يحيى مبارك سليمان خطاطبة
أستاذ الإرشاد النفسي، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، المملكة العربية السعودية
أهداف الدراسة: هدفت الدارسة الحالية إلى بناء نموذج سببي مقترح للعلاقة بين التفهم الوجداني، والاستماع الفعَّال، وأنماط اتصال الاختصاصيِّين النفسيين مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية.
منهجية الدراسة: لتحقيق أهداف الدراسة، استُخدم المنهج الوصفي (الارتباطي)، وشملت عينة الدراسة (224) من الاختصاصيِّين النفسيين الذين يقدمون خدمات الرعاية النفسية للمسترشدين في مدينة الرياض، طُبق مقياس التفهم الوجداني الذي أعدَّه الطراونة (2019)، ومقياس الاستماع الفعَّال الذي أعدَّه (Asai, Hiraizumi, & Hanzawa,2020)، ومقياس أنماط الاتصال مع المرضى الذي أعدَّه السموحي (2015).
نتائج الدراسة: أظهرت نتائج الدراسة وجود ارتباطات موجبة ذات دلالة إحصائية عند مستوى الدلالة (α≤0.05) بين مقياس التفهم الوجداني، والاستماع الفعَّال، ومقياس أنماط الاتصال مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية، ووجودَ أثرٍ مباشرٍ ذي دلالة إحصائية لكل من التفهم الوجداني والاستماع الفعَّال في أنماط التواصل مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية؛ إذ بلغ معامل الارتباط (R) (0.622)، وعدمَ وجود تأثيرات مباشرة دالة إحصائيًا عند مستوى الدلالة (α≤0.05) للاستماع الفعَّال في التفهم الوجداني؛ إذ بلغ معامل الارتباط (R) (0.018)، وأخيرًا أشارت معاملات المسار إلى أن مقياس الاستماع (بوصفه متغيرًا مستقلًّا) يفسر ما نسبته (20.1%) من تباين المتغير (أنماط الاتصال المتبعة مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية).
الكلمات المفتاحية: التفهم الوجداني، الاستماع الفعَّال، أنماط الاتصال مع المسترشدين، الاختصاصيِّين النفسيين، الجلسة الإرشادية
للاقتباس: خطاطبة، يحيى. "النموذج السببي للعلاقة بين التفهم الوجداني والاستماع الفعال وأنماط الاتصال المتبعة في أثناء الجلسة الإرشادية"، مجلة العلوم التربوية، العدد 22 (2023)
https://doi.org/10.29117/jes.2023.0120
© 2023، خطاطبة، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه؛ طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.
Yahiya Mubarak S. Katatbh
Professor, Department of Psychology, Faculty of Social Sciences, Imam Muhammad Bin Saud Islamic University, KSA
Objectives of the study: The current study aimed to build a proposed modeling of the relationship between emotional understanding, active listening and forms of Psychologists communication patterns with clients during the counseling sessions.
Methodology: To achieve the objectives of the study, the descriptive (relational) approach was used. The sample of the study consisted of (224) psychologists who provide psychological care services to clients in Riyadh. Three different scales were used as instruments of the study and were prepared by AL Tarawna (2019), Asia, Hiraizumi & Hanzawa (2020) and Al Sameuhi (2015).
Results: The results of the study showed that there were statistically significant correlations at level (α≤0.05) between the emotional understanding, the active listening, and Psychologists communication patterns with clients during the counseling sessions, and the presence of a direct and statistically significant effect for each of the emotional understanding and active listening on the forms of Psychologists communication patterns with clients during the counseling sessions, as the correlation coefficient (R) (0.622), and that there were no direct effects that were statistically significant at the significance level (α≤0.05) for effective listening on emotional understanding, as the correlation coefficient (R) (0.018), Finally, the path analysis coefficients indicated that the listening scale (as an independent variable) explains up to (20.1%) of the variance of the variable (communication patterns followed with the clients during the counseling sessions).
Keywords: Emotional understanding; Active listening; Counselors communication patterns; Psychologists; Counseling session
Cite this article as: Katatbh Y., "The Causal Model for the Relationship between Emotional Understanding, Active Listening and Psychologists Communication Patterns during Counseling Sessions", Journal of Educational Sciences, Issue 22, 2023
https://doi.org/10.29117/jes.2023.0120
© 2023, Katatbh Y., licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.
يُمهد الاستماع الفعَّال الطريق لتكوين العلاقة المهنية واكتساب مهارة التحدث والتعبير عن الذات، وله جذور عميقة في سياق قدرته على مساعدة المسترشدين على الإفصاح عن مشكلاتهم ومشاعرهم، ويُعزز العلاقات الشخصية الإيجابية، ويعتمد على متابعة المضمون وفهمه وهو ما تُعبر عنه عبارات المسترشدين وانفعالاتهم، ويتجنب الاختصاصي النفسي إصدار الأحكام المسبقة على مشكلات المسترشدين؛ مما يحدَّ من قدرتهم على التصدي لمشكلاتهم بصورة أكثر فاعلية، ويهتم عادة بمتابعة مضمون العبارات والانفعالات وفهمه، إلى جانب التركيز على ما يصدر من المسترشدين من اتصالات لفظية وغير لفظية. أما في حالة الشرود الذهني وعدم التركيز أو عدم المتابعة من جهة أحد طرفَي الاتصال، فإن هذا النوع من الإنصات يُطلق عليه الاختصاصيون الإنصات الأجوف (الخاوي) من المعنى والمضمون (Bodie, Vickery, & Gearhart, 2013). ويمثل الاستماع الفعَّال (Active listening) انعكاسًا وإحساسًا مدروسًا، فهو الطريقة الأكثر فاعلية لإدراك معلومات المسترشد، ويُعد من أهم جوانب عملية الاستشارة، وهو مهارة معقدة تتضمن ما يجب فهمه من جميع الجوانب حتى يجري أداؤه بطريقة ناجحة (Andersen, & Andersen, 2005).
ومن الكفاءات الأساسية التي ينبغي توافرها في الاختصاصيِّين النفسيين: الفهم، والوعي، والاستماع الفعَّال، والتفهم الوجداني، وتحديد الهدف، وتشكيل العلاقات، وتقديم التغذية الراجعة، وعكس المحتوى، والقدرة على التركيز، والتحليل، والاستيضاح، والتلخيص، والتفسير، وغيرها من مهارات الجلسة الإرشادية (McLeod & McLeod, 2011). ووفقًا لما يراه ليمبرت وبارلي (Lambert & Barley, 2001) يمكن عزو (30%) من نتائج المسترشدين في العلاج النفسي إلى الأساليب العلاجية التي تتعلق بالمعالج ومهاراته الأساسية في المقابلة، والتحالف العلاجي والظروف التيسيرية، مثل: التعاطف، والدفء، والتوافق. ويمتاز الاستماع الفعَّال بطرقه المتعددة، مثل: إعادة الصياغة، وإعادة التلخيص، والتكرار العاطفي، والتوضيح، والتحقيق المنطقي، والاستماع غير الانعكاسي، والسلوك غير اللفظي، والسلوك اللفظي. ويُفَسر الاستماع الفعَّال بالقدرة على فهم المسترشدين، وتفسير رسائلهم وتحليلها، والقدرة على رسم الخطط العلاجية في ضوئها، وبالمجمل فإن الاستماع بناء متعدد الأبعاد يتكون من عمليات معرفية معقدة، مثل: الاهتمام بالرسائل وفهمها وتلقيها وتفسيرها، والعمليات العاطفية، مثل: التحفيز على الاهتمام برسائل المسترشد؛ والعمليات السلوكية، مثل: الاستجابة بردود الفعل اللفظية وغير اللفظية (Jones, 2011). وتسمى القدرة على الاستماع بعناية وفهم محادثة المسترشد وتحليل رسائله والقدرة على إدراك ما يشعر به المسترشد- بالتفهم الوجداني (Emotional Understanding)، وهو يحدث عندما يشعر الشخص بمشاعر مماثلة؛ مما يساعد على فهم مشكلة المسترشد على نحو أفضل، فطريقة الاستماع النشط تتيح فهم الحالة النفسية، والأفكار والمشاعر الخاصة بالمسترشد على نحو أفضل؛ مما يعني تجسيدًا نشطًا للأفكار والمشاعر الشخصية، ويكمن جوهر التفهم الوجداني في القدرة على الاستماع، وفهم رسالة المتحدث والاحتفاظ بها (Levitt, 2001). فإن المستمعين الفعّالين عادة ما يعرضون انطباعات إيجابية أكثر من المستمعين المُشتتين، ويُنظر إليهم على أنهم أكثر جدارة بالثقة وتمتعًا بالجاذبية الاجتماعية، كما يتمكن المستمعون الجيدون من بناء تفاعلات مُرضية مع مسترشديهم بما ينعكس على طبيعة العلاقة الإرشادية، ودورها الأساسي، وأهدافها العلاجية (Young, & Cates, 2010). ويعد "فرويد" المشار إليه في العاسمي (2015) التفهم الوجداني شكلًا مماثلًا للتعاطف، ويعده صورة من صور التوحد الذي يُدخَل فيه موضوع خارجي لشخص آخر في شخصية الفرد؛ مما يجعله قادرًا على التواصل مع الآخرين من خلال إحساسه بحاجاته الخاصة وحاجات الآخرين (Jones, Bodie & Hughes, 2019).
ويمكن القول بأن تأثير الاستماع الفعَّال والتفهم الوجداني للحالة العلاجية على نمط الاتصال المتبع في أثناء الجلسة الإرشادية ذو أثر بارز في محتويات الجلسة ونتائجها؛ إذ تتضمن مهارات الاستماع النشط كلًا من الاتصال اللفظي وغير اللفظي ويتحقق الاستماع بشكله الجوهري من خلال الاستماع إلى المعنى الكلي، والاستجابة لمشاعر المرسل، مع ملاحظة كل الإشارات والايماءات الصادرة من المسترشد بعناية، ويساعد الاختصاصيِّين والمسترشدين على تحقيق أهداف التفاعل الأولية والتفهم الوجداني؛ والصياغة اللفظية، وطرح الأسئلة المناسبة، والمشاركة الوجدانية غير اللفظية المرتبطة بممارسة الاختصاصي النفسي (Bodie, Worthington, Imhof, & Cooper, 2008). وتتنوع الطرق التي يبتعها الاختصاصيون النفسيون في التواصل مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية، مثل: الأشكال اللغوية (اللفظية وشبه اللفظية) وغير اللغوية (غير اللفظية)، والتواصل الشفوي وهو "اللغوي الذي ي فيه تبادل المعلومات صوتيًا أو سمعيًا" (Brink & Costigan, 2015). ويرى كوري (Corey, 2013) أهمية امتلاك الاختصاصي النفسي الفعّال للمهارات الاستشارية الأساسية، وإتقان التقنيات التداخلية المستخدمة؛ نظرًا لطبيعة الدور الدقيق الذي يقوم به.
وأكد كل من أندرسون وأندرسون (Andersen & Andersen, 2005) على اختلاف أشكال الاتصال (اللفظية وغير اللفظية) المتبعة مع المسترشدين تبعًا لعددٍ من العوامل، منها: شخصية الاختصاصي، وطبيعة المشكلة الإرشادية، وشدتها، ونوع الحالة، وطبيعتها، وخبرة الاختصاصي، وغيرها من العوامل المؤثرة عفي العلاقة الإرشادية وقوتها. وتؤكد معظم العلاجات على أهمية السلوكيات غير اللفظية واللفظية في إظهار الانتباه والتفهم الوجداني والاستجابة والتعاطف؛ وتشجيع المسترشدين على التعبير المستمر عن الأفكار والمشاعر؛ والمساعدة في العلاقات العلاجية. أما عن السلوكيات غير اللفظية، فعادةً ما يصوَّر الاستماع الفعّال لسلوكيات غير لفظية، مثل: إيماءات الرأس والتواصل البصري، والانحناء للأمام الذي يعكس درجة المسافة النفسية، والأفكار والمشاعر بين الاختصاصي النفسي والمسترشد؛ بهدف السماح للمسترشد باكتساب فهم أوضح لأفكاره الداخلية وتصوراته وعواطفه، ومساعدته على النمو النفسي، وزيادة الوعي بالذات، وتغيير الممارسات السلوكي عبر التوجيه الذاتي، بحيث يشعر المسترشد بالأمان والتحرر من الأحكام المسبقة، وجلد الذات. ويعتقد "روجرز" أن هذا النوع من الأجواء يسمح للمسترشدين بتطوير رؤية أكثر وضوحًا ونضجًا في العلاقة الإرشادية، والنظرة الإيجابية للذات والآخرين (Sprung, Münch, Harris, Ebesutani, & Hofmann, 2015). وتأسيسًا لما سبق، فإن الاستماع الفعَّال يعد عاملًا حاسمًا ومؤثرًا في التفهم الوجداني لمشاعر المسترشد ومعاناته، والمفاهيم الخاصة التي يحاول التعبير عنها؛ فهو جوهر العلاقة والعملية الإرشادية، وينعكس أثره مباشرة على نمط الاتصال المتبع مع المسترشد في أثناء الجلسة الإرشادية؛ مما يجعل المسترشد أكثر رضا وتقبلًا وثقة بالاختصاصي وايمانًا بقدرته على مساعدته على التخلص من مشكلتها أو خفض حدتها.
تؤثر درجة امتلاك الاختصاصي النفسي لمهارة الاستماع الفعَّال في سير العلاقة الإرشادية وطبيعة الخدمات النفسية المقدمة، إذ تعد من المهارات الدقيقة التي تدرَّس للاختصاصيِّين النفسيين ويدرَّبون عليها؛ لما لها من دور بارز في تحقيق الانتباه للاستجابة العاطفية، وعكس المحتوى، والمشاعر والأفكار وتقدم العملية الإرشادية، وسلامة إجراءات الجلسة الإرشادية (Levitt, 2002).
ويُستخدم الاستماع الفعّال لإظهار التعاطف، ويمكن تدريب الاختصاصيِّين النفسيين على كل من التعاطف الوجداني، والتعاطف المعرفي المتمثل في قدرة الاختصاصي النفسي على فهم مشكلة المسترشد وإدراكها وتحليلها وعيش خبرته وفهم ما يعانيه. ويرى فيديسكو (Fedesco, 2015) أن معدل وقت الاستماع الفردي بين الأفراد خلال عملية الاتصال اليومي تمثل ما نسبته (45%-75%)؛ ويمكن تحديد التأثير الفعلي للاستماع الفعّال وغير الفعّال خلال التفاعلات بين أطرف العملية الإرشادية (Gearhart & Bodie, 2011).
وتبلورت مشكلة الدراسة الحالية من واقع خبرة الباحث، واطلاعه العلمي والعملي، وواقع إشرافه على طلبة الدراسات العليا في العيادات النفسية، وخبرته في مجالات تقديم الخدمات النفسية، وتدريس بعض المقررات التطبيقية مثل مقرر (تطبيقات ميدانية في التخصص)، التي تتطلب ممارسة الأدوار العلاجية والإرشادية والتدريب على مهارات المقابلة والعلاج الأساسية، وخاصة المهارات ذات الصلة بالجلسة الإرشادية ونواتجها. وقد لوحظت الحاجة الماسة إلى التدريب على المهارات الأساسية في تقديم العلاج بوجهٍ عام، ومهارات الاستماع الفعَّال لدى الاختصاصيِّين النفسيين والمتدربين بوجهٍ خاص، والمتابعة التدريبية لهذه المهارات في أثناء الدراسة وبعدها؛ بما ينعكس على جوهر العلمية الإرشادية وجودة الخدمات المقدمة ونمط الاتصال المتبع مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية (أبو النور وخطاطبة، وآمال، 2018)، ويؤكد دي فليلبيس (DeVilbiss, 2013) ما لاحظه الباحث من وجود بعض المعيقات لممارسة الاستماع الفعَّال مع الحالات الإرشادية، مثل: طبيعة الحالة، والوقت المستغرق لدراستها، وتحليلها، والحالة الصحية والنفسية للاختصاصي النفسي، والاهتمامات الشخصية والعلاجية التي يتناولها المسترشد؛ فضلًا عن المعيقات المادية المتمثلة في الضوضاء والعوامل البيئية. وقد أكدت نتائج العديد من الدراسات (Soma,, Baucom, Xiao, Butner, Hilpert, Narayanan, & Imel, 2020; Anvari, Hill & Kivlighan, 2020; Ramseyer, 2020; Brown, Yu, & Etherington, 2020;) على أثر الاستماع الفعَّال والتفهم الوجداني في نمط الاتصال، انطلاقًا من دور الاستماع الفعّال وتأثيره - بصفته متغيرًا أساسيًّا - في التفهم الوجداني، والطريقة المتبعة في الاتصال مع المسترشدين، بما يدلل على أهمية الاستماع الفعال كمحور مركزي في تسلسل العلاقة الإرشادية ونجاح الاختصاصي النفسي في إدارة الجلسة الإرشادية وتحقيق أهدافها.
هدفت الدارسة الحالية إلى بناء نموذج سببي للعلاقة بين التفهم الوجداني والاستماع الفعّال وأنماط اتصال الاختصاصيِّين النفسين المتبعة مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية بمدينة الرياض، وإلى التعرف على طبيعة أثر الاستماع الفعّال والتفهم الوجداني في أنماط الاتصال المتبعة مع المرضى لدى الاختصاصيِّين النفسيين، والتعرف على طبيعة أثر الاستماع الفعَّال في أنماط الاتصال المتبعة مع المرضى في أثناء الجلسة الإرشادية، من خلال التفهم الوجداني بصفته متغيرًا وسيطًا في النموذج السببي المقترح لدى الاختصاصيِّين النفسيين.
1. ما النموذج السببي المقترح لتوضيح مسار العلاقات التي تربط بين متغيرات الدراسة (التفهم الوجداني، والاستماع الفعّال، وأنماط الاتصال مع المسترشدين).
2. ما طبيعة أثر الاستماع الفعّال والتفهم الوجداني في أنماط الاتصال المتبعة مع المسترشدين لدى الاختصاصيِّين النفسيين في أثناء الجلسة الإرشادية؟
3. ما طبيعة أثر الاستماع الفعّال في التفهم الوجداني لدى الاختصاصيِّين النفسيين؟
4. ما طبيعة أثر الاستماع الفعّال في أنماط الاتصال المتبعة مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية، من خلال التفهم الوجداني بصفته متغيرًا وسيطًا في النموذج السببي المقترح لدى الاختصاصيِّين النفسيين؟
تكمن أهمية الدراسة النظرية في أنها تناولت بعض المتغيرات الخاصة بالعملية الإرشادية، وهي من الموضوعات الهامة في مجال البحث في الإرشاد النفسي والمتعلق بشريحة واسعة من الاختصاصيِّين النفسيين، والقائمين على الرعاية النفسية للمرضى النفسيين، وقد تكون الدراسة من أولى الدراسات العربية والمحلية التي تقدم نموذجًا سببيًّا يوضح العلاقة الوسيطة بين التفهم الوجداني، والاستماع الفعَّال، وأنماط الاتصال مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية - في حدود الاطلاع - مما يجعلها بوتقة لإجراء دراسات لاحقة، وتقدم مقترحًا جديدًا يُمكِّن الاختصاصيِّين من تحسين مهاراتهم العملية في أثناء تقديم الخدمات الإرشادية، وتبرز أهميتها في توصياتها التي تؤكد على ضرورة إجراء دراسات مماثلة في البيئة المحلية، كما أن الدراسة الحالية وفرت مقياسًا مترجمًا للبيئة المحلية، وهو: مقياس الاستماع الفعال، فضلًا عن تقنين كل من مقياس أنماط الاتصال بالمسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية، ومقياس التفهم الوجداني.
وتبرز أهميتها التطبيقية بما تعود به من فائدة على الباحثين في المجال النفسي، من خلال معرفة مقومات العلاقة الإرشادية بصفتها عملية مهمة في أثناء العمل مع المسترشدين، وتحديدًا في أثناء الجلسة الإرشادية، والمقابلة العلاجية التي تستهدف مساعدة الاختصاصيِّين بما يلبي حاجاتهم ومهاراتهم الأساسية من خلال التدريب على بعض المهارات، كبناء البرامج التدريبية وتطويرها، وتصميمها بما يسهم في تحسين مهاراتهم في أثناء الجلسة الإرشادية، ويحفزهم نحو نقاط مهمة يمكن تداركها في أثناء إجراء المقابلات الإرشادية مستقبلًا، قد تسهم في لفت أنظار المعنيين إلى فحص مهارات الاختصاصيِّين النفسيين في أثناء الجلسة الإرشادية وعقد الدورات وورش العمل الدورية لتطويرها وتجويدها.
تتحدد نتائج هذه الدراسة بالاختصاصيِّين النفسيين العاملين في العيادات النفسية، ووزارة التعليم، ومراكز الإرشاد النفسي في مدينة الرياض، وبالمدة الزمنية التي طُبقت خلالها، وهي الفصل الدراسي الأول من العام 2020/2021، وبكونها اقتصرت على دراسة نموذج سببي مقترح للعلاقة بين التفهم الوجداني والاستماع الفعّال وأنماط الاتصال مع المسترشدين لدى الاختصاصيِّين النفسيِّين بمدينة الرياض وفق مقاييس محددة، هي:(مقياس التفهم الوجداني، والاستماع الفعال، وأنماط الاتصال) بصفتها أدواتٍ وظفت لغايات الدراسة؛ لذا فإن إمكانية تعميم النتائج تقتصر على هذه الأدوات بعد أن جرى التحقق من خصائصها السيكومترية، كما تُعمم النتائج وفقًا للتعريفات الإجرائية المستخدمة بهذه الدراسة.
1. التفهم الوجداني (Emotional Understanding): تبني تعريف مُعدَّة الأداة، الطراونة (2019)، للتفهم الوجداني إجرائيًا بأنه: معرفة الفرد لعواطفه ومشاعره، وامتلاكه القدرة على التحكم فيها والسيطرة عليها، وأن يكون الفرد مصدر دافعية لنفسه، وأن يمتلك قدرة التعرف إلى مشاعر الآخرين، وأن يكون قادرًا على تدبر أمر علاقاته مع الآخرين. ويُقاس بالدرجة التي يحصل عليها المستجيب على مقياس التفهم الوجداني المستخدم (الأبعاد والدرجة الكلية)، وهي:
- البعد الأول: المعاناة (Suffering)، يُشير إلى شعور الفرد بالضيق والحزن؛ نتيجة رؤية أحداث أو سماع قصص عن أشخاص يتألمون، سواءً بسبب المرض أو القسوة أو الظلم.
- البعد الثاني: المشاركة الإيجابية (Positive participation)، يُشير إلى قدرة الفرد على مشاركة مشاعر الآخرين الإيجابية، والشعور بمشاعر الدفء والمحبة، والسعادة لرؤية السعادة على وجوه الآخرين.
- البعد الثالث: الاستجابة الملحة (Urgent response)، تشير إلى امتلاك الفرد لحسٍ مرهف ومشاعر قوية تجعله يتأثر بسهولة من أي مشاهد حزن سواء في الكتب التي يقرؤها أو في الأفلام التي يشاهدها، وهذا ما يجعل مشاعر الفرد تتحرك جراء سماعه لموسيقى رومانسية أو رؤيته للقطات تلفزيونية حزينة.
- البعد الرابع: الانتباه الوجداني (Emotional Attention)، يشير إلى قدرة الفرد على تركيز شعوره في شيء محدد سواء كان حسيًا أو معنويًا، مثل: الشعور بالمعاناة، وظلم الآخرين، أو في العلاقات الإنسانية؛ لذا فإنه يُعد المحدد الرئيس لسلوك الفرد، فقد يتضايق الفرد من رؤية ألم الأخرين فيعاملهم بقسوة، أو يحاول مساعدتهم فيعاملهم برحمة.
- البعد الخامس: الشعور بالآخرين (Empathy)، يشير هذا المصطلح إلى امتلاك الفرد القدرة على تقديم دعمٍ وتفاهمٍ مضاعفَيْن تُجاه الآخرين، كما أن الشعور بالآخرين لا يُشترط فيه نشوء علاقته حميمية معهم أو وجودها؛ فقد يتعاطف الفرد مع شخص ما لَقي تعسُّفًا أو تعرض لظلم ما.
- البعد السادس: الانتقال الوجداني (Affective Transition)، يشير إلى الحالة المزاجية التي يكون فيها الفرد؛ إذ إن هذه الحالة المزاجية تجعله يتأثر بما يشعر به الآخرون من حوله؛ فهو يضحك لضحكهم، ويحزن لحزنهم، ويتأثر بما يتأثرون به. ويقاس بالدرجة التي يحصل عليها المستجيب على مقياس التفهم الوجداني المستخدم (الأبعاد والدرجة الكلية).
2. الاستماع الفعَّال (Active listening): تبني تعريف مُعدِّي الأداة (Asai, Hiraizumi, & Hanzawa,2020) للاستماع الفعّال إجرائيًا، بأنه "جزء مهم من الاستماع التعاطفي الذي يُحقق من خلاله المعالج الدعم النفسي للمسترشدين، بكونه يجمع بين التعاطف النشط والاستماع التعاطفي، بما يحقق الدعم والفهم للآخرين، وهو الشعور بعالم المسترشد الخاص به، وبما يضمن له الخصوصية، ويظهر عليه التعاطف الوجداني جراء استماعه له، ويشجعه على التغيير. ويقاس بالدرجة التي يحصل عليها المستجيب على مقياس التفهم الوجداني المستخدم (الأبعاد والدرجة الكلية)، وهي: البعد الأول: الاستشعار، وتدل على اهتمام المستمع على نحو فعَّال للمسترشد. البعد الثاني: المعالجة، وتشير إلى فهم الجوانب الضمنية في رسالة المتحدث وتفسيرها. البعد الثالث: الاستجابة، وتشير إلى استخدام المهارات التخصصية في التعامل مع حالة المسترشد، مثل: طرح الأسئلة، والتفسير، والاستيضاح لإظهار الاهتمام الفعَّال للمسترشد.
3. أنماط الاتصال مع المسترشدين (Forms of Clients Counselor Communication): تبني تعريف مطور الأداة، السموحي (2015)، لأنماط الاتصال مع المسترشدين إجرائيًا، بأنه "عملية منتظمة تتضمن تبادل المعلومات بين المعالج والمريض بإحدى أنماط الاتصال اللفظي أو غير اللفظي. ويقاس بالدرجة التي يحصل عليها المستجيب على مقياس التفهم الوجداني المستخدم (الأبعاد والدرجة الكلية)، وهي: البعد الأول: الاتصال اللفظي، وهو الاتصال الذي يجري بين المعالج والمسترشد على نحو مباشر باستخدام اللغة بصفتها وسيلة لنقل الرسالة. البعد الثاني: الاتصال غير اللفظي، الذي يجري بين المعالج والمسترشد باستخدام الرموز والايماءات ولغة الجسد بصفتها وسيلة لنقل الرسالة بينهما، بهدف تقديم الرعاية الصحية للمريض.
4. الاختصاصيون النفسيون: يُعرف الاختصاصيون النفسيون إجرائيًا بأنهم: العاملون في مراكز العيادات النفسية والمستشفيات ومراكز الخدمات النفسية الإرشادية، ويمارسون تقديم الخدمات النفسية، من خلال جلسات العلاج والإرشاد النفسي، وتنطبق عليهم الشروط الخاصة بمزاولة المهنية الإرشادية.
الخلفية النظرية والدراسات السابقة
يتمثل التفهم الوجداني في قدرة الاختصاصي النفسي على فهم مشاعر المسترشد ومعتقداته من خلال: عكس عواطفه، ومعتقداته، والتعرف على أفكار المسترشد وإعادة التعبير عنها، وتؤثر عملية عكس المشاعر والمحتوى في خطة العلاج؛ هذا فضلًا عن المهارات التي ينبغي أن يمتلكها الاختصاصيون، مثل: الأصالة، والصدق، والشفافية؛ وبناء علاقات شخصية فعَّالة، وخلق بيئة آمنة لعملية الاستشارة النفسية، كما ينبغي له معرفة نفسه وفهم الآخرين، وتشكيل علاقات فعَّالة معهم (Hill, Roffman, Stahl, Friedman, Hummel, & Wallace, 2011). كما يشمل قدرة الاختصاصي النفسي على مشاطرة المسترشدين لمشاعرهم، وتفهم عواطفهم، بعيدًا عن الشفقة والتعاطف، وهو قابلية الفرد لمشاركة الآخرين في أحاسيسهم وعواطفهم وأفكارهم وتصرفاتهم، وفهم السلوك المتوقع من المسترشد على نحو مسبق (الطروانة، 2019).
ويعرف هوجات (Hojat, 2007) التفهم الوجداني بأنه طريقة لمراقبة مشاعر المسترشد، والقدرة على تفهمها، وعيش حالة المسترشد النفسية، والتعمق في إدراك معنى مشاعره وأحاسيسه بشكل دقيق، ويسهم التعاطف الإيجابي في زيادة مستوى سلوك المساعدة الإيثارية، والشعور بمشاعر الآخرين (Gerdes, et al., 2010). ويتوافق الإطار المعرفي للتفهم الوجداني بشكل وثيق مع التعريفات التقليدية للتعاطف، وخاصة التي وصفها روجرز (1957)، المشار إليه في هوجات (Hojat, 2007) عند تعريفه لمفهوم التعاطف، بأنه "الدخول في عالم الإدراك الحسي الخاص بالمسترشد"، ويُنظر إليه على أنه يمتلك شكلًا معرفيًا يسمح لفهم محتوى كلام المسترشد، والقدرة على التواصل مع مشاعر المسترشدين. ويعد التفهم الوجداني من المكونات المهمة في التعامل مع الآخرين. ويركز إليوت، وبوهارت، وواتسون، وغرينبيرج (Elliott, Bohart, Watson, & Greenberg, 2011) على إدراك مشاعر المتعاطفين، والتفكير في كيفية إظهار التفهم الوجداني للمسترشد عند التفكير في تجربته، من خلال النظر فيما إذا كان يعتقد أن المعالج قد حاول الأخذ بوجهة نظره ومساعدته، وفحص أنواع العمليات التي يشارك فيها، مثل: التعاطف مع المعالج، الذي يؤدي إلى استكشاف المسترشد والاستماع لتجاربه، وقد تشمل النتائج تنمية الوعي الذاتي، والفهم، والبصيرة، والقدرة على استيعاب التجارب والمشاعر الإشكالية.
صاغ كارل روجرز وريتشارد فارسون المشار إليهما في (Levitt, 2002) مصطلح "الاستماع النشط" في عام 1957: "الاستماع الفعال بصفته وسيلة مهمة لإحداث تغييرات لدى المسترشدين، هو العامل الأكثر فاعلية لتغيير الشخصية الفردية والجماعة، ويؤدي إلى تغييرات في مواقفهم تجاه أنفسهم والآخرين، وتغييرات في قيمهم الأساسية وفلسفتهم الشخصية. وأكد كل من ويجر وكاسل وأميت (Weger Jr, Castle, & Emmett, 2010) أن "الاستماع الفعَّال" وصف لمجموعة من المهارات اللفظية وغير اللفظية الضرورية للتواصل الفعَّال بين المرشد والمسترشد. فهو محاولة لإظهار القبول غير المشروط والتفكير غير المتحيز من قبل المعالج لتجربة المسترشد، ويتطلب محاولة فهم المستمع للتجربة دون تدخل من المراجع التفسيرية الخاصة بالمستمع في فهمه أو فهمها للشخص الآخر (Prout, & Wadkins, 2014).
ويحدد ليفيت (Levitt, 2002) الاستماع الفعّال بكونه مهارةً علاجية دقيقة تتضمن الاستماع بانتباه، والاستجابة بتعاطف حتى يشعر المسترشد بأنه مسموع، ومع وجود اختلافات طفيفة في الاستماع النشط تتضمن التعبيرَ عن الاهتمام برسالة المتحدث من خلال إظهار المشاركة غير اللفظية على شكل توجيه خلفي، والامتناع عن إصدار الأحكام، وإعادة صياغة رسالة المتحدث - فعلى سبيل المثال، إذا عبر المسترشد عن إحباطه، فقد يستجيب المستمع النشط: "يمكنني أن أفهم كيف يمكن أن يسبب هذا الموقف الإحباط." - وطرح أسئلة لتشجيع المسترشد على توضيح معتقداته أو مشاعره (Paukert, Stagner, & Hope, 2004). ويعرف ستنالي وبرادبوري ومارك مان الاستماع الفعّال (Stanley, Bradbury, & Markman, 2000) بأنه "عملية تلقي المعنى وبنائه والاستجابة للرسائل المنطوقة، أو غير اللفظية". وهو جهاز يُستخدم لإظهار التفهم الوجداني، إذ يمكن التدريب على مهارات التعاطف لكثير من المسترشدين.
والاستماع الفعال والاستجابة من المهارات الأساسية التي يجب على الاختصاصي النفسي تطبيقها خلال جلسة الإرشاد لمساعدة المسترشدين على تحسين نوعية حياتهم، من خلال العمل على حل مشاكلهم وقضاياهم وإجراء تغييرات إيجابية. يجب على الاختصاصي النفسي إظهار الاهتمام بحياة المسترشد، ومشاكله والصعوبات التي يواجهها، ليجعل الشخص الذي يتحدث يشعر بأنه يستحق التقدير والاحترام من خلال التفاعل على مستوى أعمق، ربما عن طريق الكشف عن المعلومات الشخصية؛ فعندما يولي الاختصاصي النفسي اهتمامًا خاصًا لما يقوله المسترشد، فإنه يشجعه على مواصلة الحديث، بالإضافة إلى ضمان بقاء التواصل مفتوحًا وإيجابيًا، ويجعله موقنًا من أنه يشعر بالراحة عند الكشف عن المعلومات الشخصية وتقديم الدعم والتفهم. كما يُطلب من الاختصاصي النفسي أن يأخذ في الاعتبار لغة الجسد التي يعبر بها، وكذلك نبرة الصوت وسرعته، والتركيز فقط على ما يقوله العميل؛ ليتمكن الاختصاصي النفسي من متابعة التدفق المنطقي للمحادثة بسهولة (Nelson-Jones, 2015).
وتتمثل عناصر الاستماع الفعَّال الأساسية في: 1. الفهم: الذي يحلل به المستمع ما يقوله المتحدث ويستمع إليه بنشاط دون تشتيت أو أفكار حول موضوعات أخرى. 2. الاحتفاظ: ينبغي للمستمع أن يتذكر ما قاله المتحدث ليتمكن من نقل رسالة المتحدث كاملة، وقد يختار بعض الأشخاص تدوين الملاحظات أو استخدام حيل الذاكرة عند ممارسة الاستماع النشط. 3. الاستجابة: هي تقديم ملاحظات لفظية وغير لفظية للمتحدث، تشير إلى أن المستمع يسمع ويفهم ما قاله المتحدث (Sommers-Flanagan & Sommers-Flanagan, 2018).
تتعدد أنماط الاتصال التي يتبعها الاختصاصيون في التعامل مع المسترشدين في أثناء الجلسات الإرشادية، ولكل نمط منها أسسه، ومهاراته، وإيجابياته الخاصة. فالتواصل غير اللفظي (Nonverbal behavior) هو عملية نقل فكرة أو شعور أو فكرة من خلال الإيماءات الجسدية والموقف وتعبيرات الوجه. وقد أشار كل من فولو وجيتنيل (Foley, & Gentile, 2010) إلى أن غالبية الاتصالات غير لفظية، رغم أن الإحصائيات الدقيقة للدراسة - التي أظهرت أن نسبة (7%) فقط من أي رسالة تُنقل من خلال الكلمات، و(38%) من خلال العناصر الصوتية مثل النغمة، و55% من خلال العناصر غير اللفظية مثل وضعية أو إيماءة - غالبًا ما تكون متنازعًا عليها. ويمكن أن يتخذ التواصل غير اللفظي أشكالًا عديدة يفسرها أشخاص مختلفون بطرق متعددة، خاصة عبر الثقافات، حتى عدم وجود مثل هذه الإشارات غير اللفظية يمكن أن يكون ذا مغزى، وفي حد ذاته، شكلًا من أشكال التواصل غير اللفظي، وتوفر كل حركة ومجموعة من حركات الجسم - مثل التغيرات في وضع الجسم، واتجاه العينين، وإيماءات الأطراف، والتعبيرات على الوجه - إشارات للآخرين، قد تكون دقيقة أو واضحة، ويمكن أن تكون متناقضة، فمثلًا: قد يقول الشخص شيئًا واحدًا في حين تنقل لغة الجسد رسالة مختلفة تمامًا. قد يكون هذا صحيحًا بوجه خاص عندما لا يقول الشخص الحقيقة. ونظرًا لأن التواصل غير اللفظي غالبًا ما يكون غريزيًا وليس من السهل تزييفه، فهو يشير بوجهٍ عام إلى المشاعر الحقيقية للشخص (Owen, 2013).
ويُنظر إلى السلوكيات غير اللفظية على أنها مركزية ميزة التواصل بين الأشخاص، مع الأحكام والسلوكيات الشخصية في كثير من الأحيان بناءً على الإشارات غير اللفظية. يبقى البحث عن متغيرات تتعلق بتفاعل الاختصاصيِّين مع المسترشدين جانبًا مهمًا لتحديد مستوى العلاقة الإرشادية بينهم، لا سيما في ضوء الأسئلة التفاعلية التي تُطرح لجمع البيانات وتكوينها عن الحالة، ويُنظر إلى الجلسة الإرشادية على أنها مساحة يمكن للمسترشدين استخدامها لسرد الأحداث التي تُعطي معنىً لحياتهم في الماضي والحاضر، وتوقع طبيعة الأشياء القادمة، وهذا يعود إلى فكر المسترشد الذاتي، وتذكره لتجاربه الهامة، وتحديده العوامل الأساسية، والأهداف، والوسائل والظروف المتصلة بالحالة، والجمع بينها لتحقيق القدرة على التفهم الوجداني (Savickas,2019).
أما النمط الثاني من أنماط الاتصال المتبعة في أثناء الجلسة الإرشادية، وهو التواصل اللفظي (Verbal behavior) مع المسترشدين، فيمثل تفسيرًا عاطفيًا بطبيعته، لا سيما عندما يُترجم في أثناء التفاعلات (Cahour, 2006)؛ مما يؤثر في التفهم الوجداني الذي ينعكس بدوره على الاستماع الفعّال أثناء الجلسة وشكل الاتصال المتبع مع المسترشدين، من خلال إنشاء الحالات التعاطفية لتقويم الحالة اعتمادًا على المعنى المنسوب إليها من قبل المسترشدين (Scherer, Schorr & Johnstone, 2001). وتضع الجلسة الإرشادية الاختصاصي النفسي في حالة الاستماع إلى روايات مُحمَّلة بمحتوىً عاطفيٍ متنوع في أي وقت خلال الجلسة؛ لذا فإن إسهام الاختصاصي النفسي وتفهمه العاطفي وقدرته على الاستماع الفعّال له دور حاسم في العملية الإرشادية (Delory-Momberger, 2010). وتؤكد نظرية الاتصال (Communication Theory) وجود ثلاثة أنواع من مهارات الاتصال الشفوي، هي: التقديم، والاستماع، والتحدث. والتقديم (التعبير الشفوي) هو "إرسال رسالة صوتية"، والاستماع (الفهم الشفوي) هو "تلقي رسالة عن طريق الفم"، ويشير التحدث إلى العرض التفاعلي والاستماع الذي يحدث في وقتٍ واحد. وتنطوي مهارة التحدث على قدر أكبر من التفاعل؛ أي إن أشكال الاتصال في اتجاهين ومتزامنين على حدٍ سواء، إذ تتعدد أنواع السلوكيات المتعلقة بالتحدث منها: التأثير، والإقناع، والتفاوض، وحل النزاعات، وتقديم المشورة، والإعلام، والوصف، والأنواع الثلاثة من مهارات الاتصال الشفوي هي: الهرمية، وتعني أن التحدث يتطلب كلًا من العرض والاستماع؛ لذا، فإن القدرة على التأثير (أي نوع من التحدث) تتطلب مهارات العرض والاستماع على حدٍ سواء (Beatty, 1999).
تتبع الباحث الدراسات السابقة التي تناولت متغيرات الدراسة كعلاقات بينها، وجدولها في العرض الحالي وفق الترتيب الزمني الأحدث، فقد بينت دارسة رامسير (Ramseyer, 2020) أهمية استكشاف التزامن غير اللفظي بوصفه نمط اتصال في أثناء العلاج النفسي بوصفه منظورًا نفسيًّا بصور مختلفة، وبحثت عقبات التقويم في عملية العلاج النفسي، وتقليل الفجوة بالتزامن بين الاتصال غير اللفظي في أثناء جلسة العلاج. تكونت عينة الدراسة من (150) عملية من عمليات العلاج النفسي المتعددة التي درست (12) متغيرًا نفسيًا. ِأشارت نتائجها إلى أهمية التركيز على حركة جسم المسترشد والمعالج (لغة الجسد)، وتقارير الجلسات لتحديد عملية التزامن بين الاتصال غير اللفظي في أثناء العلاج، وبينت أن التزامن غير اللفظي كان مختلفًا عن النتائج المتوقعة مسبقًا، ووجدت ارتباطات بين مستوى الجلسة والتحاليل الصوتية.
كما أجرى برون وإثيريقتون (Brown, Yu, & Etherington, 2020) دراسة للتحقق من دور مهارات الاستماع والتواصل بين الأشخاص بصفتها منبئًا عن الكفاءة المهنية لدى الدارسين لتخصص العلاج المهني. تكونت عينة الدراسة من (135) طالبًا في مستوى السنتين الثالثة والرابعة في مرحلة البكالوريوس في جامعة موناش في أستراليا. أجاب المشاركون عن مقياس الاستماع العاطفي النشط، ومقياس كفاءة التواصل بين الأشخاص. أشارت نتائج الدراسة إلى وجود ارتباطات ذات دلالة إحصائية بين الاستشعار والمساءلة المتوقعة، والكشف عن الذات، والمهام الموجهة والواجب المتوقع، والتعبير والحزم، والإيثار. وبينت نتائج الدراسة أهمية الاستماع الفعَّال والتواصل بين الأشخاص في تطوير جوانب الاحتراف والتدريب للطلبة، وأوصت نتائج الدراسة بأهمية التدريب على مهارات الاستماع الفعَّال والتواصل النشط بين الطلبة، وتطوير الهوية المهنية لديهم.
ولمعرفة مهارات المعالج المرتبطة بالمهارات العاطفية للمسترشدين في العلاج النفسي الديناميكي، أجرى كل من أنفيري وهيل ووكيفيلهان (Anvari, Hill, & Kivlighan, 2020) دراسة من خلال تحديد أربع مهارات مرتبطة ارتباطًا رئيسًا بالمهارات العاطفية، منها: إعادة الصياغة، والأسئلة المفتوحة المركزة على المشاعر. تكونت عينة الدراسة من (36) مسترشدًا و(22) معالجًا. أشارت نتائج الدراسة إلى أنَّ المعالجين أعطوا المسترشدين بعض الأدوات لقياس طرقهم في التعرف على عواطفهم، ودُرِّبوا عليها، وقد تبين تحسنٌ ملحوظٌ في التعبير عن عواطفهم، بعد الاستماع الفعّال لهم، وكذلك إعادة العبارات إليهم، وتنويع أساليب الاتصال بهم في أثناء طرح الأسئلة، واستخدام كل الطرق مع المسترشدين الذين يعانون من التعلق والذين لا يعانون منه. كما تبين أن مقدار العاطفة التي يُعبر عنها المسترشدون مختلفة، تبعًا لتعاطف المعالج وقدرته على الاستماع العاطفي والأسلوب المتبع مع المسترشد.
وبهدف معرفة تأثير اليقظة العقلية في التعاطف والاستماع الفعّال والأحكام المتصورة والدعم العاطفي، قام كل من جونز وبودي وهيجز (Jones, Bodie, & Hughes, 2019) بدراستهم على العينة المكونة من (183) مستجيبًا. أشارت نتائج الدراسة إلى أن التعاطف والاستماع الفعّال يتوسطان العلاقة بين اليقظة العقلية و(الوصف - الملاحظة) ومقاييس النتائج الإدراكية، بنسبة بلغت (62%) من التباين. وبينت نتائج نمذجة المعادلات البنائية أهمية تأثير التفهم والوعي الوجداني في الرقابة الذاتية، ووصف التفهم الوجداني وعدم إصدار أحكام لكونه يتنبأ سلبًا بالتعاطف والاستماع الفعَّال واليقظة بصفتها عاملًا مهمًا في اليقظة الذهنية، وتأثيره في الجوانب العاطفية المعرفية في عمليات الاتصال الإرشادي.
وبهدف الكشف عن العلاقة بين معتقدات المعالجين حول مسؤوليتهم عن الحل لمشاكل عملائهم في العلاج مع ردود أفعالهم العاطفية، والاستماع الفعّال، والاستماع غير الفعَّال مع بعض المسترشدين، والفروق في العلاقة وفقًا لمتغير خبرة المعالج، وردود الأفعال السلبية كونها متغيرات مستقلة قد تؤثر في المشاعر السلبية، ومعرفة قدرة المعالجين على استخدام الاستماع النشط؛ قام ديفيد (David, 2017) بدراسته على عينة مكونة من (91) معالجًا لم يتخرجوا في الجامعة (في مرحلة التدريب)، وقِيس دور التفهم الوجداني في العلاج النفسي. أِشارت نتائج الدراسة إلى وجود ارتباط بين استخدام الاستماع الفعّال ومجال المعتقدات التي يمتلكها المعالجون، وأوصت نتائج الدراسة بأهمية تدريب المعالجين على استخدام المهارات الدقيقة في العلاج والاستماع الفعّال.
وقد أشارت العديد من نتائج الدراسات التي بحثت الاتصال في أثناء الجلسة الإرشادية، كالدراسة التي قام بها كل من يون وكيم وكيم وياو (Yoon, Kim, Kim, & You; 2016) إلى أهمية التحقق من أثر التواصل اللفظي وغير اللفظي للاختصاصيِّين النفسيين في رضا المسترشدين وثقتهم بهم لإطالة العلاقة الإرشادية بينهما؛ بهدف تعزيز مساهمة الاختصاصيِّين النفسيين على نمو الاستشارات النفسية وتطويرها وتصحيح مسار العلاقة الإرشادية. تكونت عينة الدراسة من (142) مستفيدًا من خدمات الإرشاد والعلاقة الإرشادية. أشارت النتائج إلى تأثير اللغة المكانية وعناصرها، مثل: مسافة المحادثة مع المسترشدين، والمظهر، ولغة الجسد، مثل: الإيماءات والتواصل البصري والابتسامات، تأثيرًا كبيرًا في رضا المسترشدين، وثقتهم بالاختصاصي النفسي والتوجه نحو إطالة مدة العلاقة الإرشادية، بمعنى أن تنوع نمط الاتصال المتبع يزيد من ثقة المسترشدين، وبينت كذلك أهمية التواصل غير اللفظي في بلورة طبيعة العلاقة الإرشادية وتجسيدها، والمحافظة على مدتها الزمنية، كما أوضحت أن العلاقة الإرشادية طويلة الأمد تنعكس على رضا المسترشدين وتقبلهم للخدمات المقدمة لهم.
أما دراسة بودي، وفيكري، وكانافا، وجونز (Bodie, Vickery, Cannava, & Jones, 2015)، فبحثت دور الاستماع الفعّال في المحادثات غير الرسمية وتأثيرها في تصورات المستمع، والدعم والتحسن العاطفي. تكونت عينة الدراسة من (41) مستمعًا مدربًا على نحو فعّال، و(13) مستمعًا غير مدربي، دُرِّبوا على مهارات الأسئلة المفتوحة، وإعادة صياغة المحتوى، وإظهار المشاعر، واستخدام التحقق من الافتراضات، فضلًا عن أن يكون الاتصال بنوعية (اللفظي، وغير اللفظي). أشارت النتائج إلى أن الاستماع الفعّال يشير إلى الوعي العاطفي، ويعزز التحسن العاطفي، في حين أنه لا يؤثر في طبيعة العلاقات والقدرة على حل المشكلات، وأظهرت النتائج أن الاتصال غير اللفظي أكثر أهمية في التنبؤ بالنتائج مقارنة بالسلوكيات غير اللفظية؛ مما يشير إلى أدوار معينة لتقنيات الاستماع النشط أثناء في الجلسة الإرشادية.
ومن أجل التعرف على أهمية الاستماع الفعّال في المجالات المهنية والعلاجية، قام كل من ويجر، وكاسل بيل، وميني، وروبينسون (Weger Jr, Castle Bell, Minei, & Robinson, 2014) بدراسة عن الفاعلية النسبية للاستماع الفعّال في التفاعلات، تكونت عينة الدراسة من (115) مشاركًا مدربين على الاستجابة لرسائل الاستماع النشطة. أشارت النتائج إلى أن المشاركين الذين تلقوا استجابات استماع نشطة شعروا بفهم أكثر من المشاركين الذين تلقوا نصائح أو قرارات بسيطة، كما تبين أن أفراد المجموعة الأولى يتمتعون برضا عن محادثاتهم وأنهم أكثر جاذبية اجتماعيًا مقارنة بالآخرين.
وبهدف تحليل التفاعل اللفظي الذي يحدث بين المسترشد والمعالج في أثناء التدخل السريري، من خلال تحليل عمليات التعلم المحتملة التي قد تكون مسؤولة عن التغييرات في سلوك المسترشد؛ أجرى ريوز سنجو، وفورجان بارجو، وكاليرو إيليفيرا (Ruiz-Sancho, Froján-Parga, & Calero-Elvira, 2013) دراسةً تكونت عينة التحليل فيها من (92) جلسة إلى (19) حالة إكلينيكية، تعامَل معها (9) معالجين، تمثلت عملية التحليل للسلوكيات اللفظية بين المعالج والمسترشد، وصُنفت وفقًا لوظائفها أو أشكالها المحتملة. أشارت نتائج الدارسة إلى وجود عمليات "اتصال" لفظية يوجه المعالج من خلالها السلوك اللفظي للمسترشد، كما أن السلوك غير اللفظي من المسترشد يُساعد المعالج في فهم أفكاره وتحديدها.
وبهدف فحص دور الاستماع الفعّال لدى الاختصاصي النفسي وتأثيره في الكفاءة الذاتية، من خلال التركيز على واحدة من المهارات الدقيقة في أثناء التدريب؛ فقد قام ليفيت (Levitt, 2002) بدراسة تكونت من (5) اختصاصيِّين من المتدربين في برنامج الماجستير ويمارسون العمل المهني. أشارت نتائج الدراسة إلى أهمية الاستماع الفعّال في التعليمات والاشراف الفردي، والكفاءة الذاتية، وتحسين مهارات الفهم العاطفي للمسترشدين، وانعكاس المشاعر، والاهتمام بنقاط القلق لديهم، وأظهرت النتائج تحسنًا لدى المسترشدين ورضاهم عن العلاقة الإرشادية تبعًا للنتائج التي توصلوا إليها.
يتضح من عرض الدراسات السابقة أنها تناولت عددًا من المتغيرات النفسية التي تتناول الجلسة الإرشادية والعلاقة بين هذه المتغيرات من وجهات نظر مختلفة عند المعالجين والاختصاصيِّين النفسيين، في حين أن الدارسة الحالية تتفق مع الدراسات السابقة من حيث الاطار العام للمنهج، وأهداف الدراسة، والعينة المستخدمة، وكذلك في بعض الأدوات التي طُبقت، في حين أنها تميزت بتركيزها على الاختصاصي النفسي وتأثير بعض المتغيرات ذات الصلة فيه، وتتمثل في الاستماع الفعال، والتفهم العاطفي بصفته حجرَ زاويةٍ أساسيًّا في العلاقة الإرشادية ينعكس تأثيره على محاور العملية الإرشادية كافة، بما يعود على نمط الاتصال المتبع في أثناء الجلسة الإرشادية بالتأثير الإيجابي ويحقق الغاية الأسمى من وجودها، وقد استفيد من عرض الدراسات السابقة في بناء النموذج المقترح لمسارات العلاقة بين هذه المتغيرات، وصياغة فروض الدراسة.
لتحقيق أهداف الدراسة وطبيعتها اسُتخدم المنهج الوصفي (الارتباطي) لجمع معلومات علمية كمية وكيفية عن الظاهرة المدروسة كما تحدث في وضعها الطبيعي دون أية محاولة من الباحث للتأثير في هذه الظاهرة، والكشف عن العلاقات الارتباطية بين المتغيرات (الزغول والهنداوي، 2015، 53).
تكوَّن مجتمع الدراسة من جميع الاختصاصيِّين النفسيين العاملين في جهات مختلفة في مدينة الرياض (العيادات النفسية، ووزارة التعليم، ومراكز الإرشاد الأسري)، ممن انطبقت عليهم شروط المشاركة في الدراسة التي تمثلت في: 1. الحصول على درجة بكالوريوس أو درجة علمية أعلى في تخصص علم النفس أو الإرشاد النفسي. 2. إمضاء أكثر من ثلاث سنوات في ممارسة العمل المهني بوصفه اختصاصيًّا نفسيًّا. 3. إجراء سابق لدراسة حالة ومعالجة بعض المشكلات والاضطرابات النفسية. 4. تقديم الخدمات النفسية في المؤسسة التابع لها. 5. الموافقة على المشاركة في الدراسة الحالية من خلال الاستجابة على أدواتها. 6. الممارسة الجارية لمهنة الاختصاصي النفسي في أثناء فترة إجراء الدراسة.
وتكونت عينة الدراسة الكلية من (278) اختصاصيا نفسيًا، منهم (32) عينة استطلاعية و(224) عينة أساسية، بعد استبعاد الإجابات غير المكتملة التي لا تتوافق وأهداف الدراسة وعددها (22) إجابة. جرى اختيارهم بالطريقة العشوائية البسيطة (Random Sample) من خلال رابط إلكتروني (Google Form) أعدَّ نظرًا لظروف الجائحة (كوفيد-19)، وتُحُقِّق من فاعلية التقنية وصلاحيتها للتطبيق. ويوضح الجدول (1) وصفًا دقيقًا لخصائص أفراد الدراسة تبعًا لمتغيراتهم الديموغرافية.
جدول (1): توزيع أفراد عينة الدراسة وفقًا لمتغيرات النوع الاجتماعي والعمر، وسنوات الخبرة والدرجة العلمية (ن = 224)
المتغير |
الفئة |
العدد |
النسبة |
المتوسط |
الانحراف المعياري |
النوع |
ذكور |
94 |
42.3 |
1.5766 |
0.49522 |
إناث |
128 |
57.7 |
|||
العمر |
25-35 سنة |
103 |
46.4 |
1.7973 |
0.82899 |
36-45 سنة |
61 |
27.5 |
|||
46 فأكثر |
58 |
26.1 |
|||
سنوات الخبرة |
3-5 سنوات |
87 |
39.2 |
1.8964 |
0.82005 |
6- 10 سنوات |
71 |
32.0 |
|||
10 سنوات فأكثر |
64 |
28.8 |
|||
مكان العمل |
العيادات النفسية |
68 |
30.6 |
1.7928 |
0.60342 |
وزارة التعليم |
132 |
59.5 |
|||
مراكز الإرشاد النفسي |
22 |
9.9 |
|||
الدرجة العلمية |
بكالوريوس |
168 |
75.7 |
1.2432 |
0.43001 |
دراسات عليا |
54 |
24.3 |
يتضح من الجدول (1) أن عدد المشاركين في الدارسة من الإناث (128) بنسبة (57.7%) مقارنة بالذكور، وغالبية المشاركين تراوحت أعمارهم بين (25-35) سنة بعدد (103) ونسبة (46.4%)، وغالبيتهم تمتد سنوات خبرتهم من (3- 5) سنوات (87) بنسبة (39.2%)، و(132) من الاختصاصيِّين النفسيين العاملين في وزارة التعليم بنسبة (59.5%) و(168) بنسبة (75.7%) وفقًا لمتغير الدرجة العلمية.
شملت أدوات الدراسة ثلاثة مقاييس، وهي: مقياس التفهم الوجداني، ومقياس الاستماع الفعال، ومقياس أنماط الاتصال مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية. وفيما يلي عرضٌ مفصل لكل مقياس وإجراءات التحقق من خصائص السيكومترية.
استخدم في الدراسة الحالية مقياس التفهم الوجداني الذي أعدَّته الطراونة (2019)، المكوَّن (34) فقرة موزعة على ستة أبعاد فرعية، وهي: بعد المعاناة (Suffering) (1-8)، وبعد المشاركة الإيجابية (Positive participation) (9-14)، وبعد الاستجابة الملحة (Urgent response) (15-19)، وبعد الانتباه الوجداني (Emotional Attention) (20-24)، وبعد الشعور بالآخرين (Feeling in others) (25-29)، وبعد الانتقال الوجداني (Affective Transition) (30-34).
أ. صدق المحتوى: تحققت مُعدة المقياس الطراونة (2019) من صدقه، إذ تراوحت معاملات الارتباط بين (0.348 -0.611)، وجميعها ذات دلالة إحصائية. ولغايات الدراسة الحالية جرى التحقق من كفاءة الأداة السيكومترية من خلال عرض المقياس على عدد (ن= 7) محكمين من الاختصاصيين في المجال النفسي، والقياس والتقويم من أعضاء هيئة التدريس في علم النفس، لاتيقُّن من مدى وضوح العبارات، وارتباطها بأبعاد الدراسة، وخلوها من الفقرات الغامضة وغير الواضحة، والملائمة لبيئة الدراسة (المملكة العربية السعودية)، وفي ضوء ملحوظات المحكمين فقد عُدِّلت بعض الفقرات من حيث الصياغة اللغوية فقط، واحتفظ المقياس بـ (34) فقرة، مثل: (أتضايق عندما أرى طفلًا صغيرًا يعامل بقسوة) صيغت إلى (أشعر بضيق عندما أرى قسوة في التعامل مع الأطفال).
ب. صدق معاملات الاتساق الداخلي: تُحُقِّق من صدق الاتساق الداخلي من خلال حساب معامل ارتباط الفقرة بالبعد الذي تنتمي إليه؛ للتيقن من صدق المقياس على عينة استطلاعية مماثلة لعينة الدراسة الأصلية وعددهم (ن=32)، وأظهرت النتائج أن قيم معاملات ارتباط العبارات ببعد المعاناة تراوحت بين (0.592**-0.800**)، وببعد المشاركة الإيجابية تراوحت بين (0.626**-0.805**) وببعد الاستجابة الملحة تراوحت (0,295**-0,616**) بعد الانتباه الوجداني تراوحت بين (0.411**-0.588**)، وببعد الشعور بالآخرين تراوحت بين (0.366**-0.532**)، وببعد الانتقال الوجداني تراوحت بين (0.235**-0.454**). وتدل النتائج على أن قيم معاملات الارتباط البينية لمجالات أداة الدراسة كانت أكبر من (0.20)، وهي قيم مقبولة ودالة إحصائيًا عند مستوى (0.01). كما تراوحت قيم معاملات ارتباط أبعاد مقياس التفهم الوجداني بين (0.244* - 0.588**)، وبلغت قيم معاملات الارتباط بين أبعاد المقياس والدرجة الكلية (0.589** - 0.753**)، وهي قيم مقبولة ودالة إحصائيًا عند مستوى (0.01).
ج. ثبات مقياس التفهم الوجداني تحققت الطراونة من ثبات مقياس التفهم الوجداني (2019)، فقد تراوحت قيم معاملات ثبات كرونباخ ألفا بين (0.75-0.82) وبلغت قيم معاملات ثبات التجزئة النصفية سبيرمان براون (0.74-0.81). وباستخدام معامل ألفا كرونباخ (Cronbach's alpha) جرى التحقق من مؤشرات ثبات الأداة في الدراسة الحالية، إذ تراوحت قيم معاملات الثبات أبعاد المقياس ما بين (0,79-0,90) وهي تعبر عن مستوى مناسب ومقبول إحصائيًا؛ إذ تراوحت قيم معاملات الثبات بين (0.80 0.79؛ 0.80؛ 0.90؛ 0.87) على التوالي للأبعاد الفرعية، في حين بلغت قيمة الثبات للأداة ككل (0.90). وفي ضوء ما أشار إليه الفقي (2016) فإن مستوى (0,07 (يدل على ثبات المقياس وصلاحية استخدامه.
ويتمثل تصحيح مقياس التفهم الوجداني من خلال استجابة الاختصاصي النفسي على المقياس على مقياس ليكرت الخماسي (1= غير موافق تمامًا، 2= غير موافق، 3= محايد، 4= موافق، 5= موافق تمامًا). وتكون أعلى درجة يمكن الحصول عليها على المقياس (170) وأدنى درجة (34). ويكون الحكم على الأداة من خلال حساب أعلى قيمة مطروحًا منها أقل قيمة، بحيث تكون على النحو التالي: (1-2.33 منخفض؛ 2.34-367 متوسط؛ 368 فأعلى مرتفع).
استخدم في الدراسة الحالية مقياس الاستماع الفعّال الذي أعدَّه بودي، وفيكري، وكانافا، وجونز (Bodie, Vickery, Cannava, & Jones, 2015) للغة الإنجليزية، الذي طوَّره حديثًا كل من آساي وهيرايزومي وهانزوا؛ ليناسب البيئة اليابانية (Asai, Hiraizumi, & Hanzawa, 2020). يتكون المقياس من (11) عبارة موزعة على ثلاثة أبعاد فرعية، هي: بعد الاستشعار ويتكون من (4) عبارات، وبعد المعالجة ويتكون من (3) عبارات، وبعد الاستجابة ويتكون من (4) عبارات.
أ. صدق المحتوى: تحقق مطورو المقياس للبيئة اليابانية آساي وهيرايزومي وهانزوا (Asai, Hiraizumi, & Hanzawa, 2020) من صدقه، فتراوحت معاملات الصدق الداخلي للعبارات بين (31. 0 -35. 0) وبدلالة إحصائية. كما جرى التحقق من صدق المحتوى من خلال ترجمة اختصاصيين من اللغة الأجنبية إلى اللغة اليابانية، ولغايات الدراسة الحالية جرى التحقق من الخصائص السيكومترية للأداة، وأُعدت الصورة العربية للمقياس: تُرجم المقياس إلى اللغة العربية، وعرض على متخصصين في علم النفس من أعضاء هيئة التدريس ممن يجيدون اللغتين للتحقق من صحة الترجمة، وأجيزت التعديلات المقترحة في الصياغة اللغوية، وصياغة المعنى، وأُجريت ترجمة عكسية للنسخة العربية من المقياس. وعُرض المقياس على عدد (ن= 7) محكمين من الاختصاصيين في المجال النفسي؛ للتيقن من مدى وضوح العبارات، وارتباطها بأبعاد الدراسة، وخلوها من الفقرات الغامضة وغير الواضحة، والملائمة لبيئة الدراسة (المملكة العربية السعودية). وفي ضوء ملاحظات المحكمين فقد عُدلت بعض الفقرات، مثل: (أدرك ما يشير إليه الآخرون لكنني لا أقول) وأصبحت الصياغة (أدرك ما يقصده الآخرون (المسترشدون) وأفهمها لغايات العلاج). واحتفظ المقياس بـ (11) عبارة، وقد بلغت نسبة الاتفاق بين المحكمين (80%).
ب. صدق معاملات الاتساق الداخلي: تُحُقِّق من صدق الاتساق الداخلي، من خلال حساب معامل ارتباط الفقرة بالبعد الذي تنتمي إليه؛ للتيقن من صدق المقياس على عينة استطلاعية مماثلة لعينة الدراسة الأصلية وعددهم (ن=32). وأظهرت النتائج أن قيم معاملات ارتباط العبارات ببعد الاستشعار قد تراوحت بين (0.233*-0,256*)، وببعد المعالجة تراوحت بين (0.216*-0.553**)، أما ببعد الاستجابة، فتراوحت بين (0.327*-0.553**) وتدل النتائج على أن قيم معاملات الارتباط البينية لمجالات أداة الدراسة كانت أكبر من (0.20)، وهي قيم مقبولة ودالة إحصائيًا عند مستوى (0.01). كما تراوحت قيم معاملات ارتباط أبعاد مقياس الاستماع الفعّال بين (0.545**-0.809**)، وبلغت قيم معاملات الارتباط بين أبعاد المقياس والدرجة الكلية (0.804**-0.936**)، وهي قيم مقبولة ودالة إحصائيًا عند مستوى (0.01).
ج. ثبات مقياس الاستماع الفعَّال: تحقق معدُّو الأداة، آساي وهيرايزومي وهانزوا، من ثبات مقياس التفهم الوجداني (Asai, Hiraizumi, & Hanzawa, 2020)، وقد بلغت قيمة معامل ألفا كرونباخ لأبعاد المقياس في صورته الأصلية (0.64؛ 0.61؛ 0.68) على التوالي، وبلغ معامل ثبات الدرجة الكلية (0.82)، وباستخدام معامل ألفا كرونباخ (Cronbach's alpha) كان التحقق من مؤشرات ثبات الأداة في الدراسة الحالية، فقد تراوحت قيم معاملات الثبات أبعاد المقياس بين (0.87 -0.89)، وهي تعبر عن مستوى مناسب ومقبول إحصائيًا؛ إذ بلغت قيمة معامل الثبات (0.89؛ 0.87؛ 0.88) على التوالي، وبلغت قيمة معامل ثبات الأداة ككل (0.92). وفي ضوء ما أشار إليه الفقي (2009) فإن مستوى (0.07) يبين ثبات المقياس وصلاحية استخدامه.
تصحيح مقياس الاستماع الفعَّال: تكون الاستجابة على العبارات على مقياس ليكرت الخماسي (1= أبدًا، 2 = نادرًا، 3= أحيانًا، 4= غالبًا، 5= دائمًا) وجميع العبارات إيجابية. وتكون أعلى درجة يمكن الحصول عليها في المقياس (55) وأدنى درجة (11).
استُخدم مقياس أنماط الاتصال مع المسترشدين الذي أعده السموحي (2015)، المكون من (30) عبارة موزعة على بعدين، هما: الاتصال غير اللفظي: (16) فقرة تتراوح بين (1-13)، والاتصال اللفظي: (14) فقرة تتراوح بين (14-30).
أ. صدق المحتوى: تحقق مُعد المقياس السموحي (2015) من صدق المقياس؛ إذ تراوح معامل الارتباط الداخلي بين (0.91-0.94). وقد بلغت قيمة معامل الارتباط البيني لبعدَي المقياس (0.71). ولغايات الدراسة الحالية جرى التحقق من الخصائص السيكومترية للمقياس؛ فقد عُرض المقياس على عدد (ن= 7) محكمين من الاختصاصيين في المجال النفسي؛ للتيقن من مدى وضوح العبارات، وارتباطها بأبعاد الدراسة، وفي ضوء ملاحظات المحكمين فقد عُدلت بعض الفقرات من حيث الصياغة اللغوية باستبدال كلمة المسترشدين (الموجودة في المقياس بصورته الحالية) بكلمة المرضى من المقياس في صورته الأصلية. واحتفظ المقياس بـ (30) عبارة، وقد بلغت نسبة الاتفاق بين المحكمين (80%).
ب. صدق معاملات الاتساق الداخلي: كان التحقق من صدق الاتساق الداخلي من خلال حساب معامل ارتباط العبارة بالبعد الذي تنتمي إليه؛ للتيقن من صدق المقياس على عينة استطلاعية مماثلة لعينة الدراسة الأصلية وعددهم (ن=32)، وأظهرت النتائج أن قيم معاملات ارتباط العبارات ببعد الاتصال اللفظي قد تراوحت بين (0.235*-0.465*)، وببعد الاتصال غير اللفظي تراوحت بين (0.258*-0.556*)، وتدل النتائج على أن قيم معاملات الارتباط البينية لمجالات أداة الدراسة كانت أكبر من (0.20)، وهي قيم مقبولة ودالة إحصائيًا عند مستوى (0.01). كما تراوحت قيم معاملات ارتباط أبعاد مقياس الاستماع الفعّال بين (0.715**–0.840**)، وبلغت قيم معاملات الارتباط بين أبعاد المقياس والدرجة الكلية (0.954**-0.963**)، وهي قيم مقبولة ودالة إحصائيًا عند مستوى (0.01).
ج. ثبات مقياس أنماط الاتصال مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية: تحقق السموحي (2015) من ثبات المقياس؛ فقد بلغت قيمة معامل ألفا كرونباخ (0.90) (0.92؛ 0.86) على التوالي لبعدَي المقياس، و(0.92؛ 0.86) على التوالي لثبات الإعادة لبعدَي المقياس، و(0.82) للأداة ككل. وباستخدام معامل ألفا كرونباخ (Cronbach's alpha) جرى التحقق من مؤشرات ثبات الأداة في الدراسة الحالية؛ إذ تراوحت قيم معاملات الثبات لأبعاد المقياس (0.89-0.87)، وهي تعبر عن مستوى مناسب ومقبول إحصائيًا، وبلغت قيمة معامل ثبات الأداة ككل (0.93)، وفي ضوء ما أشار إليه الفقي (2009) فإن مستوى (0.07) يبين ثبات المقياس وصلاحية استخدامه.
ويصحَّح مقياس أنماط الاتصال من خلال العبارات السلبية (1، 4، 16، 17، 27)، يجاب عنها على مقياس ليكرت الخماسي (1= أبدًا، 2 = نادرًا، 3= أحيانًا، 4= غالبًا، 5= دائمًا)، وبذلك تتراوح درجات المقياس ككل بين (30-150) درجة، بحيث كلما ارتفعت الدرجة كان ذلك مؤشرًا على زيادة مستوى فاعلية الاتصال مع المرضى، وقد صُنفت استجابات أفراد الدراسة إلى ثلاث فئات، هي: مستوى متدنٍ من الاتصال، وتُعطى للحاصلين على درجة 2.49 فأقل؛ ومستوى اتصال متوسط، وتعطى للحاصلين على درجة تتراوح بين (2.49 - 3.49)؛ ومستوى اتصال مرتفع، وتعطى للحاصلين على درجة (3.49) فأعلى.
جرى التحقق من الكفاءة السيكومترية لأدوات الدراسة، وحُصر أفراد مجتمع الدراسة لتطبيق الأدوات، وأُعد نموذج إلكتروني لتطبيقه، وتُحقق من فاعليته، وصيغت بنود الأدوات، ووُضحت تعليمات شروط المشاركة في الدراسة، تمهيدًا لاختيار عينة الدراسة والتعرف على خصائصها الديموغرافية، وهي: (العمر، والنوع الاجتماعي، ومكان العمل، وسنوات الخبرة، والدرجة العلمية). فرزت إجابات الاختصاصيِّين النفسيين المشاركين في الدراسة، وأُدخلت البيانات على برنامج الحزمة الإحصائية للعلوم الاجتماعية (SPSS) للإجابة عن أسئلة الدراسة، وقد امتدت فترة تطبيق أدوات الدراسة على الفئة المستهدفة من بداية الفصل الدراسي الأول من العام الجامعي 2020/2021 لمدة ستة أسابيع، إلى حين استكمال العدد المطلوب من العينة المستهدفة.
للتحقق من أسئلة الدارسة واختبار صحة فرضياتها، فُرغت إجابات المشاركين في الدراسة على البرامج الإحصائية (SPSS; Amos)، وأُجريت المعالجة الإحصائية باستخدام معامل ارتباط بيرسون (Person)، وحُلل المسار العاملي (Path Analysis) ومعامل ألفا كرونباخ (Cronbach's alpha).
أولا: للإجابة عن السؤال الأول للدراسة "ما النموذج السببي المقترح لتوضيح مسار العلاقات التي تربط بين متغيرات الدراسة، وهي: (التفهم الوجداني، والاستماع الفعال، وأنماط الاتصال مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية)؟"، حُسب معامل ارتباط (person) للكشف عن العلاقة بين متغيرات الدراسة، والكشف عن نموذج سببي عام يمثل الإطار العام للعلاقات.
جدول (2): معاملات الارتباط بين متغيرات الدراسة الرئيسة
المقاييس |
مقياس الاستماع الفعّال |
مقياس أنماط اتصال الاختصاصيِّين النفسيين في أثناء الجلسة الإرشادية |
مقياس التفهم الوجداني |
-0.018 |
0.0431** |
مقياس الاستماع الفعّال |
--- |
0.0455** |
مقياس أنماط اتصال الاختصاصيِّين النفسيين مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية |
يتبين من جدول (2) وجودُ ارتباطات موجبة ذات دلالة إحصائية عند مستوى الدلالة بين مقياس التفهم الوجداني ومقياس أنماط الاتصال مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية؛ فقد بلغت قيمة الارتباط (0.431)، كذلك وجودُ ارتباط موجب بين مقياس الاستماع الفعّال ومقياس أنماط الاتصال مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية؛ إذ بلغت قيمة الارتباط (0.455)، مما يشير إلى أنه بزيادة التفهم الوجداني والاستماع الفعّال يزداد نمط الاتصال بين المسترشدين والاختصاصيِّين النفسيين. كما بُني نموذج سببي بين أبعاد مقاييس الدراسة الرئيسة، بناء على أساس نظري من خلال مراجعة النماذج والدراسات ذات الصلة واستقرائها، وتحديد أهم المتغيرات ذات الصلة بها، واختبار وضعها في النموذج، وهي توضح العلاقة بين المتغيرات خارجية التأثير، ويوضح الجدول (3) معاملات الارتباط بين أبعاد مقاييس الدراسة:
جدول (3): معاملات الارتباط بين أبعاد مقاييس
أبعاد التفهم الوجداني |
مقياس أنماط اتصال الاختصاصيِّين النفسيين مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية |
أبعاد الاستماع الفعال |
مقياس أنماط اتصال الاختصاصيِّين النفسيين مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية |
بعد الانتباه الوجداني |
0.037 |
بعد الاستجابة |
0.485 |
بعد الانتقال الوجداني |
0.215 |
بعد الاستجابة الملحة |
0.139 |
بعد الشعور بالآخرين |
0.454 |
بعد الاستشعار |
0.281 |
بعد المشاركة الإيجابية |
0.557 |
|
|
بعد المعالجة |
0.404 |
|
|
بعد المعاناة |
0.441 |
|
|
يتبين من جدول (3) وجود ارتباط موجب بين أبعاد التفهم الوجداني مع أنماط الاتصال مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية؛ فقد وُجد تباينٌ في قوة الارتباط بين أبعاد التفهم الوجداني وأنماط الاتصال؛ فكانت أعلاها ارتباطًا بين بعد المشاركة الإيجابية وأنماط الاتصال إذ بلغت قيمة الارتباط (0.557)، يليه بعد الاستجابة إذ بلغت قيمة الارتباط (0.485)، في حين وُجدت علاقة سلبية بين بعد الانتباه الوجداني وأنماط الاتصال إذ بلغت قيمة الارتباط (-0.037). كما أُجريَ تحليل المسار لأبعاد الدراسة، وقد جرى التيقن من ملاءمة النموذج من خلال أدلة المطابقة لنموذج الدراسة، كما يوضح الجدول (4).
جدول (4): مؤشرات جودة المطابقة للنموذج المقترح للعلاقة بين التفهم الوجداني والاستماع الفعّال وأنماط اتصال الاختصاصيِّين النفسيين مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية (ن =224)
X2 |
P |
CMIN/df |
GFI |
RFI |
TLI |
CFI |
RMSEA |
427.4 |
0.000 |
4.7491 |
0.754 |
0.569 |
1.239 |
0.552 |
0.459 |
RMSEA جذر متوسط مربعات البواقي؛ CFI مؤشر حسن المطابقة؛ RFI مؤشر المطابقة النسبي؛ GFI مؤشر المطابقة المقارن؛ CMIN/df درجات الحرية؛ p مستوى دلالة؛ X2 |
يتضح من الجدول (4) أن النموذج البنائي لمقياس التفهم الوجداني يتميز بجودة ملاءمة جيدة؛ فقد بلغت قيمة مؤشرات الملاءمة القيم القطعية؛ مما يؤكد على مطابقة النموذج على نحو جيد للبيانات الواقعية، وعليه فقد اختُبر نموذج المسار المفترض المتكامل الشامل للتأثيرات المباشرة وغير المباشرة، من خلال تقدير نموذج المسار المفترض بواسطة تقدير الأرجحية القصوى؛ بهدف التحقق من صحة فرض الدراسة، الذي يتعلق بمؤشرات ملاءمة النموذج والتأثيرات المباشرة وغير المباشرة لمتغيرات الدراسة، ويظهر الشكل الآتي تمثيلًا تخطيطيًا للنموذج المفترض الذي يشمل تقديرات معيارية لمتغيرات الدراسة المستقلة والوسيطة والتابعة. ويُظهر شكل (1) قيم معاملات المسار ودلالتها بالنموذج النهائي.
الشكل (1): قيم معاملات المسار ودلالتها بالنموذج النهائي
يتبين من الشكل (1) أن التقديرات المعيارية لمتغيرات الدراسة والمسارات جاءت ذات دلالة إحصائية لبعضها وفقًا لاستجابات أفراد الدراسة، فيمكن القول بأن أدلة المطابقة لهذا النموذج جيدة. وقد أظهر تحليل المسار دلالة مسارات الارتباط بين جميع الأبعاد الفرعية لمقياس التفهم الوجداني والاستماع الفعّال، وارتباطهما أيضًا بأنماط اتصال الاختصاصيِّين النفسين مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية بعد استخدام مؤشرات التعديل، كما يتبين من تحليل المسار أن انخفاض مستوى الاستماع الفعّال ينعكس سلبًا على مستوى التفهم الوجداني للمسترشدين.
ثانيًا: للإجابة عن السؤال الثاني للدراسة "ما طبيعة أثر الاستماع الفعّال والتفهم الوجداني في أنماط الاتصال المتبعة مع المرضى لدى الاختصاصيِّين النفسين؟"، يتضح من خلال معاملات المسار في الشكل (1) وجود تأثيرات مباشرة لكل من التفهم الوجداني والاستماع الفعّال في أنماط اتصال الاختصاصيِّين النفسيين مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية؛ فقد أظهرت النتائج تأثير التفهم الوجداني والاستماع الفعّال على نحو دال إحصائيًا في اتجاه إيجابي للمتغيرات المستقلة على المتغير التابع.
جدول (5): التأثيرات المباشرة وغير المباشرة لكل من التفهم الوجداني والاستماع الفعّال في أنماط الاتصال المتبعة مع المرضى النفسيين لدى الاختصاصيِّين النفسيين
المتغير المستقل |
Beta |
قيمة (T) |
دلالة إحصائية (T) |
الارتباط (R) |
معامل التحديد (R2) |
قيمة (F) |
دلالة إحصائية (F) |
التفهم الوجداني |
0.622(a) |
8.138 |
0.000 |
0.622(a) |
0.386 |
68.917 |
0.000(a) |
مقياس الاستماع |
8.607 |
0.000 |
|||||
* المتغير التابع: أنماط الاتصال المتبعة مع المسترشدين لدى الاختصاصيِّين النفسيين في أثناء الجلسة الإرشادية. |
يتبين من الجدول (5) وجود أثر ذي دلالة إحصائية عند مستوى الدلالة (α≤0.05) للتفهم الوجداني والاستماع على أنماط الاتصال المتبعة مع المرضى النفسيين لدى الاختصاصيِّين النفسيين في أثناء الجلسة الإرشادية؛ إذ بلغ معامل الارتباط (R) (0.622)، أمّا معامل التحديد (R2) فيشير إلى أنَّ التفهم الوجداني ومقياس الاستماع يفسران ما نسبته (38.6%) من التباين الحادث في متغير أنماط الاتصال المتبعة مع المرضى النفسيين لدى الاختصاصيِّين.
ثالثًا: للإجابة عن سؤال الدراسة الثالث "ما طبيعة أثر الاستماع الفعّال في التفهم الوجداني لدى الاختصاصيِّين النفسين؟"، يتضح من خلال معاملات المسار في الشكل (1) عدم وجود تأثيرات مباشرة للاستماع الفعّال في التفهم الوجداني، كما يتضح في الجدول (6).
جدول (6): التأثيرات المباشرة وغير المباشرة للاستماع الفعّال في التفهم الوجداني لدى الاختصاصيِّين النفسين
المتغير المستقل |
Beta |
قيمة (T) |
دلالة إحصائية (T) |
الارتباط (R) |
معامل التحديد (R2) |
قيمة (F) |
دلالة إحصائية (F) |
الاستماع الفعال |
0.018 |
0.266 |
0.790 |
0.018 |
0.000 |
0.071 |
0.790(a) |
يتبين من الجدول (6) عدم وجود أثر ذي دلالة إحصائية عند مستوى الدلالة (α≤0.05) للاستماع الفعّال على المتغير التابع (التفهم الوجداني)؛ إذ بلغ معامل الارتباط (R) (0.018)، أما معامل التحديد (R2) فيشير إلى وجود تأثيرات مباشرة للاستماع الفعّال في التفهم الوجداني.
رابعًا: للإجابة عن سؤال الدراسة الرابع "ما طبيعة أثر الاستماع الفعّال في أنماط الاتصال المتبعة مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية، من خلال التفهم الوجداني بصفته متغيرًا وسيطًا في النموذج السببي المقترح لدى الاختصاصيِّين النفسيين؟"، يتضح من خلال معاملات المسار في الشكل (1) وجود تأثير مباشر للاستماع الفعّال في أنماط الاتصال المتبعة مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية، كما يتضح في الجدول (7).
جدول (7): التأثيرات المباشرة وغير المباشرة للاستماع الفعّال في أنماط الاتصال المتبعة لدى الاختصاصيِّين النفسيين
المتغير المستقل |
Beta |
قيمة (T) |
دلالة إحصائية (T) |
الارتباط (R) |
معامل التحديد (R2) |
قيمة (F) |
دلالة إحصائية (F) |
الاستماع الفعال |
0.448(a) |
7.432 |
0.000 |
0.448(a) |
0.201 |
55.237 |
0.000(a) |
يتبين من الجدول (7) وجود أثر ذي دلالة إحصائية عند مستوى الدلالة (α≤0.05) للاستماع الفعّال في أنماط الاتصال المتبعة مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية؛ إذ بلغ معامل الارتباط (R) (0.448)، أمَّا معامل التحديد (R2) فيشير إلى أن مقياس الاستماع (بصفته متغيرًا مستقلًا) يُفسر ما نسبته (20.1%) من التباين الحادث في متغير أنماط الاتصال المتبعة مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية، ويمكن تمثيل ذلك من خلال المسار في الشكل (2).
الشكل (2): يمثل مسارات الاستماع الفعّال على مقياس أنماط الاتصال المتبعة مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية.
هدفت الدراسة إلى بناء نموذج سببي مقترح للعلاقة بين التفهم الوجداني والاستماع الفعَّال وأنماط اتصال الاختصاصيِّين النفسيين مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية. وفيما يتعلق بالسؤال الأول، فقد أظهرت نتائج الدراسة وجود نموذجٍ يمكن من خلاله التعبير عن العلاقة بين متغيرات الدراسة؛ فقد أظهر تحليل المسار دلالة مسارات الارتباط بين جميع الأبعاد الفرعية لكل من التفهم اوجداني والاستماع الفعّال وارتباطهما بأنماط الاتصال التي يتبعها الاختصاصيِّون النفسيون مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية بعد استخدام مؤشرات التعديل. وتأتي هذه النتيجة متسقة مع نتائج عدد من الدارسات السابقة التي بحثت العلاقة بين تلك المتغيرات على عينات مختلفة، مثل: دراسات (Xiao, Butner, Hilpert, Narayanan, & Imel, 2020)، و(Soma, Baucom, Anvari, Hill, & Kivlighan, 2020)، و(Ramseyer, 2020)، و(Brown, Yu, & Etherington, 2020)، و(David, 2017)، و(Bodie, Vickery, Cannava, & Jones, 2015)، و(Weger Jr, Castle Bell, Minei, & Robinson, 2014). وبعد التوصل إلى النموذج الملائم الذي عكس ارتباط متغيرات الدراسة الثلاثة وبعض أبعادها معًا، اختُبرت التأثيرات المباشرة وغير المباشرة، وطبقًا لنتائج الدراسة اتضح من معاملات الارتباط أن انخفاض الاستماع الفعَّال ينعكس سلبًا على التفهم الوجداني للمسترشدين، وهذا ما أكدته نتائج الدراسات السابقة، مثل: دارسة (Kwon, & Jo, 2012; Machado, Beutler, & Greenberg,1999).
أما عن نتائج السؤال الثاني، فقد اتضح من خلال معاملات المسار وجود تأثيرات مباشرة لكل من التفهم الوجداني والاستماع الفعّال في أنماط اتصال الاختصاصيِّين النفسيين مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية؛ إذ أظهرت النتائج تأثيرًا للتفهم الوجداني والاستماع الفعّال على نحوٍ دال إحصائيًا في اتجاه إيجابي لتأثير المتغيرات المستقلة على المتغير التابع، وقد جاءت هذه النتيجة متسقة مع الدراسات السابقة (Jones, Bodie & Hughes, 2019; Weger Jr, Castle Bell, Minei & Robinson, 2014; Bodie, Vickery, Cannava & Jones, 2015) التي أكدت نتائجها على دور الاستماع النشط في المحادثات وتأثيرها في تصورات المستمع، والدعم، والتحسن العاطفي، وبينت أن الاستماع الفعال يشير إلى الوعي العاطفي ويعزز التحسن العاطفي. وبينت نتائج نمذجة المعادلات البنائية أهمية تأثير الوعي العاطفي في الرقابة الذاتية ووصف التفهم العاطفي وعدم إصدار أحكام، وأن الاستماع الفعَّال واليقظة عاملان مهمان في اليقظة الذهنية ومؤثران في العاطفة المعرفية في عمليات الاتصال الإرشادي. ويمكن تفسير تأثير التفهم الوجداني في الاستماع الفعّال بكون الاختصاصي النفسي يُعطي أولوية للجانب النفسي للمسترشدين في أثناء الاتصال المباشر في الجلسة الإرشادية؛ بكونه على وعي وإدراك معرفي بأهمية التفهم الوجداني والتفاعل الإيجابي والاهتمام والتقبل غير المشروط، ويعي أهمية الحضور الذهني وأهمية الاستماع الفعّال في بناء العلاقة الإرشادية وتكوينها على أسس رصينة في العلاج؛ فضلًا عن دوره البنَّاء بوصفه خطوة أساسية من خطوات العلاج بتحسين العلاقة من خلال سبر خبرات المسترشد، وتفهم احتياجاته، والوقوف على جروحه العاطفية، ونقله إلى الجانب الإيجابي من خبراته التي يعايشها؛ مما يبرر أهمية العلاقة التأثيرية بين المتغيرين؛ إذ إن الاستماع الفعّال، والحضور الذهني، وإدراك معاني المفردات، وطبيعة التواصل المتبع كلها عناصرُ تمثل جوهرًا أساسيًا في بناء العلاقة والحكم على استمرارها وتقدمها، والتنبؤ بصحة العلاقة وتحسن حالة المسترشد النفسية. وهذا ما أكدته نتائج الدراسات (Elliott, Bohart, Watson, & Greenberg, 2011; Brown, Yu & Etherington,2020) التي أشارت نتائجها إلى وجود ارتباطات دالة إحصائيًا بين الاستشعار والمساءلة المتوقعة، والكشف عن الذات، والمهام الموجهة والواجب المتوقع، والتعبير والحزم، والإيثار، وأهمية الاستماع الفعّال والتواصل بين الأشخاص في تطوير جوانب الاحتراف والتدريب.
وبينت نتيجة السؤال الثالث من خلال معاملات المسار عدم وجود تأثيرات مباشرة للاستماع الفعّال في التفهم الوجداني، على نحو دال إحصائيًا عند مستوى (0.05)، وتُعزى هذه النتيجة إلى كون الاستماع الفعّال يعد جانبًا أساسيًا من فهم المسترشد، وتفهم الحالة وإدراك معاناتها، بما يعني أن الاستماع الفعّال أحد الجوانب والأركان الأساسية التي يقوم عليها التفهم الوجداني، ويمكن تفسير هذه النتيجة أيضا بدور خبرة الاختصاصي النفسي، ودقته التعاطفية، وكفاءته الذاتية، وهذا يتفق مع نتائج دراستَي (Kwon, & Jo, 2012; Elliott, Bohart, Watson & Greenberg, 2011) اللتين كشفت نتائجهما أن مستوى خبرة الأخصائي النفسي تتمثل في الدقة العاطفية، وترتبط بنتائج العملية العلاجية وتنعكس عليها. كما وضحت نتائج هذه الدراسات حجم التأثير الموزون لعلاقة التعاطف بنتائج العلاج النفسي، فقد بلغت (31%)؛ مما يشير إلى أن التعاطف يمثل ما يقارب تسعة في المائة من التباين في النتائج العلاجية، وهذه النسب تدلل على أن العلاقة والتأثير جاءا على نحو غير مباشر وهي نسبة منخفضة، ولكنها ذات أثر فاعل في قوة العلاقة ودلالتها الإحصائية.
وفيما يتعلق بالسؤال الرابع، فقد أشارت معاملات المسار إلى وجود تأثير مباشر للاستماع الفعّال في أنماط الاتصال المتبعة مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية؛ فقد أظهرت النتائج وجود تأثير إيجابي ذي دلالة إحصائية عند مستوى (0.05)، وهذا يتسق مع نتائج العديد من الدارسات السابقة، مثل: (Anvari, Hill,. & Kivlighan, 2020; Jones, Bodie, & Hughes, 2019; David, 2017; Yoon, Kim, Kim, & You, 2016; Bodie, Vickery, Cannava, & Jones, 2015; Weger Jr, Castle Bell, Minei, & Robinson, 2014; Levitt, 2002)، التي أشارت بوجهٍ عام إلى وجود علاقة دالة إحصائيًا بين الاستماع الفعّال وطريقة الاتصال المتبعة مع المسترشدين في أثناء الجلسة الإرشادية، ودورها في تقبل المسترشد، وبناء الثقة الإرشادية، وتطوير العلاقة العلاجية وتنميتها، ودور الاستماع في إطالة الجلسات الإرشادية، والإسهام الفعّال في خفض الاضطرابات ومعاناة المسترشدين، بمعنى أن ارتفاع اللغة المستخدمة يزيد من ثقة المسترشدين. وتنعكس أهمية التواصل غير اللفظي على طبيعة العلاقة الإرشادية والمحافظة على مدتها الزمنية، ورضا المسترشدين وتقبلهم للخدمات. فالمشاركون الذين تلقوا استجابات استماع نشطة شعروا بفهم أكثر من المشاركين الذين تلقوا نصائح أو قرارات بسيطة، كما تبين أن أفراد المجموعة الأولى يتمتعون برضا عن محادثاتهم وأنهم أكثر جاذبية اجتماعية مقارنة بالآخرين.
ويمكن تفسير تأثير الاستماع الفعّال في نمط الاتصال المتبع بأنه يمثل جوهر العلاقة الإرشادية بوجه عام، والجلسة الإرشادية بوجه خاص؛ بما ينعكس على عناصر العملية العلاجية ومراحلها المتمثلة في التفاعل بين الاختصاصي النفسي والمسترشد؛ إذ يجري تبادل المعاني التي تتضمن التواصل اللفظي بواسطة الكلام والإنصات؛ والتواصل غير اللفظي بواسطة الإيماءات والنظرات والحركات الجسمية باليدين أو الرأس، وتعبير المتحدثين بحرية عن أنفسهم، والكشف عن ذواتهم دون حواجز أو دفاعات، وتهيئة الظروف التي تيسر من التغير الإرادي للمسترشد؛ فالإنصات ركن أساسي من أركان العلاقة الإرشادية، ويحقق الاستماع الفعّال كلا من: التقبل، والفهم، والتواصل الإيجابي، والحساسية وهي مهارة أساسية يتميز بها المرشدون، وتُعرَّف بأنها مقدرة المرشد على أن يكون واعيًا بما يحدث في عملية الإرشاد من خلال السلوك اللفظي وغير اللفظي للمسترشد، ويُسهم في بناء العلاقة الإرشادية، وتحديد المشكلة الأساسية، وفحص نوع الاضطراب وتحديده، وتفسيره، وتكوين معتقدات إيجابية لدى المسترشدين.
في ضوء نتائج الدراسة يمكن صياغة التوصيات التالية:
- تركيز اهتمام الاختصاصيِّين النفسيين على دور التفهم الوجداني والاستماع الفعّال بصفتهما محورين أساسيين في العملية الإرشادية.
- تدريب الاختصاصيِّين النفسين العاملين مع المرضى على مهارات الاستماع الفعّال بصفته متغيرًا وسيطًا للتأثير في العلاقة بين التفهم الوجداني وأنماط الاتصال مع المسترشدين.
- تقديم بعض البرامج الإرشادية والعلاجية للإسهام في تدريب الاختصاصيِّين على مهارات إدارة الجلسة الإرشادية ونجاح العملية الإرشادية (التفهم الوجداني، والاستماع الفعال، وأنماط الاتصال مع المسترشدين النفسيين).
- إجراء دراسات توضح العلاقة بين التفهم الوجداني والاستماع الفعّال وأشكال التواصل مع المسترشدين من وجهة نظر الاختصاصيِّين النفسيين ومتلقي الخدمات النفسية.
- إجراء دراسات تشخيصية وتقويمية لمهارات إدارة الجلسة الإرشادية التي يتمتع بها الاختصاصيون.
- إجراء دراسات استكشافية توضح التفاعل بين المتغيرات (التفهم الوجداني، والاستماع الفعال، والمهارات الذاتية، ونوع الاضطراب) لدى ذوي الاضطرابات النفسية وأسرهم.
أولًا: العربية
أبو النور، محمد وخطاطبة، يحيى ومحمد، آمال. (2018). التدريب الميداني في مجالات علم النفس (بين النظرية والتطبيق). دار الزهراء للنشر والتوزيع، الرياض، السعودية.
الزغول، عماد والهنداوي، علي. (2015). مدخل إلى علم النفس. ط8. دار الكتاب الجامعي، العين، الإمارات.
السموحي، أنور. (2015). صراع الأدوار المهنية وأنماط الاتصال مع المرضى لدى الأطباء في الأردن. رسالة ماجستير غير منشورة. جامعة اليرموك، الأردن.
الطراونة، هويدا. (2019). التفهم الوجداني وعلاقته بالأمن الفكري لدى طلبة جامعة مؤته. رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة مؤته، الأردن.
العاسمي، رياض. (2015). علم النفس الإيجابي الاكلينيكي، ج2. دار الإعصار، عمان، الأردن.
الفقي، إسماعيل (2016). التقويم والقياس النفسي والتربوي. مكتبة الرشد، الرياض، السعودية.
بوخنوس، سارة. (2018). المعتقدات الصحية: تناول نظري. مجلة دراسات في علم نفس الصحة ع 7، 148-160.
ثانيًا: الأجنبية
References:
Abū al-Nūr, Muḥammad; wkhṭāṭbh, Yaḥyá; Muḥammad, Āmāl. (2018). Field training in the fields of psychology (between theory and practice) (in Arabic). Dār al-Zahrāʼ lil-Nashr wa-al-Tawzīʻ, al-Riyāḍ.
Afifi, A., & Weiner, J. L. (2004). Toward a theory of motivated information management. Communication Theory, 14(2), 167-190.
Alʻāsmy, Riyāḍ. (2015). Clinical Positive Psychology, Part 2 (in Arabic). Dār alāʻṣār, ʻAmmān.
al-Fiqī, Ismāʻīl. (2016). Evaluation and psychological and educational measurement (in Arabic). Maktabat al-Rushd, al-Riyāḍ.
Alsmwḥy, Anwar. (2015). Conflict of professional roles and patterns of communication with patients among physicians in Jordan (in Arabic), Risālat mājistīr ghayr manshūrah. Jāmiʻat al-Yarmūk, Jordan.
al-Ṭarāwinah, Huwaydā. (2019). Emotional understanding and its relationship to intellectual security among Mu'tah University students (in Arabic), Risālat mājistīr ghayr manshūrah, Jāmiʻat Muʼtah, al-Urdun.
al-Zaghūl, ʻImād wālhndāwy, ʻAlī. (2015). Introduction to Psychology. 8th ed. (in Arabic). Dār al-Kitāb al-Jāmiʻī, ʻAyn.
Andersen, A. & Andersen, F. (2005). Measurements of perceived nonverbal immediacy. In V. L. Manusov (Ed.), The sourcebook of nonverbal measures: Going beyond words (pp. 113–126). Mahwah, NJ: Erlbaum.
Anvari, M., Hill, E., & Kivlighan, M. (2020). Therapist skills associated with client emotional expression in psychodynamic psychotherapy. Psychotherapy Research, 30(7), 900-911.
Asai, K., Hiraizumi, T., & Hanzawa, R. (2020). Reliability and validity of the Japanese version of the active-emphatic listening scale. BMC psychology, 8(1), 1-11.
Beatty, J. (1999). Good listening. Educational Theory, 49, 281-298.
Bodie, D, Vickery, J. Cannava, K., & Jones, M. (2015). The role of “active listening” in informal helping conversations: Impact on perceptions of listener helpfulness, sensitivity, and supportiveness and discloser emotional improvement. Western Journal of Communication, 79(2), 151-173.
Bodie, D, Worthington, D., Imhof, M., & Cooper, O. (2008). What would a unified field of listening look like? A proposal linking past perspectives and future endeavors. International Journal of Listening, 22: 103–122.
Bodie, D. (2011). The Active-Empathic Listening Scale (AELS): Conceptualization and evidence of validity within the interpersonal domain. Communication Quarterly, 59(3), 277-295.
Bodie, D., Vickery, J., & Gearhart, C. (2013). The nature of supportive listening, I: Exploring the relation between supportive listeners and supportive people. International Journal of Listening, 27(1), 39-49.
Brink, E. & Costigan, D. (2015). Oral communication skills: Are the priorities of the workplace and AACSB-accredited business programs aligned? Academy of Management Learning & Education, 14, 205-221.
Brown, T., Yu, L., & Etherington, J. (2020). Are listening and interpersonal communication skills predictive of professionalism in undergraduate occupational therapy students?. Health Professions Education, 6(2), 187-200.
Bryant, L. (2009). The art of active listening. Practice Nurse, 37(6), 49-52.
Burleson, R. (2003). Emotional support skills. In J. O. Greene & B. R. Burleson (Eds.), Handbook of communication and social interaction skills. Lawrence Erlbaum Associates Publishers.
Bwkhnws, Sārah. (2018). Health Beliefs: A theoretical take-up. (in Arabic), Journal of Studies in Health Psychology (7), 148-160.
Cahour, B. (2006). Les affects insinuation d'interaction coopérative: Proposition méthodologique. Le travail humain, 69(4), 379-400.
Corey, G. (2012). Theory and practice of counseling and psychotherapy. Cengage Learning.
David, A. (2017). Therapist beliefs, emotional reactions, and response styles to distressed clients. Unpolished doctoral of Philosophy, University at Buffalo, State University of New York.
Delory-Momberger, C. (2010). La part du récit. L'orientation scolaire ET professionnelle, (39/1), 101-109.
DeVilbiss, S. (2013). An analysis of occupational therapists’ listening behaviors during treatment sessions. Unpublished Master degree, Dominican University of California.
Elliott, R., Bohart, C., Watson, C., & Greenberg, S. (2011). Empathy. Psychotherapy, 48, 43-49.
Fedesco, H. N. (2015). The impact of (In) effective listening on interpersonal interactions. International Journal of Listening, 29(2), 103-106.
Gearhart, G. & Bodie, D. (2011). Active-empathic listening as a general social skill: Evidence from bivariate and canonical correlations. Communication Reports, 24, 86-98.
Gerdes, E., Segal, A., & Lietz, C. A. (2010). Conceptualizing and measuring empathy. British Journal of Social Work, 40(7), 2326–2343.
Hill, E., Roffman, M. Stahl, J. Friedman, S. Hummel, A., & Wallace, C. (2008). Helping skills training for undergraduates: Outcomes and prediction of outcomes. Journal of Counseling Psychology, 55(3), 359–370.
Hojat, M. (2007). Empathy in patient care: Antecedents, development, measurement, and outcomes. Springer Science & Business Media.
Jones, M, Bodie, D., & Hughes, D. (2019). The impact of mindfulness on empathy, active listening, and perceived provisions of emotional support. Communication Research, 46(6), 838-865.
Jones, M. (2011). Supportive listening. The Intl. Journal of Listening, 25(1-2), 85-103.
Karakus Taysi, E. (2019). The effect of listening attitude and listening anxiety on listening comprehension: A regression model. Universal Journal of Educational Research, 7(2), 356-364.
Kwon, I. & Jo, Y. (2012). The relationship among counselor experience level, empathic accuracy, and counseling outcome in the early phase of counseling. Asia Pacific Education Review, 13(4), 771-777.
Lambert, J. & Barley, E. (2001). Research summary on the therapeutic relationship and psychotherapy outcome. Psychotherapy: Theory, Research, Practice, Training, 38, 357-361.
Lester, E. (2002). Crisis intervention and counseling by telephone. Charles C Thomas Publisher.
Levitt, H. (2002). Active listening and counselor self-efficacy: Emphasis on one microskill in beginning counselor training. The clinical supervisor, 20(2), 101-115.
Lewis, H. & Reinsch, L. (1988). Listening in organizational environments. Journal of Business Communication, 25(3), 49-67.
Machado, P, Beutler, E., & Greenberg, S. (1999). Emotion recognition in psychotherapy: Impact of therapist level of experience and emotional awareness. Journal of Clinical Psychology, 55(1), 39-57.
McLeod, J. & McLeod, J. (2011). Counselling skills: A practical guide for counsellors and helping professionals (2nd ed.), London: McGraw-Hill.
Nelson-Jones, R. (2015). Basic counselling skills: A helper′ s manual. Sage
Paukert, A., Stagner, B., & Hope, K. (2004). The assessment of active listening skills in helpline volunteers. Stress, Trauma, and Crisis, 7(1), 61-76.
Prout, A., & Wadkins, J. (2014). Essential interviewing and counseling skills: An integrated approach to practice. Springer Publishing Company.
Ramseyer, T. (2020). Exploring the evolution of nonverbal synchrony in psychotherapy: The idiographic perspective provides a different picture. Psychotherapy research, 30(5), 622-634.
Ruiz-Sancho, M., Froján-Parga, X., & Calero-Elvira, A. (2013). Functional analysis of the verbal interaction between psychologist and client during the therapeutic process. Behavior modification, 37(4), 516-542.
Scherer, R., Schorr, A., & Johnstone, T. (Eds.). (2001). Appraisal processes in emotion: Theory, methods, research. Oxford University Press.
Soma, S., Baucom, R., Xiao, B., Butner, E., Hilpert, P., Narayanan, S., & Imel, E. (2020). Co-regulation of therapist and client emotion during psychotherapy. Psychotherapy Research, 30(5), 591-603.
Sommers-Flanagan, J. & Sommers-Flanagan, R. (2018). Counseling and psychotherapy theories in context and practice: Skills, strategies, and techniques. John Wiley & Sons.
Sprung, M., Münch, M., Harris, L., Ebesutani, C., & Hofmann, G. (2015). Children's emotion understanding: A meta-analysis of training studies. Developmental Review, 37, 41-65.
Stanley, M. Bradbury, N., & Markman, J. (2000). Structural flaws in the bridge from basic research on marriage to interventions for couples. Journal of Marriage and Family, 62(1), 256-264.
Sunnafrank, J. & Ramirez, A. (2004). At first sight: Persistent relational effects of get-acquainted conversations. Journal of Social and Personal Relationships, 21; 361–379.
Trenholm, S. & Jensen, A. (2004). Interpersonal communication. Oxford, UK: Oxford University Press.
Van Berkhout, T. & Malouff, J. M. (2016). The efficacy of empathy training: A meta-analysis of randomized controlled trials. Journal of counseling psychology, 63(1), 32-41.
Van Hasselt, V. Baker, M. Romano, S. Schlessinger, K. M., Zucker, M. Dragone, R., & Perera, L. (2006). Crisis (hostage) negotiation training: A preliminary evaluation of program efficacy. Criminal Justice and Behavior, 33, 56–69.
Weger Jr, H., Castle, G., Minei, M., & Robinson, C. (2014). The relative effectiveness of active listening in initial interactions. International Journal of Listening, 28(1), 13-31.
Weger Jr, H., Castle, R., & Emmett, C. (2010). Active listening in peer interviews: The influence of message paraphrasing on perceptions of listening skill. The Intl. Journal of Listening, 24(1), 34-49.
Westland, G. (2015). Verbal and non-verbal communication in psychotherapy. WW Norton & Company.
Yoon, S., Kim, S., Kim, J., & You, Y. (2016). A study on the impact of consultants’ nonverbal communication on customer satisfaction, trust, and long-term relationship orientation of the client firm. Indian Journal of Science and Technology, 9(26), 1-8.
Young, W. & Cates, M. (2010). Listening, play, and social attraction in the mentoring of new teachers. Mentoring & Tutoring: Partnership in Learning, 18, 215–231.
تاريخ التسليم: 27/4/2021
تاريخ استلام النسخة المعدلة: 30/6/2021
تاريخ القبول: 5/7/2021