Submitted: 14/08/2022

Reviewed: 17/10/2022

Accepted: 31/10/2022

الآثار الإجرائية للوساطة في القانون القطري - دراسة تحليلية مقارنة في قانون الوساطة القطري رقم 20 لسنة 2021

عماد قميناسي

أستاذ القانون الخاص المساعد، كلية القانون، جامعة قطر

Iqaminassi@qu.edu.qa

محمد عمار تركمانية غزال

أستاذ القانون الخاص المشارك، كلية القانون، جامعة قطر

mammar@qu.edu.qa

ملخص

ملخص

يهدف البحث إلى إبراز الأهمية القصوى لموضوع الوساطة كوسيلةٍ لتخفيف الضغط المتزايد عن المحاكم الوطنية، خاصة بعد تزايد الحاجة إلى وسائلَ بديلةٍ قائمةٍ على الحل الودي للمنازعات القضائية. والسبب الدافع لاختيار موضوع الوساطة هو صدور قانون الوساطة القطري رقم 20 لسنة 2021. ويهدف هذا البحث - بالإضافة لشرح أحكامه - إلى كشف الغموض عن بعض تلك الأحكام من جهة، ومعالجة بعض الإشكاليات القانونية المتعلقة ببعض الآثار الإجرائية المترتبة على انعقاد اتفاق الوساطة، وتلك المترتبة على انعقاد اتفاق التسوية من جهة أخرى.

إن المنهج الذي اخترناه في معالجة إشكاليات البحث هو المنهج التحليلي المقارن؛ حيث نعالج بالتحليل طبيعة السند التنفيذي الناتج عن إجراءات الوساطة، ويناقش إشكالية جوهرية تتعلق بمدى صحة الحكم القانوني القاضي بحيازة اتفاق التسوية حجية الأمر المقضي به بعد توثيقه من قبل القاضي.

وتتمثل القيمة العلمية للبحث في أنه أولُ بحثٍ يتناول بالتحليل والمقارنة أحكامَ قانون الوساطة القطري رقم 20 لسنة 2021.

الكلمات المفتاحية: الوسائل البديلة لحل المنازعات، اتفاق الوساطة، اتفاق التسوية، صيغة التنفيذ، حجية الأمر المقضي به

للاقتباس: قميناسي، عماد وغزال، محمد عمار تركمانية. «الآثار الإجرائية للوساطة في القانون القطري - دراسة تحليلية مقارنة في قانون الوساطة القطري رقم 20 لسنة 2021»، المجلة الدولية للقانون، المجلد الثاني عشر، العدد المنتظم الأول، 2023

© 2023 قميناسي، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه؛ طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.

 


 

Submitted: 14/08/2022

Reviewed: 17/10/2022

Accepted: 31/10/2022

Procedural Effects of Mediation in Qatari Law- A Comparative Analytical Study in the Qatari Mediation Law No. 20 of 2021

Imad Qaminassi

Assistant Professor of Private Law, College of Law, Qatar University 

Iqaminassi@qu.edu.qa

Mohammed Ammar Torkmanie Ghazal

Associate Professor of Private Law, College of Law, Qatar University 

mammar@qu.edu.qa

Abstract

The purpose of the research is to highlight the importance of mediation as a means to relieve the increasing pressure on national court, especially after the increasing need for alternative means based on amicable resolution of judicial disputes,

The reason for choosing the topic of mediation is the issuance of Qatar Mediation Law No. 20 of 2021. This research, in addition to explaining the Law’s provisions, aims to reveal the ambiguity about some of these provisions on the one hand, and to address some of the legal problems related to some of the procedural implications resulting from the conclusion of the mediation agreement, and those resulting from the conclusion of the settlement agreement on the other hand.

The study follows the comparative analytical method. This research also analyses the nature of the executive act resulting from the mediation procedures, and discusses a fundamental problem related to the validity of the legal ruling that the settlement agreement possesses the authority of the res judicata after being certified by the judge.

The scientific value of the research is that it is the first research to analyze and compare the provisions of the Qatari Mediation Law No. 20 of 2021
Keywords: Alternative Dispute Resolution; Mediation agreement; Settlement agreement; Executive formula; Authenticity of Res judicata

Cite this article as Qaminassi, I. & Ghazal, M. "Procedural Effects of Mediation in Qatari Law- A Comparative Analytical Study in the Qatari Mediation Law No. 20 of 2021," International Review of Law, Volume 12, Regular Issue 1, 2023

© 2023, Qaminassi & Ghazal, licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.

 

 


 

المقدمة

أصبحت ظاهرة ازدحام المحاكم بالقضايا وطول أمد التقاضي، ظاهرةً عالميةً لا تكاد تنجو منها دولة مهما بلغت من التقدم والثراء، فأصبحت عبئًا ضاغطًا على القضاء. وأمام هذا الوضع، بدأ المشرعون الوطنيون في بتكار حلولٍ سريعةٍ وفعًّالةٍ لحل بعض أنواع النزاعات بعيدًا عن أروقة المحاكم، فأدى ذلك إلى ظهور فكرة الوسائل البديلة لحل النزاعات القضائية. وقد ازدادت أهمية تلك الوسائل - على المستوى الدولي خصوصًا - بعد أن حثّت الأممُ المتحدة الدولَ الأعضاء على العمل بقواعد الأونسيترال للتوفيق التي اعتمدتها الأونسيترال في 23 يوليو 1980، ثم أخذت الترويج لاتفاقات التسوية المنبثقة من الوساطة؛ حيث وُضِع أولًا قانونُ الأونسيترال النموذجي بشأن التوفيق التجاري الدولي سنة 2002. فأخذت الدول تدرك أن الوساطة الطوعية هي وسيلة صالحة لتسوية المنازعات التعاقدية، وذلك بالإضافة إلى المحاكم الرسمية.

وضمن هذا السياق صدر في دولة قطر القانون رقم 20 لسنة 2021 محل هذه الدراسة. وكان الهدف من إقرار قانون الوساطة القطري هو تشجيع التفاوض بين الخصوم لتسوية نزاعاتهم وديًّا، ثم عرض تلك التسوية على المحاكم لمراقبة عدم تعارضها مع النظام العام. وكانت فكرة الوسائل البديلة لحل النزاعات - وخصوصًا التجارية منها - محل تقنين في قطر قبل صدور هذا القانون، وذلك من خلال أحكام القانون رقم 7 لسنة 2005 بإنشاء مركز قطر للمال، والمعدل بالقانون رقم 2 لسنة 2009؛ حيث تم إنشاء المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال[1]، فأجاز لها أن تؤجلَ أو تُوقِفَ الإجراءاتِ القضائيةَ للسماح للأطراف بمحاولة تسوية خلافاتهم عن طريق الوساطة، أو أي شكلٍ آخرَ من أشكال الحل البديل للمنازعات[2].

حدود البحث:

لما كانت الوساطةُ أسلوبًا يشجِّعُ عليه المشرع في كل الظروف، ومهما كانت المرحلة الإجرائية التي وصلت إليها الأطراف، ومن أجل شرح تلك الإجراءات وكشف الغموض عنها، وتحليلها؛ كان لا بد من بيان ما يترتب على اتفاق الأطراف باللجوء إلى الوساطة من آثارٍ قانونيةٍ موضوعيةٍ وإجرائيةٍ لا يمكن إدراكها إلا بالبحث الدقيق. ولأن الوساطة تقوم على اتفاقين، أحدهما اتفاق الوساطة والآخر اتفاق التسوية، وهما اتفاقان يشكلان مبتدأ الوساطة ومنتهاها، ولأن لهذين الاتفاقين آثارًا إجرائيةً وموضوعيةً، منها ما يعود للقواعد العامة، ومنها ما يعود للقواعد الخاصة، فقد رأينا دراسة هذه الآثار مكتفين بدراسة الآثار الإجرائية، تاركين الآثار الموضوعية لدراسة أخرى.

إشكالية البحث:

 يتضمن قانون الوساطة القطري في جانبه الإجرائي عددًا من المسائل تُعتبر إشكالياتٍ سنعمل على تحليلها، ونقد بعضها سواء فيما يتعلق بالآثار الإجرائية المترتبة على انعقاد اتفاق الوساطة، أم فيما يتعلق بالآثار الإجرائية المترتبة على انعقاد اتفاق التسوية، انتهاءً بطبيعة السند التنفيذي الناتج عن إجراءات الوساطة، وجميعها تتمحور حول سؤالٍ رئيس: ماهي الآثار الإجرائية التي يرتبها اللجوء للوساطة في القانون القطري على النزاع القائم بجميع مراحله؟

منهجية البحث

لما كانت الوسائل البديلة لحل المنازعات القانونية محل تشجيع من الأمم المتحدة، وتلقتها الأنظمة القانونية بالقبول والتقنين؛ لكن بطرق مختلفة؛ لذلك فمن الطبيعي أن يكون منهج هذا البحث هو الدراسة التحليلية كمنهج أصيل، والمقارنة كمنهج رديف؛ لأننا لن نلجأ إلى المقارنة في كل التفاصيل؛ حيث سنستعين بالقانون الفرنسي وبعض القوانين العربية عندما يقتضي ذلك تحليل أحكام قانون الوساطة القطري.

تقسيم البحث

أخذًا بالاعتبار الإشكاليات التي يثيرها البحث والتي نوَّهنا إليها آنفًا، فإننا سنعالج تلك الإشكاليات من خلال مبحثين، نعرض في الأول منهما للآثار الإجرائية لاتفاق الوساطة، وفي الثاني نعرض للآثار الإجرائية لاتفاق التسوية. على النحو الآتي:

المبحث الأول: الآثار الإجرائية لاتفاق الوساطة.

المبحث الثاني: الآثار الإجرائية لاتفاق التسوية وتنفيذه.

المبحث الأول: الآثار الإجرائية لاتفاق الوساطة

اتفاق الوساطة هو - بموجب المادة الأولى من قانون الوساطة القطري "اتفاقٌ مكتوبٌ بين الأطراف على الالتجاء إلى الوساطة لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت، أو التي قد تنشأ بينهم بشأن علاقةٍ قانونيةٍ محددةٍ، تعاقدية أو غير تعاقدية". ومن الممكن تحديد كيفية وطريقة تطبيق الوساطة بين أطراف النزاع. وبمجرد أن تُبرِمَ الأطرافُ اتفاقَ الوساطة تترتب مجموعة من الآثار، منها ما يتعلق بسلطة القاضي (المطلب الأول)، ومنها ما يتعلق بإجراءات الدعوى والمواعيد (المطلب الثاني).

المطلب الأول: أثر الاتفاق على الوساطة على سلطة القاضي المختص بنظر الدعوى

بالإضافة إلى سلطة المحكمة بأن تقرِّرَ من تلقاء نفسها إحالة النزاع المنظور أمامها إلى الوساطة أثناء سير الدعوى، شريطة عدم اعتراض أي من طرفي الخصومة على ذلك. فيترتب على تلك الإحالة وقفُ سير إجراءات الدعوى خلال المدة التي تحددها المحكمة، فإنه يجوز كذلك أن يتفق طرفا الخصومة على إحالة النزاع القائم بينهما إلى الوساطة. وسواء أكان ذلك قبل رفع الدعوى أو بعد رفع الدعوى. وفي كل الأحوال سيؤثر هذا الاتفاق على سلطة القاضي، وعلى إجراءات الدعوى. فاذا كان اتفاق الوساطة قد تم قبل رفع الدعوى فسيكون له أثرٌ على البدء بإجراءات هذه الدعوى، أما إذا كان الاتفاق قد تم بعد رفع الدعوى فسيكون مُوقِفًا لإجراءاتها. فاتفاق الوساطة سوف يؤدي إلى تقييد سلطة القضاء الرسمي، التي تعتبر مظهرًا من مظاهر سيادة الدولة على إقليمها[3]، إذ من النادر أن يستطيعَ أفرادٌ باتفاقهم تقييد سلطة القضاء رغم تعلقها بالنظام العام[4]. وبناءً على ذلك، نرى أنه لا بد من التمييز بين اتفاق الوساطة المُبرَم قبل رفع الدعوى، والاتفاق المُبرَم بعد رفعها؛ حيث أصبح بإمكان الأطراف المتنازعة إبرام اتفاق الوساطة إما قبل رفع الدعوى بشأن النزاع القائم بينهما (الفرع الأول)، أو بعد إقامة الدعوى بشأن ذلك النزاع (الفرع الثاني).

الفرع الأول: أثر اتفاق الوساطة المبرم قبل رفع الدعوى

في حال اتفاق الوساطة المبرم قبل رفع الدعوى ستترتب جملةٌ من الآثار تتمحور حول عدم جواز نظر الدعوى من قبل القضاء؛ وذلك استنادًا للأثر المقيد لاتفاق الوساطة، بالقياس على الأثر المانع لاتفاق التحكيم. وقد بحث الفقهُ الآثارَ المترتبة على انعقاد اتفاق الوساطة؛ حيث يرى البعض أن الأثر الإجرائي المترتب على اتفاق الوساطة يعد أثرًا سالبًا لاختصاص القاضي[5]، قياسًا على الأثر السالب لاتفاق التحكيم. ومع ذلك فالحكم الصادر من القاضي عند التمسك باتفاق الوساطة سيكون عدم قبول الدعوى[6].

لكننا نرى أن الوساطة لن تؤدي إلى سلب الاختصاص وذلك على عكس رأي البعض[7]؛ أي أن اتفاق الوساطة يتميز عن الاتفاقات الأخرى بأن له آثارًا تتجاوز الآثار المعهودة في الاتفاقات الأخرى[8]، وهذه الآثار هي الأثر المقيد لاختصاص القضاء الرسمي؛ لذلك فإنه كلما تعرض هذا الاختصاص للقيد توجب على القاضي أن يتحقق من قانونية هذا القيد من تلقاء نفسه، وذلك من خلال التدقيق في اتفاق الوساطة؛ لأن القضاء يعتبر من أهم وظائف الدولة الحديثة، ومظهرًا من مظاهر سيادتها[9]. فالوظيفة القضائية مسألة تتعلق بالنظام العام[10]. هذا يعني أن الدفع باتفاق الوساطة "هو دفع له أثرٌ في ممارسة القاضي لاختصاصه؛ لأن الغرض منهُ هو تقييدٌ لولاية المحكمة المختصة. ونعتقد أن هذا القيد يتعلق باختصاص القاضي الطبيعي، وهي مسألة تتعلق بالنظام العام، وبالتالي فإن كل ما يؤثر على اتفاق الوساطة من حيث وجوده وصحته يجب على القضاء أن يبحثهُ[11].

وبالتالي، فإنه على الرغم من اقتناعنا بأن الأثر هو تقييد الاختصاص، وليس سلب الاختصاص -لأن الوسيط لا يباشر اختصاصًا قضائيًا كالمحكم - فمن المنطقي أن يكون حكم القاضي في حالة التمسك باتفاق الوساطة هو عدم قبول الدعوى، وهو ما يؤدي الى نتيجة نراها وهي أن اتفاق الوساطة المبرم قبل رفع الدعوى يرتب أثرًا مقيدًا لاختصاص القضاء المختص أصلا بالنزاع، وهو في هذه الحالة إنما هو أثر مانع من البدء بالإجراءات؛ حيث يظهر هذا الأثر للعلن كقرار عدم قبول الدعوى.

لذلك إذا كنا نذهب مع الاتجاه المؤيد لوجوب حكم المحكمة بعدم الاختصاص - عند التمسك باتفاق التحكيم- فذلك لأن المُحكِّمَ يمارس اختصاصًا قضائيًا موازيًا للاختصاص القضائي. أما الحكم عند التمسك باتفاق الوساطة فلا بد أن يكون بعدم قبول الدعوى؛ لأن الوسيط لا يمارس اختصاصًا قضائيًا موازيًا للقضاء، وهو فعلًا ما جاءت به المادة (18) من قانون الوساطة القطري من أن: "تقضي المحكمة، التي يُرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق وساطة، بعدم قبول الدعوى، إذا دفع المدعى عليه بذلك".

ولكن ما طبيعة الدفع باتفاق الوساطة؟

للفقه اتجاهات مختلفة:

الاتجاه الأول: يرى أنه دفعٌ شكليٌ غيرُ متعلقٍ بالنظام العام لا بد من التمسك به أولًا وقبل التكلم في الموضوع[12]، ووفقًا للقواعد العامة فإن الاتفاق على اللجوء إلى الوساطة يدخل في مفهوم اعتبار العقد شريعة المتعاقدين؛ بالنظر إلى أنه لا يخالف قاعدةً آمرةً ولا يمس النظام العام؛ لكن هذا الاتفاق في ذات الوقت متعلق بمصلحة الخصوم أنفسهم، فإن لم يتمسك الخصم - وهو المُدعَى عليه - بإثارة هذا الدفع مع لائحته الجوابية، وضمن الوقت المحدد لتقديمها، سقط هذا الحق[13]. وبالتالي، فإن الدفع بالوساطة هو دفع شكلي ولا يؤثر في ذلك عدم الإشارة إليه في القانون.

وعليه فقرار المحكمة برد الدعوى في هذه الحالة يكون صحيحًا، إما بالاستناد إلى اعتبار الدعوى سابقةً لأوانها بعدم استنفاد فرصة اللجوء إلى الحل الودي المتفق عليه، وإما بالاستناد إلى اعتبار الدفع بالحل الودي يُعدُّ دفعًا شكليًا ذا قيمةٍ وللمدعى عليه مصلحة في إثارته[14].

ويشار إلى أن القانون المغربي نص على أن: "الدفع بالوساطة يُلزِمُ المحكمةَ بالحكم بعدم قبول الدعوى، فيجب على المحكمة المُحال إليها نزاعٌ في مسألةٍ أبرم الأطراف في شأنها اتفاق وساطة؛ وفقًا لمقتضيات هذا الفرع، أن تصرح بعدم القبول إلى حين استنفاد مسطرة الوساطة، أو بطلان اتفاق الوساطة. وإذا كان الوسيط لم يعرض عليه النزاع بعد، وجب على المحكمة أيضًا أن تصرح بعدم القبول ما لم يكن اتفاق الوساطة باطلًا بطلانًا واضحًا. ولا يجوز للمحكمة في كلتا الحالتين أن تصرِّحَ تلقائيًا بعدم القبول. وفي الحالة الثانية، يجوز لها أن تحدد بطلب من الطرف الذي رفع الأمر إليها الأجل الأقصى الذي يجب أن تبدأ فيه الوساطة تحت طائلة بطلان الاتفاق"[15].

الاتجاه الثاني: الدفع باتفاق الوساطة دفع شكلي يتعلق بالنظام العام: وهو دفع يتعلق بالنظام العام، ويجوز للمحكمة الحكم به من تلقاء نفسها، ولا يترتب على حكم المحكمة في الدفع بعدم قبول الدعوى، أن تستنفد المحكمة لولايتها بنظر النزاع[16].

·       موقف القانون القطري

تنص المادة  (18) من قانون الوساطة القطري: "تقضي المحكمة، التي يُرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق وساطة، بعدم قبول الدعوى، إذا دفع المُدعَى عليه بذلك، فضلًا عن تغريم من أقام الدعوى ضعف رسوم إقامة الدعوى؛ ما لم تقرر المحكمة أن الاتفاق باطلٌ أو لاغٍ أو عديم الأثر أو لا يمكن تنفيذه أو انتهت الوساطة بين الأطراف ولم تُفض لاتفاق، وذلك خلال المدة المحددة في اتفاق الوساطة".

ومن المُلاحَظ على هذه المادة اختفاء مبدأ الاختصاص بالاختصاص؛ وذلك لأن الوسيط ليس في طبيعة مهمته الفصل في النزاع، وليس لقراراته أي طبيعة قضائية، فلا مجال للكلام عن عمل قضائي يقوم به، وبالتالي ليس هناك مجال للكلام عن سلطة في تقرير مدى صحة اتفاق الوساطة أو عدمه، وبالتالي يبقى الاختصاص في الفصل في صحة الاتفاق للقاضي وإحداث آثاره، بما فيها الأثر الإجرائي الذي يتمثل في منع القضاء من النظر في النزاع المتفق على الوساطة بشأنه.

والقضاء هو المختص بالنظر في صحة اتفاق الوساطة، فيمكن القول إن الأثر المباشر لاتفاق الوساطة في كلا القانونين هو منع القضاء الرسمي المختص من النظر في الدعوى التي يكون الحق محل النزاع فيها قد تم الاتفاق على الوساطة بشأنه، وإن كان المُشرِّع المغربي قد ميَّز بين حالتين، كما بيّناه آنفًا.

ويثور السؤال بشأن الآلية الإجرائية للفصل في النزاع حول صحة اتفاق الوساطة من قبل القضاء؛ إذ أن هناك أكثر من آلية إجرائية للوصول إلى الفصل في النزاع حول اتفاق الوساطة المقدم أمام القضاء المختص في نظر صحة اتفاق الوساطة، ونعتقد بأن أهم آليتين هما:

أ‌-     الدفع باتفاق الوساطة وهو ما شرحناه سابقا.

ب‌- دعوى قطع النزاع.

دعوى قطع النز اع كما يُعرِّفُها البعض هي: "دعوى وقائية تهدف إلى وقاية المدعي من الآثار الضارة للمزاعم التي تثار حول حقه أو مركزه القانوني"[17]. يمكننا أن نحدد شروطها من وجوب توافر مصلحةٍ لرافعها ووجود ادعاءات جدية قد أُثيرت من المدعي خارج المحكمة[18]. أي أن المشرع قد أعطى الشخص الذ ي تُثار بحقه تلك المزاعم أن يجبر من أثارها على أن يلجأ إلى المحاكم؛ لإثبات صحة ما يدَّعيه وما يزعمه من حقوق ومراكز، وإلَّا سقط حقه فيها، وامتنع عليه إثارة وترديد هذه المزاعم مستقبلًا، وذلك بموجب دعوى نظَّمها لذ لك الغرض، وهي دعوى قطع النزاع[19].

ويمكننا تطبيق هذه القواعد على ادعاء شخص طرف في نزاع مع آخر، بأن لديه اتفاق وساطة مع الخصم وأن الخصم لن يستطيعَ اللجوء الى القضاء بشأن ذلك النزاع فيمكن للطرف الآخر اللجوء الى القاضي للحكم بعدم صحة ما يدعيه.

أما بالنسبة للمحكمة المختصة بدعوى قطع النزاع ونظرها، فإننا نعتقد أنها المحكمة التي تختص بالنظر في دعوى صحة العقد؛ حيث تنص المادة 1 من قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري: "لا يقبل أي طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقررها القانون. ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحقٍ يُخشَى زوالُ دليله عند النزاع فيه"[20]. ونرى أن المحكمة المختصة في هذه الحال هي المحكمة الكلية على أساس أن النزاع غير محدد القيمة.

الفرع الثاني: أثر إبرام اتفاق الوساطة بعد رفع الدعوى

نستطيع القول إن هناك إمكانية للوساطة والوصول إلى اتفاق تسوية حتى بعد رفع الدعوى، وذلك بموجب القواعد العامة الواردة في قانون المرافعات أو القواعد الخاصة الواردة في قانون الوساطة، وهو ما يتوافق مع المادة 16 من قانون الوساطة القطري والتي جاء فيها: "للمحكمة أثناء نظر الدعوى، وقبل حجزها للحكم، وفي أي مرحلة من مراحل التقاضي، أن تقررَ -بناءً على اتفاق الأطراف- وقف نظر الدعوى وإحالة النزاع للتسوية عن طريق الوساطة" فالاتفاق على الوساطة أثناء نظر الدعوى - أي الاتفاق اللاحق على رفع الدعوى - سيترتب عليه أثرٌ مُوقِفٌ للإجراءات. ويُعد اللجوءُ إلى الوساطة في هذه الحال رخصةً عامةً كما هي الرُخَص الأخرى[21]. والاتفاق على إحالة النزاع إلى الوساطة بعد المطالبة القضائية يترتب عليه وقف الدعوى، وهو ما يعني تعطيل الخصومة للمدة المنصوص عليها[22].

وهو ما تنص عليه المادة (15) من قانون الوساطة القطري: "للمحكمة في الدعوى المنظورة أمامها، أن تطلب من الأطراف تسوية النزاع بطريق الوساطة خلال أجلٍ تحدده". وفي حال اعتراض أي من الأطراف على طلب المحكمة تسوية النزاع عن طريق الوساطة، فعلى المحكمة أن تستمر في نظر الدعوى المعروضة أمامها.

كما تنص المادة 16 من قانون الوساطة القطري: "للمحكمة أثناء نظر الدعوى، وقبل حجزها للحكم، وفي أي مرحلة من مراحل التقاضي، أن تقرر بناءً على اتفاق الأطراف، وقف نظر الدعوى وإحالة النزاع للتسوية عن طريق الوساطة".

والجدير بالذكر أن المادة 83 من قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري في سياق تقرير أحكام وقف الخصومة قد أشارت إلى جواز وقف الدعوى بناءً على اتفاق الخصوم على عدم السير فيها، لمدة لا تزيد على ستة أشهرٍ من تاريخ إقرار المحكمة لاتفاقهم؛ لكن ميعاد الستة أشهر ليس حتميًّا بالنسبة لوقف الخصومة بداعي الوساطة؛ لأن المادة 15 من قانون الوساطة القطري منحت المحكمة سلطةَ تحديد الأجل الذي تراه مناسبًا. وبالتالي، فإنه - من خلال المقارنة بين مقتضيات المادتين 15 و16 من قانون الوساطة القطري، والمادة 83 من قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري- يمكننا اعتبار نص المادة 15 من قانون الوساطة القطري استثناءً على مدة الستة أشهر الواردة في المادة 83 من قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري.

ولا تخرج الأطراف - عند اتفاقهم على الوساطة - بصورةٍ مطلقةٍ من عباءة قانون المرافعات، فهم أطراف الدعوى ويخضعون في ذلك لقواعد قانون المرافعات، فالدعوى التي توقفت إجراءاتها بسبب إحالتها للوساطة، ولم تتكلل الوساطة بنهاية تتضمن اتفاق التسوية، يكون على الخصم أن يتقدم إلى القاضي بطلب تعجيل دعواه فيزول الأثر الواقف.

وعلى الرغم من بدء الإجراءات، وبدء القاضي النظر بالدعوى، إلا أن المُشرِّع يُصرُّ على التخفيف عن القضاء بأن شجَّع على اللجوء إلى الوساطة رغم البدء بالإجراءات، فنص في المادة (15) من قانون الوساطة القطري: "للمحكمة في الدعوى المنظورة أمامها، أن تطلب من الأطراف تسوية النزاع بطريق الوساطة خلال أجلٍ تحدده". فإذا قبلت الأطراف إجراء الوساطة، وأعقب ذلك تسوية النزاع فيما بينهم، وتم توثيق اتفاق التسوية وفقًا لأحكام المادة (25) من هذا القانون، فعلى المحكمة أن تستبعد تلك الدعوى من الجدول؛ وذلك لانتهاء الخصومة فيها.

على أن لجوء الأطراف الى الوساطة بعد رفع الدعوى، سيكون له قيودٌ إجرائية نصت عليها موادُ قانون المرافعات بالإضافة الى قانون الوساطة. فتنص المادة (16) من قانون الوساطة القطري: "للمحكمة أثناء نظر الدعوى، وقبل حجزها للحكم، وفي أي مرحلةٍ من مراحل التقاضي، أن تقرر بناءً على اتفاق الأطراف، وقف نظر الدعوى وإحالة النزاع للتسوية عن طريق الوساطة". فلم يمنع المُشرِّع اللجوء إلى الوساطة أثناء جريان إجراءات الدعوى، بل شجع على ذلك في العديد من النصوص؛ لكنه وبما أن الدعوى بشأن النزاع أمام القاضي، وبما أن لجوء الأطراف إلى الوساطة سيكون له أثرٌ في إجراءات الدعوى فقد اشترط في هذه الحال أن يكون هذا الاتفاق -المؤثر في الإجراءات- قد أبرم وتم التقدم به قبل قفل باب المرافعة[23].

وتنسجم المادة (16) من قانون الوساطة القطري مع مضمون المادة 79 من قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري التي تنص: "تقدم الطلبات العارضة من المدعي أو من المُدَّعى عليه إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة، أو بطلب يقدم شفاها في الجلسة في حضور الخصوم ويثبت في محضرها. ولا تقبل الطلبات بعد إقفال باب المرافعة".

ونتيجةً لما سبق يمكن القول إن اللجوء الى الوساطة أثناء سير الدعوى، وقبل فقل باب المرافعة، يكون بإحدى طريقتين:

إما أن يطلب القاضي نفسه من الأطراف اللجوء للوساطة لحل النزاع المعروض أمامه ويقع الاتفاق بينهما.

وإما أن يتم الاتفاق عليه بين الخصوم ويُقدم للقاضي أثناء السير في الدعوى.

المطلب الثاني: أثر اتفاق الوساطة على إجراءات الدعوى والمواعيد

بمجرد أن تتفق الأطراف على الوساطة فإنه بموجب المادة 18 من قانون الوساطة القطري يتعذَّرُ على المحكمة قبول النظر في دعوى يوجد بشأنها اتفاق وساطة إذا دفع المدعى عليه بذلك، بما يفيد أن لاتفاق الوساطة أثر على إجراءات الدعوى (الفرع الأول) كما أنه يتقرر - بموجب المادة 22 - وقف المدد المقررة قانونًا لسقوط وتقادم الحقوق أو لرفع الدعوى بها (الفرع الثاني)

الفرع الأول أثر اتفاق الوساطة على إجراءات الدعوى

إن اللجوء إلى الوساطة قد يكون قبل اللجوء إلى القضاء، فيكون عندها مجردُ دعوةٍ إلى التفاوض على إبرام صلح بين أطراف النزاع، بينما اللجوء إلى الوساطة بعد المطالبة القضائية فهو عملٌ يخص الخصومة وجزءٌ منها، فيمكن الرجوع عن الوساطة والانسحاب منها في أي وقت ممكن، شريطة ألا يمنع الانسحاب اتفاقٌ أو نصٌ قانوني، أو يحول دون استخدام حق الرجوع أو الانسحاب[24]. ونستطيع القول أن كلًا من المُشرِّع المغربي والمشرع القطري قد جعلا التمسك باتفاق الوساطة أمام القضاء لا يكون إلا عن طريق الدفع، وإن كان المشرع المغربي قد ميز بين حالتين[25]؛ هما:

الحالة الأولى: إذا كانت إجراءات الوساطة قد بدأت: فيجب على المحكمة المُحال إليها نزاعٌ في مسألة أبرم الأطراف في شأنها اتفاق وساطة - وفقًا لمقتضيات هذا الفرع - أن تصرح بعدم القبول إلى حين استنفاد مسطرة الوساطة[26]، أو بطلان اتفاق الوساطة؛ شريطة إثبات ذلك أمام قاضي الموضوع كي يتأكد من مدى قانونيته، فإذا ظهر ذلك يُصرَّح بعدم قبول الدعوى مؤقتًا.

الحالة الثانية: إذا كانت الإجراءات لم تبدأ بعد ولم يعرض النزاع على الوسيط: إذا كان الوسيط لم يعرض عليه النزاع بعد، وجب على المحكمة أيضًا أن تصرح بعدم القبول، ما لم يكن اتفاق الوساطة باطلًا بطلانًا واضحًا.

لا يجوز للمحكمة في كلتا الحالتين أن تصرح تلقائيًا بعدم القبول؛ لكن في الحالة الثانية، يجوز لها أن تحدد - بطلب من الطرف الذي رفع الأمر إليها - الأجل الأقصى الذي يجب أن تبدأ فيه الوساطة تحت طائلة بطلان الاتفاق. ففي كل الأحوال لا يمكن للمحكمة أن تحكم بعدم القبول من تلقاء ذاتها. وفي الحقيقة ان هذا التمييز الذي جاء به النصُ المغربي كان غيرَ واضح الهدف والغاية.

أما في القانون القطري، فتنص المادة (18) من قانون الوساطة القطري: "تقضي المحكمة، التي يُرفع إليها نزاعٌ يوجد بشأنه اتفاق وساطة، بعدم قبول الدعوى، إذا دفع المدعى عليه بذلك، فضلًا عن تغريم من أقام الدعوى ضعف رسوم إقامة الدعوى، ما لم تقرر المحكمة أن الاتفاق باطلٌ أو لاغٍ أو عديمُ الأثر أو لا يمكن تنفيذه أو انتهت الوساطة بين الأطراف ولم تُفض لاتفاق وذلك خلال المدة المحددة في اتفاق الوساطة". فالمُشرِّع في حالة الدفع باتفاق الوساطة يمنح المحكمة السلطة التقديرية في نظر مسألة صحة الاتفاق في:

1-   الصحة والبطلان؛

2-   الإلغاء؛

3-   استحالة التنفيذ؛

4-   انقضاء الاتفاق زمنيا.

ومن الواضح من هذا النص أنه:

- لا يميز بين المرحلة التي وصلت اليها إجراءات الوساطة كما هو القانون المغربي؛

- يعطي السلطة التقديرية للمحكمة من أجل التيقن من وجود الاتفاق المدعى به أم لا.

ونعتقد بأنه حتى ولو كان الاتفاق صحيحًا فإن المحكمة مُلزَمةٌ بألَّا تقبل بالدفع إذا كان الاتفاق قد انقضى زمنيًا، أو كان مستحيلَ التنفيذ، أو كان قد ألغي. فهذا الاتفاق الذي سيؤدي إلى التأثير في الإجراءات لا بد أن يكون صحيحًا، وليس أي اتفاق معيب يمكن أن يؤدي إلى تقييد سلطة القضاء في نظر الدعوى وممارسة اختصاصه. ولا يؤثِّر على ما نراه أن يكون الدفع باتفاق الوساطة يتعلق بالنظام العام أم لا، فاللجوء إلى الوساطة بعد المطالبة القانونية يُعد رخصةً عامةً كما هي الرخص الأخرى، فإذا عرض أحد الطرفين الوساطة كبديل لتسوية النزاع، وقَبِلَ الطرفُ الآخرُ العرضَ المذكور، فهنا يعد ما قام به يعتبر رخصةً خاصةً إذا أجمع الخصوم عليها كافَّة وبقوا مصرين عليها حتى ينتهي الوسيط من مهمته[27]. فالاتفاق على إحالة النزاع إلى الوساطة بعد المطالبة القضائية يترتب عليه وقف الدعوى، وهو ما يعني تعطيل الخصوم للمدة المنصوص عليها[28].

ونعتقد هنا بأننا امام وقفٍ قضائيٍ وليس وقفًا قانونيًا، والقرار بالوقف هو وقفٌ تعليقيٌ، والحكم بوقف الدعوى تعليقًا للفصل في مسألة أخرى، هو حكمٌ قطعيٌ بعدم جواز نظر الدعوى قبل الفصل في تلك المسألة الأولية التي لا تدخل في اختصاصها، وتكون له حجيةُ الأمر المقضي فيه. وأثر ذلك هو أن المحكمة التي أصدرته لا يحق لها العدول عنه، ولا تملك معاودة النظر في الموضوع دون الدليل على تنفيذ حكم الوقف، أو أن هذا التنفيذ أضحى مستحيلًا، فيحق لها النظر في الموضوع دون أن يُعدّ ذلك إهدارًا لتلك الحجية[29]؛ لكن هل يجوز الاتفاق على الوساطة بعد رفع الدعوى؟

إن الاتفاق على الوساطة بعد رفع الدعوى، لا يمنعه مانعٌ إلا قفلَ باب المرافعة، وهنا تثور إشكالية العبارة الواردة في المادة 16 من قانون الوساطة القطري "في أي مرحلة من مراحل التقاضي" أنه إذا كان القاضي في مرحلة قفل باب المرافعة فلن يستمع إلى الأطراف لعدم جواز التقدم بطلبات أمام القاضي[30]، فهل سيكون ذلك مانعًا من الاتفاق بين الأطراف على الوساطة؟

الحقيقة أن المادة 16 تمنع ذلك من خلال ما جاء فيها "للمحكمة أثناء نظر الدعوى، وقبل حجزها للحكم، وفي أي مرحلةٍ من مراحل التقاضي، أن تقرر -بناءً على اتفاق الأطراف- وقف نظر الدعوى وإحالة النزاع للتسوية عن طريق الوساطة" وبالتالي لن يكون قفل باب المرافعة مانعًا من الاتفاق وإنما سيكون التوقيت مانعًا من التقدم به أمام المحكمة، ونعلم ان المنع سيكون فيه للمحكمة سلطةٌ تقديريةٌ؛ إذ إنها تملك سلطة إعادة فتح باب المرافعة واستلام الطلب من صاحب المصلحة. إلا أن الإشكالية تبدو في عبارة في أي مرحلة من مراحل التقاضي التي استخدمها المُشرِّع فهل المقصود بها في أي مرحلة من مراحل الدعوى أمام قضاء الدرجة الأولى، أم أنه يقصد المعنى الأوسع، والذي يرجحه المصطلح بحرفيته، وهو ما يشمل كل درجات التقاضي بالإضافة الى مرحلة التمييز. وهو ما يسوقنا الى السؤال عن مدى إمكانية الوساطة في نزاعٍ تم الفصل فيه بحكمٍ حائزٍ حجية الامر المقضي؟

إن وقف إجراءات الدعوى كنتيجةٍ لإبرام اتفاق الوساطة، أو لأي اتفاق يمكن الوصول إليه بإرادات الأطراف وليس بالضرورة استنادًا إلى اتفاق وساطة أصلًا؛ أي أنه حتى مجرد حاجة الأطراف لوقف الإجراءات من أجل الحصول على فرصة لاستغلالها للوصول إلى اتفاق وساطةٍ، سيكون متاحًا طلب ذلك الوقف. وإذا لجأت الأطراف إلى الوساطة بعد رفع الدعوى، فهنا تُعد الوساطة من ضمن أعمال الخصومة، لذلك فالقاعدة أنه يمكن الرجوع عن الوساطة في اي وقت ممكن، إذا لم يكن هناك ما يمنع من ذلك اتفاقيًا او قانونيًا. وأطراف الوساطة في هذه الحال هم أطراف الدعوى، وبالتالي فهم مازالوا خاضعين لقانون المرافعات. فالدعوى التي وقفت إجراءاتها لإحالتها للوساطة، يمكن للخصم -إذا أراد العودة إلى الدعوى- أن يتقدم إلى المحكمة بطلب تعجيلٍ[31]؛ لتعود الإجراءات إلى السريان كما كانت قبل الوقف؛ لكن إذا كان الحكم قد صدر من قبل القاضي فهل يعني ذلك انعدام حق الأطراف في اللجوء إلى الوساطة؟[32]

يبدو أن المادة 16 من قانون الوساطة القطري تمنع ذلك من خلال ما جاء فيها "للمحكمة أثناء نظر الدعوى، وقبل حجزها للحكم، وفي أي مرحلةٍ من مراحل التقاضي، أن تقرر بناءً على اتفاق الأطراف، وقف نظر الدعوى وإحالةِ النزاع للتسوية عن طريق الوساطة".

بدايةً لا بد من التعليق على عبارة في أي مرحلة من مراحل التقاضي؛ إذ أنها عبارةٌ غامضةٌ تحتاج إلى توضيح، فهل يقصد المُشرِّع بمراحل التقاضي؛ إجراءاتِ الدعوى أمام قضاء الدرجة الأولى؟ أم أنه يقصد بعبارة مراحل التقاضي كل المراحل بما فيها مراحل الطعن، وبما يشمل مرحلة التمييز؟ وفي الحقيقة أننا أمام عبارة تُستخدم فقهًا وقضاءً بمعنى درجات التقاضي بما في ذلك محكمة النقض، فهناك ما يخص مراحل الدعوى ولا تعني مراحل التقاضي، ونسوق مثالًا على ذلك ما جاء في حكم لمحكمة التمييز القطرية: "المقرر - في قضاء هذه المحكمة- أن قابلية الأحكام للطعن فيها مسألةٌ تتعلق بالنظام العام تقضي فيها المحكمة من تلقاء نفسها، ولو لم يتمسك بها أحد من الخصوم في أي مرحلة من مراحل الدعوى"[33]، والمقصود هنا فيما نرى مراحل التقاضي.

واستنادًا إلى أن النص الذي نراه يقبل التفسير الذي يسمح بالوساطة في أي مرحلة من مراحل التقاضي، أي حتى بعد صدور حكمٍ قضائيٍ وهو ما يراه بعض الفقه[34]؛ ولكن هل يمكن من الناحية الفنية تأييد هذا الاتجاه؟

 استنادًا إلى مبادئ قانون المرافعات وفقهه، نرى أنه حتى بعد صدور الحكم فإن ذلك لا يمنع الأطراف من اللجوء إلى الوساطة لفصل النزاع بينهم، فإذا كان من المنطقي أنه في مرحله الطعن أمام القضاء - والذي فيه يتعرض الحكم لإمكانية الإلغاء - فإن ذلك لا يمنع حتى في حالة عدم الطعن من اللجوء إلى الوساطة[35]؛ وذلك استنادًا لما ورد في المادة 16 والتي تسمح بذلك في أي مرحلة من مراحل التقاضي.

ويمكننا بحث هذه المسألة من ناحية الأساس التشريعي، وكذلك الأساس الفني، وإذا كان الأساس التشريعي يتعلق بتفسيرنا لعبارة" أي مرحلة من مراحل التقاضي" الواردة في المادة 16 سالفة الذكر، فإننا سنبين مدى جواز ذلك استنادًا إلى الأساس الفني.

·       مدى جواز اللجوء إلى الوساطة بعد صدور الحكم، (الأساس الفني)

 في حال تنازل المحكوم له عن الحكم من خلال اتفاق الأطراف على اللجوء إلى الوساطة، بدلا من الحل الذي جاء به الحكم فماذا يعني هذا التنازل وما هي آثاره؟ فإذا كان التنازل عن الحكم يعني التنازل عن الحق المتضمن في الحكم، فإن ذلك يُعد - كما يرى البعض - تنازلًا عن الحكم بمضمونه وليس بآثاره، وإن كان البعض الآخر يرى أن النزول عن الحكم كاملًا وزوال الحكم كاملًا بما في ذلك ما اكتسبه الحكم من حجية الأمر المقضي[36]، وبالتالي فإن وجود الحكم في النزاع الناشئ بين الأطراف لم يكن مانعًا من الاتفاق على الوساطة؛ لحل النزاع الذي اتفقت الأطراف فيه على إعادة الاتفاق بشأن هذا النزاع الذي سبق أن تم حله عن طريق القضاء، يشكل فيما نرى محلًا لنقاش:

فاذا ذهبنا مع محكمة النقض المصرية إلى أن "النزول عن الحكم يستتبع بقوة القانون النزول عن الحق الثابت به، سواء نص على ذلك في ورقة التنازل أو لم ينص. مؤدَّاه انقضاء الخصومة التي صدر فيها، وامتناع المطالبة بالحق الثابت فيه. الطعن بالنقض المقصود به مخاصمة الحكم النهائي الذي يطعن عليه بهذا الطريق. تنازل المطعون ضده عن الحكم فيه. أثره عدم قبول الطعن"[37].

وكذلك جاء نص المادة 145 من قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري على أن: "النزول عن الحكم يستتبع النزول عن الحق الثابت به". يدل على أن النزول عن الحكم يستتبع بقوة القانون النزول عن الحق الثابت به، سواء نص على ذلك في ورقة التنازل أم لم ينص، وأنه يترتب على النزول عن الحكم انقضاء الخصومة التي صدر فيها، وامتناع المطالبة بالحق الثابت فيه. وأن مقتضى هذا التنازل على ما تراه محكمة النقض المصرية في الحكم المشار إليه: "أن يصبح الحكم المطعون فيه غير قائم، ومن ثم يصبح الطعن المرفوع غيرَ مقبولٍ.. فإذا كان ذلك وكان المقرر أن الطعن بالنقض يقصد به في واقع الأمر مخاصمة الحكم النهائي الذي يطعن عليه بهذا الطريق، وكان البيِّنُ من الأوراق تنازل المطعون ضدهن عن الحكم النهائي المؤيد بالحكم المطعون فيه، ومن ثم يضحى الطعن واردًا على غير محل ويتعين لذلك القضاء بعدم قبوله". وبالتالي نستطيع القول إن التنازل عن الحكم يعني أن المحكوم عليه يتنازل عن الحكم وعن مضمونه، فعلى أي حق أو نزاع سيكون الاتفاق على الوساطة؟!

كذلك فان وجود حكمٍ فاصلٍ في الدعوى وحيازته لحجية الأمر المقضي سيكون مانعًا من الاتفاق على الوساطة بشأن النزاع، حتى ولو اتفقنا مع البعض على أن التنازل عن الحكم يؤدي إلى زوال الحكم تمامًا هو وحجيته، وزوال الحق مضمون الحكم[38]، ففي هذه الحال لن يكون هناك مصلحةً في لجوء الأطراف إلى التحكيم لتحقيقها؛ لأن الحق تم التنازل عنه بالتنازل عن الحكم، فالمادة 97 من قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري تنص على أن: "النزول عن الحكم يستتبع النزول عن الحق الثابت به".

الفرع الثاني: أثر اتفاق الوساطة على المواعيد والمدد القضائية

إذا كان المُشرِّع القطري قد نص صراحةً على أن إجراءات الوساطة تؤثر في سريان مدد التقادم (وقفًا)، فهل سيكون لهذا الاتفاق أثرٌ على المواعيد في قانون المرافعات. والمثال العملي الذي يمكن الإشارة إليه في هذا الموضوع اتفاق الأطراف على الوساطة بعد صدور الحكم في الدرجة الأولى وقبل الطعن على الحكم. وقد نصت المادة 22 من قانون الوساطة القطري على أنه: "يترتب على بدء إجراءات الوساطة وقف المُدد المُقررة قانونًا لسقوط وتقادم الحقوق أو لرفع الدعوى بها، وذلك حتى تاريخ انقضاء الوساطة" والمُلاحَظ في هذا النص أنه موجه إلى الحقوق الموضوعية وليس إلى الإجرائية، بل إنه موضوع رفع الدعوى بها المنصوص عليه في المادة 22 فهو موجه لتقادم الحق الموضوعي وليس الحق الإجرائي.

وبالإشارة إلى القانون الفرنسي، يمكن القول أنه في قانون القضاء الإداري الفرنسي وبالتحديد في المادة ل 13-213 تنص على أن: "تعيين وسيط مختص يقطع مدة الطعن في المنازعات، ويوقف مهل التقادم، التي ستعاود السريان اعتبارًا من التاريخ الذي يعلن فيه الوسيط أو الأطراف بوضوح تام أن الوساطة قد انتهت"[39].

 

المبحث الثاني: الآثار الإجرائية لاتفاق التسوية

الاتفاق على التسوية هو أهم مرحلة من مراحل الوساطة؛ لأنه يرتبط بحل النزاع بين الأطراف عن طريق الوصول إلى اتفاقٍ نهائي يساهم في تسويتهِ، ويُعتبر الاتفاق الذي تم التوصل إليه اتفاق تسويةٍ، سواء أكان ما نتج عن هذا الاتفاق حلَ النزاعِ كاملًا بين الأطراف، او حل في جانبٍ منه. وفي حال تم التوافق بين الأطراف فإنه على الوسيط أن يحرر اتفاق التسوية كتابةً، ويجب أن يتضمن هذا الاتفاق البيانات الشخصية لأطراف النزاع والوسطاء والخبراء في حال وجودهم، وملخص النزاع وتفصيل لبنود الاتفاق (م 24 وساطة قطري). ومقتضى ما سبق، أن بيان طبيعة اتفاق التسوية (المطلب الأول) يمهِّدُ لبيان الآثار الإجرائية المترتبة عليه، فنُميِّز بين الآثار الإجرائية لاتفاق التسوية الذي تم قبل رفع الدعوى، وأثره على الحق برفع الدعوى بشأن النزاع ذاته (المطلب الثاني)، هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى أثر اتفاق التسوية على إجراءات الدعوى المرفوعة أمام القاضي المختص (المطلب الثالث).

المطلب الأول: ماهية وطبيعة اتفاق التسوية

سنبحث في هذا المطلب الطبيعة القانونية لاتفاق التسوية (الفرع الأول)، ثم نبحث في أثر توثيق اتفاق التسوية في إنتاج اتفاق التسوية لآثاره (الفرع الثاني)؛ ذلك أن التساؤل يثور حول ما إذا كانت الآثار الإجرائية لاتفاق التسوية تتحقق بمجرد التوقيع عليه، أم أن التوثيق هو شرطٌ لإحداث الاتفاق لآثاره؟

الفرع الأول: الطبيعة القانونية لاتفاق التسوية

إن اتفاق التسوية - كعقدٍ ينهي النزاع - لا يمكن مقارنته بحكم التحكيم؛ لأن الوسيط ليس هو من فصل في النزاع، كما أنه لا يمكن اعتبار اتفاق التسوية اتفاقًا عاديًا محدود الآثار في إطار القانون الموضوعي، وأقرب ما يمكن قياسه عليه إنما هو اتفاق الصلح الذي يجري بين أطراف النزاع، والذي ينتهي به النزاع، وإن كان هذا الصلح لا يحتاج إلى وسيطٍ، وإنما يكون بين الطرفين من خلال تنازلاتٍ (قانونية) متبادلةٍ بين الطرفين[40]. فاتفاق التسوية هو عبارة عن عقد، إذ أن كلمة اتفاق تعني "عقد" أي توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثرٍ قانوني، سواء كان هذا الأثر هو إنشاء التزام، أو نقله، أو تعديله، أو إنهاءه[41].

وقد عرّفت المادة 1 من قانون الوساطة القطري اتفاقَ التسوية بأنه: "الاتفاق الذي تم التوصل إليه بناءً على الوساطة، سواء نتج عن هذا الاتفاق حل النزاع بين الأطراف بصورةٍ كُليةٍ أو جزئيةٍ". وبمقارنة هذا التعريف مع تعريف اتفاق الوساطة الوارد في المادة ذاتها بأن: "اتفاق الوساطة: اتفاق مكتوب بين الأطراف، على الالتجاء إلى الوساطة، لتسوية..."، يتضح أن المُشرِّع اشترط الكتابة في اتفاق الوساطة ولم يشترطها في اتفاق التسوية، ما يعني مبدئيًا أن هذا الاتفاق يُعد عقدًا رضائيًا على عكس اتفاق الوساطة الذي اشترط فيه الكتابة، ولكن لا نعتقد بكفاية الرضا لنكون أمام اتفاق تسوية يؤدي إلى انقضاء الدعوى المدنية، وهو ما أكدته المادة 24 من قانون الوساطة التي جاء فيها: "يجب على الوسيط، في حالة التوصل إلى تسوية النزاع، كليًا أو جزئيًا، من خلال إجراءات الوساطة، أن يُحرر اتفاق التسوية كتابة، وذلك خلال سبعة أيامٍ من تاريخ التوصل إلى تسوية النزاع. ويجب أن يتضمن اتفاق التسوية ما يلي: 1...".

فإذا كان اتفاق التسوية المكتوب ينتج عنه حل النزاع بين الأطراف بصورةٍ كُليةٍ أو جزئيةٍ، فهل يجوز بعد ذلك رفع الدعوى بذات النزاع الذي تم انتهاؤه بموجب اتفاق تسوية؟

في البداية، يوحي اتفاق التسوية بحسب التعريف الوارد في المادة الأولى - أنه اتفاقٌ يكتمل بوجود التوقيعات التي نص المُشرِّعُ على وجودها على الاتفاق، وبالتالي سيكون هذا الاتفاق جاهزًا للانتقال إلى المرحلة التالية وهي مرحلة إنتاج الاتفاق لآثاره، وأن هذا الاتفاق يمكن التمسك به قبل ان ترفع الدعوى من قبل الملتزمين به، كما يمكن أن يكون هناك وصولٌ إلى هذا الاتفاق بعد رفع الدعوى؛ لكن هناك إجراء يقوم به القاضي عند عرض اتفاق التسوية عليه، وهو توثيق هذا الاتفاق. فما هي أهمية التوثيق؟ وهل تتحقق الآثار الإجرائية لاتفاق التسوية بمجرد التوقيع عليه، وبالتالي لا يشترط لها التوثيق، أم أن التوثيق هو البوابة المؤدية لإحداث الاتفاق لآثاره؟ وهو ما سنبينه في الفرع الآتي.

الفرع الثاني: أهمية توثيق اتفاق التسوية

التوثيقُ عملٌ قضائي تقوم به المحكمة بموجب نصوص القانون، فما أهميته ومضمونه؟ وما طبيعته؟ وما دوره في تحقيق اتفاق التسوية لآثاره؟

أولًا: مضمونه

في الحقيقة، إن التوثيقَ الذي نص عليه المُشرِّعُ في المادتين 25 و26 من قانون الوساطة القطري يُعد أساسًا في الانتقال باتفاق الوساطة من نطاق القانون الموضوعي، -والنظر إليه كعقدٍ لا بد فيه من توفر أركانه المعروفة- إلى النطاق الإجرائي والبحث في الآثار الإجرائية لاتفاق التسوية. وعلى الرغم من أن القاضي في هذا العمل من الناحية المادية والمنطقية لا يضيف شيئًا إلى هذا الاتفاق سوى التأكد من عدم مخالفته للنظام العام، أي أن مضمون عمل القاضي في هذه الحالة ليس إلَّا عملًا تقريريًا، إلًّا أن لهذا العمل أهمية في تحقيق اتفاق التسوية آثارَه الإجرائية، وهو ما رسَّخهُ المُشرِّعُ في العديد من مواد قانون الوساطة[42].

ثانيًا: طبيعته

عندما يُحسم النزاع بالوساطة، ويتم توثيق اتفاق التسوية، فما يقوم به القاضي لا يكون إلا بمقتضى سلطته الولائية[43]، ولا يؤدي إلى حيازة ذلك الاتفاق حجية الشيء المحكوم فيه[44]. وحسب المادة 25 من قانون الوساطة في تسوية المنازعات المدنية والتجارية، فإنه: "على الوسيط، خلال مدةٍ لا تتجاوز سبعة أيامٍ من تاريخ توقيع أطراف النزاع على اتفاق التسوية، إيداع نسخةٍ أصليةٍ من اتفاق التسوية واتفاقية تعيين الوسيط وموافقته على المهمة الموكلة إليه لدى قلم كُتاَّب المحكمة. ويُقدَّم طلب توثيق اتفاق التسوية إلى المحكمة، من أحد الأطراف أو منهم جميعًا أو من الوسيط، وعلى المحكمة أن تصدر قرارها بتوثيق اتفاق التسوية خلال سبعة أيامٍ من تاريخ الطلب. ويكون لاتفاق التسوية بعد توثيقه من المحكمة، قوة السند التنفيذي، ولا يجوز الطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن".

وقد حدَّد المُشرِّعُ المسائلَ التي تراقبها المحكمة، فنص في المادة 26 وساطة قطري: "للمحكمة رفض توثيق اتفاق التسوية إذا كان مخالفًا للقانون أو للنظام العام، أو كان قد تم عن طريق الغش أو التدليس، أو لفقدان أحد أطراف النزاع أهليته، أو كان موضوعه مما لا يجوز فيه الصلح، أو لاستحالة تنفيذ أحد بنوده"، وهو مطابق لما يقوم به القاضي الفرنسي من مراقبة عند توثيقه اتفاق تسوية، فالمحكمة بحسب القانون المدني الفرنسي- يجب عليها بصفةٍ خاصةٍ أن تتحقق من اشتمال الاتفاق على العناصر الآتية: الموافقة الفعلية للطرفين، مشروعية الموضوع، مراعاة عدم جواز الوساطة في الحقوق التي لا يتمتع الطرفان بحرية التصرف فيها، عدم تجاهل قواعد النظام العام الأخرى.

ويكون دور المحكمة بعد ذلك هو التصديق على الصلح وفقًا للمادتين 2044 و2052 من القانون المدني الفرنسي. ويكون لرفض التوثيق أثره في بطلان الاتفاق، ومن ثَمَّ يسمح للقاضي بالحكم في موضوع النزاع. وظلت المحكمة نفسها متماشية مع قبول أو رفض التوثيق، مؤكدةً أنه لا يمكن قانونًا أن يكون هناك تصديق جزئي، في حالة موافقة المحكمة على جزء من الاتفاق وتعديل الجوانب التي لا تناسبها من تلقاء نفسها[45]. وهو ما يتفق مع المادة 581 من القانون المدني القطري التي تقضي بأن: "1-الصلح لا يتجزأ، فبطلانُ جزءٍ منه أو إبطاله، يقتضي بطلان العقد كله أو إبطاله. 2- على أن هذا الحكم لا يسري؛ إذا تبين من عبارات العقد أو من الظروف أن المتعاقدين قد اعتبرا أجزاء الصلح منفصلةً ومستقلةً بعضها عن بعض".

 وبناءً على ما سبق نقترح تعديل المادة 27 التي جاء فيها "إذا أقام أيُّ من أطراف اتفاق التسوية الموثق من المحكمة، دعوى عن موضوع اتفاق التسوية ذاته، تقضي المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها ليكون الحكم الذي تقضي المحكمة: بعدم جواز نظر الدعوى لسابق حسم النزاع بالوساطة وليس الفصل فيها. وهو ينسجم مع ما نصت عليه المادة (577) من القانون المدني القطري والتي جاء فيها: "يُحسمُ الصلحُ المنازعاتِ التي يتناولها ويترتب عليه انقضاء الحقوق والادعاءات التي ينزل عنها أي من المتعاقدين نزولًا نهائيًا"، ما مُؤدَّاه أنه إذا انحسم النزاع بالصلح، فلا يجوز لأي من المتصالحين أن يجدد هذا النزاع لا بإقامة دعوى به ولا بالمُضي في الدعوى التي كانت مرفوعةً مما حسمه الطرفان صلحًا[46].

ثالثًا: التوثيق شرط لفاعلية آثار اتفاق التسوية

إذا تم التوقيع على اتفاق التسوية من قبل الأطراف وممن يتطلب موضوع النزاع موافقته والوسيط[47]، عندها يكون اتفاق التسوية قد أصبح نافذًا. والنفاذ هنا لا يعني القابلية للتنفيذ؛ وإنما المقصود به أن تترتب آثار العقد فور صدوره، من غير توقف على إجازة أحد[48]. وأما قابلية التنفيذ يكون بعد التوثيق لهذا الاتفاق وفق أحكام المادة 1 والمادة 25 من قانون الوساطة القطري. وهنا يثور السؤالُ حول متى يُنتِجُ اتفاقُ التسوية آثارَه الإجرائية؟ فهل تتحقق الآثار الإجرائية لاتفاق التسوية بمجرد التوقيع عليه، وبالتالي لا يشترط لها التوثيق، أم أن التوثيق هو البوابة المؤدِّية لإحداث الاتفاق لآثاره؟

في الحقيقة، إن التوثيق الذي نص عليه المُشرِّعُ في المادتين 25 و26 من قانون الوساطة يُعد أساسًا في الانتقال باتفاق الوساطة من نطاق القانون الموضوعي -والنظر اليه كعقدٍ لا بد فيه من توفر أركانه المعروفة- إلى النطاق الإجرائي، ومن ثم إحداث الآثار الإجرائية موضوع هذا البحث.

 إن النطرة الأولية إلى اتفاق الوساطة من خلال زاوية أنه نتاج أحد الطرق الموازية لفض النزاعات في القانون الخاص، وبتقريبه إلى التحكيم الذي يُعد أيضًا أحد الطرق الموازية لفض النزاعات في القانون الخاص. كل ذلك سيدفع باتجاه اعتبار أن آثار اتفاق التسوية تتحقق بمجرد التوقيع عليه بالتوقيعات المنصوص عليها، ولا يكون هذا الاتفاق بحاجة للتوثيق إلا بشأن تنفيذ هذا الاتفاق الذي انتهى النزاع بصدوره، إلَّا أن نصوص مواد قانون الوساطة لا تُوصِل إلى هذه النتيجة؛ فالنصوص ذات العلاقة تجعل التوثيق هو الإجراء الأخير من إجراءات الوساطة، وليس التوقيع من قبل الأشخاص المنصوص على وجوب توقيعهم. وهذه النصوص هي:

المادة 15 التي تبين واجب المحكمة في أن تستبعد تلك الدعوى من الجدول؛ وذلك لانتهاء الخصومة فيها وذلك عقب توثيق اتفاق التسوية، ونصُّها: "للمحكمة في الدعوى المنظورة أمامها، أن تطلب من الأطراف تسوية النزاع بطريق الوساطة خلال أجلٍ تحدده. وإذا قَبِل الأطراف إجراء الوساطة، وأعقب ذلك تسوية النزاع فيما بينهم، وتم توثيق اتفاق التسوية وفقًا لأحكام المادة (25) من هذا القانون، فعلى المحكمة أن تستبعد تلك الدعوى من الجدول؛ وذلك لانتهاء الخصومة فيها".

المادة 25 التي تبين اكتساب اتفاق التسوية قوة السند التنفيذي بعد توثيقه من المحكمة، ونصُّها: "ويكون لاتفاق التسوية بعد توثيقه من المحكمة، قوة السند التنفيذي، ولا يجوز الطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن".

المادة 27 التي تشترط التوثيق لتقضي المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها "إذا أقام أيُّ من أطراف اتفاق التسوية الموثق من المحكمة، دعوى عن موضوع اتفاق التسوية ذاته، تقضي المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وتغريم الطرف الذي أقام الدعوى".

ومن جماع تلك النصوص يتضح أن التوثيقَ مرحلةٌ لازمةٌ؛ كي ينتج اتفاق التسوية آثاره[49]، وبذلك ننتقل لبيان الآثار الإجرائية لهذا الاتفاق في المطلبين الآتيين؛ حيث نُميِّز في المطلب الثاني بين الأثار الإجرائية لاتفاق التسوية الذي تم قبل رفع الدعوى، وأثره على الحق برفع الدعوى بشأن النزاع ذاته، وفي المطلب الثالث نوضح أثر اتفاق التسوية على إجراءات الدعوى المرفوعة أمام القاضي المختص.

المطلب الثاني: أثر اتفاق التسوية الموثق على الحق برفع الدعوى لأول مرة أمام القاضي المختص بالدعوى

بعد توثيق اتفاق التسوية فإنه لا يجوز إقامة دعوى في موضوع اتفاق التسوية ذاته؛ لسبق تسوية النزاع (الفرع الأول)، كما أن اتفاق التسوية - بعد توثيقه من قبل المحكمة يكتسب قوة السند التنفيذي، ولا يجوز الطعن عليه بأي طريقٍ من طرق الطعن (الفرع الثاني)

الفرع الأول: عدم جواز نظر الدعوى من قبل القضاء

تنص المادة 27 قانون الوساطة القطري على أنه: "إذا أقام أي من أطراف اتفاق التسوية الموثق من المحكمة، دعوى عن موضوع اتفاق التسوية ذاته، تقضي المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها[50]، وتغريم الطرف الذي أقام الدعوى غرامة تعادل عشرة أضعاف رسم إقامة الدعوى، على ألا تقل عن عشرين ألف ريال ولا تزيد على خمسين ألف ريال، وإذا تعدد من أقاموا الدعوى فإن مبلغ الغرامة يًقسم بينهم بالتساوي". ونعتقد أن هذه المادة تبين الأساس التشريعي لأثر اتفاق التسوية على الحق برفع الدعوى، كذلك الأساس الفني لهذا الأثر. ومع ذلك فإن لنا وجهةَ نظرٍ في المسألة، سواء بالنسبة للأساس التشريعي أم للأساس الفني له من خلال ما يلي:

أولًا: الحكم الذي يصدره القاضي عند قيام أيِّ من أطراف اتفاق التسوية - الموثق من المحكمة - برفع دعوى عن موضوع اتفاق  التسوية ذاته، سيكون بحسب المادة 27 من قانون الوساطة القطري عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. ونستطيع ان نضيف هنا أن شروط قبول الدعوى متعددة، فمنها شخصية ومنها موضوعية[51]، وبالتالي يجب أن نعلم أن سبق الفصل في الدعوى هو السبب الذي وقع اختيار المُشرِّع عليه؛ ليجعله أساسًا لهذا الحكم الذي ستحكم به المحكمة عند رفع الدعوى بشأن نزاع تم الاتفاق على تسويته بالوساطة.

 فالمهم هنا - حتى تكون الدعوى مقبولةً- ألَّا يكون النزاع قد تم حله عن أيِّ طريقٍ قانونيٍ مشروعٍ، ومنها الوساطة؛ أي يجب ألا تكون هناك وساطة أدت إلى حل نفس النزاع المراد رفع الدعوى للفصل فيه[52]. على أننا نعتقد أن الأثر الذي يترتب على وجود  اتفاق  التسوية - وهو عدم قبول الدعوى - يكون متوفرًا حتى قبل تصديق القاضي على الاتفاق، ولا يحتاج إلى تصديق ليكون له هذا الأثر.

 وهذا ما يشترطه البعض. فيرى أنه: "بإضفاء المشرع الصيغة التنفيذية لمحضر الاتفاق؛ فإنه لا يُسمَحُ لأي خصم، بعد ذلك، أن يرفع دعوى قضائية بشأن النزاع الذي تم حله وديًا عن طريق الوساطة"[53].

ثانيًا: فيما يتعلق بالأساس الفني لعدم جواز النظر في الدعوى التي تم حل نزاعها سابقًا من خلال اتفاق تسوية، فإن دراسة هذه المسألة تتطلب العودةَ إلى ما بيّناه سابقًا بشأن طبيعة اتفاق التسوية وبيان آثاره. ففيما يتعلق بطبيعة اتفاق التسوية، ليس لدينا شكٌ في أن اتفاق التسوية لا يتجاوز الطبيعة الاتفاقية إلى طبيعةٍ أخرى، ولا يؤثر في ذلك منح الاتفاق القوة التنفيذية له؛ فهو اتفاق ليس له طبيعةُ قضائية بدليل أنه لا يجوز الطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن، وأن أسباب بطلانه (رفض التوثيق) هي أسباب بطلان أي عقد.

 ونذكر في هذا الصدد بما تقضي به المادة 25 من قانون الوساطة القطري من أنه: "على الوسيط، خلال مدةٍ لا تتجاوز سبعةَ أيامٍ من تاريخ توقيع أطراف النزاع على اتفاق التسوية، إيداع نسخة أصلية من اتفاق التسوية واتفاقية تعيين الوسيط وموافقته على المهمة الموكلة إليه لدى قلم كتاب المحكمة".

أما فيما يتعلق بآثاره، فإنه: "يكون لاتفاق التسوية بعد توثيقه من المحكمة، قوة السند التنفيذي، ولا يجوز الطعن عليه بأي طريقٍ من طرق الطعن". إلا أنه لا بد من الانتباه إلى أن المُشرِّع عندما نص في المادة 27 وساطة قطري أنه: "إذا أقام أيُّ من أطراف اتفاق التسوية الموثق من المحكمة، دعوى عن موضوع اتفاق التسوية ذاته، تقضي المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وتغريم الطرف الذي أقام الدعوى غرامةً تعادل عشرة أضعاف رسم إقامة الدعوى". فهل فعلًا هناك فصلٌ في نزاع أقيمت الدعوى للفصل فيه؟ وهل حكم المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، يعني: أن اتفاق التسوية أصبح حكمًا قضائيًا؟ وهل يُعد صحيحًا ما يراه البعض من حيازة اتفاق التسوية حجية الأمر المقضي؟ وهو ما نصت عليه بعض التشريعات العربية[54].

 ونذكر بما نصت عليه المادة 26 من قانون الوساطة القطري من أنه: "للمحكمة رفض توثيق اتفاق التسوية إذا كان مخالفًا للقانون أو للنظام العام، أو كان قد تم عن طريق الغش أو التدليس، أو لفقدان أحد أطراف النزاع أهليته، أو كان موضوعُه مما لا يجوز فيه الصلح، أو لاستحالة تنفيذ أحد بنود".

 حتى نستطيعَ الإجابة عن الأسئلة السابقة لا بد من الانطلاق من عدة حقائق، وهي أن اتفاقَ التسوية اتفاقٌ - كأي عقد في القانون المدني- تتجه فيه إرادة الأطراف إلى إحداث الأثر القانوني من قبل الارادتين. وحتى بعد توثيق الاتفاق من قبل القاضي؛ فذلك لن يؤدي إلى التأثير في طبيعة الاتفاق. وبالعودة إلى مضمون المادة 25 وساطة قطري المُتضِّمن "وعلى المحكمة أن تصدر قرارها بتوثيق اتفاق التسوية خلالَ سبعةِ أيامٍ من تاريخ الطلب. ويكون لاتفاق التسوية بعد توثيقه من المحكمة قوة السند التنفيذي، ولا يجوز الطعن عليه بأي طريقٍ من طرق الطعن".

 فإنه يمكننا أن نؤكد أن قرار القاضي بالتوثيق لا يضيف إلى اتفاق التسوية شيئًا؛ فذلك التوثيق ليس إلا تقرير من القاضي بأن ذلك الاتفاق لا يشوبه عيب يؤدي إلى بطلانه؛ لذلك فحتى بعد التوثيق، لا يمكن أن يتحول اتفاق التسوية إلى حكم يحوز حجية الأمر المقضي حتى بعد التوثيق. فالنص على أن: "تقضي المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها". لا يجعل من اتفاق التسوية حتى بعد التوثيق حكمًا قضائيًّا، وبالتالي لا يحوز حجية الأمر المقضي[55]، كما لا يكون مانعًا من نظر الدعوى؛ استنادًا إلى توفر شروط الدفع بحجية الأمر المقضي. وإنما يعني أن النزاع قد تم حسمه بالوساطة، وهو أسلوب يقوم على إجراءات قانونية أقرَّها المُشرِّعُ، تؤدي إلى فض النزاعات؛ لكن بدون حكم قضائي.

وإذا كان البعض يرى أن منع رفع الدعوى أمام القضاء بسبب اتفاق التسوية الموثق يعود إلى اكتساب الاتفاق الموثق حجية الامر المقضي[56]، فنحن نرى عدم صواب هذا التأصيل وننتقد ذلك الفهم، ونُرجِعه إلى الخلط في معنى مصطلح الحجية، ونسوق مثالًا على هذا الخلط:

هناك من يرى أن: "هذا الاتفاق - بعد اعتماد اتفاق التسوية وتوقيعه وتذييله بالصيغة التنفيذية - يصبح له حجيةٌ تعادل حكم المحكمة النهائي، ومن ثم يصبح واجب النفاذ، وبالتالي يجبر أطرافه على تنفيذ البنود الوارد به"[57]. فالتسوية الناتجة عن الوساطة الاتفاقية ليس لها حجية، وللأطراف حق قبولها أو رفضها. أما الوساطة القضائية فيكون للتسوية الناتجة عنها قيمة قانونية وحجية؛ إذ يُسبِغ القضاء عليها الحجية القانونية بإصدار القاضي قراره باعتمادها، ومن ثَمَّ لا يجوز إعادة طرح النزاع مرة أخرى أمام القضاء، وإنما يجب على الأطراف تنفيذ التسوية؛ حيث إن قرار التسوية يحمل قوة السند التنفيذي[58]. كما أنه تتجه بعض التشريعات هذا الاتجاه أو قريبًا منه، وذلك بشكلٍ صريحٍ كما هو التشريع المغربي[59]، أو بشكل ضمني كما هو التشريع القطري[60]. وبالتالي وبناءً على ما سبق، نرى أنه لا بد من التفصيل في معنى مصطلح الحجية الذي وقع الخلط في مضمونه، والذي يختلف من مكان لآخر أي تختلف الحجية في معناها ومضمونها من قانونٍ إلى قانونٍ اخر.

فالحجّية في نطاق قانون الإثبات: هي القوة الملزمة لدليلٍ ما في الإثبات ولها معانٍ تفصيلية أخرى[61]، وهو ما جاء في حكم لمحكمة التمييز القطرية: "فإذا ما توافرت هذه الشروط والضوابط فإن رسائل البيانات الآلية أو المتبادلة بطريق البريد الإلكتروني، تكتسب حجيةً في الإثبات تتساوى مع تلك المفرغة ورقيًا والمذيلة بتوقيعٍ كتابي"[62]، ومثال ذلك أيضًا ما ورد في المادة 33 من قانون الوساطة القطري: "يجوز مباشرة الوساطة واتخاذ كافة الإجراءات فيها بالوسائل الإلكترونية، وتكون لها ذات الحجية المقررة للإجراءات الكتابية"

الحجية في القانون الموضوعي (العقود): (التزام أطراف العقد) حجية عقد البيع بين طرفيه البائع والمشترى، العقد الابتدائي حجة بين طرفيه البائع والمشترى، ومبدأ الحجية الكاملة للتصرف القانوني. فيمكن القول أن العقد إذا اكتمل صحيحًا فإنه على القانون أن يعترف به ويحميه، ومعنى ذلك أن يكون له حجيةٌ قانونيةٌ، وأن هذه الحجية ً تتسع لتشمل: حجية العقد تجاه الغير، وحجية العقد فيما بين أطرافه فيما يتعلق بحقوقهم والتزاماتهم[63]. فالعقد ككائنٍ قانونيٍ بما ترتب عليه من حقوق والتزامات بين طرفيه يكون حجةً بالنسبة للكافة وعلى الكافة، فللغير أن يحتج بوجوده على أطرافه وبالمقابل يحتج به على هذا الغير[64].

الحجية في القانون الاجرائي (حجية الأمر المقضي به للأحكام): هي أثر للأحكام القطعية يترتب عليها أن يكون هذا الحكم هو عنوان الحقيقة، وامتناع عودة الخصوم في الدعوى التي صدر فيها إلى مناقشة المسألة التي فصل فيها، ولو بأدلةٍ قانونيةٍ أو واقعيةٍ لم يسبق إثارتها وأثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها. ولا يُعد اتفاق التسوية حكمًا قضائيًا؛ لذلك لا يمكن ان يحوز حجية الامر المقضي[65]. وبالتالي يمكن القول أن: إسباغ القانون صفة السند التنفيذي على اتفاق التسوية الموثق بما له من قوة تنفيذية، فذلك لا يجعل منه حكمًا قضائيًّا حتى ولو بعد توثيقه من قبل المحكمة المختصة؛ فذلك التوثيق لا يغير في طبيعة الاتفاق، بل أكثر من ذلك فإنه لا يمكن للمُشرِّع أن يمنح ذلك الاتفاق حجيةَ الأمر المقضي التي لها معنى خاص بالأحكام القضائية ولا تمتد إلى العقود، فحجية العقود تختلف عن حجية الاحكام، وهو ما سيأتي بيانه في الفرع الثاني.

الفرع الثاني: اكتساب اتفاق التسوية بعد توثيقه من قبل المحكمة قوة السند التنفيذي، وعدم جواز الطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن

أولًا: اكتساب اتفاق التسوية بعد توثيقه من قبل المحكمة قوة السند التنفيذي

انتهينا فيما سبق إلى أن اتفاق التسوية الموثق هو سند تنفيذي أعطاه المُشرِّعُ القوةَ التنفيذية، وأن هذا الاتفاق ليس حُكمًا؛ وإنما هو مجرد اتفاق، بدليل أنه لا بد فيه من توفر أهلية الأطراف على إبرام هذا الاتفاق[66]. وهو من الناحية الفنية لا يحوز قوة الأمر المقضي ولا يمكن الطعن فيه أمام القضاء بالطرق المقررة للطعن بالأحكام، فلا بد من الفصل تمامًا بين اتفاق التسوية من جهة - وهو عقد يُبرَم وفق قواعد القانون الموضوعي وما يحتاج كل عقد من أركان وشروط لوجود العقد وتوثيق القاضي من جهة أخرى. فالتوثيق لا يمنح اتفاق التسوية أيَّ صفةٍ قضائيةٍ؛ لذلك يقرر القضاء -وبحق- أن اتفاق الصلح لا يحوز حجية الأمر المقضي، ولا يحوز قوة الامر المقضي، ولا يمكن الطعن فيه أمام القضاء بطرق الطعن بالأحكام، وإنما من الممكن أن يخضع للدعاوى التي يخضع لها أي عقد من العقود. ونُعضِّد وجهةَ نظرنا باجتهاداتٍ قضائيةٍ فرنسيةٍ وقطريةٍ:

فقد حكمت محكمة النقض الفرنسية بموجب حكم مُؤرَّخ 28 سبتمبر 2017 بأن: "التصديق على اتفاق صلحي ليس له من الأثر سوى منح اتفاق الصلح القوة التنفيذية، وبالتالي لا يمنع الطعن في صحة هذا الاتفاق أمام قاضي التنفيذ"[67]. وهو ما يعني أن التصديق لا يضيف شيئًا لاتفاق التسوية، فحيازة الاتفاق للقوة التنفيذية لا يعني حيازة ذلك الاتفاق لحجية الأمر المقضي به.

ومن المفيد الإشارة إلى أن الحكم السابق جاء بعد التعديل التشريعي الذي جرى على المادة 2052 من القانون المدني الفرنسي، والتي عُدّلت بموجب قانون "العدالة رقم 21" المُؤرَّخ 18 نوفمبر 2016 ومفادها أن: "الصلح يمنع من تقديم دعوى بين الأطراف بنفس موضوع الصلح"[68]. لذلك، لم يعد الصلح يتمتع بحجية الأمر المقضي به كما كان من قبل؛ حيث كان نص المادة 2052 من القانون المدني الفرنسي قبل التعديل ينص على أن: "للصلح بين الأطراف قوة الأمر المقضي به، فلا تستطيع الأطراف مهاجمة القرار لسبب الخطأ في القانون ولا بسبب الغبن أو الاستغلال"[69].

ويمكننا الإشارة في هذا الخصوص إلى ما تتجه إليه محكمة التمييز القطرية في هذا الشأن، عندما بينت طبيعة القرار الصادر من المحكمة عندما تصدق على الصلح، فجاء في أحد أحكامها أن: "تصديق القاضي على الصلح لا يُعد فصلًا في خصومة. وإنما تقتصر مهمة القاضي في هذه الحال على إثبات ما حصل أمامه وتوثيقه؛ لذلك فلا يكتسب ذلك الصلح حجية الشيء المحكوم فيه"[70].

وبالتالي نعتقد أنه عندما يكون النزاع قد تم حسمه من خلال الوساطة، يعني أن المحكمة عندما حكمت بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، تكون قد استندت لعدم وجود المصلحة لدى رافع الدعوى، وليس لسبق الفصل فيها؛ لذلك يمكننا الحديث في هذا الشأن عن دور اتفاق التسوية في انقضاء الدعوى المدنية والآثار الإجرائية الاخرى لهذا الاتفاق.

ثانيًا: انقضاء الدعوى المدنية كإحدى الآثار الإجرائية لاتفاق التسوية

من أهم الآثار الإجرائية لاتفاق التسوية انقضاء الدعوى؛ وذلك لأن الطرفين توصَّلا إلى إنهاء النزاع بينهما، وبالتالي لم يعد من حق أيِّ من الطرفين إعادةُ رفع الدعوى مرّةً ثانيةً بشأن الحق الذي كان محلًّا للنزاع بين الطرفين. فإذا حُسم النزاعُ بالصلح[71]، فلا يجوز لأي من طرفيهِ أن يجدد هذا النزاع، لا بإقامة دعوى ولا بالمضي في الدعوى التي كانت مرفوعة بما حسمه الطرفان صلحًا[72].

إن تسوية النزاع بالوساطة يعني أن هذه التسوية تُعدّ بمثابة صلحٍ ينقضي به النزاع، ولا تعود هناك مصلحة في رفع أية دعوى بشأنه[73]. فاتفاق التسوية الذي أدى إلى انقضاء الدعوى سيكون سندًا تنفيذيًا، يمكن الاستناد إليه في التنفيذ الجبري عن طريق القضاء المختص. لذلك نستطيع البناء على هذه الآثار التي يمكن أن يكون عنوانُها العريض "انقضاء الدعوى". فالاتفاق - الذي سيؤول سندًا تنفيذيًا - يعني ألَّا نزاع بين الطرفين، وإنما هناك اتفاق يتضمن فض النزاع، سيكون سببًا في عدم قبول الدعوى في حاله قيام أحد الطرفين برفع دعوى بشأن الحق المتصل بالنزاع الذي تمت تسويته من خلال اتفاق التسوية؛ ولكن هل يشترط التمسك به من أحد الأطراف حتى يحكم القاضي بعدم قبول الدعوى؟

يمكن القول بأن اتفاق التسوية يمكن أن يدفع به من رُفعت الدعوى في مواجهته؛ ولكن هل يتعلق هذا الدفع بالنظام العام؟ الإجابة على هذا السؤال يتعلق بها الكثير من الأسئلة المتصلة، كما يلي:

-      هل يمكن للأطراف الاتفاق على خلاف ما ورد في الاتفاق؟

-      هل يمكن للأطراف التمسك به في أي مرحلة من مراحل الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة التمييز؟

-      هل يمكن للقاضي إثارتُه من تلقاء نفسه؟

-      هل يترتب على تصديق الاتفاق استنفاد ولاية القاضي المُصدِّق على الاتفاق؟

اختلف الفقه حول هذه المسائل، فذهب جانب من الفقه إلى أن هذا الدفع إنما هو دفع بعدم القبول غير متعلق بالنظام العام، بل هو مقرر لمصلحة الخصوم؛ لذلك يجب على من يتمسك به أن يكونَ صاحبَ مصلحةٍ[74]. وذهب جانب آخر من الفقه إلى أن هذا الدفع هو من الدفوع المتعلقة بالنظام العام، وعندما نقول أن الدفع متعلق بالنظام العام فهذا يعني أنه يمكن للأطراف التمسك به في أي مرحله من مراحل الدعوى[75].

أما من وجهة نظرنا، فإن اتفاق التسوية لا يعدو أن يكون عقدًا يلتزم به الأطراف، لا يكتسب حجية الأمر المقضي للأحكام، حتى ولو تم توثيقه من القاضي المختص. وبالتالي يمكن للأطراف الاتفاق على التنازل عنه، وأن يُعتبر كأن لم يكن. ولعل السبب الأكثر تأثيرًا في جعل الفقه يتوجه إلى أحد الاتجاهين آنفي الذكر محل الدراسة، هو الخلاف حول مدى تمتع اتفاق التسوية بحجية الامر المقضي. والسؤال المطروح هنا: هل يحوز اتفاق التسوية حجيه الأمر المقضي وفق نصوص قانون الوساطة القطري؟ وماهي الاتجاهات الفقهية في هذه المسألة؟

 هناك من يذهب إلى أن الصلح المصدق عليه من المحكمة يحوز حجيه الأمر المقضي؛ وذلك لأنه يترتب عليه إنهاء النزاع محل الدعوى. وبالتالي فإن هذا العمل الذي سيتم تصديقه عن طريق القاضي المختص يحوز حجيه الأمر المقضي. ويستندون في ذلك إلى ما ورد عن بعض الفقهاء من أن: "العبرة في الحجيه هي بمضمون العمل وليست بشكله، وأن الحجيه هي أثر يرتبط بهذا الموضوع أيًا كان الشكل الذي يصدر فيه"[76]. ونستطيع أن نرد على أصحاب هذا الراي بأن الأحكام فقط هي التي تحوز حجيه الأمر المقضي، وليس كل الأحكام، وإنما هي الأحكام التي تفصل في الموضوع كله أو في جزءٍ منه او في مسألةٍ متفرعةٍ عنه. وبالتالي لا يمكن القبول بأن اتفاق التسوية الذي سوف تُصدِّق عليه المحكمة من شانه أن يحوز حجية الأمر المقضي[77]. ونستطيع أن نستند في رأينا هذا إلى ما صدر عن محكمه التمييز القطرية في العديد من أحكامها من أنه: "إذ كان الصلح لا مخالفةَ فيه للنظام العام فينحسم به النزاع، ومن ثَمَّ فلا يجوز لأي من المتصالحين - وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - أن يجدد هذا النزاع لا بإقامة دعوى به ولا بالمضي في الدعوى التي كانت مرفوعةً مما حسمه الطرفان صلحًا"[78].

 إذ كان المقرر بنص المادة 66 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن: "للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة في أية حالة تكون عليها الدعوى إثبات ما اتفقوا عليه في محضر الجلسة ويوقع على المحضر منهم أو من وكلائهم، فإذا كانوا قد كتبوا ما اتفقوا عليه أُلحق الاتفاق المكتوب بمحضر الجلسة وأُثبت محتواه فيه، ويكون لمحضر الجلسة في الحالتين قوة السند التنفيذي، وتعطى صورته للخصوم وفقًا للقواعد المقررة لإعطاء صور الأحكام. والقاضي وهو يصدق على الصلح لا يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قائمًا بوظيفة الفصل في خصومة، بل تكون مهمته مقصورةً على إثبات ما حصل أمامه من اتفاقٍ وتوثيقه بمقتضى سلطته الولائية وليس بمقتضى سلطته القضائية، ولا يعدو هذا الاتفاق أن يكون عقدًا وليس له حجية الشيء المحكوم به وإن أعطى شكل الأحكام عند إثباته، ومن ثَمَّ لا يجوز الطعن فيه بالطرق المقررة للأحكام، وإنما يجوز رفع دعوى مبتدأة ببطلانه إلى المحكمة المختصة طبقًا للقواعد العامة"[79].

 فمن المنطق أن يكون هذا الاتفاق - الذي يُعد سندًا تنفيذيًا سببًا في منع اللجوء إلى القضاء من أجل الطلب من القاضي إعادة النظر في الموضوع الذي تم الاتفاق على التسوية بشأنه، وأن تكون النتيجة هي الحكم بعدم قبول الدعوى طبقًا لسابق تسويه النزاع عن طريق الوساطة، ولا يؤدي المنع من إعادة رفع الدعوى إلى اكتساب الاتفاق حجيه الامر المقضي، وإنما لعدم توفر المصلحة المطلوبة لقبول الدعوى.

ثالثًا: عدم جواز الطعن على اتفاق التسوية الذي تم توثيقه

استنادًا إلى ما توصلنا اليه في الصلح، فإن اتفاق التسوية لا يُعتبر حكمًا قضائيًّا، كما أن الحكم أو الإجراءات التي تمت أمام القاضي من أجل توثيق هذا الاتفاق، وكذلك القرار الصادر من القاضي، بشأن التوثيق، لا يعتبر حكمًا قضائيًّا يجوز الطعن فيه وهو لا يحوز حجية الأمر المقضي؛ لأنه لو كان حكم ويحوز حجيه الأمر المقضي فيكون من الطبيعي أن يُسمح بالطعن على هذا الحكم؛ ولكن بما أنه اتفاق تسوية وليس حكمًا؛ لذلك فهو لا يقبل الطعن عليه.

ولما كانت المادة (577) من القانون المدني القطري قد نصَّت على أن: "يحسم الصلحُ المنازعاتِ التي يتناولها ويترتب عليه انقضاء الحقوق والادعاءات التي ينزل عنها أي من المتعاقدين نزولًا نهائيًا"، ما مُؤدَّاه أنه إذا حُسِمَ النزاعُ بالصلح فلا يجوز لأي من المتصالحين أن يجدد هذا النزاع، لا بإقامة دعوى به ولا بالمُضي في الدعوى التي كانت مرفوعة مما حسمه الطرفان صلحًا[80].

ومع كل ما سبق فإن اتفاق التسوية لكونه عقدًا بين الأطراف اتفقوا على مضمونه، ولم يكن هناك تدخلٌ من قبل القاضي الذي يتحقق من وجود الحق وحدوده ومقداره، فإنه بناءً على ذلك لا يمكن أن يكون الدفع باتفاق التسوية إلا دفعًا غير متعلقٍ بالنظام العام، مما يعني أنه:

-       يمكن للأطراف الاتفاق على خلاف ما ورد في الاتفاق؛

-       يجب على الأطراف التمسك به أولًا وقبل التكلُّم في الموضوع؛

-       لا يمكن للقاضي إثارته من تلقاء نفسه؛

-        وما يقوم به القاضي عند توثيق الاتفاق ليس إلا عملًا يعود إلى القضاء الولائي، لا يؤدي إلى استنفاد ولاية القاضي الذي قام بتوثيق الاتفاق.

المطلب الثالث: أثر اتفاق التسوية الموثق على إجراءات الدعوى المرفوعة أمام القاضي المختص بالدعوى

لاتفاق التسوية أثران على إجراءات الدعوى المرفوعة أمام القاضي: أحدهما مانع من تجديد النزاع (الفرع الأول) والآخر مانحٌ الاتفاقَ صفةَ السند التنفيذي (الفرع الثاني).

الفرع الأول: الأثر المانع من تجديد النزاع

إذا صدر قرار التسوية الودية فلا يمكن بعد ذلك للأطراف تجديد النزاع، سواء أكان بدعوى جديدة أو الاستمرار في الدعوى التي كانت مرفوعة أو الاستمرار بها[81]. وهو ما نصت عليه المادة 27 من قانون الوساطة القطري: "إذا أقام أي من أطراف اتفاق التسوية الموثق من المحكمة، دعوى عن موضوع اتفاق التسوية ذاته، تقضي المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وتغريم الطرف الذي أقام الدعوى". وهو ما يتفق مع المادة (577) من القانون المدني القطري، وهو ما تضمنته أحكام محكمة التمييز القطرية التي جاء في أحد أحكامها: "من المقرّر أنّه ولئن نصّت المادة (577) من القانون المدني على أن: "يحسم الصلح المنازعات التي يتناولها ويترتب عليه انقضاء الحقوق والادّعاءات التي ينزل عنها أي من المتعاقدين نزولًا نهائيًا. ما مؤداه أنه إذا حُسِمَ النزاعُ بالصلح؛ فلا يجوز لأيٍّ من المتصالحين أن يجدد هذا النزاع لا بإقامة دعوى به ولا بالمضي في الدعوى التي كانت مرفوعة مما حسمه الطرفان صلحًا، إلا أنّ أثر الصلح لا يتجاوز محلّه وأطرافه وزمانه"[82].

وبموجب المادة 15 من قانون الوساطة القطري، فإنه يَنْجُمُ عن الأثر المانع استبعادُ الدعوى من الجدول، بعد أن يتم توثيق اتفاق التسوية تستبعد المحكمة تلك الدعوى من الجدول؛ وذلك لانتهاء الخصومة فيها. غير أن ذلك لا يعني أن هذا الاتفاق يحوز حجية الامر المقضي، حتى بعد توثيقه من القاضي؛ ذلك أن اتفاق التسوية ليس حكمًا قضائيًّا؛ إذ إن مقومات عقد الصلح تتجلى باتجاه نية طرفيه إلى إنهاء النزاع إذا كان قائمًا أو توقيه إذا كان محتملًا. ووجود هذه المقومات وقيام العقد على أركانه القانونية. يؤدي إلى انعقاد الصلح باعتباره من العقود الرضائية[83].

الفرع الثاني: الأثر المانح للقوة التنفيذية

سبق وأن ذكرنا أن المُشرِّعَ أسبغ على اتفاق التسوية قوة السند التنفيذي بعد توثيقه من قبل المحكمة المختصة؛ لكن هذا التوثيق، وهذه القوة التنفيذية لا يغيران من طبيعة الاتفاق. فاتفاق التسوية الموثق هو سندٌ تنفيذيٌ أعطاه المُشرِّعُ القوةَ التنفيذيةَ، وهذا الاتفاق ليس حكمًا وإنما هو مجرد اتفاق[84] لا يحوز حجية الأمر المقضي، ولا يمكن الطعن فيه أمام القضاء بالطرق المقررة للطعن بالأحكام، وإنما من الممكن أن يخضع للدعاوى التي يخضع لها أي عقد من العقود. ويمكننا أن نستند في ذلك إلى ما تتجه إليه محكمة التمييز القطرية في هذا الشأن عندما بينت طبيعة القرار الصادر من المحكمة عندما تصدق على الصلح، فجاء في أحد أحكامها، "إن تصديق القاضي على الصلح لا يعد فصلًا في خصومة، وإنما تقتصر مهمة القاضي في هذه الحال على إثبات ما حصل أمامه وتوثيقه؛ لذلك فلا يكتسب ذلك الصلح حجية الشيء المحكوم فيه"[85]. ومع ذلك فهو اتفاق لا يخضع لطرق الطعن على الاحكام المنصوص عليها في قانون المرافعات؛ حيث تنص المادة 25 من قانون الوساطة على أنه "... ويكون لاتفاق التسوية بعد توثيقه من المحكمة، قوة السند التنفيذي، ولا يجوز الطعن عليه بأي طريقٍ من طرق الطعن".

على أنه لو نظرنا إلى المسألة من جانبٍ أكثرَ عمقًا، فسنرى أن القاضي الذي سيقوم بالتوثيق لا يقوم إلا بالتأكد من بعض المسائل، على رأسها عدم مخالفة الاتفاق للنظام العام؛ لكن هذا الإجراء سيؤدي بالنتيجة إلى تحقُّقِ آثارٍ سلبيةٍ تتعلق بالسرية، وأن الأطراف سيعودون بطريقةٍ ما إلى القضاء، وهو ما جعل المُشرِّعَ الفرنسيَ يتجه إلى حل هذه الإشكالية من خلال القانون الصادر في مارس 2021، فإن وزير العدل يستطيع استبدال تصديق اتفاقيات الوساطة من قبل القاضي، بالتأشير عليها في قلم المحكمة؛ الأمر الذي يمنحها صيغة التنفيذ دون المرور بقاضٍ، ولن تكون بعد الآن بحاجة لتصديق، بل بإعطاء صيغة النفاذ.

والطريقة الأخرى التي تم النظر فيها في فرنسا، هي إعطاء اتفاق التسوية شكلَ سندٍ صادرٍ عن محامٍ، عندما تتم صياغته وتوقيعه من قبل محامٍ وأطراف الوساطة. بمجرد دخول قانون الثقة في المؤسسة القضائية الصادر في24 ديسمبر 2021 حيز التنفيذ، يمكن إكساء اتفاق الوساطة الذي تم إعداده وتوقيعه من محامٍ صيغةَ التنفيذ من قبل قلم المحكمة، وله نفس قوة الحكم القضائي أو السند الصادر من كاتب العدل. إن اتفاق الوساطة الموقع من محامٍ يُضاف إلى قائمة السندات التنفيذية في المادة ل 3-111 من قانون الإجراءات المدنية والتنفيذ، والتي نصت الفقرة السابعة منها على أنها تعتبر من السندات التنفيذية: التسويات والسندات المُثبِّتة لاتفاقٍ ناتج ٍعن الوساطة أو التوفيق أو إجراءٍ تشاركي، عندما يصادق عليها محامو كلٍ من الطرفين وتُكسى صيغة النفاذ من قلم المحكمة المختصة[86].

إن المرسوم رقم 2022-245 المؤرخ 25 شباط/فبراير 2022 يكرس دور المحامين في إنشاء سند المحامين كشكليةٍ إنشائيةٍ لاتفاقية الوساطة؛ ولذلك فقد ألغى المرسومُ "بيانَ الاتفاق الذي يعده الوسيط القضائي" وأحلَّ مكانه "الاتفاق الناتج عن الوساطة"[87]. ومن ثَمَّ فإنه يجوز إصدار الصيغة التنفيذية لاتفاق الوساطة بناءً على طلب أحد الطرفين أو جميعهم من قبل قلم المحكمة المختصة بالنظر في النزاع[88].

وفي قطر، فإن اتفاق التسوية يُعد سندًا تنفيذيًا بنص القانون، وذلك بعد أن يتم توثيقه؛ حيث تنص المادة 25 من قانون الوساطة: "على الوسيط، خلال مدةٍ لا تتجاوز سبعةَ أيامٍ من تاريخ توقيع أطراف النزاع على اتفاق التسوية، إيداع نسخةٍ أصليةٍ من اتفاق التسوية واتفاقية تعيين الوسيط وموافقته على المهمة الموكلة إليه لدى قلم كتاب المحكمة. ويُقدَّمُ طلب توثيق اتفاق التسوية إلى المحكمة، من أحد الأطراف أو منهم جميعًا أو من الوسيط. وعلى المحكمة أن تصدر قرارها بتوثيق اتفاق التسوية خلالَ سبعةِ أيامٍ من تاريخ الطلب. ويكون لاتفاق التسوية بعد توثيقه من المحكمة، قوة السند التنفيذي، ولا يجوز الطعن عليه بأيِّ طريقٍ من طرق الطعن".

وفي الواقع، إن المُشرِّع القطري قد أغفل الكثير من التفاصيل في هذا الشأن، كتحديد المحكمة المختصة بالتوثيق، والتفصيل في الإجراءات التي يجب إتمامها؛ من أجل الوصول إلى قرار القاضي بالتوثيق. ولعل أن يكون لنا في القانون المغربي قدوةٌ حسنةٌ حين نص على أن المحكمة المختصة هي المحكمة المختصة أصلًا بالنزاع[89].

وتتفق المادة 25 من قانون الوساطة القطري مع نص المادة 577 مدني قطري التي جاء فيها: "يحسم الصلحُ المنازعاتِ التي يتناولها. ويترتب عليه انقضاء الحقوق والادعاءات التي ينزل عنها أي من المتعاقدين نزولًا نهائيًا". وتتكامل المادة 577 مدني قطري مع نص المادة 73 من قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري عندما نصَّت على أن: "للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة، في أية حالة تكون عليها الدعوى، إثباتَ ما اتفقوا عليه من صلحٍ أو أيِّ اتفاقٍ آخر [...] ويكون لمحضر الجلسة في الحالين قوة السند التنفيذي، وتعطى صورته وفقًا للقواعد المقررة لتسليم صورة الأحكام". ويكون لإثبات الصلح في محضر الجلسة أثرٌ في إنهاء الخصومة صلحًا، ولا حاجة للاستمرار في إجراءاتها وإصدار حكم فيها[90].

وبناءً على ما سبق، فإن محضر الجلسة المثبت فيه أو الملحق به الصلح له قوة السند التنفيذي، وتسلم صورته كما تسلم صورة الأحكام. والمُشرِّع عندما منح هذا الصلح القوة التنفيذية، لم يُعدَّه حكمًا أو أمرًا قضائيًا؛ لذلك فهو لا يحوز قوة الأمر المقضي، وهو يقبل التنفيذ فورًا طالما أنه استوفى الشروط الشكلية والموضوعية للسند التنفيذي. وهنا لا بد من التمييز بين اتفاق التسوية والحكم الاتفاقي، فاتفاق التسوية ليس حكمًا تضمن اتفاقًا؛ لأن الحكم الاتفاقي إنما هو حكمٌ يتضمن عناصرَ وبياناتِ أيِّ حكمٍ يفصل في الموضوع، كالأسباب والمنطوق، ومارس قاضي الموضوع سلطَته فيه، وهو حكمٌ يحوز حجية الأمر المقضي، ثم يصبح نهائيًا، ويُنفَّذُ وفق قواعدِ تنفيذِ الأحكام، وليس كتنفيذ السندات التنفيذية الأخرى[91].

الخاتمة

بعد أن بحثنا الآثار الإجرائية لكلٍ من اتفاق الوساطة من جهة واتفاق التسوية من جهة أخرى، وذلك من خلال دراسة طبيعة كل اتفاق على حدة، ودراسة أساس الآثار التي تتحقق كنتيجة لانعقاد تلك الاتفاقات، وكانت تلك الآثار متمحورةً حول أثر تلك الاتفاقات على إمكانية رفع دعوى مبتدئة، أو إمكانية الاستمرار في إجراءات الدعوى المرفوعة قبل تمام إبرام تلك الاتفاقات. وكنا قد اتبعنا في دراستنا منهجًا تحليليًا في الأساس، ومقارنًا عند الحاجة، وبعد الإجابة عن الأسئلة التي أثارتها تلك الدراسة، وجدنا أننا قد وصلنا من خلالها الى العديد من النتائج المهمة، نبينها ثم نتبعها بعدد من التوصيات تبين ما نراه وما نتصوره في القواعد والمبادئ الحاكمة لمسألة الآثار الإجرائية للوساطة.

النتائج

-     لاتفاق الوساطة آثارٌ متعددةٌ منها الآثار الموضوعية ومنها الإجرائية. ومن أهم تلك الآثار الإجرائية، منع إجراءات الدعوى من الانطلاق بإجراءاتها في حال كان الاتفاق قد أُبرم قبل رفع الدعوى، ووقف الإجراءات إذا كان الاتفاق تم بعد رفع الدعوى.

-     أما اتفاق التسوية الذي أدى الى انتهاء النزاع بين الطرفين، فهو يمنع قضاة الموضوع من إعادة النظر في النزاع مرةً ثانيةً؛ لسبق انقضاء النزاع بالوساطة.

-     إن اتفاق التسوية الذي ينهي النزاع بين الأطراف لا يمكن بحالٍ من الأحوال أن يصبح حائزًا لحجية الأمر المقضي، سواء أكان ذلك قبل التوثيق أم بعده؛ وذلك بناءً على ما أثبتناه من عدم صواب ما جاء في نص المادة 27 من قانون الوساطة القطري "إذا أقام أيُّ من أطراف اتفاق التسوية الموثق من المحكمة، دعوى عن موضوع اتفاق التسوية ذاته، تقضي المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها [...] فلا فصل في النزاع قد تم، وإنما هو حسمٌ للاتفاق بموجب اتفاق التسوية".

-     اتصاف إجراءات التوثيق المنصوص عليها في قانون الوساطة القطري بالغموض والافتقار الى التفاصيل الضرورية؛ من أجل الوصول الى توثيق اتفاق التسوية توثيقًا صحيحًا.

التوصيات

يوصي الباحثان بما يلي:

-     تعديل تعريف اتفاق التسوية الوارد في المادة 1 من قانون الوساطة القطري، والذي لا بد فيه من إضافة مصطلح المكتوب إلى التعريف؛ ليصبحَ على النحو التالي: "اتفاق التسوية هو الاتفاق المكتوب الذي تم التوصل إليه بناءً على الوساطة، سواء نتج عن هذا الاتفاق حل النزاع بين الأطراف بصورةٍ كُليةٍ أو جزئية".

-     تعديل نص المادة 22 ليصبح: "يترتب على اتفاق الوساطة وقف المُدد المُقررة قانونًا لسقوط وتقادم الحقوق أو لرفع الدعوى بها، وذلك حتى تاريخ انقضاء الوساطة".

-     تعديل نص المادة 27؛ ليصبح: "تقضي المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابق حسم النزاع بالوساطة"، وليس لسابق الفصل فيها.

-     إعادة صياغة المادة 16 وساطة قطري، التي جاء فيها "للمحكمة أثناء نظر الدعوى، وقبل حجزها للحكم، وفي أي مرحلة من مراحل التقاضي، أن تقرر بناءً على اتفاق الأطراف، وقف نظر الدعوى وإحالة النزاع للتسوية عن طريق الوساطة"؛ لتكونَ أكثرَ وضوحًا، وذلك بما يحقق وضوحًا في معنى عبارة "وفي أي مرحلة من مراحل التقاضي"، فيُضافُ إليها عبارة (أمام قضاء الدرجة الأولى).

-     تفعيل نصوص القانون فيما يتعلق بسجل قيد الوسطاء، وتحديد شروط وإجراءات القيد في السجل.

-     بيان وتحديد الإجراءات التي من خلالها يتم تقديم الطلب إلى المحكمة وبيان طبيعة القرار الذي سيصدره القاضي

-     العمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوعية الجمهور بأهمية الوساطة لتسوية المنازعات التجارية؛ من خلال محاضرات للتعريف بأهمية ومزايا الوساطة.

-     عقد دوراتٍ تدريبيةٍ؛ للتعرُّف على نصوصِ قانونِ الوساطة والتعرُّف على الممارسات الدولية في هذا الشأن.


 

المراجع

أولا: العربية

1- الكتب والمقالات:

إبراهيم، أحمد إبراهيم. التحكيم الدولي الخاص. ط3، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000.

راغب، وجدي. مبادئ القضاء المدني، قانون المرافعات. دار النهضة العربية، القاهرة، 2001.

الزحيلي، وهبة. الفقه الإسلامي وأدلته. دار الفكر، سورية، دمشق.

زغلول، أحمد ماهر. أصول وقواعد المرافعات. دار النهضة العربية، القاهرة، 2001.

هاشم، محمود محمد. النظرية العامة للتحكيم في المواد المدنية والتجارية - الكتاب الأول: اتفاق التحكيم 1990.دار الفكر العربي، القاهرة.

والي، فتحي. الوسيط في قانون القضاء المدني. مركز جامعة القاهرة للطباعة والنشر، 1997.

أبو زيد، فتحي رياض. التمييز بين الصلح والتحكيم في انقضاء الدعوى الإدارية. المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، 2016.

بدر، حمدان. الوساطة ودورها في تسوية منازعات التجارة الدولية. دار الجامعة الجديدة، 2018.

حسين، علي السيد محمد. الوساطة احدى الوسائل البديلة لحسم منازعات التجارة والاستثمار. دار الجامعة الجديدة، 2021.

الشرقاوي، جميل. محاضرات في العقود الدولية. معهد قانون الأعمال الدولي، 1991/1992.

فاضل، أكرم؛ وقصير، سعيد. المعين في دراسة التأصيل القانوني لحق الالتجاء إلى الوساطة كبديل للنزاعات المدنية والتجارية. المركز العربي للدراسات والبحوث العلمية، 2018.

محمود، سيد أحمد. مفهوم التحكيم وفقًا لقانون المرافعات الكويتي. ط2، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005.

الجراح، جهاد محمد. "مبدأ حجية العقد في القانون المدني الأردني دراسة مقارنة". مجلة جامعة الحسين بن طلال للبحوث، الملحق (5)، مج7، 2021. على الرابط: https://journal.ahu.edu.jo/Admin_Site/Articles/Images/0916cca6-aa05-4390-962f-737084c3cb76.pdf، تاريخ الزيارة: 2/8/2022.

الحمامي، طارق عبد الرزاق شهيد. "حجية الاقرار القضائي في الإثبات المدني". على الرابط: https://almerja.net/reading.php?idm=73303، تاريخ الزيارة: 2/8/2022.

الدسوقي، حسن أ حمد. "قبول الوساطة والدفع بعدم القبول دراسة في ضوء الفقه والقضاء الأنجلو أمريكي". مجلة الدراسات القانونية والاقتصادية، مج6، ع1، ربيع 2020. على الرابط: https://jdl.journals.ekb.eg/article_122161_e248e583db4875092e1ed7b6b8fa2085.pdf، تاريخ الزيارة: 2/8/2022.

عدنان، كوثر سعيد. "الوساطة وفقًا لأحكام قانون تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس". مجلة الدراسات القانونية، ع53، ج1، سبتمبر 2021. على الرابط: https://maal.journals.ekb.eg/article_210872_44178f425cbd0144113b2f75a18b6b50.pdf، تاريخ الزيارة: 5/8/2022.

مرامرية، حمة. "نظام الوساطة القضائية في قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري"، مجلة العلوم الإنسانية، مج ب، ع25 ديسمبر، 2019.

المساعدة، نائل. "على إثر نجاح الوساطة على الدعوى المدنية في التشريع الأردني". مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، ع73، 2020.

مقفولجي، عبد العزيز. "شروط قبول الدعوى". مجلة البحوث والدراسات القانونية والسياسية. ع6، نوفمبر 2014، متاح على الرابط: https://2u.pw/3rtq6، تاريخ الزيارة: 5/8/2022.

هيكل، على أبو عطية. "النزول عن الحکم دراسة تأصيلية وتطبيقية في قانون المرافعات المدنية والتجارية". مجلة الحقوق للبحوث القانونية، ع1، 2021.

ياسين، أحمد سمير محمد. "دعوى قطع النزاع بين القبول والرفض في قوانين المرافعات المدنية". مجلة أهل البيت عليهم السلام، السنة 14، ع23، 2018.

2- القوانين:

-      قانون رقم (13) لسنة 1990 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية، قطر.

-      قانون رقم (20) لسنة 2021 بإصدار قانون الوساطة في تسوية المنازعات المدنية والتجارية، قطر.

-      قانون رقم (22) لسنة 2004 بإصدار القانون المدني، قطر.

-      قانون المسطرة المدنية، ظهير شريف بمثابة قانون رقم 447. 74. 1، 1974بتاريخ 11 رمضان 1394هـ/28 شتنبر، 1974م، بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية، المغرب.

ثانيًا: الأجنبية

References:

Abū Zayd, Fatḥī Riyāḍ. al-Tamyīz bayna al-Ṣulḥ wa-al-taḥkīm fī inqiḍāʼ al-daʻwá al-Idārīyah. (in Arabic), al-Maktab al-Jāmiʻī al-ḥadīth, al-Iskandarīyah, 2016.

ʻAdnān, Kawthar Saʻīd. "al-Wasāṭah wafqan li-aḥkām Qānūn tanẓīm iʻādat al-haykalah wa-al-ṣulḥ al-wāqī wa-al-iflās". (in Arabic), Majallat al-Dirāsāt al-qānūnīyah, Issue 53, Vol. 1, Sibtambir 2021. https://maal.journals.ekb.eg/article_210872_44178f425cbd0144113b2f75a18b6b50.pdf (accessed 5/8/2022).

al-Dasūqī, Ḥasan U Ḥamad. "Qubūl al-Wasāṭah wa-al-dafʻ bi-ʻadam al-qubūl dirāsah fī ḍawʼ al-fiqh wa-al-qaḍāʼ al-Anjlū Amrīkī". (in Arabic), Majallat al-Dirāsāt al-qānūnīyah wa-al-iqtiṣādīyah, Vol. 6, Issue 1, Rabīʻ 2020. https://jdl.journals.ekb.eg/article_122161_e248e583db4875092e1ed7b6b8fa2085.pdf (accessed 2/8/2022).

al-Ḥammāmī, Ṭāriq ʻAbd al-Razzāq Shahīd. "Ḥujjīyat alāqrār al-qaḍāʼī fī al-ithbāt al-madanī". (in Arabic), https://almerja.net/reading.php?idm=73303 (accessed 2/8/2022).

al-Jarrāḥ, Jihād Muḥammad. "Mabdaʼ Ḥujjīyat al-ʻIqd fī al-qānūn al-madanī al-Urdunī dirāsah muqāranah". (in Arabic), Majallat Jāmiʻat al-Ḥusayn ibn Ṭalāl lil-Buḥūth, al-mulḥaq (5), Vol. 7, 2021. https://journal.ahu.edu.jo/Admin_Site/Articles/Images/0916cca6-aa05-4390-962f-737084c3cb76.pdf (accessed 2/8/2022).

ālmahdy, Muḥammad. "Muqawwimāt al-Wasāṭah al-usarīyah al-nājiḥah : Shadharāt fī Maʻālim al-bināʼ wa-ālīyāt al-Tafʻīl". (in Arabic), Majallat al-qaḍāʼ al-madanī, 2016.

al-Musāʻadah, Nāʼil. "ʻAlī ithr Najāḥ al-Wasāṭah ʻalá al-daʻwá al-madanīyah fī al-tashrīʻ al-Urdunī". (in Arabic), Majallat al-Buḥūth al-qānūnīyah wa-al-iqtiṣādīyah, Issue 73, 2020.

al-Sharqāwī, Jamīl. Muḥāḍarāt fī al-ʻuqūd al-Dawlīyah. (in Arabic), Maʻhad Qānūn al-Aʻmāl al-dawlī, 1991/1992.

al-Zuḥaylī, Wahbah. al-fiqh al-Islāmī wa-adillatuh. (in Arabic), Dār al-Fikr, Sūrīyah, Dimashq.

Badr, Ḥamdān. al-Wasāṭah wa-dawruhā fī taswiyat munāzaʻāt al-Tijārah al-Dawlīyah. (in Arabic), Dār al-Jāmiʻah al-Jadīdah, 2018.

Balensi, I. L’homologation judiciaire des actes juridiques. RTD civ 1978.

Code civil.

Code de justice administrative.

Code de Procédure Civile. 

Fāḍil, Akram ; wqṣyr, Saʻīd. al-Muʻīn fī dirāsah al-taʼṣīl al-qānūnī li-ḥaqq alāltjāʼ ilá al-Wasāṭah ka-badīl lil-nizāʻāt al-madanīyah wa-al-tijārīyah. (in Arabic), al-Markaz al-ʻArabī lil-Dirāsāt wa-al-Buḥūth al-ʻIlmīyah, 2018.

Hāshim, Maḥmūd Muḥammad. al-naẓarīyah al-ʻĀmmah lil-taḥkīm fī al-mawādd al-madanīyah wa-al-tijārīyah-al-Kitāb al-Awwal : Ittifāq al-taḥkīm 1990. (in Arabic), Dār al-Fikr al-ʻArabī, al-Qāhirah.

Haykal, ʻalá Abū ʻAṭīyah. "al-nuzūl ʻan al-Ḥakam dirāsah taʼṣīlīyah wa-taṭbīqīyah fī Qānūn al-murāfaʻāt al-madanīyah wa-al-tijārīyah". (in Arabic), Majallat al-Ḥuqūq lil-Buḥūth al-qānūnīyah, Issue 1, 2021.

Ḥusayn, ʻAlī al-Sayyid Muḥammad. al-Wasāṭah iḥdá al-wasāʼil al-badīlah lḥsm munāzaʻāt al-Tijārah wa-al-Istithmār. (in Arabic), Dār al-Jāmiʻah al-Jadīdah, 2021.

Ibrāhīm, Aḥmad Ibrāhīm. al-taḥkīm al-dawlī al-khāṣṣ. (in Arabic), 3rd ed., Dār al-Nahḍah al-ʻArabīyah, al-Qāhirah, 2000.

Issad, M. Le jugement étranger devant le juge de l'exequatur ; De la révision au contrôle, L.G.D.J., 1970.

La Loi n°2011-331 du 28 mars 2011 de modernisation des professions judiciaires.

La Loi n°2016-1547 du 18 novembre 2016.

Le Décret n°2022-245 du 25 février 2022 favorisant le recours à la mediation.

Maḥmūd, Sayyid Aḥmad. Mafhūm al-taḥkīm wafqan li-Qānūn al-murāfaʻāt al-Kuwaytī. (in Arabic), 2nd ed., Dār al-Nahḍah al-ʻArabīyah, al-Qāhirah, 2005.

Mqfūljy, ʻAbd al-ʻAzīz. "shurūṭ Qubūl al-daʻwá". (in Arabic), Majallat al-Buḥūth wa-al-Dirāsāt al-qānūnīyah wa-al-siyāsīyah. Issue 6, Nūfimbir 2014. https://2u.pw/3rtq6 (accessed 5/8/2022).

Mrāmryh, Ḥammah. "Niẓām al-Wasāṭah al-qaḍāʼīyah fī Qānūn al-ijrāʼāt al-madanīyah wa-al-idārīyah al-Jazāʼirī". (in Arabic), Majallat al-ʻUlūm al-Insānīyah, Vol. b, Issue 25 Dīsimbir, 2019.

Rāghib, Wajdī. Mabādiʼ al-qaḍāʼ al-madanī, Qānūn al-murāfaʻāt. (in Arabic), Dār al-Nahḍah al-ʻArabīyah, al-Qāhirah, 2001.

Wālī, Fatḥī. al-Wasīṭ fī Qānūn al-qaḍāʼ al-madanī. (in Arabic), Markaz Jāmiʻat al-Qāhirah lil-Ṭibāʻah wa-al-Nashr, 1997.

Yāsīn, Aḥmad Samīr Muḥammad. "Daʻwá qiṭaʻ al-nizāʻ bayna al-qubūl wa-al-rafḍ fī qawānīn al-murāfaʻāt al-madanīyah". (in Arabic), Majallat ahl al-Bayt ʻalayhim al-Salām, al-Sunnah 14, Issue 23, 2018.

Zaghlūl, Aḥmad Māhir. uṣūl wa-qawāʻid al-murāfaʻāt. (in Arabic), Dār al-Nahḍah al-ʻArabīyah, al-Qāhirah, 2001.

 



[1] بموجب الأنظمة والقواعد الإجرائية للمرافعات المدنية والتجارية لدى المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال، فقد أصبح من واجب المحكمة أن تشجع الأطراف - عندما يكون ذلك مناسبًا - على أن يكون حل منازعاتهم عن طريق اللجوء إلى التحكيم أو الوساطة أو أية طريقة أخرى من طرق الحل البديلة للمنازعات.

[2] انظر المادتين (5، 25) من قرار وزير الاقتصاد والمالية رقم (1) لسنة 2011، بشأن الوسائل البديلة لحل النزاعات أمام المحكمة.

[3] جميل الشرقاوي، محاضرات في العقود الدولية، مقرر السنة الأولى، معهد قانون الأعمال الدولي، 1991/1992، ص51.

[4] محمود محمد هاشم، النظرية العامة للتحكيم في المواد المدنية والتجارية، الكتاب الأول اتفاق التحكيم، دار الفكر العربي، 1990، ص263.

[5] حسن،أ حمد الدسوقي، "قبول الوساطة والدفع بعدم القبول دراسة في ضوء الفقه والقضاء الأنجلو أمريكي"، مجلة الدراسات القانونية والاقتصادية جامعة مدينة السادات، مج6، ع1، (الربيع 2020)، ص5، https://jdl.journals.ekb.eg/article_122161_e248e583db4875092e1ed7b6b8fa2085.pdf، تاريخ الزيارة: 2/8/2022.

[6] انظر الدسوقي، ص16.

[7] معتز حمدان بدر، الوساطة ودورها في تسوية منازعات التجارة الدولية، دار الجامعة الاسكندرية، 2018، ص170.

[8] يقول البعض: إن العقد الذي يبدأ بهِ الأطراف نظام التحكيم ليس مجرد عقد يستوي بغيره من العقود؛ إذ إنه يترتب عليهِ نتائج تتجاوز أهميتها وخطورتها أي عقد آخر. انظر في ذلك: إبراهيم أحمد إبراهيم، التحكيم الدولي الخاص، ط3، دار النهضة القاهرة، 2000، ص39.

[9] هاشم، ص63.

[10] M. Issad, Le jugement étranger devant le juge de l'exequatur ; De la révision au contrôle , L.G.D.J. 1970, p. 142.

يتولى قانون القضاء المدني تنظيم القضاء المدني وأدائهِ لوظيفته، والقضاء سواء أكان مدنيًا أو غير مدني يعتبر من السلطات العامة وتنظيمه يعتبر تنظيمًا لمرفق عام. انظر: فتحي والي، الوسيط في قانون القضاء المدني، مركز جامعة القاهرة للطباعة والنشر، 1997، ص70.

[11] فالتحكيم يترتب عليه حرمان الخصوم من الضمانات التي يحاط بها عمل القاضي مما قد يؤدي إلى ضياع بعض حقوق الأطراف. انظر: سيد أحمد محمود، مفهوم التحكيم وفقًا لقانون المرافعات الكويتي، ط2، دار النهضة القاهرة، 2005، ص23.

[12] علي السيد محمد حسين، الوساطة احدى الوسائل البديلة لحسم منازعات التجارة والاستثمار، دار الجامعة الإسكندرية، 2021، ص219.

[13] نائل علي المساعدة، "أثر نجاح الوساطة على الدعوى المدنية في التشريع الأردني"، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، ع73، 2020، ص91.

[14] المساعدة، ص92.

[15] قانون المسطرة المدنية ظهير شريف بمثابة قانون رقم 447.74.1 (الفصل 64-327).

[16] الدسوقي، ص18.

[17] وجدي راغب، مبادئ القضاء المدني، قانون المرافعات، دار النهضة العربية، القاهرة، 2001، ص126.

[18] احمد سمير محمد ياسين، "دعوى قطع النزاع بين القبول والرفض في قوانين المرافعات المدنية"، مجلة أهل البيت عليهم السلام، ع23، ص378.

[19] المرجع السابق، ص388.

[20] يقابلها المادة 3/2: من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري "ومع ذلك تكف المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق"

[21] أكرم فاضل، سعيد قصير، المعين في دراسة التأصيل القانوني لحق الالتجاء الى الوساطة كبديل للنزاعات المدنية والتجارية، المركز العربي للدراسات والبحوث العلمية، 2018، ص160.

[22] المرجع السابق، ص137.

[23] نعتقد أن طلب لجوء الأطراف الى الوساطة حتى يكون له أثر في إجراءات الدعوى لا بد من أن يكون قبل قفل باب المرافعة وهو ما سنراه مختلفًا عن الحالة التي سنناقشها لنرى مدى جواز الاتفاق على الوساطة بشكلٍ لاحقٍ لإصدار الحكم، كفرضية دراسية. مستندين الى ما ورد في المادة 16 آنفة الذكر "للمحكمة أثناء نظر الدعوى، وقبل حجزها للحكم، وفي أي مرحلة من مراحل التقاضي، أن تقرر بناءً على اتفاق الأطراف وقف نظر الدعوى وإحالة النزاع للتسوية عن طريق الوساطة".

[24] الدسوقي، ص15.

[25] الفصل 64 -327.

[26] المسطرة يقابلها مصطلح الإجراءات وهو مصطلح يستعمله المشرع مغربي.

[27] فاضل وقصير، ص160.

[28] المرجع السابق، ص137.

[29] (الطعن 432/2007 تجاري، جلسة 19/10/2008، مثال بشأن تجديد استئناف من الوقف. مجلة القضاء والقانون، الكويت، س ج 336، ص75).

[30] المادة 79 مرافعات قطري، ونصها: "تقدم الطلبات العارضة من المُدعِي أو من المُدعَى عليه إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة، أو بطلبٍ يُقدَّم شفاهيةً في الجلسة في حضور الخصوم ويثبت في محضرها. ولا تقبل الطلبات بعد إقفال باب المرافعة".

[31] الدسوقي، ص15.

[32] قانون الوساطة الأردني (قانون الوساطة لتسوية النزاعات المدنية لسنة 2006) المادة 11: "تسري أحكام هذا القانون على القضايا المنظورة أمام قضاة إدارة الدعوى وقضاة الصلح التي لم يفصل فيها بحكم قطعي".

[33] تمييز قطري، الرقم: 105السنة: 2013تاريخ الجلسة: 27/06/2013. الميزان البوابة القانونية القطرية.

[34] فاضل وقصير، ص114.

[35] المرجع السابق، ص114.

[36] على أبو عطية هيكل،" النزول عن الحکم دراسة تأصيلية وتطبيقية في قانون المرافعات المدنية والتجارية"، مجلة الحقوق للبحوث القانونية، 2021، ع1، مج1، ص1364 وما بعدها.

[37] نقض مصري: الطعن 4654 لسنة 63 ق، جلسة 6/12/1995، مكتب فني 46، ج 2، ق 257، ص1312.

[38] هيكل، ص1364 وما بعدها.

[39] Article L213-13- Création LOI n°2021-1729 du 22 décembre 2021 - art. 27
" La saisine du médiateur compétent interrompt le délai de recours contentieux et suspend les délais de prescription, qui recommencent à courir à compter de la date à laquelle soit l'une des parties, soit les deux, soit le médiateur déclarent, de façon non équivoque et par tout moyen permettant d'en attester la connaissance par l'ensemble des parties, que la médiation est terminée."

[40] Tribunal Administratif de Poitiers décision N°1701757 du 28 juin 2018 lecture du 12 juillet 2018.

[41] كوثر سعيد عدنان، "الوساطة وفقًا لأحكام قانون تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس"، مجلة الدراسات القانونية، ج، ع531 (سبتمبر 2021)، ص634.

[42] انظر أهمية هذا التوثيق في: حسين، ص356.

[43] بدر، ص380.

[44] تمييز قطري: الدائرة المدنية والتجارية، الرقم: 209، السنة: 2016، تاريخ الجلسة: 15/11/2016 (الميزان - البوابة القانونية القطرية) حضور طرفي الخصومة بشخصيهما أو بوكلاء عنهما مفوضين بالصلح وطلبهما إلحاق عقد الصلح محضر الجلسة والتوقيع عليه سويًا أمام المحكمة. مؤداه. حسم النزاع. تصديق القاضي على الصلح بمقتضى سلطته الولائية لا القضائية. أثره. عدم حيازة ذلك الاتفاق لحجية الشيء المحكوم فيه. تخلف أحد الطرفين عن الحضور. لازمه. امتناع القاضي عن إجابة خصمه لطلب إلحاق اتفاق الصلح ولو كان موثقًا. للمحكمة الاستناد إلى عقد الصلح كورقة من أوراق الدعوى المطروحة عليها. م 66 مرافعات.

[45] I. Balensi, Lhomologation judiciaire des actes juridiques, RTD civ 1978. p. 58. Voir aussi lart 1534 du Code de Procédure Civile.

[46] تمييز قطري، الرقم: 125، السنة: 2008، تاريخ الجلسة: 24/02/2009 (الميزان- البوابة القانونية القطرية).

[47] المادة 24 من قانون الوساطة القطري: "... ويجب لنفاذ اتفاق التسوية أن يكون مُوقعًا عليه من قبل الأطراف وممن يتطلب موضوع النزاع موافقته والوسيط".

[48] وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته. دار الفكر، دمشق، ج3، ص93.

[49] ومن الأهمية بمكان التمييز بين حالتين متعلقتين بالتوثيق:

الحالة الأولى: اتفاق الأطراف في العلاقة التعاقدية على تسوية المنازعات التي تنشأ بينهما عن طريق الوساطة ويتم توثيقه.

الحالة الثانية: تتعلق بتوثيق اتفاق التسوية النهائي الذي تم بين الأطراف بناء على طلب القاضي أو تنفيذا لاتفاق التسوية السابق بينهما باللجوء للوساطة.

[50] انظر المادة 74 من قانون المرافعات القطري التي تنص على "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها".

[51] مقفولجي عبد العزيز، "شروط قبول الدعوى"، مجلة البحوث والدراسات القانونية والسياسية، ع6، ص112، على الرابط: https://2u.pw/3rtq6، تاريخ الزيارة: 5/8/2022.

[52] المرجع السابق، ص128.

[53] المرجع السابق نفسه.

[54] الفصل 327-69، من قانون المسطرة المدنية المغربي: يكتسب الصلح بين الأطراف قوةَ الشيء المقضي به ويمكن أن يذيل بالصيغة التنفيذية، لهذه الغاية فإن رئيس المحكمة المختصة محليًا للبت في موضوع النزاع هو المختص بإعطاء الصيغة التنفيذية.

ملاحظة: مصطلح الصلح هنا المقصود فيه اتفاق التسوية لان الفصل 327-69 جاء ضمن الفرع الثالث: بعنوان الوساطة الاتفاقية.

[55] انظر كيف أن المشرع المغربي ينص صراحةً على حيازة اتفاق التسوية قوة الامر المقضي، الفصل 327-69، من قانون المسطرة المدنية المغربي: يكتسب الصلح بين الأطراف قوة الشيء المقضي به ويمكن أن يذيل بالصيغة التنفيذية؛ لهذه الغاية فإن رئيس المحكمة المختصة محليًا للبت في موضوع النزاع هو المختص بإعطاء الصيغة التنفيذية.

ملاحظة: مصطلح الصلح هنا المقصود فيه اتفاق التسوية؛ لأن الفصل 327-69 جاء ضمن الفرع الثالث: بعنوان الوساطة الاتفاقية.

ولا بد من التوضيح هنا بأن هناك فرق بين حجية الأمر المقضي من جهة، وقوة الأمر المقضي من جهة أخرى، ومع ذلك نجد ان التشريعات تخلط بينها وهو ما نجده في قانون المسطرة المدنية المغربي، المشار اليه، وكذلك قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري في المادة 300 والتي جاء فيها: "الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجةً فيما فصلت فيه من الحقوق. ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية؛ ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاعٍ قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتعلق بذات الحق محلًا وسببًا. وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها".

[56] انظر ما يراه البعض من أن: كلا الاتفاقين؛ أي الاتفاق الناتج عن الوساطة، والاتفاق الناتج عن الصلح، له نفس حجية الحكم القضائي، انظر حمة مرامرية، "نظام الوساطة القضائية في قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري"، مجلة العلوم الإنسانية، مج ب، ع25، ديسمبر 2019، ص25.

[57] عدنان، ص639.

[58] المرجع السابق، ص562.

[59] انظر كيف نص المُشرِّع المغربي صراحةً على حيازة اتفاق التسوية قوة الأمر المقضي، الفصل 327-69 من قانون المسطرة المدنية المغربي.

[60] انظر المادة 27 وساطة قطري.

[61] الإقرار القضائي حجة ومعنى ذلك تلك القوة الملزمة التي يكتسبها هذا الإقرار؛ متى صدر مستوفيًا لجميع شروطه. انظر: طارق عبد الرزاق شهيد الحمامي، حجية الاقرار القضائي في الاثبات المدني، ص24-27https://almerja.net/reading.php?idm=73303، تاريخ الزيارة: 2/8/2022.

[62] تمييز قطري: رقم: 275، السنة: 2016، تاريخ الجلسة: 15/11/2016 (الميزان- البوابة القانونية القطرية).

[63] جهاد محمد الجراح، "مبدأ حجية العقد في القانون المدني الأردني دراسة مقارنة"، مجلة جامعة الحسين بن طلال للبحوث، مجلة علمية محكمة دورية تصدر عن عمادة البحث العلميّ والدّراسات العليا، الملحق 5، مج7، 2021. https://journal.ahu.edu.jo/Admin_Site/Articles/Images/0916cca6-aa05-4390-962f-737084c3cb76.pdf، تاريخ الزيارة: 2/8/2022.

[64] المرجع السابق.

[65] تمييز قطري: جلسة 10 من مارس سنة 2015، الطعن رقم 18 لسنة 2015، الميزان البوابة القانونية القطرية.

[66] بدر، ص363.

[67] Cour de cassation - Deuxième chambre civile -Arrêt n° 1263 du 28 septembre 2017.

[68] Article 2052 Code civil, Modifié par LOI n°2016-1547 du 18 novembre 2016 - art. 10. La transaction fait obstacle à l'introduction ou à la poursuite entre les parties d'une action en justice ayant le même objet."

[69] Ancien article 2052 du Code civil: « Les transactions ont, entre les parties, lautorité de la chose jugée en dernier ressort. Elles ne peuvent être attaquées pour cause derreur de droit, ni pour cause de lésion ».

[70] تمييز قطري: جلسة 10 من مارس سنة 2015، الطعن رقم 18 لسنة 2015، الميزان البوابة القانونية القطرية.

[71] بعض التشريعات تسمي اتفاق التسوية اتفاق صلح. انظر: الفصل 327-69، من قانون المسطرة المدنية المغربي.

[72] تمييز قطري: جلسة 24 من يونيو سنة 2014، الطعن رقم 131 لسنة 2014، الميزان البوابة القانونية القطرية.

[73] المساعدة، ص89.

[74] بدر، ص370.

[75] فتحي رياض أبو زيد، التمييز بين الصلح والتحكيم في انقضاء الدعوى الإدارية، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، 2016، ص346 وما بعدها.

[76] وهو ما تم الإشارة إليه في: أحمد ماهر زغلول، أصول وقواعد المرافعات، دار النهضة العربية، القاهرة،2001، ص967.

[77] انظر ما سبق بشأن شرح معنى الحجية في مختلف فروع القوانين.

[78] تمييز مدني جلسة 10 من مارس سنة 2015، الطعن رقم 18 لسنة 2015، الميزان البوابة القانونية القطرية.

[79] نقض مصري، الطعن 595 لسنة 59 ق، جلسة 23/2/1994، مكتب فني 45، ج1، ق86، ص412.

[80] تمييز قطري، الرقم: 125، السنة: 2008، تاريخ الجلسة: 24/02/2009، الميزان البوابة القانونية القطرية.

[81] بدر، ص370.

[82] تمييز مدني، جلسة 20 من يونيو سنة 2019، الطعن رقم 206 لسنة 2019، موسوعة الأحكام والمبادئ القضائية القطرية.

[83] تمييز قطري، الدائرة المدنية والتجارية، الرقم: 125، السنة: 2008، تاريخ الجلسة: 24/02/2009، الميزان البوابة القانونية القطرية.

[84] الصلح لا يعدو أن يكون عقدا ليس له حجية الشيء المحكوم فيه وإن أعطى شكل الأحكام عند إثباته. تمييز قطري، الرقم: 125، السنة: 2008، تاريخ الجلسة: 24/02/2009، الميزان البوابة القانونية القطرية.

[85] تمييز قطري، الدائرة المدنية والتجارية، الرقم: 209، السنة: 2016، تاريخ الجلسة: 15/11/2016، الميزان البوابة القانونية القطرية.

[86] Article L111-3 Modifié par LOI n°2021-1729 du 22 décembre 2021 - art. 44:.7° Les transactions et les actes constatant un accord issu d'une médiation, d'une conciliation ou d'une procédure participative, lorsqu'ils sont contresignés par les avocats de chacune des parties et revêtus de la formule exécutoire par le greffe de la juridiction compétente.

[87] Article 131-12 du Code de procédure civile. Modifié par Décret n°2022-245 du 25 février 2022 - art. 1

[88] Article 1568 à 1570 du Code de procédure civile. Modifié par Décret n°2022-245 du 25 février 2022 - art. 1

[89] الفصل 327-69، من قانون المسطرة المدنية المغربي: "يكتسي الصلح بين الأطراف قوة الشيء المقضي به، ويمكن أن يذيَّل بالصيغة التنفيذية. لهذه الغاية، فإن رئيس المحكمة المختصة محليًا للبت في موضوع النزاع هو المختص بإعطاء الصيغة التنفيذية".

ملاحظة: مصطلح الصلح هنا المقصود فيه اتفاق التسوية؛ لأن الفصل 327-69 جاء ضمن الفرع الثالث: بعنوان الوساطة الاتفاقية.

[90] ا لمادة 75 قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري.

[91] المادة 362 معدل، قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري: "والسندات التنفيذية هي الأحكام والأوامر الصادرة من المحاكم واتفاقات الصلح التي أثبتت بمحضر الجلسة أو ألحقت به والأوراق الرسمية التي يعطيها القانون قوة التنفيذ".