيط والميزانية وتوليد الدخل للمواطنين، وما ينتج عنها من زيادة ثقتهم بأنفسهم وتمكُّنهم من تطويرها وفق التوجه الوظيفي، فالمواطن الاقتصادي الناضج يعمل على دمج مبدأ العقلانية الاقتصادية في سياق قابل للحياة ومفيد، ومن جهة أخرى؛ فإن الحريات الفردية في الممارسات الاقتصادية تساعد في دفع عجلة التقدم العلمي والتقني في مجالات الصناعة والتعدين والزراعة والثروات المائية والحيوانية (Panth, 2010).
وتعرف أيضًا بالانخراط والمشاركة في نشاطات التنظيم الذاتي وتحول المرء إلى متعلم موجه ذاتيًا، وباحثٍ إبداعيٍّ عن حلول المشكلات، ومستقلٍّ ماليًّا (الخوالدة والزعبي، 2016). وتشير المواطنة الاقتصادية من وجهة نظر سكوت (Scott, 2008) إلى الإجراءات القانونية التي يكتسب فيها الفردُ أو الأسرة الجنسيةَ الثانية أو الإقامة الدائمة في بلد مقابل استثمار مالي محدد في الدولة، وتدير العديد من البلدان برامج المواطنة الاقتصادية، المعروفة أيضاَ باسم المواطنة من خلال برامج الاستثمار، بصفتها وسيلة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى بلادها.
وخلاصة القول: يشير هاريس وبراكاش (Harriss & Prakash, 2010) إلى أن مفهوم المواطنة الاقتصادية يعترف بوجود تعدد الطبقات الاجتماعية، ولكن يجب أن يكون للجميع مطالب متساوية وموضوعية للموارد العامة والاجتماعية بغض النظر عن هوية الأفراد الاجتماعية، والحق في المطالبة بعمليات تضمن المساواة في الفرص والمساواة في النتائج، ولا سيما أن نظام تكافؤ الفرص والمساواة في النتائج سياسة عامة للسعي من أجل تحقيق المساواة الجوهرية وإنفاذها. وتعني المساواة الموضوعية اتخاذ خطوات لتحييد التمييز غير المباشر؛ والاعتراف والتعامل ليس فقط مع الظروف الحالية ولكن أيضًا مع إرث التاريخ. ولا يتعين على نظام الحوكمة (Governance) فقط القيام بالمشروع السلبي لضمان عدم التمييز ولكن عليه أيضًا أن يحدد دوره.
بناء على ذلك، يمكن القول بأن المواطنة الاقتصادية هي العلاقة بين الشعب أو المجتمع والوطن، ويتمخض عنها علاقة المواطن بالوطن، وهذه لا تتأتى من مجرد وجود المواطن في بقعة جغرافية من الأرض (الوطن)، وإنما تحتاج إلى عوامل أخرى لكي تخلق حالة من الانتماء تجاه الوطن؛ أي إن المواطنة الاقتصادية تشير إلى الحقوق والواجبات الاقتصادية، علاوة على التعرف إلى مضامين المنظومة الاقتصادية في سياقها التربوي كالحقائق والمفاهيم والمبادئ والنظريات والقوانين والقيم والمهارات، بحيث تتكامل جميعها تحت اسم التربية على المواطنة الاقتصادية، وبما يُمكن من إدراجها في البرامج التعليمية والمناهج الدراسية في مراحل التعليم العام تطبيقًا على المملكة العربية السعودية.
تهدف المواطنة الاقتصادية بالدرجة الأولى إلى التحسين المستمر لرفاهية المواطنين، على أساس مشاركتهم النشطة والحرة والهادفة في التنمية والتوزيع العادل للفوائد الناجمة عنها (Harriss & Prakash, 2010)، وتضيف على ذلك الجمعيةُ العامة للأمم المتحدة أنه إلى جانب أولويات التنمية المستمرة المتمثلة في القضاء على الفقر، والاهتمام بالصحة، والتعليم، والأمن الغذائي والتغذية، تهدف المواطنة الاقتصادية إلى جعل المجتمعات أكثر سلامًا وأمانًا (Scott, 2008 Sahni, 2009; Bevelander & DeVoretz, 2008;).
وتهدف أيضًا إلى تحقيق تعليم جيد وشامل وعادل، وإلى زيادة المهارات التقنية والشخصية لدى جميع فئات المجتمع صغارًا وكبارًا رجالًا ونساءً؛ حتى يتمكنوا من العثور على عمل أو يصبحوا رواد أعمال (Child & Youth Finance International, 2016B).
ويشير أوبري وشيبارد (O’Prey & Shepard, 2014) إلى أن هدفها تحقق التعليم الاجتماعي والمالي، الذي بدوره يقوم بتحسينات في القراءة والكتابة الوظيفية والحساب. ومن خلال ذلك يتمكن الأفراد من فهم حقوقهم ومسؤولياتهم، ويمكَّن المواطنون من الوعي بأهمية الذهاب إلى المدرسة، ويجعلهم ذلك أكثر احترامًا لحقوق الآخرين وأكثر احتمالا للتعاون والعمل المشترك لبناء عالم أفضل، علاوةً على ذلك يدفعهم إلى النظر في تأثير أفعالهم في البيئة ومجتمعاتهم.
وأيضًا تهدف المواطنة الاقتصادية بدرجة كبيرة إلى تحقيق العدالة بين الجنسين والتمكين في المجال الاقتصادي، وتؤكد على أن النساء والفتيات قادرات على الاستفادة من الفرص الاقتصادية عندما يزوَّدن بالمهارات المناسبة ويزوَّدن بإمكانية الحصول على التمويل، وكذلك مع احترام التنوع بين الجنسين وتقدير العدالة الاجتماعية فإنهن سيصبحن أقل عرضة للتمييز ضد نظرائهم في المستقبل (Child & Youth Finance International, 2016A).
كما تهدف المواطنة الاقتصادية إلى تعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، وتحفيز الشمول المالي والادخار بين الشباب، مما يسمح لهم ببناء الأصول والاستثمار في مستقبلهم بالاقتران مع التعليم الاجتماعي، مما يؤدي إلى تحسين الذات والكفاءة الذاتية والتعاطف والثقة والنمو الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، يضمن الاندماج بالتعليم (Child & Youth Finance International, 2017). ويؤكد شانك ولورش (Schank & Lorch, 2015) على أن أهداف المواطنة الاقتصادية تتمثل في مسؤولية توفير اللوائح والقوانين التي تؤدي إلى الكفاءة الاقتصادية، والنزاهة الأخلاقية الشخصية، والشرعية المجتمعية.
وتسعى المواطنة الاقتصادية إلى المشاركة الاقتصادية والاجتماعية وتحسين سبل العيش المستدامة، من خلال معرفة الحقوق والمسؤوليات التي ينتج عنها انخفاض معدل الفقر. كما تسعى المواطنة الاقتصادية إلى مكافحة الفقر وعدم المساواة، وتوفر حلًّا سحريًا لجميع التحديات التي تواجه الفقر والنزاعات والتدهور البيئي على الصعيدين المحلي والعالمي، وتعمل على تنمية عقول الأجيال القادمة من المواطنين الاقتصاديين العالميين (خليفة، 2018؛ Schank & Lorch, 2015).
كما تحفز المواطنة الاقتصادية المواطنين على تعلم سبل العيش، وعلى تنمية مهارات التوظيف لديهم مما يزيد من فرص العمل والإنتاجية، ويجعلهم أكثر قدرة على توفير سبل العيش المستدامة، وتحفزهم على نشاط ريادة الأعمال، وتعزيز مستوى قابليتهم للتوظيف (Child & Youth Finance International, 2016A). كما تسعى إلى ترتيبات سياسية واجتماعية تحت إشراف الدولة تضمن الحقوق الاقتصادية للمحرومين في السوق، وتعمل على ضمان تكافؤ الفرص والعدالة في نتائج العمليات الاقتصادية (Schank & Lorch, 2015; Miller, 1988).
ولقد تفرعت مجالات المواطنة إلى ثلاثة مجالات رئيسة، وهي أولًا: مجال الحقوق المدنية، وهي الحقوق الضرورية لحرية المواطن، وتضمنت عناصر مثل حرية التعبير، والحق في الملكية، والحق في العدالة. ثانيًا: الحقوق السياسية، وتضمنت الحق في المشاركة في ممارسة السلطة السياسية، ولا سيما الحق في انتخابات حرة والاقتراع السري. ثالثًا: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، التي وفرت الرعاية الاجتماعية والتنمية البشرية، وتشمل مجموعة من الحقوق، وهي: الحق في التعليم، والتدريب، ومستوى المعيشة اللائق، وظروف العمل الجيدة. وبها يُشار إلى أنها دعمت المكاسب التي حققتها الحركات العمالية في الجزء الأول من القرن العشرين ودوَّنتها في قوانين العمل والسياسات الاجتماعية لدول الرفاهية، وبعبارة أخرى يمكننا القول إن أي نطاق كامل من الحقوق ينتج عنه قدر من الرفاهية الاقتصادية، ولا سيما حق الأمن في المشاركة الكاملة في التراث الاجتماعي، والعيش في حياة الكائنات المتحضرة، وفقًا للمعايير السائدة في المجتمع (McMillan & Schumacher, 2001).
ويؤكد وايت (White, 2003) في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على حق الناس في عمل يختارونه بحرية، وأجور منصفة ومتساوية مقابل العمل ذي القيمة المتساوية، وظروف عمل كريمة للعمال وأسرهم، وتدريب احترافي، وفرص متكافئة للترقية، وحماية الأسرة، وخاصة الأطفال، وأيضا حماية الأمومة، وحماية الأولاد والبنات والمراهقين من الاستغلال الاقتصادي. كما أن هذه الحقوق مدرجة في اتفاقيات منظمة العمل الدولية المتعلقة بحماية الأمومة وعدم التمييز والمساواة في الأجر. وقد تبنت العديد من الدول هذه المعايير وأدرجتها في القوانين الوطنية.
في حين تشير دراسة كل من (Kreikebaum, 2011; Ulrich, 2008) إلى أن مجالات المواطنة الاقتصادية تتمثل في الآتي:
أولًا: المجال المالي: وهو أحد المجالات الرئيسية والفرعيّة للاقتصاد؛ إذ تُعدُّ السيطرة الحكوميَّة على المال من أقدم وظائف الحكومات وأكثرها انتشارًا على نطاق واسع، وفي القرن الثامن عشر للميلاد برز الاهتمام بتأثيرات حجم المال في مستويات الأسعار وحجم النشاطات الاقتصاديّة بدرجة كبيرة، أمَّا في القرن التاسع عشر للميلاد فعُرِفت نظرية كمية المال التي تشير إلى أنَّ أيَّ تغيُّرات في كمية المال المعروضة لا يمكن استيعابها إلَّا بعد معرفة الاختلافات الخاصة بمستوى السعر العام؛ أي القوة الشرائيّة للمال، وينتج عن ذلك تغيُّر في الأسعار يتناسب مع كميَّة المال المتداول.
ثانيًا: مجالا النمو والتنمية: وهما مجالان مختلفان من مجالات المواطنة الاقتصاديّة؛ إذ لا تشكّل دراسة النمو في الاقتصاد، ودراسة التنمية الاقتصاديّة فرعًا واحدًا من فروع علم الاقتصاد، بل يستخدم كلٌّ منهما أساليبَ متنوعة في التحليل الاقتصاديّ؛ إذ من الممكن تصنيف التنمية الاقتصاديّة على أنّها واحدة من الحقول الرئيسيّة للاقتصاد مع الاقتصاد الكليّ والاقتصاد الجزئيّ، أمَّا النمو الاقتصاديُّ فهو المجال الأكثر طلبًا من النواحي الفنيّة، ويهتمُّ بدراسة المسارات الخاصة بالتوازن بدلًا من متابعة حالة التوازن الاقتصاديّ.
ثالثاَ: مجال الماليَّة العامة: وهي مجال من مجالات المواطنة الاقتصاديّة التي ظهرت أهمية دراستها في القرن التاسع عشر للميلاد، في أثناء الاهتمام بدراسة المشكلات المتعلقة بالضرائب، المعروفةِ باسم الوقوع الضريبيِّ؛ لكنَّ الاقتصاد الكينزيَّ (Keynesian Economic) حلَّ مكان التركيز على المشكلات الضريبيّة، مع الاهتمام بتحليل النفقات الحكوميّة على مستويات العمالة والدخل.
رابعًا: مجال الاقتصاد الدوليّ: يهتم هذا الفرع بدراسة فوائد التبادل التجاري بين بلدان العالم من ناحية، وتوجد نظريات في هذا المجال؛ ومن ناحية أخرى دراسة أثر التغيير المتبادل في الأسواق الأجنبية من ناحية أسعار العملات والتوازن الاقتصادي.
خامسا: مجال العمالة: من أهم فروع علم الاقتصاد وأقدمها، ويتميز بأنه ليس كسائر الفروع؛ إذ إن العمالة لا تباع ولا تشترى ولكن توظف وتستأجر لأداء الخدمات. تحدد الإنتاجية بصورة عامة مدى الأجور المدفوعة للعمال فيكونان معًا عاملين متوازيين لهما أثرهما في حركة السوق.
سادسًا: مجال المؤسسات الصناعية: وتعد المؤسسات الصناعية هيكل الأسواق. ويدخل في هذا الفرع عوامل عدة كالاحتكار، ولما له من مشاكل اقتصادية كضعف المنافسة وارتفاع الاسعار. وتضاف المرافق العامة إلى المؤسسات الصناعة كإنتاج الماء والكهرباء وغيرها من خدمات البنية التحتية.
سابعًا: مجال الزراعة: وتعطي الحكومات أهمية كبيرة لحماية الفلاحين والثروات النباتية، لما لذلك من أثر في الأسعار والتصدير والناتج العام للبلد. الاقتصاديون المختصون بفرع الزراعة على تماس كبير مع التغيرات المتكررة التي تطرأ على الزراعة والمحاصيل وكلفة الانتاج الزراعي المتغيرة مع تغير التكنولوجيا في هذا المجال.
ثامنًا: مجال القانون والاقتصاد: وللقوانين الأثر الواضح في نمو الاقتصاد وحركة الأسواق. ولولا ظهور القوانين لما ظهرت المؤسسات التي تعنى بإدارة الأسواق وحساب الفوائد. ومهمة هذا الفرع هو التقليل من الكلف الانتاجية لجميع نواحي الاقتصاد وحل المشاكل التي تطرأ على الأسواق أو المؤسسات.
تاسعًا: مجال اقتصاديات المعلومات: تزايدت أهمية هذا الفرع مع نهايات القرن العشرين ونشوء شركات تعمل على ضمان جودة السلع المستهلكة، ومثالًا لذلك السيارات المستهلكة؛ فتضمن الشركة الوسيطة بين البائع والمشتري جودة السيارة المعروضة وتتحمل تكاليف إضافية في حالة عدم مصداقية البائع بعد إتمام عملية البيع. وهذا المثال مجرد تبسيط لأمثلة أكبر كالشركات التي تتابع جودة إنتاج المصانع والفروع التجارية للشركات لغرض الحفاض على جودة إنتاجها.
عاشرًا: مجال الاقتصاد المالي: الذي يتمثل في سوق الأوراق المالية ((Stock Market أو البورصات وما فيه من توقعات وتكهنات بحالة الأسواق ووضع الاقتصاد العام. تساعد الدراسة في هذا المجال على الحيلولة دون الوقوع في المقامرة في اتخاذ قرارات البيع والشراء في سوق الأوراق المالية، التي تؤدي في بعض الأحيان الى انهيار أسعار البورصات لبعض البلدان، يتبعها تأثير في الاقتصاد العالمي أو على الأقل في البورصات المرتبطة بها.
وتأسيسًا على ذلك، يتضح أن المواطنة الاقتصادية بمنزلة نهج شامل للتعليم المالي (Financial Education)، ترتكز على المهارات الحياتية وسبل العيش، فيكون الجانب الأكثر لفتًا للانتباه في هذا النهج التعليمي هو تركيزه الاجتماعي. وتعد المكونات الرئيسة الثلاثة لهذا النموذج: التعليم المالي، وتعليم المهارات الاجتماعية/الحياتية، وتعليم سبل العيش. ويشمل التعليم المالي التعليمات أو المواد المصممة لزيادة المعرفة والمهارات المالية. في حين يتضمن التعليم الاجتماعي توفير المعرفة والمهارات التي تحسن فهم الأفراد ووعيهم بحقوقهم وحقوق الآخرين، ويمكن أن يشمل ذلك أيضًا الإشراف البيئي؛ إذ تعد المهارات الحياتية جزءًا من التعليم الاجتماعي وتستلزم القدرة على حل المشكلات والتفكير النقدي ومهارات التعامل مع الآخرين. وأخيرًا يُحسِّن تعليم سبل العيش من قدرة المرء على تأمين مصدر رزق مستدام، من خلال تقويم المهارات والتوازن بين تطوير مهارات تنظيم المشاريع ومهارات التوظيف (Child & Youth Finance International, 2017).
ويرى أولريش (Ulrich, 2008) أنها ترتكز على مسؤولية المواطن الاقتصادي، فبالإضافة إلى شرط تقديم الإجراءات الاقتصادية للمرء، وفهم الفرد بصفته مواطنًا، فإن المواطن الاقتصادي ملزم بتحمل المسؤولية عن أفعاله، خاصة في السياقات الاقتصادية.
ومن أهل الرأي من يرى أنها ترتكز على: 1- المعرفة الأخلاقية: أي يجب إعلام المرء بالمعايير العامة والأخلاق والعادات في السياقات الاقتصادية، وكذلك الإجراءات المتوقعة على هذه الأسس، مثال: يجب رفض الفساد. 2- الحكم الأخلاقي: يجب على المرء أن تكون لديه القدرة على تحليل المواقف والأفعال المتعلقة بمحتواها الأخلاقي؛ أي إنه يجب على المرء أن يدرك ما إذا كان يجب تطبيق معيار أو التزام بسبب الأخلاق السائدة، مثال: قبول الهدايا الثمينة في بعض العلاقات التجارية يشكل فسادًا. 3- الكفاءة الأخلاقية للتفكير: هذا يدل على القدرة المركزية على التحقق من القواعد الأخلاقية لمحتواها؛ أي: انعكاسها على نحو أخلاقي. قد يكون هذا مسألة الموافقة على المبادئ الأخلاقية العالمية، مثال: الفساد غير أخلاقي لأنه يقوض الثقة ويؤدي إلى سوء تخصيص الموارد؛ لذلك فإن الإدارة والاقتصاد القائمين على الفساد غير مرغوب فيهما. 4- الشجاعة المعنوية: ترتبط بكفاءة التأمل والقدرة على خَلق مسافة متشككة من المعايير الراسخة والمطبقة والحفاظ عليها. هذه القدرة مهمة على الأقل بسبب ضغط المطابقة داخل الشركات وفروع التجارة، التي قد تتطلب سلوكًا غير عاكس أو غير نقدي، مثال: القرار المتعمد ضد الأعمال الفاسدة، حتى إذا كانت مدعومة أو مطلوبة من قبل صاحب العمل (Maak & Ulrich, 2007).
ويتضح مما سبق أن المواطنة الاقتصادية ترتكز على أربعة مرتكزات رئيسة، وفي مقدمتها المعرفة الاقتصادية وما تشمله من مفاهيم ومبادئ وقيم تسهم في تكوين بنية معرفية لدى المواطن الاقتصادي حيال المواطنة الاقتصادية. ثانيًا: المواطن الاقتصادي الذي يمتلك الأمانة، والنزاهة، والشجاعة، وتحمل المسئولية الاقتصادية، وكبح الفساد، والشعور بالولاء والانتماء لوطن الاقتصاد، باعتبار الفرد أحد مقومات النهضة الاقتصادية وأهم مواردها. ثالثًا: الكفاءة الاقتصادية، وتشمل جميع السلوكيات التي تساعد على تحقيق الأهداف المحددة في الزمن المحدد، مع مراعاة جودة الإنتاج والاستثمار العقلاني للموارد المتاحة. رابعًا: القدرة المالية، التي من خلالها يستطيع المواطن بناء اقتصاده واستثماره، باعتبار المال الجزء الأخير من الموارد الأساسية للنمو الاقتصادي.
وفي هذا الشأن أجريت العديد من الدراسات التي تؤكد أهمية المواطنة الاقتصادية في رفع السوق الاقتصادي، كدراسة (Shierholz, 2010; Scott, 2008; Roitman, 2007) التي أشارت إلى أن الموظفين الذين يتجنسون بالفعل يحصلون على أجور أعلى قبل قانون التجنيس، مقارنة بالأجانب الذين لا يتجنسون على الإطلاق. ومع ذلك، فإن علاوة الأجور قليلة نسبيًا، وعلى النقيض من ذلك فإن متوسط الأجر بعد اكتساب الجنسية أعلى بكثير مما كان عليه قبل التجنس ومن متوسط أجر الأجانب. قد يكون هذا المؤشر الأول على أن المواطنة لها دورٌ كبيرٌ في سوق العمل الألماني. ودراسة (Bender & Haas, 2002) تؤكد أن الجانب الذي يمكن من خلاله زيادة إنتاجية الموظفين مباشرة يرتبط مرة أخرى بقرار التجنس، الذي يحفز من زيادة الرغبة في الاستثمار في رأس المال البشري؛ إذ يبدأ الفرد التخطيط للبقاء في بلد لفترة أطول أو مدى الحياة بتعزيز استثماره في التعليم واللغة والمهارات الخاصة بكل بلد. وينبغي أن يكون لتراكم رأس المال البشري تأثير إيجابي في أداء سوق العمل، فيؤدي إلى استيعاب الأرباح للسكان الأصليين. كما أشارت إلى أن الهويات الاجتماعية تبالغ في تحديد نتائج عمل أسواق العمل وغيرها من الأسواق المجزأة في الاقتصاد غير الرسمي، على سبيل المثال: إن احتمال التجنس يختلف بين المجموعات التعليمية، بالإضافة إلى اعتبار عامل الخبرة في سوق العمل.
كما هدفت دراسة زيود ودنورة (2013) إلى التعرف على دور المنظمات الشعبية والجمعيات الأهلية العاملة في ميدان الشباب في سورية في تعزيز مفاهيم المواطنة الاقتصادية المتمثلة في (حق العمل، وحماية حقوق المستهلك والمنتج، وترشيد استهلاك مصادر الطاقة، والحفاظ على المرافق والممتلكات العامة وغير ذلك). ولتحقيق أهداف الدراسة صُممت استبانة ووُزعت على عينة مؤلفة من (187) مستفيدًا من أنشطة هذه المنظمات. وتوصلت الدراسة إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين دور المنظمات الشعبية الشبابية ودور المنظمات الأهلية في تعزيز مفاهيم المواطنة الاقتصادية لصالح المنظمات الشعبية، وذلك لالتزامها بمتابعة أنشطتها وتنفيذها على نحو مستمر.
وسعت دراسة إسماعيل (2019) إلى التعرف على القيم الاقتصادية التي يجب ان يكتسبها طفل الروضة في المراحل الأولى من حياته. وتحقيقا لأهداف الدراسة بُني مقياس القيم الاقتصادية. وتوصلت الدراسة إلى أن القيم الاقتصادية لدى طفل الروضة دون المستوى المطلوب، وقد يرجع ذلك إلى عدم اكتراث الوالدين بأهمية ترسيخ القيم الاقتصادية لدى أطفالهم، أو إلى عدم وجود قدوة لدى الطفل سواء في البيت أو الروضة مثل الأخ أو الأخت الكبرى أو حتى الوالدين، مما يؤثر سلبا في ترسيخ تلك القيم الاقتصادية المهمة في حياة الطفل، وقد وجدت فروق واضحة في القيم الاقتصادية بين الذكور والإناث لصالح الإناث.
ومن هنا تنادي العديد من الدراسات والأدبيات بضرورة الاهتمام بالمواطنة الاقتصادية وتوظيفها ضمن برامج التعليم ومقررات التربية على المواطنة؛ لما تحتويه من معارف وقيم ومهارات اقتصادية تسعى إلى تحقيق تكافؤ الفرص والمساوة بين جميع المواطنين، التي بدورها تسهم في النمو الاقتصادي المحلي والعالمي. ولتنمية المواطنة الاقتصادية لا بد من التركيز على خلق بيئة يكون فيها الأطفال والشباب قادرين على تحقيق كامل إمكاناتهم الاجتماعية والاقتصادية والإسهام في تنمية المجتمع، دون تمييز من أي نوع. هذه هي الكفاءات الاقتصادية الأساسية للمواطنة الاقتصادية التي ستوفر الأساس للجيل القادم من القادة السياسيين ورجال الأعمال والمجتمع.
تعاني المجتمعات الإنسانية اليوم من مشكلات اقتصادية مختلفة، تتجلى مظاهرها في الفقر والحرمان لدى الكثير من الشعوب، علاوةً على الإسراف والتبذير والجشع والاستحواذ على الخيرات لدى فئة قليلة من الأفراد، وقد انعكست هذه المظاهر على المجتمعات بصور مختلفة، كارتفاع الجرائم المالية، والتفكك الأسري، وضياع قيم المجتمع، وما يعقبها من مشكلات تؤثر عفي المواطن (الشرعة، 2017).
ونتيجة لذلك جاءت المواطنة الاقتصادية لمواجهة هذه المشكلات وللعمل على ضمان موارد الرزق وتحقيق الأمن الاقتصادي، عن طريق تكافؤ الفرص، والمساواة، والسعي إلى تحقيق الوعي بالمسائل الاجتماعية والمالية والفهم الشخصي، والاستكشاف للمشاريع الاجتماعية والمالية، والتخطيط الجيد للميزانية، والوعي بالحقوق والمسؤوليات تجاه المدخرات والإنفاق للوصول إلى الكفاءة الاقتصادية (Economic Efficiency)، والتنمية المستدامة (Sustainable Development) المصحوبة بالاقتصاد الأخضر (Green Economy) (Aflatoun International, 2016).
وفي ضوء رؤية المملكة العربية السعودية لعام 2030م، تعدُّ مهارات أبناء الوطن وقدراتهم من أهم الموارد البشرية وأكثرها قيمة. وتسعى الدولة لتحقيق أقصى استفادة منها بتبنِّي مجموعة من السياسات الاقتصادية، ومنها ثقافة المكافأة مقابل العمل، وإتاحة الفرص للجميع، وتطويرهم وتمكينهم بالمهارات التي يحتاجون إليها لتحقيق طموحاتهم والوصول إلى أهدافهم. وفي هذا الشأن تهدف التربية على المواطنة الاقتصادية إلى مساعدة الطلبة على فهم النظام الاقتصادي، وتعزيز الكفاءة والشفافية والمساءلة، وتشجيع ثقافة الأداء الجيد، وتزويد الطلبة بمعلومات وحقائق تكسبهم عدة مهارات اقتصادية وترفع مستوى حياتهم المادية والاجتماعية؛ ليكونوا قادرين على الإسهام الإيجابي في مسيرة التنمية الاقتصادية، وتسخيرها لبناء اقتصاد منتج يحقق العدالة الاجتماعية، ويعود على الأفراد والمجتمع بالخير والرفاهية (وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية، 2016).
وفي سبيل الإسهام في تحقيق هذه الرؤية، وفي ظل ندرة الدراسات السابقة – على حد اطلاع الباحثة – التي تناولت التربية على المواطنة الاقتصادية، تحددت مشكلة الدراسة الحالية في التعرف إلى تصورات أعضاء هيئة التدريس حول توظيف التربية على المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية. وبناءً على ذلك، صيغت خمسة أسئلة للدراسة، وذلك وفق الآتي:
سعت الدراسة الحالية إلى الإجابة عن الأسئلة الأتية:
1- ما تصورات أعضاء هيئة التدريس عن توظيف التربية على المواطنة الاقتصادية في إعداد المواطن الصالح المتصف بأعلى مستويات الوعي الاقتصادي في المملكة العربية السعودية؟
2- ما الموجهات الواجب مراعاتها عند التخطيط لتوظيف التربية على المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية؟
3- ما المجالات التي ينبغي التركيز عليها عند توظيف التربية على المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية؟
4- ما مداخل التعلم الملائمة لتدريس التربية على المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية؟
5- هل توجد صعوبات وتحديات تواجه توظيف التربية على المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية؟
سعت الدراسة الحالية إلى تحقيق الأهداف الآتية:
1- التعرف على تصورات أعضاء هيئة التدريس عن توظيف التربية على المواطنة الاقتصادية في إعداد المواطن الصالح عبر مراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية.
2- تحديد الموجهات الواجب مراعاتها عند التخطيط لتوظيف التربية على المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية.
3- معرفة المجالات المتاحة للتربية على المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية.
4- تحديد مداخل التعلم الملائمة لتدريس التربية على المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية.
5- الوقوف على الصعوبات والتحديات التي تواجه توظيف التربية على المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية.
تتمثل أهمية هذه الدراسة في الآتي:
1- ترنو الدراسة إلى مواكبة الرؤية الطموحة للمملكة العربية السعودية لعام 2030م في جميع القطاعات والمجالات، ومن ذلك مجال التعليم والمواطنة الذي يخطَّط له ليكون مواكبًا لمتطلبات الرؤية.
2- يؤمل أن تسهم الدراسة في تبني قرارات تطويرية للممارسات التعليمية التعلمية في تدريس الطلبة مقرراتِ المواطنة في مراحل التعليم العام السعودي، بما يتفق مع المعايير العالمية للتربية على المواطنة الاقتصادية.
3- إفادة مصممي المناهج الدراسية والبرامج التعليمية ومطوِّريهما في وزارة التعليم السعودية من نتائج الدراسة عند تخطيط مناهج المواطنة وبرامجها، وإعدادها وتطويرها للطلبة في مراحل التعليم العام السعودي.
يمكن تعميم نتائج الدراسة في ضوء المحددات الآتية:
- اقتصرت الدراسة على التعرف إلى تصورات أعضاء هيئة التدريس حول توظيف التربية على المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية.
- اقتصرت الدراسة على عينة متيسرة من أعضاء هيئة التدريس الاختصاصيين في مجال التربية على المواطنة والدراسات الاجتماعية في كليات التربية، ومجال العلوم الاقتصادية في عدد من الجامعات السعودية والعربية في العام 1441هـ (2020م).
تصورات أعضاء هيئة التدريس: مجموعة من الآراء عبر عنها عضو هيئة التدريس حول توظيف التربية على المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية.
التربية الاقتصادية: يعرفها الشربيني والطناوي (2001، 360) بأنها: "التربية التي تساعد الفرد على تحسين أنماط الاستهلاك، وتكوين الوعي الاقتصادي، واكتساب مهارات العمل المنتج التي تساعده على زيادة الإنتاج والمحافظة على المعرفة الاقتصادية والمهارات العلمية وتنميتها، وكذلك اكتساب الفرد القدرة على التفكير الذكي وفق متطلبات الظروف الاقتصادية للمجتمع؛ حتى يستطيع التكيف مع الواقع الاقتصادي له وللمجتمع الذي يعيش فيه".
وتعرف إجرائيًا بأنها عملية تعليمية تركز على تزويد الفرد بمعارف وقيم ومهارات واتجاهات اقتصادية، تهدف إلى مساعدته للقيام بمتطلبات دوره بصفته مواطنًا وعضوًا فعالًا في المجتمع، ودوره بصفته منتجًا كفئًا للاستهلاك والخدمات، ومستهلكًا رشيدًا يعرف ما له من حقوق وما عليه من واجبات، ومستثمرًا واعيًا في مجتمعه.
التربية على المواطنة: يعرفها الغريب (2017، 98) بأنها: "عملية تهدف إلى إكساب النشء الخبرات والمهارات والمعارف اللازمة للعيش في مجتمع ديمقراطي، وبذلك فهي تنطلق من ثلاث أبعاد أساسية، هي: البعد المعرفي، والبعد الوجداني، والبعد المهاري".
وتعرف إجرائيًا على أنها عملية تعليمية متواصلة لتعميق الحس والشعور بالواجب تجاه المجتمع، وتنمية الشعور بالانتماء إلى الوطن، وغرس حب النظام واحترامه لدى الأفراد.
المواطنة الاقتصادية: تعرف إجرائيًا بأنها تحقيق العدالة التامة في المعاملة بين جميع المواطنين على اختلاف أديانهم وأعراقهم وألوانهم في المجالات الاقتصادية كافة في جميع الدول، بحيث تضمن للمواطن ممارسة النشاط الاقتصادي، وحرية التنقل والعمل والإقامة، والعمل في القطاعات الحكومية والأهلية، وامتلاك العقارات، وتداول الأسهم وشراءها، وتأسيس الشركات وغيرها من مجالات الاقتصاد التي تنص عليها اتفاقيات الدولة الحاضنة ضمن برامجها التنموية في المجال الاقتصادي.
شملت عينة الدراسة مجموعة من أعضاء هيئة التدريس في التربية على المواطنة والدراسات الاجتماعية التربوية وعلم الاقتصاد في عدد من الجامعات السعودية والعربية، بلغ عددهم (13) عضوًا.
نظرًا لطبيعة الدراسة الحالية وأهدافها، فقد استخدم المنهج النوعي - نمط النظرية المتجذرة (التجذيرية) لرصد تصورات أعضاء هيئة التدريس الاختصاصيين في المواطنة والاقتصاد والدراسات الاجتماعية التربوية، وعرفه العبد الكريم (2020، 30) بأنه: "كل بحث يسعى بشكل منظم لاستكشاف وفهم ظاهرة اجتماعية ما في سياقها الطبيعي الممكن دون الاعتماد على المعطيات العددية والإحصائية".
أُعدت أسئلة المقابلة شبه المقننة (Semi-Structured Interview) للكشف عن تصورات أعضاء هيئة التدريس الاختصاصيين في التربية على المواطنة الاقتصادية في مناهج الدراسات الاجتماعية والمواطنة في التعليم العام السعودي. وأُعدت الباحثة أسئلة المقابلة شبه المقننة بناء على خبرتها في مجال البحث العلمي، بالإضافة إلى الرجوع إلى الدراسات ذات الصلة بموضوع الدراسة الحالية كدراسة (العميري، 2019؛ العميري والطلحي، 2020؛ Alomari, 2009; Alansari, 2010; Suppo, 2013; Lindsey, 2015). وعليه، تكونت المقابلة شبه المقننة في نسختها الأولية من (8) أسئلة. وللتحقق من صدق أسئلة المقابلة، عُرضت على عدد من المحكمين من الاختصاصيين في التربية على المواطنة وعلم الاقتصاد في عدد من الجامعات السعودية والعربية؛ لغرض التأكد من أن أسئلة المقابلة تقيس الهدف الذي وضعت من أجله، من حيث ملاءمة الأسئلة، وصياغتها، ووضوحها. وبناء على ذلك، حُذفت بعض الأسئلة وأضيف بعضها، كما أُعيدت صياغة بعض الأسئلة. وأصبح عددها (5) أسئلة، ويعد هذا الإجراء مدعاة للوثوق في صدق الأداة (كريسويل وبوث، 2019؛ القريني، 2020؛ Noble & Smith, 2014).
وكان التأكد من ثبات الأداة من خلال إجراء مقابلة تكررت مرتين مع اثنين من المشاركين من خارج عينة الدراسة، وتخلل المقابلة الأولى والثانية فاصلٌ زمني مدته عشرون يومًا. وبعد تحليل البيانات لوحظ أن الاختلاف بين إجابات أعضاء هيئة التدريس في المرة الأولى وإجاباتهم في المرة الثانية كان قليلًا. وبناء على ذلك؛ تكونت أداة المقابلة شبة المقننة في نسختها النهائية من (5) أسئلة.
أجرت الباحثة المقابلات شبه المقننة عبر الإنترنت، وجمعت البيانات بعد بيان الهدف من الدراسة وغرضها للمشاركين، وأُخبروا أن البيانات التي يُحصَل عليها تعامل بسرية كاملة، ولن تستخدم إلا لأغراض البحث العلمي. وفي ضوء ذلك، حصلت الباحثة على الموافقة المسبقة من أعضاء هيئة التدريس بالمقابلة على تدوين حديثهم. وطُرحت أسئلة المقابلة المقننة على أعضاء هيئة التدريس، مع التوضيح التام للسؤال الموجه إليهم. وللحصول على مصداقية عالية في أثناء جمع البيانات باستخدام المقابلة شبه المقننة، التي هي إحدى الأدوات المهمة في منهج البحث النوعي (Glaser & Strauss, 2006; Creswell, 2012; Noble & Smith, 2014; Farrugia, 2019)، كان الآتي:
- بناء علاقة قائمة على الود والاحترام والألفة مع عينة الدراسة قبل البدء بالمقابلة شبه المقننة؛ بغرض توفير ظروف مناسبة لإجراء المقابلة.
- تجنب التعريف باسم عضو هيئة التدريس؛ إذ أعطيَ كلُّ عضو رقما؛ لتشجيعه على التعبير عما يمتلكه من تصورات عن موضوع الدراسة.
- طُرحت أسئلة المقابلة شبه المقننة على المستجيب بصيغ مختلفة، وذلك للتأكد من درجة دقة المستجيب في التعبير عن رأيه، وهذا الإجراء ينبئ أيضا عن مدى مصداقية استجابات أفراد عينة الدراسة.
- عُرضت المقابلة بعد تدوينها على المستجيب لبيان رأيه فيما قاله في المقابلة، مع السماح له بالحذف والإضافة وفق ما يراه مناسبًا.
حُللت الإجابات عن أسئلة المقابلة في ضوء منهجية تحليل الأبحاث النوعية (Glaser & Strauss , 2006; Creswell, 2012; Farrugia, 2019) المتمثلة في نمط النظرية التجذيرية أو المتجذرة (Grounded Theory Approach)؛ إذ جرى الاعتماد على الأفكار التي ظهرت من بيانات الدراسة، وذلك في ضوء الخطوات الآتية:
- القراءة الفاحصة لكل كلمة وجملة وفقرة ذكرها أفراد عينة الدرامية.
- ترميز الإجابات.
- وضع الأفكار المتشابهة (المتقاربة) في مجالات فرعية (Sub-Categories).
- وضع المجالات الفرعية (Sub-Categories) ضمن المجموعات الرئيسة (Main Categories).
- التحقق من ثبات التحليل البيانات من خلال إعادة أحد الزملاء المدربين لعملية التحليل، وقد كشفت هذه العملية عن توافق تام بين المحللين فيما يتعلق بتحليل البيانات، وفقا للمجالات الرئيسة (Main Categories) والمجالات الفرعية (Sub–Categories). ويؤكد هذا الإجراء سلامة عملية التحليل ودقتها.
- حساب التكرارات والنسب المئوية للاستجابات كما توزعت ضمن المجالات الفرعية.
- استخدام برنامج التحليل النوعي (NVIVO) بصفته برنامجًا مساعدًا في تحليل البيانات النوعية وتحديد المجالات الرئيسة والفرعية (Bazeley & Jackson, 2013).
ما تصورات أعضاء هيئة التدريس عن توظيف التربية على المواطنة الاقتصادية في إعداد المواطن الصالح المتصف بأعلى مستويات الوعي الاقتصادي في المملكة العربية السعودية؟
تشير نتائج تحليل بيانات الدراسة إلى أن (13) من أفراد العينة، وهو ما يشكل (100%) من تلك العينة، أكدوا أنه يمكن توظيف التربية على المواطنة الاقتصادية من خلال مقرر دراسي، والأنشطة التعليمية الصفية وغير الصفية. وفيما يأتي بعض الاقتباسات من آراء العينة:
"فالتربية على المواطنة تشمل جميع المجالات التي يمكن استثمارها من أجل تربية الناشئة والمواطنين، وفق نمط معين من القيم والسلوكيات التي تتماشى مع القيم الاجتماعية السائدة في البلد".
"نعم. وبالطبع تسهم التربية على المواطنة الاقتصادية في إعداد أجيال قادرة على فهم التحولات الاقتصادية العالمية المعقدة والمتشابكة، وتمكنهم من اتخاذ قرارات سليمة مستقبلا، والتمتع بسلوك اقتصادي راشد".
"من خلال البرامج والممارسات التربوية داخل البيئة المدرسية التي تنمي هذه الشخصية وتصقلها، ويمكن أن يكون ذلك عبر مقررات خاصة أو أنشطة لا صفية مخطط لها وذات أهداف محددة لقياس جوانب نمو الشخصية الاقتصادية لدى الطلبة".
"يمكن تحسيس المواطنين بحقوقهم الاقتصادية وحمايتها من خلال العملية التربوية في المدرسة أو خارج أسوار المدرسة، من خلال برامج خدمة المجتمع والتعاون مثلًا مع مديريات حماية حقوق المواطنين، وتعريفهم على حقوقهم وتحصيلها وتحصينها، لا سيما إزاء سياسات الإنتاج والتسويق والاحتكار".
"تطبيق منهج دراسي خاص عن المواطنة الاقتصادية".
"اختيار المحتوى الاقتصادي المناسب لخبرات الطلبة ومستوياتهم وقدراتهم وخلفياتهم".
"من خلال تضمين مفاهيم ومبادئ وقيم ومهارات أو كفايات التربية على المواطنة الاقتصادية في المناهج والأنشطة المدرسية في مراحل التعليم المختلفة وحتى في المرحلة الجامعية".
"توظيف التربية على المواطنة الاقتصادية من خلال محتوى المنهج والأنشطة المصاحبة لتنفيذه".
"نعم، وذلك من خلال عرض الأنشطة الاقتصادية الموجودة بالبلد وكيفية المحافظة عليها وترشيد الاستهلاك".
"عبر وسائط التربية والتعليم والأسرة والإعلام، وأنشطة المجتمع المدني والقطاعين العام والخاص وبرامجهم".
تؤكد استجابات عينة الدراسة أن هناك وعيًا لدى المشاركين في الدراسة بأهمية توظيف المواطنة الاقتصادية؛ إذ تُعد المواطنة الاقتصادية من أهم أبعاد المواطنة الشاملة التي ينبغي أن يتصف بها المواطن الصالح ويضطلع بمهامها ومسؤوليتها، ويجعلها هدفًا من أهدافه الحياتية مثلها مثل التربية الإيمانية العقائدية، والتربية الروحية الأخلاقية السلوكية، والتربية الفكرية العلمية، والتربية الاقتصادية المعاشية العمرانية، وغيرها. وطالما كان الاقتصاد والمعاش والعمران من أكثر العوامل المؤثرة في حياة الناس ودنياهم؛ وما دامت الشريعة الإسلامية الغراء قد جعلت حفظ النفس وحفظ المال من مقاصدها العليا، فإن مسألة الوعي بقيمة الاقتصاد والمال والمعاش وإدارتها الفردية والجماعية الفعالة أصبحت من الضرورات التي لا يتم الواجب إلا بها. ومن هنا تأتي القيمة المعرفية والعملية للتربية على المواطنة الاقتصادية؛ بما هو فهم ووعي واستيعاب لدور المواطن في إدارة المال والاقتصاد والمعاش في حياته لصالحه أولًا، ولصالح الأسرة التي يديرها ثانيًا، ولصالح الوطن والمجتمع الذي يعيش فيه ثالثًا، ولصالح الإنسانية بحفظ مقدرتها ومصادرها وثرواتها وتوظيفها الأمثل رابعًا. ومن هنا أصبح موضوع التربية على المواطنة الاقتصادية حاسمًا في التربية الشاملة للمواطن، ويكون ذلك عبر وسائط التربية والتعليم والأسرة والإعلام، وأنشطة المجتمع المدني والقطاعين العام والخاص وبرامجهم؛ باستخدام مختلف الوسائل المتاحة من المدرسة ووسائل الإعلام الاجتماعي الحديث وغيرها. وهنا يمكن أن تكون هناك برامج تربوية، وتوعوية، وتدريبية، وخدمية، وتطبيقية نوعية متخصصة وموجهة تُعد لصالح الفئات الاجتماعية المعنية بالتربية على المواطنة الاقتصادية.
والمملكة العربية السعودية بوصفها البلد الإسلامي الذي حباه الله - سبحانه وتعالى - بوجود الحرمين الشريفين فيه، وبالخيرات والمقدرات البشرية والمادية، ينبغي أن تكون نموذجًا يُحتذى في التربية على المواطنة الاقتصادية، وتقدم نماذجَ عمليةً تطبيقية في مختلف مجالات الفعل التنموي. وعليه ينبغي للمؤسسات التربوية والتعليمية أن تؤدي الدور الحاسم في هذا الميدان. ويجري ذلك من خلال مجموعة من الخطوات، وهي كما يأتي:
1- اختيار المحتوى الاقتصادي المناسب لخبرات الطلبة ومستوياتهم وقدراتهم وخلفياتهم.
2- التسلسل المنطقي للمحتوى الاقتصادي داخل الوحدات التعليمية على نحو منظم.
3- تطوير أهداف التربية الاقتصادية للمواطنة وتحديدها لإكمال الأهداف التعليمية للمحتوى الدراسي.
4- استخدام استراتيجيات تدريس وتقويم جديدة.
ويمكن وضع مقررات وبرامج متخصصة في مختلف مراحل التعليم العام ذات صلة بتوظيف المواطنة الاقتصادية؛ لأهميتها في بناء الشخصية وفي التنمية المستدامة للمجتمع، وفي خلق الأسر المنتجة والسائرة على طريق الرفاه، ومن خلال ثقافة الترشيد والتوازن في التعامل مع المسؤوليات والواجبات الاقتصادية للفرد إزاء نفسه وأسرته ووطنه. وهنا تؤدي القيم والمهارات العملية أدوارًا متقدمة. ولن تنجح التربية على المواطنة الاقتصادية إلا بغرس حب الوطن والولاء له في نفوس أبنائه، وخدمته والحفاظ عليه وعلى موارده ومقدرته، والعمل على تنميته المستدامة، وتدوير خيراته وثرواته بالعدل والمساواة والحكمة والتوازن.
وتُعد معرفة المفاهيم الاقتصادية ضرورة ملحة ولا بد من تضمينها في محتوى منهج المواطنة الاقتصادية، وتتمثل المفاهيم على سبيل المثال في حق العمل، وحماية حق المستهلك، وترشيد استهلاك المصادر، والحفاظ على المرافق، وغيرها من المفاهيم الاقتصادية التي تعمل على تشكيل قاعدة معرفية ذات طابع اقتصادي لدى الطلبة (زيود ودنورة، 2013). وفيما يتعلق بالمبادئ والحقائق الاقتصادية، فإنها لا تقل أهمية عن غيرها من مكونات البناء المعرفي؛ إذ تُكوَّن المبادئ الاقتصادية لدى الطلبة كالعدل والمساواة وغيرها من المبادئ التي تجعلهم منتجين وفاعلين، وتصنع منهم مواطنين اقتصاديين مشاركين في النماء الاقتصادي، في حين تشكل الحقائق الركيزة الأساسية التي تسعى المواطنة الاقتصادية إلى معرفتها وتستند السياسة الاقتصادية إليها وتتطلع إلى معرفتها من أجل الحراك الاقتصادي (Harriss & Prakash, 2010).
يحتوي منهج التربية على المواطنة الاقتصادية على النظريات الاقتصادية التي تسهم في تحريك عجلة التنمية، مثل: نظرية النمو المتوازن، التي تتطلب التوازن بين مختلف صناعات سلع الاستهلاك، وبين صناعات السلع الرأسمالية والاستهلاكية، والتوازن بين الصناعة والزراعة؛ وكذلك نظرية الدفعة القوية، التي تؤكد أن هناك حاجة إلى دفعة قوية أو برنامجٍ كبير ومكثف في شكل حد أدنى من الاستثمارات بغرض التغلب على عقبات التنمية، ووضع الاقتصاد على مسار النمو الذاتي؛ أيضًا النظرية الكلاسيكية ، وغيرها من النظريات التي تساعد الطلبة في تحسين أنشطتهم المعيشية وتطويرها نحو الأفضل، وتوزيع الموارد الاقتصادية بشكل أمثل من أجل الوصول إلى مستوى من الرفاهية الاقتصادية التي تحقق لهم قدرًا من العيش الكريم (العتيبي، 2018؛ قانة، 2020).
ولا شك أن للقيم الاقتصادية أثرًا حيويًّا في توجيه السلوك الإنساني، وأنها تعد مطلبًا ضروريًّا لتنظيم الفرد المنتج والمستهلك، وتنمي لديه مختلف الجوانب الشخصية وتربيه تربية اقتصادية تُكسبه العديد من المحامد كالمحافظة على الممتلكات، والعدل في توزيع الثروات، والتوسط والاعتدال في النفقات، والاقتصاد وحسن التدبير، والتكافل الاجتماعي، وتحريم الإسراف والمعاملات الربوية، وجميع تلك القيم لا بد أن تتضمن محتوى منهج المواطنة الاقتصادية (إسماعيل، 2019).
ومن الضروري أن يؤكد محتوى المواطنة الاقتصادية على القضايا والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية وسبل العيش إلى جانب التعليم المالي. ويمكن أن تشمل هذه القضايا التفاوت بين الأغنياء والفقراء، ونزاعاتِ الموارد، ودورَ التسويق والاستهلاكية في المجتمع الحديث، والتأثير البشري والبيئي لعدم مسؤولية الشركات، وعلى أن السلوك الأخلاقي والنجاح الاقتصادي ينبغي أن يكونا صِنويْن لا يستبعد أحدهما الآخر. وأخيرًا، فالهدف النهائي هو السماح للطلبة بأن يصبحوا أكثر مسؤولية، وإشراكهم بصفتهم مواطنين اقتصاديين عالميين في خلق عالم أكثر استدامة. يُمنح الطلبة فرصًا للتعبير عن أنفسهم والتعاون مع أقرانهم لحل المشكلات العملية، وبناء مؤسسة مالية، والمشاركة في العمليات الديمقراطية، وإحداث التغيير الاجتماعي معًا؛ إذ يسهم محتوى المواطنة الاقتصادية بدرجة كبيرة في معالجة القضايا المعقدة، ومن ثمَّ وصفها بطريقة موجزة وسهلة، والعمل على إيجاد حلول متعددة لتلك القضايا (Aflatoun International,2016).
وتأسيسًا على ذلك، فإن دور تربية المواطنة لا يقتصر على تزويد الطلبة بالمعارف الأساسية عن المواطنة، بل يتعدى ذلك إلى تزويدهم بالمعارف عن حقوقهم وواجباتهم تجاه الوطن، وإكسابهم المفاهيم والمبادئ والقوانين والقيم والاتجاهات والمهارات اللازمة ليكونوا مواطنين نشطين ومنتجين في المجتمع (الأنصاري والعميري والبركات، 2014).
وفيما يتعلق بأنماط التفكير، فالموضوعات الاقتصادية تعرض من وجهات نظر مختلفة، وتسهم في إجراء المزيد من التجارب الفكرية. ومحتوى المواطنة الاقتصادية يجب أن يحتوي على أنماط التفكير المختلفة التي تمكِّن الطلبة من ممارسة أنماط التفكير المختلفة، في الظروف المعقدة، من وجهات نظر مختلفة، كمهارات التفكير المنظومي، ومهارات التفكير الناقد، ومهارات التفكير الإبداعي، ومهارات التفكير التأملي، ومهارات التفكير فوق المعرفي، ومهارات التفكير المستقبلي؛ كما ينبغي استكمال عرض وجهات النظر والاستشهاد بالنقل التقليدي للمعرفة عبر دراسات الحالة ومناقشتها؛ إذ تتيح دراسات الحالة تصوير المواقف الإشكالية من مختلف الرؤى، بالإضافة إلى التعلم الذي يركز على المشكلة أو القضية (الجيزوي، 2018؛ Butin, 2005).
ما الموجهات الواجب مراعاتها عند التخطيط لتوظيف التربية على المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية؟
اتضح من نتائج تحليل بيانات الدراسة أن (13) من أفراد العينة، وهو ما يشكل (100%) من تلك العينة، أكدوا أن هناك موجهات رئيسة ومتنوعة يجب مراعاتها عند التخطيط للتربية على المواطنة الاقتصادية. وفيما يأتي بعض الاقتباسات من استجابات العينة:
"من أجل التخطيط للتربية على المواطنة الاقتصادية، من الضروري الأخذ بعين الاعتبار مجموعة المواجهات".
"ربط المادة العلمية بالمجتمع المحلي والمجتمع العالمي، وتفعيل استخدام تطبيقات الواقع المعزز، وطبيعة المجتمع السعودي، وكيف أن الشريعة الإسلامية اهتمت بالحقوق والواجبات بصفة عامة، بما فيها التربية على المواطنة الاقتصادية، وإبراز دور المجتمع المدني في تحقيقها، والبترول السعودي ومشتقاته محور الاقتصاد وأساسه مع النشاط التجاري ونشاط السياحة الدينية، وتضمين التربية الإنتاجية والتربية الاستهلاكية في المناهج الدراسية".
"الاهتمام أكثر بالملكات والمهارات والخبرات العلمية التطبيقية، وربطها بمنظومات القيم المجتمعية وأهداف التنمية المستدامة الشاملة".
"يمكن أن نحدد مجموعة من الموجهات تتمثل في النقاط الآتية: مناسَبة المفاهيم الاقتصادية للمرحلة العمرية، وبناء منظومة هرمية للقيم الاقتصادية، والمزاوجة بين المعرفة والممارسة، وإبراز النماذج الحية، ومواءمة كل ذلك مع التوجه الاقتصادي العام والرؤية المستقبلية اقتصاديا".
"تستفيد أهداف التربية على المواطنة الاقتصادية من الإسلام، مع الأخذ بالاعتبار الاتجاهاتِ العالميةَ، وتجنب المعاملات الاقتصادية المنهي عنها شرعًا".
"تنمية الوعي بوجود حروب اقتصادية وأهمية "المقاومة" الوطنية، عبر التضامن والاهتمام أكثر باستهلاك المُنتج الوطني، والتأكيد على الجودة والرشد في استغلال المصادر والموارد الطبيعية والإمكانات الاقتصادية، والتربية على قيم الاستهلاك العقلاني والمتوائم مع روح الدين، وتشجيع المجتمع المدني على الإسهام في الوعي الاقتصادي، والتوافق مع أهداف المناهج الدراسية المقررة للمواطنة الاقتصادية، وإدراج الوعي بالمستقبل ومحددات الأمن الاقتصادي في المناهج الدراسية".
"طبيعة السياق العلمي، والقوى والظروف المجتمعية المحيطة، ومساحة السلطة الممنوحة للمعلم ليقود مساعي التغيير، والقوى والعوامل المناهضة للتغيير، وأسباب المقاومة، وكيفية التعامل معها لتحييدها والأفضل كسبُ تأييدها، والقوى الداعمة للتغيير، وكيفية تنسيق جهودها".
"دمج البعد الاقتصادي بالعملية التربوية يأخذ بالاعتبار النموذج الاقتصادي القائم والسياسات الرسمية وما تتضمنه من رؤى وخطط. وثمة تكامل بين ملامح المتعلِّمين في أبعادها كافة، ومن ضمنها وعيهم بحقوقهم الاقتصادية، وتفعيلها في إطار التفاعل القائم في المجتمع بين النظام السياسي والنظام الاقتصادي الذي يتناغم مع النظام السياسي ويخدمه، بحسب التبادلات النفعية بين من يمسك زمام السلطة والنخبة الاقتصادية".
"توعية مكونات المجتمع المدرسي وأصحاب المصلحة في التربية والمواطنة الاقتصادية وتدريبهم، وهم: الإدارة، والمعلمون، والطلبة، وأولياء الأمور، والجهات الفاعلة في المجتمع المدني. وهذا يتطلب أيضًا توعيةً وتدريبًا موازيين في مكونات المجتمع الأخرى من الأسر، والمؤسسات الأهلية، والمساجد. كما يتطلب التخطيط للتربية على المواطنة الاقتصادية ضمان وجود بيئة مدرسية تفاعلية تؤكد المشاركة الفعالة في القضايا المدنية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية والثقافية للمجتمع".
"أن يقوم المخطط أو صاحب القرار بدمج معظم عناصر المواطنية مع الموضوعات الاقتصادية على نحو مناسب، وأن تكون هذه العناصر معرفية وقيمية ومهارية".
ويلاحظ مما سبق وجودُ موجهات متعددة يجب مراعاتها عند التخطيط لتوظيف التربية على المواطنة الاقتصادية، وتأتي في طليعتها التوجهات العالمية التي تؤكد على التربية على المواطنة الاقتصادية، ومن ثمَّ مراعاة البيئة المحلية وما يتضمنها من قيم وأهداف تسعى المؤسسات التعليمية إلى تعزيزها عبر مناهجها، إضافةً إلى توعية المشاركين في عملية التعليم (المعلمون، والطلبة، وأولياء الأمور)، كما أن التربية على المواطنة الاقتصادية لا بد أن تتناغم مع النظام السياسي للدولة. وجميع الموجهات التي ذُكرت أنفًا يمكن تحديدها في الآتي:
1- ضرورة الانطلاق من تجارب الدولة السباقة في التربية على القيم الوطنية الاقتصادية، والالتزام بالمعايير العالمية للتربية على المواطنة الاقتصادية.
2- إشراك جميع الفاعلين في المجتمع السعودي، عند التخطيط للتربية على المواطنة الاقتصادية؛ تحقيقًا لمبدأ المقاربة التشاركية.
3- الحرص على الحفاظ على منظومة المواطنة، ولا سيما قيم المواطنة السائدة في المجتمع السعودي، سواء في الإنتاج أو الاستهلاك، مع الانفتاح المقنن على منظومة المواطنة الكونية (العالمية)، وتحديدًا في مجالها الاقتصادي وارتباطه بالعولمة الاقتصادية والاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة.
4- التدرج في تضمين مضامين التربية على المواطنة الاقتصادية، مراعاة للمستوى العمري والمعرفي للطلبة، بحسب مراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية.
5- توظيف المقاربات الديداكتيكية الحديثة، عند تناول التربية على المواطنة الاقتصادية من طرف مؤلفي المناهج الدراسية والبرامج التعليمية ومطوريهما في وزارة التعليم السعودية.
يضطلع كلٌّ من الفرد والمجتمع المحلي بأدوار حيوية في المعالجة الاقتصادية، مما دعا اللجنة الاقتصادية في أوروبا بإعلام الأفراد وتزويدهم بالمهارات اللازمة في المجال المالي والاقتصادي. وبعبارة أخرى، يمكننا القول إن هذا النهج هو تكتيك تتبناه العديد من الأطر التعليمية الأخرى، وتشدد جميعًا على أهمية تثقيف الطلبة بشأن الهياكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة والأسباب الجذرية للمشكلات التي تؤثر في هذه الهياكل، وهذا ما تقوم به التربية على المواطنة الاقتصادية (Kreikebaum, 2011).
وتسعى التربية على المواطنة الاقتصادية إلى إعداد المواطن إعدادًا محكمًا، يمكِّنه من كسب المال واستثماره وادخاره وإنفاقه، وفق منظومة قيمية تحكمها المساواة والعدل؛ بمعنى أن المسألة الاقتصادية ليست مجرَّد أرقام وحسابات وتجارة واستثمار، بل هي في الحقيقة قبل كلِّ ذلك تربية، يعدُّ فيها المواطن ليكون عنصرًا اقتصاديَّا نافعًا، ضمن منظومة كاملة من التشريعات الربانية الشاملة لكلِّ جوانب شخصية الإنسان: الإيمانية، والأخلاقية، والاجتماعية، والعقلية، والنفسية (الصلاحي، 2013). وتتطلب التربية على المواطنة الاقتصادية فحص الطلبة بصفتهم مستهلكين، أو مستثمرين، أو أعضاء في منظمة، أو رجال أعمال أو ناخبين، ومن ثمَّ التركيز عليهم داخل تضارب الأدوار الشخصية. وتكمن القيمة الخاصة للكشف عن مجريات الأمور في المضي قدمًا خطوة أخرى إلى الأمام، والتنبؤ من موقع المرء للسماح بإجراء فحص متعدد المناظير لكل مشاركة من الجهات الفاعلة على المستويين المتوسط والكلِّي، لتصبح شبكات العلاقات والتبعيات والصراعات بين القطاعات واضحة (Bringle & Hatcher, 1996).
ما المجالات التي ينبغي التركيز عليها عند توظيف التربية على المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية؟
بينت نتائج تحليل بيانات الدراسة أن (13) من أفراد العينة، وهو ما يشكل (100%) من تلك العينة، أكدوا هناك مجالات ينبغي التركيز عليها عند توطين التربية على المواطنة الاقتصادية. وفيما يأتي بعض الاقتباسات من استجابات المشاركين في الدراسة:
"يأتي المجال المعرفي أولًا، وثانيًا مجال القيم والمشاركة المجتمعية. ومن المهم أن تكون لدى المتعلم فرصة للمشاركة في النشاط الاقتصادي".
"الانطلاق من قيم الدين الإسلامي الكريم، والتركيز على الجانب المتعلق بالسلوكيات والعواطف والاتجاهات، ولا بد من التركيز على المراحل الأولى للتعليم العام في المملكة العربية السعودية".
"القيم الاقتصادية والمعاشية، والمهارات والأدوات العملية لممارسة المواطنة الاقتصادية، والتربية الفكرية والمعرفية على المواطنة الاقتصادية، والتربية الروحية والإيمانية على المواطنة الاقتصادية، والتربية السلوكية والعملية على المواطنة الاقتصادية، والممارسات والسلوكيات الجيدة في ممارسة المواطنة الاقتصادية".
"مجال القيم الاقتصادية، ومجال المعرفة الاقتصادية".
"المحتوى العلمي للمادة، والأنشطة المرتبطة بالمحتوى العلمي داخل الفصل وخارجه، والبيئة المدرسية ككل، والتدريس، واستخدام التقنية الحديثة في التدريس والتعليم".
"مفاهيم التربية على المواطنة الاقتصادية، وأهداف التربية على المواطنة الاقتصادية، ومبررات التربية على المواطنة الاقتصادية، ومبادئ التربية على المواطنة الاقتصادية وقيمها، ومهارات التربية على المواطنة الاقتصادية أو كفاياتها، والتربية الاقتصادية، والمشكلات الاقتصادية، ومهارات التفكير الناقد والإبداعي، والخبرات المحلية والعالمية في التربية على المواطنة الاقتصادية: المؤتمرات الاقتصادية".
"كيفية ترشيد الاستهلاك، وكيف نحافظ على الاقتصاد والمال العام".
"اقترح التركيز على تحسيس المواطنين الأفراد حيال حقوقهم الاقتصادية، ومراقبة الأسعار، والجودة، وتشجيع المبادرات الفردية، واقتصاد المعرفة، وربط التنمية بالاستدامة".
"الإنفاق والتوفير والادخار والاستثمار، والمحافظة على الأملاك أو الملكية العامة والخاصة والسلع الوطنية، والنظم الاقتصادية العالمية، والتكتلات الاقتصادية، والإنتاج والتوزيع والاستهلاك، والندرة والاختيار والموارد الإنتاجية، والعمل والإنتاج".
"المجلات العلمية، والهندسية، والتقنية".
"التعليم، والصحة، والخدمات الاجتماعية، وحقوق الإنسان، وممارسة المهن والحرف، والأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية".
"الحقوق والواجبات الاقتصادية، ومستقبل المهن، والابتكار والإبداع، والحكامة الاقتصادية، والذكاء الاقتصادي، والتمكين الاقتصادي للشباب، والتمكين من اكتساب روح المقاومة، وقوانين الزجر ومحاربة الغش والفساد والرشوة".
أبانت آراء عينة الدراسة أن هناك مجالات عديدة للمواطنة الاقتصادية، وهي متفاوتة بحسب وجهات نظرهم، ومن خلال الاطلاع على الأدب التربوي الرصين تبين أن مهمة كهذه ينبغي ألا توكل إلى مقرر دراسي بعينه، وانما يجب أن تكون فلسفةً للنظام التعليمي، تتجلى في ما يجري في المدرسة من التفاعلات كافة، والعلاقات، والأنشطة، وفي عبارة واحدة: أن تتحول إلى أسلوب حياة ونمط تفاعل. ويمكن تحديد مجالين أساسين ينبغي التركيز عليهما، وهما:
1- مجال المعرفة الاقتصادية: وهي معرفة غاية في الأهمية للإنسان المعاصر الذي لم يعد ذلك الفرد المتقوقع داخل بيئته البسيطة، بل أصبح متأثرا بعجلة الاقتصاد المتحركة سرعة وبطئا، التي تحكمها قوانينُ وتؤثر فيها عديد من العوامل؛ كل هذا يستدعي معرفة واعية منعكسة على سلوك المواطن وممارساته، بدءًا بقوانين الاستهلاك وصولا إلى قواعد الادخار والاستثمار.
2- مجال القيم الاقتصادية: التي تشكل البنية التحتية للشخصية الاقتصادية المزمع بناؤها وتنميتها لدى الفرد، وهو مجال مؤثر في أداء الفرد داخل المنظومة الاقتصادية، ومن ثم على عجلة الاقتصاد الكلي في أي بلد، وهو ما يجب أن يُلتفَت إليه خصوصا في البلدان التي بقيت فترات طويلة معتمدة على الاقتصاد الريعي غير المنتج وغير المحتاج إلى أداء أفراده – وهو ما عانت منه دول الخليج خلال الحقبة الماضية فيما عرف "بلعنة النفط" – والتجارب العالمية تظهر أهمية هذا المجال في بناء المواطن الصالح اقتصاديا.
ولتحقيق المواطنة الاقتصادية الكاملة، يجب تمكين المواطنين من الوصول إلى المعرفة والمهارات اللازمة لإدارة هذه المنتجات إدارة صحيحة، وتطوير القدرة على بناء سبل العيش وإدامتها، والحصول على الدعم اللازم لمشاريعهم الريادية، ووضع الأساس للمسؤوليات والقرارات المالية والاجتماعية الأخلاقية، وضمان الرفاهية الاقتصادية، وتحقيق سبل العيش المستدامة التي تُمثل المخرجات للقدرة المالية، وتعمل التربية الاقتصادية على تنظيم ذلك من خلال التوازن في الرفاه الاجتماعي والبيئي Ulrich, 2007) & Maak).
إذ تؤكد التربية الاقتصادية على أنه يُفترض أن يتعرف الطلبة على الجهات الفاعلة التي قد تعبر عن حصة مشروعة، أو يمكن أن تفرض تأثيرًا واضحًا في حالة معينة، من خلال السعي إلى تغيير المنظور للطلبة وتشجيعهم على التفكير في منطق العمل واستهداف الأنظمة من وجهة نظر الفاعل، ويمكن للطلبة اتخاذ قرار مدعوم بشأن المسؤوليات التي لا مفر منها أو المحتملة (أو حتى الإجراءات). في الوقت نفسه، يُكشَف عن الترابط بين الإجراءات وآثارها؛ إذ يتطلب التعليم الاجتماعي والاقتصادي الذي يشكَّل بهذه الطريقة مجموعة أدوات تعليمية تمثل على وجه التحديد كلًّا من التعلم التجريبي والحوار. إضافة إلى النظرة الشاملة على التقنيات الممكنة (Butin, 2005).
ما مداخل التعلم الملائمة لتدريس التربية على المواطنة الاقتصادية في مناهج المواطنة وبرامجها في مراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية؟
ظهر من نتائج تحليل بيانات الدراسة أن (13) من أفراد العينة، وهو ما يشكل (100%) من تلك العينة، اتفقوا على مجموعة من مداخل التعلم الحديثة الملائمة لتدريس التربية على المواطنة الاقتصادية، وفيما يأتي بعض الاقتباسات من استجابات عينة الدراسة:
"التعلم التعاوني التشاركي، والتعلم المبني على حل المشكلات، والتعلم التحاوري الجماعي، والتعلم المؤسس على النتائج والآثار".
"التعلم الفردي، والتعلم في مجموعات صغيرة، والتعلم الإلكتروني، والتعلم الخليط أو الهجين".
"من المناسب تبني استراتيجيات التعليم القائمة على حل المشكلات، والاستقصاء، والاستكشاف، والبحث، والعصف الذهني، والمحاكاة، والمناقشة، والحوار، وتقديم نماذج تعلم مثل التعلم الخدمي، والتعلم الخبراتي والتربية القائمة على القيم الاقتصادية".
"تعتمد مثل هذا المقررات على التعلم النشط الذي يتمحور حول أداء التلميذ ونشاطه، وهذا ما تبنته منظمة العمل الدولية (ILO) في حقيبتها العالمية "تعرف على عالم الأعمال" (KAB)؛ فرغم اتساع مجالها المعرفي وحجمها الكبير فإنها اعتمدت في تدريسها على أداء المتعلمين وتفاعلهم".
"هي النابعة من النظريات السوسيو-بنائية. إنِّي اعتقد أن المعرفة التي تتوخاها التربية على المواطنية في المدرسة وخارجها هي نتيجة تفاعلات بين الفرد والمجتمع والاستعدادات الشخصية والمؤثرات، وعلى ذلك فهي ثمرة تمثلات اجتماعية ينبغي تثبيتها، أو تعديل بعض مكوناتها، وهكذا تسير عملية التربية على المواطنية. وإضافة إلى المعرفة، تتوخى التربية على المواطنة الفاعلة بناء مهارات وقدرات يمكن الاستثمار فيها للتحسيس بالحقوق الاقتصادية".
"من منظوري يجب أن تشمل الجوانب التالية: المستوى المعرفي (اكتشاف)، والمستوى الوجداني (بناء المواقف)، والمستوى العملي (الفعل)".
"كل مواقف التعليم والتعلم داخل حجرة الدراسة وخارجها يجب (إعادة بنائها، وإعادة تنظيمها) - كما علَّمنا ''ديوي'' - لتعزيز ثقافة المواطنة الاقتصادية".
"تضمين استراتيجيات متخصصة يمكن أن تعالج هذا الموضوع، مثل الزيارات الميدانية للبيئات المحلية المتصلة بالجانب الاقتصادي... وتضمين إحدى الوحدات الدراسية في كل فصل دراسي درسًا يهتم بالتربية على المواطنة الاقتصادية".
"التعلم الذي يتكامل فيه التعليم الإلكتروني مع التعليم الصفي (التقليدي)، والتعلم المتزامن وغير المتزامن، والقراءة الموجهة وزيارة المكتبات، والمقررات المعتمدة على الإنترنت، ومقررات التعلم الصفية التربية المدنية، والمواطنة الاقتصادية، والتربية الاجتماعية، والترشيد والاستهلاك، والتربية الإنتاجية، وحقوق الإنسان، والمواطنة الديمقراطية (الجوانب الاقتصادية والقانونية والثقافية)، والزيارات التبادلية ومهرجانات الشعوب والتنوع الثقافي".
في ضوء ما سبق، تبين النتائج أن المواطنة الاقتصادية ينبغي أن تدرس باستخدام مجموعة من مداخل التعلم الحديثة، ومن أهمها التعلم البنائي، والتعلم التشاركي، والتعلم المبني على حل المشكلات، والتعلم الخدمي، والتعلم الخبراتي (التجريبي)، والتعلم التعاوني، والتعلم الذاتي؛ لما لها جميعًا من أثر إيجابي في عملية التعلم؛ إذ يضطلع التعليم بدور حيوي في تزويد الطلبة بالكفايات والمهارات الاستهلاكية والإنتاجية والادخارية والاستثمارية والمعيشية، والفرص اللازمة للنجاح والازدهار الاقتصادي. ومن الضروري أن يوفر التعليم للطلاب مهاراتٍ مفيدةً، وأن يظل جزءًا لا يتجزأ من تطورهم الشخصي والمهني؛ إذ اكتساب الطلبة مهارات إدارة الموارد المالية وخبراتها منذ سن مبكرة يساعد على تعزيز وعيهم بالمخاطر المالية، ويقلل من ضعفهم الاقتصادي، ويسمح لهم باتخاذ قرارات مالية أكثر مسؤولية (Whitebread & Bingham, 2013). بالإضافة إلى ذلك، تحقق التربية على المواطنة الاقتصادية تطويرًا للقدرات المالية في المواقف والسلوكيات المسؤولة اجتماعيًا، التي بدورها تؤثر إيجابًا ليس فقط في الرفاهية الشخصية، بل يمتد أثرها النافع ليصل إلى جميع فئات المجتمع (Child & Youth Finance International, 2016b).
ولا ريب أن منهج التربية على المواطنة يعد من أهم الوسائل التي تسهم إسهامًا كبيرًا في ترسيخ المواطنة الاقتصادية، بل وأكثرها تأثيرًا، ولا يقتصر دوره على تنمية المعارف والقيم والمهارات الاقتصادية لدى الطلبة، بل يتجاوزه إلى تكوين قاعدة صلبة للثقافة الاقتصادية والوعي الاقتصادي التي تفضي في نهاية المطاف إلى تكوين الخبرات التراكمية لدى أفراد المجتمع، وقيام المؤسسات الحديثة للمجتمع المدني (الخوالدة والزعبي، 2016؛ العميري والطلحي، 2021).
ولا شك أن محتوى منهج المواطنة الاقتصادية يجب أن يشمل بناء المعرفة، من خلال التركيز على الفهم الشخصي والاستكشاف للمعرفة؛ إذ يتناول الحقوقَ والمسؤوليات الاقتصادية، والمدخرات والإنفاق، والتخطيط والميزانية، والمشاريع الاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى المهارات الشخصية والمالية ومهارات تنظيم المشاريع لدى الطلبة منذ المرحلة الابتدائية، من خلال استراتيجيات التدريس البنائي ونماذجه، كاستراتيجية خرائط التفكير، واستراتيجية الاستقصاء، واستراتيجية التساؤل الذاتي، واستراتيجية الأبعاد السداسية، واستراتيجية دورة التعلم السباعية، واستراتيجية حل المشكلات إبداعيًا، ونموذج التعلم التعاوني، ونموذج التعلم التوليدي (Aflatoun International, 2016).
ومن الجدير بالذكر أن محتوى منهج المواطنة الاقتصادية لا بد أن يتضمن مجموعة واسعة من الوسائل التعددية للأدوات والوسائل التعليمية، والأنشطة في بيئات تعليمية تعلمية ملائمة، تنمي لدي الطلبة القدرة على فهم المواطنة الاقتصادية، وتحقيق ضوابط الاستهلاك التي تضمن لهم تحقيق المنفعة المرجوة منه. فالمواطنة الاقتصادية، باعتبارها الفاعل الاقتصادي المثالي، تسعى إلى ربط التعليم الاقتصادي بالخبرة الاقتصادية والحكم الأخلاقي. وأخيرًا؛ يجب على المرء أن يختار التقنيات التعليمية التي تساعد على التفكيرِ في المشاكل وتطويرِ الإجراءات الممكنة، ويجب أن يكون التعليم الاجتماعي والاقتصادي (جزئيًا) استقرائيًا، من خلال التعامل مع التجارب الملموسة للطلاب، ولا بد أن يتميز منهج المواطنة الاقتصادية الذي يركز على الطالب بتوضيح المشكلات ومناقشتها من منظور الطالب. يجب على طلاب التعليم العام أن يتعاملوا مع دورهم ومنطق عملهم ومعضلاتهم قبل المغامرة. (Maak & Ulrich, 1996).
هل توجد صعوبات وتحديات تواجه توظيف التربية على المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية؟
تشير نتائج تحليل بيانات الدراسة إلى أن (11) من أفراد العينة، وهو ما يشكل (84%) من العينة، اتفقوا على وجود صعوبات وتحديات تواجه التربية على المواطنة الاقتصادية، وفيما يأتي بعض الاقتباسات من آرائهم:
"نعم، هناك صعوبات وتحديات. بعضها نابع من المتعلمين أنفسهم وعاداتهم وأفكارهم، كما أن هناك صعوبات وتحديات ناجمة عن ضعف الوعي بالمواطنة الاقتصادية في الأسرة ذاتها".
"وجود أعداد من المعلمين غير المؤهلين أو حتى لا يؤمنون بمبادئ المواطنة الاقتصادية، ومن ثمَّ غير قادرين على تعليم المساواة والعدالة والجوانب الأخرى من المواطنة، وعدم مشاركة الطلاب عمليًا في عملية صنع القرارات في الفصول أو في الأنشطة خارج المدرسة، وأساليب التدريس النمطية المتمركزة حول المعلم، وأساليب التقويم النمطية المتمركزة حول حفظ الحقائق والمعلومات، وغياب الجانب العملي من التعليم والتعلم والتربية على المواطنة الاقتصادية".
"عدم إعداد أطر تعليمية متخصصة، وعدم إدراج بُعد الوعي المستقبلي في السياسة التعليمية، وعدم توسيع دائرة التطبيق والاكتفاء بالدروس النظرية، وعدم وجود شراكة بين قطاع التعليم والمقاولات".
"قد تكون في السياسات التعليمية والإدارة، وقد تكون في قناعات المعلمين، وهذا ما يحتاج إلى برامج تدريبية للمعلمين".
"ضعف الوعي بأهمية التربية الاقتصادية للأجيال الناشئة وخطورة ذلك على مستقبلهم الفردي وعلى المستوى الوطني، وانفصام الأداء التربوي بين المدرسة والأسرة وهو ما سوف يكون له تأثير سلبي".
"الفضاء الثقافي المهيمن، والشوائب الثقافية المتجذرة، وبنية النظام الاجتماعي وخصوصيته، ومظاهر السلوك الفجة المعلنة، ... إلى غير ذلك، مما يتطلب شجاعة المواجهة، والمكاشفة، والتصدي".
"التفاوت أو التمييز الاجتماعي، والتحديات المرتبطة بالقيم والعادات والمعتقدات السائدة في المجتمع السعودي، وتحديات متعلقة بتكوين مهارات المدرسين وتطويرها في مجال التربية على المواطنة الاقتصادية، كما يمكن أن تكون تحديات مرتبطة بالجانب المادي".
"لا، ومن المناسب تبني المنحى التكاملي في تضمين التربية على المواطنة الاقتصادية في المناهج الدراسية، وخاصة في مراحل التعليم الأساسية الدنيا (الابتدائية) والعليا (المتوسطة)".
"لا توجد صعوبات؛ لأن الأمر يتصل بتوظيف التربية على المواطنة الاقتصادية ضمن المناهج الدراسية، وربما يحدث ذلك خلال عمليات التطوير المستمرة للمناهج الدراسية والمتصلة بمناهج الدراسات الاجتماعية".
أشارت استجابات عينة الدراسة إلى أن بعض الصعوبات والتحديات نابع من الطلبة أنفسهم وسلوكياتهم، والعادات التي اعتادوها في إدارة مسألة المواطنة الاقتصادية. كما أن هناك صعوبات وتحديات خاصة بنظام القيم لدى المتعلم ونظرته إلى موضوع المواطنة الاقتصادية؛ وبسبب ضعف التوعية والتربية والإعداد القبلي للمتعلمين في مختلف مراحل التعليم العام على المواطنة الاقتصادية، بدءًا من مرحلة ما قبل المدرسة وانتهاءً إلى مراحل التعليم العام والجامعي. وهناك صعوبات وتحديات مصدرها المؤسسات الأخرى في القطاعين العام والخاص ومدى وعيهما وإسهاماتهما في توطين الوعي والثقافة الخاصة على التربية على المواطنة. وأيضًا هناك صعوبات وتحديات ناجمة عن ضعف الوعي بالمواطنة الاقتصادية في الأسرة ذاتها؛ ومن ثمَّ لا تسهم هذه الأسر في التنشئة على المواطنة الاقتصادية. ومن هنا ينبغي أن تتشارك مؤسسات المجتمع المختلفة ومحاضنها الأساسية في التنشئة والتربية على المواطنة الاقتصادية.
فإذا كان من واجب مؤسسات التعليم العام السعودي القيام بدورها ووظائفها في التربية على المواطنة الاقتصادية، من خلال تضمين المعارف والقيم والمهارات والخبرات والعادات والسلوكيات الجيدة في مناهج المواد أو المقررات للتربية على المواطنة، والأنشطة الصفية، والأنشطة المكملة، ومحاولة إيجاد مساحة لتضمين هذه الخبرات؛ فإن الأسرة، والمسجد، والأندية الأدبية، ووسائل الإعلام المختلفة، ومؤسسات القطاعين العام والخاص كافة، والمجتمع المدني معنيون بأن يمارسوا أدوارهم تجاه نشر التربية على المواطنة الاقتصادية. ودون هذا الدور التكاملي النوعي، فإن مسألة التربية على المواطنة الاقتصادية ستبقى جزئية، وقد تقتصر على حشو عقول الطلبة بالمعارف دون أن تثمر عن قيم ومهارات وخبرات ووعي، تنعكس جميعها على الممارسات الصحيحة والسلوكيات الحميدة للطلبة، بما يحقق مستوى فاعلية المواطنة الاقتصادية.
ويمكن وضع مقررات وبرامج متخصصة في مختلف مراحل التعليم العام السعودي ذات صلة بتوطين التربية على المواطنة الاقتصادية، وأهميتها في بناء الشخصية وتحقيق التنمية المستدامة للمجتمع، وفي خلق الأسر المنتجة والسائرة على طريق الرفاه، من خلال ثقافة الترشيد والتوازن في التعامل مع المسؤوليات والواجبات الاقتصادية للمواطن السعودي إزاء نفسه وأسرته ووطنه. وهنا تضطلع القيم والمهارات العملية بأهمية بالغة وتؤدي أدوارًا متقدمة. ويبدو من الصعوبة بمكان نجاح توظيف التربية على المواطنة الاقتصادية إلا بتوطين حب الوطن في النفوس والولاء له، وخدمته والحفاظ عليه وعلى موارده ومقدراته، والعمل على تنميته المستدامة، وتدوير خيراته وثرواته بالعدل والمساواة والحكمة والتوازن.
وبات من الضرورة العمل على تجاوز هذه الصعوبات والتحديات، ولأجل القيام بتشخيص دقيق لهذا المشروع التربوي المهم، فإنه يجدر في البداية استحضار حجم الصعوبات واستشعار التحديات، ومن ثم تسخير الإمكانات المتاحة كافة بُغيةَ تجاوزها، كتوفير الموارد المالية الكافية، والإسراع إلى إعداد وثيقة التربية على المواطنة الصالحة في المملكة العربية السعودية، ويكون في طليعة مجالاتها التربية على المواطنة الاقتصادية، ومن ثَمَّ بناء المنهج الحديث في مجال التربية على المواطنة الاقتصادية، وإشراك جميع الفاعلين في المجتمع عند التخطيط للمواطنة الاقتصادية، وفي مقدمتهم الخبراء في التربية على المواطنة والاختصاصيون في الاقتصاد الوطني. ولا ريب أن الاستفادة من الممارسات العالمية الجيدة في التربية على المواطنة الاقتصادية في المناهج، والأنشطة، والأبحاث، والمؤتمرات، والمسابقات ستسهم بدرجة كبيرة في تجاوز هذه الصعوبات ومواجهة تلك التحديات، علاوة على اختصار الوقت وترشيد الجهد والمال وتوجيه الطاقات صوب تحقيق غايات التربية على المواطنة الاقتصادية بين المواطنين السعوديين، ولا سيما النشء الصاعد.
في ضوء ما أسفرت عنه نتائج الدراسة، فإنه يمكن الخلوص إلى الاستنتاجات الآتية:
1- أن مفهوم المواطنة الاقتصادية له منظورات اقتصادية وتربوية متعددة، وغايته القصوى تتمحور حول تنشئة المواطنين الاقتصاديين المؤهلين للممارسة الفعالة لأربع عمليات اقتصادية رئيسة، وهي: الاستهلاك الرشيد، وجودة الإنتاج، والادخار المالي، والاستثمار الناجح. وظهر جليًا أهمية توظيف التربية على المواطنة الاقتصادية في إعداد المواطن الصالح المتصف بأعلى مستويات الثقافة والوعي الاقتصاديين.
2- مراعاة عدة موجهات محورية تتطلب أخذها في الحسبان عند التخطيط لتوظيف التربية على المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية، ومن أهمها: الانفتاح على النظم الاقتصادية الكونية الحديثة الناتجة عن العولمة الاقتصادية، والاستفادة المنضبطة منها بما يتوافق مع مصادر التشريع في الدين الإسلامي الحنيف، وبما يتماشى مع ثقافة المجتمع السعودي وخصوصياته وحاجاته وطموحاته في التعاملات الاقتصادية، وبما يتواكب مع رؤية المملكة العربية السعودية لعام 2030م، والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة للدول المتقدمة في التربية على المواطنة الاقتصادية، وتطبيق المعايير الاقتصادية العالمية، وفي طليعتها تلك المتصلة بالمواطنة الصادرة عن المنظمات والهيئات والجمعيات والمجالس الدولية المختصة.
3- إعداد وثيقة للتربية على المواطنة الاقتصادية تقوم على أساسين رئيسين، هما: الحقوق الاقتصادية، والواجبات الاقتصادية، وذلك ضمن الأبعاد المشتركة لوثيقة المناهج الوطنية الصادرة في عام 1440هـ (2019) عن هيئة تقويم التعليم والتدريب السعودية، والتركيز عليها في الوثيقة الفرعية الخاصة بمناهج الدراسات الاجتماعية؛ والاهتمام بتضمين ثلاثة مجالات رئيسة للتربية على المواطنة الاقتصادية في مناهج المواطنة بمراحل التعليم العام السعودي، وهي: مجال المعرفة الاقتصادية، ومجال القيم الاقتصادية، ومجال المهارات الاقتصادية، والتدرج في توفيرها مراعاة للمستوى العمري والمعرفي للطلبة، وبناء مصفوفة المدى والتتابع للمواطنة الاقتصادية للمجالات الثلاثة في كتب التربية على المواطنة.
4- الاعتناء بمداخل التعلم المتمركزة حول الطلبة في تدريس التربية على المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام السعودي، ومن أهمها: التعلم البنائي، والتعلم الخدمي، والتعلم الخبراتي، والتعلم الذاتي، والتعلم التشاركي، والتعلم التنافسي، إضافة إلى الاستفادة من الأنشطة غير الصفية داخل المدرسة وخارجها، وإقامة شركات للتدريب بين مدارس التعليم العام والمؤسسات الاقتصادية في القطاعين الحكومي والخاص في المجتمع السعودي.
5- توجد مجموعة من الصعوبات والتحديات التي تواجه توظيف التربية على المواطنة الاقتصادية في مراحل التعليم العام السعودي، ومن أشدها: صعوبة التحول من الاقتصاد الريعي القائم على المورد الواحد (النفط) إلى الاقتصاد الوطني متنوع الموارد، والإفرازات السلبية للعولمة الاقتصادية الناجمة عن الهيمنة الاقتصادية للشركات العملاقة العابرة للقارات وتأثيرها التنافسي في المنتجات الوطنية، وضخامة تكلفة الوفاء بمتطلبات البنية التحتية للاقتصاد المعرفي والتنمية المستدامة بما يتواكب مع رؤية المملكة العربية السعودية لعام 2030م.
1- تضمين التربية على المواطنة الاقتصادية في مناهج المواطنة بمراحل التعليم العام السعودي المختلفة، بدءًا من المرحلة الابتدائية ومرورًا بالمرحلة المتوسطة ووصولًا إلى المرحلة الثانوية، اعتمادًا على وثيقةٍ خاصة للتربية على المواطنة الاقتصادية صادرةٍ عن هيئة تقويم التعليم والتدريب السعودية بالتنسيق مع وزارة التعليم والجهات ذات العلاقة، ولا سيما المؤسسات الاقتصادية، من خلال التركيز على الموجهات التربوية في المجالات التعليمية التي كشفت عنها الدراسة الحالية.
2- نشر ثقافة المواطنة الاقتصادية بين فئات المواطنين، وخاصة فئة الشباب، والتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني، ولا سيما وسائل الإعلام والأندية الأدبية والجمعيات الطلابية؛ للمشاركة في تثقيف المواطنين ونشر الوعي الاقتصادي بينهم.
3- تطبيق مداخل التعلم الحديثية المتمركزة حول المتعلم، بما تتضمنه من استراتيجيات ونماذج في تدريس التربية على المواطنة الاقتصادية لطلبة التعليم العام السعودي، وكذلك تفعيل تطبيق الأنشطة الصفية وغير الصفية وأنماط التقويم الحديث وأدواته المناسبة.
4- إعداد معلمين ومعلمات - قبل الخدمة - في تخصصات العلوم الاجتماعية لتدريس التربية على المواطنة في حقولها كافة، ومنها المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام السعودي، وعقد دورات تدريبية لمعلمي الدراسات الاجتماعية ومعلماتها - في أثناء الخدمة - لتدريس المواطنة الاقتصادية.
5- توجيه وزارة التعليم السعودية للمدارس إلى عقد دورات تثقيفية، وتنفيذ برامج تدريبية، وإقامة ورش عمل، وتقديم لقاءات علمية وطنية شاملة ومتكاملة تعمل على بلورة رؤية وطنية متطورة، تهتم بعمليات التثقيف والإعداد الاقتصادي للطلبة بمراحل التعليم العام، وبما يحقق للطلبة الوعي الاقتصادي المأمول.
بُغيةَ تفعيل توصيات الدراسة، فإنه يمكن تقديم بعض المقترحات لتكون دراسات مستقبلية، ومنها:
1- عمل دراسة تحليل محتوى لكُتب المواطنة؛ للكشف عن درجة تضمين التربية على المواطنة الاقتصادية بمراحل التعليم العام السعودي، وذلك تمهيدًا لتطوير كُتب المواطنة لكي تتواكب مع متطلبات المواطنة الاقتصادية.
2- القيام بدراسة مقارنة بين مجالات المواطنة التي تدرس بمراحل التعليم العام في بعض الدول المتقدمة، ومقارنتها بما يناظرها من مجالات المواطنة بمراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية.
3- إجراء دراسة شبه تجريبية عن بناء برنامج تعليمي قائم على المواطنة الاقتصادية، وقياس فاعليته في تنمية المفاهيم والقيم والمهارات الاقتصادية المرتبطة بها لدى طلبة المرحلة المتوسطة في المملكة العربية السعودية.
4- إجراء دراسة شبه تجريبية عن بناء برنامج تدريبي قائم على مداخل التعلم المتمركز على المتعلم، وقياس فاعليته في تنمية الكفايات والمهارات المهنية لمعلمي المواطنة ومعلماتها، لتدريس المواطنة الاقتصادية لدى طلبة التعليم العام في المملكة العربية السعودية.
أولًا: العربية
إسماعيل، إيناس. (2019). أهمية ترسيخ القيم الاقتصادية في التربية والتنشئة الاجتماعية: دراسة تطبيقية في بعض رياض الأطفال في العراق. مجلة الدنانير، بغداد، العراق، 16(1)، 152-170.
الأنصاري، وداد والعميري، فهد والبركات، علي. (2014). دور مناهج التربية الاجتماعية والوطنية في تعزيز منظومة قيم المواطنة لدى تلاميذ مرحلة التعليم الابتدائي في المملكة العربية السعودية. مشروع بحثي رقم 34506013، ممول من مركز البحوث التربوية والنفسية، عمادة البحث العلمي، جامعة أم القرى، مكة المكرمة.
الجيزوي، محمد. (2018). صناعة الوعي الاقتصادي في ثلاثين درسًا. تاريخ الدخول: 19/4/2020م، متاح على الرابط: https://www.goodreads.com/book/show/42760323
الخوالدة، محمد والزعبي، ريم. (2016). التربية الوطنية والمواطنة والانتماء. دار الخليج للصحافة والنشر، عمًّان، الأردن.
زيود، زينب ودنورة، فاتن. (2013). دور المنظمات الشعبية والجمعيات الأهلية الشبابية السورية في تعزيز مفاهيم المواطنة الاقتصادية - دراسة ميدانية على الشباب المستفيدين من أنشطة كل منها. مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسة العلمية، اللاذقية، سوريا، 35(3) ,171-194.
الشربيني، فوزي والطناوي، عفت. (2001). مداخل عالمية في تطوير المناهج التعليمية على ضوء القرن الحادي والعشرين. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، مصر.
الشرعة، ناصر. (2017). قواعد التربية الاقتصادية المستنبطة من القرآن الكريم. المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، جامعة آل البيت - الأردن، 13(3)، 63-82.
الصلاحي، فؤاد. (2013). المواطنة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية. مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة صنعاء، صنعاء، اليمن، 34(2)، 157-188.
خليفة، علي. (2018). ما هي المواطنية وكيف نتربى عليها؟ دار بلال للطباعة والنشر، بيروت، لبنان.
حديدي، عائشة. (2020). خصائص وملامح الاقتصاد العالمي الجديد. المجلة الدولية للدراسات الاقتصادية، برلين، ألمانيا، 3(10)، 140-152.
العبد الكريم، راشد. (2020). البحث النوعي في التربية. ط3، مكتبة الرشد ناشرون، الرياض، السعودية.
العتيبي، ضرار. (2018). الأساس في علم الاقتصاد. دار اليازوري للنشر والتوزيع، عمَّان، الأردن.
العميري، فهد. (2019). بناء برنامج تعليمي قائم على تطبيق بريزي ضمن مقررات السنة التحضيرية وقياس فاعليته في تنمية مفاهيم المواطنة الرقمية ومهاراتها لدى طلاب جامعة الملك عبد العزيز في مدينة جدة. مجلة الألكسو التربوية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 38(1)، 81-136.
العميري، فهد والطلحي، محمد. (2020). توظيف تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة في الجغرافيا التربوية بمراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية. مجلة جامعة فلسطين للأبحاث والدراسات، جامعة فلسطين، غزة، 10(2)، 347-396.
–––.. (2021). التربية على المواطنة الناقدة في المجتمعات العربية. المجلة العربية للتربية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 40(1).
الغريب، شبل. (2017). التربية على المواطنة للطفل العربي. مجلة الطفولة والتنمية، القاهرة، 30(9)، 93-107.
قانة، الطاهر. (2020). علم الاقتصاد لطلبة العلوم الاقتصادية. دار الخليج للنشر والتوزيع، عمَّان، الأردن.
القريني، سعد. (2020). البحث النوعي: الاستراتيجيات وتحليل البيانات. دار جامعة الملك سعود للنشر والتوزيع، الرياض، السعودية.
كريسويل، جون وبوث، شيريل. (2019). تصميم البحث النوعي دراسة معمقة في خمسة أساليب. ترجمة: أحمد الثوابية، دار الفكر ناشرون وموزعون، عمَّان، الأردن.
وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية. (2016). رؤية المملكة العربية السعودية لعام 2030م. إصدارات وكالة الوزارة للتخطيط، الرياض، السعودية.
ثانيًا: الأجنبية
References:
Aflatoun International. (2016). Scaling social and financial education through a global franchise.
Alansari W. (2010). Use of concept maps to improve Saudi pre-service teachers' knowledge and perception of teaching social studies, Unpublished Ph.D Thesis. Curtin University of Technology, Perth, Australia.
Al'ansari, W., Aleumiri, F., & Albarkati, E. (2014). Dawr manahij altarbiat aliajtimaeiat walwataniat fi taeziz manzumat qiam almuatanat ladaa talamidh marhalat altaelim alaibtidayiyi fi almamlakat alearabiat alsaeudiati (in Arabic). Mashrue bahthiun raqm 34506013, mumawal min markaz albuhuth altarbawiat walnafsiati, eimadat albahth aleilmi, jamieat 'umi alquraa, makatu almukaramah.
Aleabd Alkarim, R. (2020). Albahth alnaweiu fi altarbiati, ta3 (in Arabic). maktabat alrushd nashiruna Alrayad, Al So'udeyyah.
Aleumayri, F. (2019). Bina' barnamaj taelimiun qayim ealaa tatbiq barziin dimn muqararat alsanat altahdiriat waqias faeiliatuh fi tanmiat mafahim almuatanat alraqamiat wamuharatiha ladaa tulaab jamieat almalik eabd aleaziz fi madinat jidat (in Arabic). Majalat al'aliksu altarbawiati-almunazamat alearabiat liltarbiat walthaqafat waleuluma-tunis, 38(1), 81-136.
Aleutibi, D. (2018). Al'asas fi eilm aliaqtisadi (in Arabic). dar alyazurii lilnashr waltawziei, Amman, Al Urdun.
Alghirib, S. (2017). Altarbiat ealaa almuatanat liltifl alearabii (in Arabic). Majalat altufulat waltanmiati-alqahira, Misr. 30(9), 93-107.
Aljizwi, M. (in Arabic). (2018). Ainaeat alwaey aliaqtisadii fi thalathin drsaan (in Arabic). Tarikh aldukhul: 19/4/2020m, mutah ealaa alraabti: https://www.goodreads.com/book/show/42760323
Alkhawalidatu, M., & Alzaebi, R. (2016). Altarbiat alwataniat walmuatanat waliantima (in Arabic). dar alkhalij lilsahafat & alnashri, Amman, Al Urdun.
Alomairi, F. (2009). The implementation of constructivist teaching approaches combined with ICT as a teaching strategy for social studies: Saudi pre-service, teachers perception and achievement, Unpublished Ph.D Thesis. Curtin University of Technology, Perth, Australia.
Al’umayri, F., & Altalhi, M. (2020). Tawzif tatbiqat althawrat alsinaeiat alraabieat fi aljughrafia altarbawiat bimarahil altaelim aleami fi almamlakat alearabiat alsaeudiati (in Arabic). Majalat jamieat filastin lil'abhath waldirasati-jamieat filastin-ghizat, 10(2), 347-396.
–––. (2021). Altarbiat ealaa almuatanat alnaaqidat fi almujtamaeat alearabiati, almajalat alearabiat liltarbiati-almunazamat alearabiat liltarbiat walthaqafat waleulumu (in Arabic). Tunis aleasimati, tunus, 40(1).
Alqarini, S. (2020). Albahth alnaweii: aliastiratijiaat watahlil albayanati (in Arabic). dar jamiea almalik sueud lilnashr waltawziei, Alriyad, Al So'udeyyah.
Alsalahi, F. (2013). Almuatanat walhuquq aliaqtisadiat waliajtimaeiatu (in Arabic). majalat kuliyat aladab waleulum al'iinsaniati- jamieat sanea'i-sanea'-alimin, 34(2), 157-188.
Alshareatu, N. (2017). Qawaeid altarbiat aliaqtisadiat almustanbitat min alquran alkarim (in Arabic). almajalat al'urduniyat fi aldirasat al'iislamiatu-jamieat al albit-al'urduni, 13(3),63-82.
Alshirbini, F., & Altanawi, E. (2001). Madakhil ealamiat fi tatwir almanahij altaelimiat ealaa daw' alqarn alhadi waleishrina (in Arabic). maktabat al'anjilu almisriati, Alqahira, Misr.
Bazeley, P. & Jackson, K. (2013). Qualitative data analysis with NVIVO. SAGE Publications Ltd., London, UK.
Bender, S. & Haas, A. (2002): The IAB employee sample. In: G. Kleinhenz (Ed.), IAB Compendium Labor Market and Occupational Research, Nuremberg, 3-12.
Bevelander, P. & DeVoretz, D. (2008).The economics of citizenship. Malmo University, Malmo: Sweden.
Bringle, R. & Hatcher, J. (1996). Implementing service learning in higher education. Journal of Higher Education, 67(2), 221-239.
Butin, W. (2005). Service learning in higher education. New York, USA.
Child & Youth Finance International. (2016a). Economic citizenship and the sustainable development goals, The Child & Youth Finance International Landscapes Series Amsterdam, Netherlands.
Child & Youth Finance International. (2016b). Research evidence for CYFl's model of economic citizenship for children and youth, The Child & Youth Finance International Landscapes Series Amsterdam, Netherlands.
Child & Youth Finance International. (2017). Economic citizenship education for children and youth, The Child & Youth Finance, International Landscapes Series Amsterdam, Netherlands.
Creswell, J. (2012). Qualitative inquiry and research design: Choosing among five traditions. SAGE Publications, London, UK.
Farrugia, B. (2019). Write a scientific paper: Sampling in qualitative research. Early Human Development, 133, 69-71.
Glaser, B. & Strauss, A. (2006). The discovery of Grounded Theory: strategies for qualitative research. 4th ed, IL: Aldine Transaction, Chicago, USA.
Göbel, E. (2006). Business ethics. Tübingen basics and practical implementation, Stuttgart.
Hadidi, E. (2020). Khasayis wamalamih alaiqtisad alealamii aljadida (in Arabic). Almajalat alduwliat lildirasat alaiqtisadiati- birlin-'almania, 3(10), 140-152.
Harriss, B. & Prakash, A. (2010). Social discrimination in India: A case for economic citizenship. Oxfam India working papers series, India.
Ismaeil, 'I. (2019). 'Ahamiyat tarsikh alqiam aliaiqtisadiat fi alturbat waltanshiat aliajtimaeiati: Dirasat tatbiqia fi baed riad al'atfal fi aleiraqi (in Arabic). Majalat Aldananir- Baghdad- Aleiraqi, 16(1),152-170.
Khalifat, E. (2018). Mahi almuatiniat wakayf natarabaa ealayha? (in Arabic). dar bilal liltibaeat walnashri, Bayrut, Lobnan.
Kreikebaum, M. (2011). Experience makes the leap: Service learning opens up new perspectives for the training of social responsibility. Haase, Michela: Mirkovic, Sabine, Schumann, Olaf.
Kriswil, J. wa buth, S. (2019). Tasmim albahth alnaweii dirasat mueamaqatan fi khamsat 'asalib, tarjamatu: 'ahmad althawabiatu (in Arabic). dar alfikr nashirun wamuazieuna, Amman, Al Urdun.
Lindsey, L. (2015). Preparing teacher candidates for 21st century classrooms: A study of digital citizenship. Unpublished Ph.D. Dissertation, Arizona State University, USA.
Maak, T. & Ulrich, P. (1996). Ethics in Business and Society. One systematic introduction for teachers. St. Gallen: Institute for Business Ethics.
–––. (2007). Corporate management with integrity. Ethical orientation knowledge for business practice. Stuttgart.
McMillan, J. & Schumacher, S. (2001). Research in education: A conceptual introduction. Addison Wesley Longman, Inc, New York, USA.
Miller, L. (1988). Education for citizenship. The Office of Educational Research and Improvement: USA.
Noble, H. & Smith, J. (2014). Qualitative data analysis: Practical example. Evid Based Nurs, 17(1), 2-3.
O’Prey, L. & Shepard, D. (2014). Financial education for children and youth: A systematic review and meta-analysis. Aflatoun Working Paper.
Panth,T. (2010). Environment education of teachers through technology mediated open and distance learning. Indira Gandhi, National Open University, 1-6.
Qanatu, A. (2020). Eilm aliaqtisad litalabat aleulum aliaqtisadiati (in Arabic). dar alkhalij lilnashr waltawziei, Amman, Al Urdun.
Roitman,j. (2007). The right to tax: Economic citizenship in the chad basin. Citizenship Studies, 11(2), 187-209.
Sahni, B. (2009). Economic citizenship in India: A socio-legal comparison of two Cases. Heidelberg Papers in South Asian and Comparative Politics, (46)56 -65.
Schank, C., & Lorch, A. (2015). Economic citizenship and socio-economic rationality as foundations of an appropriate economic education. JSSE - Journal of Social Science Education, 14(1), 56-65.
Scott, K. (2008). The economics of citizenship: Is there a naturalization effect? In The Economic of Citizenship, edited by Pieter Bevelander and Don DeVoretz, Malmo University: Malmo, Sweden.
Shierholz, H. (2010). The effects of citizenship on family income and poverty. EPI Briefing Paper, 256 -256.
Suppo, C. (2013). Digital citizenship instruction in Pennsylvania public schools: ProQuest LLC School leaders expressed beliefs and current practices.
Ulrich, P. (2008). Integrative economic ethics. Foundations of a Civilized Market Economy. Cambridge, UK.
White, S. (2003). The civic minimum on the rights and obligations of economic citizenship. Oxford University Press, New York, USA.
Whitebread, D. & Bingham, S. (2013). Habit formation and learning in young children. Money Advice Service, London, UK.
Wizarat Alaiqtisad Waltakhtit Alsueudiatu. (2016). Ruyat almamlakat alearabiat alsaeudiat lieam 2030m (in Arabic). 'iisdarat wikalat alwizarat liltakhtiti, Alriyad, Al So'udeyyah.
Ziud, Z, & Adnurata, F. (2013). Dawr almunazamat alshaebiat waljameiaat al'ahliat alshababiat alsuwriat fi taeziz mafahim almuatanat aliaiqtisadia "dirasat maydaniat ealaa alshabab almustafidin min 'anshitat kulin minha (in Arabic). Majalat jamieat tishrin lilbuhuth waldirasat aleilmiat - allaadhiqiati-surya, 35 (3), 171-194.
تاريخ التسليم:1/6/2021
تاريخ استلام النسخة المعدلة: 15/9/2021
تاريخ القبول: 19/9/2021