واقع برنامج تهيئة المعلمين الجدد مهنيًا في النظام التعليمي القطري - دراسة استطلاعية*

حصة محمد صادق[1]

عائشة أحمد فخرو[2]

مباركة صالح الأكرف[3]

drhissaedu@qu.edu.qa

aishafakhr@qu.edu.qa

mubaraka.alakraf@qu.edu.qa

ملخص

هدفت الدراسة إلى التعرف على واقع برنامج تهيئة المعلمين الجدد في المدارس الحكومية في دولة قطر، كما استهدفت التوصل إلى صيغة مقترحة لتطوير البرنامج الحالي في ضوء تحليله وفقا للإطار المفاهيمي الذي طوره كل من Stansbury وZimmerman عام 2000. ولتحقيق هذه الأهداف اعتُمد على تحليل الوثائق المنشورة حول الأنشطة والاستراتيجيات المستخدمة في برنامج التهيئة، كما أجرِيت مقابلات شبه مقننة مع عدد من مديري المدارس، والنواب الأكاديميين، ومنسقي المواد التعليمية؛ وذلك لدعم البيانات التي وردت في الوثائق، والحصول على تفاصيل إضافية حول آليات تنفيذ الأنشطة والاستراتيجيات ومضمونها. أظهرت النتائج أن معظم الأنشطة المستخدمة حاليا تقع ضمن الأنشطة منخفضه الكثافة وفق تصنيف Stansbury وZimmerman؛ لذلك أوصت الدراسة بإضافة مجموعة أخرى من الأنشطة عالية الكثافة التي قد تسهم في استمرار المعلمين الجدد في المهنة وتنمية وتطوير الأداء المهني والوظيفي.

الكلمات المفتاحية: المعلمون الجدد، برنامج تهيئة المعلمين الجدد، المدارس الحكومية في قطر، استبقاء المعلمين، التنمية المهنية للمعلمين

للاقتباس: صادق، حصة محمد، وفخرو، عائشة أحمد، والأكرف، مباركة صالح. «واقع برنامج تهيئة المعلمين الجدد مهنيًا في النظام التعليمي القطري - دراسة استطلاعية»، مجلة العلوم التربوية، العدد 21 (2023)

© 2023، صادق وفخرو والأكرف، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه؛ طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.


 

The Reality of the Induction Program for Novice teachers in the Qatari Education System: A pilot Study*

Hissa M. Sadiq[4]

Aisha A. Fakhroo[5]

Mubaraka S. Al-Akraf[6]

drhissaedu@qu.edu.qa

aishafakhr@qu.edu.qa

mubaraka.alakraf@qu.edu.qa

Abstract

The study aimed to identify the current reality of the induction program to prepare new teachers in public schools in the State of Qatar, and also aimed to develop a formula for improving the current program, in light of the analysis of the program according to the conceptual framework developed by Stansbury and Zimmerman in 2000. To achieve these goals, analysis of induction program activities and strategies from published documents was conducted. Semi-structured interviews were held with several school principals, vice principals, and coordinators in order to support the data referenced in published documents, and to obtain additional details about the mechanisms for implementing activities, strategies, and the content of the induction program. The results showed that most of the activities currently used fit within the low intensity activities according to the classification of Stansbury and Zimmermann. Hence, the study recommended adding a group of high intensity activities that contribute to the retention of new teachers in their profession and to enhance their professional development.

Keywords: Novice teachers; Induction program; Public schools in Qatar; Teacher retention; Professional development

Cite this article as: Sadiq H., & Fakhroo A. & Al-Akraf M.,"The Reality of the Induction Program for Novice teachers in the Qatari Education System: A pilot Study," Journal of Educational Sciences, Issue 21, 2023

© 2023, Sadiq H., & Fakhroo A. & Al-Akraf M., licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.

 


 

المقدمة

يتوقع الكثير من المعلمين الجدد أن تكون حياتهم المهنية بيسر وسهولة الفترة التي قضوها في التدريب الميداني، ولكن يصطدم عدد منهم بواقع مختلف قد يضطرهم إلى اتخاذ قرار الانسحاب من المهنة في وقت مبكر. يشير Friedman (2000) إلى أن الانتقال من مقاعد الدراسة في كليات المعلمين إلى العمل في المدارس عادة ما يكون أمرًا صعبًا، حتى بالنسبة إلى أولئك الخريجين الذين يحصلون على دعم وتوجيه من المعلمين المتمرسين، أو مديري المدارس أو الموجهين. إن ما يواجهه هؤلاء المعلمون من خبرات يومية خلال عملهم في الصفوف في أثناء هذه الفترة الانتقالية يمكن أن يطلق عليه ما يسمى بـ"صدمة الواقع"، وهذا يرجع إلى التناقض بين ما كان يتوقعه المعلمون خلال عملية الإعداد والتدريب وبين متطلبات الحياة المهنية. تعتبر هذه الصورة إحدى العوامل الرئيسة لانسحاب 30% من المعلمين من مهنة التعليم بعد السنة الأولى من العمل. ويرجع بعض المعلمين هذه الصدمة إلى إخفاق برامج إعدادهم في إمدادهم بالمعرفة الخاصة بكيفية معالجة المشكلات السلوكية للطلاب، وإدارة الصف، والبعض يرجعها إلى العوامل البيئية المدرسية والتوقعات غير الواقعية عن مهنة التدريس.

كما يشير كل من Stansbury وZimmerman (2000) إلى أن ثلث المعلمين الجدد يستقيلون من عملهم خلال السنوات الأولى من العمل، وتوجد زيادة مطردة في أعداد المعلمين الذين يتنازلون عن المهنة بعد فترة قصيرة نسبيًا من عملهم ويختارون وظائف أخرى أقل إرهاقًا. ونظرًا لما يترتب على تسرب المعلمين الجدد من المهنة من خسائر مادية ومعنوية للأنظمة التعليمية، بالأخص تلك التي تعاني من قلة في أعداد الراغبين في الانضمام إلى المهنة، فلقد قامت العديد من الأنظمة بتطوير برامج لدعم وتنمية المعلمين الجدد مهنيًا خلال السنوات الأولى من عملهم، يطلق على هذه البرامج ما يسمى ببرامج التهيئة Induction Programs وتختلف مدة هذه البرامج ومضمونها من نظام تعليمي إلى آخر.

تشير بعض البيانات إلى وجود علاقة بين الدعم المهني الذي يتلقاه المعلمون الجدد والاحتفاظ بهم أو استبقائهم في المهنة (Garcfa et al., 2019). ‏ كما أظهر الأدب التربوي في هذا المجال أنه عندما يتلقى المعلمون الجدد نوعًا من أنواع الدعم المهني فإن نسبة التعب والإرهاق لديهم تنخفض إلى النصف (Darling-Hammond et al., 2009). وكلما كان الدعم المقدم لهم في وقت مبكر ساعد ذلك على شعورهم بالاستعداد على القيام بمهامهم في الفصول الدراسية (Garcfa et al., 2019). كما أشارت بعض الدراسات إلى وجود علاقة ارتباطية إيجابية دالة إحصائيا بين درجة فاعلية البرامج التدريبية للمعلمين الجدد ودرجة أدائهم (الجراح، 2020). لقد طرح كل من Stansbury وZimmerman عام 2000 إطارًا مفاهيميًا يوضح أنواع الأنشطة المقدمة في برامج التهيئة للمعلمين الجدد، وذلك بعد فحص العديد من البرامج، وأشارا إلى أنها تتكون من استراتيجيات عالية الكثافة High Intensity support Strategies، وتستهدف زيادة فعالية المعلمين الجدد وتحسين أدائهم التدريسي، وتتضمن العديد من الأنشطة مثل التوجيه والإرشاد وتنظيم ورش عمل، وزيارات الفصول الدراسية وغيرها. وعادة ما تستغرق هذه البرامج الكثير من الجهد، وتتطلب تكلفة مالية عالية، ولكنها في المقابل أكثر فعالية. أما الأنشطة منخفضة الكثافة Low Intensity Support Strategies فتستهدف بقاء المعلمين في المهنة وتتضمن استراتيجيات مثل: تقديم الدعم العاطفي، وتخصيص معلم متمرس لدعم المعلم الجديد وغيره، وعادة ما تكون هذه الأنشطة أقل كلفة.

في ضوء هذا الإطار سيُدرس واقع برنامج تهيئة المعلمين الجدد في النظام التعليمي القطري، ولا شك أن هذه الدراسة ستسهم في تقديم صورة واضحة عن الجهود المبذولة لدعم المعلمين الجدد وتطويرهم والتحديات التي تواجههم، ومن ثم تقديم مقترحات لتطوير هذا البرنامج وتجويده في ضوء الإطار المفاهيمي لكل من Stansbury وZimmerman (2000).

مشكلة الدراسة وأهميتها:

تتولى وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في قطر مسؤولية دعم المعلمين الجدد وتطويرهم من خلال برنامج تهيئة مخصص لذلك. تتحمل المدارس مسؤولية تنفيذ برنامج التهيئة من خلال خطة معتمدة يسهم في تنفيذها بشكل كبير منسق المادة العلمية، وهو المسؤول المباشر عن تطوير أداء المعلمين في المدرسة، كلٌّ حسب تخصصه. كما يتعاون مركز التدريب والتطوير التربوي التابع للوزارة (الذي تأسس عام 2016) بتنفيذ جزء من البرنامج (مركز التدريب والتطوير التربوي، 2017). رغم وجود برنامج تهيئة لدعم المعلمين الجدد مهنيا، فإنه لا توجد بيانات متكاملة عن آليات تقديم البرنامج، وأنواع الأنشطة والاستراتيجيات المستخدمة فيه، ومدى فاعليته.

تأتي أهمية هذه الدراسة من أن النظام التعليمي القطري يعاني من قلة أعداد المعلمين المواطنين الملتحقين بمهنة التدريس؛ فقد أشارت النشرة الإحصائية للتعليم لعام 2017 إلى أن المعلمين القطريين من الذكور يشكلون ما نسبته 4.7% من أعداد المعلمين الذكور في المدارس القطرية. وتشكل المعلمات القطريات ما نسبته 46% من الأعداد الكلية للمعلمات في المدارس القطرية (إدارة السياسات والأبحاث التربوية، 2017)؛ لذلك فإن أي تسرب للمعلمين الجدد خلال السنوات الأولى بسبب ضعف الدعم المهني المقدم لهم يعد خسارة للنظام التعليمي لا يمكن تعويضها بسهولة. إضافة إلى ما تصرح به الصحف القطرية بين فترة وأخرى من تذمر المعلمين من المهنة نظرًا لكثرة الأعباء، وعدم القدرة على التكيف مع بيئة العمل، وانسحاب عدد منهم من المهنة خلال السنوات الأولى من العمل (جريدة الشرق، 2018؛ جريدة الوطن، 2017). وقد يرجع ذلك الى ضعف فعالية أنشطة الدعم في تهيئة المعلمين الجدد لممارسة مهام عملهم الجديد وتجاوز تحديات المهنة.

‏إن دراسة واقع برامج دعم المعلمين الجدد وتطويرهم مهنيًا في النظام التعليمي القطري من الدراسات الهامة، وذلك لأنها تعد من الدراسات القليلة على مستوى الأنظمة التعليمية العربية؛ إذ إن معظم الدراسات العربية تركز على تقويم البرامج التدريبية التي تطرح للمعلمين الجدد ولا تتطرق بشكل مباشر إلى برنامج التهيئة المهني الذي قد يمتد لمدة عام أو أكثر، ولا يقتصر على البرامج التدريبية فقط إنما يستخدم العديد من الأنشطة والاستراتيجيات المتنوعة. كما أن هذه الدراسة تعد الأولى على مستوى النظام التعليمي القطري؛ إذ تطرق العديد من الباحثين لبرامج التنمية المهنية للمعلمين بشكل عام، ولكن لم يُبحَث في برامج التنمية المهنية المقدمة للمعلمين الجدد.

وعليه ستركز هذه الدراسة على التعرف على واقع برنامج تهيئة المعلمين الجدد مهنيًا في النظام التعليمي القطري: مضمونه، ومدته، واستراتيجيات تنفيذه، ومقترحات تطويره في ضوء إطار مفاهيمي يعكس أفضل الممارسات في مجال برامج التهيئة المهنية، ولا شك أن نتائج مثل هذه الدراسات ستسهم في تقديم فهم أفضل لما ينبغي أن تكون عليه برامج التهيئة الفعالة لدعم المعلمين الجدد وتطويرهم في النظام التعليمي القطري. وعليه فإن مشكلة الدراسة تتمحور حول محاولة الإجابة عن التساؤلات التالية:

1.    ما واقع برنامج تهيئة المعلمين الجدد في النظام التعليمي القطري؟

2.    ما مدى توافق برنامج تهيئة المعلمين الجدد في النظام التعليمي القطري مع الإطار المفاهيمي لـ Stansbury وZimmerman؟

3.     ما التصور المقترح لتطوير برنامج تهيئة المعلمين الجدد في النظام التعليمي القطري؟

أهداف الدراسة:

تستهدف الدراسة الحالية ما يلي:

1.    دراسة واقع برنامج تهيئة المعلمين الجدد في النظام التعليمي القطري.

2.    تحليل برنامج تهيئة المعلمين الجدد في النظام التعليمي القطري في ضوء الإطار المفاهيمي لـ Stansbury وZimmerman.

3.    وضع تصور مقترح لتطوير برنامج تهيئة المعلمين الجدد في ضوء نتائج دراسة الواقع والإطار المفاهيمي لـ Stansbury وZimmerman.

التعريفات الإجرائية لمصطلحات الدراسة

برنامج تهيئة المعلمين الجدد: برنامج مهني تأهيلي يستهدف المعلمين الجدد من خريجي كلية التربية بجامعة قطر، ممن لا يملكون خبرات سابقة في التدريس، وممن لم تتجاوز خبرتهم سنتين في تدريس المنهج الوطني، ويتضمن البرنامج العديد من أنشطة الدعم التي يقدمها المنسق بشكل رئيس، وبإشراف ومتابعة من كل من النائب الأكاديمي في المدرسة، وموجه المدرسة الذي يمثل وزارة التعليم.

الموجه التربوي: اعتُمد تعريف وزارة التعليم والتعليم العالي للموجه التربوي بأنه يعد خبيرًا تربويًا مهمته مساعدة المعلمين على النمو المهني، وحل المشكلات التعليمية التي تواجههم، بالإضافة إلى تقديم الخدمات الفنية لتحسين أساليب التدريس وتوجيه العملية التعليمية (إدارة التوجيه التربوي، 2019-2018).

المعلم الجديد: اعتُمد تعريف وزارة التعليم والتعليم العالي للمعلم الجديد بأنه المعلم الذي يملك خبرةَ سنتين أو أقل في تدريس المناهج الوطنية في دولة قطر (إدارة التوجيه التربوي، 2022-2021).

المنسق: اعتُمد تعريف وزارة التعليم والتعليم العالي للمنسق بأنه يعد موجهًا تربويًا مقيمًا، يؤدي مهام التوجيه بجانب مهامه بصفته معلمًا بنصاب مخفض، ودوره الرئيس تحسين عملية التعليم والتعلم، وتغيير اتجاهات المعلمين نحو العمل التربوي والتعليمي، بما يحقق تعلمًا نوعيًا للطلاب (إدارة التوجيه التربوي، 2018-2017).

محددات الدراسة:

تقتصر الدراسة الحالية في الإجابة عن أسئلة البحث على المحددات التالية:

-    دراسة واقع برنامج تهيئة المعلمين الجدد من واقع الوثائق المنشورة والمتداولة في النظام التعليمي القطري، ونتائج مقابلة شبه مقننة على عينة من مديرات المدارس والنائبات الأكاديميات والمنسقات، ممن لديهن خبرة في مجال الدراسة.

-    سيقتصر الحديث عن برنامج التهيئة المهني، على الدعم المهني المقدم لخريجات كلية التربية بجامعة قطر ممن لا تتجاوز خبرتهن سنتين في تدريس المنهج القطري.

الإطار النظري للدراسة

تستقبل المدارس سنويًا عددًا من خريجي معاهد التربية وكلياتها من المعلمين الجدد، يطمح هؤلاء في أن يقدموا أفضل ما لديهم ليتعلم طلابهم، ولكنهم يصطدمون بالكثير من التحديات التي قد تجعل حياتهم المهنية في السنوات الأولى مرهقة، وقد يضطر البعض منهم إلى ترك المهنة، مما يعد هدرًا كبيرًا، وخسارة للنظام التعليمي من الصعب تعويضها. لذلك تعمل الأنظمة التعليمية على تطوير برامج مخصصة وموجهة للمعلمين الجدد لمساعدتهم على توجيه تفكيرهم إلى تنمية مهاراتهم ومعارفهم؛ ومِن ثَمَّ اجتياز السنوات الأولى من العمل بسلاسة. إذا كان برنامج الدعم الذي يقدم للمعلمين الجدد فعالًا، فسيسهم في سرعة اندماج المعلم في البيئة المدرسية وسيستخدم طاقته والدعم المقدم له لتطوير أدائه عوضا عن استخدام طاقته في التغلب على تحديات العمل اليومي.

لقد ظهر في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي عددٌ متزايد من البرامج التي تستهدف دعم المعلمين الجدد وتطويرهم مهنيًا، أطلق عليها برامج التهيئة Induction Programs ولقد كانت تستهدف (Stansbury & Zimmerman, 2000):

1.    تحسين الأداء التدريسي،

2.    زيادة الاحتفاظ بالمعلمين الجدد،

3.    تعزيز الرعاية المهنية للمعلمين الجدد،

4.    استيفاء متطلبات الحصول على الرخصة المهنية،

5.    نقل ثقافة النظام المدرسي للمعلمين الجدد.

برامج تهيئة ودعم المعلمين الجدد (Induction Programs):

تختلف مدة برامج تهيئة المعلمين الجدد ومضمونها من نظام تعليمي إلى آخر؛ ففي ألمانيا على سبيل المثال يمتد برنامج التهيئة إلى عامين، يقوم خلالها المعلم الجديد بالتدريس بنظام العمل الجزئي Part Time، ويحصل على الدعم المتمثل في حلقات دراسية وتدريبية، بواسطة مرشد مخصص لهذه المهمة، وذلك بهدف تطوير الكفاءة المهنية والتغلب على الإحساس بعدم الأمان، ويُقوَّم المعلم الجديد باستمرار تقديم النصح له من قبل الموجهين والزملاء، وفي نهاية فترة البرنامج يتقدم المعلم للامتحان النهائي بإشراف المدرسة (Zuljan et al., 2014). وفي النمسا يمتد برنامج التهيئة لمدة عام واحد، ويقدم فقط لمعلمي المواد الأكاديمية والتعليم المهني والألعاب الرياضية، ولا يقدم لمعلمي المرحلة الإلزامية؛ لأن الممارسة التي يحصلون عليها في الإعداد الجامعي تكون مناسبة (Zuljan et al., 2014).

وفي فرنسا طُبِّق برنامج التهيئة عام 2005، وطُوِّر عامي 2010، 2013، وفيه يحصل المعلم الجديد على دعم خاص خلال العامين الأول والثاني، سواء عن طريق الموجه أو إرشادات وتغذية راجعة من مشرف المدرسة خلال زيارته الصفية للمعلم (Zuljan et al., 2014). وفي الصين (Wong et al., 2005) تتميز ثقافة التدريس بمجموعات بحثية وتخطيط جماعي للدرس، وهي ثقافة يتعلم فيها جميع المعلمين الانخراط في عمل مشترك لدعم تعليمهم وتعلمهم الشخصي، وكذلك تعلم تلامذتهم. لقد صُمم برنامج التهيئة للمساعدة في دمج المعلمين الجدد في هذه الثقافة، ويوجد العديد من الأنشطة أو الاستراتيجيات التي تستخدم في برنامج التهيئة، منها:

-      مراسم الترحيب في المدرسة،

-      ورش العمل والدورات التدريبية،

-      المسابقات التدريبية،

-      الخط الساخن للمعلمين الجدد مع اختصاصي المواد الدراسية،

-      جوائز المنطقة للمعلمين الجدد المتميزين والمرشد المتميز،

-      دورات تدريبية لمدة نصف يوم في كليات التربية في معظم الأسابيع،

-      مراقبة الأقران داخل المدرسة وخارجها،

-      دروس عامة أو مقترحة مع مناقشة الدروس،

-      تقرير الدروس الذي يلاحَظ فيه المعلمُ الجديد وتُعطَى الملاحظات والمقترحات،

-      دروس المحادثة Talk Lesson، فيعرض المعلم الجديد درسه ويقدم مبررات تصميمه دون تنفيذه عمليًا،

-      مشاريع الاستقصاء والبحوث الإجرائية التي يجريها المعلمون الجدد بدعم من المعلمين المتمرسين أو من فريق الدعم،

-      كتيب المقاطعة أو المدرسة للمعلمين والمرشدين الجدد،

-      احتفالات نهاية العام لأعمال المعلمين وتعاونهم.

في السويد تعتبر فترة التهيئة فترة اختبار مدتها عام واحد، تقع تحت مسؤولية المدرسة والسلطات المحلية؛ فيعيَّن المعلم الأول مرشدًا وموجهًا للمعلم الجديد، ويعوَّض المعلم الأول عن هذه المهمة بتخفيض العبء التدريسي له. يتحمل المعلمون الجدد عادةً نفس المسئوليات التي يتحملها المعلمون الأكثر خبرة، وأحيانًا يخفف لهم العبء التدريسي. لا يوجد اختبار في نهاية فترة التهيئة، وعلى المعلم بنهاية هذه الفترة الحصول على وظيفة دائمة (Zuljan et al., 2014).

وفي بولندا يكون الإشراف على المعلم الجديد من قبل معلم مرشد يُختار خصيصى لهذه المهمة خلال سنة دراسية، وتتشابه المهام التي يقوم بها المعلم الجديد مع المعلمين الآخرين. من أهم المهام التي يقوم بها المعلم الجديد: التعرف على الأعمال التعليمية أو الوثائق المدرسية، والقيام بزيارات للفصول بهدف الملاحظة وكذلك التدريس (حوالي 18 درسًا شهريًا ويعد هذا عبئًا مخفضًا)، ويشرف مدير المدرسة على التقويم الداخلي للمعلم الجديد من خلال تقرير يعده بناء على معلومات يقدمها المعلم المرشد ومجلس أولياء الأمور. وعلى المعلم أن يجتاز أيضا امتحانًا خارجيًا؛ إذ يكون عليه أن يمثل أمام لجنة خاصة تضم أعضاء من المدرسة (المدير، والمعلم المرشد، وممثل عن نقابة المعلمين). يرى البعض أن هذه الأنشطة لا تعزز بشكل كبير جودة تعليم المعلم الجديد؛ لأنها تستلزم إعداد كمية كبيرة من الأعمال الورقية في شكل وثائق تقدم لعدة جهات (Zuljan et al., 2014).

ويشير هاري ونغ وآخرون إلى أن أنجح برامج تهيئة للمعلمين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تتجاوز مجرد التوجيه والإرشاد، لتكون برامج منظمة ومستدامة، وبرامج تنمية مهنية مكثفة تسمح للمعلمين الجدد بملاحظة زملائهم، وملاحظتهم من قبل الزملاء، وأن يكونوا جزءًا من شبكة مهنية Net Work أو مجموعة بحثية Study Group، حيث يتشارك جميع المعلمين خبراتهم ويتعلمون من بعضهم البعض ويحترمون عمل بعضهم (Wong et al., 2005).

واتفقت مع نتائج هذه الدراسة دراسة Sciuto التي أشارت الى أهمية عدم الاقتصار في استخدام التكنولوجيا على عمليات التدريس، بل استخدامها بصفتها مادة أساسية لتطوير المعلمين الجدد مهنيًا من خلال التواصل والتعاون والتعلم من المهنيين الآخرين والاهتمام بتكوين مجتمعات تعلم وإحداث تغيير في هياكل العمل المدرسي (Sciuto, 2017). وتتفق هذه النتائج مع نتائج دراسة ماكجهان McGeehan التي أشارت إلى وجود العديد من العوامل التي تؤثر في قرار بقاء المعلمين الجدد في المهنة، منها: تعيين مرشد موجه في وقت مبكر من مزاولتهم للعمل، وتمكينهم من التعاون مع غيرهم من المعلمين، وأن تكون أنشطة برنامج التنمية المهنية مرتبطة بمجال عملهم McGeehan, 2019)). وتتفق هذه النتيجة أيضًا مع دراسة نورة حسونة التي أظهرت وجود العديد من التحديات التي تواجه عمليات تدريب المعلمين الجدد، منها عدم مراعاة الاحتياجات الفعلية للمعلمين وعدم توفر الكفاءات التدريبية (حسونة، 2014).

ويشير كل من Stansbury وZimmerman (2000) إلى أن برامج دعم المعلمين الجدد تواجه بعض التحديات، منها اختيار مقدمي الدعم وتدريبهم، وتوفير وقت كاف لتقديم الدعم، وإدارة العلاقة بين دعم المعلمين الجدد وتقويمهم. وتتفق هذه النتائج مع دراسة (Hudson, 2012) التي ترى أهمية تعيين موجهين قادرين على نمذجة الممارسات وإعطاء تغذية راجعة بناءة ومؤثرة على ممارسات المعلمين الجدد. وأيدت هذه النتائج دراسة (Witt, 2009) التي أشارت إلى أهمية تحسين عملية اختيار موجهي المعلمين الجدد وتدريبهم، وتزويد المعلمين الجدد بمزيد من التغذية الراجعة عالية الجودة.

واتفقت مع نتائج هذه الدراسات دراسة المخادمة التي أوصت بأهمية رفع مستوى المشرفين المدربين للمعلمين الجدد وتوفير بيئة تدريبية أفضل (المخادمة، 2007). مما سبق يتضح أن العديد من الأنظمة التعليمية تعنى بتقديم الدعم لتهيئة المعلمين الجدد، كما تعتبر مهمة تقديم الدعم جزءًا من مسؤوليات المدارس في المقام الأول، وبإشراف من النظام التعليمي العام، وبتعاون مع مؤسسات إعداد المعلمين. وتقوم هذه البرامج على فرضية أساسية، وهي أنه مهما بلغت جودة إعداد المعلم الجديد في مؤسسات الإعداد فإنه يظل بحاجة إلى دعم مناسب ومتدرج يهيئه للعمل، ويمكنه من الاندماج في البيئة المدرسية، ويساعده على ترجمة ما تعلمه من معارف نظرية إلى ممارسات داخل الصفوف، كما يسهل تطوير أدائه المهني. وتتنوع الأنشطة والاستراتيجيات المستخدمة في تقديم هذا الدعم من الدعم المعنوي والعاطفي إلى المساعدة في القيام بالمهام التدريسية من خلال الزيارات الصفية والمناقشات والنمذجة وغيرها من الأنشطة. كما أشارت الدراسات السابقة إلى أن معظم الأنظمة التعليمية تساوي بين المعلم الجديد والمعلمين من ذوي الخبرة فيما يتعلق بأداء المهام التعليمية وحتى عمليات التقويم.

ويتفق هدف هذه الدراسة مع معظم الدراسات السابقة في أنه يستهدف التعرف على تفاصيل الأنشطة المستخدمة في برنامج التهيئة المهني في المدارس القطرية وآليات تنفيذه، ولكن هذه الدراسة ستضيف بعدا اخر وهو اقتراح تجويد الممارسات الحالية المستخدمة في البرنامج في ضوء أفضل الممارسات؛ لذلك اختير الإطار العام الذي طوره كل من Stansbury وZimmerman لتحقيق هذا الهدف. وذلك لوضوح هذا الإطار في تقسيم أنواع الأنشطة والاستراتيجيات التي تتضمنها برامج الدعم المقدمة للمعلمين الجدد، إضافة إلى نتائج وتأثير كل من هذه الأنواع في أداء المعلمين الجدد. ولقد استخدِم هذا الإطار في عدد من الدراسات وطُوِّر في ضوء دراسة العديد من نماذج برامج التهيئة للمعلمين الجدد.

الإطار المفاهيمي لـ Stansbury وZimmerman:

لقد طور كل من Stansbury وZimmerman عام 2000 إطارًا عامًا يقوم على مفهوم مؤداه أن المعلمين الجدد بحاجة إلى دعم عند مزاولتهم للمهنة في السنوات الأولى، ويفترض ألا يستهدف هذا الدعم بقاءهم في المهنة فقط، ولكن أن يستهدف أيضًا تطويرهم بصفتهم معلمين قادرين على التدريس الفعال؛ لذلك فإن الدعم المقدم للمعلمين الجدد في السنوات الأولى أمر هام لضمان حصولهم على أفضل الممارسات المهنية في مجال التعليم، وهذا من شأنه أن يعمل على تنميتهم واستمرارهم في المهنة (Stansbury & Zimmerman, 2000). كما يشيران إلى أن العديد من الولايات الأمريكية تستخدم برامج مختلفة لدعم المعلمين الجدد، وهذا الاختلاف يكون على مستوى الولايات والمدارس أيضًا، بعض البرامج تكون منخفضة الكثافة Low Intensity Support Strategies وتكلفتها منخفضة، والبعض الآخر عالية الكثافة High Intensity Support Strategies وذات كلفة عالية (Stansbury & Zimmerman, 2000).

ويشيران إلى أن استراتيجيات الدعم منخفضة الكثافة لا تكلف الكثير ماديًا ولا تتطلب جهدًا كبيرًا، وتتمثل في توفير توجيه رسمي للمعلمين الجدد؛ فيقدم المعلمون من ذوي الخبرة هذا النوع من التوجيه، ولكن في المقابل لا يفرَغ المعلمون من ذوي الخبرة من مهامهم التدريسية. ويعتمد معظم التوجيه على التواصل مع المعلمين الجدد وتقديم الدعم الشخصي والعاطفي ومساعدتهم في معالجة المهام أو المشاكل غير المألوفة التي يواجهونها. وتشير بعض الدراسات إلى أن هذا النوع من الدعم المقدم من قبل المعلمين من ذوي الخبرة يؤدي إلى زيادة الرضا الوظيفي للمعلمين الجدد وارتفاع معدل بقائهم واستمرارهم في المهنة، ومن أمثلة أنواع الدعم منخفض الكثافة: التوجيه والإرشاد، ومزاملة المعلم الجديد لمعلم متمرس، وتعديل ظروف العمل (تقليل عدد الطلاب في الصف، وتقليل مهام المعلم اللامنهجية وأعمال اللجان، وتقليل الأنشطة، وأنشطة التطوير المهني)، وتعزيز التعاون الجماعي. أما الاستراتيجيات عالية الكثافة فيرى كل من Stansbury وZimmerman أنها أكثر فعالية في تحسين الأداء التدريسي للمعلمين الجدد. ويقاس الأداء التدريسي في ضوء القدرة على القيام بالمهام الأكاديمية المعقدة، ونسبة المشاركة الطلابية، والتخطيط طويل المدى للمنهج والتدريس، وتطبيق المبادئ التوجيهية، والقدرة على التفكير في الممارسات التدريسية.

ومن الاستراتيجيات المستخدمة في هذا النوع:

1.    اختيار وتدريب مقدمي الدعم من المعلمين المتمرسين أو المرشدين وتفريغهم من عملهم أو من الأعمال الصفية؛ وذلك بهدف تمكينهم من تقديم دروس نموذجية في الفصول الدراسية للمعلمين الجدد، أو ملاحظة المعلمين الجدد في الفصول ومناقشة التحديات التي يواجهونها في أثناء التدريس، وكذلك فحص الأدلة الخاصة بالممارسات التدريسية لتحديد نقاط الضعف ومجالات التحسين.

2.    تفريغ المعلمين الجدد؛ وذلك لإتاحة الفرصة لهم لحضور الندوات والدورات والورش التدريبية، أو العمل مع موجهيهم في تحليل أعمال طلابهم، وملاحظة المعلمين الآخرين من خلال الزيارات الصفية (Stansbury & Zimmerman, 2000).

إجراءات الدراسة

منهج الدراسة:

تستخدم الدراسة الحالية المنهج الوصفي التحليلي؛ إذ يوصف واقع برنامج تهيئة المعلمين الجدد في المدارس القطرية من خلال الإجراءات التالية:

1.   تحليل الوثائق المتاحة عن موضوع الدراسة، ولقد استُخدمت الوثائق التالية في عملية التحليل:

-        الدليل الإرشادي للموجه التربوي، والصادر عن إدارة التوجيه بوزارة التعليم والتعليم العالي خلال العام الدراسي 2018-2019

-        الدليل الإرشادي للمنسقين، والصادر عن وزارة التعليم والتعليم العالي، للعام الدراسي 2021-2022.

-        التقرير السنوي لإدارة التوجيه التربوي، الصادر عن إدارة التوجيه بوزارة التعليم والتعليم العالي للعام الدراسي 2017-2018.

-        التقرير السنوي لمركز التدريب والتطوير التربوي والصادر عن المركز التابع لوزارة التعليم والتعليم العالي للعام الدراسي 2017-2018.

-        الدليل الإرشادي للمعلمين والصادر عن وزارة التعليم والتعليم العالي للعام الدراسي 2021-2022.

جرت عملية التحليل باستخراج الفقرات المرتبطة بموضوع الدراسة وترميزها يدويا تحت الفئات التالية:

-        الجهات المسؤولة عن تقديم برنامج تهيئة المعلمين الجدد،

-        آليات أو إجراءات تنفيذ برنامج التهيئة،

-        استراتيجيات تنفيذ برنامج التهيئة ومضمونه،

ولقد ناقش الباحثون التحليل وراجعوه لضمان صدق التحليل.

2.   مقابلات شبه مقننة:

تستهدف المقابلات شبه المقننة إضفاء مزيد من الثبات على البيانات التي كان التوصل إليها من خلال تحليل الوثائق، وكذلك التعرف على مزيد من التفاصيل حول طريقة تنفيذ البرنامج داخل المدارس. أجريت المقابلات مع عينة عشوائية بسيطة من العاملين في مدارس البنات في منطقة الدوحة والمنخرطين في تنفيذ أنشطة برنامج تهيئة المعلمين الجدد، اشتملت العينة على مديري مدارس، ونواب أكاديميين، ومنسقين للمواد الدراسية. تحددت أسئلة المقابلة في النقاط الثلاث التالية: أنواع الأنشطة المقدمة لدعم المعلمين الجدد، وأهم التحديات التي تواجه تطبيق الأنشطة، ومقترحات التطوير.

عينة المقابلة:

اختيرت 15 مدرسة من مدارس الدوحة بطريقة عشوائية بسيطة، شملت المدارس: ثلاث مدارس ثانوية، وست مدارس إعدادية، وست مدارس ابتدائية. أجريت مقابلات شبه منظمة مع ست مديرات، وخمس عشرة نائبة أكاديمية، وأربع وثلاثين منسقة. استُبعدت مدارس البنين من عينة المقابلة لقلة أعداد المعلمين الجدد من البنين؛ إذ بلغ أعداد الخريجين لعام 2020 على سبيل المثال 399 خريجا، منهم 381 خريجة و18 خريجًا (كلية التربية، 2020).

تحليل نتائج المقابلات:

رمَّزالباحثون نتائج المقابلات وصنفوها بما يتوافق مع أسئلة الدراسة إلى ثلاثة مجالات: أنواع الاستراتيجيات أو الأنشطة المستخدمة في برنامج التهيئة، والتحديات التي تواجه تطبيق البرنامج، ومقترحات تطوير البرنامج. واستُخدمت هذه النتائج في دعم البيانات الواردة في الوثائق المنشورة عن برنامج تهيئة المعلمين الجدد. ولضمان الاتساق في تحليل نتائج المقابلات راجع الباحثون التحليل وناقشوه، ووُجد اتفاق تام في تحليل نتائج المقابلة بين الباحثين.

نتائج الدراسة ومناقشتها

1.     للإجابة عن السؤال الأول للدراسة:

ما واقع برنامج تهيئة المعلمين الجدد في النظام التعليمي القطري؟

فلقد اتضح من تحليل الوثائق المنشورة، ونتائج تحليل المقابلات مع عينة الدراسة ما يلي:

-      الجهة المسؤولة عن برنامج تهيئة المعلمين الجدد:

خلال فترة مبادرة تطوير التعليم التي بدأت عام 2002، أتيحت للمدارس المستقلة أن تتولى مسؤولية تطوير معلميها مهنيًا، وأن تختار أنواع الأنشطة المناسبة لتحقيق هذا الهدف. ولكن مع تحول النظام التعليمي مرة أخرى إلى المركزية أصبحت مسؤولية التخطيط لبرامج التنمية المهنية والإشراف على تنفيذها ومتابعتها من اختصاص هيئات وزارة التعليم والتعليم العالي، بالأخص قطاع شؤون التعليم. وتقوم إدارة التوجيه التربوي التابعة لمكتب الوزير المساعد للشؤون التعليمية متابعة تنفيذ خطط برامج تهيئة المعلمين الجدد؛ إذ يخصص لكل مدرسة موجهٌ تربوي يعمل مع المدارس عن قرب لمتابعة خطط دعم المعلمين الجدد وتطويرهم مهنيًا. ويشارك في تقديم الورش التدريبية التي يتطلبها برنامج تهيئة المعلمين الجدد مركز التدريب والتطوير التربوي التابع لمكتب وزير التعليم والتعليم العالي.

-      إدارة التوجيه التربوي:

هي جهة إشرافية تُعنى بمراقبة عملية التعليم والتعلم وتقويمها لضمان فاعلية الأداء التربوي والتعليمي في المراحل المختلفة. أحد اختصاصات الإدارة: الإشراف على عملية الإرشاد الأكاديمي والمهني في المدارس، كما أن أحد أهدافها الرئيسة رفع كفاءة المعلمين وقادة المدارس، وتتبنى الإدارة النظرية البنائية في عمليات الإشراف والتوجيه، وذلك من خلال مساعدة المنسق للمعلم على النمو الذاتي والاستفادة من التجارب السابقة لإحلال الجديد الصالح محل القديم الخاطئ، كما تستخدم الإدارة ما يسمى بالإشراف المتنوع، وهو نموذج إشرافي يراعي تنوع المعلمين وتفاوت حاجاتهم وقدراتهم المهنية، فيقدم خياراتٍ متعددةً ومتنوعة للنمو المهني، ويقدر مهنية المعلمين عن طريق تفعيل دورهم في أنشطة النمو المهني؛ لذلك يصنَّف المعلمون إلى فئات بحسب حاجاتهم إلى الدعم (إدارة التوجيه التربوي، 2018-2017).

-      مركز التدريب والتطوير التربوي:

يتبنى المركز نهجًا استراتيجيًا للتدريب والتطوير التربوي يتسم بالشمولية والاستقلالية ويسهم في النمو المستدام لمهارات ومعارف التربويين، ويرتبط بتقدمهم الوظيفي ثم حصولهم على الرخص المهنية الداعمة لأدائهم المتطور والمستمر في آن واحد، كما يرسخ مبادئ بناء الخبرات والكفاءات الوطنية في مجال التدريب التربوي، ومن أهدافه: تقديم برامج تطوير مهني ذات جودة عالية، تعمل على تعزيز عملية تنمية وتطوير التربويين (مركز التدريب والتطوير التربوي، 2017-2018).

 يعنَى المركز بطرح برامج تدريبية للمعلمين الجدد غير الحاصلين على تأهيل تربوي، وكذلك المعلمين الحاصلين على مؤهلات تربوية من خارج دولة قطر. أما المعلمون الجدد من خريجي كلية التربية بجامعة قطر فلا يخصِّص لهم برنامجًا معينًا على اعتبار أن برنامج إعدادهم بالكلية قد أكسبهم المعارفَ والخبراتِ الأساسيةَ لعملهم في مهنة التدريس، ومع ذلك ترشح بعض المدارس عددًا من المعلمين الجدد لحضور بعض الدورات وفقا لاحتياجاتهم، ويعد هذا الأمر اختياريًا وليس إجباريًا. ووفق هذا الوصف فإن الجهة المباشرة لمتابعة برنامج تهيئة المعلم الجديد هي إدارة التوجيه التربوي، التي تعمل عن قرب مع المدارس من خلال الموجهين التربويين.

 

تصميم برنامج التهيئة وتنفيذه:

وفق ما أشارت إليه الوثائق فإن إدارة التوجيه تقسم المعلمين إلى ثلاث فئات وفقًا لمستوى احتياجاتهم من الدعم المهني، وعلى النحو التالي: فئة الدعم المكثف، وفئة الدعم العام، وفئة التطوير الذاتي. تشمل فئة الدعم المكثف المعلمين الجدد ممن تقل خبرتهم في تدريس المناهج الوطنية عن سنتين، وكذلك المعلمين من ذوي الأداء المتدني (إدارة التوجيه التربوي، (2020-2021). تبدأ عملية التخطيط لدعم المعلمين الجدد مع بداية العام الدراسي من خلال الموجه التربوي لكل مدرسة؛ فيبدأ بزيارات تفقدية للمدارس خلال الأسابيع الأولى من بداية العام الدراسي، وذلك لتوضيح آليات تصنيف المعلمين ودعمهم، ثم يقوم الموجه بالعمل مع النائب الأكاديمي والمنسق لتطوير خطة تهيئة المعلمين الجدد، ويقوم لاحقًا بزيارات دورية للمدارس لمتابعة ما نُفِّذ من خطة التهيئة، كما يقوم بزيارات صفية للمعلمين الجدد (زيارتان في الفصل على الأقل) للتعرف على التطور الحادث في أدائهم، ويمكن أن يجري تعديلاتٍ في خطط الدعم وفقًا لمستوى التطور الحادث في أداء المعلمين الجدد (إدارة التوجيه التربوي، 2018-2019).

كما يعتبر منسق المادة الدراسية المسؤول الأول عن تنفيذ خطة دعم المعلمين الجدد وتهيئتهم، ومتابعة النمو في أدائهم؛ إذ يعد خطة الدعم والتهيئة بالتعاون مع الموجه التربوي والنائب الأكاديمي ووفقًا لاحتياجات المعلمين الجدد. يقوم المنسق بزيارات صفية عديدة للمعلمين الجدد خلال هذه الفترة لا تقل عن زيارتين شهريًا كما أشارت إلى ذلك الوثائق، وقد تزيد عدد الزيارات وفق ما أشارت إليه نتائج المقابلات، وذلك في حال حاجة المعلم الجديد إلى مزيد من الدعم، خاصة للمعلمين الذين يُظهرون تدنيًا واضحًا في أدائهم، ويكون المنسق بذلك (كونه الخبير المقيم في المدرسة) المسؤول المباشر أمام النائب الأكاديمي والموجه التربوي عن تطور أداء المعلمين الجدد ونموه.

مضمون تقديم برنامج التهيئة واستراتيجياته:

كما أشرنا سابقا، فتعد مهمة تطوير خطة المعلم الجديد أحد مهام ومسؤوليات منسق المادة الدراسية، ويطورها وينفذها بالتعاون مع النائب الأكاديمي وموجه المدرسة ومعلمي القسم. ووفق النموذج المعد من قبل إدارة التوجيه، فإنه ينبغي أن تصمم الخطة وفقًا للمعايير المهنية، وكما يتضح ذلك من الشكل (1).

المعيار المهني

الموضوع

أسلوب التدريب

المسؤول عن التنفيذ

الإطار الزمني

مؤشرات التنفيذ

المتابعة

تم

لم يتم

التخطيط لتطوير أداء الطلبة وتحصيلهم.

 

 

 

 

 

 

 

إشراك الطلبة في عملية التعليم وتطويرهم بصفتهم متعلمين.

 

 

 

 

 

 

 

توفير بيئة تعليم آمنة وداعمة ومثيرة للتحدي.

 

 

 

 

 

 

 

تقويم تعلم الطلبة واستخدام بيانات التقويم لتحسين تعليمهم.

 

 

 

 

 

 

 

إظهار ممارسات مهنية عالية الجودة والمشاركة في التطوير المهني.

 

 

 

 

 

 

 

الحفاظ على الشراكة الفاعلة مع أولياء الأمور.

 

 

 

 

 

 

 

الشكل (1): نموذج خطة تهيئة معلم جديد.

ووفقًا لما أشارت إليه نتائج المقابلات التي أجريت مع عينة الدراسة، يوجد العديد من الموضوعات التي تتضمنها خطة تهيئة المعلم الجديد، منها: استراتيجيات التدريس الفعال، واستراتيجيات إدارة الصف، والسياسات المنظمة للعمل في المدرسة والوزارة، وتكنولوجيا التعليم، واستخدام المنصة الإلكترونية، واستراتيجيات تقويم الطلاب، وطرح الأسئلة، وتوظيف المادة العلمية، والتخطيط للدروس، والتدريس المتمايز. وتتنوع الاستراتيجيات والأنشطة المستخدمة في تنفيذ خطة التهيئة؛ إذ يشير الدليل الإرشادي للمنسقين إلى أهمية استخدام أساليب متنوعة، ومن هذه الأساليب: الجلسة الفردية، والجلسة الجماعية، والورش التدريبية، والحلقة النقاشية، والفرق المهنية، والقراءة الموجهة، ودروس المشاهدة، والزيارات الصفية، والنمذجة (إدارة التوجيه التربوي، 2021-2022).

ويقصد بالفرق المهنية تشكيل مجموعات من المعلمين ثنائية أو أكثر، تعالَج فيها نقاط تحدٍ معينة لدى المعلم، عن طريق التخطيط للدروس، أو الحضور المتبادل في الصفوف. أما النمذجة، فهي تقديم نماذج متميزة للممارسات التدريسية، عن طريق معلمين من ذوي الخبرة. أما القراءة الموجهة، فهي التي تكون عن طريق قراءات مختارة بدقة وتستهدف تنمية الجوانب الشخصية والمهنية للمعلم (إدارة التوجيه التربوي، 2018-2019). وتعد هذه الاستراتيجيات أنشطة مقترحة يمكن للمنسق الاختيار منها وفقًا لاحتياجات المعلم الجديد.

ولقد أشارت نتائج المقابلات التي أجريت مع عينة الدراسة إلى أن المنسقين يجتهدون في استخدام استراتيجيات أخرى إضافة إلى ما سبق لدعم المعلمين الجدد مثل:

-      محاضرات تعريفية بالسياسات واللوائح الخاصة بالوزارة والمدرسة،

-      المشاركة في لجان المدرسة لتسريع عملية الاندماج مع البيئة المدرسية،

-      تعزيز ثقة المعلمة الجديدة بقدرتها من خلال تكليفها بتقديم ورشة تدريبية لزملائها في القسم باستخدام إحدى الاستراتيجيات التي تجيدها،

-      المعلم المرشد أو التوأمة، وهو أسلوب يشبه الفرق المهنية التي أشيرَ إليها؛ فيُختار معلم من ذوي الخبرة ليكون زميلًا للمعلم الجديد، يقدم له النصح والإرشاد ويزامله ويلاحظ أداءه، بالأخص خلال تحضير الدروس أو التدريس، ويكون هذا المعلم في ذات التخصص والمستوى الدراسي للصف، ويمكن اعتبار هذا الإجراء نوعًا مبسطًا من الظل الوظيفي shadowing.

إضافة إلى ذلك، تتبنى بعض المدارس عددًا من الإجراءات التي يعتبرونها نوعًا من الدعم للمعلمين الجدد، مثل تكليف المعلم بتدريس المستويات الأولى من المرحلة الدراسية، وتكثيف الزيارات الصفية له بالأخص من قبل المنسق، والتدرج في إعطاء الملاحظات عن أدائه التدريسي، وتأخير زيارة الموجه للمعلم الجديد لتقويم أدائه؛ وذلك لإتاحة الفرصة للمعلم الجديد لكي يكتسب ثقة أكبر في أدائه.

كما أشارت نتائج المقابلة إلى أن المنسقين يستخدمون العديد من الاستراتيجيات لمتابعة آثار ونتائج الاستراتيجيات المستخدمة في برنامج تهيئة المعلمين وأثرها في تطوير أداء المعلم الجديد، ومنها: ملاحظة تطور أداء المعلم في المهام التدريسية من خلال الزيارات الصفية، وتطور أداء الطلاب وتحصيلهم، وآراء أولياء الأمور والطلبة عن أداء المعلم الجديد، والقدرة على تقديم درس مصغر للزملاء، والقدرة على إدارة الصف، ومدى التزام المعلم الجديد بالتوجيهات التي تعطى له. ولا توجد اختبارات يتعين على المعلم الجديد اجتيازها كما هو الحال في بعض الأنظمة التعليمية؛ إذ يعتبر موظفًا بدوام كامل منذ بدء التعيين، وفي حال انخفاض أدائه يقدَّم دعم مكثف له كما أشرنا إلى ذلك في التقسيم الخاص بإدارة التوجيه للمعلمين.

وفق ما سبق يتضح ما يلي:

-        يقدم النظام التعليمي القطري دعمًا للمعلمين الجدد في السنوات الأولى من عملهم من خلال برنامج التهيئة الذي يضم العديد من الأنشطة والاستراتيجيات. إذا لم يتطور أداء المعلم الجديد خلال هذه الفترة يصنف المعلم على أنه معلم منخفض الأداء، وتستمر المدرسة في تقديم الدعم المكثف له إلى أن يتطور أداؤه، ولا يخضع المعلم الجديد لأي اختبارات لاجتياز برنامج التهيئة كما في الأنظمة التعليمية الأخرى مثل النظام التعليمي في ألمانيا وبولندا. ويعتبر المعلم الجديد مجتازًا لهذه المرحلة بناء على التقويم السنوي لأدائه من قبل المنسق، والنائب الأكاديمي، وهذا يشبه ما هو معمول به في النظام التعليمي في السويد، وقد يشير هذا الإجراء إلى ثقة النظام التعليمي في جودة برامج إعداد المعلمين في التعليم الجامعي، وقدرة البرنامج على تزويد المعلمين بالمهارات الأساسية اللازمة لمزاولة مهنة التعليم.

-       ويتفق برنامج التهيئة في النظام التعليمي القطري مع معظم الأنظمة في أن عملية تنفيذ البرنامج تكون من خلال معلم مرشد أو متمرس، يخفف له العبء التدريسي للقيام بمهام التوجيه والإرشاد؛ إذ تكون هذه المهمة في النظام التعليمي القطري من اختصاص منسق المادة العلمية، وهو معلم متمرس يخفف له العبء التدريسي للتفرغ للقيام بمهام الإشراف على قسمه، ويكون جزءا من مهامه تنفيذ برنامج تهيئة المعلم الجديد. ويأتي هذا التوجه لكون المعلم الجديد بحاجة إلى موجه مقيم يلاحظ أداءه مباشرة، ويساعده في تخطي تحديات العمل اليومي داخل الصف الدراسي وخارجه، وصولا إلى تحقيق قدر كاف من التنمية المهنية المطلوبة.

-       ولقد أظهرت نتائج المقابلة أن تخفيف نصاب المنسق من التدريس ليس كافيًا لتقديم الدعم الكافي للمعلمين الجدد، واقترحت عينة المقابلة تفريغ المنسق تماما من التدريس؛ ليتسنى له تقديم الدعم المناسب للمعلمين الجدد، وهذا يتوافق مع الدعم عالي الكثافة الذي أشار إليه Stansbury وZimmerman. وقد يشير هذا إلى حاجة المعلمين الجدد إلى مزيد من الوقت الذي يخصصه المنسق لدعمهم وتوجيههم.

-       يكون البدء في تقديم أنشطة الدعم للمعلمين الجدد في بداية العام الدراسي، وهذا يعد من الأمور الإيجابية؛ إذ تشير نتائج الدراسات إلى أن من المهم تقديمَ الدعم للمعلمين الجدد في مراحل مبكرة من حياتهم المهنية (Garcfa et al., 2019). رغم ذلك تشير نتائج المقابلة إلى أفضلية أن يبدأ تقديم الدعم في مرحلة مبكرة جدا وخلال الأسابيع الأولى التي تسبق دخول الطلاب للمدارس، وقد يكون ذلك لرغبة المعلمين الجدد في أن يكونوا أكثر تمكنا في المهارات التي تساعدهم في إدارة صفوفهم والتأقلم مع البيئة المدرسية.

-       بشكل عام يعتبر برنامج تهيئة المعلمين الجدد في المدارس القطرية برنامجا منظما إلى حد ما، وإن كان يفتقر إلى عدد من الاستراتيجيات الفعالة، بالأخص تلك الاستراتيجيات والأنشطة التي تسمح للمعلم بالعمل ضمن فريق، وقد يرجع هذا الأمر إلى قصور في تدريب المنسقين على كيفية تقديم الدعم وتنفيذ الاستراتيجيات. تشير الدراسات إلى أن أنجح برامج التهيئة للمعلمين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية هي البرامج المنظمة، والمستدامة، والمكثفة التي تسمح للمعلمين الجدد بملاحظة زملائهم، وللآخرين بأن يلاحظوهم، وأن يكونوا جزءا من شبكة تواصل Net work أو مجموعة بحثية Study Group، يتشارك فيها جميع المعلمين خبراتهم ويتعلم بعضهم من بعض (Wong et al., 2005).

2.     للإجابة عن السؤال الثاني في الدراسة

 ما مدى توافق برنامج تهيئة المعلمين الجدد في النظام التعليمي القطري مع الإطار المفاهيمي لـ Stansbury وZimmerman؟

اتضح من الإجابة عن السؤال الأول الخاص بواقع برنامج تهيئة المعلمين الجدد في قطر ما يلي:

-     أن معظم الاستراتيجيات والأنشطة التي تقدم للمعلمين الجدد تقع ضمن برنامج التهيئة في إطار الدعم منخفض الكثافة، الذي يؤدي إلى استمرار بقاء المعلمين الجدد في مهمتهم وزيادة رضاهم عن المهنة وخفض الشعور بالإرهاق. أما الأنشطة عالية الكثافة فتكاد تقتصر على الدعم الذي يقدمه المنسق للمعلم الجديد بصفته نوعًا من الإرشاد mentoring، وكما يتضح في شكل (2) وشكل (3).

 

يؤدي إلى استمرار المعلمين في المهنةيؤدي إلى فعالية المعلمين الجددالشكل (2): برنامج التهيئة للمعلم الجديد وفق الإطار المفاهيمي لـ Stansbury وZimmerman

شكل (3): برنامج تهيئة المعلم الجديد في النظام التعليمي القطري

لقد أشارت نتائج المقابلة إلى رغبة المنسقين والنواب الأكاديميين في إضافة عدد من الأنشطة التي يقع بعضها ضمن الأنشطة عالية الكثافة، ومن شأنها أن تزيد من فعالية برنامج التهيئة من وجهة نظرهم، منها:

-        تقليل المهام اللامنهجية للمعلم الجديد،

-        تخفيف نصاب المعلم الجديد،

-        تفريغ المنسقين من المهام التدريسية وتقليل مهامهم الأخرى للتفرغ لتقديم الدعم،

-        الاهتمام باختيار المدربين الخارجيين وتدريبهم على تقديم الورش التدريبية،

-        تقليل أنشطة التنمية المهنية المقدمة للمعلم الجديد،

-        تدريب المنسقين على استراتيجيات تقديم الدعم.

وفي ضوء ما سبق يتضح ما يلي:

-       أن الأنشطة والاستراتيجيات المستخدمة في برنامج التهيئة تتنوع، وتعتبر الغالبية منها أنشطة منخفضة الكثافة وفق تصنيف Stansbury وZimmerman، وهذا يعني أن هذه الأنشطة قد تساعد في تكيف المعلمين الجدد مع المهنة وتزيد من رضاهم عنها، وتؤثر إيجابيًا في قرار استمرارهم في المهنة، ولكنها قد لا تؤدي إلى زيادة فاعلية أدائهم.

-       أنه يمكن اعتبار الدور الذي يضطلع به المنسق في دعمه للمعلم الجديد نوعا من الإرشاد المهني الذي أشار إليه كل من Stansbury وZimmerman واعتبراه نشاطًا عالي الكثافة. ولكي يكون هذا النوع من الإرشاد أكثر فاعلية ينبغي أن يكون موجها إلى تنمية المعلم مهنيا، ولا يرتبط بأي عملية تقويم رسمية لأدائه، وهذا الأمر لا يتحقق حاليا في الدعم المقدم للمعلمين الجدد من قبل المنسقين؛ إذ يخضعون لتقويم من المنسقين منذ عامهم الأول للعمل، وباستخدام ذات المعايير التي تستخدم لتقويم المعلمين المتمرسين.

-       أن بعض الدراسات أشارت إلى أن برامج التهيئة المهنية الجيدة، هي تلك التي تقدم تدريبًا ضمن المجموعة وضمن الوظيفة (كملاحظة الموجه للمعلم في الفصل وفي أثناء التدريب)، في حين تكون ورش العمل غير فعالة (Darling-Hammond et al., 2009). وهذا قد يعني أن الدعم الذي قد يتلقاه المعلم في النظام التعليمي القطري داخل المدرسة ومن خلال المنسق أكثر فعالية من أنواع الدعم الذي يقدم للمعلم على مستوى المدرسة بشكل عام أو الوزارة ويكون على شكل ورش تدريبية. وهذه النتيجة تتفق أيضا مع دراسة سابقة أجريت على المدارس القطرية عن سمات ونماذج أنشطة التنمية المهنية الفعالة في المدارس القطرية، وأشارت النتائج إلى أن المعلمين يجدون أن أكثر أنواع أنشطة التنمية المهنية فعالية هي التي تعتمد على الإرشاد Mentoring وأقلها فعالية الورش التدريبية التي تقدم عن بُعد on line workshops (Abu-Tineh et al., 2017).

-       تؤيد نتائج المقابلة أهمية إضافة أنشطة واستراتيجيات دعم عالية الكثافة وفق تصنيف Stansbury وZimmerman، مثل تخفيف العبء التدريسي للمعلم الجديد، وتخفيف عبء العمل عن المنسق، وإعداد مقدمي الدعم وتدريبهم، سواء من المنسقين أو مدربي مركز التدريب، على طرق واستراتيجيات الدعم الفعالة. وقد تشير هذه النتيجة إلى شعور المنسقين بعدم كفاية أو فعالية ما يقومون به من أنشطة دعم في تطوير أداء المعلم الجديد، وحاجتهم إلى تطوير مهاراتهم المرتبطة بدعم المعلمين الجدد.

3.     للإجابة عن السؤال الثالث في الدراسة

ما التصور المقترح لتطوير برنامج التهيئة المهني للمعلمين الجدد؟

 وفي ضوء الإجابة عن السؤالين الأول والثاني في الدراسة، يقترح الباحثون ما يلي:

إضافة بعض الاستراتيجيات ذات الكثافة العالية والمنخفضة إلى برنامج التهيئة الحالي ليصبح أكثر فعالية، وعلى النحو التالي:

1.    استراتيجيات منخفضة الكثافة:

توجد استراتيجيات أشار إليها كل من Stansbury وZimmerman ولم تظهر في برنامج تهيئة المعلمين الجدد في النظام التعليمي القطري ويمكن اقتراح إضافتها، ومنها:

‌أ.       تعديل ظروف العمل سواء بتقليل عدد الطلاب في الصف إلى النصف، أو تجنب وضع الطلاب من ذوي التحديات العالية في صفوف المعلمين الجدد، وتقليل مهامهم اللامنهجية والعمل ضمن اللجان. وكل هذه الإجراءات كانت ضمن مقترحات عينة المقابلة. لقد أشار كل من Stansbury وZimmerman إلى أن بعض المدارس التي يصعب عليها تخفيض عدد الطلاب في الصف للمعلم الجديد إلى النصف، تُبقي على نفس العدد على أن يتشارك المعلم الجديد والمتمرس في تدريس ذات الصف، وهذه فرصة مثالية لكي يعمل المعلم المتمرس موجهًا ومرشدًا للمعلم الجديد.

ب. تعزيز التعاون الجماعي: يتعلم المعلمون الجدد بطريقة جيدة من الزملاء في المهنة، ويمكن أن يكون ذلك من خلال التعاون على هيئة مجموعة في التخطيط للدروس، وتنفيذها، وتقويمها وكذلك العمل معًا على التفكير في حلول للتحديات التعليمية التي تواجه المعلمين في أثناء التدريس. وهذه استراتيجية أشارت إليها أيضا العديد من الدراسات السابقة (McGeehan, 2019؛ Sciuto, 2017؛ Wong et al., 2005).

2.    استراتيجيات عالية الكثافة:

وفق ما أشارت إليه نتائج المقابلة مع المنسقين والنواب الأكاديميين، ووفق تصنيف الإطار المفاهيمي لكل من Stansbury وZimmerman، يقترح الباحثون إضافة الاستراتيجيات التالية:

‌أ.     تدريب المنسقين على تقديم الدعم للمعلمين الجدد:

يفترض برنامج التهيئة الحالي أن الخبرة السابقة المتوفرة لدى المنسقين بصفتهم معلمين متمرسين تؤهلهم لتقديم الدعم للمعلمين الجدد، وقد لا يكون هذا الأمر صحيحا لدى جميع المنسقين؛ لذلك من المهم النظر في تضمين البرنامج التدريبي للمنسقين موضوعاتٍ عن كيفية استخدام الاستراتيجيات المختلفة لدعم المعلمين الجدد، ومن المهم أن يتجاوز الدعم المقدم للمعلمين الجدد مجرد التوجيه Orientation إلى الإرشاد Mentoring (حسونة، 2014؛ المخادمة، 2007؛ Witt, 2009 Hudson, 2012;). ولكي يكون ذلك فهناك حاجة إلى إعادة النظر في الآليات الحالية لتقويم المعلم الجديد خلال عامه الأول من العمل؛ إذ يفضل أن يقتصر التقويم على الأداء بشكل عام من خلال تقرير عام للمنسق، يقدم فيه أدلة على كفاءة المعلم الجديد للاستمرار في العمل.

‌ب. تفريغ المنسقين والمعلمين:

وفق ما أشارت إليه النتائج، فإن زيادة الأعباء التي يقوم بها المنسق تحد من فعالية الدعم الذي يقدمه للمعلمين الجدد، وقد يكون من الصعب اقتراح تفريغ المنسق أو المعلم الجديد، ولكن يمكن اقتراح إلغاء العبء التدريسي لأي منسق يكون لديه معلمون جدد بحاجة إلى دعم، على أن يشارك في المقابل المعلمَ الجديد في المهام التدريسية في صفوفه.

كما يمكن تقليل مهام المعلم الجديد، بالأخص تلك المتعلقة بالأمور اللامنهجية كالعمل ضمن اللجان المدرسية، والحد من حضوره لحصص الاحتياط، وتخفيف أنشطة النمو المهني بالأخص تلك الموجهة إلى جميع المعلمين.

‌ج.  تقديم دورات قصيرة:

تصمَّم هذه الدورات لمناقشة التحديات التي يواجهها المعلم في بداية حياته المهنية، ويحصل من خلالها على توجيهات ونصائح تساعده في تخطى هذه التحديات. يشير كل من Stansbury وZimmerman إلى أنه يمكن تقديم هذه الدورات Mini Course بالشراكة مع الكليات أو الجامعات، وتكون هذه الدورات أكثر فعالية عندما يتعلم المعلمون الجدد كيف يطبقون المعرفة التي اكتسبوها في كليات الإعداد. يمكن للمعلمين الجدد تطوير خطط إجرائية لتوضح كيفية تحويل المعرفة إلى ممارسة عملية، ويمكن مناقشة هذا مع الزملاء، وعادة ما تركز هذه الدورات على الموضوعات التي تحتاج إلى جهد مثل إدارة الصف وتقويم الطلاب (Stansbury & Zimmerman, 2000).

وفي ضوء المقترحات السابقة، يمكن تصور برنامج التهيئة المقترح للمعلمين الجدد في النظام التعليمي القطري وفق شكل (4).

شكل (4): التصور المقترح لبرنامج التهيئة المهني في المدارس القطرية

إضافة إلى ذلك، فالبرنامج المقترح سيحتاج إلى تطوير خطة مفصلة منتظمة توضح مراحل انتقال المعلم الجديد من مرحلة إلى مرحلة في طريقه إلى تطوير أدائه، وكذلك أنواع الأنشطة المستخدمة في كل مرحلة، والمدة الزمنية، والشخص المسؤول عن التنفيذ والمتابعة. كما يحتاج الأمر أيضًا إلى قياس مدى فعالية الاستراتيجيات المقدمة وأثرها في بقاء المعلمين الجدد واستمرارهم في مهنتهم وتطوير أدائهم المهني.

الدراسات المستقبلية

في ضوء نتائج البحث، يقترح الباحثون عددًا من العناوين المقترحة لدراسات أخرى، منها:

-      دراسة عن مدى فعالية برنامج التهيئة المهني للمعلمين الجدد في المدارس القطرية وأثره في استمرارهم في المهنة، من وجهة نظر المعلمين الجدد والمنسقين.

-      دراسة عن العوامل المؤثرة في فعالية برنامج تهيئة المعلمين الجدد.

-      دراسة عن العلاقة بين كفاءة المنسقين وفعالية الأنشطة المستخدمة لدعم المعلمين الجدد.


المراجع

أولًا: العربية

إدارة التوجيه التربوي. (2018). التقرير السنوي لإدارة التوجيه التربوي 2018-2017، وزارة التعليم والتعليم العالي، الدوحة، قطر.

–––. (2018-2019). الدليل الإرشادي للموجه التربوي، وزارة التعليم والتعليم العالي، الدوحة، قطر.

–––. (2020-2021). الدليل الإرشادي للموجه التربوي، وزارة التعليم والتعليم العالي، الدوحة، قطر.

إدارة السياسات والأبحاث التربوية. (2017). النشرة الإحصائية للتعليم. قسم الإحصاء، وزارة التعليم والتعليم العالي، الدوحة، قطر.

جامعة قطر. (2020). تقرير إحصائي غير منشور. كلية التربية.

الجراح، ولاء محمد. (2020). فاعلية البرامج التدريبية للمعلمين الجدد وعلاقتها بتحسين أدائهم من وجهة نظر المشرفين والمدربين والمعلمين في مدارس محافظة إربد [رسالة دكتوراه]. جامعة اليرموك، كلية التربية، جامعة اليرموك، الأردن، http\\Search.manduma.com\record\ 1140845

جريدة الشرق. (2018). خبراء تعليميون: فشل وزارة التعليم يجعل مستقبل الأجيال في مهب الريح. 14 أكتوبر. من: http://al-sharq.com/articale/04/10/2018

جريدة الوطن. (2017). بيئة التعليم في قطر تختلف. 26 فبراير. من: www.al-watan.com/new-details/id/61491

حسونة، نورة سعدي. (2014). فاعلية برنامج تدريب المعلمين الجدد في مدارس وزارة التربية والتعليم الأردنية والصعوبات التي يواجهونها أثناء التدريب من وجهة نظر المعلمين المساندين والمعلمين المتدربين والمشرفين [رسالة ماجستير]. كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، الأردن، http://search.mandumah.com/Record/717603

المخادمة، بدر عبد الرحمن. (2007). تقدير فاعلية البرامج التدريبية للمعلمين الجدد في محافظة إربد من وجهة نظرهم [رسالة ماجستير]. كلية التربية، جامعة اليرموك، الأردن، http\\Search.manduma.com\record\719755

مركز التدريب والتطوير التربوي. (2018). التقرير السنوي 2017-2018. وزارة التعليم والتعليم العالي، الدوحة، قطر.

ثانيًا الأجنبية

References:

Abu-Tineh, A., & Sadiq, H. (2017). Characteristics and models of effective professional development: The case of schoolteachers in Qatar, Professional Development in Education. DOI: 10.1080/19415257.2017.1306788

Almakademeh, B. (2007). Estimating efficiency level of practical programmers for new teachers in the Governorate of Irbid from their points of view (in Arabic). [Master thesis, Yarmouk University]. Yarmouk University. http\\Search.manduma.com\record\719755

AL-Sharq newspaper. (2018). Educational experts: The failure of the Ministry of Education puts the future of generations in the wind (in Arabic). 14 October. http://al-sharq.com/articale/04/10/2018

Al-Watan Newspaper. (2017). The education environment in Qatar is different (in Arabic). February 26. www.al-watan.com/new-details/id/61491

Educational Policy and Research Department. (2017). Statistical Bulletin of Education (in Arabic). Educational Statistics Section, Ministry of Education and Higher Education, Doha, Qatar. StatisticsIssue.pdf (edu.gov.qa)

Educational Supervision Department. (2018). Annual Report of the Educational Supervision Department 2017-2018 (in Arabic). Ministry of Education and Higher Education, Doha, Qatar.

–––. (2018-2019). Educational Mentors Guide (in Arabic). Ministry of Education and Higher Education, Doha, Qatar.

–––. (2020-2021). Educational Mentors Guide (in Arabic). Ministry of Education and Higher Education, Doha, Qatar.

Friedman, I. (2000). Burnout in teachers” shattered dream of impeccable professional performance. JCLP/in session psychotherapy practice, 56(5), 595-606.

Garcfa, E., & Weiss, E. (2019). The role of early career Support, continuous professional development, and learning communities in the teacher shortage. Economic policy Institute, Washington, DC.

Hassounneh, N. (2014). The effectiveness of the ministry of education new teachers training program and the difficulties they face from these new teachers’ point of view, their supporting teachers, and supervisors (in Arabic) [Master Thesis]. College of Graduate Studies, University of Jordan, Jordan.

Hudson, P. (2012). How can schools support beginning teachers? A call for timely Induction and mentoring for effective teaching. Australian Journal of Teacher Education, 37(7), 71-84.

Jarrah, W. (2020). Impact programs training effectiveness impact for new teachers and its relation to their performance improvements as perceived by supervisors, teachers, and principals in schools at Irbid Governorate (in Arabic) [PhD Thesis]. College of Education, Yarmouk University, Jordan. http\\Search.manduma.com\record\ 1140845

McGeehan, A. (2019). A study of new teachers’ perceptions of their induction program [Seton Hall University, Dissertation and Theses]. (ETDs).2609. https://scholarship.shu.edu/dissertations/2609/

Qatar University. (2020). Unpublished statistical report. College of Education.

Sciuto, D. (2017) Building connective capital and personal learning networks through online professional development communities for new teachers [ProQuest LLC, Ed.D. Dissertation]. University of Massachusetts Lowell. http://0-gateway.proquest.com.mylibrary.qu.edu.qa/openurl?url_ver=Z39.88-2004&rft_val_fmt=info:ofi/fmt:kev:mtx:dissertation&res_dat=xri:pqm&rft_dat=xri:pqdiss:10592617

Stansburg,K., & Zimmerman, J. (2000) Lifelines to the classroom: Designing support for beginning teachers. (WestEd knowldgeBrief). San Francisco: west Ed.

Training and Educational Development Centre. (2018). Annual Report 2017-2018 (in Arabic). Ministry of Education and Higher Education, Doha MOEHE Qatar - (edu.gov.qa).

Witt, D. (2009). An exploratory study of professional development experiences for new middle school sciences teachers in Suburban School District [Pro Quest LLC, ED.D. dissertation]. University of Missouri-colombia. https://mospace.umsystem.edu/xmlui/handle/10355/6162

Wong K, H., Britton, T. & Gancer, T. (2005). What the world can teach us about new teacher induction. Phi Delta Kappan, 86(5), 379-384.

Zuljan, M., & Pozarnik, B. (2014). Induction and early-carrier support of teachers in Europe. European Journal of Education, 49(2), 192-205.

تاريخ التسليم: 5/2/2022

تاريخ استلام النسخة المعدلة: 14/3/2022

تاريخ القبول: 23/3/2022

 



* قدمت هذه الدراسة من خلال منحة بحثية ممولة من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي (عضو في مؤسسة قطر)، رقم: (NPRP13S-0120-200121).

[1] أستاذ الإدارة التعليمية غير المتفرغ، كلية التربية، جامعة قطر.

[2] أستاذ المناهج وطرق التدريس، كلية التربية، جامعة قطر.

[3] أستاذ المناهج وتدريس العلوم المشارك غير المتفرغ، كلية التربية، جامعة قطر.

* This study was presented through research grant from the Qatar National Research Fund (a member of Qatar foundation) No. (NPRP13S-0120-200121).

[4] Emeritus professor of Educational Admiration, College of Education, Qatar University.

[5] Professor of Curriculum and Teaching Methods, College of Education, Qatar University.

[6] Emeritus associate professor of Curriculum and Science Education, College of Education, Qatar University.