Submitted: 03/02/2023

Reviewed: 19/03/2023

Accepted: 04/04/2023

 

التأمين الاجتماعي على الموظف الدولي في القانون الدولي الإداري والنظام الوطني لكل من دولة الكويت والمملكة العربية السعودية

اليمامة خضير الحربي

أستاذ مساعد في القانون الخاص، كلية القانون الكويتية العالمية، دولة الكويت

yamamaharbi@gmail.com

ملخص

الأهداف: تبحث هذه الدراسة إشكاليةَ تحديد النظام التأميني واجب التطبيق على من يلتحق من المواطنين بالعمل في دولة جنسيته لدى هيئة دولية تتمتع بمزايا وإعفاءات وفقًا لأحكام القانون الدولي العام، فهل تمتد الإعفاءات المقررة للهيئة الدولية لتشمل إعفاءها من تسجيل العاملين لديها بنظام التأمين الاجتماعي الداخلي لدولة المقر؟ إن تحديد موقف المشرع من هذه الإشكالية يحتاج من الباحث أن يدرس أحكام القانون على أكثر من مستوى بالرجوع للأحكام المتعلقة بمركز "الموظف الدولي" من القانون الدولي الإداري والنظام الخاص بالتأمينات الاجتماعية لدولة الكويت والمملكة العربية السعودية.

المنهج: يَتبع منهجا تحليليا تأصيليا مقارنا عبر حقلين معرفيين هما: قانون التأمينات الاجتماعية باعتباره محور الدراسة الرئيس والقانون الدولي الإداري باعتباره الفرع المكمل للبحث، وضمن القوانين الداخلية تتم المقارنة بين القانون الكويتي والنظام المعمول به في المملكة العربية السعودية.

النتائج: قواعد القانون الدولي الإداري تتفق مع أحكام نظام التأمينات الاجتماعية لكلٍ من دولة الكويت والمملكة العربية السعودية في خضوع الموظف الدولي للتأمين الاجتماعي خضوعًا إلزاميًا باعتباره الأصل العام أما الإعفاء من الخضوع فيتطلب استثناءً صريحًا من القانون، لكن يسود الالتباس في فهم القانون لأسبابٍ عملية أكثر منها قانونية.

الخاتمة: حلول المعالجة يجب أن تأتي من داخل جهة التنفيذ بالأساليب الإدارية لإزالة الغموض السائد التزامًا بالأصل العام.

الكلمات المفتاحية: التأمين الاجتماعي، الموظف الدولي، التأمين الاختياري، التأمين الإلزامي، الاشتراكات

للاقتباس: الحربي، اليمامة خضير. «التأمين الاجتماعي على الموظف الدولي في القانون الدولي الإداري والنظام الوطني لكل من دولة الكويت والمملكة العربية السعودية»، المجلة الدولية للقانون، المجلد الثالث عشر، العدد المنتظم الأول، 2024

https://doi.org/10.29117/irl.2024.0288

© 2024، الحربي، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0)تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه؛ طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.

 


 

Submitted: 03/02/2023

Reviewed: 19/03/2023

Accepted: 04/04/2023

Social Security of International Servants - in the International Administrative Law and the Domestic Systems of Kuwait and Saudi Arabia

Alyamamah Khudair Al-Harbi

Assistant Professor of Private Law, Kuwait International Law School, Kuwait

Abstract

The study examines the ambiguous position of International Servants under the Social Security system of the State of Kuwait, is the social security system applicable to international servants? Is it affected by the diplomatic immunities and privileges?

The study follows an interdisciplinary analytical, inductive, and comparative method combined at two levels namely administrative international law, looking into certain instruments, and two domestic social security systems from Kuwait and Saudi Arabia. The study argues that provisions of both administrative international law and domestic law do not impede the right of international servants to social security, since the right does not overlap with diplomatic financial immunities. At the contrary, it proved to be prioritized and essential from both sides. Any exemption from that provision should be provided precisely and clearly, however uncertainty arises from the current practice solutions must come through administrative procedure by the executives rather than the legislator.

Keywords: Social Security; International Servants; Contributions; Optional Security; Mandatory Security

Cite this article as:  Al-Harbi A.K., "Social Security of International Servants - in the International Administrative Law and the Domestic Systems of Kuwait and Saudi Arabia," International Review of Law, Volume 13, Regular Issue 1, 2024

https://doi.org/10.29117/irl.2024.0288

© 2024, Al-Harbi A.K., licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.

 


 

مقدمة

إن الغاية الأساسية لأي نظام تأمين اجتماعي هي توفير تغطية تأمينية ضد مخاطر الحياة المتنوعة مثل: الشيخوخة، والعجز، والمرض، وكذلك ضد المخاطر الاقتصادية المحتملة عند انقطاع دخل المؤمَّن عليه بسبب فقدان الأجر المتحصل من العمل أو توقف النشاط الذي يدر عليه عوائد، وهو ما يمس بقدرة الفرد على مواجهة أعباء الحياة هو ومن يعولهم.

ويعتبر التأمين على العاملين لدى الغير فرعًا أساسيًا من فروع التأمين الاجتماعي، لكن تطبيق هذا التأمين في الواقع العملي يواجه إشكاليات مع بعض فئات الخاضعين للتأمين، لا يدركها إلا من مارس العمل القانوني في مجال التأمينات الاجتماعية، وتبحث هذه الدراسة إشكاليةً محددة تتعلق بتحديد النظام التأميني واجب التطبيق على من يلتحق من المواطنين بالعمل لدى هيئة دولية تتمتع بمزايا وإعفاءات وفقًا لأحكام القانون الدولي العام، فهل تمتد الإعفاءات المقررة للهيئة الدولية لتشمل إعفاءها من تسجيل العاملين لديها بنظام التأمين الاجتماعي الداخلي لدولة المقر؟

ومن المنظور الخاص بالقانون الكويتي، وهو قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالأمر الأميري رقم 61/1976[1]، فإن الإشكالية تثور حين يلتحق مواطن كويتي بالعمل لدى فرع ما لمنظمة دولية تتخذ من الكويت مقرًا لها، فما الأحكام التي يتحدد على أساسها مركزه التأميني؟ وأي فرع من التأمين الاجتماعي سيسري على العلاقة؟ وهل يوجد أساس قانوني لاعتبار صاحب العمل وهو المنظمة الدولية مخاطبًا بأحكام القانون؟ إن التساؤل المطروح تفرضه الطبيعة الخاصة لمركز "الموظف الدولي"، فمن هذا المنظور الداخلي للعلاقة يمثل التأمين الاجتماعي حقًا مكفولًا لكل مواطن يرتبط بعلاقة عمل داخل حدود الدولة استنادًا إلى قواعد آمرة، فهو قانون متعلق بالنظام العام ويجد سنده في المادة (11) من دستور دولة الكويت[2]، لكن الشخصية الدولية لصاحب العمل هي التي تستدعي تكييف خضوعه لقانون التأمينات الاجتماعية من منظور آخر مساند هو منظور القانون الدولي الإداري.

ويستحضر البحث حول هذا الموضوع فكرة "الموظف الدولي" المعروفة في أحكام القانون الدولي العام، الإداري منه تحديدًا، ولكن في السياق الخاص بأحكام قانون داخلي محدد هو قانون التأمينات الاجتماعية لدولة الكويت[3]، فللموظف الدولي مركز قانوني يميزه من ناحية أنه يحمل صفتين في وقت واحد، فمن الجانب الأول هو مواطن لدولة المقر فيخضع لقوانينها وأنظمتها، ومن الجانب الآخر هو من العاملين في منظمة دولية تعتبر من أشخاص القانون الدولي العام وتسري عليها أحكامه التي تمنح المنظمة استقلالية خاصة في مواجهة القانون الوطني، وهما نظامان متمايزان يظهر اختلافهما في مصادر القواعد القانونية وفي آلية تفعيلها على أرض الواقع لكن ذلك لا يمنع من تأثر القانون الوطني بأحكام الاتفاقيات الدولية[4]، بل إن الحصانات المقررة للمنظمة قد تحول أحيانًا دون سريان القوانين الوطنية لدولة المقر في مواجهة المنظمة أو أنشطتها.

وتسعى هذه الدراسة إلى استخلاص موقف المشرع الكويتي من التأمين الاجتماعي على "الموظف الدولي" في علاقته بالقانون الدولي العام فلكلٍ من النظامين أحكام ذات صلة بحقوق هذا العامل الذي يشغل مركزًا خاصًا، ومن ضمنها حقه في الاستفادة من نظام التأمين الاجتماعي الداخلي.

هذا ما تهدف الدراسة إلى استخلاصه، علمًا بأن موضوع الدراسة يكشف في الواقع عن آليات التفاعل ما بين القانون الوطني والقانون الدولي العام ضمن أحد أهم التشريعات الاجتماعية التي تمس حياة الفرد في المجتمع المعاصر وهو قانون التأمينات الاجتماعية.

إشكالية الدراسة

تخضع علاقات العمل التي تنشأ داخل دولةٍ ما لأحكام التأمين الاجتماعي وفقًا للضوابط والأوضاع المقررة في قانونها الداخلي، وبخصوص النظام المعمول به في دولة الكويت ينظم قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالأمر الأميري رقم (61) لسنة 1976[5] في أحكام الباب الثالث منه قواعد الخضوع للتأمين الاجتماعي خضوعًا إلزاميًا بالنسبة للكويتيين الذين يعملون لدى صاحب عمل مخاطب بأحكام القانون، بينما ينظم المرسوم بالقانون رقم (11) لسنة 1988 بالاشتراك في التأمينات الاجتماعية اختياريًا للعاملين في الخارج ومن في حكمهم[6] الحالات التي يجوز فيها التسجيل في نظام التأمينات بناءً على طلب المؤمن عليه بصورة اختيارية، وذلك حين يتعلق الأمر بعلاقة عمل بين مواطن كويتي وصاحب عمل غير مخاطب بأحكام القانون وهو ما يمثل حالات الخضوع الاختياري للتأمين.

 فإذا كانت تلك هي القاعدة العامة، فما الحكم الذي يقرره القانون حين يكون فرع المنظمة الدولية صاحب عمل لمواطنين كويتيين داخل دولة الكويت؟ هل يكون "صاحب عمل مخاطب بأحكام القانون" فيلتزم عندها بتسجيل الموظف الكويتي "الدولي" الذي يعمل لديه وفقًا لقواعد تأمين الباب الثالث وهو نظام الاشتراك الإلزامي بالتأمين الاجتماعي، أم يعامل فرع المنظمة الدولية باعتباره "صاحب عمل غير مخاطب" بقانون التأمينات الاجتماعية فتترتب نتيجتان، الأولى إعفاؤه من التسجيل والثانية خضوع المواطن الملتحق بالعمل لديه لنظام التأمين الاختياري بما يترتب على ذلك من آثار[7].

والواقع إن تحديد موقف المشرع من هذه الإشكالية يحتاج من الباحث أن يدرس أحكام القانون على أكثر من مستوى، فبالنظر للصفة الدولية لصاحب العمل توجد حاجة للرجوع للأحكام المتعلقة بمركز "الموظف الدولي" في القانون الدولي العام، وكذلك البحث في اتفاقية "النظام الموحد لمد الحماية التأمينية لمواطني مجلس التعاون لدول الخليج العربية العاملين في غير دولهم في أي دولة عضو في المجلس"[8] التي تضم الكويت في عضويتها للنظر في مدى توافق أحكامها مع أحكام القواعد العامة للقانون الدولي العام في شأن "الموظف الدولي". أما على المستوى الداخلي فيتطلب الأمر تحليل الأحكام ذات الصلة بالموضوع ضمن نظام التأمينات الاجتماعية لدولة الكويت وذلك في حدود أغراض الدراسة.

 وبغرض التعرف على أكثر من توجه وطني تجاه إشكالية الدراسة ضمن منظومة مجلس التعاون، ولتأسيس فهم أفضل عن الاتجاهات التشريعية في التأمين الاجتماعي حين يكون "الموظف الدولي" من مواطني إحدى دول المجلس تتعرض الدراسة لموقف نظام تأميني قريب من النظام الكويتي هو نظام التأمينات الاجتماعية المعمول به في المملكة العربية السعودية.

هذا ما تهدف الدراسة إلى استخلاصه، وينطلق المنظور الأساسي في البحث من قانون التأمينات الاجتماعية وما يحكمه من مبادئ ويكتمل بمنظور مساند من القانون الدولي العام الإداري وذلك كله ضمن حدود البحث وأسئلته الأساسية.

أهمية الدراسة

للدراسة أهمية نظرية وعملية على أكثر من مستوى على النحو الآتي:

1.   تهدف الدراسة إلى استخلاص ما يقرره المشرع بشأن خضوع الموظف الدولي للتأمين الاجتماعي ضمن منطقة لا يسود بشأنها يقين كافٍ عند أطراف العلاقة التأمينية وهم العامل ويقابله هنا "الموظف الدولي" ورب العمل أو "المنظمة الدولية" لأغراض هذه الدراسة، وجهة التأمين الاجتماعي ذات الصلة وهي دومًا الجهة المنفذة لقانون التأمينات الاجتماعية وهي المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية فيما يتعلق بتطبيق القانون الكويتي، إذ يختلط الأمر في كثيرٍ من الأحيان بشأن حدود استقلالية المنظمة الدولية في مواجهة قوانين وإجراءات دولة المقر فتبدر الحاجة إلى استكشاف هذه الحدود للوصول إلى تفسيرٍ يوفق ما بين الأحكام من دون إضرار بمصالح "الموظف الدولي" وحاجته الماسة إلى تغطية التأمين الاجتماعي في مواجهة مخاطر الحياة.

2.   بالربط ما بين أحكام قانون التأمينات الاجتماعية وهو قانون داخلي، والمركز القانوني للموظف الدولي وهو نظام يخضع للقانون الدولي العام فإن البحث يكشف عن آليات التفاعل بين القانون الوطني والقانون الدولي العام في تقرير حقوق والتزامات الموظف الدولي ضمن هذا النطاق الخاص وفي حدود أغراض الدراسة.

3.   تسهم الدراسة في تأسيس فهمٍ أفضل لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية الكويتي وهو قانون يغلب عليه الطابع الفني الاختصاصي الذي قد يصعب الإلمام به من القانونيين غير الممارسين له.

4.   تشكل تجربة دولة الكويت في مجال التأمينات الاجتماعية نموذجًا يمكن الاستئناس به من قبل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي التي تتشارك مع دولة الكويت في كثير من الظروف والتطلعات ومن بينها الرغبة في مد الحماية التأمينية لأوسع شريحة من المواطنين على اختلاف الأوضاع التي يمكن أن يشغلوها.

منهج الدراسة وخطتها

تبحث الدراسة في إشكالية خضوع الموظف الدولي للتأمين الاجتماعي، ولتحقيق هذا الغرض تتبع منهجًا تحليليًا تأصيليًا مقارنًا عبر حقلين معرفيين هما قانون التأمينات الاجتماعية باعتباره محور الدراسة الرئيس والقانون الدولي الإداري باعتباره الفرع المكمل للبحث، وضمن القوانين الداخلية تتم المقارنة بين القانون الكويتي والنظام المعمول به في المملكة العربية السعودية مع الاستئناس أحيانًا بتجربة التأمين الاجتماعي الأمريكي وذلك في حدود أغراض البحث.

وتنقسم الدراسة إلى ثلاثة مباحث، فيجري أولًا تناول أساس الإشكالية بوضعها في إطارها النظري وهي نظرية "الموظف الدولي" المستمدة من فقه القانون الدولي الإداري وذلك في المبحث الأول، وفي المبحث الثاني يتم تحديد وتحليل القواعد ذات الصلة في هذا الفرع من فروع القانون الدولي العام مع ربطها بالقواعد التي وردت في النظام الموحد لمد الحماية التأمينية لمواطني دول مجلس التعاون بما له من تأثير على النظامين الوطنيين لكل من دولة الكويت والمملكة العربية السعودية اللذين تم اختيارهما للدراسة فكلاهما عضو في المجلس، ويخصص المبحث الثالث لدراسة القواعد ذات الصلة بالإشكالية في السياق الخاص بكل من النظامين الوطنيين اللذين تم اختيارهما، وعلى ضوء النتائج المستخلصة تقترح الدراسة الحلول التي تحقق أغراض القانون دون انتقاص من حق الموظف الدولي في الاستفادة من التأمين الاجتماعي في مواجهة مخاطر الحياة.

المبحث الأول: الموظف الدولي وإشكالية خضوعه للتأمين الاجتماعي

للموظف الدولي مركز قانوني يميزه، فهو يحمل صفتين في وقت واحد، فمن الجانب الأول هو مواطن لدولة المقر فيخضع لقوانينها وأنظمتها، ومن الجانب الآخر هو من العاملين في منظمة دولية تعتبر من أشخاص القانون الدولي العام وتسري عليه أحكامها، وهما نظامان متمايزان يظهر اختلافهما في مصادر القواعد القانونية وفي آلية تفعيلها على أرض الواقع لكن ذلك لا يمنع من تأثر القانون الوطني بأحكام الاتفاقيات الدولية وخاصة تلك المتعلقة بحقوق الإنسان[9]، وتسعى هذه الدراسة إلى استخلاص موقف المشرع الكويتي من التأمين الاجتماعي على الموظف الدولي في علاقته بالقانون الدولي العام فلكلٍ من النظامين أحكام ذات صلة بحقوق هذا العامل الذي يشغل مركزًا خاصًا، ومن ضمنها حقه في الاستفادة من نظام التأمين الاجتماعي الداخلي.

ووفقًا للقواعد العامة في قانون التأمينات الاجتماعية يلتزم كل صاحب عمل يتخذ من الكويت مقرًّا له بتسجيل من يلتحق بالعمل لديه من المواطنين في نظام التأمينات الاجتماعية بحسب الأوضاع التي يبينها القانون[10]، ويمثل هذا وجه الخضوع الإلزامي للتأمين الذي ينظم أحكامه الباب الثالث من القانون عن فئة العاملين لدى الغير، ويدخل ضمن هذه الفئة أصحاب العمل في القطاع الحكومي وكذلك القطاعين: الأهلي والنفطي[11].

وبالتوازي مع نظام التأمين الإلزامي، أوجد المشرع نظامًا تأمينيًا اختياريًا بموجب القانون رقم (11) لسنة 1988 بالاشتراك في التأمينات الاجتماعية اختياريًا للعاملين بالخارج ومن في حكمهم[12]، ويحدد القانون الأخير ضمن أحكامه فئات وأوضاع الاشتراك بالتأمين المقرر فيه، والمستفاد أن الخضوع لأحكام التأمين الاختياري يشمل فئتين من العاملين لدى الغير، وتضم الفئة الأولى العاملين خارج الكويت من الكويتيين لدى صاحب عمل أجنبي وهو ما يمثل تطبيقًا مباشرًا لمبدأ شخصية القوانين[13]، بينما تشمل الفئة الثانية من يعملون داخل دولة الكويت ولكن لدى صاحب عمل غير مخاطب بأحكام قانون التأمينات الاجتماعية خروجًا على مبدأ إقليمية القانون ولا يكون ذلك إلا عند وجود أسبابٍ قانونية للاستثناء وتبرر الإعفاء من الخضوع، والفئة الثانية تحديدًا هي التي تعنينا في هذه الدراسة[14].

ولما كان الأمر كذلك، فإن أول تساؤلٍ يطرح هو عن مدى سريان أحكام قانون التأمينات الاجتماعية في مواجهة الهيئات الدولية وفروع المنظمات الدولية التي تتخذ من الكويت مقرًا لها وعلى ضوء ذلك يتحدد المركز التأميني للموظف الدولي موضوع الدراسة، فإذا تبين وجود مانع قانوني من سريان النظام الإلزامي في مواجهة هذه الجهات سيكون نظام التأمين الاختياري هو السبيل الوحيد لتسجيل "الموظف الدولي" في التأمين الاجتماعي وفقًا لتأمين القانون رقم (11) لسنة 1988.

في هذا المبحث نتناول المفاهيم الأساسية لموضوع الدراسة، وكذلك الجوانب المتعددة لإشكالية تحديد المركز التأميني للموظف الدولي، ويستدعي الأمر في البداية تسليط الضوء على مفاهيم أساسية ذات صلة بتطبيق قانون التأمينات الاجتماعية ضمن هذا النطاق الخاص في المطلب الأول، إذ نحتاج أن نبدأ من المفهوم الأساسي في الدراسة وهو "الموظف الدولي" مع التفرقة بينه وبين مفاهيم أخرى قريبة، ثم يناقش المطلب الثاني الإشكاليات القانونية التي تثور عند تحديد أساس خضوعه للتأمين الاجتماعي.

المطلب الأول: مفهوم الموظف الدولي

إن الالتباس المحتمل وقوعه مع إشكالية التأمين على "الموظف الدولي" يظهر أول ما يظهر عند تكييف علاقة العمل لتحديد النظام القانوني الذي يشملها، بعد ذلك يمكن تحديد ما ينطبق من أحكام القانون الداخلي على العلاقة التي تضم صاحب عمل يتمتع بشخصية دولية.

والواقع أن الباحث في مجال قانون التأمينات الاجتماعية تعترضه صعوبات كثيرة، فقانون التأمينات الاجتماعية فرعٌ اختصاصيٌ دقيق، وتندر حوله الدراسات النظرية المتخصصة، وقد يعزى ذلك إلى أن معظم المبادئ المتعلقة بقانون التأمينات الاجتماعية وتطبيقاته يتم إنشاؤها في الممارسة العملية من قبل الجهات الإدارية المختصة بتطبيق القانون وهو موضوع ذو أبعاد متعددة إدارية ومحاسبية، وقد لا يتاح للباحثين الاطلاع على ما ينشأ معه من مبادئ عملية، وهذا ما ينطبق على موضوع الدراسة فلم يستدل على أي حكم قضائي للمحاكم الكويتية يتعرض لتطبيق قانون التأمينات الاجتماعية على "الموظف الدولي"، والقول ذاته ينطبق على مبدأ تأميني آخر هو "عدم ازدواجية التأمين" الذي يجري العمل به في الممارسة العملية دون أن يستدل على مبادئ قضائية تعين الباحثين على تأسيس فهمٍ سليم لفحواه من حيث مفهومه أو مدى الازدواج التأميني المحظور[15]، في المقابل يجد الباحث في النظام الأمريكي عناية من الجهات التنفيذية بوضع إطار عملي لمعالجة الحالات التي يثور معها الالتباس في تطبيق القانون من خلال إصدار أدلة تطبيق تفسر المفاهيم لإزالة الغموض عن الأحكام وتوحيد المعايير في التطبيق[16].

فإذا ثار التساؤل عن كيفية إعمال قواعد القانون في الواقع العملي حين يشغل المؤمن عليه أكثر من عمل[17]، أو حين تكون لصاحب العمل شخصية قانونية ذات طبيعة خاصة لا تخضع لأحكام التأمين الاجتماعي لأي سببٍ من الأسباب، تقوم الجهة التنفيذية ببحث الإشكاليات ومعالجتها داخليًا ضمن اختصاصها بتفسير القانون، وبذلك يعتمد الأمر على المبادئ الإدارية أكثر من أي مصدر آخر وهي مبادئ متغيرة وتختلف باختلاف الزمن والأشخاص القائمين على تطبيق القانون، ويمكن القول إنه مجال لا يسوده اليقين[18]، لذلك تبدو الحاجة ملحة لإجراء مزيد من الدراسات التطبيقية التي تزيل الغموض عن أحكامه.

لكن الأمر لا يكون واضحًا دائمًا فقد يلتبس بشأن بعض الحالات التي لم يتعرض لها القانون بشكل مباشر ومنها إشكالية التأمين على "الموظف الدولي"، فالطبيعة الخاصة للشخصية الدولية سبب يدفع للتساؤل عن مدى وحدود تطبيق قواعد قانون التأمينات الاجتماعية في مواجهة علاقات العمل التي تضم عنصرًا دوليًا داخل حدود الدولة، فيظهر الالتباس أول ما يظهر عند تكييف علاقة العمل لتحديد النظام القانوني الذي يشملها ومن ثمّ تحديد ما ينطبق من أحكام القانون الداخلي على العلاقة وما لا ينطبق فقد يمنع سريانها قيود قانونية نابعة من الشخصية الدولية لصاحب العمل وهي غالبًا قواعد من القانون الدولي العام، هنا يكون للدراسات القانونية أهمية بالغة في استشفاف التفسير الأقرب لمقاصد المشرع وغاياته وهو ما يسهم في تأصيل وتأسيس فهمٍ أفضل لأحكام القانون من خلال مناقشة الفرضيات واقتراح معالجتها. وفي هذا المطلب يتم التعريف بالموظف الدولي وإقامة التفرقة اللازمة بينه وبين أنظمة أخرى قريبة منه لكنها لا تخضع للأحكام التي تسري على الموظف الدولي.

 في هذا المطلب: التعريف بمفهوم الموظف الدولي في الفرع الأول، ثم التفريق بينه وبين مفاهيم أخرى قريبة منه لكنها لا تخضع للأحكام التي تسري على الموظف الدولي وذلك في الفرع الثاني، ثم تحديد المعيار الذي يستند إليه في التفرقة في الفرع الثالث.

الفرع الأول: تعريف الموظف الدولي

عرَّفت محكمة العدل الدولية الموظف الدولي في رأيها الاستشاري الصادر عام 1949بأنه "كل شخص يعمل بأجر أو بدون أجر بصفة دائمـة أو مؤقته يعين بواسطة أحد فروع المنظمة لممارسة إحدى وظائف المنظمة أو المساعدة في مباشرتها وهو كل شخص تعمل المنظمة بواسطته"[19].

وفي تعريفٍ آخر، يعرف الموظف الدولي بأنه "كل شخص يولى وظيفة عامة بصفة مستمرة ومنتظمة، وفقًا لنظام قانوني خاص تضعه المنظمة الدولية، يحدد حقوقه والتزاماته"[20].

ويقترح تعريفه بأنه "كل شخص طبيعي تمارس المنظمة الاختصاصات المنوطة بها من خلال عمله لحسابها وفقًا لتعليمات أجهزتها المختصة، سواء أعطته أجرًا على نشاطه أم تبرع لها بهذا النشاط، وبصرف النظر عن توقيت أو استمرار مهمته"[21].

وبصفةٍ عامة يوجد عنصر زمني يتمثل في اشتراط دوام واستمرار العلاقة بالمنظمة الدولية وعنصر موضوعي يرتكز على خضوع الموظف للنظام القانوني الذي تضعه المنظمة الدولية للعلاقة مع موظفيها والعاملين بها والاستقلالية عن الأنظمة الوطنية سواء كانت لدولة المقر أم حتى دولة الموطن[22].

وبذلك، يدخل في مفهوم "الموظف الدولي" الأشخاص الذين تكلفهم المنظمة بمهام تخصها سواء بصورة دائمة أم مؤقته مثل: رئيس البعثة، مساعد رئيس البعثة، الإداريين الفنيين، العمال، العاملين في مقر المنظمة أو لحساب المنظمة وخارجها.

‏كما يشمل المفهوم كل شخص تكلفه المنظمة بالأعمال التي تخصها مثل: المراقبين والمفتشين والخبراء والمرافقين ومن ضمنهم الخدم والعمال وكذلك العاملين في السفن والطائرات ويشمل التعريف أيضا المتعهدين والموردين وأفراد عوائلهم وهم من يعيش معهم تحت سقف واحد.

‏تجدر الإشارة إلى أن التعريف الذي تبنته محكمة العدل الدولية لا يقيم تفرقة بين موظفي فروع المنظمة بحسب جنسياتهم فقد يكونون من مواطني الدول الأعضاء في المنظمة الدولية أو ربما من غير الدول الأعضاء فالمعيار هو أن يكون العمل لصالح المنظمة.

‏أما بالنسبة إلى المكان، فهو أيضا لا يمنع من اعتبار الموظف العامل في المنظمة الدولية من الموظفين الدوليين فلا يشترط أن يكون عمله في مقر المنظمة الدولية الرئيس أو في أحد فروعها بالدول الأعضاء، وعلى هذا الأساس فلا يعتبر ممثلو الدول الأعضاء والعاملون معهم في البعثات الخاصة في الدول الأعضاء من الموظفين الدوليين التابعين لهذه المنظمة وإن كانوا يتمتعون بالحماية الخاصة المقررة لهم بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 لكنه مركز قانوني يخرج عن نطاق هذه الدراسة.

وتتفاوت الدول في نظام تعيين موظفيها بالمنظمات الدولية التي تتخذ من الدولة مقرًا لها فقد يكون تعيينه مشروطًا على سبيل المثال بموافقة دولته وفقًا للشروط التي تحددها المنظمة لتعيين مواطني تلك الدولة وقد تكون هناك ‏نسب محددة يتم الاتفاق بشأنها من الموظفين الذين يتم تعيينهم من مواطني دولة المقر، وعلى كل حال يخضع الأمر لما يرد في اتفاقية المقر من بنود وشروط تتعلق بذلك.

‏والأمر الذي يمكن استخلاصه من التعريفات المشار إليها هو وجود مقومات أساسية يقوم عليها مفهوم الموظف الدولي تتلخص فيما يأتي:

1-  ‏أن يتوفر في العلاقة التزام الموظف بالخدمة في منظمة دولية والخضوع لأوامرها وتنفيذ قراراتها.

2-  ‏أن يكون الغرض من العمل تحقيق أهداف المنظمة الدولية.

3-  ‏أن يؤدي الموظف النشاط باسم المنظمة الدولية وبصفته ممثلا لها وليس ممثلًا لدولة موطنه بالنسبة لهذا النشاط، وهذا ما يفسر استبعاد ممثلي الدول في المنظمات الدولية من دائرة الموظفين الدوليين.

4-  ‏أن يكون عمله لقاء أجر مدفوع من المنظمة الدولية وليس من دولته وهو أمر جوهري ضمن مقومات العلاقة الوظيفية.

5-  ‏أن يكون الموظف متفرّغًا للمهمة الملقاة على عاتقه بصفةٍ مستمرة فلا يكفي أن يكون العمل بصفة مؤقته أو لإنجاز مهمة محددة وإلا لن يعتبر موظفا دوليا[23].

وعليه ‏لا يعد من الموظفين الدوليين من يكون ممثلا لدولته فهو يخضع لنظام آخر هو النظام الدبلوماسي لممثلي الدول وتنظمه اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961 واتفاقية فيينا للبعثات الخاصة عام 1966 وهو ما يخرج عن نطاق الدراسة.

الفرع الثاني: التفرقة بين الموظف الدولي وأوضاع وظيفية أخرى

 لكل منظمة دولية جهاز إداري يتولى إدارتها وتتكون الهيئة الإدارية من مجموعة من الموظفين يعرف ب"الأمانة العامة" للمنظمة، وعادةً ما تلجأ المنظمات إلى تعيين مواطنين من دولة المقر في الوظائف ذات الصفة الدائمة والمستمرة تسري عليهم الأنظمة القانونية للخدمة في المنظمات الدولية[24]، ويستدعي البحث في موضوع الدراسة أن تتم التفرقة بين "الموظف الدولي" وأوضاع ومراكز أخرى ذات صلة بعمل الهيئات والمنظمات الدولية لكنها لا تأخذ المركز القانوني ذاته داخل المنظمة، إذ يظهر تباين المراكز من حيث نظام التعيين في المنظمة ومدى خضوع العلاقة للقانون الوطني لدولة المقر، وكذلك مدى الاستفادة بالحصانات والمزايا التي تسري على الموظفين الدوليين دون غيرهم، وبصفةٍ خاصة يقصد بذلك المستخدمون الدوليون والموظف الوطني ويتم التعرض لهذين المفهومين فيما يأتي ثم تحديد معيار تمييز "الموظف الدولي" عن غيره من العاملين في المنظمة وذلك بغرض تحديد مركزه التأميني.

أولًا: المستخدمون الدوليون

‏ من المفاهيم القريبة من الموظف الدولي يظهر مفهوم "المستخدم الدولي"[25] وهو كل شخص يعمل بواسطة أحد فروع المنظمة للمساعدة في مباشرة إحدى وظائفها، سواء أكان يعمل بأجر أم بدون أجر وبصفة دائمة أم مؤقتة فلا فرق، ولا يخضع حين يقوم بعمله للأنظمة الوظيفية للمنظمة، بينما يعمل الموظف الدولي في المنظمة بصفةٍ دائمة ويخضع لأنظمتها ولوائحها.

ثانيًا: الموظف الوطني

‏ يمكن للمنظمة أن تستعين بموظفين ليمارسوا أعمالًا إدارية معتادة أو فنية تخضع للقوانين والتشريعات الداخلية لبلد المقر وتحكمها القواعد المستمدة من القانون واللوائح المطبقة على علاقات العمل المعتادة لدى أي صاحب عمل آخر، هذا هو نظام الوظيفة الوطنية التي تمارس على الصعيد الوطني وفقا لقوانين بلد المقر ويشمل ذلك التشريعات واللوائح واجبة التطبيق في نطاق العلاقة الوظيفية وعلى هذا الأساس يمكن أن نجد من مواطني دولة المقر من يعمل لدى المنظمة دون أن يعتبر موظفًا دوليًا فهو أمرٌ يعتمد على طبيعة العمل الموكل إليه، لأن الوظيفة الدولية تعتبر وظيفة عامة لكن مجالها هو العلاقات الخارجية بين عدد ‏من أعضاء المجتمع الدولي وغايتها هو تحقيق المصالح المشتركة لأعضاء هذا المجتمع ويحكم علاقاتها قواعد وأحكام نظام القانون الدولي، وهو أمر لا يتوفر بشأن الوظيفة الوطنية.

وفي هذا السياق، تنظم قواعد القانون الداخلي المركز الوظيفي لكلٍ من المستخدم الدولي والموظف الوطني ومن بينها قانون التأمينات الاجتماعية فلا تثور إشكالية تحديد المركز التأميني بالنسبة لهما، بينما يخضع تحديد المركز التأميني للموظف الدولي لنظام قانونيٍ مختلط تحكمه قواعد القانون الدولي العام بالإضافة إلى قواعد القانون الداخلي.

وعلى هذا الأساس، إذا التحق مواطن بالعمل لدى إحدى المنظمات الدولية التي تتخذ من الكويت مقرًا لها فيلزم أولًا تحديد أساس تسجيله بالتأمين الاجتماعي الذي يتحدد بناءً على نظام تعيينه في المنظمة الدولية، فالتحاق مواطن بوظيفة ذات طبيعة إدارية خالصة لا ترتبط باختصاص المنظمة أو أغراضها لن يختلف عن أي عمل مماثل لدى صاحب عمل وطني معتاد، ولا محل عندها لاعتبار العلاقة وظيفة دولية، فهي وظيفة وطنية خالصة تحكمها قواعد القانون الوطني، والمعيار في ذلك هو وصف العمل والمهمات الموكلة للموظف بصرف النظر عن الشخصية الدولية لصاحب العمل.

 أما في الواقع العملي فإن الأمور لا تكون بهذا الوضوح، إذ كثيرًا ما يلتبس الأمر في تكييف الوظيفة وتحديد النظام التأميني الذي تخضع له علاقة العمل، لذا يثور التساؤل عن مدى وجود معيار محدد للتمييز بين الوظيفة الدولية والوظيفة الوطنية، ونظرًا لدقة هذا الأمر يتم بحثه في الفرع الآتي من الدراسة.

الفرع الثالث: معيار تمييز الوظيفة الدولية عن الوظيفة الوطنية

عند تكييف المركز الوظيفي للعاملين في المنظمات الدولية فإن من الأهمية بمكان ملاحظة أن المعيار المميز للوظيفة الدولية ليس واحدًا ولا متطابقًا في جميع الحالات، إذ يتطلب الأمر أن ينظر لكل حالة على حدة وبحث طبيعة العلاقة بالرجوع إلى القواعد التي تحكم العلاقات الوظيفية داخل كل منظمة، ويشمل ذلك القواعد العامة في القانون الدولي العام والقواعد الخاصة بموظفي المنظمة إن كان هناك نظامٌ خاصٌ بها.

فضمن السياق العام يتعين الرجوع إلى عددٍ من مصادر القانون الدولي العام ذات الصلة من مواثيق أو معاهدات واتفاقيات وبروتوكولات دولية سواء كانت أساسية أم مكملة، وأولها هو معاهدة إنشاء المنظمة نفسها وأي صلة لها باتفاقيات أو منظمات أخرى كأن تكون المنظمة فرعًا منبثقًا عن منظمة دولية أخرى، كما ينبغي بحث العلاقة في ضوء اتفاقيات المزايا والحصانات التي تتمتع بها المنظمة وموظفوها فمن مجمل هذه الأحكام يتحدد نظام العمل بالمنظمة وشؤون موظفيها.

وضمن السياق الخاص بالمنظمة ذاتها فمن الضروري أيضًا أن يتم الرجوع‏ إلى الاتفاقية التي ‏تربط المنظمة بدولة المقر فهي الإطار الذي ينظم علاقة المنظمة بالقانون الداخلي في دولة المقر، وضمن اتفاقية المقر يبحث عما تقرره بنودها من قواعد تنظم تعيين مواطني دولة المقر لديها والقواعد التي تحكم علاقتهم بالمنظمة، كما ينبغي بحث الأنظمة الإدارية واللوائح المنظمة لشؤون الموظفين وفقا للأنظمة الوظيفية الداخلية التي تضعها الأجهزة المختصة داخل كل منظمة، ويشير الفقه إلى هذه الأحكام باعتبارها قواعد وأحكام القانون الإداري ‏الدولي فعلى ضوئها يمكن تكييف علاقة العمل محل البحث فيما إذا كانت وظيفة دولية أم وظيفة وطنية باختلاف المركز القانوني لكل نظام منهما[26].

المطلب الثالث: إشكالية خضوع الموظف الدولي للتأمين الاجتماعي

يقرر قانون التأمينات الاجتماعية الكويتي بحسب الأصل إلزامية التسجيل في النظام بالنسبة لكل مواطن كويتي يلتحق بالعمل لدى صاحب عمل داخل دولة الكويت، فهل يسري ذلك على "الموظف الدولي"؟ ولماذا يثور التساؤل من الأساس؟ نحتاج في الواقع لمناقشة بعض الجوانب القانونية المتعلقة بتطبيق قانون التأمينات في مواجهة الوضع الخاص للموظف الدولي قبل أن ننظر في أحكام القانون وما يقرره في هذا الخصوص في موضع لاحق، ولهذا الغرض يتناول الفرع الأول خصوصية المركز القانوني للموظف الدولي، ثم مدى اعتبار الاشتراك التأميني من الضرائب التي تعفى المنظمات الدولية من أدائها في الفرع الثاني، ثم حكم الخضوع للتأمين في حال وجود صناديق تأمين خاصة وذلك في الفرع الثالث.

الفرع الأول: خصوصية المركز القانوني للموظف الدولي

للموظف الدولي مركز قانوني يميزه فهو يحمل صفتين في آنٍ واحد فهو من مواطني الدولة من جانب وكذلك من العاملين في منظمة دولية، لذلك يثور التساؤل عن الآثار المترتبة على هذا الوضع القانوني الخاص[27]، وتظهر هنا أهمية التميز بين الوظيفة الدولية والوظيفة الوطنية بالنسبة لمواطني دولة المقر الذين يلتحقون بالعمل في إحدى فروع المنظمات الدولية الموجودة في بلد موطنهم لما يترتب على ذلك من اختلاف في المركز التأميني الذي يخضع له الموظف الدولي، في حين أن الالتحاق بنظام "الموظف الوطني" لا يشكلُ فارقًا يذكر عن الالتحاق بأي صاحب عمل آخر داخل إقليم الدولة[28].

‏ومن الأمور التي تقترن بهذا المركز ما يتمتع به "الموظف الدولي" من امتيازات وحصانات دبلوماسية في الدول التي يعمل فيها، من ذلك ما يرد من أحكام تتعلق بالحصانات القضائية والإعفاءات من الضرائب المحلية وكذلك من إجراءات التفتيش[29]، لكنها ليست امتيازات وحصانات مطلقة وإنما تتقيد بحدودها وأغراضها فهي مقيدة بالعمل الوظيفي في المنظمة كما أن المنظمة ‏قد تنزل عن امتياز أو حصانة لأحد موظفيها في حال تبين أن الموظف الدولي قام بعمل مخالف لأنظمتها أو يتناقض مع أعمال وظيفته، ويحمل الموظف الدولي العامل في المنظمة الدولية هوية دبلوماسية صادرة من وزارة الخارجية لتلك الدولة[30]، ويذهب عددٌ من الفقهاء إلى أن تمتع "الموظف الدولي" بالحصانات المقررة هو أمرٌ مقرر لصالح الوظيفة لا من يشغلها لتمكين المنظمة من تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها[31]، فمن أجل تحقيق غاياتها تستقل المنظمة في مواجهة الدول الأعضاء، والعنصر البشري في المنظمة يعتبر هو أداتها في تحقيق غاياتها، ولذلك يتمتع الموظف الدولي باستقلالية عن دولة جنسيته.

‏هذا عن الجانب الأول في العلاقة وهو علاقة الموظف بالمنظمة الدولية، بينما ما يعنينا هنا في السياق الخاص بهذه الدراسة هو ما يحكم علاقة الموظف الدولي بدولة جنسيته وهي دولة المقر في الجانب المالي بوجهٍ خاص، ذلك أنه سيحصل على امتيازات مالية في مواجهة دولة المقر منها الإعفاء من الضرائب التي تفرض على رواتب الموظفين في الدولة وإمكانية تقاضي الراتب بعملة أجنبية، وفي الوقت نفسه فهو ما يزال مواطنا مرتبطا بدولة جنسيته ويحتفظ بالحقوق المقررة ‏وفقا للأنظمة المعمول بها ضمن علاقة المواطنة القائمة ومن ذلك بطبيعة الحال حق المواطن في الخضوع لنظام التأمينات الاجتماعية المعمول به[32]،غير أن الأمر يخضع لأحكام خاصة في هذه العلاقة تختلف عن علاقة ‏المؤمن عليه الذي يعمل لدى صاحب عمل عادي داخل الدولة ولا يتمتع بالمزايا ذاتها[33]، فهل تمثل استقلالية الموظف الدولي في مواجهة الدولة قيدًا قانونيًا يمنع من تطبيق القانون؟ وهل يوجد أساس قانوني يدعم هذا الرأي؟

ما يدفع للتساؤل هو طبيعة التأمين الاجتماعي من حيث إنه حقٌ ذو بعد مالي يفرض على صاحب العمل أداء اشتراك شهري عن كل مؤمن عليه يتبعه تمثل حصة صاحب العمل بالإضافة إلى توريد حصة المؤمن عليه بالاستقطاع من مرتبه شهريًا وفقًا للنسب والإجراءات المحددة بالقانون، ثم إن الاشتراك بالنظام هو الذي يؤهل المؤمن عليه للحصول على مزايا التقاعد، لذا فقد تختلط الأمور في الواقع العملي، فلا تقوم المنظمات بتسجيل الموظف الدولي إذا اعتبرت أداء الاشتراكات من قبيل الضرائب التي لا تُسأل عن أدائها لدولة المقر عن الموظفين الدوليين العاملين لديها، وتتم مناقشة ذلك في الفرع الآتي.

الفرع الثاني: هل يعدّ الاشتراك التأميني ضريبة على المرتب؟

‏يمكن القول بصفةٍ عامة إن الضريبة هي مبالغ تستقطع من المكلف وتؤدى للخزانة العامة وفقا للقواعد التي يقررها النظام الضريبي في دولة المقر عند تحقق الأوضاع الموجبة للتكليف بأداء الضريبة[34]، ‏وهي مبالغ تستقطع بصفة نهائية من المكلفين باعتبارها تكاليف عامة وتكون ضمن الميزانية العامة للدولة للإنفاق منها على المشاريع القومية التي تعود منفعتها على المواطنين جميعا ولا يشترط ‏أن يحصل المكلف في مقابل الضريبة على خدمة مباشرة من الدولة أو إحدى مؤسساتها.

‏أما الاشتراكات التي يتم استقطاعها من مرتبات وأجور المؤمن عليهم بنسب محددة ومواعيد دورية متجددة وفقا لنظام التأمين الاجتماعي فهي مبالغ مالية يحددها القانون نظير الاشتراك في نظام التأمين الاجتماعي بغرض الحصول على المنافع والمزايا التأمينية المقررة في النظام، وهي تمثل مصدرا رئيسا ‏لتمويل صناديق التأمينات الاجتماعية[35]، وعلى هذا الأساس فلا محل لاعتبار الاشتراك من الضرائب العامة بل هي أقرب للرسوم[36] وحتى لو سلمنا جدلا أن الاستقطاعات المالية الباهظة التي تؤدى للدولة مقابل الحصول على خدمة ‏عامة قد تتضمن معنى الضريبة المبطنة إذا تبين أن المقابل المدفوع يزيد عن القيمة المكافئة للخدمة أو الميزة العامة التي يحصل ‏عليها الممول عند أداء الرسم، فإن هذا الفرض لن يثور بشأن ما يستقطع من مبالغ اشتراكات تأمينية، سواءً من صاحب ‏العمل المخاطب بالقانون أم من المؤمن عليه، فمبالغ الاشتراكات المستقطعة ‏تبقى متدنية نسبيًا عند مقارنتها بما يحصل عليه المؤمن عليه من مزايا تأمينية عند إنهاء خدمته وأهمها المعاش التقاعدي الذي قد يستحقه لما تبقى من حياته لمدة قد تزيد على المدة التي خضع عنها للتأمين وكانت سببًا لاستحقاقه.

ومن ثمّ فإننا لا نرى محلًا لاعتبار الاشتراكات التأمينية من الضرائب على الإطلاق، وعليه فإنه لا يجوز الاستناد إلى هذه الحجة لاستبعاد تطبيق نظام التأمين الاجتماعي الوطني على من يلتحق من المواطنين بالعمل بمنظمة دولية تتخذ مقرًا لها في دولة الموطن.

الفرع الثالث: حكم الخضوع للتأمين الاجتماعي في حال وجود نظام تقاعد خاص بالمنظمة؟

يعتبر مبدأ عدم ازدواج التأمين الاجتماعي من المبادئ المستقرة في أنظمة التأمينات الاجتماعية، ونجد لهذا المبدأ أكثر من تطبيق في قانون التأمينات الاجتماعية الكويتي رغم عدم وجود تعريف له[37]، في حين ورد تعريف لهذا المفهوم ضمن نظام التأمين الاجتماعي الأمريكي يصف حالة الازدواج التأميني بأنه: "حين يخضع الفرد لأكثر من تغطية تأمينية من نظام التأمين الاجتماعي من سجل تأميني أو أكثر، كأن يستفيد بالمزايا التأمينية من السجل الخاص به باعتباره من ذوي الإعاقة وكذلك من المزايا التأمينية التي كان يحصل عليها أحد الأبوين عنه باعتباره كان يرعى طفلًا معاقا"[38]

وهنا ينبغي عدم الخلط بين فكرة الخضوع لنظام التأمين الاجتماعي للدولة الذي يحكمه مبدأ عدم ازدواج التأمين[39]، وفكرة أخرى ‏قريبة منها مع الفارق وهي حالة وجود نظام تأمين خاص للتقاعد يوفره صاحب العمل والمقصود هنا الفرع المحلي للمنظمة[40]، ورغم أن المشرع الكويتي لم يعرف صناديق التأمين الخاصة فإن أحكام المادة (83) من قانون التأمينات الاجتماعية تجيز لأصحاب الأعمال إنشاء صناديق تقاعد خاصة تمنح مزايا إضافية للعاملين.

فالفرض في نص المادة 83 من القانون يتعامل مع نظام للتقاعد لا يأتي من التأمين الاجتماعي للدولة بل جاء من نظام تقاعد خاص يسري على العاملين بالمنظمة دون غيرهم، فهو من خارج النظام التأميني واجب التطبيق، وهو بذلك يبدو قريبًا من نظام صناديق التقاعد الخاصة الذي يعرفه المشرع المصري بأنه: "كل نظام في أي جمعية أو نقابة أو هيئة أو من أفراد تربطهم مهنة واحدة أو عمل واحد أو أية صلة اجتماعية أخرى تتألف بغير رأس مال ويكون الغرض منها وفقًا لنظامه الأساسي أن تؤدى إلى أعضائه أو المستفيدين منه تعويضات أو مزايا مالية أو مرتبات دورية أو معاشات محددة "[41].

 ويتوقف الأمر في الواقع على ما يقرره القانون الداخلي للدولة عند قيام حالة من تعدد الأنظمة التأمينية التي يمكن تطبيقها على علاقة العمل المطلوب تسجيلها[42].

 وأيًا ما كان التنظيم المعتمد فإن المستقر فقهًا وقضاءً هو وجوب تفسير النصوص في السياق وفي حدود ألفاظ القانون ودلالاته، فلا يجوز التوسع في التفسير وإلاّ كان ذلك إنشاءً لحكم جديد بغير الطريق المحدد قانونًا، فالأصل العام هو وجوب خضوع المواطنين في دولة المقر من موظفي المنظمة لنظام التأمين الاجتماعي، وعلى هذا الأساس فإن وجود صندوق خاص يوفر مزايا تأمينية إضافية لا يعتبر من الازدواج التأميني المحظور، فإذا تبين أن صاحب العمل يوفر صندوق تأمين خاص كان ذلك مقبولًا وفقًا لأحكام المادة (83) ولا يجوز الاستناد على ذلك لمنع تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية على العاملين لديه، ولا يكون استبعادهم من نطاقه إلا وفقًا لمسوغٍ قانوني وعلى سبيل الاستثناء.

 ‏أما عن موظفي المنظمة من غير المواطنين فإن الأمر يتوقف على توجه المشرع من التأمين على الأجانب، فعلى سبيل المثال أنشأ المشرع الكويتي نظامًا خاصًّا بالمواطنين الكويتيين دون غيرهم، بالإضافة إلى نظام مد الحماية التأمينية الذي يخضع له مواطنو دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ويسمح باستفادة مواطني هذه الدول وحدهم من التأمين الاجتماعي حين يلتحقون بالعمل خارج دولهم لكن ضمن دول مجلس التعاون.

وبذلك تستكمل الدراسة بحث الجوانب النظرية لإشكالية التأمين على الموظف الدولي، ومع وجود الإشكالية تبدر الحاجة إلى استنباط حكم القانون الذي يتوافق مع القواعد القانونية بمنظور مختلط لكل من القانون الدولي الإداري الذي منح المنظمات الدولية استقلاليتها في مواجهة الدول الأعضاء ودولة المقر، وكذلك قانون التأمينات الاجتماعية الذي يوفر الضمان للمواطنين ضد مخاطر الحياة ومن بينهم المواطن الذي يعمل لدى هيئة دولية بصفته "موظفًا دوليًا".

المبحث الثاني: التأمين على الموظف الدولي في القانون الدولي العام

إن تحديد المركز التأميني للموظف الدولي لا يتأتَّى من دون الرجوع لأحكام القانون الدولي العام والفرع الإداري منه بصفة خاصة، ففي القانون الوطني نجد قواعد وضوابط الخضوع بينما تنبع القيود المرتبطة بالشخصية الدولية من القانون الدولي العام، ومن ذلك تظهر ديناميكية التفاعل ما بين هذين الفرعين في تحديد هذا المركز القانوني ذي الطبيعة الخاصة.

وفي هذا السياق تشكل أحكام اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية ركنا أساسا في دراستنا بما يقتضي تناول ما يتصل منها بإشكالية البحث من قواعد القانون الدولي الإداري في المبحث الأول، ولاستكمال الدراسة يتم أيضًا التعرض لمصدر آخر من القانون الدولي العام الإداري مرتبط بالنظامين الوطنيين لكل من دولة الكويت والمملكة العربية السعودية هو النظام الموحد لمد الحماية التأمينية لمواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية[43] وذلك في المطلب الثاني، بينما يستخلص المطلب الثالث الأصل في حكم التأمين على الموظف الدولي.

المطلب الأول: أحكام عامة من اتفاقية فيينا

بالرجوع إلى القواعد العامة في القانون الدولي العام، وتنظمها في هذا السياق الخاص اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية للعام 1961، فإن المادة (33) من الاتفاقية تقرر إعفاءات محددة من الخضوع للتأمين الاجتماعي في دولة المقر تسري بالنسبة إلى المبعوثين الدبلوماسيين تحديدًا، وطبقًا للبند (2) من المادة نفسها فإن الإعفاء من نظام التأمين الاجتماعي المحلي لا يسري على فئتين من العاملين:

‌أ-      العامل المواطن لدولة المقر أو المقيم فيها بصفة دائمة.

‌ب-  من يخضع أصلًا لنظام تأمين اجتماعي، سواء لدولة البعثة أم لدولة أخرى غير دولة المقر.

ويوصي البند (3) من المادة بضرورة مراعاة الالتزامات التي تفرضها أحكام التأمين الاجتماعي في دولة المقر على العاملين داخلها.

وهنا يلاحظ أن الإعفاء من الخضوع للتأمين الاجتماعي ليس إلا إعفاءً مقيدًا، فمن الجانب الأول نجده يسري فقط على من يحمل صفة "مبعوث دبلوماسي" دون غيره من موظفي البعثة الذين يعملون في مقر المنظمة بالدولة المستضيفة[44]، ومن الجانب الآخر يقرر النص صراحة أن الإعفاء من التأمين الاجتماعي لن يسري على فئتين من العاملين لوجود علاقة قانونية تربطهما بدولة المقر تمنع من تطبيق الإعفاء، فلا إعفاء للمواطن الذي يحمل جنسية دولة المقر، كذلك لا يشمل الإعفاء من يقيم فيها بصفة دائمة.

ومن ذلك يستدل على أن أحكام المادة (33) من اتفاقية فيينا لا تمنع من تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية على من يقطنون دولة المقر من العاملين في المنظمات الدولية، بل إنها تضع الإعفاء من تطبيقه ضمن حدود ضيقة، فالأصل أن ينطبق التأمين الاجتماعي داخل إقليم الدولة والاستثناء أن يمتنع تطبيقه وهو استثناء خاص بالدبلوماسيين وحدهم، وبمفهوم المخالفة فإنه لا إعفاء من التأمين الاجتماعي إذا تعلق الأمر بغير الدبلوماسيين، وحيث تقدمت الإشارة إلى أن الموظف الدولي لا يتمتع بالصفة الدبلوماسية فلن يكون هناك أي محل لإعفائه منه.

 ويتأكد ذلك من مضمون الفقرتين الآتيتين من نفس المادة، فوفقًا للفقرة (أ) لا يعفى مواطنو الدولة من التأمين وهو أمرٌ متحققٌ في الموظف الدولي، فهو مواطن في الدولة، ويمتنع الإعفاء أيضًا وفقًا للفقرة (ب) التي تسري عند تحقق الفرض الثاني الذي يقوم لو توفرت تغطية تأمينية من أي دولة أخرى، وهو فرض يندر تحققه مع مواطني دولة المقر.

 وبذلك يستنتج أن الأصل العام الذي أرسته المادة (33) يقوم على أولوية الخضوع للتأمين الاجتماعي وعدم الإعفاء منه إلا استثناءً وبشروط محددة، وحسب قواعد التفسير القانوني فإنه يجب إعمال الأصل مالم تقم مبررات الاستثناء المنصوص عليه، وينبغي وضع الاستثناء ضمن حدوده المقررة دون توسع وإلا كان ذلك إنشاءً لحكمٍ جديد دون سندٍ من القانون مثلما لا يجوز القياس عليه.

وتنص الفقرة الأخيرة من المادة (33) من اتفاقية فيينا على أن: "لا تؤثر أحكام هذه المادة على الاتفاقات الثنائية أو الجماعية الخاصة بالتأمين الاجتماعي التي عقدت في الماضي وكذلك تلك التي قد تعقد في المستقبل"، والواقع أن صدور النظام الموحد لمدّ الحماية التأمينية[45] يستدعي منا النظر في أحكامه لاستكمال جوانب البحث.

المطلب الثاني: أحكام خاصة من النظام الموحد لمد الحماية التأمينية

إن التكييف القانوني للإشكالية المعروضة يستدعي النظر في أحكام النظام الموحد، والواقع أنه لم يتعرض في أحكامه لمركز الموظف الدولي بشكل واضح لكن يمكن استشفاف ذلك من الأحكام العامة التي تحدد نطاق تطبيقه ضمن الباب الأول منه حسب فئات الخضوع للتأمين الاجتماعي[46]، ومن بينها الأحكام المتعلقة بتسجيل العاملين من مواطني دول المجلس بسفارة أي دولة عضو في المجلس.

وبربط ما تقرره الفقرة الأخيرة من المادة (33) من اتفاقية فيينا[47] مع أحكام النظام الموحد لمدّ الحماية التأمينية، نجد أن النظام لم يخرج في الواقع عن روح المادة (33)، فالنظام الموحد يقوم بوضوح على أساس مدّ مظّلة التأمينات الاجتماعية لمواطني دولة الموطن، فيمتد التأمين الاجتماعي مع المواطن حين يكون العمل خارج دولته وضمن دول المجلس، وبذلك يشترط لانطباق مد الحماية أن يخرج المواطن عن حدود دولة الجنسية، أما من يعمل داخل بلد الموطن فهو يخضع للقانون الوطني دون شك.

 أما موظفو السفارات من المواطنين الذين يشغلون وظائف إدارية أو فنية خالصة فإنهم لا يستفيدون من الحصانات والامتيازات الدبلوماسية، وبذلك يظهر المقصود من نظام مد الحماية فهو في الواقع مدٌّ للتغطية التأمينية التي يقررها القانون الوطني لدولة الجنسية خارج حدودها الجغرافية إلى حيث يعمل هذا المواطن، وتعبر المادة (2) من النظام عن تطبيق مبدأ شخصية القانون الوطني في مجال التأمين الاجتماعي، الأمر الذي يتوافق في الواقع مع أحكام المادة (33) المشار إليها ولا يتعارض معها.

أما من يعمل من المواطنين داخل موطنه لدى إحدى الجهات الدولية من غير سفارات دول المجلس فيمكن تطبيق الأصل العام على حالته، وتحدد التعريفات في المادة (2) نطاق مد الحماية التأمينية فتبين من هم المشمولون بالحماية المقررة فيه، فالنظام معد بحســب الأصل ليسري علـى من يعمل من مواطني دول المجلس خارج دولة الموطن على أن يكون العمل في أي دولة عضو في المجلس وفي هذه الحالة تكون الدولة الثانية هي دولة مقر العمل، لكن النظام نفسه لا يخاطب بحسب الأصل من يعمل داخل دولته؛ لأن العمل داخل دولة الموطن يكون مانعًا من تطبيقه، وسبب المنع في هذا الفرض هو شموله بالتغطية التأمينية للقانون الداخلي مباشرة، ومن ثم فلا محل لتطبيق النظام الموحد على حالته لانتفاء علّة ذلك، وعلى هذا الأساس يسري الأصل العام على العاملين في الجهات الدولية وسيشمل ذلك الموظف الدولي دون شك.

أما القول بغير ذلك فسيؤدي إلى نتائج متضاربة فيسمح بتطبيق أكثر من نظام تأميني عن نفس العلاقة: الأول هو النظام الوطني الأساسي، والثاني هو نظام مد الحماية وهو أمرٌ لا يتسق مع الأصل العام في الأنظمة التأمينية الذي يقوم على أساس عدم ازدواج التغطية التأمينية[48]، ويؤيد ذلك ما ورد في المذكرة الإيضاحية للنظام فهو لم يعدّ من حيث الأصل إلا سعيًا لتحقيق غايات وأهداف محددة بغرض تحقيق الطمأنينة الاجتماعية لمواطني دول المجلس العاملين في غير دولهم بحيث تلتزم كل دولة بمدّ مظلة الحماية التأمينية لمواطنيها العاملين خارجها في أي دولة عضو في المجلس، باعتبار أن هؤلاء بعملهم في الخارج انحسر عنهم الغطاء التأميني المقرر لأقرانهم العاملين في الداخل وهو ما تؤكد عليه أحكام المادة (2) من نظام مد الحماية التأمينية التي تحدد نطاق سريانه؛ حيث تنص على أنه: "تطبيقًا لأحكام هذا النظام، تسري قوانين/نظم التقاعد المدني/التأمينات الاجتماعية السارية في دول المجلس على مواطنيها العاملين في دول المجلس الأخرى".

ومن هذا المنظور، فإنه إذا توفر أساس لاستفادة مواطن من التأمين الاجتماعي وفق النظام الداخلي لدولة جنسيته فإن هذا النظام يسري في شأنه باعتباره الأصل العام واجب التطبيق فلا يوجد من ثم مسوغ لسريان نظام مد الحماية مع النظام الوطني، كما أن نظام مد الحماية في ذاته لا يمثل مانعًا من سريان النظام الداخلي على العلاقة عند قيام أسباب ذلك.

 وهكذا نستخلص أن النظام الموحد لمد الحماية التأمينية باعتباره اتفاقية إقليمية إنما يتبع نفس التوجه الذي تتبعه اتفاقية فيينا، فلا يسمح بالإعفاء من الخضوع للتأمين الاجتماعي إلا على سبيل الاستثناء من الأصل العام وهو سريان النظام الداخلي للتأمين الاجتماعي على علاقات العمل التي تنشأ داخل دولة الموطن، ولا يغير من ذلك طبيعة أو كيان صاحب العمل الذي قد يكون هيئة دولية مثل السفارات، وذلك كله مالم يقم مانعٌ صريح من القانون، وقد تبين لنا أن ذلك لم يحدث إلا بالنسبة إلى المبعوثين الدبلوماسيين دون غيرهم استثناءً من الأصل العام، أما ما عداهم من الموظفين الفنيين والإداريين فيسري عليهم الأصل وهذا ما يجب أن ينطبق على الموظف الدولي لاتحاد العلة[49].

المطلب الثالث: أولوية خضوع الموظف الدولي للتأمين الاجتماعي

في المطلبين السابقين استخلصت الدراسة أن القواعد العامة في القانون الدولي العام، والدولي الإداري تحديدًا، لا تمنع من سريان نظام التأمينات الاجتماعية على المخاطبين بأحكامها من موظفي المنظمات والهيئات الدولية، بل على العكس من ذلك ظهر جليًّا وجود توجه نحو حفظ مصلحة العاملين بها بالاستفادة من أحكام التأمين الاجتماعي الداخلي وعدم الإعفاء منها إلا استثناءً ضمن حدودٍ ضيقة، وعلى هذا الأساس يكون الخضوع للتأمين الاجتماعي أولوية.

وفي هذا السياق يمكن القول بأن الخضوع للتأمين الاجتماعي لا يتعارض مع الحصانات الدبلوماسية فتلك لها مجال وأغراض مختلفة وهذا له مجال وأساس قانوني مختلف يعترف به القانون الدولي العام ويتركه لعلاقة هذا الموظف بالنظام الوطني الذي يسري عليه.

 مع ذلك يحدث في الواقع العملي ألا تكون القواعد العامة في القانون الدولي الإداري واضحة لأطراف العلاقة وهم مؤسسة التأمينات الاجتماعية، صاحب العمل (المنظمة الدولية)، والمؤمن عليه (الموظف الدولي)، فبالنسبة للطرف الأول ربما يلتبس معه الأمر بسبب خصوصية الكيان القانوني للجهات الدولية وما يفرضه من اتباع بروتوكولات معينة عند التعامل مع جهات دبلوماسية تتمتع بالحصانات الدبلوماسية المالية والقضائية، خاصةً وأن الخضوع للتأمين يقوم على أساس أداء مبالغ مالية تستحق في مواعيد قانونية محددة وتلتزم الجهة الإدارية بمطالبة صاحب العمل بأدائها عند التأخير، وبالنسبة للطرف الثاني وهو المنظمة الدولية فيعتمد الأمر على فهمه لحدود الحصانة المالية وقد يختلط الأمر إذا اعتبر اشتراكات التأمين الاجتماعي من قبيل الضرائب المحظور استقطاعها، أما بالنسبة للطرف الثالث وهو الموظف بالسفارة فلن يكون بوسعه التقدم بطلب تسجيله في التأمين الاجتماعي منفردًا فهو بحاجة لتعاون صاحب العمل لإتمام التسجيل الذي يتطلب توفير بيانات كافية عن علاقة العمل والوفاء بالالتزامات حتى يستفيد من التغطية التأمينية هو ومن يعولهم في مواجهة مخاطر الحياة المؤمن ضدها.

لذا، يخصص المبحث الآتي لدراسة أحكام القانون الوطني بحثًا عن حكم القانون في هذه الإشكالية العملية

المبحث الثالث: التأمين الاجتماعي على الموظف الدولي بين نظامين وطنيين

تستكشف الدراسة في هذا المبحث الأحكام المتعلقة بالتأمين على الموظف الدولي اجتماعيًا في كلٍ من دولة الكويت والمملكة العربية السعودية ضمن منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربي، فتسعى إلى استشفاف موقف كل نظام من التأمين على الموظف الدولي، ويتطلب الأمر تحليل أحكام النظامين للنظر في مدى تنظيم الموضوع صراحةً، فإذا لم ينظمه القانون تدعو الحاجة إلى البحث عن الحكم الأقرب لمقاصد المشرع وذلك من حيث مسوغات الخضوع للتأمين الاجتماعي ومدى إلزامية الخضوع في حال توفرت الحماية التأمينية من القانون.

وتعنى الدراسة هنا باستشفاف القواعد ضمن اختصاص قانوني دقيق يندر حوله الدراسات النظرية ويسوده نوع من عدم اليقين، فهو مجالٌ تسوده مبادئ يتم إرساؤها في الممارسة العملية بمناسبة الحالات التي تعرض للجهات المنفذة لقانون التأمينات[50]، أما الإشكالية الخاصة في هذه الدراسة فلم يستدل على أحكام قضائية تتناول منازعات بشأنها لذا يتم اتباع المنهج التحليلي التأصيلي للأحكام.

وينقسم المبحث إلى ثلاثة مطالب، ينظر الأول في أحكام النظام الكويتي، ثم ينظر الثاني في أحكام النظام السعودي، ويلقي المطلب الثالث الضوء على المشكلة من منظور واقعي.

المطلب الأول: موقف المشرع الكويتي

تنظم المادة (2) من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالمرسوم رقم (61) لسنة 1976 أحوال الخضوع للتأمين الاجتماعي إلزاميًا إذ تشمل كل علاقة عمل تضم مواطنًا كويتيًا داخل الكويت، وهو الأصل العام الذي يسري على كل علاقة عمل تنشأ داخل دولة الكويت بين مواطن كويتي وصاحب عمل مخاطب بأحكام قانون التأمينات الاجتماعية، والمسوغ الأساسي هنا هو جنسية العامل الذي يجب أن يكون مواطنًا كويتيًا، أما صاحب العمل فيمكن أن يكون من أي جنسية أو أي كيان قانوني.

من جانب آخر، لم يحرم المشرع المواطن الذي يلتحق بصاحب عمل غير مخاطب بقانون التأمينات الاجتماعية من الخضوع للتأمين، فالمادة (1) من المرسوم بالقانون رقم (11) لسنة 1988 بالاشتراك في التأمينات الاجتماعية اختياريًا للعاملين بالخارج ومن في حكمهم تنص على أن "يجوز للكويتيين الذين يعملون خارج الكويت أو داخلها لدى صاحب عمل غير مخاطب بأحكام القانون رقم (61) لسنة 1976 المشار إليه الاشتراك اختياريًا في التأمين المنصوص عليه في الباب الثالث منه، وذلك بمراعاة الأحكام المنصوص عليها في المواد الآتية".

وتبين الفقرتان الخامسة والتاسعة من المذكرة الإيضاحية للمرسوم بالقانون المشار إليه المقصود بصاحب العمل "غير المخاطب" بأحكام القانون وهو المنظمات أو الهيئات الدولية التي تقضي اتفاقيات إنشائها أو قوانينها التي أقرت من قبل دولة الكويت بعدم التزامها بنظام التأمينات الاجتماعية.

وتعنى هذه الدراسة بفروع المنظمات والهيئات الدولية التي تتخذ من الكويت مقرًا لها وتقوم بتعيين موظفين دوليين يحملون الجنسية الكويتية، وما يظهر من النص أن خضوعهم للتأمين يتوقف على عدم وجود مانع من التسجيل في اتفاقيات أو أحكام من القانون الدولي العام، وبذلك يتضح أن من يحدد خضوع صاحب العمل الدولي للتأمين الاجتماعي الداخلي من عدمه هي قواعد القانون الدولي العام.

ومن ذلك يظهر لنا التفاعل الديناميكي بين قانون التأمينات الاجتماعية وهو هنا القانون الداخلي والقواعد ذات الصلة من القانون الدولي العام في استخلاص المركز التأميني الأقرب لتفسير القانون، ويقتضي تحديد المركز التأميني التثبت من انتفاء المانع من الخضوع للتأمين الاجتماعي في تلك القواعد، ويعنينا منها في هذا السياق ما يأتي:

1-  القواعد العامة التي تقررها المادة (33) من اتفاقية فيينا[51].

2-  القواعد الخاصة التي تستمد من اثنين من الاتفاقيات:

‌أ-      اتفاقية إنشاء المنظمة الدولية.

‌ب-  اتفاقية المقر مع الدولة المستضيفة.

أولًا: عدم وجود مانع في القواعد العامة:

سبق بحث الإشكالية من منظور القانون الدولي العام حسب أحكام المادة (33) من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية للعام 1961، فتبين أن الإعفاء من الخضوع للتأمين الاجتماعي محدود ويقتصر على المبعوثين الدبلوماسيين وحدهم دون غيرهم من العاملين بالمنظمات وذلك بمراعاة ما توصي به الفقرة الثالثة من المادة صراحةً بضرورة مراعاة الالتزامات التي تفرضها أحكام التأمين الاجتماعي في دولة المقر على العاملين داخل إقليمها.

وبذلك نستنتج أن تطبيق أحكام المادة (33) المشار إليها على علاقات العمل التي تضم مواطنًا كويتيًا يعمل بفرع لمنظمة دولية داخل الكويت لا يشكل مانعًا في ذاته من اتباع الأصل العام وهو وجوب تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية الذي يعتبر صاحب العمل مخاطبًا بأحكام القانون بصفة إلزامية عن كل مواطن يلتحق بالعمل لديه، ومع وجود الأصل العام في القانون الدولي الإداري الذي يوصي بالخضوع للتأمين الاجتماعي لدولة المقر بالنسبة للعاملين المواطنين فإن أي حكم بالإعفاء من الخضوع للتأمين ينبغي أن يستند إلى نص صريح من نفس الدرجة حتى يقيد القاعدة العامة، وإلا وجب تطبيق الأصل العام.

ثانيًا: البحث في الاتفاقيات الخاصة:

إن التحقق من عدم وجود مانع يعيق التسجيل في التأمين الاجتماعي أمرٌ يقتضي بحث كل حالة واقعية على حدة من خلال النظر في أحكام النظام الأساسي للمنظمة الدولية المعنية وما يقرره بشأن المزايا والإعفاءات الممنوحة للمنظمة، وهو المستوى الأول في القواعد الخاصة، وكذلك الرجوع لاتفاقية المقر ذاتها فيما إذا كانت تتضمن أي إعفاء من الخضوع لنظام التأمين الاجتماعي من عدمه، وهو المستوى الثاني من القواعد الخاصة، ومن الأمور التي ينبغي وضعها في الحسبان أن السكوت عن تنظيم هذا الأمر في الاتفاقيات الخاصة لا يكفي في ذاته لاستبعاد العمل بالأصل العام الذي بينته أحكام المادة (33) الذي يوصي بالخضوع للتأمين الاجتماعي.

وعليه، فإن تحديد ما إذا كان فرع المنظمة الدولية مخاطبًا بأحكام القانون من عدمه هو أمرٌ متغيرٌ بتغير المنظمات وتعدد أنظمتها ويستدعي إجراء ما يلزم من البحث في نظامها الأساسي في جميع الأحوال، وكذلك البحث في أي اتفاقيات يحيل إليها النظام الأساسي كأن تكون المنظمة فرع منبثق من منظمة أخرى وفي هذه الحالة يتعين الرجوع إلى اتفاقية تأسيس المنظمة الأم[52]، فإذا أسفر البحث القانوني المتكامل عن عدم وجود إعفاءٍ صريح من الخضوع للتأمين فإن المانع ينتفي وبانتفائه سيسري الأصل العام دون شك وتكون المنظمة الدولية المعنية صاحب عمل مخاطب بأحكام القانون بما يترتب على ذلك من آثار.

أما بشأن صناديق التقاعد الخاصة بموظفي بعض المنظمات، وهي صناديق خاصة لا ترتبط بالتأمين الاجتماعي الذي تقدمه الدولة، فقد تقدمت الإشارة إلى أن وجودها لا يعد من قبيل الازدواج التأميني المحظور، وتتعامل المادة (83) من القانون مع تلك الفرضية باعتبارها من المزايا الإضافية أو التكميلية لما ورد بقانون التأمينات الاجتماعية التي يجوز لصاحب العمل أن ينشئها بمعرفته من دون أن تغني عن الخضوع للتأمين الاجتماعي الإلزامي مثلما أن وجودها لا يمنع من سريان الأصل العام، ويسري حكم المادة (83) على المنظمات والهيئات الدولية عند التسجيل بفئة (صاحب عمل) فيعتبر نظام التقاعد الخاص بها ميزة إضافية.

المطلب الثاني: بحث الموضوع في ضوء نظام التأمينات الاجتماعية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/33) المؤرخ 3/9/1421 هـ ولوائحه التنفيذية

يتعرض هذا المطلب لنطاق تطبيق النظام مستخلصًا من أحكامه العامة في الفرع الأول، ثم يتناول الأحكام الخاصة بالعاملين في السفارات الأجنبية داخل المملكة في الفرع الثاني.

الفرع الأول: نطاق تطبيق التأمين الاجتماعي

تبين المواد من (الرابعة وحتى الثامنة) نطاق تطبيق النظام بالتفصيل من حيث تحديد الفئات التي تخضع له خضوعًا إلزاميًا، والفئات التي تخضع خضوعًا اختياريًا، بالإضافة إلى بيان الفئات المستثناة من الخضوع لأحكامه التي وردت على سبيل الحصر في (المادة الخامسة) منه، وتسري هذه القواعد على علاقات العمل المشمولة بالنظام بصفةٍ عامة.

وبتمحيص أحكام النظام يظهر أن مناط الخضوع لهذا النظام هو وجود علاقة عمل بين عامل سعودي وصاحب عمل داخل المملكة، فهو الأساس الذي تبنى عليه العلاقة التأمينية، ويأخذ الحكم نفسه عمل المواطن السعودي خارج المملكة لدى صاحب عمل مقره الرئيس يقع داخلها، بالإضافة إلى ذلك يلزم أن يكون المشترك من غير الفئات المخاطبة بالنظام بصفة اختيارية طبقًا للفقرة (4) من المادة الرابعة ولا من الفئات المستثناة من أحكامه التي بينتها المادة الخامسة على سبيل الحصر، فإذا تحقق الشرط وانتفت الموانع يكون الخضوع للتأمين خضوعًا إلزاميًا لا إعفاء منه ويقع باطلًا كل اتفاق يخالف حكمه.

وباستقراء التوّجه الغالب على هذا النظام فقد ظهر أنه يجنح إلى توسيع نطاق الخضوع لأحكامه بحيث تشمل مزاياه أكبر فئة من المشتركين، ويستشف ذلك مما يأتي:

1-   لا يقتصر الخضوع الإلزامي للنظام على من يعمل من السعوديين داخل المملكة بل يمتد ليشمل من يعمل خارجها لدى صاحب عمل مقره الرئيس يقع داخلها، وامتداد التغطية في هذه الحالة تعني ومن باب أولى شمولها لمن يعمل بالداخل في عمل أو وظيفة لم يرد في شأنهما استثناء.

2-   بالإضافة إلى الفئات المنصوص عليها في المادة الرابعة من النظام، فإنه يجوز أن يصدر قرار من الوزير بناءً على موافقة مجلس الإدارة يقضي بشمول فئات أخرى من المواطنين بنظام التأمينات الاجتماعية وذلك من غير الفئات المنصوص عليها فيه، ويستدل من ذلك على أن الفئات المحددة في النظام تمثل الحد الأدنى الذي يمكن رفعه في أي وقت بإضافة فئات جديدة لم يشملها النظام وبموجب إجراءات إدارية ميسرة.

3-   بالرغم من أن أحكام المادة الخامسة من القانون تقرر استثناء بعض الفئات من الخضوع للتأمينات الاجتماعية، فإن الاستثناء الوارد فيها يبقى محدودًا لا يسري على من يخضع منهم لأنظمة تقاعد خاصة، أو لأنظمة عمل في جهات حكومية أو خاصة تتوفر لديها معايير معينة (الفئات في البنود أ ج دوكذلك من حيث ما يقرره النظام ذاته من إمكانية تطبيق أحكامه على بعض الفئات التي استثناها باتباع إجراءات إدارية ميسرة، إذ يجوز للمذكورين في البندين (ز) و(ح) أن يخضعوا لأحكامه خضوعًا اختياريًا بناء علـى طلـب صـاحب الشأن، كمـا يجـوز أن يخضـع كــل أو بعض الفئات المذكــورة في البنود (ج، د، هـ) للنظام بناءً على قرار من الوزير يصدر بعد موافقة مجلس الإدارة.

وفي مقابل ما أجازه النظام من رخص وصلاحيات تسمح بشمول فئات إضافية من المواطنين بالحماية التأمينية المقررة فقد وضع قيدًا يمنع من النزول عن الحقوق المقررة فيه؛ إذ تنص المادة الثالثة والستون منه على أن "كل اتفاق أو تسوية تخالف أحكام هذا النظام وتصدر ممن يشملهم، تعد باطلة إذا كان من شأنها أن تضر بحقوق المستفيدين أو أن تحمّل المشتركين أو أفراد عائلاتهم التزامات إضافية".

والحكم الوارد في هذا النص هو حكم آمر لا يجوز الاتفاق على ما يخالفه كما أنه جاء عامًا ومطلقًا في مداه، بما يدل على أن النظام يضع مصلحة المشتركين في المقام الأول، ومن ثم فلا يجوز التوسع في تقرير استثناءات إضافية لم يرد بشأنها نص خاص في النظام، خاصة وأن القول بغير ذلك من شأنه أن يؤدى إما إلى النزول عن بعض المزايا المقررة به أو تحميل المشترك أعباء إضافية، أو باستبعاده نهائيًا من الخضوع لأحكامه، وكل ذلك مخالف لحكم المادة الثالثة والستين مخالفة واضحة.

الفرع الثاني: أحكام خاصة بالعاملين في الهيئات الأجنبية داخل المملكة

بفحص أحكام النظام ولائحته التنفيذية الخاصة بالتسجيل والاشتراكات تبين أنه لم يغفل فئة العاملين في الهيئات الأجنبية داخل المملكة سواء أكانت دولية أم سياسية أم عسكرية، وذلك على التفصيل الآتي:

1-  ورد النص في الفقرة (ب) من المادة الخامسة من النظام الذي تقدمت الإشارة إليه على استثناء "الموظفين الأجانب الذين يعملون في البعثات الدولية أو السياسية أو العسكرية الأجنبية".

وورد حكم مماثل في المادة (2) من اللائحة المشار إليها وذلك في البند (ب) من الفقرة (3) منها، وبمفهوم المخالفة، يستشف من هذا الحكم أن الاستثناء المقرر فيها لا يسري على المواطنين السعوديين العاملين فيها ويقتصر على الأجانب من موظفي السفارات فحسب.

2-  تقرر المادة (2) من لائحة التسجيل والاشتراكات في الفقرة (2) من يخضع للنظام بصفة اختيارية، وقد ورد في البند (و) من هذه الفقرة: "و يحق للمواطنين السعوديين الذين يعملون في البعثات الدولية والسياسية والعسكرية الأجنبية بالمملكة إذا لم يخضعوا إلزاميًا أن يطلبوا الاشتراك اختياريًا في النظام، ويعاملون في هذه الحالة معاملة الفئات المنصوص عليها في الفقرة (4) من المادة (4) من النظام".

ومن مؤدى هذا الحكم أن الأصل هو خضوع هذه الفئة من المواطنين للتأمين الاجتماعي خضوعًا إلزاميًا، فإذا لم يتحقق لهم ذلك لأي سبب من الأسباب كان لهم حق التقدم بطلب الاشتراك في التأمين اختياريًا.

والمستفاد من جميع ما تقدم من أحكام: أن الأصل في نظام التأمينات الاجتماعية بالمملكة العربية السعودية أنه يسري على السعوديين العاملين في البعثات الدولية والهيئات الأجنبية داخل المملكة ويكون خضوعهم له خضوعًا إلزاميًا ولم يستدل من البحث في أحكامه على مسوغ لاستثناء هؤلاء العاملين من الخضوع لهذا النظام.

ويحقق الحكم المقرر المصلحة الأفضل للمؤمن عليهم، أما القول بعدم انطباقه فيؤدي إلى حرمانهم من الحقوق والمزايا المقررة في النـظام، وذلك إن تحقق سيتعارض حتمًا مع أحكام المادة الثالثة والسـتين منه ومع حكم المادة (2) من النظام الموحد لمد الحماية.

ونخلص من دراسة الأحكام ذات الصلة في النظامين الوطنيين لكلٍ من دولة الكويت والمملكة العربية السعودية إلى اتفاق النظامين على اعتبار الخضوع للتأمين هو الأصل العام، وأن الإعفاء منه لا يكون إلا استنادًا إلى نصٍ صريح من نفس المرتبة التشريعية أو أعلى منها وهو ما يتسق تمامًا مع أحكام القانون الدولي الإداري التي استخلصتها الدراسة في المبحث السابق.

وفي غيبة المانع من أحكام القانون الدولي الإداري والقانون الوطني فإن التساؤل ما يزال قائمًا عن أسباب الغموض في تحديد المركز التأميني للموظف الدولي، وهو ما يتطلب تحليل الإشكالية من منظور تطبيقي واقعي في المطلب الآتي.

المطلب الثالث: واقع التأمين على الموظف الدولي

انتهت الدراسة في أجزائها السابقة إلى استخلاص الأصل العام في خضوع الموظف الدولي للتأمين إلزاميًا، وأن الإعفاء من الخضوع لا يصح أن يتقرر إلا استثناءً واستنادًا لنص صريح من القانون، وبغير ذلك لا محل للقول بعدم سريان أحكام التأمين الاجتماعي الداخلي على الموظف الدولي، فاستبعاده من التأمين الاجتماعي أمرٌ لا يمكن تقديره أو الاستدلال عليه ضمنًا.

 ومع توفر هذا الأصل في القانون، فإن التساؤل ما يزال قائمًا عن معوقات تسجيل الموظف الدولي رغم اتفاق الأحكام من القانون الدولي الإداري والنظامين الوطنيين اللذين تم بحثهما في الدراسة على خضوعه للتأمين الاجتماعي إلزاميًا، وهنا نحتاج أن نناقش الإشكالية من منظور واقعي فالواضح أنها تنبع من تفسير الأحكام، والتفسير عملٌ قانوني تطبيقي دون شك يرتبط بتوجه القائمين على تطبيق نظام التأمين الاجتماعي، لذلك فإن من الأهمية بمكان أن تتم الإشارة إلى بعض الصعوبات العملية التي قد تعترض تسجيل الموظف الدولي بنظام التأمين الاجتماعي حتى مع انتفاء المانع القانوني، وتتم مناقشة ذلك في فرعين يتناول الأول صعوبات التسجيل المحتملة، ويقدم الثاني مقترحًا للمعالجة من المنظور الواقعي نفسه وبذلك تكتمل جوانب الدراسة.

الفرع الأول: صعوبات تسجيل الموظف الدولي

حسب تقدير الباحثة الذي يقوم على خبرة عملية في مجال قانون التأمينات الاجتماعية، فإن ورود طلب لتسجيل موظف دولي بالتأمين الاجتماعي غالبًا ما يتم بحثه ضمن الظروف الآتية:

1-  نظرًا لغياب اليقين حول المركز التأميني للموظف الدولي فقد تتفاوت الآراء عند تنفيذ القانون حول مدى إلزامية التسجيل وقد تختلف المعالجة من الجهة التنفيذية للحالات التي ترد من جهات دولية، وعند غياب اليقين قد يذهب الرأي الراجح إلى اعتبار التأمين اختياريًا بالنسبة إلى الموظف الدولي الذي يعمل داخل دولة جنسيته، فإذا حدث أيٌّ من ذلك تترتب آثار يعرفها الممارسون للعمل التأميني من شأنها أن تقلل من استفادة الموظف الدولي من منافع التأمين، من ذلك على سبيل المثال:

أ.    أن خضوع المواطن "الموظف الدولي" للنظام الوطني بصفة إلزامية لا يحمِّله سوى حصته من الاشتراكات بحسب الأصل دون أي فروق، بخلاف الخضوع الاختياري الذي يحمله حصة إضافية بطبيعة الحال بسبب إعفاء صاحب العمل من أداء ما يستحق عليه.

ب. أن تسجيل المواطنين وفقًا للنظام الوطني يوجب أن يتم سداد الاشتراكات المستحقة بالعملة الوطنية وهو ما يحدّ من الصعوبات العملية المترتبة على أداء المرتب بالعملة الوطنية وسداد الاشتراكات عنه بعملة أخرى قد تتعامل بها المنظمة الدولية.

ج. أن خضوع من يعمل بالسفارات لنظام التأمين الاجتماعي الداخلي يجعله يخضع لكافة فروع التأمين وهو ما يحقق له مصلحة أفضل، وأن تبني الرأي الذي يستبعد هؤلاء العاملين من النظام الداخلي قد يترتب عليه حرمانهم من بعض المزايا التي تتقرر للخاضعين إلزاميًا، من ذلك على سبيل المثال يستفيد المؤمن عليه إلزاميًا وفقًا لتأمين الباب الثالث من قانون التأمينات الاجتماعية الكويتي من ميزة التأمين ضد إصابات العمل ولا يستفيد منها الخاضع اختياريًا للتأمين.

د.   في حال حدوث نزاع عمالي بين العامل وجهة عمله فإن اعتبار الهيئة الدولية صاحب عمل وفقًا للقوانين الداخلية سيمكنه من اللجوء إلى القضاء الوطني بشكل مباشر، بمراعاة اتباع الإجراءات القضائية الخاصة في مثل تلك الحالات.

2-  لا يخفى أن تعامل الجهات الإدارية الداخلية مع المنظمات والجهات الدبلوماسية يستدعي قدرًا عاليًا من الاحترام لطبيعتها الدولية الخاصة والحصانات المقررة لها في الاتفاقيات والمواثيق الدولية وكذلك في اتفاقية المقر، وهذا أمرٌ يكون له انعكاس بطبيعة الحال في ضرورة اتباع مسار إجرائي مختلف حين يتعلق الأمر بصاحب عمل ذي شخصية دولية بمناسبة تسجيل العاملين لديه في التأمين الاجتماعي، وتثور الصعوبة تحديدًا إذا لم يبادر صاحب العمل بالتسجيل أو بتوريد الاشتراكات المستحقة عليه في موعدها، هنا سيتطلب الأمر أن يجري ذلك عبر القنوات التي تحددها الدولة وهو ما قد يستغرق وقتًا أطول من المعتاد بما يترتب على ذلك من تراكم المبالغ المستحقة لحساب الجهة التأمينية.

3-  قد يلتبس الأمر في الواقع العملي لدى المنظمات والهيئات الدولية فتمتنع عن تسجيل مواطني دولة المقر بنظام التأمين الاجتماعي اعتقادًا منها بتعارض التسجيل مع الحصانات الدبلوماسية المقررة لها، فإذا حدث ذلك سيواجه الموظف الدولي صعوبة تقديم طلب التسجيل منفردًا ولن يكون بوسعه تقديم ما يلزم من مستندات لإثبات علاقة العمل بكامل بيانات الوظيفة الدولية، فهي أمور تحتاج تعاون صاحب العمل وموافقته على تزويده بالمستندات المطلوبة، ومن الوارد أن تمتنع الجهة الدولية بحجة سرية المستندات، وفي هذه الحالة لن تتمكن الجهة الإدارية من اتخاذ إجراءاتها المعتادة التي تمارسها على أصحاب الأعمال بما لها من سلطة الضبطية القضائية، وهي صلاحيات تتيح لها في الأحوال العادية الانتقال لمقرات أصحاب الأعمال ومباشرة التفتيش على المقر والاطلاع على المستندات ذات الصلة.

كل هذه الصعوبات قد تثقل على من يعمل في هذا المجال الوظيفي فتكون سببًا في عزوف المؤهلين من المواطنين عن العمل في الجهات الدولية خشية الحرمان من منافع التأمين الاجتماعي وهو ما يؤدي إلى فوات الاستفادة من الوجود في بيئة عمل دولية تسمح بتكوين خبرات نادرة.

الفرع الثاني: مقترحات المعالجة الملائمة

إن الحاجة للتوفيق ما بين مصلحة الموظف الدولي في أن يخضع للتأمين إلزاميًا وما تتمتع به الجهة الدولية من وضع خاص بسبب الحصانات التي يقررها القانون الدولي العام تستدعي أن يتم تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية على نحوٍ يختلف عن المسار الإجرائي المعتاد، فإيجاد مسار خاص من شأنه أن يحقق مصلحة الموظف الدولي فيحصل من القانون الوطني على التغطية التأمينية المطلوبة ضد مخاطر الحياة من دون مساس بالحصانات التي يتمتع بها صاحب العمل ذي الشخصية الدولية، ومن أجل تحقيق ذلك تقترح الدراسة على الجهات المختصة بتطبيق التأمين الاجتماعي أن تتبع ما يأتي:

‌أ.      ضرورة إدراك عدم تعارض التسجيل في نظام التأمينات الاجتماعية مع الحصانات الدبلوماسية المقررة في القانون الدولي العام، فلكل منهما مجاله الخاص وأساسه القانوني المختلف، وأن الخضوع للتأمين الاجتماعي يدخل في علاقة الموظف الدولي بدولة جنسيته وحقوقه عليها وأن استقطاع مبالغ الاشتراكات وتوريدها لمؤسسة التأمينات لا يمثل ضريبةً تخل بالحصانات المالية، وأن الإعفاء من التسجيل لا يمثل ميزة يستقل بها الموظف الدولي عن دولة جنسيته بل فواتًا لتغطية توفرها الدولة لمواطنيها ضد مخاطر الحياة ومن الواجب أن تشمل الموظف الدولي.

‌ب.  الالتزام بإعمال الأصل العام في وجوب خضوع الموظف الدولي للتأمين الاجتماعي وعدم الإعفاء من التسجيل إلا بمسوغٍ قانونيٍ صريح، ويتم تكييف العمل باعتباره "وظيفة دولية" وفقًا للمعايير المستقاة من القانون الدولي الإداري، حتى لا يتم الخلط بين هذا المركز ومراكز أخرى قريبة.

‌ج.   اللجوء إلى التسجيل بنظام التأمين الاختياري لتلافي الصعوبات التي يفرضها التعامل مع جهة دولية تتمتع بالحصانات الدبلوماسية ليس هو الحل المتوافق مع القانون، فللحصانات مجال لا يتعارض نهائيًا مع مجال تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية على مواطن في دولة جنسيته، وإن القول بغير ذلك سيؤدي إلى المساس بالقواعد ذات الصلة من كلا القانونين: الدولي العام والوطني، وهو أمرٌ لو حدث من شأنه أن يمس بمشروعية القرار في المقام الأول ويَسِمُه بالبطلان بما يترتب على ذلك من آثار.

‌د.     إصدار توجيهات إدارية توضح آلية تسجيل الموظف الدولي بوضوح يكفل توحيد الإجراءات وعدم تضاربها، وليس ما يمنع من أن تأخذ صورة "تعميم" إداري يبين فيه جميع التفاصيل المتعلقة بتسجيل الموظفين الدوليين لدى جهات دولية، وآلية التخاطب مع صاحب العمل عبر القنوات الرسمية للدولة، وطريقة استيفاء الاشتراكات، بمراعاة أن الأمر قد يقتضي الخروج أحيانًا عن بعض الإجراءات المعتادة إذا كان من شأنها المساس بالحصانات التي يقررها القانون الدولي العام مثل تطبيق إجراءات التفتيش على صاحب العمل أو توجيه الإنذار لصاحب العمل في حال عدم السداد.

‌ه.     نشر الوعي لدى الأفراد والجهات المعنية في الدولة، وكذلك لدى المنظمات والجهات الدولية من خلال القنوات المتاحة لذلك حسب ما هو معمولٌ فيه لدى الجهة المختصة بتطبيق قانون التأمينات الاجتماعية.

ولعل من المناسب في هذا السياق، أن يتم الاستئناس بتجارب الدول المتقدمة في هذا المجال، وتتيح وسائل التكنولوجيا المعاصرة إمكان الاطلاع عليها بسهولة، وقد تقدمت الإشارة إلى نموذج الموقع الرسمي للتأمين الاجتماعي الأمريكي الذي تتوفر عليه أدلة تفصيلية تشرح آلية العمل بأحكام التأمين حرصًا على توحيد المفاهيم الأساسية ومعايير التطبيق[53].

‌و.    بسبب الوضع الخاص لمقر المنظمة وسرية مستنداتها يوصى بتسهيل طلبات التسجيل المنفرد التي يتقدم بها الموظف الدولي في الحالات التي تمتنع فيها الجهة الدولية عن تقديم طلب التسجيل، فمقتضيات الضرورة واعتبارات العدالة تدعو الجهة المختصة بما لها من سلطة تقديرية أن تكتفي بما يتوفر لدى الموظف الدولي من مستندات تثبت ارتباطه بالعمل لدى الجهة الدولية إذا توفر فيها ما يلزم من بيانات أساسية كافية لإتمام التسجيل.

خاتمة

النتائج:

تخلص الدراسة في تحديد المركز التأميني للموظف الدولي إلى أن قواعد القانون الدولي الإداري تتفق مع أحكام نظام التأمينات الاجتماعية لكلٍ من دولة الكويت والمملكة العربية السعودية في الاتجاه إلى خضوع الموظف الدولي للتأمين الاجتماعي خضوعًا إلزاميًا باعتباره الأصل العام الذي لا يكون الإعفاء منه إلا بمسوغٍ قانونيٍ صريح، وبذلك يتحقق الهدف في فهم الأثر المتبادل بين فرعين من القانون يعملان معًا باتساقٍ في تحديد هذا المركز التأميني الخاص.

وبرغم توفر الأحكام المساندة لهذا الرأي، وجدت الدراسة أن الالتباس في فهم القانون يأتي من أسبابٍ عملية أكثر منها قانونية، فالواقع العملي ينقصه اليقين في فهم قانون التأمينات الاجتماعية وتطبيقاته فهو من الفروع التي ماتزال بحاجة لمزيد من الدراسات الفقهية المتخصصة، فبالنسبة لجهة التأمين الاجتماعي يكون التعامل مع صاحب العمل الذي يتمتع بشخصية دولية مختلفًا عن غيره من أصحاب الأعمال بسبب الامتيازات والحصانات المقررة في الاتفاقيات والمواثيق الدولية وكذلك في اتفاقية المقر، وتثور الصعوبة تحديدًا إذا لم يبادر صاحب العمل بالتسجيل أو بتوريد الاشتراكات المستحقة في موعدها.

أما بالنسبة إلى الموظف الدولي نفسه، فإن تعذر تسجيله في التأمين الاجتماعي يتسبب في حرمانه من التغطية التأمينية التي يوفرها له قانون دولته ضد مخاطر الحياة هو ومن يعولهم، فإذا تقدم بطلب تسجيله منفردًا كان عليه أن يتقدم بالمستندات المثبتة لقيام علاقة العمل وهو أمرٌ يتطلب تعاون صاحب العمل معه، لكن الأمر يصعب بسبب الطبيعة الدولية لصاحب العمل فيتعذر الاطلاع على المستندات لسريتها، وتمنع الحصانات القضائية اتخاذ إجراءات التفتيش على صاحب العمل حسبما هو متبع في الأحوال العادية للتحقق من قيام علاقة العمل.

أما إذا لجأت مؤسسة التأمينات الاجتماعية إلى تمكين الموظف الدولي من التسجيل في التأمين اختياريًا فإن ذلك لن يكون حلًا بديلًا بل سيصدر القرار وهو مشوبٌ بعيب عدم المشروعية فضلًا عن أنه سيحمل الموظف بأعباء مالية إضافية من دون سندٍ صحيح من القانون، وهو ما سيقود حتمًا إلى عزوف المواطنين عن الالتحاق بتلك الوظائف رغم أهميتها فهي بيئة عمل دولية وتسمح باكتساب خبرات نادرة لا غنى عنها.

وعليه استخلصت الدراسة أن الحل لا يستدعي تدخلًا تشريعيًا فالقواعد القائمة تحقق الغاية المطلوبة من حيث توفر الأحكام التي تقرر خضوع الموظف الدولي للتأمين الاجتماعي خضوعًا إلزاميًا لا ريب فيه.

التوصيات

 تقترح الدراسة أن تأتي حلولُ المعالجة من واقع الممارسة العملية فهي كفيلة بإزالة الغموض السائد، باتباع ما يأتي:

-      وجوب الالتزام بتطبيق الأصل العام وهو خضوع الموظف الدولي للتأمين الاجتماعي بصفة إلزامية.

-      الاهتمام بتصحيح المفاهيم الأساسية في الممارسة العملية وإزالة الغموض والالتباس عنها حتى يتحقق توحيد المعايير المعمول بها من الجهات التنفيذية من خلال إصدار ما يلزم من تعليمات داخلية تحقق التناغم في التنفيذ وتمنع تضارب الآراء.

-      نشر التوعية الإعلامية اللازمة لإرساء فهم مشترك بين الأطراف الثلاثة في العلاقة التأمينية وهم: المنظمة الدولية، الموظف الدولي، وجهة التأمين الاجتماعي ولبلوغ هذه الغاية لا بأس في الاستئناس بنماذج تطبيقية موجودة فعلًا من الدول المتقدمة.


 

المراجع

أولًا: العربية

أبو الليل، إبراهيم الدسوقي. أصول القانون. كلية القانون الكويتية العالمية، الكويت، 2021.

أحمد، أحمد نجم الدين. التمييز بين الموظف العام والموظف الدولي دراسة في القانون الإداري الدولي. دار الراية للنشر والتوزيع، عمّان، 2015.

الحمود، إبراهيم محمد. المالية العامة للدولة - دراسة تأصيلية في فقه المالية العامة والقوانين المالية مع الإشارة لمالية دولة الكويت. ط8، مطابع النزهة، الكويت، 2019.

الحواتي، بركات موسى. "الخدمة المدنية الدولية: الموظف الدولي". مجلة الدبلوماسي، معهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية السعودية، ع7، 1986.

الدباس، مايا عبد الرؤوف. "حصانات وامتيازات الموظف الدولي". مجلة الحقوق، جامعة الكويت، مجلس النشر العلمي، مج41، ع4 (2017).

الظفيري، فارس. إبرام المعاهدات الدولية وتطبيقها في النظام القانوني الكويتي-دراسة تطبيقية. [رسالة ماجستير]، جامعة الشرق الأوسط، الأردن، 2012.

عبد الله، أنور. تشريع العمل والتأمينات الاجتماعية. مكتبة عين شمس، القاهرة، 1980.

علي، محسن إسماعيل. "صناديق تأمين خاصة أم صناديق ادخار المعاشات". ورقة عمل في ندوة "إدارة صناديق المعاشات ودور تكنولوجيا المعلومات" مايو 2005، المنظمة العربية للتنمية الإدارية مصر، 2011.

الفتلاوي، سهيل حسين. مبادئ المنظمات الدولية العالمية والإقليمية. ط2، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمّان، 2012.

ليتيم، فتيحة وليتيم، نادية. "الوظيفة العامة الدولية في المنظمة الدولية: حياد أم تبعية". مجلة القانون والأعمال الدولية، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع: الرباط، ع 28، 2020.

متولي، حمادة محمد بدوي. ضمانات الموظفين الدوليين - دراسة مقارنة. دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، القاهرة، 2004.

ندا، جمال طه. الموظف الدولي دراسة مقارنة في القانون الدولي الإداري. الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1986.

يونس، قيصر سالم. "المسؤولية القانونية للموظف الدولي". مجلة الرافدين للحقوق، جامعة الموصل، مج12، ع 47 (2011).

تشريعات وقرارات:

قانون التأمينات الاجتماعية، دولة الكويت، رقم 61، لسنة 1976.

 المرسوم بالقانون بالاشتراك في التأمينات الاجتماعية اختياريًا للعاملين في الخارج ومن في حكمهم، دولة الكويت، رقم 11، لسنة 1988.

المرسوم بالقانون بإصدار قانون معاشات ومكافآت التقاعد للعسكريين، دولة الكويت، رقم 69، لسنة 1980.

القانون في شأن صناديق التأمين الخاصة، جمهورية مصر العربية، رقم (54)، لسنة 1975.

قانون باشتراك العاملين المصريين الذين يعملون بعقود شخصية في الخارج في نظام التأمينات ضد الشيخوخة والعجز والوفاة، جمهورية مصر العربية، رقم 74، لسنة 1973.

قرار في شأن قواعد تحديد العمل الأصلي، دولة الكويت، رقم 13، لسنة1977.

 نظام التأمينات الاجتماعية الصادر بالمرسوم الملكي، المملكة العربية السعودية، رقم المرسوم الملكي (م/331421 هـ-2000 م.

النظام الموحد لمد الحماية التأمينية لمواطني مجلس التعاون لدول الخليج العربية العاملين في غير دولهم في أي دولة عضو في المجلس، الصادر بموجب قرار المجلس الأعلى لدول الخليج العربية بالموافقة على التزام كل دولة من دول المجلس بمد مظلة الحماية التأمينية لمواطني دول المجلس العاملين خارجها في دول المجلس الأخرى، الدورة الخامسة والعشرون، المنامة من 20 حتى 21/ 12/ 2004.

اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، منظمة الأمم المتحدة 18 أبريل، فيينا 1961.

موجز الأحكام والفتاوى والأوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية (1948-1991)، الأمم المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية، 1992.

ثانيًا:

References:

Abd Allāh, Anwar. Tashrī’ al-‘mal wa al-ta’mīnāt al-ijtimā’īyah (in Arabic), Maktabet aīn shams, Cairo, 1980.

Abu al-laīl, Ibrāhīm Al-dsūqī. ūsūl al-qānūn (in Arabic), kullīyat al-qānūn al-kūwaītīyah al-ālamīyah, 2021.

Ahmad, Ahmad Najm Al-dīn. Al-tamaīyuz baīn al-mūwazzaf al-āam wa al-mūwazzaf al- al-dawlī, dirāsah fī al-qānūn al-īdārī al-dawlī (in Arabic), Dār al-rāīyah lil nashr wa al-tawzī’, Ammān, 2015.

Al-dabbās, Mayā Abd Al-Ra’ūf, “hasānāt wa imtīyazāt al-mūwazzaf al-dawlī," (in Arabic), Majallat al-ḥuqūq, jami ͑ah al-kūwaīt, majlis al-nashr al-ilmī, vol. 41, No. 4, 2017.

Al-fatlawāwī, suhaīl husaīn. Mabādi’ al-munazzamāt al-dawlīyah wa al-iqlīmīyah (in Arabic), 2nd ed., Dār al-thaqāfah lil al-nashr wa al-tawzī’, Amman, 2012.

Al-hawātī, Barakāt Mūsā, “al-khidmah al-madanīyah al-dawlīyah: al-mūwazzaf al-dawlī,” (in Arabic), Majallat al-diblūmāsī, ma’had al-dirāsāt al-diblūmāsīyah, wizārit al-khārijīyah al-sa’ūdīyah, Issue 2, 1986.

Al-hmūd, Ībrāhīm Muḥammad. Al-mālīyah al-āammah lil dawlah, dirāsah t’sīlīyah fī fiqh al-mālīyah al-āammah wa al-qawānīn al-mālīyah ma’ al-ishārah li mālīyat daūlat al-kūwaīt, (in Arabic), 8th ed, matābi’ al-nazhah, al-kūwaīt, 2019.

Alī, Muhsin Ismā’īl, Sanādīk t’mīn khāssah am sanādīk idīkhār al-ma’āshāt," (in Arabic), The symposium “īdārit sanādīk al-ma’āshāt wa dawr tiknūlūj al-ma’lūmāt”, May, 2005, organized by al-munazzamah al-arabīyah lil tanmīyah al-īdārīyah, Egypt, 2011.

Allison Kowalski, ‘The Black Box of International Civil Servant Accountability: Searching for Order in the Disordered United Nations System’, U. Pa. J. Int’l L, Vol. 39: 2, 2018, pp. 535-560.

Al-zafīrī, fāris. Ibrām al-mu’āhadāt, al-dawlīyah wa tatbīkuhā fī al-nizām al-qānūnī al-kūwaītī: Empirical study (in Arabic), MA, Jami ͑ah al-shark al-aūsat, Jordan, 2012.

Guy Fiti Sinclair, ‘The International Civil Servant in Theory and Practice: Law, Morality, and Expertise’, European Journal of International Law, Vol. 26: 3, August 2015, pp. 747–766.

ISSA General Secretariat Route des Morillons 4 , Case Postale 1, Greta Cartoceti, D. , ‘Social security for the digital age Addressing the new challenges and opportunities for social security systems’: International Social Security Association, Geneva, 2019.

Laītīm, Fatīha Nādīyah, "Al-wazīfah al-āamah al-dawlīyah fī al-munazzamah al-dawlīyah: hīyād am taba’īyah," (in Arabic), Majallat al-qānūn wa al-āammah al-dawlīyah, dār al-salām lil tibā’ah lil nashr wa al-tawzī’, Al-Rabat, Vol. 28, 2020.

Mégret, F., ‘The Rise and Fall of 'International Man’, A paper presented at the Harvard International Law Workshop on the rise and fall of the idea of "international man": October 4, 2012.

Mitwālī, Hamādah Muḥammad Badawī. Damānāt al-mūwazzafīn al-dawlīyīn: Comparative Study. (in Arabic), dār al-naḥdah al-arabīyah lil al-nashr wa al-tawzī’, Cairo, 2004.

Nidā, jamāl tāha. Al-mūwazzaf al-dawlī, fī al-qānūn al- al-dawlī al-īdārī: Comparative Study. (in Arabic), al-haīy’ah al-misrīyah al-āammah lil kītāb, Cairo, 1986.

Ole Jacob Sending, ‘The International Civil Servant’: International Political Sociology, Vol. 8: 3, Norwegian Institute of International Affairs, 2014, pp. 338-340.

Ramachandran, Ramakrishnan, Social Security – The Way Forward. SKCOH Summit 8th Thinker’s and Writers Forum Reinventing India: Shifting to Demand Side Governance 25-26 March, New Delhi India, 2011.

Ruwantissa Abeyratne, ‘Immunities and privileges of International Organizations and the international civil service’: Journal of Public Administration and Policy Research Vol. 6: 3, 2014.

Walter, C., & Preger, F. , ‘Immunities of Civil Servants of International Organisations’. In T. Ruys, N. Angelet, & L. Ferro (Eds.), The Cambridge Handbook of Immunities and International Law (pp. 542-558), Cambridge: Cambridge University Press, 2019, doi:10.1017/9781108283632.027.

Yūnus, Kaīsar Sālim. "Al-mas’ūlīyah al-qānūnīyah lil al-mūwazzaf al-dawlī," (in Arabic), Majallat al-rāfidīn lil al-ḥuqūq, jami ͑ah al-mūsil, Vol. 12, No. 47, 2011.

Legislations and Decisions

Social Insurance Act, No 61, for 1976, State of Kuwait.

Decree-Law on Participation in Social Insurance Optionally for Workers Abroad, No, 11, for 1988, State of Kuwait.

Decree-Law of Military Pensions and Benefits Act, No 69, for 1980, State of Kuwait.

Law on Private Insurance Funds, No 54, for 1975, Egypt.

A law on the participation of Egyptian workers working abroad on personal contracts in the insurance System against old age, disability and death, No 74, for 1973, Egypt.

Decision on the rules for determining the original work, No 13, for 1977, State of Kuwait.

Social Insurance System issued by Royal Decree, Royal Decree No. m/33, 2000, Saudi Arabia.

Unified Insurance Protection System for GCC Nationals Working Abroad in Any GCC Member State, issued pursuant to the decision of the GCC Supreme Council to approve GCC State to extend the Insurance Umbrella to include the GCC nationals working within the GCC, twenty-fifth session, 20-21/12/2004, Manama.

Vienna Convention on Diplomatic Relations, United Nations Organization, April 18, Vienna, 1961.

Summary of Judgments, Advisory Opinions by the International Court of Justice, 1948-1991, United Nations, United States of America, 1992.

Websites

RS 00615.020 - Dual Entitlement Overview - 08/21/2014, Batch run: 05/01/2015.

Rev: 08/21/2014, available at: http://policy.ssa.gov/poms.nsf/lnx/0300615020 , last visited on 27/03/2023.

https://www.ssa.gov.



[1] يشار له فيما يأتي من أجزاء الدراسة بـ"قانون التأمينات الاجتماعية".

[2] تنص المادة (11) من دستور دولة الكويت على أن: "تكفل الدولة المعونة للمواطنين في حالة الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل. كما توفر لهم خدمات التأمين الاجتماعي والمعونة الاجتماعية والرعاية الصحية".

[3] ذلك مع عدم إغفال ارتباط دولة الكويت باتفاقية "النظام الموحد لمد الحماية التأمينية لمواطني مجلس التعاون لدول الخليج العربية العاملين في غير دولهم في أي دولة عضو في المجلس"، وصدر النظام بموجب قرار المجلس الأعلى لدول الخليج العربية في دورته الخامسة والعشرين التي عقدت بالمنامة من 20 حتى 21/12/2004، بالموافقة على التزام كل دولة من دول المجلس بمد مظلة الحماية التأمينية لمواطني دول المجلس العاملين خارجها في دول المجلس الأخرى.

[4] تبين المادة 70 من دستور دولة الكويت إجراءات إبرام المعاهدات الدولية واعتمادها وهي لازمة لاكتسابها قوة القانون الداخلي فلا تنفذ المعاهدات الدولية بشكل مباشر ويتبع في ذلك مبدأ ثنائية القوانين لا وحدتها. وللمزيد حول توجه المشرع الكويتي، انظر: فارس الظفيري، إبرام المعاهدات الدولية وتطبيقها في النظام القانوني الكويتي-دراسة تطبيقية، [رسالة ماجستير]، جامعة الشرق الأوسط، الأردن، 2012، ص12-24.

[5] قانون التأمينات الاجتماعية، دولة الكويت، رقم 61، لسنة 1976.

[6] المرسوم بالقانون بالاشتراك في التأمينات الاجتماعية اختياريًا للعاملين في الخارج ومن في حكمهم، دولة الكويت، رقم 11، لسنة 1988.

[7] في هذه الحالة سيثور التساؤل أيضًا عن مسوغات إعفاء المنظمة الدولية من الخضوع لأحكام هذا القانون الداخلي في حال وجود أيٍ منها، وهل تشمل تحصين مرتب "الموظف الدولي" ضد استقطاع مبلغ الاشتراك في نظام التأمين الاجتماعي في حال تسجيله به؟

[8] صدر النظام بموجب قرار المجلس الأعلى لدول الخليج العربية في دورته الخامسة والعشرين التي عقدت بالمنامة من 20 حتى 21/12/2004 بالموافقة على التزام كل دولة من دول المجلس بمد مظلة الحماية التأمينية لمواطني دول المجلس العاملين خارجها في دول المجلس الأخرى.

[9] الظفيري، إبرام المعاهدات الدولية، مرجع سابق، ص12-24.

[10] حسب أحكام المادة (2) من الأمر الأميري رقم (61) بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية يخضع لأحكام القانون الكويتيون العاملون لدى صاحب عمل ومن في حكمهم وكذلك الكويتيون العاملون لحسابهم الخاص وفق أحكام المادة (53). ويراعى وجود أحكام خاصة بتسجيل مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وفقًا لنظام مد الحماية التأمينية.

[11] يخضع العسكريون الكويتيون ومن في حكمهم لأحكام المرسوم بالقانون بإصدار قانون معاشات ومكافآت التقاعد للعسكريين، دولة الكويت، رقم 69، لسنة 1980.

[12] المرسوم بالقانون بالاشتراك في التأمينات الاجتماعية اختياريًا للعاملين في الخارج ومن في حكمهم، دولة الكويت، رقم 11، لسنة 1988.

[13] إبراهيم الدسوقي أبو الليل، أصول القانون، كلية القانون الكويتية العالمية، الكويت، 2021، ص302-308.

[14] تنص المادة (1) من القانون رقم 11 لسنة 1988 على أنه "يجوز للكويتيين الذين يعملون خارج الكويت أو داخلها لدى صاحب عمل غير مخاطب بأحكام القانون رقم (61) لسنة 1976... الاشتراك اختياريًا في التأمين المنصوص عليه في الباب الثالث منه..."، وجاء في الفقرتين الرابعة والخامسة من المذكرة الإيضاحية للقانون: "...وبذلك فقد أصبح نظام التأمينات الاجتماعية شاملًا بحمايته كافة المواطنين العسكريين والمدنيين وقد بقيت فئة من المواطنين لم يشملهم بعد نظام التأمينات الاجتماعية بحمايته وهم الذين يعملون خارج الكويت لدى جهات أجنبية وكذلك الذين يعملون في الداخل لدى منظمات أو هيئات دولية تقضي أنظمتها بعدم سريان قانون التأمينات الاجتماعية المحلي على العاملين بها...".

وبذلك يتعامل القانون رقم 11 لسنة 1988 مع حالة العمال المهاجرين وهو مفهوم يخرج عن أغراض الدراسة.

[15] لم يستدل على دراسة باللغة العربية تتعرض لمبدأ عدم ازدواج التأمين الاجتماعي، ولكن وردت إشارة إلى معنى الازدواج باعتباره "يجمع في الاستفادة بين قانونين من القوانين المنظمة للتأمينات ولو كانت لدولة مختلفة"، وكان ذلك في سياق نطاق التطبيق من حيث الأشخاص والمكان بالنسبة للقانون المصري رقم 74 لسنة 1973 باشتراك العاملين المصريين الذين يعملون بعقود شخصية في الخارج في نظام التأمينات ضد الشيخوخة والعجز والوفاة، وذلك في: أنور عبد الله، تشريع العمل والتأمينات الاجتماعية، مكتبة عين شمس، القاهرة، 1980، ص359.

مع التحفظ على الرأي من ناحية ما يشترطه من عدم جواز "الجمع في الاستفادة من مزايا تأمين اجتماعي لدولة أخرى، فهو احتمالٌ يثور في الواقع العملي حين تنشأ علاقة عمل لمواطن يعمل خارج دولة الموطن ويوجب القانون عليه في الدولة الأجنبية أن يخضع للتأمين بصفة إلزامية، لذلك أذهب إلى اعتبار الازدواج محظورًا إذا أدى إلى الجمع في الاستفادة من التأمين الاجتماعي حسب قوانين الدولة المعنية دون غيرها، علمًا بأن المفهوم في حد ذاته يستحق بحثه في دراسة مستقلة.

[16] من ذلك يراجع على سبيل المثال "دليل تطبيق برنامج/“Program Operations Manual System (POMS) في شأن الاستفادة المزدوجة من التأمين، متوفر على الموقع الرسمي للتأمين الاجتماعي الحكومي:

RS 00615.020 - Dual Entitlement Overview - 08/21/2014, Batch run: 05/01/2015,

Rev: 08/21/2014, available at: http://policy.ssa.gov/poms.nsf/lnx/0300615020 , last visited on 27/03/2023.

[17] تظهر مثل هذه الإشكاليات في الواقع العملي بمناسبة ورود طلب تسجيل يحتمل تطبيق أكثر من نظام تأميني على العلاقة المعروضة فيلتبس الأمر بشأن النظام واجب التطبيق وفقًا لأقرب تفسير للقانون، وتوجد أحكام في القانون الكويتي تمنع من ازدواج الخضوع للتأمين من ذلك على سبيل المثال المادة 54/ب التي تمنع من الخضوع لتأميني الباب الثالث والخامس في آنٍ واحد.

[18] لمزيد من المعلومات حول التحديات التي تواجه التأمين الاجتماعي في الزمن الراهن، انظر تقرير الجمعية الدولية للضمان الاجتماعي لعام 2019:

ISSA General Secretariat Route des Morillons 4, Case Postale 1, Greta Cartoceti, D., ‘Social security for the digital age Addressing the new challenges and opportunities for social security systems’: International Social Security Association, Geneva, 2019.

[19] تعريف محكمة العدل الدولية للموظف الدولي ورد في الرأي الاستشاري الصادر في 11/04/1949بشأن الأضرار المتكبدة في خدمة الأمم المتحدة، موجز الأحكام والفتاوى والأوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية (1948-1991)، الأمم المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية، 1992، ص9-10. وانظر: حمادة محمد بدوي متولي، ضمانات الموظفين الدوليين- دراسة مقارنة، دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، القاهرة، 2004، ص20-21؛ قيصر سالم يونس، "المسؤولية القانونية للموظف الدولي"، مجلة الرافدين للحقوق، جامعة الموصل، مج 12، ع 47 (2011)، ص156- 179.

[20] سهيل حسين الفتلاوي، مبادئ المنظمات الدولية العالمية والإقليمية، ط2، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمّان،2012، ص88-94.

[21] أحمد نجم الدين أحمد، التمييز بين الموظف العام والموظف الدولي دراسة في القانون الإداري الدولي، دار الراية للنشر والتوزيع، عمّان، 2015، ص96.

[22] المرجع السابق، ص94 -97.

[23] جمال طه ندا، الموظف الدولي دراسة مقارنة في القانون الدولي الإداري، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1986، ص40-42؛ نادية ليتيم وفتيحة ليتيم "الوظيفة العامة الدولية في المنظمة الدولية: حياد أم تبعية"، مجلة القانون والأعمال الدولية، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، ع28 (2020)، ص134-135.

[24] بركات موسى الحواتي، "الخدمة المدنية الدولية: الموظف الدولي"، مجلة الدبلوماسي، معهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية السعودية، ع7 (1986)، ص72-74.

[25] تعريف محكمة العدل الدولية للمستخدم الدولي ورد في الرأي الاستشاري الصادر في 11/04/1949 بشأن الأضرار المتكبدة في خدمة الأمم المتحدة، في: موجز الأحكام والفتاوى والأوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية (1948-1991)، الأمم المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية، 1992، ص9-10.

[26] يراجع الرأي في دراسة: جمال طه ندا، مرجع سابق، ص40-42.

[27] للمزيد حول البعد الدولي للموضوع، ينظر: مايا عبد الرؤوف الدباس، "حصانات وامتيازات الموظف الدولي"، مجلة الحقوق، مجلس النشر العلمي، الكويت، مج41، ع4 (ديسمبر 2017)، ص421-383؛ الحواتي، مرجع سابق، ص72-74؛

C. Walter, & F. Preger, ‘Immunities of Civil Servants of International Organisations’. In T. Ruys, N. Angelet, & L. Ferro (Eds.), The Cambridge Handbook of Immunities and International Law (pp. 542-558), Cambridge: Cambridge University Press, 2019, doi:10.1017/9781108283632.027; Ruwantissa Abeyratne, ‘Immunities and privileges of International Organizations and the international civil service,’ Journal of Public Administration and Policy Research Vol. 6: 3, 2014.

وفي شأن الإشكاليات القانونية المتعلقة بالطبيعة الخاصة للموظف الدولي، يراجع:

Guy Fiti Sinclair, ‘The International Civil Servant in Theory and Practice: Law, Morality, and Expertise’, European Journal of International Law, Vol. 26: 3, August 2015, pp. 747–766; Allison Kowalski, ‘The Black Box of International Civil Servant Accountability: Searching for Order in the Disordered United Nations System’, U. Pa. J. Int’l L, Vol. 39:2, 2018, pp. 535-560, look particularly into 539-542; Ole Jacob Sending, ‘The International Civil Servant,’ International Political Sociology, Vol. 8: 3, Norwegian Institute of International Affairs, 2014, pp. 338-340; F. Mégret, ‘The Rise and Fall of 'International Man,’ A paper presented at the Harvard International Law Workshop on the rise and fall of the idea of "international man": October 4, 2012.

[28] هذا جانب محوري في الدراسة يعتمد في كثيرٍ منه على الخبرة العملية السابقة للباحثة مع حالات سبق أن ثارت فيها هذه الإشكالية، ورغم أن الواقع العملي يجري على أن تُبحث كل حالة على حدة، فإن الأمر لا يمنع من استخلاص معيار يعول عليه في التفرقة بين هذه المراكز بما هو أقرب للتفسير الصحيح للقانون ومقاصده.

[29] الدباس، مرجع سابق، ص421 383.

[30] المرجع السابق، ص395-398؛ وأيضًا: Abeyratne. Op. cit..

[31] الدباس، مرجع سابق.

[32] المادة (11) من الدستور الكويتي.

[33] يذهب رأي في الفقه إلى ضرورة عدم الخلط بين حصانات الموظف الدولي القضائية والشخصية من جهة والإعفاءات المالية من جهة أخرى التي تعتبر من الامتيازات، يراجع في ذلك: يونس، مرجع سابق، ص166-167.

[34] تعرف الضريبة بأنها: "استقطاع مالي جبري تحصل عليه الدولة من الممولين بصفة نهائية وبدون مقابل لغرض تحقيق النفع العام": إبراهيم محمد الحمود، المالية العامة للدولة - دراسة تأصيلية في فقه المالية العامة والقوانين المالية مع الإشارة لمالية دولة الكويت، ط8، مطابع النزهة، الكويت، 2019، ص290.

[35] لم يعرف قانون التأمينات الاجتماعية مصطلح (الاشتراك) لكنه مستفاد من نص المادة (11) من القانون التأمينات التي تقرر أن: "ينشأ صندوق لتأمين الشيخوخة والعجز والمرض والوفاة للعاملين في القطاع الحكومي والقطاعين الأهلي والنفطي وأعضاء مجلس الأمة وتتكون موارده من الأموال الآتية: أولًا: الاشتراكات عن المؤمن عليهم وتشمل: أ- الاشتراكات الشهرية التي تقتطع من مرتبات المؤمن عليهم وذلك بواقع (5٪). ب- الاشتراكات الشهرية التي يؤديها أصحاب الأعمال وذلك بواقع (10٪) من مرتبات المؤمن عليهم، ... ج- الإسهام السنوي الذي يخصص في الميزانية العامة للدولة لأغراض هذا الصندوق، ...".

[36] يعرف الرسم بأنه "مبلغ من النقود تحصل عليه الدولة أو أحد أشخاص القانون العام جبرًا من المستفيد مقابل منفعة خاصة تعود عليه مقرونة بنفع عام"، يراجع: الحمود، مرجع سابق، ص275؛ وأيضًا: التمييز بين الرسم والضريبة، ص285-287.

[37] يمنع القانون الكويتي ذلك من خلال قواعد تحديد العمل الأصلي التي تحكم علاقات العمل المتعددة فتبين آلية تحديد النظام التأميني الذي يتم التسجيل على أساسه دون ازدواج (المادة 14) من القانون وصدر تنفيذًا له قرار في شأن قواعد تحديد العمل الأصلي، دولة الكويت، رقم 13، لسنة 1977.

[38] جاء النص الأصلي باللغة الإنجليزية كما يلي:

"Dual Entitlement exists when an individual is entitled to different types of Social Security Title II benefits on two or more earnings records. For example, a beneficiary could be entitled to Social Security Disability Insurance (SSDI) on his/her own work record, but also be receiving Childhood Disability Benefits (CDB) on a parent’s earnings record."

يراجع "دليل تطبيق برنامج/“Program Operations Manual System (POMS) في شأن الاستفادة المزدوجة من التأمين، مرجع سابق.

[39] هنا قد تتفاوت الأنظمة التأمينية، فيمكن أن تجعل الغلبة لنظام محدد هو الذي يتعين التسجيل على أساسه وحده دون سواه وقد يتيح النظام الخيار للمؤمن عليه في أن يحدد بنفسه النظام الذي يرغب في أن يخضع له وفق ضوابط محددة يبينها القانون، تقدمت الإشارة إلى أن القانون الكويتي يمنع ذلك من خلال قواعد تحديد العمل الأصلي عند تعدد علاقات العمل التي تبين آلية تحديد النظام التأميني الذي يتم التسجيل على أساسه دون ازدواج. (المادة 14 من القانون، وصدر تنفيذًا له قرار في شأن قواعد تحديد العمل الأصلي، دولة الكويت، رقم 13، لسنة 1977).

[40] حول صناديق التقاعد الخاصة يراجع: محسن اسماعيل علي، "صناديق تأمين خاصة أم صناديق ادخار المعاشات"، ورقة عمل مقدمة في ندوة "إدارة صناديق المعاشات ودور تكنولوجيا المعلومات" مايو 2005، المنظمة العربية للتنمية الإدارية مصر، 2011، ص161-184.

[41] المادة (1) من القانون في شأن صناديق التأمين الخاصة، جمهورية مصر العربية، رقم (54)، لسنة 1975.

[42] بالإضافة إلى قواعد تحديد العمل الأصلي وما يتبعها من تحديد نظام التأمين الاجتماعي الهامش (36) أعلاه، تسمح المادة (83) من قانون التأمينات الاجتماعية لأصحاب الأعمال بإنشاء صناديق تقاعد خاصة تمنح مزايا إضافية للعاملين. (قانون التأمينات الاجتماعية، دولة الكويت، رقم 61، لسنة 1976).

[43] صدر بقرار من المجلس الأعلى لدول الخليج العربية في دورته الخامسة والعشرين التي عقدت بالمنامة بتاريخ: 10 و21/12/2004 بالموافقة على التزام كل دولة من دول المجلس بمد مظلة الحماية التأمينية لمواطني دول المجلس العاملين خارجها في دولة المجلس الأخرى.

[44] عرفت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961 في المادة (1) منها المفاهيم ذات الصلة بما يأتي: "لأغراض هذه الاتفاقية يكون مدلول العبارات الاتية وفقا للتحديد الآتي: أ- اصطلاح (رئيس البعثة) هو الشخص الذي كلفته الدولة المعتمدة بالعمل بهذه الصفة. ب- اصطلاح (أعضاء البعثة) يشمل رئيس البعثة وأعضاء طاقم البعثة. ج ـ اصطلاح (أعضاء طاقم البعثة) يشمل أعضاء الطاقم الدبلوماسي وطاقم الإداريين والفنيين وطاقم خدمة البعثة. د- اصطلاح (أعضاء الطاقم الدبلوماسي) يشمل أعضاء طاقم البعثة الذين لهم الصفة الدبلوماسية. هـ- اصطلاح (الممثل الدبلوماسي) يشمل رئيس البعثة أو أي عضو من الطاقم الدبلوماسي للبعثة. و- اصطلاح (الطاقم الإداري والفني) يشمل أعضاء طاقم البعثة الذين يقومون بأعمال إدارية أو فنية في البعثة. ز- اصطلاح (طاقم الخدم) أعضاء طاقم البعثة الذين يؤدون أعمال الخدمة فيها. حـ- اصطلاح (الخادم الخاص) يشمل من يعمل في أعمال الخدمة لدى أحد أعضاء البعثة وليس مستخدما لدى الحكومة المعتمدة...".

[45] صدر بقرار من المجلس الأعلى لدول الخليج العربية في دورته الخامسة والعشرين التي عقدت بالمنامة بتاريخ: 10 و21/12/2004 بالموافقة على التزام كل دولة من دول المجلس بمد مظلة الحماية التأمينية لمواطني دول المجلس العاملين خارجها في دولة المجلس الأخرى.

[46] "في تطبيق أحكام هذا النظام يقصد بالكلمات والعبارات التالية ما يأتي: 1- النظام: النظام الموحد لمد الحماية التأمينية لمواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية العاملين في غير دولهم في أي دولة عضو في المجلس... 4- دولة مقر العمل: إحدى دول المجلس التي يعمل بها الموظف/العامل الخاضع لهذا النظام. 5-دولة موطن الموظف/العامل: إحدى دول المجلس التي يتمتع الموظف/العامل بجنسيته. 6- مواطنو دول المجلس: الموظفون/العاملون الذي يحملون جنسية إحدى دول المجلس العاملين خارج دولهم في أي دولة عضو في المجلس... 9- الموظف: كل من يعمل من مواطني دول المجلس في إحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة والهيئات والأجهزة العامة في إحدى دول المجلس التي تسري بشأنها أحكام قانون/نظام الخدمة المدنية في الدولة مقر العمل. 10- العامل: كل من يعمل من مواطني دول المجلس لدى صاحب عمل طبيعي أو معنوي في إحدى دول المجلس نظير أجر، ويخضع لقانون/نظام العمل الساري".

[47] تقدمت الإشارة إلى الحكم في المطلب الأول من هذا المبحث: "لا تؤثر أحكام هذه المادة على الاتفاقات الثنائية أو الجماعية الخاصة بالتأمين الاجتماعي التي عقدت في الماضي وكذلك تلك التي قد تعقد في المستقبل".

[48] على سبيل المثال يمنع القانون الكويتي من الازدواج التأميني بالخضوع للتأمين تحت أكثر من أساس تحت مظلة القانون نفسه فلا يمكن الخضوع لتأمين الباب الثالث (فئة العاملين لدى الغير) مع تأمين الباب الخامس (لغير الخاضعين للباب الثالث) حسب أحكام المادة 54/ب.

[49] لو كان الأمر غير ذلك لترتبت صعوباتٌ عملية جمّة، إذ سيثور التساؤل عن مسوغات إعفاء المنظمة الدولية من الخضوع لأحكام هذا القانون الداخلي، وكذلك عن كيفية اقتضاء الالتزامات المالية التي يفرضها قانون التأمينات الاجتماعية على كلٍ من صاحب العمل والمؤمن عليه نظير الاشتراك في نظام التأمين الاجتماعي.

[50] على سبيل المثال، أشير إلى هذه الصعوبة في تقرير الجمعية الدولية للضمان الاجتماعي لعام 2019، الذي سبقت الإشارة إليه.

[51] يراجع المطلب الأول من المبحث السابق.

[52] مثال ذلك يتفرع من صندوق النقد الدولي عدة منظمات من بينها البنك الدولي.

[53] يمكن زيارة الموقع: https://www.ssa.gov؛ وانظر: "دليل تطبيق برنامج “Program Operations Manual System (POMS) في شأن الاستفادة المزدوجة من التأمين".