تاريخ الاستلام: 28/09/2023	تاريخ التحكيم: 31/10/2023	تاريخ القبول: 21/11/2023الضمانات التَّأدِيبيَّة للمُوَظَّف العام في قطر بين التشريع والاجتهاد القضائي

أناس المشيشي

أستاذ القانون العام، كلية الشرطة قطر

alamchichi@moi.gov.qa

ملخص

يستهدف البحث دراسة الضمانات التأديبية للموظف القطري حسب النصوص القانونية واللائحة الجاري بها العمل، وامتداد هذه الضمانات على مستوى الزمن التأديبي؛ أي الضمانات التأديبية السابقة لجزاء التأديب والضمانات التأديبية المتزامنة معها والضمانات التأديبية اللاحقة بها، وإلى أيّ حدٍّ كانت هذه الضمانات التشريعية كفيلة بتحقيق الأمن الوظيفي وحماية الموظف العام من أيّ تجاوز في استعمال السلطة؟

يتبنّى البحث المنهج الوصفي القائم على التحليل والاستقراء والاستنباط، وذلك من خلال تحليل مختلف المقتضيات القانونية المتعلقة بالموضوع واستنباط الضمانات التأديبية المنصوص عليها في قانون الموارد البشرية المدنية القطري واللائحة التنفيذية، مع المقارنة ببعض الأنظمة القانونية الخاصة لبعض المؤسسات الإدارية، وتطبيقاتها على مستوى الاجتهاد القضائي القطري. استخدم البحث المنهج المقارن على سبيل الاستئناس مع بعض التشريعات العربية، والاجتهادات القضائية الإدارية الفرنسية أساسًا.

خلص البحث إلى عدة نتائج، أبرزها: اقتراح تعديل بعض المقتضيات القانونية واللائحة التي تؤطر الوظيفة العامة في قطر، لتعزيز الضمانات التأديبية، وأن يغير القاضي الإداري منهجه في الرقابة على المنازعات الإدارية المعروضة عليه، والمتعلقة بالقرارات الإدارية التأديبية في الوظيفة العامة بالانتقال من مراقبة المشروعية إلى مراقبة الملاءمة.

الكلمات المفتاحية: الضمانات التأديبية، الخطأ الإداري، الجزاء الإداري، القرار الإداري التأديبي، المشروعية، المنازعات الإدارية

للاقتباس: المشيشي، أناس. «الضمانات التَّأدِيبيَّة للمُوَظَّف العام في قطر بين التشريع والاجتهاد القضائي»، المجلة الدولية للقانون، المجلد الثالث عشر، العدد المنتظم الثاني، 2024، تصدر عن كلية القانون، وتنشرها دار نشر جامعة قطر. https://doi.org/10.29117/irl.2024.0297

© 2024، المشيشي، الجهة المرخص لها: كلية القانون، دار نشر جامعة قطر. نُشرت هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution Non-Commercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه، ما دام يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0


 

Received: 21/11/2023	Peer-reviewed: 31/10/2023	Accepted: 28/09/2023Qatar Public Employee’s Disciplinary Guarantees: Between Legislation and Jurisprudence

Anas Lamchichi

Professor of Public Law, Qatari Police College–Qatar

alamchichi@moi.gov.qa

Abstract

The purpose of this research is to examine the disciplinary safeguards of the Qatari staff members in accordance with the legal and statutory provisions in which the work is being carried out, the extension of these guarantees to the level of disciplinary time, the preceding, simultaneous and subsequent disciplinary measures, and the extent to which such legislative safeguards are conducive to job security and to protect the staff members from any abuse of authority. This research adopts a descriptive approach based on analysis, extrapolation and elaboration, by analyzing the various legal requirements on the subject and developing disciplinary safeguards provided for in Qatar’s Civil Human Resources Law and Executive Regulation, compared with some of the special legal systems of certain administrative institutions and their applications based on Qatari jurisprudence. The research used the comparative approach as an inference with certain Arab legislation, mainly French administrative jurisprudence. The research reached several conclusions, most notably the proposal to amend certain legal and statutory requirements that frame Qatar’s public office, to strengthen disciplinary safeguards, and to change the administrative judge’s approach to oversight of administrative disputes before him, relating to disciplinary administrative decisions in the public service from control of legality to control of propriety.

Keywords: Disciplinary guarantees; Administrative error; Administrative penalty; Disciplinary administrative decision; Legality; Administrative disputes

Cite this article as: Lamchichi A., "Qatar Public Employee’s Disciplinary Guarantees: Between Legislation and Jurisprudence," International Review of Law, Volume 13, Regular Issue 2, 2024. https://doi.org/10.29117/irl.2024.0297

© 2024, Lamchichi A., licensee, IRL & QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution Non-Commercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited. https://creativecommons.org/licenses/by-nc/4.0


مقدمة

أسهم الفقه الإِدارِي في إعطاء تعريف للمُوَظَّف العام، باختلاف النظريات والمرجعيات الفكرية، فالأستاذ مارسيل فالين (Marcel walin) عرّف المُوَظَّف العام بأنه "كل شخص يعمل في خدمة سلطة وطنية ويُسهم بصورة اعتيادية في تسيير مرْفق عام يدار بطريقة الإِدَارَة المباشرة ويشغل وظيفة دائمة مدرجة في الكادر الإِدَارِي"[1]، وأعطى الفقيه ألان بلانتي (Alain Plantey) تعريفًا واسعًا للمُوَظَّف العام، يشمل كلّ شخص يساعد، وبشكل مستمر بمهمة على تنفيذ خدمة إِدَارِيَّة عامة، في حين عرّف الفقيه موريس هوريو (Maurice Hauriou) المُوَظَّف العام بأنّه "كل شخص يعين من طرف السلطة العَامَّة داخل مختلف الأطر ودرجات الوَظِيفَة العَامَّة، لمرْفق تديره الدَّولَة أو تابع لها" [2]، في حين يعرف الفقيه إيف كوديمي (Yves Gaudemet) الموظف العام بأنه "العون العُمُومي الذي تم تكليفه بعمل عُمُومي دائم موجود في إطار سلم إداري لمرْفق عام تشرف عليه هيئة عامة"[3]. وتأسيسًا على ما تقدّم، فإنّ الموظف العام؛ هو كلّ شخص يعين في وظيفة قارة، ويثبت من السلطة العامة في أحد الإطارات والدرجات التابعة للدولة.

فالدَّولَة باعتبارها شخصًا معنويًّا عاما تقوم بأعمالها بواسطة مُوَظَّفين عُمُوميين، فشغلهم للوَظَائِف العَامَّة يعني لزوم قيامهم بأعبائها، وتحمل التزاماتها من أجل تحقيق المصلحة العَامَّة، وعدم استغلال السلطة المرتبطة بوَظَائِفهم بهدف تحقيق مصالح خاصة[4].فالإخلال بالواجبات المهنية من جِهةِ الموظف العام أثناء أو خِلال تأدية مهامه يعرضه لجزاءٍ تأديبي، فالجزاء هو الوسيلة التي تساعد الجهة الإدارية على ضمان سير المرفق العام بانتظام واطراد، لذا فاحتمال تعسّف هذه الجهة وارد، فكان من الضروري توفير ضمانات تحول دون إساءة استعمال السلطة، حيث كفل المشرع القطري حماية الموظف العام من استعمال الإدارة للسلطة التأديبية، وذلك بإحاطتها بجُملةٍ من الضمانات لعلّ أهمّها ضرورة مُمارسة التأديب باتباع الإجراءات اللازمة لتنفيذ التأديب بشكل يحقق التوازن بين مبدأ الفاعلية كمبدأ أساسي للعمل الإداري، وتنفيذ السياسات العامة عن طريق الهيئات الإدارية الموضوعة رهن إشارة السلطة التنفيذية، وحماية حقوق الموظف العام من أي تجاوز في استعمال السلطة.

إنّ احتمالية ارتكاب الموظف العام الشاغل لوظيفة بعض الأخطاء المهنية خلالَ مسارهِ الوظيفيِّ أمرٌ دارجٌ ومطروح، وهذا من شأنه أن يُعرّضهُ إلى جزاءات تأديبية تُوقّعُ من طرف السلطة التي عينته؛ سواءٌ أكانت هذه الجزاءات مالية أو أدبية أو مهنية، بناءً على جسامة الخطأ المُرتكب. وتتميّز هذه الجزاءات بطبيعتها القانونية مُقارنةً بالعقوبات الزجرية، والغرض منها هو حفظ الانضباط داخل الإدارات العمومية، واحترام السلطة الرئاسية، والعمل على حسن سير المرافق العامة بانتظام واطراد، لذا تحتل الضمانات التأديبية مكانة هامة في قانون الوظيفة العامة، لأنها صمام الأمان للموظف العام الذي يخضع للتحقيق التأديبي من أجل عدم تجاوز الإدارة في استعمال سلطتها اتجاه موظفيها، ومن أجل تحقيق تأديبي عادل يتناسب مع الخطأ الإداري المرتكب من طرف الموظف العام.

تتعلق هذ الدراسة بالضمانات التأديبية للموظف العام في دولة قطر، وستجمع بين النصوص التشريعية اللائحية المنظمة لمسطرة التأديب في قانون الوظيفة العامة والاجتهاد القضائي في المادة الإدارية، مع الاستئناس ببعض التجارب الأجنبية في الموضوع خصوصا في فرنسا والأردن والكويت والمغرب.

وبناءً على ما سبق، تثور في هذا المقام عدة إشكالات، هي: ما الضمانات التأديبية للموظف العام القطري حسب النصوص القانونية الجاري بها العمل؟ وإلى أيِّ حدٍّ تكون هذه المُقتضيات القانونية اللائحية كفيلة بتحقيق الأمن الوظيفي وحماية الموظف العام من أيِّ تجاوز في استعمال السلطة؟ ثم إلى أيّ حدٍ عزّز القضاء الإداري القطري هذه الضمانات التأديبية عند البت في المنازعات الإدارية؟

 من أجل الإجابة عن هذه الإشكالات، سعى الباحث إلى استعمال المنهج الوصفي القائم على التحليل والاستقراء والاستنباط، وذلك من خلال تحليل مختلف المقتضيات القانونية المتعلقة بالموضوع، واستنباط الضمانات التأديبية المنصوص عليها في قانون الموارد البشرية المدنية القطري واللائحة التنفيذية، وبعض الأنظمة القانونية الخاصة لبعض المؤسسات الإدارية، وتطبيقاتها على مستوى الاجتهاد القضائي القطري. كما استعمل المنهج المقارن على سبيل الاستئناس ببعض التشريعات العربية، والاجتهادات القضائية الإدارية الفرنسية أساسا وبعض الدول العربية (المغرب والأردن والكويت)، وقد مكن المنهج المقارن من إيجاد أوجه التشابه والاختلاف بين التشريع القطري والتشريعات العربية الأخرى، وكذا مسار الاجتهادات القضائية المقارنة لنخلص إلى مكامن القوة والقصور بخصوص الضمانات التأديبية في التشريع والاجتهاد القضائي القطريين.

للإجابة عن الإشكالات المطروحة، سنتعرض إلى الضمانات التَّأدِيبيَّة السابقة لجزاء التَّأدِيب (المبحث الأول)، مرورًا بالضمانات التَّأدِيبيَّة المتزامنة مع جزاء التَّأدِيب (المبحث الثاني)، وصولًا إلى الضمانات التَّأدِيبيَّة اللاحقة بجزاء التَّأدِيب (المبحث الثالث).

المبحث الأول: الضمانات السابقة لجزاء التّأديب

تشمل ضمانات التأديب السابقة للجزاء جميع المراحل من ضمانات مرحلة التحقيق (المطلب الأول) مرورا بكل من المواجهة (المطلب الثاني) وحق الدفاع (المطلب الثالث) ووصولا إلى حياد السلطة التأديبية (المطلب الرابع).

المطلب الأول: ضمانات مرحلة التحقيق

يعني التحقيق؛ حقّ الإدارة في اتخاد الإجراءات اللازمة، في حالة خطأ الموظف العام، للكشف عن الأخطاء التأديبية وعن مرتكبيها، والحصول على أدلة الإدانة، وتبدأ هذه الإجراءات بإحالة الموظف العام إلى التحقيق، بشأن الوقائع المنسوبة إليه. فالتحقيق، هو مجموعة من الإجراءات؛ الغاية منها حصرُ المُخالفات التأديبية ومن كان مسؤولًا عنها، وهو عادة ما يجرى بعد اكتشاف المخالفة[5].

وقد عرّفت محكمة التمييز القطرية التحقيق بأنه: "تحري الحقيقة في الاتهام الموجه إلى المخالف مع تمتعه بعدد من الضمانات الأساسية للتحقيق لتأمين عدالة الجزاء التأديبي وبث الطمأنينة في نفس المخالف المُحال إلى التحقيق، وهذه الضمانات أو المبادئ الأساسية للتحقيق لم تتضمنها قواعد قانونية أو لائحية، فلم تتضمن النصوص ما يوجب إفراغ التحقيق في شكل معين إذا ما تولته الجهة الإدارية أو أجهزتها القانونية، كما لم ترتب البطلان على إغفال إجرائه على وجه خاص، ومن ثم فإن أصول التحقيق وضوابطه إنما تستلهم في كنف قاعدة أساسية كلية تصدر عنها وتستقي منها الجزئيات والتفاصيل وهي تحقيق الضمان وتوفير الاطمئنان لكل من يقع تحت المساءلة التأديبية، ويجب في التحقيق أن يستوفي كل وسائل ومكنات الدفاع، ذلك أن اتباع تلك الإجراءات هو أمر تقتضيه العدالة، فإذا تحقق ذلك دون إخلال، فإن الغاية التي استهدفها المشرع من هذه الإجراءات تكون متحققة"[6].

ولا يجوز، طِبْقًا لمقتضيات المادة 84 من قَانُون المَوَارِد البَشَريَّة المَدَنيَّة القطري، تسليطُ أيّ جزاء تأديبي على المُوَظَّف إلا بعد التحقيق معه كتابةً، وسماع أقواله، وتحقيق أوجه دفاعه[7].فمن خلال هذا النص القانوني وحكم محكمة التمييز القطرية سالف الذكر، نستطيع أن نخلص إلى بعض العناصر التي توفر الطمأنينة للمتابع تأديبيا، وتضمن له حق المحاكمة العادلة، فسماع أقوال المُوَظَّف كإجراءٍ من إجراءات التحقيق؛ يعني بداهةً مُواجهة المُوَظِّف الذي أُحيل إلى التحقيق بالتهم المنسوبة إليه لسماع أقواله ودفوعاته، ومطالبته بإبداء آرائه ومناقشته بالتفصيل فيمَا نُسِبَ إليه بالإثباتِ أو النفي. ويروم الاستماع إلى المُوَظَّف المتهم أمرين، أولهما سماع دفوعات المُوَظَّف بخصوص ما نسب إليه من أخطاء مهنية، والثاني استجلاء الحقيقة. وهذا ما ذهبت إليه مختلف التشريعات العربية المقارنة[8].

كما أنه يوجد العديد من الضمانات التي يجب تَوفرها حتى يكون التحقيق قَانُونيًّا[9]، وتعطي المشروعية للجزاء الإِدَارِي في حق المُوَظَّف المدان بارتكاب خطأ مهني. فالأصل أن يكون التحقيق كتابةً؛ حتى يُمَكن المُوَظَّف العام من تسجيل موقفه من كل المخالفات المنسوبة إليه. ومن ضمانات التحقيق الأخرى التي كفلها المُشرّع؛ حقّ الموظف في الاطّلاع على التحقيقات التي أجريت معه، والحصول على نسخة منها. ولا يجوز أن يتعرض المُوَظَّف العام لأيّ ضغط كيفما كان أثناء التحقيق.

الفرع الأول: كتابة التحقيق

إنّ توقيع الجزاء التأديبيّ على المُوَظَّف، لا يجوز إلا بعد إجراءِ التحقيق معه كتابةً، وسماع أقواله، وإتمام أوجه دفاعه. وعليه، فإنّ كتابة التحقيق الإِدَارِي تعدّ أمرًا واجِبًا لأنّ هدفها الرئيس؛ توثيق بيانات المُوَظَّف العام ودفوعاته للردِّ على التهم الموجهة إلى المُوَظَّف العام المحال إلى التحقيق، فيكون التوثيق حجة للمُوَظَّف العام أو حجة عليه دون أن يخشى أن تُطمس الحقيقة أو تُزور فالكتابة أكثر انضباطًا وأدق تعبيرًا، ويضاف إلى ذلك أنها تجعلُ من رقابة القاضي على شرعية القرارات الإِدَارِيَّة في مجال التَّأدِيب أمرًا يسيرًا. وهذا ما ذهبت إليه محكمة التمييز القطرية في نفس الحكم المشار إليه أعلاه "...فالقاعدة هي وجوب استدعاء المخالف للتحقيق معه ومواجهته كتابيًا بصفة رسمية كما سلف القول، والاستثناء أن يكون هناك محضر مدون به مضمون الاستجواب والمواجهة وتحقيق دفاع المخالف، فيجب أن يكون التحقيق مفصلًا وكاملًا وغير مخل بسبب الإيجاز..."، وفي نفس الحكم اعتبرت المحكمة أن وجود محضر محرر إلكترونيا وموقع من رئيس اللجنة ونائبه يعتمد محل التحقيق المكتوب بخط اليد مادام متضمنا لجميع الإجراءات التي تحقق الغاية من التحقيق "... وقد أفادت اللجنة كتابيًا أن هذا التحقيق قد أفرغ في محضر محرر إلكترونيًا معتمد من رئيس اللجنة ونائبه، وأن مسودة التحقيق المكتوب بخط اليد أتلفت، وإذا تبين من محضر التحقيق المحرر إلكترونيًا والمؤرخ في 3/4/2012 أنه اشتمل على مضمون التحقيق الذي أجري مع المطعون ضده والمتمثل في إحاطته علمًا بالمخالفة التي أتاها، ومواجهته بالأدلة المؤيدة لها، وإبداء دفاعه بشأنها على نحو من التفصيل، فإن التحقيق على هذا النحو قد استوفى إجراءاته الأساسية التي تتحقق بها الغاية التي استهدفها المشرع من هذه الإجراءات بما يجعله منتجًا لأثره القانوني في ترتيب الجزاء الإداري، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وخلص في أسبابه إلى بطلان هذا التحقيق إزاء عدم وجود تحقيق مكتوب بخط اليد لا تطمئن إلى التحقيق المقدم بالأوراق لطباعته إلكترونيًا؛ لعدم استيفائه لعناصر عدة تقوم عليها سلامة وإجراءات وأركان التحقيق الإداري، مما يكون معه الجزاء المطعون فيه قد صدر بناء على تحقيق باطل، مما كان يتعين معه إلغاء الجزاء الإداري، إلا أنه والتزامًا بقاعدة ألا يضار الطاعن بطعنه، فقد انتهى إلى رفض الاستئناف"[10].

واستثناء من القاعدة العامة، فإنّه من الجائزِ إجراءُ التحقيق شفويًّا حين توقيع جزاءَيْ الإنذار والخصم من الراتب مدة لا تتجاوز ثلاثة أيام على أحد شاغلي وَظَائِف الدرجات من الرابعة فما دونها أو ما يعادلها من الراتب، شريطةَ أن يثبت مضمونه في القرار الصادر بتوقيع الجزاء، ويكون إصدار قرار الجزاء حينئذٍ من مدير الإِدَارَة التي يتبعها المُوَظَّف.

الفرع الثاني: استجواب المُوَظَّف العام المتهم المحال إلى التحقيق

الاستجواب، هو مواجهة المُوَظَّف العام المخالف، والاستماعُ إلى أقواله، ومناقشته بما نسب إليه من وقائع، وتفحّص ما يُقدّمه من تبريراتٍ للدفاع عن نفسه ودرء التهم عنه أو الاعتراف بها، وتحليل إقراره ومُطابقته مع ما خلصَ إليه التحقيق فعلًا؛ قصد كشف الحقيقة.

فمن المبادئ الأساسية التي أرسيت بشكل خاص في القانون الإداري الزجري، أن كل إجراء من شأنه أن يؤدي إلى توقيع عقوبة ذات طابع زجري، يجب أن يكون تواجهيا (Contradictoire) حضوريًا. بمعنى أن يسري بما يسمح بتوفير كافة الضمانات الممكنة لتوجيه الاتهامات ثم الإجابة عليها. حيث تنص التشريعات التي تأخذ بنظام الجزاءات الإدارية على تبني مبدأ التواجه الذي يشمل بالإضافة إلى الحق في العلم بالتهمة، حقه في الحصول على مهلة لإعداد دفاعه، وتقديمه إلى الإدارة. فالإجراء الحضوري مفاده أن القرارات الإدارية، تكون مشروعة فقط إذا تمكن الأفراد من إبداء ملاحظاتهم، بعد الاطلاع على محاضر الملف الذي يعنيهم. كما يجب أن يسمح لهم بتقديم دفاعهم والإدلاء بحججهم حول الأفعال والوقائع المنسوبة إليهم[11].

إنّ أهمية الطابع الحضوري للإجراء تنبع من كونه في إطار التواجه المباشر، تتبادل فيه المزاعم، ويمكن أن يتحقق توازن بين الأطراف الحاضرة، ذلك أن مثول المدير أمام السلطة الإدارية، يُعدّ في جميع الحالات ضمانة أساسية لسماحه للمدار المتهم بالاستفادة من نقاش شفوي يمكن أن يكون سبيلا إلى تأكيد براءته. فقد قضت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بالمغرب، بإبطال قرار إداري في غير صالح المدار، لكونه لم يتمكن من الإدلاء بملاحظاته قبل اتخاذ السلطة الإدارية لمقررها النهائي[12].

ومن المفيد القول بأنّ الاستجواب قوامه الأصيل توجيه أسئلة مُحدّدة من طرفِ المُحقق إلى المُوظفِ المُتّهمِ، تتعلّقُ أساسًا بالتهم المُوجهة إليه، مع ضرورة صِياغة هذه الأسئلة بعبارات واضحة وصريحة، حتّى يتمكّن من فهمها والإجابة عليها. وعليه، فإنّه في صُورةِ إقرار المُتّهمِ بالتهمة المُوجّهةِ إليه، يُدوّن المحقق هذا الإقرار بالمحضر، وإنْ أنكرها يواجه بالدلائل الموجودة لدى المحقق، ومُقارعتهِ بأدلة الإثبات والتحقيق في دفاعه من أدلة وشهود نفي. وفي كُلِّ الأحوال، لا ينبغي تعريض المُوَظَّف المُحال إلى التحقيق لأيِّ ضربٍ من ضُروبِ الإكراه أو التعسّفِ، كما لا يجوز لهيئة التحقيق التدخّل في أجوبة المُوَظَّف بأيِّ شكل من الأشكال[13]. وفي صُورةِ إبداءِ المُوظّفِ رفضه لعمليّة الاستجواب، فعلى المُحقق تضمينُ ذلك في محضر التحقيق، ولا يشكل الرفض حينئذٍ مخالفة تَأدِيبيَّة تستوجب المُساءلة التَّأدِيبيَّة؛ لأن المُوَظَّف في هذه الحالة يفوت على نفسه فرصة للدفاع عن نفسه[14].

الفرع الثالث: سماع الشهود

يعدّ سماع الشهود من العناصر الأساسية الضامنةِ لتحقيق نزيهٍ، من أجل إقرار متابعة المُوَظَّف المحال إلى التحقيق تأديبيًّا من عدمها. ومن المُفيد الإشارة، إلى أنّه يتوجّبُ ضرورةً الاستماع إلى الشهود، وتقديم بقيّة سندات الإثبات الأخرى حين مواجهة المُوَظَّف الذي أُحيل إلى التحقيق، ما لم ير المحقق أنّ مصلحة التحقيق تقتضي سماع الشهود أو عرض أدلة الإثبات في غيبته، ويوقع الشاهد في نهاية أقواله.

 وقد نصت المادة 96 من اللَائِحَة التَّنفيذِيَّة على أنّ "كل مُوَظَّف يستدعى لسماع شهادته في التحقيق ويمتنع عن الحضور أو عن الإدلاء بما لديه من معلومات دون عذر مقبول، يُساءل تأديبيًا"[15]. ولأَهَميَّة الشهود فقد عدّ المشرع القطري الامتناع عن الإدلاء بالشهادة خطأ مهنيًّا يستوجب المساءلة التَّأدِيبيَّة؛ لأن امتناع الشهود عن الإدلاء بما لديهم من المعلومات من شأنه أن يخفي الحقائق عن حقيقة أو زور ما نسب إلى المُوَظَّف المحال إلى التحقيق من أخطاء مهنية.

وذهب القضاء الإِدَارِي إلى بُطلان التحقيق في حالة إغفال الشهود، حيث قضت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بالمغرب بأنّ استدعاء الشهود يعدّ ضمانة من ضمانات التحقيق، والإخلال بذلك يمس بالضمانات التأديبية الفعلية التي تقتضي توفير سبل إعداد الدفاع والمواجهة والتحقيق. واستدعاء الشهود من طرف الإدارة لا يعني إحضارهم بل طلب حضورهم[16].

الفرع الرابع: كتابة التحقيق

يُعدّ التوثيق من الضمانات الشكلية الأساسية التي يجب ضمانها للمُوَظَّف المُحال إلى التحقيق، وهي عِبارة عن عمليّة تحرير للإجراءات التحقيقية في محاضر رسمية. كما يجب أن يراعي في محاضر التحقيق أن تكون متسلسلة ومتضمنة لتاريخ ومكان التحقيق وكاتب التحقيق، وتُذيل كل ورقة بتوقيع المحقق وكاتب التحقيق، وهذا ما نصت عليه المادة 83 من قانون الموارد البشرية المدنية القطري: "يثبت التحقيق في محضر يرقم بأرقام متسلسلة، يذكر به تاريخ ومكان وساعة افتتاح المحضر وساعة إتمامه واسم المحقق وكاتب التحقيق، وتذيل كل ورقة من أوراق التحقيق بتوقيعهما". ونصّ المشرع الأردني في المادة 145/ب/2 على "أن تكون إجراءات التحقيق موثقة ومثبتة في محاضر وموقعة من المُوَظَّف وأعضاء لجنة التحقيق والشهود حسب مقتضى الحال"[17].

إنّ تدوين التحقيق، يُشكِّلُ أهمّ الضمانات القَانُونيَّة المُساعدةِ على معرفة الحجج والمستندات التي تستند عليها هيئة التحقيق من محضر ووثائق مصاحبة له، لإدانة أو تبرئة المُوَظَّف المحال إلى التحقيق.

وقد خلصت محكمة التمييز القطرية في حكمها الصادر بتاريخ 10/10/2019، إلى أنّ توقيع الجزاء على الموظف يجبُ أن يكون مسبقا بتحقيق متكامل، ذلك أنّ غياب تحقيق مع الموظفة جعل الحكم موجبا للتمييز المُستأنف[18].

المطلب الثاني: المواجهة

يُقصدُ بالمواجهة إخطار المُوَظَّف بالمُخالفات المنسوبة إليه، وإطلاعه على الأدلة التي تشير إلى ارتكابها، وذلك للإدلاء بدفاعه. وإشعاره أن الإِدَارَة تتجه نحو مؤاخذته إذا ما ترجح لديها دليل إدانته[19]. وتسمح مواجهة المُوَظَّف بالتهم المنسوبة إليه أن يُعدّ دفاعه وكلّ الوثائق والمستندات والشهود التي من شأنها أن تُبرئه من الأخطاء المحال إلى التحقيق بسببها. وتسمح للجنة التحقيق بمقابلة أقواله ودفوعاته مع ما تتوفر عليه من معلومات ومعطيات، وذلك من أجل استجلاء الحقيقة.

الفرع الأول: إعلام المُوَظَّف بالأخطاء المنسوبة إليه

يعني إعلام المُوَظَّف بالأخطاء المنسوبة إليه حقّ إخطارهِ وعِلمه بالتهم المنسوبة إليه والمحال بسببِها إلى التحقيق، ويُعدّ هذا الإجراء إجراءً جوهريًّا بالأصالة؛ حيث أكدت المادة 94 من اللَائِحَة التَّنفيذِيَّة لقانون الموارد البشرية المدنية القطري على أنه: "يجب إخطار المُوَظَّف بميعاد الحضور للتحقيق معه، وذلك بموجب إخطار كتابي يسلم إليه شخصيًّا بمقر عمله، وإذا تعذر تسليمه الإخطار، يُخطَر بكتاب مسجل على عنوانه الثابت بمقر خدمته أو بإحدى الوسائل الإلكترونية الحديثة.

وإذا رفض المُوَظَّف تسلم الإخطار أو إذا لم يحضر في الموعد المحدد رغم إخطاره بأي من الوسائل المشار إليها في الفقرة السابقة، جاز إجراء التحقيق في غيبته وفقًا للإجراءات المنصوص عليها في قَانُون المَوَارِد البَشَريَّة المَدَنيَّة وهذه اللَائِحَة"[20].

إنّ المُتحصّل من نصِّ المادة السابق ذِكرها، أنّ المُشرع القطري اتّخذ جميع الإجراءات الكفيلة التي تسمح بوُصولِ إخطارٍ كتابيٍّ للموظّف بالتحقيقِ، حتّى وإنْ امتنع عن تسلّم الإخطار أو لم يحضر في الموعد المُحدّد، لأنّه حينها يجوزُ إجراء التحقيق في غيبته.

وقد سارت مُختلف التشريعات الوَظِيفيَّة على هذا النهج، حيث نصت المادة 57 من قَانُون الخدمة المَدَنيَّة الكويتي على أنّه: "لا يمكن التحقيق إلا بحضور المُوَظَّف، ومع ذلك يجوز إن اقتضت مصلحة التحقيق أن يجري في غيبته، وللمحقق الاطلاع على الأوراق المتصلة بالتحقيق وسماع الشهود من المُوَظَّفين وغيرهم، ويكون أداء الشهادة بعد حلف اليمين" [21]. كما نصّت المادة 140/أ/1 من نظام الخدمة المَدَنيَّة الأردني رقم (09) لسنة 2020، على أنّ "...إعلام المُوَظَّف خطيًّا بما هو منسوب إليه، بحيث يضمن المخالفة المرتكبة والتهم الموجهة إليه"[22].

الفرع الثاني: أساس الالتزام بمبدأ المواجهة

يكمن أساس الالتزام بمبدأ المواجهة في إحاطةِ المُوَظَّف بالتهم التي نسبت إليه حتى يحقّق دفاعه، فالشخص المتابع إداريا، من حقه أن يطالب بالاطلاع على التهم المُوجهةِ إليه؛ أي اطّلاعه على الوقائع التي يتحمل مسؤوليتها، والمُكوّنة لعناصر الاتهام. إنّ حقّ الموظف في الاطلاع على الملف، يتجلى في عدم تطبيق أيّ جزاء تأديبي قبل تمكينه من الاطلاع على الاتهامات المنسوبة إليه حتى يتعرف عليها، ويدلي بملاحظاته بشأنها، ولكي يتمكن من الدفاع عن مصالحه[23]، وهو ما أكده قانون الإجراءات الإدارية السويدي الصادر في 4/7/1971، الذي نصّ في مادته 14 على حقّ الأطراف في الاطلاع على الملف، كما أكدته المادة 26 من القانون السويسري حول الإجراءات الإدارية الصادر في 20/12/1968[24]. ونصّ عليه قَانُون الخدمة المَدَنيَّة الأردني[25]. وفي ذات السياق الناظم، نصّ الفصل 67 من النظام الأساسي العام للوظيفة العُمُوميَّة المغربي على "أن للمُوَظَّف المتهم الحق في أن يطلع على ملفه الشخصي بتمامه وعلى جميع الوثائق الملحقة به، وذلك بمجرد ما تقام عليه دعوى التَّأدِيب ويمكن أن يقدم إلى المجلس التَّأدِيبي ملاحظات كتابية أو شفاهية وأن يستحضر بعض الشهود وأن يستحضر معه مدافعا باختياره وللإِدَارَة أيضًا حق إحضار الشهود"[26].

ولم ينص المشرع القطري بصريح العبارة، في قَانُون إِدَارَة المَوَارِد البَشَريَّة المَدَنيَّة، على إطلاع المُوَظَّف على جميع الوثائق والأوراق المتعلقة بالمخالفة موضوع التحقيق، غير أنه يُستشف ذلك من حضور المُوَظَّف للتحقيق وإجابته على أسئلة المحقق، حيث لا يمكن أن يتمّ ذلك دون إحاطة المُوَظَّف بالوثائق المستند عليها لتوجيه الاتهام إليه، من أجل الرد عليها والدفاع عن نفسه. في حين نصت لائحة شؤون الموظفين بمؤسسة حمد الطبية في المادة 143 البند 3، بصريح العبارة على إطلاع الموظف على ملفه التأديبي، بل والحصول على صورة منه لو شاء، حيث قضت بأنّه "...يجب حضور الموظف المتهم أثناء إجراءات التأديب، إلا إذا اقتضت المصلحة إجراءه، كليًا أو جزئيًا، في غيابه، فيكون له بعد ذلك الحق في الاطلاع على التحقيقات التي أًجريت، وكافة المستندات المقدمة المتعلقة بها والحصول على صورة منها إذا شاء، كما له أن يستعين بمن يرى في تقديمه أو إنابته في ذلك، ويجب على الجهة المختصة بالتأديب سماع أقوال الموظف المتهم ومنحه الفرصة كاملة لإبداء أوجه دفاعه وسماع شهوده ومواجهتهم قبل توقيع أي جزاء تأديبي عليه، وفي كل الأحوال يجب أن يكون القرار الصادر بتوقيع الجزاء مسببًا"[27].

ويُستحسن - في اعتقادنا - أن ينصّ قَانُون إِدَارَة المَوَارِد البَشَريَّة المَدَنيَّة القطري صراحة على:

-      حق المُوَظَّف الذي أحيل إلى التحقيق في الاطلاع على جميع الوثائق والمستندات التي تُشكِّلُ دليل إدانة؛ بل والحصول على صورة منها إن شاء، والمتضمنة في ملف التحقيق باعتبارها ضمانة أساسية في نزاهة إجراء التحقيق التَّأدِيبي.

-      أن عدم مواجهة المُوَظَّف لأسباب تعود له ودون تدخل من جهة التحقيق، قبل توقيع الجزاء، يعدّ تنازلًا إراديًّا عن حق من حقوق المُوَظَّف المحال إلى التَّأدِيب، مما يترتب عليه أن القرار الإِدَارِي الموقع للجزاء مشروع وغير مشوب بأي تجاوز في استعمال السلطة.

المطلب الثالث: حق الدفاع ومظاهره

الفرع الأول: حق الدفاع

يُعد حقّ الدفاع من أهم المبادئ العَامَّة للقَانُون التي استقرّ عليها الفقه والقضاء الإِدَارِي والدستوري، وقد أرسى مجلس الدَّولَة الفرنسي هذا المبدأ حتى في غياب نص قَانُوني ينص على ذلك. وبمُوجب قرار مجلس الدَّولَة الفرنسي بتاريخ: 5/5/1944، أرملة "ترومبيي قرافيي" (DameveuveTrompier-Gravier)[28]، ولم يناقش مجلس الدولة صلب الموضوع، ذلك أنّه اكتُفي بإثبات أنّ الإِدَارَة لم تحترم مبدأ احترام حقوق الدفاع عندما لم تسمح للمعنية بالأمر بالتعبيرِ عن موقفها فيما يتعلّقُ بما نسِبَ إليها من أفعالٍ. وعليهِ، يُمكن القول عن وجاهةٍ إنّ هذا القرار يؤكد استمرار تطوّر الاجتهاد القضائي بشأن هذا المبدأ، والذي وضع شرطين لازمين يجب توافرهما لتطبيقه، وهما:

-      أن يعدّ الإجراء المتخذ جزاء في مواجهة الشخص المعني؛

-      وأن يكون على درجة من الخطورة بالنسبة لهذا الشخص.

وقد صنف المجلس الدستوري الفرنسي منذ عام 1976، احترام حقوق الدفاع ضمن المبادئ الأساسية المعترف بها في قوانين الجمهورية، دون الإشارة رسميًا إلى القانون الذي يستخدم كأساس لهذا التأكيد (القرار رقم: 7076 الصادر بتاريخ 2/12/1976)[29]، ويتعلق الأمر كما أكد ذلك جان لويس ديبري (Jean-Louis Debré) في وقت لاحق، بأنه "تأكيد دستوري". ثم ربط المجلس الدستوري حقوق الدفاع بـ"ضمان الحقوق" المعلن عنها في المادة 16 من إعلان حقوق الإنسان لعام 1789. ثم اعترف المجلس الدستوري، بعد ذلك، بالقيمة الخاصة لحقوق الدفاع، خاصة في مسائل الإجراءات الجنائية[30]. ليكرس مبدأ حق الدفاع كمبدأ أساسي، بعد أن كرسه مجلس الدولة سابقا كمبدأ عام من مبادئ القانون. وحسب المجلس الدستوري الفرنسي، فإنّ مبدأ احترام حقوق الدفاع يتطلّب وُجود إجراء عادل ومنصف يضمن التوازن بين حقوق الأطراف[31].

صفوة القول، إنّهٌ بِحُكمِ ما يُمثِّلهُ حقّ الدفاع من دعامةٍ أساسيّةٍ وضمانة هامة للمُحاكمة العادلة، فقد حَظِيَ باهتمامٍ كبيرٍ في المواثيق الدولية، ناهيكَ عن حِرصِ مُعظم دساتير الدول وتشريعاتها الوطنية على تأكيده في مضامينها. وقد نصّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على هذا الحق في المادة 11/1 منه، حيث ورد فيها التالي: "كل شخص متهم بجريمة يعدّ بريئًا، إلى أن تثبت إدانته بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات ّ الضرورية للدفاع عنه". أما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فقد نصّ في المادة 14/3 على جملة من الضمانات التي يجب أن يتمتع بها كل متهم بجريمة أثناء النظر في قضيته، وذلك على قدم المساواة التامة، كما نصت الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان وكذا المادة 8/2 من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان على هذا الحق.

الفرع الثاني: مظاهر حق الدفاع

يُولي قَانُون الخدمة المَدَنيَّة، تأثرًا بالقضاء، أَهَميَّة خاصة لِضمان حقّ الدفاع لأهميته في كافة الأنظمة الإجرائية، ويظلّ حق الدفاع بدون مضمون ما لم يقترن بحرية الدفاع؛ أي أن يتمتع المُوَظَّف باختيار الأسلوب الأنسب لدفاعه. فبدون حرية الدفاع لا يصبح لحق الدفاع أي معنى. وليكون الدفاع فعالًا يجب أن يتاح للمُوَظَّف المحال إلى التحقيق الإدلاء بآرائه بكل حرية، فله أن يختار بحرية ما يراه مناسبًا لدفع التهمة عنه وإثبات براءته.

وخوّل المشرع القطري للمُوَظَّف الاختيار بين الدفاع عن نفسه أو أن يوكل من يدافع عنه، ذلك أنّه يتوجّبُ أن: "تكون جلسات الهيئة التَّأدِيبيَّة سرية. وتصدر الهيئة قرارها بعد سماع دفاع المُوَظَّف، ويكون المُوَظَّف آخر من يتكلم. ويحضر المُوَظَّف بشخصه أمام الهيئة التَّأدِيبيَّة.

وله أن يطلب استدعاء الشهود لسماع أقوالهم، وأن يقدم دفاعه كتابة أو أن يستعين بمن يشاء للحضور نيابة عنه وتقديم دفاعه. وللهيئة دائمًا الحق في طلب حضور المُوَظَّف نفسه"[32].

إنّ ما يُستفادُ من نصّ المادة السابق ذِكرها، أنّ المشرع القطري خوّل المُوَظَّف المُحال إلى التحقيق مجموعة من الضمانات التي من شأنها أن تعزّز حرية الدفاع تطبيقًا لمبدأ حقّ الدفاع، من قبيل الاستماع إلى أقواله واستدعاء الشهود لسماع أقوالهم، هذا بالإضافة إلى ضرورةِ تقدِيم دفوعه؛ إمّا كتابةً أو مُشافهةً، ناهيك عن إمكانيةِ استعانتهِ بمن يشاء لينوبه ويقدم دفاعه بدلًا عنه، وللهيئة التَّأدِيبية الحقّ في طلب حضور المُوَظَّف نفسه.

ولم ينص المشرع القطري صراحة على أن يكون من ينوب عن المُوَظَّف محاميًا إن قرّر ذلك في حين نصّ المشرع الأردني على ذلك صراحة حسب مُقتضيات المادة 150/أ "...للمُوَظَّف المحال إلى المجلس التَّأدِيبي أن يوكل محاميًا لتمثيله في الدعوى والدفاع عنه، على أن يحضر جلسات المحاكمات التَّأدِيبية معه".

ونعتقد أن الأصل؛ هو الإباحة، وبالتالي لا مانع في اعتقادنا في دعاوى التَّأدِيب في الوَظِيفَة العَامَّة بقطر من استعانة المُوَظَّف بمُحام لينوب عنه في الدفاع، أو يوكل مُوَظَّفًا أعلى منه درجة للقيام بذلك.

إنّ ما نخلصُ إليه في هذا السياق الناظِمِ، تأكيدُ كلّ من المشرع والاجتهاد القضائي القطريين على ضرورة أن يكون توقيع الجزاء التأديبي على الخطأ الإداري مسبوقًا بإجراءِ تحقيقٍ شاملٍ ومُتكاملٍ لكلّ عناصِرِ الاتهام، حتى يرتقيَ إلى درجة الموضوعية، ولا يشوبه النقص أو القصور، وذلك من خِلال حسن التثبّت في جميع الأدلة والبراهين وتمحيصِها. إنّ تحقّق هذا الأمر، مُنطلقه الرئيس توفير مُختلف الضمانات الأساسية لفائدة المُوظّف المُحال إلى التحقيق، وذلك من خِلال ضرورة اطّلاعه على المُخالفة التأديبية المُوجّهة إليه، ومُقارعتِهِ بشواهدها وشهودها إن وُجدوا والاستماع إلى أقواله، وتمكينهِ من حقِّ عرضِ وتقديمِ دِفاعه وما يستندُ إليه من شُهود نفي. وعليه، يُمكن القول عن صوابٍ، إنّ الحرص على توفير حقِّ الدفاع وحُسنِ ضَمانهِ لفائدة الموظف المُتّهم، يُعدّ ضمانةً أساسيةً ودعامة لازمة لصونِ حقوقِ الأفرادِ وحمايتها من أيّ ضربٍ من ضروب الانتهاكِ أو التعسّف، ناهيك عن أن التغاضي عنها يُعدّ أحد المداخل التي تُقوّض أسس التحقيق ومُقوّماته الرئيسية، هذا إلى جانب النأيِ بهِ عن أغراضِهِ وأهدافهِ، وجعله مشوبًا بالنقصِ غير مُتّصفٍ بالكمال؛ الأمر الذي يصِمه بالبطلان، ويُساهم في الإخلال بمبادئ المُحاكمة العادلة وضماناتها. ولعلّنا لا نُجانبُ الصواب، إنْ قُلنا إنّ هذه الضمانات التي أقرّها كُلّ من المُشرّع والاجتهاد القضائي القطريين لفائدة الموظف المُحال إلى التحقيق في مُختلف أطوارها، تأتي اعترافًا وتقديرًا منه لما قد يترتب على الجزاءات التي توقع على الموظفين من آثار حاضرة ومستقبلية على حياتهم الوظيفية.

المطلب الرابع: حياد السلطة التَّأدِيبية

يجب أن تتّصف الهيئات التَّأدِيبية بالحياد والنزاهة والموضوعية، ومن مسلمات الحيادية ألا تكون الإِدَارَة القاضي والخصم في آن واحد. إنّ من حقِّ الخُصوم في الدعوى التأديبية تقديم أوجه دفاعهم بحرية، وأنْ يتمتّع المُوَظَّف المحال إلى التحقيق بحق الرد، فبدون ذلك تُفرغ المحاكمة التَّأدِيبية من أي مضمون ومحتوى وتصبح بدون معنى، ويحب أن تتسم الهيئة التَّأدِيبية بالحيادية في الاتهام والحكم.

إنّ ضمان الحيادية يمنح المُوَظَّف حق الاعتراض على إشراك أحد الأشخاص في الهيئة التَّأدِيبية للإسهام في محاكمته لأسباب تتعلق بالحيادية، وكفالة حق التنحي لأحد أعضاء الهيئة التَّأدِيبية بسبب الحرج الذي يحس به، كعلاقة القرابة، التي من شأنها التأثير على مجريات الدعوى التَّأدِيبية. أو أن أحد أعضاء المجلس التأديبي ضحية أو شاهد على المخالفة التأديبية، لذلك قضى المجلس الأعلى بالمغرب (الغرفة الإدارية) في قراره بعدد 215 بتاريخ 10/4/2003، بتأييد الحكم المستأنف الذي يلغي القرار التأديبي، مُعَللًا قراره بأن اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء لا يمكن الاطمئنان إلى حيادها، إذا كانت مشكلة من عضو في نفس الوقت ضحية المخالفة التأديبية المتابع من أجلها الموظف بالإضافة إلى أن عضوا ثانيا كان أحد الشهود[33].

وعند البحث في النصوص القَانُونية المتعلقة بالتَّأدِيب لا نجد مُقتضيات في التشريع القطري تكفل هذا الحق قَانُونًا، في حين نجد المشرع الأردني كفل هذا الحق صراحة في المادة 140/أ/2 من قَانُون الخدمة المَدَنية الأردني، التي نصت على أن "توفر الضمانات التالية قبل إيقاع أي جزاء عليه: التجرد من قبل الرؤساء وأعضاء لجنة التحقيق والمجلس التَّأدِيبي المشكل أي منهما بمقتضى أحكام هذا النظام باعتبارات شخصية أو التنحي في الحالات التي توجد فيها صلة قرابة من شأنها التأثير على مجريات التحقيق وإيقاع الجزاء ، كما لا يجوز لأي شخص اشترك في مرحلة التحقيق أو الاتهام أو الشهادة الاشتراك في النظر في إيقاع جزاء أو الحكم فيها"[34].

كما كفل المشرع الأردني في نظام الخدمة المَدَنية للمُوَظَّف المتهم حق رد الرئيس وعضو المجلس التَّأدِيبي من خلال تطبيق أحكام رد القضاة المنصوص عليها في قَانُون أصول المحاكمات المَدَنية على أعضاء المجلس التَّأدِيبي[35]، وتطبيق نقس القَانُون بخصوص تنحى أحد أعضاء الهيئة التَّأدِيبية، التي يسري عليها ما يسري على هيئة القضاة[36].

ويعدّ من مظاهر الحيادية التعامل مع جميع المُوَظَّفين على قدم المساواة في التَّأدِيب، فلا يجوز التمييز بين مُوَظَّف وآخر بسبب نفس المخالفة، فيُوقع الجزاء على أحدهما ويُعفى الآخر. ومن مظاهرها كذلك التزام الموضوعية والنزاهة من طرف الهيئة التَّأدِيبية، فلا يجوز الجمع بين سلطتي الاتهام والحكم، أو أن تكون هناك اعتبارات شخصية أو موضوعية أو وَظِيفية تحول دون الحيادية.

وبالرغم من سكوت قَانُون إِدَارَة المَوَارِد البَشَريَّة المَدَنية القطري عن الحيادية، ولو نص عليها المشرع القطري لكان أحسن، فإنها في اعتقادنا من المبادئ العَامَّة المستقرة فقها وقضاء، بحيث يجب تطبيقها في حالة سكوت النص القَانُوني.

المبحث الثاني: ضمانات التَّأدِيب المتزامنة مع جزاء التَّأدِيب

تكمن الضمانات التأديبية في النصّ على الجزاء في التشريع (المطلب الأول)، وعدم ازدواج الجزاء التأديبي (المطلب الثاني)، وتسبيب القرار التأديبي (المطلب الثالث)، والتناسب بين الخطأ الإداري والجزاء (المطلب الرابع).

المطلب الأول: النص على الجزاء في التشريع

نصّ الدستور الدائم لدولة قطر لسنة 2004 في المادة 40 على أنه: "لا جريمة ولا عقوبة إلا بقَانُون. ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل به والعقوبة شخصية. ولا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثرٌ فيما وقع قبلها...". وعلاوة على ما تقدّم، فإنّ الأمر المُتعارف عليه، أنّ مُقتضيات الركن الشرعي في نطاق قانون العقوبات؛ يتمثل أساسًا في تطبيق قاعدة لا جريمة ولا عقوبة بدونِ نصٍّ قانوني. ولكن ما يُلاحظ صراحةً، أنّ هذا المبدأ رغم إقراره لحماية حريات الأفراد وحقوقهم، فإنّ الرأي الراجح في الفقه والقضاء الإداريين ذهب إلى عدم تطبيقه في الجريمة التأديبية، حيث لا يشترط خُضوع المخالفات الصادرة عن الموظف لنص مسبّق يقضي بذلك. وتأسيسًا على القول السابق، فإنّ مناط تأثيم الفعل الصادر عن الموظف مُسيّجٌ بنطاقِ الحقوق والواجبات التي أقرّها قانون الوظيفة العمومية بِقطعِ النّظر عن الكيفية أو الطريقة التي وردت بها؛ سواءٌ نُصَّ عليها صراحة، أم كانت بناءً على تقدير السلطة الإدارية المختصة، ومن ثمّ تكييف الواقعة لتكون من المخالفات المستحقة للجزاء؛ وهو ما يعني بداهة أنّ مرجعها يعودُ أساسًا إلى تقدير السلطة التأديبية المُختصة.

وهو ما نصّت عليه المادة 89من القَانُون رقم (15) لسنة 2016 بإصدار قَانُون المَوَارِد البَشَريَّة المَدَنيَّة. بحيث تلتزم السلطة التَّأدِيبيَّة باختيار الجزاء المناسب للمخالفة المرتكبة من طرف المُوَظَّف. فمعنى شرعية الجزاء في القانون الإداري يرتبط بمبدأ لا عقوبة إلا بنص، وهو يعني أنه لا يجوز توقيع جزاء من طرف الهيئة التَّأدِيبيَّة إلا وفقا للجزاءات المنصوص عيلها في القَانُون. غير أن المشرع لم يقيد السلطة التَّأدِيبيَّة بجزاء معين لمخالفة معينة، بل ترك لها السلطة التقديرية لتقدير الجزاء المناسب للمخالفة من بين الجزاءات التي نُصّ عليها صُلبَ القانون.

فلا يجوز توقيع جزاء من طرف الهيئة التَّأدِيبيَّة أخفّ من الجزاء المُقرّر حتى لو كان برضا المُوَظَّف؛ لأن هذا الرضا لا ينفي بطلان الجزاء؛ لأن مركز المُوَظَّف والجزاءات التَّأدِيبية التي يجوز توقيعها عليه من الأمور التي يحدّدها القَانُون ولا يجوز الاتفاق على مخالفتها[37].

وإنْ كان المشرع القطري قد حدد الجزاءات على سبيل الحصر على غرار باقي التشريعات الوَظِيفية فإنه لم يُحدّد المخالفات، ذلك أنّ كُلّ مُوظف يقومُ بمُخالفة الواجبات المنوطة بعُهدتِهِ، أو يقوم بانتهاك المحظورات المنصوص عليها في هذا القَانُون، أو يخرج عن مقتضى الواجب في أعمال وظيفته؛ يُجازى تأديبيًّا، وذلك مع عدم الإخلال بمسؤوليته المَدَنيَّة أو الجنائية عند الاقتضاء، طِبْقًا للمادة 82 من قانون الموارد البشرية المدنية القطري.

إنّ الواجبات والمحظورات المنصوص عليها في قَانُون المَوَارِد البَشَرية المَدَنية القطري، في اعتقادنا، ليست على سبيل الحصر بل على سبيل الإرشاد؛ لأن المشرع فتح إمكانية إدراج محظورات أخرى أو واجبات أخرى عندما أضاف أن الخروج عن مقتضى الواجب في أعمال وظيفته، يُعرض المُوَظَّف إلى الجزاء التَّأدِيبي بالإضافة إلى مخالفة الواجبات وارتكاب المحظورات المنصوص عليها في القَانُون.

المطلب الثاني: عدم ازدواج الجزاء التَّأدِيبي

يتحقّق ازدواج الجزاء التأديبي إذا كان كلّ من الجزاء التأديبي الأول، والجزاء التأديبي الثاني قائمين على نفس الوقائع، وكانت هي نفسها سببًا ليقع الجزاءان الأول والثاني؛ ويعني هذا المبدأ عدم جواز توقيع أكثر من جزاء واحد على المُوَظَّف بسبب نفس الخطأ وخلال نفس الفترة الزمنية. فلا يجوز توقيع جزاءين أصليين نهائيين تابعين لنظام قَانُوني واحد على نفس الخطأ بالنسبة للشخص ذاته وخلال نفس الفترة الزمنية المرتكب فيها الخطأ.

ولم تُغفل مُعظم التشريعات الوَظِيفية التنصيص على مبدأ عدم ازدواج الجزاء التأديبي احترامًا لمبادئ العدالة والإنصاف، فلا يجوز توقيع جزاءين على فعل واحد. وقد نصت على عدم جواز ازدواج الجزاء التأديبي الفقرة الأخيرة من المادة 89 من قانون الموارد البشرية المدنية القطري، حين نصّت على أنّه: "... ولا يجوز توقيع أكثر من جزاء عن المخالفة الواحدة". وفي ذاتِ السياق، ذهب كُلٌّ من المشرع الأردني في المادة 140/أ/3 من قَانُون الخدمة المَدَنية الأردني والكويتي والإماراتي والسعودي.

وقد استقرت أحكام القضاء في الكويت على مبدأ عدم ازدواجية الجزاء التأديبي، في نطاق المُساءلة التأديبية؛ حيث قرّرت المحكمة الإدارية الكويتية: "أن من المبادئ المقررة في قضاء هذه المحكمة أنه بصدور القرار التأديبي تكون السلطة التأديبية الرئاسية قد استنفذت سلطتها التقديرية في تقدير الذنب الإداري، والجزاء الملائم له، ولا يسوغ للسلطة التأديبية توقيع الجزاء التأديبي عن ذات المخالفة التأديبية لذات الفعل الذي جوزي عليه، حيث ترتبط ولاية التأديب وجودا وعدما بالغاية المستهدفة منه، وهي مجازاة العامل (الموظف العام)عما يثبت إسناده قبل من جرائم تأديبية تحقيقا للانضباط الإداري، ومن ثم فإن تكرار مجازاة العامل (الموظف العام) على ذات الفعل التأديبي فضلا عن انعدام سنده القانوني يعد مخالفا للنظام العام الجزائي لإهدار سيادة القانون"[38].

المطلب الثالث: تسبيب القرار التَّأدِيبي

سنُقارب في هذا المطلب تطوّر تسبيب القرار التأديبي (الفرع الأول)، ثمّ تسبيب القرار التأديبي في قطر (الفرع الثاني).

الفرع الأول: تطور تسبيب القرار الإِدَارِي

يُقصد بالتسبيب، الإفصاح عن العناصر القَانُونيَّة والواقعية التي استندت إليها الإِدَارَة في إصدار القرار؛ سواءٌ أكان هذا الإفصاح واجبًا قَانُونيا أو بناء على إلزام قضائي أو جاء تلقائيا من الإِدَارَة، ولذلك فهو يصبح شكلًا أساسيا وشرطًا من شروط صحته. وتترتب على إغفال التسبيب أو عدم سلامته؛ قابلية القرار للإبطال، ولو ثبت للقرار سبب صحيح فوجود السبب الصحيح شرط من شروط صحته، ويجب أن تكون الأسباب المذكورة واضحة بدرجه تمكن من فهمها ورقابتها، فلا يجوز للإِدَارَة في تسبيب القرار أن تذكر أسبابا غير واضحة[39].

فإلزام الإِدَارَة بتسبيب قراراتها كفيل بالوقوف حاجزًا دون التصرفات التحكمية لرجل الإِدَارَة، إذ يغدو التسبيب شرطًا لصحة القرار الإِدَارِي، ويكفل للفرد اطلاعًا وافيًا على أسباب القرار، ويبيّن له مركزه القَانُوني، ويسهل عليه اتخاذ الموقف المناسب[40].

وإلزام الإِدَارَة بالتسبيب يقيّد سلطتها، فالسلطة المقيدة تحمي حقوق الأفراد وحرياتهم؛ لأنها تحدد الدائرة التي تتصرف فيها الإِدَارَة[41]، والتسبيب الواضح والمنطقي يُحيط الفرد بأسباب القرار مجّانًا دون اللجوء المكلف والمجهد للقضاء ويسهّل عليه الإثبات وبناء ادّعاءاته وترتبيها عند الطعن قضائيا[42].

إنّ عدم تسبيب القرار يُصعّب مهمّة القاضي في رقابة الأسباب، ويجعله في إطار دوره في توجيه الإجراءات يطلب من الإِدَارَة الإفصاح عنها وقد أقر القاضي الإِدَارِي الفرنسي لنفسه بهذه السلطة بمناسبة حكمه الشهير في قضية"Barel"حيث قدّم مفوض الحكومة (LETOURNEUR) في تقريره حول القضية أساسًا منطقيا وقَانُونيا لهذه السلطة بقوله: "... ويترتب على هذه الرقابة أن يكون للمجلس الحق في أن يطالب الإِدَارَة بالإفصاح عن سبب قرارها وتقديم جميع المستندات التي يرى لزومها للوصول إلى تكوين قناعته، وإلا فإنّ الرقابة التي يمارسها ستكون رقابة نظرية مجردة من كل قيمة عَمَلية"[43].

لقد استقرّ قضاء مجلس الدَّولَة بعدها على إلزام الإِدَارَة بالإفصاح عن أسباب قراراتها شرط إثبات الطاعن جدّية ادّعاءاته، على أنّه بدأ بالتخلّي عن هذا الشرط في قضية"Grange"[44]، وبعدها في قضية"Rioux"[45]، و"Vicat Blanc "[46] حتى لا تكتسب الإِدَارَة بامتناعها عن الإفصاح عن الأسباب ميزة غير عادية نتيجة لموقفها السلبي، وحتى في الحالات المبررة بواجب المحافظة على السرية، فإن القاضي لا يكتفي بادعاءات الإِدَارَة ما لم تقدم شروحًا إضافية وإلا عُدت سيئة النية[47].

لكنّ التحوّل العميق في قضاء مجلس الدَّولَة الفرنسي في هذا المجال، كان بمناسبة قراره في قضية "Maiso Genestal" التي طلب فيها من الإِدَارَة تقديم الأسباب الواقعية والقَانُونية لقرارها، ولم يكتف بأسباب مبهمة وشديدة العُمُومية كما لم يطلب من المدعي تقديم قرائن جدّية تمثل بدايات إثبات[48].

وأمام تمسّك الإِدَارَة بالمبدأ التقليدي "لا تسبيب إلا بنص" وإحجام القضاء الإِدَارِي عن تقرير مبدأ وجوب التسبيب، تدخّل المشرع لإقراره بدعم من انتقادات الفقه الرافضة لطغيان مبدأ السرية واقتناع السلطة التَّنفيذِيَّة[49]. ولإرساء سياسة الوضوح الإِدَارِي صدرت سلسلة من التشريعات بدءًا بقَانُون وسيط الجمهورية والنصوص المتعلقة بتبسيط الإجراءات الإِدَارِيَّة كقَانُون المعالجة الآلية للبيانات الشخصية للأفراد[50]. ثم القَانُون 753/78 المتعلق بالاطلاع على الوثائق الإِدَارِية وتُوّجت هذه السلسلة بالقَانُون 587/79 بتاريخ 11/7/1979 المتعلق بالتسبيب الوجوبي للقرارات الإِدَارِية الذي عدّه الفقه ثورة فكرية واجتماعية في فرنسا، وإصلاحًا يدعم حقوق الإنسان، بالرغم من أنّه لم يفرض تسبيب كافة القرارات الإِدَارِية، إلا أنّه وسّع من دائرة القرارات الإدارية الفردية الواجب تسبيبها بما يحقق التوازن بين السير الحسن للإِدَارَة وضمان حقوق الأفراد، فجاء في المادة الأولى منه: "للأشخاص الطبيعية والمعنوية الحق في الاطلاع ومعرفة دون تأجيل أسباب القرارات الإِدَارِية الفردية الصادرة في غير صالحهم "ووضعت قائمة بالقرارات التي يجب تسبيبها، وأوجبت المادة الثانية تسبيب كل القرارات الإِدَارِية الفردية المخالفة للقواعد العَامَّة المحددة بالقَانُون أو التنظيم واستثنت المادة الرابعة حالة الاستعجال المطلق والقرارات الضمنية والقرارات السرية. وبموجب القَانُون 76/86 الصادر بتاريخ 17/1/1986 المتمم للقَانُون 587/79 وسع المشرع نطاق التسبيب الوجوبي ثم صدر القَانُون 525/2011 بتاريخ 11/5/2011 المتعلق بتبسيط وتحسين نوعية القَانُون، ووسعت المادة 14/1 من هذا المبدأ ليشمل أيضًا قرارات رفض التظلمات الإِدَارِية متى كانت هذه ا التظلمات لازمة للدعوى الإدارية، وهكذا تراجع مبدأ عدم وجوب التسبيب بسبب الاستثناءات الواردة عليه إلى الحد الذي أصبح يبدو فيه استثناء وأصبح التسبيب من ملامح القَانُون العام[51].

الفرع الثاني: تسبيب القرار التَّأدِيبي في التشريع القطري

نصّت المادة 99 من القَانُون رقم (15) لسنة 2016 بإصدار قَانُون المَوَارِد البَشَرية المَدَنية، على أن: "تكون قرارات الهيئة التَّأدِيبيَّة مسببة وموقعة من الرئيس والأعضاء.

ويجب أن يخطر المُوَظَّف بصورة من القرار خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام من تاريخ صدوره، ويكون تسليم الإخطار إلى المُوَظَّف شخصيا بمقر عمله، وإذا تعذر تسليمه الإخطار يُخطر بكتاب مسجل على عنوانه الثابت بملف خدمته أو بإحدى الوسائل الإلكترونية الحديثة".

فالمشرع القطري ألزم الهيئة التَّأدِيبية بضرورة الإعراب عن الأسباب القَانُونية والواقعية التي أدّت إلى اتخاذ القرار التَّأدِيبي، ويكون ذلك ببيانِ سبب توقيع الجزاء، والمخالفة التي ارتكبها المُوَظَّف، والتي ترتب عنها القرار التَّأدِيبي. وعليه، فإنّ الغاية من التسبيب، هي إرساء الوضوح على القرار التَّأدِيبي، وبيان الأسباب القَانُونية والواقعية التي ارتكزت عليها الإدارة، وتمكين المحكمة من الاطلاع على وقائع الخصومة والبيانات التي استند عليها ومستنداتها ودُفوعاتها لإدانة المُوَظَّف المتهم واتخاذ القرار التَّأدِيبي. فالخطأ المهني يُشكِّلُ ركن السبب في قرار العقوبة التأديبية، لذلك يتوجّب إثبات ماديته من طرف الإدارة، كما يتوجّب أن تكون الأفعال المكونة له قابلة للتكييف على أنها أخطاء مهنية، وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض المغربية (الغرفة الإدارية) في قرارها عدد 194 بتاريخ 13/1/2020، حيث قضت بتأييد حكم محكمة الاستئناف بإلغاء قرار عزل الموظف، لأنه أستند على سبب غير صحيح من حيث وجوده المادي[52].

ومن الضوابط التي أرساها الفقه لتسبيب القرار التَّأدِيبي، أن يكون التسبيب مباشرًا وواضحًا وواردًا في صُلب القرار، وأن تكون الأسباب مُتناسقة ومُنسجمة مع البيانات والأدلة التي انطلقت منها الهيئات التَّأدِيبية؛ بمعنى أن يكون الجزاء الذي أوقعته الهيئة التَّأدِيبية على المُوَظَّف المتهم منسجمًا مع المنطلقات التي انطلقت منها الهيئة التَّأدِيبية في كل مراحل التحقيق كما بينه القَانُون واللائِحَة التَّنفيذِية، أما إنْ كان القرار التَّأدِيبي لا ينسجم مع هذه المنطلقات وغير مؤسس عليها، فهذا ما يعرضه للإلغاء بسبب التجاوز في استعمال السلطة.

ويُعدُّ التسبيب من الضمانات التي تكفل عدالة الجزاء الموقع على المُوَظَّف المتهم، وتسمح للإِدَارَة عن طريق التظلم، وللقضاء ببسط رقابتهما على مدى التناسب بين الجزاء والخطأ المهني المرتكب من طرف المُوَظَّف.

المطلب الرابع: التناسب بين الجزاء والخطأ الإِدَارِي

إنّ العمل بمبدأ شرعية العقوبات في مجال التَّأدِيب، يعني أساسًا ضرورة احترام السلطة المختصة بالتَّأدِيب الإجراءات التَّأدِيبية. وأن تُوقع الجزاء التأديبي المناسب للخطأ الإِدَارِي المرتكب من طرف المُوَظَّف المتهم.

وما يُلاحظُ، أنّ المُشرّع القطري ضبط الجزاءات التأديبية على سبيل الحصر، ولم يُكلِّف نفسه تحديد الرابطة بين الأخطاء الإِدَارِية والجزاءات التي تناسبها، ذلك أنّه ترك هذا الأمر لاختصاص السلطة الإدارية المُختصة بالتَّأدِيب. في حين يرجع للسلطة الرئاسية والسلطة القضائية تقدير مدى مُلاءمة الجزاء مع الخطأ الإِدَارِي المرتكب من طرف المُوَظَّف. والمُسلّم به، أنّ الهيئة التَّأدِيبية تُمارس اختصاصًا تقديريًّا عند اختيار الجزاء المناسب، والعيب المُلازم للسلطة التقديرية هو سُوء استعمال هذه السلطة، ذلك أنّ استحضار فعل الرقابة على مُمارسة الاختصاص التقديري لا يكون إلا في حال ثُبوتِ هذا العيبِ.

وتأسيسًا على ما سبق، يُمكن القول عن وجاهةٍ إنّ عدم التناسب بين الخطأ الإِدَارِي والجزاء التأديبي في اعتقادنا هو بمثابة عملية رقابة على عنصر السبب، وهي رقابة تستوجبُ ضرورةً التحقّقَ من أَهَمية الحالة الواقعية وخُطورتِها، ورصدِ مدى التناسب بينها وبين الإجراءات المتخذة في حق المُوَظَّف المتهم، وقد أبدع القضاء الإِدَارِي نظرية عدم الغلو في توقيع الجزاء التَّأدِيبي.

إنّ مبدأ التناسب بين الخطأ والجزاء التأديبي، يقتضِي لزامًا إقرار المُوازنة بين مبدأي الفاعلية والضمان في الجزاءات التَّأدِيبية، فإنْ كان الحقّ الثابت للإدارة استخدام آليّة العقاب التي أقرّها المشرع لضمان حسن سير الإِدَارَة، فإن واجبها يقتضي ألا تتجاوز في استعمال السلطة بتوقيع جزاء لا يناسب الخطأ المرتكب، وتعاقب بأشدّ ممّا ارتكبه المُوَظَّف المدان.

رفض مجلس الدولة الفرنسي في قضائه التقليدي سنة 1935[53]مدّ نطاق رقابته على القرارات التأديبية، إلى بحث التناسب مع الخطأ المرتكب في مجال الوظيفة العامة، أو بعبارةٍ أخرى أن تمتدّ إلى الملاءمة في هذه القرارات، على اعتبار أنّ اختيار الجزاء التأديبي هو من إطلاقات السلطة التأديبية التي لا يجوز التعقيب عليها. إلا أنّ الفقه الفرنسي لم يقتنع بأن تصل حرية تقدير الإدارة إلى حدّ التفاوت الواضح أو الصارخ في توقيع الجزاءات التأديبية، مما يُقلّل إلى حدٍّ كبيرٍ من قيمة الضمانات التأديبية، وغاياتها التي كفلها المشرع والقضاء في هذا الصدد. وارتأى مجلس الدولة الفرنسي سنة1978، أنه قد آن الأوان لتقييد السلطة التقديرية للإدارة في أهم معاقلها، وهو مجال التأديب ليبسط رقابته على مدى التناسب بين الجزاء التأديبي ودرجة جسامة أو خطورة الأخطاء التي يرتكبها الموظف العام. وذلك في حكمه الشهير في قضية "ليبون" بتاريخ 9/6/1978[54]، ولقد راقب مجلس الدولة الفرنسي تناسب الجزاءات التأديبية مع الوقائع المُسببة لها من خلال الالتجاء إلى فكرة الخطأ الظاهر.

 لقد تعرّض الاجتهاد القضائي التقليدي لمجلس الدولة الرافض لأيّ رقابة على الجزاء التأديبي للنقد، فكان هذا الحلّ موضع تساؤل على نحو مُتزايد، لعدة أسباب:

-      أولًا وقبل كل شيء، أُدرجت المادة 6 الفقرة 1 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان المتعلقة بالمحاكمة العادلة تدريجيًا في قانون الوظيفة العامة، وفي العديد من أحكام المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، من بينها حكمها في  8/12/1999 في قضية Pellegrin ضد فرنسا[55]، و بتاريخ 19/4/2007 في قضية Eskelinen ضد فلندا[56]، الأمر الذي أثار مسألة الامتثال لهذه الأحكام من السوابق القضائية التي يقيد القاضي نفسه بموجبها، نفسه لممارسة سلطاته.

-      ثانيا يترتب على الاجتهاد القضائي للمجلس الدستوري أن المادة 8 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن، التي تنص على أن «القانون يجب أن يحدد فقط العقوبات الصارمة والواضحة بالتأكيد»، لا تتعلق فقط «بالعقوبات التي تفرضها المحاكم الزجرية بل يمتد ليشمل أي عقوبة لها طابع العقوبة حتى لو تركها المشرع لسلطة ذات طابع غير قضائي»[57].ومن باب أولى أن يؤدي هذا الحل أيضًا إلى مراقبة أوسع للجزاءات التأديبية ضد الموظفين العموميين. وقد حدث هذا التطور بالفعل فيما يتعلق بأنواع أخرى من الجزاءات، لا سيما تلك المفروضة على التلاميذ في التعليم العمومي[58]، وعلى الذين يمارسون مهنا منظمة[59]، وعلى الرياضيين[60].

عرف الاجتهاد القضائي لمجلس الدولة الفرنسي تطورا هاما في الرقابة على التناسب بين الخطأ الإداري والجزاء التأديبي، واقتصرت رقابة القاضي الإداري، خلال فترة طويلة، على التناسب بين خطورة الوقائع ودرجة الجزاء على رقابة الخطأ البين في التقدير أو عدم التناسب الواضح[61]. ويتعلق الأمر من الآن فصاعدا برقابة عادية للقاضي في دعوى الإلغاء بسبب التجاوز في استعمال السلطة، ببحث عدم ارتكاب السلطة الإدارية لخطأ في التقدير في اختيار الجزاء. وفي مرحلة النقض، يعدّ مجلس الدولة أن فحص الطبيعة المناسبة للجزاء فيما يتعلق بخطورة الأخطاء المرتكبة، يندرج ضمن تقييم قضاة الموضوع، لكن من المحتمل أن يوضع هذا التقييم موضع تساؤل في الحالات التي يكون فيها الحل الذي تبنوه فيما يتعلق باختيار الإدارة للجزاء غير متناسب مع الأخطاء المرتكبة [62]. وقد أصدر مجلس الدولة الفرنسي العديد من الأحكام الحديثة التي تؤكد ثبات التوجه المتعلق برقابة القاضي الإداري لمبدأ التناسب بين الخطأ والجزاء[63]. ويجوز إصدار جزاء جديد، في حالة إلغاء الجزاء بسبب خطأ في التقدير من جانب الإدارة، مع مراعاة قواعد التقادم، ودون الحاجة إلى تكرار الإجراء ككلّ، ولا سيما إبلاغ الملف أو الإحالة إلى المجلس التأديبي[64]. وفي المقابل، عندما يُسحب الجزاء من الإدارة، وكانت هذه الأخيرة ترغب في استصدار جزاء جديد، وجب عليها أن تلجأ إلى لمجلس التأديبي، في حالة ما إذا كانت هذه الإحالة مطلوبة قانونا لاستصدار الجزاء الجديد [65].

وقد توجهت محكمة التمييز القطرية في حكمها الصادر بتاريخ 17/3/2015 عكس ذلك، حيث ارتأت أن رقابة القضاء لا تتجاوز مبدأ المشروعية إلى رقابة الملاءمة أو التناسب في اتخاذ القرارات الإدارية "... وغني عن القول إن نشاط القضاء في نطاق رقابته القانونية على القرارات الإدارية ينبغي أن يقف عند حد المشروعية فلا يجاوزها إلى وزن المناسبات والاعتبارات التي دعت الإدارة إلى إصدار قرارها، والتي تدخل في نطاق سلطة جهة الإدارة في الملاءمة؛ بمعنى أن السلطة التقديرية للإدارة لا تخضع عناصر التقدير فيها لرقابة القضاء وإلا انقلبت رقابة القضاء إلى مشاركة للإدارة في سلطتها التقديرية وإذا كانت للإدارة سلطة اتخاذ القرارات بما يلائم إصدارها إلا أنها وهي في سبيل ذلك يتوجب عليها أن تلتزم القانون، وأن يكون ما تتخذه من قرارات قائمًا على أسباب سائغة غير مشوبة بعيب إساءة استعمال السلطة التي تبرر إلغاء القرار الإداري"[66]. ويرى الباحث أنّ تطوّر الاجتهاد القضائي الإداري المقارن، يفرض أن تساير محكمة التمييز القطرية هذه الدينامية القضائية الجديدة، وأن تتجاوز رقابة المشروعية إلى رقابة الملاءمة والتناسب بين الجزاء الإداري والخطأ الإداري.

ويمكن أن نخلص بعد استعراض مختلف الآراء الفقهية بخصوص امتداد رقابة القاضي الإِدَارِي للتناسب والملاءمة بين الخطأ المرتكب من طرف المُوَظَّف والجزاء إلى أنّ هذه الرقابة أصبحت مكرسة لدى غالبية الفقه، وأقرها القضاء الإِدَارِي تدريجيا، غير أنه يمكن أن نرصد مستوى أكثر تقدمًا من النقاش أثارته المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان؛ وهو امتداد هذه الرقابة إلى القضاء الشامل، بحيث يمكن للقاضي ألا يقتصر على إلغاء الجزاء غير المتناسب مع الخطأ الإِدَارِي، بل يمتدّ إلى إعادة صياغة القرار التَّأدِيبي[67]. ولعلّ الاجتهادات القضائية لدول الاتحاد الأوربي أو المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان ستجيب عليها لاحقًا.

المبحث الثالث: ضمانات التَّأدِيب اللاحقة على جزاء التَّأدِيب

تكمن ضمانات التأديب اللاحقة على جزاء التأديب في التظلم الإداري (المطلب الأول) والطعن القضائي (المطلب الثاني).

المطلب الأول: التظلم الإِدَارِي

يُعدّ التظلّم إحدى الضمانات الحقيقيةِ التي كفلها المشرع لفائدة المُوَظَّف، حتى يتخلّص من الجزاء الذي وقع عليه من قبل السلطة التَّأدِيبية، وهذا التظلّم يكون في شكل التماس يتقدّم به المُوَظَّف إلى الرئيس الإِدَارِي للسلطة التي أصدرت القرار، يطلب فيه إلغاء هذا القرار أو سحبه أو تعديله؛ ممّا يجعله أكثر اتساقًا مع القَانُون.

وبعبارة أخرى، يمثل التظلم من الجزاء التَّأدِيبي ضمانة إجرائية مُهمة نصّت عليها غالبية التشريعات المختلفة، عندما سمحت للمُوَظَّف بالطعن في القرار الإِدَارِي الصادر ضدّه أمام الإِدَارَة. ولم يشكل المشرع القطري استثناءً من هذه القاعدة، حيث سمح للمُوَظَّف بتقديم تظلمات إِدَارِيَّة وفقًا للحالتين التاليتين:

-      للمُوَظَّف أن يتظلّم من مدير الإِدَارَة الذي أصدر قرارًا تأديبيًّا في حق المُوَظَّف بتوقيع جزاءي الإنذار والخصم من الراتب مدة لا تتجاوز ثلاثة أيام على أحد شاغلي وَظَائِف الدرجات من الرابعة فما دونها أو ما يعادلها من الراتب، إلى الرئيس التنفيذي خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إخطاره به، ويبت الرئيس التنفيذي في التظلم في مدة لا تجاوز ستين يومًا من تاريخ تقديمه، ويعدّ مضي هذه المدة دون البت في التظلم رفضًا ضمنيًّا، وذلك طِبْقًا لمقتضيات المادة 84 من القَانُون رقم (15) لسنة 2016 بإصدار قَانُون المَوَارِد البَشَرية المَدَنية.

-      للمُوَظَّف أن يتظلّم من قرار اللجنة التَّأدِيبية إلى الرئيس خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إخطاره بهذا القرار، ويبت الرئيس في التظلم في مدة لا تجاوز ستين يومًا من تاريخ تقديمه، ويعدّ مضي هذه المدة دون البت في التظلم رفضًا ضمنيا له، وذلك طِبْقًا لمقتضيات المادة 91 من القَانُون رقم (15) لسنة 2016 بإصدار قَانُون المَوَارِد البَشَرية المَدَنية.

ويعدّ هذان النوعان من التظلم رئاسيين؛ أي أنّ المُوَظَّف يرفع تظلمًا إلى جهة أعلى من تلك التي أصدرت القرار التَّأدِيبي، ففي حالة الجزاء التَّأدِيبي الصادر عن مدير الإِدَارَة، للرئيس التنفيذي الذي يرفع له التظلم، إما حفظ التحقيق بالنسبة للحالة الأولى أو إحالته إلى الهيئة التَّأدِيبية أو توقيع أحد الجزاءات المنصوص عليها في المادة 85 من نفس القَانُون. وإن كان المشرع حدّد بدقة احتمالات مصير التظلم الإِدَارِي المرفوع إلى الرئيس التنفيذي، فإنّ القَانُون رقم (15) لسنة 2016 بإصدار قَانُون المَوَارِد البَشَرية المَدَنية، سكت بخصوص الصلاحيات المخولة للرئيس عند قبول التظلمات المرفوعة إليه، واقتصر على تحديد مدة جواب الرئيس التي لا ينبغي أن تتجاوز ستين يومًا. وفي اعتقادنا، أنّ المشرع تعمّد ذلك حتى يترك للرئيس تقدير ما يراه ملائمًا في التظلم المرفوع إليه بخصوص الجزاء الإِدَارِي الموقع ضد المُوَظَّف المتهم.

المطلب الثاني: الطعن القضائي

يُعدّ حقّ الطعن القضائي من أهمّ الضمانات التي يتمتّع بها المُوَظَّف في مواجهة سلطة التَّأدِيب؛ لأنّ السلطة القضائية بما تتمتع به من استقلالية ونزاهة وفقًا لمبدأ الفصل بين السلط هي الضامنة لحقوق وحريات الأفراد من أيّ تجاوز للإِدَارَة في استعمال سلطاتها.

 صدر القَانُون رقم (7) لسنة 2007 بشأن الفصل في المنازعات الإِدَارِية تطبيقًا للمادة 138 من الدستور القطري لسنة 2004 الذي نصّ على أن "يحدد القَانُون الجهة المختصة بالفصل في المنازعات الإِدَارِية ويبين نظامها وكيفية ممارستها لعملها".

فأنشأ هذا القَانُون ما يمكن أن نسميه بمرحلة القضاء المختص مع الحفاظ على وحدة التنظيم القضائي، ونصت المادة 2 منه على أن: "تنشأ بالمحكمة الابتدائية دائرة إِدَارِية أو أكثر، تشكل كل منها من ثلاثة قضاة، تختص دون غيرها، بنظر المنازعات الإِدَارِية المحددة بهذا القَانُون". ونصت المادة 8 من نفس القَانُون على أن "تنشأ بمحكمة الاستئناف دائرة تسمى (الدائرة الإِدَارِية الاستئنافية)، تشكل من ثلاثة من قضاة محكمة الاستئناف، تختص بالنظر فيما يلي:

1-  الطعون التي يقدمها ذوو الشأن على الأحكام الصادرة من الدائرة الإِدَارِية.

2-  الطعون الخاصة بالقرارات المتعلقة بانتخابات مجلس الشورى وانتخابات المجلس البلدي المركزي.

3-  طلبات الإلغاء والتعويض عن قرارات مجالس التَّأدِيب وقرارات الجهات الإِدَارِية ذات الاختصاص القضائي".

وطِبْقًا لمُقتضيات المادتين المشار إليهما أعلاه، شكّل القَانُون دائرة أو أكثر بالمحكمة الابتدائية، وأخرى بمحكمة الاستئناف. وأضحت هذه الدوائر دون غيرها من الدوائر المَدَنيَّة والتجارية لها ولاية الفصل في المنازعات الإِدَارِية. ونشير إلى أنّ هذا القَانُون لم يجعل الدوائر الإِدَارِية قاضي القَانُون العام في المنازعات الإِدَارِية والتَّأدِيبية، ذلك أنّه لم يبسط ولايتها على المنازعات الإِدَارِية والتَّأدِيبية بمُختلف أشكالها وتعدّد صورها، وإنما حدّد اختصاصها ببعض هذه المنازعات على سبيل الحصر، فقصر اختصاصها طِبْقًا لمُقتضيات الفقرة الثانية من المادة 3 من نفس القَانُون[68] "مع مراعاة حكم المادة (13)[69] من قَانُون السلطة القضائية المشار إليه، تختص الدائرة الإِدَارِية، دون غيرها، بنظر المنازعات الإِدَارِية التالية:..

4-  الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بإلغاء القرارات الإِدَارِية النهائية الصادرة بترقية المُوَظَّفين من الدرجة الأولى فما دونها وما يعادلها أو إنهاء خدمتهم، والقرارات التَّأدِيبية الصادرة بشأنهم".

أما بخصوص درجة وكيل وزارة، فقد نظمها القرار الأميري رقم (8) لسنة 1979 في شأن نظام وكلاء الوزارة، حيث نصت المادة 07 منه أنه "لا يجوز عزل وكيل الوزارة إلا بقرار من مجلس تأديبي خاص.، وتستثنى من ذلك حالة صدور قرار أميري بالعزل لأسباب تتعلق بالصالح العام. ويؤلف مجلس التأديب المشار إليه بقرار أميري برئاسة أحد الوزراء، وعضوية اثنين من قضاة محكمة الاستئناف، أو كبار رجال القانون في الدولة. ولا توقع عليه إلا عقوبتا اللوم والعزل. ولمجلس الوزراء، بناء على طلب الوزير المختص، أن يوجه إليه اللوم إذا وقع منه ما يبرر ذلك. ويكون قرار اللوم مسببا"[70].

وحسب مقتضيات هذه المادة، يستنتج أن عزل وكلاء الوزارات يكون بإحدى طريقتين:

-      بقرار من مجلس تأديبي خاص، وفي هذه الحالة نعتقد أن لا مانع قانونيا، أن يقدم وكيل الوزارة دعوى الإلغاء ضد القرار التأديبي الذي صدر عن المجلس التأديبي الخاص.

-      بقرار أميري بالعزل، وفي هذه الحالة لا يمكن الطعن ضد القرارات الأميرية طبقا لمقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 7 قانون رقم (7) لسنة 2007 بشأن الفصل في المنازعات الإدارية.

خاتمة

يتّضح من خلال دراسة موضوع الضمانات التأديبية للموظف العام في قطر، أنّ المشرع أحاط الموظف العام بضمانات حقيقية في جميع مراحل التأديب؛ سواء من خلال الضمانات السابقة والمتزامنة واللاحقة للتأديب. كما أنّ الأحكام المتعلقة بالمنازعات الإدارية في مجال التأديب في الوظيفة العمومية بالرغم من قلتها أسهمت في تعزيز هذه الضمانات التي نصّ عليها المشرع القطري، غير أنه لا يمنع من وُجود العديد من النقط التي يمكن أن يغطيها المشرع من خلال تعديل النصوص القانونية واللائحة المنظمة لقانون الموارد البشرية المدنية القطري، وكذا يمكن للقضاء أن يعزّز هذه الضمانات التأديبية في أفق ضمانات فعّالة للموظف ضِدّ تجاوز الإدارة في استعمال السلطة.

لذا، يوصي الباحثُ المشرعَ القطري بأن يعدل قَانُون إِدَارَة المَوَارِد البَشَرية المَدَنية واللائحة التنفيذية لتعزيز الضمانات التأديبية للموظف القطري، وذلك بأن ينصّ صراحة على:

-      حقّ المُوَظَّف الذي أحيل إلى التحقيق في الاطلاع على جميع الوثائق والمستندات التي تشكل دليل إدانة، بل والحصول على صورة منها إن شاء، والمتضمنة في ملف التحقيق باعتبارها ضمانة أساسية في نزاهة إجراء التحقيق التَّأدِيبي.

-       أن عدم مواجهة المُوَظَّف لأسباب تعود له ودون تدخل من جهة التحقيق قبل توقيع الجزاء يُعدّ تنازلًا إراديا عن حقّ من حقوق المُوَظَّف المحال إلى التَّأدِيب، مما يترتب عليه أن القرار الإِدَارِي الموقع للجزاء مشروع وغير مشوب بأي تجاوز في استعمال السلطة.

-      استعانة المُوَظَّف بمحام لينوب عنه في الدفاع، أو يوكل عنه مُوَظَّفا أعلى منه درجة للقيام بذلك.

-       مبدأ الحياد من باب تجويد النص القانوني، فبالرغم من سكوت قَانُون إِدَارَة المَوَارِد البَشَرية المَدَنية القطري عن الحياد، إلا أنه من المبادئ العَامَّة المستقرة فقها وقضاء، تُطبقها الإدارة بالرغم من سكوت النص القَانُوني.

-       انتقال رقابة الدوائر الإدارية في المحاكم القطرية للقرارات الإدارية من رقابة مشروعية إلى رقابة ملاءمة، بحيث تمتدّ رقابتها إلى رقابة مدى مُراعاة الإدارة لمبدأ التناسب بين الخطأ والجزاء التأديبي، فإذا كان من حقِّ الإدارة تطبيق الجزاء التأديبي الذي أقرّهُ المُشرّع ضمانًا لحُسن سير العمل الإداري، فإنّ واجبها يقتضي أيضًا؛ ألا تتجاوز في استعمال السلطة بتوقيع جزاء لا يناسب الخطأ المرتكب وتعاقبه بأشد مما ارتكبه المُوَظَّف المدان.

المراجع

أولًا: العربية

أبو أحمد، أشرف عبد الفتاح. تسبيب القرارات الإِدَارِية أمام قاضي الإلغاء. منشأة المعارف، الإسكندرية، 2007.

أبو زيد، مصطفى فهمي. القضاء الإِدَارِي. منشأة المعارف، الإسكندرية، ط4، 1979.

إدريس، محمد ميرغيني خيري. نظرية التعسف باستعمال الحقوق الإدارية. [رسالة دكتوراه]، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 1972.

البنداري، عبد الوهاب. العقوبات التَّأدِيبية للعاملين المدنيين بالدَّولَة والقطاع العام وذوي الكادرات الخاصة. دار الفكر العربي، [د.ت].

بوزرزايت، إدريس. الزجر الإداري. [أطروحة دكتوراه في القانون العام]، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، 2002.

الجوراني، عبد الرحمن شكر. "المدلول الجنائي للمُوَظَّف في التشريع العراقي". مجلة العدالة العراقية، ع4، 1979.

شاهين، مغاوري محمد. المسألة التأديبية. عالم الكتب، القاهرة، 1984.

الشتيوي، سعد. التحقيق الإداري في نطاق الوظيفة العامة. دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2013.

الطوخي، سامي. الاتجاهات العالمية في التحقيقات الإدارية. دار النهضة العربية، القاهرة، 2014.

عبد الفتاح، حسن. التَّأدِيب في الوَظِيفَة العَامَّة. دار النهضة العربية، القاهرة، 1969.

عطوة، عماد. الضمانات القَانُونية أمام المحكمة التَّأدِيبية. دار النهضة العربية، القاهرة، 2009.

عوض، نجوى رمضان إبراهيم. التحقيق الإداري كضمانة لتوقيع الجزاء التأديبي في القانون القطري. [رسالة ماجستير في القانون العام]، كلية القانون، جامعة قطر، 2019.

قصري، حمد. "إلزام الإِدَارَة بتعليل قراراتها ضمانة للحقوق والحريات ورقابة قضائية فعالة". المجلة المغربية للإِدَارَة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة ع43، 2003.

الكعبي، مها محمد سعد البطي. الجزاء التأديبي ما بين التحقيق والانقضاء. [رسالة ماجستير في القانون العام]، كلية القانون، جامعة قطر، 2023.

نواف، كنعان. المرجع في القَانُون الإِدَارِي. دار الثقافة والنشر والتوزيع، 2007.

ثانيًا:

References

ʻAbd al-Fattāḥ, Ḥasan, Alttaʼdīb fī alwaẓīfah alʻāmaah (in Arabic) Dār al-Nahḍah al-ʻArabīyah, al-Qāhirah, 1969.

Abū Aḥmad, ashrf ʻAbd al-Fattāḥ, Tsbyb al-qarārāt alʼidāriyaiyah amāma qāḍy al-ilghāʼ (in Arabic) mnshʼh al-Maʻārif al-Iskandarīyah 2007.

Abū Zayd Fahmī, Muṣṭafá, al-qaḍāʼ alʼidārī (in Arabic) Munshaʼat Maʻārif al-Iskandarīyah, al-Ṭabʻah al-rābiʻah, 1979.

Al-Bindārī, ʻAbd al-Wahhāb, al-ʻuqūbāt alttaʼdībyyah lil-ʻāmilīn al-madanīyīn bālddawlah wa-al-qiṭāʻ al-ʻāmm wa-dhawī alkādrāt al-khāṣṣah (in Arabic) Dār al-Fikr al-ʻArabī, Dawwin Tārīkh.

Al-Jūrānī, ʻbdālrḥmān Shukr, "al-madlūl al-jināʼī llmuwaẓaaf fī al-tashrīʻ al-ʻIrāqī" (in Arabic) Majallat al-ʻadālah al-ʻIrāqīyah, alʻdd4, 1979.

Al-Shutaywī, Saʻd, al-taḥqīq aʼldāry fī niṭāq al-waẓīfah al-ʻĀmmah (in Arabic) Dār al-Fikr al-Jāmiʻī, al-Iskandarīyah, 2013.

 Al-Ṭūkhī, Sāmī, aāltjāhāt al-ʻĀlamīyah fī al-Taḥqīqāt aʼldāryh (in Arabic) Dār al-Nahḍah al-ʻArabīyah, al-Qāhirah, 2014.

ʻAṭwah, ʻImād, al-ḍamānāt alqānūnyaah amāma al-Maḥkamah alttaʼdībyyah (in Arabic) Dār al-Nahḍah al-ʻArabīyah, al-Qāhirah, 2009.

Aubin Emmanuel, NivertNirmal, Le droit disciplinaire dans la fonction publique, Editeur: Gualino, Collection: Fonction Publique, 1re édition, 2021.

Bezie, Laurent, Rolland, Louis, "théoricien oublié du service public", Revue du Droit Public et de la science politique en France et à l'étranger, 4, juillet-août, 122/2006.

Bwzrzāyt, Idrīs, al-Zajr alʼdrāy (in Arabic) [Uuṭrūḥat li-nayl al-duktūrāh fī al-qānūn al-ʻāmm,] Kullīyat al-ʻUlūm al-qānūnīyah wa-al-iqtiṣādīyah wa-al-Ijtimāʻīyah, Wajdah, 2002.

Colson, Jean-Philippe, "Le juge administratif et la preuve dans le contentieux de la légalité des décisions à caractère économique", Gaz. Pal.,1968, N°2203.

De Laubadère, André, Vénézia, (J.-C). Gaudemet, Yves, Traité de droit administratif, T. 2, 9e éd, Paris. LGDJ, 1992.

Fortier Charles, Droit de la fonction publique, Dalloz, Collection: Mémentos, 2e édition, 2022.

Yves Gaudemet, Droit administratif, 23e édition, LGDJ, Lextenso, 2020.

Jean-Michel, Blanquer et Marc Milet, "L’invention de l’État. Léon Duguit, Maurice Hauriou et la naissance du droit public moderne," Paris : Odile Jacob, coll. Histoire, 2015.

Kharoyan,Elodie, L'enquête administrative dans la fonction publique, Objectifs - Moyens - Méthodologie – Déontologie, Gereso Édiition, 02 février 2023.

Laurent Frier, Pierre, Petit, Jacques, Précis de droit administratif, 4ème Édition, Montchrestien, EJA, 2006.

Maghāwirī Muḥammad, shāhīn, al-Masʼalah Altʼdībīh (in Arabic) ʻĀlam al-Kutub, al-Qāhirah, 1984.

Mamontoff, Catherine, « La notion de pleine juridiction au sens de l’article 6 de la CEDH et ses implications en matière de sanctions administratives », RFDA, 1999

Idrīs, Mirghyny Khayrī Muḥammad. Naẓarīyat al-taʻassuf bi-istiʻmāl al-Ḥuqūq alʼdrāyh (in Arabic), Risālat duktūrāh, Kullīyat al-Ḥuqūq, Jāmiʻat al-Qāhirah, 1972.

Muḥammad ibn Mukarram ibn manẓūr, Jamāl al-Dīn, Muʻjam Lisān al-ʻArab, al-mujallad al-thālith (in Arabic) Dār Ṣādir lil-Ṭibāʻah wa-al-Nashr, Bayrūt, 2000.

Nawwāf, Kanʻān, al-Marjiʻ fī alqānūn alʼidārī (in Arabic) Dār al-Thaqāfah wa-al-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 2007.

Plantey, Alain, La preuve devant le juge administratif, ed. Economica, Paris, 2003.

Qṣry, Ḥamad, "Ilzām alʼidārah btʻlyl qrārāthā ḍmānh lil-Ḥuqūq wa-al-ḥurrīyāt wrqābh qḍāʼyh fʻālh" (in Arabic) al-Majallah al-Maghribīyah llʼidārah al-Maḥallīyah wa-al-tanmiyah, Silsilat mawāḍīʻ al-sāʻah ʻdd43, 2003.

Ramaḍān Ibrāhīm ʻAwaḍ, Najwá, al-taḥqīq al-idārī kḍmānh ltwqyʻ al-jazāʼ al-taʼdībīyah fī al-qānūn al-Qaṭarī (in Arabic) [Risālat mājistīr fī al-qānūn al-ʻāmm], Kullīyat al-qānūn, Jāmiʻat Qaṭar.

Stassinopoulos Michel, Le droit de la défense devant les autorités administratives, Paris, Librairie générale de droit et de jurisprudence, 1976.

Waline, Marcel, "L'œuvre de Gaston Jèze en Droit public", Revue du droit public, 1953.



[1] Marcel Waline, "L'œuvre de Gaston Jèze en Droit public", Revue du droit public, 1953, p. 879.

[2] Blanquer Jean-Michel, et Milet Marc "L’invention de l’État. Léon Duguit, Maurice Hauriou et la naissance du droit public moderne", coll. Histoire , Paris: Odile Jacob , 2015, p. 10.

[3] Yves Gaudemet, Droit administratif, 23e édition, LGDJ, Lextenso, 2020, p. 467.                                                                                      

[4] Aubin Emmanuel, & Nivert Nirmal, Le droit disciplinaire dans la fonction publique, Éditeur Gualino, Collection Fonction Publique, 1re édition, 2021, p. 20.

[5] شاهين، مغاوري محمد، المسألة التأديبية، عالم الكتب، القاهرة، 1984، ص257.

[6] حكم محكمة التمييز القطرية، جلسة 19/11/2013، الطعن رقم 151 لسنة 2013، محكمة التمييز، المواد المدنية والتجارية، منشور بموقع المجلس الأعلى للقضاء موسوعة الأحكام والمبادئ القضائية القطرية، تاريخ الزيارة: 1/3/2023، https://www.almeezan.qa

[7] المادة 84 من القَانُون رقم (15) لسنة 2016 بإصدار قَانُون المَوَارِد البَشَريَّة المَدَنيَّة، الجريدة الرسمية عدد13، بتاريخ 23/11/2016م الموافق 23/2/1438هـ، ص4.

[8] المادة 55 من المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 1979 في شأن نظام الخدمة المدنية الكويتي: "لا يجوز توقيع عقوبة تَأدِيبيَّة على المُوَظَّف إلا بقرار مسبب من طرف من؟ بعد التحقيق معه كتابة أو شفاهًا وسماع أقواله وتحقيق دفاعه". الجريدة الرسمية لدولة الكويت، العدد 1241، السنة الخامسة والعشرون، بتاريخ 9/4/1979، ص3.

[9] للتوسع في موضوع التحقيق، راجع:

نجوى رمضان إبراهيم عوض، التحقيق الإداري كضمانة لتوقيع العقوبة التأديبية في القانون القطري، [رسالة ماجستير في القانون العام]، كلية القانون، جامعة قطر، ص155؛ مها محمد سعد البطي الكعبي، الجزاء التأديبي ما بين التحقيق والانقضاء، [رسالة ماجستير]، كلية القانون، جامعة قطر، 2023، ص166؛ سامي الطوخي، الاتجاهات العالمية في التحقيقات الإدارية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2014؛ سعد الشتيوي، التحقيق الإداري في نطاق الوظيفة العامة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2013؛

Elodie Kharoyan, L'enquête administrative dans la fonction publique, Objectifs - Moyens - Méthodologie – Déontologie, Gereso Éd., 2/2/2023, p. 257; Charles Fortier, Droit de la fonction publique, Dalloz, Collection: Mémentos, 2e édition, 2022, p. 304.

[10] حكم محكمة التمييز القطرية، جلسة 19/11/2013، الطعن رقم 151 لسنة 2013 محكمة التمييز المواد المدنية والتجارية، منشور بموقع الميزان، تاريخ الزيارة: 1/10/2023. https://www.almeezan.qa/RulingPage.aspx?id=1044&language=ar&selection

[11] إدريس بوزرزايت، الزجر الإداري [أطروحة دكتوراه في القانون العام]، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، ص214.

[12] القرار رقم 69 بتاريخ 12/12/1959، ملف عدد 1711/1958، مولاي اليزيد العلوي ضد رئيس مجلس الوزراء، مجموعة قرارات المجلس الأعلى (الغرفة الإدارية)، 1957-1960. أورده بوزرزايت، ص214.

[13] كنعان نواف، القَانُون الإِدَارِي الكتاب الأول (ماهية القانون، التنظيم الإداري، النشاط الإداري)، دار الثقافة والنشر والتوزيع، 2007، ص203.

[14] حسن عبد الفتاح، التَّأدِيب في الوَظِيفَة العَامَّة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1969، ص91؛ محمد ميرغيني خيري إدريس، نظرية التعسف باستعمال الحقوق الإدارية [رسالة دكتوراه]، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 1972، ص103.

[15] قرار مجلس الوزراء رقم (32) لسنة 2016 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون الموارد البشرية المدنية، الجريدة الرسمية، العدد 15، بتاريخ 29/12/2016م، الموافق 30/3/1438هـ، ص107.

[16] المجلس الأعلى (الغرفة الإدارية)، قرار عدد 23 بتاريخ 15/1/2005، ملف عدد 2229/2003، قرارات الغرفة الإدارية.

[17] المادة 140/أ/1، نظام الخدمة المَدَنيَّة الأردني رقم (28) لسنة 2013، كما وقع تغييره وتعديله.

[18] حكم محكمة التمييز القطرية، جلسة 5/3/2019، الطعن رقم 10 لسنة 2019، محكمة التمييز المواد المدنية والتجارية، منشور بموقع المجلس الأعلى للقضاء موسوعة الأحكام والمبادئ القضائية القطرية https://www.almeezan.qa

[19] عماد عطوة، الضمانات القَانُونيَّة أمام المحكمة التَّأدِيبيَّة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2009، ص595.

[20] قرار مجلس الوزراء رقم (32) لسنة 2016 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون الموارد البشرية المدنية، الجريدة الرسمية، ع15، نسخة الجريدة الرسمية، تاريخ النشر: 29/12/2016م الموافق 30/3/1438هـ، الصفحة من 107.

[21] مرسوم قَانُون رقم 15 لسنة 1979 في شأن نظام الخدمة المَدَنيَّة الكويتي، الجريدة الرسمية لدولة الكويت، ع1241، السنة الخامسة والعشرون، بتاريخ 9/4/1979، ص3.

[22] المادة 140/أ/1، نظام الخدمـة المَدَنيَّة الأردني رقم (9) لسنة 2020، الجريدة الرسمية، عدد 110395، 2020، ص697.

[23] قرار محكمة النقض (الغرفة الإدارية)، عدد 494 بتاريخ 09/7/2020 ، الملف الإداري عدد 472 تاريخ 4/1/2020.

[24] Michel Stasinopoulos, Le droit de la defense devant les autorités administrative, Paris, Librairie Générale de droit et de jurisprudence, 1976, p. 75.

أورده بوزرزايت، ص218-219.

[25] المادة 145/ب/1، نظام الخدمة المَدَنيَّة الأردني رقم (28) لسنة 2013 كما وقع تغييره وتعديله.

[26] الظهير الشريف رقم 1.58.008 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العُمُوميَّة كما وقع تغييره وتتميمه.

[27] قرار مجلس إدارة مؤسسة حمد الطبية رقم 5 لسنة 2000 بإصدار لائحة شؤون الموظفين بالمؤسسة، بتاريخ: 31/12/2000م الموافق 05/10/1421هـ، الجريدة الرسمية، العدد نسخة الجريدة الرسمية، تاريخ النشر: 10/2/2001 الموافق 17/11/1421 هـ، الصفحات من 445.

[28] C.E 5/5/1944 - Dame veuve Trompier-Gravier - Rec. Lebon, p. 133.

[29] Décision 76-70 DC – 02/12/1976 - Loi relative au développement de la prévention des accidents du travail – Conformité, Journal officiel du 7/12/1976, p. 7052.

[30] Décision 93-326 DC – 11/8/1993 - Loi modifiant la loi n° 93-2 du 4/1/1993 portant réforme du code de procédure pénale - Non-conformité partielle, Journal officiel du 15/8/1993, p. 11599; Décision 93-334 DC – 20/1/1994 - Loi instituant une peine incompressible et relative au nouveau code pénal età certaines dispositions de procédure pénale – Conformité, Journal officiel du 26/1/1994, p. 1380; Décision n° 2004-492 DC du 2/3/2004, Loi portant adaptation de la justice aux évolutions de la criminalité, journal officiel du 10/3/2004, p. 4673.

[31] Décision n° 88- 248 D C du 17/1/1989, Journal officiel du 18/1/1989, p. 754.

[32] المادة 97 من القَانُون رقم 15 لسنة 2016 بإصدار قَانُون الموارد البشرية المَدَنيَّة.

[33] قرار المجلس الأعلى (الغرفة الإدارية)، عدد 215، بتاريخ 10/4/2003، ملف عدد 48، بتاريخ 4/1/2002.

[34] نظام الخدمة المَدَنية الأردني رقم (28) لسنة 2013 كما وقع تغييره وتعديله.

[35] تنص المادة 134 من قَانُون أصول المحاكمات الأردنية رقم 24 لسنة 1988 مع آخر تعديلاته لسنة 2017، على أنه: "يجوز رد القاضي لأحد الأسباب التالية:

1- إذا كان له أو لزوجه دعوى مماثلة للدعوى التي ينظرها أو إذا وجدت لأحدهما خصومة مع أحد الخصوم أو مع زوجه بعد قيام الدعوى المطروحة على القاضي ما لم تكن هذه الدعوى قد أقيمت بقصد رده عن نظر الدعوى المطروحة عليه.

2- إذا كان لمطلقته التي له منها ولد أو لأحد أقاربه أو أصهاره على عمود النسب خصومة قائمة أمام القضاء مع أحد الخصوم في الدعوى أو مع زوجه ما لم تكن هذه الخصومة قد أقيمت بعد قيام الدعوى المطروحة على القاضي بقصد رده.

3 - إذا كان أحد الخصوم يعمل عنده.

4- إذا كان قد اعتاد مساكنة أحد الخصوم أو كان قد تلقى منه هدية قبيل رفع الدعوى أو بعدها.

5- إذا كانت بينه وبين أحد الخصوم عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل".

[36] تنص المادة 135 من القَانُون نفسه على أنه: "إذا كان القاضي غير صالح لنظر الدعوى أو قام به سبب للرد فعليه أن يخبر رئيس المحكمة للإذن له في التنحي ويثبت هذا في محضر خاص يحفظ في المحكمة. ويجوز للقاضي حتى لو كان صالحًا لنظر الدعوى ولم يقم به سبب للرد إذا استشعر الحرج من نظر الدعوى لأي سبب أن يعرض أمر تنحيه على رئيس المحكمة للنظر في إقراره علي التنحي".

[37] عبد الوهاب ، البنداري، العقوبات التَّأدِيبيَّة للعاملين المدنيين بالدَّولَة والقطاع العام وذوي الكادرات الخاصة، دار الفكر العربي، ص30.

[38] حكم المحكمة الإدارية الكويتية في الطعن رقم 159 في جلسة 28/11/1998.

[39] Pierre Laurent Frier, & Jacques Petit, Précis de droit administratif, 4ème Édition, Montchrestien, EJA, 2006, p. 399.

[40] مصطفى أبو زيد، فهمي، القضاء الإِدَارِي، منشأة معارف الإسكندرية، ط4، 1979، ص60.

[41] محمد قصري، "إلزام الإِدَارَة بتعليل قراراتها ضمانة للحقوق والحريات ورقابة قضائية فعالة"، المجلة المغربية للإِدَارَة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة ع43، 2003، ص186.

[42] Alain Plantey, la preuve devant le juge administratif, Ed. ECONOMICA, Paris, 2003, p. 115.

[43] C.E., Assemblée. 28/5/1954, BAREL, G.A.J.A., DALLOZ, 1998, pp. 5O7-513.

[44] C.E. Assemblée, 30/1/1959, Grange, Rec.1959, p. 85.

[45] C.E., 26/10/1960, Rioux, Rec.1960, p. 558.

[46] C.E., 21/12/1960, Vicat Blanc, Rec.1960, p. 1093.

[47] C.E., Assemblée, 11/3/1955, Secrétaire d'Erat à la guerre c/Sieur Coulon, n° 34036, p. 149.

[48] Jean-Philippe COLSON, "Le juge administratif et la preuve dans le contentieux de la légalité des décisions à caractère économique", Gazette du Palais,1968, N°2203.

[49] أشرف عبد الفتاح أبو أحمد، تسبيب القرارات الإِدَارِيَّة أمام قاضي الإلغاء، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2007، ص13.

[50] Loi n°78/17 du 6/1/1978, relative à l’informatique, aux fichiers et aux libertés, J.O.R.F. du 7/1/1978, p. 227.

[51] Conseil d'État, 6/2 SSR, du 5/5/1993, 91772, inédit au recueil Lebon, publié sur le site, consulté le 1/9/2023. https://www.legifrance.gouv.fr/ceta/id/CETATEXT000007836981.

[52] قرار محكمة النقض (الغرفة الإدارية)، عدد 194 بتاريخ 13/2/2020، الملف الإداري، عدد 2505 بتاريخ 4/1/2018.

[53] CE, 23/1/1935, requête numéro 40842, Four: Rec. p. 91

[54]CE, Section, du 9/6/1978, 08397, publié au recueil Lebon, publié sur le site , consulté le 1/9/2023.:https://www.legifrance.gouv.fr/ceta/id/CETATEXT000007647420.

[55] CEDH, Grande chambre, 8/12/1999, affaire numéro 28541/95, Pellegrin c/France: Rec. CEDH 1999, VIII ; RTDH 2000, p. 819.

[56] CEDH, 19/4/2007, affaire numéro 63235/00, Eskelinen c/Finlande, Rec. CEDH 2007, I ; AJDA 2007, p. 887.

[57] CC, 30/12/1987, numéro 87-237 DC, Loi de finances pour 1988: Rec. CC, p. 63.

[58] CE, 27/11/1996, requête numéro 170207, requête numéro 170208, Ligue islamique du Nord: Rec. p. 461.

[59] CE Sect., 22/6/2007, requête numéro 272650, Arfi: Rec. p. 263 ; RFDA 2007, p. 1199, concl. Guyomar.

[60] CE, 2/3/2010, requête numéro 324439, Fédération française d’athlétisme , AJDA 2010, p. 664, chron. Liéber et Botteghi.

[61]CE, Sect., 1/1/2006, M. Henri‑Jacques X,, n° 271676, Rec. publié sur le site, consulté le 1/9/2023, https://www.legifrance.gouv.fr/ceta/id/CETATEXT000007647420.

[62]CE, 27/2/2015, La Poste, n° 376598, Rec, publié sur le site , consulté le 1/9/2023, https://www.legifrance.gouv.fr/ceta/id/CETATEXT000030296261.

[63] CE, 2ème chambre, 27/3/2020, 427868, Mentionné dans les tables du recueil Lebon; CE, 25/1/2016, requête numéro 391178, Parent: Rec. tables, p. 643.

[64] CE, 21/7/1970, Sieur Z…, n° 77400, Rec, publié sur le site , consulté le 1/9/2023, https://www.legifrance.gouv.fr/ceta/id/CETATEXT000007642228;  CE, 28 novembre 2003, n° 234898. publié sur le site , consulté le 1/9/2023 https://www.legifrance.gouv.fr/ceta/id/CETATEXT000008184067.

[65] CE, 8 mars 1968, Sieur X…, n° 69156, Rec.اpublié sur le site https://www.legifrance.gouv.fr/ceta/id/CETATEXT000007636218. CE, (9e et 10e sous-sect.) 28/2/2007: Cerasari n° 284858. Gaz. Pal. 20/10/2007, p. 26.

[66] الحكم منشور في موسوعة الأحكام والمبادئ القضائية القطرية، حكم 9/2015 بتاريخ 17/3/2015، تاريخ الزيارة: 10/6/2023. https://www.almeezan.qa

[67] Voir par exemple: Catherine Mamontoff, "La notion de pleine juridiction au sens de l’article 6 de la CEDH etses implications en matière de sanctions administratives", Revue française de droit administratif, 1999, p. 1004.

[68] غيرت المادة 3 بمقتضى رقم (12) لسنة 2013 بتعديل بعض أحكام القَانُون رقم (7) لسنة 2007 بشأن الفصل في المنازعات الإِدَارِية، بتاريخ: 3/11/2013م الموافق 29/12/1434هـ، العدد 18، تاريخ النشر: 3/12/2013م الموافق 30/1/1435هـ، الصفحة من 7.

[69] تنص المادة 13 من القَانُون رقم 7 لسنة 2007 بشأن المنازعات الإِدَارِية "يلغى كل حكم يخالف أحكام هذا القَانُون"، بتاريخ: 26/3/2007م الموافق 7/3/1428هـ، العددتاريخ النشر: 13/5/2007م الموافق 26/4/1428هـ، الصفحة من 47.

[70] قرار أميري رقم (8) لسنة 1979 في شأن نظام وكلاء الوزارات، الجريدة الرسمية عدد 2، تاريخ النشر: 1/1/1979، ص4123.