Submitted: 1/9/2022

Reviewed: 6/10/2022

Accepted: 18/10/2022

التنظيم التشريعي لمجلس الأمن القومي: دراسة مقارنة بين الأردن ومصر

زيد محمد المقبل

باحث دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة سوسة، تونس

almuqbelzaid@gmail.com

ملخص

إن حداثة تجارب الدول في إنشاء مجالس خاصّة بها للأمن القومي، أفضى إلى ظهور مجالس للأمن القومي في العالم متباينة من حيث الأحكام التشريعية المنظمة لتشكيل أعضائها وآليات تدبير شؤونها الداخلية، واختصاصاتها ومدى نفاذ قراراتها؛ مما يُضعف من قدرة الباحثين على تأسيس حقل علمي منظم حولها، ليعين المشرعين على بناء نُظم تشريعية كافية وملائمة لتنظيم تلك المجالس.

هدفت الدراسة إلى بيان أوجه المقارنة في أحكام التنظيم التشريعي لمجلس الأمن القومي بين الأردن ومصر، وإعمال الموازنة بينهما؛ من خلال استخدام منهج القانون المقارن. فأكدت النتائج وجود تبيان كبير في أحكام ذلك التنظيم التشريعي بين البلدان، لعل أبرز جوانبه؛ أولًا: يمكن توصيف مجلس الأمن القومي الأردني بموجب تركيبة أعضائه بأنه مؤسسة مدنية وعسكرية، بينما يمكن توصيف المجلس المصري بأنه مؤسسة مدنية. ثانيًا: يختص بتدبير الشؤون الإدارية للمجلس شخص واحد في الأردن، بينما يختص بها أمانة عامة في مصر. ثالثًا: أن اختصاصات المجلس في مصر أكثر وضوحًا من اختصاصات المجلس الأردني.

في الختام، صاغت الدراسة عددًا من التوصيات تتبلور حول ضرورة قيام المشرعين بالمقارنة، للاستفادة المتبادلة من بعضهما البعض، ولتطوير تنظيمهما لمجلس الأمن القومي، وضرورة قيام الباحثين بإجراء مزيد من الدراسات المستقبلية حول موضوعاتها.

الكلمات المفتاحية: الأمن القومي، مجلس الأمن القومي، تركيبة مجلس الأمن القومي، اختصاصات مجلس الأمن القومي، قرارات مجلس الأمن القومي

للاقتباس: المقبل، زيد محمد. «التنظيم التشريعي لمجلس الأمن القومي: دراسة مقارنة بين الأردن ومصر»، المجلة الدولية للقانون، المجلد الثاني عشر، العدد المنتظم الثاني، 2023

https://doi.org/10.29117/irl.2023.0272

© 2023، المقبل، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0)تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه؛ طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.

Submitted: 1/9/2022

Reviewed: 6/10/2022

Accepted: 18/10/2022

Legislative Organization of the National Security Council: A Comparative Study between Jordan and Egypt

Zaid Mohammed Almuqbel

Doctorate Researcher, Faculty of Law and Political Science, University of Sousse, Tunisia

almuqbelzaid@gmail.com

Abstract

The recent experience of countries in establishing their own national security councils has led to the emergence of such councils in the world that are different from each other in terms of legislative provisions regulating the composition of their members, the mechanisms for managing their internal affairs, their competencies and the nature of their decisions. This weakens the ability of researchers to establish an organized scientific field around them, to help legislators, build adequate and appropriate legislative systems to organize these councils. Therefore, this study aimed to investigate the comparisons in the provisions of the legislative organization of the National Security Council between Jordan and Egypt, and the realization of the balance between them, using the comparative law approach. The findings of this study confirmed the great variation in the provisions of that legislative organization between countries, perhaps its most prominent aspects are: firstly, the Jordanian National Security Council can be described according to the composition of its members as a civilian and military institution, while the Egyptian Council can be described as a civilian institution. Secondly, one person in Jordan is responsible for managing the council's administrative affairs, while a general secretariat in Egypt is responsible for it. The third aspect implies that the functions of the Council in Egypt are clearer than those of the Jordanian Council. In conclusion, the study formulated a number of recommendations that crystallize on the necessity of the comparative legislature to mutually benefit from each other in order to develop their organization for the National Security Council, and the need for researchers to conduct future studies on related topics.

Keywords: National Security; Composition; Functions and Decisions of the National Security Council

Cite this article as:  Almuqbel Z.M., "Legislative Organization of the National Security Council: A Comparative Study between Jordan and Egypt," International Review of Law, Volume 12, Regular Issue 2, 2023

https://doi.org/10.29117/irl.2023.0272

© 2023, Almuqbel Z.M., licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.


 

المقدمة

يحتل مسعى ضمان الأمن القومي مرتبة متقدمة في هرمية أولويات الدولة، بما يتطلب التنسيق الفعال بين كافة عناصر القوة الوطنية ووضع استراتيجية خاصة به تحدد المخاطر والتهديدات الوشيكة والمحتملة ومدى حدتها، والاستعداد الكامل والتحسب من وقوع المخاطر غير المتوقعة مع اليقين بالقدرة على مجابهتها[1]. ومع تزايد حِدة النزعة القومية للدول مع غياب أدوات الضبط لتنظيم المجتمع الدولي بالقدر الكافي للحيلولة دون انتهاك مبدأ حرمة سيادة الدول، اندفعت بعض الدول نحو إنشاء مؤسسات جديدة قادرة على تحقيق وصيانة أمنها القومي والتطلع المستمر نحو تحسين آليات عملها وفق أسس قانونية[2].

فقد أظهرت التجارب أن الدول الناجحة في إدارة أزماتها الداخلية والخارجية تعتمد في ذلك على العمل المؤسسي وليس الشخصي، ويأتي على قِمة تلك المؤسسات مؤسسة مجلس الأمن القومي التي تُعد بمثابة "بيت الخبرة" لدعم القرار السياسي وفاعلية إدارة الأزمات، فهذا المجلس وإن كان يعطي للوهلة الأولى انطباعًا بأنه مجلس عسكري، إلا أنه في الواقع مؤسسة مدنية معنية بقضايا الأمن القومي من منظور شامل بما يحتويه من أمن عسكري، سياسي، اقتصادي، اجتماعي وثقافي وغير ذلك من أشكال الأمن[3].

وتباينت الدول فيما بينها حول مرجعية التنظيم التشريعي لمجالس أمنها القومي بين الدستور والقانون[4].وفي معظم الدول تتبع هذه المجالس لرئيس الدولة وأحيانًا لرئيس الوزراء، وتضم في عضويتها بالعادة وزراء الدفاع والخارجية والداخلية والاقتصاد والمالية، ويكون للمجلس أمين عام أو منسق أو مستشار مع جسم إداري عملي يتولى الشؤون الإدارية. وتعد الولايات المتحدة الأمريكية أول دولة أنشأت مجلسًا للأمن القومي عام 1947، ثم أخذت بعض الدول بإنشائها؛ كبريطانيا وفرنسا[5]. ومؤخرًا تم استحداث مجالس للأمن القومي في الأردن ومصر؛ بموجب التعديلات الدستورية لعام 2022 في الأردن، وبموجب دستور عام 2014 وتعديلاته لعام 2019 في مصر. تأتي الدراسة الحالية بمهمة دراسة التنظيم التشريعي لهذين المجلسين، وإعمال المقارنة والموازنة فيما بينهما من حيث تشكيل المجلس وإجراءات تدبير أعماله واختصاصاته ومدى نفاذ قراراته، وذلك بعد التمهيد بماهية الأمن القومي. وعليه جرى تقسيم متن الدراسة ليتضمن المبحث التمهيدي، عن ماهية الأمن القومي، والمبحث الأول عن تشكيل مجلس الأمن القومي، ثم المبحث الثاني: تدبير عمل مجلس الأمن القومي، فالمبحث الثالث: اختصاصات مجلس الأمن القومي ونفاذ قراراته.

مشكلة البحث وأسئلته:

تثور إشكالية الدراسة من حداثة تجارب دول المعمورة في إنشاء مجالس الأمن القومي؛ حيث تؤكد أمنية سالم، في مقالها آنف الذكر ، أن هذه المجالس ما تزال مستحدثة، ولا تزال قيد التطوير في التنظيم من حيث؛ التشكيل والصلاحيات حتى في أقدم النظم التي استحدثتها، الأمر الذي خلق نوعًا من التفاوت في التنظيم التشريعي لتلك المجالس بين الدول[6].

يترافق ذلك، مع ضعف عناية الدراسات القانونية بدراسة التنظيم التشريعي لمجالس الأمن القومي، فما زالت علوم: القانون الدستوري والنظم السياسية المقارنة، تخلو من دراسة ذلك التنظيم على النحو الكافي، بل أن غالب على حدود عِلم الباحث المُتبصِر المتخصص في القانون والعلوم السياسية المرجعيات العلمية لتلك العلوم تخلو من تكريس هذه المجالس كأحد المواضيع أو الحقول المعرفية فيها على النحو الأمثل، الأمر الذي أفضى إلى غياب القاعدة العلمية والفقهية الكافية والمنضبطة التي يمكن أن يستند عليها المشرعين لتنظيم مجالس الأمن القومي، أو يستند عليها الباحثين لتقويم مدى كفاية ووضوح تلك القواعد التشريعية، فخرجت على إثر ذلك مجالس للأمن القومي للدول متباينة فيما بينها من حيث تنظيمها التشريعي. وعليه يمكن صياغة مشكلة الدراسة بالسؤال الرئيس التالي: ما أوجه المقارنة في التنظيم التشريعي لمجلس الأمن القومي بين دول المقارنة؟ يتفرع منه الأسئلة الفرعية التالية:

1-  هل يمكن توصيف مجلس الأمن القومي؛ كمؤسسة مدنية أم عسكرية، تبعًا للأحكام المنظمة لتشكيل المجلس في التنظيم التشريعي المقارن؟

2-  ما مدى كفاية أحكام التنظيم التشريعي المقارن في معالجة مسائل تدبير أعمال مجلس الأمن القومي؟

3-  ما مدى كفاية أحكام التنظيم التشريعي المقارن في تحديد اختصاصات مجلس الأمن القومي ومدى نفاذ قراراته؟

أهمية البحث:

إن غياب التقعيد التشريعي والفقهي الموحد للأحكام المُنظمة لمجالس الأمن القومي، يُفقد المشرعين والدارسين قدرتهم على تقييم تلك الأنظمة للتعرف على أكثر نماذجها اكتِمالًا وكفاءةً. كما من شأن ذلك أن يزيد من احتمال قيام بعض مُشرعي الدول بسن أحكام تشريعية غير كافية أو غير مناسبة لتنظيم مجلس الأمن القومي؛ كأن تنص على وضع أشخاص غير مؤهلين أو غير ممثلين لكافة شؤون الأمن القومي بما يُفقد المجلس القدرة في التعامل معها، أو أنها لا تحسن معالجة الشؤون الإجرائية المُدبرة لإجراءات عمله بما يُعرقل مهام أعضائه، أو أنها لا تجيد التحديد الدقيق والمناسب لاختصاصات المجلس على النحو الذي قد يُشتت ويُضعِف أدائه أوقد يُطلق يد المجلس لتسيطر على كافة مفاصل الدولة والمجتمع؛ ولو من غير قصد، فتختزل عمل مؤسسات الدولة الأخرى في قبضتها، لا سيما إن أقر التشريع إلزامية نفاذ قرارات المجلس على الكافة.

على ذلك تأتي الأهمية العملية للدراسة من أنها توضح مدى سلامة وكفاية التنظيم التشريعي لمجلس الأمن القومي في الأردن ومصر، من حيث قدرة التنظيم على التمثيل المناسب لقطاعات الدولة في تشكيلة أعضاء المجلس، وحسن تدبير شؤون عمله، ومدى كفاءته في تحديد اختصاصات المجلس ومدى نفاذ قراراته. فتُظهِر الدراسة أوجه الضعف والقوة إن وجدت في أحكام التنظيم وتعقد المقارنة والموازنة بين التجربتين الأردنية والمصرية حول تلك الأحكام، بما يسهم في تطوير التنظيم التشريعي لكِلا المجلسين. وعلى الجانب النظري، فتتأتى أهمية الدراسة من كونها تعالج جانب من النقص المعرفي حول موضوعها، وتُثير اهتمام الباحثين إليه وتحفزهم نحو التعمق في البحث فيه ولدى تشريعات مقارنة أخرى بما يسهم في بناء حقل علمي متكامل؛ كأحد فروع القانون الدستوري أو النظم السياسية المقارنة، يُشكل ركيزة علمية تعين المشرعين على التنظيم التشريعي لمجالس الأمن القومي بالكيفية التي تجعلها مؤهلة لتحقيق غاياتها بالشكل الأمثل.

منهج البحث:

تعتمد الدراسة على منهج القانون المقارن الذي يعتبر منهج عقلي تجريدي يقوم على توظيف الموازنة بين نصين تشريعين أو أكثر؛ لاستنباط أوجه التشابه والاختلاف بينها بغية تحسين النصوص بالاستفادة من تجارب الدول في مجال ما، والعمل على التقريب بين تشريعات دولتين أو أكثر؛ حتى وإن كانت تلك التشريعات تنتمي لأنظمة قانونية متباينة، بغية توحيدها أو استخلاص القواعد المشتركة بينها، عبر انتهاج عدة خطوات في الدراسة تبدأ بتحديد وعرض النصوص وتحليلها ضمن الأنظمة القانونية للدول محل المقارنة، مرورًا باستخلاص المقارنة والتركيب بعد التحليل وصولًا للتقريب بين النصوص المقارنة وتوحيدها. ومن ثم، معالجة ما يشوبها من ضعف واستكمال ما بها من نقص من خلال الاستفادة المتبادلة بين تشريعات الدول محل المقارنة بُغية تطويرها. إذ لا ينحصر دور هذا المنهج في الكشف عن أوجه الشبه والاختلاف بين التشريعات وحسب، وإنما يرمي للتقريب فيما بينها والعمل على تحسينها[7].

وتُوظِف الدراسة هذا المنهج من خلال عرض وتحليل النصوص التشريعية المنظمة لأحكام مجلس الأمن القومي في الأردن ومصر، وإعمال المقارنة والموازنة بينها لرصد أوجه الشبه والاختلاف في سعي الدراسة لبيان القواعد المشتركة بين البلدين، ومحاولة معالجة جوانب الضعف في أحد التنظيمين التشريعيين بالاعتماد على جوانب القوة في التنظيم الآخر.

الدراسات السابقة:

تزخر المكتبات وقواعد البيانات بالدراسات المتخصصة بالأمن القومي، على أنها فقيرة بالدراسات المعنية بدراسة مجالس الأمن القومي الوطنية لا سيما العربية منها، وتزداد فقرًا بالدراسات القانونية المتخصصة بالبحث في التنظيم التشريعي لتلك المجالس. ومن ثم، فإن الباحث يستعرض فيما يلي أكثر الدراسات السابقة صِلةً بالدراسة الحالية:

-     دراسة (سالم، 2020)؛ بعنوان: "فاعلية مأسسة مجالس الأمن القومي في إدارة أزمات السياسة الخارجية". هدفت للتعرف على دور مجالس الأمن القومي في إدارة الأزمات وبالأخص أزمات السياسة الخارجية، في كل من الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني "إسرائيل" وإيران. معتمدةً في ذلك على عدة مناهج: التاريخي، المؤسسي، المقارن، ومنهج دراسة الحالة. فأظهرت النتائج أن مجلس الأمن القومي لتلك البلدان يُعد مؤسسة مدنية وليست عسكرية تُعنى بشؤون الأمن القومي من منظور شامل. كما تبين أنها عبارة عن مؤسسات تنفيذية ترتبط برئيس الدولة أو برئيس الوزراء، وذات أدوار استشارية وليست إلزامية، باستثناء الحالة الإيرانية التي تُوسِع من صلاحيات المجلس نحو اتخاذ القرارات.

-     دراسة (عبد، 2020)؛ بعنوان: "مجلس الأمن القومي التركي". هدفت للتعرف على تركيبة مجلس الأمن القومي التركي وطبيعة عمله واختصاصاته ودوره في توجيه وقيادة السياسة التركية الداخلية والخارجية. ولم تحدد الدراسة منهجيتها، على أن المنهج التاريخي يطغى عليها. وقد أظهرت النتائج أن مجلس الأمن القومي مر بمراحل شهدت تطورًا واضحًا في اختصاصاته، ويميل إلى الجانب العسكري أكثر منه إلى الجانب المدني لأن أكثر من نصف أعضائه وقياداته من العسكر، وأن دستور 1982 عزز صلاحيات المجلس وأطلق اختصاصه في كل مفاصل الدولة وبمختلف مسمياتها، وتخلُص الدراسة باستنتاج أن مجلس الأمن القومي التركي ذو سيطرة قوية على الدولة التركية وسياساتها الداخلية والخارجية.

-     دراسة (أمشاوي، 2017)؛ بعنوان: "المجلس الأعلى للأمن القومي بالمغرب: دراسة على ضوء التجارب المقارنة". هدفت للتعرف على الدور الممكن للمجلس الأعلى للأمن في مسار صناعة القرار الأمني في المغرب. وفي سبيل تحقيق ذلك استخدمت الدراسة المنهج المقارن باستعراض تجارب مجالس الأمن في كل من الولايات المتحدة، وبريطانيا وفرنسا. أظهرت النتائج أن تلك المجالس في تجارب الدول المقارنة تعتبر هيئات مساعدة لرئيس الدولة أو لرئيس الوزراء في اتخاذ قراراتهم، ويبرز دورها في أوقات الأزمات التي تتحول فيها إلى ما يشبه الحكومات المصغرة. أما في المغرب فإنه من الصعوبة الحسم في طبيعة دور المجلس فيما إذا كانت تقريرية أم استشارية نظرًا للبس في الصياغة الدستورية، وأن المجلس من المتوقع أن يساهم بشكل كبير في صناعة القرار الأمني نظرًا لتشكيلة أعضائه التي تضم صناع القرار العام وممثلي مختلف السلطات؛ التنفيذية والتشريعية والقضائية. ومن ثم، فإن المجلس وإن لم يكن هيئة لاتخاذ القرار، فهو مختبر لصناعته وتمريره عبر قنوات أخرى أهمها مجلس الوزراء.

التعقيب على الدراسات السابقة:

بعد استعراض تلك الدراسات، يتضح ما يلي:

-     أوجه الاتفاق مع الدراسة الحالية: تتفق جميع الدراسات مع هذه الدراسة من كونها تتناول موضوع مجلس الأمن القومي، وتطرقت إلى بيان تركيبته واختصاصاته.

-     أوجه الاختلاف عن الدراسة الحالية: هناك عدة أوجه للاختلاف لعل أبرزها؛ أولًا: أن أيًا من الدراسات السابقة لم تتناول موضوعها في الأردن أو مصر. ثانيًا: اختلاف الهدف؛ فعلى الرغم من أن تلك الدراسات أوضحت بعض جوانب التنظيم التشريعي لمجالسها، إلا أن ذلك جاء في سياق ثانوي بعيد عن غاياتها الرئيسية غير المعنية بالأصل ببيان التنظيم التشريعي لتلك المجالس وإعمال المقارنات فيما بينها وفق منهجية قانونية مقارنة منضبطة. في حين تختص الدراسة الحالية بتوضيح التنظيم التشريعي لمجلس الأمن القومي في الأردن ومصر والكشف عن أوجه المقارنة فيما بينهما.

المبحث التمهيدي: ماهية الأمن القومي

الأمن القومي مفهوم ذو دلالات واسعة لا تقتصر على جانب واحد من جوانب الحياة على مستوى المجتمع والدولة[8]. يضطلع هذا المبحث بمهمة التعريف بمفهوم الأمن القومي (المطلب الأول)، وصولًا إلى بيان مدلوله المعاصر (المطلب الثاني).

المطلب الأول: مفهوم الأمن القومي

يتكون مصطلح الأمن القومي (National Security) من شقان؛ الأمن والقومية، ففيما يتعلق بالأمن (Security) فيُعد أحد مكونات كل جانب من جوانب الحياة البشرية، فهو يرتبط بجميع مجالات وأنواع النشاط الإنساني ويُعد القيمة الإنسانية المطلقة والشرط الأساسي للحياة والحرية والدافع للعمل والتنمية، فمن المستحيل تحقيق الأهداف الاجتماعية إذا لم يتحقق الأمن، وجرى تعريفه بأنه غياب التهديدات والشعور بالثقة والحماية من الخطر[9]. وعرف بأنه غياب التهديدات للقيم المكتسبة[10]، ويعني أيضًا التحرر من ظواهر التهديد والخطر والضعف والإكراه والهجوم[11].

وفيما يتعلق بالقومية (Nationalism)، فهي مفهوم يستخدم اليوم لتحديد الهوية الذاتية للدولة، مُشيرًا إلى الأفكار والممارسات المرتبطة بالأمة، فالقومية بذلك مكون لا يتجزأ من الأمة والدولة ويرتبط بمصالحهما الوطنية[12].فعندما أصبحت الدولة الإدارية المحددة إقليميًا هي الشكل المهيمن للتنظيم السياسي الحديث، ظهر حافز واضح وملح للشعوب لإعادة بناء نفسها سياسيًا على خطوط الدولة، وعندما طوقت الدول بعضها البعض، أصبحت كل منها دولة قومية، وعلى ذلك عُرفت القومية بأنها مبدأ سياسي بالدرجة الأولى يرى أن الوحدة السياسية والوطنية يجب أن تكون متطابقة[13].

القومية بمثابة فكرة جديدة لربط الناس بدولهم، لتُمثل شعب بلد ما كمجموعة موحدة داخليًا لها مصالح مشتركة وقادرة على العمل، فهي فكرة جاءت لوصف أو بناء جماعة فاعلة "الشعب"[14]، أو هي بمثابة أيديولوجيا جديدة لصياغة الهويات الأولية تنافست مع مفاهيم؛ المحلية، المدينة، العائلة، والدين، كرابط بين شعوب الأمة والدولة[15]. وعلى ذلك يظهر للباحث أن القومية هي الحس أو النزعة السياسية الجماعية للأمة تلك النزعة التي تؤطر قانونًا بالدولة، فتسمى الدولة عندئذ "الدولة القومية".  

وبالربط بين الشقان؛ الأمن والقومية، يخرج مصطلح "الأمن القومي "الذي ارتبط ظهوره بنشأة الدولة الحديثة "دولة وتفاليا" بموجب معاهدة وستفاليا (Westphalia) عام 1648، التي أقرت مبدأ سيادة الدولة أي السلطة الحصرية للدولة على إقليمها واستقلالها من التدخل الخارجي، وكذا مبدأ أن جميع الدول متساوون في السيادة[16].على أن مفهوم الأمن القومي بقيَّ بعيدًا عن الضبط الكافي قبالة انتهاء الحرب الباردة، فلم يكن مفهومًا تحليليًا مهمًا يستخدمه المتخصصين في الدراسات الأمنية، بل كانت القوة العسكرية وليس الأمن هي الشغل الشاغل لتلك الدراسات[17].على أن نهاية الحرب الباردة وما صاحبها من ظروف وتغيرات، جلبت اهتمام الباحثين نحو محاولة وضع تعريفات خاصة بالأمن القومي، فجرى تعريفه بأنه كل تلك السياسات العامة التي تضمن بقاء الدولة القومية كمجتمع منفصل وذي سيادة وتضمن بذات الوقت سلامة وازدهار مواطنيها[18]. وعُرِفَ الأمن القومي بأنه تأمين سلامة الدولة ضد أخطار خارجية أو داخلية قد تؤدي بها إلى الوقوع تحت سيطرة أجنبية نتيجة ضغوط خارجية أو انهيار داخلي[19]. كما جرى تعريفه بأنه حالة ترى فيها الدولة عدم وجود خطر من شن هجوم عسكري أو ممارسة ضغط سياسي أو إكراه اقتصادي عليها، بما يمكنها من العمل بحرية نحو تحقيق تنميتها الذاتية وتقدمها[20].

وجرى تمييز مفهوم الأمن القومي (National Security) عن مفهوم الدفاع أو الأمن الوطني (National Defence) حيث يُعد هذا الأخير جزء من الأول أو مطلب مهم من مطالب تحقيق الأمن القومي؛ إذ يرتبط الدفاع الوطني بالقوة والاستعداد العسكري، فالأمن العسكري هو الجانب الأكثر وضوحًا للدفاع الوطني والذي بدونه يكون النقاش حول الأمن بلا معنى، على أن ذلك الدفاع لا يختزل كل جوانب مفهوم الأمن القومي[21]. فمفهوم الأمن الوطني يشير إلى حصانة التأمين الذاتي للدولة ونظامها السياسي من جانب عسكري، فهو يقاس بالقدرة العسكرية فقط، بينما لا يقاس الأمن القومي بالقدرة العسكرية وحسب، وإنما بمجموع إمكانيات الدولة في الحفاظ على مقدراتها الحاضرة والمستقبلية، بحيث أن القوة العسكرية لا تكفي بمفردها لتحقيق ذلك[22].وعليه، يظهر أن الأمن الوطني "الدفاع" جانب من جوانب مفهوم الأمن القومي، ويمكن للباحث تعريف هذا الأخير بأنه حالة من السكينة والثقة والاطمئنان يغيب فيها كافة أشكال التهديد والخطر على وجود ومصالح الأمة والدولة معًا.

المطلب الثاني: المدلول المعاصر للأمن القومي

تقليديًا، ارتبط مدلول الأمن القومي بالجانب العسكري فقط، مُشيرًا إلى قوة الدولة العسكرية وقدرتها على حماية ذاتها عسكريًا عند الضرورة[23]. وتمثل هدف الأمن القومي بحماية سيادة الدولة باستخدام تلك القوة، فالدولة لا يمكنها تحقيق أمنها القومي للحفاظ على سيادتها دون امتلاكها لأدوات الحرب "القوة العسكرية"[24].

على أن التطورات التي شهدها العالم نهاية القرن الماضي غيرت المدلول التقليدي للأمن القومي نحو مزجه بأبعاد أشمل تنطوي على ضمان أمن المجتمع ليكون قادرًا على تحقيق أهدافه وحماية مصالحه[25]. كما جرى الربط بين أمن الفرد "المواطن" بالأمن القومي من منطلق أن الدولة الحديثة ليست كيانًا بعيدًا منفصلًا عن الأمة تفرض نفسها عليها، وإنما هي نتاج القومية وتمثل وتحمي مصالحها، بحيث يضمن المواطنين أمنهم الفردي والجماعي عبر الدولة القومية، وبذلك يصبح الأمن الشخصي للفرد معتمد على الأمن القومي بل ويماثله، وأن الدولة لا يمكن أن تشكل تهديدًا لمواطنيها الذين ترتبط مصالحهم الشخصية بمصالح دولتهم[26]. ومع بداية الألفية الجديدة شهد العالم جملة أوسع من التغيرات جعلت من الأمن القومي أكثر تعقيدًا، نظرًا لزيادة وكثافة الترابط بين دول المعمورة إلى الدرجة التي أصبح من المستحيل معها أن تجعل أي دولة قادرة على تحقق أمنها القومي بشكل مستقل دون الاعتماد على التعاون مع الدول الأخرى[27].

فالأمن القومي في مدلوله المعاصر لا يقتصر على القوة العسكرية وإن كان يشملها، بل بات يرتبط بالإنسان والتنمية، وذي مدلول شامل يدخل في تكوينه اعتبارات مختلفة منها الداخلي ومنها الخارجي، منها الاقتصادي ومنها الاجتماعي، منها العسكري ومنها السياسي، وبات الأمن الاجتماعي يرتبط بقدرة المؤسسات السياسية على تحقيق التضامن الاجتماعي في الداخل والاستقلال في الخارج، بما يعني أن تحقيق أمن المجتمع هو أساس تحقيق أمن الدولة، وأن أمن المجتمع لا يتحقق إلا عبر تحقيق أمن الفرد باعتباره مضمون ومادة المجتمع عن طريق تحسين ظروفه المادية والمعنوية[28].

وعلى ذلك يرى "عليوة" أن الأمن القومي يرتبط بتأمين كيان الدولة ضد الأخطار القائمة و/ أو المحتملة التي تهدده من الداخل والخارج، وتأمين مصالحها وتهيئة الظروف الملائمة لتحقيق غاياتها وأهدافها القومية، ويتضمن التحرر من التهديدات الخارجية العسكرية وسلامة الوطن وسيادته وأراضيه، إلى جانب تحقيق الاستقرار السياسي والتكامل الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والتوازن البيئي[29]. وبحسب "ودوده" فإن الأمن القومي يرتبط بتحقيق أهداف الدولة الوطنية الرامية لحماية أراضيها وثرواتها ومكتسباتها واستقلالها السياسي والاقتصادي، بما يضمن بقاء كيانها وينمي قوتها. فالأمن القومي عملية مركبة تحدد قدرة الدولة على التنمية وحماية مقدراتها على كافة المستويات من خلال كل الوسائل والسياسات المتاحة ضمن إطار فلسفة قومية شاملة تستند على كافة المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية[30]. وفي ذات السياق، يؤكد "عودة وآخرون" على أن الدولة ليس بمقدورها تحقق أمنها إن كانت عاجزة عن تأمين الحد الأدنى من الاستقرار الداخلي الذي بدوره يقوم على قيم العدالة والمساواة والتنمية، وصيانة الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية والديمقراطية[31].

من ثم، يتفق المتخصصون اليوم على أن مدلول الأمن القومي متعدد الأبعاد؛ كالبعد السياسي، العسكري، الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي، المعلوماتي، التكنولوجي، والبيئي[32]. وتعد كل من تلك الأبعاد محورية في تركيبة الأمن، وتنسجم جميعها مع بعضها البعض في شبكة قوية من الترابط، فباتت مشكلة الأمن القومي مشكلة مركبة منهجية يلعب فيها الأفراد والدول والنظام الدولي دورًا فيها، وتكون فيها جميع العوامل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وغيرها بنفس أهمية العوامل السياسية والعسكرية[33].

كما تعددت مصادر تهديد الأمن القومي الداخلية منها والخارجية، كتصاعد النزاعات العرقية، والصراعات الاثنية، والهجرة غير الشرعية، وتنامي الجماعات الإرهابية والتنظيمات الإجرامية العابرة للحدود، والفقر والمخاطر البيئية وغيرها الكثير من التهديدات التي لا تعرف حدود فاصلة بين المجالات الداخلية والإقليمية والدولية، وتلاشت الحدود الفاصلة بين حالتي السِلم والحرب، وارتفاع حدة الانكشاف الداخلي للدول، وتعدد الفواعل من غير الدول على المسرح العالمي[34]. ومن كل ذلك يتكشف للباحث ما يلي حول المدلول المعاصر للأمن القومي:

-     لا يقتصر على توفير الحماية العسكرية، على أن تلك الحماية أحد مقومات الأمن القومي التي لا يمكن إنكارها. وهو لا ينحصر أيضًا على حماية كيان الدولة؛ أي النظام السياسي للدولة وسيادتها، بل يشمل حماية المجتمع والأفراد أيضًا، فهو مدلول واسع الأبعاد يشمل كافة مناحي الحياة للمجتمع والدولة؛ السياسية الاقتصادية الاجتماعية البيئية العسكرية والتقنية وغيرها، التي تترابط فيما بينها بحيث إن أي تهديد لأي منحى يُهدد باقي مناحي الحياة ولو بدرجات متفاوتة.

-     أن تحقيق الأمن القومي يتطلب وجود مؤسسات معنية به داخل كل دولة، تستند على قواعد تشريعية واضحة وكافية، وتقوم على قدرات بشرية متخصصة تدرك درجة التعقيد والتعدد والتكامل لأبعاد الأمن القومي، فالسياسيون أو العسكريون وحدهم لا يمكنهم العمل بطريقة تكفل تحقيق الأمن القومي لبلدانهم على النحو الأفضل بمعزل عن المتخصصين في الشؤون الأخرى. 

المبحث الأول: تشكيل مجلس الأمن القومي

يتفاوت تشكيل مجلس الأمن القومي بين تشريعات الدول، فمنها من يجعل منه مؤسسة عسكرية أو مدنية أو كليهما تبعًا لتشكيلة أعضائها، كما تذهب بعض التشريعات إلى النص على جواز استعانة أولئك الأعضاء بالغير من ذوي الاختصاص والخبرة[35] ؛ بما قد يجعل لهم مكانة في عمل المجلس. يختص هذا المبحث ببيان تشكيل أعضاء مجلس الأمن القومي في الأردن ومصر (المطلب الأول)، ومكانة أهل الاختصاص والخبرة فيه (المطلب الثاني).

المطلب الأول: أعضاء مجلس الأمن القومي

يتكون مجلس الأمن القومي الأردني من تسعة أعضاء، حيث نصت المادة (122/1) من الدستور الأردني على: "ينشأ مجلس الأمن القومي ويتألف من: أ- رئيس الوزراء. ب- وزير الدفاع. ج- وزير الخارجية. د- وزير الداخلية. هـ- قائد الجيش. و- مدير المخابرات. ز- مدير الأمن العام. ح- عضوين يعينهما الملك وفقًا لأحكام الفقرة (2) من المادة (40) من هذا الدستور". وجاء في الفقرة (2) من المادة (122) السابقة ما يلي: "يجتمع عند الضرورة بدعوة من الملك وبحضوره أو بحضور من يفوضه". وعن الحال في مصر، فقد نصت المادة (205) من دستورها على إنشاء مجلس للأمن القومي، يرأسه رئيس الدولة "رئيس الجمهورية" وعضوية اثني عشر شخصًا، حيث نصت تلك المادة على: "ينشأ مجلس للأمن القومي برئاسة رئيس الجمهورية، وعضوية رئيس مجلس الوزراء، ورئيس مجلس النواب، ووزراء الدفاع، والداخلية، والخارجية، والمالية، والعدل، والصحة، والاتصالات، والتعليم، ورئيس المخابرات العامة، ورئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب".

وبإعمال المقارنة بين التشريعين الأردني والمصري يتضح أن المشرعين يلتقيان في أن تكون الشخصيات الطبيعية التالية أعضاء في مجالسها: (رئيس الوزراء، وزير الدفاع، وزير الخارجية، وزير الداخلية، مدير المخابرات). في حين يختلفان فيما بينهما من حيث:

أولًا: أن تشكيلة أعضاء المجلس الأردني أضيق من تشكيلة الآخر المصري، وأن المشرع الأردني لم ينص على عضوية الشخصيات التالية: (رئيس مجلس النواب، وزير المالية، وزير العدل، وزير الصحة، وزير الاتصالات، وزير التعليم، ورئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب (أو ما يقابله في مجلس النواب الأردني إن وجد). بالمقابل فإن المشرع المصري لم ينص على عضوية الشخصيات التالية: (قائد الجيش، مدير الأمن العام، وعضوين يختارهم رئيس الدولة). وبذلك يتضح أن تشكيلة أعضاء مجلس الأمن القومي الأردني هي تشكيلة "مدنية وعسكرية"، فثلاثة أعضاء من أصل سبعة هم من المؤسسات العسكرية، أما العضوين الذين يعينهما الملك، فقد يكونان عسكريان أو مدنيان أو أحدهما عسكري والآخر مدني يرجع اختيارهما لصلاحية الملك، وبالتالي يمكن توصيف مجلس الأمن القومي الأردني من حيث تشكيلة أعضائه بأنه مؤسسة مدنية وعسكرية. أما المجلس المصري، فيضم شخصية عسكرية واحدة فقط هي: (رئيس المخابرات العامة)؛ على اعتبار جهاز المخابرات مؤسسة عسكرية، في حين أن باقي أعضاء المجلس المصري هم من المدنيين، ومن ثم يمكن صبغة بالصفة المدنية، وتوصيفه بأنه "مجلس مدني".

ثانيًا: أن المشرع المصري لم يُخول رئيس الدولة صلاحيات تعيين أعضاء في تشكيلة المجلس، في حين خول المشرع الأردني لرئيس الدولة "الملك" صلاحية تعيين عضوين.

ثالثًا: أن المشرع الأردني لم ينص على أن يترأس الملك مجلس الأمن القومي بل اكتفى بالنص على حضور الملك لاجتماعات المجلس أو حضور من يفوضه. في حين نص المشرع المصري على أن رئيس الدولة يترأس مجلس الأمن القومي. كما أنه بموجب المادة (2) من القانون المصري رقم (19) لسنة 2014 بشأن إنشاء مجلس الأمن القومي[36]، فإن لرئيس الجمهورية الحق في التصويت على قرارات المجلس، حين نصت على: "وتصدر قراراته بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين وعند التساوي يُرجح الجانب الذي منه الرئيس". فهذا النص يُقِر بحق الرئيس بالتصويت، بل ويُعد صوته مُرجحًا لاتخاذ القرارات في حالة تساوي أصوات باقي الأعضاء. في حين أن الملك في الأردن ليس له حق التصويت في المجلس.

وبإعمال الموازنة بين التشريعين الأردني والمصري، يرى الباحث أنه من الأجدر بالمشرع الأردني لو أنه وَسَعَ من تشكيلة أعضاء مجلس الأمن القومي من خلال إدراج مزيد من الشخصيات المدنية في عضويته بُغية زيادة تمثيل الأعضاء المدنيين فيه؛ ليتسنى صبغ المجلس بالصبغة المدنية، وذلك اقتداءً بتجارب بعض الدول المتقدمة؛ كالولايات المتحدة الأمريكية، التي يُعد مجلس الأمن القومي فيها مؤسسة مدنية على النحو الذي أوضحته "سالم"[37]. وهنا يرى الباحث أن من الشخصيات التي يجدر بالمشرع الأردني إدراجها في عضوية المجلس، هي: (رئيس مجلس النواب، ووزير المالية) فهذه الشخصيات بمراكزها الوظيفية ذات أهمية كبيرة؛ فمن جانب أول تعد السلطة التشريعية أحد أهم ركائز الدولة التي يستدعي الأمر تمثيلها لإعمال التنسيق بين السلطات، لا سيما أن مسائل الأمن القومي كما تبين تمس أمن الدولة والأمة معًا بما يستعدي تمثيل هذه الأمة من خلال السلطة التشريعية. ومن جانب ثانٍ فإن وزير المالية هو أيضًا ذو طبيعة وظيفية يراها الباحث جديرة بعضوية مجلس الأمن القومي لكونه على علم كافِ بالظروف المالية للدولة وقادر على إعطاء رأي جدير بأخذه بالحسبان عند اتخاذ المجلس القومي الأردني لقراراته. ومن جانب آخر، يرى الباحث أنه من الأفضل بالمشرع الأردني لو أنه نصَ على أن يترأس الملك مجلس الأمن القومي ويكون له صوت ويُرجح قرارات المجلس في حال تساويها.

أما على الجانب المصري، فيرى الباحث أنه من الأجدر بمشرعها لو أنه أدرج بعض الشخصيات التالية: (قائد الجيش، ومدير الأمن العام (من يكافئهم في مصر) في عضوية المجلس، فهذه الشخصيات بمراكزها الوظيفية العسكرية ذات أهمية كبيرة في المشاركة بمسائل الأمن القومي، فكما تبين مسبقًا أن البُعد العسكري ما يزال حاضرًا في مدلول الأمن القومي المعاصر، بل أنه لا مجال للحديث عن الأمن القومي بإغفال أهمية البعد العسكري أو التقليل من شأنه، بما يتطلب تمثيل أبرز المؤسسات العسكرية في عضوية المجلس وعلى رأسها (مؤسسة الجيش، ومؤسسة الأمن الداخلي "الشرطة").

المطلب الثاني: مكانة أهل الاختصاص والخبرة في تركيبة مجلس الأمن القومي

أجاز كل من المشرعين الأردني والمصري لأعضاء المجلس الاستعانة بأشخاص من خارجه في سبيل إتيانهم لأعمالهم، فقد نصت المادة (6) من نظام مجلس الأمن القومي الأردني[38] رقم (29) لسنة 2022 على: "للمجلس: أ- دعوة من يراه مناسبًا لحضور اجتماعاته للاستئناس برأيه في الموضوعات المعروضة عليه. ب- الاستعانة بالخبراء وتشكيل اللجان لمساعدته على القيام بمهامه". يُقابل ذلك النص الأردني؛ نص المادة (3) من قانون مجلس الأمن القومي المصري التي نصت على: "يجوز للم جلس أن يدعو من يرى من ذوي الخبرة والاختصاص لحضور اجتماعه دون أن يكون لهم صوت معدود".

ويرى الباحث أن كلا المشرعين أصابا في ذلك لأن الكثير من قضايا الأمن القومي تستلزم الاستعانة بأهل الاختصاص من مختلف القطاعات. على أنه يُفهم من مرونة النصين الأردني والمصري أنهما يخولان للمجلس متى أراد الاستعانة بالغير من أهل الاختصاص والخبرة مهما كانت الظروف التي تمر بها البلاد ومهما كانت الموضوعات التي ينظروها وهو الأمر الذي قد ينعكس سلبًا على أداء أعضاء المجلس، فعلى الرغم من أن المشرعين؛ الأردني والمصري، قد أوردا كلمة "المجلس" في النصوص السابقة، بما قد يُفهم منها أن طلب الاستعانة بذوي الخبرة يكون بقرار صادر عن المجلس وليس بقرار شخصي لأحد أعضاء المجلس، أي ليس بِوسع أي عضو أن يطلب الرأي والخبرة من الغير متى شاء، على أن ما يأخذه الباحث على تلك النصوص أنها لم تحدد الحالات التي يجوز فيها للمجلس الاستعانة بالخبرة وذوي الاختصاص، فمرونة النصوص التشريعية السابقة تجيز للمجلس متى شاء أن يستعين بهم، بما قد يقوض صرامة وجدية عمل أعضاء المجلس عبر دوامهم على ذلك النهج طلب الرأي والخبرة أو قد يعرقل ويؤخر سرعة الإنجاز والبت في الموضوعات التي ينظرها المجلس عند طلبه لرأي ذوي الخبرة والاختصاص الذين قد يتأخرون بالرد. لذا كان من الأفضل بالمشرعين لو أنهما حددا معايير أو حالات بعينها يجوز فيها الاستعانة بأولئك الغير؛ من قبيل أنه في حالة تباين الآراء بين أعضاء المجلس والتباسهم حول الموضوع المُثار لديهم، بما يحول دون قدرتهم من الوصول إلى قرار مقنع وصائب بأغلبية أصوات أعضائه، فعندئذ يمكنهم الاستعانة بآراء أهل الاختصاص والخبرة، أو إعمال معيار الزمن أو مدى أولوية ومستوى الموضوع الذي ينظره المجلس؛ فعلى سبيل المثال قد يواجه المجلس قضية أمن قومي تتطلب اتخاذ قرار سريع حولها بما يستدعي الاستعانة بأهل الاختصاص والخبرة لتفادي التأخير الذي قد لا يتحمله الشأن الأمني القومي لحين قيام أعضاء المجلس بدراسته بأنفسهم، فعنصر الزمن يكون مهمًا في مثل هذه الحالات.

المبحث الثاني: تدبير عمل مجلس الأمن القومي

يتطلب تنظيم أعمال المجلس تحديد جملة من المسائل الإجرائية لتدبير شؤون عمله، يضطلع هذا المبحث ببيان التنظيم التشريعي لتلك المسائل لدى مجلس الأمن القومي في الأردن ومصر من حيث أحكام تحديد زمان ومكان انعقاد المجلس (المطلب الأول)، وأحكام تنظيم شؤونه الإدارية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: زمان ومكان انعقاد مجلس الأمن القومي

نصت المادة (122/2) من الدستور الأردني على: "يجتمع عند الضرورة بدعوة من الملك"، ونص المادة (5/أ) من نظام مجلس الأمن القومي الأردني على: "يجتمع المجلس بدعوة من الملك وبحضوره أو حضور من يفوضه". وفي مصر نصت المادة (2) من قانون مجلس الأمن القومي على: "يدعو رئيس الجمهورية المجلس للانعقاد مرة كل ثلاثة أشهر، وكلما دعت الضرورة، ويحدد في الدعوة مكان الانعقاد... وفي حالة إعلان الحرب أو تعرض البلاد للكوارث أو الأزمات يعتبر المجلس منعقدًا بصفة مستمرة". بإعمال المقارنة بين النصين الأردني والمصري يتبين ما يلي:

أولًا: فيما يتعلق بمواعيد "زمان" انعقاد المجلس، فإن المشرعين الأردني والمصري يلتقيان بأنهما أناطا برئيس الدولة مهمة دعوة أعضاء المجلس للاجتماع، ورغم ذلك فإن المشرعين يختلفان عن بعضهما البعض بما يلي:

-     أن المشرع الأردني لم يحددا مواعيد دورية منتظمة للانعقاد، فالمجلس ينعقد فقط عند الضرورة بدعوة من الملك. بينما المشرع المصري نص على دورية الاجتماع كل ثلاثة أشهر مع جواز عقد اجتماعات إضافية عند الضرورة.

-     أن المشرع المصري جعل المجلس منعقدًا من تلقاء نفسه وبصفة مستمرة ومن دون دعوة من رئيس الجمهورية يفهم ذلك ضمنيًا من النص في حالة إعلان الحرب أو تعرض البلاد للكوارث والأزمات، بمعنى أن المشرع المصري ميز في انعقاد المجلس بين الظروف الاعتيادية والظروف الاستثنائية، وهي المسألة التي أغفلها المشرع الأردني.

ثانيًا: فيما يتعلق بمكان انعقاد المجلس، فقد سكت المشرع الأردني عن تحديده، بما يثير التساؤل حول ذلك المكان والجهة التي تحدده. أما المشرع المصري فقد نص صراحةً على أن رئيس الجمهورية يحدد مكان انعقاد المجلس في الدعوة التي يوجهها للانعقاد، على أن التساؤل الذي يُثار هنا هو عن مكان الانعقاد في الحالات الاستثنائية التي اعتبر فيها المشرع المصري المجلس منعقدًا وبشكل تلقائي ومستمر، دون الحاجة إلى دعوة من رئيس الجمهورية، فمن الجهة أو الشخص الذي يحدد مكان اجتماعاتهم في مثل تلك الظروف؟!

وعند الموازنة بين التشريعين الأردني والمصري حول مسألتي زمان ومكان انعقاد المجلس، فإن الباحث يرى أنه من باب أولى بالمشرع الأردني لو أنه: أولًا إلى جانب إعطاء الملك متى شاء صلاحية الدعوة لاجتماع المجلس، قد حدد مواعيد دورية منتظمة لانعقاد المجلس، وذلك من منطلق أن بعض تهديدات الأمن القومي باتت اليوم احتمالية وغير متوقعة بما يستلزم حسن متابعتها ودراستها ورصدها بشكل منتظم ومستمر وواضح ضمن برامج زمنية محددة. ثانيًا لو أنه ميز بين الظروف الاعتيادية والاستثنائية لاجتماعات المجلس بجعل المجلس منعقدًا من تلقاء نفسه وبشكل مستمر في الأوقات الاستثنائية؛ كالحروب والكوارث والأزمات. وبذات السياق، يرى الباحث أنه كان من الأجدر بالمشرعين الأردني والمصري لو أنهما نصا على جواز طلب أعضاء المجلس وفق نصاب معين من رئيس الدولة دعوة المجلس للانعقاد في حالات معينة يرون فيها خطرًا أو تهديدًا أو حتى حاجة معينة تستلزم انعقاد المجلس، بما يجعل المجلس أكثر فعالية وديناميكية وقدرة في التعامل مع مسائل الأمن القومي بشكل مستمر، دون انتظار تقدير رئيس الدولة لتلك الظروف التي تستدعي اجتماع المجلس.

كما يرى الباحث أن المشرعين الأردني والمصري لم يُحددا صراحةً الجهة التي تقدر حالة الضرورة الموجبة لانعقاد المجلس، فالنصوص السابقة نصت على أن رئيس الدولة هو الذي يدعو المجلس للانعقاد عند الضرورة، ولكن من الجهة التي تُحدد تلك الضرورة؟، أيمكن فهمها ضمنًا من سياقات النصوص بأنها "رئيس الدولة"، بحيث ما دام أنه صاحب الولاية بدعوة أعضاء المجلس للاجتماع فهو ذاته الجهة التي تحدد حالة الضرورة؟ أم أن أعضاء المجلس أو أمين سِر المجلس الجاري بيانه هي الجهات التي تقدر حالة الضرورة فتخاطب رئيس الدولة بذلك وعندئذ قد يستجيب هذا الأخير فيدعو المجلس للانعقاد أو لا يستجيب فلا يدعوه؟ وعليه، يرى الباحث أن سكوت المشرعين الأردني والمصري عن التحديد الصريح للجهة المُقدرة لحالة الضرورة وإجراءات ذلك، يُعد خللًا تشريعيًا يستوجب معالجته.  

 أما عن مكان انعقاد المجلس، فيرى الباحث أنه من الأفضل بالمشرع الأردني النص صراحةً على أن يُحدده الملك في الدعوة التي يوجهها لأعضاء المجلس. ومن الأجدر بالمشرعين الأردني والمصري إناطة مهمة تحديد ذلك المكان في الظروف الاستثنائية لاتفاق أعضاء المجلس بالتنسيق مع أمين سر المجلس.

المطلب الثاني: تدبير الشؤون الإدارية لمجلس الأمن القومي

نصت المادة (8) من نظام مجلس الأمن القومي الأردني على: "أ- يكلف أحد كبار موظفي الديوان الملكي بالإضافة لوظيفته بهام أمين سر المجلس. ب- يتولى أمين سر المجلس إعداد جداول أعماله ومتابعة الدعوة لاجتماعاته وحفظ سجلاته وقيوده وتدوين محاضر جلساته ومتابعة تنفيذ قراراته". وعن الحال في مصر، فقد نصت المادة (5) من قانونها لمجلس الأمن القومي على: "تنشأ أمانة عامة للمجلس برئاسة أمين عام وعدد كافٍ من الأعضاء، وتحدد اختصاصات الأمانة العامة ووظائفها وكيفية اختيار أعضائها ونظام العمل بها بقرار من رئيس الجمهورية، ويصدر باختيار الأمين العام قرار من رئيس الجمهورية ويحدد القرار الدرجة الوظيفية والمعاملة المالية للأمين العام". هذا ونصت المادة (6) من ذات القانون المصري على: "يحضر الأمين العام اجتماعات المجلس ويتولى أمانة سر المجلس دون أن يكون له صوت معدود، وللأمين العام الاتصال بجميع المؤسسات الدستورية وأجهزة الدولة التنفيذية وغيرها من الجهات فيما يتعلق بأعمال المجلس". وبالمقارنة بين موقف المشرعين الأردني والمصري يتضح أنه بالرغم من التقاء المشرعين في حرصهما على تدبير شؤون المجلس الإدارية وعدم إناطة ذلك لأحد أعضاء المجلس، إلا أنهما يختلفان فيما بينهما من حيث:

أولًا: إن المشرع الأردني أناط تلك المهمة بشخص واحد يأخذ مُسمى "أمين سر المجلس"، في حين أن المشرع المصري نص على إنشاء أمانة عامة للمجلس تتكون من عدد كافٍ من الأعضاء ولها أمين عام يتولى أمانة سر المجلس، بمعنى أن المشرع المصري شكل هيكل أو طاقم وظيفي إداري إن صح التعبير لإدارة الشؤون الداخلية للمجلس.

ثانيًا: إن المشرع الأردني لم يحدد الجهة المختصة بتحديد أمين سر المجلس، فقد اكتفى بالنص على أن يكون أمين السر أحد كبار موظفي الديوان الملكي، فمن الذي يختاره؟ حيث قد سكتت المادة (122) من الدستور وكذا المادة (8) من النظام بل والنظام ككل من تحديد ذلك، فهل يُحدد بقرار من المجلس يصادق عليه الملك، أم يختاره الملك بقرار منه؟ في حين تنبه المشرع المصري لهذه المسألة فنص على أن الجهة التي تختار أعضاء الأمانة العامة وأمينها العام الذي يأخذ منصب أمين سر المجلس، يتم اختيارهم بقرار من رئيس الجمهورية.

ثالثًا: إن المشرع الأردني لم يخول أمين سر المجلس صلاحية حضور اجتماعات المجلس، أو على أقل تقدير سكت عن بيان مدى صلاحيته في ذلك. بينما المشرع المصري نص صراحة على حضور أمين السر لاجتماعات المجلس.

وبإعمال الموازنة بين التشريعين الأردني والمصري، فيجدر بالمشرع الأردني تشكيل أمانة عامة لتتولى شؤون المجلس الإدارية، فتدبير تلك الشؤون تعد جهدًا كبيرًا ويتعاظم مع الوقت بما قد لا يستطيع حمله شخص واحد لا سيما وأن هذا الشخص هو بالأساس موظف، يُكلف بأمانة سر مجلس الأمن القومي إلى جانب وظيفته في الديوان الملكي، وهو الأمر الذي يراه الباحث جهدًا عظيمًا على عاتق هذا الشخص قد يعرضه للتقصير أو الخطأ على النحو الذي لا يتماشى وحساسية شؤون الأمن القومي التي تتطلب التفرغ والتركيز وحسن التدبير، بما يتطلب فريق وظيفي كامل "أمانة عامة". كما من الأفضل بالمشرع الأردني تحديد الجهة المعنية بتحديد أعضاء الأمانة العامة أو المحددة لأمين سر المجلس، مع النص الصريح على بيان حقه في حضور اجتماعات المجلس.

ويرى الباحث أيضًا أنه من المستحسن بالمشرعين الأردني والمصري لو أنهما أوكلوا مهمة أمانة سر مجلس الأمن القومي لأحد أعضائه، ولو أنهم أيضًا حددوا المراكز الوظيفية الإدارية لأعضاء المجلس أو لجزء منهم من قبيل: رئيس المجلس "في الأردن"، ونائبه، الناطق الرسمي باسم المجلس لتوحيد المرجعية أمام الرأي العام وما إلى ذلك من مراكز يتطلبها تنظيم عمل المركز، وذلك تجنبًا للاختلافات والمشاحنات التي قد تقع بينهم نظرًا لكونهم جميعًا ذو مراكز وظيفية مرموقة في مؤسسات الدولة بما يتطلب حذرًا شديدًا في التنسيق فيما بينهم لأن حدوث أي اختلافات ولو عارضة بينهم قد تعيق عمل المجلس ومن ثم تؤثر سلبًا على حالة الأمن القومي للبلاد، لذا فمن باب أولى بالمشرع التوقي المسبق من ذلك عبر تنظيم مراكزهم داخل المجلس. كما أن إناطة أمانة السر بأحد أعضاء المجلس يحقق قدرًا أعلى في حماية أسرار المجلس، فكل من المنظم الأردني والمشرع المصري، قد نصا صراحة على سرية عمل المجلس، ففي ذلك نصت المادة (7) من النظام الأردني على: "تكون وثائق المجلس ومحاضر اجتماعاته ومداولاته سرية ولا يجوز إفشاؤها حتى بعد انتهاء العضوية وتحت طائلة المسائلة القانونية". وكذا جاء في نصت المادة (2) من القانون المصري ما يلي: "تكون مداولات المجلس سرية". وبالتالي، فإن إناطة مهام أمانة السر لأحد أعضاء المجلس يراه الباحث مُحققًا لقدر من السرية بشكل أكبر من إناطته لشخص من خارج أعضاء المجلس، فعضو المجلس يكون من منطلق منصبه العمومي الذي يشغله على دراية مسبقة إلى حد ما بأسرار الدولة فليست بالغريبة عليه، ومن جهة أخرى أن عضو المجلس غير دائم، لذا سوف ينقطع فيما بعد عن عمل المجلس بعد زوال منصبه العمومي بما يخفف من ضرر إفشاءه للسر، بينما جعل أمين السر من خارج أعضاء المجلس كموظف دائم يجعله على دراية أكبر بأسرار مجلس الأمن القومي، السابقة منها والحاضرة والمستقبلية أي طوال فترة عمله لدى المجلس بما يجعل من إفشاؤه لتلك الأسرار إن حصل أكثر ضررًا. 

المبحث الثالث: اختصاصات مجلس الأمن القومي ونفاذ قراراته

يعتبر مجلس الأمن القوي أحد الأشكال القانونية الرئيسة المسؤولة عن صياغة استراتيجية الأمن القومي في الدولة[39]، فهو يختص بوضع تلك الاستراتيجية ويشرف على حسن تنفيذها ويحدد ماهية وحدود المصلحة القومية للدولة فيها، ويُبين مواطن التهديدات الخارجية والداخلية عليها، وأدوات مجابهتها، ويرسم المجلس السياسات الاستراتيجية لتعزيز جوانب قوة الدولة الواجب استغلالها بالشكل الأمثل لتحقيق ذلك[40].وأن صلاحيات المجلس قد تكون تقريرية أو استشارية أو كليهما[41].يضطلع هذا المبحث بمهمة تحديد اختصاصات مجلس الأمن القومي في الأردن ومصر (المطلب الأول)، مع بيان مدى نفاذ قراراته (المطلب الثاني).

المطلب الأول: اختصاصات مجلس الأمن القومي

دعت المادة (122) من الدستور الأردني إلى إنشاء "مجلس الأمن القومي"، وحددت الفقرة الثانية منها اختصاصه بالنص على: "يختص المجلس بالشؤون العليا المتعلقة بالأمن والدفاع والسياسة الخارجية". وهو ذات النص الذي جاءت به المادة (4) من نظام مجلس الأمن القومي الأردني حين نصت على: "يختص المجلس بالشؤون العليا المتعلقة بالأمن والدفاع والسياسية الخارجية". ويرى الباحث:

أولًا: أن تلك النصوص تحمل نوعًا من الغموض في تحديد اختصاصات مجلس الأمن القومي الأردني؛ نظرًا لعمومية مفرداتها، فقد تُفَسر على نحو يجعل المجلس معني بكافة أبعاد الأمن القومي في الأردن، فكما تبين في المبحث التمهيدي، فإن مدلول كلمة "الأمن" مدلول واسع لا يقتصر على جانب محدد من جوانب الحياة للمجتمع والدولة، وأن مصطلحي "الدفاع والسياسة الخارجية" يدخلان في مفهوم الأمن، فالدفاع يشير إلى البُعد العسكري لمفهوم الأمن، والسياسة الخارجية تشير إلى الجانب الخارجي من البُعد السياسي للأمن. وبالتالي، فما هو نوع الأمن الذي ينعقد اختصاص المجلس به إلى جانب اختصاصه بالدفاع والسياسة الخارجية؟!، فمدلول النص التشريعي السابق لم يف بالغرض في التحديد الدقيق لاختصاصات مجلس الأمن القومي الأردني؛ إذ من الصعوبة العلمية تفسير النص بأنه يؤشر فقط على بعدي؛ العسكري والسياسي، للأمن دون غيرهما من الأبعاد، ولو أن قصد المشرع الأردني ذهب إلى تخصيص المجلس بالبعدين العسكري والسياسي للأمن، لكان من الأجدر به النص على عبارات أكثر دقة من قبيل النص على: (يختص المجلس بالأمن العسكري والسياسي) أو إزالة كلمة الأمن من النص، بالقول: (يختص المجلس بشؤون الدفاع والسياسة الخارجية) إن أراد حصر اختصاص الأمن السياسي للمجلس بالسياسة الخارجية فقط دون الأمن السياسي الداخلي.

ثانيًا: أن عبارة "الشؤون العليا" لا تفي بإزالة ذلك الغموض، فما هو المعيار الذي يتم إعماله لتصنيف شؤون الأمن القومي بأنها: عليا، أو وسطى، أو منخفضة؟!، وهل تلك الشؤون العليا؛ ترتبط بأمن الدولة؛ ككيان سياسي من قبيل سيادته ووحدة أراضيه ونظامه السياسي، أم تربط بأمن المجتمع؛ كتجانسه واستقراره السياسي والاقتصادي والاجتماعي؟ أم أن العبارة تؤشر إلى مدى جسامة الشأن الأمني فيما إذا كان ذو آثار عميقة على المجتمع والدولة أو يهدد أكثر من جانب من جوانبها؟ وعلى ذلك يرى الباحث بأفضلية توضيح مدلول "الأمن والدفاع والسياسية الخارجية" التي يختص المجلس بها، وتوضيح المقصود بعبارة "الشؤون العليا" أو حذفها من النصوص التشريعية.

ثالثًا: أنها أشارت فقط إلى مهمة واحدة للمجلس ألا وهي اتخاذ القرارات في الموضوعات التي تنظرها دون غيرها من المهام؛ كوضع استراتيجية عامة للأمن القومي للدولة والإشراف على حسن تنفيذها. وتحدد ماهية وحدود المصلحة القومية للدولة. والكشف عن مواطن التهديدات الخارجية والداخلية وأدوات مجابهتها. ومن كل ذلك يظهر أن المشرع والمنظم الأردنيين، قد أغفل التحديد الكافي واللازم لمهام مجلس الأمن القومي، كما تُوحي النصوص السابقة بشكل صريح على أن سلطة المجلس هي تقريرية.

وبالمقارنة مع مصر، فقد كان مشرعها أكثر وضوحًا وأكثر اتساعًا في تحديده لاختصاصات مجلس الأمن القومي حيث نصت المادة (205) من دستورها على: "ويختص بإقرار استراتيجيات تحقيق أمن البلاد، ومواجهة حالات الكوارث، والأزمات بشتى أنواعها، واتخاذ ما يلزم لاحتوائها، وتحديد مصادر الأخطار على الأمن القومي المصري في الداخل والخارج، والإجراءات اللازمة للتصدي لها على المستويين الرسمي والشعبي". كما نصت المادة (4) من قانون الأمن القومي المصري على: "يختص مجلس الأمن القومي بالمسائل التالية: 1) إقرار استراتيجيات تحقيق أمن البلاد بعد إعدادها بالاتفاق مع الجهات المعنية بالدولة. 2) إقرار الأهداف السياسية التخصصية في كافة المجالات لوزارات الدولة المختلفة. 3) إقرار خطط تنمية وتطوير مقدرات وإمكانيات القوى الشاملة للدولة المقدمة من الحكومة. 4) اتخاذ القرارات التي تهدف إلى حماية هوية الدولة وسيادتها واستقلالها ومكانتها الإقليمية والدولية. 5) استعراض تقارير الوزراء والمختصين بالدولة الخاصة بتحديد مصادر العدائيات والمخاطر والتهديدات. 6) مواجهة العدائيات الداخلية وحالات الكوارث والأزمات القومية بشتى أنواعها، واتخاذ ما يلزم لاحتوائها وإزالة آثارها. 7) توجيه السياسة الخارجية والتعاون الدولي في دوائر اهتمام الأمن القومي المصري. 8) أي موضوعات أخرى يرى رئيس الجمهورية عرضها على المجلس". يتضح من هذه النصوص أن المشرع المصري:

أولًا: لم يُحدد مدلول الأمن القومي الذي يختص المجلس به، فيما إذا كان منحصرًا في أبعاد معينة أم يشمل كافة أبعاد المدلول، على أن الراجح من وجهة نظر الباحث أنه يشمل كافة الأبعاد وذلك من عمومية استخدامه لكلمة "الأمن". ومن جانب آخر نظرًا للصياغة الفضفاضة التي جاءت بها الاختصاصات الثمانية للمجلس الواردة في النص القانوني السابق.

ثانيًا: تجنب استخدام عبارات غامضة لتحديد مستوى تلك الشؤون التي ينعقد اختصاص المجلس بها؛ من قبيل عبارة "الشؤون العليا" التي استخدمها المشرع الأردني، وبالتالي فمهما كان مستوى الشأن ما دام مرتبطًا بالأمن القومي فإنه يدخل في اختصاص المجلس المصري.

ثالثًا: وَسعَ من اختصاصات المجلس، لتشمل وضع استراتيجيات تحقيق الأمن القومي بالتعاون والاتفاق مع غيره من جهات الدولة ذات العلاقة، ويضع الأهداف السياسية في كافة المجالات لجميع وزارات الدولة، ويضع خطط لتنمية وتطوير مقدرات وإمكانيات القوى الشاملة للدولة، ويحدد التهديدات الداخلية والخارجية ومصادرها، بالإضافة إلى اتخاذ القرارات لمواجهة تلك التهديدات واحتوائها. كما أن الاختصاصات التي حددها النص القانوني جاءت على سبيل المثال لا الحصر، لأن هذا النص يعطي لرئيس الجمهورية صلاحية عرض أي موضوعات أخرى على المجلس، بما يعني أن للرئيس صلاحية تقدير موضوعات إضافية تتعلق بالأمن القومي على المجلس.

رابعًا: على الرغم من توسع دائرة اختصاصات المجلس، إلا أنه قد يُفهم من النصين الدستوري والقانوني المصريين، بأن صلاحيات المجلس في اختصاصاته هي تقريرية الطابع وليست استشارية، نظرًا لطبيعة الكلمات الواردة في النصين: (إقرار، مواجهة، اتخاذ، تحديد، توجيه)فهذه الكلمات تفيد التقرير "الإقرار"، فلا يوجد في النص التشريعي أي كلمة صريحة توحي بأن للمجلس صلاحيات استشارية، كما أنه بالرغم من أن مدلول الفقرتين (5، 8) من المادة الرابعة لقانون الأمن القومي، قد تُوحي ضمنيًا بوجود صلاحيات استشارية للمجلس، إلا أن الطابع العام والصريح للنص التشريعي المصري يُبقي على الخاصية التقريرية للمجلس. وبأقل تقدير يرى الباحث أن صياغة النص الدستوري والقانوني المصري، تحمل الالتباس والغموض الذي يجعل من مهمة الجزم في طبيعة اختصاصات المجلس فيما إذا كانت تقريرية أم تقريرية واستشارية، مهمة صعبة.

المطلب الثاني: نفاذ قرارات مجلس الأمن القومي

نصت المادة (122/2) من الدستور الأردني على: "تكون قرارات المجلس واجبة النفاذ حال مصادقة الملك عليها. ونصت المادة (5) من نظام الأمن القومي على: "ج- توقع قرارات المجلس من الأعضاء وترفع للملك للمصادقة عليها. د- تكون قرارات المجلس واجبة النفاذ وملزمة للكافة حال مصادقة الملك عليها. هـ- تبلغ قرارات المجلس إلى الجهات المعنية لتنفيذها". أما في مصر، فقد جاء في نص المادة (2) من قانون الأمن القومي ما يلي: "وتصدر قراراته بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين"، كما نصت المادة (7) منه على: "توقع محاضر وقرارات المجلس من رئيسه وأمين سر المجلس، وترسل القرارات إلى الجهات المختصة بالتنفيذ". وبإعمال المقارنة بين التشريعين الأردني والمصري، يتضح ما يلي:

أولًا: يلتقي التشريعين مع بعضهما البعض من حيث إلزامية تنفيذ قرارات المجلس، فتلك القرارات في كل من الأردن ومصر واجبة التنفيذ، فلا تخضع لإجراءات أخرى لتنفيذها من قبيل مصادقة مجلس الوزراء عليها أو إقرارها من مجلس الأمة، بما يدعم الاستنتاج السابق بالسلطة التقريرية للمجلسين.

ثانيًا: يفترق التشريعين عن بعضهما البعض في مسألتين؛ تتمثل الأولى بأن قرارات المجلس في الأردن ملزمة للكافة وواجبة التنفيذ حال مصادقة الملك عليها، بينما لم ينص المشرع المصري على تاريخ نفاذ قرارات المجلس، بما قد يُفسر بأن القرار الصادر عن المجلس يحدد تاريخ التنفيذ، أو يتم إعمال مواعيد التنفيذ المتعارف عليها للقرارات الرئاسية، أو بتاريخ نشر القرار، أو قد يعود لتقدير الجهة المخاطبة بالتنفيذ. وتتمثل ثانِ المسألتين بأن قرارات مجلس الأمن القومي في مصر يجب توقيعها من رئيس المجلس ومن أمين سر المجلس، ثم ترسل إلى جهات التنفيذ، في حين أن المشرع الأردني لم يشترط لتنفيذ قرارات المجلس توقيعها من أمين السر وإنما فقط من الملك.

وبالموازنة بين التشريعين، فإنه يمكن للباحث تعليل إلزامية تنفيذ قرارات المجلس في كل من الأردن ومصر بمجرد مصادقتها/ توقيعها من تلك المجالس، بأنها جاءت بقصد إعطائها طابع السرعة في التنفيذ بحيث لا يتطلب ذلك مصادقة أي جهة أخرى عليها، وهو الأمر الذي يراه الباحث منسجمًا من طبيعة قضايا الأمن القومي التي تقتضي في كثير من الأحوال سرعة التعامل معها والبت فيها بعيدًا عن الإجراءات البيروقراطية الاعتيادية. على أنه كان من باب أجدر بالمشرع المصري لو أنه حدد تاريخ نفاذ قرارات مجلسه بتاريخ توقيعها ومن رئيس المجلس فقط، فلا يجد الباحث مبررًا لاشتراط توقيعه أيضًا من أمين السر الذي قد يحتاج في ظروف ما إلى وقت زائد لتوقيعه بما يطيل من أمد تنفيذ القرار، كما أن النص على اشتراط توقيع أمين السر على محاضر وقرارات المجلس قد يجعل له دور مصيري في أعمال المجلس؛ وكأنه عضو مُقرر فيه، فقد يمتنع لأي ظرف كان عن التوقيع مُشكلًا بذلك أداة ضغط على إرادة أعضاء المجلس من باب أولى تجنبها.

الخاتمة

 تناولت الدراسة موضوع التنظيم التشريعي لمجلس الأمن القومي في الأردن ومصر، ساعيةً إلى إعمال المقارنة والموازنة بينهما من حيث تشكيلة المجلس وإجراءات عمله، واختصاصاته ومدى نفاذ قراراته، إلى أن تم التوصل للنتائج والتوصيات التالية:

أولًا: النتائج:

-      هناك تبيان بين موقف المشرعين الأردني والمصري فيما يتعلق بتشكيل مجلس الأمن القومي، فعلى الرغم من أن المشرعين يشتركان في إدراج بعض الشخصيات في عضويته، إلا أنهما يختلفان فيما بينهما من حيث عدد ونوعية الأعضاء؛ فتشكيلة أعضاء مجلس الأمن القومي المصري أوسع من تشكيلة المجلس الأردني. على نحو يمكن معه توصيف مجلس الأمن القومي الأردني بأنه مؤسسة مدنية وعسكرية، في حين يمكن توصيف مجلس الأمن القومي المصري بأنه مؤسسة مدنية.

-      هناك تباين بين موقف المشرعين الأردني والمصري فيما يتعلق بدور رئيس الدولة في مجلس الأمن القومي، ففي الأردن يتمثل دوره بما يلي: 1) دعوة المجلس للانعقاد، 2) حضور اجتماعات المجلس أو حضور من يفوضه، 3) تعيين عضوين من أعضائه، 4) المصادقة على قرارات المجلس. بينما يتمثل دوره في مصر بالآتي: 1) يترأس المجلس، 2) يدعوه للانعقاد، 3) التصويت على قراراته، 4) ترجيح القرار لصالح الرأي الذي يؤيده في حالة تساوي الأصوات، 5) تحديد اختصاصات الأمانة العامة للمجلس ووظائفها وكيفية اختيار أعضائها ونظام عملها، 6) اختيار أمين عام المجلس الذي بدوره يتولى أمانة سِر المجلس، 7) التوقيع على قرارات المجلس لتنفيذها.

-      أن المشرعين الأردني والمصري قد أجازا للمجلس الاستعانة بأهل الاختصاص والخبرة من خارجه على سبيل الاستئناس والمشورة بآرائهم، دون أن يكون لهم الحق في التصويت على قرارات المجلس. على أن كل من المشرعين لم يحدد الحالات التي يجوز فيها للمجلس الاستعانة بأولئك الغير، ولم يحدد إجراءات ذلك.

-      يتباين موقف المشرعين الأردني والمصري فيما يتعلق بزمان ومكان انعقاد المجلس. فالمشرع الأردني لم يحدد مواعيد زمنية دورية لانعقاد المجلس وإنما خول للملك صلاحية الدعوة لانعقاده وفق حالة الضرورة التي يقدرها الملك. ولم يحدد المشرع الأردني مكان انعقاد المجلس ولم ينص بأقل تقدير على تحديده في دعوة الاجتماع التي يوجهها الملك لأعضاء المجلس. أما في مصر، فقد نص مشرعها على دورية انعقاد المجلس كل ثلاثة أشهر، على أن ذلك الانعقاد يكون بدعوة من رئيس الجمهورية ولهذا الأخير أيضًا الدعوة لاجتماعات إضافية، مع اعتبار المجلس منعقدًا بشكل مستمر في حالات تعرض البلاد للحرب أو الأزمات أو الكوارث. وفيما يتعلق بمكان الانعقاد نص المشرع المصري صراحة على تحديده في دعوى الانعقاد التي يوجهها رئيس الجمهورية لأعضاء المجلس، على أنه لم يحدد الجهة التي تحدد مكان الانعقاد في حالة الحرب أو الأزمات أو الكوارث.

-      هناك تباين بين موقف المشرعين الأردني والمصري فيما يتعلق بجانب التنظيم الإداري للمجلس. ففي الأردن: 1) أوكل مشرعها تلك المهام لشخص واحد يُكَلف لأمانة سِر المجلس؛ يكون أحد كبار موظفي الديوان الملكي، على أن المشرع لم يحدد الجهة التي تختاره من بينهم. 2) لم يُظهِر صراحةً مدى إمكانية حضور أمين السر لاجتماعات المجلس. أما في مصر فإن مشرعها: 1) نص على أن يكون للمجلس أمانة عامة تتكون من عدة أعضاء، وعلى أن يحدد بقرار رئاسي جمهوري اختصاصات تلك الأمانة ووظائفها وكيفية اختيار أعضائها ونظام العمل بها. 2) يُحدد أمين عام "أمين سِر" المجلس بقرار من رئيس الجمهورية. 3) خول لأمين سر المجلس صراحة الحق في حضور جلسات المجلس دون أن يكون له حق التصويت على قراراته.

-      يتباين موقف المشرعين الأردني والمصري فيما بينهما حول اختصاصات المجلس، ففي الأردن حدد مشرعها اختصاص المجلس باتخاذ قرارات في الشؤون العليا المتعلقة بالأمن والدفاع والسياسة الخارجية، وهو بذلك: 1) يربك التحديد الدقيق لطبيعة قضايا الأمن القومي التي يختص بها المجلس. 2) يحدد اختصاص المجلس بسلطة اتخاذ القرارات في القضايا التي ينظرها؛ أي أن المجلس ذو سلطة تقريرية. أما عن المشرع المصري: 1) نظرًا لعمومية صياغة النص، فإن المجلس يختص بكافة شؤون/أبعاد الأمن القومي. 2) لم يحدد مستوى تهديدات الأمن القومي التي تدخل في اختصاص المجلس. 2) وسعَ اختصاص المجلس مُبينًا جملة الموضوعات التي ينعقد اختصاص المجلس بنظرها، أي أنه حدد محل تلك القرارات؛ كإقرار استراتيجيات تحقيق أمن البلاد. 3) أوجدَ التباس في النص الدستوري والقانوني على نحو يحول دون التحديد الدقيق لطبيعة سلطة المجلس فيما إذا كانت تقريرية أم تقريرية واستشارية.

-      يتفق المشرعين الأردني والمصري مع بعضهما البعض من حيث نفاذ قرارات المجلس، فلم ينص المشرعين على أنه يتوجب لتنفيذ قراراته مصادقتها من جهات أخرى؛ كمجلس الوزراء. ورغم ذلك الاتفاق إلا أن المشرعين يختلفان عن بعضهما البعض حول مسألة التنفيذ من جانبان هما: 1) أن قرارات مجلس الأمن القومي الأردني واجبة التنفيذ حال مصادقتها من الملك في حين لم ينص المشرع المصري على تاريخ نفاذها بعد توقيعها من رئيس الجمهورية. 2) أن نفاذ قرارات المجلس الأردني لا يستلزم توقيعها من أمين سر المجلس؛ إذ يكفي مصادقة الملك عليها. فين حين يلزم في مصر، توقيعها من رئيس الجمهورية وأمين سر المجلس.

-      يظهر من كل النتائج السابقة مقدار التباين الواسع بين المشرعين الأردني والمصري حول كافة مسائل التنظيم التشريعي لمجالس الأمن القومي، بما قد يؤشر إلى تباين أو غياب المرجعية القانونية والسياسية العلمية المنضبطة التي اتكأ عليها المشرعان في تنظيمهما لتلك المجالس، الأمر الذي بدوره يعزى إلى غياب اهتمام الباحثين في الحقول العلمية ذات الصِلة بموضوع مجلس الأمن القومي.

ثانيًا: التوصيات:

على ضوء النتائج السابقة، فإن الدراسة توصي بالآتي:

-      من الأجدر بالمشرع الأردني توسيع تشكيلة أعضاء مجلس الأمن القومي بتمثل مجموعة أوسع من مؤسسات الدولة المدنية الرسمية فيها؛ كالسلطة التشريعية، ووزير المالية. وعلى الجانب المصري، يجدر بمشرعها أيضًا توسيع تشكيلة مجلس الأمن القومي بأن تشمل كل من: قائد المؤسسة العسكرية "الجيش"، ومدير الشرطة.

-      من الأفضل بالمشرع الأردني لو أنه جعل من رئيس الدولة رئيسًا لمجلس الأمن القومي وإقرار حقه بالتصويت على قرارات المجلس، مع ترجيح القرار الذي يدعمه في حالة تساوي أصوات باقي الأعضاء. وعن الحال في مصر، فإن الباحث يرى أنه من الأفضل بمشرعها الحد من اختصاصات رئيس الجمهورية لدى المجلس المتمثلة بتحديد اختصاصات الأمانة العامة للمجلس ووظائفها وكيفية اختيار أعضائها ونظام عملها واختيار أمين عام المجلس، بإناطة تلك الاختصاصات لقرارات مجلس الأمن القومي التي يكون رئيس الجمهورية بطبيعة الحال أحد المُقررين فيها.

-      يجدر بالمشرعين الأردني والمصري تحديد المعايير أو الحالات التي يجوز فيها للمجلس الاستعانة بأهل الخبرة والاختصاص لإبداء الرأي. وتكريس أحكام إجرائية خاصة بذلك من قبيل النص على ضرورة قيام المجلس في حالة رغبته بمشورة الغير، أن يُصدر قرار بذلك يحدد عدد ونوع أهل الخبرة والاختصاص.

-      يجدر بالمشرع الأردني تحديد مواعيد دورية منتظمة لانعقاد المجلس إلى جانب حق الملك في الدعوة للانعقاد الإضافي، والنص على تلقائية انعقاد المجلس واستمرارية انعقاده في الظروف الاستثنائية؛ كالحرب والكوارث والأزمات. والنص صراحة على تحديد مكان الانعقاد في الدعوى التي يوجهها الملك لأعضاء المجلس. كما يرى الباحث أنه من الأفضل بالمشرعين الأردني والمصري لو أنهما كرسا آلية انعقاد المجلس من تلقاء نفسه في الحالات الاعتيادية المُبررة؛ أي في غير حالات الحروب والكوارث والأزمات، بحيث يقدر فيها أعضاء المجلس من تلقاء أنفسهم حالة الضرورة للاجتماع، دون حصر صلاحية تقدير مثل تلك الضرورة لرئيس الدولة فقط، والانتظار لحين تلقيهم لدعوات منه.

-      من الأفضل بالمشرع الأردني النص على تشكل أمانة عامة للمجلس تتكون من عدة أعضاء، مع تحديده للجهة المخولة قانونًا باختيارهم. ويرى الباحث أنه يجدر بالمشرعين الأردني والمصري النص على تحديد المراكز الوظيفية لأعضاء المجلس أو جزء منهم، على أن يكون من بينهم أمين سر المجلس.

-      من الأجدر بالمشرع الأردني إزالة عبارة (الشؤون العليا) من المادة (122) من الدستور الأردني والمادة (4) من نظام مجلس الأمن القومي، والاستعاضة عنها بنصوص أو فقرات قانونية تحدد معايير واضحة لتصنيف شؤون الأمن القومي التي ينظرها المجلس. ومن الأفضل له أيضًا توسيع اختصاصات مجلس الأمن القومي. ويجدر بالمشرع المصري إزالة حالة الالتباس في نص المادة (4) من قانونه لمجلس الأمن القومي، على النحو الذي يوضح مدى امتلاك المجلس لسلطة استشارية أم لا، في موضوع الفقرتين (5 و8) منها.

-      من الجدير بالمشرع المصري تعديل نص المادة (7) من قانون مجلس الأمن القومي، بجعلها تحدد تاريخ نفاذ قرارات المجلس وإزالة شرط توقيع القرارات من أمين سِر المجلس، بإضافة عبارة من قبيل: (وتكون قرارات المجلس واجبة التنفيذ على الكافة حال مصادقتها من رئيس المجلس).

-      من كل ما سبق، فمن الأجدر بالمشرعيْن الأردني والمصري السعي لتطوير تنظيمهما لمجلس الأمن القومي من خلال الاستفادة المتبادلة من تجربتهما، بالإضافة إلى البحث عن جملة الأحكام الأكثر اتفاقًا حولها بين التشريعات المقارنة الأخرى والاستفادة منها في ذلك التطوير. وهنا توصي الدراسة جمهور الباحثين في مجال العلوم القانونية؛ وبالأخص القانون الدستوري، والعلوم السياسية؛ وبالأخص الأنظمة السياسية المقارنة، بضرورة الاهتمام بموضوع مجالس الأمن القومي؛ بغية سد النقص المعرفي حوله وبناء حقل علمي فيه، يؤهل المشرعين لتنظيم تلك المجالس بالكيفية الأفضل.

المراجع

أولًا: العربية

أمشاوي، منعيم. "المجلس الأعلى للأمن القومي بالمغرب: دراسة على ضوء التجارب المقارنة"، مجلة البحثية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، ع7، 2017.

البدراوي، عبد المنعم. "دور القانون المقارن في تطوير القانون الوطني"، مجلة الأمن والقانون، مج4، ع2، 1996.

بن مشري، عبد الحليم. توظيف المنهج المقارن في الدراسات القانونية. مطبوعات جامعة محمد خيضر، بسكرة، الجزائر، 2018.

الحربي، سليمان. "مفهوم الأمن مستوياته وصيغه وتهديداته: دراسة نظرية في المفاهيم والأطر"، المجلة العربية للعلوم السياسية، ع19، 2008.

حسن، فؤاد كريم. التحديات المعاصرة للأمن الدولي. دار النهضة، القاهرة، مصر، 2012.

سالم، أمنية. "فاعلية مأسسة مجالس الأمن القومي في إدارة أزمات السياسة الخارجية"، مجلة السياسة الدولية، مج55، ع222، 2020.

صاغور، هشام. "الأمن: دراسة مفاهيمية في ضوء الاتجاهات النظرية"، مجلة القانون، ع7، 2016.

الطيار، محمد. "تطور مفهوم الأمن القومي في ظل التهديدات الأمنية الحديثة"، مجلة الشؤون القانونية والقضائية، ع7، 2020.

عبد، أنس يوسف. "مجلس الأمن القومي التركي"، مجلة الفنون والأدب وعلوم الإنسانيات والاجتماع، ع59، 2020.

عليوة، السيد. إدارة الصراعات الدولية: دراسة في سياسات التعاون الدولي. الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، مصر، 1988.

عودة، جهاد والجرمان، سرور وعبد العظيم، محمد. "مفهوم الأمن القومي: دراسة مقارنة"، المجلة العلمية للبحوث والدراسات التجارية، جامعة حلوان، مج28، ع1، 2014.

قاسمي، محمد والطاهري، عبد الفتاح. "الأمن المعلوماتي وعلاقته بالأمن القومي"، مجلة الباحث للدراسات القانونية والقضائية، ع10، 2019.

الكيالي، عبد الوهاب. موسوعة السياسة. الجزء 1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، لبنان، 1981.

منصور، محمد. مفهوم الأمن القومي في ظل العولمة [رسالة ماجستير]، كلية الدراسات العليا، جامعة بيرزيت، فلسطين، 2011.

ودوده، بدران. المدخل إلى العلوم السياسية والاقتصادية والاستراتيجية. المكتب العربي للمعارف، القاهرة، مصر، 2003.

ئاكرة يى، نجدت صبري. الإطار القانوني للأمن القومي: دراسة تحليلية. دار دجلة، عمان، الأردن، 2011.

التشريعات:

-     الدستور الأردني لعام 1952 بتعديلاته لعام 2022.

-     الدستور المصري لعام 2014 بتعديلاته لعام 2019.

-     نظام مجلس الأمن القومي الأردني رقم (29) لسنة 2022.

-     القانون المصري رقم (19) لسنة 2014 بشأن إنشاء مجلس الأمن القومي.

ثانيًا: الأجنبية

References

Abd, Anas Yūsuf. "Majlis al-amn al-Qawmī al-Turkī" (in Arabic), Majallat al-Funūn wa-al-adab wa-ʻulūm al-Insānīyāt wa-al-ijtimāʻ, No. 59, 2020, 140-149.

Akrh, Najdat Ṣabrī. Al-iṭār al-qānūnī lil-amn al-Qawmī: dirāsah taḥlīlīyah (in Arabic), Dār Dijlah, ʻmān-al-Urdun, 2011.

Al-Badrāwī, ʻAbd al-Munʻim. "Dawr al-qānūn al-muqāran fī taṭwīr al-qānūn al-Waṭanī" (in Arabic), Majallat al-amn wa-al-qānūn, Vol. 4, No. 2, 1996, 146-163.

Al-Dustūr al-Miṣrī li-ʻām 2014 btʻdylāth li-ʻām 2019 (in Arabic).

Al-Dustūr al-Urdunī li-ʻām 1952 btʻdylāth li-ʻām 2022 (in Arabic).

Al-Ḥarbī, Sulaymān. "Mafhūm al-amn mstwyāth wa-ṣiyaghihi wthdydāth: dirāsah Naẓarīyat fī al-mafāhīm wālʼṭr" (in Arabic), al-Majallah al-ʻArabīyah lil-ʻUlūm al-siyāsīyah, no. 19, 2008, 9-30.

Al-Kayyālī, ʻAbd al-Wahhāb. Mawsūʻat al-siyāsah (in Arabic), al-juzʼ 1, al-Muʼassasah al-ʻArabīyah lil-Dirāsāt wa-al-Nashr, byrwt-Lubnān, 1981.

Al-qānūn al-Miṣrī raqm (19) li-sanat 2014 bi-shaʼn inshāʼ Majlis al-amn al-Qawmī (in Arabic).

Al-Ṭayyār, Muḥammad. "Taṭawwur Mafhūm al-amn al-Qawmī fī ẓill al-tahdīdāt al-Amnīyah al-ḥadīthah" (in Arabic), Majallat al-Shuʼūn al-qānūnīyah wa-al-Qaḍāʼīyah, No. 7, 2020, 213-222.

Amshāwy, mnʻym. "Al-Majlis al-Aʻlá lil-amn al-Qawmī bi-al-Maghrib: dirāsah ʻalá ḍawʼ al-tajārib al-muqāranah"(in Arabic), Majallat al-baḥthīyah lil-ʻUlūm al-Insānīyah wa-al-Ijtimāʻīyah, No. 7-8, 2017, 134-147.

Anderson, Benedict. Imagined Communities: Reflections on the Origin and Spread of Nationalism, Verso, London, 1991.

Awdah, Jihād. wāljrmān, Surūr, wa-ʻAbd al-ʻAẓīm, Muḥammad, "Mafhūm al-amn al-Qawmī: dirāsah muqāranah" (in Arabic), al-Majallah al-ʻIlmīyah lil-Buḥūth wa-al-Dirāsāt al-Tijārīyah, Jāmiʻat Ḥulwān, Vol. 28, No. 1, 2014, 421-442.

Bajagic, Mladen and Kesetovic, Zelimir, Rethinking Security, the Faculty of Criminal Justice, University of Maribor, Slovenia, 2004. Accessed: https://www.ojp.gov/pdffiles1/nij/Mesko/208034.pdf.

Baldwin, David. "The Concept of Security", Review of International Studies, No. 23, 1997, 5-26.

Breuilly, John. Nationalism and the State, University of Chicago Press, United States, 1993.

Cruz, Jose A. "National Security: Is Still an Ambiguous Concept", Journal of Advanced Military Studies, Vol. 12, No. 1, 2021, 210-215.

Ḥasan, Fuʼād Karīm, al-taḥaddiyāt al-muʻāṣirah lil-amn al-dawlī (in Arabic), Dār al-Nahḍah, alqāhrt-Miṣr, 2012.

Ibn Mishrī, ʻAbd al-Ḥalīm. Tawẓīf al-manhaj al-muqāran fī al-Dirāsāt al-qānūnīyah (in Arabic), Maṭbūʻāt Makhbar Athar al-Ijtihād al-qaḍāʼī ʻalá Ḥarakat al-tashrīʻ li-Jāmiʻat Muḥammad Khayḍar Baskarah, al-Jazāʼir, 2018.

Kane, John. Nationalism, Griffith University, School of Government and International Relations, Australia, 2014.

Kempen, Piet Hein. "Four Concepts of Security: A Human Rights Perspective", Human Rights Law Review, Vol. 13, No. 1, 2013, 1-13.

Kettunen, Pauli. "The Concept of Nationalism in Discussions on a European Society", Journal of Political Ideologies, Vol. 23, No. 3, 2018, 342-369.

Manṣūr, Muḥammad. Mafhūm al-amn al-Qawmī fī ẓill al-ʻawlamah (in Arabic), (Risālat mājistīr), Kullīyat al-Dirāsāt al-ʻUlyā, Jāmiʻat Bīrzayt, Filasṭīn, 2011.

Mijalkovic, Sasa and Blagojevic, Dusan. The Basis of National Security In International Law, Academy of Criminalistic and Police Studies, Belgrade, 2014.

Niẓām Majlis al-amn al-Qawmī al-Urdunī raqm (29) li-sanat 2022 (in Arabic).

Preece, Jackson. Security in International Relations, The London School of Economics and Political Science, University of London, UK, 2011.

 Qāsimī, Muḥammad, wālṭāhry, ʻAbd al-Fattāḥ. "al-amn al-maʻlūmātī wa-ʻalāqatuhu bi-al-amn al-Qawmī" (in Arabic), Majallat al-bāḥith lil-Dirāsāt al-qānūnīyah wa-al-Qaḍāʼīyah, no. 10, 2019, 21-65.

Ṣāghūr, Hishām. "Al-amn: dirāsah mafāhīmīyah fī ḍawʼ al-Ittijāhāt al-naẓarīyah" (in Arabic), Majallat al-qānūn, No. 7, 2016, 230-247.

Sālim, Umniyah. "fāʻilīyat Muʼassasat Majālis al-amn al-Qawmī fī Idārat Azamāt al-siyāsah al-khārijīyah" (in Arabic), Majallat al-siyāsah al-Dawlīyah, vol. 55, no. 222, 2020, 46-57.

Singh, Anand. "Concept of National Security: An Overview", Journal of Emerging Technologies and Innovative Research, Vol. 2, No. 12, 2015, 1920-1925.

Stone, Marianne. Security According to Buzan: A Comprehensive Security Analysis, Security Discussion Papers Series 1, Group of studies Expertise Security and Technology, France, 2009.

Ulaywah, al-Sayyid. Idārat al-ṣirāʻāt al-Dawlīyah: dirāsah fī Siyāsāt al-Taʻāwun al-dawlī (in Arabic), al-Hayʼah al-Miṣrīyah al-ʻĀmmah lil-Kitāb, alqāhrt-Miṣr, 1988.

Wdwdh, Badrān. Al-Madkhal ilá al-ʻUlūm al-siyāsīyah wa-al-iqtiṣādīyah wa-al-Istirātījīyah (in Arabic), al-Maktab al-ʻArabī lil-Maʻārif, alqāhrt-Miṣr, 2003.

Zagurska- Antoniuk, Viktoriia. "National Security and Public Administration", Galician Economic Journal, Vol. 66, No. 5, 2020, 187- 193.



[1] محمد الطيار، "تطور مفهوم الأمن القومي في ظل التهديدات الأمنية الحديثة"، مجلة الشؤون القانونية والقضائية، ع7، 2020، 213.

[2] Mladen Bajagic and Zelimir Kesetovic, Rethinking Security, The Faculty of Criminal Justice, University of Maribor, Slovenia, 2004, p. 1. Accessed: https://www.ojp.gov/pdffiles1/nij/Mesko/208034.pdf.

[3] أمنية سالم، "فاعلية مأسسة مجالس الأمن القومي في إدارة أزمات السياسة الخارجية"، مجلة السياسة الدولية، مج55، ع222، 2020، 46.

[4] نجدت صبري ئاكرة يى، الإطار القانوني للأمن القومي: دراسة تحليلية، دار دجلة، عمان، الأردن، 2011، 63.

[5] منعيم أمشاوي، "المجلس الأعلى للأمن القومي بالمغرب: دراسة على ضوء التجارب المقارنة"، مجلة البحثية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، ع7/8، 2017، 139.

[6] سالم، ص56.

[7] عبد المنعم البدراوي، "دور القانون المقارن في تطوير القانون الوطني"، مجلة الأمن والقانون، مج4، ع2، 1996، 160؛ عبد الحليم بن مشري، توظيف المنهج المقارن في الدراسات القانونية، مطبوعات مخبر أثر الاجتهاد القضائي على حركة التشريع لجامعة محمد خيضر، بسكرة، الجزائر، 2018، ص72.

[8] Marianne Stone, Security According to Buzan: A Comprehensive Security Analysis, Security Discussion Papers Series 1, Group of studies Expertise Security and Technology, France, 2009, p. 2.

[9] Bajagic and Kesetovic, p. 2; Viktoriia Zagurska- Antoniuk, "National Security and Public Administration", Galician Economic Journal, Vol. 66, No. 5, 2020, p. 187.

[10] David Baldwin, "The Concept of Security", Review of International Studies, No. 23, 1997, p. 13.

[11] Piet Hein Kempen, "Four Concepts of Security: A Human Rights Perspective", Human Rights Law Review, Vol. 13, No. 1, 2013, p. 2.

[12] Pauli Kettunen, "The Concept of Nationalism in Discussions on a European Society", Journal of Political Ideologies, Vol. 23, No. 3, 2018, pp. 347, 362.

[13] John Kane, Nationalism, Griffith University, School of Government and International Relations, Australia, 2014, p. 9.

[14] John Breuilly, Nationalism and the State, The University of Chicago Press, United States, 1993, p. 42.

[15] Benedict Anderson, Imagined Communities: Reflections on the Origin and Spread of Nationalism, Verso, London, 1991, pp. 38-39.

[16] Sasa Mijalkovic and Dusan Blagojevic, The Basis of National Security In International Law, Ibid, pp. 50-51.

[17] David Baldwin, Op. cit., p. 9.

[18] Jackson Preece, Security in International Relations, The London School of Economics and Political Science, University of London, UK, 2011, p. 30.

[19] عبد الوهاب الكيالي، موسوعة السياسة، ج1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، لبنان، 1981، ص331.

[20] سليمان الحربي، "مفهوم الأمن مستوياته وصيغه وتهديداته: دراسة نظرية في المفاهيم والأطر"، المجلة العربية للعلوم السياسية، ع19، 2008، 15.

[21] Anand Singh, "Concept of National Security: An Overview", Journal of Emerging Technologies and Innovative Research, Vol. 2, No. 12, 2015, p. 1921.

[22] محمد قاسمي وعبد الفتاح الطاهري، "الأمن المعلوماتي وعلاقته بالأمن القومي"، مجلة الباحث للدراسات القانونية والقضائية، ع10، 2019، 24.

[23] قاسمي والطاهري، ص23.

[24] محمد منصور، مفهوم الأمن القومي في ظل العولمة (رسالة ماجستير)، كلية الدراسات العليا، جامعة بيرزيت، فلسطين، 2011، ص27.

[25] هشام صاغور، "الأمن: دراسة مفاهيمية في ضوء الاتجاهات النظرية"، مجلة القانون، ع7، 2016، ص231.

[26] Jackson Preece, Op. cit., pp. 26-27.

[27] Jose A. Cruz, "National Security: Is Still an Ambiguous Concept", Journal of Advanced Military Studies, Vol. 12, No.1, 2021, p. 213.

[28] ئاكرة يى، ص44-45.

[29] السيد عليوة، إدارة الصراعات الدولية: دراسة في سياسات التعاون الدولي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، مصر، 1988، ص262-263.

[30] بدران ودوده، المدخل إلى العلوم السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، المكتب العربي للمعارف، القاهرة، مصر، 2003، ص4.

[31] جهاد عودة، وسرور الجرمان، ومحمد عبد العظيم، "مفهوم الأمن القومي: دراسة مقارنة"، المجلة العلمية للبحوث والدراسات، التجارية- جامعة حلوان، مج28، ع1، 2014، ص423-424.

[32] انظر: منصور، ص29؛ عودة والجرمان وعبد العظيم، ص423-424؛ صاغور، ص232؛ الطيار، ص219؛ وأيضًا:

Singh, Op. cit., p. 1923; Cruz, Op. cit., p. 214.

[33] Stone, Op. cit., p. 10.

[34] فؤاد كريم حسن، التحديات المعاصرة للأمن الدولي، دار النهضة، القاهرة، مصر، 2012، 148؛ الطيار، ص212، 219.

[35] أمشاوي، ص139؛ سالم، ص55.

[36] صدر هذا القانون بمقتضى المادة (205) من الدستور المصري التي جاء فيها: "ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى ونظام عمله".

[37] سالم، ص55.

[38] صدر هذا النظام بمقتضى الفقرة (3) من المادة (122) من الدستور التي نصت على: "تنظم شؤون المجلس بموجب نظام يصدر لهذه الغاية".

[39] ئاكرة يى، ص62.

[40] سالم، ص55.

[41] أمشاوي، ص145.