Submitted: 27/1/2023

Reviewed: 6/4/2023

Accepted: 21/4/2023

الدفاع من خلال تقنية الفيديوكونفرنس في المغرب: خرق مسطري أم مستقبل المحاكمة الجنائية؟

حاتم أنوار

 طالب دكتوراه، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، المغرب

anouar.hatim@usmba.ac.ma

ملخص

عرفت المملكة المغربية، شأنها شأن العديد من دول العالم، خلال فترة الإغلاق الصحي، تزايد اعتماد المحاكم على تكنولوجيا الفيديوكونفرنس من أجل تسهيل مثول المتهمين عن بعد خلال جلسات المحاكمات؛ من أجل ضمان استمرار المرفق القضائي، في محاولة للوفاء بحق المتهم في محاكمة تحترم الضمانات الأساسية، وعلى الخصوص المحاكمة بأجل معقول.

 يهدف البحث إلى مقاربة مختلف الانشغالات القانونية والقضائية التي تطرحها تقنية الفيديوكونفرنس المستعملة في جلسات المحاكمة عن بعد، وبالنتيجة التأسيس المتين والواضح لأي قرار يهم التخلي عن الجلسات التقليدية، والتوجه مستقبلا، بشكل مباشر، نحو الجلسات عن بعد.

أخذًا بعين الاعتبار الطبيعة الخاصة للموضوع، الذي يتداخل فيه ما هو قانوني مع ما هو تكنولوجي، واجتماعي، ونفسي، اعتمد الباحث في هذه الدراسة على منهج تحليلي، يستند بالأساس على تحليل نتائج دراسات حول تأثير الفيديوكونفرنس، أنجزت في العديد من المجالات العلمية، وعلى ملاحظة واقع استخدام هذه التقنية في المحاكم المغربية، في محاولة للإحاطة الشاملة بالأثر الذي يحدثه هذا الواقع على المحاكمة.

توصل البحث إلى عدة نتائج، تتمثل أهمها في عجز تقنية الفيديوكونفرنس عن نقل صورة محايدة وشفافة للمتهم الماثل عن بعد، وهو ما يؤثر على حقه في دفاع فاعل وملموس. أكثر من ذلك، تسهم التقنية الأخيرة في إضعاف المبادئ الأساسية للمحاكمة وعلى رأسها الحضور والمشافهة، وهو ما ينعكس سلبًا على عدالة وإنصاف المحاكمة الجنائية.

الكلمات المفتاحية: الفيديوكونفرنس، الحق في محاكمة منصفة، حقوق الدفاع، المتهم، الجلسة عن بعد

للاقتباس: أنوار، حاتم. «الدفاع من خلال تقنية الفيديوكونفرنس في المغرب: خرق مسطري أم مستقبل المحاكمة الجنائية؟»، المجلة الدولية للقانون، المجلد الثاني عشر، العدد المنتظم الثاني، 2023

https://doi.org/10.29117/irl.2023.0276

© 2023، أنوار، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0)تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه؛ طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.


 

Submitted: 27/1/2023

Reviewed: 6/4/2023

Accepted: 21/4/2023

Defence via Videoconference Technology in Morocco: A Procedural Violation or the Future of the Criminal Trial?

Hatim Anouar

PhD Candidate, Faculty of Law, Economics and Social Sciences, Sidi Mohamed Ben Abdellah University, Morocco

anouar.hatim@usmba.ac.ma

Abstract

The Kingdom of Morocco, like many countries around the world, has seen an increased use of videoconferencing technology by the courts during the period of confinement. By facilitating the appearance of defendants at a distance during hearings, the latest technology appears, at first sight, to ensure the continuity of the judicial system, and respect the fundamental guarantees of a fair trial, in particular within reasonable time limit. This research aims to address the various legal and judicial concerns raised by the use of videoconferencing in criminal hearings, and therefore allows for the creation of a solid and clear basis for any decision to abandon traditional hearings and move directly to remote hearings in the future. Considering the particular nature of the subject, combining the legal, technological, social and psychological spheres, the authors relied, in this study, on an analytical approach based fundamentally on the analysis of the results of studies on the impact of videoconferencing that have been carried out in many scientific areas, and thus on the observation of the use of this technology in Moroccan courts, with the aim of apprehending globally these effects on the trial. The research has led to several results, the most important of which consists in the inability of the videoconference technique to transmit a neutral and transparent image of the accused appearing at a distance, which affects his right to an effective and concrete defence. In addition, the latest technology contributes to weaken the basic principles of the trial, especially the contradictory and orality, which negatively affects justice and fairness of the criminal trial.

Keywords: Videoconferencing; Right to a Fair Trial; Rights of Defense; Accused; Remote hearing

Cite this article as:  Anouar H.., "Defence via Videoconference Technology in Morocco: A Procedural Violation or the Future of the Criminal Trial?," International Review of Law, Volume 12, Regular Issue 2, 2023

https://doi.org/10.29117/irl.2023.0275

© 2023, Anouar H., licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.

 

المقدمة

دائمًا ما تم النظر للمؤسسة القضائية كجهاز محافظ وعصيٍّ على التحديث[1]. لكن، شيئًا فشيئًا، وتحت ضغط الكلفة العالية للعدالة، والسير الحثيث نحو التحديث، غدى مطلب رقمنة العدالة أمرًا لا مفر منه؛ بل اتسع نطاقه وتعدد مؤيدوه، وتعززت شرعيته القانونية والاجتماعية، خصوصًا في ظل الأزمة الصحية الأخيرة، التي دفعت نحو تسريع اللجوء لتكنولوجيا الفيديوكونفرنس (vidéoconférence) خلال فترة الإغلاق الصحي، بغية عقد جلسات المحاكمة عن بعد، تجنبًا لشلل المؤسسات القضائية وضمانًا لاستمرارها.

في هذا الإطار، يعرف الباحثان دومولان وليكوب Dumoulin et Licoppeتقنية الفيديوكونفرنس باعتبارها "تكنولوجيا معلومات وتواصل تسمح بالتواصل عن بعد من خلال الربط بالصوت والفيديو، بالرغم من التباعد الجغرافي"[2]؛ إذ تسمح لشخصين، أو أكثر في أماكن مختلفة بأن يرى بعضهما الآخر، ويتفاعلا بينهما خلال الزمن الحقيقي"[3].

إن تقنية الفيديوكونفرنس ليست حديثة؛ حيث وجدت طريقها إلى السوق في الولايات المتحدة الأمريكية مند سبعينيات القرن الماضي، وإن كانت نشأتها تعود إلى سنة 1964؛ إذ باعت شركة (آي تي أند تي)، لأول مرة، نسخة بدائية من هذه التقنية (Picturephone)، ليعرف تسويق تكنولوجيا الفيديوكونفرنس توسعًا بين سنتي 1980 و1990 مع تطور التكنولوجيا وانخفاض الأثمان؛ حيث أطلقت شركة المؤسسة الدولية للحواسيب (آي بي إم) نظام المناظرة المرئية الخاص بالحواسيب باستخدام الإنترنت. وأدى تطوير العالِم الأمريكي تيموتي دورسي Timothy Dorcey في جامعة كورنيل لنظام مناظرة مرئية (CU-SeeMe)، لشركة ماكنتوش وشركة مايكروسوفت سنة 1995 من أجل الاستهلاك التجاري، لانتشار أكبر لتقنية الفيديوكونفرنس خصوصًا من أجل الاستعمال الذاتي؛ ومما زاد من توسعها انتشار الإنترنت عالي السرعة، كما أن ظهور برمجيات من قبيل سكايب (Skype) وآي شات (iChat) أدى إلى ازدياد شعبيتها والتوسع في استعمالها بشكل فردي[4].

على الصعيد القضائي، ظهرت الحاجة لتقنية المناظرة المرئية في المحاكمات لأول مرة في البلدان ذات المساحة الترابية الشاسعة، لكن تطور وسائل الاتصال وضرورة الاقتصاد في الزمن والنفقات أسهم في التوسيع من دائرة استعمالها[5].

في المغرب، وإن كان التفكير في اعتماد جلسات المحاكمة عن بعد بدأ مع مطلع العشرية الأخيرة، إلا أن السعي نحو التحكم في تفشي فيروس كرونا المستجد، والرغبة في ضمان استمرارية المرفق القضائي دفعا مسؤولي المؤسسة القضائية في المغرب لتسريع اعتماد تقنية الفيديوكونفرنس في محاكمة المتهمين الماثلين عن بعد من المؤسسات السجنية.

أهمية البحث:

كثيرًا ما طرحت الحكومات[6] والعديد من الباحثين تقنية المناظرة المرئية، والتكنولوجيا بشكل عام، كآلية للاقتصاد في الزمن والكلفة وآلية تطبع الإجراءات الجنائية بنوع من المرونة والعقلنة، من خلال الحد من التعقيدات الإجرائية، خصوصًا تلك المرتبطة بالزمن القضائي ونقل المتهمين من المؤسسات السجنية للمحكمة، وهو ما يكسب المحاكمة الجنائية نوعًا من البساطة ومن ثم السرعة[7]، وبالتالي تمكن المؤسسة القضائية من الوفاء بالتزاماتها تجاه المرتفقين[8].

في هذا الإطار، أظهرت الإحصائيات الجديدة الصادرة عن رئاسة النيابة العامة في المغرب خلال سنة 2020 أن المحاكم المغربية عقدت أزيد من 14161 جلسة محاكمة عن بعد، تم خلالها النظر في أكثر من 88079 قضية لأشخاص معتقلين مثلوا عن بعد أمام المحكمة لأزيد من 276200 مرة[9]. وأفاد الرئيس الأول لمحكمة النقض، بمناسبة افتتاح السنة القضائية بتاريخ 26 يناير 2022، أن محاكم المملكة عقدت خلال سنة 2021 ما يزيد عن 19.700 جلسة عن بُعد، أدرجت بها أكثر من 425.000 قضية، مَثَلَ فيها معتقلون أمام المحاكم عن بُعد، لأكثر من 494.760 مرة، وقد مكنت هذه الإجراءات من إصدار أحكام في 145.581 قضية، أي في 34% من القضايا المدرجة عن بعد[10].

استنادًا إلى ما تقدم، يحظى البحث في موضوع "تقنية الفيديوكونفرنس وتأثيرها على محاكمة المتهمين عن بعد بأهمية خاصة بالنظر لما يتسم به من استعجال ورهان، تبرز بوضوح من خلال استعراض الأرقام الأخيرة، وما تظهره من تصاعد في اللجوء لتقنية المناظرة المرئية، كما يسلط هذا الموضوع الضوء على العديد من الانشغالات القانونية والقضائية التي أفرزها لجوء المحاكم للتقنية الأخيرة، والتحولات البنيوية التي يمكن أن تطبع نظام العدالة.

إشكالية البحث:

لطالما تم تقديم تكنولوجيا الفيديوكونفرنس كأحد الحلول الممكنة للتحديات التي تطرحها الإجراءات القضائية. فكلما تحسن أداء التقنية الأخيرة نتيجة للتطور التكنولوجي المتسارع، كلما ازدادت جاذبيتها، وتعالت الأصوات المدافعة عنها والمطالبة باعتمادها داخل المحاكم، لما يمكن أن تضفيه من مرونة على الإجراءات الجنائية، وما يمكن أن تسهم به من عقلنة لإمكانية المؤسسة القضائية، دون أن يؤدي ذلك إلى أي تأثير كبير على ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة. فبالنسبة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في المغرب، مثل اللجوء المتسارع للمحاكم المغربية لعقد جلسات عن بعد إجابة عن العديد من التحديات المهمة المرتبطة باحترام ضمانات المحاكمة المنصفة، وعلى رأسها الحق في محاكمة بأجل معقول[11].

إن التوجه الأخير يدفع للتفكير حول ما إن كانت التكنولوجيا وفية وصادقة ومحايدة في نقل صورة المتهم الماثل عن بعد، وبالتالي الاستعاضة عن مثوله المادي والشخصي أمام المحكمة، وما يطرحه من إكراهات. هل صحيح أن تكنولوجيا المناظرة المرئية وسيلة تقريب متباعدين وتقليص للمسافة بينهما كما يبدو ظاهريًا؟ ثم على فرض أن التقنية الأخيرة تسهم، كما يبدو، في تقريب متباعدين وبالتالي المساهمة، إلى حد ما، في تحقيق متطلب المحاكمة داخل أجل معقول، هل هذا يبرر اعتمادها وغض النظر عن تأثيرها الذي يطال ضمانات قانونية أخرى ذات أهمية خاصة؟ أخيرًا، هل يمكن لجلسات المحاكمة الافتراضية للمتهم أن تأخذ في المستقبل مكان جلسات المحاكمة التقليدية التي تستند على مثوله الشخصي أمام هيئة الحكم؟

خطة البحث:

إن دراسة تأثير تقنية الفيديوكونفرنس على عدالة المحاكمة والإشكالات التي تطرحها يقتضي تعدد المقاربات البحثية المنتهجة، بالنظر للكم الكبير والمعقد من الأسئلة التجريبية التي تطرحها، وهو ما يحتم اللجوء للعديد من المجالات العلمية المرتبطة بالتواصل، علوم التكنولوجيا وعلم النفس الاجتماعي. فالاعتماد على دراسات علمية دقيقة، تقدم نتائج متينة، تبقى المقاربة الأنسب لفهم حقيقة تكنولوجيا المناظرة المرئية (المبحث الأول)، وتأثيرها على الحضورية والشفوية، ومن ثم على عدالة وإنصاف القرارات القضائية، وبالتالي التأسيس المتين لأي قرار يهم استخدام هذه التقنية (المبحث الثاني).

المبحث الأول: تقنية المناظرة المرئية وتأثيرها على المبادئ الحاكمة للمحاكمة الجنائية

إن المحكمة، كساحة للعدالة، كانت دائما مرادف لمكان القاضي. هذه العلاقة التي حافظت على ثباتها لأمد بعيد، دفعت تكنولوجيا المناظرة المرئية لزعزعتها. ذلك، أن ولوج الكاميرات، شاشات التلفاز، ومكبرات الصوت ورابط إنترنت بين المحكمة والسجن، سمح للقاضي بترأس الجلسات عن بعد على شاشات التلفاز[12]؛ وهو ما مكن من الحد من تأثير التباعد المكاني والزماني، من خلال فتح المجال للتواصل عن بعد[13].

هذا النمط الجديد من التواصل القضائي أفرز حوله العديد من الانشغالات القانونية، ارتبطت بالخصوص بتأثيره على مبدأ الحضورية والشفوية، باعتبارهما الضمانتين الأساسيتين المتواجدتين في قلب التحول. ذلك أن اعتماد تقنية الفيديوكونفرنس في المحاكمة الجنائية تدفع للتأسيس لنظام شفوية آخر: "شفوية افتراضية"، غير المعمول به في الحالة العادية (ثانيًا)، كما تعطي مدلولًا جديدًا للحضورية: "الحضورية الافتراضية"، وهو ما يمكن أن يؤثر على وسائل تشكيل الحقيقة القضائية، ويدفع التشريعات لإعادة تعريف هذه المفاهيم (أولًا)، وهو الأمر الذي يحيلنا على إشكال آخر لا يقل أهمية عن الأول والمتمثل في التوصيف الذي سيعطيه القاضي للحكم الصادر في إطار المحاكمة عن بعد (حضوري، أم بمثابة حضوري، أم غيابي؟).

المطلب الأول: الحضور الافتراضي وحق المتهم في دفاع فعال

كثيرًا ما تم عرض تقنية المناظرة المرئية باعتبارها وسيلة تحقق التواصل بأقل تكلفة، ودون أن تحدث أي تغيير فعلي على مستوى شروط المحاكمة. إذ غالبا ما يتم الدفاع عن هذه التقنية باعتبارها لا تنتج أي ضرر ملموس على المحاكمة من دون تقديم أي دليل علمي على ذلك[14]. كما لو أن الحضور عن بعد لجلسات المحاكمة يقوم مقام الحضور وجها لوجه؛ بل ويمكن أن يأخذ مكانه، في حين تبقى الحقيقة خلاف ذلك. وتكنولوجيا التواصل والمعلومات تعيد تشكيل الممارسات الاجتماعية، السياسية والاقتصادية وتحدث العديد من التغيرات[15]، في مختلف المجالات وعلى العديد من المستويات.

هذا، وقبل الغوص في عمق التقنية الأخير، وتتبع ما يمكن أن تحدثه من تأثير على حضور المتهم، يبقى أول ما يتبادر إلى الذهن عند رؤية صور الجلسات عن بعد إطار الرؤيا المحدود الذي تتيحه المناظرة المرئية، ونقلها لصورة محدودة الإطار لجلسة المحاكمة؛ حيث يتم الربط بين مكانين متباعدين من خلال شاشتين تبين الأولى صورة جزئية للمتهم، في حين تظهر الثانية صورة لجزء من جلسة المحاكمة، حسب توجيه الكاميرا. بعبارة أخرى، لا تتيح الصورة المنقولة رؤية سوى جزء صغير من المكان الآخر؛ فالمتهم الماثل عن بعد أمام المحكمة لا يمكنه رؤية سوى الشخص الذي يتوجه إليه بالسؤال، دون باقي الحاضرين في قاعة الجلسات، هؤلاء بدورهم يقتصر مجال رؤيتهم على صورة للجزء العلوي من متهم يتحدث إلى شاشة[16].

استنادًا إلى ما سبق، يتضح أن محدودية إطار الرؤيا الذي يطبع تكنولوجيا الفيديوكونفرنس يجعل العديد من المعالم والعناصر أكثر رؤية، في حين يضعف من إمكانية رؤية أخرى، مقارنة بأي تواصل يتم وجهًا لوجه[17]. أكثر من ذلك، يحد هامش التصوير المحدود للكاميرا من مساحة حركة باقي الفاعلين القضائيين، وهو ما سيؤثر فيما بعد على تصوراتهم وانطباعاتهم حول المحاكمة.

في هذا السياق، توصلت دراسة أجراها كل من الباحثان الأمريكيين لسيستر Lassiter وإيفرين Irvine حول تأثير الاعترافات المدرجة في تسجيلات مرئية على المحققين[18] إلى أن زاوية تصوير الاعتراف يمكن أن تمارس تأثيرها على تصور المشاهد لحرية الإرادة في الاعتراف، وبالنتيجة في الحكم بإدانة المتهم؛ حيث خلص الباحثان إلى أنه كلما كانت الكاميرا مركز خلال الاستجواب على المتهم كانت الإمكانية أكبر لتظليل القضاة، ودفعهم بشكل أكبر لاعتبار الاعترافات تم الحصول عليها بشكل حر وإرادي، وبالتالي تكون فرص إدانته أكبر[19]، خلافا للحالة التي يتم فيها التركيز على المستجوب (بكسر الواو)، أو هما معا[20].

إلى جانب إطار الرؤيا المحدود الذي يؤسس للحضور الافتراضي للمتهم والتأثير الخاص لنقطة توجيه الكاميرا، تبرز نقيصة جوهرية أخرى تطبع تقنية الفيديوكونفرنس، تتمثل في عجزها عن نقل كل تفاصيل التواصل التفاعلي، وهو ما يضفي عليها المزيد من الضعف والمحدودية، ويجعلها بعيدة عن أخذ مكان التواصل وجها لوجه. فإذا كان من المفترض أن التكنولوجيا الأخيرة، من خلال التقريب الافتراضي، تسهم في إلغاء المسافة التي يخلقها التباعد الجسدي بين المتهم والمحكمة، لكنها في حقيقة الأمر تسهم في خلق مسافات جديدة وعراقيل من نوع آخر تؤثر على حرية التفاعل التواصلي، وتضيف للتباعد الجسدي بين المتهم والمحكمة أنواع أخرى من التباعد يكون لها تأثيرها المحدد على قرار المحكمة: تباعد تواصلي، تفاعلي، نفسي، إنساني

من هذا المنطلق، أظهرت العديد من الانتقادات عجز تكنولوجيا الفيديوكونفرنس عن نقل حركات اليد، وتعابير الوجه، والنظرات، فهي لا تظهر سوى صور الأشخاص، ولا تعطي نفس المعلومات المرئية والمسموعة مثل التواصل وجها لوجه. فالاختلاف قائم بوضوح على مستوى المؤثرات البصرية، وذلك راجع لضعف التكنولوجيا ودورها في الحد من الإشارات البصرية والسمعية التي تطبع أنماط التواصل العادي[21]. فإذا كانت نبرة الصوت، لغة الجسد، النظرات تبقى محتفظة بأهميتها الخاصة في إطار الجلسات التقليدية، والحال أن تقنية المناظرة المرئية تمارس تأثيرها الخاص، تجعل مختلف المتدخلين في المحاكمة، وعلى الخصوص القاضي، ينظرون للعناصر التواصلية الأخيرة بشكل مختلف[22]. فحتى مع تكنولوجيا صورة وصوة عالية الجودة، وفي ظل شروط أمثل للتواصل بين المتهم والمحكمة، تبقى المناظرة المرئية عاجزة عن تعويض الحضور وجها لوجه، "عن نقل صورة يد متوترة، قطرة عرق متساقطة، ساق مرتجفة ومرتعشة، كل هذا يرتبط أشد الارتباط بنوعية التقنية وفي أحيان أخرى بالغير، أو بالاختيارات المرتبطة بجهة الرؤيا"[23].

إضافة إلى ما سبق، تحول تقنية الفيديو دون أي تواصل باستعمال النظر، أو أي إدراك للاتجاه الذي يتخذه البصر[24]، في حين أن نظرات الشخص، والجهة التي يتركز عليها نظره ومدى حفاظه على تواصله البصري مع مخاطبه، كلها عناصر أساسية حمالة بجملة من المعطيات الشخصية، تستخدم في تشكيل الانطباع حول الآخر. فالتواصل المستمر بالعين يجعل المشتركين في العملية التواصلية أكثر انتباها، وتعاونا، ثقة ونضجاُ وأكثر صدقا. بخلاف ذلك، فإن غياب التواصل بالعين وتبادل النظرات يمكن تفسيره بكونه ميل نحو "الدفاع والمراوغة"[25]. زد على ذلك، أن كميات كبير من المعلومات تنقل من خلال تعابير النظر والوجه خلال التواصل[26]. فأكثر من 75% مما نتعلمه مصدره العين، كما أننا نبدي استعداد أكثر من خمس مرات لتذكر أشياء تصل عن طريق الأنظار والمسامع على السواء بدل السمع فقط، أظف إلى ذلك أن الأشخاص هم لمرتين أكثر قدرة على الاقتناع إذا كانت الحجج المقدمة مصحوبة بتعابير مرئية[27]. لكل ذلك، فأي غياب للتواصل بالأنظار يؤدي ليس فقط لضياع الإشارات الإرادية بل إلى نقل إشارات لا إرادية أخرى تؤدي لتشكيل انطباعات سلبية[28].

لكل هذه الاعتبارات، يبقى التواصل غير اللفظي (نظرات العين، حركات الجسد، نبرة الصوت) محتفظا بمكانته الخاصة إلى جانب التواصل اللفظي. فوفقا لأبحاث عالم النفس الإيراني مهرابيان Mehrabian وشركاؤه، 55% من التواصل تحظى به لغة الجسد، و38% ترجع لنبرة الصوت، في حين تبقى نسبة 7% مخصصة للكلمات المنطوقة بشكل فعلي (معادلة 7/38/55)[29]. بالاستناد للنسب الأخيرة، يبرز دور التواصل غير اللفظي في تشكيل الأشخاص لانطباعاتهم حول الأخيرين[30]. فعناصر التواصل غير اللفظي مثل تعابير الوجه، حركات الجسد تلعب دور رئيسي في تشكيل الانطباعات، وعندما تكون كل هذه العناصر الأخيرة أقل إثارة للانتباه بسبب الصور الضبابية، أو المرتجة، تؤدي لحدوث تغيير على مستوى المعلومات المعتمد عليها في تشكيل الانطباعات، وفي بعض الأحيان يؤدي إلى تشكيل انطباعات مغلوطة حول الآخرين[31].

في هذا الإطار، حاول الباحث في علم النفس فولوود Chris Fullwood دراسة تأثير الاتصال بالفيديو على كيفية تشكيل الانطباع حول الأشخاص، وما إن كان الوسيلة الأخيرة تؤدي لإضعاف وتشويه الإشارات البصرية[32]، حيث توصل لنتائج تؤكد بوضوح أن المشاركين يقيمون نظراءهم بشكل أكثر إيجابية - خصوصا من الناحية العاطفية والذكاء - في حالة التواصل وجهًا لوجه عنه في حالة التواصل بطريق الفيديو. هذا المعطى يرجعه الباحث للضعف الكبير في الإشارات البصرية ولنظرات العين[33]، والتي تبقى ضرورية في تشكيل الانطباع[34]. فالبصر يبقى في نظر الباحث مهم في تشكيل الانطباع الشخصي، لذلك فكل استعمال له بشكل غير متناسب (إما بصرفه، تحويله، أو خطفه) يؤدي لتشكيل انطباعات سلبية لذا المخاطب[35]. لذلك، فإن تقنية الفيديو تبقى مفيدة في وضعيات يكون مستوى الضغط العاطفي مرتفع، وفي الحالات التي يتم فيها مناقشة أسئلة جد حساسة[36].

على صعيد آخر، يسهم ولوج تكنولوجيا المناظرة المرئية لجلسات المحاكمة في الرفع من أخطار الأعطاب التقنية، وهو ما يؤدي إلى كسر الوحدة الزمنية التي تتسم بها المحاكمة؛ كما أنه وباختلاف جودة المعدات التقنية[37] المستخدمة في جلسة المحاكمة عن بعد يتأثر مستوى التفاعل بين المحكمة والدفاع، وتطرأ العديد من المعيقات على مستوى التواصل بينهما[38]، أضف إلى ذلك أن التواصل بالكاميرا يفقد العملية الأخيرة عفويتها، أصالتها والتصرف على الطبيعة من قبل الفاعلين في المحاكمة[39]، كما أن توجيه وتركيز الكاميرا نحو المتهم يدفعه للاضطراب، وهو ما ينعكس على سلوكه غير اللفظي، ويؤثر بشكل سلبي على تصور القاضي لمصداقيته[40].

باختصار، إن إطار الرؤية المحدودة التي تتسم بها تقنية الفيديوكونفرنس، وعجزها عن نقل الخطاب غير اللفظي، أضف إلى ذلك ما يطبعها من أعطاب محتملة، كلها تطرح العديد من الإشكالات التقنية المرتبطة بطريقة تقديم المتهم أمام مختلف الفاعلين في المحاكمة، وكذلك طريقة عرض مختلف المشاركين في الجلسة أمام المتهم، وبالنتيجة طريقة التلطيف من تأثير العرض بالفيديو على التفاعلات والتصورات المتبادلة بين مختلف المشاركين[41].

تأسيسا على ما سبق، يتضح أن تقنية المناظرة المرئية تضفي المزيد من الهشاشة على العملية التواصلية بين المتهم والمحكمة، ومن ثم تعكس مدى ضعف الحضور الافتراضي؛ ليبقى الحضور المادي الأقدر على نقل أكبر قدر ممكن من التفاصيل الملاحظة. فهي الوسيلة الآمنة والأكثر شفافية في نقل مدلول الكلمات، أو أي تعديل يطال الصوت، سرعة الكلمات، الإشارات غير اللفظية المرتسمة على المحيا وعلى باقي أطراف الجسد، تعطي صورة ناصعة لمختلف المحيط التواصلي، وهو ما يمهد بشكل سليم لتشكيل الانطباع والفهم الجيد والصحيح للآخر، وبالتالي الإحساس به وبحضوره[42].

المطلب الثاني: الحضور الافتراضي والدفع نحو تصور جديد للشفوية الافتراضية

إذا كان ولوج تقنية الفيديوكونفرنس لجلسات المحاكمة يضفي المزيد من الضعف والمحدودية على الحضور الافتراضي، ويسهم في مزيد من الإذكاء لهشاشة المتهم، فإن الشفوية لن تخرج عن السياق الأخير، ولن تشكل الاستثناء، بالنظر لتكامل كلا المبدأين[43].

من هذا المنطلق، يحول اللجوء لتقنية المناظرة المرئية في المحاكمة دون المثول المادي للمتهم، الأمر الذي يؤثر بشكل جوهري على نوعية النقاشات، ويدفع نحو بروز نوع جديد من الشفوية، وبالتالي تحدث تغيير جوهري في مسار تشكيل الحقيقة القضائية[44].

في هذا الصدد، تحد تقنية الفيديوكونفرنس من قدرة المتهم على مواجهة الشهود، وتضعف من إمكانية الاستجواب المضاد لهم ومناقشتهم[45]؛ زد على ذلك أنها تضعف من إمكانية تقييم القضاة لمصداقية التصريحات المدلى بها في حالة المحاكمة عن بعد، عكس ما هو عليه الأمر في الحالة التي يمثل فيها المتهم بصفة شخصية. كل هذا يدفع نحو إفقار وإضعاف النقاشات التي تتم خلال الجلسات نتيجة للإكراهات التي تفرضها التكنولوجيا، من أعطاب تقنية وعدم ثبات الاتصال بشبكة الإنترنت، وضعف جودة الصوت والصورة وخضوعهما للعديد من المؤثرات واستمرار العديد من المشاكل التقنية المرتبطة بالأجهزة، وهو ما يؤدي بالمحكمة وبالأطراف للتقليل من الأسئلة المطروحة، وفي بعض الأحيان إلغاءها حتى لو كانت ذات أهمية.

ففي بحث تم فيه الاستماع إلى أربعة عشر قاضي استئناف فدرالي أمريكي، ذوي تجربة على مستوى استعمال تقنية الفيديوكونفرنس، وإن أدلوا بآراء إيجابية حول هذه التقنية ومساهمتها في الاقتصاد في الزمن والنفقات والمرونة في عقد الجلسات، إلا أنهم صرحوا باضطرارهم للتقليل من الأسئلة المطروحة في حالة المحاكمة عن بعد، وإن حرصوا على استكمال كافة المعلومات المرتبطة بالقضايا[46].

في نفس الاتجاه، توصلت عالمة النفس السويدية صارة لندستروم Sara Landstrom وآخرون، من خلال بحث أجري حول تأثر شهادة أطفال أمام المحكمة، سواء بشكل مباشر، أو من خلال تقنية الفيديو، إلى أن الملاحظين المباشرين يتشكل لهم تصور أكثر إيجابية حول شهادة الأطفال، ويعتبرون تصريحاتهم أكثر إقناعا من تلك التي تتم من خلال تقنية الفيديو[47]. كما توصل نفس الباحثون لكون قدرة الملاحظين المباشرين على التحقق من صدقية تصريحات الأطفال كانت أكبر[48]، وكانت لهم ذاكرة ذاتية وموضوعية جد قوية من الملاحظين لشهادات الفيديو[49]. وخلص الباحثون إلى أن طريقة العرض، بشكل مباشر، أو باستعمال الفيديو، تختلف على مستوى القرب، أو البعد، وبالنتيجة يكون الاختلاف على مستوى الحيوية، فكلما كانت وسيلة العرض أكثر قربا كلما كانت الشهادة أكثر حيوية؛ واستنتجوا، في الأخير، أن "طريقة العرض تبقى جد مهمة في التقييم، التأثر وتشكيل التصور، لذلك فهي أحد أهم التجليات التي يجب أخدها بعين الاعتبار خلال تقييم وتعديل الإجراءات القضائية"[50].

من جهة أخرى، وحتى وإن تم في العديد من الأحيان تقديم تقنية الفيديوكونفرنس المستعملة لمحاكمة المتهم على أنها تعزز من احترام مبدأ الشفوية، وتضفي عليه المزيد من المرونة، باعتبار أن الخبراء والشهود ومختلف الأجهزة المساعدة للعدالة يمكن إشراكهم بشكل فاعل في المحاكمة؛ حيثما كان مكان تواجدهم[51]، إلا أن العديد من الأبحاث تشير أن اعتماد تكنولوجيًا المناظرة تضعف جودة التواصل، وتسهم في الرفع من معدل الأخطاء عند اعتماد الترجمة عن بعد[52]، كما تضعف من جودة شهادة الخبراء الماثلين عن طريق الفيديو[53]. في هذا الصدد، خلصت دراسة أجريت على شهادات أدلى بها خبراء بالفيديو عن بعد إلى وجود العديد من الإشكالات والسلبيات المؤثرة، المرتبطة بقدرتهم على استعمال لغة الحركة والتفاعل مع وسائل العرض وأدوات الإقناع، مع مصاحبة ذلك لانخفاض واضح في مناقشة الهيئة لنتائج الخبرة وقدرتها على فهمها[54]. وحتى وإن كان من الممكن التقليل من تأثير الإشكالات الأخيرة، من خلال إضفاء المزيد من التحسين والجودة على التكنولوجيا المستعملة، إلا أن الباحثين يؤكدون أن لتقنية الفيديوكونفرنس تداعيات أكثر، قد تصل إلى حد "تعريض البنية العلمية للخبرة للمساس"[55].

خلاصة القول، أن تقنية الفيديوكونفرنس المستخدمة لتسهيل مثول المتهم عن بعد، وإن كانت تبدو في حالة تلاؤم مع مبادئ الفعالية، الشفافية والحيادية، إلا أن الأبحاث التجريبية العلمية في مختلف المجالات تكشف عكس ذلك. فالدراسات أثبتت أن كل الجوانب الشكلية للعرض الذي يتم من خلال المحاكمة عن بعد تمارس تأثيرًا على قرار المحكمة، فزاوية الضوء تؤثر على حدود التعاطف، وقرب الكاميرا من المخاطب يؤثر على تصورنا له، كما أن إدراك المشاعر يرتبط بجودة الصورة المقدمة[56].

لكل هذه الاعتبارات، يمكن القول إن ساحة القضاء ليست كأي مكان، فهي ساحة تبقى محتفظة بطقوسها الخاصة بقواعدها الإجرائية ونقاشاتها المعقدة[57]؛ في حين أن التقنية لا تقدم سوى صورة للمتهم جافة وخادعة، تحد من أي تواصل وتفاعل إنساني، وهو ما سيضعف الحضورية، وبالنتيجة سيحد من الشفوية، وينعكس سلبًا على دفاع المتهم؛ بل على أي توازن ممكن في الحقوق بين أطراف الخصومة الجنائية، وبشكل عام على إنصاف المحاكمة.

المبحث الثاني: تقنية الفيديوكونفرنس وتأثيرها على حق المتهم في الإنصاف القضائي

إذا كان نظام العدالة الجنائية في حالة الجلسات التقليدية يعاني العديد من الإشكالات والنقائص؛ سواء على المستوى الإجرائي أو الرمزي، فإن الوضع الأخير يزداد هشاشة في ظل اللجوء لتقنية الفيديوكونفرنس، وهو ما يسهم في إضعاف دفاع المتهم الماثل عن بعد وتكريس عزلته، وتجريده من إنسانيته، وحرمانه من أي تعاطف قضائي؛ في ظل ما تفرضه التكنولوجيا من رقمنة للعدالة.

المطلب الأول: حق المتهم في الدفاع الفعال عن طريق الوسائل الافتراضية

تنطلق جلسة المحاكمة عن بعد بدخول الهيئة وتلاوتها للجملة الطقوسية المعتادة "افتتحت الجلسة"، ثم يشرع الرئيس في قراءة اسم المتهم الماثل على الشاشة، وسؤاله عن إمكانية الشروع في محاكمته عن بعد. كما لو أنه مدرك وواع تمام الوعي بكل الظروف المحيطة بمثوله عن بعد، ومدى تأثير ذلك على محاكمته. فإذا كانت الدراسات والأبحاث العلمية في مختلف دول العالم، رغم تنوعها وتعددها لا زالت غير محيطة تمام الإحاطة بتأثيرات التجربة، وما زالت مترددة كل التردد بشأن أي إعمال لها؛ بل وتحذر من أي توسيع لمجال تفعيلها، كيف لمتهم لا يدرك حتى اللغة القانونية المتداولة خلال الجلسات أن يبدي موافقته على تجربة قد يكون لها أثر بالغ على مسار محاكمته؟ بل وحياته؟!

إن السؤال الذي يستهدف أخذ موافقة المتهم للشروع في محاكمته، وإضفاء الشرعية عليها والتغطية على نقائصها، يبقى عديم المعنى[58]، في ظل غياب أي وعي للمتهم بحقيقة المحاكمة عن بعد، وما يترتب على ذلك من تخليه عن أحد أبرز ركائز إنصاف وعدالة المحاكمة: الحق في الحضورية.

إن جلسة المحاكمة تبقى هي قلب العدالة، وحضور المتهم المادي هو في حد ذاته وسيلة للتعبير، في حين أن مثوله عن بعد يؤثر سلبا ليس فقط على مشاركته في جلسة المحاكمة ولكن أيضا على تصور مختلف الفاعلين في المحاكمة لقضيته، على صورة المحكمة والعدالة عموما وعلاقة المحامي به[59]. كما يزيد مثوله عن بعد من عزلته ومن الضغوط والتعب الظاهر عليه، وتصعب عملية بناء الثقة بينه وبين جهة الاتهام الحاضرة بشكل شخصي خلال المحاكمة ومع المحكمة بشكل عام، وتضعف إحساس المتهم بجدية وعدالة محاكمته، وهو ما يؤثر على تصرفاته ودفاعه. فكثيرًا ما يعبر المتهمون الماثلون عن بعد عن إحساسهم بالعزلة وبكونهم مفصولين عن المحاكمة، وكما لو أنهم يحاكمون من قبل شاشة تلفاز لا محكمة وقضاة، لذلك فالعديد من المتهمين يعبرون عن لا مبالاتهم بالجلسة وفي بعض الأحيان عن عدم الاحترام[60].

على صعيد آخر، يضفي اللجوء لتقنية الفيديوكونفرنس في محاكمة المتهم المزيد من التعقيد على العملية التواصلية بينه وبين المحامي وعن رغبته في التصريح بشيء له[61]، وتضعف من أي دور فاعل للمحامي في عرض قضية موكله، في ظل استحالة تواجده على السواء في مكان الاعتقال وفي قاعة الجلسات، فعدم تواجده إلى جانب موكله يحد من قدرته على الإحاطة بكل جوانب قضيته، كما يهدم أي إمكانية لبناء علاقة ثقة معه[62]. أما المتهم فغالبا ما يتردد في التواصل مع المحكمة حول قضيته خلال الجلسة في ظل حضوره المادي فما بالك في حال مثوله عن بعد. ذلك أن وقوفه أمام الكاميرا عن بعد يضاعف من تردده في إيقاف سير الجلسة من أجل الإدلاء بأمر مهم في علاقة بقضيته[63]، فحتى في الحالة التي يرى المتهم ضرورة توضيح نقطة معينة تهم القضية فإن تردده سيحول دون تدخله من أجل توقيف الإجراءات القضائية؛ ذلك أن الطبيعة الخاصة للتواصل المرئي تجعل من الصعوبة على المتهم تحديد اللحظة المناسبة لتوقيف السير العادي للإجراءات بغية توضيح نقطة معينة، وهو ما ينعكس سلبا على دفاع المحامي[64]. زد على كل ذلك، أن تقنية المناظرة المرئية تخفي العديد من العلامات التي تبرز رغبة المتهم الخفية وتردده وتحفظه في التواصل مع المحامي وتوضيح شيء معين للمحكمة. من جهة أخرى، وفي حال اختار المحامي الدفاع عن المتهم من المؤسسة السجنية تثور العديد من الانشغالات المرتبطة بمدى قدرته على تقديم أمام المحكمة الشهود ومختلف الأشخاص الذين تبقى تصريحاتهم ضرورية في القضية[65].

استنادًا إلى ما سبق، تمارس المحاكمة عن بعد تأثيرها على علاقة المتهم بمحاميه من خلال تغيرها بشكل جذري وإضعافها سواء قبل المحاكمة، أثناءها، أو بعدها، وهو ما ينعكس سلبا على دفاع المحامي؛ إذ يمكن أن تحدث تغييرا مهما في علاقة المحام بموكله من خلال إضعاف الإمكانات التواصلية بينهما، وقدرة المحامي على الحصول على معلومات تساعده في دفاعه؛ كما تحد من أي إمكانية تواصلية للمتهم وتوجيه أسئلة للمحكمة، وتحرمه من دعم ومساندة الأسرة والأصدقاء خلال الجلسة، وحتى لو حضروا لا يكون لذلك أهمية كبيرة، ما دام المتهم ماثل على شاشة، كل هذا يعيق دفاعه أمام المحكمة خلافًا لخصمه النيابة العامة الحاضر بشكل شخصي، ويسهم بالتالي في إضعاف الثقة في نظام العدالة الجنائية.

تأكيدًا لما سبق، أظهرت الدراسات أن اللجوء لتقنية الفيديوكونفرنس تجعل إمكانية التواصل بين المتهم وموكله بالغة التعقيد والصعوبة. فخلال تحقيق أجري سنة 2010 من قبل المركز الوطني لمحاكم الدولة في بريطانيا وويلز، أكد أن 37% من المحاكم التي تستخدم تقنية المناظرة المرئية لا يتوافر لديها وسائل للتواصل بين المتهم الماثل عن بعد ومحاميه[66]. كما توصلت دراسة، أجرتها منظمة Transform Justice، تم من خلالها استجواب محامين، قضاة ومختلف الفاعلين القضائيين حول استخدام تقنية المناظرة المرئية في المملكة المتحدة، إلى أن 58% كانت آراؤهم سلبية حول قدرة المتهمين على المشاركة بفاعلية في الجلسات، و72% قدروا أن التقنية الأخيرة كان لها تأثير سلبي على قدرة المتهمين في التواصل مع القضاة وباقي المشاركين في المحاكمة[67]. كما خلص بحث أنجز في إنجلترا وويلز خلال فترة الوباء الصحي الأخير إلى أن عقد جلسات المحاكمة عن بعد يؤثر سلبا على حق المتهم في مساعدة قانونية فاعلة، وفي المشاركة بفاعلية في جلسات المحاكمة وفي دراسة ومراقبة وسائل الإثبات المثارة أمام المحكمة؛ حيث اعتبر 44 % من الأشخاص المستجوبين أن جلسات المحاكمة عن بعد تعقد بشكل كبير مشاركة المتهمين في المحاكمة، في حين اعتبر 67% من المستجوبين أن جلسات المحاكمة عن بعد كان لها تأثير سلبي مهم على قدرة المتهمين ومحاميهم في التواصل الثنائي قبل وخلال الجلسات، واعتبر 75% من الأشخاص المستجوبين أن الجلسات عن بعد أضفت المزيد من التعقيد والصعوبة على إمكانية المتهمين ومحاميهم في الحصول، وعرض ومراقبة وسائل الإثبات، في حين اعتبر 60% أن اللجوء لتقنية الفيديوكونفرنس كان لها تأثير سلبي على إنصاف الجلسات بشكل عام[68].

في نفس الاتجاه، وفي بحث أجرته كرولين ماكاي Carolyn McKay من جامعة سيدني الأسترالية سألت من خلاله سجناء حول مشاركتهم في الجلسات بتقنية الفيديو، وتوصلت من خلاله إلى:

"أن تجربة المثول عن بعد تقوي من الإحساس بالإبعاد والعزل عن العالم الإنساني، وتفاقم من الإفقار الحسي للسجناء، وتضعف من إمكانية المشاركة الصريحة في الإجراءات القضائية؛ إذ صرح العديد من السجناء بعدم قدرتهم على رؤية كل من في المحكمة بشكل جيد، في حين لم يتمكن البعض من رؤية عائلته ولا حتى محاميه، وكانت للعديد من السجناء صعوبة بالغة في متابعة مجريات المحاكمة والتدخل، والبعض الآخر صرح بمعانته من ضعف التركيز عند مثوله أمام الكاميرا خلافًا للمثول وجهًا لوجه الذي يحفزه على التكلم وشرح الوقائع أمام القاضي"[69].

في سياق ما سبق، خلصت دراسة أجرتها أستاذة القانون إنجريد إيجلي Ingrid Eagly حول جلسات محاكمة المهاجرين[70] أثبتت أن المهاجرين المعتقلين في إطار مساطر الهجرة كانوا أكثر عرضة للإبعاد عندما تتم محاكمتهم بتقنية المناظرة المرئية[71]. وتوصلت نفس الباحثة الأمريكية إلى أن المهاجرين الذين مثلوا بشكل شخصي أمام المحكمة كانوا أكثر بنسبة 90% طلبا للتعويض ولإعانة الهجرة، 35% أكثر طلبا لمساندة محامي، 6% أكثر طلب للمغادرة الطوعية مقارنة بالأشخاص المتواجدين في نفس وضعيتهم والماثلين بتقنية الفيديو[72]. من أجل فهم سبب الضعف الكبير لفعالية مشاركة المهاجرين عن بعد، حاولت الباحثة الاعتماد على مقابلات وتتبع للمسلسل القضائي، ولاحظت أن العديد من الإشكالات اللوجستيكية الضرورية للإعداد القبلي لهم حالت دون مشاركتهم بفاعلية، كما أرجعت ذلك لتعقد وصعوبة طريقة التواصل بالفيديو وفي سرية مع المحام؛ أضف لذلك أن المهاجرين الماثلين عن بعد عانوا من صعوبة في فهم مجريات الجلسات بالفيديو وهو ما دفع الكثير منهم لاعتبار الجلسة عن بعد غير عادلة خلافا للجلسة التقليدية[73]. في الاتجاه ذاته، أكدت ثلاث من ست محاكم للهجرة في الولايات المتحدة الأمريكية، تم الاستماع لقضاتها، وجود حالات أعادوا فيها تقييم مصداقية التصريحات المتلقات خلال جلسات المحاكمة بالفيديو بعد قيامهم بعقد جلسات بحضور شخصي[74].

كل هذه الأسباب دفعت العديد من الباحثين لاعتبار استعمال تقنية الفيديوكونفرنس يمثل إهدار لحقوق المتهم مقارنة بخصومه الماثلين أمام المحكمة بصفة شخصية، بالنظر لكون التقنية الأخيرة تمس "بشكل غير عادل بحقوقه الدستورية"[75]، وعلى رأسها مساندة محامي ومواجهة الشهود[76]، والوصول لقاضي؛ بل وترقى لتشكل "إنكار لحقه في محاكمة عادلة"[77]. فأي جلسة محاكمة جنائية عن بعد تبقى بطبيعتها غير متوازنة، فغالبا ما تمثل النيابة العامة بصفة شخصية خلال الجلسة وتحافظ على تواصلها المباشر والفاعل مع القاضي، في حين يمثل المتهم وحيد ومعزول على الشاشة. أمام هذا الوضع غير متوازن، يبقى من الصعب على المتهم الحاضر عن بعد اعتبار نفسه جزء من المحاكمة، والقيام بدور فاعل في الدفاع عن مصالحه خلال جلسة الحكم[78]. كل ذلك، يسهم في الإذكاء من هشاشة المتهم وعزلته وإحباطه، كما تضفي إكراهات التكنولوجيا محدودية كبيرة على إمكاناته التواصلية، وتعزز سلوكياته التي تحي بالتجاهل وعدم الاكتراث للمحكمة، والتي لا يقدر خطورتها وتأثيرها على قرار القاضي[79]. فالأبحاث تؤكد أن جلسات المحاكمة عن بعد تضعف قدرة المتهمين على الاستيعاب والفهم، وتزيد من عدم احترامهم للإجراءات المسطرية، من خلال "إصدار العديد من الأصوات والحركات غير عادية وغير متناسبة مع الاحترام الواجب للمحكمة؛ بل وفي بعض الأحيان مغادرة المحاكمة حتى قبل رفع الجلسة"[80].

على المستوى الوطني، سجل المجلس الوطني لحقوق الانسان وجود العديد من "التحديات على المستوى القانوني والحقوقي، أهمها تفعيل واحترام مبدأ الحضورية والمواجهة الشفوية ومبدأ العلنية ومبدأ تكافؤ وسائل الدفاع المتعلق بأطراف الخصومة الجنائية، والضمانات الممنوحة للمتهم وللدفاع ولباقي أطراف الدعوى للاستفادة من الحق في التقاضي والانتصاف، وحرية المحامي في التخابر مع موكله أثناء سير المحاكمة والتي أصبحت مقيدة. وهناك إشكاليات أخرى من شأنها أن تحول دون توفير شروط المحاكمة العادلة في إطار إجراء المحاكمة عن بُعد، من بينها حالة الاضطرار إلى طرد المتهم الذي قد يحدث اضطرابا داخل المحكمة. ويطرح إشكال آخر لدى كاتب الضبط، في ظل حالة الطوارئ الصحية، في طريقة تبليغه بتفاصيل ما جرى. كما أن الصعوبات اللوجستية والتقنية لا تزال تشكل تحديا هاما أمام إجراء المحاكمات عن بعد. ففي بلادنا، اشتكى مثلًا بعض المحامين من صعوبات تتعلق بالصوت أثناء سريان المحاكمة"[81]. نفس المجلس اعتبر في تقريره حول حالة حقوق الإنسان خلال سنة 2020، أن تجربة المحاكمة عن بعد في المغرب لم يواكبها حملة للتعريف بحقوق المتهمين والضحايا وذويهم، خاصة ما له علاقة بالحق في حضور الجلسات كشرط لعلنية المحاكمة، والحق في الاستعانة بالشهود والحق في الاطلاع على ملف القضية، من أجل تحقيق مبدأ تكافؤ وسائل الدفاع بين أطراف الدعوى العمومية[82].

هذا، وإذا كانت المحاكم المغربية اكتفت بربط إمكانية اللجوء لتقنية المناظرة المرئية في عقد الجلسات بموافقة المتهم، دون الخوض في شأن مساسها بعدالة المحاكمة من عدمها، إلا أن باقي المحاكم الدولية وإن لم تعتبر، بشكل صريح، مثول المتهم عن بعد متعارضة مع حقه في محاكمة عادلة ومنصفة[83]، إلا أن ذلك لم يمنعها من التعامل معها بحذر شديد. فالمحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، وإن اعتبرت في العديد من القضايا التي تمت فيها محاكمة المتهمين عن بعد أن الإمكانية الأخيرة ليست في حد ذاتها متعارضة مع مفهوم المحاكمة المنصفة والعمومية[84]، وأن الدفاع لم تمس حقوقه مقارنة بباقي أطراف المحاكمة،"[85] ما دام ممثلًا خلال جلسة المحاكمة بمحامي[86]، إلا أنها اشترطت ضرورة تواجد "هدف مشروع"[87] للجوء لتقنية الفيديوكونفرنس في المحاكمة[88]، والتي لا يدخل في إطارها المبررات الاقتصادية[89].

المطلب الثاني: الحضورية الافتراضية وتأثيرها على الجانب الإنساني للمحاكمة

ما من شك، في كون المحاكمة هي علاقة إنسانية خالصة، يتداخل فيها ما هو قانوني مع ما هو جسدي وعاطفي، تبنى بالأساس على التقارب المكاني بين القاضي والمتقاضي، في احترام لوحدة الزمان والمكان. فتحقيق العدالة يستوجب نوع من القرب بين أطرافها، كما أن الشكل الذي يمثل به القاضي والمتقاضي يحظى بالأهمية مثله مثل النقاش الشفوي الدائر بينهما.

فإذا كان كل نشاط إنساني قابلا للتفعيل عن بعد، لكن العدالة ليست نشاط كباقي الأنشطة، أو مرفق عام كباقي المرافق، والمحاكمة ليست مسلسل من الإجراءات البسيطة والجامدة فهي فعل يتطلب علاقة إنسانية حقيقية، بالنظر لكونها ذات بعد إنساني بارز. فلا شيء يمكن الاستعاضة به عن علاقة الارتباط الإنساني المباشر بين المتهم والقاضي، والتي تبقى أحد أهم الطرق المعتمدة في الوصول للحقيقة وتشكيل اقتناعه الوجداني.

في هذا الإطار، تسهم تقنية التواصل عن بعد خلال الجلسة في خلق حاجز بين لغة النقاش القضائي ولغة الإشارة والجسد التي تبقى عنصر لا غنى عنه لأي فهم سليم لتصريحات المتقاضين، وهو ما يؤدي لإضعاف جودة أي تفاعل إنساني[90]، ويهدر، بالتالي، حق المتهم في الاستفادة من الجانب الإنساني للقاضي الذي يطبعه العفو والتسامح. فالتكنولوجيا ليست محايدة[91]، فهي تلغي روح القانون؛ بل روح المحاكمة ككل، في ظل تغييب الجانب الإنساني، وإهدار للعلاقات الجسدية والعاطفية بين مختلف الفاعلين في المحاكمة، والتي لا يمكن الاستغناء عليها في مسار التوصل إلى الحقيقة القضائية، ومن ثم تمكين القاضي الجنائي من بناء اقتناعه الوجداني.

بالنتيجة، يؤدي اللجوء لتقنية الفيديوكونفرنس لتكريس "لا أنسنة العدالة"[92]، من خلال إضعاف النقاشات التي تطبع جلسات المحاكمة، والتي يعتمد فيها القاضي في ظل الجلسات الحضورية على شخصية المتهم للوقوف على حدود العمد في ارتكاب الجريمة. أضف إلى ذلك، أن مثول المتهم أمام المحكمة من خلال شاشة تلفاز من مكان الاعتقال يؤدي لتشكيل انطباع على إدانته الثابتة حتى قبل الشروع في المحاكمة[93]. وهو ما تؤكده العديد من الأبحاث والدراسات التجريبية.

ففي دراسة[94] أجراها أستاذ القانون وعلم النفس دايمند Diamond وآخرون، نشرت في مجلة القانون وعلم الإجرام، حول تأثير استخدام شاشات التلفاز في جلسات الحكم بإطلاق السراح بكفالة، أظهرت أن القضاة يفرضون كفالة ذات قيمة جد عالية عندما تعقد الجلسات من خلال الفيديو، وأن المتهمين يكونون عرضة أكثر لمساطر المثول، مع اعتراف بالذنب، كما تكون أحكامهم أطول من أولئك الذين يمثلون بصفة شخصية[95]. كما توصل الباحثون لوجود ارتفاع في قيمة متوسطة الكفالة بنسبة 51% بل وبلغت 90% في بعض الجرائم[96]. في نفس الاتجاه، وفي إحدى الدراسات الأخرى، توصل باحثون إلى أن "المتهمين الذين ظهروا في الفيديو لم يكن من المرجح إدانتهم أكثر مما لو كانوا يجلسون بجوار محاميهم في المحكمة"[97]، "أما المتهم المعزول في القفص فيكون غالبا معرض للإدانة بشكل أكبر مما لو كان ماثلا أمام المحكمة من خلال تقنية المناظرة المرئية"[98]. ما توصلت له الدراسات الأخيرة، أكده Penelope Gibbs؛ حيث خلص إلى أن النتائج على مستوى العدالة، سواء فيما يتعلق بالإدانات، أو الاعتقال الاحتياطي، تكون أكثر عقابية بالنسبة للمتهمين الماثلين عبر تقنية الفيديو[99]. نفس الأمر أكده باحثون في بريطانيا وويلز؛ إذ توصلوا إلى أن: "المتهمين الذين يمثلون بتقنية الفيديو أمام المحكمة من مراكز الشرطة يكونون أكثر عرضة للإدانة بعقوبات سالبة للحرية منه بعقوبات بديلة، وأن المحاكمة عن بعد لا تتلاءم مع جميع الحالات، خصوص في حال شملت المحاكمة أشخاص ذوي احتياجات تواصلية خاصة، زد على ذلك أن المحكمة تعرف صعوبات كبيرة عندما تريد فرض سلطتها عن بعد؛ حيث يأخذ المتهمون إجراءات المحاكمة بقليل اهتمام، على عكس ما هو الحال في حال مثولهم بصفة شخصية"[100].

الخاتمة

أظهرت المحاكم في المملكة المغربية خلال فترة الإغلاق الصحي الناجمة عن الأزمة الصحية التي عرفتها البلاد توجهًا ملحوظًا في عقد جلسات المحاكمة في القضايا الجنائية في ظل حضور المتهم عن بعد، والمؤسسة السجنية، بالاعتماد على تقنية الفيديوكونفرنس. هذه التجربة وإن لاقت استحسان العديد من الفاعلين - خصوصًا منهم الرسميين - في مجال العدالة في المغرب؛ إلا أنها ظلت تحوم حولها هالة من الشكوك والضبابية حول قدرتها على تعويض الحضور المادي للمتهم، وضمان حقه في محاكمة منصفة.

من خلال هذه الدراسة، توصلنا للعديد من النتائج والمقترحات يمكن إجمالها على الشكل الآتي:

أولًا: النتائج

-      إذا كانت تقنية الفيديوكونفرنس يتم تقديمها على أنها وسيلة تساعد على تقريب وتقليص المسافة بين شخصين متباعدين جسديًا، إلا أنها في حقيقة الأمر تسهم في خلق مسافات جديدة وعراقيل من نوع آخر، تؤثر على حرية التفاعل التواصلي، وتضيف للتباعد الجسدي بين المتهم والمحكمة أنواعًا أخرى من التباعد، يكون لها تأثيرها المحدد على قرار المحكمة؛ تباعد تواصلي، تفاعلي، نفسي، إنساني.

-      إن تقنية الفيديوكونفرنس، والتكنولوجيا بشكل عام، تبقى غير شفافة وغير محايدة؛ إذ تمارس تأثيرها على تشكيل، وتدبير واستهلاك الصورة القضائية، وعلى الدور المفترض في القاضي، وعلى التصور العام الذي يتشكل لديه عن المتهم، كما تطرح إشكالًا مرتبطًا بشرعية المحكمة.

-      يطال تأثير التكنولوجيا جوهر الحق المكرس قانونًا، ويعدل من الجينات التكوينية لنواته، وهو ما يدفع نحو نشوء روابط جديدة بين المتقاضي، المؤسسة القضائية وبين القانون. فإجراءات قضائية أساسية من قبيل متابعة سلوك الفاعلين، مراقبة الإجراءات، ضمان محاكمة منصفة، الشهادة، كلها تبقى خاضعة للتحول والتغير في حال تم القيام بها باستخدام تقنية الفيديوكونفرنس، كما أن قدرة القاضي على المراقبة المباشرة وعلى تدبير قاعة جلسات المحاكمة عن بعد تضعف، وكلها تأثيرات تحدث تغييرًا على دور القاضي وعلى صورته.

-      يسهم اللجوء لتقنية الفيديوكونفرنس في عقد الجلسات، وفي إعادة توزيع الأدوار خلال المحاكمة الجنائية؛ إذ تضيف فاعلين جددًا للمحاكمة، وتحدث دورًا جديدًا للقاضي شبيهًا "بمخرج" يوجه تعليماته للفاعلين في مسرح المحاكمة بخصوص موقعهم في مواجهة الكاميرا، ومدى ارتفاع أصواتهم وجودتها.

-      يؤدي استخدام تقنية المناظرة المرئية خلال جلسات المحاكمة إلى خلق ونشوء توازنات جديدة، يتم من خلالها تكريس تفوق النيابة العامة الحاضرة بشكل شخصي خلال الجلسة، ومزيد من الإضعاف للمتهم - الهش من الأصل - الماثل عن بعد.

-      تمارس جلسات محاكمة المتهم عن بعد تأثيرها على صورة المحكمة والعدالة بشكل عام، وهو يؤثر بشكل خاص على مشروعية المحكمة كمؤسسة، سواء في نظر المتقاضي، أو لدى عموم الناس.

-      إن استخدام تقنية المناظرة المرئية في محاكمة المتهم عن بعد تمارس تأثيرها على علاقته بمحاميه؛ من خلال تغيرها بشكل جذري وإضعافها؛ سواء قبل المحاكمة، أو أثناءها، أو بعدها، وهو ما ينعكس سلبًا على دفاع المحامي.

-      إن تقنية الفيديوكونفرنس يمكن أن تمثل تهديدًا لإنصاف المحاكمة، ولمبدأ الحضور، وللنقاشات التي تطبع الجلسات بالإفقار، كما أنها تمثل تجريدًا لحق المتهم في الاستفادة من الجانب الإنساني للقاضي.

-      إذا كانت تقنية الفيديوكونفرنس يتم تقديمها على أنها تسهم بالأساس في التقليل من النفقات الاقتصادية، فإن التقنية الأخيرة يمكن أن تحمل أخطارًا وتكلفة تتجاوز المزايا المحتملة، فإذا كان التواصل باستخدام الإنترنت من خلال أحد البرمجيات المتداولة (مثل سكايب Skype) قد يبدو سهلًا وأقل تكلفة؛ إلا أن الواقع يدل على أن اعتماد شروط تواصل وتجهيزات عالية الكفاءة للحصول على صورة وصوت واضحين يبقى مكلفًا جدًا، وحتى وإن كانت الكلفة الاقتصادية تبقى قابلة للتجاوز مع الوقت إلا أن التكلفة غير المالية تظل جد مقلقة، فغالبية المتهمين يوجدون في حالة هشاشة تسهم الجلسات الافتراضية في إضفاء المزيد من الحدة عليها.

-      إن التكنولوجيا يمكن أن تمنح نوع من المرونة لإجراءات المحاكمة الجناية، سواء من خلال رقمنة الإجراءات وملفات القضايا، وتسريع مسلسل المحاكمة، وإفساح المجال لعرض فعال للقضايا.

ثانيًا: التوصيات

-      إن اللجوء لتقنية الفيديوكونفرنس، في كل ما يخص العدالة الجنائية، وعلى الخصوص جلسات محاكمة المتهم عن بعد، يجب أن يكون محصورًا في حالات استثنائية وبشكل جدُّ ضيق، كأن تقتضي ذلك الالتزامات الأمنية العالية، والحفاظ على النظام العام، وحماية الحق في الحياة وتوفير الأمن للشهود والضحايا، وحالة الجرائم الخطيرة جدًا.

-      ضرورة تقدير كل قضية يتم اللجوء فيها لمثول المتهم عن بعد خلال الجلسة بشكل منفرد، من خلال الوقوف على خطورة التواصل التفاعلي الحضوري على القضية ذاتها، حتى لا يؤدي التباعد بين المتهم والمحكمة للمساس بحقه في محاكمة منصفة.

-      من أجل الحد، ولو جزئيًا، من التأثير السلبي لتقنية الفيديو على تشكيل الانطباعات، يبقى من الضروري اعتماد مقابلة وجهًا لوجه قبل كل تواصل بتقنية المناظرة المرئية، مع ضرورة المثول الشخصي للمتهم أمام القاضي ولو لمرة واحدة على الأقل.

-      تمكين المتهم من التواصل بحرية وفي ظل سرية تامة مع محاميه قبل انطلاق الجلسة وخلالها، إن اقتضت الضرورة ذلك.

-      وضع نظام يحدد شروط اللجوء لتقنية الفيديوكونفرنس، ويضع معايير عامة لجودة التكنولوجيا المتطلبة لبداية الجلسة، مع تحديد الشروط التقنية المتطلبة لرفع الجلسة في حال كان الصورة، أو الصوت غير واضحين، وفي حال حصول قطع على مستوى الربط بالإنترنت.

-      توسيع الأبحاث حول "تأثير تقنية الفيديوكونفرنس على المحاكمة الجنائية".

المراجع

References:

Baral I. et E. Reissier, “vidéoconférence et principes fondamentaux du procès : publicité et inmediacion en Espagne. IHEJ : 2014. < https://ihej.org/programmes/politiques-de-justice/videoconference-et-principes-fondamentaux-du-proces-publicite-et-inmediacion-decryptage-du-cas-espagnol/, (consulté janvier 14, 2023).

Belfanti Ludocic, “la visioconférence en matière pénale : entre utilité et controverses,Actualité juridique Pénal, no.04, (Dalloz 2014).

Bellone, E. T., ‘Private Attorney-Client Communications and the Effect of Videoconferencing in the Courtroom’ (2013) 8 Journal of International Commercial Law and Technology 24. <https://www.neliti.com/publications/28827/private-attorney-client-communications-and-the-effect-of-videoconferencing-in-th> accessed 14 May 2022.

Bietz M J, ‘Effects of communication media on the interpretation of critical feedback’ In Proceedings of the 2008 ACM conference on Computer supported cooperative work (CSCW '08) (New York Association for Computing Machinery 2008) 467-476. https://doi.org/10.1145/1460563.1460637.

Braun, S., ‘the European AVIDICUS projects: Collaborating to assess the viability of video-mediated interpreting in legal proceedings’ (2016) 4 European Journal of Applied Linguistics 173. https://doi.org/10.1515/eujal-2016-0002.

Chiavario M., “la vidéoconférence comme moyenne de participation aux audiences pénales (cour européenne des droits de l’homme 3e section Marcello viola c. Italie, 5 octobre 2006), revue trimestrielle des droits de l’homme, no. 73 (2008), https://www.rtdh.eu/fr/journal/revtrimdrh/2008-73/la-videoconference-comme-moyen-de-participation-aux-audiences-penales/index.html#page/223/search/, (consulté janvier 14, 2023).

Conseil National des Droits de l’Homme, Covid-19 : situation exceptionnelle et nouvel exercice des droits de l'Homme au Maroc pour l’année 2020. Rabat : Conseil National des Droits de l’Homme 2021. https://www.cndh.org.ma/fr/rapports-annuels/rapport-annuel-sur-letat-des-droits-de-lhomme-au-maroc-au-titre-de-lannee-2020, (consulté janvier 14, 2023).

Conseil National des Droits de l’Homme, Droits de l’homme en 2021 : Les répercussions du Covid 19 sur les groupes vulnérables et les parcours réels. Rabat : Conseil National des Droits de l’Homme 2022. https://www.cndh.org.ma/fr/rapports-annuels/rapport-annuel-sur-letat-des-droits-de-lhomme-au-maroc-au-titre-de-lannee-2020, (consulté janvier 14, 2023).

Conseil Supérieur du Pouvoir Judicaire, Les mesures stratégiques prises par le Conseil Supérieur du Pouvoir Judiciaire au cours de la période d'état d'urgence sanitaire : gouvernance, solidarité, communication. Rabat : Conseil Supérieur du Pouvoir Judicaire 2020. https://www.cspj.ma/fr/documents/publications, (consulté janvier 14, 2023).

Danet Jean, “vers une nouvelle oralité ?, Les Cahiers de La Justice 2, no. 2 (Dalloz 2011), https://doi.org/10.3917/cdlj.1102.0073.

Danziger, Sh., J. Levav and others, ‘Extraneous factors in judicial decisions’ (2011) 108 Proceedings of the National Academy of Sciences 6889. https://doi.org/10.1073/pnas.101803310.

De Lucia A, Francese R, and others, ‘SLMeeting: supporting collaborative work in Second Life’ In Proceedings of the working conference on Advanced visual interfaces (AVI '08) (New York, Association for Computing Machinery 2008) 301-304. https://doi.org/10.1145/1385569.1385618.

Demetrios K., D. Wildman and others, ‘Improving Remote Collaboration with Video Conferencing and Video Portals’ (2016) 31 Human–Computer Interaction 1-58. https://doi.org/10.1080/07370024.2014.921506.

Diamond Sh S, Patton M M and others, ‘Efficiency and cost: the impact of videoconferenced hearings on bail decisions’ (2010) 100(3), Journal of criminal Law and Criminology 869-902. https://doi.org/10.2307/25766111.

Dumoulin L and C Licoppe, ‘Trial at a Distance: Videoconference Technology as a Policy Tool?’ in Proceedings of the International Conference in Public Policy 1 (5) (Milano, July, 1st - 4th 2015) 7. <https://www.ippapublicpolicy.org/file/paper/1435654716.pdf> accessed 14 May 2022.

Dumoulin Laurence, “parlez dans le visiophone ! La distance dans l’exercice des activités médicales et judiciaires, Sciences sociales et santé 26, no.03 (John Libbey Eurotext2008), https://doi.org/10.3917/sss.263.0107.

Dunn M. and R. Norwick, ‘report of a survey of videoconferencing in the courts of appeals’ (Federal Judicial Center, 2006).

E J Van Der Vlis, ‘Videoconferencing in criminal proceedings. Videoconference and Remote Interpreting’ in S Braun and J L Taylor (eds), Criminal Proceedings (Guildford, University of Surrey 2011) 11.

Eagly I, ‘Remote Adjudication in Immigration’ (2015) 109(4), Northwestern University Law Review 933. <https://scholarlycommons.law.northwestern.edu/nulr/vol109/iss4/2> accessed 14 May 2022.

Feldman R S and Chesley R B, ‘Who is lying, who is not: An attributional analysis of the effects of nonverbal behavior on judgements of defendant believability’ (1984) 2(4), Behavioral Sciences & the Law 451–461. https://doi.org/10.1002/bsl.2370020411

Fourment F., É Derlon et autres, “chronique de jurisprudence de la Cour européenne des droits de l'Homme en matière pénale. Les quatre saisons de la Cour : printemps-été 2008 : 1er avril 2008 – 30 septembre 2008, revue internationale droit pénal 79, no. 03 (Érès 2008), https://doi.org/10.3917/ridp.793.0449.

Françoise Vanhamme, Kristel Beyens, “La recherche en sentencing: un survol contextualisé, Déviance et Société 31, no. 02 (Médecine & Hygiène2007), https://doi.org/10.3917/ds.312.0199.

Fullwood C., ‘the effect of mediation on impression formation: A comparison of face-to-face and video-mediated conditions’ (2007) 38 Applied Ergonomics 270. https://doi.org/10.1016/j.apergo.2006.06.002.

Gibbs P, ‘Defendants on video–conveyor belt justice or a revolution in access’ (London: Transform Justice, 2017) 17. <https://www.magistrates-association.org.uk/Portals/0/Files/Public/defendants-on-video-23-10-17.pdf> accessed 10 June 2022.

‘Government Accountability Office, Actions Needed to Reduce Case Back­log and Address Long Standing Management and Operational Challenges’ (2017) 55. <https://www.gao.gov/assets/690/685022.pdf.> accessed 11 May 2022.

Hatim A, M. Miloudi and others, ‘Promoting the Defence´s Role in the Preliminary Investigation, a Challenge in Maghrebian Criminal Proceedings’ (2022) 19 The Age of Human Rights Journal 47. https://doi.org/10.17561/tahrj.v19.7123.

Janin Marc, “la visioconférence à l’épreuve du procès équitable, les cahiers de la justice 2, no.02 (Dalloz 2011), https://doi.org/10.3917/cdlj.1102.0013.

Jérôme Bossan, “la visioconférence dans le procès pénal : un outil à maitriser, Revue de science criminelle et de droit pénal comparé 4, no. 4 (Dalloz 2011), https://doi.org/10.3917/rsc.1104.0801.

Johnson M T and E C Wiggins, ‘Videoconferencing in Criminal Proceedings: Legal and Empirical Issues and Directions for Research’ (2006) 28(2) Law & Policy Journal 217. https://doi.org/10.1111/j.1467-9930.2006.00224.x.

‘Justice under Lockdown: A survey of the criminal justice system in England & Wales between March and May 2020’ 07. <https://www.fairtrials.org/articles/publications/justice-under-lockdown-england-wales/> accessed 10 June 2022.

Kaminski Dan, “que font faire les technologies à la justice pénale ? Déviance et Société 37, no.03 (Médecine & Hygiène 2013), https://doi.org/10.3917/ds.373.0255.

Kostelak R., ‘Videoconference Technology and the Confrontation Clause’ (2014) 33 Cornell Law School J.D. <https://scholarship.law.cornell.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1049&context=lps _papers> accessed 19 May 2022.

“La visio-conférence dans le prétoire : présentation, Les Cahiers de la Justice 2, no.2 (Dalloz 2011), https://doi.org/10.3917/cdlj.1102.0011.

Landstrom S, P A Granhag and others, ‘Children’s live and videotaped testimonies: How presentation mode affects observers’ perception, assessment and memory’ (2007) 12, Legal and Criminological Psychology 333-347. https://doi.org/10.1348/135532506X133607.

Lassiter G. D. and A. A. Irvine, ‘Videotaped Confessions: The Impact of Camera Point of View on Judgments of Coercion’ (1986) 16 Journal of Applied Social Psychology 268-276. https://doi.org/10.1111/j.1559-1816.1986.tb01139.x.

Laurence Dumoulin, Christian Licoppe., “Justice et visioconférence : les audiences à distance. Genèse et institutionnalisation d'une innovation, 2 (2009). https://halshs.archives-ouvertes.fr/halshs-00433880/, (consulté janvier 14, 2023).

Lederer F I and S H Solomon, ‘Courtroom Technology - An Introduction to the Onrushing Future’ (1997) 04. < https://scholarship.law.wm.edu/facpubs/1653 > accessed 19 May 2022

Magrath P., ‘Transparency, Data Protection and the Law Courts of the Future’ (2018) 18 Legal Information Management 70. https://doi.org/10.1017/S1472669618000166.

McKay C, ‘Video links from prison: court “appearance” within carceral space’ (2018) 14(2), Law, Culture and the Humanities 262. https://doi.org/10.1177/1743872115608350.

Mehrabian A and W Morton, ‘Decoding of inconsistent communications’ (1967) 6(1) Journal of Personality and Social Psychology 109-114. https://doi.org/10.1037/h0024532.

Mehrabian A, S R Ferris, ‘Inference of attitudes from nonverbal communication in two channels’ (1967) 31(3) Journal of Consulting Psychology 252. https://doi.org/10.1037/h0024648.

Meredith R and D Tait, ‘Courts are moving to video during coronavirus, but research shows it’s hard to get a fair trial remotely’ (The Conversation, 2020). <https://openresearch-repository.anu.edu.au/bitstream/1885/210490/1/01_Rossner_Courts_are_moving_to_video_2020.pdf > accessed 10 May 2022.

Milburn Philip, “Juger par écran interposé : une révolution anthropologique, Actualité Juridique Pénal, no.05 (Dalloz 2019), https://halshs.archives-ouvertes.fr/halshs-00433880, (consulté janvier 14, 2023).

Nguyen D T and J Canny, ‘More than face-to-face: empathy effects of video framing’ In Proceedings of the SIGCHI Conference Human Factors in Computing Systems (April 2009) 423-432. https://doi.org/10.1145/1518701.1518770.

Orcutt H K, G S Goodman and others, ‘Detecting Deception in Children's Testimony: Factfinders' Abilities to Reach the Truth in Open Court and Closed-Circuit Trials’ (2001) 25(4), Law and Human Behavior 357-363. https://doi.org/10.1023/A: 1010603618330.

Poulin A B, ‘Criminal justice and videoconferencing technology: the remote defendant’ (2003) 78(4) Tulane Law Review 1139. < https://heinonline.org/HOL/LandingPage?handle=hein.journals/tulr78&div=48&id=&page= > accessed 29 September 2022.

Présidence du Ministère Public, rapport de la présidence du ministère public sur l’exécution de la politique pénale pour l’année 2020. Rabat : Présidence du Ministère Public 2021. https://www.pmp.ma/%d8%a5%d8%b5%d8%af%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa/, (consulté janvier 14, 2023).

Rossner M, D Tait and others, ‘The Dock on Trial: Courtroom Design and the Presumption of Innocence’ (2017) 44(3), Journal of Law and Society 317-344. https://doi.org/10.1111/jols.12033.

Rowden E and A Wallace, ‘Remote judging: the impact of video links on the image and the role of the judge’ (2018) 14(4) International Journal of Law in Context 504. https://doi.org/10.1017/S1744552318000216.

Rowden E. and A. Wallace, ‘Performing Expertise: The Design of Audiovisual Links and the Construction of the Remote Expert Witness in Court’ (2018) Social & Legal Studies 1-21. https://doi.org/10.1177/0964663918802991.

Slovák P, ‘Effect of Videoconferencing Environments on Perception of Communication’ (2007) 1(1) Journal of Psychosocial Research on Cyberspace. <https://cyberpsychology.eu/article/view/4205> accessed 19 September 2022

Storck J and L Sproull, ‘Through a glass darkly: What do people learn in videoconferences?’ (1995) 22(2) Human Communication Research 200. https://doi.org/10.1111/j.1468-2958.1995.tb00366.x.

Tait D, McKimmie B M and others, ‘Towards a distributed courtroom’ (Research Report, Western Sydney University 2017) 49. <https://researchdirect.westernsydney.edu.au/islandora/object/uws: 51755/ > accessed 14 May 2022.

Thaxton R, ‘Injustice Telecast: The Illegal Use of Closed-Circuit Television Arraignments and Bail Bond Hearing Federal Court’ (1993) 79, Iowa Law Review 175.

Vavonese L B, E Ling and others, ‘How Video Changes the Conversation’ (2020) 04-05. <https://www.nlada.org/sites/default/files/Monograph_RemoteJustice_Final_10_21_20.pdf> accessed 19 June 2022.

“XIXe Congrès International de Droit Pénal : Société de l’information et droit pénal, Revue internationale de droit pénal 85, no. 3-4 (Érès 2014), https://doi.org/10.3917/ridp.853.0613.

Zorza R, ‘Video Conferencing for Access to Justice: An Evaluation of the Montana Experiment’ (Legal Services Corporation, 2007) 01-34. <https://docplayer.net/3126017-Video-conferencing-for-access-to-justice-an-evaluation-of-the-montana-experiment-final-report.html > accessed 19 May 2022.

Cases:

Case of Marcello Viola V. Italie App no. 45106/04 (ECtHR 5 October 2006).

Case of Sakhnovski V. Russie App no. 21272/03 (ECtHR 2 November 2010).

Case of Shulepov V. Russie App no. 15435/03 (ECtHR 26June 2008).

Case of Zagaria V. Italie App no. 58295/00 (ECtHR 5 November 2007).



[1] Laurence Dumoulin, Christian Licoppe., Justice et visioconférence: les audiences à distance. Genèse et institutionnalisation d'une innovation, (2009): 2, <https://halshs.archives-ouvertes.fr/halshs-00433880/> accessed 11 May 2022.

[2] Dumoulin Laurence and Christian Licoppe, Trial at a Distance: Videoconference Technology as a Policy Tool? in Proceedings of the International Conference in Public Policy 1 (5) (Milano, July, 1st - 4th 2015) 7.

[3] Bellone, E. T., Private Attorney-Client Communications and the Effect of Videoconferencing in the Courtroom (2013) 8 Journal of International Commercial Law and Technology 24.

[4] See Kostelak R., Videoconference Technology and the Confrontation Clause (2014) 33 Cornell Law School J.D.

[5] See E J Van Der Vlis, Videoconferencing in criminal proceedings. Videoconference and Remote Interpreting in S Braun and J L Taylor (eds), Criminal Proceedings (Guildford, University of Surrey 2011) 11.

[6] اعتبر المجلس الأعلى للسلطة القضائية في المغرب المحاكمة عن بعد خيار استراتيجي. انظر:

Conseil Supérieur du Pouvoir Judicaire, Les mesures stratégiques prises par le Conseil Supérieur du Pouvoir Judiciaire au cours de la période d'état d'urgence sanitaire : gouvernance, solidarité, communication. (Rabat : Conseil Supérieur du Pouvoir Judicaire 2020) : 41, https://www.cspj.ma/fr/documents/publications.

[7] أظهرت دراسة أجراها الباحث الأمريكي منتانا Montana أن اللجوء إلى تقنية المناظرة المرئية في المساطر القضائية تعزز من فعالية الولوج للعدالة من خلال السماح لأنظمة المساعدة القضائية للولوج لمناطق من الدولة لم تحظَ ببنية خدماتية كافية. انظر:

Zorza R, Video Conferencing for Access to Justice: An Evaluation of the Montana Experiment (Legal Services Corporation, 2007) 01-34; See also De Lucia A, Francese R, and others, SLMeeting: supporting collaborative work in Second Life In Proceedings of the working conference on Advanced visual interfaces (AVI '08) (New York, Association for Computing Machinery 2008) 301-304.

[8] Bietz M J, Effects of communication media on the interpretation of critical feedback In Proceedings of the 2008 ACM conference on Computer supported cooperative work (CSCW '08) (New York Association for Computing Machinery 2008) 467; Demetrios K., D. Wildman and others, Improving Remote Collaboration With Video Conferencing and Video Portals (2016) 31 HumanComputer Interaction 1-58; Françoise Vanhamme, Kristel Beyens, La recherche en sentencing: un survol contextualisé, Déviance et Société 31, no. 02 (Médecine & Hygiène 2007), https://doi.org/10.3917/ds.312.0199.

[9] Présidence du Ministère Public, rapport de la présidence du ministère public sur lexécution de la politique pénale pour lannée 2020, (Rabat: Présidence du Ministère Public 2021): 226, https://www.pmp.ma/%d8%a5%d8%b5%d8%af%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa/.

[10] تصريح الرئيس الأول لمحكمة النقض بمناسبة افتتاح السنة القضائية 2022؛ انظر أيضًا:

Conseil National des Droits de lHomme, Droits de lhomme en 2021: Les répercussions du Covid 19 sur les groupes vulnérables et les parcours réels, (Rabat: Conseil National des Droits de lHomme 2022): 95, https://www.cndh.org.ma/fr/rapports-annuels/rapport-annuel-sur-letat-des-droits-de-lhomme-au-maroc-au-titre-de-lannee-2020.

[11] Conseil Supérieur du Pouvoir Judicaire, Les mesures stratégiques prises par le Conseil, 44-45.

[12] Rowden E and A Wallace, Remote judging: the impact of video links on the image and the role of the judge (2018) 14(4) International Journal of Law in Context 504.

[13] See n (2) 06.

[14] بعد مرور سنة على انطلاق تجربة المحاكمة عن بعد، تم تنظيم يوم دراسي حول موضوع "التقاضي عن بعد وضمانات المحاكمة العادلة"، في 27 أبريل 2021 بالمعهد العالي للقضاء بالرباط، من قبل وزارة العدل، بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ورئاسة النيابة العامة والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج وجمعية هيئات المحامين بالمغرب. وقد خلص المشاركون إلى كون نظام المحاكمة عن بعد لا يشكل، من حيث المبدأ، مساسًا بالمحاكمة العادلة، أو تهديدًا لها؛ طالما احترمت مبادئ الضرورة والتناسب والشرعية وسيادة القانون والتوازن بين الأطراف، وحقوق الدفاع، كما أوصوا بضرورة التسريع بمراجعة قانوني الإجراءات الجنائية والمدنية لتنظيم المستجدات المتعلقة بالرقمنة وإدماج المقتضيات المتعلقة بالمحاكمات عن بعد في المجالين الجنائي والمدني. انظر:

 Conseil National des Droits de lHomme, Droits de lhomme en 2021, 95.

[15] See n (2) 12.

[16] Danet Jean, vers une nouvelle oralité ?, Les Cahiers de La Justice 2, no. 2 (Dalloz 2011): 79, https://doi.org/10.3917/cdlj.1102.0073.

[17] Storck J and L Sproull, Through a glass darkly: What do people learn in videoconferences? (1995) 22(2) Human Communication Research 200.

[18] من خلال البحث الأخير تم عرض ثلاث أشرطة فيديو مصورة لاستجواب الشرطة على 24 طالبًا انتهت بأخذ هذه الأخيرة لاعترافات؛ حيث تم تركيز الكاميرا بشكل أساسي في الفيديو الأول على المشتبه فيه، وفي الثانية على الشرطي المستجوب (بكسر الواو)، وفي الفيديو الثالث تم تركيزها على الطرفين بالتساوي. في نهاية التجربة كان حكم من شاهدوا الفيديو الأول أن اعترافات المتهم كانت حرة ذات نسبة إكراه ضعيفة جدا، أما الفيديو الثالث الذي يركز الكاميرا بالتساوي على الطرفين فكان حكم من شاهدوه أن درجة الإكراه في الحصول على الاعترافات كانت معتدلة، في حين كان حكم من شاهدوا الفيديو الذي تم تركيز الكاميرا فيه على الشرطي المحقق أن منسوب الإكراه كانت درجته عالية.

[19] G. D. Lassiter and A. A. Irvine, Videotaped Confessions: The Impact of Camera Point of View on Judgments of Coercion (1986) 16 Journal of Applied Social Psychology 268-276.

[20] Johnson M T and E C Wiggins, Videoconferencing in Criminal Proceedings: Legal and Empirical Issues and Directions for Research (2006) 28(2) Law & Policy Journal 217.

[21] See n (17) 199.

[22] Jérôme Bossan, la visioconférence dans le procès pénal: un outil à maitriser, Revue de science criminelle et de droit pénal comparé 4, no. 4 (Dalloz 2011): 802, https://doi.org/10.3917/rsc.1104.0801.

[23] Danet, vers une nouvelle oralité, 80.

[24] Slovák P, Effect of Videoconferencing Environments on Perception of Communication (2007) 1(1) Journal of Psychosocial Research on Cyberspace.

[25] Nguyen D T and J Canny, More than face-to-face: empathy effects of video framing In Proceedings of the SIGCHI Conference Human Factors in Computing Systems (April 2009) 423-432.

[26] Vavonese L B, E Ling and others, How Video Changes the Conversation (2020) 04-05.

[27] Lederer F I and S H Solomon, Courtroom Technology - An Introduction to the Onrushing Future (1997) 04.

[28] See n (25) 424.

[29] See Mehrabian A, S R Ferris, Inference of attitudes from nonverbal communication in two channels (1967) 31(3) Journal of Consulting Psychology 252; Mehrabian A and W Morton, Decoding of inconsistent communications (1967) 6(1) Journal of Personality and Social Psychology 109-114.

[30] يتأثر سلوك الأشخاص في مواجهة الآخرين بانطباعاتهم، هذه الأخيرة تتشكل من الملاحظة السلبية (التواصل غير اللفظي) والتفاعل المباشر.

 See n (17) 199.

[31] Ibid.199.

[32] قام الباحث بفتح المجال للتواصل بين العديد من الأشخاص، إما وجهًا لوجه، أو من خلال تقنية الفيديو عالية الجودة، ودعوتهم لتقييم مدى ذكاء نظرائهم من خلال استبيان يتم ملؤه.

[33] يحمل التواصل عن طريق الفيديو شيئًا مختلفًا عن التواصل وجهًا لوجه، وهو ما يغير الطريقة التي يتم النظر بها للأشخاص، وحيث إن جودة الصورة كانت عالية الدقة، يبقى تأثير الإشارات غير اللفظية أضعف في حالة التواصل بالفيديو منه في ظل التواصل وجهًا لوجه، وهو ما أضعف الأحاسيس الإنسانية بين المتواصلين. فلأن الإشارات غير اللفظية كان تأثيرها ضعيف؛ وبالتالي خرجت من المعادلة التواصلية، كانت التقديرات حول الأشخاص مبنية بالأساس على الوقائع، وتم استبعاد الجانب الشخصي. انظر:

Fullwood C., the effect of mediation on impression formation: A comparison of face-to-face and video-mediated conditions (2007) 38 Applied Ergonomics 270.

[34] Ibid. 270-271.

[35] Ibid.

[36] هذا المعطى، أكدته دراسة أجراها أستاذ علم النفس Holly Orcutt؛ حيث توصل إلى أن شهادة القاصرين عن بعد كانوا عرضة لاعتداءات جنسية تكون أكثر دقة وتحديد، وأكثر صدقية وتجانسًا عند مثولهم عن طريق المناظرة المرئية، وذلك راجع لكون التقنية الأخيرة تحجب العديد من المؤثرات البصرية التواصلية التي كان من المفروض أن تضفي المزيد من الحساسية على الشهادة. انظر:

Orcutt H K, G S Goodman and others, Detecting Deception in Children's Testimony: Factfinders Abilities to Reach the Truth in Open Court and Closed-Circuit Trials (2001) 25(4), Law and Human Behavior 357-363.

[37] يؤكد العديد من المعنيين بقطاع العدالة أن جودة التفاعل عن بعد بين الأطراف والشهود تكون في الغالب ضعيفة حتى في الحالات التي تكون فيها التكنلوجيا تشتغل بجودة عالية. انظر:

Magrath P., Transparency, Data Protection and the Law Courts of the Future (2018) 18 Legal Information Management 70.

[38] Poulin A B, Criminal justice and videoconferencing technology: the remote defendant (2003) 78(4) Tulane Law Review 1139.

[39] Baral I. et E. Reissier, vidéoconférence et principes fondamentaux du procès : publicité et inmediacion en Espagne, (IHEJ : 2014) : 13, < https://ihej.org/programmes/politiques-de-justice/videoconference-et-principes-fondamentaux-du-proces-publicite-et-inmediacion-decryptage-du-cas-espagnol/> accessed 19 June 2022.

[40] Feldman R S and Chesley R B, Who is lying, who is not: An attributional analysis of the effects of nonverbal behavior on judgements of defendant believability (1984) 2(4), Behavioral Sciences & the Law 451461.

[41] See n (38) 1106.

[42] بالنسبة إلى غوفمان Goffmann؛ فإن التواصل لا ينحصر فقط في تبادل العبارات والرسائل؛ بل يقتضي بالأساس التفاعل؛ حيث في كل وضعية تعبير جسدي يحيل على بعد تواصلي لا غنى عنه، لذلك فالتواصل وجهًا لوجه يبقى وحده القادر على معنى الحمولة التواصلية للمتخاطبين، ووحده الذي يبقى حمالًا لحقيقة متعددة الأبعاد، يتيح إمكانية مراقبة كل تحركات المتخاطب. انظر:

Milburn Philip, Juger par écran interposé: une révolution anthropologique, Actualité Juridique Pénal, no.05 (Dalloz 2019): 02, < https://halshs.archives-ouvertes.fr/halshs-00433880> accessed 11 May 2022.

[43] يقتضي مبدأ الشفوية طرح كل العناصر المشكلة للدعوى أمام أنظار أطرافها لفحصها ومناقشتها شفويًا أمام المحكمة طبقًا لما يراه الأطراف محققًا لدفاعهم، وأن تستمع بنفسها لشهادة الشهود، وتفسح المجال لمناقشتها شفويًا، ولإلقاء الأطراف لمرافعاتهم، وتسمح للمتهم بالدفاع عن نفسه، وألا تؤسس المحكمة في الختام حكمها على عناصر لم تُثَر خلال الجلسة.

[44] Danet, vers une nouvelle oralité, 82.

[45] See n (20) 218.

[46] Dunn M. and R. Norwick, report of a survey of videoconferencing in the courts of appeals (Federal Judicial Center, 2006).

[47] أرجع الباحثون ذلك لكون من لاحظوا شهادة الفيديو أولوا اهتمام أكبر لتصريحات الأطفال أكثر من مظهرهم.

[48] وهو ما يمكن إرجاعه إلى تركيزهم على التصريحات الشفوية للأطفال أكثر من أولئك الذين شاهدوا الفيديو.

[49] Landstrom S, P A Granhag and others, Childrens live and videotaped testimonies: How presentation mode affects observers perception, assessment and memory (2007) 12, Legal and Criminological Psychology 333-347.

[50] Ibid.

[51] تساهم هذه التقنية في الحصول على ترجمة للغات نادرة وفي أمد زمني معقول.

 Bossan, la visioconférence dans le procès pénal, 810.

[52] Braun, S., the European AVIDICUS projects: Collaborating to assess the viability of video-mediated interpreting in legal proceedings (2016) 4 European Journal of Applied Linguistics 173.

[53] Rowden E. and A. Wallace, Performing Expertise: The Design of Audiovisual Links and the Construction of the Remote Expert Witness in Court (2018) Social & Legal Studies 1-21.

[54] Ibid.

[55] Ibid.

[56] Janin Marc, la visioconférence à l’épreuve du procès équitable, les cahiers de la justice 2, no.02 (Dalloz 2011): 18-19, https://doi.org/10.3917/cdlj.1102.0013.

[57]يبقى العرض المسرحي المرافق للجلسات أحد أبرز العناصر التي تستمد منه المحكمة شرعيتها، لكن تكنولوجيا المناظرة المرئية تضعفه؛ من خلال إعادة تهيئته. انظر:

Kaminski Dan, que font faire les technologies à la justice pénale ? Déviance et Société 37, no.03 (Médecine & Hygiène 2013) : 263, https://doi.org/10.3917/ds.373.0255.

[58] في بحث أجري في بريطانيا، تبين أن غالبية المستجوبين لا يدركون تأثير المثول عن بعد للمتهم على نتائج المحاكمة؛ بينما القلة الذين يدركون التأثير الأخير هم محامون، 28 % يرون أن مثول المتهم عن بعد يجعل الأمر بالاعتقال الاحتياطي جد محتمل. انظر:

Gibbs P, Defendants on videoconveyor belt justice or a revolution in access (London: Transform Justice, 2017) 17.

[59] Dumoulin, Licoppe, Justice et visioconférence 02.

[60] See n (58) 17.

[61] حول دور الدفاع في قانون الإجراءات الجنائية المغربية انظر:

Hatim A, M. Miloudi and others, Promoting the Defence´s Role in the Preliminary Investigation, a Challenge in Maghrebian Criminal Proceedings (2022) 19 the Age of Human Rights Journal 47.

[62] أظهرت إحصائيات النيابة العامة أنه تم تمكين المعتقلين الذين ستعرض قضاياهم على المحاكم عن بعد من التحدث هاتفيا مع محاميهم قبل الجلسة، وهو ما مكن 2727 معتقل من التواصل مع دفاعه عن بعد تسهيلا لمحاكمتهم. انظر: رئاسة النيابة العامة، مرجع سابق، ص، 29.

[63] See n (20) 216-217.

[64] Ibid. 217.

[65] Ibid.

[66] See n (58) 02.

[67] اعتبر المستجوبون أن الفئات الأكثر تأثرًا بالتقنية الأخيرة هم المتهمون الذين لا يجيدون الإنجليزية، وغير المستفيدين من مساعدة قانونية، والقاصرون (أقل من 18 سنة)، ومما توصل إليه التقرير أن تأثير الجلسة عن طريق الفيديو على قدرة المتهم على المشاركة تراوح بين 11,11% كانت آراؤهم إيجابية؛ في حين كانت آراء 58,08% سلبية؛ بينما تراوحت آراء30,81% بين السلب والإيجاب.

See n (58) 17.

[68] Justice under Lockdown: A survey of the criminal justice system in England & Wales between March and May 2020 07.

 في نفس الاتجاه، ما توصل إليه بحث أجري في بريطانيا من تأثير الجلسة عن طريق الفيديو على قدرة المتهم على التواصل بين القضاة ومهنيي العدالة تتراوح بين 7,14% كانت آراؤهم إيجابية؛ في حين كانت آراء 71,94% سلبية؛ في حين تراوحت آراء 20,92% بين السلب والإيجاب.

http: //www.transformjustice.org.uk/wp-content/uploads/2017/10/Data_All_170927-1.pdf

[69] McKay C, Video links from prison: court appearance within carceral space (2018) 14(2), Law, Culture and the Humanities 262.

[70] قامت الباحثة بدراسة نتائج قضايا المهاجرين المعتقلين أمام محكمة الهجرة من خلال مقارنة من شاركوا بطريقة الفيديو عن بعد، ومن مثلوا بصفة شخصية أمام المحكمة؛ حيث درست أزد من 154000 حالة أصدر فيها القضاة أحكامًا بين 2011 و2012.

[71] Eagly I, Remote Adjudication in Immigration (2015) 109(4), Northwestern University Law Review 933.

[72] Ibid. 938.

[73] Ibid. 978-984-989.

[74] Government Accountability Office, Actions Needed to Reduce Case Back­log and Address Long Standing Management and Operational Challenges (2017) 55.

[75] See n (20) 220.

[76] Ibid. 214.

[77] Thaxton R, Injustice Telecast: The Illegal Use of Closed-Circuit Television Arraignments and Bail Bond Hearing Federal Court (1993) 79, Iowa Law Review 175.

[78] Meredith R and D Tait, Courts are moving to video during coronavirus, but research shows its hard to get a fair trial remotely (The Conversation, 2020).

[79] See n (58) 33.

[80] Ibid. 02.

[81] Conseil National des Droits de lHomme, Covid-19: situation exceptionnelle et nouvel exercice des droits de l'Homme au Maroc pour lannée 2020, (Rabat: Conseil National des Droits de lHomme 2021): 93, https://www.cndh.org.ma/fr/rapports-annuels/rapport-annuel-sur-letat-des-droits-de-lhomme-au-maroc-au-titre-de-lannee-2020.

[82] نفس المرجع السابق، ص، 92.

[83] من مخرجات المؤتمر الدولي 19 للقانون الجنائي، الذي انعقد في ريو ديجانيرو من 31 أغسطس إلى 06 سبتمبر 2014 حول استعمال تكنولوجيا التواصل والمعلومات، أن استعمال تكنولوجيا التواصل والمعلومات في نظام العدالة الجنائية لا يمس بحقوق الدفاع، كالحق في جلسة علنية، والحق في الاستجواب المضاد وفي المواجهة، والحق في الوصول إلى الملف ودليل الخبير المتخصص في مجال الأدلة الإلكترونية، في ضمان مبدأ توازن الأسلحة، انظر:

 XIXe Congrès International de Droit Pénal: Société de linformation et droit pénal, Revue internationale de droit pénal 85, no. 3-4 (Érès 2014): 634, https://doi.org/10.3917/ridp.853.0613.

[84] Case of Sakhnovski V. Russie App no. 21272/03 (ECtHR 2 November 2010).

[85] Case Of Marcello Viola V. Italie App no. 45106/04 (ECtHR 5 October 2006).

 اعتبرت المحكمة الدستورية الإيطالية أن لجوء المشرع الإيطالي لاستعمال تقنية المناظرة المرئية في المحاكمة، مستبعدة فرضية كون الحضور الجسدي في جلسة المحاكمة لوحدها قادر على ضمان فعالية حقوق الدفاع، في غياب أي حاجز يحول دون المشاركة عن بعد، وما دامت الوسائل التقنية كافية لتحقيق مشاركة فاعلة وواعية للمتهم في النقاشات. إذ يبقى أساسي في نظر القضاة الدستوريين وسيلة الوصل السمعي البصري بين المحكمة ومكان الاعتقال التي يجب أن تكون كافية لجعل التواصل المرئي والمسموع مرئيا وليس افتراضي فقط. انظر:

Arrêt du 14 juillet 1999, n°342, Giurisprudenza constituzinale, 1999, 2686; Voir : Chiavario M., la vidéoconférence comme moyenne de participation aux audiences pénales (cour européenne des droits de lhomme 3e section Marcello viola c. Italie, 5 octobre 2006), revue trimestrielle des droits de lhomme, no. 73 (2008) : 226.

[86] اعتبرت المحكمة الأوربية أن مشاركة المتهم في الجلسة من خلال الفيديو من المؤسسة السجنية؛ حيث اعتُقل دون أن يتم تمثيله بواسطة محام، في حين كان الوكيل حاضرًا في قاعة الجلسات، يضعه في موقف إجحاف مقارنة بالوكيل، ذلك أن في مصلحة السير الجيد للعدالة أن يتم تمثيل المتهم من قبل محام.

Case Of Shulepov V. Russie App no. 15435/03 (ECtHR 26June 2008). Voir: Fourment F., É Derlon et autres, chronique de jurisprudence de la Cour européenne des droits de l'Homme en matière pénale. Les quatre saisons de la Cour: printemps-été 2008: 1er avril 2008 30 septembre 2008, revue internationale droit pénal 79, no. 03 (Érès 2008): 483, https://doi.org/10.3917/ridp.793.0449.

[87] حددت المحكمة الأوربية الأهداف المشروعة للجوء لهذه التقنية في: "الدفاع عن النظام العام، الحماية من الجريمة، حماية الحق في الحياة، الحرية والأمن الشهود والضحايا، احترام متطلبات المحاكمة داخل أجل معقول".

[88] اعتبرت المحكمة الأوربية أن مشاركة المتهم في النقاشات بتقنية المناظرة المرئية وإن كان لا يشكل في حد ذاته تعارضًا مع الاتفاقية الأوربية؛ إلا أنه يتعين على المحكمة التأكد من كون اللجوء إليها في كل حالة معينة يسعى لتحقيق هدف مشروع، وأن كيفية اشتغالها تتلاءم مع متطلبات احترام حقوق الدفاع.

Case of Zagaria V. Italie App no. 58295/00 (ECtHR 5 November 2007).

[89] See n (56) 26.

 في قرار Maryland v Craig، اعتبرت المحكمة العليا الأمريكية أن السماح بالاستماع للقاصر عن بعد في قضية اعتداء جنسي يبقى أمرًا ممكنًا؛ لكن مع تقدير كل حالة على حدة، وفقط في ظروف محدودة جدًا وفي حال توفر مصلحة عليا للدولة من قبيل حماية ضحية قاصر من مواجهة المعتدي، في حين أن الانشغالات التي تهم الاقتصاد في النفقات لا يمكن أن تبرر اللجوء لمثل هذه التقنية.

See n (20) 218.

[90] See n (58) 01 ; Dumoulin Laurence, parlez dans le visiophone ! La distance dans lexercice des activités médicales et judiciaires, Sciences sociales et santé 26, no.03 (John Libbey Eurotext2008), https://doi.org/10.3917/sss.263.0107.

[91] Belfanti Ludocic, la visioconférence en matière pénale: entre utilité et controverses, Actualité juridique Pénal, no.04, (Dalloz 2014): 165.

[92] يرى بعض البحثين أن اللجوء لتقنية المناظرة المرئية في المحاكمة يبقى أكثر إنسانية بالنسبة إلى المتهمين في حالة اعتقال؛ إذ تجنبهم تلك الرحلة المضنية اللاإنسانية بين مكان الاعتقال والمحكمة، وساعات الانتظار في زنازين الاحتجاز، وتمتيعه بمحاكمة في أقل وقت ممكن. انظر:

Tait D, McKimmie B M and others, Towards a distributed courtroom (Research Report, Western Sydney University 2017) 49.

[93] La visio-conférence dans le prétoire: présentation, Les Cahiers de la Justice 2, no.2 (Dalloz 2011): 11, https://doi.org/10.3917/cdlj.1102.0011.

 إن قرارات القاضي تبقى خاضعة للعديد من المؤثرات من بينها تناوله لفطوره؛ حيث توصلت دراسة إلى أن قرارات القاضي قد تتأثر بالعديد من الأشياء من بينها مسألة تناوله لإفطاره من عدمه. انظر:

Danziger, Sh., J. Levav and others, Extraneous factors in judicial decisions (2011) 108 Proceedings of the National Academy of Sciences 6889.

[94] أنجزت في مقاطعة كوك بولاية إلينوي؛ حيث بدأت المقاطعة باستخدام تقنية المثول عن بعد في غالبية قضايا الجرائم من خلال إلزام المتهم بالمثول أمام المحكمة من أماكن بعيدة؛ إذ قام الباحثون سنة 2008 بدراسة أزيد من 645000 من مساطر إطلاق السراح بكفالة تمت بين الأول من يناير 1991 إلى حدود 31 ديسمبر 2007.

[95] Diamond Sh S, Patton M M and others, Efficiency and cost: the impact of videoconferenced hearings on bail decisions (2010) 100(3), Journal of criminal Law and Criminology 869-902.

[96] Ibid. 896-897.

[97] See n (92) 80.

 في هذه الدراسة، قام الباحثون بمحاكات محاكمة جنائية، تم فيها تعيين محلفين وهميين بشكل عشوائي بتشكيلات مختلفة، بما في ذلك: متهم جالس في قفص الاتهام داخل قاعة الجلسة، ومتهم جالس إلى جانب المحامي داخل قاعة الجلسة، ومتهم يمثل عن بعد وحيدًا، ومتهم يمثل عن بعد إلى جانب محاميه، كما يحضر ممثل النيابة العامة نفس الجلسة عن بعد من خلال الفيديو.

[98] Rossner M, D Tait and others, The Dock on Trial: Courtroom Design and the Presumption of Innocence (2017) 44(3), Journal of Law and Society 317.

[99] See n (58) 02.

[100] See n (01) 05.