Submitted: 30/6/2022

Reviewed: 21/8/2021

Accepted: 4/9/2022

 

دور هياكل الحوكمة ومكافحة الفساد في شركات المساهمة العامة المملوكة للخواص وفقًا للقانون القطري

جمال بكار

أستاذ القانون التجاري المساعد، كلية الشرطة بدولة قطر، وبجامعة صفاقس بالجمهورية التونسية

Jamelbaccar@yahoo.fr

ملخص

تحتل دولة قطر ترتيبًا عالميًا مُتقدِّمًا في مكافحة ظاهرة الفساد المتفشية بشكلٍ ملحوظٍ اليوم في عديد دول العالم. تهدف هذه الدراسة إلى بيان مدى صرامة الرقابة التي تجريها هياكل الحوكمة ومكافحة الفساد المختلفة، لشركات المساهمة العامة المملوكة حصرًا للخواص في التشريع القطري. وتنقسم هذه الهياكل إلى هياكلَ داخليةٍ تتمثل في مجلس إدارة الشركة والجمعية العامة للمساهمين، وهياكلَ خارجيةٍ خاصةٍ يمثلها مُراقِب الحساباتِ، وهياكلَ عامَّةٍ تمثلها أساسًا وزارة التجارة والصناعة وهيئة قطر للأسواق المالية.

واعتمدت الدراسة المنهج الاستقرائي للنصوص القانونية والمنهج المقارن، من خلال مقابلة النصوص القانونية بقرارات الحوكمة، متبعين في ذلك أسلوبًا تحليليًا نقديًا. وتوصلت الدراسة إلى أن الرقابة المنطبقة حاليًا صارمةٌ لحدٍ بعيدٍ؛ بما يضيق المجال أمام الممارسات الفاسدة داخل هذه الشركات؛ لكن كشفت الدراسة أيضًا عن وجودِ نقائصَ تم الوقوف عليها لخطورتها على الشركة خصوصًا وعلى السوق عمومًا. وانتهت الدراسة إلى تقديم توصياتٍ متعددةٍ؛ لتدارك النقائص وتحسين الرقابة على الشركات المذكورة من أجل مكافحةٍ أكثرَ صرامة للفساد. والفائدة المرجوَّة من ذلك كبيرة، وهي تحفيز الاستثمار بقطر بشكلٍ أنجعَ وحماية الشركات بطريقةٍ أفضلَ، والارتقاء بدولة قطر إلى ترتيبٍ عالميٍ أعلى في مؤشر مدركات الفساد.

الكلمات المفتاحية: مكافحة الفساد، الحوكمة، شركات المساهمة العامة، القانون القطري، هيئة قطر للأسواق المالية

للاقتباس: بكار، جمال. «دور هياكل الحوكمة ومكافحة الفساد في شركات المساهمة العامة المملوكة للخواص وفقًا للقانون القطري»، المجلة الدولية للقانون، المجلد الثاني عشر، العدد المنتظم الأول، 2023

© 2023، بكار، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه؛ طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.


 

Submitted: 30/6/2022

Reviewed: 21/8/2021

Accepted: 4/9/2022

The Role of Governance and Anti-corruption Structures in Public Shareholding Companies Privately Owned in accordance with Qatari Law

Jamel Baccar

Assistant Professor of Commercial Law at Police College, State of Qatar, and Sfax University, Tunisia

jamelbaccar@yahoo.fr

Abstract

The State of Qatar occupies an advanced global position in combating corruption; a phenemenon that is remarkably prevalent today in many countries of the world. This study aims to demonstrate the extent of the strictness of control carried out by the various governance and anti-corruption structures of public shareholding companies owned exclusively by private companies in Qatari legislation. These structures are divided into internal structures represented by the company’s board of directors and the general assembly of shareholders, and external structures either private represented by the auditor, or public represented mainly by the Ministry of Commerce and Industry and the Qatar Financial Markets Authority.

The study relied on the inductive and comparative approach of legal texts with governance decisions following an analytical and method. The study concluded that the supervision currently applied is strict to a large extent, narrowing the scope for corrupt practices within these companies. However, the study also revealed that there are shortcomings that have been identified because of their danger to the company in particular and to the market in general.

The study ended with providing multiple recommendations to remedy the shortcomings and improve the oversight of the mentioned companies in order to combat corruption more stringently. The desired benefit is great, which is to stimulate investment in Qatar in a more efficient way, protect companies in a better way, and raise the State of Qatar to a higher global ranking in the Corruption Perceptions Index.

Keywords: Anti-corruption; Governance; Public shareholding Companies; Qatari Law; Qatar Financial Markets Authority

 

Cite this article as Baccar, J. "The Role of Governance and Anti-corruption Structures in Public Shareholding Companies Privately Owned in accordance with Qatari Law," International Review of Law, Volume 12, Regular Issue 1, 2023

© 2023, Baccar, licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.

 


 

المقدمة

تُعدُّ ظاهرة الفساد اليوم من أكثر المسائل المنتشرة في الكثير من الدول؛ إذ تفشى الفساد في جميع القطاعات بشكلٍ يسترعي الاهتمامَ، ويدعو انتشاره إلى مزيد دراسته من أجل التصدي له بشكلٍ أكثرَ حزمٍ. ولم تسلم الشركات عمومًا من عدوى هذه الظاهرة المستهدِفةِ للذوات التي تتجمع لديها الأموال مع سلطة القرار. ومن أبرزها شركة المساهمة العامة[1]، التي تعتبر "العماد الرئيسي للنظام الرأسمالي وأداة التطور الاقتصادي في العصر الحديث"[2]، كما تعد النموذج الأمثل لشركات الأموال؛ ضرورةَ أنها شركةٌ تجاريةٌ تجمع رؤوس أموالٍ ضخمةٍ[3] وتستقطب عددًا كبيرًا من المُدَّخرين[4]، وتلعب دورًا هامًا في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للدول ؛بإنجاز مشروعاتٍ ضخمةٍ وتوظيف عددٍ هامٍ من الأيادي العاملة[5]. ويعرِّفُها القانون القطري بأنها "عقدُ مسمىً يربط بين أشخاص يقدمون مساهماتٍ لتكوين رأسمالٍ يُقسَّم إلى أسهمٍ متساويةِ القيمة، وقابلةٍ للتداول عن طريق الاكتتاب العمومي، ولا يسأل المساهم فيها إلا بقدر مساهمته في رأس المال" [6]. ونظرًا لأهمية هذه الشركة؛ فقد حرص المُشرِّع على حمايتها من تسرب الفساد إليها. ويسلط هذا البحثُ الضوءَ على شركة المساهمة العامة المملوكة للخواص دون الشركات المملوكة للدولة؛ لضيق مجاله. كما اقتصر على الشركات المستقرة ماليًا فقط؛ بما أنها مستهدفة لمطامع أكبر من قبل أصحاب النوايا الفاسدة. أما تلك التي تمر بصعوباتٍ اقتصاديةٍ أو تخضع لإجراءاتِ الإفلاس فهي تخرج عن نطاقه. والجدير بلفت الانتباهِ، أن الحديثَ عن "شركات" مساهمة عامَّة في الجمع وليس عن "شركة" في المفرد مقصود ضرورة وجود نماذج متفرقة من الملكية داخل هذه الشركات، تستدعي مراعاة الفوارق بينها. ومن بينها الشركات ذات الملكية المركزية، والشركات ذات الملكية المتفرقة، والشركات المملوكة للدولة جزئيًا أو كليًا[7].

ويشكل الفساد مجموعة من التصرفات التي قد يقوم بها مسيرو الشركة أو العاملون فيها أو مساهموها؛ من أجل الوصول إلى منافعَ خاصةٍ على حساب مصلحتها. وتُعرِّفُ منظمةُ الشفافية الدولية الفسادَ بأنه: "إساءة استعمال السلطة الموكلة؛ لتحقيق مكاسبَ خاصةٍ"[8]. فالفساد في الشركات هو القيام بعملٍ، من موقع سلطةٍ، يخرج عن القوانين أو نظام الشركة ويلحق بها الضرر من أجل تحقيق مصلحةٍ خاصةٍ على حساب المصلحة العامة للشركة. ومن بين هذه الأعمال أو السلوكيات الفاسدة[9]، نذكر ما يلي: الرشوة، المحسوبية، المحاباة، الواسطة، نهب المال العام، الابتزاز وغير ذلك[10]. وغسيل الأموال أيضًا من أفعال الفساد؛ فمصدر المال غير المشروع هو بدوره فساد[11]. وتصنف هذه السلوكيات إلى فسادٍ ماليٍ[12] وإداريٍ[13] وأخلاقيٍ[14]. ويمكن أن يمارس الفسادَ الرئيسي المديرُ العامُ للشركةِ أو الإدارة التنفيذية أو مجلس إدارتها أو مراقبو حساباتها أو المسؤولون عن الإدارة المالية أو العاملون والموظفون بها. ويهدد الفسادُ الشركةَ والسوقَ والدولةَ برمتها[15]؛ فهو كالسَّرطان إذا تغلغل قد يدمر كل شيء[16].

وللتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، بذلت مجهودات منذ سنوات وصدرت قوانين وتدابير تمنع انتشار آفة الفساد بالشركات من خلال وضع أنظمة مدققة لإدارتها ومراقبتها عبر آليات حوكمة الشركات[17]. وتكتسي "الحوكمة" أهمية خاصة في عالم المال والأعمال؛ حيث إن الانفصال بين التملك والإدارة يحتم وجود نظام لعمل الشركة يضع قواعد وإجراءات للتحكم فيها وفي مسيريها ويراقب تصرفاتهم ويردعهم ويعاقبهم. وهذا النظام هو الذي يضمن مسك أموال المستثمرين في أيادي أمينة وتدار بعدالة وشفافية. وذلك خوفا من تحول أموال الشركة إلى جيوب بعض الفاسدين الذين وظفوا أموال الشركة لمنفعتهم الخاصة مستغلين رخاوة بعض النصوص القانونية لإيجاد طرق مبتكرة للفساد في مرحلة التأسيس أو بعدها كالدمج الصوري أو تضخيم المساهمات العينية[18].

والمقصود بمصطلح "الحوكمة" هو وضع إطار عام ينظم عمل الشركات وعلاقاتها داخليا وخارجيا بإخضاعها إلى قواعد وضوابط تهدف إلى التحكم في الشركة لكي تسير وفق نظم ومعايير وأخلاقيات محددة وتحتكم لمبادئ ثابتة ألا وهي شفافية القرار والمساءلة والمحاسبة والعدالة والمساواة وأخيرا المسؤولية في أداء الواجبات بشرف واستقامة ونزاهة[19]. هذه الحوكمة الجيدة والرشيدة تحقق فوائد متعددة للشركات وللدولة. فهي تحد من الفساد وتزيد من الأداء وتنمي ثقة المستثمرين المحليين والأجانب فتسهم في جلب الاستثمار وتحقيق التنمية المستدامة لاقتصاد البلاد[20].

ومن البديهي أن الفساد ليس شأنا محليا بل هو ظاهرة دولية تمس كل المجتمعات والاقتصادات، مما يجعل التعاون الدولي على مكافحته أمرا ضروريا[21]؛ لذلك تظافرت مجهودات جماعية للتصدي له. وصدرت نصوص قانونية متعددة الأطراف[22] وظهرت هياكل أو هيئات دولية لمكافحته[23]، وهي لا يشملها هذا البحث المنصب على الهياكل الوطنية بدولة قطر. وترجم الاهتمام العالمي بهذه الظاهرة خاصة بصدور اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بنيويورك في 31/10/2003. وأما على الصعيد الإقليمي فصدرت نصوص قانونية نخص منها بالذكر الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد الموقعة في القاهرة بتاريخ 21 ديسمبر 2010. كما صدرت في عدة دول قواعد خصوصية لحوكمة الشركات[24].

وأما على الصعيد الوطني، فقد تصدَّرت قطر دول المنطقة في مجال مكافحة الفساد، حسب مؤشر مدركات الفساد السنوي الصادر عن منظمة الشفافية الدولية[25]. ونظرًا لأهمية الرهان المتمثل في توفير بيئةِ أعمالٍ آمنةٍ جذَّابةٍ للاستثمار ومحفِّزةٍ على بعث المشاريع؛ سعى المُشرِّع القطري إلى التصدي الجاد لهذه الآفة بكل الوسائل. كما فرض رقابةً معمقةً على هذه الشركة بالذات، من خلال التنظيم الدقيق لأحكامها صلب قانون الشركات التجارية[26]، وكذلك باعتماد نظام حوكمة الشركات والكيانات القانونية المُدرَجة في السوق الرئيسية من طرف مجلس إدارة هيئة قطر للأسواق المالية[27]. ووقَّعت قطر في 2005 على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد[28]، وفي 2012 على الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد[29]. وانضمت إلى اتفاق إنشاء الأكاديمية الدولية لمكافحة الفساد[30] وأنشأت مؤسسة مركز حكم القانون ومكافحة الفساد[31].

ولا يكفي لمكافحة الفساد وضع وسائل رقابةٍ متعددةٍ، كتقييد تصرفات المسؤولين بالشركة أو منع سلوكياتٍ معيَّنة وتحميلهم مسؤولية تعويض وتسليط عقوبات جزائية، بل لا بد من تنصيب عيونٍ ساهرةٍ باستمرار تراقب الشركة بكل يقظة. فالوسائل وحدها مهما تعددت لا تكفي ولا تكون فعّالة إلَّا إذا تم إحداثُ هياكل رقابة مسؤولة على استخدامها بطريقة مجدية. فوجود هياكلَ رقابةٍ جديَّةٍ ضرورة مُلحَّةٍ؛ لأنها الكفيلة بضمان نجاعة الوسائل المقترحة؛ ولذلك أحدث المشرع القطري هياكلَ رقابيةٍ متعددةٍ ومختلفةٍ لشركة المساهمة العامة ذات الملكية الخاصة تتدخل بصورة متراكمة أو متوازية. وتشكل هذه الهياكل حَجَرَ الزاويةِ في مكافحة الفساد؛ باعتبارها الضمانة الرئيسية التي ترتبط بها بقية الضمانات للوقوف حاجزًا أمام محاولات الفساد لأصحاب النوايا الخبيثة.

وقد حثَّت اتفاقيةُ الأمم المتحدة المتعلقة بمكافحة الفساد الدولَ الأطراف فيها على تعزيز نظمها القانونية والمؤسسية المتعلقة بالنزاهة والشفافية، وأن تنشئ أجهزةً أو سلطاتٍ متخصصةً في هذا المجال. وحيث نصت على ما يلي: "تتخذ كل دولة طرف -وفقًا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني- ما قد يلزم من تدابير لضمان وجود هيئة أو هيئات متخصصة أو أشخاص متخصصين في مكافحة الفساد من خلال إنفاذ القانون". وتنفيذًا لهذه التوصية الأممية، حرصت دولة قطر على اتخاذ خطواتٍ إضافيةٍ؛ لتعزيز إطارها المؤسسي بإحداث هياكلَ رقابةٍ وطنيةٍ جديدةٍ ومتعددةٍ متخصصةٍ في مكافحة الفساد بشركات المساهمة العامة ذات الملكية الفردية، تُضافُ إلى الهياكلِ المختصة الموجودة من قبل. وهذه الهياكل تكمّل ولا تغني عن دورٍ هامٍ تقوم به في هذا الخصوص الهياكل القضائية والأمنية الموجودة من قبل، التي تنضوي تحت مشمولاتها بشكلٍ من الأشكال مكافحة الفساد[32]. ويؤمل إحداث محاكم مختصة بمكافحة الفساد دون سواه متكونة من قضاةٍ محترفين في هذا المجال؛ قياسًا بتجاربَ رائدةٍ بدولٍ أخرى بالنسبة لمكافحة الإرهاب[33].

وتجسيمًا لهذا الحرص؛ تم إحداثُ هياكلَ أخرى غير رقابيةٍ ذات طبيعةٍ توعويةٍ بحثيةٍ مُكلَّفةٍ بنشر الوعي والمعرفة المتخصصة مثل مركز حكم القانون ومكافحة الفساد[34]؛ لكن يقتصر إطار هذا البحث على الهياكل الرقابية دون الهياكل التوعوية أو القضائية أو الأمنية المذكورة أسبقه؛ لدورها الرئيسي والمباشر في حياة الشركة.

وينبثق سؤالٌ محوريٌ في هذا الخصوص كالتالي: إلى أي مدى نجحت الهياكل الرقابية لشركة المساهمة العامة المملوكة للخواص في القانون القطري في القيام بدورها الرقابي بصورة مجدية تكرس مبادئ الحوكمة وتقطع مع الفساد بما يخلق بيئةً آمنةً مناسبةً لجذب الاستثمار وطمأنة المدخرين وتحفيز رجال الأعمال المحليين والأجانب لضخ أموالهم في السوق القطرية؟

أولى المُشرِّع القطري عنايةً كبيرةً بهياكلِ الحوكمة ومكافحة الفساد داخل شركة المساهمة العامة المملوكة للخواص، وحرص أن تؤدي دورًا رقابيًا جديًّا وواسع النطاق. فأحدث هياكل رقابة متعددة ومختلفة. ولم يقتصر على إحداث هياكل رقابة داخلية مزدوجة (المبحث الأول)؛ بل أضاف إليها هياكلَ رقابةٍ خارجيةٍ متنوعةٍ (المبحث الثاني).

المبحث الأول: دور هياكل الرقابة الداخلية المزدوجة في الحوكمة ومكافحة الفساد

إن حجم شركة المساهمة العامة الكبير قد يجعل إدارة شؤونها من طرف شخصٍ واحدٍ مهددةً لها؛ نهجًا على قول مونتسكيو: "إنها تجربة أبدية أن كل إنسان يملك السلطة يميل إلى إساءة استخدامها"[35]؛ لذلك حرص المشرع القطري على إحداث هياكلَ رقابةٍ داخليةٍ -أي من داخل الشركة- من طرف الأشخاص المنتمين إليها والمتابعين عن قرب لحدٍ ما تفاصيل تسيير شؤونها اليومية، ومراقبة الشخص المُكلَّفِ بإدارتها سواء كان الرئيس المدير العام أو نائبه أو العضو المنتدب للإدارة. وهذه الرقابة الداخلية تتميز بالصبغة الجماعية المقصودة؛ بهدف تفادي مزالق الحكم الفردي في مسالك الفساد الإداري أو المالي. وتجلَّى الحرص التشريعي في إحداث هياكل رقابة مزدوجة. فهي -من جهة أولى- رقابةٌ مباشرةٌ عن طريق مجلس إدارة الشركة (المطلب الأول). وهي من جهةٍ ثانيةٍ رقابةٌ غيرُ مباشرةٍ عن طريق الجمعية العامة للمساهمين (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الرقابة المباشرة عن طريق مجلس إدارة الشركة

يلعب مجلس الإدارة دورًا رئيسيًا في تطبيق حوكمة الشركات؛ لأنه مركز القيادة في الشركة والمسؤول الأول عن كل ما يحدث فيها[36]؛ لذلك يشترط المشرع إحداثَ مجلسِ إدارةٍ منتخبٍ داخل شركة المساهمة العامة[37]. ويشترط أن تكون له تركيبةٌ جماعيةٌ لا تقل عن خمسة أعضاءَ؛ حتى يراقب بعضهم البعض. وهذه الاشتراطات التشريعية ضمانةٌ هامةٌ لعدم الانفراد بالرأي والتعسف في القرار. وهي تدابير احترازية وقائية للتصدي للأخطاء قبل وقوعها. ويشترط لعضوية مجلس الإدارة، النزاهة ونظافة سوابق الأشخاص من كل ما من شأنه أن يرتبط بالفساد، كسبق الحكم عليه بجريمةِ سرقةٍ أو نصبٍ أو خيانةِ أمانةٍ أو تزويرٍ أو تفالسٍ. كما يشترط ألَّا يتواجد العضو في وضعيةٍ غير حياديةٍ، يستغل من خلالها نفوذه لصالح الشركة أو ضدها بحظر الانتماء إلى الوظيفة العامة. كما يمنع الجمع بين عضوية مجالس إدارة أكثر من شركتين؛ لأنه ليس بوسعه أن يضطلع بأعباء شركتين معًا ويتفرغ لهما كما يجب[38]. هذا فضلًا عن أن مصالح الشركات قد تتعارض مع بعضها، وقد يستغل موقعه لضرب مصلحة واحدةٍ لفائدة الأخرى بالإفصاح عن أسرارها أو نقل سياساتها التجارية[39].

ويُنتخبُ هذا المجلسُ لمدةٍ تدوم ثلاث سنواتٍ. وهذه المدة ضرورية لفهم وضعية الشركة من طرف الأعضاء وتعرفهم على بعضهم وعلى منسوبيها وتمكنهم من تنفيذ مشاريع وبرامج على مخطط متوسط الأمد. وفي ذلك ضمانٌ لاستقرار الشركة والتفطن لمحاولات الفساد بداخلها ومنع وقوعها. وتبرز أهمية الصبغة الجماعية لهذا المجلس ليس فقط على مستوى الاجتماعات، بل كذلك على مستوى قرارات مجلس الإدارة؛ حيث اشترطت المادة 104 (ق.ش.ق.) أن تتخذ بالأغلبية. فلا يمكن أن ينفرد عضو أو مجموعة أعضاء تعكس عدد صغير من الأصوات بسلطة اتخاذ القرار؛ عملًا بمبدأ وحدة القرار[40]. ويُنتخب هذا المجلس ليواكب ويتابع بصورة منتظمة عمل الإدارة التنفيذية[41].

وأوكل المُشرِّع إلى هذا المجلس دورًا رقابيًا هامًا[42]. فهو من جهة أولى، يسهر على رقابة حسن استخدام رأس مال الشركة من طرف مديريها التنفيذيين بطريقة رشيدةٍ، وعدم إساءة التصرف فيه، وعدم تفضيل مصالحهم الذاتية أو استخدام أصول الشركة ومواردها لمنفعتهم الخاصة وارتكاب أعمال غش. كما يتولى -نيابةً عن المستثمرين- مساءلتهم ومحاسبتهم عن أداءهم لتحقيق أهداف الشركة، وله فصلُهم إذا صدر عنهم تهاونٌ مهنيٌ وثبتت مسؤوليتهم[43]. كما أنه لا يكتفي بمراقبة الإدارة التنفيذية وإنما يراقب بعضه البعض. وهو ما يسمى بالتقييم الذاتي لمجلس الإدارة[44]؛ حيث خوَّله المُشرِّع -من جهةٍ أخرى- اختيارَ رئيسٍ للمجلس مناسبٍ له ونائبِ رئيسٍ وعضوٍ مفوضٍ للإدارة أو أكثر، عن طريق الانتخاب والاقتراع السري؛ ضمانًا للشفافية. ويُنتخبون لمدة سنة قابلةٍ للتجديد؛ ضمانًا للمراقبة الدورية لهم. وألزم المُشرِّعُ رئيسَ المجلسِ بالتقيد بتوصيات المجلس صلب المادة 103 (ق.ش.ق.)؛ وذلك حتى لا ينفرد هذا الأخير بالقرار ويجد أمامه المجال حرًا للاستبداد بالرأي والفساد.

إن هاجس المراقبة المستمرة جعلت المُشرِّع يفرض تواترَ اجتماعات مجلس الإدارة على مدى السنة المالية للشركة بصورةٍ جديةٍ، بما لا يقل عن ستة اجتماعاتٍ، ما لم ينص النظام الداخلي على عددٍ أكثرَ. والهدف من هذا الشرط واضح وهو الحرص على فاعلية هذا المجلس وقيامه بدوره الرقابي، والمتابعة اللصيقة والحثيثة لأعمال الإدارة الفعلية للشركة على أحسن وجهٍ، مما يضيق عليها فرصَ الإقدامِ على ممارساتٍ فاسدةٍ؛ لوجود رقابة متيقظة مستمرة. فمنع المجلس من الاجتماع في فترات متباعدة أو عدم الاجتماع؛ حتى لا يتحول لمجلسٍ صوريٍ مما يفلت تسيير الشركة من رقابته، وقد تتسرب معاملاتٌ فاسدةٌ دون أن يتفطن إليها في إبانه أو بعد فوات الأوان. والملاحظ أن هذه القاعدة تخلق فاصلًا زمنيًا طويلًا يفصل بين فتراتٍ متباعدةٍ، قد يمنع استيعاب مشاغل الشركة واحتياجاتها. ولتحقيق هذا الهدف أدخل المُشرِّع بصورة محمودة بعض المرونة، بأن أجاز في صلب الفقرة الرابعة من المادة 104 المذكورة انعقادَ الاجتماع بأي وسيلةٍ مؤمَّنةٍ من وسائل التقنية الحديثة المُتعارَف عليها تمكن المشارك من الاستماع والمشاركة الفعَّالة في أعمال المجلس. هذه اليقظة هي ضمانةٌ هامةٌ لاكتشاف والتفطن لمحاولات الفساد والتصدي المبكر لها قبل أن تنتشر النار في الهشيم؛ وذلك بمزيد القرب من العمل اليومي للشركة وتحسبًا لكل محاولةِ فسادٍ من البداية وتطويق المرض قبل انتشاره؛ مما قد يحول دون وقوع مخلفاتٍ باهظةٍ؛ ولذلك نصت المادة 105 (ق.ش.ق.) على أن العضو الذي يتغيب عن الحضور ثلاثة اجتماعات متتالية للمجلس أو أربعة اجتماعات غير متتالية دون عذرٍ يقبله المجلس يُعتبر مستقيلًا.

ويتجلى الدور الرقابي لمجلس الإدارة من خلال إلزامه بمقتضى المادة 120 (ق.ش.ق.) بمتابعة أموال الشركة ونشاطاتها. وترتيبًا عليه، يتولى هذا المجلسُ في كل سنةٍ ماليةٍ إعدادَ تقريرٍ حول ميزانية الشركة وأرباحها، وتقريرٍ آخرَ حول نشاطها وخططها المستقبلية. ويقوم المجلس بعرض هذه البيانات على اجتماع الجمعية العامة للمساهمين، كما يحق للمجلس -عملًا بمقتضيات المادة 125 (ق.ش.ق.)- دعوة الجمعية العامة، إذا تبين له في أي وقتٍ وقوعَ مخالفاتٍ للقانون أو النظام الأساسي للشركة أو وقوعَ خللٍ جسيمٍ في إدارتها، لا سيَّما عند اكتشاف تصرفاتٍ غير شفافةٍ أو محاباةٍ أو فسادٍ بأي شكلٍ من الأشكالِ، قد يضرب بمصلحة الشركة عرض الحائط. وهذه إحدى مظاهر الحوكمة الوقائية التي تشترط الشفافية المحاسبية والإفصاح عن طريقة التصرف في الشركة والتنبيه للمخاطر في علاقة إدارة الشركة بمجلس المالكين.

وجديرٌ بالتنويه أن المُشرِّع القطري لم يُحدِثْ لجانَ مراجعةٍ داخليةٍ منبثقةٍ عن مجلس الإدارة، يتولى تعيين أعضائها من أعضاءه غير التنفيذيين الذين لديهم خبرة في مجال المحاسبة والمراجعة، ويفوِّضُ لها القيام بعمليات الرقابة والإشراف على عملية القوائم المالية ومراجعة السياسات المحاسبية المُطبَّقة داخل الشركة، مثلما هو الشأن في عديد الدول، ككندا وفرنسا وألمانيا وماليزيا وسنغافورة. وقد ظهرت هذه اللجان في الولايات المتحدة بدايةً من سنة 1967، وذلك بعد هزاتٍ ناتجة ٍعن تلاعبٍ في التقارير المالية. وتُعد أداةً هامةً من أدوات الحوكمة؛ بزيادة الشفافية في المعلومات المالية المُفصَحِ عنها من الشركة، ضرورة أنها قناة الاتصال بين مجلس الإدارة والمراجع الخارجي، تساعده في حل المشاكل التي قد يواجهها في علاقته مع إدارة الشركة التنفيذية فيما يتعلق بإعداد القوائم المالية والنواحي المحاسبية[45]. وغياب مثل هذه اللجان في التشريع القطري يُفقِدُه ضمانةً كبيرةً لتعزيز الدور الرقابي لمجلس الإدارة لمكافحة الفساد داخل الشركات. ويبقى تكريسُ هذه اللجان في قطر وإنشاؤها بالموازاة مع المعمول به في الدول المتقدمة، مطلبًا مُلحًّا وضروريًا؛ لدورها الفعال في ضمان المزيد من الحوكمة الرشيدة للشركات وتشجيع الاستثمار وجذب رأس المال الأجنبي وتنمية الاقتصاد.

وتدعيمًا للضمانات السابقة ضد الفساد؛ ضاعف المُشرِّع من الرقابة بأن منح صلاحياتٍ رقابيةً داخليةً أعلى للجمعية العامة للشركاء.

المطلب الثاني: الرقابة غير المباشرة عن طريق الجمعية العامة للمساهمين

أحدث المُشرِّع القطري هيكلَ رقابةٍ داخليٍ ثانٍ إلى جانب مجلس الإدارة وهو الجمعية العامة للمساهمين. ويتمتع هذا الهيكل بسلطةٍ أعلى من مجلس الإدارة باعتباره مصدر وجود هذا الأخير، ما يخوله فرضَ رقابةٍ صارمةٍ فعالةٍ عليه، دون أدنى ترددٍ أو أي حرجٍ شخصي. وإن كان مجلس الإدارة هو صاحب السيادة الفعلية والمُسيِّرُ الواقعي للشركة؛ فإن الجمعية العامة هي صاحبة السلطة العليا والسيادة القانونية[46]. ويتمتع هذا الهيكل بسلطة رقابةٍ متوازيةٍ ومُضاعَفةٍ، يعني يراقب الأمور التي سبق لمجلس الإدارة التحقق منها أو القيام بها. فهناك حرصٌ كبيرٌ من المُشرِّع على تكريس نظامٍ رقابي مزدوجٍ؛ لمزيد التوقي من تسرب أي إخلالٍ على إثر الرقابة الأولى[47].

ويتميز هذا الهيكل الرقابي بدوره بالصبغة الجماعية[48]، التي تظل ضمانةً حقيقيةً لعدم الاستبداد بالقرار، من خلال فرض واقع يلتقي فيه الرأي والرأي المعاكس، ويسمح بالمواجهة بين الأطراف المتعددة والنقاش من أجل كشف النوايا الخبيثة والتوصل للحلول الأكثر تناسبا مع مصلحة الشركة. وتتجلى هذه الصبغة على مستوى مشاركة جميع المكتتبين في حضور الجلسات والتصويت مهما كان عدد أسهمهم طبقا للمادة 89 (ق.ش.ق.). كما تتجلى من خلال اشتراط المادة 131 (ق.ش.ق.) توَفُّر النصاب القانوني، أي حضور عدد معين من الشركاء لصحة انعقاد الجلسة؛ حيث لا تنعقد الجلسة إذا لم يحضرها مساهمون لهم تمثيلية نصف رأس المال على الأقل. وعند التعذُّر تقع الدعوة لجلسةٍ ثانيةٍ، ويُعتبر الاجتماع الثاني صحيحًا مهما كان عدد الأسهم الممثَّلةِ فيه، وكذلك تشترط نفس المادة في فقرتها الثالثة ضرورةَ حضور مراقبِ حسابات الشركة؛ لإنارة الشركاء حول وضعية الشركة المالية. وأخيرًا اشترطت نفس المادة ضرورة إصدار القرارات بالأغلبية المطلقة للأسهم الممثلة في الاجتماع، ما لم ينص النظام الأساسي للشركة على نسبةٍ أعلى من ذلك[49].

بيد أنه من الجدير مُلاحَظة أن ضوابطَ عقد الاجتماعات من حيث عددها وآجال الاستدعاء تسترعي الانتباه. فمن جهةٍ أولى، بالنسبة لعدد الاجتماعات لا تلزم الجمعية العامة بعقد عددٍ معينٍ من الاجتماعات الإجبارية على امتداد السنة؛ لضمان المتابعة والمراقبة المستمرة للإدارة، عدا اجتماعٍ وحيدٍ الزاميٍ للمصادقة على القوائم المالية. وواقع هذا النص اليوم قد يفقد الرقابة أي جدوى إذا لم يبادر الشركاء المتحمسون أنفسهم بأخذ زمام المبادرة التلقائية لعقد اجتماعات اختيارية، أو إذا وُجد بينهم شركاءُ ذوو أغلبيةٍ معرقلين لذلك. كما قد يفقد اجتماع المصادقة الاجباري أيَ أهميةٍ إذا حضره الشركاء شكليًا دون إلمامهم بمشاغل الشركة، وعدم تمكنهم من المعطيات اللازمة للمناقشة المتبصِّرة والواعية للقوائم[50]. أما من الجهة الثانية فبالنسبة لآجال الاستدعاءات، فالدعوة للحضور تتم في أجل متسعٍ يعادل أسبوعين أو أربعةٍ حسب الحالة[51]. وهذه الآجال تعتبر معطلةً وتتعارض مع مقتضيات سرعة الحياة التجارية وتجعل تدخل الجلسة العامة متأخر بالنسبة لقرارات قد تتطلبها منها الإدارة على وجه السرعة تفاديًا لفوات فرصٍ استثمارية أو معاملاتٍ تنافسيةٍ يفوز بها السبق زمنيًا. كما أن النص الحالي قديمٌ نوعًا ما مقارنةً بالتطورات المتسارعة للسنوات الأخيرة، ولم يواكب الثورة الرقمية التي شهدها العالم بنسقٍ حثيثٍ مؤخرًا في مجال الأعمال والمعاملات التجارية الإلكترونية، والذي يحتِّم على الشركات اعتماد الرقمنة؛ حتى في الاجتماعات وعقد جلساتٍ افتراضيةٍ بكل نجاعةٍ وسرعةٍ وغير مقيدةٍ بمكانٍ موحدٍ لتواجد الأطراف المدعوة، ولا تتطلب آجالٍ متسعةٍ للدعوات لترتيب الحضور والمشاركات في أعمالها. وبناءً على ما سبق فإن الضوابط القانونية للاجتماعات الحالية لا تساعد الجمعية العامة على تحقيق أكبر قدرٍ من النجاعة في رقابة الشركة ووقايتها من شبهات الفساد؛ لما يشوبها من جدية المتابعة ونقص المرونة؛ ولذلك تعتبر مراجعةُ هذه القواعد اليوم طلبًا أساسيًا؛ لدعم إجراءات التوقي من الفساد داخل الشركة[52].

ومنح المُشرِّع القطري لهذا الهيكل الهام صلاحياتِ مراقبةٍ واسعة للشركة؛ ضرورة أنه الهيكل الأصلي للسلطة بما أنه يضم مالكي رأس مال الشركة والذين يتحملون نتائج نشاطها على عاتقهم، سواء كانت متمثلة في أرباحٍ أو خسائرَ وهم من يتضررون بصورةٍ مباشرةٍ من سوء حوكمة الشركة أو وقوعها تحت طائلة الفساد.

وتدخل ضمن هذه الصلاحيات منذ البداية سلطةُ التعيين؛ حيث مكَّنت المادتان 90 و96 (ق.ش.ق.) هذا الهيكل من سلطة اختيار الفريق المشرف على الشركة، سواء بانتخاب أعضاء مجلس الإدارة وفق نظام الحوكمة الذي تضعه هيئة السوق المالية وطبقًا لشروطٍ محددةٍ بالمادة 97 (ق.ش.ق.)، أو بتعيين مراقبِ الحسابات وسلطة تحديد أتعابهم، والغاية من ذلك هي ضمان الشفافية وعدم المحاباة وانتقاء الأكفَّاء. كما خولته المادة 118(ق.ش.ق.) -تطبيقًا لقاعدة الموازاة- إمكانية عزل رئيس مجلس الإدارة أو أعضائ،ه وكذلك إزالة عضوية أحدهم حسب المادتين 97 و98 (ق.ش.ق.) لانتفاء الشروط المطلوبة.

وتتسع سلطة الرقابة للجمعية العامة لتشمل سلطة إشرافٍ على التسيير الإداري للشركة؛حيث تم تخويل حَمَلَةِ الأسهم من ممارسة ضغطٍ مستمرٍ على إدارة الشركة ومتابعة احترامها لمبادئ الحوكمة والسلوك الأخلاقي لعالم الأعمال، والمراقبة المتواصلة والمتيقظة لحسن تنفيذ القرارات والقوانين ومراجعة الإجراءات والتقييدات المحاسبية، وأعمال مراقب الحسابات ومحاربة التلاعب والخروقات والرشوة من طرف المديرين أو التواطؤ مع أعضاء مجلس الإدارة أو غيرهم. وقد خوَّلت المادة 129 (ق.ش.ق.) للجمعية العامة العادية على وجه الخصوص -وليس حصريًا- مناقشة تقرير مجلس الإدارة المتعلق بنشاط الشركة ومركزها المالي والخطة المستقبلية للشركة، ومناقشة تقرير مراقب الحسابات عن ميزانية الشركة والميزانية السنوية وتقرير الحوكمة، والنظر في إبراء ذمة أعضاء مجلس الإدارة والتحقق من عدم التصاق شبهات فساد بشخصهم، وكل الأمور الخطيرة أو التي يرغب الشركاء في إدراجها. كما خصت المادة 137 (ق.ش.ق.) الجمعية العامة غير العادية بالنظر في تعديل عقد الشركة والزيادة أو التخفيض في رأس مالها أو تمديد مدتها، أو اتخاذ قراراتٍ خطيرةٍ تتعلق بحلها أو تصفيتها أو تحوُّلها أو اندماجها أو الاستحواذ عليها أو بيع كل المشروع.

ولا يسعنا في هذا المستوى إلا أن ننسّب من فاعلية هذه السلطة الرقابية الموكولة إلى الجمعية العامة في التصدي للفساد ومنع التلاعب. وليس العيبُ في النص القانوني؛ فالمُشرِّع قد سعى جاهدًا للوقاية من الفساد بوضع آليات رقابةٍ داخليةٍ متعددةٍ، ومنح سلطاتٍ واسعةٍ للجمعية العامة تمكن المساهمين من فرض متابعة ومراقبة لصيقة ودقيقة وشاملة للإدارة، بيد أن العيب يكمن في تركيبة ملكية رأس مال الشركة المتفرقة على حملة أسهمٍ ذوي أوزان مختلفة يتنافسون في صنع القرار، فتكون الغلبةُ للأكبر حجمًا ماليًا منهم على حساب الأصغر. فتعترض عمليةَ الرقابة صعوباتٌ حسب نموذج الملكية المعتمد بداخلها، سواء كان ملكية تمركزية[53] أو متفرقة[54] أو عائلية[55] أو ملكية عمومية[56]. ويهيمن النموذجان الأول والثاني على أسواق رأس المال؛ فيسيطر على الشركة في النموذج الأول حاملُ أسهمٍ رئيسي، ما يطرح المشكل حول انتهازية هذا الحامل على حساب صغار حملة الأسهم[57]، مما يجعل المديرين تحت رحمة الحامل الرئيسي ويضطرهم للاستجابة لرغباته في خصوص التعيينات أو الصفقات وغيرها من القرارات؛ التي يتحكم فيها بحكم وزنه المالي. وهذا الحال يُعرِّضُ صغار المستثمرين أو هياكل الجمعية العامة الأقلية[58] للضرر ويعيقهم عن الرقابة الناجعة لتقصي مدى تسرب الفساد للشركة. وقد يحصل هذا؛ حتى في الشركات القابضة أو في تجمع الشركات أن تهيمن الشركة الأم ذات أغلبية رأس المال على الشركات الوليدة؛ فتتحكم فيها بحكم سيطرتها على القرار وتهيمن على إدارتها[59]؛ لذلك يتعين الحذر في مثل هذا النوع من الشركات والتركيز على توفير حماية أفضل لصغار المستثمرين. أمَّا في النموذج الثاني الذي يفتقر إلى مُسيطرٍ مهيمنٍ وتتوزع السلطةُ فيه على صغار الحملة فينصبُّ الاهتمام حول انتهازية مديري الشركة الذين قد يستغلون تشتت الملكية وتفرق حملة الأسهم لممارسة سيطرتهم الفعلية على الشركة. وفي هذه الحالات قد يقع استعمال نظام الرقابة القانوني بطريقة غير ناجعة، إذا لم يتوفر الوعي والحافزية من طرف المساهمين ذاتهم للحرص على مصالهم بأنفسهم. ويتعين على صغار حملة الأسهم إيجاد تحالفاتٍ وتوافقاتٍ فيما بينهم لتعزيز وزنهم داخل الجمعية العامة والمنافسة في اتخاذ القرار. وعليهم أيضًا التزام اليقظة والانتباه ورصد الخروقات الممكنة، وكل محاولات تواطؤ الشركاء أو الشريك المالك لأغلبية الأسهم مع المديرين؛ للوقوف ضدها وإن لزم الأمر التشكِّي إلى هيئةِ قطر للأسواق المالية لتتبع المخالفين أو مباشرة للقضاء. وعلى القضاء أن يلعب دورًا جديًا في التصدي للمساهمين في وضعية هيمنةٍ في صورة التعسف في استعمال الحق بما يضر بمصالح الشركة. وهذه النقائص جعلت المشرع لم يكتف بهذا المستوى من الرقابة الداخلية وكرَّس نوعًا آخرَ هو الرقابة الخارجية.

المبحث الثاني: دور هياكل الرقابة الخارجية المتنوعة في الحوكمة ومكافحة الفساد

أحاط المُشرِّع القطري شركةَ المساهمة العامة على وجه الخصوص بعنايةٍ فائقةٍ، وخصص لها هياكلَ رقابةٍ خارجيةٍ متنوعةٍ تحرسها من مخاطر الفساد الإداري والمالي. وهذه الهياكل تعتبر خارجيةً؛ لأنها ليست مالكة لرأس مال الشركة أو تابعة لها تعمل لديها وإنما هي هياكل مستقلة بذاتها ومحايدة، أوكل لها المشرع مهمة رقابية موضوعية؛ حتى يكون تقييمها لأداء ونشاط الشركة موسومًا بالجدية والحيادية والشفافية والمصداقية. وحرص المشرع كلَّ الحرص على تنويع الرقابة؛ لضمان أكبر قدر من الفعالية وتوزيعها على هياكل رقابة ذات طبيعة خاصة (المطلب الاول) وهياكل رقابة ذات طبيعة عامة (المطلب الثاني).

المطلب الأول: هياكل رقابة ذات طبيعة خاصة

أوكل المُشرِّع مهامَ الرقابة إلى هياكلَ ذات طبيعةٍ خاصةٍ -أي من القطاع الخاص- للاستفادة من الكفاءات المتخصصة المتوفرة في القطاع الخاص المعترف بها من طرف الدولة. وهذه الرقابة أوكلها المُشرِّع إلى مراقب الحسابات الخارجي الذي يلعب دورًا حيويًا في تعزيز الحوكمة في الشركة[60]؛ إذ يعتبر: "صفارة الإنذار العالية المسموعة"[61]. حيث إن الرقابة التي تمارسها الجمعية العامة للمساهمين قد تكون رقابةً غيرَ فعالةٍ؛ نظرًا لضخامة عدد المساهمين وانصرافهم عن حضور الجمعيات العامة، فضلًا عن أن مراجعة دفاتر الشركة وحساباتها تقتضي خبرةً فنيةً ومعرفةً تامةً بالمعايير الحسابية لا تتوافر في غالبية المساهمين[62]. هذه الخبرة الفنية المطلوبة يوفرها مراقب الحسابات؛ لذلك ألزم المشرع القطري صلب المادة 141 (ق.ش.ق.) كلَّ شركةٍ مساهمةٍ عامةٍ بتكليف مراقب لحساباتها[63]،مهما كان حجمها ودون أي استثناء أو قيود. وهذه الصبغة الإلزامية المطلقة تبين الحرص التشريعي على تكريس رقابةٍ خارجيةٍ محايدةٍ لحسابات الشركة؛ للتقصي عن أعراض فسادٍ محتملٍ بداخلها. وهي تُضاف للدور الرقابي الذي يقوم به محاسب الشركة أو الإدارة المالية، واللذان قد يفتقدا الحيادية بسبب تبعيتهما الوظيفية للرئيس المدير العام لمجلس الإدارة، وخضوعهما القانوني لتعليماته بمقتضى عقد العمل، وهو أيضًا صاحب النفوذ لتعيينهما أو عزلهما. وهذه الإلزامية دفعت المُشرِّع صلب المادة 147(ق.ش.ق.) إلى التمسك بوجود هذا الهيكل؛ حتى في صورة تعذر قيامه بالمهام الموكولة إليه لأي سببٍ كان، وإلزامه قبل الاعتذار عن القيام بالتدقيق أن يقدم تقريرًا كتابيًا للإدارة يبين فيه أسباب التعذر. كما ألزم المُشرِّعُ الإدارةَ بمعالجة هذه الأسباب مع مجلس الإدارة. وإن تعذَّر عليها ذلك، ألزمها المشرع بدعوة الجمعية العامة للانعقاد. بل ذهب المشرع إلى أبعد من ذلك بأن سلَّط صلب المادة 335 (ق.ش.ق.) في فقرتها الرابعة عقابًا جزائيًا على كل من منع مراقب الحسابات من الاطلاع على دفاتر ومستندات الشركة التي يكون له حق الاطلاع عليها، وكل من امتنع عن تقديم المعلومات والمستندات والإيضاحات التي يطلبها في هذا الشأن. إلَّا أنه جديرٌ بالملاحظة أن العقاب المُسلَّط وهو الغرامة التي لا تزيد عن خمسمائة ألف ريال يبقى -في نظرنا- ضعيفًا ولا يحقق الردع الكافي. والمطلوب -في نظرنا- مراجعة هذا العقاب سواء بالترفيع في قيمة الغرامة أو سواء باستبدال الغرامة بعقوبة السجن.

ومن الضروري الإشارة إلى أن حيادية واستقلال هذا الهيكل الرقابي على غايةٍ من الأهمية؛ خدمة؛ للغاية المرجوة من إحداثه. وقد أكد المُشرِّع على هذه الحيادية والاستقلالية بأن اشترط تعيينه من طرف الجمعية العامة وليس من طرف مجلس الإدارة؛ حتى لا تكون له أيةُ تبعيةٍ وخضوعٍ لهذا المجلس، وذلك لكي يتسنى له مراقبة أعماله بكل شفافية ويمكنه فضح كل الممارسات المشبوهة والفاسدة له -إن وُجدت- دون أيةِ ضغوطاتٍ. ونصت المادة 141 (ق.ش.ق.) على أن هذا التعيين يكون لمدة سنةٍ قابلة للتجديد لغاية خمس سنواتٍ إذا تأكدت مصداقيته. كما جاءت هذه المادة مؤكدة على استقلاليته عن مجلس الإدارة، وذلك من خلال التنصيص على المنع الصريح من تفويض مجلس الإدارة للقيام بمهمة تعيين واختيار هذا الهيكل الرقابي المستقل.

ولمزيد ضمان هذه الاستقلالية، وتجريده من كل تبعيةٍ للشركة باعتبارها حجر الزاوية في مكافحة الفساد داخلها، اشترطت المادة 143 (ق.ش.ق.) أن يكون مراقب الحسابات طرفًا خارجيًا عن الشركة، ومنعت عليه -بصورة قاطعةٍ- أن تكون له أيةُ صلةٍ بالشركة بوجهٍ عامٍ، وأن يكون مستقلًا عن الشركاء وعن الإدارة؛ حيث لا يمكنه أن يكونَ مؤسِّسًا أو عضوًا في مجلس إدارة الشركة أو أن يشتغل بأي عمل فني أو إداري أو استشاري فيها. كما لا يجوز له أن يكونَ شريكًا أو وكيلًا أو موظفًا لدى أحد مؤسسي الشركة أو أحد أعضاء مجلس إدارتها أو من ذوي قرباهم؛ حتى الدرجة الرابعة. وتدلُّ هذه الأحكام التي وردت في صيغة الجزم والحزم على تعاطي المُشرِّعِ بصرامةٍ مع مسألة انتقاء مراقب الحسابات؛ بناءً على قاعدة الاستقلالية المباشرة وغير المباشرة، لا سيما بفرض المُشرِّع جزاءَ بطلان تعيينه إن تم على خلاف الأحكام السابقة، وذلك صلب الفقرة الثانية من المادة 143(ق.ش.ق.). ولم يكتف المُشرِّع بذلك، بل أضاف شرطًا هامًا بالمادة 142 بأن فرض أن يكون اسمُه مقيدًا في سجل مراقبي الحسابات؛ وهذه ضمانة لثبوت كفاءته وخبرته في مجال اختصاصه، تعكس حرصًا مُضاعَفًا من المُشرِّع على أن تكون لمراقب الحسابات القدرةُ الفنية على مراقبة الشركة بصورةٍ جيدةٍ، وضمان عدم تسرب الفساد لحساباتها. وأسند المشرع لهذا الهيكل الخارجي المحايد مهامًا رقابيةً خطيرةً وحساسةً لحد أنه يمكنه أن يتحكم في مصير وجود أو غياب الفساد داخل الشركة. فهو إذن الحارس الرئيسي للشركة من الفساد المالي أساسًا؛ بمقتضى خصوصية مهامه المحاسبية واطِّلاعه على أسرار المعاملات المالية للشركة في أدق جزئياتها، وبفضل خبراته المهنية كمختصٍ في هذا المجال الدقيق. وقد أناط المشرع بعهدته بالمادة 145 (ق.ش.ق.) تدقيقَ حسابات الشركة طبقًا للقواعد الفنية وأصول المهنة، وفحص الميزانية وحساب الأرباح والخسائر ومراجعة الأنشطة المالية والإدارية للشركة وأنظمة المراقبة المالية بداخلها، والتأكِّد من ملاءمتها لحسن سير أعمال الشركة والمحافظة على أموالها، والتحقق من موجودات الشركة وقانونية التزاماتها والاطلاع على قرارات مجلس الإدارة وتعليماته، والتحقق من حسن تطبيق القانون والنظام الأساسي للشركة[64].

كما فرض المُشرِّع بمقتضى المادة 183 (ق.ش.ق.) على مجلس الإدارة في نهاية كلِ سنةٍ ماليةٍ عرضَ نتائجِ عملِه وتقاريره المالية على مراقب الحسابات قبل انعقاد الجمعية العامة بمدة شهرين على الأقل؛ حتى يتوفر لديه متسعٌ من الوقت للتدقيق في العمليات المالية للإدارة والتحقق من سلامتها وخلوها من كل فسادٍ مهما كان حجمه. وألزم المُشرِّعُ كذلك مجلسَ الإدارة بعرض التقارير المالية نصف السنوية عليه لمراجعتها، وذلك قبل نشرها في الصحف المحلية وعلى الموقع الإلكتروني للشركة -إن وُجد- طبقًا لمقتضيات المادة 184(ق.ش.ق.).

ولا يكفي أداء هذا الدور بل أوجب القانون على مراقب الحسابات التواصل مع مالكي الشركة وإعلامهم بوضعيتها المالية؛ لذلك فرضت المادةُ 145 (ق.ش.ق.) عليه إعدادَ تقريرٍ كتابيٍ عن مهامه يعرضه على الجمعية العامة للمساهمين. ويحتوي هذا التقرير -وجوبًا- طمأنة المساهمين بأن الشركة تمسك حسابات وسجلات منظمة وفقًا للقواعد المحاسبية المتعارف عليها عالميًا، وأن إجراءات التدقيق لحسابات الشركة والجرد تمت حسب الأصول المرعية، وأن البيانات المالية الواردة بتقرير مجلس الإدارة تتفق مع قيود الشركة وسجلاتها[65]. كما يجب أن يحتوي هذا التقرير بيانًا في المخالفات لأحكام القانون والنظام الأساسي للشركة ومظاهر الفساد فيها إن وجدت. ومكَّنت المادة 124 (ق.ش.ق.) في فقرتها الأولى مراقبَ الحسابات من الحق في أن يطلب من مجلس الإدارة دعوةَ الجمعية العامة للانعقاد، لا سيما في صورة اكتشافه لمخاطر تحدق بالشركة وتَفَطِّنِه إلى تسرُّب الفساد لأموالها. وإن لم يقم مجلس الإدارة بتوجيه الدعوة حسب طلب مراقب الحسابات خلال خمسة عشر يومًا، جاز لمراقب الحسابات توجيه الدعوة بصورةٍ مباشرةٍ بعد موافقة الإدارة التي لها البت في الطلب خلال خمسة عشر يومًا كذلك من تاريخ استلامه. والجدير بالملاحظة في هذا الموضع بالذات أن تحرير هذه الفقرة الأولى من المادة 124 بهذا الشكل قد يعطل كثيرًا المسار الرقابي؛ بسبب طول وثقل الإجراء المُتَّخذ الذي يمهل الإدارةَ وقتًا طويلًا لتعطيل التواصل بين مراقب الحسابات ومالكي الأسهم. والملاحظ أن المُشرِّع قد جرَّم التعطيل العمدي لدعوة الجمعية العامة أو لانعقادها من طرف أعضاء مجلس الإدارة صلب المادة 335 (ق.ش.ق.) في فقرتها الخامسة، إلا أن هذا التجريم لا يكفي لتحقيق الردع، ضرورة أن العقاب ضعيف وهو غرامة لا تزيد عن خمسمائة ألف ريالٍ إزاء الفائدة المتحصل عليها من جراء هذا التعطيل. وقد لا يتسنى انعقاد الجمعية العامة إلا بعد فوات الأوان واستشراء الفساد بعد إتمام المعاملات المشبوهة أو المرتابة. وكان من الممكن وضعُ حدٍ لذلك أو التوقي منه لو سمح المشرع لمراقب الحسابات توجيه الدعوة للجمعية العامة للانعقاد بصورة شخصية، دون الولاية عليه من طرف الإدارة وبدون التحصيل على موافقتها المسبقة وبطريقة فورية دون انتظار آجالٍ معينةٍ، وذلك في صورة وجود خطر محدق بالشركة. ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نقترح على المشرع إلزام مراقب الحسابات بواجب تحذير الجمعية العامة للشركاء في هذه الحالة. وعند إخلاله بهذا الواجب يُسلَّط عليه عقابٌ جزائيٌ في صورة تعمد عدم القيام بذلك وحصول أضرار للشركة. وكان من المُحبَّذ إلزام مراقب الحسابات بالتبليغ عن المخالفات التي يكتشفها أثناء تأدية مهامه إلى هيئة السوق المالية؛ تحسبًا من تواطؤ الأغلبية صاحبة القرار بالجمعية العامة مع مجلس الإدارة. كما أن سكوته عن التبليغ بتقصير منه أو قصدًا يجب أن يعرضه إلى العقاب[66].

وأعطى المشرع أهميةً بالغةً لتقرير مراقب الحسابات المعروض على الجمعية العامة باعتباره الأداة الرئيسية لتقييم وضعية الشركة، بأن فرضت المادة 148 (ق.ش.ق.) ضرورةَ تلاوته على مسامع أعضاء الجمعية العامة قبل مصادقتها على تقرير مجلس الإدارة. وإن رفضت هذه الجمعية الاستماع لهذا التقرير قرر المشرع صلب ذات المادة جزاء بطلان قرارها برمته.

وقد حتَّمت خطورة الوظيفة الرقابية لمراقب الحسابات داخل شركة المساهمة العامة على المُشرِّع القطري، فرضَ واجباتِ وأعمالٍ محظورةٍ على هذا الأخير وتحميله المسؤولية عندما يثبت عنه المكر أو التقصير[67]. ومن هذه الأعمال المحظورة ما ورد بالمادة 150 (ق.ش.ق.) أنه "يحظر عليه وموظفيه المضاربة بأسهم الشركة التي يدقق حساباتها سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة". كما أوجبت عليه المادة الموالية في فقرتها الأولى المحافظة على أسرار الشركة المتحصل عليها أثناء قيامه بمهامه والامتناع عن إفشاءها إلى المساهمين في غير الجمعية العامة أو إلى الغير. وعند مخالفة ذلك، كَّرس المُشرِّعُ القطري عقابًا تأديبيًا ضد مراقب الحسابات، يتمثل في مساءلته من طرف الجمعية العامة وإلزامية عزله. وحمَّلت المادةُ 149 (ق.ش.ق.) مراقبَ الحسابات المسؤوليةَ عن صحة البيانات الواردة في تقريره. ولكل مساهم أثناء عقد الجلسة الحقُ في مناقشة هذا التقرير واستيضاح ما جاء به منه. وفي جميع حالات المسؤولية المذكورة يسأل مراقب الحسابات على مقتضى المادة 151 (ق.ش.ق.) في فقرتها الثانية عن تعويض الضرر الذي لحق بالشركة أو بالمساهمين أو بالغير؛ بسبب خطئه في أداء عمله. ونصت المواد 144 و151 فقرة ثانية (ق.ش.ق.) على أن تكون هذه المسؤولية عن أعمال الرقابة تضامنية في صورة تعدُّد المراقبين واشتراكهم في الخطأ. وتتقادم دعوى هذه المسؤولية المدنية طبقًا للمادة 151 فقرة ثالثة (ق.ش.ق.) بعد مرور سنةٍ من تاريخ انعقاد الجمعية العامة التي تُلِيَ فيها تقريرُه. أمَّا دعوى المسؤولية الجنائية في صورة شكّل الفعل المنسوب إليه جريمة جنائية فتظل قائمةً طول مدة قيام الدعوى الجنائية[68].

ولا بد من الإشارة إلى أن دور مراقب الحسابات في مكافحة الفساد وحوكمة الشركة قد يكون محدودًا بسبب تعرضه لعوائق؛ حيث يقوم بمراجعة القوائم المالية التي تمده بها الشركة، ولا يملك وسيلة قاطعة تضمن صحتها وخلوها من التدليس أو عدم نقصها أو تستر الشركة عن وثائق هامة أو مسحها لمعطيات معلوماتية ضرورية أو غير ذلك. كما أن دوره مرتبطٌ بمدى تحلِّيه بالأمانة والمصداقية والكفاءة والمهنية والتزامه التلقائي بعدم الغش والتلاعب بالتقارير والقوائم المالية لمصلحة طرفٍ على حساب الآخر[69].

ويمتد حرص المُشرِّعِ القطري على الحوكمة ومكافحة الفساد داخل شركة المساهمة العامة بعيدًا؛ بأن وسّع في هياكل الرقابة من الخارج، فلم يكتف بهياكل رقابة خارجية من القطاع الخاص بل أحدث كذلك هياكل رقابية خارجية من القطاع العام؛ وذلك للتدليل على أهمية شركات المساهمة العامة في الاقتصاد الوطني وتوقيًا من تفشي مظاهر الفساد داخل السوق.

المطلب الثاني: هياكل رقابة ذات طبيعة عامة

بالإضافةِ إلى الهياكل الرقابية الخاصة، أسند المُشرِّع ُالقطري اختصاصًا رقابيًا لهياكلَ عامةٍ؛ حرصًا من الدولة على مكافحة الفساد بنفسها وأخذ زمام الأمور بين أيديها؛ حفاظا على النظام العام من خلال ما تحدثه من هياكل ترجع لها بالنظر. ومنح المشرع لهذه الهياكل العامة مجالَ تدخلٍ واسعٍ في الحوكمة ومكافحة الفساد يشمل جميع أنواع شركات المساهمة العامة الموجودة فوق إقليم دولة قطر، سواء ذات الملكية الخاصة أو العمومية ومهما كان نشاطها. وهذه الهياكل العمومية تمارس دورًا رقابيًا هامًا. فنجد من جهة الهياكل القضائية العامة بالدولة التي تعالج من ضمن اختصاصاتها المتعددة مسائل تتعلق بالفساد في غياب قضاءٍ مختصٍ في هذا المجال[70]. كما نجد من جهة أخرى هياكلَ رقابيةٍ إداريةٍ مُكلَّفةٍ بالسهر على مكافحة الفساد بشركات المساهمة العامة. بعضها أوكل لها المُشرِّعُ اختصاصًا محدودًا؛ حيث يقتصر مجال تدخلها على شركات المساهمة العامة ذات الملكية العمومية، أهمها هيئة الرقابة الإدارية والشفافية وديوان المحاسبة ومصرف قطر المركزي. أمَّا البعض الآخر فقد أسند لها المُشرِّعُ اختصاصًا واسعًا ؛حيث يشمل مجال تدخلها جميع شركات المساهمة العامة التابعة للقطاع العام أو الخاص، ومنها ما يلعب دورًا أقل أهمية في مكافحة الفساد في شركات المساهمة العامة، ولا يتسع مجال هذا البحث لدراستها، مثل مركز قطر للمال وبورصة قطر وجهاز قطر للاستثمار وشركة قطر القابضة والهيئة العامة للجمارك ووحدة المعلومات المالية لمكافحة غسيل الأموال واللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ومنها ما يلعب دورًا رئيسيًا في الحوكمة ومكافحة الفساد بهذه الشركات. ويدعونا هذا الدورُ الرئيسيُ إلى تسليط الضوء على هذه الهياكل، وهي من ناحيةٍ أولى وزارة التجارة والصناعة (الفرع الأول) ومن ناحيةٍ ثانيةٍ هيئة قطر للأسواق المالية (الفرع الثاني).

الفرع الأول: دور وزارة التجارة والصناعة في الحوكمة ومكافحة الفساد

منح المُشرِّعُ القطريُ وزارةَ التجارة صلاحياتٍ رقابيةً واسعةً على شركة المساهمة العامة، باعتبارها الجهة الرسمية المختصة في "الإشراف على النشاط التجاري والصناعي... والإشراف على مزاولة المهن التجارية... وتنظيم ومراقبة الأسواق"[71]. وتمارس هذه الصلاحيات الرقابية منذ مرحلة تأسيس الشركة وأثناء مرحلة التسيير؛ بغرض التصدي لجميع المخالفات المحتَملة. وبالنسبة للفترة التأسيسية، فقد خوَّلت المادة 71 (ق.ش.ق.) لوزارة التجارة مراقبةَ وثائق الشركة والاطلاع على دراسة الجدوى الاقتصادية لمشروعها، كما يجوز لها طلب تعديلات على عقد الشركة[72]. واشترطت المواد 66 و72 (ق.ش.ق.) ضرورة َصدورِ قرارٍ من وزير التجارة بالموافقة على التأسيس كمنطلق لبداية إجراءات إحداثها. ومن غير تلك الموافقة، لا يمكن لهذه الشركة أن ترى النور. ويُعتبر نظام الترخيص المسبق ضمانةً هامةً ضد الفساد، على عكس نظام حرية التأسيس الذي ألحق أضرارًا بالغةً بالادخار. وتكمن هذه الضمانة في الحَوْل دون تسرب الفساد إليها بتأسيس شركات صورية غير جديَّةٍ تسلب المدخرين أموالهم بقصد الاحتيال عليهم وابتزازهم[73]. ومن أجل تيسير الأمور، نصت المادة 19 (ق.ش.ق.) على أن وزير التجارة يحدد -بقرارٍ منه- كيفيةَ إنجازِ إجراءات التأسيس وإصدار التراخيص اللازمة لها، على نحوٍ يكفل إتمامها بسهولة ويسر بما في ذلك تمثيل جميع الجهات ذات الصلة في نظام النافذة الواحدة. وإن عناية وزارة التجارة بهذه المرحلة تهدف إلى ضمان حسن اختيار المشروع واستيفاء الشروط؛ حتى لا تغامر الشركة في نشاطٍ تجاريٍ غير مضمون ويقع تبديد أموال المساهمين والمدخرين. والحال أنه كان من الممكن تفادي ذلك من البداية بعدم الترخيص في خوض مغامرة خاسرةٍ، قد تستغل مطية لانتهاج ممارسات فاسدة ونهب الأموال بتعلِّة فشل المشروع.

وبالنسبة للفترة التسييرية، تتأكد الرقابة للتحقق من حسن تنفيذها للقانون والنظام الأساسي طبقًا لمقتضيات المادة 322 (ق.ش.ق.). وأحدثت المادة 328 (ق.ش.ق.) آليةَ رقابةٍ مباشرةٍ ولصيقةٍ للشركة، تتمثل في إلزامية حضور ممثلي وزارة التجارة ممن يتمتعون بصفة مأموري الضبط القضائي إلى جلسات الجمعية العامة للشركة، وإلزامهم بمتابعة جميع النقاشات ويتوجب عليهم تسجيل الوقائع في محضرٍ خاص؛ وذلك من أجل الوقاية من حصول ممارساتٍ فاسدةٍ محتملةٍ أو اتفاقاتٍ بين المساهمين تتعارض مع مصلحة الشركة، أو تمرير قراراتٍ مشبوهةٍ أو منحازةٍ بتواطؤ الأغلبية ضد الأقلية، أو غيرها من التصرفات غير السليمة التي من شأنها أن تُخلَّ بسير الشركة طبقًا لمبادئ حوكمة المؤسسات. كما يتسع الدور الرقابي لوزارة التجارة خلال هذه المرحلة إلى الحرص على متابعة المساهمين لما تقوم به الإدارة الفعلية والاطلاع المستمر على الوضعية المالية لشركتهم. وذلك من خلال تمكين المُشرِّع الإدارةَ المختصة بوزارة التجارة من الدعوة للاجتماع العادي الإجباري للجمعية العامة للمساهمين؛ لتنبيههم ولفت نظرهم إلى وجود إخلالاتٍ في سير الشركة، وذلك في الحالات الخطيرة التالية: إذا نقص عدد أعضاء مجلس الإدارة عن الحد القانوني، أو عند وقوع مخالفات للقانون أو لنظام الشركة، أو في صورة اكتشاف خللٍ جسيمٍ في الإدارة. وتؤكد هذه التدابير على سهر الوزارة على مصالح المستثمرين وتخوّفها على أموالهم.

وتتدخل وزارة التجارة كذلك كسلطةٍ تحقيقيةٍ وعقابيةٍ؛ للتصدي للمخالفات ومكافحة مظاهر الفساد الواقعة فعلًا أو في صورة وجود شبهة فساد. وقد خوَّلت المادة 330 (ق.ش.ق.) للمساهمين أن يطلبوا من وزير التجارة تفتيشَ الشركة. ومكَّنت المادة 331 (ق.ش.ق.) الوزيرَ من أن يأذن بتفتيش مقر الشركة وجميع بياناتها، وذلك بتعيين مراقب حسابات للقيام بهذه المهمة. ويتولى هذا الأخير رفعَ تقريرٍ للوزير في الأجل المحدد بعد إنهاء أعماله. وعلى ضوء هذا التقرير يتخذ وزير التجارة التدابيرَ اللازمة ويدعو الجمعية العامة، إذا تبين له من أعمال التفتيش المجراة صحة الادعاء المتعلق بشبهة الفساد طبقًا لمقتضيات المادة 332 (ق.ش.ق.). كما مكَّنت المادة 324 (ق.ش.ق.) وزارةَ التجارة -ممثَّلةً في إدارة مراقبة الشركات- من توقيع الجزاء الأدبي أو المالي على الشركة عند مخالفتها لأحكام هذا القانون[74]. ويمارس موظفو الوزارة المكلفون بضبط الجرائم بناءً على مقتضيات المواد 325 و326 و327 (ق.ش.ق.) دورَهم الرقابي ويحررون مذكرةَ ضبطِ أيِ جريمةٍ ارتكبها مسؤولو الشركة، ولهم - للغرض ذاته - صلاحياتٌ واسعةٌ داخل الشركة بما في ذلك صلاحيات فحص حساباتها.

من الملاحظ أن دور وزارة التجارة في الحوكمة ومكافحة الفساد في شركات المساهمة العامة كبيرٌ وهامٌ. ومكَّنها المُشرِّع من صلاحيات حقيقية متسعة؛ لكن يبقى السؤال مطروحًا بخصوص تفعيل هذا الدور على أرض الواقع، لا سيما وأن عدد موظفي الوزارة المختصين قليلٌ وممارسات الفساد المبتكرة في العصر الراهن لا حدود لها؛ ولذلك يجدر استعانة الوزارة بمراقبين من العموم من خلال تخصيص رقم هاتفي مجاني أو موقع للإفصاح عن الفساد يساعدهم على استكشاف مواطن الخلل وتسليط جهودهم على موضع الألم.

الفرع الثاني: دور هيئة قطر للأسواق المالية في الحوكمة ومكافحة الفساد

تختص "هيئة قطر للأسواق المالية"[75] -حسب لائحتها[76]- في مراقبة عمليات تداول الأوراق المالية، لا سيما من طرف شركات المساهمة المُدرَجةِ بالبورصة، بمعنى أن هذا يشمل جميع شركات المساهمة العامة بدون استثناء سواء المملوكة للخواص أو للدولة[77].

إن الرقابة التي تمارسها هذه الهيئة على شركات المساهمة العامة الُمدرَجة تمتد على كل ما يتعلق بأوراقها المالية سواء عند إصدارها أو عند تداولها. فبالنسبة للإصدار، فقد اشترط المُشرِّعُ القطري لصحة تأسيس كل شركة مساهمة عامة ضرورةَ إدراج أسهمها في السوق المالية خلال سنةٍ من تأسيسها، وإلا فإنها تتحول إلى شركة مساهمة خاصة. ويتحمل مؤسسوها في هذه الحالة مسؤوليةً تضامنيةً عن رسوم تحولها، وهو ما اقتضته المواد 94 و160 (ق.ش.ق.). وبالنسبة للتداول، تتولى الهيئة رقابة شروط الإدراج والتثبت من توفرها ولها صلاحية الترخيص في ذلك من عدمه، ولا يمكن لأيٍ كان طرح أوراقٍ ماليةٍ للجمهور في دولة قطر، إلا بعد الحصول على موافقة الهيئة قبل عملية الطرح[78]. كما اشترطت المادة 159 (ق.ش.ق.) أنه على الشركة -فور إدراج أسهمها- إيداع نسخةٍ من سجل جميع مساهمي الشركة لدى الهيئة، يتضمن أسماءهم وجنسياتهم ومواطنهم وما يمتلكوه من أسهم والقدر المدفوع من قيمتها؛ بهدف متابعة الهيئة شؤون هؤلاء المساهمين. وأكدت المادة 161 (ق.ش.ق.) أن انتقال ملكية أسهم الشركة المُدرَجة يخضع بدوره إلى ضوابط الهيئة. وتلتزم الشركة المدرجة أسهمها بتحيين البيانات وتصحيحها والإعلام بكل تغييرٍ يطرأ عليها. وهو ما تؤكده المادة 162 (ق.ش.ق.) التي تُلزِم الشركة بالتأشير بالرهن على سجلات الأسهم المودعة لدى الهيئة. كما تضيف المادة 163 (ق.ش.ق.) ضرورة التأشير أيضًا بما يفيد الحجر على أسهم المدين وأرباح هذه الأسهم ضمن البيانات الخاصة بقيد الأسهم في سجل المساهمين. وكل هذه العمليات تخضع لرقابة ومتابعة الهيئة. وأضافت المادة 10 من اللائحة المذكورة أسبقه أنه يتعين على شركات المساهمة العامة تزويد السوق ببيان حول ما يملكه رؤساء وأعضاء مجالس إدارتها والمدراء والعاملون، وكل تغييرٍ يطرأ على هذه الملكية. ويهدف تتبع ممتلكات مسؤولي الشركة إلى تقفي أثر أي فسادٍ ماليٍ ممكن؛ بتسليط رقابة حول إثراءهم غير المشروع واحتمال اختلاسهم أموال الشركة أو استغلالهم موقعهم داخلها لتحقيق منافع مادية لشخصهم على حسابها. وألزمت المادة 12 من نفس اللائحة الشركة ومراقبي حساباتها بموافاة السوق بكل المعلومات والوثائق التي يطلبها.

وتتمتع الهيئة -بوجهٍ عامٍ- بصلاحيات الترخيص في الإدراج من عدمه ومراقبة ومتابعة الشركات المساهمة العامة، المرخص لها في مدى التزامها بالمعايير الأخلاقية ومبادئ الحوكمة المعمول بها داخل السوق المالية لتحقيق الشفافية والوضوح والنزاهة. كما تهدف هذه الرقابة إلى التصدي لكل مظاهر الفساد الإداري أو المالي المحتملة، ومكافحة المعاملات المالية من الصفقات المشبوهة أو التصرفات الوهمية والمضلِّلة داخل السوق، التي قد تترصد بأموال المساهمين وتتلاعب بقيمتها نزولًا أو صعودًا بطريقة خبيثة لا تعكس قيمتها الحقيقية. فهي تساعد هذه الشركات وتسهل لها الحصول على راس مالٍ أو الترفيع فيه باعتبارها تشجع المستثمرين على الاستثمار في البورصة، وتزودهم بالمعلومات حول الأسهم التي تصدرها هذه الشركات. وفي صورة تقديم معلومات صلب نشرة الإصدار غير صحيحة أو غير دقيقة يمكن ملاحقة من قدمها جزائيًا[79]. وللهيئة القيام بعمليات التحقيق والتفتيش الدورية وغير الدورية بموجب إخطارٍ مسبقٍ أو مفاجئة على هذه الشركات. كما يشمل الدور الرقابي فحص تقارير نشاط الشركة وقوائمها المالية والميزانية وتقرير مراقب الحسابات وسجل المساهمين، وتعيين مدققِ حساباتٍ آخرَ إن لزم الأمر[80]. وكذلك التحقيق[81] في الشكاوى والمخالفات التي ترد عليها؛ للمحافظة على الاستقرار المالي داخل السوق الوطنية والنمو الاقتصادي. وتتمتع بصلاحياتٍ واسعةٍ في ذلك كالاطِّلاع على سجلات ووثائق وحسابات الشركة، وكمقابلة الموظفين وسماعهم وأيضًا حق الدخول إلى المواقع المعنية[82].

وتتولى الهيئة -بوجهٍ خاصٍ- في إطار اختصاصاتها الرقابية المباشرة على شركة المساهمة العامة المدرجة من أجل المحافظة على الشفافية والمساواة، حسب مقتضيات المادة 323 (ق.ش.ق.)، القيام لا سيما بما يلي: رقابة عمليات الاستحواذ والسيطرة، أو تغيير مستوى السيطرة على الشركة المرخصة بالزيادة أو النقصان من طرف شخص منفردًا أو بالاشتراك مع آخرين، بامتلاك أسهمٍ جديدةٍ تمكنه من ممارسةِ نفوذٍ ملحوظٍ على إدارة الشركة، وذلك باشتراط إخطارها بذلك من الشركة أو الشخص المعني وموافقتها على ذلك، مع صلاحيتها في إصدار قواعد تحدد مستويات ونوع السيطرة[83]. ولها اتخاذ عقوبات في صورة المخالفة لقراراتها، فيجوز لها أن تلغي ترخيص الشركة المرخصة أو تقرر تقييد ملكية الأسهم أو تقييد حقوق التصويت[84]. ومن المفيد التأكيد على أن هذه الرقابة هامةٌ جدًا لمكافحة الفساد؛ ضرورة أنها تحول دون تغول الشركاء ذوي الأغلبية وفرض نفوذهم على إدارة الشركة خدمةً لمصالحهم الخاصة. وهي رقابة تعدل من نقائص الرقابة الداخلية التي تمارسها الجمعية العامة في صورة ملكية تمركزية للأسهم. ويتعين الإشادة بالدور العقابي الذي تتمتع به الهيئة؛ ذلك أن اللائحة المذكورة مكَّنتها من سلطات محاسبة وفرض عقوبة أو التصالح مع المخالفين. وتتنوع العقوبات، فقد تتخذ شكلَ إنذارٍ أو لومٍ في صورةِ ضآلة المخالفات أو فرض عقوبات مالية بما يتناسب مع جسامة المخالفة، ويجوز لها نشر إعلان عن المخالفة، كما أن لها إصدارَ قرارِ منع الشركة من إبرام صفقات محددة أو مع أشخاص محددين أو منع شخص بها من أداء وظيفةٍ محددةٍ أو منع أو تعليق التداول في السوق[85]. كما تسلط عقوبات بالحبس لمدة لا تتجاوز ثلاثةَ أشهرٍ وغرامة لا تزيد عن خمسين ألف ريال أو بإحدى العقوبتين، على كل من قدَّم بياناتٍ غير صحيحةٍ بهدف التأثير على قرارات المستثمرين[86].

ومن البديهي أن نستنتج، من خلال هذه الاختصاصات، أن المُشرِّع القطري حرص على تمكين هيئةِ قطر للأسواق المالية من وسائلَ متعددةٍ ومن صلاحياتٍ واسعةٍ لمكافحة الفساد داخل هذا الشكل الهام من أشكال الشركات التجارية، سواء كان الفساد ماليًا أو إداريًا، وذلك بالوقوف حاجزًا ضد كل عمليات التحيل على المساهمين؛ من خلال منع بث نشرات اكتتابٍ غير صحيحةٍ ومن خلال التقييم الصادق والحقيقي للحصص العينية بدون مبالغة أو نقص. وكذلك بالتحقق من أن زيادة رأس المال تمت بصورةٍ تامةٍ وحقيقيةٍ وعدم إصدار أوراق مالية وهمية، أو من خلال إجراءات الإفصاح عن التقارير المالية وأوضاع الشركة ومراقبتها؛ للتحقق من خلوها من أي شائبة فساد. وهذا الحرص التشريعي يتأكد أكثر بتخصيص المُشرِّع هذه الهيئةِ صلب المادة 18 (ق.ش.ق.) بمهمة إصدار القرارات المنظمة لحوكمة شركة المساهمة العامة المدرجة في السوق المالية، في حين أوكل لوزير التجارة مهمةَ إصدار القرارات المُنظِّمة للحوكمة بالنسبة لشركة المساهمة الخاصة[87]. كما فرض المُشرِّع صلب نفس المادة على مجلس إدارة هذه الشركات تطبيق القرارات المنظمة للحوكمة المشار إليها، ومراعاة ألا تتضمن وثائق تأسيس هذه الشركات ما يتعارض مع تلك القرارات. وهو ما يتأكد من خلال قرار مجلس إدارة هيئة قطر للأسواق المالية رقم 5 لسنة 2012 المتعلق بإصدار نظامِ حوكمةِ الشركات والكيانات القانونية المدرجة في السوق الرئيسية[88]. وقد نصَّت المادة 2 منه أنه: "على جميع المُخاطَبين بأحكام النظام المرفق توفيق أوضاعهم وفقًا لأحكامه خلال ستة أشهرٍ من تاريخ العمل به".

ويكرِّس الدور الرقابي للهيئة آلياتِ مكافحة الفساد داخل شركة المساهمة العامة، من خلال التأكد من انضباط قيادة هذه الشركات إلى المبادئ المنبثقة عن تبني نظام الحوكمة وهي الآتية: مبدأ الشفافية ومبدأ تحمُّل المسؤولية والمحاسبة ومبدأ المساواة والعدالة[89]. وبالرغم من أهمية هذا الدور، لا تفوتنا ملاحظة وجود نقائص، تتعلق بمرحلة ما قبل تدخلها؛ أي مرحلة التفطن أو استكشاف أثر فساد؛ حيث كلّف المشرع القطري هيكل آخر وهو شركة قطر للإيداع المركزي للأوراق المالية[90] للسهر على ترصّد وكشف أيِّ تصرفاتٍ تنم عن فساد لدى الكيانات العضوة بهذه الشركة لفائدة هيئة قطر للأسواق المالية. ونصت المادة 3 من قواعد التعامل لهذه الشركة[91] أن العضوية بها إلزامية لكل جهة إصدار أوراق مالية في السوق المالية؛ إذ تشمل عضويتها جميع شركات المساهمة العامة القطرية بدون استثناءٍ. ويحق لها إجراء التحقيقات في مقر شركة المساهمة العامة المرسمة لديها في خصوص المخالفات المنسوبة إليها (مادة 34 و95 من قواعد التعامل المذكورة) بشكلٍ عامٍ، والتي قد تستبطن عمليات فساد ثم إرسال تقارير دورية إلى الهيئة بشأن مراقبة التزام الأعضاء بقواعد التعامل (مادة 95). والجدير بالملاحظة من جهةٍ أولى أن المُشرِّعَ منح هذه الشركة اختصاصًا ثانويًا، وليس رئيسيًا يتعلق بالتحقيق وإعداد التقارير وتلقي الشكاوى. ويلاحظ من جهةٍ ثانيةٍ أنه لم يلزمها بالقيام وجوبًا بهذه المهام؛ وإنما جعل لها إمكانية القيام بذلك أو عدم القيام به، وهذا نقصٌ من شأنه أن يعدم دورها في المساعدة على مكافحة الفساد. وفي غياب دورها الاستكشافي للفساد يصبح كذلك دورُ الهيئة ضعيفًا ومساهمتها في مكافحة الفساد محدودةً. والأجدر بالمُشرِّع القطري أن يُلزِمَ هذه الشركةَ بواجب التحقيق والتقفي لآثار الفساد بالشركات العضوة بها، وواجب كشف وإعلام الهيئة بذلك على الفور؛ ضمانًا لفعالية عمل الهيكلين.

الخاتمة والتّوصيات

لقد حققت دولة قطر خطىً عملاقةً في مكافحة الفساد بوَّأتها مرتبةً متقدمةً دوليًا. وتلعب هياكل الحوكمة ومكافحة الفساد في شركات المساهمة العامة ذات الملكية المذكورة بهذا البحث دورًا هامًا يستحق الإشادة؛ لكن ذلك لا يحجب وجودَ نقائصٍ وثغراتٍ تم تبيانها خلال التحليل السابق. ويبقى هذا الدور في حاجةٍ لمزيد التطوير بمعالجة الهنات الموجودة. وستسمح هذه المعالجة بمزيد تحفيزِ الاستثمار ودفع عجلة التنمية من خلال طمأنة المستثمر المحلي والأجنبي وكسب ثقته؛ ليضخ أمواله في بيئةٍ صحيةٍ معافاةٍ من وباء الفساد. كما يؤهل دولةَ قطر مستقبلًا لأن تحتل مراتبَ أفضلَ في مكافحة الفساد على الصعيد العالمي.

ولتحقيق خطوات إضافية في هذا الاتجاه، من الممكن الاستفادة من التوصيات التالية:

1-   إعادة النظر في نصوص قانون الشركات التجارية القطري بخصوص إحداث لجان مراجعةٍ داخليةٍ منبثقةٍ عن مجلس الإدارة، وفي خصوص الضوابط القانونية للاجتماعات بالترفيع في عدد الاجتماعات الإجبارية للجمعية العامة للمساهمين، وبالتقليص في آجال الدعوة لاجتماع واعتماد الاجتماعات الرقمية أو عن بعد، وبخصوص ترفيع عقوبة منع مراقب الحسابات من الاطلاع على وثائق الشركة أو التعطيل العمدي لدعوة الجمعية العامة للانعقاد من طرف أعضاء مجلس الإدارة موضوع المادة 335 (ق.ش.ق.) وأيضًا في خصوص تخفيف إجراءات دعوة مراقب الحسابات للجمعية العامة للانعقاد موضوع المادة 124 (ق.ش.ق.) وتمكينه من توجيه الدعوة إليها مباشرة دون ولايةٍ عليه من مجلس الإدارة. كما يُحبَّذُ إلزامه بواجب إخطارٍ فوريٍ للجمعية العامة عند وجود خطر محدق بالشركة. كما يقترح إلزامه بالتبليغ عن المخالفات لهيئة السوق المالية؛ تحسبًا من تواطؤ الأغلبية بالجمعية العامة مع مجلس الإدارة. ويتعرض عند السكوت أو الإخلال بهذا الواجب إلى عقاب جزائي.

2-   تفعيل دور هيئة قطر للأسواق المالية من خلال تدارك نقائص آلية اكتشاف آثار الفساد، وذلك بإلزام شركة قطر للإيداع المركزي للأوراق المالية بواجب التحقيق حول الفساد للشركات العضوة بها وواجب إعلام الهيئة بذلك على الفور.

3-   الحرص على مزيد مراقبة تفعيل مبادئ الحوكمة من طرف شركات المساهمة العامة بالمتابعة المستمرة، والفجائية لها عبر مرصد المراقبة الميدانية. "فمؤشرات مستوى الحوكمة هي الدافع لجذب الاستثمار الأجنبي"[92].

4-   نشر الوعي الاجتماعي بمخاطر الفساد و"ضرورة تعزيز ثقافة نبذ الفساد"[93]عن طريق تنظيم حملات توعوية وبرامج ثقافية وتربوية وإقامة مؤتمرات ومسابقات وإصدار نشريات وغيرها. وأيضا تشجيع أفراد المجتمع من داخل أو خارج الشركة والتي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة مع شركات المساهمة العامة، على إبلاغ السلطات الوطنية المعنية عن كل عمل فسادٍ يشتبه في وقوعه، وكل معلوماتٍ تمثل قرائنَ جديةٍ أو تبعث على الاعتقاد جديًا بوجود أعمال فساد بهذه الشركات، وذلك عبر إحداث هيكل ٍأو جهازٍ للتقصي والوقاية أو خلق بوابة أو تطبيقات ذكية، أو قناة تواصلٍ جماهيريٍ متخصصةٍ في هذا الموضوع، على ذمة العموم قد تكون موقع إلكتروني أو رقم هاتف مجاني أو غيرها من وسائل الاتصال المضمونة. كما يحبذ منع معارضتها بالسر المهني أو واجب التحفظ في مثل هذه المسائل الحارقة. ويتبع ذلك عدم مؤاخذة المؤتمَنين على هذه الأسرار من اجل إفشائها لمثل هذه الغايات. وبطبيعة الحال الاحتفاظ بسرية المصدر وعدم الكشف عن هوية المبلِّغين عن الفساد[94]؛ توقيًا من تعرضهم الضغط أو مختلف أشكال الانتقام أو التمييز التي قد تسلط عليهم، كالمضايقات أو العقوبات المقنّعة أو أي إجراءٍ تعسفيٍ، مثل الإجراءات التأديبية كالعزل أو الإعفاء أو رفض الترقية أو رفض طلب النقل أو النقل التعسفية أو الاعتداء الجسدي أو المعنوي أو التهديد بهما، والذي يثسلَّط ضد المُبلِّغ أو ضد كلِّ شخصٍ وثيق الصلة به. وكذلك توفير حمايةٍ لهم من رؤسائهم ومديريهم في العمل؛ حتى لا يُجبروا إما على الصمت تجاه التجاوزات المالية أو الإدارية أو حتى الأخلاقية وجرائم نهب أموال الشركة التي يتكشفون عليها، بمقتضى عملهم داخل الشركات وإلمامهم بتفاصيل النشاط اليومي لمسيريها حسب مواقعهم المختلفة، أو تعريض حياتهم ومسارهم المهني للخطر جراء عملية التبليغ. في غياب الحماية قد يُفضِّلُ البعضُ اللامبالاةَ والصمتَ التي تمهد الأرضية للفساد لينمو. وهذا ما أكدته السيدة Delia Feerreira RUBIO رئيسة منظمة الشفافية الدولية بتصريحها أن: Peoples indifference is the best breeding ground for corruption to grow[95]. وبذلك تصبح الهياكل الوطنية لا تعمل لوحدها، بل تنتفع من تعدد الأطراف حينما تلتحم بالجمهور الذي يحتك احتكاكًا مباشرًا بشركات المساهمة العامة فتستفيد منه عبر تقصي حقيقة المعاملات المسترابة التي تقع داخل السوق، والتي قد تبقى محجوبةً عن أنظارها لولا تفطن مكونات المجتمع لها.

5-   إن عمل الهياكل القطرية الوطنية المهتمة بمكافحة الفساد في شركات المساهمة العامة لا يكون فعَّالًا بصورةٍ كاملةٍ؛ إذا كان منعزلًا ومنفصلًا عن بقية الهياكل المشابهة في الدول الأخرى، لا سيما وأن العالم المعاصر أصبح قريةً صغيرةً مترابطةٌ دوله. ومن المُجدِي نفعًا التنسيق مع هذه الهياكل واستعانتها بنظيراتها بالبلدان الأجنبية المرتبطة معها باتفاقيات تعاون وتطوير نظام إلكتروني للربط بينها ؛لتسهيل تبادل المعلومات المالية بما يكفل الإنذار المبكر بالجرائم المعنية بهذا المجال تفاديًا لارتكابها، وذلك من خلال التعاون القضائي أو المساعدة القانونية المتبادَلة في تحقيقاتٍ وملاحقاتٍ متصلةٍ بجرائمِ فسادٍ، ارتكبها شركاء بشركات مساهمة عامة ممن لديهم أموالٌ بالخارج أو مصدرها متأتٍ من الخارج تشوبها شوائب وشبهات فساد أو تبييض، وكذلك الشركاء الأجانب ذوي الشبهات والذين يحوِّلون أموالهم لاستثمارها في دول أخرى باقتناء أسهمٍ في شركات مساهمة عامةٍ من أجل تبييضها، أو ارتكبها مديرون لهذه الشركات أو أصحاب مسؤوليات بها أو غير ذلك من الحالات المرتبطة بأكثر من إقليم دولة واحدة وتعبق منها رائحة الفساد.

6-   إحداث محكمةٍ مختصةٍ بمكافحة الفساد دون سواه، متكوِّنة من قضاةٍ محترفين مختصين في هذا المجال ولديهم تجربة عميقة في مكافحة الفساد. فالتخصص يسمح بمعالجة هذه الظواهر المَرَضية بطريقةٍ أكثرَ حرفيةٍ وفاعليةٍ. هذا بالإضافة إلى دقةِ وسرعةِ البتِّ في الملفات. والملاحظ أن بعض الدول التي واجهت ظواهر مَرَضيةٍ خطيرةٍ ضربت بمجتمعاتها قد استحدثت محاكم مختصة لمكافحتها. وفي هذا الصدد جدير بالفائدة ذكر تجربة الدولة التونسية التي أحدثت القطب القضائي لمكافحة الإرهاب كمحكمةٍ مختصةٍ بالنظر في القضايا الإرهابية بمقتضى القانون عدد 26 لسنة 2015[96].

7-   إلزام الهياكل الإدارية بشركة المساهمة العامة، كرئيس مجلس إدارتها في بداية ونهاية تقلده لمهامها بالتصريح بممتلكات الشركة ومكاسبها ومكاسب قرينها أو قرينتها[97]؛ تحسبًا لتسرب الفساد إليها بتحصيل فائدةٍ لها أو من يواليها أو الاختلاس أو تضارب مصالح أو الإثراء غير المشروع أو مطامع أخرى انساقت إليها بسبب مغريات موقعها.


 

المراجع

أولًا: العربية

أحمد، عبد الفضيل محمد. الشركات. ط1، دار الفكر والقانون، المنصورة، 2011.

التميمي، ناظم والبغدادي، شاكر صالح. "دور مراقب الحسابات في تعزيز الإفصاح بالتقارير المالية في ظل حوكمة الشركات". مجلة الدراسات المحاسبية والمالية، المعهد العالي للدراسات المحاسبية والمالية بغداد، مج1، ع9، (2009).

خان، فضيل وشعيب محمد توفيق. "الفساد المالي والإداري: المفهوم والأسباب والاثار وسبل العلاج"، مجلة الحقوق والحريات،مج 2، ع4، (2016).

الخفاف، هيثم هاشم. استراتيجيات حوكمة الشركات في مكافحة مظاهر الفساد الإداري. أبريل 2011، https://hunaana.files.wordpress.com/2020، تاريخ الزيارة: 10/7/2021.

زعيش، محمد وخياري، زهية. "واقع تطبيق مبادئ ميثاق حوكمة الشركات في الجزائر". مجلة جامعة القدس المفتوحة للبحوث الإدارية والاقتصادية، جامعة القدس المفتوحة، مج4، ع11، (حزيران 2019).

سليمان، محمد مصطفى. دور حوكمة الشركات في معالجة الفساد المالي والإداري: دراسة مقارنة. ط1، الدار الجامعية، الإسكندرية، 2009.

الشاذلي، ياسين. الوجيز في قانون الشركات القطري الجديد رقم 11 لسنة 2015. ط1، لكسس نكسس، الدوحة، 2017.

طه، مصطفى كمال. الشركات التجارية. ط1، مكتبة الوفاء القانونية، الإسكندرية، 2009.

عبابنه، محمود محمد. "ظاهرة فساد شركات المساهمة العامة". مجلة الحقوق، جامعة الكويت، مج40، ع2، (يونيو 2016).

العريني، محمد فريد. الشركات التجارية المشروع التجاري الجماعي، بين وحدة الإطار القانوني وتعدد الأشكال. ط1، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2009.

العكيلي، عزيز. الوسيط في الشركات التجارية: دراسة فقهية قضائية مقارنة. ط1، دار الثقافة، عمان، 2007.

غرياني، معتصم بالله. حوكمة شركات المساهمة دراسة في الاسس الاقتصادية والقانونية. ط1، دار الجامعة الجديدة، مصر، 2008.

فتحي، حسين وملحم، باسم. شرح قانون الشركات القطري وفقا لأحكام القانون رقم 11 لسنة (2015). ط1، كلية الشرطة، الدوحة، 2017.

قاسم، على سيد. مراقب الحسابات: دراسة قانونية مقارنة لدور مراقب الحسابات في شركة المساهمة. ط1، دار الفكر العربي للطباعة والنشر، القاهرة، 1991.

المجالي، أحمد. "المسؤولية الجزائية لمراجع الحسابات في شركة المساهمة العامة". المجلة العربية للدراسات الأمنية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالسعودية، مج3، ع72، (2018).

المحمدي، مودة سامي. "دور حوكمة الشركات في مكافحة الفساد في شركات المساهمة العامة في المملكة العربية السعودية". مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية والقانونية، المركز القومي للبحوث غزة، مج05، ع06، (مارس 2021).

ملحم، باسم محمد والطراونة بسام حمد. شرح قانون الشركات التجارية القطري الجديد رقم 11 لسنة 2015. ط1، مطابع قطر الوطنية، الدوحة، 2016.

يوسف، أمير فرج. الحوكمة ومكافحة الفساد. ط1، مكتبة الوفاء القانونية، الإسكندرية، 2011.

ثانيًا: الأجنبية

References:

Aḥmad, ʻAbd al-Faḍīl Muḥammad. al-sharikāt. (in Arabic), Ṭ1, Dār al-Fikr wa-al-qānūn, al-Manṣūrah, 2011.

Al-ʻArīnī, Muḥammad Farīd. al-sharikāt al-Tijārīyah al-mashrūʻ al-tijārī al-jamāʻī, bayna Waḥdat al-iṭār al-qānūnī wa-taʻaddud al-ashkāl. (in Arabic), 1st ed., Dār al-Jāmiʻah al-Jadīdah lil-Nashr, al-Iskandarīyah, 2009.

Al-Khaffāf, Haytham Hāshim. Istirātījīyāt Ḥawkamat al-sharikāt fī Mukāfaḥat maẓāhir al-fasād al-idārī. (in Arabic), Afrīl 2011, https://hunaana.files.wordpress.com/2020, Tārīkh al-ziyārah: 10/7/2021.

Al-Majālī, Aḥmad. "al-Masʼūlīyah al-jazāʼīyah lmrājʻ al-Ḥisābāt fī Sharikat al-musāhamah al-ʻĀmmah". (in Arabic), al-Majallah al-ʻArabīyah lil-Dirāsāt al-Amnīyah, Jāmiʻat Nāyif al-ʻArabīyah lil-ʻUlūm al-Amnīyah bi-al-Saʻūdīyah, Vol. 3, No. 72, 2018.

Al-Muḥammadī, Mawaddah Sāmī. "Dawr Ḥawkamat al-sharikāt fī Mukāfaḥat al-fasād fī sharikāt al-musāhamah al-ʻĀmmah fī al-Mamlakah al-ʻArabīyah al-Saʻūdīyah". (in Arabic), Majallat al-ʻUlūm al-iqtiṣādīyah wa-al-idārīyah wa-al-qānūnīyah, al-Markaz al-Qawmī lil-Buḥūth Ghazzah, Vol. 5, No. 6, Mārs 2021.

Al-Shādhilī, Yāsīn. al-Wajīz fī Qānūn al-sharikāt al-Qaṭarī al-jadīd raqm 11 li-sanat 2015. (in Arabic), 1st ed., lkss nkss, al-Dawḥah, 2017.

Al-Tamīmī, Nāẓim, wa-al-Baghdādī, Shākir Ṣāliḥ. "Dawr murāqib al-Ḥisābāt fī taʻzīz al-Ifṣāḥ bāltqāryr al-mālīyah fī ẓill Ḥawkamat al-sharikāt". (in Arabic), Majallat al-Dirāsāt al-muḥāsabīyah wa-al-mālīyah, al-Maʻhad al-ʻĀlī lil-Dirāsāt al-muḥāsabīyah wa-al-mālīyah Baghdād, Vol. 1, No. 9, 2009.

Al-ʻUkaylī, ʻAzīz. al-Wasīṭ fī al-sharikāt al-Tijārīyah: dirāsah fiqhīyah qaḍāʼīyah muqāranah. (in Arabic), 1st ed., Dār al-Thaqāfah, ʻAmmān, 2007.

ʻBābneh, Maḥmūd Muḥammad. "Ẓāhirat fasād sharikāt al-musāhamah al-ʻĀmmah". (in Arabic), Majallat al-Ḥuqūq, Jāmiʻat al-Kuwayt, Vol. 40, No. 2, Yūniyū 2016.

Fatḥī, Ḥusayn, wa Mlḥm, Bāsim. Sharḥ Qānūn al-sharikāt al-Qaṭarī wafqan li-aḥkām al-qānūn raqm 11 li-sanat 2015. (in Arabic), 1st ed., Kullīyat al-Shurṭah, al-Dawḥah, 2017.

Ghiryānī, Muʻtaṣim billāh. Ḥawkamat sharikāt al-musāhamah dirāsah fī al-Usus al-iqtiṣādīyah wa-al-qānūnīyah. (in Arabic), 1st ed., Dār al-Jāmiʻah al-Jadīdah, Miṣr, 2008.

Khān, Faḍīl wa shuʻyb Muḥammad Tawfīq. "al-fasād al-mālī wa-al-idārī : al-mafhūm wa-al-asbāb wa-al-āthār wa-subul al-ʻilāj". (in Arabic), Majallat al-Ḥuqūq wa-al-ḥurrīyāt, Vol. 2, No. 4, 2016.

Mulḥim, Bāsim Muḥammad, wālṭrāwnh, Bassām Ḥamad. Sharḥ Qānūn al-sharikāt al-Tijārīyah al-Qaṭarī al-jadīd raqm 11 li-sanat 2015. (in Arabic), 1st ed., Maṭābiʻ Qaṭar al-Waṭanīyah, al-Dawḥah, 2016.

Mzoughi, Chaker. "Le Contrôle des Marchés Financiers en Droit Qatarien: Articulations externes et synergie interne". (in Arabic), International Review of Law, Qatar University, Vol. 9, Issue 1, 2020.

Qāsim, ʻalá Sayyid. Murāqib al-Ḥisābāt: dirāsah qānūnīyah muqāranah li-dawr murāqib al-Ḥisābāt fī Sharikat al-musāhamah. (in Arabic), 1st ed., Dār al-Fikr al-ʻArabī lil-Ṭibāʻah wa-al-Nashr, al-Qāhirah, 1991.

Sulaymān, Muḥammad Muṣṭafá. Dawr Ḥawkamat al-sharikāt fī Muʻālajat al-fasād al-mālī wa-al-idārī: dirāsah muqāranah. (in Arabic), 1st ed., al-Dār al-Jāmiʻīyah, al-Iskandarīyah, 2009.

Ṭāhā, Muṣṭafá Kamāl. al-sharikāt al-Tijārīyah. (in Arabic), 1st ed., Maktabat al-Wafāʼ al-qānūnīyah, al-Iskandarīyah, 2009.

Yūsuf, Amīr Faraj. al-Ḥawkamah wa-mukāfaḥat al-fasād. (in Arabic), 1st ed., Maktabat al-Wafāʼ al-qānūnīyah, al-Iskandarīyah, 2011.

Zʻysh, Muḥammad, wkhyāry, Zahīyah. "wāqiʻ taṭbīq Mabādiʼ Mīthāq Ḥawkamat al-sharikāt fī al-Jazāʼir". (in Arabic), Majallat Jāmiʻat al-Quds al-Maftūḥah lil-Buḥūth al-Idārīyah wa-al-iqtiṣādīyah, Jāmiʻat al-Quds al-Maftūḥah, Vol. 4, No. 11, Ḥazīrān 2019.

 



[1] تختلف عن شركة المساهمة الخاصة في كونها أضخم حجمًا منها؛ لأن الأخيرة محمدودة النطاق؛ ولكونها لا تطرح أسهمها للاكتتاب العام حسب المادة 205 من قانون الشركات التجارية القطري رقم 11 لسنة 2015 المؤرخ في 16/6/2015.

[2] مصطفى كمال طه، الشركات التجارية، مكتبة الوفاء القانونية، الإسكندرية، 2009، ص161؛ محمد فريد العريني، الشركات التجارية، المشروع التجاري الجماعي بين وحدة الإطار القانوني وتعدد الأشكال، ط1، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2009، ص155.

[3] حيث لا يقل رأس مالها عن عشرة ملايين ريال قطري على معنى حسب الفصل 65 من القانون القطري رقم 11 لسنة 2015 المتعلق بإصدار قانون الشركات التجارية المؤرخ في 16/6/2015، و المشار إليه في هذا البحث بـ (ق.ش.ق.).

[4] حيث يكون العدد الأقصى لمساهميها غير محدودٍ؛ أما عددهم الأدنى فلا يقل مبدئيًا عن خمسة (المادة 68) ما عدا في صورة اشتراك الدولة أو تفرعاتها في رأسمالها حسب المادة 69 من قانون الشركات القطري المذكور أسبقه.

[5] حول الأصل التاريخي لها، انظر: العريني، ص155؛ ياسين الشاذلي، الوجيز في قانون الشركات القطري الجديد رقم 11 لسنة 2015، ط1، لكسس نكسس، الدوحة، 2017، ص368.

[6] المادة 62 من قانون الشركات القطري المذكور.

[7] لمزيد التفاصيل حول هذه المسائل انظر المطلب الثاني من المبحث الأول في هذا البحث، وراجع أيضًا: أمير فرج يوسف، الحوكمة ومكافحة الفساد، مكتبة الوفاء القانونية، الإسكندرية، ط 1، 2011، ص24 وما بعدها.

[8] يوسف، ص3.

[9] يوسف، ص99 وما بعدها. يميز الكاتب بين الفساد الصغير Minor Corruption الذي يهم المعاملات اليومية الصغيرة ويقوم به صغار المسؤولين، والفساد الكبير Gross Corruption الذي يرتبط بقضايا أكبر، كالصفقات الكبرى ومنح الامتيازات ويقوم به كبار المسؤولين.

[10] مثل تزوير الفواتير، انتهاك الأنظمة الداخلية، إنشاء مشاريع وهمية، تقاضي عمولات، التلاعب بشروط العقود، التلاعب بمحتوى ملفات، التلاعب بالأختام، بيع الوظائف والترقيات والامتيازات، التدخلات لدى السلطة، التزوير في الضرائب، استعمال وسائل وأجهزة الشركة للأغراض الشخصية...، هيثم هاشم الخفاف، استراتيجيات حوكمة الشركات في مكافحة مظاهر الفساد الإداري، أبريل 2011، ص6، على الرابط: https://hunaana.files.wordpress.com/2020، استرجع بتاريخ: 15/8/2021.

[11] وهذا ما أكدته ديباجة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، (الأمم المتحدة، نيويورك 2004، مؤرخة في 31/10/2003، مصادق عليها بقطر بالمرسوم رقم (17) لسنة 2007 المؤرخ في 19/4/2007، ونصها متوفر على الموقع: www.unodc.org، (استرجع بتاريخ: 10/3/2021)، بالتنصيص بالصفحة 5 على وجود: "صلات قائمة بين الفساد وسائر أشكال الجريمة، وخصوصا الجريمة المنظمة والجريمة الاقتصادية، بما فيها غسل الأموال".

[12] ويتمثل في الانحرافات بأموال الشركة عن غرضها الأصلي ومخالفة قواعد وأجهزة الرقابة المحاسبية والمحاباة والمحسوبية في التعينات والاختلاس وكذلك الرشاوي.

[13] ويتمثل في الانحرافات الإدارية والمهنية الصادرة أثناء تأدية العمل مثل عدم احترام أوقات ومواعيد العمل والحضور والانصراف أو تمضية الوقت في مشاغل غير العمل أو الامتناع عن العمل والتراخي والتكاسل وعدم تحمل المسؤولية وإفشاء الأسرار. فضيل خان ومحمد توفيق شعيب، "الفساد المالي والإداري: المفهوم والأسباب والأثار وسبل العلاج"، مجلة الحقوق والحريات،مج 2، ع4 (2016)، ص393.

[14] ويتمثل في انحرافات سلوكية يقدم عليها العاملون أو المسؤولون في الشركة كإتيان تصرفات تخل بالحياء والأداب العامة أو الاعتداء على شرف الغير في مكان العمل أو الجمع بين العمل ونشاط آخر دون إذن المؤجر أو استغلال العمل لتحقيق مآرب شخصية أو يمارس المحسوبية والمحاباة دون اعتبار الكفاءة.

[15] اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، الديباجة، ص5.

[16] الخفاف، ص3.

[17] للاطلاع على النشأة والتطور التاريخي لمفهوم حوكمة الشركات، انظر: محمد مصطفى سليمان، دور حوكمة الشركات في معالجة الفساد المالي والإداري- دراسة مقارنة، الدار الجامعية، الإسكندرية، 2009، ص15. معتصم بالله غرياني، حوكمة شركات المساهمة دراسة في الأسس الاقتصادية والقانونية، ط1، دار الجامعة الجديدة، مصر، 2008، ص7.

[18] محمود محمد عبابنه، "ظاهرة فساد شركات المساهمة العامة"، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، مج40، ع02، (يونيو 2016)، ص374.

[19] سليمان، ص47 وما بعدها. محمد زعيش وزهية خياري، "واقع تطبيق مبادئ ميثاق حوكمة الشركات في الجزائر"، مجلة جامعة القدس المفتوحة للبحوث الإدارية والاقتصادية، جامعة القدس المفتوحة، مج04، ع11، حزيران 2019، ص68.

[20] الخفاف، ص8.

[21] اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، الديباجة، ص6.

[22] من بينها اتفاقية البلدان الأمريكية لمكافحة الفساد (1996)، واتفاقية مكافحة الفساد بين موظفي الجماعات الأوروبية أو موظفي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (1997)، واتفاقية الاتحاد الإفريقي لمنع الفساد ومحاربته (2003). انظر: اتفاقية الأمم المتحدة، ص6.

[23] هناك هياكل دولية لمكافحة الفساد مثل لجنة منع الجريمة والعدالة الجنائية ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة من أعمال في ميدان منع الفساد ومكافحته، وغيرها. انظر: اتفاقية الأمم المتحدة، ص7.

[24] من ذلك دليل قواعد ومعايير حوكمة الشركات بجمهورية مصر العربية، وميثاق الحكم الراشد للمؤسسة بالجزائر لسنة 2009. زعيش وخياري، ص67؛ سليمان، ص87 وما بعدها. تناول الكاتب عرض تجارب بعض الدول حول تطبيق مفهوم الحوكمة مثل: المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، فرنسا، روسيا، البرازيل.

[25] جاء في نتائج مؤشر مدركات الفساد لسنة 2021 لمنظمة الشفافية الدولية المؤسس على بياناتٍ صادرةٍ عن منظماتٍ دوليةٍ مرموقةٍ: أن دولة قطر تتبوأ المرتبة 31 عالميًا؛ حيث حققت 63 نقطة على المؤشر )موقع: www.transparency.org) (تاريخ الزيارة: 28/8/2022). وتعتبر بذلك ضمن الدول المتقدمة أداءً في مكافحة الفساد، في حين أن أكثر من ثلثي بلدان العالم تقل عن 50 نقطة.

[26] القانون رقم 11 لسنة 2015.

[27] مقرر هيئة قطر للأسواق المالية رقم 05 لسنة 2016.

[28] دخلت حيز النفاذ في 14/12/2005. وتم توقيعها من طرف دولة قطر في 1/12/2005 والتصديق عليها بالمرسوم رقم 17 لسنة 2007 المؤرخ في 30/1/2007.

[29] بمقتضى المرسوم رقم 37 لسنة 2012 المُؤرَّخ في 28 ماي 2012. بالنسبة لمكافحة الفساد في القطاع الخاص نصت مادتها 10 في فقرتها 8 على أن تتخذ كل دولة عضو تدابيرَ وقائيةً بمنع القيام بالأفعال التالية: تسجيل نفقات وهمية، قيد التزامات مالية دون تبيان غرضها الصحيح، إجراء معاملات دون تدوينها في الدفاتر، استخدام مستندات زائفة، إتلاف مُتعمَّد لمستندات المحاسبة قبل الآجال القانونية.

[30] بمقتضى المرسوم رقم 11 لسنة 2019.

[31] بمقتضى القرار الأميري رقم 94 لسنة 2013.

[32] أوكل القانون لهياكل قضائية أو أمنية مرتبطة بها مهمة معاينة جرائم الفساد وزجرها مثل القضاة الجالسون وقضاة التحقيق والنيابة العامة ومأمورو الضابطة العدلية، سواء انتسب هؤلاء للسلط القضائية العدلية أو العسكرية أو الإدارية. ونضيف إليهم أعوان السلط العمومية المختصة بمعاينة جريمة الفساد كلٌ من موقعه. كما يشمل ذلك مساعدي القضاء والشهود والمخبرين وكل من أنيط بعهدته - بشكلٍ ما - واجب إشعارالسلطة المختصة بالجريمة.

[33] نشير إلى أن أهمية ظاهرة الإرهاب دفع بعض الدول مثل الجمهورية التونسية إلى إصدار قانون عدد 26 لسنة 2015 المؤرخ في 7/8/2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، وأحدث فصله 40 محكمةً مختصةً بقضايا الإرهاب، وهي القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بدائرة محكمة استئناف تونس العاصمة متكون من قضاة مختارين لديهم تكوين وخبرة في الجرائم الإرهابية. هذا إلى جانب إحداث لجنة وطنية لمكافحة الإرهاب لدى رئاسة الحكومة (بمقتضى المادة 66 من القانون أسبقه) ولجنة التحاليل المالية لدى البنك المركزي التونسي (بمقتضى المادة 11 منه) أساسًا لرصد العمليات والمعاملات المسترابة والتصريح بها. النص متوفر على الموقع: http://www.cnlct.tn (تاريخ الزيارة: 13/2/2021)، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 36 لسنة 2015 (موقع: www.iort.org) (تاريخ الزيارة: 28/8/2022).

[34] تم إحداث هذا المركز في عام 2013م بموجب القرار الأميري رقم 94 لسنة 2013 المؤرَّخ في 5/8/2013 المتعلق بالموافقة على إنشاء مؤسسة مركز حكم القانون ومكافحة الفساد، والملاحظ أن هذا الهيكل لم يعهد له قانون الإحداث مهام رقابية؛ فهو ليس هيكل رقابي بل هو فقط مركز ذو طابعٍ بحثيٍ توعويٍ وتثقيفيٍ وتدريبيٍ يسهم في نشر التوعية والوعي والمعرفة المتخصصة والتدريب وعقد المؤتمرات ورفع الكفاءات الفردية والمؤسسية. لمزيد التفاصيل يراجع الموقع الإلكتروني التالي: https://www.rolacc.qa/ar (تاريخ الزيارة: 12/3/2021)

[35] « Cest une expérience éternelle que tout Homme qui a du pouvoir est porté à en abuser », Montesquieu, Lesprit des lois, 1ère ed., Geneve, 1750, p. 12.

[36] مودة سامي المحمدي، "دور حوكمة الشركات في مكافحة الفساد في شركات المساهمة العامة في المملكة العربية السعودية"، مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية والقانونية، المركز القومي للبحوث، غزة، مج05، ع06، مارس 2021، ص82.

[37] عزيز العكيلي، الوسيط في الشركات التجارية: دراسة فقهية قضائية مقارنة، ط1، دار الثقافة، عمان، 2007، ص198.

[38] العريني، ص263.

[39] الشاذلي، ص426.

[40] طه، ص292.

[41] أحمد، ص362.

[42] باسم محمد ملحم؛ وبسام حمد الطراونه، شرح قانون الشركات التجارية القطري الجديد رقم 11 لسنة 2015، ط1، مطابع قطر الوطنية، الدوحة، 2016، ص291.

[43] سليمان، ص111 وما بعدها.

[44] المرجع السابق، ص125.

[45] سليمان، ص157 وما بعدها.

[46] الشاذلي، ص448.

[47] وتشبه الشركة بالدولة الديمقراطية، ويُعد هذا الهيكل بمثابة البرلمان داخل الدولة، أما مجلس الإدارة فيوازي الحكومة ومراقب الحسابات بسلطة المراقبة، انظر: طه، ص279.

[48] العريني، ص187.

[49] العكيلي، ص211.

[50] المادة 123 من قانون الشركات التجارية القطري رقم 11 لسنة 2015.

[51] الدعوة لحضور اجتماع عادي اول (124) أو اجتماع غير عادي أول (138) أو اجتماع عادي ثان (131) تتم خلال 15 يوما. وتتم خلال ثلاثين يوما بالنسبة للاجتماع غير العادي الثاني (139).

[52] ملحم و الطراونه، ص313.

[53] نموذج من الشركات يسيطر فيه شريك أو شركاء يملكون أغلبية رأس المال فيتحكمون في القرارات ويوجهون مجلس الإدارة حسب رغباتهم، مما يسمح لهم بالاستيلاء على قيادة الشركة؛ خدمةً لمصالحهم على حساب الأقلية من حملة الأسهم. وينتج عنها إدارةٌ سيئة ٌللشركة وتضارب القوى وتنفير الاستثمار.

[54] نموذج يمتلك فيه عدد كبير من المساهمين أسهم الشركة؛ بحيث لا توجد ملكية متركزة في يد واحدة بل تتشتت الملكية بين عدة أيادي. فيساهم صغار المساهمين بأكثر عدالة في متابعة ومراقبة الشركة والمشاركة في اتخاذ القرارات وتقييم المديرين أو مسائلتهم وحماية مصالحهم.

[55] ملكية الأسهم في هذا النموذج ترجع لأفراد عائلة واحدة فلا يطرح موضوع القدرة على مساءلة الإدارة وتوفر عددٍ كافٍ من الأصوات لذلك بالنسبة إليهم مشغلًا؛ لأنهم بفضل الرابط العائلي يستطيعون وجود اتفاق حول ذلك؛ لكن تُطرح إشكالاتٌ من نوع آخر تتعلق بتحديات خاصة مرتبطة بالخلافات العائلية والتوريث.

[56] شركات القطاع العام أو المملوكة للدولة تنبثق داخلها مسائل خصوصية مرتبطة بمعايير تعيين أعضاء مجلس الإدارة ومدى كفاءتهم والتدخل السياسي في ذلك أو في الصفقات التي يجرونها، وكذلك خطة خصخصة هذه الشركات غير المدروسة أو تتضمن محاباةً لأطرافِ معينة على خلفيات سياسية أو ضغوطات خارجية وليس تحقيقًا للمصلحة العليا للشركة.

[57] لا سيما في الشركات التي يكون مساهموها الرئيسيون مؤسساتٍ كبيرة تملك الجزء الأكبر من رأس المال وتتحكم في القرارات، ما يسمح لها بأن تهيمن على القيادة داخلها؛ حيث تقوم باختيار مجلس إدارتها وتتحكم في تصرفاته ولها عزل أعضائه إن اعترضوا على تنفيذ رغباتها.

[58] وهم: فئة غير مسيطرة في الشركة؛ بحيث لا يستطيعون التأثير عليها حسب المادة 1 من قرار مجلس إدارة هيئة قطر للأسواق المالية رقم 5 لسنة 2012 المتعلق بإصدار نظام حوكمة الشركات والكيانات القانونية المدرجة في السوق الرئيسية.

[59] طه، ص200.

[60] المحمدي، ص86. على سيد قاسم، مراقب الحسابات: دراسة قانونية مقارنة لدور مراقب الحسابات فى شركة المساهمة، ط1، دار الفكر العربى للطباعة والنشر، القاهرة، 1991، ص11.

[61] عبابنه، ص385.

[62] طه، ص320.

[63] وتمكن المواد 144 و151 من تكليف أكثر من واحد.

[64] أحمد، الشركات، ط1، دار الفكر والقانون، المنصورة،2011، ص386.

[65] على معنى المادة 146 (ق.ش.ق.).

[66] المحمدي، ص88؛ وناظم التميمي وشاكر صالح البغدادي، "دور مراقب الحسابات في تعزيز الإفصاح بالتقارير المالية في ظل حوكمة الشركات"، مجلة الدراسات المحاسبية والمالية، المعهد العالي للدراسات المحاسبية والمالية بغداد، مج01، ع09، 2009، ص14.

[67] أحمد، ص390.

[68] التميمي والبغدادي، المرجع أسبقه، ص15؛ أحمد المجالي، "المسؤولية الجزائية لمراجع الحسابات في شركة المساهمة العامة"، المجلة العربية للدراسات الأمنية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالسعودية، مج03، ع72، 2018، ص125.

[69] المحمدي، ص88-89.

[70] لا يتسع نطاق هذا البحث لدراستها، وهي هياكل الرقابة القضائية العدلية على جرائم الفساد أو هياكل الرقابة الإدارية التأديبية عن أعمال الفساد التي يقوم بها موظفو الدولة وأشباههم.

[71] المادة 11 من القرار الأميري رقم (16) لسنة 2014 المؤرخ في 20/2/2014 المتعلق بتعيين اختصاصات الوزارات وعدلت هذه المادة بمقتضى القرار الأميري رقم (68) لسنة 2018 المؤرخ في 4/11/2018.

[72] حسين فتحي؛ وباسم ملحم، شرح قانون الشركات القطري وفقا لأحكام القانون رقم 11 لسنة 2015، ط1، كلية الشرطة، الدوحة، 2017، ص189-190.

[73] حول هذين النظامين وموقف بعض القوانين المقارنة يراجع: طه، ص211 وما بعدها.

[74] الشاذلي، ص373.

[75] أحدث المشرع القطري "هيئة قطر للأسواق المالية" بمقتضى القانون رقم 33 لسنة 2005 كهيئة رقابية مستقلة، تختص بالإشراف على الأوراق المالية والشركات المرخص لها؛ لممارسة الأنشطة المتعلقة بها بسوق الدوحة للأوراق المالية. وتفرض القوانين المنظمة لهذه السوق التي تضبط الرقابة على الشركات وسلوك المتعاملين مع البورصة. وصدر بعده القانون رقم 10 لسنة 2009 لتعديل بعض أحكام القانون أسبقه. ثم صدر القانون رقم 8 لسنة 2012 ليلغي العمل بالقانون رقم 33 المذكور ويؤكد على استقلالية هذه الهيئة وتمتعها بكافة الصلاحيات التنظيمية والإشرافية والرقابية اللازمة لممارسة مهامها. www.qfma.org.qa)) (تاريخ الزيارة: 25/6/2021). وقبل هذا التاريخ، كانت "سوق الدوحة للأوراق المالية"، أو "بورصة قطر" (نظمها قرار وزير المالية والاقتصاد والتجارة رقم 8 لسنة 1997 بتاريخ 1/5/1997 المتعلق بإصدار اللائحة الداخلية لسوق الدوحة للأوراق المالية) هي الهيكل المنظم لتداول الأوراق المالية المدرجة، بالإضافة إلى مهامها الإشرافية والرقابية للأسواق المالية بقطر وذلك على مدار العشر سنوات السابقة. إلا أنه تم في 2005 إنشاء هيئة قطر للأسواق المالية وتحويل المهام الإشرافية والرقابية للأسواق المالية من "سوق الدوحة للأوراق المالية" إلى "هيئة قطر للأسواق المالية". كما تم تعديل تسميتها إلى "بورصة قطر" سنة 2009 بعد تحويل "سوق الدوحة للأوراق المالية" إلى شركة مساهمة قطرية وانتقال المهام الإشرافية والرقابية ل "هيئة قطر للأسواق المالية". وأصبح السوق مرخصًا من قبل الهيئة للقيام بجميع أنشطة تداول الأوراق المالية في البلاد.

[76] القرار رقم ( 1 ) لسنة 2008 يتعلق بإصدار لائحة هيئة قطر للأسواق المالية المنظمة لعمل الهيئة والمحددة للقواعد المنظمة لإدارة الشركات المساهمة المدرجة في السوق؛ لضمان احترامها لأفضل الممارسات المتبعة عالميًا.

[77] حول أهمية دور الرقابة للهيئة، يراجع:

Chaker Mzoughi, "Le Contrôle des Marchés Financiers en Droit Qatarien: Articulations externes et synergie interne," International Review of Law, Volume 9, Regular Issue 1, 2020, p. 232 et ss.

[78] هذا ما اقتضته المادة 7 من القرار رقم (3) لسنة 2010 الصادر في 10/11/2010 والمتعلق بإصدار نظام طرح وإدراج الأوراق المالية بهيئة قطر للأسواق المالية.

[79] المادة 14 من لائحة سوق الدوحة للأوراق المالية.

[80] المادة 15 من اللائحة أسبقه.

[81] يُراجَع قرار مجلس إدارة هيئة قطر للأسواق المالية رقم 3 لسنة 2009 المتعلق بإصدار إجراءات عمل لجنة التحقيق في الهيئة، المُعدَّل بالقرار رقم 2 لسنة 2018 وبالقرار رقم 7 لسنة 2019.

[82] حول هذه المسائل تراجع المواد 49 وما بعدها من لائحة الهيئة السابق ذكرها.

[83] المواد 25 وما بعدها من لائحة الهيئة.

[84] المادة 30 من لائحة الهيئة.

[85] المواد 60 وما بعدها من لائحة الهيئة.

[86] الباب الثامن من لائحة سوق الدوحة للأوراق المالية المتعلق بالجرائم والعقوبات.

[87] قرار وزير التجارة والصناعة رقم 71 لسنة 2019 يتعلق بإصدار نظام حوكمة شركات المساهمة الخاصة.

[88] كما أصدرت الهيئة قرار رقم 5 لسنة 2014 المتعلق بنظام حوكمة الشركات الصغيرة والمتوسطة.

[89] حول هذه المبادئ، يوسف، ص39 وما بعدها.

[90] أحدثت بموجب قرار وزير الأعمال والتجارة رقم (36) لسنة 2012 المؤرخ في 3/6/2012 المتعلق بتأسيس شركة قطر للإيداع المركزي للأوراق المالية. وقد أسسها مصرف قطر المركزي طبقا للمادة 113 من القرار أسبقه؛ بهدف الحد من المخاطر الناتجة عن عمليات ما بعد التداول ومخاطر سوق رأس المال. موقعها الإلكتروني هو: www.qcsd.gov.qa (تاريخ الزيارة: 4/3/2021).

[91] قواعد التعامل في شركة قطر للإيداع المركزي للأوراق المالية، النص الكامل متوفر على الموقع التالي: https://www.qcsd.gov.qa/files/QCSDRules_Var.pdf (تاريخ الزيارة: 2/4/2021).

[92] عبابنه، ص390.

[93] ديباجة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، المرجع المذكور أسبقه. ومن أجل إذكاء الوعي العام بمكافحة الفساد سُمّي يوم 09 ديسمبر من كل عام يومًا دوليًا لمكافحة الفساد، قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، دورة 58، 21/11/2003، تحت عدد A/RES/58/4. ونصت الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد (مؤرخة في 21/12/2010، مصادق عليها بقطر بالمرسوم رقم (37) لسنة 2021، مؤرخ في 28/5/2021) (منشورة بموقع: https://www.almeezan.qa)) (تاريخ الزيارة: 7/5/2021) في مادتها 11 حول مشاركة المجتمع المدني على التالي: "تتخذ كل دولة طرف تدابيرَ مناسبة لتشجيع مؤسسات المجتمع المدني على المشاركة الفعَّالة في منع الفساد ومكافحته".

[94] أصدرت بعض الدول قوانينَ لحماية المُبلِّغين عن الفساد، مثل القانون الأساسي التونسي عدد 10 المؤرخ في 7/3/2017 المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين. وكذلك نظمت الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد ذلك في المادة 14 منها المتعلقة بحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا.

[95] ذكرت في الموقع الإلكتروني: https://www.transparency.org/en/end-corruption (تاريخ الزيارة: 26/3/2021).

[96] لمزيد التفاصيل، راجع الهامش 33 من هذا البحث.

[97] نظم القانون التونسي هذا الموضوع بمقتضى القانون عدد 46 لسنة 2018 مؤرخ في 1 أوغست 2018 يتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، (منشور بالموقع: https://legislation-securite.tn)، (42/5/2021).