تاريخ الاستلام: 04/11/2023	تاريخ التحكيم: 15/02/2024	تاريخ القبول: 11/03/2024دور المدنيين في التوثيق الجنائي الرقمي لانتهاكات حقوق الإنسان: نظرة على الحالة في غزة

شريفة أحمد المهنا

أستاذ القانون الدولي المشارك، كلية القانون الكويتية العالمية-الكويت

 s.almuhanna@kilaw.edu.kw

ملخص

أهداف البحث: الفظائع التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق المدنيين في قطاع غزة المحاصر، والقمع الصهيوني لوسائل الإعلام، المنظمات الدولية، ومنظمات المجتمع المدني هي التي شجعت كتابة هذا البحث من أجل الإسراع في استحداث نظام يعزز دور منظمات المجتمع المدني والأفراد في التوثيق الجنائي التكنولوجي.

منهج الدراسة: قامت هذه الدراسة على ثلاثة مناهج وهي الوصفي والاستنباطي والمقارن، حتى تقدِّم عرضًا لأهم الأسس العامة التي يجب على منظمات المجتمع المدني والأفراد الالتزام بها عند قيامهم بتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان باستعمال وسائل التكنولوجيا الرقمية. عليه، بنيت الأسس التي يقدمها هذا البحث على الدليل الإرشادي الذي أعدته مجموعة القانون الدولي العام والسياسة حول أسس توثيق انتهاكات حقوق الإنسان من قبل المجتمع المدني بجانب التوجهات التي تبناها القضاء الدولي في هذا المجال.

النتائج: نَتجَ البحث إلى أهمية تنظيم عمل منظمات المجتمع المدني في التوثيق والتنسيق والتعاون مع الحكومات والصحافة والمنظمات الدولية من أجل توحيد الجهود لتحقيق المساءلة والعدالة الجنائية. أيضًا، ضرورة ايجاد نظام إقليمي يشترك فيه الأفراد من الدول العربية والإسلامية في توثيق الانتهاكات.

أصالة البحث: يشكل هذا البحث إضافة للدراسات في مجال إرساء قواعد لتنظيم التوثيق الجنائي التكنولوجي الذي يمارسه الأفراد ومنظمات المجتمع المدني، ومدى حجية هذه الدلائل في الإثبات، فالمجال لايزال متاحًا للمساهمة في تشكيل وتطوير مثل هذه القواعد؛ حيث لا وجود لقواعد مستقرة واضحة تطبقها المحاكم الوطنية والدولية خاصة أن العلم مازال يتطور والتحديات التي ترافق استعمال التكنولوجيا تتكشف دوريًا. من ثَمّ، تلزم الحاجة إلى مثل هذه الدراسات في الوقت الذي تنفضح فيه جرائم الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين في غزة عن طريق صور وتسجيلات التقطت ونشرت إما عن طريق منظمات أهلية أو أشخاص عاديين.

الكلمات المفتاحية: علم الأدلة الجنائية، التكنولوجيا الرقمية، التوثيق، الإثبات، الإجراءات الجنائية

للاقتباس: المهنا، شريفة أحمد. «دور المدنيين في التوثيق الجنائي الرقمي لانتهاكات حقوق الإنسان: نظرة على الحالة في غزة»، المجلة الدولية للقانون، المجلد الثالث عشر، العدد المنتظم الثاني، 2024، تصدر عن كلية القانون، وتنشرها دار نشر جامعة قطر. https://doi.org/10.29117/irl.2024.0303

© 2024، المهنا، الجهة المرخص لها: كلية القانون، دار نشر جامعة قطر. نُشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution Non-Commercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، ما دام يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0

 


 

Received: 04/11/2023	Peer-reviewed: 15/02/2024	Accepted: 11/03/2024The Role of Civilians in Digital Criminal Documentation of Human Rights Violations: A Look at the Situation in Gaza

Sharefah Ahmad Almuhana

Associate Professor of Public International Law at Kuwait International Law School-Kuwait

s.almuhanna@kilaw.edu.kw

Abstract

The atrocities of the Zionist entity against civilians in Gaza, alongside the Zionists’ suppression of media, international organizations, and civil society organizations, motivated the author to write this research aiming at the establishment of a system, strengthening the role of civil society organizations and individuals in criminal technological documentation. This study adopts three approaches: descriptive, deductive, and comparative. This offers a comprehensive examination of the fundamental principles governing documentation done by civil society organizations and individuals through digital technologies. The established framework is built upon the guidelines outlined by the Public International Law and Policy Group concerning the principles guiding the documentation of human rights violations by civil society—further, the jurisprudence of international courts. This research emphasizes the harmonization of efforts aimed towards achieving accountability and, thus, criminal justice through regulating documentation of civil society organizations while also advocating for improved coordination and collaboration among civil society, governments, and the media. Furthermore, establishing regional framework facilitating the participation of individuals from Arab and Islamic nations in documentation. This research is relevant to studies establishing rules regulating technological criminal documentation practiced by individuals and civil society organizations and its evidentiary value. There is still room for contributing to the formulation of such rules, as there are no established rules applied by national and international courts. Particularly, science is developing, and challenges brought by technology are revealing. Therefore, there is a need for similar studies particularly that crimes of the Zionists in Gaza are exposed using technology by civil society organizations or individuals.

Keywords: Forensic science; Digital technology; Documentation; Evidence; Criminal Procedures

Cite this article as: Almuhana S.A. "The Role of Civilians in Digital Criminal Documentation of Human Rights Violations: A Look at the Situation in Gaza," International Review of Law, Volume 13, Regular Issue 2, 2024. https://doi.org/10.29117/irl.2024.0303

© 2024, Almuhana S.A., licensee, IRL & QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution Non-Commercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0

 


مقدمة

منذ القرن الماضي، تسهم منظمات المجتمع المدني أو المنظمات الوطنية غير الحكومية[1]، في تحقيق العدالة الجنائية من خلال توثيق انتهاكات حقوق الإنسان. فشملت الإسهاماتُ المحكمةَ الأوروبية لحقوق الإنسان، والمحكمةَ الجنائية الدولية، والمحكمتين الدوليتين الجنائيتين ليوغسلافيا السابقة ورواندا[2].

وفي الوقت الحاضر، أصبحت تكنولوجيا تسجيل الصوت والصورة والفيديو عن طريق الهواتف المحمولة في متناول الجميع. هذا بالإضافة إلى سهولة التواصل الفوري بفضل الإنترنت و(الواي فاي) والمحادثات الإلكترونية عن طريق الإيميل أو تطبيقات مثل الواتساب، وإكس (تويتر سابقًا) وغيرها. وبالنسبة للدول، أصبحت من الاعتيادي مراقبة الأماكن العامة عن طريق الكاميرات الأمنية، بل وقد أصبحت بالإمكان مراقبة الأوضاع في دول وقارات أخرى عبر الأقمار الصناعية (الستلايت) أو الطائرات المسيرة (الدرون)[3].

على سبيل المثال، اعتمدت غامبيا في قضيتها المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية ضد ميانمار التي تتهمها فيها بارتكاب الإبادة الجماعية ضد الأقلية المسلمة (الروهينقيا) على صور ستلايت لإظهار حجم الدمار الذي تسببت به ميانمار للروهينقيا وكذلك أشارت غامبيا إلى مجموعة من الصور والمقاطع والمحادثات المنتشرة في الفيسبوك لإثبات نية ميانمار ارتكاب الإبادة الجماعية[4].و في سيناريو مشابه، نشرت صحيفة النيويورك تايمز مقالًا بتاريخ 14 ديسمبر 2023 بعنوان "صور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو تظهر بعض المقابر في غزة التي دمرتها القوات الإسرائيلية. قوانين النزاعات المسلحة تعتبر التدمير المتعمد للمواقع الدينية دون ضرورة عسكرية جريمة حرب محتملة"[5].

لهذه الأسباب، أدرك فقهاءُ القانون الدولي والناشطون في مجال حقوق الإنسان ضرورةَ تنظيم التوثيق الجنائي ليس فقط على مستوى مهني احترافي وحكومي، وإنما أيضًا على مستوى منظمات المجتمع المدني أي على مستوى الإنسان العادي. حاليًا، يظهر توجُّه يدعو إلى تنظيم إشراك منظمات المجتمع المدني في عملية توثيق انتهاكات حقوق الإنسان. وذلك يستدعي عدم إغفال مناقشة الجوانب الأخلاقية، التقنية، الأمنية، والقانونية للتوثيق. على سبيل المثال، احترام الخصوصية، جودة التوثيق، نزاهة المعلومات، مدى خطورة التوثيق على سلامة الشخص القائم به وغيره من الأشخاص. لذلك، قامت مجموعة القانون الدولي العام والسياسة، وهي منظمة دولية غير حكومية، بالأخذ على عاتقها مهمة تطوير دليل إرشادي للمبادئ والأسس التي تحكم مسألةَ توثيق انتهاكات حقوق الإنسان من قبل المجتمع المدني بشكل سليم ومسؤول[6].

وحيث إن كتابة هذه الدراسة قد تزامنت مع المجازر التي يرتكبها الكيان الصهيوني في حق الفلسطينيين في قطاع غزة، وصور أشلاء الأطفال والمدنيين المنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي التي التُقطت ونشر معظمها من قبل هواة وأشخاص عاديين، وفي ظل القمع الذي يمارسه الكيان ضد منظمات المجتمع المدني الفلسطينية[7]، واستهداف بعثات المنظمات الدولية غير الحكومية العاملة في غزة[8]، نجد أنه من الأهمية الإقرار بحق الأفراد في المشاركة في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان باستخدام وسائل التكنولوجيا المتاحة لهم. خصوصا وأن صور الأحداث المأساوية في غزة قد أعادت إلى الذاكرة مساهمات الأفراد، أثناء ثورات الربيع العربي وغيرها من الأزمات الداخلية، في عدة دول منها مصر وتونس والبحرين واليمن وليبيا وسوريا من تصوير ونشر لانتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبت ضد المتظاهرين، والسكان المدنيين والصحفيين والإعلاميين[9]. وعلى صعيد المحكمة الجنائية الدولية، تمت إدانة توماس لوبانغا لارتكابه جرائم حرب بين 2002 و2003 بناء على تسجيلات فيديو لمقابلات مع أطفال جنود كانوا من ضمن الميليشيا التابعة للوبانغا في جمهورية الكونغو الديمقراطية[10]. وكذلك في الحرب بين أوكرانيا وروسيا، تتولى منظمات أوكرانية مهمة تدريب الأفراد المدنيين على كيفية توثيق الجرائم الوحشية[11].

مشكلة البحث:

لا توجد قواعد محددة أو مستند مكتوب أو ممارسات دول مستقرة أو سوابق قضائية مؤسسة لمبادئ قطعية تتعلق بمصادر الإثبات أو أنواع الأدلة المستقاة من التكنولوجيا التي تصلح للإثبات أمام المحاكم الدولية. لذلك، ما يزال الفقهاء يراقبون ويقدمون الدراسات التي تساهم في فهم كيفية تعاطي المحاكم مع مصادر الأدلة المعاصرة وغير الاعتيادية لاسيما المصادر التكنولوجية. هذا الفهم ضروري من أجل تطوير قواعد أو أدلة نموذجية شارحة للممارسات الصحيحة للتوثيق والتي تؤدي لقبول القضاء الدولي للأدلة الرقمية.

وتتخلف دولنا العربية والإسلامية عن الركب الدولي في مجال تبني معايير لتنظيم إشراك منظمات المجتمع المدني في عملية توثيق انتهاكات حقوق الإنسان. وتعرج هذه الدراسة، حيثما كان مناسبا، إلى العوائق التي تواجه منظمات المجتمع المدني الفلسطينية في توثيق الانتهاكات خصوصا في ظل ظروف العمليات العسكرية المستمرة والأوضاع الإنسانية المتردية في غزة. زيادة على ذلك، الدور الذي لعبه الأفراد في نقل الأحداث المتسارعة والدموية في غزة، من خلال هواتفهم المحمولة، يعد بمثابة جرس إنذار لدولنا لأهمية الإسراع بتبني معايير لتنظيم عملية التوثيق الجنائي التكنولوجي ليس فقط لمنظمات المجتمع المدني وإنما أيضا للأفراد وبما يتناسب مع مجتمعاتنا، وحاجاتنا، وظروفنا، وواقعنا.

أهمية البحث:

انتهاكات حقوق الإنسان قد تؤدي لإثارة المسؤولية الجنائية لدولة ما أو للأفراد المسؤولين عن ارتكابها. وقد تثور هذه المسؤولية على المستوى الوطني أمام المحاكم المحلية أو على المستوى الدولي أمام المحاكم والمنظمات والأجهزة الدولية. ولا شك أن توثيق هذه الانتهاكات بشكل احترافي وصحيح يؤدي دورًا مهمًّا في المحصلة النهائية للإجراءات المتخَذَة بشأن هذه الانتهاكات. فقد تكون المعلومات المقدَّمة كدلائل إثبات ذات قيمة قانونية بحيث تكون هي الفيصل بين الحُكم بإدانة أو براءة الأفراد في المحاكمات الجنائية. كذلك، قد تكون تلك المعلومات هي الأساس القانوني لإضفاء الشرعية على إجراءات وتدابير قد تتخذها بعض الدول والأجهزة والمنظمات الدولية في مواجهة الدول المتورطة بارتكاب تلك الانتهاكات. ومن أمثلة الإجراءات التي قد تتخذها أجهزة الأمم المتحدة، أحيانًا بالتعاون مع منظمات دولية غير حكومية كالهلال الأحمر والصليب الأحمر، فتْح تحقيق، وتحديد منطقة منزوعة السلاح، والقيام بعمليات حفظ السلام[12]. كذلك، من الإجراءات التي قد يتخذها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هي الإحالة للمحاكم الدولية منها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية. أيضًا، تدابير أكثر صرامة قد تشمل فرْض حصار أو عقوبات، وأحيانًا اتخاذ إجراءات عسكرية. ومن ضمن الإجراءات التي قد تتخذها الدول اتجاه دولة أخرى هي إحالة الانتهاكات للمحاكم الدولية كما فعلت جنوب أفريقيا في طلبها رفع دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية تتهمها فيها بارتكاب إبادة جماعية في غزة[13].

إضافة لذلك، التوثيق هو أحد العناصر الأساسية والمتلازمة مع الحق في المحاكمة العادلة. هذا الحق الذي يستفيد منه المتهم، الضحية، والمجتمع. وقد ذُكِرَ هذا الحقُّ لأول مرة، بشكل شمولي، في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1966. ويتعلق الحق بالمحاكمة العادلة، على الأغلب، بمدى سلامة الإجراءات الجنائية المتخَذة، ومنها مدى موثوقية أدلة الإثبات. والحق في المحاكمة العادلة هو حق مستمر أي أن الإجراءات الجنائية يجب أن تكون سليمة منذ مرحلة ما قبل المحاكمة أو التدبير المتخَذ، أثناء المحاكمة أو المناقشة، وإلى حين صدور حُكم أو قرار. وتشمل مرحلتَا ما قبل المحاكمة والمحاكمة إجراءات جنائية أساسية تتصل بعمليات التحضير وجمْع المعلومات وحفظها إلى حين الإفصاح عنها. هنا، تظهر أهمية التوثيق بشكل صحيح، وذلك لسببين رئيسين. السبب الأول، انتهاكات حقوق الإنسان غالبًا ما تحدث في أماكن وأوقات وظروف لا يوجد فيها أشخاص مؤهلون للقيام بعملية التوثيق. تحدث هذه الانتهاكات عادة بعيدًا عن أعين الصحافة أو المحققين أو المنظمات الدولية أوفي المناطق التي ينتشر فيها الفقر والجهل. علاوة على ذلك، ضحايا هذه الانتهاكات هم على الأغلب من الفئات المستضعَفة في المجتمع أو غير الواعية بوضعها اللاإنساني أو غير الراغبة في الحديث عن معاناتها إما بسبب الخوف، أو صعوبة التواصل، أو غيرها من الضغوطات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. مثلًا، يقع الأطفالُ وذوو الاحتياجات الخاصة والنساء والفقراء وكبار السن وغير المتعلمين واللاجئون والمدنيون وقت الحروب غالبًا ضحايا لانتهاكات حقوق الإنسان من عنف وإهمال وإساءة واستغلال، مثل جرائم الإتجار بالبشر كتجارة الأعضاء، الاستغلال الجنسي، السُّخرة أو العمل القسري، تجنيد وتزويج الأطفال، الاعتقال التعسفي. السبب الثاني، قد يؤدي التوثيق غير السليم إلى الإدانة أو إثارة المسؤولية بشكل خاطئ مما يستوجب معه التعويض. أيضًا، قد يؤدي التوثيق غير السليم إلى البراءة أو سقوط المسؤولية بشكل خاطئ مما يعني عدم المعاقبة على الجرائم والانتهاكات المرتكبة.

ولا شك أن التوثيق الجيد يعد عنصرًا أساسيًّا ولازمًا من أجل تحقيق العدالة الانتقالية. حيث تنطوي العدالة الانتقالية على مجموعة من التدابير التي تتخذها الأنظمة الجديدة في بلدان مختلفة لمعالجة حالات الظلم والقهر التي تسببت فيها الأنظمة الاستبدادية أو الاستعمارية السابقة، وتشمل هذه الحالات انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، ومن أمثلة هذه الانتهاكات العبودية، التعذيب، التهميش، الإبادة الجماعية، التهجير، سرقة الممتلكات، وطمس الهوية. ومن ضمن مناهج التوصل إلى العدالة الانتقالية، بحسب الأمم المتحدة، تحقيق العدالة الجنائية من خلال إثارة المسؤولية الجنائية الفردية، والتأكيد على حق الضحايا في معرفة الحقيقة والحصول على تعويض، وإجراء إصلاحات مؤسسية شاملة من أجل ضمان عدم تكرار الانتهاكات[14].

تساؤلات البحث:

تقدم هذه الدراسة فكرة عن ماهية الإشكاليات التي تواجه توثيق وقبول الدليل الرقمي لا سيما من طرف القضاء الدولي. وفي طور الإجابة على هذا التساؤل الرئيسي، تجيب الدراسة عن العديد من التساؤلات الفرعية التي قد تتبادر لذهن الإنسان العادي حينما يكون شاهدًا على انتهاكات لحقوق الإنسان وتتوفر لديه وسيلة تكنولوجية للتوثيق وتوجد خشية من اختفاء أو تدمير الدليل إذا لم يحدث التوثيق فورًا. مثلا، هل توثيق الانتهاك فعل قانوني؟ هل يُعدُّ توثيقُ الانتهاك، في ظل ظروف الحال، التزامًا قانونيًّا أو أخلاقيًّا؟ ماذا لو كان التوثيق سوف يؤدي إلى الإضرار بالقائم بالتوثيق أو بشخص آخر؟ هل هناك حدود لِما يمكن توثيقه؟ ما أهم المعلومات التي يجب توثيقها؟ وكيف يكون التعامل مع المعلومات الموثَّقة؟ أيضًا، تقدم هذه الدراسة إجابات حول مدى استيفاء بعض النماذج الواقعية لعمليات التوثيق التي قام بها المدنيون من أفراد ومنظمات للانتهاكات التي طالت المدنيين في غزة لمتطلبات قبولها كأدلة توثّق الجرائم الإسرائيلية بالنسبة للقضاء الدولي؟

أهداف البحث:

تأمل الدراسة المساعدة في فهم الوضع الحالي والمستقبلي للمدنيين، سواء منظمات المجتمع المدني أو الأفراد المستقلين، على المستوى الدولي فيما يتعلق بدورهم في التوثيق الجنائي التكنولوجي، وبشكل أخص فهم نقاط القوة ونقاط الضعف التي قد تعتري دورهم هذا في ظل الظروف والسياقات المختلفة التي تحيط بكل حالة على حدة. وبالنسبة لهذا البحث، في سياق الحالة القائمة في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 وما استتبع ذلك من أحداث.

منهج البحث:

تتبنى هذه الدراسة كلا من المنهج الوصفي والاستنباطي والمقارن، وذلك من خلال استعراض الأفكار الكلية التي وردت في دليل مجموعة القانون الدولي العام والسياسة مع التركيز على تلك التي لها صلة باستخدام التكنولوجيا، ومن ثم التوصل لأسس للتوثيق الجنائي التكنولوجي لمنظمات المجتمع المدني والأفراد ممكن تضمينها القوانين الوطنية أو اللوائح التنفيذية أو ممكن أن يصدر بها دليل إرشادي، وممكن التغيير في الأسس المقترحة بما يتناسب مع ظروف المجتمعات العربية والإسلامية وأنظمتها القانونية وبما يتسق مع الأحداث أو السياقات المختلفة. خصوصا وأن الأمور التي تتعلق بالخصوصية والتحقق من المعلومات قد تثار بشأنها صعوبات عملية تختلف باختلاف الدول والظروف. لذا، اعتمدنا منهج المرونة والعمومية بالطرح، وتترك التفاصيل لتقدرها كل دولة.

نطاق البحث:

تُعنى هذه الدراسة بتمكين منظمات المجتمع المدني والأفراد من استغلال وسائل التكنولوجيا الرقمية المتاحة لهم في التوثيق الجنائي. وفي الحقيقة، لا يستدعي ذلك بالضرورة إجراء أية تعديلات على القوانين الوطنية المعنية بالإجراءات والمحاكمات الجزائية، وبشكل خاص المواد المتعلقة بالإثبات، حيث إن الإثبات في المسائل الجزائية -كأصل عام- يخضع لمبدأ حرية الإثبات[15]. أي أن القاضي الجزائي، بسلطته التقديرية، يمكنه قبول جميع الأدلة التي تتيح له الحكم في الدعوى على نحو صحيح طالما أنه اعتمد على إجراءات مشروعة للحصول على هذه الأدلة[16]. بالتالي، لا فرق بين ما إذا كانت الأدلة مجموعة عن طريق التكنولوجيا أو بوسائل أخرى. ويتخذ نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998 ذات المنحى، فالمادة 64 من النظام لم تحدد أو تعرف الأدلة التي يجب القبول بها في إثبات ارتكاب الجرائم الدولية، وإنما تركت الأمر ليفصل فيه قاضي المحكمة حسب تقديره[17]. وحسب المادة 69(3) من النظام، حتى يكون الدليل مقبولا لدى المحكمة لابد أن يكون ضروريا وذا صلة بموضوع النزاع. ومع ذلك، النظر لممارسة المحكمة في سوابقها نجد أنها تعتمد في تقييمها للأدلة المقدمة على عدة عوامل منها مدى أصالة المعلومة، مصدر أو مؤلف المعلومة وصلته بالحدث، وسلسلة الأشخاص أو الجهات التي تولت حفظ المعلومة منذ وقت نشوئها وإلى حين وصولها إلى المحكمة[18]. وكذلك الأمر بالنسبة لمحكمة العدل الدولية، فالمادة 48 من النظام المنشئ للمحكمة تركت للمحكمة أمر تقدير كل ما يتعلق بأدلة الإثبات وذلك على ضوء قواعد القانون الدولي، الحقائق، والظروف المحيطة بكل قضية[19]. وهذه السلطة التقديرية للمحكمة تنسحب على تقرير مدى مشروعية طريقة الحصول على الأدلة وإمكانية قبول الدليل الذي حُصِل عليه بناء على طرق غير مشروعة، طريقة إدارة الأدلة وتبادلها أو تداولها، الطرف الذي يقع عليه عبء الإثبات، متطلبات الإثبات، ومدى إمكانية قبول المحكمة لأنواع معينة من الأدلة[20]. وتشير المادة IXquater من تعليمات المحكمة للممارسة Practice Direction إلى إمكانية تقديم الدول مواد سمعية-بصرية أو صور فوتوغرافية كجزء من ملف القضية المقدم للمحكمة، والفقرة الثالثة من ذات المادة تشترط على الدولة الراغبة في تقديم هذه المواد أن ترفقها بمعلومات عن مصدر المادة وظروف وتاريخ إنتاجها ومدى إتاحتها للجمهور. ويجب على الدولة المعنية أيضًا أن تحدد، حيثما كان ذلك مناسبًا، الإحداثيات الجغرافية التي أخذت منها تلك المادة. وقد أصدرت محكمة العدل حكمها في القضية المتعلقة بتطبيق معاهدة منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها بين كرواتيا وصربيا في 3 فبراير 2015، وفي القضية اعتُمِد بكثرة على أدلة تكنولوجية[21]. وفي إحدى القضايا التي نظرتها محكمة العدل الدولية، لم تول المحكمة اعتبارًا كبيرًا لمواد سمعية-بصرية قُدّمت من قبل الأطراف كدلائل إثبات وذلك بسبب شكوك متعلقة بمدى أصالة المواد المقدمة[22].

والمنظمات المشمولة في هذا البحث هي المنظمات الوطنية غير الحكومية، سواء تُعنى بحقوق ذوي الإعاقة، الطفل، المرأة، اللاجئين، المدنيين أثناء الحروب، الأسرى والمعتقلين والمساجين، الأجانب والعمالة المنزلية أم غيرها. وتخرج عن نطاق هذه الدراسة المنظمات الدولية غير الحكومية، ومن أشهرها منظمة العفو الدولية ومراقبة حقوق الإنسان، التي كانت وماتزال تلعب دورا واضحا في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان ومعترفا لها بالشخصية القانونية الدولية التي تمكنها من أداء عملها في التوثيق تحت غطاء دولي ورعاية حكومات الدول والمنظمات الدولية الحكومية[23].

أبرز النتائج:

نظريًا، يتشابه نظام التوثيق الجنائي التكنولوجي للأفراد ومنظمات المجتمع المدني مع ما هو متعارف عليه من مبادئ وأسس في هذا المجال. فلا وجود لقواعد تفرق بين المعلومات المجموعة عن طريق وسائل التكنولوجيا من قبل جهات حكومية أو غير حكومية أو من قبل أفراد. ولكن، عمليًا، يفرق القضاء الدولي في التعامل بين المعلومات التي وثقها أفراد أو منظمات مجتمع مدني وجهات حكومية أو منظمات دولية غير حكومية. فالسوابق القضائية تشهد على أن القضاء الدولي يعطي وزنًا أكبر للمعلومات المجموعة عن طريق جهات معروفة[24]. الأمر الذي يستدعي استحداث نظام خاص للتوثيق الجنائي التكنولوجي للأفراد ومنظمات المجتمع المدني، بحيث إذا استوفت الأدلة الموثقة المعايير التي وضعها النظام وجب على القضاء الدولي القبول بها، وفحصها جديًا، وإعطاؤها القيمة المناسبة. كل هذا يجب أن يحصل مع الوضع في الاعتبار التحديات المتزايدة التي يواجهها الأفراد ومنظمات المجتمع المدني عند قيامهم بعملية التوثيق والتي لا تمكن مقارنتها مع حالات التوثيق التي تقوم بها جهات رسمية تتوافر لها جميع وسائل الدعم المادي واللوجستي والأمني. فالتوثيق الذي يقوم به شخص أو مجموعة من الأشخاص العاديين لن يرقى إلى مستوى التوثيق الذي تقوم به جهات رسمية، وهذا واقع يجب التسليم به عند التعامل مع معلومات مصدرها أفراد أو جهات غير رسمية وفي أحيان كثيرة يمارسون التوثيق في ظروف غير مواتية للحصول على لقطة مثالية أو الإخبار بقصة متراتبة السرد متكاملة الأركان.

تقسيم البحث:

ينقسم هذا البحث إلى أربعة مباحث كالتالي:

المبحث الأول: الأسس العامة للتوثيق الجنائي باستخدام التكنولوجيا.

المبحث الثاني: جمْع المعلومات باستخدام التكنولوجيا.

المبحث الثالث: التعامل مع المعلومات المجموعة باستخدام التكنولوجيا.

المبحث الرابع: نماذج واقعية لعمليات توثيق جنائي تكنولوجي قام بها أفراد ومنظمات أهلية في غزة.

المبحث الأول: الأسس العامة للتوثيق الجنائي باستخدام التكنولوجيا

ينقسم هذا المبحث إلى مطلبين. المطلب الأول يتناول المبادئ الأخلاقية للتوثيق والمطلب الثاني يُعنى بشروط التوثيق. وتختلف المبادئ عن الشروط في أساس أو مصدر الالتزام. فالمبادئ مرجعها الأخلاق فقط، حيث إن إثبات مخالفتها قانونًا، لغرض إثارة المسؤولية، قد يكون مستحيلًا أو صعبًا. بينما الشروط قد تجد لها أساسًا أخلاقيًّا وقانونيًّا في المواثيق الدولية والقوانين الوطنية المنظمة لحق الفرد في الخصوصية وحماية البيانات الشخصية. وأيضا، في الشروط والسياسات المنظمة لعملية نشر المحتوى والتي تضعها منصات التواصل الاجتماعي. لذلك، من السهولة إثبات مخالفة الشروط، وبالتالي إثارة مسؤولية عدم الالتزام بها. على سبيل المثال، المادة 16 من اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل تنص على أنه لا يجوز التعرض للطفل في حياته الخاصة أو أسرته أو منزله أو مراسلاته[25]. وكذا المادة 22 من اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة توجه بضرورة حماية خصوصية المعلومات المتعلقة بالشؤون الشخصية للأشخاص ذوي الإعاقة وحمايتهم ضد أي تدخل تعسفي أو غير قانوني في خصوصياتهم أو شؤون أسرهم[26]. أيضا، المادة 44 بشأن إفضاء الأسرار والاعتداء على الخصوصية من مرسوم بقانون اتحادي رقم (34) لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية في دولة الإمارات العربية المتحدة يعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين "...كل من استخدم شبكة معلوماتية، أو نظام معلومات إلكتروني، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، بقصد الاعتداء على خصوصية شخص أو على حرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد من غير رضا وفي غير الأحوال المصرح بها قانونًا..."[27]. كذلك، تنص سياسة الخصوصية لمنصة التواصل الاجتماعي "إنستغرام" على أنه يجب على مستخدمي المنصة ألا يقوموا بنشر معلومات خاصة أو سرية متعلقة بشخص آخر دون إذن أو القيام بأي شيء ينتهك حقوق شخص آخر، بما في ذلك حقوق الملكية الفكرية[28].

المطلب الأول: المبادئ الأخلاقية للتوثيق الجنائي باستخدام التكنولوجيا

ينقسم هذا المطلب إلى فرعين. الفرع الأول يتناول مبدأ عدم إلحاق الأذى والفرع الثاني يخص مبدأ التزام الحياد.

الفرع الأول: مبدأ عدم إلحاق الأذى

يعد هذا المبدأ من أهم المبادئ التي يجب إعمالها كلما ظهرت الحاجة لتوثيق انتهاكات لحقوق الإنسان. فهو الخطوة الأولى والمعيار الذي على أساسه يُتخَذ القرارُ بالتوثيق من عدمه. طبقًا لهذا المبدأ، عند اتخاذ قرار التوثيق، تجب الموازنة بين أمرين هما: الأول، الحاجة للمحافظة على الدليل والثاني، المخاطرة باحتمالية إلحاق أذى. فإن غلَبَ الأمرُ الأول على الثاني، يكون التوثيق. أما إن غلبَ الأمر الثاني على الأول، فلا توثيق[29].

الهدف من المبدأ هو منع أو تقليل الأضرار أو الآثار السلبية، أيًّا كانت طبيعتها سواء أكانت مادية أم عضوية أم نفسية أم اجتماعية، التي من الممكن أن تكون نتيجةً غيرَ مقصودة للتوثيق وأية أنشطة أخرى متصلة به[30]. ويشمل المبدأ عدم إلحاق الأذى بالذات، الضحايا، الشهود، الناجين، الوسطاء، المجتمع المحلي، وأي شخص مشارك في عملية التوثيق. أيضًا، عدم إلحاق الأذى بالمعلومات التي تُوصّل إليها. فيكون من الأوجب الامتناع عن جمْع المعلومات عن طريق استخدام وسائل التكنولوجيا مثل استخدام الهاتف المحمول في التصوير، أو تسجيل فيديو، أو صوت للضحايا أو الشهود إذا كان هناك احتمال أن يقع هذا الهاتف أو ما يحتويه من معلومات بيد مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان وخصوصًا إذا كانوا يملكون سلطة فعلية على الضحايا أو الشهود. على سبيل المثال، اللاجئون في مخيمات اللجوء الذين يتعرضون لمعاملة غير إنسانية من قبل سلطات الدولة المستضيفة. فإعادة اللاجئين إلى مناطق العنف التي نزحوا منها أو مضايقة اللاجئين والضغط عليهم في مخيمات اللجوء أو الحد من حرياتهم قد تكون هي النتيجة المتحققة في حال علمت سلطات البلد المستضيف عن الصور والتسجيلات، وهي بالتأكيد نتيجة تختلف تمامًا عن النتيجة المبتغى تحقيقها من وراء التوثيق وهي محاسبة مرتكبي الانتهاكات. مثال آخر، يفضّل عدم التوثيق إذا لم تستطع الجهة القائمة بالتوثيق ضمانَ عدم تسريب اسم الشاهد الذي يقدّم معلومات عن جريمة اغتصاب مما قد يعرّض هذا الشاهدَ للانتقام[31].

الفرع الثاني: مبدأ التزام الحياد

على القائم بتوثيق أي أمر يشكّل، بحسب اعتقاده، انتهاكًا لحقوق الإنسان أن يلتزم الحياد[32]. يجب عليه أن يكون موضوعيًّا ويحررَ نفسَه من أية توجهات سياسية أو مشاعر سلبية أو عنصرية. فلا يجوز له أن يحاول عمدًا، من خلال استعمال التكنولوجيا، أن يتلاعب بالمعلومات/الأدلة بقصد ترجيح كفة أحد الأطراف أو التأثير على مسار التحقيق، أو أحكام القضاء، أو تهييج الرأي العام، أو استعطاف المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان. فأمر تقرير الإدانة والبراءة والتعويض من عدمه وتقدير قيمة ونوع التعويض هي مهمة القضاء[33]. على سبيل المثال، لا يجوز تعمُّد التصوير من زاوية معيَّنة أو بوقت معيَّن من اليوم، أو تعمُّد إغفال إظهار بعض عناصر مسرح الجريمة، أو عدم الحديث عن وجودها، أو وصفها، عدم السماح لطرف يرغب في الحديث أو الإدلاء بشهادته أن يقوم بذلك بشكل مناسب. أيضًا، لا يجوز استعمال الفوتوشوب أو تطبيقات وخيارات الهاتف التي تضيف تأثيرات أو تغير من مواصفات الصور أو الفيديو أو الصوت مثل اللون والصفاء والدقة ومستوى الصوت.

المطلب الثاني: شروط التوثيق الجنائي باستخدام التكنولوجيا

ينقسم هذا المطلب إلى فرعين. الفرع الأول يُعنى بشرط الحصول على الموافقة المسبقة الواعية والحرة، والفرع الثاني يناقش شرط احترام الخصوصية.

الفرع الأول: شرط الحصول على الموافقة الحرة والواعية

يجب على القائم بالتوثيق أن يحصل على موافقة الضحايا أو الشهود الصريحة على قيامه بالتوثيق وظهورهم أو معلوماتهم في الصور أو الوثائق الرقمية أو في تسجيلات الفيديو أو الصوت[34]. ويفضل التعبير عن الموافقة بالكتابة مع التوقيع أو بتسجيل فيديو أو صوت للشخص مصدر المعلومات يعبر فيه عن فهمه لكامل حقوقه والعملية التي يشارك فيها وأية عواقب قد تنتج عنها وعدم تعرضه لأي ضغط للمشاركة.

ويشترط أن يحصل القائم بالتوثيق على هذه الموافقة بداءة وختامًا أي قبل وبعد كل مرحلة من مراحل التوثيق. مثال توضيحي، الموافقة مطلوبة عند مرحلة الاتفاق المبدئي على تسجيل مقابلة صوتيًّا أو عبر الفيديو (الموافقة على الفكرة)، ثم تكون الموافقة مطلوبة عند مرحلة التحضير للمقابلة (الموافقة تكون هنا مثلًا على نوعية الأسئلة التي سوف تُطرح والموضوعات التي سيُتَطرَّق لها، وأي ضيوف حاضرين أثناء إجراء المقابلة)، ثم قبل البدء في المقابلة يُتأكَّد من أن الموافقة ما زالت مستمرة بأن يُبلغ الضحية أو الشاهد بحقه في تغيير رأيه والتراجع عن التصوير، ثم تكون الموافقة مطلوبة قبل مرحلة النشر أو الإفصاح (الموافقة على محتويات المقابلة والإخراج ووسيلة وتوقيت ومكان النشر وعملية النشر نفسها أو الإفصاح لأي طرف ثالث كالمحققين، المحاكم، المنظمات، حكومات الدول أو الشرطة). بناء عليه، تكون الموافقة المطلوبة هي موافقة مسبَقة وإجازة لاحقة كذلك.

كذلك، يُشترط في هذه الموافقة أن تكون واعية أي تنم عن أن الضحية أو الشاهد على وعي تام ولديه إحاطة كاملة وفهْم شامل لكل الظروف المحيطة والعواقب المحتمل حدوثها بسبب تصريحاته أو مشاركته في التوثيق. أيضًا، لديه علم بجميع حقوقه ومنها حقه في رفض تقديم معلومات ورفض استكمال الإجراءات اللازمة لعملية التوثيق. وهذا الشرط يستلزم أن يكون الشخص مصدر المعلومة كاملَ الأهلية. فإن كان قاصرًا، وجبَ الحصول على موافقته الواعية هو ووالديه أو مَن يتولى رعايته[35]. وتتطلب الموافقة الواعية فهمًا لمحتوى المعلومات والغرض من عملية جمعها، ومعنى سياسة الخصوصية وما إذا كانت الخصوصية تنطبق على المعلومات المقدَّمة، والإجراءات المتبعة في عملية التوثيق، ومزايا وعيوب المشاركة في عملية التوثيق، وهوية الشخص القائم بالتوثيق والجماعة التي ينتمي إليها ويمثلها وطريقة التواصل معه. فقد لا تكون معلومة مثل هوية الضحية ذات أهمية بالنسبة للمنظمة القائمة بالتوثيق، ولكن إذا اتُّخِذت إجراءات قضائية فإن تلك الإجراءات ستتطلب حتمًا الكشفَ عن هوية هذه الضحية[36].

أيضًا، يُشترط أن تكون الموافقة صادرةً عن إرادة حرة. فمقدِّم المعلومات يجب أن يقوم بهذه المهمة طوعًا. فأي نوع من أنواع الضغوطات غير مقبولة ومنها عامل الوقت والظروف المحيطة.

ورغم أن شرط الحصول على الموافقة الحرة والواعية يعد من أبجديات عمل الصحفيين والموثقين المحترفين والعاملين في مجالات حقوق الإنسان، إلا أنه غالبًا يعد غير معروف بالنسبة للأفراد العاديين ولا دراية لهم حول هذا المفهوم أو كيفية تطبيقه خاصة وأنه، تحت ظروف معينة، قد يتعذر عليهم الحصول على هذه الموافقة من الأفراد الذين يُصوَّرون، كأن يكون الشخص متوفي (جثة)، أو مصابًا إصابة شديدة، أو يعاني من صدمة، أو وحيدا، أو غير معروف الهوية[37]. وفي بعض الحالات قد يُصوَّر الشخص وهو في مكان عام وسط الزحام كأن يكون مشاركا في أو مار بالقرب من مسيرة احتجاجية أو مشاجرة وأحيانًا يكون التصوير من دون علم الشخص[38]. وفي هذه الحالات قد يتسبب الموثق بإلحاق الأذى بالضحية الذي قد يتفاجأ بانتشار صور أو مقاطع فيديو له من دون رضاه. على سبيل المثال، انتشر الكثير من مقاطع الفيديو لنساء فلسطينيات من غزة يحرصن على ستر أجسادهن وشعورهن بمجرد خروجهن أحياء بعد عمليات انتشالهن من تحت الردم للمباني المهدمة، وهذا يدل على حرصهن ألا يُصوّرن من دون حجاب أو ملابس ساترة[39]. بالتالي، يكون لزامًا في مثل هذه الحالات عدم نشر ومشاركة الصور او المقاطع لهؤلاء النساء إلا بعد الحصول على موافقتهن الحرة والواعية.

الفرع الثاني: شرط احترام الخصوصية

على الموثق احترام خصوصية الضحايا والشهود والحفاظ على سرية معلوماتهم، إلا أنه أحيانًا قد ترِدُ على هذه القاعدة بعض الاستثناءات بحيث يضطر الموثق إلى أن يقوم بكشف بعض الخصوصيات وإفشاء بعض الأسرار وذلك لدواعي تحقيق العدالة أو لحفظ الأمن وضمان سلامة وحماية الضحايا والشهود وغيرهم، كما لو كان ذلك ضروريًّا من أجل إجراءات المحاكمات الجنائية. على سبيل المثال، رفضت دائرة ما قبل المحاكمة الأولى في قرارها حول تأكيد التهم الموجهة لتوماس لوبانغا طلب الدفاع استبعاد أحد الأدلة التي تُحُصّل عليها بالمخالفة للإجراءات الجزائية في الكونغو وبشكل يمثل انتهاكا للحق بالخصوصية، أحد حقوق الإنسان المعترف بها دوليا[40]. وبررت المحكمة رفضها بكون انتهاك الحق بالخصوصية يعد أمرًا بسيطًا ولا يمس بسلامة الإجراءات المتخذة[41].

وتعد الأمور الشخصية من المعلومات بالغة الأهمية بطبيعتها؛ وذلك لأن الكشف عنها قد يعرض حياة الضحية أو الشاهد أو أفراد العائلة للخطر. لذا، يجب اتخاذ تدابير مشددة لحماية هذا النوع من المعلومات التي تتعرض للعلاقات الأسرية أو اسم وعمْر الضحية أو الشاهد. أيضًا، يجب اتخاذ تدابير لحماية الأشخاص في حال الإفصاح عن هذه المعلومات في حال استدعت الظروف ذلك.

المبحث الثاني: جمْع المعلومات باستخدام التكنولوجيا

ينقسم هذا المبحث إلى مطلبين. المطلب الأول يُعنى بالمعلومات في مسرح الجريمة والإصابات الجسدية الظاهرة. المطلب الثاني يهتم بالمعلومات المستقاة من وسائل الإعلام الرقمية أو من البيانات الوصفية للوسائط الرقمية. وخلال هذه المرحلة، أي مرحلة جمْع المعلومات، تجب على من يقوم بالتوثيق مراعاة المبادئ والشروط التي تناولها المبحث الأول.

المطلب الأول: مسرح الجريمة والإصابات الجسدية الظاهرة

ينقسم هذا المطلب إلى فرعين. الفرع الأول يُعنى بالمعلومات في مسرح الجريمة والفرع الثاني يخص المعلومات المتعلقة بالإصابات الجسدية الظاهرة.

الفرع الأول: مسرح الجريمة

الأصل، أن يؤمَّن مسرح الجريمة، مع عدم الدخول له، أو لمس، أو تحريك، أو إزالة، أو تنظيف أي شيء موجود به من قِبل أشخاص غير المحققين الرسميين والمصرح لهم بالدخول حيث يُخشى أن يترتب على ذلك إتلاف الأدلة والمعلومات الموجودة في المكان، ولكن في أحوال استثنائية، قد يكون الدخول إلى مسرح الجريمة وتصويره فوتوغرافيًّا أو عن طريق الفيديو ووصف موقعه ومحتوياته بدقة أمرًا ضروريًّا. ومن ضمن هذه الأحوال انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث في زمن الحرب، وتلك التي تحدث في مناطق الصراعات والمدن أو القرى المحاصَرة أو المحظور الدخول إليها أو في الأماكن التي يصعب الوصول لها. فإذا لم يتمكن المحققون والخبراء من دخول مسرح الجريمة في الوقت المناسب وتوجد خشية من فقْد المعلومات الموجودة في مسرح الجريمة بسبب تعرضها للتلف، أو التحلل، أو السرقة، أو غيرها من الأسباب، يحق للمدنيين الموجودين في الموقع الدخول والتوثيق مع وضْع مبدأ عدم إلحاق الأذى نصْبَ أعينهم. مثلًا، يجب على القائم بالتوثيق ارتداء قفازات قبل لمْس أي ورقة يرغب بفتحها ليقوم بتصوير الكتابة الموجودة عليها؛ وذلك حتى لا تتعرض البصمات، أو بقع الدم، أو الحبر، أو أية معلومات قد تكون موجودة على الورقة التي قد تكون ضرورية للطب الشرعي أو الأدلة الجنائية للتلف.

ومن استعمالات التكنولوجيا في توثيق المعلومات في مسرح الجريمة التصوير الفوتوغرافي، وتسجيل الفيديو أو الصوت. ومن أهم المعلومات المهم توثيقها تاريخ ووقت الوصول إلى مسرح الجريمة، والأشخاص الموجودون في مسرح الجريمة وأوقات وجودهم، ووصف وتصوير مسرح الجريمة ومحتوياته بشكل شامل ومتكامل بمجرد الدخول إليه، ويكون التصوير من زوايا ومسافات مختلفة وفي إضاءة مناسبة. كذلك، تصوير أيّ مستندات في موقعها الأصلي حيث توجد في مسرح الجريمة. أيضًا، تسجيل أيّ تصريحات أو تعليقات تصدُر عن الضحايا أو الشهود. ومن المهم تحديد موقع مسرح الجريمة بدقة حتى تسهل على المحققين معرفة المكان[42].

ولابد من الإشارة إلى أنه أحيانا قد يصعب الالتزام بمتطلبات توثيق مسرح الجريمة عن طريق التكنولوجيا كما هي مذكورة هنا، وتزداد الصعوبة في أوقات الحروب والصراعات المسلحة حينما يضطر الموثقون إلى محاولة إثبات ما يمكن إثباته من انتهاكات للقانون الدولي الإنساني على وجه السرعة ودون إعطاء أهمية لكل التفاصيل وذلك بسبب حجم الدمار والخطر اللذين يترافقان في العادة مع هذه الظروف. على سبيل المثال، في ظل الأوضاع المتأزمة في قطاع غزة من بعد السابع من أكتوبر 2023 والمستمرة إلى حين كتابة هذه السطور (مارس 2024)، من المستحيل حصر وتوثيق جميع مسارح الجريمة في القطاع باتباع الأسس والممارسات المثلى. فاعتداءات الكيان الصهيوني منتشرة في كامل القطاع ووسائل المواصلات والنقل والاتصال والقدرات البشرية محدودة، الأمر الذي يعيق جهود التوثيق.

الفرع الثاني: الإصابات الجسدية الظاهرة

يعد توثيقُ الإصابات الجسدية أمرًا حساسًا. لذا، مِن الأفضل ترْكُ هذه المهمة ليقوم بها المحققون الرسميون أو الممارسون الصحيون، ولكن في ظل ظروف معينة حينما يكون هناك اعتداء جسدي ولا يتمكن المحققون أو الأطباء من الحضور، يكون لزامًا على منظمات المجتمع المدني التدخل بالتوثيق وذلك لتسهيل عمل القضاء لاحقًا عندما تصبح محاسبة المعتدي أمرًا ممكنًا. ورغم ذلك، لا يحق لمنظمات المجتمع المدني إجراء فحوصات شاملة للضحية مثل تلك التي تتطلب خلْعَ الثياب أو اللمس، وإنما يقتصر الأمرُ على توثيق الإصابات الجسدية في الأماكن الظاهرة من الجسم. تؤخذ صور أو يسجَّل فيديو للإصابات، والجروح، والندبات مع الشرح. ويفضّل أخذ صور أخرى أو فيديو للإصابات بعد الشفاء والالتئام وذلك لغرض المقارنة.

أيضًا، توثيق الإصابات الظاهرة على الجثث يعد أمرًا ضروريًّا. فيكون من المفيد تصوير أماكن ثقوب الطلقات، الطعنات، التورمات، الجروح، الكدمات، والحروق. أيضًا، شكل وانتشار بقع الدم. كذلك، التشوهات في الأطراف ووضعية الظَّهر.

ونجد أن الصور ومقاطع الفيديو التي انتشرت للقتلى والمصابين في قطاع غزة جراء القصف والاعتداءات الصهيونية التي تلت عملية طوفان الأقصى التي قامت بها حركات التحرر الفلسطينية والتي يدعي الكيان الصهيوني أن عملياته العسكرية ضد القطاع هي رد ودفاع مشروع عن النفس، قد ساهمت بدور كبير في إظهار أن الأغلبية الساحقة من ضحايا الاعتداءات إنما كانوا من المدنيين العزل، والنساء، والأطفال والشيوخ والطواقم الطبية وموظفي الإغاثة والصحفيين. أيضا، أظهرت الصور والمقاطع أن كثيرا من الإصابات وأهمها فقدان الأطراف والتشوهات والإعاقات كانت بسبب استخراج ناجين أو جثث من تحت ركام البيوت والمباني المهدمة. أيضا، بقع الدم المنتشرة على أرضيات المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والجثث المتناثرة بالشوارع كلها أدلة دامغة على مدى جسامة ووحشية الانتهاكات التي ارتكبها جيش الكيان الصهيوني في مواجهة الأبرياء في غزة.

المطلب الثاني: المعلومات الرقمية

ينقسم هذا المطلب إلى فرعين. الفرع الأول يهتم بالمعلومات المستقاة من وسائل الإعلام الرقمية والفرع الثاني يعنى بالمعلومات المستقاة من البيانات الوصفية للوسائط الرقمية.

الفرع الأول: وسائل الإعلام الرقمية

من أمثلة وسائل الإعلام الرقمية البريد الإلكتروني، الرسائل النصية، البث الصوتي، المدونات، والقصص وغيرها من التعليقات والصور ومقاطع الفيديو أو الصوت في المواقع الإلكترونية وتطبيقات التواصل الاجتماعي ومن أشهرها فيسبوك، إكس، ثريدز، إنستغرام، سناب تشات، تيك توك، يوتيوب، وواتساب[43].

مؤخرًا، تزايدَ الاعتمادُ على المعلومات المتداوَلة في وسائل الإعلام الرقمية لإثبات أو نفي انتهاكات حقوق الإنسان بدلًا من المعلومات التي لها وجود فيزيائي ملموس سواء في أوراق أم في صور فوتوغرافية. ومن أهم التحديات التي تواجِه هذا النوعَ من المعلومات التحقق من أصالتها، ومدى الثقة بها، وتتبع مصدرها الرئيس ومَن قام بحيازتها. على سبيل المثال، كشف التلاعب في محتويات المعلومات الرقمية كتغيير الصور عن طريق الفوتوشوب أو تغيير الصوت عن طريق الذكاء الاصطناعي قد يحتاج قدرًا من الخبرة التكنولوجية المتقدمة التي قد لا تتوفر لدى القضاة والمحامين والمحققين.

ومن أفضل الممارسات التي يمكن اتباعها في مجال توثيق المعلومات الرقمية عمومًا والمعلومات الموجودة في وسائل الإعلام الرقمية على وجه الخصوص الاحتفاظ بالمصدر الفيزيائي لهذه المعلومات كالأجهزة التي استُخدِمَتْ في خلْق هذه المعلومات مثل الاحتفاظ بالهاتف. وحينما لا يكون هذا الخيار متاحًا، يمكن الاحتفاظ بالمعلومات المطلوبة فقط عن طريق أخذ لقطة للشاشة أو نقل الملفات المستهدَفة إلى ذاكرة متنقلة أو إرسالها من الجهاز الأصلي إلى جهاز آخر عبر البريد الإلكتروني أو البلوتوث أو أية وسيلة أخرى متاحة. ولا بدَّ من الحرص على عدم فتْح الملف الأصلي أكثر من مرة حتى لا تحدث أي تغييرات في محتواه ولو عن طريق الخطأ، وأيضًا من أجل الاحتفاظ ببياناته الوصفية من تاريخ ووقت على سبيل المثال. وفي حال إضافة أي شيء على الملف المنقول كملاحظات أو غيرها، يجب ذكْر هذه الإضافة والإشارة إليها. كذلك، يجب ذكْر الظروف المحيطة بعملية النقل وأي أجهزة أو برامج اعتُمِد عليها أو استخدمت من أجل إتمام عملية النقل.

ولا بدَّ من الحصول على موافقة صاحب المحتوى الرقمي قبل استخدام محتواه من صور أو مقاطع فيديو لغرض توثيق انتهاكات حقوق الإنسان. وتعد هذه الخطوة ضرورية من أجل التأكد من أن استخدام المحتوى الرقمي لن يُلحِق ضررًا بصاحب المحتوى[44]. في هذا الشأن، كثرت الأقاويل حول استهداف منازل وأسر صحفيين ومراسلين وناشطين في غزة بدافع الانتقام[45].

ولا شك أن جمع المعلومات من وسائل الإعلام الرقمية يواجهه تحدٍ رئيسي وهو مدى توافر الإنترنت للجميع على قدم المساواة ويزداد هذا التحدي خطورة خاصة في أوقات النزاعات الدولية التي تترافق مع أزمات سياسية واقتصادية حيث إن انقطاع خدمة الإنترنت أو ارتفاع كلفتها يؤثر على مقدار تدفق المعلومات ومن ثم وصولها وانتشارها مما يؤثر على سير وعدالة إجراءات التحقيق وبالتأكيد المحصلة النهائية للتحقيق. وفي هذا الشأن، قامت حكومة بنغلاديش بمنع الروهينقيا اللاجئين في Cox's Bazar من الحصول على خدمة الإنترنت 3G و4G وكذلك منعتهم من استخدام بطاقات SIM لفترة من الزمن بحجة وجود دواعٍ أمنية تستلزم فرض هذا الحظر، الأمر الذي أعاق عمل لجنة الأمم المتحدة المحايدة والمستقلة في التحقيق في الأوضاع في ميانمار[46]. وينتهج الكيان الصهيوني ممارسات مشابهة من قطع للاتصالات وخدمة الإنترنت عن أهالي غزة مما يصعب من عمل المنظمات الإغاثية ويزيد من القلق حول الأوضاع في الداخل وفيما إذا كانت إسرائيل تعمد إلى التغطية على جرائم ترتكبها ضد السكان[47].

الفرع الثاني: البيانات الوصفية

البيانات الوصفية هي أداة تساعد على التحقق من صحة المعلومات الرقمية أو الإلكترونية. فالبيانات الوصفية تشرح الخصائص الأساسية للمعلومة مثل المصدر الأصلي للصورة، قياساتها، وتاريخ إنشائها

معظم الأجهزة والبرامج الحديثة تقوم بإنشاء البيانات الوصفية تلقائيًّا بمجرد إنشاء المعلومة، سواء محادثة، أم صورة، أم فيديو، أم غيرها[48]. لذلك، على القائم بالتوثيق أن يحرص على ضبْط إعدادات جهازه قبل استخدامه في التوثيق، وذلك من أجل ضمان الحصول على بيانات وصفية دقيقة. ولا بدَّ هنا من ملاحظة أنه بمجرد تغيير إعدادات الجهاز يمكن تغيير تاريخ ووقت وموقع المعلومة أي أن التلاعب في البيانات الوصفية التلقائية يعد أمرًا سهلًا للغاية، مما قد يثير صعوبات وشكوكًا حول الثقة في هذه المعلومات. وزيادة على ذلك، بتحميل المعلومة على جهاز آخر أو على إحدى المنصات كاليوتيوب أو إكس أو فيسبوك، يفقد الملف الأصلي بياناته الوصفية التلقائية، وغالبًا يصعب استرجاعُ هذه البيانات. لذا، على الموثِّق أن يتفادى نقلَ الملف الأصلي كثيرًا بين البرامج والأجهزة المختلفة، وأن يحتفظ بالملف الأصلي في مكان آمن.

وفي حالة الحاجة لتوثيق البيانات الوصفية لأي سبب من الأسباب مثل فقدان هذه البيانات بسبب النقل بين الوسائط والبرامج، فغالبًا يُعبَّأتعبئة نموذج بالبيانات المطلوبة إما يدويًّا أو إلكترونيًّا. وفي مجال حقوق الإنسان، يُعتمد عادة على "معايير دبلن كور للبيانات الوصفية" لتحديد البيانات الواجب توثيقها عن المعلومات الرقمية[49].

المبحث الثالث: التعامل مع المعلومات المجموعة باستخدام التكنولوجيا

ينقسم هذا المبحث إلى مطلبين. المطلب الأول يتعرض إلى التحقق من المعلومات التي تُجمع باستخدام التكنولوجيا وتتبعها. المطلب الثاني يتطرق لطرائق حفْظ هذه المعلومات وتأمينها. وقد كان من الضروري تخصيص مبحث مستقل لمناقشة التعامل مع المعلومات المجموعة باستخدام التكنولوجيا لأن هذا النوع من المعلومات يتطلب تعاملًا مختلفًا عن المعلومات التي لها وجود مادي مثل المستندات والملفات الورقية، الجثث والبقايا البشرية وعينات الدم والبصمات والشعر والجلد والأظافر وآثار الأقدام، الأسلحة والحقائب والمركبات والثياب والأحذية والمجوهرات، والصور الفوتوغرافية المطبوعة. على سبيل المثال، يحافظ على المعلومات المادية عن طريق وضعها في غرف أو مخازن أو مختبرات أو ثلاجات تتوفر فيها ظروف تخزين معينة تتناسب مع طبيعة كل معلومة وتحافظ على وضعها كما وجدت في مسرح الجريمة، كدرجة الحرارة أو معدل الرطوبة أو مستوى الضغط أو التحنيط، وإلى حين انتهاء التحقيق أو المحاكمة ومن ثم تقرير مصير المعلومة بكيفية التخلص منها. كل ذلك يتطلب فريقًا من الخبراء من مجالات مختلفة للإشراف على عمليات جمع ورفع الأدلة، نقلها، تخزينها، المحافظة عليها وتأمينها، والتخلص منها. أما المعلومات المجموعة عن طريق التكنولوجيا فتتميز بأنها غير محسوسة لذلك تختلف الوسائل والمراحل والخبراء والمهارات المطلوبة لجمْع هذه المعلومات، حفظها، نقلها، تخزينها، المحافظة عليها، حمايتها، والتخلص منها. فبدلًا من أو إلى جانب المختبر المخصَّص لحفظ عينات بصمات الأصابع قد تُستخدَم الأجهزة الحديثة كالفلاش ميموري أو قواعد البيانات ومساحات التخزين السحابية لحفظ عينات إلكترونية من البصمات، مما قد يتطلب وجود خبير تكنولوجي بدلًا من أو إلى جانب فني المختبرات الطبية لإتمام العملية بنجاح. وحيث إن الخبير التكنولوجي قد لا يكون متوفرًا لمنظمات المجتمع المدني التي تعمل وفقًا لحدود إمكاناتها وأحيانًا تحت ظروفٍ إنسانية سيئة، يُقدِّم هذا المبحث توجيهًا مبسطًا لهذه المنظمات حول الخطوات المناسبة لضمان توثيق المعلومات المجموعة عن طريق التكنولوجيا بالشكل الصحيح، وبالتالي للمحافظة على القيمة القانونية لهذه المعلومات في الإثبات.

المطلب الأول: التحقق من المعلومات وتتبعها

ينقسم هذا المطلب إلى فرعين. الفرع الأول يشرح تحديات ووسائل التحقق من صحة المعلومات التي تُجمع باستخدام التكنولوجيا والفرع الثاني يتناول تتبع مصدر هذه المعلومات تاريخيا والكشف عن أية تغيرات مرحلية قد تكون المعلومة مرت بها.

الفرع الأول: التحقق من المعلومات

يُشكِّل التحققُ أو التثبتُ من صحة المعلومات المجموعة عن طريق وسائل التكنولوجيا تحديًا ليس فقط لمنظمات المجتمع المدني، بل للحكومات والصحافة أيضًا[50]. خصوصًا مع وجود تقنيات الذكاء الاصطناعي والتطبيقات التي تساعد على إحداث تأثيرات أو تغييرات في الصور، أو الصوت، أو الفيديو. التحقق من المعلومات يتكون من شقّين علمي وفني. الشق العلمي، تتفحصه منظمات المجتمع المدني عن طريق التأكد من أن التقاط الصورة أو تسجيل الفيديو أو الصوت قد تم بدون استخدام تأثيرات. الشق الفني، تتفحصه منظمات المجتمع المدني عن طريق التأكد من أن ملتقِطَ الصورة أو مسجِّلَ الفيديو أو الصوت قد التزم بمبدأ الحيادية، فلم يلتقط الصورةَ من زاوية معينة أدت إلى إظهار أمور محددة فقط وتجاهلَ تفاصيل أخرى مهمة. ولا بدَّ هنا من الانتباه إلى أن مبدأ الحيادية قد يُخدش بشكل عمدي أو من دون قصد، وفي كلتا الحالتين تتأثر القيمة القانونية للمعلومة في الإثبات. على سبيل المثال، الاكتفاء بأخذ صورة واحدة مقرَّبة لجرْح صغير ومن دون إظهار الأجزاء الأخرى القريبة من الجسم أو عدم وضع أية أداة بجانب الجرح تُعين على تحديد قياسه كالمسطرة أو غيرها يثير الشكوك حول مدى موثوقية هذه الصورة من الناحية القانونية للاعتماد عليها كدليل في الإثبات، وبالتالي قبولها من قبل المحاكم وجهات التحقيق، حيث إن مثل هذه الصورة قد تظهر الجرح أعمق وأكبر مما هو عليه في الواقع، وأيضًا تصعّب من عملية تحديد موضع الجرح في جسم الإنسان.

والحرص على تضمين الصور وتسجيلات الفيديو علامات أو إشارات من الحياة الواقعية تدل على الموقع والوقت والظروف المحيطة يعد من العوامل المُعينة على التحقق من صحة البيانات الوصفية. مثلًا، الاحتفاظ بلقطة لشاشة الهاتف المبين فيها التاريخ والوقت، أخذ لقطات للمعالم المميزة في المكان كمبنى معيّن أو تصوير ساعة اليد أو الحائط أو تصوير الناس ترتدي الأقنعة الواقية والقفازات في الأماكن العامة مما يدل على أن التصوير تم خلال زمن انتشار وباء معين[51]. على سبيل المثال، انتشرت مقاطع فيديو يزعم فيها جيش الكيان الصهيوني أنها لغرفة عمليات تابعة لحماس موجودة في سرداب مركز الشفاء الطبي في غزة والذي قصفه الكيان أثناء وجود المرضى والطواقم الطبية في داخله مما أدى لسقوط عدد من الجرحى والقتلى. وقد ثارت الشكوك حول مدى صدق هذا الزعم بسبب أن التصوير تظهر فيه فقط الغرفة التي تحتوي على أسلحة وأجهزة ولو أن الزعم كان صحيحا كان من الأجدى أن يبدأ التصوير من مدخل مركز الشفاء ويستمر دون انقطاع إلى حين الوصول لغرفة العمليات المزعومة[52]. مزاعم صهيونية مشابهة أثيرت حول وجود أنفاق لحماس تحت مركز الشفاء الطبي، وتم التشكيك فيها لنفس الأسباب التي ذكرناها آنفا.

وللتحقق من المعلومات المجموعة عن طريق التكنولوجيا لابد من بحث مدى التناسق بين الدليل المقدَّم وظروف الحال الأخرى والمعلومات المتوفرة أيًّا كان مصدرها وطريقة جمعها. أيضًا، مدى موثوقية ومصداقية الأفراد أو الجهات مصدر المعلومات. فالتحقق من المعلومات يتطلب التحقق من صحة وتناسق جميع أجزاء القصة أو المعلومة[53].

وفي هذا الشأن، يؤكد الدكتور محمد سعادي في كتابه حول أثر التكنولوجيا المستحدثة على القانون الدولي العام، على إمكانية قبول تسجيلات الفيديو والصور الملتقطة بالكاميرات أو الهواتف المحمولة كأدلة إثبات على ارتكاب الجرائم الدولية من قبل القضاء، ولكن مع أخذ الحيطة والحذر في: " التحقق من أصلية الصورة الملقطة من طرف خبراء الصورة. - إن أمكن دعم الصور الملتقطة بشهادة الشهود ومقارنتها بها... – التحقق من أصلية الصورة بمقارنتها بصور التقطت في نفس المكان والزمان"[54].

الفرع الثاني: تتبع المعلومات

والمقصود هنا هو تتبع التطور التاريخي للمعلومة، بحيث يُتوَصّل إلى مصدر المعلومة الرئيس وشكلها الأصلي الذي وجدت عليه. أيضًا، التعرف على كل من قام بحيازة المعلومة أو تناقلها وأية تغييرات طرأت عليها والظروف التي في ظلها وبسببها تمت هذه التغييرات. فمن الضرورة معرفة ما لو أن المعلومة قد تعرضت لأي تغيير سواء بالإضافة، أم بالحذف، أم بالتحريف، أم بالتلاعب. فهذه التغييرات قد تؤدي دورًا مهمًّا في الكشف عن نية القائم بها كالتستر، أو المبالغة، أو التضليل. إذًا، كما التحقق من المعلومات، تتبع المعلومات يتكون أيضًا من شقين علمي وفني. الشق العلمي؛ تتمكن منظمات المجتمع المدني من القيام به ويتطلب استيفاؤه تجميعَ وكتابة المعلومات المطلوبة والاحتفاظَ بها في سِجِلّ. أما الشق الفني؛ وهو التفسير، فتختص به المحاكم ولها أن تستعين بما تراه مناسبًا للتقرير بشأن الأمور المتصلة بالنية. على سبيل المثال، معنى الصور الرمزية للوجوه والحركات في كتابة الرسائل الإلكترونية، هل يقصد بها في سياق معين الاستهزاء، أو الموافقة، أو التجاهل، أو التعجب، أو غيرها من المشاعر والمقاصد.

وتتبع المعلومات يزداد صعوبة خصوصًا في ظل الاعتماد الكثيف على وسائل الإعلام الرقمية في استقاء المعلومات وتناقلها. ولا شك أن هذه الوسائل تعج بالأخبار المزيفة أو غير الصحيحة أو الشائعات. الأمر الخطير أن بعض هذه الأخبار أو الشائعات قد تكون موجهة أي أنها متعمّدة أن تستهدف شريحة معينة من الناس وتخدم أيديولوجية أو مصالح أطراف أو جهات محددة[55]. أيضًا، قد تُستخدم وسائل للنشر والإعلان تصعّب من مهمة التوصل إلى المصدر الأصلي للمعلومة ومن تناقلها[56]. ومن أشهر الإشاعات التي تداولتها الوسائل الإخبارية وانتشرت على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي قيام أفراد منتمين لحركات التحرر الفلسطينية بقطع رؤوس أطفال إسرائيليين خلال عملية طوفان الأقصى[57].

 وبعض منصات التواصل الاجتماعي تتيح حذف حسابات أو إزالة محتوى من إنتاج المستعمِلين بسبب معايير مجتمعية أو بناء على طلب الحكومات، وخاصة إذا كان المحتوى قاسيا، بينما قد يكون هذا المحتوى ذا أهمية بالنسبة إلى التحقيقات المتعلقة بالجرائم الدولية وانتهاكات حقوق الإنسان[58]. هذه الإزالة قد تقف عائقا أمام عملية تقصي الحقائق وتتبع المعلومات[59]. وقد تناقل مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي أن بعض المنصات مثل إكس وإنستغرام تضع تدابير تمنع أو تحد قدرة المستخدمين على مشاركة منشورات تشجع التعاطف مع فلسطين بمناسبة الحرب التي تشنها إسرائيل ضد غزة[60]. وعلى صعيد متصل، أثار مقطع فيديو نشره جندي إسرائيلي يدعى يوسي غامزو عبر حساباته على منصات التواصل الاجتماعي حالة من السخط حيث يظهر في الفيديو رجلا من أهالي غزة وهو يجلس عاريا، مكبل اليدين، والدماء تسيل من رجله في مواجهة جندي إسرائيلي، ومع انتشار المقطع سارع الجندي بإغلاق حسابه على إنستغرام وجعل الدخول على صفحته في الفيسبوك مقتصرًا على الأصدقاء[61].

المطلب الثاني: حفظ المعلومات وحماية أمنها

ينقسم هذا المطلب إلى فرعين. الفرع الأول يتعرض لوسائل الحفاظ على المعلومات المستقاة عن طريق التكنولوجيا. الفرع الثاني يُعنى بتأمين الأشخاص مصدر المعلومات وأفضل الممارسات التي يمكن اتباعها للحد من احتمالية الوصول إلى هذه المعلومات والاطلاع عليها من قبل أشخاص أو جهات غير مصرح لها بذلك، وبالتالي تقليل إمكانية استعمال هذه المعلومات استعمالا غير قانوني أو استغلالها أو حتى تدميرها.

الفرع الأول: حفظ المعلومات

تخزين أو حفظ الملفات إلكترونيًّا، أيًّا كانت صيغة الملف سواء صورة، أم مستندا كتابيا، أم غيرها، هو طريقة ناجعة وعملية من أجل المحافظة على المعلومات، فرزها، تحديثها، والبحث عنها وفيها. فتصنيف المعلومات في قواعد البيانات التي توفر أدوات للبحث يسهل من عمل المحققين أو القضاة في الوصول السهل والسريع إلى المعلومة المطلوبة[62]. وتصنيف المعلومات قد يتم على أساس الموقع الجغرافي الذي حصل فيه الانتهاك، نوع الجريمة، جنس وعمر الضحايا، السلاح المستخدم في ارتكاب الجريمة، النتيجة المترتبة على الجريمة كالقتل أو الإصابة أو التهجير القسري[63].

ولا يثير حفظ المعلومات إلكترونيًّا صعوبات كثيرة عدا تلك التي تتعلق بالوقت الطويل الذي قد تستغرقه عملية إدخال البيانات وفهرستها، أو المشكلات التي تتعلق بمدى توفر التيار الكهربائي على الدوام في بعض الدول وبالتالي إمكانية استخدام الأجهزة والتوصل إلى المعلومات في جميع الأوقات[64]، واحتمالية إزالة المحتوى من قبل منصات التواصل الاجتماعي وعدم وجود ترتيبات واضحة بشأن مدى إمكانية استرجاع هذه المعلومات أو إلزام منصات التواصل الاجتماعي بالإفصاح عنها لجهات معينة[65].

كما سبق وبيَّنا في مقدمة هذا المبحث، المعلومات المجموعة عن طريق التكنولوجيا تُحفظ وتخزَّن إما في قواعد بيانات ومساحات تخزين سحابية، داخل أجهزة الكمبيوتر أو الهاتف، أو في فلاش ميموري (ذاكرة متنقلة)، أو عن طريق إرسالها عبر الرسائل الإلكترونية أو البريد الإلكتروني أو غيرها من الوسائط إلى جهة مؤتمَنة ومسح أي أثر لهذه المعلومات من الجهاز الذي استُخدِم من أجل التقاط الصورة الأصلية، أو الفيديو، أو تسجيل الصوت، أو الكتابة. ويكون الخيار الأخير على الأغلب ضروريًّا من أجل حماية الشخص القائم بالتوثيق. وكمبدأ عام، يجب الاحتفاظ بنسخة احتياطية من المعلومات ويفضل حفظ هذه النسخة الاحتياطية إلكترونيًّا وليس ورقيًّا[66].

الفرع الثاني: حماية أمن المعلومات

حماية أمن المعلومات يتعلق بالحقوق المتصلة بحماية الخصوصية والسرية. بالتالي، حماية أمن المعلومات هو واجب يبدأ منذ لحظة الحصول على المعلومة ويستمر خلال مراحل حفظ المعلومة، تناقلها، واستخدامها[67].

ومن التدابير التي يمكن اتخاذها من أجل ضمان حماية أمن المعلومات المجموعة عن طريق وسائل التكنولوجيا قفل الأجهزة والملفات بكلمات سر، التشفير، تسمية الملفات بدون الإشارة إلى أسماء أشخاص أو معلومات حساسة أو مهمة، تحديد الأشخاص الذين يمكنهم الدخول على أجهزة وأنظمة حفظ المعلومات والمخوَّلين بالاحتفاظ بالكلمات السرية وبأجهزة الهاتف أو الكاميرات أو الفلاش ميموري التي تحتوي على المعلومات، الاحتفاظ بالمعلومات السرية بشكل مستقل، حفظ الأجهزة التي تحتوي على المعلومات في مكان مؤمن عن مصادر الحريق أو الماء أو الرطوبة، حفظ تفاصيل القضية الواحدة بتوزيعها على ملفات متعددة، تجنب حفظ المعلومات على محركات الأقراص الصلبة للكمبيوتر، يفضّل استخدام الأجهزة المحمولة التي يمكن إخفاؤها ونقلها بسهولة، تزويد الأجهزة ببرامج مكافحة الفيروسات والتجسس وجدار الحماية لمنع محاولات القرصنة أو الاختراق أو العدوى، الاحتفاظ بنسخ احتياطية دائمًا وإرسال المعلومات بشكل منتظم لجهة موثوقة في مكان بعيد عن مكان ارتكاب الانتهاكات[68].

ففي هذا المجال، تنصح مجموعة القانون الدولي والسياسة، في إطار عملها من أجل تطوير دليل إرشادي لتوثيق المدنيين عن بعد للجرائم الوحشية خلال الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بتخزين البيانات الشخصية للشهود وشهاداتهم الخالية من أية بيانات تدل على هوية الشاهد في موقعين مختلفين بمنصة تتمتع بأعلى درجات الأمان، بحيث يصعب الربط بين الشهادة والشخص الذي أدلى بها[69].

تدابير أخرى تشمل الاحتفاظ بنسخ من الملفات الإلكترونية التي تحوي المعلومات في مساحات التخزين السحابية. علمًا بأن هذه الطريقة قد تثير بعض المشكلات المتعلقة بأمن المعلومات وأهمها التعديل أو الإفصاح غير المصرَّح بهما. لذلك، يجب الحرص على حماية الملفات من هاتين المشكلتين عند اختيار تخزينها في مساحات التخزين السحابية[70].

ويجب الحرص عند استخدام التواصل الإلكتروني على عدم الكشف عن أية معلومات سرية أو حساسة. فقد تكون هذه الاتصالات أو تلك الوسائل خاضعة للمراقبة. أيضًا، يفضَّل تفعيل خيار عدم حفظ المعلومات أوتوماتيكيًّا. كذلك، يمكن استعمال شبكة افتراضية محلية عند استخدام شبكة الإنترنت؛ وذلك للمحافظة على سرية الهوية الشخصية والموقع الجغرافي[71].

المبحث الرابع: نماذج واقعية لعمليات توثيق جنائي تكنولوجي قام بها أفراد ومنظمات أهلية في غزة

ينقسم هذا المبحث إلى مطلبين. المطلب الأول يركز على إسهامات الأفراد ومنظمات المجتمع المدني في توثيق الانتهاكات التي يمارسها الكيان الصهيوني ضد المدنيين في غزة والتي تمت الإشارة إليها من قبل جنوب أفريقيا في المذكرة المقدمة منها ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بمناسبة تحريك إجراءات دعوى انتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية وطلب فرض تدابير وقتية. المطلب الثاني يتناول بعض الحالات الواقعية التي قام بتوثيقها أفراد ومنظمات مجتمع مدني وتعد أدلة دامغة لإثبات تورط الكيان الصهيوني في ارتكاب جرائم دولية في غزة.

المطلب الأول: إسهامات فردية ومجتمعية في التوثيق الجنائي التكنولوجي

ينقسم هذا المطلب إلى فرعين؛ الفرع الأول يعنى بإسهامات الأفراد، والفرع الثاني يتناول إسهامات منظمات المجتمع المدني.

الفرع الأول: إسهامات الأفراد

اعتمدت جنوب أفريقيا في مذكرتها التي تدعو فيها محكمة العدل الدولية للنظر في تورط إسرائيل في ارتكاب الإبادة الجماعية في غزة على إسهامات من أفراد عاديين أو (صحفيين مواطنين)، وقد تنوعت إسهامات هؤلاء الأفراد ما بين ترجمة محتوى من لغة إلى أخرى أو إعادة نشر في حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي أو الكتابة في مدونات إلكترونية. والأفراد الذين ورد ذكرهم في مذكرة جنوب أفريقيا هم: أحمد شهاب الدين، جوناثان أوفير، تالولا شا، وغيرهم من الأفراد الذين قامت المنصة الإخبارية الإلكترونية Middle East Eye بنشر إسهاماتهم.

تمثلت مساهمة أحمد شهاب الدين في الترجمة من العبرية إلى الإنجليزية وإعادة نشر في حسابه على انستغرام مقابلة بُثَّت على قناة تلفزيونية إسرائيلية وعبر حساب القناة في منصة إكس لضابط في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي يدعى إلياهو يوسيان يدلي فيها بتصريحات تعبر عن النية في إبادة الفلسطينيين في غزة حيث قال "لا وجود لسكان مدنيين في غزة، وإنما يوجد اثنان ونصف مليون إرهابي"[72].

جوناثان أوفير قام بالترجمة من العبرية إلى الإنجليزية لحديث العضو في الكنيست ميراف بن إيري أثناء إحدى جلسات البرلمان ونشر تصريحاتها في مقال نشره في إحدى المدونات الإلكترونية تسمى truthout وفي أثناء حديثها قالت إيري "إن أطفال غزة هم من تسببوا بكل ذلك لأنفسهم"[73].

تالولا شا قامت بالترجمة من العبرية إلى الإنجليزية للعمود الصحفي في صحيفة يديعوت أحرونوت والذي قام بكتابته جيورا ايلاند وهو قائد سابق في الجيش الإسرائيلي ورئيس الأمن القومي الإسرائيلي السابق ومستشار وزير الدفاع حاليًا. ومن ثم، قامت تالولا شا بنشر المقال المترجم عبر حسابها الشخصي على منصة إكس. وفي المقال عبر ايلاند عن ضرورة عدم قيام إسرائيل بالتمييز بالمعاملة بين أعضاء حماس وبقية المدنيين الفلسطينيين حيث إن الكل، بمن فيهم أفراد عوائل مقاتلي حماس ومناصروهم والعاملون بالمستشفيات والمدارس، يعتبر مشاركا في أحداث السابع من أكتوبر وبالتالي يجوز اعتبارهم جميعا أهدافًا عسكرية مشروعة[74].

الفرع الثاني: إسهامات منظمات المجتمع المدني

احتوت مذكرة جنوب أفريقيا الموجهة لمحكمة العدل الدولية على إسهامات من منظمات فلسطينية عديدة نذكر منها منظمة الحق، ومنظمة الميزان، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان. وكذلك احتوت المذكرة على إشارة لإسهامات من منظمة بتسيلم الإسرائيلية المناهضة للاحتلال الإسرائيلي والتي تصف نفسها بأنها مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة.

 وكانت مساهمات المنظمات الفلسطينية عبارة عن تقارير تؤكد على الممارسات العنصرية والعنيفة لإسرائيل ضد الفلسطينيين، وكذلك الهجمات ضد أهداف مدنية منها المستشفيات والمدارس والجامعات ومراكز الإغاثة والبنوك والمحلات والمجمعات السكنية وغيرها، وكذلك دعوة من مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية للدول بضرورة التدخل من أجل منع الإبادة الجماعية في غزة[75].

وتنوعت مساهمات منظمة بتسيلم الإسرائيلية التي تمت الإشارة إليها في مذكرة جنوب أفريقيا ما بين بيانات إحصائية منشورة في موقع المنظمة الإلكتروني لأعداد القتلى من الفلسطينيين خلال الفترة ما بين سبتمبر 2000 وحتى 7 أكتوبر2023 وحقائق تؤكد تبني إسرائيل لنظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين[76].

المطلب الثاني: حالات واقعية وثقها أفراد ومنظمات مجتمع مدني لإثبات تورط الكيان في ارتكاب جرائم دولية في غزة

ينقسم هذا المطلب إلى فرعين. الفرع الأول يسلط الضوء على التوثيق التكنولوجي للأفراد والفرع الثاني يركز على التوثيق التكنولوجي لمنظمات المجتمع المدني.

الفرع الأول: توثيق الأفراد (معتز عزايزة)

عكف الشاب معتز عزايزة منذ السابع من أكتوبر 2023 وإلى حين إجلائه من قطاع غزة في يناير 2024 على توثيق الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في غزة معتمدًا بشكل أساسي على هاتفه النقال للتصوير والنشر في مواقع التواصل الاجتماعي[77]. ويحرص عزايزة على التواصل مع الجمهور باللغة الإنجليزية التي يتقنها مما ساهم في انتشار محتواه الإلكتروني على نطاق واسع ولفت أنظار العالم إلى معاناة الشعب الفلسطيني. حسابات عزايزة على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل الكثير من الأدلة التي تثبت تورط إسرائيل في جرائم وحشية منها قتل أفراد من عائلته وعدد من أصدقائه، والأمر الذي يجعل محتوى عزايزة ذا قيمة قانونية كبيرة في الإثبات هو حقيقة نجاته. فهو الآن موثق وضحية وشاهد.

الفرع الثاني: توثيق منظمات المجتمع المدني (الطفلة هند والهلال الأحمر الفلسطيني)

حبس العالم أنفاسه لما يقارب الـ12 يومًا بانتظار معرفة مصير الطفلة هند التي تبلغ من العمر 6 سنوات وقد استُهدفت سيارة كانت تقلها رفقة أقاربها أثناء محاولتهم تنفيذ أمر إسرائيل إخلاء المنطقة التي كانوا يوجدون فيها. وقد تمكنت الطفلة المصابة من التواصل عبر الهاتف مع الهلال الأحمر الفلسطيني والذي نشر بدوره تسجيلًا للمكالمات بينه وبين الطفلة التي كانت تستنجد وتطلب إخراجها من السيارة التي كانت عالقة داخلها وسط الجثث والدبابات الإسرائيلية تحيط بها. ورغم انتشار تسجيل المكالمات ومناشدات والدة الطفلة وضع حد لمعاناة ابنتها إلا أن كل هذا لم يكن كافيًا لاستدرار تعاطف العالم، حيث استُهدِفت سيارة الإسعاف التي كانت متوجهة لإنقاذ الطفلة وقتل الطاقم الطبي، وبذلك تركت الطفلة وحيدة حتى لاقت حتفها[78].

خاتمة

تناولت هذه الدراسة موضوع تنظيم استعمال منظمات المجتمع المدني والأفراد لوسائل التكنولوجيا في عملية توثيق انتهاكات حقوق الإنسان. وتوصلنا من خلال هذا البحث إلى النتائج والتوصيات التالية:

النتائج:

1.    بدأت الدول ومنظمات دولية حكومية مثل الإتحاد الأوروبي تتخذ خطوات عملية نحو إيجاد دليل إرشادي لمنظمات المجتمع المدني لإشراكها في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان باستخدام الوسائل المختلفة ومن ضمنها التكنولوجيا.

2.    ومن أجل تسهيل العمل وتعزيز التعاون والتواصل بين منظمات المجتمع المدني، قامت تلك الدول باستحداث تطبيقات وقواعد بيانات مشتركة وتقديم الدورات التدريبية اللازمة لرفع القدرات وتمكين المشاركة الفعالة في عملية التوثيق. فالتكنولوجيا، دون التدريب، قد تكون عديمة الفائدة أو حتى خطيرة[79].

3.    القمع الذي تتعرض له منظمات المجتمع المدني الفلسطينية من قبل الكيان الصهيوني والمعايير المزدوجة التي تتبناها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في التعاطي مع انتهاكات حقوق الإنسان في بقاع مختلفة من العالم أمران كفيلان بجعل المجتمع الدولي، خصوصا الدول العربية والإسلامية، يدرك حجم التحديات التي تواجهها هذه المنظمات في الواقع ومدى حاجتها للحماية والدعم المادي، والقانوني، واللوجستي، والتكنولوجي.

4.    عملية التوثيق الجنائي التكنولوجي عن طريق منظمات المجتمع المدني، وكذلك الأفراد، هي عملية تحيطها مجموعة من القواعد الأخلاقية والقانونية.

التوصيات:

1.    على حكومات الدول العربية والإسلامية العمل على تطوير تطبيقات أو إيجاد قاعدة بيانات مشتركة تتمكن من خلالها منظمات المجتمع المدني والأفراد من تحميل الصور، تسجيلات الفيديو والصوت، أو الملفات الإلكترونية[80]. أيضًا، أن تكون هذه التطبيقات مزودة بخاصية تحديد الموقع وغيرها من الخواص التي تزيد من فاعلية مشاركة منظمات المجتمع المدني والأفراد في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان، وبالتالي تعزيز العدالة الجنائية من خلال زيادة التعاون وتسهيل التواصل بين هذه المنظمات والأفراد والجهات الأمنية والقضائية. ومن أمثلة التطبيقات في هذا المجال نذكر آي ويتنس (EyeWitness)[81].

2.    تعزيز التعاون بين منظمات المجتمع المدني العربية والإسلامية في مجال تبادل وحفظ المعلومات المجموعة عن طريق التكنولوجيا. وأيضا، الإسراع بتطوير نظام إقليمي، لإشراك الأفراد في عملية التوثيق.

3.    على الحكومات، المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية[82]، والمؤسسات الاكاديمية تقديم التدريب المناسب لمنظمات المجتمع المدني والأفراد الراغبين لتثقيفهم حول القواعد القانونية والأخلاقية التي تحكم عملية التوثيق الجنائي التكنولوجي.

4.    أخيرا، نوجّه دعوةً إلى حكومات الدول العربية والإسلامية للاهتمام بتطوير قوانينها أو أنظمتها التي تُعنى بالتوثيق الجنائي التكنولوجي على مستوى منظمات المجتمع المدني والأفراد، وذلك من خلال المواءمة مع المبادئ التوجيهية التي تتناولها هذه الدراسة إلى جانب إدخال أية تحسينات ضرورية من أجل التوصل إلى نظام يتناسب مع خصوصية وعادات وتقاليد كل مجتمع. فتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان باستخدام التكنولوجيا من قبل مؤسسات المجتمع المدني والأفراد ينبغي أن تحترمه الدول على اعتبار أنه حق للأفراد. وهو حق ثابت وقت السلم أو الحرب. كما يجب على الدول أن تحمي هذا الحق عند الاقتضاء.

المراجع

أولا: العربية

1-  الكتب:

الجبوري، عامر. العدالة الانتقالية ودو ر أجهزة الأمم المتحدة في إرساء مناهجها. ط1، دار المركز العربي، القاهرة، 2018.

سعادي، محمد. أثر التكنولوجيا المستحدثة على القانون الدولي العام، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2014.

السعدي، وسام. تطور وظائف المنظمات الدولية غير الحكومية، ط1، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2015.

عبد علي، حيدر والعبيدي، عمر. دور المنظمات الدولية غير الحكومية في تنفيذ القانون الدولي الإنساني: اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة نداء جنيف أنموذجًا، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان، 2023.

2-  التقارير:

مجلس حقوق الإنسان، تقرير المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفًا، السيد كريستوف هاين‍ز استخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصالات لضمان الحق في الحياة، الجمعية العامة الأمم المتحدة، 24 أبريل 2015. https://www.ohchr.org/sites/default/files/HRBodies/HRC/RegularSessions/Session29/Documents/A_HRC_29_37_ARA.DOCX (آخر زيارة: 6 ديسمبر 2023).

3-  المعاهدات الدولية:

اتفاقية الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. https://www.un.org/disabilities/documents/convention/convoptprot-a.pdf

اتفاقية الأمم المتحدة بشأن حقوق الطفل. https://www.unicef.org/child-rights-convention/convention-text

نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. https://www.icc-cpi.int/sites/default/files/NR/rdonlyres/ADD16852-AEE9-4757-ABE7-9CDC7CF02886/284265/RomeStatuteAra.pdf

4-  القوانين:

مرسوم بقانون اتحادي في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، دولة الإمارات العربية المتحدة، رقم (34) لسنة 2021، https://laws.uaecabinet.ae/ar/materials/law/1526?page=3

5-  المواقع الإلكترونية:

الأمم المتحدة، "المجتمع المدني وقضية فلسطين"، تاريخ الزيارة: 6/12/2023، https://www.un.org/unispal/ar/2023/11/16/16-%D9%86%D9%88%D9%81%D9%85%D8%A8%D8%B1-2023/

الجزيرة نت، "صحف عالمية: القضاء على الأونروا أصبح أحد أهداف حرب إسرائيل"، تاريخ الزيارة: 1/3/2024، https://shorturl.at/juCQ0

الجزيرة نت، "صحفيون رغم الاستهداف الإسرائيلي.. 47 استشهدوا وآخرون فقدوا أفرادا من عائلاتهم"، تاريخ الزيارة: 6/12/2023، https://shorturl.at/fgxIQ

الجزيرة نت، "هل كان مستشفى الشفاء مركز قيادة لحماس؟ لوموند: الصور لا تدعم ذلك"، تاريخ الزيارة: 6/12/2023، https://shorturl.at/exT26

تلفزيون سوريا-إسطنبول، "بعد 12 يوما من فقدان الاتصال.. العثور على جثة الطفلة هند و6 من عائلتها"، تاريخ الزيارة: 2/3/2024، https://shorturl.at/gtyIM

جريدة الأنباء الكويتية، "دبي تكشف تفاصيل اغتيال المبحوح وتتهم 11 أوروبيًا بتنفيذه"، تاريخ الزيارة: 4/12/2023، https://www.alanba.com.kw/ar/arabic-international-news/95001/16-02-2010

حساب معتز عزايزة على انستغرام @Motaz Azaiza

زقزوق، عمر. "عاريا ومكبل اليدين.. جندي إسرائيلي ينشر فيديو لتحقيق مع فلسطيني"، تاريخ الزيارة: 1/3/2024، https://shorturl.at/hvxI9

سكاي نيوز عربية، "ماذا وجدت إسرائيل بالفعل في مستشفى الشفاء؟"، تاريخ الزيارة: 6/12/2023، https://shorturl.at/myHVW

مراقبة حقوق الإنسان، "أكثر من 150 منظمة تدين مداهمة لمقار 7 منظمات فلسطينية رائدة وتطالب المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لحماية المجتمع المدني الفلسطيني"، تاريخ الزيارة: 2/3/2024، https://www.hrw.org/ar/news/2022/08/22/joint-statement-over-150-organizations-demand-international-community-stand-against

معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية، "الإثبات في القضايا الجزائية"، تاريخ الزيارة: 5/12/2023، https://www.kijls.moj.gov.kw/ar/sections/section4/sub3_section4/Releases/Pages/default.aspx

ثانيًا: الأجنبية

References:

ʻAbd ʻAlī, Ḥaydar wālʻbydy, ʻUmar. Dawr al-munaẓẓamāt al-Dawlīyah ghayr al-ḥukūmīyah fī Tanfīdh al-qānūn al-dawlī al-insānī (al-Lajnah al-Dawlīyah lil-Ṣalīb al-Aḥmar wa-Munaẓẓamat Nidāʼ Jinīf inmwdhjan), (in Arabic), al-Muʼassasah al-ḥadīthah lil-Kitāb, Lubnān, 2023.

al-Jazīrah Nit, "Hal kāna Mustashfá al-Shifāʼ Markaz qiyādat lḥmās? lwmwnd: al-ṣuwar lā tadʻam dhālika", (in Arabic), Accessed 6/12/2023, https://shorturl.at/exT26

al-Jazīrah Nit, "ṣuḥuf ʻālamīyah: al-qaḍāʼ ʻalá alʼwnrwā aṣbḥ aḥad Ahdāf Ḥarb Isrāʼīl", (in Arabic), Accessed 1/3/2024, https://shorturl.at/juCQ0

al-Jazīrah Nit, "Ṣuḥufīyiūn raghma al-istihdāf al-Isrāʼīlī. 47 astshhdwā wa-ākharūn fqdwā afrādā min ʻāʼlāthm", (in Arabic), Accessed 6 Dīsimbir 2023, https://shorturl.at/fgxIQ

al-Jubūrī, ʻĀmir. al-ʻadālah al-intiqālīyah wdw R Ajhizat al-Umam al-Muttaḥidah fī irsāʼ manāhijuhā, (in Arabic), 1st ed., Dār al-Markaz al-ʻArabī, al-Qāhirah, 2018.

al-Saʻdī, Wisām. Taṭawwur waẓāʼif al-munaẓẓamāt al-Dawlīyah ghayr al-ḥukūmīyah, (in Arabic), 1st ed., Dār al-Fikr al-Jāmiʻī, al-Iskandarīyah, 2015.

al-Umam al-Muttaḥidah, "al-mujtamaʻ al-madanī wa-qaḍīyat Filasṭīn", (in Arabic), Accessed 6 Dīsimbir 2023, https://www.un.org/unispal/ar/2023/11/16/16-%D9%86%D9%88%D9%81%D9%85%D8%A8%D8%B1-2023

Amazonaws. Ethical Guidelines: Using Eyewitness Videos in Human Rights Reporting & Advocacy, https://s3-us-west-2.amazonaws.com/librarywebfiles/Training+Materials/Training+PDFs/Video+as+Evidence+Guides/English/VaE_Ethical+Guidelines_v1_2_11Feb2016.pdf (last visited Mar 1, 2024).

Application instituting proceedings and request for provisional measures (The Gambia/Myanmar), I.C. J. (November 11). https://www.icj-cij.org/sites/default/files/case-related/178/178-20191111-APP-01-00-EN.pdf (last visited Mar 1, 2024).

Application instituting proceedings and request for the indication of provisional measures (South Africa/Israel), I.C. J. (December 29). https://www.icj-cij.org/sites/default/files/case-related/192/192-20231228-app-01-00-en.pdf (last visited Jan 9, 2024).

Case of Georgia v. Russia (1), Merits, App No 13255/07, Council of Europe: European Court of Human Rights: Grand Chamber (3 July 2014), available at: https://www.refworld.org/jurisprudence/caselaw/echr/2014/en/122472 (last visited Mar 1, 2024).

Chapter 02: Basic principles of human rights monitoring. Available at: https://www.ohchr.org/sites/default/files/Documents/Publications/Chapter02-MHRM.pdf (Last visit: 26 August 2023).

Civil Society and the ICC | Coalition for the International Criminal Court, https://www.coalitionfortheicc.org/explore/civil-society-and-icc#:~:text=Civil%20society%20plays%20a%20key,a%20guilty%20verdict%20be%20rendered (last visited Dec 3, 2023).

Creating metadata DCMI, https://www.dublincore.org/resources/userguide/creating_metadata/ (last visited Dec 6, 2023).

Documenting International Crimes and Human Rights Violations for Accountability Purposes: Guidelines for Civil Society Organizations. Available at: https://www.icc-cpi.int/sites/default/files/2023-06/ICC-Eurojust-CSO-Guidelines-Eng.pdf (Last visit: 26 August 2023).

Federica D’Alessandra & Kirsty Sutherland, The promise and challenges of new actors and new technologies in International Justice, 19 JICJ, 9–34 (2021).

“Gaza suffers another communications blackout amid Israeli bombardment” Aljazeera.com, https://www.aljazeera.com/news/2023/11/1/israel-imposes-communication-blackout-on-gaza-second-time-in-five-days (last visited Mar 1, 2024).

“Gaza women and the isdal robes that shield them as war strips their privacy” Aljazeera.com, https://www.aljazeera.com/features/2024/1/4/gaza-women-isdal-robes-them-war-strips-their-privacy (last visited Mar 1, 2024).

Giora Eiland, “Let’s not be intimidated by the world”, Yedioth Ahronoth (print) (19 November 2023), in Bezalel Smotrich, Minister of Finance, Chairman of the Religious Zionist Party, @bezalelsm, Tweet (11:20 am, November 19, 2023), https://twitter.com/bezalelsm/status/1726198721946480911. Translation by Talula Sha, Tweet (19 November 2023), https://twitter.com/TalulaSha/status/1726267178201362438.

Handbook on Civil Society Documentation of Serious Human Rights Violations. Available: https://static1.squarespace.com/static/5900b58e1b631bffa367167e/t/59dfab4480bd5ef9add73271/1507830600233/Handbook-on-Civil-Society-Documentation-of-Serious-Human-Rights-Violations_c.pdf (Last visited Dec. 03, 2023).

Help center, https://help.instagram.com/581066165581870 (last visited Jan 7, 2024).

How to document violation of social rights during the war - training supported by the Council of Europe Project Council of Europe Office in Ukraine, https://www.coe.int/en/web/kyiv/-/how-to-document-violation-of-social-rights-during-the-war-training-supported-by-the-council-of-europe-project (last visited Dec 6, 2023).

“How We Verify Our Reporting on the Ukraine War” The New York Times, https://www.nytimes.com/2022/03/11/world/europe/ukraine-war-journalism.html (last visited Jan 7, 2024).

Human Rights in Palestine and other Occupied Arab Territories Report of the United Nations Fact-Finding Mission on the Gaza Conflict. Available at: https://www2.ohchr.org/english/bodies/hrcouncil/docs/12session/a-hrc-12-48.pdf (Last visited Dec 4, 2023).

Interview with Eliyahu Yossain on Now 14 Israel, 29 October 2023: Now 14, @Now14Israel, Tweet (9:32 pm, October 29, 2023), https://twitter.com/Now14Israel/status/1718742747455053922. Translated by Ahmed Eldin, Instagram Post (30 October 2023) https://www.instagram.com/reel/CzB77tJrjtW/.

Ittifāqīyat al-Umam al-Muttaḥidah bi-shaʼn Ḥuqūq al-ashkhāṣ dhawī al-iʻāqah, (in Arabic).

Ittifāqīyat al-Umam al-Muttaḥidah bi-shaʼn Ḥuqūq al-ṭifl, (in Arabic).

Jarīdat al-Anbāʼ al-Kuwaytīyah, "Dubayy takshifu tafāṣīl ightiyāl al-mabḥūḥ wtthm 11 awrwbyan btnfydhh", (in Arabic), Accessed 4 Dīsimbir 2023, Https: / / www. alanba. com. kw / ar / arabic-international-news / 95001/16-02-2010Eyewitness to atrocities eyeWitness, https://www.eyewitness.global/ (last visited Dec 6, 2023).

Maʻhad al-Kuwayt lil-Dirāsāt al-qaḍāʼīyah wa-al-qānūnīyah, "al-ithbāt fī al-qaḍāyā al-jazāʼīyah", (in Arabic), Accessed 5 Dīsimbir 2023, https://www.kijls.moj.gov.kw/ar/sections/section4/sub3_section4/Releases/Pages/default.aspx

Majlis Ḥuqūq al-insān, taqrīr al-Muqarrar al-khāṣṣ al-Maʻnī bḥālāt al-iʻdām khārij niṭāq al-qaḍāʼ aw bʼjrāʼāt mūjazah aw tʻsfan, al-Sayyid Krīstūf hāyn‍z istikhdām Tiknūlūjiyāt al-maʻlūmāt wa-al-ittiṣālāt li-Ḍamān al-Ḥaqq fī al-ḥayāh, (in Arabic), al-Jamʻīyah al-ʻĀmmah al-Umam al-Muttaḥidah, 24 Abrīl 2015, wymkn al-iṭṭilāʻ ʻalá al-taqrīr min khilāl ziyārat alrābṭ al-tālī: https://www.ohchr.org/sites/default/files/HRBodies/HRC/RegularSessions/Session29/Documents/A_HRC_29_37_ARA.DOCX (accessed: 6 Dīsimbir 2023).

Marco Roscini, Digital Evidence as a Means of Proof before the International Court of Justice, 21 JC&SL. 3 (2016), 541-554, https://www.jstor.org/stable/26298215 (last visited Mar 1, 2024).

Marsūm bi-Qānūn Ittiḥādī fī shaʼn Mukāfaḥat al-shāʼiʻāt wa-al-jarāʼim al-iliktrūnīyah, (in Arabic), Dawlat al-Imārāt al-ʻArabīyah al-Muttaḥidah, raqm (34) li-sanat 2021, https://laws.uaecabinet.ae/ar/materials/law/1526?page=3

Meirav Ben-Ari, Knesset Session, 16 October 2023, https://www.facebook.com/watch/live/?ref=watch_permalink&v=3497251110531404 [2:29:57]. Translation by Jonathan Ofir, “Israeli Politician Says ‘Children of Gaza Have Brought This Upon Themselves’”, Truthout (18 October 2023), https://truthout.org/articles/israeli-politician-says-children-of-gaza-have-brought-this-upon-themselves/.

Murāqabat Ḥuqūq al-insān, "akthar min 150 Munaẓẓamat tudīnu mdāhmh lmqār 7 munaẓẓamāt Filasṭīnīyah rāʼidah wtṭālb ʻalá al-mujtamaʻ al-dawlī bāltdkhl al-ʻĀjil li-Ḥimāyat al-mujtamaʻ al-madanī al-Filasṭīnī", (in Arabic), Accessed 2 Mārs 2024, https://www.hrw.org/news/2022/08/22/joint-statement-over-150-organizations-demand-international-community-stand-against

Navigating the ethics of citizen video: The case of a sexual assault in Egypt, Arab Media & Society, https://www.arabmediasociety.com/navigating-the-ethics-of-citizen-video-the-case-of-a-sexual-assault-in-egypt/ (last visited Dec 6, 2023).

Niẓām Rūmā al-asāsī lil-Maḥkamah al-jināʼīyah al-Dawlīyah. (in Arabic).  https://www.icc-cpi.int/sites/default/files/NR/rdonlyres/ADD16852-AEE9-4757-ABE7-9CDC7CF02886/283503/RomeStatutEng1.pdf 

Paul R. Williams & Nicole Carle, The War in Ukraine: A Case Study in Modern Atrocity Crimes Documentation, 55 Case W. Res. J. Int'l L. 7 (2023), https://scholarlycommons.law.case.edu/jil/vol55/iss1/4/ (last visited Jan 9, 2024).

Peter Tomka & Vincent-Joel Proulx, The Evidentiary Practice of the World Court (2016), https://www.ilsa.org/Jessup/Jessup2022/Basic%20Materials/Tomka%20and%20Proulx%20-%20The%20Evidentiary%20Practice%20of%20the%20World%20Court.pdf (last visited Mar 1, 2024).

Sʻādy, Muḥammad. Athar al-tiknūlūjiyā al-mustaḥdathah ʻalá al-qānūn al-dawlī al-ʻāmm, (in Arabic), Dār al-Jāmiʻah al-Jadīdah, al-Iskandarīyah, 2014.

“Satellite Imagery and Video Shows Some Gazan Cemeteries Razed by Israeli Forces” The New York Times, https://www.nytimes.com/2023/12/14/world/middleeast/gaza-cemeteries-damage-israel.html (last visited Mar 1, 2024).

Situation in the Central African Republic, Prosecutor (on the application of Victims) v Bemba Gombo (Jean-Pierre), Judgment pursuant to Article 74 of the Statute, Case No ICC-01/05-01/08, ICC Pre Trial Chamber III (21 March 2016), available at: https://www.icc-cpi.int/sites/default/files/CourtRecords/CR2016_02238.PDF (last visited Mar 1, 2024).

Skāy nywz ʻArabīyah, "Mādhā wujidat Isrāʼīl bi-al-faʻl fī Mustashfá al-Shifāʼ?", (in Arabic), Accessed 6 Dīsimbir 2023, https://shorturl.at/myHVW

Symposium on best practices in humanitarian information exchange-world, reliefWeb, https://reliefweb.int/report/world/symposium-best-practices-humanitarian-information-exchange (last visited Dec 6, 2023).

Techscape: Are Social Media Giants silencing online content? The Guardian, https://www.theguardian.com/technology/2023/nov/21/techscape-israel-gaza-war-social-media-content-censorship (last visited Dec 6, 2023).

The 2024 presidential race is the AI election AXIOS, https://www.axios.com/2023/06/27/artificial-intelligence-ai-2024-election-biden (last visited Dec 6, 2023).

“The media doesn’t care what happens here” The New York Times, https://www.nytimes.com/2015/02/22/magazine/the-media-doesnt-care-what-happens-here.html (last visited Dec 4, 2023).

The signal code: A human rights approach to information during crisis. Available at: https://hhi.harvard.edu/sites/hwpi.harvard.edu/files/humanitarianinitiative/files/signalcode_final.pdf?m=1607469621 (Last visit: 26 August 2023).

Tilifizyūn swryā-ʼsṭnbwl, "baʻda 12 yawman min fuqdān al-ittiṣāl. alʻthwr ʻalá juththah alṭflh Hind wa-6 min ʻāʼlthā", (in Arabic), Accessed 2 Mārs 2024, https://shorturl.at/gtyIM

Twitter to the Rescue? How is Social Media Transforming Human Rights Monitoring? Amnesty International USA, https://www.amnestyusa.org/updates/twitter-to-the-rescue-how-social-media-is-transforming-human-rights-monitoring/#:~:text=Similar%20to%20journalists%2C%20human%20rights,evidence%20of%20human%20rights%20violations (last visited Dec 6, 2023).

Ukraine’s public mobilizes to Document War Crimes, Human Rights First, https://humanrightsfirst.org/library/ukraines-public-mobilizes-to-document-war-crimes/ (last visited Jan 7, 2024).

Video for change best practices: Filming for human rights documentation and evidence WITNESS Blog, https://blog.witness.org/2012/04/video-for-change-best-practices-filming-for-human-rights-documentation-and-evidence/ (last visited Dec 6, 2023).

“Video unavailable” Human Rights Watch, https://www.hrw.org/report/2020/09/10/video-unavailable/social-media-platforms-remove-evidence-war-crimes (last visited Mar 2, 2024).

Webinar-civilian documentation in Sudan Public International Law & Policy Group, https://www.publicinternationallawandpolicygroup.org/webinar-civilian-documentation-in-sudan (last visited Dec 5, 2023).

 “White House: Biden has not seen or independently confirmed Hamas beheaded Israeli children” The Times of Israel, https://www.timesofisrael.com/liveblog_entry/white-house-biden-has-not-seen-or-independently-confirmed-hamas-beheaded-israeli-children/ (last visited Mar 1, 2024).

William A Schabas, An introduction to the International Criminal Court (Cambridge University Press 6) (2020).

Zaqzūq, ʻUmar. "ʻāriyan wmkbl al-yadayn .. Jundī Isrāʼīlī yunsharu fydyw li-taḥqīq maʻa Filasṭīnī", (in Arabic), Accessed 1 Mārs 2024, https://shorturl.at/hvxI9



[1] وسام السعدي، تطور وظائف المنظمات الدولية غير الحكومية، ط1، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2015، ص17، 60.

[2] Handbook on Civil Society Documentation of Serious Human Rights Violations. Pages 11 and 12. Available: https://static1.squarespace.com/static/5900b58e1b631bffa367167e/t/59dfab4480bd5ef9add73271/1507830600233/Handbook-on-Civil-Society-Documentation-of-Serious-Human-Rights-Violations_c.pdf (Accessed Dec. 03, 2023); Also, Civil Society and the ICC | Coalition for the International Criminal Court, https://www.coalitionfortheicc.org/explore/civil-society-and-icc#:~:text=Civil%20society%20plays%20a%20key,a%20guilty%20verdict%20be%20rendered (accessed Dec 3, 2023)

[3] عامر الجبوري، العدالة الانتقالية ودور أجهزة الأمم المتحدة في إرساء مناهجها، ط1، دار المركز العربي، القاهرة، 2018، ص89-90؛ ا

Human Rights in Palestine and other Occupied Arab Territories: Report of the United Nations Fact-Finding Mission on the Gaza Conflict, page 15, para 18(d). Available at: https://www2.ohchr.org/english/bodies/hrcouncil/docs/12session/a-hrc-12-48.pdf (Accessed Dec 4, 2023);

كذلك، جريدة الأنباء الكويتية، "دبي تكشف تفاصيل اغتيال المبحوح وتتهم 11 أوروبيًا بتنفيذه"، تاريخ الزيارة: 4/12/2023، https://www.alanba.com.kw/ar/arabic-international-news/95001/16-02-2010

وللمزيد:

How We Verify Our Reporting on the Ukraine War” The New York Times, https://www.nytimes.com/2022/03/11/world/europe/ukraine-war-journalism.html (accessed Jan 7, 2024).

[4] Application instituting proceedings and request for provisional measures (The Gambia/Myanmar), I.C. J. (November 11). https://www.icj-cij.org/sites/default/files/case-related/178/178-20191111-APP-01-00-EN.pdf (accessed Mar 1, 2024).

[5] “Satellite Imagery and Video Shows Some Gazan Cemeteries Razed by Israeli Forces” The New York Times, https://www.nytimes.com/2023/12/14/world/middleeast/gaza-cemeteries-damage-israel.html (accessed Mar 1, 2024).

[6] Handbook on Civil Society Documentation, Op. cit.

[7] مراقبة حقوق الإنسان، "أكثر من 150 منظمة تدين مداهمة لمقار 7 منظمات فلسطينية رائدة وتطالب على المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لحماية المجتمع المدني الفلسطيني"، تاريخ الزيارة: 2/3/2024، https://www.hrw.org/ar/news/2022/08/22/joint-statement-over-150-organizations-demand-international-community-stand-against

[8] الأمم المتحدة، "المجتمع المدني وقضية فلسطين"، تاريخ الزيارة: 6/12/2023، https://www.un.org/unispal/ar/2023/11/16/16-%D9%86%D9%88%D9%81%D9%85%D8%A8%D8%B1-2023/. انظر أيضا، الجزيرة نت، "صحف عالمية: القضاء على الأونروا أصبح أحد أهداف حرب إسرائيل"، تاريخ الزيارة: 1/1/2024، https://shorturl.at/juCQ0tps

[9] محمد سعادي، أثر التكنولوجيا المستحدثة على القانون الدولي العام، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2014، ص73-75.

[10] The media doesn’t care what happens here” The New York Times, https://www.nytimes.com/2015/02/22/magazine/the-media-doesnt-care-what-happens-here.html (accessed Dec 4, 2023).

[11] Ukraine’s public mobilizes to Document War Crimes: Human Rights First, https://humanrightsfirst.org/library/ukraines-public-mobilizes-to-document-war-crimes/ (accessed Jan 7, 2024)

[12] السعدي، ص322-333؛ حيدر عبد علي وعمر العبيدي، دور المنظمات الدولية غير الحكومية في تنفيذ القانون الدولي الإنساني (اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة نداء جنيف أنموذجًا)، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان، 2023، ص66.

[13] Application instituting proceedings and request for the indication of provisional measures (South Africa/Israel), I.C. J. (December 29). https://www.icj-cij.org/sites/default/files/case-related/192/192-20231228-app-01-00-en.pdf (accessed Jan 9, 2024).

[14] للمزيد حول التعريف القانوني والفقهي للعدالة الانتقالية، انظر: الجبوري، ص22-28.

[15] معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية، "الإثبات في القضايا الجزائية"، تاريخ الزيارة: 5/12/2023، ص5-6، https://www.kijls.moj.gov.kw/ar/sections/section4/sub3_section4/Releases/Pages/default.aspx

[16] Ibid.

[17] المادة 64 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. آخر زيارة: 5 ديسمبر 2023، متوفر على الرابط: https://www.icc-cpi.int/sites/default/files/NR/rdonlyres/ADD16852-AEE9-4757-ABE7-9CDC7CF02886/284265/RomeStatuteAra.pdf

[18] Situation in the Central African Republic, Prosecutor (on the application of Victims) v Bemba Gombo (Jean-Pierre), Judgment pursuant to Article 74 of the Statute, Case No ICC-01/05-01/08, ICC Pre Trial Chamber III (21 March 2016), para 237, available at: https://www.icc-cpi.int/sites/default/files/CourtRecords/CR2016_02238.PDF (accessed Mar 1, 2024).

[19] Peter Tomka & Vincent-Joel Proulx, The Evidentiary Practice of the World Court (2016), 363-364, https://www.ilsa.org/Jessup/Jessup2022/Basic%20Materials/Tomka%20and%20Proulx%20-%20The%20Evidentiary%20Practice%20of%20the%20World%20Court.pdf (accessed Mar 1, 2024).

[20] Ibid., p. 361.

[21] Ibid., p. 367.

[22] Marco Roscini, Digital Evidence as a Means of Proof before the International Court of Justice, 21 JC&SL. 3 (2016), 541-554, p. 548, https://www.jstor.org/stable/26298215 (accessed Mar 1, 2024).

[23] السعدي، ص206-212.

[24] The ECtHR has also taken a similar position in stating that documents such as non-governmental or governmental reports can bear different weight depending on ‘the authority and reputation of their authors, the seriousness of the investigations by means of which they were compiled, the consistency of their conclusions and whether they are corroborated by other sources’. Case of Georgia v. Russia (1), Merits, App No 13255/07, Council of Europe: European Court of Human Rights: Grand Chamber (3 July 2014), para 138, available at: https://www.refworld.org/jurisprudence/caselaw/echr/2014/en/122472 (accessed Mar 1, 2024).

[25] المادة 16 من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن حقوق الطفل. يمكن الاطلاع على الرابط التالي:

https://www.unicef.org/child-rights-convention/convention-text

[26] المادة 22 من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. يمكن الاطلاع على الرابط التالي:

https://www.un.org/disabilities/documents/convention/convoptprot-a.pdf

[27] المادة 44 من مرسوم بقانون اتحادي في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، دولة الإمارات العربية المتحدة، رقم (34) لسنة 2021، ويمكن الاطلاع عليه من الرابط التالي: https://laws.uaecabinet.ae/ar/materials/law/1526?page=3

[28] Help center, Instagram, https://help.instagram.com/581066165581870 (accessed Jan 7, 2024).

[29] Chapter 02, Basic principles of human rights monitoring, page 4. Available at: https://www.ohchr.org/sites/default/files/Documents/Publications/Chapter02-MHRM.pdf (Last visit: 26 August 2023).

[30] The signal code: A human rights approach to information during crisis, pages 24-25. Available at: https://hhi.harvard.edu/sites/hwpi.harvard.edu/files/humanitarianinitiative/files/signalcode_final.pdf?m=1607469621 (Last visit: 26 August 2023).

[31] Webinar-Civilian documentation in Sudan Public International Law & Policy Group, https://www.publicinternationallawandpolicygroup.org/webinar-civilian-documentation-in-sudan (accessed Dec 5, 2023).

[32] Documenting International Crimes and Human Rights Violations for Accountability Purposes: Guidelines for Civil Society Organizations, page 9. Available at: https://www.icc-cpi.int/sites/default/files/2023-06/ICC-Eurojust-CSO-Guidelines-Eng.pdf (Last visit: 26 August 2023).

[33] Handbook on Civil Society Documentation, Op. cit., pp. 35-36; 61-62

[34] Documenting International Crimes, Op. cit., p. 8.

[35] Handbook on Civil Society Documentation, Op. cit., p. 27.

[36] Ibid., p. 25.

[37] Amazonaws. Ethical Guidelines: Using Eyewitness Videos in Human Rights Reporting & Advocacy, p. 3, https://s3-us‑west‑2.amazonaws.com/librarywebfiles/Training+Materials/Training+PDFs/Video+as+Evidence+Guides/English/VaE_Ethical+Guidelines_v1_2_11Feb2016.pdf (accessed Mar 1, 2024).

[38] Ibid., pp. 3-4.

[39] “Gaza women and the isdal robes that shield them as war strips their privacy” Aljazeera.com, https://www.aljazeera.com/features/2024/1/4/gaza-women-isdal-robes-them-war-strips-their-privacy (accessed Mar 1, 2024).

[40] William A Schabas, An introduction to the International Criminal Court, page 337 (Cambridge University Press 6) (2020).

[41] Ibid.

[42] Handbook on Civil Society Documentation, Op. cit., p. 84.

[43] Twitter to the Rescue? How is Social Media Transforming Human Rights Monitoring? Amnesty International USA, https://www.amnestyusa.org/updates/twitter-to-the-rescue-how-social-media-is-transforming-human-rights-monitoring/#:~:text=Similar%20to%20journalists%2C%20human%20rights,evidence%20of%20human%20rights%20violations (accessed Dec 6, 2023).

[44] Handbook on Civil Society Documentation, Op. cit., p. 120.

[45] الجزيرة نت، "صحفيون رغم الاستهداف الإسرائيلي.. 47 استشهدوا وآخرون فقدوا أفرادا من عائلاتهم"، تاريخ الزيارة: 6/12/2023، https://shorturl.at/fgxIQ

[46] Federica D’Alessandra & Kirsty Sutherland, The promise and challenges of new actors and new technologies in International Justice, 19 JICJ, 9–34, page 22 (2021).

[47] “Gaza suffers another communications blackout amid Israeli bombardment” Aljazeera.com, https://www.aljazeera.com/news/2023/11/1/israel-imposes-communication-blackout-on-gaza-second-time-in-five-days (accessed Mar 1, 2024).

[48] Handbook on Civil Society Documentation, Op. cit., pp. 70-72.

[49] Ibid., p. 126; Creating metadata DCMI, https://www.dublincore.org/resources/userguide/creating_metadata/ (accessed Dec 6, 2023).

[50] How We Verify, Op. cit.

[51] Video for change best practices: Filming for human rights documentation and evidence, WITNESS Blog, https://blog.witness.org/2012/04/video-for-change-best-practices-filming-for-human-rights-documentation-and-evidence/ (accessed Dec 6, 2023).

[52] الجزيرة نت، "هل كان مستشفى الشفاء مركز قيادة لحماس؟ لوموند: الصور لا تدعم ذلك"، تاريخ الزيارة: 6/12/2023، https://shorturl.at/exT26

[53] Handbook on Civil Society Documentation, Op. cit., p. 119.

[54] سعادي، ص80-81.

[55] D’Alessandra & Sutherland, Op. cit., p. 24.

[56] The 2024 presidential race is the AI election AXIOS, https://www.axios.com/2023/06/27/artificial-intelligence-ai-2024-election-biden (accessed Dec 6, 2023).

[57] “White House: Biden has not seen or independently confirmed Hamas beheaded Israeli children” The Times of Israel, https://www.timesofisrael.com/liveblog_entry/white-house-biden-has-not-seen-or-independently-confirmed-hamas-beheaded-israeli-children/ (accessed Mar 1, 2024).

[58] “video unavailable” Human Rights Watch, https://www.hrw.org/report/2020/09/10/video-unavailable/social-media-platforms-remove-evidence-war-crimes (accessed Mar 2, 2024).

[59] مجلس حقوق الإنسان، تقرير المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفًا، السيد كريستوف هاين‍ز استخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصالات لضمان الحق في الحياة، الجمعية العامة الأمم المتحدة، 24 أبريل 2015، تاريخ الزيارة 6/6/2023، على الرابط: https://www.ohchr.org/sites/default/files/HRBodies/HRC/RegularSessions/Session29/Documents/A_HRC_29_37_ARA.DOCX

انظر أيضًا:

Navigating the ethics of citizen video: The case of a sexual assault in Egypt: Arab Media & Society, https://www.arabmediasociety.com/navigating-the-ethics-of-citizen-video-the-case-of-a-sexual-assault-in-egypt/ (accessed Dec 6, 2023).

[60] Techscape: Are Social Media Giants silencing online content? The Guardian, https://www.theguardian.com/technology/2023/nov/21/techscape-israel-gaza-war-social-media-content-censorship (accessed Dec 6, 2023).

[61] عمر زقزوق، "عاريا ومكبل اليدين..جندي إسرائيلي ينشر فيديو لتحقيق مع فلسطيني"، تاريخ الزيارة:1/3/2024، https://shorturl.at/hvxI9

[62] Paul R. Williams & Nicole Carle, The War in Ukraine: A Case Study in Modern Atrocity Crimes Documentation, 55 Case W. Res. J. Int'l L. 7 (2023), page 23, https://scholarlycommons.law.case.edu/jil/vol55/iss1/4/ (accessed Jan 9, 2024).

[63] Ibid., p. 24.

[64] Handbook on Civil Society Documentation, Op. cit., p. 124.

[65] D’Alessandra & Sutherland, Op. cit., p. 32.

[66] Handbook on Civil Society Documentation, Op. cit., pp. 75; 121.

[67] Ibid., pp. 129-130.

[68] Ibid., pp. 133-134.

[69] Williams, Op. cit., p. 25.

[70] Handbook on Civil Society Documentation, Op. cit., pp. 134-135.

[71] Ibid., pp. 136-137.

[72] Interview with Eliyahu Yossain on Now 14 Israel, 29 October 2023: Now 14, @Now14Israel, Tweet (9:32 pm, October 29, 2023), https://twitter.com/Now14Israel/status/1718742747455053922. Translated by Ahmed Eldin, Instagram Post (30 October 2023) https://www.instagram.com/reel/CzB77tJrjtW.

[73] Meirav Ben-Ari, Knesset Session, 16 October 2023, https://www.facebook.com/watch/live/?ref=watch_permalink&v=3497251110531404 [2:29:57]. Translation by Jonathan Ofir, “Israeli Politician Says ‘Children of Gaza Have Brought This Upon Themselves’”, Truthout (18 October 2023), https://truthout.org/articles/israeli-politician-says-children-of-gaza-have-brought-this-upon-themselves.

[74] Giora Eiland, “Let’s not be intimidated by the world”, Yedioth Ahronoth (print) (19 November 2023), in Bezalel Smotrich, Minister of Finance, Chairman of the Religious Zionist Party, @bezalelsm, Tweet (11:20 am, November 19, 2023), https://twitter.com/bezalelsm/status/1726198721946480911. Translation by Talula Sha, Tweet (19 November 2023), https://twitter.com/TalulaSha/status/1726267178201362438.

[75] South Africa/Israel, Op. cit., § 140; 359; 398; 518; 519.

[76]South Africa/Israel, Op. cit., § 102; 103; 140.

[77] حساب معتز عزايزة على انستغرام @Motaz Azaiza.

[78] تلفزيون سوريا-إسطنبول، "بعد 12 يومًا من فقدان الاتصال.. العثور على جثة الطفلة هند و6 من عائلتها"، تاريخ الزيارة: 2/3/2024، https://shorturl.at/gtyIM

[79] مجلس حقوق الإنسان، مرجع سابق، ص30-31، فقرة 110.

[80] Symposium on best practices in humanitarian information exchange – world, reliefWeb, pages 16, 17, and 71, https://reliefweb.int/report/world/symposium-best-practices-humanitarian-information-exchange (accessed Dec 6, 2023).

[81] Eyewitness to atrocities eyeWitness, https://www.eyewitness.global/ (accessed Dec 6, 2023).

[82] مجلس حقوق الإنسان، مرجع سابق، ص19، فقرة 71.