Submitted: 19/12/2022

Revised: 18/02/2023

Accepted: 06/04/2023

تقييم محل إقامة المستهلك كضابط إسناد في عقود المستهلك ذات العنصر الأجنبي

بشائر صلاح عبد الله الغانم

أستاذ القانون الدولي الخاص المشارك، كلية الحقوق، جامعة الكويت

bashayeralghanim@gmail.com

ملخص

تتناول الدراسة تقييم دور محل إقامة المستهلك في عقد المستهلك الإلكتروني ذي العنصر الأجنبي كضابط مقيد لقانون الإرادة، من خلال بيان مفهوم هذا العقد واتجاهات الفقه؛ لتقييد أو استبعاد قانون الإرادة. ومما يعطي هذه الدراسة أهميتها: أن الموضوع الذي تصدت له لم يحظ بالاهتمام أو الترحيب في تشريعات أغلب الدول العربية؛ كالقانون الكويتي، وهذا من العوامل التي دفعت إلى محاولة التوصّل إلى قوانين مقارنة، واكبت التطور الحديث، وسعت سعيًا جادًّا إلى سنّ قاعدة إسناد لحماية المستهلك في المعاملات التقليدية والمعاملات الإلكترونية ذات العنصر الأجنبي، على حد سواء.

اتبعت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي المستند إلى المقارنة؛ ومن ثم توصلت إلى نتائج، أهمها: أن للإرادة دورًا في عقد المستهلك وتقييد تطبيقه بألا يحرم المستهلك من الأحكام الآمرة لدولة إقامته، بغض النظر عن جنسيته ومكان انعقاد العقد.

وتأكيدًا لمبدأ الأمان القانوني خلصت الدراسة إلى توصيات، أهمها: تعديل كل من نص المادة 22 من القانون البحريني، ونص المادة 6 من نظام روما، وذلك بأن يكون الإسناد لقانون الإرادة الصريح دون الإرادة الضمنية؛ إذ إنه في العقود الإلكترونية التي يكون المستهلك طرفًا فيها يصعب الوصول إلى القرائن الدالة على الإرادة الضمنية؛ ومن ثم يكون عمل القاضي أكثر تكلفًا.

الكلمات المفتاحية: عقد المستهلك، العقد الإلكتروني، الأحكام الآمرة، غياب الاختيار

للاقتباس: الغانم، بشاير صلاح عبد الله. «تقييم محل إقامة المستهلك كضابط إسناد في عقود المستهلك ذات العنصر الأجنبي»، المجلة الدولية للقانون، المجلد الثالث عشر، العدد المنتظم الأول، 2024

https://doi.org/10.29117/irl.2024.0284

© 2024، الغانم، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0)تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه؛ طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.

 


 

Submitted: 19/12/2022

Revised: 18/02/2023

Accepted: 06/04/2023

Evaluating the Consumer's Residence as a Connecting Factor in Consumers’ Contracts with Foreign Element

Bashayer Salah Abdallah Alghanim

Associate Professor of Private International Law, College of Law, Kuwait University

bashayeralghanim@gmail.com

Abstract

The study evaluates the role of the consumer’s place of residence, as a factor that restricts the party autonomy, in electronic contracts with a foreign element. To do so, the study determines the concept of such contracts and jurisprudence trends to exclude or restrict implement the party autonomy. Addressing a topic that has not been previously brought up by most of the Arab legislations, including Kuwait, makes this study stand out. This was among factors that drove towards trying to reach comparative laws that kept pace with the modern development and exerted real efforts to enact consumers protection choice of law rule in the traditional and electronic transactions that have foreigner element. The study adopted the comparative-based descriptive analytical approach and came up with some results, the most important of which was that party autonomy plays a role in the consumer's contract and restricting its implementation by not depriving consumers of the jus cogens provisions of the State of residence, irrespective of their nationality and place of contract. In addition, affirming the principle of legal security, the study brought up some recommendations including the amendment of both the text of Article 22 of Bahraini Law and the provision of article 6 of Rome Regulation by excluding the implied choice; this is because evidence of implied choice are hard to reach in electronic contracts where the consumer is a party, the thing that makes the judge's work more demanding.

Keywords: Consumer contract; Electronic contract; Jus cogens; Absence of choice

Cite this article as:  Alghanim B.S.A., "Evaluating the Consumer's Residence as a Connecting Factor in Consumers’ Contracts with Foreign Element," International Review of Law, Volume 13, Regular Issue 1, 2024

https://doi.org/10.29117/irl.2024.0284

© 2024, Alghanim B.S.A., licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.

 


 

المقدمة

مع انتشار وباء كوفيد-19 ومتحوراته اضطرت معظم الشركات والمؤسسات التجارية إلى الإغلاق والتوقف عن التعامل المباشر مع المستهلك؛ تنفيذًا للقرارات المحلية بشأن تدابير الحد من انتشار الوباء؛ ومن ثم اتجهت إلى تفعيل قطاع التعامل الإلكتروني في بيع السلع وتقديم الخدمات، وهو اتجاه ليس بجديد، غير أنه لم يكن على هذا النطاق من السعة والشمولية، وقد لاقى قبولًا وترحيبًا على مختلف الصُّعد. ومن ثم؛ تسابقت الدراسات التي تناولت السوق الإلكترونية ورصدت توقعاتها؛ إذ توقعت شركة كيرني في دراستها للسوق الخليجية ارتفاع حصة التجارة الإلكترونية فيها بين عامي 2020 و2022 بمعدل سنوي 20%، وبنمو تدريجي 14% حتى عام 2025[1]. وتؤكد دراسة أخرى ارتفاع حصة تجارة التجزئة الإلكترونية على مستوى العالم من 14% في عام2019 إلى نحو 17% في عام 2020[2]. وهذا بلا شك مؤشر اقتصادي قوي على الاتجاه نحو التجارة الإلكترونية التي يتم التعامل فيها عن طريق المواقع الإلكترونية أو التطبيقات الإلكترونية؛ ومن ثم، فإن الحصول على السلعة أو الخدمة المعروضة يستوجب إبرام عقد؛ أي التعاقد الإلكتروني. ولهذا التعاقد عدة صور بحسب أطرافه؛ فقد تبرم عقود بين كيانات تجارية، تعرف بـBusiness to Business (B2B) [3]، وهناك عقود تبرم بين كيانات تجارية ومستهلكين، تعرف بـBusiness to Consumer (B2C)[4]، كما وجد نوع معاصر من العقود، يبرم بين مستهلك ومستهلك، يعرف بـ[5]Consumer to Consumer (C2C). وينحصر مجال دراستنا في العقود التي يكون فيها متلقي الخدمة أو السلعة مستهلكا.

ونظرًا لإقبال المستهلك على شراء السلع والخدمات المعروضة على المواقع والتطبيقات الإلكترونية، فإنه بضغطه على أيقونة الموافقة يجد نفسه قد أبرم عقدًا إلكترونيًا ذا عنصر أجنبي[6]، ومعه تثار كثير من التحديات والمشكلات القانونية، ولا سيما أن المستهلك في التعاقد الإلكتروني قد يطلع وربما لا يطلع على شروط الشراء. وهذا النوع من التعاقد لا يعطي المستهلك مجالًا للتفاوض انطلاقًا من أن العقود الإلكترونية تقوم على أسلوب agree and pay؛ أي موافقة وشراء(دفع)، ويوافق المستهلك على شروط مُعَدّة سلفًا من المهني، يكون أحدها شرط القانون الواجب التطبيق. وبهذا الصدد دعت المبادئ التوجيهية لحماية المستهلك الدول إلى حماية المستهلكين من التجاوزات التعاقدية، التي تكون في صالح جانب واحد[7]. ومن ثم؛ يتطلب حل إشكالية تحديد القانون الواجب التطبيق؛ لحسم المسائل المرتبطة بعقد المستهلك؛ من مثل: صحة العقد، والشروط التعسفية، والعيوب الخفية، والتزام البائع إعلام المستهلك، ودفع الثمن وتسليم المبيع؛ وهو ما يستدعي بالضرورة تطبيق قانون يحسم ما يثار من مشكلات. وتكمن أهمية حل هذه الإشكالية في تحديد القانون الواجب التطبيق: أهو قانون محل البائع؟ أم قانون محل المستهلك؟ أم قانون الإرادة؟

تجدر الإشارة إلى أن هذا الموضوع لم يحظ بالاهتمام أو الترحيب في تشريعات أغلب الدول العربية؛ فدولة الكويت مثلًا لم يفرد المشرع الكويتي قاعدة إسناد تتعلق بعقد المستهلك ذي العنصر الأجنبي في القانون رقم 5 لسنة 1961، المعني بتنظيم العلاقات ذات العنصر الأجنبي؛ وهذا من العوامل التي دفعت الباحثة إلى محاولة التوصّل إلى قوانين مقارنة، واكبت التطور الحديث، وسعت سعيًا جادًّا إلى سنّ قاعدة إسناد لحماية المستهلك في المعاملات التقليدية والمعاملات الإلكترونية ذات العنصر الأجنبي، على حد سواء[8]. ولعل عدم سن المشرع الكويتي لقاعدة إسناد تتعلق بعقد المستهلك، قد يُعزى من وجهة نظرنا إلى وجود قاعدة إسناد بشأن الالتزامات التعاقدية، في المادة 59 من القانون رقم 5 لسنة 1961، وهي قاعدة سائدة التطبيق على التعاقدات التقليدية، غير أنها لا تخلو من المشكلات العملية عند تطبيقها على العقود التي تبرم إلكترونيًا، منها الصعوبة المتمثلة في تفضيل قانون الإرادة كضابط إسناد في التطبيق الذي يتناسب مع العقود الدولية، بينما يهضم حق المستهلك كطرف ضعيف لم يكن له فرصة لاختيار القانون في العقد الذي أبرمه؛ ومن ثم، فإن وجد الاختيار الصريح التزم القاضي بتطبيقه، بصرف النظر عن صفة الطرف الآخر، وهو المستهلك، ولا يمكن استبعاد تطبيقه إلا في حالتي مخالفته للنظام العام أو الغش نحو القانون. والصعوبة الثانية تثار حين تكون الإرادة ضمنية، وتستخلص من ظروف التعاقد، ويصعب اكتشافها في التعاقد الإلكتروني. وفي ظل عدم الوصول إلى الإرادة الضمنية سيطبق القاضي أحد الضابطين القانونيين على سبيل التدرج، وهما قانون الموطن المشترك، وفي حال الاختلاف في الموطن يطبق قانون مكان إبرام العقد. وتجدر الإشارة إلى أننا هنا لسنا بصدد بحث ملاءمة تلك الضوابط أو عدم ملاءمتها، بل بصدد محاولة الكشف عن الحلول المعاصرة في قوانين الدول لمسألة عقد المستهلك الإلكتروني، ذي العنصر الأجنبي، وذلك في ضوء كل من القانون البحريني[9] ونظام روما (1) 2008[10]؛ باعتبارهما نموذجين حديثين على صعيد القانون الدولي الخاص، ونركز على تحديد مفهوم عقد المستهلك الإلكتروني والاتجاهات الفقهية التي تقيّد دور الإرادة في هذا العقد، وتنظيم القانون البحريني له مقارنة بنظام روما الأوروبي.

أهمية الموضوع

تكمن أهمية الدراسة في بيان الحلول القانونية التي توصلت إليها الدول في صياغة قاعدة الإسناد؛ لأجل حماية المستهلك في العقد الإلكتروني ذي العنصر الأجنبي. ونعني بالحماية هل كفلت قواعد الإسناد الأمان للطرف الضعيف المستهلك في العلاقة التعاقدية ذات العنصر الأجنبي في تعيين القانون الواجب التطبيق؟ والسبب أن المستهلك طرف في العلاقة التعاقدية التي تبرم على شبكة الإنترنت لا يتاح له التفاوض لاختيار قانون بل يستغل الطرف المهني خبراته في إيراد شروطه، وأحدها تعيين القانون الواجب التطبيق؛ وهو ما يجعل العلاقة التعاقدية غير متوازنة. غير أنه إن وجد الاختيار الصريح الذي يمثل بقانون الإرادة التزم القاضي بتطبيقه بصرف النظر عن صفة الطرف الآخر، وهو المستهلك، ولا يمكن استبعاد تطبيقه إلا في حالتي مخالفته للنظام العام أو الغش نحو القانون.

إشكالية الدراسة

كعقد ذي عنصر أجنبي يبرم عن بعد، بوساطة الإنترنت، وأحد أطرافه مستهلك، فإنه تثار إشكالية أساسية، وهي مدى كفالة قاعدة الإسناد الأمان للمستهلك من خلال تعيين القانون الواجب التطبيق على العقد الإلكتروني ذي العنصر الأجنبي، وأمام هذه الإشكالية تجيب الدراسة عن التساؤلات الآتية:

-      ما مفهوم عقد المستهلك الإلكتروني؟

-      هل للإرادة دور في تعيين قانون يوفر حماية للمستهلك في العقد الإلكتروني ذي العنصر الأجنبي؟

-      هل للإرادة الصريحة والإرادة الضمنية دور حمائي للمستهلك في العقد الإلكتروني ذي العنصر الأجنبي؟

-      هل يستمر القاضي في تطبيق قانون دولة الإقامة العادية للمستهلك، إذا ما كان هذا القانون يضم قواعد حمائية أقل من تلك الواردة في القانون المختار؟

منهجية الدراسة

تسعى الدراسة إلى بحث مسألة دور قانون الإرادة في حماية المستهلك في التعاقد الإلكتروني ومدى إمكانية تقييد ذلك، وإسنادها لضابط آخر وهو قانون محل الإقامة حماية للمستهلك؛ وهو ما يتطلب عرض بعض التشريعات وشرحها وتحليلها، والمقارنة بينها؛ ومن ثم التوصل إلى الحلول في الفقه والتشريعات والأحكام القضائية، ويتحقق هذا الهدف بالاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي، والاتجاه أيضًا إلى المقارنة، ولا سيما بين القانون البحريني والموقف الأوروبي في تنظيمهما لقاعدة إسناد بشأن عقد المستهلك.

ولنصل إلى النتائج والتوصيات بنيت الدراسة على مبحثين أساسيين، هما:

المبحث الأول: عقد المستهلك الإلكتروني ومدى خضوعه لقانون الإرادة.

المبحث الثاني: نحو تشريع قاعدة إسناد خاصة بعقد المستهلك تنطبق على عقد المستهلك الإلكتروني.

المبحث الأول: عقد المستهلك الإلكتروني ومدى خضوعه لقانون الإرادة

يعد ضابط الإرادة أهم ضابط في قاعدة الإسناد بشأن الالتزامات التعاقدية ذات العنصر الأجنبي، ولأن موضوع الدراسة يتناول مسألة عقد، أحد أطرافه مستهلك، ظهرت اتجاهات فقهية في القانون الدولي الخاص، تنادي بحماية المستهلك في العقد ذي العنصر الأجنبي. والسبب أن العقد ذا العنصر الأجنبي الذي يبرمه المستهلك من الممكن أن يتأثر بالمبادئ الأصولية التي تتبناها الدول عند صياغة قاعدة الإسناد بشأن العقد، ومنها إعطاء الاعتبار لضابط قانون الإرادة؛ أي حرية الأطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق على العقد لمميزاته[11]. والسؤال الذي يمكن أن يثار بهذا الصدد هو: أيستلزم منح الأطراف هذه الحرية في اختيار القانون الذي يطبق في عقد المستهلك أم يجب تقييد ذلك؟ وللإجابة عن هذا السؤال نقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نعرض في المطلب الأول لبيان عقد المستهلك الإلكتروني ذي العنصر الأجنبي، في حين نعرض في المطلب الثاني لدور مبدأ قانون الإرادة في حماية المستهلك في العقد الإلكتروني ذي العنصر الأجنبي.

المطلب الأول: عقد المستهلك الإلكتروني ذو العنصر الأجنبي

عقد المستهلك هو التصرف القانوني الذي يقوم به الشخص بإرادته؛ بهدف إشباع احتياجاته من السلع والخدمات[12].ويطلق عليه باللغة الإنجليزية، consumer contract. في حين يعرفه آخرون بأنه "اتفاق بين طرفين: المستهلك من جهة والمهني/المحترف من جهة أخرى، وهذا الاتفاق يعطي كل طرف مجموعة من الحقوق، ويرتب عليه في الوقت نفسه مجموعة من الالتزامات"[13].

ومحل عقد المستهلك الحصول على سلعة أو خدمة، والسلعة هي المنتج؛ كالحليب أو الكتاب، والخدمة قد تكون ذات طابع مادي؛ كالتنظيف، أو ذات طابع فكري؛ كالاستشارات[14]. وإبرام عقد المستهلك قد يكون تقليديًا، وقد يكون إلكترونيًا. ويعرف عقد المستهلك التقليدي بأنه العقد الذي يبرم بحضور الطرفين في الزمان والمكان المحددين، أما العقد الإلكتروني؛ فيبرم بين غائبين، ويطلق عليه أحيانًا مصطلح "العقد عن بعد". ويعرف العقد الإلكتروني بأنه العقد الذي يتم إبرامه إلكترونيًا "عن بعد عبر تقنيات الاتصال المختلفة، دون وجود الأطراف أو التقائهم المادي، من خلال مجلس العقد، ويتم من خلاله تبادل التراضي بطريق سمعي بصري عبر شبكة الإنترنت، فالتفاعل بين الأطراف يكون بمجلس واحد حكمي افتراضي؛ ومن ثم، فهو عقد فوري معاصر، على الرغم من تمامه عن بعد"[15]. ويؤكد جانب من الفقه أن تعريف العقد الإلكتروني يأتي مرتبطًا بوسائل الاتصال التي ينعقد فيها[16].

ونظرًا لاتساع مستخدمي الإنترنت وتعاملاتهم التي تتم فيه تدخل المشرع في وضع تعريف للتعاقد الإلكتروني؛ كالقانون المصري، الذي أطلق على هذا النوع من التعاقد مصطلح "التعاقد عن بعد" في القانون رقم 81 لسنة 2018 بإصدار حماية المستهلك في المادة 1(8)، وعرّفه بأنه "عمليات عرض المنتجات أو بيعها أو شرائها باستخدام شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، أو أي وسيلة من وسائل الاتصال المرئية والمسموعة والمقروءة، أو عن طريق الهاتف أو أي وسيلة أخرى"[17].

وقد عرفت المادة 2 من التوجيه الأوروبي، الخاص بحماية المستهلك في التعاقد عن بعد، الصادر في 20 مايو 1997 عقد المستهلك الإلكتروني بأنه "عقد متعلق بالسلع والخدمات، يتم بين مورد ومستهلك من خلال الإطار التنظيمي الخاص بالبيع عن بعد أو تقديم الخدمات التي ينظمها المورد، ويتم باستخدام واحدة أو أكثر من وسائل الاتصال الإلكترونية حتى تمام العقد".

ومن سياق ما عرضناه، يمكن تحديد المقصود بعقد المستهلك الإلكتروني بأنه: أ- عقد يتلاقى فيه الإيجاب والقبول، ب- يبرم بواسطة الإنترنت، ج- له طرفان: المستهلك والمهني، د- تنتج آثاره القانونية المتمثلة في انتقال السلعة أو الخدمة التي يقدمها المهني إلى المستهلك[18].

ولعقد المستهلك طرفان، المستهلك: ويعبر عنه باللغة الإنجليزية، consumer، والمهني: ويعبر عنه باللغة الإنجليزية trader، ومن المهم إيراد التعريف لكلا الطرفين؛ كون المستهلك الطرف الذي يقوم بعملية الاستهلاك والمهني الطرف الذي يوفر السلعة أو الخدمة محل الاستهلاك. وفي تعريف المستهلك هناك اتجاهان، أحدهما واسع والآخر فيه شيء من التضييق. والمستهلك بموجب التعريف الواسع هو كل من يشتري شيئًا؛ بهدف استهلاكه، سواء عن طريق استعماله الشخصي أم استعماله في حرفته[19]. في المقابل يرى أصحاب الاتجاه الضيق أن المستهلك هو الشخص الذي يسعى إلى الحصول على السلع أو الخدمات لإشباع احتياجاته الشخصية أو العائلية غير المرتبطة بنشاطه المهني[20].

وعرفته المبادئ التوجيهية لحماية المستهلك بأنه "شخص طبيعي، بصرف النظر عن جنسيته، يتصرف في المقام الأول لأغراض شخصية أو عائلية أو ذات صلة بالأسرة المعيشية"[21].

وعلى المستوى التشريعي، تباينت المواقف بشأن تعريف المستهلك، بين تشريع وآخر؛ فعُرّف المستهلك في قانون حماية المستهلك الكويتي بأنه "كل شخص طبيعي أو اعتباري يشتري سلعة أو خدمة بمقابل أو يستفيد من أي منهما بغرض الاستهلاك أو يجري التعامل أو التعاقد معه بشأنها"[22]. ويلاحظ أن المشرع الكويتي يشمل في الحماية كلًا من الشخص الطبيعي والشخص المعنوي، ولعل نطاقه يمتد ليشمل كلًا من عقود المعاوضة والتبرع على حد سواء، ويستدل على ذلك من إيراد كلمة "يشتري" وكلمة "يستفيد"، على أن يكون غرض التعاقد هو الاستهلاك. ووفق قانون حماية المستهلك العماني يكون المستهلك "كل شخص طبيعي أو اعتباري يحصل على سلعة أو يتلقى خدمة بمقابل أو بدون مقابل"[23]. في حين يعرفه قانون حماية المستهلك الأردني بأنه "الشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يحصل على سلعة أو خدمة بمقابل أو بدون مقابل إشباعًا لحاجاته الشخصية أو لحاجات الآخرين، ولا يشمل ذلك من يشتري السلعة أو الخدمة لإعادة بيعها أو تأجيرها"[24].

بينما يعرَّف الطرف الآخر في العلاقة، وهو المهني/المحترف، بأنه من يتعاقد في إطار تجارته وحصوله على أوفى قدر من الربح[25]. وعرّفه آخر بأنه الشخص الذي يتعامل ويتصرف لحاجاته المهنية؛ كشراء السلع لإعادة بيعها أو الحصول على الخدمات لمصلحة حرفته أو استئجار المحل التجاري[26].

وكما تباينت المواقف التشريعية في تعريف المستهلك تباينت أيضًا في تعريف المهني؛ فقد عرّفه قانون حماية المستهلك الكويتي بأنه كل شخص طبيعي أو اعتباري يمارس باسمه أو لحساب الغير نشاطًا تجاريًا أو صناعيًا، يتعلق بتوزيع أو تصنيع أو بيع أو تأجير أو استيراد أو عرض أو تداول سلعة، أو التدخل في إنتاجها، أو تقديم خدمة". ويلاحظ أن التعريف جاء شاملًا المتعاملين في تداول السلعة أو الخدمة حتى وصولها إلى المستهلك. ويعرفه قانون حماية المستهلك العماني بأنه "كل شخص طبيعي أو اعتباري يقوم بتداول سلعة أو يتلقى خدمة بمقابل أو بدون مقابل". ويعرفه قانون حماية المستهلك الأردني بأنه "الشخص الطبيعي أو الاعتباري من القطاع العام أو الخاص يمارس باسمه أو لحساب الغير نشاطًا، يتمثل بتوزيع السلع أو تداولها أو تصنيعها أو تأجيرها أو تقديم الخدمات إلى المستهلك، بما في ذلك أي شخص يضع اسمه أو علامته التجارية أو أي علامة فارقة أخرى، يملكها على السلعة أو الخدمة". ويلاحظ أن المشرع الأردني توسع في مفهوم المهني ليشمل الشخص الطبيعي والشخص الاعتباري من القطاع الخاص والعام.

وبالنسبة إلى طبيعة عقد المستهلك الإلكتروني، ذهب رأي إلى القول: إنه من العقود الرضائية الذي تتساوى فيها إرادة الأطراف وتتحقق فيها المفاوضات بكل حرية[27]. ويؤسس أصحاب هذا الرأي حجتهم على ما يأتي: أولًا: ما نشاهده من السلع والخدمات على المواقع الإلكترونية ما هو إلا معلومات عامة ولا تعتبر دعوة للتعاقد؛ كون المستهلك هو من يقوم بعمل مادي، يتمثل في البحث عما يتناسب مع مصلحته من السلع والخدمات[28]. ثانيًا: انتفاء الاحتكار في العقد الإلكتروني؛ وهذا يعني وفرة الخدمات والسلع المتاحة على المواقع الإلكترونية؛ مما يتمكن معه المستهلك من التنقل بين المواقع[29]. واتجه رأي آخر من الفقه إلى القول: إن عقد المستهلك الإلكتروني يعدّ من عقود الإذعان؛ فهو عقد يسلم فيه القابل بشروط مقررة يضعها الموجب مسبقًا ولا تُقبل فيها أية مناقشة، ويكون ذلك متعلقًا بسلعة محل احتكار قانوني أو فعلي وموضع منافسة محددة النطاق، ولا يكون للموجب له إلا القبول أو الرفض[30]. لذلك نرى، أن إعمال هذا التعريف على عقد المستهلك الإلكتروني وإبرامه له بما يتضمن القانون الواجب التطبيق إذعانًا؛ لأن المستهلك بوصفه طرفًا ضعيفًا لا يتاح له مناقشة شروط العقد مقارنة بالمهني، وهو الطرف القوي، وله المعرفة في القوانين والتحكم بصياغة العقد بما فيه شرط القانون الواجب التطبيق ليحمي مصالحه. ومن ثم، فإن شروط التعاقد، ومنها شرط القانون الواجب التطبيق، لا تتيح للمستهلك مناقشتها، ولا يكون أمام المستهلك إلا أحد خيارين: فرض قبولها أو رفضها؛ ومن ثم نكون أمام حالة إذعان.

وقد استقرت محكمة التمييز الكويتية في كثير من الأحكام الصادرة عنها، على أن عقود الإذعان يجب أن يجتمع فيها ثلاث سمات، من ذلك قضاؤها بأن "عقود الإذعان تتميز عن غيرها باجتماع سمات ثلاثة، الأولى: تعلق العقد بسلع أو مرافق تعتبر من الضروريات بالنسبة إلى المستهلكين أو المنتفعين. والثانية: احتكار الموجب لهذه السلع أو المرافق احتكارًا قانونيًا أو فعليًا أو قيام منافسة محدودة النطاق بشأنها. والثالثة: صدور الإيجاب إلى الناس كافة وبشروط واحدة وعلى نحو مستمر، والقبول في هذه العقود ليس إلا إذعانًا لها يمليه الموجب؛ فالقابل لا يملك إلا أن يأخذ أو يدع، ولما كان في حاجة إلى التعاقد فهو مضطر إلى القبول؛ فرضاؤه موجود ولكنه مفروض عليه"[31]. إن إيراد تلك السمات على العقد ذي العنصر الأجنبي الذي يبرمه المستهلك، يعني أن المستهلك لا يتاح له تعيين القانون الواجب التطبيق؛ ومن ثم لا يكون أمامه إلا أن يوافق على العقد ككل ضمنه القانون المعين من المهني أو رفض العقد ككل ضمنه القانون المعين لذلك، وباجتماع السمات الثلاثة يكون عقد المستهلك ذو العنصر الأجنبي عقد إذعان.

ولما كان عقد المستهلك الإلكتروني يبرم بوساطة شبكة الإنترنت، فإن العقد يكون عابرًا للحدود؛ ومن ثم يطلق عليه فقهًا مصطلح "العقد الدولي" أو "العقد ذي العنصر الأجنبي"؛ كونه عقدًا أبرم نتيجة تلاقي الإيجاب والقبول عن بعد وانصب على خدمة أو سلعة تتخطى حدود الدولة الواحدة. ومعه يثار سؤال، مفاده: كيف يكتسب عقد المستهلك الإلكتروني هذه الصفة الدولية؟ لقد درج الفقه، عند عرض المسألة في العلاقات العقدية، على إخضاع العقد إما لمعيار قانوني وإما لمعيار اقتصادي[32]. وعليه؛ يعدّ العقد دوليًا وفق المعيار القانوني متى ارتبطت العلاقة في العقد بأكثر من نظام قانوني[33] كأن يتمتع طرفاه أو أحدهما بجنسية أجنبية أو كان مقيمًا أو كان موقع المال في دولة غير دولة القاضي[34]. في حين إذا ارتبطت عناصر العقد بنظام قانوني واحد كان عقدًا وطنيًا[35]. ويكون عقد المستهلك الإلكتروني دوليًا وفق المعيار الآتي: إذا كان أحد الأطراف يحمل جنسية مختلفة، أو كانت إقامته في دولة غير دولة القاضي، أو كان تنفيذ العقد في دولة غير دولة القاضي. ويقسم هذا المعيار وفق مؤيديه إلى معيار قانوني جامد وآخر مرن. ويقصد بالمعيار القانوني الجامد أن العقد يكون دوليًا بمجرد وجود العنصر الأجنبي بغض النظر عن أهميته وتأثيره؛ وبناء على ذلك يكون عقد المستهلك الإلكتروني دوليًا بمجرد اختلاف جنسية الأطراف أو وجود المال في الخارج[36]. في حين يعد العقد دوليًا أو غير دولي وفق المعيار القانوني المرن بناءً على العنصر المؤثر، وبالنظر إلى عقد المستهلك الإلكتروني فإن العنصر المؤثر فيه هو السلعة أو الخدمة محل العقد التي يكون موقعها خارج دولة المستهلك[37].

وفي المقابل هناك المعيار الاقتصادي الذي يؤخذ به لتحديد الصفة الدولية للعقد، وقد مر هذا المعيار بثلاث مراحل بفضل أحكام المحاكم الفرنسية[38]، عُدّ العقد في المرحلة الأولى دوليًا متى وُجد انتقال للأموال عبر الحدود بصرف النظر عن جنسية الأطراف. ويعدّ العقد دوليًا وفق هذا المعيار في المرحلة الثانية متى تجاوز العقد حدود الاقتصاد المحلي للدولة الواحدة؛ كتسليم المبيع في دولة لا ينتمي لها الأطراف بالجنسية. ويعد العقد دوليًا أيضًا وفق المرحلة الثالثة متى ارتبط بمصالح التجارة الدولية. واستنادًا إلى ذلك، يحتوي عقد المستهلك الإلكتروني على العنصر الأجنبي وفق هذا المعيار؛ لاتساع حجم المستهلكين بين الدول وانتقال السلع عبر الحدود بفضل الإنترنت متى كان لذلك دور في التأثير على مصالح التجارة الدولية، في حين لا يطبق هذا المعيار متى كنا أمام عقد لإشباع حاجات يومية لا تتعلق بمصالح التجارة الدولية. وعليه؛ فإن عقد المستهلك الإلكتروني الذي يبرم بين أشخاص مختلفي الجنسية والمكان لشراء سلعة موجودة في دولة ثالثة لغرض عائلي أو شخصي، على أن يتم السداد لحساب بنكي موجود في دولة رابعة، لا يكون وفق هذا المعيار عقدًا دوليًا؛ لعدم مساسه بالتجارة الدولية.

وظهر معيار مزدوج يدمج بين المعيار القانوني والمعيار الاقتصادي؛ لأن العقد يجمع علاقتين: قانونية واقتصادية[39]، ويقوم المعياران على أهداف متقابلة، وكل منهما مكمل للآخر، وتوضيحًا لذلك يسعى المعيار الاقتصادي إلى تحقيق التوازن بين أطراف العقد ومصلحة الدولة، وهو أمر لا يتحقق عند إعمال المعيار القانوني بشكل منفرد، الذي يسعى إلى تطبيق قاعدة الإسناد دون أن يحقق التوازن بين أداء أطراف العلاقة العقدية التي هي محل اهتمام المعيار الاقتصادي[40].

ولعلنا نخلص إلى القول، وهو ما نميل إليه[41]: إن العقد الإلكتروني الذي يكون طرفه مستهلكًا يخضع تحديد صفته الدولية للمعيار القانوني لعدة اعتبارات:

-      المرونة في تحديد العنصر الأجنبي في العلاقة من عدة دلالات؛ كاختلاف الجنسيات أو مكان الإبرام أو الإقامة أو موقع المهني عن المستهلك، يحقق الغاية الحمائية للمستهلك في هذه العقود.

-      الاحتكام للمعيار الاقتصادي يفترض أن نكون أمام عقد تجاري كالمعروف بـB2B، لكن عقد المستهلك يهدف المستهلك فيه إلى إشباع حاجاته الشخصية بعيدًا عن المضاربة أو المتاجرة في حين أن المهني هدفه الربح؛ إذ هو عقد ذو صفة تجارية بالنسبة إليه؛ ومن ثم لا يتحقق التوازن بين الأداءات التي يرمي إليها المعيار الاقتصادي.

المطلب الثاني: دور مبدأ سلطان قانون الإرادة في حماية المستهلك في العقد الإلكتروني ذي العنصر الأجنبي

لأهمية عقد المستهلك بشكل عام[42]، ولا سيما في ظل القانون الدولي الخاص ورغبة في حماية المستهلك؛ فإن ذلك يستدعي القول: إنه من الممكن أن يخضع هذا العقد للمبادئ المستقر عليها في القانون الدولي الخاص، ومنها مبدأ سلطان الإرادة[43]؛ أي أن للأطراف حقًا في اختيار قانون ليطبق على العقد، وهو قانون الإرادة الصريح. وعليه، تعترف الدول في تنظيمها لقاعدة الإسناد في العقود ذات العنصر الأجنبي ضابط الإسناد، وهو قانون الإرادة الصريح وقانون الإرادة الضمنية التي تستخلص من ظروف الحال وملابسات التعاقد، وباعتبار أن عقد المستهلك عقد يُنشئ بين أطرافه التزامات وحقوقًا متبادلة؛ ومن ثم يخضع لقاعدة الإسناد العامة في العقود.

وقد حظي مبدأ سلطان الإرادة بقبول واسع وكبير في مجال العقود الدولية؛ وهو ما يدفعنا إلى البحث عن مدى قابلية تطبيقه على عقد المستهلك الإلكتروني ذي العنصر الأجنبي من خلال بيان التوجهين الفقهيين: الأول يستبعد إعمال هذا المبدأ في عقد المستهلك ذي العنصر الأجنبي، والآخر يوافق الثاني على إعماله بقيود.

يرفض الاتجاه الأول تطبيق مبدأ سلطان الإرادة في عقد المستهلك، ويتجه إلى استبعاده، ويسمى هذا الاتجاه استبعاد مبدأ سلطان الإرادة، وباللغة الإنجليزية Excluding party autonomy. ويكون هذا الاستبعاد بعدم السماح للأطراف ممارسة الحرية في اختيار القانون المطبق على عقد المستهلك[44]. ويقوم هذا الاتجاه على مبرر أساسي، وهو حماية المستهلك بسبب عدم التكافؤ بين طرفي العقد عند إعمال الإرادة فيه؛ لتعسف الطرف القوي، وهو المهني، على حساب الطرف الضعيف، وهو المستهلك[45]، وينتج عن ذلك أن المهني له الفرصة في إيراد شرط القانون الواجب التطبيق؛ ومن ثم حرمان المستهلك من المشاركة في ذلك[46]. ويمكننا أن نوضح ذلك بالتصور الآتي:

يرد شرط القانون الواجب التطبيق في عقد المستهلك الإلكتروني بوصفه أحد الشروط العقدية المسبقة الإعداد، وما على المستهلك إلا ضغط كلمة (أوافق)؛ ومن ثم تتم العملية، أو كلمة (رفض)؛ ومن ثم تلغى العملية برمتها. وبهذا التصور ينعدم التفاوض؛ لأن المستهلك لا يسهم في اختيار القانون؛ وعليه تكون فرصة سانحة للمهني بأن يفرض القانون الواجب التطبيق على العقد كشرط فيه، وهذا الاختيار من جانب المهني لا يكون اعتباطًا بل هو قائم على ما يحقق مصلحته، من خلال معرفته السابقة بمضمون القانون وحدود الحماية المكفولة له وتلك المكفولة للمستهلك.

ومن عيوب تطبيق قانون الإرادة في عقد المستهلك، أن العقد يبرم من مستهلك بالغ لسن الرشد أو قاصر، وقد تكون الموافقة على القانون الواجب التطبيق المعين في العقد من قبل المهني، من شخص قاصر لا يعي حدود الحماية القانونية، والسبب أنه في العقود الإلكترونية يصعب التحقق من أهلية التعاقد لافتقاد الحضور الشخصي للمتعاقد.

ويضيف آخرون أن استبعاد قانون الإرادة في عقد المستهلك هو غياب الصلة بين القانون المختار والعقد لانتفاء الصلة بموضوعه أو بجنسية الأطراف أو محل التنفيذ أو بدولة الإبرام[47]. وهي مسألة تواترت القوانين العربية على منح الأطراف اختيار القانون للعقد دون اشتراط أن يكون للقانون صلة به؛ كما هو في القانون الكويتي المادة 59[48]، والقانون العماني المادة 20[49]، والقانون القطري المادة 27[50]. غير أن من تبعات الاعتراف بسلطان الإرادة في عقد المستهلك إمكانية تثبيت القانون المختار على العقد[51]. ونرى أن من سلبيات تثبيت القانون الإضرار بمصلحة المستهلك فيما لو عدلت نصوص القانون المختار في وقت لاحق لتكون أكثر مصلحة وحماية له. ونستنتج أن إعمال هذا الرأي يقودنا إلى القول: إن قاعدة الإسناد بشأن عقد المستهلك تضم ضوابط جامدة أو تخييرية دون أن تمنح الأفراد حق اختيار قانون.

في حين أنه إن غاب قانون الإرادة المعين صراحة في العقد، فإن القاضي يطبق وفق مبدأ سلطان الإرادة قانون الإرادة الضمنية، الذي لا يخلو من عيوب في تطبيقه على عقد المستهلك الإلكتروني. ويؤكد الفقه أن "انعدام التحديد الصريح لقانون العقد، لا يعني انتهاء كل دور للأطراف؛ فقد أسلفنا بيان أنه إلى جانب الإرادة الصريحة للأطراف، هناك إرادتهم الضمنية، أو قل نيتهم الضمنية، وهي إرادة ينبغي اعتبارها وعدم تجاهلها"[52]. وتستخلص هذه الإرادة من ظروف العقد وملابساته؛ كاختيار عقد تمت صياغته بما يتلاءم مع قانون دولة ما، أو يخضع الأطراف بعض المسائل في العقد لقانون ما، فيطبق القانون ذاته على المسائل الأخرى لو أثيرت أمام المحكمة، أو من طريقة إبرام العقد أو التصرفات اللاحقة كاللغة أو تحديد المحكمة المختصة أو مكان تنفيذ العقد أو نوع العملة[53]. وإطلاق هذه القرائن لتطبق على العقود بمختلف أنواعها لا يستقيم مع عقد المستهلك الإلكتروني لعدة أسباب، منها أن غالبية العقود تبرم باللغة الإنجليزية، وبصعوبة الاستناد إلى اللغة كقرينة، لعالمية اللغة الإنجليزية، يصعب اعتبار اللغة قرينة لإخضاع العقد للقانون الإنجليزي. أضف صعوبة تطبيق قانون الدولة التي اختار الأطراف تعيين محاكمها استنادًا إلى المستقر عليه في القانون الدولي الخاص من أنه لا تلازم بين الاختصاص القضائي والاختصاص التشريعي.

وعلى الرغم من التبريرات السابقة المؤيدة لاستبعاد قانون الإرادة فإن توجهه لم يسلم من الانتقادات، أولها: استبعاد مبدأ سلطان الإرادة في عقد المستهلك من شأنه الإضرار بمصالح التجارة الدولية؛ كون سلطان الإرادة يعد جوهرها ومحركها الأساسي[54]. ثانيها: المغالاة في اعتبار واقعة سلطان الإرادة واختيار القانون بإرادة الأطراف يؤدي إلى تطبيق قانون أقل مستوى في توفير حماية للمستهلك[55]، وهي حجة لا تتواكب مع التطور التشريعي المعاصر؛ إذ إن أكثر دول العالم طورت تشريعاتها من خلال تضمين حماية فعالة للمستهلك من الإعلانات والمواصفات والعيوب الخفية؛ فيكون القانون المختار بإرادة الأطراف ذا حماية تفوق حماية القانون الواجب التطبيق الذي تشير إليه قاعدة الإسناد.

ويذهب الاتجاه الثاني إلى المناداة بالاعتراف بمبدأ سلطان الإرادة في عقد المستهلك وفق قيود معينة، ويسمى هذا الاتجاه تقييد مبدأ سلطان الإرادة limiting party autonomy. ويُفترض وفق هذا الاتجاه أن تسمح قاعدة الإسناد بتطبيق مبدأ سلطان الإرادة في عقد المستهلك، إلا أن تطبيقه مقيد بما تتضمنه القواعد الموضوعية الحمائية المقررة في قانون المستهلك في دولة القاضي أو دولة إقامة المستهلك[56]. وهذه القواعد الموضوعية ذات صفة حمائية "يكون هدفها حماية المستهلك في علاقاته التعاقدية، وتكمن هذه القيود في وجود قواعد آمرة في القانون الداخلي لحماية المستهلك، وهذه القواعد لا يمكن استبعادها بمقتضى قانون الإرادة"[57].

وتجدر الإشارة إلى أنه يترتب على إعمال الاتجاه الثاني القول: إن لسلطان الإرادة دورًا احتياطيًا في حماية المستهلك[58]، ولتقييد مبدأ سلطان الإرادة في عقد المستهلك صورتان، هما:

الصورة الأولى: يضيق من مبدأ سلطان الإرادة في عقد المستهلك، ليكون اختيار الأطراف قانون بلد الإقامة العادية للمستهلك أو قانون بلد تنفيذ العقد. ولعل هذه الصورة تتطلب الصلة بين القانون والعقد. ومن الصعب تطبيق هذه الصورة في العقود الإلكترونية؛ كونها عقودًا معدة مسبقًا، تظهر لكل متعاقد يتسوق عبر الموقع الإلكتروني، ولا يكون للبائع علم بمكان إقامة المستهلك أو مكان تنفيذ العقد. وتطبق هذه الصورة من خلال إيراد الضوابط كشرط في العقد، وبوضع ضابط الإسناد دون تحديد دقيق لقانون دولة بعينها؛ وبهذا الشكل يكون الشرط الوارد في العقد قاعدة إسناد اتفاقية، ويعد خرقًا لمفهوم سلطان الإرادة التي يراد بها تحديد القانون وليس ضابط الإسناد.

والصورة الثانية: يُعترف فيها لأطراف عقد المستهلك بمكنة اختيار قانون يحكم العقد، في حين لا يعمل به متى كانت القواعد الآمرة في دولة الإقامة العادية للمستهلك توفر حماية أكثر له[59]. ونلاحظ أن إعمال هذا الأسلوب لا يستبعد حق الأطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق، سواء كان قانونًا له صلة بالعقد أم أي قانون آخر لا صلة له، ولكن يقيده إلى حد عدم الإخلال بتطبيق القواعد الحمائية الآمرة لدولة إقامة المستهلك، ويكون المستهلك في الغالب أكثر معرفة وعلمًا بها من أية قواعد أخرى[60]. وتجدر الإشارة إلى أنه ليس من السهولة استبعاد القانون المختار لتطبيق القواعد الآمرة في دولة محل الإقامة العادية للمستهلك؛ إذ إنه يكون محاطًا بشرط ملزم، وهو أن يحتوي هذا القانون على قواعد أكثر حماية للمستهلك؛ ثم يستتبع ذلك من وجهة نظرنا أن يقع على عاتق القاضي التزام البحث عن محتوى كل من قانون الإرادة وقانون بلد الإقامة العادية للمستهلك للتأكد من ذلك. وإعمال هذا الاتجاه يعدّ مرنًا إذا ما عرض النزاع أمام محكمة بلد الإقامة العادية للمستهلك وكان قانونها هو المختار، في حين يعدّ مرهقًا للقاضي إذا عرض النزاع في بلد ليس قانونها قانون الإرادة ولا قانون بلد الإقامة العادية للمستهلك.

وبهذا الصدد يثار تساؤل، مترتب على الصورة الثانية، وهو: إذا كان القانون المختار يحقق حماية أفضل من تلك الواردة في القواعد الآمرة في قانون بلد الإقامة العادية للمستهلك فهل يعمل بالقانون المختار؟ يذهب الرأي الراجح بحق إلى تطبيق قانون الإرادة، وهو القانون المختار ما دام أنه يحقق للمستهلك حماية أفضل من قانون محل إقامة المستهلك العادية[61]. ويبرر ذلك "أن تقييد قانون الإرادة بتطبيق القواعد الآمرة المنصوص عليها في دولة مقر إقامة المستهلك لا يتحقق بطريقة آلية؛ فالقواعد الآمرة لا تستبعد قانون الإرادة إلا إذا كانت أكثر حماية للمستهلك منه، والقول بخلاف ذلك معناه أن اللجوء إلى القواعد الآمرة في محل الإقامة المعتادة للمستهلك سوف يؤدي إلى الإضرار بالمستهلك"[62].

وأشار البعض إلى أن حماية المستهلك هو الهدف للاعتراف بمبدأ سلطان الإرادة كي يتجنب عدم إخضاع العقد لأي نظام قانوني[63]؛ بمعنى أن إفساح المجال للأطراف في اختيار قانون يحكم عقد المستهلك يضمن حماية للمستهلك بوجود قانون ما سيطبق على العقد. وهذا الرأي لا نؤيده، والسبب أنه إذا ما غاب قانون الإرادة الصريح فإن الدولة التي ترفع فيها الدعوى لها من قواعد الإسناد ما تطبقها؛ للوصول إلى قانون يطبق على هذا العقد؛ ومن ثم، فإن عدم إيراد قانون في العقد لا يجعله طليقًا[64].

وعلى ضوء ذلك؛ يثار سؤال، مفاده: هل من ضابط إسناد يتم إعماله إذا ما غاب الاختيار لقانون على عقد المستهلك؟ وبالفعل توصلت التشريعات إلى تطبيق ضابط للإسناد، يعرف بمحل الإقامة العادية للمستهلك، والمراد بهذا الضابط قانون البلد الذي يعيش فيه المستهلك[65]، وله مبرراته، وتؤسس جميع المبررات على ركيزة أساسية، هي حماية المستهلك، وهذه المبررات هي:

المبرر الأول: وهو إعمال ضابط الإسناد، بأن يكون قانون بلد الإقامة العادية للمستهلك يحمي رضاه، الذي يكون منقوصًا في العقد. ويحدث ذلك بسبب التأثر من الإعلانات، ولا يكون أمامه متسع من الوقت للتفكير الحر عند قبول العرض، وخصوصًا في العقود الإلكترونية؛ إذ يكون المستهلك بعيدًا ولا يتاح له فحص محل العقد[66]؛ أي لا يكون بمقدوره معاينة المبيع على الحقيقة أو التواصل مع البائع في مجلس البيع[67]؛ ونتيجة لذلك يبرِم العقد وهو لا يعي أنه يُقْدم على تعاقد دولي، وإن تذكر يكن من الأفضل أن يطبق قانون محل إقامته العادية كقانون واجب التطبيق.

المبرر الثاني: ويقضي بأن من مصلحة دولة محل الإقامة العادية للمستهلك تطبيق قانونها على عقد المستهلك الذي هو طرف فيه[68]. والسبب أن الدولة سعت في صياغة قواعد ذات صبغة حمائية للمستهلك من خلال إقامة توازن في العلاقة العقدية المبرمة بين المستهلك والمهني؛ ومن ثم تحمي الأول من نفوذ الثاني.

المبرر الثالث: ويقضي بتميز ضابط دولة الإقامة العادية للمستهلك بالدقة والوضوح. وهو بذلك يتجنب مشكلات الإسناد الجامد، التي تترتب على العقود التي تبرم بين غائبين[69]، وهذا الأمر صحيح؛ لأن من الإشكاليات التي تنجم عند إعمال ضابط الموطن المشترك للمتعاقدين أنه يصعب تحديد موطنهم بشكل دقيق، وكذلك يصعب تحديد مكان إبرام العقد؛ لأن كلًا من جنسياتهم وموطنهم مجهول في العقد الإلكتروني. أضف إلى ذلك أن لتطبيق قانون بلد الإقامة العادية للمستهلك دورًا في حماية رضا المستهلك، يتمثل في استبعاد تطبيق قانون الإرادة الضمنية الواردة في قاعدة الإسناد التقليدية في العقود، وهو القانون الذي يتم إعماله عند غياب الاختيار الصريح، ويقوم على العديد من القرائن كشرط المحكمة المختصة، أو إبرام العقد بلغة ليست لغة المستهلك، أو الدفع بعملة دولة مختلفة؛ وكل ذلك قرائن يؤخذ بها عند البحث عن الإرادة الضمنية في العقود التقليدية، وهي لا تحمل المتانة ذاتها في العقود الإلكترونية؛ لأن إرادة طرف تكون واضحة للأخذ به، في حين لا تعي عواقبه إرادة الطرف الآخر.

يلاحظ مما تقدم أن التبريرات تشدد على إعمال مبدأ سلطان الإرادة، على أن يكون الأخذ بها بطريقة تتناسب مع عقد المستهلك، وهذا يدعونا إلى القول: إن تحديد قاعدة إسناد خاصة بعقد المستهلك أمر ضروري؛ ويبرر هذا المسلك تحقيق الأمان القانوني. فأي من الاتجاهين أخذت بهم التشريعات؟

المبحث الثاني: نحو تشريع قاعدة اسناد خاصة بعقد المستهلك تنطبق على عقد المستهلك الإلكتروني

تبنت الكثير من التشريعات الوطنية ضرورة حماية المستهلك في القانون الدولي الخاص، من خلال إيراد قاعدة إسناد خاصة بعقد المستهلك؛ كالقانون البحريني، والقانون البلجيكي[70]، والقانون البولندي[71]، والقانون التشيكي[72]، وعلى المستوى الاتفاقي كاتفاقية روما الأوروبية[73]. هذا الموقف الإيجابي في تطوير قواعد الإسناد يدعو إلى التفاؤل؛ لأجل اللحاق بركب التطور القانوني مع مستجدات التجارة ومشكلاتها وبما يراعي مصلحة المستهلك. ونتولى في هذا المبحث بيان ذلك في مطلبين: نتناول في المطلب الأول قاعدة الإسناد الخاصة بعقد المستهلك في القانون البحريني، وفي المطلب الثاني نتناول الموقف الاتفاقي الأوروبي في تنظيم قاعدة إسناد بشأن عقد المستهلك.

المطلب الأول: قاعدة الإسناد الخاصة بعقد المستهلك في القانون البحريني

يعد القانون البحريني رقم 6 لسنة 2015[74] من أحدث القوانين المعنيّة بتنازع القوانين (قواعد الإسناد) مقارنة بالقوانين في دول مجلس التعاون الخليجي[75]؛ إذ يشمل في المادة 17 قاعدة إسناد عامة تطبق على العقود، والمادة 22 قاعدة إسناد خاصة بعقد المستهلك، وهذا الأخير هو محل دراستنا؛ ومن ثم يثار السؤال الآتي: ما موقف القانون رقم 6 لسنة 2015 من تطبيق مبدأ سلطان الإرادة على عقد المستهلك الإلكتروني؟

تنص المادة 22 من القانون المذكور على أنه "يسري على عقود المستهلك قانون دولة محل الإقامة العادية للمستهلك ما لم يتم الاتفاق أو يتبين من الظروف أن قانونًا آخر هو الذي يراد تطبيقه، وبشرط عدم حرمان المستهلك من الحماية التي توفرها الأحكام الآمرة لقانون الدولة التي بها محل إقامته العادية".

ومن خلال نص المادة نجد أنها حددت صفة أحد أطراف العلاقة في عقد المستهلك، وهو المستهلك. وتفسير مصطلحي عقد المستهلك أو المستهلك الواردين في هذا النص يخضع لقانون القاضي؛ لأنها مسألة تكييف[76]؛ كون القاضي سيطبق قاعدة إسناد واردة في القانون البحريني. ويقصد بالمستهلك في المادة 1 من القانون البحريني رقم 35 لسنة 2012 المعني بحماية المستهلك، "كل شخص طبيعي أو اعتباري يحصل على المنتجات إشباعًا لحاجاته أو لحاجات التابعين له"[77].

يتضح أن المادة 22 تشتمل على ضوابط إسناد تطبق في فرضين أساسيين، هما: وجود الاختيار لقانون وغيابه[78].

ذهب الفرض الأول إلى أنه في حالة اختيار الأطراف للقانون الواجب التطبيق فإننا نكون بصدد الإسناد لقانون الإرادة الصريحة، ويراد بها تطبيق القاضي للقانون المختار من الأطراف، وهو القانون الذي يعينه الأطراف في العقد. فإذا غاب الاختيار الصريح طبق القاضي قانون الإرادة الضمنية، الذي عُبر عنه في المادة بتعبير "أو يتبين من الظروف أن قانونًا آخر هو الذي يراد تطبيقه". في حين لا يطبق قانون الإرادة الصريحة ولا قانون الإرادة الضمنية على عقد المستهلك إذا كان من شأن تطبيقه حرمان المستهلك من الحماية التي توفرها الأحكام الآمرة لقانون الدولة التي فيها محل إقامة المستهلك العادية. ويتبين أن المشرع البحريني لم يسلم مطلقًا بمبدأ سلطان الإرادة في عقد المستهلك؛ إذ أخذ موقفًا وسطًا يقيد فيه تطبيق قانون الإرادة؛ مراعاة لمصلحة المستهلك لتطبيق الأحكام الآمرة الواردة في قانون محل إقامة المستهلك العادية. وتجدر الإشارة إلى أن المشرع البحريني يتبنى موقفًا مرنًا بصدد محل الاختيار؛ حيث تجيز المادة 4 من القانون ذاته للأطراف الاتفاق على اختيار القانون الواجب التطبيق أو اختيار قانون التجارة الدولية وأعرافها؛ وهو ما يعني أن الاختيار قد يكون قانون دولة، أو قانون التجارة الدولية كالأونسيترال، أو الأعراف الدولية. ونعتقد أن ذلك يطبق على عقد المستهلك؛ لأن المشرع لم يخصص في صياغة المادة 4 نوعًا معينًا من العقود بل جاءت الصياغة عامة.

أما الفرض الثاني، وهو غياب إرادة الأطراف في اختيار قانون؛ فإن قانون دولة محل الإقامة العادية للمستهلك هو الواجب التطبيق. ولم يعط القانون القاضي أية سلطة هنا في البحث عن قانون يقر بحماية المستهلك فيما لو افترضنا أن قانون بلد الإقامة العادية للمستهلك لا يوفر حماية للمستهلك.

ويمكن توضيح آلية تطبيق هذه الضوابط بالمثال الآتي: إذا اشترى مستهلك يقيم في دولة (أ) منتجًا أو خدمة من مزود في دولة (ب)، وتم الاتفاق على تعيين قانون دولة (ج) واجب التطبيق؛ ومن ثم ثار نزاع بشأن العقد وعرض على القضاء البحريني؛ فإن القاضي يطبق القانون المختار؛ باعتباره قانون الإرادة الصريحة، ويتقيد تطبيقه إذا نص قانون محل إقامة المستهلك العادية وهو قانون دولة (أ) على أحكام آمرة أفضل لحماية المستهلك. والفرض ذاته يطبق في حال تطبيق قانون الإرادة الضمنية، أما إن غاب الاختيار الصريح والضمني؛ فإن ضابط الإسناد قانون بلد محل الإقامة العادية للمستهلك وهو قانون دولة (أ) يكون واجبًا للتطبيق.

من سياق شرحنا للمادة 22 نستنتج عدة ملاحظات، منها:

أولًا: تكريس مبدأ سلطان الإرادة من خلال تعيين ضابط قانون الإرادة الصريح أو الضمني ضابطًا للإسناد، يطبق على عقد المستهلك، ونرى أنه من الأفضل لو اكتفى المشرع البحريني بقانون الإرادة الصريحة دون الضمنية لدقتها ووضوحها.

ثانيًا: لا يلائم ضابط الإسناد قانون الإرادة الضمنية الوارد في المادة 22 مع عقد المستهلك الإلكتروني؛ ومن ثم تستخلص من خلال العقد، كاستعمال عقد ينتمي إلى نظام قانوني معين أو صياغة العقد بأسلوب متبع في قانون معين، والسبب أن إرادة المستهلك في العقد الإلكتروني لم تكن متجهة إلى اختيار تلك القرائن التي تواتر الفقه على إيرادها؛ تسهيلًا لعمل القاضي. وتتبين صعوبة الإقرار باستخلاص الإرادة الضمنية باتجاه إرادة الأطراف، ومنهم المستهلك، نحو تطبيق قانون الدولة، واتبع هذا القانون في صياغة العقد؛ إذ إن من يصوغ العقد في عقود المستهلك هو المهني دون أن يكون للمستهلك دور في ذلك.

ثالثًا: إن إعمال الإرادة الضمنية من شأنه أن يجعل عمل القاضي أكثر تكلفًا في فهم ظروف التعاقد؛ مما يطيل أمد التقاضي في هذا النوع من العقود؛ ومن ثم لا نصل إلى المأمول، وهو حماية المستهلك.

رابعًا: لم تشترط المادة 22 أن يكون للقانون المختار صلة بالعقد؛ من حيث الموضوع أو الأطراف أو التنفيذ؛ فإذا ما اختار الأطراف أي قانون لا صلة له بالعقد فإن ذلك مسموح به، غير أن هذه الحرية تتقيد بعدم حرمان المستهلك من الأحكام الآمرة الواردة في قانون دولة إقامة المستهلك العادية.

خامسًا: يقع على القاضي عبء البحث عن مضمون القانون المختار وقانون دولة الإقامة العادية للمستهلك؛ لبيان أن تطبيق القانون المختار لا يحرم المستهلك من الأحكام الآمرة الواردة في قانون بلد الإقامة العادية للمستهلك، وقيام القاضي بهذا الإجراء ليس بالأمر الهين، بل يحتاج إلى دراسة للقانونين، وتحديد المسألة إذا ما كانت منظمة بأحكام آمرة في بلد إقامة المستهلك كي لا يكون تطبيقه للقانون المختار خرقًا لما استلزمه القيد الوارد في الماد 22. ويؤكد الفقه "أن الحماية التي توفرها القواعد القانونية الآمرة في قانون الدولة التي يوجد فيها محل الإقامة المعتادة للمستهلك تمثل الحد الأدنى الذي يتعين المحافظة عليه؛ بحيث لا يجوز أن تكون الحماية التي تكفلها أحكام القانون المختار أقل من تلك التي تتيحها القواعد الآمرة في قانون دولة محل إقامة المستهلك"[79]. ونعتقد أنه يترتب على الأخذ بهذا الحل أن العمل بقانون الإرادة يستمر إذا ما تبين أن قانون دولة الإقامة العادية للمستهلك تحتوي على أحكام مكملة وليست آمرة في حماية المستهلك.

وهنا يثار التساؤل الآتي: إذا كان قانون الإرادة يقرر حماية قانونية وفق أحكامه الآمرة أكثر من الأحكام الآمرة الواردة في قانون دولة الإقامة العادية للمستهلك، أيعمل بالقانون المختار أم يستبعد؟ يرى الفقه أن استبعاد القانون المختار يكون "في الحالة التي تقل فيها الحماية المقررة للمستهلك في القانون المختار عن الحماية التي يوفرها له قانون دولة محل إقامته المعتادة، فإذا كانت أحكام القانون المختار تكفل للمستهلك حماية قانونية أكثر من تلك المقررة له في قانون دولة محل إقامته فإن العقد يخضع عندئذ لأحكام القانون المختار، بغض النظر عن القواعد الآمرة الواردة في قانون دولة محل إقامته المعتادة"[80]. خلاصة هذا الاتجاه أن على القاضي تطبيق القانون الأصلح للمستهلك من خلال توفيره حماية أكثر له، وهذه الحجة بدورها غير مقبولة؛ إذ إن القول بذلك يجعل القاضي يغلب القانون الأصلح من القانونين، وهو خلاف ما تطلّبه المشرع البحريني، ولا سيما أن صياغة القانون البحريني واضحة، وتفيد بأن تطبيق القانون المختار يتقيد بشرط ألا يحرم تطبيقه المستهلك من الأحكام الآمرة الواردة في قانون بلد إقامته، دون أية مفاضلة بين القانونين لتحديد الأصلح منهما. وينتقد الفقه البحريني إخضاع عقد المستهلك للأحكام الآمرة في قانون دولة الإقامة العادية للمستهلك، كسبب لتقييد تطبيق القانون الصريح أو الضمني لتعارض ذلك مع الصفة الآمرة للقانون البحريني بشأن حماية المستهلك في فرض العقود التي تتم في البحرين[81].

ولنا أن نتساءل: ما مفهوم الإقامة العادية الواردة كضابط إسناد في المادة 22؟ ولأن تفسير المصطلحات الواردة في قاعدة الإسناد تخضع للقانون البحريني بكونه قانون القاضي، يتضح من قراءتنا في القانون المدني البحريني أنه لم يرد مصطلح "الإقامة"، في المقابل يرد فيه مصطلح "الموطن"[82].

وأمام هذا الموقف، نستعين بتفسير الفقه لمصطلح الإقامة؛ فقد حاول الفقه بشكل عام تفسير مفهوم الإقامة العادية؛ وأطلق مصطلح الإقامة العادية الفقيه مارتن سرف، ونادى باستخدامه كسبيل للتخلي عن التمييز بين مفهوم الإقامة ومحل السكن في القانون الدولي الخاص لميزته الواقعية[83]. وفسرها آخرون من خلال إيراد بعض القرائن المادية، منها على سبيل المثال أن هذا المكان يتيح للمدعى عليه تنظيم دفاعه، أو توجد فيه أموال المدعي؛ وهو ما يسهل على المدعي الحجز عليها[84].

وقد حاول الفقه البحريني أن يوضح مصطلح "الإقامة" بقوله: "تعتبر مملكة البحرين محلًا لإقامة الشخص لمجرد وجود سكن له على إقليمها حتى ولو لم يكن يقيم فيها بصفة مستمرة، ولو لم تتوفر فيه نية التوطن أو الاستيطان المعروفة في مجال الموطن، ومثال ذلك الإقامة في فندق أو سكن مفروش"[85].

وينتقد الفقه البحريني إخضاع عقد المستهلك لقانون دولة محل الإقامة العادية للمستهلك؛ بسبب الصفة الآمرة للقانون البحريني بشأن حماية المستهلك كقانون واجب التطبيق على العقود التي تبرم في البحرين؛ مما لا يقبل استبعاد أحكامه ليحكم العقد قانونًا أجنبيًا[86].

وختامًا، نجد أن المشرع البحريني في المادة 22 قد تبنى التوجه الفقهي المنادي بتقييد الإرادة في عقد المستهلك، وتبنيه لهذا الاتجاه يكون بمثابة توفيق بين التنبؤ المسبق للأطراف بتطبيق قانون وبين حماية المستهلك[87].

المطلب الثاني: الموقف الاتفاقي الأوروبي في تنظيم قاعدة إسناد بشأن عقد المستهلك

يعدّ من ركائز قيام الاتحاد الأوروبي توحيده للتشريعات، وقد شملت القانون الدولي الخاص، ومنها إبرام اتفاقية تُعنى بمسائل القانون الواجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية التي يطلق عليها اختصارًا اتفاقية روما 1980[88]، وعدلت هذه الاتفاقية، وأطلق عليها اختصارًا نظام روما (1) 2008[89]. وتحتوي الاتفاقية في كلتا صياغتيها على نص قانوني مخصص لمسألة عقد المستهلك، وتنظر لهذا النوع من العقود نظرة خاصة[90]، وهو محل حديثنا، ونحاول بإيجاز بيان النص الملغى الوارد في اتفاقية روما 1980؛ ومن ثم نستفيض بشرح للنص النافذ في نظام روما (1) 2008.

إن المادة 5 من اتفاقية روما 1980 (الملغاة) كانت المعنية في تعيين القانون الواجب التطبيق على عقد المستهلك، وهي تنص في فقراتها الثلاثة على ما يأتي:

"1- هذه الفقرة تنطبق على العقد الذي يكون موضوعه تأمين سلع أو خدمات إلى شخص المستهلك؛ لهدف يمكن اعتباره خارج نطاق تجارته أو مهنته، أو العقد الذي يكون هدفه الحصول على تسهيلات لذلك الموضوع.

2- بعدم الإخلال بأحكام المادة الثالثة، فإن اختيار الأطراف لقانون واجب التطبيق على العقد، يجب ألا يحرم المستهلك من الحماية المقررة له بموجب القواعد الآمرة المنصوص عليها في قانون البلد؛ حيث له محل إقامة معتادة:

-        إذا كان في ذلك البلد قد سبق إبرام العقد دعوة موجهة إلى المستهلك أو من خلال الدعاية، وأن المستهلك أتم في ذلك البلد جميع الخطوات المطلوبة منه لأجل إبرام العقد.

-        أو إذا كان الطرف الآخر أو عميله وتلقى طلب المستهلك في ذلك البلد.

-        أو إذا كان موضوع العقد هو بيع السلع وكان المستهلك قد سافر من بلده إلى بلد آخر؛ حيث قدم طلبه، شرط أن تكون رحلة المستهلك قد نظمت من قبل البائع؛ بهدف حمل المستهلك على الشراء.

3-  على الرغم من أحكام المادة الرابعة، فإن العقد الذي تطبق عليه هذه المادة، وفي غياب الاختيار المنصوص عليه في المادة الثالثة، يكون خاضعًا لقانون البلد الذي يكون فيه للمستهلك محل إقامة معتادة إذا كانت داخلة في الظروف المذكورة في الفقرة الثانية من هذه المادة".

يتضح من ذلك النص أنه عرّف أحد أطراف العلاقة، وهو المستهلك، بأنه الشخص الذي يتصرف لتأمين سلع أو خدمات خارج نطاق تجارته أو مهنته أو الحصول على تسهيلات لذلك الموضوع. إلا أن اتفاقية روما 1980 قيدت عمومية هذا التعريف بثلاثة فروض على العقد المبرم ويكون أحد أطرافه مستهلكًا، ويكفي أن يتوفر أحد هذه الفروض لتطبق قاعدة الإسناد، يقضي الفرض الأول بأن المهني وجّه إعلانًا للسلعة أو الخدمة في دولة إقامة المستهلك، ومن شأن ذلك أن أقدم المستهلك على إبرام العقد، بينما يقضي الفرض الثاني بأن المهني تلقى طلبًا من المستهلك في دولة إقامته، وهذا يفترض ضمنًا أن للمهني مركزًا أو فرعًا أو وكيلًا في هذه الدولة، وأخيرًا يقضي الفرض الثالث بإغراء البائع للمستهلك لإبرام العقد من خلال تكفل البائع بسفر المستهلك إلى دولة أجنبية، ويتم إبرام العقد فيها[91]. إذا توفر أحد هذه الفروض طبق على العقد ما هو وارد من ضوابط إسناد في المادة 5، وهي على النحو الآتي: يكون للأطراف الحق في اختيار قانون يحكم العقد إلا أن تطبيقه يجب ألا يحرم المستهلك من الحماية التي تقررها النصوص الآمرة في قانون دولة إقامة المستهلك العادية[92]. وفي حال غياب الاختيار، يطبق ضابط الإسناد قانون محل الإقامة العادية للمستهلك.

غير أن هذا النص لم يبق على حاله؛ إذ أدرج المشرع الأوروبي تعديلًا على مضمون عقد المستهلك وبترقيم جديد للمادة بموجب نظام روما (1) 2008 وأصبحت المادة 6 تنص على ما يأتي:

"دون الإخلال بالمادتين 5 و7، إن العقد المبرم بواسطة شخص طبيعي لغايات يمكن اعتبارها خارج نطاق تجارته أو مهنته، المستهلك، مع شخص آخر يتصرف في سياق ممارسة تجارته أو مهنته، الممتهن، يخضع لقانون البلد؛ حيث يكون للمستهلك محل إقامة معتادة، شرط أن يكون الممتهن:

1-    يتابع تجارته أو مهنته في البلد؛ حيث يكون للمستهلك محل إقامة معتادة.

2-    يدير/يوجه بأي وسيلة مثل تلك النشاطات إلى ذلك البلد أو إلى عدة بلدان من ضمنها ذلك البلد، ويقع العقد ضمن نطاق هذه النشاطات.

على الرغم من أنه وفق الفقرة الأولى، يمكن للأطراف اختيار القانون الواجب التطبيق على العقد، الذي يفي بمتطلبات الفقرة الأولى، بالتوافق مع نص المادة الثالثة.

إن مثل هذا الاختيار، لا يمكن، مع ذلك، أن يحرم المستهلك من الحماية الموفرة له بموجب الأحكام التي لا يمكن مخالفتها، بموجب القانون، الذي في ظل غياب الاختيار، يكون واجب التطبيق على أساس الفقرة الأولى".

ومن قراءة نص المادة 6، نجدها تحتوي على أربع فقرات. شملت الفقرة الأولى تعريفًا لكلا طرفي العقد: المستهلك والمهني؛ تداركًا للنقص الوارد في النص الملغى، الذي اكتفى بتعريف المستهلك. ووفقًا لذلك يعد المستهلك هو من يتعاقد خارج تجارته أو مهنته، وأكدت محكمة العدل الأوروبية[93] أن تعريف المستهلك يجب ألا يؤسس على معيار شخصي بل يجب أن ينظر إلى طبيعة العقد وهدفه[94]. في حين عرفت الاتفاقية المهني بأنه المتعاقد الذي يتصرف بمناسبة تجارته أو مهنته. فكأن إيراد تعريف لكلا طرفي العقد من شأنه تجنب اختلاف التعريفات الواردة في القوانين الوطنية لدول الاتحاد.

وتستلزم المادة 6 أن يستوفي عقد المستهلك أحد شرطين: الأول: ضرورة أن يقوم المهني بأنشطته التجارية في بلد الإقامة العادية للمستهلك أو يوجه أنشطته إلى هذا البلد بأية وسيلة، والثاني: ضرورة أن يكون العقد قد أبرم بالفعل في نطاق هذه الأنشطة[95]. ونعتقد أن إيراد هذين الشرطين بهذه العمومية من الممكن أن يشمل العقد الإلكتروني والعقد التقليدي[96]. ومن ثم؛ يثار السؤال الآتي: ما الحل إذا ما افترضنا أن العقد المبرم كان أحد أطرافه مستهلكًا لم يتوفر فيه أحد الشرطين سالفي الذكر في المادة 6؟ وبهذا الصدد أكدت الفقرة 3 من المادة 6 أنه إذا لم يستوف أحد الشرطين يطبق على العقد المبرم بين المستهلك والمهني ما هو وارد في نص المادة 3 أو المادة 4 من ضوابط إسناد. ويستفاد من ذلك أن العقد المبرم مع المستهلك إن استوفى أحد الشرطين يعامل معاملة خاصة وفق نص المادة 6، أما إذا لم يستوف أحد الشرطين؛ فإن العقد وإن كان أحد أطرافه مستهلكًا سيخضع لقاعدة الإسناد العامة بشأن الالتزام العقدي وما يرد فيها من ضوابط إسناد، وهي المادة 3 والمادة 4.

وتجدر الإشارة إلى أن نظام روما (1) 2008، وإن كان يضم المادة 6 بشأن قاعدة إسناد خاصة بعقد المستهلك، فإنه ليس كل عقد مستهلك بالمفهوم والشروط سالفة الذكر يخضع لها؛ إذ إن الفقرة الرابعة من المادة ذاتها استبعدت مجموعة من العقود، حتى وإن أبرم العقد من طرف مستهلك؛ كعقد توريد الخدمات، وعقد النقل الجماعي، وعقد الحقوق الواردة على العقارات أو إيجارها، والعقود الواردة على الأوراق المالية.

بعد أن وضحنا ما تقدم، لنا أن نعاود التساؤل: ما ضوابط الإسناد التي تطبق على عقد المستهلك متى ثبت توفر أحد الشرطين الواردين في المادة 6؟ وهل للإرادة دور في اختيار قانون؟

إن قاعدة الإسناد، وهي المادة 6، نظمت في فقرتيها الثانية والثالثة مسألة ضوابط الإسناد على عقد المستهلك. أولًا: يطبق القانون المختار في حالة وجود الاختيار، إلا أن تطبيقه يجب ألا يحرم المستهلك من الحماية التي تقررها القواعد الآمرة في قانون محل الإقامة العادية للمستهلك؛ فإن تحقق ذلك استبعد القانون المختار وطبق قانون محل الإقامة العادية للمستهلك[97]. مع الأخذ بعين الاعتبار أنه حتى يطبق القانون المختار على عقد المستهلك يجب أن يخضع للشروط والكيفية ذاتها الواردة في المادة 3 بشأن اختيار القانون، وهو اختيار يمكن أن يكون صريحًا أو ضمنيًا. ويمكن للأطراف الاتفاق على تطبيق القانون المختار على العقد كله أو جزء منه. ثانيًا: في حال غياب الاختيار لقانون، يطبق ضابط الإسناد قانون محل الإقامة العادية للمستهلك على عقد المستهلك[98].

والسؤال الذي يثار هنا، هو: ما المقصود بمصطلح الإقامة العادية؟ وهل من تعريف اتفاقي له؟ وبهذا الشأن لم تشر المادة 6 إلى تفسير لمصطلح "محل الإقامة العادية"، في حين جاءت المادة 19 لتبين مفهومه بشكل عام، وهو يشمل الشخص الطبيعي والشخص الاعتباري الذي يتصرف في سياق تجارته، ويعدّ هذا تفسيرًا قاصرًا؛ لأنه لم يشمل تفسيرًا للإقامة العادية لمن يتصرف خارج سياق تجارته. لكن الفقه تدارك هذا النقص بقوله: إنه مصطلح يعبر عن المكان الذي يقيم المستهلك فيه عادةً، ولا ينطبق هذا الضابط على مكان الإقامة القصيرة أو العارضة[99]. وكذلك لم يقم القانون البحريني بتعريف لفظ الإقامة العادية. وتفوق النظام في إيراده في المادة 19(3) وقف التغيير المتحرك لمحل الإقامة من خلال تحديدها وقت هذا المحل بقولها: محل الإقامة العادية يكون المحل وقت إبرام العقد ومن الأجدى أن يتنبه المشرع البحريني إلى ضرورة تحديد قانون الإقامة المعتادة للمستهلك ووقف التنازع المتحرك.

ولم تقيد المادة 6 إلى اختيار قانون دولة عضو سواء أكان القانون المختار أم قانون محل الإقامة العادية للمستهلك. وهنا نكون أمام احتمال أن ضابط الإسناد الوارد في نص المادة 6 يشير إلى تطبيق قانون دولة عضو أو دولة غير عضو، كالكويت. هذه النتيجة تتوافق مع جوهر قاعدة الإسناد كقاعدة عامة مجردة، وما يؤكد اعتقادنا هذا أن المادة 2 من النظام تبين أنه "يسري أي قانون تحدده هذا النظام سواء كان قانونًا لدولة عضو أم لا".

ومع صراحة نص المادة 6، فإن محكمة العدل الأوروبية في حكم لافت لها، صدر بتاريخ 28 يوليو 2016، اعتبرت أن شرط القانون الواجب التطبيق الوارد في عقد المستهلك لموقع أمازون الإلكتروني في تعيينه لقانون لكسمبورغ اختيار غير عادل[100]. وقد أكدت المحكمة أن اختيار القانون وتعيينه في العقد ليس كافيًا بل يتعين على المهني الإشارة إلى أن اختيار هذا القانون ليس من شأنه أن يحرم المستهلك من التمتع بحماية الأحكام الآمرة الواردة في قانون محل إقامته العادية. وقدرت المحكمة أن إيراد القانون المختار يعطي فقط انطباعًا للمستهلك أنه سيكون القانون الحصري والوحيد الواجب التطبيق. وبرأينا أن الحكم يتضمن رسالة عملية لأصحاب المواقع الإلكترونية عليهم أن يعوها، خصوصًا إذا كان هناك إقبال على هذه المواقع من مستهلكين من دول الاتحاد الأوروبي، ومفاد هذه الرسالة أن القضاء لا يكتفي بوجود الاختيار بل على صاحب الموقع إيراد تنبيه للمستهلك على أن هذا الاختيار لا يحرمه من تطبيق الأحكام الآمرة الواردة في قانون بلد إقامته العادية.

ومن تنظيم نظام روما (1) 2008 لقاعدة الإسناد بشأن عقد المستهلك نلاحظ ما يأتي:

أولًا: تقييد عقد المستهلك الذي يخضع للمادة 6 بضرورة توفر أحد الشرطين؛ مما يترتب عليه نتيجة، ألا وهي: ليس كل عقد يبرمه مستهلك يتمتع بمضمون قاعدة الإسناد بشأن عقد المستهلك، بل إذا فشل في استيفاء المطلوب فإن قاعدة الإسناد العامة للالتزام العقدي هي التي تطبق، وهذا الموقف يختلف عن موقف المشرع البحريني الذي يكيف عقد المستهلك وفق مصطلحه القانوني العام الوارد في قانون حماية المستهلك البحريني.

ثانيًا: الفرق بين قاعدة الإسناد الخاصة بشأن عقد المستهلك وقاعدة الإسناد العامة في العقود أن قاعدة الإسناد الخاصة تضمن وحدة الحل المطبق على عقد المستهلك بوجود ضوابط إسناد معروفة، وإن لم تستوف سيطبق ضابط محل الإقامة العادية للمستهلك. والمتفحص لموقف القانون البحريني بالمقارنة، يجد أنه لا يختلف عن الموقف الأوروبي في تضمينه قاعدة إسناد خاصة بعقد المستهلك وإيراده ضوابط تتلاءم مع حماية المستهلك.

ثالثًا: تتشابه قاعدة الإسناد الخاصة بشأن عقد المستهلك وقاعدة الإسناد العامة للعقود في الاعتراف بتطبيق القانون المختار صراحةً أو ضمنًا، وهو موقف متبع أيضًا في البحرين.

رابعًا: يتقيد تطبيق الإسناد إلى القانون الصريح أو الضمني لحماية المستهلك، من خلال تطبيق القواعد الآمرة في قانون محل الإقامة العادية للمستهلك، ولا يجوز استبعاده بالاتفاق؛ ويترتب على ذلك إلزام القاضي تطبيقه، وفي رأينا أن الأمر لا يخضع للسلطة التقديرية للقاضي، وهو الأثر ذاته المتبع في البحرين.

خامسًا: الاعتراف بإسناد العلاقة العقدية في عقد المستهلك للاختيار الضمني فإن سلطة القاضي في البحث عن القرائن المؤدية لهذا الاختيار لا تحقق الأمان القانوني؛ بسبب عدم معرفة الأطراف بالقانون وقت إبرام العقد ولم يكن للمستهلك دور في صياغته.

سادسًا: يسهم الإسناد للقانون المختار أو قانون محل الإقامة العادية للمستهلك في توسيع مجال تطبيق القانون الأجنبي؛ كقانون دولة عضو أو دولة غير عضو؛ وهو ما يؤكد أن قاعدة الإسناد قاعدة مجردة. وأخيرًا، تجدر الإشارة إلى أن الأثر ذاته مترتب على تطبيق قاعدة الإسناد البحرينية في شأن عقد المستهلك.

الخاتمة

تناولت هذه الدراسة موضوعًا حيويًا، يتمثل في تقييد دور الإرادة في اختيار قانون، يطبق على عقد المستهلك الإلكتروني ذي العنصر الأجنبي وإسنادها إلى قانون محل الإقامة. ودافع هذه الدراسة أن العقد الذي يبرمه المستهلك يثير العديد من المسائل القانونية التي تحتم على القاضي حلها من خلال تعيينه للقانون الواجب التطبيق. ولأن العلاقة العقدية فكرة يسندها القانون الدولي الخاص لمبدأ سلطان الإرادة، فإن إعمالها لا يتناسب مع بعض العقود؛ كعقد المستهلك؛ باعتبار المستهلك طرفًا في التعاقد لا تكون له إرادة حقيقية في اختيار القانون. ولهذا أولى الفقه والتشريعات إيجاد حلول لهذه المسألة اهتمامًا واسعًا، وانتهت الجهود إلى اتجاهين أساسيين، هما: استبعاد قانون الإرادة من نطاق عقد المستهلك، والآخر تطبيقه بقيود. وتبين عند دراسة الموقف التشريعي أن كلًا من القانون البحريني ونظام روما (1) 2008 ينظم قاعدة إسناد لعقد المستهلك، وتوصلنا إلى النتائج الآتية:

-      لم يورد القانون البحريني تعريفًا للمستهلك ضمن قاعدة الإسناد، بل اكتفى بالتعريف الوارد في قانون حماية المستهلك، في حين نجد أن قاعدة الإسناد في نظام روما (1) 2008 اتجهت إلى تعريف كل من المستهلك والمهني؛ رغبةً في توحيد التعريف للدول الأعضاء؛ تجنبًا لأي اختلاف في التعريفات الواردة في قوانين الدول الأعضاء. غير أن موقف المشرع البحريني يعد مقبولًا؛ إذ إنه ليس من وظيفة قاعدة الإسناد إيراد تعريفات، كما أن الاتجاه الاتفاقي الأوروبي له ما يبرره، كما تم توضيحه.

-      تعريف المستهلك في القانون البحريني أوسع نطاقًا من تعريفه في نظام روما (1) 2008؛ من حيث الأشخاص؛ إذ شمل كل شخص طبيعي أو اعتباري، في حين قصره الأخير على الشخص الطبيعي.

-      اتفق القانون البحريني ونظام روما (1) 2008 في حماية المستهلك من خلال تخصيصهما لقاعدة إسناد.

-      يحتل قانون الإرادة بضابطيه: الاتفاق الصريح والاتفاق الضمني، مكانة في عقد المستهلك ذي العنصر الأجنبي، والاعتماد على هذين الضابطين لا يحقق الهدف المرجو، وهو حماية المستهلك؛ لأنه لم تكن له إرادة حقيقية في الاختيار لو كان القانون المعين لا يوفر حماية للمستهلك.

-      ضابط الاختيار الضمني للقانون لا يصلح لعقد المستهلك، وبخاصةً العقود التي تبرم على الإنترنت؛ لأن القرائن التي يستعين بها القاضي للوصول إلى القانون تعتبر مسألة واقع، وتخضع لتقدير القاضي، فضلًا عن أن منح القاضي هذه السلطة يخل بالأمان القانوني للأطراف وتوقعاتهم.

-      إقرار مبدأ سلطان الإرادة في عقد المستهلك وتقييد تطبيقه بألا يحرم المستهلك من الأحكام الآمرة لدولة إقامته يوفر حماية له، بغض النظر عن جنسيته ومكان انعقاد العقد.

-      صياغة قاعدة الإسناد بهذه الكيفية من قبل المشرع البحريني واتفاقية روما (1) 2008 لاستبعاد القانون المختار ليطبق قانون محل الإقامة العادية للمستهلك لا تعطي القاضي سلطة تقديرية فيما لو كانت القواعد الآمرة متشابهة أو متساوية في القانون المختار وقانون بلد الإقامة العادية للمستهلك.

-      إسناد العلاقة العقدية لقانون محل الإقامة العادية للمستهلك، في حال غياب الاختيار، يحقق حماية للمستهلك بتوفير الأمان القانوني في تطبيق قانون يعلمه.

بناء على ما سبق توصي الدراسة بما يأتي:

-      ضمانًا لسرعة البت في المسائل المثارة بشأن عقد المستهلك وتأكيدًا لمبدأ الأمان القانوني نوصي بتعديل نص المادة 22 من القانون البحريني رقم 6 لسنة 2015 والمادة 6 من نظام روما (1) 2008، بأن يكون الإسناد لقانون الإرادة الصريح دون الإرادة الضمنية، والسبب أنه في العقود الإلكترونية التي يكون المستهلك طرفًا فيها يصعب الوصول إلى القرائن الدالة على الإرادة الضمنية؛ ومن ثم يكون عمل القاضي أكثر تكلفًا.

-      نوصي بوضع تعريف واضح في القانون البحريني رقم 6 لسنة 2015 لمفهوم الإقامة المعتادة للمستهلك لضبط حدود تطبيق الضابط.

-      إسناد عقد المستهلك لقانون محل إقامة المستهلك المعتادة أتى بهدف حماية المستهلك إلا أننا نوصي بإضافة قدر من المرونة للقاعدة في كل من القانون البحريني واتفاقية روما (1) 2008 وإعطاء القاضي مجالًا لتطبيق القانون الذي يوفر حماية أكبر للمستهلك.

-      نوصي بصياغة قاعدة إسناد ذات طابع مرن، تعتد بتطبيق القانون المختار الذي يوفر حماية أفضل للمستهلك، واستبعاد تطبيق القواعد الآمرة في قانون بلد الإقامة العادية للمستهلك في حال إيرادها لحماية أقل من القانون المختار. والسبب أن صياغة قاعدة الإسناد في كل من القانون البحريني ونظام روما (1) 2008 صياغة جامدة تلزم القاضي تطبيق الأحكام الآمرة الواردة في قانون دولة الإقامة العادية للمستهلك، ولا تعطي القاضي مجالًا للتوفيق بين الأحكام الآمرة الواردة في القانون المختار وتلك الواردة في قانون بلد الإقامة العادية للمستهلك لتحديد أفضلهما حماية للمستهلك.


 

المراجع

أولًا: العربية

أبو عمرو، مصطفى أحمد. موجز أحكام قانون حماية المستهلك. ط 1، منشورات الحلبي، 2011.

أبو مغلي، مهند عزمي والصرايرة، منصور عبد السلام. "القانون واجب التطبيق على عقود الاستهلاك الإلكترونية ذات الطابع الدولي". علوم الشريعة والقانون، مج41، ع2، 2014، ص1334-1372.

الأسدي، نجلاء. تدويل عقود المستهلكين وأثره في تنازع القوانين. ط 1، منشورات زين الحقوقية، 2020.

الجاف، علاء عمر. الآليات القانونية لحماية المستهلك في عقود التجارة الإلكترونية: دراسة مقارنة. ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، 2017.

جناحي، وفاء يعقوب. "دور قواعد القانون الدولي الخاص في حماية المستهلك في العلاقات التعاقدية ذات العنصر الأجنبي". مجلة جامعة الشارقة للعلوم القانونية، مج 16، ع1 (يونيو 2019). ص438-471.

حسين، نسرين. القوة الملزمة للعقد في ظل قانون حماية المستهلك: دراسة مقارنة. ط1، منشورات زين الحقوقية، 2018.

الحسيني، محمد. حماية المستهلك الإلكتروني في القانون الدولي الخاص. (رسالة دكتوراه)، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 2012.

رزق، أشرف محمد. منازعات الاستهلاك المتعلقة بالعقود المبرمة على شبكة الإنترنت. ط1، مركز الدراسات العربية للنشر والتوزيع،2017.

الرفاعي، بدران شكيب. عقود المستهلك في القانون الدولي الخاص: (دراسة مقارنة). دار الكتب القانونية، 2011.

سعدي، فتيحة. "تنازع القوانين في مجال العقود الاستهلاكية الدولية في القانون الجزائري مقارنًا". مجلة جيل الدراسات المقارنة، ع9 (2019)، 61-82.

سلامة، أحمد عبد الكريم. الأصول في التنازع الدولي للقوانين. دار النهضة العربية، 2008.

–––. "الإنترنت والقانون الدولي الخاص فراق أم تلاقٍ". بحث مقدم إلى مؤتمر القانون والكمبيوتر والإنترنت، دبي، 1-3 مايو 2000م، ط3، 2000.

–––. القانون الدولي الخاص النوعي- الإلكتروني السياحي- البيئي. دار النهضة العربية، القاهرة، 2000.

السيد، عوض الله شيبة. شرح القانون الدولي الخاص البحريني. ط3، جامعة البحرين، 2017.

صادق، هشام. القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية. دار الفكر الجامعي، 2014.

عبد الفتاح، خالد. حماية المستهلك في القانون الدولي الخاص. دار الجامعة الجديدة، 2009.

عبد، موفق حماد. الحماية المدنية للمستهلك في عقود التجارة الإلكترونية: دراسة مقارنة. ط1، منشورات زين الحقوقية، 2011.

القضاة، منذر. التجارة الإلكترونية. ط1، الآفاق المشرقة، 2018.

المحاسنة، محمد. تنازع القوانين في العقود الإلكترونية: نحو ايجاد منظومة للقواعد الموضوعية الموحدة. دار الحامد، عمّان، 2013.

محمد، أشرف وفا. "عقود التجارة الإلكترونية في القانون الدولي الخاص". المجلة المصرية للقانون الدولي، ع57 (2001).

محمد، بلاق. قواعد التنازع والقواعد المادية في منازعات التجارة الدولية. ط1، دار الفكر الجامعي، 2015.

محمد، حاج بن على. "الطبيعة القانونية لمجلس عقد الاستهلاك الإلكتروني وأثره"، معارف، مج7، ع14 (2013)، 88-107.

محمود، عبد الله ذيب. حماية المستهلك في التعاقد الإلكتروني: دراسة مقارنة. ط1، دار الثقافة، 2012.

المزيني، غازي. الحماية القانونية للمستهلك في عقود التجارة الإلكترونية: دراسة تأصيلية تطبيقية مقارنة. ط1، دار الكتاب الجامعي، 2018.

المصري، محمد. الوجيز في شرح القانون الدولي الخاص. ط4، دار الثقافة، 2019.

منصور، سامي بديع وآخرون. القانون الدولي الخاص، الجزء الثاني. ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 2009.

ناصيف، حسام الدين فتحي. حماية المستهلك من خلال قواعد تنازع القوانين. دار النهضة العربية، القاهرة، 2004.

النمر، أبو العلا. حماية المستهلك في العلاقات الخاصة ذات الطابع الدولي. ط1، دار النهضة العربية.

هشام، مخلوف. "وضعية المستهلك في القانون الدولي الخاص". مجلة معالم للدراسات القانونية والسياسية، ع4 (يونيو 2018)، 301-319.

الهواري، أحمد. الوجيز في القانون الدولي الخاص الإماراتي. ط4، مكتبة الجامعة، الشارقة، 2015.

الهواري، صفوان حمزة. الأحكام القانونية لعقود التجارة الإلكترونية: دراسة مقارنة. ط3، دار النهضة العربية، 2016.

ثانيًا:

References:

Abd Al-Fattāh, Khalid. Himāiyat al-mustahlik fī al-qānūn al-dawlī al-khās (in Arabic), Dār al-jami ͑ah al-jadīdah, 2009.

Abd, Muwaffaq Hammād. al-himāīyah al-madanīyah lilmustahlik fī ‘uqūd al-tijārah al-ilikitrūnīyah: (comparative study), (in Arabic), Manshūrāt zaīn al-ḥuqūqīyah, 1st ed., 2011.

Abū ‘amr, Mustafá Ahmad. Mūjaz ahkām qānūn himāiyat al-mustahlik (in Arabic), Manshūrat al-halabī, 1st ed., 2011

Abū maghlī, Muhannad Azmī wa Al-Sarāīyrah, Mansūr Abd Al-Salām. “al- qānūn wajeb tatbī, alá‘uqūd al-istihlāk al-ilikitrūnīyah dhāt al-tābi’ al-dawlī”, (in Arabic), Ūlūm al-sharīa’ wa al- qānūn, Vol. 41, No. 2, 2014, pp. 1334-1372.

Al-Asadī, Najlāḥ. Tadwīl ‘uqūd al-mustahlikīn wa atharuh fī tanāzu’ al-qawānīn. (in Arabic), Manshūrāt zaīn al-ḥuqūqīyah, 1st ed., 2020.

Al-Husaīnī, Muḥammad. Himāīyat al-mustahlik al-ilikitrūnī fī al-qānūn al-dawlī al-khās (in Arabic), (PhD dissertation) jami ͑at al-qāhirah, kullīyat al-huqūq, misr, 2012.

Al-Huwārī, Safwān Hamzah. Al-ahkām al- qānūnīyah li‘uqūd al-tijārah al-ilikitrūnīyāh: comparative study, (in Arabic), Dār al-naḥdah al-arabīyah, 3rd ed., 2016.

Al-jāf, Alā’ Ūmar. Al ālīyāt al- qānūnīyah lihimāīyat al-mustahlik fī ‘uqūd al-tijārah al-ilikitrūnīyāh: dirāsah muqāranah, (in Arabic), Manshūrat al-halabī al-ḥuqūqīyah, 1st ed., 2017.

Al-mahāsnih, Muḥammad. Tanāzu’ al-qawānīn fī al-‘uqūd al-ilikitrūnīyah: nahwa ijād manzūmah lil qawā’id al-mawdū’īyah al-muwahhadah, (in Arabic), Dār al-hāmid, 2013.

Al-masrī, Muḥammad. Al-wajīz fī sharh al-qānūn al-dawlī al-khās, (in Arabic), Dār al-thaqāfah, 4th ed., 2019.

Al-mzaīnī, Ghāzī. Al-himāiyah, al- qānūnīyah lilmustahlik fī ‘uqūd al-tijārah al-ilikitrūnīyah: Comparative, applied, rooting study, (in Arabic), Dār al-kitāb al-jāmi’ī, 1st ed., 2018.

Al-Nimr, Abū Al-‘Ulá. Himāiyat al-mustahlik fī al-alāqāt al-khāssah dhāt al-ttābi’ al-dawlī, (in Arabic), Dār al-Naḥdah al-arabīyah, 1st ed.

Al-qadāh, Munthir. Al-tijārah al-ilikitrūnīyah, (in Arabic), Al-āfāq al-mushrikah, 1st ed., 2018.

al-rifā’ī, Badrān Shakīb. ‘uqūd al-mustahlik fī al-qānūn al-dawlī al-khās-comparative study (in Arabic), Dār al-kutub al-ḥuqūqīyah, 2011.

Al-saīyid awad Allāh shabībah, “sharh al-qānūn al-dawlī al-khās albahrīnī”, (in Arabic), jāmi ͑at al-bahrīn, 3rd edition, 2017.

Bosner, Barbara. 'Cross-Border Trade and Consumer Protection' (2016-2018) 22 Economic and Social Development, International Scientific Conference on Economic and Social Development: The Legal Challenges of Modern World (Zeljko Radic, et al, eds) 419.

Brand, R. A. 'Consumer Protection and Private International Law' (2011) 358 Recueil des cours 191.

De Villiers, M. R. H. 'Limitations on Party Autonomy in the Context of Cross-Border Consumer Contracts: The South African Position' (2013) J S Afr L 470.

Ferrari, Franco & Leible, Stefan. Rome I Regulation: The Law Applicable to Contractual Obligations in Europe (Sellier 2009).

Goncalves, Anabela Susana de Sousa. 'The E-Commerce International Consumer Contract in the European Union' (2015) 9 Masaryk U JL & Tech 5.

Hishām, Makhlūf, “wad’īyat al-mustahlik al-qānūn al-dawlī al-khās”, (in Arabic), Majallat ma’ālim lil- dirāsāt al- qānūnīyah wa al-sīasīyah, Issue 4 (June, 2018), pp. 301-319.

Husaīn, Nisrīn. al-qūwah al-mulzimah lil’aqd fī zīl qānūn himāīyat al-mustahlik; comparative study (in Arabic), manshūrāt zaīn al-ḥuqūqīyah, 1st ed., 2018.

Janāhī, Wafā’ Ya’qūb. “Dawr qawā’id al-qānūn al-dawlī al-khās fī himāīyat al-mustahlik fī al-‘lāqāt dhāt al-‘unsur al-ajnabī”, (in Arabic), Majallat jāmi ͑at al-shāriqah lil’ulūm al-qanūnīyah, Vol. 16, No. 1 (June 2019), pp. 438-471.

Mahmūd, Abd Allāh Dhīb. Himāiyah al-mustahlik fī al-ta’āqud al-ilikitrūnī- Comparative study, (in Arabic), Dār al-thaqāfah, 1st ed., 2012.

Mansūr, Sāmī Badī’ wa ākharūn. Al-qānūn al-dawlī al-khās, (in Arabic), al-mu’assasah al-jāmi’īyah lil dirāsāt wa al-nnashr wa al-tawzī’, 1st ed., 2009.

Muḥammad, Ashraf Wafā. "ʻUqūd al-Tijārah al-iliktrūnīyah fī al-qānūn al-dawlī al-khāṣṣ," (in Arabic), al-Majallah al-Miṣrīyah lil-qānūn al-dawlī, Issue 57 (2001).

Muḥammad, Blāq. Qawā’id al-tanāzu’ wa al-qawā’id al-māddīyāh munāza’āt al-tijārah al-dawlīyah, (in Arabic), dār al-fikr al-jāmi’ī, 1st ed., 2015.

Muḥammad, Hāj Ibn Alī. “al-ttabī’ah al-ḥuqūqīyah limajlis ‘aqd al-istihlāk al-ilikitrūnī wa atharuh”, (in Arabic), Ma’ārif, 7th year, Vol. 7. No. 14 (2013), pp. 88-107.

Nāsīf, husām al-dīn fathī. Himāiyat al-mustahlik min khilāl qawā’id tanāzu’ al-qawānīn. (in Arabic), Dār al-naḥdah al-arabīyah, 2004.

Rizk, Ashraf Muḥammad, Munāza’āt al-istihlāk al-mut’allikah bi al-‘uqūd al-mubramah alá shabakat al-internet, (in Arabic), Markaz al-dirāsāt al-arabīyah lil nashr wa al-tawzī ͑, 1st ed., 2017.

Ruhl, Giesela. ‘Consumer Protection in Choice of Law’ (2011) 44(3) Cornell International Law Journal 569.

Sa’dī, Fatīha. “tanāzu’ al-qawānīn fī majāl al‘uqūd al-istihlākīyah al-dawlīyah fī al- qānūn al-jazā’rī muqāranan” (in Arabic), Majallat jīl al-dirāsāt al-muqārana, Vol. 9 (2019), pp. 61-82.

Sādik, Hāshim. Al-qānūn al-wājib al-tatbīq alá ‘uqūd al-tijārah al-dawlīyah, (in Arabic), Dār al-fikr al-jāmi’ī, 2014.

Salāmah Ahmad Abd Al-Karīm. “al-internet wa al-qānūn al-dawlī al-khās fīrāq am talāqī” (in Arabic), a research submitted to the conference of law and computer and internet, Dubai for 1-3 May, Vol. 1, 3rd ed., 2000,

–––. Al-ūsūl fī al-tanāzu’ al-dawlī lil-qawānīn, (in Arabic), Dār al-naḥdah al-arabīyah, 2008.

–––. Al-qānūn al-dawlī al-khās al-naw’ī - al-ilikitrūnī-al-sīyahī- al-bī’ī, (in Arabic), Dār al-naḥdah al-arabīyah, 2000.

Van der Hof, Simone. 'European Conflict Rules concerning International Online Consumer Contracts' (2003) 12 Info & Comm Tech L 165.



[1] "GCC e-commerce unleashed: a path to retail revival or a fleeting mirage?", Kearney, Retrieved from: https://www.middle-east.kearney.com/consumer-retail/article/-/insights/gcc-e-commerce-unleashed-a-path-to-retail-revival-or-a-fleeting-mirage accessed 5/2/2022.

[2] الصحيفة الاقتصادية، "كوفيد نقطة تحول في التجارة الإلكترونية.. ارتفاع حصتها من 14% إلى 17%"، على الرابط: https://www.aleqt.com/2021/03/19/article_2053221.html، تاريخ الزيارة: 5/2/2022.

[3] نظام يعبر عن التعاملات التجارية التي تتم بين التجار أو الشركات بعضها مع بعض، وبموجبها تقوم إحدى الشركات أو التجار باستخدام التكنولوجيا أو المواقع الإلكترونية للحصول على طلبات الشراء من الشركات والقيام بعمليات الدفع. منذر القضاة، التجارة الإلكترونية، ط1، الآفاق المشرقة، 2018، ص107.

[4] نظام يعبر عن التعامل بين مقدم الخدمة والمستفيد المتمثل في المستهلك، وفيه يكون التعامل عن طريق شبكة الإنترنت التي تعرض المنتجات والخدمات، فيمكن للمستفيد، وهو المستهلك، الشراء والدفع. القضاة، المرجع السابق، ص107.

[5] نظام يعبر عن التعامل بين المستهلكين كذلك الذي يتم في المزادات الإلكترونية؛ حيث يقوم أحد الأفراد ببيع سلعة أو خدمة إلى أفراد آخرين. القضاة، المرجع السابق، ص108.

[6] ويتحقق وجود العنصر الأجنبي عندما ينتمي طرفا التعاقد بجنسيتهما إلى دول مختلفة، أو تكون أعمالهما في دول مختلفة، أو عندما يكون العقد واجبًا تنفيذه في دولة أخرى غير تلك التي يوجد فيها أماكن عملهما، أو عندما يتم إبرام العقد في دولة غير الدولة التي ينتمي إليها أي من الطرفين بجنسيته أو يوجد فيها مكان عمله. مهند عزمي أبو مغلي ومنصور عبد السلام الصرايرة، "القانون واجب التطبيق على عقود الاستهلاك الإلكترونية ذات الطابع الدولي"، علوم الشريعة والقانون، مج41، ع2 (2014)، ص1334-1372؛ صفوان حمزة الهواري، الأحكام القانونية لعقود التجارة الإلكترونية: دراسة مقارنة، ط3، دار النهضة العربية، القاهرة، 2016، ص34-35.

[7] الأونكتاد، المبادئ التوجيهية لحماية المستهلك، مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، نيويورك، 2016. https://unctad.org/system/files/official-document/ditccplpmisc2016d1_ar.pdf، تاريخ الزيارة: 2/3/2023.

[8] ساوت المادة 2 من القانون رقم 20 لسنة 2014 بشأن المعاملات الإلكترونية ضوابط الإسناد المتعلقة بالمعاملات الإلكترونية بالضوابط ذاتها المتعلقة بالمعاملات التقليدية التي سبق أن قننها المشرع الكويتي بنص المادة 59 من القانون رقم 5 لسنة 1961.

[9] القانون رقم 6 لسنة 2015 بشأن تنازع القوانين في المسائل المدنية والتجارية ذات العنصر الأجنبي، على الرابط:

 https://bahrainbusinesslaws.com/arabic-laws/Conflict-of-Laws-in-Civil-and-Commercial-Matters

[10] Regulation (EC) No 593/2008 of the European Parliament and of The Council of 17 June 2008 on the law applicable to contractual obligations (Rome I). https://eur-lex.europa.eu/legal-content/EN/ALL/?uri=celex%3A32008R0593 (accessed 2/3/2023).

[11] علاء عمر محمد الجاف، الآليات القانونية لحماية المستهلك في عقود التجارة الإلكترونية: دراسة مقارنة، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، 2017، ص376.

[12] أشرف محمد رزق، حماية المستهلك: دراسة في قوانين حماية المستهلك والقواعد العامة في القانون المدني، ط1، مركز الدراسات العربية، 2017، ص21.

[13] نسرين حسين، القوة الملزمة للعقد في ظل قانون حماية المستهلك: دراسة مقارنة، ط1، منشورات زين الحقوقية، 2018، ص281.

[14] موفق حماد عبد، الحماية المدنية للمستهلك في عقود التجارة الإلكترونية: دراسة مقارنة، ط1، منشورات زين الحقوقية، 2011، ص15-16.

[15] غازي المزيني، الحماية القانونية للمستهلك في عقود التجارة الإلكترونية: دراسة تأصيلية تطبيقية مقارنة، ط1، دار الكتاب الجامعي، 2018، ص65-66.

[16] حاج بن على محمد، "الطبيعة القانونية لمجلس عقد الاستهلاك الإلكتروني وأثره"، معارف، السنة السابعة، ع14 (2013)، ص92؛ المزيني، مرجع سابق، ص61.

[17] القانون رقم 81 لسنة 2018 بإصدار قانون حماية المستهلك https://alp.unescwa.org/sites/default/files/2021-09/Egypt_Law181_y2018_Consumer_Protection_AR%20%281%29.pdf، تاريخ الزيارة: 2/3/2023.

[18] نجلاء الأسدي، تدويل عقود المستهلكين وأثره في تنازع القوانين، ط1، منشورات زين الحقوقية، 2020، ص20.

[19] عبد، مرجع سابق، ص13.

[20] السابق نفسه، ص13- 14.

[21] الأونكتاد، مرجع سابق.

[22] القانون رقم 39 لسنة 2014 بشأن حماية المستهلك. https://www.kwcpcs.com/%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%86%D9%8A%D9%86%D8%AA%D9%87%D9%85%D9%83/

[23] مرسوم سلطاني رقم 66 لسنة 2014 بإصدار قانون حماية المستهلك. https://qanoon.om/p/2014/rd2014066

[24] القانون رقم 7 لسنة 2017 بشأن حماية المستهلك. https://wipolexres.wipo.int/edocs/lexdocs/laws/ar/jo/jo074ar.pdf

[25] عبد، مرجع سابق، ص17.

[26] عمر، مرجع سابق، ص100.

[27] طه المولى، تطويع قواعد الإسناد في عقود التجارة الإلكترونية، ط1، منشورات زين الحقوقية، 2018، ص51.

[28] أحمد عبد الكريم سلامة، "الإنترنت والقانون الدولي الخاص فراق أم تلاقٍ"، بحث مقدم إلى مؤتمر القانون والكمبيوتر والإنترنت، دبي، 1-3 مايو 2000م، ط3، 2000، ج1، ص66.

[29] المولى، مرجع سابق، ص52

[30] المزيني، مرجع سابق، ص70.

[31] الطعن رقم 2878/2018 محكمة التمييز الكويتية، الدائرة التجارية، جلسة 16 يونيو 2021؛ الطعن رقم 565/2002، محكمة التمييز الكويتية، الدائرة التجارية، جلسة 1 نوفمبر 2003؛ الطعن رقم 649/1999، محكمة التمييز الكويتية، الدائرة التجارية، جلسة 13 يونيو 1999.

[32] بلاق محمد، قواعد التنازع والقواعد المادية في منازعات التجارة الدولية، ط1، دار الفكر الجامعي، 2015، ص22.

[33] فتيحة سعدي، "تنازع القوانين في مجال العقود الاستهلاكية الدولية في القانون الجزائري مقارنًا"، مجلة جيل الدراسات المقارنة، ع9 (2019)، ص69.

[34] هشام صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، دار الفكر الجامعي، 2014، ص63؛ المزيني، مرجع سابق، ص66.

[35] المولى، مرجع سابق، ص62؛ أبو مغلي والصرايرة، مرجع سابق، 1345-1346.

[36] الأسدي، مرجع سابق، ص31-32؛ المولى، مرجع سابق، ص63.

[37] الأسدي، المرجع السابق، ص32-33؛ المولى، المرجع السابق نفسه.

[38] صادق، مرجع سابق، ص86. بدارن شكيب الرفاعي، عقود المستهلك في القانون الدولي الخاص، دار الكتب القانونية، 2011، ص17-18.

[39] عبد الفتاح، مرجع سابق، ص63.

[40] محمد الحسني، حماية المستهلك الإلكتروني في القانون الدولي الخاص، [رسالة دكتوراه]، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 2012، ص51-52.

[41] اعتد المشرع الكويتي في المادة 59 من القانون رقم 5 لسنة 1961 بالإرادة الصريحة في اختيار القانون الواجب التطبيق، وفي حال غيابها وجب على القاضي البحث عن الإرادة الضمنية وفي حال غيابهما يطبق أحد ضابطي الإسناد على سبيل التدرج بتطبيق قانون الموطن المشترك إذا اتحدا موطنًا، فإن اختلفا موطنًا يطبق قانون مكان إبرام العقد.

[42] مصطفى أحمد أبو عمرو، موجز أحكام قانون حماية المستهلك، ط1، منشورات الحلبي، 2011، ص9.

[43] M. R. H. De Villiers, 'Limitations on Party Autonomy in the Context of Cross-Border Consumer Contracts: The South African Position' (2013) J S Afr L 470, p. 480-81;

أشرف محمد رزق، منازعات الاستهلاك المتعلقة بالعقود المبرمة على شبكة الإنترنت، ط1، مركز الدراسات العربية للنشر والتوزيع، 2017، ص23.

[44] Giesela Ruhl, Consumer Protection in Choice of Law, (2011) 44(3) Cornell International Law Journal 569, p. 587.

[45] حسام الدين فتحي ناصيف، حماية المستهلك من خلال قواعد تنازع القوانين، دار النهضة العربية، القاهرة، 2004، ص28.

[46] الأسدي، مرجع سابق، ص88؛ أبو العلا علي أبو العلا النمر، حماية المستهلك في العلاقات الخاصة ذات الطابع الدولي، ط1، دار النهضة العربية، ص21.

[47] الأسدي، مرجع سابق، ص89.

[48] تنص المادة 59 من القانون رقم 5 لسنة 1961 على أنه "يسري على العقد، من حيث الشروط الموضوعية لانعقاده ومن حيث الآثار التي تترتب عليه، قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطنًا، فإن اختلفا موطنًا سرى قانون الدولة التي تم فيها العقد، هذا مالم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف أن قانونًا آخر هو الذي يراد تطبيقه. على أن قانون موقع العقار هو الذي يسري على العقود التي أبرمت في شأن هذا العقار".

[49] تنص المادة 20(1) من المرسوم السلطاني رقم 29 /2013 بإصدار قانون المعاملات المدنية على أنه "يسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين، فإن اختلفا موطنًا سرى قانون الدولة التي تم فيها العقد ما لم يتفق المتعاقدان على خلاف ذلك".

[50] تنص المادة 27(1) من قانون رقم (22) لسنة 2004 بإصدار القانون المدني على أنه "يسري على العقد من حيث الشروط الموضوعية لانعقاده ومن حيث الآثار التي تترتب عليه، قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين، فإن اختلفا موطنًا سرى قانون الدولة التي تم فيها العقد، هذا ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف أن قانونًا آخر هو الذي يراد تطبيقه".

[51] يقصد بذلك تجميد القانون المختار على حالته التي كان عليها وقت إبرام العقد؛ ومن ثم أي تعديلات تشريعية قد تطرأ على أحكام القانون المختار في الفترة اللاحقة على إبرام العقد لا تعد جزءًا من العقد. صادق، مرجع سابق، ص120.

[52] أحمد عبد الكريم سلامة، الأصول في التنازع الدولي للقوانين، دار النهضة العربية، القاهرة، 2008، ص1099.

[53] محمد المصري، الوجيز في شرح القانون الدولي الخاص، ط4، دار الثقافة، 2019، ص182.

[54] عبد، مرجع سابق، ص411.

[55] السابق نفسه، ص412.

[56] الأسدي، مرجع سابق، ص80.

[57] عبد، مرجع سابق، ص413.

[58] ناصيف، مرجع سابق، ص31؛ أشرف وفا محمد، "عقود التجارة الإلكترونية في القانون الدولي الخاص"، المجلة المصرية للقانون الدولي، ع57 (2001)، ص251.

[59] الجاف، مرجع سابق، ص388.

[60] وفاء يعقوب جناحي، "دور قواعد القانون الدولي الخاص في حماية المستهلك في العلاقات التعاقدية ذات العنصر الأجنبي"، مجلة جامعة الشارقة للعلوم القانونية، مج 16، ع1 (يونيو 2019)، ص452.

[61] صادق، مرجع سابق، ص24.

[62] عبد، مرجع سابق، ص414-415.

[63] السابق نفسه، ص414.

[64] يقصد بالعقد الطليق العقد الذي يرتضي أطرافه بعدم إخضاعه لأي قانون وطني. أحمد الهواري، الوجيز في القانون الدولي الخاص الإماراتي، ط4، مكتبة الجامعة، الشارقة، 2015، ص457.

[65] عبد، مرجع سابق، ص442.

[66] أحمد عبد الكريم سلامة، القانون الدولي الخاص النوعي- الإلكتروني السياحي- البيئي، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000، ص88.

[67] عبد الله ذيب محمود، حماية المستهلك في التعاقد الإلكتروني: دراسة مقارنة، ط1، دار الثقافة، 2012، ص60.

[68] عبد، مرجع سابق، ص443.

[69] المرجع نفسه.

[70] Law of 16 July 2004 Holding the Code of Private International Law https://sociedip.files.wordpress.com/2013/12/belgica-the-code-of-private-international-law-2004.pdf (accessed 2/3/2023).

[71] Act of 4 February 2011 (O.J. 2011 No. 80, item 432; in force from 16 May, 2011) https://sociedip.files.wordpress.com/2013/12/polonia-act-of-4-february-2011-private-international-law.pdf (accessed 2/3/2023).

[72] Czech Private International Law https://science.law.muni.cz/knihy/monografie/Rozehnalova_Czech_private_international_law.pdf (accessed 2/3/2023).

[73] Regulation (EC) No 593/2008… (Rome I), Op. cit.

[74] القانون رقم 6 لسنة 2015 بشأن تنازع القوانين في المسائل المدنية والتجارية ذات العنصر الأجنبي، على الرابط:

 https://bahrainbusinesslaws.com/arabic-laws/Conflict-of-Laws-in-Civil-and-Commercial-Matters

[75] في الكويت صدر قانون رقم 5 لسنة 1961 بتنظيم العلاقات ذات العنصر الأجنبي. في دولة الإمارات المتحدة صدر قانون المعاملات المدنية الصادر بالقانون الاتحادي رقم 5 لسنة 1985 والمعدل بالقانون الاتحادي رقم 1 لسنة 1987. في سلطنة عمان صدر المرسوم السلطاني رقم 29 لسنة 2013 بإصدار قانون المعاملات المدنية. في قطر صدر قانون رقم 22 لسنة 2004 بشأن القانون المدني.

[76] تنص المادة 3 من قانون رقم 6 لسنة 2015 على أنه "عندما ينعقد الاختصاص بنظر النزاع للقضاء البحريني يسري القانون البحريني على كافة المسائل المتعلقة بتكييف المراكز والعلاقات القانونية لمعرفة القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع".

[77] قانون رقم 35 لسنة 2012 بشأن حماية المستهلك. https://bahrainbusinesslaws.com/arabic-laws/Consumer-Protection-Law

[78] عوض الله شيبة الحمد السيد، شرح القانون الدولي الخاص البحريني، ط3، جامعة البحرين، 2017، ص347.

[79] محمد المحاسنة، تنازع القوانين في العقود الإلكترونية: نحو إيجاد منظومة للقواعد الموضوعية الموحدة، دار الحامد، 2013، ص91.

[80] السابق نفسه، ص92.

[81] السيد، مرجع سابق، ص347.

[82] المادة 12 من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 2001 بالقانون المدني البحريني.

[83] سامي بديع منصور وآخرون، القانون الدولي الخاص، الجزء الثاني، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 2009، ص64-65.

[84] منصور وآخرون، مرجع سابق، ص64.

[85] السيد، مرجع سابق، ص407.

[86] السيد، مرجع سابق، ص347.

[87] مخلوف هشام، "وضعية المستهلك في القانون الدولي الخاص"، مجلة معالم للدراسات القانونية والسياسية، ع4 (يونيو 2018)، ص311.

[88] Convention on the law applicable to contractual obligations opened for signature in Rome on 19 June 1980. https://eur-lex.europa.eu/legal-content/EN/ALL/?uri=celex%3A41980A0934

[89] Regulation (EC) No 593/2008… (Rome I), Op. cit.

   ويطلق لفظ روما (1) اختصارًا لتمييزها عن نظام روما (2)؛ فالأول معني بتنظيم القانون الواجب التطبيق على العلاقات التعاقدية بينما الثاني معني بتنظيم القانون الواجب التطبيق في العلاقات غير التعاقدية. لمزيد من المعلومات على أهمية إيجاد حماية مخصصة للمستهلك على الصعيد الأوروبي. انظر:

Simone Van der Hof, 'European Conflict Rules concerning International Online Consumer Contracts' (2003) 12 Info & Comm Tech L 165.

[90] هشام، مرجع سابق، ص312.

[91] بدران شكيب الرفاعي، عقود المستهلك في القانون الدولي الخاص: دراسة مقارنة، دار الكتب القانونية، 2011، ص198-201.

[92] عمر، مرجع سابق، ص380-383؛ عبد، مرجع سابق، ص446-448.

[93] جهاز قضائي أسس عام 1952 ليتولى مهمة تطبيق القانون والتفسير https://curia.europa.eu/jcms/jcms/Jo2_6999/en، تاريخ الزيارة: 1/3/2023.

[94] C-269/95. Francesco Benincasa v Dentalkit Srl., 3 July 1997. https://eur-lex.europa.eu/legal-content/en/TXT/?uri=CELEX:61995CJ0269 (accessed 14/2/2023).

[95] جناحي، مرجع سابق، ص444.

[96] Anabela Susana de Sousa Goncalves, 'The E-Commerce International Consumer Contract in the European Union' (2015) 9 Masaryk U JL & Tech 5, p. 13.

[97] R. A. Brand, 'Consumer Protection and Private International Law' (2011) 358 Recueil des cours 191; Barbara Bosner, 'Cross-Border Trade and Consumer Protection' (2016-2018) 22 Economic and Social Development, International Scientific Conference on Economic and Social Development: The Legal Challenges of Modern World (Zeljko Radic, et al, eds), p. 419.

[98] Ruhl, Op. cit., 596-97

[99] Franco Ferrari & Stefan Leible, Rome I Regulation: The Law Applicable to Contractual Obligations in Europe (Sellier 2009), p. 151.

[100] KC‑191/15, Verein für Konsumenteninformation v. Amazon EU Sàrl, ECJ, 28 July 2016. https://eur-lex.europa.eu/legal-content/EN/TXT/?uri=CELEX%3A62015CJ0191(accessed 14/2/2023).