Submitted: 2/1/2023

Reviewed: 23/2/2023

Accepted: 2/3/2023

إشكالية تحديد الأشخاص المشمولين بالمصالحة وفقًا لتشريع ضريبة الدخل الفلسطيني - دراسة تحليلية مقارنة

أحمد زياد دبك

أستاذ القانون العام المساعد، كلية الحقوق، الجامعة العربية الأمريكية، فلسطين

ahmad.dabak@aaup.edu

ملخص

تناولت الدراسة إشكالية تحديد الأشخاص المشمولين بالمصالحة وفقًا للتشريع الضريبي الفلسطيني. وهدفت إلى تحديد الأشخاص المسؤولين عن المصالحة؛ وفقًا للقرار بقانون بشأن الضريبة على الدخل الفلسطيني رقم (8) لسنة 2011، الذي جاء بنصين على المصالحة؛ الأول جاء في المادة (29/11) المتعلقة بالمصالحة في قضايا ضريبة الدخل قبل صدور الحكم القطعي بها، والثاني جاء في المادة (37/5) المتعلقة بالمصالحة عن أي فعل ارتكب خلافًا لأحكام هذه المادة، وبالرجوع إلى هذين النصين يتبين أنهما لم يأتيا بالتحديد الواضح والمحدد للأشخاص المسؤولين مدنيًا وجزائيًا، المشمولين بهما؛ مما يفسح المجال للتأويل والتوسّع في تحديد أوصافهم ونطاقهم.

توصلت الدراسة إلى نتائج وتوصيات تدور حول ضرورة عمل المشرع على مراجعة القصور في النص الضريبي المحدد لأوصاف الأشخاص المشمولين بالمصالحة الضريبية ونطاقهم، ومن ثم تحديدهم بشكل واضح ومحدّد؛ تحقيقًا لمقتضيات اليقين الضريبي.

الكلمات المفتاحية: ضريبة الدخل، المصالحة الضريبية، المنازعة الضريبية، القضايا الضريبية، الجرائم الضريبية

للاقتباس: دبك، أحمد زياد. «إشكالية تحديد الأشخاص المشمولين بالمصالحة وفقًا لتشريع ضريبة الدخل الفلسطيني - دراسة تحليلية مقارنة»، المجلة الدولية للقانون، المجلد الثاني عشر، العدد المنتظم الثاني، 2023

https://doi.org/10.29117/irl.2023.0274

© 2023، دبك، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0)تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه؛ طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.


 

Submitted: 2/1/2023

Reviewed: 23/2/2023

Accepted: 2/3/2023

The Problem of Identifying the Persons eligible for Reconciliation according to Palestinian Income Tax Legislation - A Comparative and Analytical Study

Ahmad Ziad Ahmad Dabak

Assistant Professor of Public Law, Faculty of Law, Arab American University, Palestine

ahmad.dabak@aaup.edu

Abstract

The aim of this study is to identify the persons who have the right for reconciliation according to the Palestinian Income Tax Law No. (8) of 2011, which includes two texts related to reconciliation. The first was stated in Article (29/11) regarding reconciliation in any income tax issues before a final judgment, and the second was stated in Article (37/5) regarding reconciliation for any act committed in violation of this text. Referring to these two texts, it appears that they did not provide a clear and specific definition of the individuals civilly and criminally eligible for reconciliation, which allows for interpretation and expansion in defining their characteristics and scope. The study’s findings and recommendations revolve around the necessity for the legislator to review the shortcomings in the taxation texts clearly defining the persons eligible for tax reconciliation, in order to achieve the requirements of tax certainty.

Keywords: Income tax; Tax reconciliation; Tax dispute; Tax cases; Tax crimes

Cite this article as:  Dabak A.Z.A., "The Problem of Identifying the Persons eligible for Reconciliation according to Palestinian Income Tax Legislation - A Comparative and Analytical Study," International Review of Law, Volume 12, Regular Issue 2, 2023

https://doi.org/10.29117/irl.2023.0274

© 2023, Dabak A.Z.A., licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.

 


 

المقدمة

تعد التشريعات الضريبية من أهم المجالات التي تثير الكثير من الخلافات بين الإدارة الضريبية والمكلفين حول تطبيق موادها وتفسيرها، ومن هذه التشريعات القرار بقانون بشأن ضريبة الدخل الفلسطيني رقم (8) لسنة 2011[1]، الذي تتضمن 49 مادة موزعة على ثمانية فصول، ومن بينها المادة (29) الوحيدة التي تنص على الأحكام الإجرائية القضائية الواجبة الإتباع عند رفع الدعوى الضريبية أمام المحكمة المختصة التي تتمثل بوجود محكمتين، تسمى الأولى محكمة استئناف قضايا ضريبة الدخل التي تعتبر محكمة موضوع بنظر الطعون المتعلقة بقرارات التقدير واعادة النظر القابلة للاستئناف وفقًا لأحكام هذا القرار بقانون والطعون المتعلقة بالمطالبات الصادرة عن الإدارة الضريبية المتعلقة بأي مبالغ يوجب دفعها أو اقتطاعها أو توريدها بمقتضى أحكام القرار بقانون بشأن ضريبة الدخل، والثانية محكمة النقض التي ليست بمحكمة موضوع بل هي محكمة قانون، ومن بينها أيضًا المادة (37) المتعلقة بجرائم ضريبة الدخل، إلا أن هذه المادة لم تنص على الإجراءات القضائية الواجبة الإتباع في هذه الجرائم أو المحكمة المختصة بنظر هذه الجرائم، بل اكتفت بالنص على قواعد التجريم والعقاب على من يرتكب الأفعال المحددة فيه على سبيل الحصر، فضلًا عن أنها تضمنت في طياتها القواعد الإجرائية المتعلقة بالتسوية الصلحية لهذه الأفعال.

والأصل المقرر في المنازعات الضريبية أنه لا يجوز المصالحة فيها؛ لتعلقها بالقواعد الضريبية الآمرة إلا في الأحوال المبينة في القانون[2]، باعتبارها ذات طبيعة إجرائية استثنائية[3] تلجأ إليها الإدارة الضريبية متى أجيز لها قانونًا تسويتها وديًا[4]، ذلك بخلاف منازعات القانون الخاص التي يمكن تسويتها كأصل بالاتفاق والتراضي بين أطرافها طالما أن ذلك لا يتعارض مع أحكام القانون أو النظام العام[5]، لذلك كان من الطبيعي أن نجد القرار بقانون الفلسطيني بشأن ضريبة الدخل رقم (8) لسنة 2011 موضوع هذه الدراسة قد نص صراحة على إجازة الإنهاء الودي للمنازعات الضريبية الذي أطلق عليه مصطلح المصالحة، التي أجازها في القضايا الضريبية المنظورة استئنافًا أمام محكمة استئناف قضايا ضريبة الدخل وكذلك في الجرائم الضريبية، وذلك بالنصيين الآتيين: الأول وفقًا للمادة (29/11) منه بنصها "يجوز للمدير أو من يفوضه خطيًا بالاتفاق مع المستأنف أو الطاعن بالنقض حل أي من القضايا المنظورة مصالحةً قبل صدور الحكم القطعي بها، ويخضع الاتفاق في هذه الحالة للتصديق من قبل المحكمة"، والثاني وفقًا للمادة (37/5) منه بنصها "يجوز للمدير أن يجري المصالحة عن أي فعل ارتكب خلافًا لأحكام هذه المادة ويجوز له قبل صدور الحكم أن يوقف أي إجراء متخذ وأن يجري أية مصالحة بشأنها وفقًا للمبالغ التي يحددها"، ومن هذين النصين يتضح أن هناك اختلافًا بينًا بينهما، يتمثل في أن النص الأول قد حدد الطرف الأول للمصالحة بالمدير أو من يفوضه، بينما حدد الطرف الثاني بالمستأنف أو الطاعن بالنقض، ومن ثم اشترط أن تكون هذه المصالحة في أي من القضايا المنظورة أمام المحكمة وأن تخضع لتصديقها، وذلك على عكس المصالحة الواردة في النص الثاني الذي جاء في عبارات مختلفة وأتضح من خلالها أن المصالحة تتم بإجراء من المدير دون أن يخول بتفويض صلاحياته، وأن "اللام" في لفظ "للمدير" قد أتت للتأكيد على تخصصه وتفرده بإجرائها والنفي عما عداه، كما أن هذا النص لم يحدد صفة من تجري معه المصالحة إن كان متهمًا أو محكومًا عليه بل نجد أنه حصر إجرائها في الأفعال المخالفة لأحكام المادة (37) وليس القانون، ويستفاد ذلك بنصها "فعل ارتكب خلافًا لأحكام هذه المادة"، كما لم يعبأ المشرع في النص الاخير بتصديق إجراء المصالحة من قبل المحكمة، حتى أنه لا يشترط لإجرائها أساسًا أن تكون هناك قضية جزائية منظورة أمام أية محكمة.

أهمية البحث:

تكمن أهمية البحث في أن معظم المنازعات المتعلقة بالواقعة المنشئة لضريبة الدخل وبجرائمها تحل وديًا بالمصالحة بين أطرافها، حتى أن أروقة المحاكم في فلسطين تخلو تمامًا من دعاوى ضريبية متعلقة بالجريمة، لكنه على الرغم من الأهمية البالغة للمصالحة كآلية لإنهاء هذه المنازعات، إلا أنه لم يتم تسليط الضوء عليها من جهة الباحثين بالقدر الكافي الملائم لأهميتها العملية والنظرية، ولذلك يأتي هذا البحث كي يوضح القصور التشريعي في التحديد القانوني للأشخاص المسؤولين المؤهلين للمصالحة وفقًا للتشريع الفلسطيني ومعالجته، وهو بذلك يخدم البحث القانوني الفلسطيني، ويمكن الاستفادة منه عند مراجعة التشريعات الضريبية الفلسطينية وغيرها من التشريعات المقارنة.

مشكلة البحث:

 تتركز مشكلة البحث حول ضبابية النص المحدد للأشخاص المسؤولين مدنيا أو جزائيًا المشمولين بالمصالحة الضريبية وفقًا للمادتين (29) و(37) سابقتي الذكر، حيث إن المادة (29) تشير إلى صفة هذا الشخص المسؤول ضريبيًا بلفظي "المستأنف والطاعن بالنقض"، دون تحديدهما بشكل محدد، فضلًا عن أنهما يتعارضان مع عبارات أخرى مستخدمة في صياغة المادة نفسها والمواد الأخرى، بحيث تفتح هذه الصياغة مجالًا واسعًا للاجتهاد والتأويل، بينما اكتفت المادة (37) بالنص على الأفعال المجرمة دون تحديد صفة المسؤولين جزائيًا أو تحديد نطاقهم الشخصي.

 تساؤلات البحث:

في سبيل تضييق الغرض من هذا البحث المتمثل بتحديد الأشخاص المشمولين بالمصالحة وفقًا للمادتين (29) و(37) سابقتي الذكر يطرح التساؤل الرئيس الآتي: - هل حدد المشرع الضريبي الأشخاص المشمولين بالمصالحة بشكل محدد وواضح؟ ومن هذا السؤال الرئيس يتفرع عنه التساؤلين الآتيين: - ما أوصاف هؤلاء الأشخاص؟ وما مدى توسيع المشرع الضريبي لنطاقهم الشخصي؟

منهجية البحث:

للإجابة عن التساؤلات سالفة الذكر، يعتمد الباحث على المنهج الوصفي التحليلي من خلال عرض وتحليل النصوص الضريبية التي تلزم لبيان أوصاف الأشخاص المسؤولين ضريبيًا أو جزائيًا المشمولين بالمصالحة ونطاقهم في كل من المادتين (29) و(37) سابقتي الذكر، كما يعتمد الباحث على المنهج المقارن من خلال مقارنة نصوص التشريع الضريبي الفلسطيني بالتشريعات المقارنة المصري والقطري وغيرهما، ولاسيما قانون ضريبة الدخل الأردني القديم رقم (57) لسنة 1985 وتطبيقاته القضائية باعتباره الموروث التاريخي للتشريع الفلسطيني كلما استدعى الأمر لذلك، بهدف التوصل لأوجه التشابه والاختلاف بينهما للوصول إلى أفضل الحلول لمعالجة القصور التشريعي إن وجد، وليستعين بها المشرع الفلسطيني عند تعديله للتشريع الضريبي الحالي أو سن قانون جديد.

تقسيم البحث:

وعلى ضوء ما تقدم سيتم معالجة موضوع هذا البحث في مبحثين، الأول: يتناول الأشخاص المشمولين بالمصالحة في قضايا ضريبة الدخل، والثاني: يتناول الأشخاص المشمولين بالمصالحة في جرائم ضريبة الدخل.

المبحث الأول: الأشخاص المشمولون بالمصالحة في قضايا ضريبة الدخل

أجاز المشرع الضريبي الفلسطيني لمدير دائرة ضريبة الدخل أو من يفوضه خطيًا إبرام اتفاق المصالحة مع المستأنف أو الطاعن بالنقض في أي من القضايا المنظورة أمام المحكمة المختصة سواءً أكانت محكمة استئناف قضايا ضريبة الدخل أم محكمة النقض، وهذه القضايا تحدد كأي دعوى بثلاثة عناصر هي:- الأطراف والمحل والسبب[6]، وهذه العناصر بطبيعة الحال هي التي تحدد نطاق المصالحة بما يتوافق مع وظيفتها كوسيلة بديلة لتسوية القضايا الضريبية قبل الفصل القضائي النهائي فيها، مع العلم أن الحديث عن أي عنصر من هذه العناصر يؤدي إلى تحديد العناصر الأخرى، ولكن على أية حال فإن ما يعنينا في إطار بحثنا هو محاولة بيان أوصاف الأشخاص المخاطبين بأحكام المصالحة، ومن ثم بيان مدى توسيع المشرع الضريبي للنطاق الشخصي لهؤلاء الأشخاص، وذلك على النحو الآتي:

المطلب الأول: أوصاف الأشخاص المشمولين بالمصالحة في قضايا ضريبة الدخل

قد حدد القرار بقانون بشأن ضريبة الدخل الفلسطيني رقم (8) لسنة 2011 صفة الشخص المسؤول المؤهل الذي يجوز له دون غيره إبرام المصالحة الضريبية مع الإدارة الضريبية بالمستأنف أو الطاعن بالنقض كطرف بالدعوى، وفقًا للمادة (29/11) منه التي نصت على أنه "... مع المستأنف أو الطاعن بالنقض حل أي من القضايا المنظورة مصالحةً قبل صدور الحكم القطعي بها..."، وقد حاول المشرع في هذه المادة مسايرة نص المادة (34) من قانون ضريبة الدخل الأردني القديم رقم (57) لسنة 1985 التي نصت على أنه "يجوز للمدير بالاتفاق مع المستأنف أو المميز حل بعض قضايا استئناف وتمييز ضريبة الدخل لدى المحاكم المختصة مصالحة وذلك قبل صدور الحكم القطعي بها ..."، إلا أن هذا القانون ألغي بأكمله واستبدل بالقانون الأردني رقم (34) لسنة 2014 الذي حدد طرفي المصالحة بطرفي الدعوى القائمة أمام محكمة البداية الضريبية وفقًا للمادة (45/1) منه التي نصت على أنه "يجوز لمحكمة البداية الضريبية بعد قبول الدعوى شكلًا تأجيلها باتفاق الطرفين لمرة واحدة أو أكثر لإتاحة الفرصة لحلها مصالحة على أن لا يزيد مجموع مدد التأجيل في جميع الحالات على ستين يومًا".

وفي هذا الصدد يطرح السؤال الآتي: هل المستأنف المقصود هو كل شخص قام برفع الدعوى أمام محكمة استئناف قضايا ضريبة الدخل؟

للإجابة عن هذا التساؤل، يتضح أن لفظ "المستأنف" هو من الألفاظ المجملة التي لا يتضح مدلولها إلا بالبحث عن العناصر الأخرى اللازمة لتحديدها، وفي هذا الصدد نجد أن المادة (29) الوحيدة في القرار بقانون بشان ضريبة الدخل الفلسطيني التي تضمنت القواعد الإجرائية للدعوى الضريبية، ففي الفقرة (3) من هذه المادة نجد أنها حددت موضوع الدعوى أمام محكمة استئناف قضايا ضريبة الدخل في القرارات المتعلقة بتقدير ضريبة الدخل واعادة النظر التي يجوز استئنافها بمقتضى أحكام التشريع ذاته، بنصها "أي استئناف يقدم للطعن في قرارات التقدير أو إعادة النظر في التقدير التي يجوز استئنافها بمقتضى أحكام هذا القانون" ومن هذا النص يلاحظ أن اختصاص محكمة استئناف قضايا ضريبة الدخل يكون بتقدير وعاء ضريبة الدخل الذي يعرف بالدخل (المال) الذي تفرض عليه الضريبة[7]، والذي يتمثل بمحل المصالحة، المتمثل بالتوصل إلى تسوية دين الضريبة المستحقة في ذمة المكلف التي يتم تحديدها من خلال تحديد وعائها[8]، بينما يتمثل سببها بوجود منازعة قضائية حول تقرير شرعية القرارات المتعلقة بتقدير ضريبة الدخل[9]، التي تكون مهمة المحكمة منصبة فيها على الكشف عن الحقيقة فيما إذا كانت هذه القرارات قد قدرت الضريبة على المستأنف وفقًا لأحكام القانون أم لا[10]، وفي حال تبين لها عدم شرعيتها فإنه تحكم برفضها كليًا أو جزئيًا كما لها أن تحدد بنفسها الالتزام الضريبي على المكلف[11]، ولا تتوافر هذه المنازعة إلا في حق شخص معين هو الذي يعينه القانون بالخضوع للضريبة والالتزام بأدائها بصفة أساسية[12]، وبالتالي فإن هذا الشخص هو المسؤول الذي تبرم معه المصالحة.

ولكن عند الاطلاع على نص الفقرة (3) سالفة الذكر نجد أنها أوردت موضوعًا وظيفيًا آخر لهذه المحكمة يتمثل في الطعن بالمطالبات بأي مبالغ يتوجب خصمها أو دفعها أو اقتطاعها، التي يكون الملتزم بها شخصًا آخر يقع عليه التزام باقتطاعها وأدائها وليس الخضوع لها، ويستفاد ذلك من تكملة الفقرة سالفة الذكر بنصها "...والمطالبات المتعلقة بأية مبالغ يتوجب خصمها أو دفعها أو اقتطاعها كضريبة نهائية أو دفعها على حساب الضريبة"، وفي هذا نجد أن المشرع الفلسطيني قد حاول مسايرة نص الفقرة (2) من المادة (34) من قانون ضريبة الدخل الأردني القديم رقم (57) لسنة 1985 التي نصت على أنه "... وكذلك في المطالبات المتعلقة بالغرامات والمبالغ الإضافية وأي مبالغ يتوجب خصمها أو دفعها أو اقتطاعها كضريبة نهائية أو دفعة على حساب الضريبة وفقا لأحكام هذا القانون"، ومن قراءة هذا النص يلاحظ أن التشريع الأردني القديم كالتشريع الفلسطيني قد جعل اختصاص محكمة استئناف قضايا ضريبة الدخل محددًا في مسائل وردت على سبيل الحصر، إلا إنه جاء على نحو أفضل مما جاءت به النصوص القانونية في التشريع الفلسطيني، وهذا ما سنبينه في هذا المطلب لاحقًا، ولكن ما تجب الإشارة اليه هنا أن آخر إصدار للقانون الأردني قد أحدث (محكمة البداية الضريبية) الذي وسع اختصاصها للنظر بجميع الدعاوى الضريبية سواء أكانت جزائية أم مدنية، التي لا يمنع اختصاصها في أي من المنازعات الضريبية إلا وجود نص صريح في القانون[13].

ومن هنا تبرز أهمية تحديد مفهوم لفظ "المستأنف" المنصوص عليها في الفقرة (11) من المادة سابقة الذكر؛ لأنه بتحديده وفهمه يتحدد النطاق الشخصي للمصالحة، وعليه فإننا نجد أن المشرع الضريبي الفلسطيني حدد المستأنف بالمعترض، وذلك بموجب الفقرة (6) من المادة (28) نفسها بنصها "إذا لم يحضر المعترض الجلسة المحددة للنظر في الاعتراض أو لم يوافق المقدر على الوجه المبين في الفقرة السابقة فيجوز له بقرار معلل أن يقر التقدير المعترض عليه أو يخفضه أو يزيده أو يلغيه، ويعتبر القرار الصادر بموجب هذه الفقرة قابلًا للاستئناف أمام المحكمة خلال (30) يومًا من تاريخ تبلغه إشعار التقدير". وفي تطبيق حكم هذه الفقرة نجد أن المستأنف يرفع استئنافه بنفس الصفة التي كان عليها عند صدور القرار الفاصل في الاعتراض الإداري القابل للاستئناف، وهي الصفة نفسها التي صدر فيها الحكم المنقوض، إذا كان الطاعن بالنقض هو المستأنف، وقد عبر المشرع الفلسطيني عن ذلك بقوله "2- تستأنف الأحكام والقرارات الصادرة من محكمة البداية بصفتها محكمة أول درجة أمام محكمة الاستئناف"[14]، وبذلك يعتبر قرار تقدير الضريبة المنهي لمرحلة الاعتراض الإداري بمثابة حكم قضائي ملزم صادر عن محكمة درجة أولى، وهذا الحكم يعتبر موضوع الطعن بالاستئناف أمام محكمة استئناف قضايا ضريبة الدخل باعتبارها محكمة الدرجة الثانية[15]، وتطبيقًا لذلك تقول محكمة التمييز الأردنية إنه "وقد استقر اجتهاد محكمتنا على أن إقرار المكلف أمام مقدر ضريبة الدخل في مرحلة التقدير الأولى يعتبر إقرارًا قضائيًا ملزمًا له باعتبار أن التحقيقات التي تجري أمام مأمور التقدير تعتبر بمثابة تحقيقات محكمة الدرجة ال أولى ولا يجوز الرجوع عن هذا الإقرار ولو الغي التقدير"[16]، وأمام هذه الأمر لا يبقى أمام من صدر قرار الاعتراض الضريبي الإداري ضده إلا استئنافه أمام محكمة استئناف قضايا ضريبة الدخل في المواعيد المقررة قانونًا باعتبارها محكمة درجة ثانية؛ لتصحيح ما قد يقع من المقدر في قراره من أخطاء فيه، وبقبول الاستئناف يكتسب رافعه صفة "المستأنف"، وهذه الصفة هي التي تؤهله لإتمام المصالحة، ولا مجال لتحميل كلمة "المستأنف" فوق ما تحتمل أو تأويلها أو الخروج عليها، إذ لو أراد المشرع الضريبي الفلسطيني بموجب الفقرة (3) سابقة الذكر اعتبار المطالبات جزءًا من الاستئناف لكان قد نص على ذلك بوضوح في صياغة نصها من خلال استعماله لعبارة (أي طرف في الدعوى) بدلًا من لفظ "المستأنف" أو جعل القرارات المتعلقة بهذه المطالبات محلًا للاعتراض الإداري، وبالتالي فإنه يمكننا القول بأنه ليس للطاعن بالمطالبات صفة المستأنف.

وتأكيدًا على ما تقدم يذكر أن المشرع الضريبي الفلسطيني يستعمل عبارة "التي يجوز استئنافها بمقتضى أحكام هذا القانون" طبقًا لنص الفقرة (3) سابقة الذكر ثم نص بعد هذه العبارة على عبارة "والمطالبات..."، وبالبحث في نصوص المواد الأخرى التي حددت موضوع القرارات التي يجوز استئنافها وفقًا لأحكام القرار بقانون، فإننا لا نجدها صراحة إلا في الفقرة (6) من المادة (28) من القرار بقانون سالف الذكر "التي تستعمل عبارة "قابلًا للاستئناف "بنصها "...ويعتبر القرار الصادر بموجب هذه الفقرة قابلًا للاستئناف أمام المحكمة خلال (30) يومًا من تاريخ تبلغه إشعار التقدير"، بمعنى أنه يشترط لقبول الاستئناف أمام هذه المحكمة وجوب الاعتراض الإداري المسبق، حيث إنه لا يقبل الطعن القضائي إلا بعد انتهاء مرحلة الاعتراض الإداري التي تأتي بتقدير الضريبة وتحديد مقدار دينها المستحق في ذمة المكلف[17]، ثم تأتي مرحلة الاستئناف القضائي التي تأتي بعد انتهاء مرحلة الاعتراض الضريبي، ويكون لهذا القضاء الموضوعي الإبقاء على تقدير الضريبة أو تعديلها بالزيادة أو النقصان[18].

أما بالنسبة إلى قرار إعادة النظر في التقدير الصادر عن الوزير أو الموظف المفوض من قبله خطيا فنجد أن أحكام الفقرة (3) من المادة (26) لم تستعمل عبارة (قابلًا للاستئناف) كما في النص السابق، لكنها تستعمل عبارة "قابلًا للطعن لدى المحكمة"، وقد تبين ذلك بنصها "يعتبر القرار الصادر وفق أحكام هذه المادة قابلًا للطعن لدى المحكمة خلال..."، وعليه فإن هذه العبارة التي أوردها في هذا النص لا تتطابق مع نص الفقرة (3) من المادة (29) سابقة الذكر، ربما يعود سبب ذلك إلى المشرع الذي يعتمد على النقل المتقطع من نصوص قوانين الدول الأخرى، الأمر الذي يجعلنا نرى هذه النصوص بتلك الصورة غير المتكاملة، حيث إن المشرع اقتطع النص السابق من المادة (33/ج) من قانون ضريبة الدخل الأردني القديم سابق الذكر التي كانت تستعمل عبارة (قابلًا للاستئناف) بنصها "يعتبر القرار الصادر وفق أحكام هذه المادة بزيادة الضريبة أو تثبيتها أو تخفيضها قابلًا للاستئناف".

وكذلك الشأن بالنسبة إلى القرارات الصادرة في الاعتراض المتعلق في تقدير ضريبة الدخل المقطوعة، وذلك طبقًا للمادة (34/5) من القرار بقانون الفلسطيني التي تستعمل عبارة "قابلًا للطعن لدى المحكمة"، وليس عبارة (قابلًا للاستئناف)، وذلك بنصها "... ويكون القرار الصادر بعد النظر بالاعتراض قابلًا للطعن أمام المحكمة"، على عكس المادة (32/هـ) من قانون ضريبة الدخل الأردني رقم (57) لسنة 1985 التي جاءت بعبارة "قابلًا للاستئناف" بنصها "يعتبر القرار الصادر من المدير وفقًا لأحكام هذه المادة قابلًا للاستئناف لدى محكمة استئناف قضايا ضريبة الدخل".

والمفارقة المثيرة للتأمل إننا لا نجد هذا التحديد في الطاعن بالنقض المشمول أيضًا بالمصالحة الضريبية، حيث إن المشرع الضريبي الفلسطيني لم يقيد اختصاص محكمة النقض بأحكام معينة ولا بنطاق موضوعي معين، بل نجد أن المادة (29/10) منه قد أجازت الطعن بطريق النقض في كل القرارات والأحكام الصادرة من محكمة استئناف قضايا ضريبة الدخل، دون أن يحدد موضوع هذه القرارات أو الأحكام إذا ما كانت تتعلق بالقرارات القابلة للاستئناف أو بالمطالبات المالية، ويستفاد ذلك بنصها "كل حكم أو قرار تصدره المحكمة يكون قابلًا للطعن بالنقض خلال (30) يومًا من تاريخ تفهمه أو تبلغه وفقًا لنظام استئناف ونقض قضايا ضريبة الدخل الصادر بمقتضى أحكام هذا القرار بقانون"، على عكس قانون ضريبة الدخل الأردني القديم رقم (57) لسنة 1985 الذي كان النص فيه أكثر وضوحًا من النص الفلسطيني عندما حدد القرارات القابلة للتمييز (النقض) فقط في قرارات تقدير الضريبة أو إعادة النظر من قبل الوزير أو من يفوضه خطيًا القابلة للاستئناف، وذلك وفقًا للمادة (34/ز) منه بنصها "يكون كل حكم او امر تصدره المحكمة في هذا الصدد نهائيًا وغير قابل للتمييز إلا إذا تجاوز مبلغ ضريبة الدخل المقدرة من قبل المدير او الوزير او الموظف المفوض من قبله الف دينار قبل إجراء أي تقاص".

والغريب في حكم المادة (29/10) سابقة الذكر أن المشرع الضريبي الفلسطيني جعل اختصاص محكمة النقض غير مقيد بنطاق شخصي محدد، بل نجد أنه جعل باب الطعن مفتوحًا أمامها بالنسبة إلى كل من كان طرفًا بالقرارات والأحكام الصادرة عن محكمة استئناف قضايا ضريبة الدخل سواءً أكانت تتعلق هذه الأحكام المطعون فيها بالقرارات القابلة للاستئناف أم بالمطالبات، ومن هنا يحق لنا أن نتساءل: كيف يكون للطاعن بالنقض أن يتصالح في غير القضايا المتعلقة بالقرارات القابلة للاستئناف؟!

وهناك إشكال واشتباه آخر فيما يتعلق بتحديد الطاعن بالنقض، بحيث يفقد الطرف الذي كسب الدعوى الحق بالطعن بالنقض، فعندما يحكم للمستأنف بجميع طلباته، فإن الإدارة التي خسرت الدعوى هي الطاعن بالنقض، ويستفاد ذلك من المادة (6) من قرار مجلس الوزراء رقم (140) لسنة 2005م بنصها "على الطاعن - إذا كان هو المكلف- أن يدفع عند تقديم لائحة النقض..."، ولكن بالرجوع إلى عبارة "يجوز للمدير أو من يفوضه خطيًا بالاتفاق مع المستأنف أو الطاعن بالنقص" فإنه يكون لنا أن نتساءل: كيف يمكن للمدير أن يبرم المصالحة مع نفسه إذا كان الطاعن بالنقض هو الإدارة الضريبية؟ في سبيل الإجابة عن هذا التساؤل نقول إن المصالحة لا تكون إلا في حالة كان المستأنف هو الطاعن بالنقض، ولكن في المقابل لا يوجد نص يقيد الطعن بالنقض بمن كان مستأنف في دعوى الاستئناف، وفي هذه الحالة فإنه يتعين على المشرع الضريبي الفلسطيني التدخل لتحديد الشخص المتصالح معه في حالة كان الطاعن بالنقض هي الإدارة الضريبية وليس المستأنف.

وعلى ضوء العرض السابق يتضح أن التشريع الضريبي الفلسطيني يشوبه نوع من الغموض والتعارض؛ لافتقار نصوصه السابقة الذكر إلى الكثير من الكمال والدقة، الأمر الذي يصعب معه تحديد أوصاف المستأنف أو الطاعن بالنقض المشمولين بالمصالحة بشكل محدد وواضح، فضلًا عن أن هناك تعارضًا ظاهرًا بين النصوص الواردة فيه التي تظهره بصورة متقطعة غير متكاملة، وهذا على عكس ما جاء به التشريع الأردني من نصوص متماسكة، لذلك فإننا نأمل من المشرع الفلسطيني أن يعيد النظر في الألفاظ والعبارات التي استعملها في المادة (29) سابقة الذكر بخصوص تحديد أوصاف الأشخاص المشمولين بالمصالحة، ولذلك نقترح أن يستعمل المشرع الضريبي عبارة (المكلف الخاضع للضريبة ) إذ إن هذه العبارة أدق في المفهوم والمؤدى من العبارات المستخدمة في النص الحالي الذي يستعمل عبارة "المستأنف أو الطاعن بالنقض"، وذلك حتى يتم تحديد النطاق الشخصي للقضايا المشمولة بالمصالحة دون توسيع أو تضييق، وهذا ما سيتم توضيحه في المطلب الثاني.

المطلب الثاني: توسيع نطاق الأشخاص المشمولين بالمصالحة في قضايا ضريبة الدخل

إن المشرع الضريبي الفلسطيني لم ينظم مسألة من لهم حق المثول أمام الإدارة الضريبية لإبرام المصالحة الضريبية في اي من القضايا المرفوعة أمام القضاء الضريبي المختص، بل نجد أنه اكتفى كما سبق أن بينا بالمستأنف والطاعن بالنقض، وعليه فإنه يتعين عند المصالحة التقييد بنطاق الدعوى من حيث أشخاصها بألا يجاوز حدها الشخصي بإبرامها مع شخص غير المستأنف أو الطاعن بالنقض، و"المستأنف" طبقًا للمادة (28/1) من القرار بقانون بشأن ضريبة الدخل رقم (8) لسنة 2011 هو "المكلف"، وذلك بنصها "للمكلف الذي قدرت عليه الضريبة وفقًا لأحكام المادة (21) من هذا القرار بقانون ولم يوافق على التعديلات أو التقدير أن يعترض على هذا التقدير خطيًا..."، وعليه فإن النطاق الشخصي للقضايا الضريبية المتعلقة بتقدير الضريبة أمام محكمة استئناف قضايا ضريبة الدخل تنحصر بالمكلف، وهو نفسه الذي له حق الطعن بالنقض في حالة خسارته الدعوى أمام محكمة استئناف قضايا ضريبة الدخل، ويعتبر هذا الأمر في الحقيقة تطبيقًا لقاعدة نسبية أثر الأحكام بالنسبة إلى الخصوم، التي بموجبها لا تنتقل آثار الحكم لغير أطراف الدعوى الصادر فيها، ونتيجة لذلك فإن المصالحة تكون قاصرة على النزاع محل الاستئناف، ولا يمكن أن تشمل باقي المنازعات بين المكلف والإدارة الضريبية، كما أن المصالحة تكون قاصرة على سنوات النزاع التي تمت بشأنها المصالحة ولا تمتد لسنوات أخرى لم تشملها المنازعة[19]،

ولكن بتطبيق حكم المادة (28/1) سالفة الذكر نجد أن لفظ "المكلف" وفقًا لتفسير المادة (1) منه قد جاء بتعداد غير مبرر عندما عرفه بأنه "كل شخص ملزم بدفع الضريبة أو اقتطاعها أو توريدها بموجب أحكام هذا القرار بقانون"، وهذا على خلاف قانون ضريبة الدخل المصري رقم 91 لسنة 2005 الذي جاء بتعريف محدد للممول (المكلف) عندما حدده بالشخص الخاضع للضريبة فقط، وذلك وفقًا للمادة (1) منه التي نصت على أنه "الشخص الطبيعي أو الشخص الاعتباري الخاضع للضريبة وفقًا لأحكام هذا القانون"، وكذلك المشرع القطري الذي أحسن صنعًا عندما سلك مسلك المشرع المصري عندما حصره بالشخص الخاضع للضريبة وفقًا للمادة (1) من قانون ضريبة الدخل القطري التي عرفته بأنه "كل شخص طبيعي أو معنوي خاضع للضريبة وفقًا لأحكام هذا القانون"، ولكن بالرجوع إلى تعريف المشرع الفلسطيني للمكلف يلاحظ عدم فصله بين المكلف الخاضع للضريبة وبين المكلف باقتطاعها وتوريدها، الأمر الذي يؤدي إلى الإرباك وعدم الاستطاعة في التحديد الدقيق للملزم بتقديم الإقرار الضريبي، الذي ربما يفسر على أنه ينصرف إلى كل شخص سواءً أكان الخاضع للضريبة الذي يسمى بالمكلف القانوني أم الملزم باقتطاعها وتوريدها الذي يطلق عليه اسم المكلف الاقتصادي[20].، إلا أن ذلك ليس دقيقًا، وذلك لأن الالتزام بتقديم الإقرار الضريبي لا يشمل في الواقع المكلفين باقتطاعها وتوريدها الذين تنطبق عليهم أحكام المادة (31) منه التي نصت على أنه "3- يتوجب على صاحب العمل أو المسؤول عن دفع راتب أو أجر أو علاوة أو مكافأة وما في حكمهما، أن يخصم عند دفعها الضريبة المستحقة وتوريدها للدائرة بموجب كشف تفصيلي وذلك خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ الدفع". ومن هذا النص يلاحظ أن رب العمل ملزم بتقديم كشف تفصيلي يبين فيه الاقتطاعات الضريبية التي اقتطعها من الرواتب والأجور المدفوعة من قبله، وهذا الالتزام يعد التزامًا مستقلًا عن تقديم الإقرار الضريبي الذي يعتبر التزامًا يكشف عن الشروط التي يطلبها القانون للخضوع للضريبة (الواقعة المنشئة للضريبة)، وبالتالي لا يقدمه إلا الخاضع للضريبة[21]، للكشف عن الواقعة المنشئة للضريبة التي تحققت فيه[22]، وعليه لو سلك المشرع الضريبي الفلسطيني مسلك المشرعين المصري والقطري لكان المكلف هو الخاضع للضريبة، وبالتالي يكون هو المسؤول الأصلي عن تقديم الإقرار الضريبي.

ومن غرائب القرار بقانون بشأن الضريبة على الدخل الفلسطيني رقم 8 لسنة 2011 أنه رغم أن المادة (28/1) منه سالفة الذكر جعلت الاعتراض مقصورًا على المكلف، إلا أننا نجد من ناحية أخرى أن المادة (18) من التشريع نفسه لم تجعل تقديم الإقرار الضريبي مقصورًا على المكلف بل نجد أنها وسعت النطاق الشخصي لتقديم الإقرار الضريبي ليشمل الغير، الذين تم تحديدهم بالورثة في حال توفي المكلف قبل أن يقدم إقراره الضريبي، ومصفي الشركة، ويستفاد ذلك بنصها "1. بموجب أحكام هذا القرار بقانون يلزم كل مكلف بتقديم الإقرار الضريبي المعزز بالمستندات والمعلومات اللازمة. 2. على الأشخاص المعفاة دخولهم من الضريبة بموجب التشريعات الاستثمارية السارية المفعول تقديم الإقرار الضريبي. 3. على الورثة أو من يمثلهم تقديم الإقرار الضريبي عن مورثهم خلال (6) أشهر من تاريخ الوفاة ودفع الضريبة المترتبة قبل توزيع التركة. 4. على كل مصفٍ لأي شركة أن يبلغ الدائرة خطيًا ببدء إجراءات التصفية؛ لبيان وتثبيت المبالغ الضريبية المستحقة على الشركة، ويقدم إقرارًا ضريبيًا عن الشركة المكلف بتصفيتها ويلزم بدفع الضريبة حال استحقاقها وفق أحكام هذا القرار بقانون".

ولكن، قد يثار في حالة حدوث الوفاة والتصفية اثناء سير الدعوى التساؤل الآتي: هل يطبق حكم المادة (18) سالفة الذكر على هذه الحالة؟

للإجابة عن هذا التساؤل، نجد أن حكم المادة سالفة الذكر ينطبق على تحديد النطاق الشخصي لإجراء تقديم الإقرار الضريبي ولا ينطبق على تحديد النطاق الشخصي للإجراءات القضائية، حيث إن القرار بقانون بشأن الضريبة على الدخل الفلسطيني رقم (8) لسنة 2011 قد خلا من معالجه وفاة المستأنف أو البدء باتخاذ إجراءات التصفية أثناء المحاكمة، وكذلك نجد أن قانون ضريبة الدخل المصري رقم (91) لسنة 2005 قد خلا أيضًا من معالجة هذا الموضوع، ولكن بالرجوع إلى قانون الإجراءات الضريبي المصري رقم (206) لسنة 2020 نجد أنه ألزم ورثة الممول المتوفى إخطار المأمورية الضريبية عن وفاة مورثهم (الممول) خلال ستين يومًا من تاريخ الوفاه وفقًا للمادة (28) منه، وبدون أن يلزم المأمورية أو المحكمة المختصة إخطار الورثة بانقطاع السير بالخصومة القائمة من قبل مورثهم أو بإدخالهم بالدعوى، بينما نجد أن قانون ضريبة الدخل الأردني رقم (34) لسنة 2014 قد راعى خصوصية المنازعة الضريبية بالنص على توقف الدعوى الضريبية لوفاة المكلف أو إفلاسه أو تصفيته أثناء نظر الدعوى الضريبية، ثم الزمهم بمتابعة السير في الدعوى خلال ستة أشهر من تاريخ تبليغهم من قبل المحكمة، ويستفاد ذلك من المادة (46/د) منه بنصها "د- توقف الدعوى لوفاة المكلف أو إفلاسه أو تصفيته أثناء النظر فيها من المحكمة، ويتوجب على الورثة أو وكيل التفليسة أو المصفي متابعة السير في الدعوى خلال ستة أشهر على الأكثر من تاريخ تبليغهم من المحكمة وفق قانون أصول المحاكمات المدنية، وفي حال عدم متابعة السير فيها يكتسب القرار المطعون فيه الدرجة القطعية".

وفي هذا الصدد، نجد أن المادة (29/2) من القرار بشأن الضريبة على الدخل الفلسطيني قد وسعت من نطاق إجراءات التقاضي بالنص على الإحالة إلى أحكام قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية بنصها "تطبق أحكام قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية فيما لم يرد به نص في هذا القرار بقانون والأنظمة الصادرة بموجبه"، وبالرجوع إلى هذا القانون نجد أنه أعطى للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصم تبليغ ورثة المتوفى أو من يقوم مقامه وذلك طبقًا للمادة (84) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني رقم (2) لسنة 2001، وبالرجوع كذلك إلى مواد 128و 129و 130و 131 منه نجد أنها لا تمييز بين المستأنف أو المستأنف عليه، حيث جاءت بأحكام انقطاع السير بالخصومة بوفاة أحد الخصوم أو بفقده أهليته أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من النائبين، كما جاء في أحكام المادتين (128و 129) منه بأن انقطاع السير بالخصومة لا يكون إذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها، وتعتبر الدعوى مهيأة للحكم فيها متى كان الخصوم قد أبدوا مرافعاتهم وطلباتهم الختامية في جلسة المرافعة قبل الوفاة، أو فقدان أهلية الخصومة أو زوال الصفة[23]، وتسقط الدعوى طبقًا للمادة (132) منه بناءً على طلب صاحب المصلحة في حالة انقطاع سيرها وعدم السير فيها بعد انقضاء ستة أشهر، التي تبدأ من اليوم الذي قام فيه من يطلب الحكم بسقوط الخصوم بإعلان ورثة خصمه بوجود الدعوى بينه وبين خصمه الاصلي وذلك طبقا للمادة (133) منه.

كما لاحظنا أن المشرع قد جعل تقديم الاعتراض مقصورًا على المكلف طبقًا للمادة (28/1) سالفة الذكر، إلا أن هذا الأمر لا يؤدي إلى التكامل مع المادة (27) من التشريع الضريبي نفسه، التي أجازت للمكلف أن ينيب عنه خطيًا أي شخص آخر لتمثيله أمام الدائرة الضريبية، أي أنها لا تشترط في المناب أن يكون محاميًا، بل يمكن أن يتسع ليشمل أي شخص سواءً أكان من المحامين أم المحاسبين القانونين أم غيرهم[24]، ويستفاد ذلك بنصها "1. لأي شخص أن ينيب عنه خطيًا شخصًا آخر؛ لتمثيله أمام الدائرة في أي إجراء من إجراءات تقدير دخله المنصوص عليه في هذا القانون، وتحدد شروط الإنابة بموجب تعليمات تصدر لهذه الغاية"، بالمقابل نجد أن المشرع المصري كان موفقًا بإيراده عبارة "الممول أو من يمثله قانونا"، متلافيًا بذلك أي خلاف في ذلك، وذلك في المادة (83) من قانون ضريبة الدخل رقم (91) لسنة 2005 بنصها "ويوقع الإقرار من الممول أو من يمثله قانونًا، وإذا أعد الإقرار محاسب مستقل فإن عليه التوقيع على الإقرار مع الممول أو ممثله القانوني، وإلا اعتبر الإقرار كأن لم يكن"، وكذلك المادة (29) من قانون الإجراءات الضريبي المصري الموحد رقم (206) لسنة 2020 بنصها "يلتزم كل ممول أو مكلف أو من يمثله قانونًا، بأن يقدم إلى ‏مأمورية الضرائب المختصة إقرارًا عن الفترة الضريبية على النموذج ‏المعد لهذا الغرض". وعليه، يتعين على المشرع الفلسطيني ادخال عبارة "أو من ينيبه عنه" بعد كلمة المكلف وذلك بسلوك مسلك المشرع الضريبي في مصر.

كما ضيق المشرع الضريبي الفلسطيني النطاق الشخصي للأشخاص المراجعين للدائرة الضريبية طبقًا للمادة (44) منه، التي منعت موظفي دائرة ضريبة الدخل من مراجعتها في أي معاملة أو قضية لمدة سنة من انتهاء خدمتهم منها، دون أن تحدد المسمى أو التصنيف الوظيفي لهذا الموظف المنتهية ولايته منها، ويستفاد ذلك بنصها "4. يحظر على الموظف الذي انتهت خدمته في الدائرة مراجعة الدائرة لمدة سنة من نهاية الخدمة في أي معاملة أو قضية خلاف المعاملة أو القضية الخاصة به"، وذلك على خلاف قانون ضريبة الدخل الأردني (34) لسنة 2014 الذي حدد النطاق الشخصي للمنع في "المدقق" الذي انتهت خدمته، وكذلك حدد نطاقه الموضوعي في أي قضية سبق له تدقيقها أو تقديرها، وذلك طبقا للمادة (70) منه بنصها "ب- يحظر على المدقق الذي انتهت خدمته في الدائرة مراجعة الدائرة وإبداء رأي أو مشورة في أي قضية سبق له تدقيقها أو تقديرها".

كما يلاحظ أنه يمنع مثول المكلف أمام محكمة استئناف قضايا ضريبة الدخل بنفسه إلا بواسطة محامي، كما أن لائحة الاستئناف لا تعتبر صحيحة إلا إذا وقعت من أحد المحامين الموكل من المستأنف بموجب وكالة خاصة، وهذا إجراء شكلي جوهري يترتب على إغفاله البطلان[25]، وهذا الشرط قد جاء طبقًا لصريح المادة (3)/2) من قرار مجلس الوزراء رقم (140) لسنة 2005 بلائحة أصول المحاكمات الضريبية في استئناف ونقض قضايا ضريبة الدخل التي نصت على أنه "لا يجوز للمستأنف تحت طائلة البطلان توقيع لائحة الاستئناف أو المثول أمام المحكمة إلا بواسطة محامٍ يوكل لهذه الغاية"، إلا أنه يحظر على المحامي المثول أمام القضاء في اية دعوى في حالة كان من الموظفين الذين تركوا الخدمة في لإدارة الضريبية ثم امتهنوا مهنة المحاماة، وذلك خلال سنة من تركه العمل فيها عملًا بالمادة (9) من قانون بشأن تنظيم مهنة المحاماة الفلسطيني رقم (3) لسنة 1999م بنصها "يحظر على المحامي قبول الوكالة بنفسه أو بواسطة محام آخر في الأحوال التالية: 1- في أية دعوى ضد أي من المؤسسات العامة أو الخاصة خلال سنة من تاريخ تركه العمل فيها"، وفي هذا الصدد نجد أن مجلس الدولة المصري قد شدد على أن المحامي لا يستطيع التصالح في المنازعات الإدارية دون الحصول على توكيل خاص بذلك[26].

كما نجد أن القرار بقانون بشأن الضريبة على الدخل قد وسع من نطاق المكلف ليشمل الشخص الطبيعي والشخص المعنوي، وذلك طبقًا للمادة (1) منه التي عرفت الشخص بأنه "الشخص الطبيعي أو المعنوي"، ومن ثم عرفت الشخص الطبيعي بأنه "المكلف الفرد أو الشريك في شركة التضامن أو شركة التوصية البسيطة وأية شركات أشخاص يحددها القانون". ومن هذا التعريف يلاحظ أن الشخص الطبيعي هو الفرد والشريك المتضامن في شركات التضامن وشركات التوصية البسيطة باعتبار دين الضريبة شخصي على كل شريك، وذلك لأن الضريبة تفرض على كل شريك شخصيًا بمقدار نصيبه في أرباح الشركة[27]، أي أنها لا تعد شخصًا معنويًا مثل شركات الأموال والجمعيات، وهذا ما تأكد في المادة (1) سابقة الذكر عندما عرفت الشخص المعنوي بأنه "كل إدارة أو مؤسسة يمنحها القانون شخصية معنوية؛ كالجمعيات على اختلاف أنواعها والشركات المساهمة العامة أو ذات المسؤولية المحدودة وشركات التوصية بالأسهم والشركات الأجنبية سواء كانت مقيمة أو غير مقيمة"، ومن هذا التعريف يلاحظ أنه لم يتضمن شركات التضامن أو التوصية البسيطة، ليس هذا فقط بل نجد أن هذا التعريف لم يشر إلى الدولة التي اختلف الفقه حول خضوعها للضريبة بين مؤيد ومعارض[28]، كما أنه لم يشر للأشخاص المعنوية العامة الأخرى التي نص قانون ضريبة الدخل المصري رقم (91) لسنة 2005 طبقًا للمادة (48/3) منه على فرض ضريبة على ما تزاوله هذه الأشخاص من نشاط خاضع للضريبة، أي أن هذه التعريف قد أورد بعض الأشخاص المعنوية الخاصة وهي الجمعيات والشركات المساهمة العامة وذات المسؤولية المحدودة وشركات التوصية بالأسهم وجميع الشركات الاجنبية سواء أكانت من شركات الأشخاص أم الأموال، وعليه يكون وجود الشخص المعنوي بافتراض القانون وله إرادة مفترضة المتمثلة بإرادة الشخص الطبيعي الذي يمثله، وهذا الشخص الطبيعي هو الذي يكون مشمولًا بالمصالحة[29]، ولكن ما يؤخذ على المشرع الضريبي الفلسطيني عدم نصه على من ينوب عن الشخص المعنوي الخاضع للضريبة في تنفيذ التزاماته الضريبية، على خلاف القوانين الضريبية عمومًا التي حددت من ينوب عنه كالتشريع السوداني الذي حدده بالمدير العام، بينما وسع التشريع العراقي في تحديد من ينوب عنه بالمدير العام أو المحاسب أو أحد كبار موظفي الشخص المعنوي[30]، وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أننا نستحسن ما فعل المشرع السوداني بشأن تحديد من ينوب عن الشخص المعنوي بالمدير العام؛ لأن تعداد المشرع العراقي له كان غير مبرر؛ لأنه يؤدي إلى الإرباك وعدم الاستطاعة في تحديد الشخص الذي ينوب عن الشخص المعنوي.

والخلاصة أن نطاق إبرام المصالحة في قضايا ضريبة الدخل يشوبه القصور التشريعي في حالتي المكلف ومن يمثله قانونًا، لذلك فعلى وجه العموم يرى الباحث أنه يتعين على المشرع التدخل وضع ضوابط محددة للأشخاص المشمولين بالمصالحة وذلك حسب الأحوال، ومن ناحية أخرى نجد أن التشريع الضريبي الفلسطيني لم ينص - أسوة بالتشريعات العربية المقارنة - على ربط أو توقف تسوية القضايا الضريبية المتعلقة بتقدير الوعاء الضريبي بتسوية المسائل الجزائية المتعلقة في جرائم ضريبة الدخل، وعليه رأى الفقه أنه لا آثار مترتبة على التصالح في الجرائم الضريبية بالنسبة إلى الدعوى المدنية الضريبية[31]، إلا إننا في المبحث التالي سنتناول الأشخاص المشمولين بالمصالحة الجزائية الضريبية.

المبحث الثاني: الأشخاص المشمولين بالمصالحة في جرائم ضريبة الدخل

وقد أجاز المشرع الضريبي الفلسطيني لمدير عام دائرة ضريبة الدخل إجراء المصالحة في أي فعل ارتكب خلافًا لأحكام المادة (37) من القرار بقانون بشأن ضريبة الدخل رقم (8) لسنة 2011، بنصها "عن أي فعل ارتكب خلافًا لأحكام هذه المادة ..."، وقد حاول المشرع في هذه المادة مسايرة نص المادة (44) من قانون ضريبة الدخل الأردني رقم (57) لسنة 1985 بنصها "...عن أي فعل ارتكب خلافًا لأحكام هذا القانون..."، ومن هذين النصين يتضح أن المشرع استبدل عبارة (لأحكام هذا القانون) بعبارة (لأحكام هذه المادة) مع أن هذه المادة قد سردت الأفعال المخالفة لأحكام القرار بقانون سالفة الذكر على سبيل الحصر، دون أن يشترط أي من النصيين الفلسطيني والأردني إجراء المصالحة الضريبية بتحريك دعوى جزائية ضريبية بخلاف المصالحة المدنية الضريبية كما سبق وأن بينا، ولذلك سنحاول في هذا المبحث إبراز الأوصاف القانونية للأشخاص المخاطبين في هذه الأفعال التي تمثل النطاق الموضوعي للمصالحة، ومن ثم نحاول الكشف عن مدى توسيع المشرع الضريبي للأشخاص المشمولين بالمصالحة، وذلك على النحو الآتي:-

المطلب الأول: أوصاف الأشخاص المشمولين بالمصالحة في جرائم ضريبة الدخل

لم يتضمن القرار بقانون بشأن الضريبة على الدخل رقم (8) لسنة 2011 نصًا على أوصاف الأشخاص المشمولين بالمصالحة في جرائم ضريبة الدخل، بل نجد أنه اكتفى بربط إجراء المصالحة بالفعل المخالف لأحكام المادة (37) منه، ويستفاد ذلك من نصها أنه "5- يجوز للمدير أن يجري المصالحة عن أي فعل ارتكب خلافًا لأحكام هذه المادة، ويجوز له قبل صدور الحكم أن يوقف أي إجراء متخذ..."، إلا أن هذه المادة لم تتضمن تفسيرًا لطبيعة إجراء المصالحة كما لم تنص على ترتيب إجرائها أثرًا في مجال الإجراءات الجنائية، وهو إنهاء الدعوى الجزائية الضريبية، وقد حاز إجراء المصالحة على اهتمام الكثير ممن سعو بالبحث عن طبيعته القانونية[32]، وقد عرضت هذه المسألة حديثًا على إدارة الفتوى في مجلس الدولة المصري التي رأت أنها تصرفًا إجرائيًا ذو طبيعة جنائية لما لهذا الإجراء من أثر في انقضاء الدعوى العمومية المتعلقة بالجريمة الضريبية بقولها "... إن التصالح في شأن الجرائم الضريبية يعد تصرفًا جنائيًا من قبيل الإجراءات التي تتساند لتعيين مصير الجريمة أما بتحريك الدعوى العمومية في مواجهتها وإما بعدم إقامتها مع الالتزام بما يقتضه القانون، ولذا فإن التصالح من ذات الطبيعة القانونية التي تتسم بها كافة إجراءات إقامة الدعوى العمومية من وجهة طابعها الجنائي، حيث تسود مفاهيم قانون العقوبات وأصوله العامة الضابطة لأحواله، فإذا كان ذلك كذلك صار القانون الحاكم لأمر التصالح هو قانون الواقعة الإجرامية الحاصلة، فالقانون الذي تحدث فيه هذه الواقعة يتعين حكمًا لضبط شئون التجريم والعقاب المتعلقة بها فإذا ما لاح احتمال صلح - حسب مقتضيات الصالح العام- تعين أن يكون محكومًا -بدوره- بأحكام هذا القانون دون غيره..."[33].

وبالرجوع إلى المادة (37) سالفة الذكر التي تمثل القاعدة القانونية الأساسية في التجريم والعقاب نجد أنها لم تحدد أوصاف الشخص الذي تجري المصالحة معه، بل اكتفت باشتراط حصول الفعل المخالف لأحكامها، وذلك على خلاف المادة (29) التي سبق أن بينا أنها حددت أوصاف الأشخاص المؤهلين بالمصالحة بالمستأنف أو الطاعن بالنقض، كما أنها لم تربط جواز إجراء المصالحة بوجود دعوى جزائية حتى يمكننا وصف المتصالح معه بالمتهم أو المحكوم عليه، بل نجد أنها اشترطت إجرائها قبل صدور الحكم بقولها "ويجوز له قبل صدور الحكم أن يوقف أي إجراء متخذ وأن يجري المصالحة"، دون أن يشترط لإجرائها وجود دعوى، مع العلم أنه عمليًا لا يتم إحرائها إلا بعد تحريك الدعوى الجزائية الضريبية، وذلك على خلاف قانون ضريبة الدخل المصري رقم (91) لسنة 2005 الذي استخدم في المادة (138) منه عبارة "في أي حالة تكون عليها الدعوى قبل صدور حكم بات فيها"، التي يلاحظ أنها تشترط لإجراء التصالح الجزائي الضريبي وجود دعوى جزائية ضريبية لم يصدر حكم بات فيها، إلى أن جاءت المادة (75) من قانون الإجراءات الضريبية الموحد المصري رقم (206) لسنة 2020 التي أجازت التصالح الضريبي في الجرائم الضريبية قبل تحريك الدعوى، كما أنها أجازته حتى بعد صدور الحكم البات، ويستفاد ذلك بنصها "يجوز للوزير أو من يفوضه التصالح في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون أو القانون الضريبي، وعلى من يرغب في التصالح أن يدفع قبل رفع الدعوى الجنائية مبلغًا يعادل (100٪)... ولا يسقط الحق في التصالح برفع الدعوى الجنائية إلى المحكمة المختصة إذا دفع (150٪) من قيمة المستحقات الضريبية طبقًا لهذا القانون أو القانون الضريبي، وذلك قبل صدور حكم في الموضوع، فإذا صدر حكم بات جاز التصالح نظير دفع (175٪) من قيمة المستحقات الضريبية طبقًا لهذا القانون أو للقانون الضريبي".

كما أن المادة (37) من القرار بقانون الفلسطيني سالفة الذكر لم تحدد طبيعة الفعل الذي ارتكب خلافًا لأحكام هذه المادة كموضوع للمصالحة الجزائية الضريبية، ولكن بالرجوع إلى هذه المادة نجد أنها أوردت أفعال التهرب من ضريبة الدخل على سبيل الحصر من دون أن تحدد طبيعتها، فكانت بذلك محل خلاف بين اساتذة وفقهاء القانون الضريبي، فهناك من رأى بأنها ذات طبيعة جنائية عادية[34]، بينما رأى آخرون بأنها صورة من صور الجرائم الاقتصادية التي قد ترتكب من المكلف نفسه باتخاذه سلوك من شأنه أن يؤثر على خزينة الدولة، كما أنه يمكن ارتكابها من غير المكلف كمساهمة المحاسب مع المكلف في ارتكابها مما يؤثر على إيرادات الدولة من الضرائب[35]، وكذلك هناك من رأى بأنها ذات طبيعة إدارية[36]، بينما الرأي الراجح -الذي نؤيده- يذهب إلى اعتبارها جريمة ذات طبيعة جنائية خاصة، باعتبار أن أساسها هو قانون الضريبة على الدخل الخاص بها، وأن المرجع العام فيما لم يرد فيه نص خاص هو القانون الجنائي العام[37].

وكما هو حال غالب التشريعات يلاحظ أن المشرع الضريبي الفلسطيني لم يضع تعريفًا للجريمة الضريبية محددًا فيه كل العناصر والأوصاف اللازمة لقيامها، بل اكتفى بتحديد بعض الأحكام الموضوعية لأفعال التهرب من ضريبة الدخل طبقًا للمادة (37) سالفة الذكر، بخلاف بعض التشريعات الضريبية التي عرفت "التهرب الضريبي" الذي ركز على الجانب المادي للجريمة وإهمالها تحديد الجانب الشخصي أو تحديد صفة الجاني؛ كقانون ضريبة الدخل الأردني رقم (34) لسنة 2014 وتعديلاته وفقًا للمادة (1) منه التي عرفته بأنه "استعمال أساليب احتيالية تنطوي على غش أو خداع أو تزوير أو إخفاء البيانات أو تقديم بيانات وهمية أو المشاركة في أي منها قصدا بهدف عدم دفع الضريبة أو التصريح عنها، كليًا أو جزئيًا أو تخفيضها وفق ما هو محدد في هذا القانون".

كما اختلف الفقه القانوني تبعًا لذلك في الالتزام بتعريف موحد للجريمة الضريبية، فنجد أن هناك من يركز في تعريفها على الجانب المادي من دون الإشارة إلى جانبها الشخصي، وذلك عندما عرفها بأنها فعل أو امتناع يقرر القانون على ارتكابها عقابًا، وقد نظمها القانون لضمان تحقق الواقعة المنشئة للضريبة، وضبط وعائها وضمان تحصيلها[38]، بينما نجد أن تعريفات أخرى قد حددت المسؤول عن ارتكابها بالمكلف الخاضع للضريبة عندما عرفتها بأنها "محاولة الشخص الذي تتوفر فيه شروط الخضوع للضريبة عدم دفعها كليًا أو جزئيًا متبعًا طرق وأساليب مخالفة للقانون وتحمل في طياتها طابع الغش"[39]، ويؤخذ على هذين التعريفين أنهما لم يشملا الركن المعنوي للجريمة بل اقتصرا على ذكر الركن المادي، لذلك نجد أن هناك من جاء بتعريف قد شمل كل أركان الجريمة (المادي والمعنوي والشرعي) عندما عرف جريمة التهرب الضريبي بأنها "كل سلوك ينطوي على استعمال [احدى] الوسائل المجرمة يصدر عن المكلف نهائيًا بدفع الضريبة بهدف التخلص من دفعها بمقدار أقل، بقصد التوصل إلى ضياع حق الخزانة العامة في الضريبة المستحقة قانونًا، ويقرر القانون عقابًا على ذلك"[40].

ومن التعريفات سابقة الذكر نجد أنه لا يوجد تعريف موحد للجريمة الضريبية وعلى وجه العموم فإن الباحث لا يتفق مع التعريفات التي حصرت المسؤول عن الجريمة بالمكلف الخاضع للضريبة، ربما يكون المسؤول شخص آخر، لذلك نجد من التشريعات الضريبية رغم أنها لم تعرف التهرب الضريبي لكنها حددت الشخص المسؤول عن جرائم ضريبة الدخل؛ كقانون ضريبة الدخل القطري رقم (24) لسنة 2018، وذلك وفقا للمادة (26) منه بنصها "كل مكلف أو شخص مسؤول"، ثم سردت هذه المادة الأفعال المادية المعاقب عليها ضريبيًا على سبيل الحصر، وكذلك المشرع الضريبي المصري الذي حدده بالمحاسب المخاطب بنص المادة (132) من قانون ضريبة الدخل رقم (91) لسنة 2005، وبالممول (المكلف) المخاطب بنص المادة (133) منه، وفي هذا تقول محكمة النقض المصرية بأنه "لا يخاطب الشارع في الجرائم الضريبية بصفة عامة وفي جرائم التهريب الجمركي بخاصة إلا المكلف بأداء الضريبة، وإذا شاء أن يبسط نطاق التجريم إلى غيره فإنه ينص على ذلك صراحة"[41]، كما نجده يستعمل عبارة مرنة للمخاطب بدون تحديد دقيق للمسؤول جزائيًا، وذلك وفقًا للمادة (135) بنصها "...كل من ارتكب أيًا من الأفعال الآتية ..."، وكذلك التشريع التونسي الذي نجد أنه حدد الشخص المسؤول جزائيًا بشكل محدد عن كل جريمة من الجرائم الضريبية[42]، بخلاف القرار بقانون بشأن ضريبة الدخل الفلسطيني رقم (8) لسنة 2011 الذي لم يحدد المسؤول عنها صراحة، واكتفى وفقًا للمادة (37/1) بسرد أفعال التهرب من ضريبة الدخل على سبيل الحصر بنصها "1. مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد في قانون آخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن سنة أو بغرامة لا تقل عن (1000 شيكل) ولا تزيد عن (10000 شيكل) أو بكلتي العقوبتين معًا، كل من تهرب أو حاول أو حرض أو اتفق أو ساعد غيره على القيام بأي فعل من الأفعال الآتية..."، إلا أن الفقرة (4) من المادة (37) سالفة الذكر حددت المدقق والمدقق القانوني بنصها "يتحمل المدقق والمدقق القانوني المسؤولية عن إصدار البيانات المالية أو المصادقة على بيانات مالية غير مطابقة للواقع بشكل جوهري أو تخالف أحكام هذا القانون أو معايير المحاسبة الدولية والقوانين والأنظمة المعمول بها سواء كان ذلك ناتج عن خطأ مقصود أو أي عمل جرمي أو عن إهمال جسيم وفي هذه الحالة يعتبر المدقق والمدقق القانوني أنه ارتكب جرمًا يعاقب عليه بالعقوبة المنصوص عليها في الفقرة (1) من هذه المادة".

والأصل في المسؤولية الجزائية أنها مسؤولية شخصية، وعليه فإن المصالحة يقتصر أثرها على المخالف وحده[43]، وذلك استنادًا لمبدأ شخصية العقوبة، فالشخص لا يكون أهلًا لتحمل التكليف الجزائي ما لم يسند اليه فعل من الافعال المجرمة قانونًا بصرف النظر إن كان فاعلًا أصيلًا أو مساهمًا فيه؛ لأن الشخص لا يكون مسؤولا إلا عن نتيجة فعله، وهذا ما يسمى بالإسناد المادي[44]، الذي عرف بأنه "نسبة النتيجة الإجرامية إلى السلوك الإجرامي الصادر عن الجاني"[45]، غير أن التشريع الضريبي الفلسطيني لم يشترط لقيام أفعال التهرب من ضريبة الدخل في المادة (37) سابقة الذكر على وجود النتيجة الجرمية، وإنما اكتفى فيها بتحديد السلوك المادي للتهرب الضريبي والعقوبة عليها، وسكت عن اشتراط النتيجة الجرمية، ومن المعلوم أن الركن المادي في النظرية العامة للجريمة عند فقه القانون الجنائي يتكون من ثلاثة عناصر متلازمة وهي (السلوك الجرمي، والنتيجة الجرمية، والعلاقة السببية التي تربط بين السلوك والنتيجة)، وهذا السكوت عن اشتراط النتيجة لقيام الركن المادي قد يدخلنا في عالم الفرضيات لا الوعي، بما يمس بمبدأ الشرعية الجنائية كمبدأ دستوري هام، وتكاد تكون كافة الدساتير قد تضمنته، الذي يقتضي بأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص صريح، ولكن يمكن رد هذه الجريمة إلى جرائم الخطر التي تسمى بالجرائم الشكلية التي يقع فيها الاكتفاء بالسلوك الجرمي، الذي بمجرد تحققه تنشأ الجريمة بصرف النظر عن تحقق النتيجة الجرمية التي يسعى إلى تحقيقها الجاني[46].

ومما ينبغي أن يذكر هنا أيضًا: أن المادة (37) سابقة الذكر قد أكتفت ببيان موضوع المصالحة بذكر عبارة "أي فعل ارتكب خلافًا لأحكام هذه المادة"، دون تمييز إن كانت المخالفة قد ارتكبت بصورة عمدية أو غير عمدية، ولكن بالرجوع إلى الأصول العام في القانون الجنائي نجد أنه لكي يكون الشخص مسؤولا جزائيًا لا يكفي الإسناد المادي، الذي يقتضي ربط السلوك الإجرامي بالنتيجة الإجرامية في حالة وجود فعل تام، بل نجد أنه يحتاج أيضًا إلى الإسناد المعنوي، الذي يعرف بأنه "نسبة الفعل إلى إرادة الجاني لقدرته على الاختيار"[47]، ولكن بالرجوع إلى القرار بقانون بشأن ضريبة الدخل الفلسطيني نجد أن المشرع طبقًا للمادة (37/1) يعاقب بالسجن والغرامة "كل من تهرب أو حاول أو حرض أو اتفق أو ساعد غيره على القيام بأي فعل من الأفعال الآتية" دون أن يشترط حدوث النتيجة الإجرامية التي تتعلق بالإضرار بالخزينة العامة أو يشترط أن يقصد النتيجة، فضلًا عن أنه جرم كل من تهرب أو حاول (شرع) أو اتفق أو ساعد دون أخذه بالاعتبار لإرادتهم ومقصدهم من أفعالهم، والجدير بالذكر أن أفعال التهرب من ضريبة الدخل قد حددت في المادة (37/1) سالفة الذكر على سبيل الحصر بثلاثة عشر بندًا، وفي هذه البنود فقط نجد أن البندين (و، ز) اللذين نصا على كلمتي "بقصد" و"بغية"، ويستفاد ذلك من صريح نص المادة سالفة الذكر حيث تقول "و- توزيع أرباح على شريك أو شركاء وهميين بقصد تخفيض نصيبه من الأرباح. ز- اصطناع أو تغير فواتير الشراء أو البيع أو غيرها من المستندات بغية تخفيض الأرباح أو زيادة الخسائر"، والقصد والبغية في هذين البندين هما من نوع القصد الخاص، حيث إنه لا يكفي توزيع أرباح على شريك أو شركاء لوحدها لقيام الجريمة دون البحث عن القصد من هذا التوزيع وعن الأضرار التي أحدثها على الخزينة العامة الناتج عن تخفيض نصيبه من الأرباح، فتوفر التوزيع المجرد لا يؤدي إلى قيام مسؤولية على الموزع، إلا إذا أحدث تلك النتيجة المنصوص عليها فإنه يعاقب عليها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى فعل اصطناع أو تغيير فواتير الشراء أو البيع التي يجب لقيامها أن تكون بهدف تخفيض الأرباح أو زيادة الخسائر.

وفيما عدا الحالتين الواردتين في البندين (و، ز) السابقين، فالملاحظ على المادة (37/1) سابقة الذكر أنها لا تستلزم القصد العام ولا القصد الخاص لحالات التجريم الأخرى المحددة فيها، فضلًا عن أنها لم تتضمن نصًا على معالجة القصور في أحكامها بالإحالة إلى أحكام القانون الجنائي العام، أما بالنسبة إلى التشريعات المقارنة فنجد أن المشرع المصري قد اشترط العلم في جريمة المحاسب القانوني وفقًا للمادة 132 من قانون ضريبة الدخل رقم (91) لسنة 2005 بنصها "1- إخفاء وقائع علمها أثناء تأدية مهمته..."، وكذلك من جانب الممول التي نجد أن المادة (133) منه قد استلزمت علمه بتقديم إقرار ضريبي بمرفقات مصطنعة بنصها "1- تقديم الإقرار الضريبي السنوي... أو مستندات مصطنعة مع علمه بذلك..."، كما اشترطت القصد الجنائي العمد في فعل اتلاف المستندات بنصها "3- الإتلاف العمد للسجلات ..."، بينما سكتت عن اشتراط العلم أو القصد عن أفعال التهرب الضريبي المنصوص عليها في الحالات الأخرى المنصوص عليها في هذه المادة، أما بالنسبة إلى قانون ضريبة الدخل القطري رقم (24) لسنة 2018 نجد أن المادة (26) منه قد تضمنت أربع حالات للتجريم، حيث إنه استلزمت القصد العام بنصها "3- تعمد عدم التسجيل لأغراض الضريبة أو إخفاء الدخل الحقيقي أو أي نشاط خاضع للضريبة"، كما اشترطت القصد الخاص بنصها " 2- استعمل طرقًا احتيالية، تشمل تقديم بيانات أو مستندات مزورة أو صورية أو غير صحيحة، بقصد الحصول على خصم أو إعفاء ضريبي أو استرداد الضريبة التي سبق أداؤها. 4- قام باي عمل بقصد منع موظفي الهيئة من أداء واجباتهم"، بينما سكتت ولم تشترط القصد ولا العلم بنصها "1- قدم دفاتر أو سجلات أو مستندات مزورة أو صورية".

 وقد اختلف الفقه حول مسألة سكوت المشرع عن اشتراط الركن المعنوي في الجرائم الاقتصادية[48]، حيث يرى البعض أن السكوت عن الركن المعنوي ليس قصورًا في التشريع، حيث إن إرادة المشرع اتجهت نحو أن تكون أوصاف الجريمة الضريبة مادية بحتة، حيث تتقرر المسؤولية بمجرد سلوك التصرف غير المشروع دون أن يتم التحقق من اتجاه إرادة الفاعل ومقصده إلى إحداث الضرر بالخزينة العامة، حيث يكفي في هذه الجرائم اجتماع الركنين الشرعي والمادي لقيامها[49]، بينما هناك من يرى أن سكوت المشرع عن تطلب هذا الركن لقيام الجريمة مؤداه نقل عبء الإثبات من عاتق سلطة الاتهام إلى عاتق المتهم، الذي له أن يثبت انتفاء القصد، وعليه فإن الفاعل يعد مسؤولا بناءً على ارتكابه الفعل غير المشروع أو المجرم[50].

كما أن هناك من رأى أن هذا الركن لا يحتاج إلى نص؛ لكون الجريمة الضريبية ذات طبيعة جنائية خاصة، باعتبار أن القصد الجنائي في الجنح والجنايات في قانون العقوبات العام حتّى عند سكوت المشرع هو شرط مستقل يدخل بين الأركان العامة للجريمة ولا يختلف ذلك إلا عند صراحة القانون[51]، وذلك عدا المخالفات، فإن الأصل فيها أن القانون لا يستلزم وجود القصد الجنائي فيها كركن من أركان الجريمة فيتم العقاب على المخالفات بمجرد وقوع الفعل[52]، وعليه فإن سكوت المشرع الضريبي عن اشتراط الركن المعنوي يعتبر قصورًا تشريعيًا في جنحة التهرب الضريبي، يتطلب معالجته، وذلك بالرجوع إلى القواعد العامة في القانون الجنائي العام، التي تشترط في الجريمة الجنائية توفر القصد العام الذي يتطلب انصراف علم الفاعل وإرادته إلى كل أركان الجريمة وعناصرها[53]، وكذلك بالنسبة إلى المساهم في الجريمة، حيث إنه يشترط أن يتوفر لديه العلم بماهية النشاط الذي يقوم به باعتباره مساهمًا في الجريمة، وإدراكه بأن الأفعال التي يأتيها أنها تساعد على ارتكاب الجريمة الأصلية، وذلك وفقًا لقواعد القانون الجنائي العام[54]، ولكن نجد أن هناك من أهمل أي دور للإرادة في تحقيق النتيجة الجرمية، الذي اكتفى بتوفر العلم للحديث عن وجود القصد الجنائي فيها[55].

وكخلاصة، ‏يمكن القول بأن الركن المعنوي ضعيف في الجرائم المشمولة بالمصالحة في جرائم ضريبة الدخل، التي تعد من الجرائم الشكلية التي لا يشترط المشرع الضريبي لقيامها توفر القصد الجنائي العام ولا القصد الخاص بصفة عامة فهي جرائم غامضة من حيث طبيعتها القانوني من حيث كونها قصدية أو غير قصدية، باستثناء الحالتين سابقتي الذكر التي وضع المشرع الضريبي الفلسطيني فيهما مصطلحي "بقصد" و"بغية" (القصد الخاص) وذلك بقصد تحقيق نتيجة، وهذان المصطلحان بموجبهما يزول كل إشكال يتعلق في طبيعة ونوع القصد فيهما، وفي الحالات الأخرى نجد أن المشرع لم يبين طبيعتها، التي اعتمد على الصياغة المرنة في تجريمها، الأمر الذي يجعل من التكليف الجزائي غير مستقر وغير محددة بدقة، الأمر الذي لا يجسد مبدأ الشرعية الذي يقتضي ضرورة سد هذه الثغرات بألفاظ كافية ومحددة، وتطبيقًا لذلك قضت المحكمة الدستورية المصرية بأنه "... وجوب صياغة النصوص العقابية بطريقة واضحة محددة لا خفاء فيها أو غموض، فلا تكون هذه النصوص شباكًا أو شراكًا يلقيها المشرع متصيدًا باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها، وهى ضمانات غايتها أن يكون المخاطبون بالنصوص العقابية على بينة من حقيقتها، فلا يكون سلوكهم مجافيًا لها، بل اتساقًا معها ونزولًا عليها"[56]، ولكن هذا النوع من الصياغة قد يتوافق مع الطابع غير المستقر للتشريعات الضريبية المنشئة له، وهذا لا شك يؤثر على تحديد النطاق الشخصي لجرائم ضريبة الدخل المشمولة بالتسوية التصالحية، ويتأكد هذا الأمر أكثر عند تناول مدى توسيع الأشخاص المشمولين بالمصالحة، وذلك في المطلب الثاني.

المطلب الثاني: توسيع نطاق الأشخاص المشمولين بالمصالحة في جرائم ضريبة الدخل

وقد سبق وأن بينا تعمد المشرع الضريبي توسيع نطاق المسؤولية الجزائية، من خلال اعتماده الصياغة الفضفاضة للقواعد الموضوعية لأفعال التهرب الضريبي باعتماده على الإسناد المادي لا الشخصي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى نص المصالحة في الجرائم الضريبية الذي جاء بصياغة فضفاضة عامة على نحو يستفاد منه سريان حكمه على كافة المخالفات المنصوص عليها في المادة (37) من القرار بقانون بشأن ضريبة الدخل رقم (18) لسنة 2011، وذلك بنصها "5- يجوز للمدير أن يجري المصالحة عن أي فعل ارتكب خلافًا لأحكام هذه المادة..."، ويلاحظ أن هذا النص لم يفرد أحكامًا خاصة للأشخاص المسؤولين المشمولين بالمصالحة في النطاق الضريبي، إلا أن البين من عموم صريح نصها أن المسؤول المشمول بها هو كل من يكون مخالفًا شخصيًا لأحكام المادة المذكورة سواءً أكان الفاعل أم الشريك، وهذا ما ينسجم مع شخصية المسؤولية الجنائية، وهذا ما يطلق عليه دستوريًا بمبدأ شخصية العقوبة[57]، ولكن تجدر الإشارة إلى أن المصالحة كإجراء يمكن إجراءها مع مرتكب الجريمة الضريبة أو من يمثله قانونًا[58]، رغم عدم النص على ذلك، كما أن إجرائها مع الفاعل الأصلي لا تعفي الشريك من المسؤولية الجزائية، حيث إن مسؤوليته الجزائية تبقى كاملة ومستقلة على الرغم من المصالحة التي أجريت مع الفاعل الأصلي[59].

وقد ساوى المشرع الضريبي الفلسطيني بين العقاب على التهرب او المحاولة أو التحريض أو الاتفاق أو المساعدة، ويستفاد ذلك من المادة (37) سالفة الذكر التي نصت على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن سنة أو بغرامة لا تقل عن (1000 شيكل) ولا تزيد عن (10000 شيكل) أو بكلتي العقوبتين معًا، كل من تهرب أو حاول أو حرض أو اتفق او ساعد غيره على القيام بأي فعل من الأفعال الآتية..."، وفي هذا الإطار نجد أن المشرع الضريبي الأردني قد ساوى بين العقاب على الفاعل الأصلي والمساهم وذلك طبقًا للمادة (67/ب) من فانون ضريبة الدخل المعدل رقم (38) لسنة 2018 بنصها "...ويعاقب كل من ساعد أو حرض غيره على ارتكاب هذا الفعل بعقوبة الفاعل الأصلي"، وذلك على خلاف التشريعين الضريبين القطري والمصري اللذين سكتا عن تحديد الجزاء الجنائي الذي يوقع على الشريك، أو بيان الفعل الإجرامي الذي ارتكبه، أو صورته إن كان وقع بناءً على تحريض أو اتفاق أو مساعدة وذلك وفقًا للمادة (27) من قانون ضريبة الدخل القطري رقم (24) لسنة 2018 بنصها "يكون الشخص الذي شارك عمدًا في مخالفة أي من الالتزامات المنصوص عليها في هذا القانون، مسؤولًا بالتضامن مع المكلف أو الشخص المسؤول، عن سدد أية مبالغ مستحقة نتيجة المخالفة، وكذلك المادة (134) من قانون ضريبة الدخل المصري رقم (91) لسنة 2005 بنصها "يسأل الشريك في الجريمة في التضامن مع الممول في الالتزام بأداء قيمة الضرائب التي تهرب من أدائها والغرامات المقضي بها في شأنها".

وبالرجوع إلى النص الفلسطيني السالف الذكر نجد صياغته توجب تطبيق العقاب بمجرد التحريض أو المساعدة على القيام بأي فعل من أفعال التهرب من ضريبة الدخل المنصوص عليها في هذه المادة (37/1)، حيث إنها لا تشترط ترتيب العقاب على المساهم ثبوت قيام الفعل من الفاعل الأصلي، ولكن نجد أن هناك من يرى إنه يتعين لترتيب العقاب الضريبي على المحرض أو المساهم أن تقع هذه الجريمة بناء على تحريض أو اشتراك[60]، وهذا الرأي ينسجم مع المساهمة في القانون الجنائي العام التي لا تكتسي الصفة الإجرامية دون أن تتصل بالفعل الأصلي الذي اشترك في تحقيقه[61]، بمعنى أن المساهمة الإجرامية تستمد صفتها الإجرامية من تحقق الصفة الإجرامية للفعل الأصلي[62]، كما أن هناك اختلافًا بين صفة الفاعل وصفة الشريك أو المساهم الذي لا يرتبط مصيره بمصير الفاعل الأصلي من حيث ترتيب العقوبة أو الإعفاء منها[63]، وبالنتيجة فإنه يمكننا القول إنه بالرغم من مساواة المشرع بين العقاب على الفاعل الأصلي أو المساهم إلا أنه إذا ما توصل الفاعل الأصلي إلى المصالحة مع الإدارة الضريبية عن ارتكابه أحد أفعال التهرب الضريبي، فإن هذه المصالحة مع الفاعل الأصلي لا تشمل المحرضين والمساعدين على ارتكاب هذا الفعل إن لم يكونوا طرفًا فيها.

ونظرًا لخطورة العمل الموكل للمدقق القانوني نجد أن المشرع الضريبي الفلسطيني قد أفرد نصًا خاصًا لجريمة اعتماد بيانات مالية متى كان اعتماده مبنيًا على مخالفة جوهرية لأحكام التشريعات والمعايير المحاسبية، وذلك طبقا للمادة (37/4) سالفة الذكر بنصها "يتحمل المدقق والمدقق القانوني المسؤولية عن إصدار البيانات المالية أو المصادقة على بيانات مالية غير مطابقة للواقع بشكل جوهري أو تخالف أحكام هذا القانون أو معايير المحاسبة الدولية والقوانين والأنظمة المعمول بها سواء كان ذلك ناتج عن خطأ مقصود أو أي عمل جرمي أو عن إهمال جسيم وفي هذه الحالة يعتبر المدقق والمدقق القانوني أنه ارتكب جرمًا يعاقب عليه بالعقوبة المنصوص عليها في الفقرة (1) من هذه المادة"، ويلاحظ هنا أن هذا النص لا يعتد بهذه الجريمة إلا إذا ارتكبت من مدقق قانوني الذي لا يجوز له مزاولة هذه المهنة إلا برخصة من جمعية مدققي الحسابات القانونيين الفلسطينية، مما يعني أن هذا الشخص هو المخاطب بهذه الجريمة، وقد نصت المادة (2) من قانون مزاولة مهنة تدقيق الحسابات رقم (9) لسنة 2004 على أنه "لا يجوز لأي شخص مزاولة مهنة تدقيق الحسابات في فلسطين إلا بعد حصوله على ترخيص بذلك من المجلس وفقا للقانون واللائحة التنفيذية"، فمسؤولية المدقق القانوني الجزائية هنا هي مسؤولية شخصية قائمة على ارتكابه فعل يتصف بمخالفته لأحكام القانون والمعايير المحاسبية، كما قد يسأل المدقق القانوني بوصفه مساهمًا مع الفاعل الأصلي في أفعال التهرب الضريبي متى ترتب على اعتماده الإقرار الضريبي ومرفقاته عند تقديمها للإدارة الضريبية من قبل الملزمين بتقديمها[64].

كما نجد أن المدقق القانون هو موضوع عقوبة أخرى تختلف عن العقوبات الجزائية، وذلك بمنعه من مراجعة الدائرة الضريبية الحسابات القانوني في حالة ارتكابه أية مخالفة لأحكام القرار بقانون، وذلك طبقًا للمادة (39/1) التي نصت على أنه "1- للوزير بتنسيب من المدير منع أي مدقق حسابات أو... من مراجعة الدائرة في أية قضية أو عمل خلاف قضيته الشخصية إذا ثبت أنه خلال مراجعاته وتعامله مع الدائرة ارتكب ما من شأنه التحايل على هذا القرار بقانون والأنظمة والتعليمات الصادرة بمقتضاه..."،

وعليه يثار التساؤل الآتي: هل تشمل المصالحة جرائم المدقق القانوني المحددة في المادتين السابقتين؟

للإجابة عن هذا التساؤل نجد أن عبارة "أن يجري المصالحة عن أي فعل ارتكب خلافًا لأحكام هذه المادة" التي جاءت على نحو فضفاض وبشكل غير محدد، على خلاف التشريع الضريبي المصري الذي نجد أنه نص صراحة على الجرائم التي تقبل التصالح وفق المادة (138) من قانون ضريبة الدخل رقم (91) لسنة 2005 بنصه فيها على المواد التي تدخل في النطاق الموضوعي للتصالح، التي من ضمنها الجرائم الواردة في المادة (132) منه التي جاءت بالنص على جرائم المحاسبين المقيدين في جدول المحاسبين والمراجعين، فضلًا عن الجرائم الواردة في المواد 133 و134 و135و 136 من القانون نفسه التي أجاز كذلك إجراء التصالح في الجرائم الواردة فيها، ولكن بالرجوع إلى المادة (37) من التشريع الضريبي الفلسطيني سالفة الذكر نجد أن الفقرة (1) منها تستعمل عبارة "على القيام بأي فعل"، التي لا شك أنها تتطابق مع عبارة "فعل ارتكب" وفق الفقرة (5) سالفة الذكر، وبالتالي تقبل هذه الأفعال التصالح فيها، وأما بالاطلاع على العبارات المستخدمة في جرائم المدقق القانون وفق الفقرة (4) منه هي "خطأ" و"عمل" و"إهمال" و"مجرما" التي ليس من بينها كلمة "فعل"، الأمر الذي يمكن تفسيره في ضوء عدم التطابق بين العبارات المستخدمة بين الفقرتين (4) و(5) أن جرائم المدقق القانوني لا تدخل في النطاق الموضوعي للمصالحة وفق التشريع الضريبي الفلسطيني، وأما المادة (39) سالفة الذكر هي لاشك تخرج من الجرائم التي تقبل المصالحة؛ لأنها جاءت في مادة أخرى، ولم ترد في المادة (37) منه، وبالنتيجة فإنه يتعين على المشرع الضريبي الفلسطيني أن يتدخل في أمر تحديد الجرائم التي تقبل المصالحة لإزالة كل لبس وغموض في نص الفقرة (5) سالفة الذكر، وذلك بتحديد الفقرات التي يجوز التصالح فيها بدلًا من عبارة "خلافًا لأحكام هذه المادة" كما فعل المشرع المصري.

كما أن البحث في أفعال التهرب من ضريبة الدخل في التشريعات الضريبية نجد أن موضوعها يتوسع ليشمل مخالفة لأحد الالتزامات الضريبية سواءً أكانت إيجابية أم سلبية[65] أم أصلية أم تبعية[66]، مع العلم أن هذه الالتزامات تعتبر الغاية التي يقوم عليها القانون الضريبي ضمانًا لعدم التهرب من الضريبة مما يحقق المصلحة للخزينة العامة[67]، كما يفهم ضمنًا من سياق عبارة "...يجري المصالحة عن أي فعل ارتكب خلافًا لأحكام هذه المادة..." أن النطاق الشخصي للمصالحة يتمثل بالمخاطب بأي فعل من الأفعال المحددة حصرًا في المادة (37) سابقة الذكر، وهو المخالف لإحدى الالتزامات الضريبية المرتبطة بموضوع هذه الأفعال، وبالتالي فإنه للتعرف على مرتكب كل فعل من الأفعال لا يكون إلا بالإحالة إلى الالتزام الضريبي المرتبط بكل مخالفة من هذه المخالفات (الأفعال).

وتطبيقًا لما سبق، نجد أن المشرع الضريبي الفلسطيني قد جرم فعل تقديم إقرار ضريبي غير صحيح وفقًا للفقرة (1/ب) من المادة سالفة الذكر بنصها "تقديم إقرار ضريبي غير صحيح وذلك بإغفال أو إنقاص أو حذف أي دخل أو أي جزء منه"، والبين من هذا النص أنه لم يحدد صراحة الشخص المسؤول عن هذا الفعل كما لم يربطه بأية نتيجة جرمية، ولكي يتم التعرف على الشخص المسؤول عن هذ الفعل لابد من الرجوع إلى الإلزام الضريبي المرتبط بهذا الفعل، وبالبحث عن الزام تقديم الإقرار الضريبي في مواد القرار بقانون بشأن الضريبة على الدخل الفلسطيني نجد أن المشرع ألزم كل مكلف بتقديم الإقرار الضريبي طبقًا للمادة (19/1/ب) بنصها "يلزم كل مكلف بتقديم الإقرار الضريبي ..."، كما نجد أن المادة (1) منه قد عرفت الإقرار الضريبي بأنه "تصريح بالضريبة يقدمه المكلف وفق النموذج المعتمد من الدائرة"، وعليه نجد أن الشخص المخاطب بتقديم الإقرار الضريبي هو المكلف، بينما نجد أن (18) منه قد ألزمت أشخاصًا آخرين بتقديم الإقرار الضريبي، ومن هؤلاء الأشخاص الورثة ومصفي الشركة كما سبق وأن بينا.

 وفي هذا الإطار نجد أن معظم التشريعات الضريبية تشدد على تعريف المكلف بحيث لا تملك الإدارة الضريبية سلطة في تقدير من يخضع للضريبة أو من لا يخضع لها[68]، وذلك تجسيدًا لمبدأ قانونية فرض الضريبة وهو ما سار عليه المشرع الدستوري في أغلب الدول[69]، الذي جاءت به المادة (88) من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003 بنصها "فرض الضرائب العامة والرسوم، وتعديلها وإلغاؤها، لا يكون إلا بقانون..."، وقد عرفت المادة (1) من القرار بقانون بشأن الضريبة على الدخل الفلسطيني المكلف التي لم تحصره فقط بالملزم الأصلي الخاضع لها، بل نجد أن المشرع وسع من مفهوم المكلف ليشمل أيضًا المكلف الفعلي باقتطاع الضريبة من المصدر وتوريدها للدائرة الضريبية وليس بصفته المكلف القانوني الخاضع للضريبة[70]، فهنا نجد أن المشرع الضريبي الفلسطيني قد نص على تجريم عدم اقتطاع الضريبة وتوريدها بموجب المادة (37/1/ل) سابقة الذكر بنصها "عدم الالتزام بخصم الضريبة أو [خصمها] وعدم توريدها لحساب الدائرة". ويتضح من هذا النص أنه لم يحدد الشخص المسؤول جنائيًا عن الامتناع، ولكن بالرجوع إلى المادة (31) منه نجد أنها حددت الأشخاص المسؤولين عن خصم الضريبة من المنبع؛ كصاحب العمل أو المسؤول عن دفع الراتب أو غيرهم، وبالتالي فهؤلاء هم من تقع عليهم المسؤولية الجزائية الضريبية عند عدم خصمها أو خصمها وعدم توريدها إلى الإدارة الضريبية، مع العلم أن هذا الفعل ليس له علاقة بفعل تقديم الإقرار الضريبي غير الصحيح، وخلاصة القول أن لكل فعل من هذه الأفعال المادية المنصوص عليها حصرًا في المادة (37) السالفة الذكر أوصافها وشروطها المادية التي تختلف باختلاف الشخص المسؤول عن الالتزام الضريبي المرتبط به سواءً أكان الشخص الخاضع للضريبة أم الملزم باقتطاعها أم الملزم بتقديم الإقرار الضريبي أم غيرهم.

ومن الإشكاليات أيضًا التي تحيط بتحديد نطاق الأشخاص المشمولين بالمصالحة الضريبية ما يتعلق بأفعال التهرب من ضريبة الدخل ذات الطبيعة الدولية[71]، لا سيما المستحدثة منها خاصة فيما يتعلق بجرائم التجارة الإلكترونية التي ترتكب عادة عن بُعد، حيث إنها تتباعد فيها المسافات بين مكان الفاعل ومكان تحقق النتيجة، التي تمتد إلى خارج النطاق الإقليمي للدولة إلى الدول الأخرى، الأمر الذي يثير إشكالية في تحديد القانون الواجب التطبيق على المسؤول جزائيًا، وخاصة في الجرائم الإلكترونية الضريبية فضلًا عن صعوبة التعاون الدولي في معالجة هذا الشأن، حيث ليس هناك من ضابط محدد متفق عليه بين جميع الدول يحدد نطاق سريان تشريعاتها الضريبية، حيث تختلف الدول في ذلك، برغم أنها جميعها يأخذ بضابط الإقليمية باعتباره ضابطًا عالميًا، إلا أن هناك دولًا تعتمد بالإضافة إلى الاقليمية على الجنسية أو على الإقامة أو تعتمد على جميع هذه الضوابط[72]، ولكن المشكلة المطروحة الآن تتمثل بأن المشرع الضريبي الفلسطيني لم يواكب التطور الإلكتروني، حيث إنه لم يأت بنص صريح يحدد بمقتضاه الضوابط المحددة لنطاق سريانه لا في التجارة التقليدية ولا في التجارة الإلكترونية، فضلًا عن أنه لم يتضمن نصًا حول أي من الأحكام المتعلقة بالالتزامات الضريبية الإجرائية الإلكترونية كالتسجيل في منظومة الفاتورة الإلكترونية، بخلاف قانون الإجراءات الضريبية الموحد المصري رقم (206) لسنة 2020 الذي جاء مواكبًا للتطور الإلكتروني؛ حيث نجد أنه الزم طبقًا للمواد (35، 36، 37) منه كل ممول أو مكلف وغيرهم بإصدار فاتورة أو إيصال في شكل محرر إلكتروني.

وللإشارة قد جاء تعريف المكلف طبقًا للمادة (1) من القرار بقانون بشأن ضريبة الدخل الفلسطيني سابق الذكر بعبارة "كل شخص" التي يلاحظ منها أن المشرع قد وسع من مفهوم المكلف ليشمل كل شخص سواءً أكان طبيعيًا أم معنويًا، وهنا لنا أن نتساءل عما إذا كانت المصالحة ستشمل الشخص المعنوي كما تشمل الشخص الطبيعي؟

للإجابة عن هذا التساؤل يجب أن نشير إلى أنه بالرجوع إلى القرار بقانون بشأن ضريبة الدخل الفلسطيني لا نجد أنه أشار إلى مسؤولية الشخص المعنوي الجزائية أو إلى ممثليه أو القائمين بإدارته، على خلاف التشريع المصري الذي نجد أنه نص صراحة على مسؤولية القائمين بالإدارة جزائيًا عن الشخص المعنوي طبقًا للمادة (73) من قانون الإجراءات الضريبية الموحد رقم (206) لسنة 2020 بنصها "في حالة وقوع أي فعل من أفعال التهرب من الضريبة من أحد الأشخاص الاعتبارية المنصوص عليها في القانون الضريبي، يكون المسؤول عنه الشريك المسؤول أو المدير أو عضو مجلس الإدارة المنتدب أو رئيس مجلس الإدارة ممن يتولون الإدارة الفعلية، بحسب الأحوال، متى ثبت علمه بها وكان إخلاله بالواجبات التي تفرضها عليه تلك الإدارة قد ساهم في وقوع الجريمة"، ومن هذا النص يلاحظ أن المشرع المصري حصر المسؤولية في الأشخاص التي لها الإدارة الفعلية لأعمال الشخص المعنوي، وبالتالي يستبعد منها المستخدم أو العامل البسيط الذي يتصرف بنفسه[73]، ولكن في ‏هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن المحكمة الدستورية العليا المصري قد شددت على تحقق مبدأ شخصية المسؤولية الجنائية وشخصية العقوبة فيما يتعلق بمسؤولية مسيري الشخص المعنوي بقولها إنه: "... يخل بمبدأي شخصية المسؤولية الجنائية، وشخصية العقوبة، لافتراضه مسؤولية القائم بالإدارة الفعلية للشركة عن الأفعال التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون، وتحميله تبعة جريمة ارتكبها غيره، بما يمثل افتئاتًا على اختصاص السلطة القضائية، ويحول دون ممارستها الحق في التثبت من ارتكاب المسؤول عن الإدارة الفعلية بالشركة للجريمة، فضلًا عما يمثله ذلك من مساس بالحرية الشخصية، وإنكار لأصل البراءة"[74].

كما أثارت المسؤولية ‏الجنائية للشخص المعنوي جدلا فقهيًا بين اتجاه مؤيد لها واتجاه معارض لها[75]، فمن حيث تطبيق أفعال التهرب الضريبي المنصوص عليها في المادة (37/1) من القرار بقانون الفلسطيني نجد أنها ترد على كل شخص أخل بالتزاماته الضريبية، وبما أن الشخص المعنوي هو من الأشخاص المكلفين بها فإن شأنه بشأن الشخص الطبيعي بأن يتحمل المسؤولية الجنائية الضريبية لمخالفته الالتزام الضريبية[76]، ولكن لو أردنا تطبيق هذه الأفعال من حيث الجزاءات التي حددتها هذه المادة نجد أنها جاءت بعقوبة جنائية سالبة للحرية التي لا تتلاءم إلا مع الأشخاص الطبيعيين كأعضاء مجالس الإدارة أو الممثلين القانونيين له، وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن المؤتمر الدولي السادس لقانون العقوبات المنعقد في روما سنة 1953 قد وسع من نطاق المسؤولية الجنائية عندما أوصى بإمكانية تطبيق الجزاءات الجنائية على الأشخاص المعنوية[77]، ثم أوصى المؤتمر الدولي السابع لقانون العقوبات المنعقد في أثينا سنة 1957 على عدم مسؤولية الشخص المعنوي عن الجريمة إلا في الأحوال التي يحددها القانون[78].

وفي ضوء ما تقدم فإن الأصل العام أنه لا مساءلة طالما أنه لا مسؤولية جنائية على الشخص المعنوي إلا إذا نص المشرع صراحة على ذلك، أي أن المبدأ هو عدم جواز المساءلة الجنائية للشخص المعنوي لتعارضها مع مبدأ شخصية العقوبة والاستثناء على هذا المبدأ أن يتدخل المشرع بالنص صراحة على عقاب الشخص المعنوي بما يلائمه من عقوبة، مع تقرير مسؤولية ممثليه والقائمين بنشاطه جنائيًا طبقًا للقواعد العامة، لذلك فإنه يستحسن على المشرع الضريبي الفلسطيني التدخل لمعالجة القصور بالنص الصريح على مسؤولية الشخص المعنوي ومن ثم استبدال العقوبة السالبة للحرية بعقوبة سالبة للحقوق[79]، وبذلك فإنه لا يجوز للشخص المعنوي إجراء المصالحة مع الإدارة الضريبية؛ لعدم وجود نص قانوني خاص على مسؤوليته استقلالًا عن مسؤولية مسيريه، وهؤلاء تكون مساءلتهم إذا ثبتت مسؤوليتهم شخصيًا عن أفعال التهرب من ضريبة الدخل، وبالنتيجة فإنه يجوز المصالحة معهم في حالة ثبت مخالفتهم شخصيًا لأحكام المادة (37) سالفة الذكر.

الخاتمة

تناول البحث إشكالية تحديد الأشخاص المشمولين بالمصالحة وفقًا لتشريع ضريبة الدخل الفلسطيني في قضايا ضريبة الدخل وفي جرائمها، من خلال التعرف على أوصافهم ونطاقهم، وانتهى إلى مجموعة من النتائج والتوصيات الآتية:

أولًا: النتائج

-      إن تحديد نطاق إبرام المصالحة في قضايا ضريبة الدخل يشوبه القصور التشريعي خاصة فيما يتعلق بتحديد أوصاف الأشخاص الذين يشملهم مفهوم المستأنف والطاعن بالنقض، فضلًا عن أن المشرع يستعمل عبارات غير دقيقة من شأنها التوسيع والتضييق من نطاق الأشخاص المشمولين بهذه المصالحة.

-      لم يحدد نص التجريم الضريبي الأشخاص المخاطبين فيه أو الأشخاص المشمولين بالمصالحة في جرائمه، فضلًا عن أنه لم يحدد الأفعال المشمولة بهذه المصالحة وأوصافها بشكل محدد وواضح.

-      إن تحديد الأشخاص المسؤولين جزائيًا المشمولين بالمصالحة يعتمد على تحديد الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب أي فعل من الأفعال المجرمة ضريبيًا المشمولة بهذه المصالحة، وهؤلاء هم المخاطبون لأحد الالتزامات الضريبية المرتبطة بموضوع هذه الأفعال التي يستعمل المشرع في تحديدها مصطلحات غير دقيقة من شأنها التوسيع والتضييق من النطاق الشخصي لهذه الأفعال المجرمة ضريبيًا.

ثانيًا: التوصيات

-      يتعين على المشرع الضريبي تنظيم مسألة من لهم حق إبرام المصالحة في قضايا ضريبة الدخل بأطرافها على غرار ما قام به المشرع الضريبي الأردني، كما يجب تحديد الشخص المسؤول جزائيًا عن كل جريمة من الجرائم الضريبية وذلك على غرار ما قام به المشرع الضريبي التونسي، فتحديد صفات محددة وواضحة لأولئك الذين لديهم حق المصالحة يساهم في تحقيق الهدف الأساسي لليقين الضريبي، وهو ضمان الالتزام بالقوانين الضريبية.

-      يتعين على المشرع التدخل لوضع قواعد محددة للأشخاص الذين يخضعون للمصالحة الضريبية، وذلك حسب الأحوال والظروف، لا سيما الشخص المعنوي، وذلك بتحديد المسؤول عنه جزائيا بمن يتولون إدارته الفعلية من شركاء وأعضاء مجلس إدارة وغيرهم، وذلك على غرار ما أتت به المادة (73) من قانون الإجراءات الضريبية الموحد المصري رقم (206) لسنة 2020، وعلاوة على ذلك، يجب على المشرع تصحيح النص القانوني المتعلق بالمسؤولية الجزائية الضريبية للشخص المعنوي بحيث يتوافق مع طبيعته، وذلك باستبدال العقوبة السالبة للحريات بالعقوبة السالبة للحقوق بشكل يضمن العدالة والتوازن في المسؤولية الضريبية بين الأشخاص الطبيعيين والمعنويين.

المراجع

أولًا: العربية

أبو صباح، أحمد حسن. "الطعن القضائي لقرارات ضريبة الدخل أمام محكمة البداية الضريبية"، مجلة الميزان للدراسات الاسلامية والقانونية، مج9، ع1 (2022).

أحمد، منصور محمد. الصلح في القانون الإداري. دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2018.

ارتيمة، وجدان سليمان. "مدى توافق أحكام قانون الجرائم الاقتصادية الأردني رقم 11 لسنة 1993، وتعديلاته مع الأحكام العامة للجريمة"، مجلة كلية الشريعة والقانون، بتفهنا الأشراف، الدقهلية، مج19، ع6، 2017.

بن شهرة، شوال وعبد الحليم، بن بادة. "المصالحة كإجراء استثنائي لانقضاء الدعوى العمومية في جريمة الغش الجبائي"، مجلة الاجتهاد للدراسات القانونية والاقتصادية، مج7، ع6، 2018.

بهنس، ياسر حسين. الجرائم الضريبية. ط1، مركز الدراسات العربية للنشر والتوزيع، القاهرة، 2015.

بو عزم، عائشة. جرائم جباية الشركات التجارية. ط1، مركز الكتاب الأكاديمي، عمان، 2021.

–––. مكافحة جرائم جباية الشركات التجارية. ط1، مركز الكتاب الأكاديمي، عمان، 2022.

جاد، محمد عبد الصبور أحمد. الضوابط الأساسية للإجراءات الجنائية في الجرائم الضريبية [رسالة دكتوراه غير منشورة]، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، العام الجامعي (2017/2018).

الجندي، حسني. القانون الجنائي الضريبي. دار النهضة العربية، القاهرة، 2006.

الحرازي، محمد علي عوض. المنازعات الضريبية ووسائل إنهائها. ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2012.

حسن، أحمد. الوسيط في الجرائم الضريبية والجمركية. ط1، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2020.

حسني، محمود نجيب. شرح قانون العقوبات. ط6، دار النهضة العربية، القاهرة، 1989.

حسين، أحمد. "الركن المعنوي في الجريمة الاقتصادية بين الافتراض والإقصاء"، مجلة الباحث في العلوم القانونية والسياسية، ع3، جوان 2020.

حلمي، أحمد خالد سعد زغلول. القضاء ودوره في تسوية المنازعات الضريبية [رسالة دكتوراه غير منشورة]، جامعة القاهرة، كلية الحقوق، مصر، 2021.

الحمداني، محمد حسين ويوسف، دلشاد عبد الرحمن. "فكرة الإسناد في قانون العقوبات"، مجلة الرافدين للحقوق، مج12، ع46، 2010.

الخزاعي، زينب صبري محمد. "التجريم الضريبي في ظل القوانين العراقية"، مجلة القادسية والعلوم السياسية، مج13، ع1، حزيران 2022.

دهشان، يحيى ابراهيم محمد متولي. الحماية الجنائية لبيانات الشركات المقيدة في سوق الاوراق المالية [رسالة دكتوراه غير منشورة]، كلية الحقوق، جامعة الزقازيق، غير مصر، 2020.

زيتون، ملاك حنا رزق. جريمة التهرب الضريبي الناشئة عن التجارة الإلكترونية [رسالة دكتوراه غير منشورة]، كلية الحقوق، جامعة بنها، مصر، 2020.

سرور، أحمد فتحي والمري، بهاء. الجرائم الضريبية. دار الأهرام للنشر والتوزيع، القاهرة، 2022.

سرور، أحمد فتحي. الحماية الدستورية للحقوق والحريات. ط2، دار الشروق، القاهرة، 2000.

الشوبكي، سالم محمد. "قرار تقدير ضريبة الدخل وطرق الطعن به"، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، مج 24، ع2، 2000.

صديق، رمضان. الأحكام العامة لقانون الضريبة على الدخل. دار النهضة العربية، القاهرة، 2007.

الطنطاوي، إبراهيم حامد. الحماية الجنائية لإيرادات الدولة من الضرائب على الدخل. دار النهضة العربيةً، 2006.

عالية، سمير وعالية، هيثم سمير. الوسيط في شرح قانون العقوبات. ط3، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2020.

عباينة، فواز هاني وصلاح الدين، حسام محمد. وقف التنفيذ في القانون الجنائي. ط1، مركز الكتاب الجامعي، عمان، 2016.

عبد العاطي، رضا السيد. التصالح في الجرائم الضريبية. ط1، دار محمود، القاهرة، 2016.

عبد النور، واسطي. المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن الجرائم الاقتصادية: الغش الضريبي وتبيض الأموال نموذجًا [رسالة دكتوراه غير منشورة]، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أبي بالقايد، تلمسان، الجزائر، 2016/2017.

علام، السيد أحمد محمد. الجرائم الضريبية والتصالح الضريبي. ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2012.

العلي، علي. "التزامات المكلف وفقًا لقانون ضريبة الدخل الأردني"، مجلة العلوم القانونية والسياسية، مج2، ع4، 2012.

العنزي، حيدر وهاب عبود. أحكام الإقرار في تشريع الضرائب المباشرة. ط1، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2017.

–––. التسوية الصلحية في قانون الضريبة على الدخل. ط1، المركز القومي للإصدارات القانوني، القاهرة، 2016.

الفاعوري، أحمد عبد المهدي أمين. الطعن في قرار تقدير ضريبة الدخل في الأردن [رسالة دكتوراه غير منشورة]، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، مصر، 2019.

الفحل، عباس مفرج. الضمانات الدستورية للمكلف في المجال الضريبي. ط1، منشورات زين الحقوقية، بيروت، لبنان، 2016.

فرج، خيري عثمان فريز. إنهاء المنازعة الضريبية على الدخل بطريق الاتفاق. منشورات المنظمة العربية للتنمية الإدارية، جامعة الدول العربية، القاهرة، 2016.

الفقي، عبد الحليم فؤاد. المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن الجرائم الاقتصادية. ط1، مركز الدراسات العربية، 2019.

الفقي، عماد ابراهيم. الوجيز في شرح قانون العقوبات الضريبي الجديد رقم 91 لسنة 2005 بشأن الضريبة على الدخل. ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005.

محب، أشرف رجب. السلطة التقديرية لمأموري الضرائب في نطاق ضرائب الدخل. دار الكتب والدراسات، مصر، 2020.

محمد، محمد أحمد عبد الرؤوف، المنازعة الضريبية في التشريع المصري المقارن [رسالة دكتوراه غير منشورة]، جامعة عين شمس، كلية الحقوق، مصر، 1998.

محمود، حمادة خير. السياسة الجنائية للجريمة الضريبية [رسالة دكتوراه غير منشورة]، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، مصر، 2019.

مشكور، مصطفى. "خصوصية المسؤولية الجنائية في الجريمة الاقتصادية"، مجلة العلوم الانسانية لجامعة أم البواقي، مج8، ع2، 2021.

مليح، يونس. "الوسائل البديلة لفض المنازعات الضريبية في القانون المغربي والمقارن"، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، ع 162، 2022.

المنجي، إبراهيم. الطعن بالنقض الضريبي: التنظيم القانوني والإجرائي للطعن الضريبي. ط1، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2006.

ناشد، سوزي عدلي. الوجيز في المالية العامة. دار الجامعية الجديدة، الإسكندرية، 2000.

–––. ظاهرة التهرب الضريبي الدولي وآثارها على اقتصاديات الدول النامية. دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية [د.ت.].

ويزة، بلعسلي. المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن الجريمة الاقتصادية [رسالة دكتوراه غير منشورة]، جامعة مولود معمري، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، 2014.

ثانيًا: الأجنبية

References

ʻAbd al-ʻĀ, altṣālḥ fī al-jarāʼim al-ḍarībīyah, (in Arabic) 1st ed., Dār Maḥmūd, al-Qāhirah, 2016.

ʻAbd al-Nūr, W, al-Masʼūlīyah al-jināʼīyah llshkhṣ al-Maʻnawī ʻan al-jarāʼim al-iqtiṣādīyah: al-ghishsh al-ḍarībī wtbyḍ al-amwāl namūdhajan, (in Arabic) (Risālat duktūrāh), Kullīyat al-Ḥuqūq wa-al-ʻUlūm al-siyāsīyah, Jāmiʻat Abī bālqāyd, - tlmsān-al-Jazāʼir, 2016-2017.

Abū Ṣabāḥ, A. "al-ṭaʻn al-qaḍāʼī li-qarārāt Ḍarībat al-dakhl amāma Maḥkamat al-Bidāyah al-ḍarībīyah (in Arabic), Majallat al-mīzān lil-Dirāsāt al-Islāmīyah wa-al-qānūnīyah, vol 9, issue1, 2022.

Aḥmad, M. al-Ṣulḥ fī al-qānūn al-idārī (in Arabic), Dār al-Jāmiʻah al-Jadīdah, al-Iskandarīyah, 2018.

Al-ʻAlī, ʻA. "Iltizāmāt al-mukallaf wafqan li-Qānūn Ḍarībat al-dakhl al-Urdunī" (in Arabic), Majallat al-ʻUlūm al-qānūnīyah wa-al-siyāsīyah, vol (2), issue 4, 2012.

Al-ʻAnzī, Ḥ. al-taswiyah alṣlḥyh fī Qānūn al-Ḍarībah ʻalá al-dakhl, (in Arabic), 1st ed., al-Markaz Qawmī lil-Iṣdārāt al-qānūnī, al-Qāhirah, 2016.

–––. «al-taswiyah alṣlḥyh fī Qānūn al-Ḍarībah ʻalá al-dakhl". (in Arabic) 1st ed, al-Markaz al-Qawmī lil-Iṣdārāt al-qānūnī, al-Qāhirah, 2016.

al-Faḥl, ʻA. al-ḍamānāt al-dustūrīyah llmklf fī al-majāl al-ḍarībī". (in Arabic) 1st ed, Manshūrāt Zayn al-Ḥuqūqīyah, Bayrūt, Lubnān, 2016.

Al-Fāʻūrī, A. al-ṭaʻn fī qarār taqdīr Ḍarībat al-dakhl fī al-Urdun, (in Arabic), (Risālat duktūrāh), Kullīyat al-Ḥuqūq, Jāmiʻat ʻAyn Shams, 2019, (unpublished).

Al-Fiqī, ʻA. Al-Masʼūlīyah al-jināʼīyah llshkhṣ al-Maʻnawī ʻan al-jarāʼim al-iqtiṣādīyah (in Arabic), 1st ed., Markaz al-Dirāsāt al-ʻArabīyah, 2019.

Al-Ḥamdānī, M. "fikrat al-isnād fī Qānūn al-ʻuqūbāt", (in Arabic), Majallat al-Rāfidayn lil-Ḥuqūq, vol (12), issue (46), 2010.

Al-Ḥarrāzī, M. al-munāzaʻāt al-ḍarībīyah wa-wasāʼil inhāʼhā, (in Arabic), 2nd ed., Dār al-Nahḍah al-ʻArabīyah, al-Qāhirah, 2012.

ʻĀliyah, S, Haytham S, al-Wasīṭ fī sharḥ Qānūn al-ʻuqūbāt, (in Arabic) 3rd ed., Manshūrāt al-Ḥalabī al-Ḥuqūqīyah, Bayrūt, 2020.

Al-Jundī, Ḥ, al-qānūn al-jināʼī al-ḍarībī, (in Arabic), Part 1 &2, Dār al-Nahḍah al-ʻArabīyah, al-Qāhirah, 2006.

Al-Khuzāʻī, Z. "Tajrīm al-ḍarībī fī ẓill al-qawānīn al-ʻIrāqīyah", (in Arabic), Majallat al-Qādisīyah wa-al-ʻUlūm al-siyāsīyah, vol (13), issue (1), Ḥazīrān, 2022.

ʻAllām, A. al-jarāʼim al-ḍarībīyah wāltṣālḥ al-ḍarībī”, (in Arabic), 1st ed., Dār al-Nahḍah al-ʻArabīyah, al-Qāhirah, 2012.

Al-Munjī, I, al-ṭaʻn bi-al-naqḍ al-ḍarībī: al-tanẓīm al-qānūnī wālājrāʼy lil-ṭaʻn al-ḍarībī (in Arabic), 1st ed., Munshaʼat al-Maʻārif, al-Iskandarīyah, 2006.

Al-Shūbakī, S. "Qarār taqdīr Ḍarībat al-dakhl wa-ṭuruq al-ṭaʻn bi-hi", (in Arabic), Majallat al-Ḥuqūq, Jāmiʻat al-Kuwayt, vol. 24, issue 2, 2000.

Al-Ṭanṭāwī, I. al-Ḥimāyah al-jināʼīyah lʼyrādāt al-dawlah min al-ḍarāʼib ʻalá al-dakhl, (in Arabic), 1st ed., Dār al-Nahḍah alʻrbytan 2006.

Artymh, W. “Madá tawāfuq Aḥkām Qānūn al-jarāʼim al-iqtiṣādīyah al-Urdunī raqm 11 li-sanat 1993” (in Arabic). Majallat Kullīyat al-sharīʻah wa-al-qānūn bi-Tafahnā alʼshrāf-Daqahlīyah, vol. 19, issue 6, 2017.

Bahnas, Y. al-jarāʼim al-ḍarībīyah , (in Arabic), 1st ed., Markaz al-Dirāsāt al-ʻArabīyah lil-Nashr wa-al-Tawzīʻ, al-Qāhirah, 2015.

ʻBāynh, F. wa Ṣalāḥ al-Dīn, Ḥ, waqafa al-tanfīdh fī al-qānūn al-jināʼī, (in Arabic) 1st ed., Markaz al-Kitāb al-Jāmiʻī, ʻAmmān, 2016.

Bū ʻAzm, ʻĀ, Jarāʼim jibāyat al-sharikāt al-Tijārīyah, (in Arabic), 1st ed., Markaz al-Kitāb al-Akādīmī, ʻAmmān, 2021.

Bū ʻAzm, ʻĀ. Mukāfaḥat Jarāʼim jibāyat al-sharikāt al-Tijārīyah (in Arabic), 1st ed., Markaz al-Kitāb al-Akādīmī, ʻAmmān, 2022.

Dahshān, Y, al-Ḥimāyah al-jināʼīyah li-bayānāt al-sharikāt al-muqayyadah fī Sūq al-awrāq al-mālīyah, (in Arabic) (Risālat duktūrāh), Kullīyat al-Ḥuqūq, Jāmiʻat al-Zaqāzīq, ghayr Miṣr, 2020.

Faraj, K. Inhāʼ almnāzʻh al-ḍarībīyah ʻalá al-dakhl bi-ṭarīq al-ittifāq, (in Arabic) Manshūrāt al-Munaẓẓamah al-ʻArabīyah lil-Tanmiyah al-Idārīyah, Jāmiʻat al-Duwal al-ʻArabīyah, al-Qāhirah, 2016.

Ḥasan, A. al-Wasīṭ fī al-jarāʼim al-ḍarībīyah wa-al-jumrukīyah, (in Arabic), 1st ed., Dār al-Fikr al-Jāmiʻī, al-Iskandarīyah, 2020.

Ḥilmī, A, al-qaḍāʼ wa-dawruhu fī taswiyat al-munāzaʻāt al-ḍarībīyah, (in Arabic) (Risālat duktūrāh), Jāmiʻat al-Qāhirah, Kullīyat al-Ḥuqūq, Miṣr, 2021.

Ḥusayn, A. "al-Rukn al-Maʻnawī fī al-jarīmah al-iqtiṣādīyah bayna alāftrāḍ wa-al-iqṣāʼ" (in Arabic), Majallat al-bāḥith fī al-ʻUlūm al-qānūnīyah wa-al-siyāsīyah, issueʻ3, Juwān 2020.

Ḥusnī, Maḥmūd Najīb. sharḥ Qānūn al-ʻuqūbāt, (in Arabic), 6th ed., Dār al-Nahḍah al-ʻArabīyah, al-Qāhirah, 1989.

Ibn Shuhrah, S wa-ʻAbd al-Ḥalīm.B "al-muṣālaḥah kʼjrāʼ astthnāʼy lānqḍāʼ al-daʻwá al-ʻUmūmīyah fī Jarīmat al-ghishsh al-jibāʼī", (in Arabic), Majallat al-Ijtihād lil-Dirāsāt al-qānūnīyah wa-al-iqtiṣādīyah, mj7, issue 6, 2018.

Jād, M, al-ḍawābiṭ al-asāsīyah lil-ijrāʼāt al-jināʼīyah fī al-jarāʼim al-ḍarībīyah", (in Arabic) (Risālat duktūrāh), Kullīyat alḥqwq-Jāmiʻat ʻAyn Shams, al-ʻāmm al-Jāmiʻī (2017-2018).

Maḥmūd, H., al-siyāsah al-jināʼīyah lil-jarīmah al-ḍarībīyah, (in Arabic) (Risālat duktūrāh), Kullīyat al-Ḥuqūq, Jāmiʻat ʻAyn Shams, Miṣr, 2019.

Malīḥ, Y., "al-wasāʼil al-badīlah li-faḍḍ al-munāzaʻāt al-ḍarībīyah fī al-qānūn al-Maghribī wa-al-muqāran", (in Arabic) al-Majallah al-Maghribīyah lil-Idārah al-Maḥallīyah wa-al-tanmiyah, ʻissue 162, 2022.

Mashkūr, M. "Khuṣūṣīyat al-Masʼūlīyah al-jināʼīyah fī al-jarīmah al-iqtiṣādīyah", (in Arabic) Majallat al-ʻUlūm al-Insānīyah li-Jāmiʻat Umm al-Bawāqī, vol. 8, issue 2, Jūn 2021.

Muḥammad, M. almnāzʻh al-ḍarībīyah fī al-tashrīʻ al-Miṣrī al-muqāran, (in Arabic) Risālat duktūrāh, Jāmiʻat ʻAyn Shams, Kullīyat al-Ḥuqūq, 1998.

Muḥibb, A. al-Sulṭah al-taqdīrīyah lmʼmwry al-ḍarāʼib fī niṭāq ḍarāʼib al-dakhl, (in Arabic) Dār al-Kutub wa-al-Dirāsāt, Dawwin al-ishārah ilá makān al-Nashr, 2020.

Nāshid, S. al-Wajīz fī al-mālīyah al-ʻĀmmah (in Arabic), Dār al-Jāmiʻīyah al-Jadīdah, al-Iskandarīyah, 2000.

–––. Ẓāhirat al-Taharrub al-ḍarībī al-dawlī wa-āthāruhā ʻalá Iqtiṣādīyāt al-Duwal al-Nāmiyah (in Arabic). Dār al-Maṭbūʻāt al-Jāmiʻīyah, al-Iskandarīyah, bi-dūn sanat Nashr.

Ṣiddīq, R. al-aḥkām al-ʻĀmmah li-Qānūn al-Ḍarībah ʻalá al-dakhl, (in Arabic) Dār al-Nahḍah al-ʻArabīyah, al-Qāhirah, 2007.

Surūr, A, wālmry. B, al-jarāʼim al-ḍarībīyah, (in Arabic), Dār al-Ahrām lil-Nashr wa-al-Tawzīʻ, al-Qāhirah, 2022.

Surūr, A. Al-Ḥimāyah al-dustūrīyah lil-Ḥuqūq wa-al-ḥurrīyāt (in Arabic), 2nd ed., Dār al-Shurūq, al-Qāhirah, 2000.

Wyzh, B., al-Masʼūlīyah al-jazāʼīyah llshkhṣ al-Maʻnawī ʻan al-jarīmah al-iqtiṣādīyah (in Arabic), (Risālat duktūrāh), Jāmiʻat Mawlūd Muʻammarī, Kullīyat al-Ḥuqūq wa-al-ʻUlūm al-siyāsīyah, al-Jazāʼir, 2014.

Zaytūn, M, Jarīmat al-Taharrub al-ḍarībī al-nāshiʼah ʻan al-Tijārah al-iliktrūnīyah, (in Arabic) (Risālat duktūrāh), Kullīyat alḥqwq-Jāmiʻat Banhā, Miṣr, 2020.



[1] الجريدة الرسمية (الوقائع الفلسطينية)، عدد ممتاز (5)، (24/10/2011)، ص2.

[2] يونس مليح، "الوسائل البديلة لفض المنازعات الضريبية في القانون المغربي والمقارن"، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، ع162، 2022، ص155.

[3] حيدر وهاب عبود العنزي، التسوية الصلحية في قانون الضريبة على الدخل، ط1، المركز القومي للإصدارات القانوني، القاهرة، 2016، ص164.

[4] شوال بن شهرة وبن بادة عبد الحليم، "المصالحة كإجراء استثنائي لانقضاء الدعوى العمومية في جريمة الغش الجبائي"، مجلة الاجتهاد للدراسات القانونية والاقتصادية، مج7، ع6، 2018، ص176.

[5] رضا السيد عبد العاطي، التصالح في الجرائم الضريبية، ط1، دار محمود، القاهرة، 2016، ص102.

[6] أحمد خالد سعد زغلول حلمي، القضاء ودوره في تسوية المنازعات الضريبية [رسالة دكتوراه غير منشورة]، جامعة القاهرة، كلية الحقوق، مصر، 2021، ص236.

[7] سالم محمد الشوبكي، "قرار تقدير ضريبة الدخل وطرق الطعن به"، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، مج24، ع2، 2000، ص181.

[8] خيري عثمان فريز فرج، "إنهاء المنازعة الضريبية على الدخل بطريق الاتفاق"، منشورات المنظمة العربية للتنمية الإدارية، جامعة الدول العربية، القاهرة، 2016، ص35.

[9] أحمد حسن أبو صباح، "الطعن القضائي لقرارات ضريبة الدخل أمام محكمة البداية الضريبية"، مجلة الميزان للدراسات الإسلامية والقانونية، مج9، ع1 (2022)، ص538.

[10] فرج، ص180 وما بعدها.

[11] محمد أحمد عبد الرؤوف محمد، المنازعة الضريبية في التشريع المصري المقارن [رسالة دكتوراه غير منشورة]، جامعة عين شمس، كلية الحقوق، مصر، 1998، ص700.

[12] أشرف رجب محب، السلطة التقديرية لمأموري الضرائب في نطاق ضرائب الدخل، دار الكتب والدراسات، مصر، 2020، ص53.

[13] الشوبكي، ص211.

[14] المادة (201) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني رقم (2) لسنة 2001.

[15] أحمد عبد المهدي أمين الفاعوري، الطعن في قرار تقدير ضريبة الدخل في الأردن [رسالة دكتوراه غير منشورة]، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، مصر، 2019، ص95.

[16] محكمة التمييز الأردنية، الحكم رقم (1327) لسنة 2006، قسطاس نشر المعرفة القانونية، تاريخ الزيارة: 3/11/2022.

https://qistas.com/ar/decs/info/480820/2?sw=المكلف%20ضريبه%20الدخل&stype=1&ex=&vmode=1

[17] إبراهيم المنجي، الطعن بالنقض الضريبي: التنظيم القانوني والإجرائي للطعن الضريبي، ط1، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2006، ص90.

[18] محمد، ص647 وما بعدها.

[19] حلمي، ص162.

[20] رمضان صديق، الأحكام العامة لقانون الضريبة على الدخل، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007، ص144.

[21] محمد علي عوض الحرازي، المنازعات الضريبية ووسائل إنهائها، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2012، ص116.

[22] حيدر وهاب عبود العنزي، أحكام الإقرار في تشريع الضرائب المباشرة، ط1، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2017، ص(35-36).

[23] المادة (129) قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني رقم (2) لسنة 2001.

[24] العنزي، ص217.

[25] محمد عبد الصبور أحمد جاد، الضوابط الأساسية للإجراءات الجنائية في الجرائم الضريبية [رسالة دكتوراه غير منشورة]، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، مصر (2017/2018)، ص675.

[26] منصور محمد أحمد، الصلح في القانون الإداري، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2018، ص71 وما بعدها.

[27] فرج، ص193.

[28] الحرازي، ص129 وما بعدها.

[29] المرجع نفسه، ص193.

[30] العنزي، ص232.

[31] حمادة خير محمود، السياسة الجنائية للجريمة الضريبية [رسالة دكتوراه غير منشورة]، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، مصر، 2019، ص465.

[32] أحمد حسن، الوسيط في الجرائم الضريبية والجمركية، ط1، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2020، ص465.

[33] فتوى مجلس الدولة المصري، إدارة الفتوى، ملف رقم 4/1/1416، تحريرًا 24/1/2021، ص6.

[34] أحمد فتحي سرور وبهاء المري، الجرائم الضريبية، دار الأهرام للنشر والتوزيع، القاهرة، 2022، ص61.

[35] السيد أحمد محمد علام، الجرائم الضريبية والتصالح الضريبي، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2012، ص19.

[36] جاد، ص27 وما بعدها.

[37] حسني الجندي، القانون الجنائي الضريبي، ج1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2006، ص17 وما بعدها.

[38] سرور والمري، ص51.

[39] ياسر حسين بهنس، الجرائم الضريبية، ط1، مركز الدراسات العربية للنشر والتوزيع، القاهرة، 2015، ص25.

[40] إبراهيم حامد الطنطاوي، الحماية الجنائية لإيرادات الدولة من الضرائب على الدخل، ط1، دار النهضة العربيةً 2006، ص47.

[41] الطعن رقم 1290، لسنة 36، جلسة 7/3/1967، المشار إليه في: الجندي، ص42.

[42] مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية ونصوصها التطبيقية ونصوص مختلفة ذات الصلة 2021، تاريخ الزيارة: 3/12/2022،

https://doc-fiscale.finances.gov.tn/cimf-internet/proxy/alfresco/api/node/workspace/SpacesStore/e3a26080-fd5f-4ab0-8c7c-04ec8a84fe7c/content/%20%20%20%20.pdf?c=force&noCache=1665822726156&a=true

[43] العنزي، ص45.

[44] أحمد فتحي سرور، الحماية الدستورية للحقوق والحريات، ط2، دار الشروق، القاهرة، 2000، ص541.

[45] محمد حسين الحمداني ودلشاد عبد الرحمن يوسف، "فكرة الإسناد في قانون العقوبات"، مجلة الرافدين للحقوق، مج12، ع46، 2010، ص375.

[46] فواز هاني عباينة وحسام محمد صلاح الدين، وقف التنفيذ في القانون الجنائي، ط1، مركز الكتاب الجامعي، عمان، 2016، ص52.

[47] الحمداني ويوسف، ص378.

[48] أحمد حسين، "الركن المعنوي في الجريمة الاقتصادية بين الافتراض والإقصاء"، مجلة الباحث في العلوم القانونية والسياسية، ع3، جوان 2020، ص106 وما بعدها.

[49] مصطفى مشكور، "خصوصية المسؤولية الجنائية في الجريمة الاقتصادية"، مجلة العلوم الانسانية لجامعة أم البواقي، مج8، ع2، 2021، ص143.

[50] يحيى ابراهيم محمد متولي دهشان، الحماية الجنائية لبيانات الشركات المقيدة في سوق الأوراق المالية [رسالة دكتوراه غير منشورة]، كلية الحقوق، جامعة الزقازيق، مصر، 2020، ص77.

[51]إيهاب الروسان، "القصد الجزائي في القانون التونسي"، تاريخ الزيارة: 22/10/2022، https://www.mohamah.net/law

[52] بهنس، ص129.

[53] حسني، ص627.

[54] سمير عالية وهيثم سمير عالية. الوسيط في شرح قانون العقوبات، ط3، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2020، ص354.

[55] وجدان سليمان إرتيمة، "مدى توافق أحكام قانون الجرائم الاقتصادية الأردني رقم 11 لسنة 1993، وتعديلاته مع الأحكام العامة للجريمة"، مجلة كلية الشريعة والقانون، تفهنا الأشراف، الدقهلية، مج19، ع6، 2017، ص4084.

[56] حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية، رقم 217 لسنة 31، جلسة 4/1/2020، تاريخ الزيارة: 25/10/2022، على الرابط:

https://www.sccourt.gov.eg/SCC/faces/RuleViewer.jspx?_afrRedirect=42768822626893360

[57] حسن، ص188.

[58] العنزي، ص57.

[59] المرجع نفسه، ص170.

[60] حسن، ص170.

[61] عماد ابراهيم الفقي، الوجيز في شرح قانون العقوبات الضريبي الجديد رقم 91 لسنة 2005 بشأن الضريبة على الدخل، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005، ص79.

[62] محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات، ط6، دار النهضة العربية، القاهرة، 1989، ص288 وما بعدها.

[63] المرجع نفسه، ص467 وما بعدها.

[64] حسن، ص194.

[65] زينب صبري محمد الخزاعي، "التجريم الضريبي في ظل القوانين العراقية"، مجلة القادسية والعلوم السياسية، مج23، ع1، 2022، ص375 وما بعدها.

[66] بهنس، ص95.

[67] علي العلي، "التزامات المكلف وفقًا لقانون ضريبة الدخل الأردني"، مجلة العلوم القانونية والسياسية، مج2، ع4، 2012، ص11.

[68] صديق، ص143.

[69] عباس مفرج الفحل، الضمانات الدستورية للمكلف في المجال الضريبي، ط1، منشورات زين الحقوقية، بيروت، لبنان، 2016، ص85.

[70] سوزي عدلي ناشد، الوجيز في المالية العامة، دار الجامعية الجديدة، الإسكندرية، 2000، ص167 وما بعدها.

[71] سوزي عدلي ناشد، ظاهرة التهرب الضريبي الدولي وآثارها على اقتصاديات الدول النامية، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية [د.ت.]، ص6 وما بعدها.

[72] ملاك حنا رزق زيتون، جريمة التهرب الضريبي الناشئة عن التجارة الإلكترونية [رسالة دكتوراه]، كلية الحقوق، جامعة بنها، مصر، 2020، ص40 وما بعدها. (غير منشورة).

[73] عبد الحليم فؤاد الفقي، المسئولية الجنائية للشخص المعنوي عن الجرائم الاقتصادية، ط1، مركز الدراسات العربية، 2019، ص63.

[74] حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية، رقم 103 لسنة 34 قضائية "دستورية". جلسة 2/1/2021، تاريخ الزيارة: 25/11/2022، على الرابط:

https://www.sccourt.gov.eg/SCC/faces/RuleViewer.jspx?_afrRedirect=46420501307588672

[75] عائشة بو عزم، مكافحة جرائم جباية الشركات التجارية، ط1، مركز الكتاب الأكاديمي، عمان، 2022، ص107، وواسطي عبد التور، المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن الجرائم الاقتصادية: الغش الضريبي وتبيض الأموال نموذجًا (رسلة دكتوراه غير منشورة)، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أبي بالقايد، تلمسان، الجزائر، 2016/2017، ص11 وما بعدها.

[76] عائشة بو عزم، جرائم جباية الشركات التجارية، ط1، مركز الكتاب الأكاديمي، عمان، 2021، ص120.

[77] بلعسلي ويزة، المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن الجريمة الاقتصادية [رسالة دكتوراه غير منشورة]، جامعة مولود معمري، تيزي وزو، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، 2014، ص6.

[78] سرور والمري، ص237.

[79] بو عزم، ص132.