Submitted: 17/01/2022

Reviewed: 13/03/2021

Accepted: 09/05/2022

إعادة هيكلة المشروعات التجارية المتعثِّرة بموجب قانون الإفلاس الكويتي الجديد رقم 71 لسنة 2020 – دراسة نقدية مقارنة

فهد نعمه الشمري

عضو هيئة التدريس، قسم القانون الخاص، كلية الحقوق، جامعة الكويت

fahdnshn@gmail.com

عبد الوهاب عبد اللطيف صادق

عضو هيئة التدريس، قسم القانون الخاص، كلية الحقوق، جامعة الكويت

abdulwahab.sadeq@gmail.com

ملخص

تكمن أهمية الدراسة والهدف منها في تناول أساس الإشكاليات القانونية لتنظيم إعادة الهيكلة وفق قانون الإفلاس الكويتي الجديد رقم 71 لسنة 2020، وتطوير القواعد الحاكمة لإعادة الهيكلة وفق هذا القانون. فعلى الرغم من حرص المُشرِّع الكويتي على تنظيم قانون الإفلاس الجديد بفلسفةٍ جديدةٍ، ومتطورةٍ؛ متبنيًا مجموعةً من النظريات القانونية، والاقتصادية التي تركِّز على إعادة تنظيم أعمال المدين التاجر الذي يضطرب مركزه المالي، إلَّا أنَّ الإشكالية وفق هذا القانون تكمن في أن آلية إعادة الهيكلة فيه مقيدة بالعديد من الإجراءات الطويلة والقيود، التي تؤثر في ضمان توفير فرصة عادلة؛ لإعادة هيكلة المدين المتعثر ماليًا بآليةٍ تُراعي مصالحَ المدين، والدائنين بذات الوقت.

ولتحقيق هذا الهدف، انتهجت الدراسة النهج التحليلي المقارن المتداخل مع الأحكام ذات الصلة الواردة في القوانين المقارنة كالقانون الأمريكي، والمصري، والإماراتي والسعودي. ولقد كشفت الدراسة أن تنظيمَ آليةِ إعادة الهيكلة وفق هذا القانون مقيدٌ بالعديد من الإجراءات الطويلة والقيود على المدين والدائنين ومحكمة الإفلاس، الأمر الذي سيعيق الاستفادة القصوى من إعادة الهيكلة وعدم تحقيق الأهداف الرئيسية المرجو منها؛ ألا وهو ضمان توفير فرصةٍ حقيقيةٍ لإعادة هيكلة نشاط المدين الذي يتعثر ماليًا. ولقد اختتمت الدراسة بمجموعة من النتائج، والتوصيات الى المُشرِّع الكويتي لإدخال عدة تعديلات على القانون رقم 71 لسنة 2020.

 

الكلمات المفتاحية: قانون الإفلاس، إعادة الهيكلة، المشروعات التجارية المتعثرة، حقوق الدائنين، محكمة الإفلاس

 

للاقتباس: الشمري، فهد نعمه وصادق، عبد الوهاب عبد اللطيف. «إعادة هيكلة المشروعات التجارية المتعثِّرة بموجب قانون الإفلاس الكويتي الجديد رقم 71 لسنة 2020 دراسة نقدية مقارنة»، المجلة الدولية للقانون، المجلد الثاني عشر، العدد المنتظم الأول، 2023.

© 2023، الشمري وصادق، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه؛ طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.

 

Submitted: 17/01/2022

Reviewed: 13/03/2022

Accepted: 09/05/2022

Financial Restructuring of Distressed Businesses under the New Kuwaiti Bankruptcy Law No. 71 of 2020- A Comparative and Critical Study

Fahad Neamah Alshammari

Faculty Member, Department of Private Law, Kuwait University School of Law

fahdnshn@gmail.com

Abdulwahab Abdullatif Sadeq

Faculty Member, Department of Private Law, Kuwait University School of Law

abdulwahab.sadeq@gmail.com

Abstract

This study aims to examine the key issues of the restructuring mechanism under the newly enacted Kuwaiti Bankruptcy Law No. 71 of 2020, and to develop its rules. Although the Kuwaiti legislature embraced a newly developed philosophy when it promulgated this law by utilizing a set of legal and economic theories that focus on reorganizing the bankrupt, the restructuring mechanism is constrained by several lengthy procedures and notable restrictions. The latter will definitely affect the financially troubled debtor in terms of ensuring a fair restructuring opportunity, through a mechanism that seeks to ensure that creditors and debtors rights are fairly balanced.

In order to attain its objective, the study adopts the comparative, analytical method by comparing related rules in the United Stated, Egypt, UAE, and Saudi Arabia. The study points out that the restructuring mechanism under this law is constrained by several lengthy procedures and notable restrictions on the debtor, creditors, and the bankruptcy court, which will prevent it from achieving its desired goal, which is providing a real opportunity to reorganize the financially troubled debtor.

The study concluded with a set of results and recommendations to Kuwaiti legislator to introduce several amendments to law No. 71 of 2020.

Keywords: Bankruptcy Law; Restructuring; Financially Distressed Businesses; Creditors’ Rights; Bankruptcy Court

Cite this article as Alshammari, F. N. Sadeq, A. "Financial Restructuring of Distressed Businesses under the New Kuwaiti Bankruptcy Law No. 71 of 2020- A Comparative and Critical Study," International Review of Law, Volume 12, Regular Issue 1, 2023.

© 2023, Alshammari & Sadeq, licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.

 


 

المقدمة

شهدت قوانين الإفلاس حول العالم تطوُّرًا في طريقة تنظيمها لمعالجة اضطراب المركز المالي للمدين، سواء كان فردًا، أو شركةً؛ في محاولةٍ منها لإنقاذ النشاط التجاري بصفةٍ عامةٍ "Corporate Rescue"، فراعت حُسنَ نيةِ المدينِ، كما حاولت مساعدته للنهوض من شِدَّته، ومحنته بدلًا من تصفية أعماله التجارية وذلك لأن الاقتصاد الناجح يتطلب إعطاءَ المدين الذي يضطرب مركزه المالي فرصةً حقيقيةً وبارقةَ أملٍ جديدةٍ؛ لمعاودة القيام بنشاطه التجاري عن طريق إعادة هيكلة أعماله التجارية؛ حتى يستطيعَ أن يقوم بدوره الذي أُسس من أجله، ألا وهو تعزيز النمو الاقتصادي في المجتمع[1].

وفي الكويت وهي دولة ذات اقتصادٍ ناشئٍ بدأت الحكومة بالتعاون مع مجلس الأمة بالسعي الجادِّ نحو تنويع الوحدات المكوِّنة للاقتصاد الكويتي بعيدًا عن الاعتماد على النفط[2]، ترتب على ذلك كون التشريعات الكويتية ذات العلاقة بالاقتصاد الكويتي شهدت تطورًا كبيرًا في العِقد الأخير؛ حيث قام المُشرِّع الكويتي في عام 2010 بإصدار قانون هيئة أسواق المال، ليُتبعه بإصدار قانون الشركات الجديد بعده بسنتين[3]، وفي ذات الفترة سنَّ المشرع الكويتي قانونَ الاستثمارِ المباشر الذي يسعى في مجمله لجذب رؤوس الأموال الأجنبية في دولة الكويت[4]، مع ضمان تعزيز دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة في دعم الاقتصاد الكويتي؛ وذلك عن طريق إصدار الصندوق الوطني لدعم المشاريع الصغيرة، والمتوسطة للمرة الأولى في تاريخ دولة الكويت[5].

وفي هذا الإطار، فإن كل هذا التطور التشريعي الذي شهدته دولة الكويت لعب دورًا جوهريًا وحيويًا في النمو المتسارع للاقتصاد الكويتي خلال السنوات العشر الأخيرة؛ حيث أكد البنك الدولي في تقريره الصادر عام 2019 تحسُّنًا في ممارسة الأعمال التجارية في الكويت؛ وذلك بارتفاع النشاط التجاري 16 نقطةً، مؤكدًا على أن سبب هذا التقدم هو تطور البيئة التشريعية الحاكمة للأعمال التجارية في دولة الكويت[6].

وعلى الرغم من هذا النمو المتسارع الذي شهدته التشريعات ذات العلاقة المباشرة بالاقتصاد الكويتي؛ لتعزيز مكانة الاقتصاد الكويتي في ساحة الأعمال الإقليمية، والدولية، إلا أنه لم يكن هناك قواعد متطورة تكفل، وتساعد هذه المجموعة من القوانين من تحقيق أهدافها؛ بحيث تكون ذاتَ علاجٍ فوريٍ، وفعَّالٍ لحالات تعثُّرِ المدين؛ وذلك عن طريق ضمان إعادة هيكلة نشاطه التجاري بدلًا من دفعه نحو الإفلاس[7]، وهذا ما سيترتب عليه عدةُ آثارٍ سلبيةٍ أهمُها: انخفاض ثقة المستثمر المحلي والأجنبي في البيئة الحاكمة للنظام التجاري والاقتصادي، وعدم ضمان تشجيع المبادرين على خوض غمار التجربة الاقتصادية، ناهيك عن عدم حماية مدخرات المستثمرين التي تم استثمارها في هذه الشركات.

مواكبةً لهذا التطور؛ قام المشرع الكويتي بإصدار قانون الإفلاس الجديد بفلسفةٍ جديدةٍ، ومتطورةٍ، متبنِّيًا مجموعةً من النظريات القانونية والاقتصادية التي تركّز على إعادة تنظيم هيكلة نشاط المدين الذي يضطرب مركزه المالي، بدلًا من تسهيل الطريق إلى تصفية نشاطه التجاري، حيث إن المُشرِّع الكويتي وصل إلى درجةٍ من القناعة بضرورة إحداث نقلةٍ تشريعيةٍ جديدةٍ تحكم عمليات الإفلاس وإعادة الهيكلة؛ وذلك لخدمة التحول الاقتصادي الذي تشهده دولة الكويت في هذه الحقبة، عن طريق تفريقه بين الأعمال التجارية المتعثرة التي لديها القدرة المالية، والمقومات التي تمكِّنها من الاستمرار في أعمالها، وبين الأعمال التجارية المتعثرة ماليًا ولا تملك مقومات الاستمرار، والميؤوس منها، والتي سيؤول مصيرُها إلى الإفلاس[8].

بيد أن الإشكالية - وفق قانون الإفلاس الجديد - تكمن في أن آلية إعادة الهيكلة فيه مقيدةٌ بالعديد من الإجراءات الطويلة والقيود التي قد تؤثر في ضمان توفير فرصةٍ عادلةٍ لإعادة هيكلة المدين المتعثر ماليًا بآلية تراعي مصالح المدين والدائنين بذات الوقت، فقد قيَّد من سلطة قاضي الإفلاس في التصديق على خطة إعادة الهيكلة إذا رفض الدائنون هذه الخطة، فضلًا عن طول الإجراءات والمُدد التي ستخضع لها إعادة الهيكلة، والتي ستؤثر سلبًا على مصالح المدين والدائنين في ذات الوقت، ناهيك عن عدم ضمان استمرار المدين في إدارة أمواله، إذا انطلقت إعادة الهيكلة، والأهم من ذلك أننا نجد قانون الإفلاس الكويتي الجديد لم ينظم إعادة الهيكلة المختلطة التي تجمع بين مزايا إعادة الهيكلة الرسمية وغير الرسمية، وفق هذا القانون.

وفي هذا السياق، فإن إشكالية عدم الموازنة بين ضمان إعطاء المدين -الذي يضطرب مركزه المالي- فرصةً جديدةً لمعاودة ممارسة أنشطته التجارية، وبين مراعاة مصالح وحقوق الدائنين هي التي دفعتنا إلى هذا البحث؛ حيث إن خيط التوازن دقيق في هذه المسألة، الأمر الذي يستوجب معه ألَّا يصدرَ قانونٌ ينظم إعادة هيكلة نشاط المدين الذي يضطرب مركزه ماليًا، دون أن يٌخلَّ بالتوازن بين هذين الهدفين[9]، فتكمن أهمية هذه الدراسة في تطوير القواعد الحاكمة لإعادة الهيكلة وفقًا لقانون الإفلاس الجديد، من خلال الكشف عن بعض المثالب التي تصاحب إعادة الهيكلة، وتقديم بعض التعديلات على قواعد إعادة الهيكلة؛ حتى تضمن إعادة الهيكلة الدور المرجوَّ منها، ألا وهو توفيرُ بيئةٍ تشريعيةٍ متكاملةٍ للأعمال التجارية، تضمنُ إعطاءَ فرصةٍ جديدةٍ لإعادة هيكلة الأعمال التجارية المتعثرة مع ضمان حقوق الدائنين في الوقت ذاته[10].

ولتحقيق هذا الهدف؛ فإن هذه الدراسة - من خلال المنهج التحليلي المقارن - ستتعرض للإطار القانوني لإعادة الهيكلة وفق قانون الإفلاس الكويتي الجديد، ويتطلب ذلك بدايةً تناول المقصود بإجراء إعادة الهيكلة وشروط هذا الإجراء وآلية عمله، وتعريف القارئ أهم مبررات إعادة الهيكلة التي يجب أن تتضمنها قوانين الإفلاس في قواعدها (المبحث الأول)؛ وذلك قبل أن ننتقل إلى دراسة أهم الإشكاليات القانونية التي وردت في تنظيم إعادة الهيكلة وَفق القانون رقم 7 لسنة 2020، بإصدار قانون الإفلاس دراسة تحليلية مقارنة في القانون الأمريكي والمصري والإماراتي والسعودي؛ بسبب ما تضمنته هذه القوانين من قواعد وأحكام حديثة لعملية إعادة هيكلة المشروعات التجارية المتعثرة (المبحث الثاني)، ثم تُختَم الدراسةُ بتقديم بعض التعديلات على قواعد إعادة الهيكلة؛ وذلك لضمان تحقيق الهدف الأساسي من وراء إعادة الهيكلة.

المبحث الأول: طبيعة إجراء إعادة الهيكلة

قبل الخوض في غمار البحث وفي أساس الإشكالية القانونية لإعادة الهيكلة وفق أحكام قانون الإفلاس الكويتي الجديد، فإنه من الضروري أن نُعرِّف القارئَ بمفهوم وطبيعة إجراء إعادة الهيكلة بتحديد أنواعها، وشروطها وآلية عملها (المطلب الأول)، وأهم مبررات دعم إعادة الهيكلة بدلًا من التوجه إلى إشهار إفلاس المدين؛ وذلك َوفق أهم نظريات قوانين الإفلاس التي ناقشت هذه المبررات (المطلب الثاني).

المطلب الأول: مفهوم إجراء إعادة الهيكلة

مما لا شك فيه أن التجارة مُحاطةٌ بالعديد من المخاطر، والتاجر مهما بلغ نجاحه فهو معرضٌ لمواجهة أزمة مالية تعجزه عن سداد ديونه، ولكنها قد تكون أزمةً عارضةً، لا تلبث أن تزول؛ بحيث إنها لن تحول دون استمراره بممارسة أعماله التجارية، لكن بشرط إعادة ترتيب التزاماته المالية مع الدائنين الذين لهم مستحقاتٌ لم تُسدَّد بسبب هذه الأزمة، وإعادة هيكلة الأصول بشكلٍ صحيحٍ؛ حتى يخرج من هذه الأزمة المالية. وهذا ما يعرف بإعادة الهيكلة[11].

وقد عرف قانون الإفلاس الكويتي الجديد في الباب الأول "التعاريف" إعادة الهيكلة بالإجراءات التي تهدف إلى اتفاق المدين ودائنيه على خطةِ إعادة الهيكلة، بمساعدة أمين إعادة الهيكلة وإشراف قاضي الإفلاس، وفقًا لأحكام القانون[12]. ويلاحظ على هذه التعريف أنه تناول مفهوم إعادة الهيكلة من زاوية محددةٍ، ألا وهي اتفاق المدين مع دائنيه على خطة إعادة الهيكلة دون إظهار وصف للغاية من وراء إعادة الهيكلة، أو الشروط التي يجب توافرها حتى يتم البدء بإجراءات إعادة الهيكلة.

بالمقابل من ذلك، عرَّفت المادةُ الأولى من قانون إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس المصري رقم 11 لسنة 2018 إعادةَ الهيكلة بالإجراءات التي تساعد التاجر على الخروج من مرحلة الاضطراب المالي والإداري.

وذهب جانب من الفقه إلى تعريف إعادة الهيكلة بأنها "مجموعة من الخطط والبرامج والسياسات التي تستهدف إعادة تنظيم أعمال التاجر، وتحسين كفاءة مشروعه؛ حتى يتغلب على ما يواجه من مشكلات؛ ليخرج من حالة الاضطراب المالي والإداري، ويتقي الإفلاس ويستمر في نشاطه الاقتصادي"[13].

يتبين من ذلك، أن إعادة الهيكلة هي مجموعة من الإجراءات القانونية التي تسعى إلى تمكين المدين الذي يواجه ضائقةً ماليةً "financial distress" من العودة إلى مباشرة نشاطه التجاري، بشرط أن تكون أعمالُه قابلةً للاستمرارية؛ وذلك عن طريق قيام المدين بتقديم خطة مالية تشتمل على كيفية إعادة هيكلة أصوله وأمواله بشكلٍ صحيحٍ، بحيث تراعي حقوق ومصالح جميع دائنيه.

وتنقسم إعادة الهيكلة إلى نوعين رئيسين: النوع الأول، إعادة الهيكلة الخاصة، أو غير الرسمية Informal Rescue or Private Restructuring، والتي تكون عن طريق المفاوضات الخاصة بين المدين والدائنين[14]؛ سعيًا للتوصل إلى اتفاق لإعادة الهيكلة؛ وذلك دون تدخل قاضي الإفلاس[15]، ودون انطباق قواعد إعادة الهيكلة التي نظمها قانون الإفلاس[16].

أما النوع الثاني فهو إعادة الهيكلة الرسمية "Formal Rescues" التي تتم وفق الإجراءات التي رسمها قانون الإفلاس[17]؛ حيث إن جميع إجراءات إعادة الهيكلة، من تقديم خطة إعادة الهيكلة، والتصويت على هذه الخطة، ومراقبة تنفيذ وتطور هذه الخطة إلى انتهاء إعادة الهيكلة، تكون تحت إشراف قاضي الإفلاس والأمين Trustee الذي يتم تعيينه من قبل قاضي الإفلاس[18].

وحتى تنطلق إعادة الهيكلة - سواء الرسمية، أو غير الرسمية - فإنه لا بد من توافر شرطين رئيسين: الشرط الأول هو أن يكون الهدف الرئيسي من وراء إعادة الهيكلة هو الحفاظ على النشاط التجاري للمدين المتعثر ماليً؛ كمشروع تجاري ومنع انقضائه بسبب الضائقة المالية التي يمر بها[19]. أما الشرط الثاني، والذي يعتبر حجر الزاوية لانطلاق إعادة الهيكلة، هو أن يضطرب المركز المالي للمدين مع قابلية أعمال المدين للاستمرارية[20]، بحيث يمر المدين بضائقة مالية يترتب عليها توقفه عن الدفع[21]، دون أن يصاحب هذا التوقف عجزًا ماليًا مؤكَّدًا يصيبُ مركزَه المالي، بمعنى، كون المركز المالي للمدين - بالرغم من عدم سداد الديون - ما زال سليمًا وليس ميؤوسًا منه، ولا رجاء معه ولا أمل؛ بحيث لا يكون المدين غير قادرٍ بشكلٍ مؤكدٍ على الوفاء بالتزاماته القائمة والمستقبلية[22].

وبالنظر لذلك الجانب، فإن انطلاق إجراء إعادة الهيكلة يدور وجودًا وعدمًا حول مدى توقف المدين - سواء أكان فردًا، أم شركةً عن الدفع؛ دون النظر للمركز المالي للمدين الذي قد يعكس مركزًا ماليًا جيدًا له[23]، فقد يتوقف عن الدفع لأسباب أخرى، كعدم قابلية أصوله للتسييل بسبب انخفاض قيمة هذه الأصول في السوق، أو لأسبابٍ ترجع لخطئه الشخصي، أو خطأ مستشاريه في إدارة أمواله، فضلًا عن احتمالية كون عدم الدفع بسبب تعنت المدين ومماطلته بالرغم من يساره وقدرته على الدفع؛ وذلك حتى يستفيد من أحكام الإفلاس، الأمر الذي يبرر تقديم طلب فتح إجراءات إعادة الهيكلة بمجرد توقف المدين عن الدفع، دون اشتراط أن يكون المركزُ الماليُّ له في حالة عجز ماليٍّ؛ لأن توقفه عن الدفع سيعتبر قرينةً على أن هناك عجزًا، أو اضطرابًا في مركزه المالي، وهذا ما قرره قانون الإفلاس الكويتي الجديد صراحةً، عندما لم يشترط عجز المركز المالي للمدين لطلب افتتاح إجراء إعادة الهيكلة وفق قانون الإفلاس الكويتي الجديد، فنصت المادة 13 من الفصل الثاني - افتتاح الإجراءات - أن للمدين حق التقدُّم بطلب فتح إجراءات إعادة الهيكلة، أو الإفلاس، أو التسوية الوقائية من تاريخ التوقف عن الدفع، أو من التاريخ الذي توافرت فيه معلومات ترِّجح أنه سيعجز عن سداد ديونه دون اشتراط أن يكون هناك اضطرابٌ، أو عجزٌ في مركزه المالي. أيضا نجد أن المادة 97 الحاكمة لآلية تقديم طلب إعادة الهيكلة في الباب الرابع، لم تشترط أن يكون توقفه عن الدفع ناتجًا عن عجز مركزه المالي؛ حيث أفردت بالذكر عجز المركز المالي للمدين كشرط مستقل يخوِّل المدين، أو الدائنين بطلب افتتاح إجراءات إعادة الهيكلة[24].

المطلب الثاني: مبررات إجراء إعادة الهيكلة

تقدم الكلام عن مفهوم وطبيعة إجراء إعادة الهيكلة بتحديد أنواعها، وشروطها وآلية عملها، ومع ذلك يبقى السؤال الذي سوف نُجيب عنه في هذا المطلب وهو: ما كيفية التعامل أصول المدين ولصالح مَن يجب أن يتم توجيه هذه الأصول وفقًا لقوانين الإفلاس؟ فهل يجب أن يكون هدفُ قوانين الإفلاس السعيَ فقط لضمان حصول الدائنين على حقوقهم تجاه المدين[25]، أم يجب أن تسعى قوانين الإفلاس - بالدرجة الأولى - إلى ضمان إنقاذ المدين من الضائقة المالية التي تعصف به عن طريق ضمان إعادة هيكلة أعماله؛ وذلك حتى يستمر في ممارسة نشاطه التجاري؟

كان هذا السؤال محلَ نقاشٍ وبحثٍ منذ نشأة قوانين الإفلاس والتطورات الزمنية التي تلاحقت عليها[26]، حيث إن تحديد الأهداف والقيم الرئيسية التي يُراد تحقيقها وراء قوانين الإفلاس ستؤثر على مدى قدرة وفاعلية هذه القوانين على إنقاذ المدين المتعثر من عدمه؛ فظهرت نظرية The Creditors Bargain Theory، والتي سَنَّها البروفيسور توماس جاكسون، وطوَّرها بعد ذلك البروفيسور روبرت سكوت، والتي تحمل في مضمونها أن الدائن والمدين لو كانا يستطيعان التفاوض فيما بينهما من خلال منظور "صفقة افتراضية" فسوف يرغبان في اعتبار قوانين الإفلاس آليةً تسعى لتجميع أصول المشروع المتعثر وموجوداته؛ حتى يتم الوفاء بحقوق الدائنين، بمعنى أنه يجب أن تسعى قوانين الإفلاس إلى تحقيق قيمةٍ أساسيةٍ واحدةٍ فقط، ألا وهي ضمان تحصيل دائني المشروع التجاري لحقوقهم، وكيفية تعزيز هذه الحقوق بشكلٍ جماعيٍ بين جميع الدائنين دون السماح لاتخاذ إجراءات فردية من قِبل كل دائن[27].

ومن أهم الحجج التي تستند عليها هذه النظرية أن اعتبار قوانين الإفلاس آليةً لتجميع أصول وموجودات المشروع التجاري المتعثر ماليًا سوف يساعد في القضاء على مشكلة Common Pool Problem، والتي تنشأ بسبب تعارض مصالح الدائنين فيما بينهم عند تعثر نشاط المشروع التجاري، حيث يُشَبِّه هذا المصطلحُ مشكلةَ اضطراب المركز المالي للمشروع بالبُحيرة التي يوجد بها عدد قليل من الأسماك ويصطاد فيها عدد كبير من الصيادين، مما سيؤدى إلى تعارض مصالحهم، بالتالي فإن قوانين الإفلاس إذا كانت لا تسعي لتجميع أصول وموجودات المشروع التجاري لضمان حقوق الدائنين، فإن مصالح الدائنين سوف تتعارض فيما بينهم؛ بسبب محاولة كل دائن استخراج أكبر عددٍ من المنافع الخاصة له من الأصول القليلة المتبقية للمشروع الذي اضطرب مركزه المالي[28].

ويستند أصحاب هذه النظرية أيضًا إلى فكرة، فحواها أن اعتبار قوانين الإفلاس آلية لتجميع أصول وموجودات المشروع التجاري مع ضمان آلية معينة يتم توزيع موجودات المشروع على الدائنين وفقها، سوف يزيد من ثقة الدائنين بقوانين الإفلاس؛ حيث إن نجاح إعادة الهيكلة أمر غير مضمون، بل قد يكون إجراؤها سببًا رئيسيًا وراء ضياعِ ما تبقي من أصول المشروع إذا ما فشل إجراء إعادة الهيكلة، الأمر الذي يترتب عليه كون الأحوط أن يتم تصفية المشروع بدلا من إعادة هيكلته[29].

ويرى أصحاب هذه النظرية أن الحفاظ على أنشطة المشروع المتعثر عن طريق إعادة هيكلته على حساب تحصيل حقوق الدائنين لضمان دورها الاقتصادي في المجتمع ليس من صميم اختصاص قوانين الإفلاس ولا من دورها، بل يجب أن يكون عن طريق قوانين أخرى ذات صلة مباشرة بالشركات التجارية، كقانون العمل الذي يجب أن يضمن حقوق الموظفين، وقانون الشركات الذي يجب أن ينظِّم الطريقة الصحيحة لإدارة لمشاريع التجارية وفق الشكل القانوني الذي تتخذه وفقا له، علاوةً على قانون أسواق المال الذي يضمن - بدوره - الرقابة الصحيحة على أنشطة الشركة[30]، وبالتالي لا يمكن أن يكون قانون الإفلاس هو الآلة القانونية التي يُعالَج من خلالها القصور التشريعي الذي ينتج عن تطبيق هذه القوانين، بل يجب أن يكون ضمانه في حصول دائني المدين على حقوقهم مباشرة.

ولقد جادل كثير من الفقه التجاري في الأساس القانوني والاقتصادي والاجتماعي الذي تنطلق منه نظرية The Creditors Bargain Theory من مبدأ أنه ما دام الغرض الأساسي وراء إنشاء المشاريع التجارية هو تحقيق الربح عن طريق الاستثمار، وما دامت قوانين الإفلاس تأتي في مرحلة لاحقة كعلاج لحالة تعثر المشاريع التجارية؛ فإنه يجب أن تسعى قوانين الإفلاس لضمان تحقيق الهدف الذي أُسست من أجله هذه المشاريع التجارية، بدلًا من تسهيل حلها؛ حتى يتم الوفاء بحقوق الدائنين[31]. على ذلك فلو افترضنا أن الهدف الرئيسي من قوانين الإفلاس ليس ضمان إنقاذ المشاريع التي تتعرض لأزمات مالية، فإن قوانين الإفلاس ستصبح وسيلةً تعزز القيمة الاقتصادية لدائني المشروع فقط، دون أن تكون قادرةً على مراعاة مصالح أي أطراف أخرى مرتبطة بالمشروع، كمصلحة الدولة في ضمان استمرار وبقاء أموال المستثمر الأجنبي، الذي سوف يحقق مصالح اقتصادية وسياسية للدولة في ذات الوقت[32]، وكذلك مصلحة الدولة في ضمان بقاء الوظائف؛ حيث إنه كلما توفرت قواعد قانونية تضمن إعطاء فرصة جديدة للمشروع المتعثرة ماليًا، فسوف تزداد نسبة الأمان الوظيفي لأفراد المجتمع للعمل في القطاع الخاص[33].

بالمقابل من ذلك، ظهرت نظرية A Broad-Based Contractarian Model التي قدمها البروفيسور دونالد كوروبكين، وتحمل في مضمونها، أنه بدلًا من اعتبار قوانين الإفلاس مجموعة من القواعد التي تسعى فقط لحماية فئة معينة من أصحاب العقود "الدائنين" عند تعثر المشاريع التجارية، فإنه يجب أن تتضمن قوانين الإفلاس قواعد خاصة تتعامل مع المشاريع المتعثرة ماليًا على نطاق واسع؛ بحيث تراعي مصالح جميع الأطراف التي تعاقدت مع المشروع، بمعنى آخر يجب أن تكون قوانين الإفلاس انعكاسًا لعدة مبادئ أهمها، حاجة المجتمع إلى منع انهيار هذه الكيانات الاقتصادية، ومنع تعارض مصالح أهداف دائني المشروع مع أصحاب المشاريع والمستثمرين فيها، والحفاظ على عدم احتكار السلع نتيجةً لتعثر المشاريع؛ لضمان المنافسة العادلة في السوق[34].

ونظرًا لتباين أهداف ومصالح هذه الفئات فيما بينها؛ تدعو هذه النظرية إلى تضمين قوانين الإفلاس أُسُسًا معيارية، بحيث تسعى هذه المعايير إلى ضمان كيفية تحصيل كل طرف لدَينه، وحدود سلطة المدين في إدارة أمواله أثناء إعادة الهيكلة، وتحديد المزايا القانونية والاقتصادية أثناء انطلاق إجراء إعادة الهيكلة[35]، ومن أهم هذه المعايير والمبادئ هو مبدأ "The Principle of Inclusion"، والذي يعزز فكرة أن جميع الأطراف المتأثرة من تعثر المشروع ماليًا سوف تكون مؤهلة ومخوَّلة لمطالبة المدين بالوفاء بحقوقها، حتى لو لم يتمكن المدين -في نهاية المطاف- من الوفاء بحقوق جميع الدائنين؛ بسبب التفاوت فيما بينهم، أيضًا تدعو هذه النظرية إلى اعتناق معيار "The Principle of Rational Planning"، والذي سيحمي الأطراف المرتبطة بالمشروع، وفقًا لمدى أهمية وتأثُّر نشاط المشروع بهذه الأطراف[36].

إلا أن ما يعيب هذه النظرية أنها لم تتضمن كيفيةَ المفاضلة بين مقدار أهمية الفئات المتأثرة من تعثر المشروع ماليًا، وكيفية وجوب توجيه أصول المشروع على ضوء هذا التفاوت[37]، فعلى سبيل المثال، لا يمكن أن يتساوى المُقرِض، أو الذي يقوم بتوفير رأس المال الكافي للمشروع حتى يمارس أنشطته بالموزع الذي يتعاقد معه المشروع لتوزيع منتجاته، أضف إلى ذلك، أنه إذا كان العقد الذي يربط أي دائن بالمشروع يضمن له حق التقدم والأولوية في استيفاء دينه على باقي الدائنين؛ فإنه لا يمكن لقوانين الإفلاس تجاهل هذه العقود بسبب تفاوت أهمية الدائنين بالنسبة للمشروع[38].

وبمعاينة موقف المُشرِّع الكويتي في قانون الإفلاس الجديد، نجد أنه قد تبنَّى كلًا من نظرية A Broad- Based Contractarian Model ونظرية The Creditors Bargain Theory، فبدايةً، نجد أن المُشرِّع الكويتي في قانون الإفلاس الكويتي الجديد قد أجاز للمدين الذي يضطرب مركزه المالي بأن يتقدم بطلب فتح إجراء إعادة الهيكلة[39]، وفي ذات الوقت، أجاز المُشرِّع الكويتي في المادة 14 من هذا القانون إمكانية أن يتقدم أيُّ دائنٍ، أو مجموعة من الدائنين لا يقل عددهم عن ثلاثة بتقديم طلب فتح إجراءات إعادة الهيكلة، حتى وإن لم تطلب الشركة بدأها،[40]، فضلا عن أن المشرع الكويتي قد اشترط في المادة 108 من قانون الإفلاس الكويتي الجديد، أنه على الأمين خلال عشرة أيام من تاريخ إخطاره بقرار تعيينه، القيام بإخطار جميع الدائنين الذين يعلم عناوينهم الإلكترونية؛ لتزويده بالمطالبات والمستندات خلال شهرٍ من تاريخ إعلان ملخص قرار افتتاح الإجراءات[41]، الأمر الذي يؤكد معه الرغبة الواضحة من المُشرِّع الكويتي في إعطاء المدين فرصة حقيقية تساعده على الخروج من الضائقة المالية التي يمر بها، وضمان حق أن يتقدم أيُّ دائنٍ، أو مجموعة من الدائنين لا يقل عددهم عن ثلاثة بتقديم طلب فتح إجراءات إعادة الهيكلة.

 وخلاصة القول في ذلك، أن قوانين الإفلاس تبلْوَرت نحو اتجاهين رئيسين:

-     الاتجاه الأول، والذي قرر إعطاء حماية أكثر لدائني المدين التي يضطرب مركزه المالي، من خلال عدم تمكينه من الاستمرار في مزاولة أعماله، حتى لو كان مقدار عجز المدين ليس كبيرًا؛ حيث إنه بمجرد عجز المدين عن سداد ديونه، ينشأ حقٌ للدائنين في طلب إجراء إعادة الهيكلة، وكذلك طلب شهر إفلاس المدين في حالة عدم نجاح إجراء إعادة الهيكلة؛ وذلك تمهيدًا لتصفية نشاطه التجاري دون إمكانية وقف هذا الطلب من قبل المدين.

-     أما الاتجاه الثاني، والذي يعطي المدين الذي يضطرب مركزُه الماليُّ حمايةً أكثر من الدائنين؛ حيث إن المدين إذا تعرض إلى ظروف استثنائية طارئة، ويتوقع تمَكُّنه من عودته إلى وضعه الطبيعي قبل الضائقة المالية التي مر بها، فإن قوانين الإفلاس في هذه الدول تضمن حق ممارسة الشركة لنشاطها وفق شروط وضوابط معينة، دون أن تتوقف على موافقة دائني المدين[42].

المبحث الثاني: أساس الإشكالية القانونية في عمليات إعادة الهيكلة وفق أحكام قانون الإفلاس الكويتي الجديد

سعى المُشرِّع الكويتي في قانون الإفلاس الجديد إلى ضمان حصول المدين الذي يضطرب مركزُه الماليُّ على فرصة جديدة بعد تعثره ماليًا؛ حتى يستطيع معها الخروج من الضائقة المالية التي أحاطت به، حيث اشترط القانون لتقديم طلب إعلان إفلاس المدين عدم تحقق شروط فتح إجراءات إعادة الهيكلة والتسوية الوقائية، الأمر الذي يؤكد معه الرغبة الواضحة في إعطاء المدين فرصةً حقيقيةً تساعده على الخروج من الضائقة المالية؛ وذلك قبل إشهار إفلاسه[43].

وعلى الرغم من ذلك، فإن القواعد التي تحكم إعادة الهيكلة وَفق قانون الإفلاس الجديد، لم تعكس هذه الرغبة التي سعى إليها المُشرِّع الكويتي؛ ويرجع السبب في ذلك إلى ما سنعرضه في المطالب الخمسة التالية، وهي: طول إجراءات بدء إعادة الهيكلة (المطلب الأول)، المدة الزمنية لتقديم وتنفيذ خطة إعادة الهيكلة (المطلب الثاني)، تقييد سلطة قاضي الإفلاس في التصديق على خطة إعادة الهيكلة والتعديلات التي قد تطرأ عليها (المطلب الثالث)، عدم تنظيم إعادة الهيكلة المختلطة (المطلب الرابع)، وعدم ضمان استمرار المدين في إدارة أعماله بعد صدور قرار افتتاح إجراء إعادة الهيكلة (المطلب الخامس).

المطلب الأول: طول إجراءات بدء إعادة الهيكلة

إن أهمية إعادة الهيكلة لا تقتصر فقط على مدى ضمان تنظيم قانون الإفلاس لإعادة الهيكلة للمدين الذي يضطرب مركزه المالي من عدمه، بل يكمن التحدي الحقيقي في مراعاة جوانب أخرى تلازم إجراءات إعادة الهيكلة إذا ما انطلقت، أهمها كيفية ضمان مدى سرعة إجراءات إعادة الهيكلة ابتداءً من تقديم طلب إعادة الهيكلة وتقديم خطة إعادة هيكلة يوافق عليها دائنو المدين، ومرورًا بالتعديلات التي سوف تمر على هذه الخطة؛ وذلك حتى يتم التصديق على خطة إعادة الهيكلة.

وبمعاينة آلية تقديم الطلبات لمحكمة الإفلاس وفق قانون الإفلاس الكويتي الجديد؛ نجد أن المادة 20 من هذا القانون، والتي تناولت شروط تقديم طلبات افتتاح إجراءات التسوية الوقائية وإعادة الهيكلة لمحكمة الإفلاس، قد اشترطت أن يقوم المدين بتقديم العديد من البيانات، أهمها تقرير يتضمن توقعات السيولة النقدية للمدين وتوقعات الأرباح والخسائر عن فترة السنة التالية لتقديم الطلب، وبيان تفصيلي بأموال المدين والقيمة التقريبية لكلٍ من هذه الأموال في تاريخ تقديم الطلب، وبيان أية ضماناتٍ، أو حقوقٍ للغير تترتب عليها، وبيان ما إذا كان المدين - المقدَّم بشأنه طلب تسوية وقائية، أو إعادة هيكلة - سيحتاج الحصول على تمويل خلال الفترة من تاريخ صدور قرار افتتاح إجراءات إعادة الهيكلة من عدمه[44].

وما يعيب هذا التنظيم، أن المدين قد لا يكون قادرًا على توفير هذه البيانات حتى تَبُتَّ محكمة الإفلاس بطلب إعادة الهيكلة، فعلى سبيل المثال، كيف يمكن للمدين أن يتأكد - على وجه الدقة - من معرفة مبلغ التمويل الذي سيحتاجه حتى يتم اعتماد خطة إعادة الهيكلة؟ وما القيمة الإجمالية المقدرة لما سيحتاجه من تمويل خلال هذه الفترة؟ وأغراضه ومدته وضماناته ومدى تأثيره على خطة إعادة الهيكلة وعلى حقوق الدائنين المضمونة ديونهم، خصوصًا أنه لم يتم حصر قائمة الدائنين عند تقديم طلب فتح إجراء إعادة الهيكلة، فنصت المادة 105 من الباب الرابع من قانون الإفلاس الكويتي الجديد والمنظِّم لإعادة الهيكلة بأنه على الأمين - خلال عشرة أيام من تاريخ إخطاره بقرار تعيينه - أن يقوم بإعلان ملخص القرار بافتتاح إجراء إعادة الهيكلة، وأن يتضمن الإعلان دعوة الدائنين لتقديم مطالباتهم والمستندات المؤيِّدة لذلك وتسليمها إليه خلال مدة لا تزيد على شهر من تاريخ الإعلان[45].

وعلى ذات النسق، اشترطت المادة 98 من الباب الرابع من قانون الإفلاس الكويتي الجديد والمنظم لإعادة الهيكلة أنه يجب أن يُرفَق بطلب افتتاح إجراءات إعادة الهيكلة مستندات إضافية، علاوةً على المستندات التي قررتها المادة 20، أهمها شرح موجز لخطة إعادة الهيكلة[46]، وموجز عن العقود والاتفاقيات اللازم توقيعها بين المدين والدائنين لتنفيذ خطة إعادة الهيكلة[47]. إلا أن اشتراط المادة 98 أن يقدم المدينُ شرحًا مفصلًا لخطة إعادة الهيكلة قبل الموافقة على طلب إعادة الهيكلة، يتناقض مع عجُز المادة 117 من ذات القانون التي اشترطت أن يقدم المدين خطةَ إعادة الهيكلة خلال ثلاثة شهور من تاريخ صدور قرار فتح إجراءات إعادة الهيكلة[48].

وقد يرى البعض أن الفقرة الأخيرة من المادة 20 من قانون الإفلاس الكويتي الجديد - والتي نصت صراحة على ذكر المبررات والأسباب التي قد تمنع مقدم الطلب من تقديم بعض البيانات والمعلومات - ستكون بمثابة ضمانة للمدين بأن يقدم طلب إعادة الهيكلة، بالرغم من عدم قدرته على استيفاء متطلبات وشروط المادة 20 لأي سبب يبرر ذلك[49]؛ إلا أننا نستطيع الرد على هذا الرأي بأن الفقرة الأخيرة من المادة 20 لم تبين مدى التزام محكمة الإفلاس بقبول هذه المبررات إذا كانت تتعارض مع مصالح الدائنين، أو كانت بحد ذاتها غيرَ كافيةٍ لإعفاء الشركة من تقديم هذه البيانات.

ولا يمكننا أيضًا الاستناد على المادة 31 من ذات القانون، والتي نصت على أنه "يُصدِرُ قاضي الإفلاس قراره بعدم قبول الطلب إذا لم يتم تقديم المستندات المنصوص عليها في المادة 20 من هذا القانون، أو إذا قُدِّمت ناقصة دون مُسوِّغٍ؛ وذلك ما لم يقبل الشروط التي يراها مناسبة"؛ وذلك لأن هذه المادة لم تتضمن المعايير التي يجب أن تتبعها محكمة الإفلاس لتقييم المبررات التي يقدمها المدين لإعفائه من تقديم هذه البيانات من عدمها وكيف يمكن التوفيق بين مبررات المدين التي قدمها لإعفائه من تقديم بعض البيانات، وبين السعي وراء تحقيق السرعة المرجوة التي تسعى لها الشركات، أو الدائنون على حد سواء في عمليات إعادة الهيكلة، الأمر الذي سوف يؤدي إلى الانتقائية والتفاوت في تطبيق هذا الاستثناء من قبل قضاة الإفلاس.

إن الأثر السلبي لعدم ضمان تقديم طلب إعادة الهيكلة للمحكمة بإجراءاتٍ مختصرةٍ سيكون حَجَرَ عثرةٍ للاستفادة من أهم مزايا قواعد إعادة الهيكلة؛ وهي قاعدة وقف المطالباتAutomatic Stay" "[50]، والتي تهدف إلى وقف أية مطالبات، أو إجراءات قضائية من الدائنين بعد إيداع طلب إعادة الهيكلة؛ وذلك لضمان وقف سباق الدائنين فيما بينهم تجاه أصول وأموال المدين المتبقية قبل نفادها وفقًا لخطة إعادة الهيكلة التي ستُقَدَّم[51]؛ حيث إنه - وبربط قاعدة وقف المطالبات بطول إجراءات بدء طلب إعادة الهيكلة وفق المادة 20 والمادة 98 من قانون الإفلاس الكويتي الجديد - لن تحقق قاعدةُ وقف المطالبات الهدفَ المرجوَّ منها، وآية ذلك أنه كلما تأخر انطباق قاعدة وقف المطالبات بسبب طول إجراءات بدء إعادة الهيكلة، سوف تزداد مطالبات الدائنين فيما بينهم تجاه أصول وأموال المدين المتبقية؛ وبذلك لن يضمن المدين سهولة سير إجراءات إعادة الهيكلة وإعداد خطة إعادة الهيكلة؛ لأنه كلما زادت مطالبات الدائنين، ستزداد صعوبة فرصة الوصول إلى خطة إعادة هيكلة تُرضِي جميع الدائنين الذين يتفاوتون في المطالبات والمصالح فيما بينهم، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة صعوبة فرصة الموافقة على هذه الخطة لاحقًا من قبل الدائنين.

المطلب الثاني: المدة الزمنية لتقديم وتنفيذ خطة إعادة الهيكلة

بيَّنَّا أن أهمية إعادة الهيكلة لا تقتصر على مدى ضمان تنظيم قانون الإفلاس لإعادة الهيكلة للمدين الذي يضطرب مركزه المالي من عدمه، بل يكمن التحدي الحقيقي في مراعاة جوانبٍ أخرى تلازم عملية إعادة الهيكلة، أهمها كيفية ضمان مدى سرعة بدء إجراءات بدء إعادة الهيكلة.

ومع اتساع تلك الأهمية لما سبق ذكره، إلا أن المعضلة تزداد في قانون الإفلاس الكويتي الجديد -حتى بعد بدء إجراءات إعادة الهيكلة- وذلك في مسألة المدة الزمنية التي يجب أن يقوم المدين بتقديم خطة إعادة الهيكلة خلالها، فقد قررت المادة 117 من قانون الإفلاس الكويتي الجديد أن يقوم المدين بتقديم خطةِ إعادة الهيكلة خلال ثلاثة شهور من الموافقة على طلب إعادة الهيكلة، مع جواز طلب تمديد هذه الفترة - بناءً على طلب المدين - إلى مدةٍ مماثلةٍ أخرى، أو إلى أكثر من ستة شهور؛ إذا وافقت الأغلبية التي قررها القانون[52].

وعلى الرغم من أن المادة 117 قد سعت للموازنة بين حق المدين بتقديم طلب تمديد فترة تقديم خطة إعادة الهيكلة، وبين حق الدائنين في عدم الموافقة على هذا الطلب، إذا كانت الفترة أكثر من ستة شهور؛ إلا أنها لم تشترط - في حالة رغبة المدين في طلب تمديد فترة تقديم خطة إعادة الهيكلة لمدة لا تجاوز ستة شهور - أن يكون المدين قد بدأ بالفعل في إعداد هذه الخطة، ولكنه يحتاج إلى مزيد من الوقت حتى يُطوِّرَ من خطة إعادة الهيكلة؛ لتكون أكثر عدالةً وكفاءةً للدائنين، أو أن الخطة قد لاقت - مبدئيًا - عدم قبول من بعض الدائنين مما يستوجب الحصول على مهلةٍ إضافيةٍ لتعديلها[53]، بالتالي - وبغياب هذه الشروط لتمديد الفترة التي يجب أن يتم تقديم خطة إعادة الهيكلة خلالها - سوف يواجه الدائنون وبعد فترة الانتظار الطويلة خطر الرجوع إلى نقطة البداية - وهي مرحلة قبل بدء إجراءات إعادة الهيكلة - إذا قدم المدين خطةً غيرَ عادلةٍ لا يُتوقع معها خروجُ المدين من الضائقة المالية التي يمر بها.

وفي سياقٍ موازٍ، لم يشترط قانون الإفلاس الكويتي الجديد أن تشتمل خطة إعادة الهيكلة على جدولٍ زمني يجب على المدين خلالها تنفيذ خطة إعادة الهيكلة؛ وذلك بعد ما يُصدرُ قاضي الإفلاس موافقته على افتتاح إجراءات إعادة الهيكلة[54]، مع ملاحظة أن هذا القانون اشترط فقط أن يرفِقَ المدينُ الجدولَ الزمني لتنفيذ خطة إعادة الهيكلة أثناء تقديمه لطلب افتتاح إجراءات إعادة الهيكلة[55]، ومع ذلك، لا يمكن إلزام المدين بالجدول الزمني الذي قدمه أثناء تقديمه لطلب افتتاح إجراء إعادة الهيكلة؛ لأنه - بكل بساطةٍ - قد يتم إدخال العديد من التعديلات على خطة إعادة الهيكلة من قبل المدين، أو الدائنين، أو قاضي الإفلاس أثناء التصديق على خطة إعادة الهيكلة، وهذا ما سيترتب عليه اختلاف الجدول الزمني اللازم لتنفيذ خطة إعادة الهيكلة عن الجدول الزمني الذي قدمه المدين أثناء تقديمه لطلبِ افتتاح ِإجراءاتِ إعادةِ الهيكلة؛ وبذلك، سيتعرض الدائنون لخطر عدم تنفيذ المدين لخطة إعادة الهيكلة خلال جدول زمني يناسب مصالحهم، رغم انتظارهم لفترة طويلة حتى يقدم المدين هذه الخطة.

ولفهم هذا القصور التشريعي الذي يحكم المدة الزمنية لتقديم خطة إعادة الهيكلة وفق القانون الكويتي، كان قانون الإفلاس الأمريكي The United States Bankruptcy Code (chapter 11) ينظِّم نفس القواعد التي قررها قانون الإفلاس الكويتي الجديد؛ حيث كان يجب تقديم خطة إعادة الهيكلة خلال 120 يومًا من الموافقة على طلب بدء إجراءات الهيكلة[56]، وبعد انتهاء هذه الفترة، كان هناك فترة 180 يومًا يقوم بها المدين بالتفاوض مع الدائنين للموافقة على هذه الخطة والحصول على موافقتهم وهذه ما يطلق عليها Solicitation Period[57]، علاوةً على أن المدين يستطيع تمديد هذه الفترات لفترة مماثلة؛ إذا قدمت الشركة للمحكمة سببًا يبرر طلب هذا التمديد[58].

وبسبب تعسف وسوء استخدام المدينين لهذه المُدد، نتج عن هذا التنظيم طول إجراءات إتمام خطة إعادة الهيكلة دون أي مبررٍ، فوفقًا لتقارير موقع Pacer Date على دراسة أجريت بين عام 2000 وعام 2013، تستغرق خطة إعادة الهيكلة خمسَ سنواتٍ، أو أكثر للموافقة عليها، ناهيك أن 79٪ من الشركات التي قدمت طلب إعادة الهيكلة قد تم التمديد لها دون أن ينتج عن هذا التمديد تقديم خطةٍ يوافق عليها دائنو الشركة[59]، فعلى سبيل المثال، تم الاتفاق على خطة إعادة هيكلة شركة Johns-Manville الأمريكية بعد ست سنوات من بدء إجراءات طلب إعادة الهيكلة[60]، أيضًا، قامت شركة Babcock & Wilcox ببدء إجراءات إعادة الهيكلة منذ عام 2000، ومع ذلك وبالرغم من الموافقة المستمرة من محكمة الإفلاس على طلبات تمديد مهلة تقديم خطة إعادة الهيكلة، إلا أنه انتهى الحال بفشل الشركة بتقديم خطة إعادة الهيكلة، عليه قام المُشرِّع الأمريكي في عام 2005 The Bankruptcy Abuse Prevention and Consumer Protection Act “BAPCPA” بإدخال عدة تعديلات على هذه المدد الإضافية؛ بحيث لا تستطيع الشركة أن تحصل على مدة يتجاوز مجموعها 18 شهرًا من بدء إجراءات إعادة الهيكلة[61].

أما في إطار قوانين الدول العربية، فنجد أن قانون الإفلاس الإماراتي قد نظَّم آلية تمديد خطة إعادة الهيكلة على خلاف قانون الإفلاس الكويتي الجديد؛ حيث إنه قرر أنه لا يجوز تمديد فترة إعداد خطة إعادة الهيكلة بمدة تزيد عن ثلاثة أشهرٍ؛ وذلك لضمان عدم تأثر حقوق الدائنين من مماطلة المدين في طلب تمديد فترة إعداد خطة إعادة الهيكلة، وفي ذلك نصت المادة 99 من نفس القانون على أنه: "إذا أصدرت المحكمة قرارًا بمباشرة إجراءات إعادة الهيكلة، يقوم الأمين المعيَّنُ بممارسة مهامه، وعليه أن يباشر بإعداد وتطوير الخطة بمساعدة المدين خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ القرار، ويجوز للمحكمة مد هذه الفترة - بناءً على طلب المدين لمرةٍ واحدةٍ، أو عدةِ مراتٍ - على ألَّا تتجاوز في مجموعها ثلاثة أشهرٍ إضافية"[62].

ولضمان عدم تأثر حقوق الدائنين من تأخر المدين، أو الأمين في تنفيذ خطة إعادة الهيكلة وفق فترةٍ زمنيةٍ محددة، قررت المادة 102 من قانون الإفلاس الإماراتي أنه: "يجب أن تتضمن خطة إعادة الهيكلة جدولًا زمنيًا لتنفيذها لا يجاوز خمسَ سنواتٍ من تاريخ مصادقة المحكمة على الخطة، ويجوز تمديدها لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات أخرى بموافقة أغلبية الدائنين الذين يملكون ثلثي الديون، التي لم يتم تسديها وفقًا للخطة وأية تعديلات طرأت عليها"[63].

المطلب الثالث: تقييد سلطة قاضي الإفلاس في التصديق على خطة إعادة الهيكلة والتعديلات التي قد تطرأ عليها

ذكرنا أن الدائنين قد يواجهون فترة انتظار طويلة قبل بدء إجراءات إعادة الهيكلة؛ وذلك في مسألة المدة الزمنية التي يجب أن يقوم المدين بتقديم خطة إعادة الهيكلة خلالها وفقًا لقانون الإفلاس الكويتي الجديد.

وعلى الرغم من أهمية المدة الزمنية لتقديم إعادة الهيكلة، فإن إجراءات الموافقة والتصديق على خطة إعادة الهيكلة لن تكون بالأمر السهل بالنسبة للمدين؛ فالدائنون قد يرون أن الخطة التي يقدمها المدين قد لا تحقق العدالة بينهم، أو أنها قد تكون خطةً ضعيفةً لا يمكن معها خروج المدين من الضائقة المالية التي يمر بها، الأمر الذي يترتب عليه توجه الدائنين نحو رفض الخطة المقدمة من المدين[64].

ولتفادي هذه المعضلة، ظهرت قاعدة في الولايات المتحدة الأمريكية يطلق عليها "Cram Down" تستطيع محكمة الإفلاس بموجبها التصديق على خطة إعادة الهيكلة؛ بالرغم من اعتراض الدائنين على خطة إعادة الهيكلة[65]. وتبرر هذه القاعدة بسندٍ من القول كونها تسعى بشكل رئيسي لضمان عدم تعنت وتعسف الدائنين بالتصديق على خطة إعادة الهيكلة؛ وذلك لأن سلطة المحكمة ليست مطلقة بالتصديق على هذه الخطة بل مقيدة بشروط وضوابط معينة[66]، أهمُّها أن ينجح المدين في إثبات كفاءة الخطة التي قدمتها على ضوء قائمة الديون التي عليها، وأن يثبت أن الخطة التي قدمها خطة عادلة ومنصفة لجميع دائنيه، بحيث لا تحمل معها أي تمييز بين الدائنين، خصوصًا تجاه الدائنين أصحاب حقوق الأولوية مالم يكن هناك سببٌ يبرر هذا التمييز[67].

وبالعودة إلى قانون الإفلاس الكويتي الجديد، نجد أنه قد قرر سلطةً مقيِّدةً لقاضي الإفلاس في صلاحية تصديقه على خطة إعادة الهيكلة في حالة رفض الدائنين لخطة إعادة الهيكلة؛ حيث نصت الفقرة الثالثة من المادة 124 من قانون الإفلاس الكويتي الجديد على التالي "وفي حالة رفض الخطة، لقاضي الإفلاس -خلال مدةٍ أقصاها عشرة أيام من تاريخ إخطار إدارة الإفلاس بذلك- إصدارُ قرارٍ بناءً على طلب المدين بالتصديق على الخطة التي تم رفضها، شريطةَ ألا تقل حقوق الدائنين بالخطة المرفوضة عما كان سيتحصلون عليه في حالة إفلاس المدين؛ وذلك بعد أخذ رأي الأمين في هذا الشأن، وسماع اعتراضات الدائنين، أو بإنهاء إجراءات إعادة الهيكلة وحفظ الطلب".

و على هذا التنظيم عدة مآخذ من وجهة نظرنا:

 أولًا: أن اشتراط أن يقدم المدين طلبًا لقاضي الإفلاس يطلب منه تصديقه على خطة إعادة الهيكلة التي رفضها الدائنون، يعني أن قاضي الإفلاس لن يستطيع من تلقاء نفسه التصديق على خطة إعادة الهيكلة التي رفضها الدائنون، وهذا ما سيُضعِف من فرصة تحقيق الهدف الرئيسي من وراء إعادة الهيكلة، ألا وهو إعطاء المدين فرصة حقيقية لإعادة هيكلة نشاطه التجاري، حيث إن المدين قد لا يُقَدم طلب التصديق على خطة إعادة الهيكلة بعد رفض الدائنين لها؛ لأنه قد يخشى من تعنت الدائنين معه لاحقًا أثناء مرحلة تنفيذ خطة إعادة الهيكلة، فعلى سبيل المثال، قد يخشى المدين من عدم موافقة الدائنين على طلب تمديد فترة تنفيذ خطة إعادة الهيكلة؛ وذلك إذا ما احتاج المدين لمهلةٍ إضافيةٍ، أو قد يخشى من رفض الدائنين إدخال أية تعديلات يقترحها المدين من شأنها أن تُطَوِّر خطة إعادة الهيكلة، الأمر الذي سيترتب عليه أن مثل هذه المخاوف قد تحول دون تقديم طلب التصديق من قبل المدين لقاضي الإفلاس، إذا كان الدائنون قد رفضوا ابتداءً الموافقة على خطة إعادة الهيكلة التي قدمها المدين.

ثانيًا: إن اشتراط قانون الإفلاس الكويتي الجديد ألَّا تقل حقوق الدائنين بالخطة المرفوضة عما كان سيتحصلون عليه في حالة إفلاس المدين؛ حتى يستطيع قاضي الإفلاس التصديق على خطة إعادة الهيكلة التي رفضها الدائنون، سيترتب عليه نتيجة في غاية الخطورة ألا وهي قدرة الدائنين على إشهار إفلاس المدين؛ تمهيدًا لتصفية نشاطه التجاري، بالرغم من قدرته على إعادة هيكلة أصوله والتزاماته، وآية ذلك أن مصلحة الدائنين دائمًا تصب نحو إشهار إفلاس المدين وتصفية أمواله وتحصيل حقوقهم مباشرة؛ وذلك دون انتظارٍ لفترةٍ طويلةٍ لما سوف تنتج عنه إعادة الهيكلة من نتائج احتمالية، مقارنةً بإشهار إفلاس المدين وتصفية أمواله، والذي سوف يساعد الدائنين على تحصيل حقوهم مباشرة.

ثالثًا: إن اشتراط ألَّا تقل حقوق الدائنين بالخطة المرفوضة عمَّا كان سيتحصلون عليه في حالة إفلاس المدين، شرطٌ غير متطلَّبٍ لبدء وانطلاق إعادة الهيكلة وفق قانون الإفلاس الكويتي الجديد، وأنه شرطٌ متطلَّبٌ كذلك؛ حتى يوافق الدائنون على خطة إعادة الهيكلة، عندما يقدم المدين خطة إعادة الهيكلة للدائنين للتصويت عليها، لذلك إذا كان المدين وفق القواعد العامة يستطيع تقديم خطة إعادة هيكلة تتضمن أن حقوق الدائنين قد تكون أقل مما كان سيتحصلون عليه في حالة إفلاسه، وفي ذات الوقت يستطيع الدائنون الموافقة على هذه الخطة، فلماذا تم التقييد من سلطة قاضي الإفلاس بالتصديق على خطة إعادة الهيكلة، عن طريق اشتراط ألا تقل حقوق الدائنين بالخطة المرفوضة عما كان سيتحصلون عليه في حالة إفلاس المدين؟

وإذا كان المُشرِّع الكويتي قد سعى فعليًا لإعطاء قاضي الإفلاس سلطة التصديق على خطة إعادة الهيكلة، بالرغم من رفض الدائنين؛ وذلك لضمان انطلاق إعادة الهيكلة بالرغم من تعسف الدائنين بالموافقة على الخطة التي قدمها المدين، نجد أن قانون الإفلاس الكويتي الجديد لم يقرر نفس الصلاحية لقاضي الإفلاس في أمرٍ لا يقل أهميةً عن تصديق خطة إعادة الهيكلة ابتداءً، ألا وهو حالة رفض الدائنين الموافقة على التعديلات التي يقدمها المدين على خطة إعادة الهيكلة، والتي يرى أنها ضرورية لنجاح الخطة؛ فنصت المادة 128، والتي تناولت آلية تعديل خطة إعادة الهيكلة على النص التالي: "وفي حالة موافقة الأغلبية المطلوبة على التعديلات، يقوم المدين بإخطار إدارة الإفلاس بالخطة المُعدَّلة، ومحاضر اجتماعات الدائنين، ودليل الحضور والتصويت، ويطلب التصديق على الخطة المُعدَّلة، ويقوم قاضي الإفلاس خلال عشرة أيام من إخطار إدارة الإفلاس بالخطة المعدلة بالتصديق عليها إذا كانت مستوفية لمعايير العدالة وحازت على موافقة الأغلبية المطلوبة، وإلا رفض التصديق على الخطة المُعدَّلة، أو قام بتعليق التصديق عليها".

ومن أسباب الحاجة إلى تمكين قاضي الإفلاس من التصديق والموافقة على خطة إعادة الهيكلة التي يقدمها المدين هو أن قواعد التصويت التي ستخضع لها خطة إعادة الهيكلة وفق قانون الإفلاس الكويتي الجديد لم تشترط أيَّ أسبابٍ تبرر حق اعتراض الدائنين على الخطة التي يقدمها المدين، بل جعلت من حق الدائنين الاعتراض بشكلٍ مطلقٍ، حتى لو لم يكن هناك أي مبرر لهذا الاعتراض، فعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يشترط قانون الإفلاس الكويتي الجديد أن يكون سببُ رفض الدائنين لخطة إعادة الهيكلة كونَ الخطة التي قدمها المدين لا تحقق العدالةَ بين الدائنين، أو كونَ المشاريع التي تحملها خطة إعادة الهيكلة عالية المخاطر، أو بسبب ضعف الضمانات اللازمة للحصول على التمويل الإضافي الذي سيسعى المدين للحصول عليه في سبيل تنفيذ خطة إعادة الهيكلة، أو إذا كانت الاستشارات الفنية قد أثبتت أن توقعات السيولة النقدية للمدين للفترة التي سوف تلي تنفيذ الخطة ستكون ضعيفة ولن تسعف الدائنين في تحصيل ديونهم.[68].

وقد يرى البعض أن تمكين قاضي الإفلاس من تصديق خطة إعادة الهيكلة بالرغم من رفض الدائنين لها، أو بالرغم من رفضهم للتعديلات التي اقترحها المدين - قد يترتب عليه تصديق قاضي الإفلاس على خطةٍ مُجحِفةٍ لا تعكس معها طموحَ الدائنين؛ حيث إن رفض الدائنين لهذه الخطة قد يكون بسبب ضعف وعدم فاعلية خطة إعادة الهيكلة التي قدمها المدين، أو عدم عدالة الخطة بين حقوق الدائنين.

ومن قِبَلِنَا، نعتقد أن خشية تصديق قاضي الإفلاس على خطةٍ مجحفةٍ لا تعكس معها طموح الدائنين هي فرضيةٌ غير ممكنةِ الحدوث وفق قانون الإفلاس الكويتي الجديد، وآية ذلك أنه وبالرجوع إلى الباب الخاص بالتسوية الوقائية - المادة 83 - والذي قد أحالت إليه المادة 122 من قانون الإفلاس الكويتي الجديد بالانطباق على شروط التصديق على خطة إعادة الهيكلة، فيما عدا الأحكام الواردة في باب إعادة الهيكلة[69]، قد اشترطت - حتى يصدق قاضي الإفلاس على مقترح التسوية الوقائية - أن تتوافر في المقترح معايير العدالة للدائنين المتأثرين من المقترح المُقدَّم من المدين؛ وذلك إذا توافرت في المقترح الشروط التالية:

1- حصول الدائنين على معلوماتٍ وافيةٍ ووقتٍ كافٍ لدراسة مقترح التسوية الوقائية.

2- عدم الإخلال بإجراءات اجتماع الدائنين والتصويت الواردة بمعايير التسوية الوقائية المعروضة على إدارة الإفلاس قبل افتتاح إجراءات التسوية الوقائية.

3-  مراعاة الحقوق القائمة للدائنين، والمساواة بين أصحاب الحقوق ذوي المراكز المتساوية، خاصةً ما يتعلق بتقاسم الخسائر وتوزيع الحقوق الجديدة، وكذلك حقوق الدائنين أصحاب حقوق الرهن والامتياز.

4- ألَّا يكون الدائنون المعترضون على الخطة سيحصلون على حقوقٍ - وفقًا للخطة - أقل من تلك التي كانوا سيحصلون عليها في حالة إشهار إفلاس المدين.

وبمعاينة موقف قوانين الإفلاس في الدول العربية، نجد أن نظام الإفلاس السعودي الجديد قد منح محكمة الإفلاس إمكانية التصديق على مقترح إعادة التنظيم المالي، حتى لو لم يحصل مقترح إعادة الهيكلة على الأغلبية المطلوبة؛ حيث نص البند الثاني من الفقرة الثانية من المادة 80 على أن: "تُصدِّقُ المحكمة -بناءً على طلب الأمين- على المُقترَح المستوفِي على معايير العدالة في الحالتين الآتيتين: إذا قبلت فئةٌ واحدةٌ على الأقل من فئات الدائنين بالمقترح، وصوَّت عليه بالموافقة دائنون تمثل مطالبهم (خمسين في المائة) على الأقل من مجموع مطالبات الدائنين المصوِّتين في جميع الفئات، ورأت المحكمة أن التصديق على المقترح يحقق مصالح أغلبية الدائنين"[70]. بالتالي، حتى لو لم يَحز مقترح إعادة الهيكلة على أغلبية الثلثين، بل حصل على موافقة 50٪ من الدائنين فقط؛ سوف تستطيع المحكمة التصديق على المقترح؛ وبذلك سوف يتم ضمان انطلاق إعادة الهيكلة.

وفي السياق ذاته، أقرَّ المُشرِّع الإماراتي صلاحيةَ قيام محكمة الإفلاس بإدخال بعض التعديلات على خطة إعادة الهيكلة؛ لمراعاة مصالح جميع الأطراف؛ وذلك عن طريق طلب المحكمة من الأمين أن يقوم بإدخال هذه التعديلات وأن يقدمها للمحكمة خلال عشرة أيامٍ للتصديق عليها، دون اشتراط أن يوافق أغلبية الدائنين على التعديلات[71]، فنصَّ البند الأول من المادة 103 على أن" تتولى المحكمة -خلال عشرة أيام عملٍ من تاريخ تقديم مشروع خطة إعادة الهيكلة إليها- مراجعة الخطة؛ للتأكد من أنها تراعي مصلحة جميع الأطراف، وللمحكمة أن تطلب من الأمين خلال تلك المهلة إدخالَ أيةِ تعديلاتٍ لازمةٍ على مشروع الخطة، وإعادتها للمحكمة خلال مدةٍ لا تجاوز خمسةَ أيام عملٍ من تاريخ إخطاره بقرار المحكمة، قابلةً للتجديد لمدةٍ مماثلةٍ"[72].

تأسيسًا على ذلك وبمعاينة موقف قوانين الإفلاس المقارنة، نستطيع القول أن تقييد سلطة قاضي الإفلاس بالتصديق على خطة إعادة الهيكلة، أو التعديلات التي يقدمها قاضي الإفلاس وفق قانون الإفلاس الكويتي الجديد، يُعتبَر نقصًا تشريعيًا وليس توجهًا من قبل المشرع الكويتي لحماية الدائنين من خطر تصديق محكمة الإفلاس على خطة قد لا تتوافر فيها معايير العدالة للدائنين؛ حيث إن معايير العدالة التي قررها الباب الخاص بالتسوية الوقائية - والتي سوف تنطبق على إجراءات التصديق على خطة إعادة الهيكلة - سوف تضمن عدم تصديق محكمة الإفلاس على خطةٍ مجحفةٍ قد لا تتوافر فيها معايير العدالة للدائنين.

المطلب الرابع: عدم تنظيم إعادة الهيكلة المختلطة

إن ضمان إعادة الهيكلة لنشاط المدين الذي يضطرب مركزُه الماليُّ بأقل وقتٍ وأقلِ تكلفةٍ قد لا يكون - فقط - وفقَ قواعدَ إعادةِ الهيكلة التي نظمتها قوانين الإفلاس؛ بل قد يكون أيضًا من خلال الجمع بين إعادة الهيكلة الرسمية التي تتم وفقًا لقوانين الإفلاس وإعادة الهيكلة الخاصة التي تتم بين المدين وكبار الدائنين خارج قواعد قانون الإفلاس، والتي تُعرف بإعادة الهيكلة المختلطة "pre-pack"[73]، وهي إجراءات إعادة الهيكلة التي يقوم بها المدين بالتفاوض الخاص مع كبار دائنيه خارج إطار قانون الإفلاس؛ سعيًا منه للتَّوصل لاتفاقٍ معهم على خطة لإعادة هيكلة أعماله؛ حتى يتم تقديم هذه الخطة مبَاشرةً لمحكمة الإفلاس لتصدِّقَ عليها لتكون مُلزِمةً لبقية دائني المدين[74]، وبعد ذلك يتم انطباق مزايا وقواعد إعادة الهيكلة التي نظمتها قوانين الإفلاس على هذه الخطة لضمان نجاحها[75].

وترجع الفلسفة التي وراء إعادة الهيكلة المختلطة إلى فكرةٍ، فحواها أن مطالبات صغار الدائنين لن يستطيع المدين الوفاء بها إلَّا إذا تمكن المدين أولًا من الوفاء بحقوق أصحاب الديون الكبيرة، الأمر الذي يُبرَّر معه اقتصار تفاوض المدين -وفقًا لإعادة الهيكلة المختلطة- على أصحاب الديون الكبيرة فقط، وليس جميع الدائنين[76]، أضف إلى ذلك أن اقتصار تفاوض المدين وفقًا لإعادة الهيكلة المختلطة مع أصحاب الديون الكبيرة فقط سوف يُمَكِّن المدينَ من تجاوز عقبة التفاوض مع عدد كبير من الدائنين الذين قد يتفاوتون في المصالح والأهداف فيما بينهم؛ من حيث كيفية إعداد خطة إعادة الهيكلة، أو من حيث مدى كفاءة وعدالة الخطة التي سيقدمها المدين، الأمر الذي سيجعل من التفاوض معهم جميعًا حجرَ عثرةٍ في سبيل التوصل إلى اتفاق حول خطة إعادة الهيكلة[77].

وتوجد عدة مزايا لإعادة الهيكلة المختلطة التي ستنعكس على المدين والدائنين بذات الوقت، فأولًا؛ عادةً ما يصاحب تقديمَ طلب بدء إجراءات إعادةُ الهيكلة مباشرةً تأثيرٌ سلبيٌ على مصلحة المدين وفق قانون الإفلاس، فبمجرد تقديم طلب إعادة الهيكلة إلى محكمة الإفلاس سوف يتذبذب مستوى النشاط التجاري للمدين، وسيزداد عدم اليقين في أداء نشاط المدين من قبل صغار الدائنين كالعملاء، والموظفين والمورِّدين؛ وذلك ليقين هذه الفئة أن إعادة الهيكلة ستسعى لمراعاة مصالح وحقوق كبار الدائنين على حساب مصالحهم[78]، ومع ذلك إذا تَمكَّن المدين من إبرام عقدِ خطةِ إعادةِ الهيكلة مع كبار الدائنين خارج نطاق قانون الإفلاس وقبل تقديم طلب إعادة الهيكلة إلى محكمة الإفلاس؛ فسيترتب على هذه الخطوة بثُّ رسالةٍ قويةٍ من قبل المدين إلى جميع الأطراف المرتبطة بإعادة الهيكلة، فحواها أن المدين سيكون قادرًا على الاستمرار في نشاطه بنفس القوة التي كان عليها قبل اضطراب مركزه المالي؛ حيث إنه بالرغم الأزمة التي عصفت بمركزه المالي، إلا أنه تمكّن من الحصول على دعم أغلبية كبار الدائنين[79].

وسوف تختصر إعادة الهيكلة المختلطة الكثير من الإجراءات الطويلة التي يجب على المدين اتباعها وفقًا لنصوص قانون الإفلاس[80]، الأمر الذي سيترتب عليه أن المدين سيتمكن - وفقًا لهذه النوع - من إعادة الهيكلة من أن يتوصل إلى خطة إعادة الهيكلة خلال مدةٍ قصيرةٍ، مقارنةً بالمُدد التي قررتها قواعد إعادة الهيكلة التي نظمتها قوانين الإفلاس[81]، فأثبتت الدراسات أن الفترة الزمنية التي يتم التوصل بها إلى اتفاق على خطة إعادة الهيكلة - وفقًا لإعادة الهيكلة المختلطة - تتراوح ما بين ثلاثة إلى تسعة شهورٍ مقارنةً بخطة إعادة الهيكلة التي يشترك بها جميع دائني المدين، والتي تتراوح ما بين سنة إلى سنتين[82]. أضف إلى ذلك، لن يحتاج المدين - وفقًا لهذه النوع من إعادة الهيكلة - إلى أخذ موافقة محكمة الإفلاس، أو جميع الدائنين للقيام بأي نشاطٍ جوهريٍ أثناء إعادة الهيكلة، أو حتى على أي تعديل سوف يطرأُ على خطة إعادة الهيكلة؛ حيث إن المدين سوف يلتزم فقط إلى حين أخذ موافقة الدائنين الذين اشتركوا في مرحلة صياغة وإعداد خطة إعادة الهيكلة، أو سيكون ملتزمًا بإخطارهم فقط إذا كان منصوصًا قَبلها على جواز قيام الشركة بهذه الأعمال، وإذا كانت هذه الأعمال ضروريةً لنجاح خطة إعادة الهيكلة[83].

وإزاء هذه الأهمية لإعادة الهيكلة المختلطة، قيّد قانون الإفلاس الكويتي الجديد من قدرة المدين على القيام بعمليات إعادة الهيكلة المختلطة والتفاوض مع كبار الدائنين؛ حيث إن آلية بدء طلبات إعادة الهيكلة وفق هذا القانون ستكون حَجَرَ عثرةٍ في سبيل بدء إعادة الهيكلة، وآية ذلك أن الفقرة الأولى من المادة 14 من هذا القانون قد قررت إمكانية أن يتقدم أيُّ دائنٍ، أو مجموعةٍ من الدائنين لا يقل عددهم عن ثلاثة بتقديم طلب فتح إجراءات إعادة الهيكلة، حتى وإن لم تطلب الشركة بدءَ إجراءات إعادة الهيكلة[84]؛ بذلك وبمجرد تقديم طلب فتح إجراءات إعادة الهيكلة من قبل الدائن، أو مجموعة من الدائنين بدينٍ عاديٍ لا يقل عددهم عن ثلاثةِ دائنين، سوف تُغَلُّ يد المدين عن إمكانية إتمام إعادة الهيكلة المختلطة، والتفاوض مع كبار الدائنين خارجَ مظلة قواعد إعادة الهيكلة التي نظَّمها قانون الإفلاس[85].

ولو افترضنا جدلًا أن المدين قد تفاوض مع أهم دائنيه، وقد قدَّم طلب إعادة الهيكلة لمحكمة الإفلاس بعد التوصل إلى اتفاق مع هذا الدائن؛ حتى يتم تنفيذ خطة إعادة الهيكلة، وإلزام بقية الدائنين بها، وفي ذات الوقت قدَّم أحد الدائنين الآخرين طلب إعادة هيكلة إلى محكمة الإفلاس؛ فإن المعضلة تَكمُن في أن المادة 17 من قانون الإفلاس الكويتي الجديد والتي نظَّمت آلية تعدد الطلبات لم تُعطِ الأولوية لطلب إعادة الهيكلة المقدَّم من المدين بعد تفاوضه مع كبار الدائنين، عندما يتم الفصل في تعدد الطلبات بشأن مديونيات المدين ذاته؛ حيث قررت أنه إذا تم تقديم أكثر من طلب بشأن مديونيات نفس المدين يتم ضمها جميعًا، واتخاذ الإجراءات بشأنها مجتمِعةً[86]، وهذا ما سيترتب عليه أن المدين - وبعد جهد كبير بالمفاوضات مع كبار دائنيه - قد لا يحصل على موافقة قاضي الإفلاس لطلب إعادة الهيكلة الذي قدمه؛ وذلك لأنه لا يوجد أساسٌ قانونيٌ يمكن تمييز طلبه عن بقية طلبات الدائنين بإعادة هيكلة نشاطه التجاري وفق المادة 17 من قانون الإفلاس الكويتي الجديد[87].

وتعود صعوبة تفاوض المدين مع بعض دائنيه خارج مظلة قانون الإفلاس لبدء إعادة الهيكلة المختلطة إلى سببٍ؛ ألا وهو الأغلبية المرتفعة التي اشترطها قانون الإفلاس الكويتي الجديد لإتمام الموافقة على خطة إعادة الهيكلة، فاشترطت المادة 123 أن يقوم المدين بدعوة الدائنين للموافقة على خطة إعادة الهيكلة بموجب إخطارٍ يشتمل على موعد الاجتماع ومكانه، وبعد انعقاد الاجتماع، فإنه يجب موافقة الدائن، أو الدائنين الحائزين على ثلثي الديون الممثَّلين في الاجتماع[88]، بالتالي فإن مجرد اعتراض الدائنين الذين لم يشتركوا بالمفاوضات الخاصة التي أبرمها المدين مع أهم الدائنين سوف يحبط إعادة الهيكلة المختلطة؛ إذا تحالفوا بالتصويت ضد تمرير خطة إعادة الهيكلة التي أبرمها المدين مع أهم دائنيه.

وبالرغم من أن قانون الإفلاس الكويتي الجديد قد منح قاضي الإفلاس إمكانيَّةَ تصديق خطة إعادة الهيكلة رغم رفض الدائنين لها؛ إلا أن المدين لن يستطيع التوجُّه مباشرةً إلى قاضي الإفلاس حتى يُصَدِّقَ على خطة إعادة الهيكلة التي أبرمها مع كبار دائنيه خارج مظلة قانون الإفلاس؛ وذلك لأن الفقرة الثانية من المادة 124 اشترطت لتصديق قاضي الإفلاس على خطة إعادة الهيكلة، أن يتم رفض خطة إعادة الهيكلة من قبل الدائنين في اجتماع الدائنين[89]، بمعنى، أن القاضي لا يستطيع ممارسة هذه الصلاحية - أي صلاحية التصديق على خطة إعادة الهيكلة - دون أن يتم عقد اجتماع الدائنين ورفض الدائنين لهذه الخطة.

ومن قوانين الإفلاس العربية التي فطِنت لتنظيم عملية إعادة الهيكلة المختلطة هو نظام الإفلاس السعودي الجديد؛ حيث إنه وبالرغم من أن المادة 42 - والحاكمة لآلية طلب فتح إجراء إعادة التنظيم المالي - قد قررت إمكانية أن يتقدم أي دائن بطلب فتح إجراء إعادة التنظيم المالي[90]، قرَّر نظام الإفلاس السعودي أنه إذا تَقدَّم غير المدين بطلب فتح إجراء إعادة التنظيم المالي، فللمدين حق الاعتراض على الطلب المُقدَّم أمام المحكمة؛ إذا كان الدائن يسعى إلى إساءة استغلال الإجراء[91]. أكثر من ذلك، نصَّت المادة 47 من نظام الإفلاس السعودي أن لمحكمة الإفلاس سلطةَ رفض الطلب المقدم لإعادة الهيكلة؛ إذا تصرف مقدِّمُ الطلبِ بسوء نية[92]. بناءً عليه وبإسقاط هذين النصين على إعادة الهيكلة المختلطة، سوف يستطيع المدين أن يتفاوض مع كبار الدائنين حتى يتم الاتفاق على خطة إعادة هيكلة، ويتم تقديمها مباشرةً لمحكمة الإفلاس؛ لتصبح ملزمةً لبقية صغار الدائنين بها؛ حيث إنه إذا تم تقديم طلب إعادة الهيكلة من أحد الدائنين؛ حتى يعيق إعادة الهيكلة المختلطة التي يقوم بها المدين مع كبار دائنيه، ستستطيع محكمة الإفلاس -وفق نص المادة 47- رفض الطلب المقدم بفتح إجراء إعادة الهيكلة؛ وبذلك يكون نظام الإفلاس السعودي قد ضمن إمكانية قيام المدين بإعادة الهيكلة المختلطة.

المطلب الخامس: عدم ضمان استمرار المدين في إدارة أعماله بعد صدور قرار افتتاح إجراء إعادة الهيكلة

تبيَّن لنا من خلال المطالب السابقة أن قانون الإفلاس الكويتي الجديد قد قيَّد من قدرة المدين على القيام بعمليات إعادة الهيكلة المختلطة والتفاوض مع كبار الدائنين، وأنه لم يراع جوانبَ أخرى تلازم عملية إعادة الهيكلة، أهمَّها كيفية ضمان مدى السرعة في بدء إجراءات إعادة الهيكلة، والمدة الزمنية التي يجب أن يقوم المدين بتقديم خطة إعادة الهيكلة خلالها.

ومع ذلك، وبعد بدء إجراءات إعادة الهيكلة وفق قانون الإفلاس الكويتي الجديد؛ قرر قانون الإفلاس الكويتي الجديد - كمبدأٍ عامٍ - بقاءَ المدين قائمًا بإدارة أعماله وأمواله بشكلٍ تلقائيٍ بعد صدور قرارٍ بافتتاح إجراءات إعادة الهيكلة "Debtor In Possession"[93]؛ وذلك دون الحاجة إلى تقديم طلب لمحكمة الإفلاس، أو أخذ موافقة الدائنين[94]، فنصت المادة 99 من هذا القانون على أن "يبقى المدين بعد صدور قرار افتتاح إجراءات إعادة الهيكلة، قائمًا بإدارة أعماله وأمواله تحت إشراف الأمين، وله أن يقوم بجميع التصرفات التي يقتضيها نشاطه التجاري، بما لا يؤثر على مصلحة الدائنين؛ وذلك ما لم يقرر قاضي الإفلاس خلاف ذلك".

إلَّا أن المادة 101 من قانون الإفلاس الكويتي الجديد نصَّت على أنه "يجوز لقاضي الإفلاس - بناءً على طلب إدارة الإفلاس، أو الأمين، أو أحد الدائنين أن يقرَّرَ خلال خمسة أيامِ عملٍ من تاريخ تقديم الطلب، منعَ المدين أو مجلسَ إدارته، أو مديريه من إدارة أمواله وأعماله، وأنْ تعهَد بنفس الإدارة إلى الأمين، ويكون للأمين في هذه الحالة كافةُ الصلاحيات التي للمدين ومجلس إدارته وإدارته التنفيذية وجمعيته العامة؛ وذلك بالنسبة للتصرفات التي تحتاج موافقة الجمعية العامة؛ وذلك ما لم ينصَّ القرار الصادر عن قاضي الإفلاس على غير ذلك".

والبادي من هذه المادة أن فرصة استمرار المدين في إدارة أمواله وأعماله بعد صدور قرار افتتاح إجراءات إعادة الهيكلة ليست مضمونةً؛ حيث إنها لم تقيد حق الدائنين، أو الأمين، أو إدارة الإفلاس بطلب تعيين وصيٍّ يتولى إدارة أموال المدين أثناء إعادة الهيكلة بشروطٍ معينةٍ، تبرِّر معها حرمان المدين من إدارة أعماله، كأن يكون هناك سوءُ إدارةٍ جسيمٍ، أو إهمال قد صدر من قِبل المدين، أو مجلس إدارته أثناء إدارة أمواله، كوجود أوجه قصور معلوماتية في قراءة التدفقات النقدية للشركة من قبل إدارة الشركة، أو التوسع غير المبرر في أنشطة الشركة الاستثمارية، أو أن يكونَ قد صدر من المدين، أو إدارته أيُ نوعٍ من أنواع الاحتيال، أو التلاعب أثناء سير وتنفيذ إعادة الهيكلة، أو قبل البدء بتنفيذ هذه الخطة[95].

وقد يرى البعض أن المُشرِّع الكويتي قد جانب الصواب أثناء تنظيمه لمسألة بقاءِ المدين قائمًا بإدارة أعماله وأمواله بشكلٍ تلقائيٍ بعد صدور قرارٍ بافتتاح إجراءات إعادة الهيكلة؛ لأن إبقاء المدين الذي يضطرب مركزه المالي بإدارة أعماله - تنفيذًا لخطةِ إعادة الهيكلة - يتناقض مع فكرة إعادة الهيكلة، فسوء إدارة المدين لأعماله هي أحد الأسباب الرئيسية وراء اضطراب مركزه المالي وتعثر نشاطه التجاري؛ حيث تثبت الدراسات أن 46٪ من الشركات التي يضطرب مركزها المالي، يكون بسبب التحكم المطلق والمباشر من قِبل إدارة تكون غير واعية بخطورة قرارتها على الشركة، أو تهاونها في التعامل مع العقبات المالية التي تواجه الشركة متأملة علاج هذه العقبات في المستقبل، وفي الوقت ذاته إن ١٥٪ من الشركات التي يضطرب مركزها المالي كانت قابلةً لإعادة الهيكلة والانطلاق من جديد والنجاح، إذا طلب القائمون على إدارة الشركة النصيحة الصحيحة أثناء مواجهة هذه العقبات.

وبالرغم من وجاهة هذا الرأي إلَّا أن ما يعيب هذا التنظيم - وفق قانون الإفلاس الكويتي - أنه حتى لو لم يصدر من المدين أيُ خطأٍ تسبب باضطراب مركزه المالي، كما في حالة الأزمات المالية التي تعصف بالأسواق العالمية، أو الأوبئة العالمية، فلن يستطيع المدين أخذ فرصةٍ ثانيةٍ لإعادة أعماله إلى مسارها الصحيح[96]؛ لأن قانون الإفلاس الكويتي لم يحدد أية شروط لحرمان المدين من إدارة أمواله أثناء إعادة الهيكلة.

واذا سلَّمنا جدلًا لهذا الرأي، وكان أحدَ الأسباب الرئيسية وراء حرمان المدين وإدارته من الاستمرار في إدارة أمواله أثناء إعادة الهيكلة، هو إهمالُ المدين، أو إدارة المدين بتهاونها في التعامل مع العقبات المالية، فإن هذا السبب لا ينسحب بالضرورة على عدم ضمان استمرار أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة من إدارة مشاريعهم أثناء إعادة الهيكلة، وآية ذلك أن أصحاب هذه المشاريع ذوو فكرٍ إبداعيٍ، ودائمًا ما يقدمون أفكارًا جديدةً لم يسبق أن قُدِّمت من قبل، ناهيك عن كون هذه المشاريع التي تُعتبر عاليةَ المخاطر بطبيعتها؛ لأنها تحمل أفكارًا جديدةً ذات طابعٍ إبداعيٍ على المجتمع والسوق، وليس بسبب إهمال، أو قصور من قبل المدين المبادر وإدارته، ومع ذلك، نجد أن نص المادة 101 من قانون الإفلاس الكويتي الجديد جاء عامًّا؛ حيث لم يفرق بين عدم ضمان استمرار المدين في إدارة أمواله، إذا كانت الشركة الخاضعة لإعادة الهيكلة شركة كبيرة، أو شركة ناشئة، أو متوسطة اتخذها المبادرون لإطلاق مشاريعهم التجارية، فضلًا عن أن أحكام إفلاس وإعادة هيكلة المشاريع الصغيرة والمتوسطة لم تستثنِ أصحابَ هذه المشاريع من نص المادة 83 إذا ما خضعت لإعادة الهيكلة[97].

وإذا أراد المُشرِّع الكويتي ضمانَ عدم المساس بحقوق ومصالح الدائنين وضمان استمرار هذه المشاريع بتحقيق الدور الاقتصادي المرجوِّ منها وراء عدم استثناء المشاريع الصغيرة والمتوسطة من نص المادة 101 من قانون الإفلاس الكويتي فإنه لن يقدر على ذلك؛ وسبب ذلك أن هذا الهدف يمكن تحقيقه تحت مظلة قانون الإفلاس الجديد دون الحاجة إلى تقييد قدرة أصحاب هذه المشاريع من الاستمرار في إدارة أعمالهم إذا ما انطلقت إجراءات إعادة الهيكلة، وآية ذلك أن قانون الإفلاس الكويتي الجديد قد اشترط تعيين أمينٍ يتابع بشكل دوري إجراءات تنفيذ خطة إعادة الهيكلة التي يقدمها المدين، وتقديم تقرير عن مدى تقدُّم خطة إعادة الهيكلة كل ثلاثة أشهر، فضلًا عن التزام الأمين بالتأكد من أن بيع أموال المدين أثناء تنفيذ خطة إعادة الهيكلة يكون بأفضلِ سعرٍ يمكن الحصول عليه وفق الظروف السائدة في السوق، وأن إيرادات البيع ستُخصَّصُ لتنفيذ خطة إعادة الهيكلة[98]، ناهيك عن كون الفقرة الثانية من المادة 99 قد قررت صراحةً أن للأمين اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمراقبة عمليات المدين المالية والتحقق من سلامة إدارة المدين لأمواله وأعماله[99].

الخاتمة

إن وجودَ تشريعٍ كقانون الإفلاس الكويتي الجديد يُعدُّ من أهم الأمور الشاهدة على تطوير الاقتصاد الكويتي وتعزيز مكانه ومكانته في إطار الأعمال الدولية والإقليمية؛ حيث إنه تطرَّقَ لمعالجة قضايا جوهريةٍ ومحوريةٍ في مجال الأعمال، كتعثر المدين، وطريقة إعادة هيكلة أعماله، وطرح حلولٍ عمليةٍ قابلةٍ للتطبيق؛ لذلك، لا تنحاز لأحد الأطراف على حساب الآخر، بل تحمي جميع الأطراف، وتنمِّي قدرة المدين على تسديد ديونه لدائنيه، دون أن يخسر شركته، أو تجارته، مما ينعكس إيجابًا على الأفراد جميعا بشكلٍ خاص، وعلى المجتمع والاقتصاد بشكل عام، لذلك لن نكونَ مبالغين إذا قلنا إن تشريعًا كهذا يحفظ ثروات المجتمع وتماسك الاقتصاد.

ولما كانت إعادة الهيكلة التي تنظمها قوانين الإفلاس نوعًا من العلاجات الاستثنائية التي تسعى لتحقيق هدفين رئيسين: أولهما، إخراج المدين المفلس من الضائقة المالية التي يمر بها؛ تمهيدًا لاستفادة المجتمع الاقتصادي من الدور الجوهري الذي يقوم به، وثانيهما، ضمان حماية حقوق أصحاب المصالح أثناء انطلاق إعادة الهيكلة، ركَّزت هذه الدراسة على بيان مدى قدرة ضمان قواعد إعادة الهيكلة وفق قانون الإفلاس الكويتي الجديد، على الموازنة بين ضمان إعطاء الشركات التي يضطرب مركزها المالي فرصةً جديدةً؛ لإعادة هيكلتها حتى تعاود ممارسة أنشطتها التجارية، ومراعاة مصالح وحقوق الدائنين في الوقت ذاته.

وقد خلصت الدراسة إلى عددٍ من النتائج نوردها فيما يأتي:

-      إن عدم منح محكمة الإفلاس سلطة التصديق على خطة إعادة الهيكلة سيكون حجرَ عثرةٍ في سبيل ضمان إنقاذ المدين من الضائقة المالية التي يمر بها.

-      إن إطلاق سلطة الدائنين في تعيين أمين يتولى إدارة إعادة الهيكلة دون أيةِ شروطٍ، أو قيودٍ سوف يؤثر سلبًا على نجاح خطة إعادة الهيكلة، خصوصًا إذا كان سببُ توقف المدين عن الدفع سببًا خارجيًا، وليس بسبب قصور المدين في إدارته لأمواله.

-      إن إجازة تمديد فترة تقديم خطة إعادة الهيكلة بشكلٍ مطلقٍ دون أي قيدٍ، أو شرطٍ وفق قواعد إعادة الهيكلة التي حملتها نصوص قانون الإفلاس الجديد، سوف يترتب عليه التأثير سلبًا على حقوق الدائنين.

-      إن تقييد سلطة المدين وكبار الدائنين من الولوج في عمليات إعادة الهيكلة المختلطة، سوف يترتب عليه عدم تحقيق أهم أهداف قانون الإفلاس الجديد، ألا وهو هدف ضمان إعطاء المدين فرصةً حقيقيةً على إعادة هيكلة نشاطه.

-      وفي ختام هذه الدراسة فإننا نورد التوصيات الآتية للمشرع الكويتي:

-      وجوب تعديل الفقرة الأخيرة من المادة 20؛ وذلك بالنص صراحةً على صلاحية قاضي الإفلاس باستثناء المدين من بعض البيانات الواردة في عجز المادة 20، إذا كان ذلك لغرض سرعة انطلاق إعادة الهيكلة.

-      وجوب السماح لقاضي الإفلاس بالتصديق على خطة إعادة الهيكلة دون أية قيود، إذا ما تم رفض هذه الخطة من قبل أغلبية الدائنين، بالرغم من استيفاء خطة إعادة الهيكلة لمعايير العدالة.

-       وجوب منح قاضي الإفلاس صلاحيةَ التصديق على التعديلات التي يقدمها المدين على خطة إعادة الهيكلة، إذا ما رفضها الدائنون هذه التعديلات بالرغم من استيفائها لمعايير العدالة.

-      وجوب تعديل المادة 17؛ وذلك بالنص صراحةً على صلاحية قاضي الإفلاس بتقديم طلب إعادة الهيكلة المختلطة، على طلب إعادة الهيكلة الذي يقدمه بقية الدائنين الذين لم يشتركوا في طلب إعادة الهيكلة المختلطة، شريطة أن تكون خطة إعادة الهيكلة عادلةً لجميع الدائنين.

-      وجوب تعديل المادة 117 الحاكمة لآلية تمديد فترة تقديم خطة إعادة الهيكلة؛ وذلك عن طريق إلزام المدين بتقديم باعثٍ قويٍ ومبررٍ يدعم سبب طلب التمديد.

-      وجوب تعديل المادة 118؛ وذلك عن طريق إلزام المدين بتقديم برنامج زمني يتم خلاله تنفيذ خطة إعادة الهيكلة.

-      وجوب النص صراحةً على استثناء أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة من نص المادة 101؛ وذلك لضمان استمرارهم في إدارة مشاريعهم التي تحمل أفكارًا إبداعية.

 


 

المراجع

أولا: العربية

أبو الغيط، رشا مصطفى. "إعادة هيكلة المشروعات المتعثرة كآلية لتوقي شهر الإفلاس وفقا لأحكام القانون رقم 1 لسنة 2018 بشأن تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس"، مجلة الدراسات القانونية والاقتصادية، مج6، ع2 (2020).

بهنساوي، صفوت ناجي. مفهوم التوقف عن الدفع في نظام الإفلاس - دراسة مقارنة. دار النهضة العربية، القاهرة، 1980.

بو عباس، علي جاسم. "مفهوم التوقف عن الدفع في الإفلاس في القانون الكويتي دراسة مقارنة مع القانون المصري واللبناني والأردني". مجلة الحقوق، جامعة الكويت (2020).

تادرس، خليل فيكتور. الطرق الودية والقضائية لإنقاذ المشروعات المتعثرة من الإفلاس، دراسة مقارنة على ضوء القانون الفرنسي رقم 245/2005، دار النهضة العربية، القاهرة، 2009.

 خضیر، أحمد علي. الاتجاهات الحديثة في إعادة هيكلة الشركات: رؤیة حول إصلاح الشركات المملوكة للدولة. دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2012.

شمسان، عبد الرحمن عبد الله. أحكام المعاملات التجارية، الأوراق التجارية، الإفلاس. دار الجامعات اليمنية، صنعاء، 2000.

صالح، أمير أرسلان حسن محمد. التنظيم القانوني للإفلاس الدولي. ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2017.

 عرب، سلامة فارس. مبادئ الإفلاس في قانون التجارة الجديد، شروطه وآثاره. دار النهضة العربية، القاهرة، 2002.

 قاسم، علي سيد. قانون الأعمال، الجزء الخامس: الإفلاس ووسائل حماية المشروعات المتعثرة في القانون رقم 11 لسنة 2018. دار النهضة العربية، القاهرة، 2019.

قانون التجارة الكويتي، رقم 68، الكتاب الرابع "الإفلاس والصلح الواقي" 1968.

القليوبي، سميحة. الوسيط في شرح القانون التجاري المصري، الجزء الأول، نظرية الأعمال التجارية والتاجر. دار النهضة العربية، القاهرة، 2015.

الماحي، حسين. تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس. دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2019.

مخلوف، حنان عبد العزيز. إعادة هيكلة المشروعات المتعثرة وفقا لأحكام القانون رقم (11) لسنة 2018 بشأن تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس. كلية الحقوق، جامعة بنها.

ملكاوي، بشار حكمت. "أحكام انقاذ المشروعات التجارية المتعثرة في القوانين الإماراتية". مجلة الحقوق، جامعة الكويت، مج40، ع4، ((2016.

المهندي، محمد لحدان. إعادة هيكلة المشروعات التجارية المتعثرة في ضوء القانون القطري. [رسالة مقدمة استكمالا لمتطلبات كلية القانون للحصول على درجة الماجستير في القانون الخاص]، كلية القانون، جامعة قطر،2021.

وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، "التجارة الكويتية: البنك الدولي يؤكِّد تحسن سهولة وممارسة الأعمال بالبلاد ونعمل على تطويرها"، https://www.kuna.net.kw/ArticleDetails.aspx?id=2756158.

ثانيًا: الأجنبية

References

A Flessner, Philosophies of Business Bankruptcy Law: An International Overview, OUP Oxford, 1994.

Abul-ghīṭ, Rashā Muṣṭafā. "E‘ādat Haykalt al-Mashrū‘āt al-Mut‘therah K‘āliyyah Letawaqqī shahr al-Eflās Wefqan le-Akām al-Qanūn 1/2018 besh‘an Tanẓīm e‘ādat al-haykalah wa al-ṣol al-wāqī wa al- Eflās". (in Arabic), Majallat al-Dirāsāt al-qānūnīyah wa-al-iqtiṣādīyah, Vol.6, Issue2, 3-116. (2020). https://jdl.journals.ekb.eg/article_126252_7355ce4d6e812a4b1afc9ac7d2a34458.pdf

al-Māḥī, Ḥusayn. Tanẓīm e‘ādat al-haykalah wa al-ṣol al-wāqī wa al- Eflās, (in Arabic), Dār al-Jāme‘ah al-Jadīdah, al-Eskandariyya, 2019.

Al-Mohannadī, Muḥammad Laḥdān. e‘ādat al-haykalah al-Mashrū‘āt al-Tijāriyyah al-Mut‘therah fī Ḍaw‘a al-Qanūn al-Qaṭarī, Resālah Moqaddamah Estekmālan le-Motaṭallabāt kulliyyat al-Qanūn le-alḥoṣūl ‘alá Daragat al-magestīr fī al-Qanūn al-khāṣ, (in Arabic) kullyat al-Qanūn, Jāme‘at Qaṭar, 2021.

al-Qalyūbī, Samīḥah. al-Wasīṭ fī sharḥ al-Qānūn al-Tijārī al-Misrī, part1, "Naẓariyyat al a‘māl al-Tijāriyya wa al-tājer", (in Arabic), Dār al-Nahḍah al-‘Arabiyya, miṣr, 2015.

Arab, Salāmah Fāres. Mabād’I al- Eflās fī Qānūn al-Tijārah al-Jadīd (Shorūoh wa A’āthāroh), (in Arabic), Dār al-nahḍah al-‘arabiyya, al-Qāherah, 2002.

Bahnasāwī, Safwat Nāgī. Mafhūm al-Tawaqof ‘an al-Daf‘a fī Neẓām al- Eflās (Derāsah Moqāranah) (in Arabic), Dār al-Nahḍah al-‘Arabiyya, al-Qāherah, 1980.

Bū Abbās, Alī Jāsem. "Mafhūm al-Tawaqof ‘an al-Daf‘a fī al- Eflās fī al-Qānūn al-Kuwaitī – Derāsah Moqāranah m‘a al-Qanūn al-Mirī wa al-Urdonī", (in Arabic), Majallat al-Ḥoqūq, al-a‘dad 1, San‘āt 44, Jāme‘at al-Kuwait, 2020.

Business Strategy, Vol. 12 No. 1, 1991.

C.B. Reehl & Stephen P. Milner, Cram-Down Interest Rates: The Quest Continues, 30 CAL. BANKR. J. 15, 2009.

Charles W. Mooney Jr., A Normative Theory of Bankruptcy Law: Bankruptcy as (is) Civil Procedure, Faculty Scholarship at Penn Law. 18, 2004.

D Brown, Corporate Rescue: Insolvency Law in Practice, Wiley Series in Commercial Law, J Wiley, New York 1996.

Donald R. Korobkin, Contractarianism and the Normative Foundations of Bankruptcy Law, 71 Texas Law Review 54, 1993.

Donald R. Korobkin, Contractarianisn1 and the Normative Foundations of Bankruptcy Law, 71 TEX. L. REv. 541 1993.

–––, The Role of Nornlative Theory in Bankruptcy Debates, 82 IOWA L. REv. 75 (1996).

Douglas G. Baird & Thomas H. Jackson, Corporate Reorganizations and the Treatment of Diverse Ownership Interests: A Comment on Adequate Protection of Secured Creditors in Bankruptcy, 51 University of Chicago Law Review 97, 1984.

Douglas G. Baird, Loss Distribution, Forum Shopping, and Bankruptcy: A Reply to Warren, University of Chicago Law Review: Vol. 54, Iss. 3, Article 2, 1987.

Duffie, James Darrell & Skeel, David A. Jr, A Dialogue on the Costs and Benefits of Automatic Stays for Derivatives and Repurchase Agreements, Faculty Scholarship at university of Pennsylvania, Penn Law. 386, 2012.

G. Lightman, Voluntary Administration: The New Wave or the New Waif in Insolvency Law?, 2 Ins. LJ 59, 1994.

Himani Singh, Pre-packaged Insolvency in India: Lessons from USA and UK, January 2020, Available at SSRN: https://ssrn.com/abstract=3518287

Isaac M. Pachulski, The Cram Down and Valuation under Chapter 11 of the Bankruptcy Code, 58 N.C. L. Rev. 925, 1980.

Jose M. Garrido, Out-of-Court Debt Restructuring, A World Bank Study No. 66232, 2012.

khoḍīr, Aḥmad ‘alī. Al-Ettejāhāt al-Hadīthah fī e‘ādat Haykalt al-sharekāt: Ru’yah Ḥawla Eṣlāḥ al-sharekāt al-Mamlūkah lill-Dawlah, (in Arabic) Dār al-fekr al-Jāme‘ī, al-Eskandariyya,2012.

Kurt A. Mayr, Enforcing Prepackaged Restructurings of Foreign Debtors under the U.S. Bankruptcy Code, 14 Am. Bankr. Inst. L. Rev. 469, 2006.

LoPucki, A Team Production Theory of Bankruptcy Reorganization, 557 Vanderbilt Law Review 741, 2004.

Makhlūf,anān Abdul-azīz, Haykalat al-Mashrū‘āt al-Mut‘therah Wefqan le-Akām al-Qanūn 11/2018 besh‘an Tanẓīm e‘ādat al-haykalah wa al-ṣol al-wāqī wa al- Eflās, (in Arabic), kullyat al-Ḥoqūq, Jāme‘at Banha, 2018.

Melkawī, Bashār Ḥekmat. Aḥkām Enqadh al-Mashrū‘āt al-Tijāriyya al-Mut‘therah fī al-Qwānīn al-Emārātiyya, (in Arabic), Majallat al-Ḥoqūq،، Jāme‘at al-Kuwait،، a‘dad 4،، San‘āt 40, 2016

Qānūn al-Tijārah al-Kuwaytī, raqm 68, al-Kitāb al-rābiʻ "al-iflās wa-al-ṣulḥ al-wāqī" 1968.

Qasem, Alī Sayed. Qānūn al-a‘māl "al-joz‘ al-khāmes" al- Eflās wa wasā’il Ḥemāyat al-Mashrū‘āt al-Mut‘therah fī al-Qānūn, (in Arabic), Dār al-Nahḍah al-‘Arabiyya, miṣr, 2019.

R. Goode, Principles of Corporate Insolvency Law, Sweet & Maxwell Press, London, 2011.

Randal C. Picker & Douglas G. Baird, A Simple Noncooperative Bargaining Model of Corporate Reorganizations, The Journal of Legal Studies, Vo. 20, No.2, 1991.

Report of The Sub- Committee of The Insolvency Law Committee On Pre-Packaged The Insolvency Resolution Process, Ministry of Corporate Affairs, Government of India, 2020.

S Frisby, A Preliminary Analysis of Pre-Packaged Administrations, The Association of Business Recovery Professionals: Report 3, 2007.

Saleḥ Amīr Arslān Ḥasan Muḥammad, Al-Tanẓīm Al-Qānūnī lel-Eflās Al-Dawlī, (in Arabic), Dār al-nahḍah al-‘arabiyya, miṣr, 2017.

Sanford U. Mba, Financing for Distressed Businesses in the Context of Business Restructuring Law, Springer, 2019.

Shamsān Abdu-Raḥmān Abdu-llāh. Aḥkām al-Mo‘āmalāt al-Tijāriyya (al-Awrāq al-Tijāriyya – al- Eflās. (in Arabic), Dār al-Jāme‘āt al-Yamaniyya, 2000.

Stijn Claessens, Simeon Djankov and Ashoka Mody, Resolution of Financial Distress An International Perspective on the Design of Bankruptcy Laws, WBI development Studies, 2001.

Tādres Khalīl fektor, al-ṭoroq al-weddiyyah wal-Qaḍā‘iyyah le-Enqādh al-Mashrū‘āt al-Mut‘therah menal-Eflās, Derāsah Moqāranah ‘alā Ḍaw‘el Qanūn al-Faransī Raqam 845-2005, (in Arabic) Dār al-Nahḍah al-‘Arabiyya, 2009. 

Teloni, Foteini, Chapter 11 Duration, Preplanned Cases and Refiling Rates: An Empirical Analysis in the Post-BAPCPA Era, 23 Am. Bankr. Inst. L. Rev. 571, 2015. Available at SSRN: https://ssrn.com/abstract=2601755.

Thomas Jackson & R Scott, An Essay on Bankruptcy Sharing and the creditors’ Bargain, 75 Virginia Law Review 155, 1989.

Thomas Jackson, Bankruptcy, Non-Bankruptcy Entitlements and the creditors’ Bargain’, The Yale Law Journal, Volume 91 No 5, 1982.

Thomas Salerno & Craig D Hansen, A Prepackaged Bankruptcy Strategy, Journal of Business Strategy, Vol. 12 No. 1, 1991.

V Finch, The Recasting of Insolvency Law, The Modern Law Review Vo.68 No.5, 2005.

–––, Corporate Insolvency Law: Perspectives and Principles, Cambridge University Press. 2009.

Wakālat al-Anbāʼ al-Kuwaytīyah (Kūnā), al-Tijārah al-Kuwaytīyah : al-Bank al-dawlī yʼkkid tḥsn suhūlat wa-mumārasah al-Aʻmāl bi-al-bilād wnʻml ʻalá taṭwīrihā.

 



[1] وهذا ما قررته التوصية الصادرة عن المفوضية الأوروبية في 12 مارس 2004 رقم 2014/13، التي أوصت بضرورة تبني نهج جديد للتعامل مع المشروعات التجارية المتعثرة، فذكرت الآتي:

"It is necessary to encourage greater coherence between the national insolvency frameworks in order to reduce divergences and inefficiencies which hamper the early restructuring of viable companies in financial difficulties and the possibility of a second chance for honest entrepreneurs, and thereby to lower the cost of restructuring for both debtors and creditors, Furthermore, removing the barriers to effective restructuring of viable companies in financial difficulties contributes to saving jobs and also benefits the wider economy. Making it easier for entrepreneurs to have a second chance would also lead to higher self-employment rates in the Member States." See EU Commission Recommendation of 12 March 2014 on a new Approach to Business Failure and Insolvency (2014/135/EU).

[2] من الجدير بالذكر أنه لا توجد في دولة الكويت مصادرُ دخلٍ أخرى تسهم في تمويل الميزانية العامة بجانب الصادرات النفطية، حيث تحمل الصادرات النفطية عبءَ تمويل الميزانية العامة في دولة الكويت بنسبة 89٪. انظر الحساب الختامي لدولة الكويت لعام 2019/2020، متاح على موقع، وزارة المالية - دولة الكويت https://www.mof.gov.kw/FinancialData/PeriodRvwReport/PDF/FinalAccountPDF/Total2019-2020.pdf#view=fit (آخر زيارة: 11/4/2023).

[3] القانون رقم 1 لسنة 2016 بإصدار قانون الشركات.

[4] قانون تشجيع الاستثمار المباشر في دولة الكويت، رقم (116) لسنة 2013.

[5] القانون رقم 98 لسنة 2013 في شأن الدعم المقدَّم من الصدوق الوطني لرعاية وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

[6] وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، التجارة الكويتية: البنك الدولي يؤكِّد تحسن سهولة وممارسة الأعمال بالبلاد ونعمل على تطويرها، متاح على الرابط: https://www.kuna.net.kw/ArticleDetails.aspx?id=2756158، (آخر زيارة: 18/3/2022).

[7] تجدر الإشارة إلى أن إجراء إعادة الهيكلة الذي نظمه قانون الإفلاس الكويتي الجديد لم يتم تنظيمه في قانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنة 1968؛ حيث إنه في حالة توقف التاجر عن السداد، كان شهر الإفلاس هو الحل الوحيد الذي سوف يطبق على التاجر المفلس، دون توفير آليةٍ أخرى يمكن معها معالجة الاضطراب المالي الذي يصيب التاجر دون شهر إفلاسه. أيضًا إن إجراء إعادة الهيكلة الذي نظَّمه المُشرِّع الكويتي في قانون الاستقرار المالي للدولة عام 2009 يختلف كليًا عن فكرة إعادة الهيكلة التي نظمها قانون الإفلاس الجديد؛ حيث نصَّ قانون الاستقرار المالي على أن تضمن الحكومة 50٪ من القروض الجديدة التي تقدمها المصارف للمؤسسات الاستثمارية المحلية بين عامي 2009 و2010، علاوةً على تقديم ضماناتٍ حكوميةٍ تمتد إلى 15 سنة ضد أي عجز في المخصصات التي تحددها المصارف لمواجهة الديون السابقة؛ وذلك لتشجيع البنوك على تقديم قروضٍ جديدةٍ للشركات المحلية لغرض مواجهة مشكلة نقص السيولة بعد الأزمة العالمية لعام 2008، في حين أن مفهوم إجراء إعادة الهيكلة وفق قانون الإفلاس الجديد -موضوع هذه الدراسة- يدور وجودًا وعدمًا حول كيفية ضمان خروج المدين من الضائقة المالية التي يمر بها، عن طريق تقديم مجموعة من الخطط والبرامج والسياسات التي تستهدف إعادة تنظيم أعمال التاجر الذي يضطرب مركزه المالي تحت إشراف قاضي الإفلاس والأمين. انظر الكتاب الرابع "الإفلاس والصلح الواقي" من قانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنة 1968، أيضا انظر المرسوم بالقانون رقم 2 لسنة 2009 بشأن تعزيز الاستقرار المالي في الدولة.

[8] ويقصد بمصطلح الإفلاس بالنظام الذي يقوم على حصر أموال التاجر؛ تمهيدًا لتصفيتها لتوزيعها على الدائنين بسبب بعجز التاجر على تسديد الديون المستحقة عليه، بالتالي - وكما ذهبت محكمة النقض المصرية - فإن الإفلاس ليس وسيلةً للتنفيذ على الحقوق، وإنما هو نظام يواجه حالات عجز التاجر حسن النية عن الوفاء بالتزامه؛ بحيث يكون حمايةً للدائنين ليتمكنوا من اقتسام أموال المدين بينهم قسمة غرماء. انظر: محكمة النقض المصرية، الحكم الصادر في الطعن رقم 795 لسنة 72 قضائية، بجلسة 2/7/2003.

[9] بشار حكمت ملكاوي، "أحكام انقاذ المشروعات التجارية المتعثرة في القوانين الإماراتية"، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، ع 4، س 40. (ديسمبر 2016)، ص91.

[10] Stijn Claessens, Simeon Djankov and Ashoka Mody, Resolution of Financial Distress An International Perspective on the Design of Bankruptcy Laws, WBI development Studies, 2001, p. 22.

 

[11] عبد الرحمن عبد الله شمسان، أحكام المعاملات التجارية، الأوراق التجارية الإفلاس، دار الجامعات اليمنية، صنعاء، 2000، ص200.

[12] وتجدر الإشارة إلى أن قانون الإفلاس الكويتي الجديد قد حصر انطباق إعادة الهيكلة في الباب الثاني "نطاق التطبيق" على كل شخص طبيعي تثبت له صفة التاجر، الشركات الكويتية وفروع الشركات الأجنبية فيما عدا شركات المحاصة، وعلى أنظمة الاستثمار الجماعي التي تتمتع بالشخصية الاعتبارية. مؤدى ذلك، أن المشرع الكويتي قد حافظ على مضمون قانون الإفلاس باعتباره قانونًا مكملًا للقانون التجاري يتعلق بالدرجة الأولى بالتجار وليس بأصحاب المهن الحرة والحرفيين. وللمزيد حول مفهوم الأعمال التجارية والتاجر، راجع: سميحة القليوبي، الوسيط في شرح القانون التجاري المصري، الجزء الأول "نظرية الأعمال التجارية والتاجر"، ط7، دار النهضة العربية، القاهرة، 2015، ص177 وما بعدها.

[13] علي سيد قاسم، قانون الأعمال، الإفلاس ووسائل حماية المشروعات المتعثرة في القانون رقم 11 لسنة 2018، دار النهضة العربية، القاهرة، 2019، ص334.

[14] رشا مصطفى أبو الغيط، "إعادة هيكلة المشروعات المتعثرة كآلية لتوقي شهر الإفلاس وفقا لأحكام القانون رقم 1 لسنة 2018 بشأن تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس"، مجلة الدراسات القانونية والاقتصادية، مج6، ع2، 3 (2020)، ص116، متاح على الرابط: https://jdl.journals.ekb.eg/article_126252_7355ce4d6e812a4b1afc9ac7d2a34458.pdf

[15] الدليل العلمي لتسويات الديون خارج المحاكم: البنك الدولي، 2016، ص3 وما يليها. متاح على الرابط: https://ammanchamber.org.jo/uploadedfiles/WBGOCWa.pdf (آخر زيارة: 11/4/2023).

[16] D Brown, Corporate Rescue: Insolvency Law in Practice, Wiley Series in Commercial Law, J Wiley, New York 1996, p. 10.

[17] Sanford U. Mba, Financing for Distressed Businesses in the Context of Business Restructuring Law, Springer, 2019, No.3.1, p. 76.

[18] V Finch, The Recasting of Insolvency Law, The Modern Law Review Vo.68 No.5, 2005, p. 727.

[19] سلامة فارس عرب، مبادئ الإفلاس في قانون التجارة الجديد، شروطه آثاره. دار النهضة العربية، القاهرة، 2002.

[20] وتكون أعمال المدين قابلةً للاستمرارية وفق قانون الإفلاس الكويتي الجديد إذا قدَّم تقريرًا فنيًا صادرًا من أحد الأشخاص الذين يجوز لهم القيام بمهام الأمناء وفقا لقانون الإفلاس الكويتي الجديد يتضمن ما يفيد بأنه يرجح الآتي: 1- أن المدين سيتمكن من الاستمرار في سداد ديونه التي ستخضع للتسوية الوقائية، أو إعادة الهيكلة في السياق العادي لممارسة أعماله. 2- أنه سيترتب على الموافقة على مقترح التسوية الوقائية، أو إعادة الهيكلة أن تعود أعمال المدين الى الربحية. انظر الباب الأول "التعاريف" من قانون الإفلاس الكويتي الجديد رقم 71 لسنة 2020.

[21] ويقصد بالتوقف عن الدفع وفق قانون الإفلاس الكويتي الجديد عدم وفاء المدين بأي دينٍ حال الأداء بعد مضي أسبوع على إنذاره، حتى لو كانت أموال المدين تكفي لسداد ديونه، وحتى لو كان الدين الذي لم يسدد مضمون بضمانات تكفي لسداده. انظر الباب الأول "التعاريف" من قانون الإفلاس الكويتي الجديد رقم 71 لسنة 2020.

[22] ويمكن التوصل إلى المقصود باضطراب المركز المالي للمدين عن طريق معيارين رئيسين، المعيار الأول: معيار "القوائم المالية" Balance Sheet وهو معيار محاسبي حيث تعتبر الشركة -المدين- متعثرةً ماليًا -وفقًا له- إذا كانت قيمة أصول وموجودات الشركة أقل من التزامات الشركة؛ وذلك عن طريق تقييم كلٍّ من أصول الشركة والتزاماتها القائمة، سواء الالتزامات الحالية والمستقبلية، أو الالتزامات غير الملموسة. أما المعيار الثاني: معيار "التدفقات النقدية" Cash Flow، والذي سوف يعتبر المركز المالي للشركة -المدين- مضطربًا عندما تتوقف عن دفع ديونها عند حلول أجلها، حتى لو كان مجموع أصول الشركة يفوق التزاماتها، حيث إن الفكرة أن الدائن ليس مُلزَمًا بالانتظار أكثر من موعد سداد الدين؛ بسبب فشل الشركة في تحويل بعض أصولها لنقدٍ وفقًا لمعيار القوائم المالية. وتكمن أهمية هذين المعيارين في أنهما سوف يساعدان محكمة الإفلاس في التأكد من حقيقة المركز المالي للمدين؛ حيث إنه بالرغم من أن المدين يستطيع التحقق من حقيقة مركزه المالي عن طريق فحص ومراجعة دفاتره التجارية؛ للتوقف على حقيقة مركزه المالي، وهل التوقف عن دفع ديونه الحالية ترتب عليه فعليًا عجزٌ في مركزه المالي، إلا أن القضاء قد لا يعوِّل على هذا التحقق الذي يقوم به المدين وآية ذلك أن المدين قد يكون قد أخطأ في تقدير مركزه المالي، أو أنه كان عاجزً عن التصرف في تجارته. انظر محكمة التمييز الكويتية، طعن بالتمييز رقم 340/2007 تجاري/4، جلسة 24/4/2008.

[23] فكما يرى الدكتور علي بو عباس في دراسته لمفهوم التوقف عن الدفع في الإفلاس وفق أحكام الإفلاس لقانون التجارة الكويتي "إن مفهوم التوقف عن الدفع لدى الدائن الذي يخوِّل له طلب شهر الإفلاس هو حالة التوقف عن الدفع دون النظر الى المركز المالي للمدين، أي أن انهيار الوضع المالي للمدين من عدمه ليس محلَ نظرٍ بالنسبة للدائن؛ ذلك لأن الدائن يرى أن توقف المدين عن الدفع يعد قرينة على انهيار مركزه المالي بشكل لا يستطيع معه التاجر النهوض من جديد، وعدم قدرته على سداد الديون بشكلٍ قطعي، وما على التاجر في هذه الحالة إلا إثبات عكس ذلك، وأن عدم قدرته على الدفع ناتجة عن حالة وقتية وعرضية سرعان ما تزول". انظر علي جاسم بو عباس، "مفهوم التوقف عن الدفع في الإفلاس في القانون الكويتي دراسة مقارنة مع القانون المصري واللبناني والأردني"، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، السنة 44، ع1 (مارس 2020)، ص116، انظر أيضا إلى صفوت ناجى بهنساوي: مفهوم التوقف عن الدفع في نظام الإفلاس (دراسة مقارنة)، دار النهضة العربية، القاهرة، 1980، ص14.

[24] انظر المواد 13، 97 من قانون الإفلاس الكويتي الجديد رقم 71 لسنة 2020.

 

[25] A Flessner, Philosophies of Business Bankruptcy Law: An International Overview, OUP Oxford, 1994, pp. 1324.

[26] وهذا ما تناوله الدكتور أحمد علي خضیر؛ حيث خصص المبحث الثاني من مؤلفه لعرض الاتجاهات الحديثة في إعادة هيكلة الشركات، من خلال حوكمة الشركات كأساس لإعادة_ الهيكلة، وماهي أدوات إعادة الهيكلة في الشركات من حيث التقییم والتثمين. انظر: أحمد علي خضیر، الاتجاهات الحديثة في إعادة هيكلة الشركات: رؤیة حول إصلاح الشركات المملوكة للدولة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2012.

[27] Thomas Jackson, Bankruptcy, Non-Bankruptcy Entitlements and the creditors Bargain, The Yale Law Journal, Volume 91 No 5, 1982, p. 857.

[28] Donald R. Korobkin, Contractarianism and the Normative Foundations of Bankruptcy Law,71 Texas Law Review 54, 1993, p. 575.

[29] G. Lightman, Voluntary Administration: The New Wave or the New Waif in Insolvency Law?, 2 Ins. LJ 59, 1994, p. 62.

[30] Douglas G. Baird & Thomas H. Jackson, Corporate Reorganizations and the Treatment of Diverse Ownership Interests: A Comment on Adequate Protection of Secured Creditors in Bankruptcy, 51 University of Chicago Law Review 97, 1984, p. 100.

[31] Douglas G. & Baird, Loss Distribution, Forum Shopping, and Bankruptcy: A Reply to Warren, University of Chicago Law Review: Vol. 54, Issue 3, Article 2, 1987, p. 816.

[32] Randal C. Picker & Douglas G. Baird, A Simple Noncooperative Bargaining Model of Corporate Reorganizations, The Journal of Legal Studies, Vo. 20, No.2, 1991, p. 312.

[33] Thomas Jackson& R Scott, An Essay on Bankruptcy Sharing and the creditors Bargain, 75 Virginia Law Review 155, 1989, p.162.

[34] See Generally Donald R. Korobkin, The Role of Nornlative Theory in Bankruptcy Debates, 82 IOWA L. REv. 75 (1996).

[35] Donald R. Korobkin, Contractarianisn1 and the Normative Foundations of Bankruptcy Law, 71 TEX. L. REv. 541 1993, pp. 121-122.

[36] Charles W. Mooney Jr., A Normative Theory of Bankruptcy Law: Bankruptcy as (is) Civil Procedure, Faculty Scholarship at Penn Law. 18., 2004, p. 937.

[37] LoPucki, A Team Production Theory of Bankruptcy Reorganization, 557 Vanderbilt Law Review 741, 2004, p. 749.

[38] R. Goode, Principles of Corporate Insolvency Law, Sweet & Maxwell Press, London, 2011, p. 111.

[39] المادة 13 من القانون نفسه رقم 71 لسنة 2020.

[40] المادة 14 من قانون الإفلاس رقم 71 لسنة 2020.

[41] المادة 108 من قانون الإفلاس رقم 71 لسنة 2020.

[42] V. Finch, Corporate Insolvency Law: Perspectives and Principles, Cambridge University Press. 2009, p. 146.

[43] المادة 131 من قانون الإفلاس رقم 71 لسنة 2020.

[44] انظر المادة 20 من قانون الإفلاس رقم 71 لسنة 2020، كذلك انظر المادة 20 من اللائحة التنفيذية لقانون الإفلاس رقم 71 لسنة 2020 الصادرة بالقرار رقم 81 لسنة 2021.

[45] وهذا ما قررته أيضا المادة 105من اللائحة التنفيذية لقانون الإفلاس رقم 71 لسنة 2020 الصادرة بالقرار رقم 81 لسنة 2021.

[46] المادة 98 من قانون الإفلاس رقم 71 لسنة 2020.

[47] هذا ويجب الإشارة إلى أن خطة إعادة الهيكلة يجب أن تتضمن وصفًا تفصيليًا لبعض البيانات الجوهرية اللازمة لنجاح الخطة، فتري الدكتورة رشا مصطفى أبو الغيط أنه "يجب أن تتضمن الخطة وصفًا تفصيليًا للوضع الكائن، من حيث الأنشطة التشغيلية وتحديد نقاط القوة والضعف، هيكل الإدارة، الاستراتيجية التي أدت إلى الاضطراب المالي والإداري، الأصول والموجودات والحسابات المصرفية، العقود السارية ومدى احتمال فسخها، أو عدم تجديدها أثر الاضطراب المالي والإداري للمدين والالتزامات والأثار الناجمة عن ذلك، وصف سائر التدفقات المالية الداخلة والخارجة بوجه عام، تحديد الالتزامات كافة التي تقع على عاتق المدين. ويجب أن تطرح خطة إعادة الهيكلة رؤية واستراتيجية إعادة الهيكلة للمرحلة القادمة، وماهي السياسات اللازمة لتحقيق تلك الرؤية، كتحديد المجال الذي ستركز عليه أعمال المدين، وما هو الشكل القانوني للمشروع؟ وما هي آليات تنفيذ هذه الاستراتيجيات على الصعيدين المالي والإداري؟ وما التوقعات المالية المترتبة على عملية إعادة الهيكلة؟ وما هي كافة التصورات - أفضل الفروض وأسوأها - التي قد تواجه خطة إعادة الهيكلة حتى يكون الدائنين على بينة من أمرهم؟ وذلك من حيث قياس الأثر السلبي المتوقع للخطة، ونسبة المخاطر التي قد يتعرض لها الدائنون عند موافقتهم على الخطة مقابل عدم موافقتهم واللجوء لطلب لشهر الإفلاس والتصفية." انظر: أبو الغيط، "إعادة هيكلة المشروعات المتعثرة"، ص25.

[48] المادة 117 من قانون الإفلاس رقم 71 لسنة 2020.

[49] الفقرة الأخيرة من المادة 16 من قانون الإفلاس وإعادة الهيكلة والاستقرار المالي.

[50] وهي القاعدة التي نظمها قانون الإفلاس الكويتي الجديد في المادة 102، والتي نصت على أنه "يترتب على صدور قرار افتتاح إجراءات إعادة الهيكلة وقف المطالبات من اليوم التالي لتاريخ صدور القرار وحتى تاريخ التصديق على خطة إعادة الهيكلة، وعلى إدارة الإفلاس بناءً على طلب المدين تسليمه إفادة بوقف هذه المطالبات".

[51]Duffie, James Darrell & Skeel, David A. Jr, A Dialogue on the Costs and Benefits of Automatic Stays for Derivatives and Repurchase Agreements, Faculty Scholarship at university of Pennsylvania, Penn Law. 386., 2012, p. 2.

[52] المادة 117 من قانون الإفلاس رقم 71 لسنة 2020، كذلك انظر المادة 117 من اللائحة التنفيذية لقانون الإفلاس رقم 71 لسنة 2020 الصادرة بالقرار رقم 81 لسنة 2021.

[53] المادة 117 من القانون نفسه رقم 71 لسنة 2020.

[54] المادة 118 من القانون نفسه رقم 71 لسنة 2020.

[55] المادة 98 من قانون الإفلاس رقم 71 لسنة 2020.

[56] U.S.C. § 1121 (b) 11.

[57] U.S.C. § 1121 (before the enactment of the 2005 Act).

[58] كانت المحاكم الأمريكية تقوم بالموافقة على طلب تمديد فترة تقديم خطة إعادة الهيكلة من قبل الشركات بشكل روتيني؛ وذلك دون تدقيقٍ شديدٍ على هذه الطلبات؛ حرصًا من المحاكم على عدم حل الشركة وتصفيتها، بل بقائها واستمرارها، حيث قام قضاة الإفلاس في الولايات المتحدة الأمريكية بمنح مهلةٍ إضافيةٍ لأربع وثلاثين شركة من أصل كلي 44 شركة قدمت طلب منح المهلة الإضافية. انظر:

Teloni, Foteini, Chapter 11 Duration, Preplanned Cases and Refiling Rates: An Empirical Analysis in the Post-BAPCPA Era, 23 American University Bankr. Inst. L. Rev. 571, 2015, p. 2, Available at SSRN: https://ssrn.com/abstract=2601755. (Last Visited 24/3/2022).

[59] Statistical Tables for the Federal Judiciary: Business and Nonbusiness Cases Filed—Table F-2, Admin of The U.S. CTS. (Dec. 31, 2010) Available at www.uscourts.gov/file/10999/download (Last Visited 22/3/2022).

[60] In re Johns-Mansville, 843 F.2d 636, 63941 (2d Cir. 1988).

[61] 11 U.S.C. § 1121 (2) (A).

[62] المادة 99 من مرسوم بقانون اتحادي رقم 9 لسنة 2016 بشأن الإفلاس.

[63] المادة 102 من المرسوم السابق.

[64] وقد قرر قانون الإفلاس الكويتي الجديد في المادة 117 منه أن يقوم المدين تحت إشراف الأمين بإعداد خطة إعادة الهيكلة، وللمدين أن يستعين بلجنة الإفلاس في إعداد الخطة إذا كانت المديونية خاضعة لإشرافها. ومع ذلك، نجد أن بعض الأنظمة القانونية المقارنة قد أوكلت مهمة إعداد خطة إعادة الهيكلة للجنةٍ خاصةٍ تُشكَّل من الخبراء المقيدين بجدول خبراء إدارة الإفلاس، فعلى سبيل المثال، قررت المادة 14 من قانون التسوية الوقائية وإعادة الهيكلة والإفلاس المصري الجديد لقاضي الإفلاس تشكيل لجنة تسمى (لجنة إعادة الهيكلة) من الخبراء المقيدين بجدول خبراء إدارة الإفلاس، وتختص هذه اللجنة بوضع خطة إعادة الهيكلة وإدارة أصول التاجر وتقييمها بالإضافة إلى ما تُكلَّف به من أعمالٍ أخرى. أيضا نصت المادة 21 قانون التسوية الوقائية وإعادة الهيكلة والإفلاس المصري الجديد على أنه "يعتمد قاضي الإفلاس خطة إعادة الهيكلة التي ترفعها لجنة إعادة الهيكلة بناءً على موافقة الأطراف الموقعين عليها...". انظر المادة 117 من قانون الإفلاس رقم 71 لسنة 2020، كذلك، انظر المواد 21,14 من قانون تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس رقم 11 لسنة 2018.

[65] New Eng. Coal & Coke Co. v. Rutland R. Co., 143 F.2d 179 (1944); 11 U.S.C. § 1129b.

[66]Isaac. M. Pachulski, The Cram Down and Valuation under Chapter 11 of the Bankruptcy Code, 58 N.C. L. Rev. 925, 1980, p. 927.

[67] C.B. Reehl & Stephen P. Milner, Cram-Down Interest Rates: The Quest Continues, 30 CAL. BANKR. J. 15, 2009, p. 19.

[68] نصت المادة 79 من الفصل الثالث على "الموافقة على مقترح التسوية الوقائية والتصديق عليه وتنفيذه" من قانون الإفلاس الجديد على أن: "يكون مقترح التسوية الوقائية مستوفيًا موافقة الدائنين إذا وافقت عليه الأغلبية المطلوبة، فإذا لم يحصل المقترح على موافقة هذه الأغلبية في الاجتماع الأول للدائنين، يُؤجَّل الاجتماع لمدة عشرة أيام لاجتماعٍ يُعقَد للتصويت على المقترح، وإذا لم يحصل المقترح على موافقة الأغلبية المطلوبة في الاجتماع المُؤجَّل، يعتبر ذلك رفضًا لمقترح التسوية الوقائية". وتجدر الإشارة إلى أن المادة 122 من الفرع الثاني "الموافقة على خطة إعادة الهيكلة والتصديق عليها" من قانون الإفلاس الكويتي الجديد قد قررت أنه تسري على الموافقة على خطة إعادة الهيكلة والتظلم على هذه الموافقة وعلى التصديق على الخطة الأحكام الواردة في الباب الخاص بالتسوية الوقائية.

[69] المادة 104 من قانون الإفلاس رقم 71 لسنة 2020.

[70] المادة 80 من نظام الإفلاس السعودي الجديد.

[71] المادة 103 من مرسوم بقانون اتحادي رقم 9 لسنة 2016 بشأن الإفلاس.

[72] وفي دولة قطر، فإنه لا يوجد تشريع أو قانون شامل خاص للإفلاس وإعادة الهيكلة والصلح الواقي من الإفلاس، فالقانون الوحيد الموجود حاليًا حول هذا الأمر هو قانون التجارة رقم (27) لسنة 2006، الذي نظم عملية شهر الإفلاس، والصلح الواقي من الإفلاس من المواد 606 وما بعدها؛ وذلك دون تنظيم عملية إعادة هيكلة المشروعات التجارية المتعثرة.

[73] وتجدر الإشارة إلى أن إعادة الهيكلة المختلطة قد ظهرت للمرة الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية؛ نتيجةً للممارسات التي يقوم بها المدينين في الواقع العملي لتحاشي المعوقات التي وردت في قانون الإفلاس. وبسبب النجاح الباهر الذي أحدثته إعادة الهيكلة المختلطة في الولايات المتحدة؛ انتشر هذا النوع من إعادة الهيكلة في معظم دول أوروبا، فعلى سبيل المثال، قامت جمهورية فرنسا في عام 2010 بتنظيم هذه النوع من إعادة الهيكلة وفقًا لقانون البنوك والمؤسسات المالية "Loi de Régulation Bancaire et Financière"، أيضًا، قامت جمهورية ألمانيا في عام 2011 بتقنين هذه النوع من إعادة الهيكلة في منظومتها التشريعية (Gesetz zur weiteren Erleichterung der Sanierung von Unternehmen).

[74] أبو الغيط، إعادة هيكلة المشروعات المتعثرة، ص21 وما يليها.

[75] وتصف الدكتورة حنان مخلوف أستاذة القانون التجاري والبحري في جامعة بنها إعادة الهيكلة المختلطة بأنها "عملية إعادة الهيكلة التي تتم من خلال إجراءات مختلطة، تضمن ترتيبات تجمع بين إعادة الهيكلة غير الرسمية خارج نطاق المحاكم؛ وذلك من خلال اتفاق يتم التوصل اليه بالتفاوض المباشر بين المدين ودائنيه، وتضم إلى جانب ذلك عناصرَ إشرافٍ وإجراءاتٍ رسميةٍ من المحاكم، أو هيئة رسمية". انظر إعادة هيكلة المشروعات المتعثرة وفقا لأحكام القانون رقم (11) لسنة 2018 بشأن تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس، حنان عبد العزيز مخلوف، كلية الحقوق جامعة بنها،

https://www.researchgate.net/publication/338297663_aadt_hyklt_almshrwat_almtthrt_wfqaa_lahkam_alqanwn_rqm_11_lsnt_2018_bshan_tnzym_aadt_alhyklt_walslh_alwaqy_w_alaflas.

[76] Thomas Salerno & Craig D Hansen, A Prepackaged Bankruptcy Strategy, Journal of Business Strategy, Vol. 12 No. 1, 1991. p. 39.

[77] Kurt A. Mayr, Enforcing Prepackaged Restructurings of Foreign Debtors under the U.S. Bankruptcy Code, 14 Am. Bankr. Inst. L. Rev. 469, 2006, p. 497.

[78] Jose M. Garrido, Out-of-Court Debt Restructuring, A World Bank Study No. 66232, 2012.

[79] Teloni, Foteini, Chapter 11 Duration, Preplanned Cases and Refiling Rates: An Empirical Analysis in the Post-BAPCPA Era, 23 Am. Bankr. Inst. L. Rev. 571, 2015, p. 2, Available at SSRN: https://ssrn.com/abstract=2601755.

[80] محمد لحدان المهندي، إعادة هيكلة المشروعات التجارية المتعثرة في ضوء القانون القطري، [رسالة مقدمة استكمالا لمتطلبات كلية القانون للحصول على درجة الماجستير في القانون الخاص]، كلية القانون، جامعة قطر، 2021، ص2.

[81] Report of The Sub- Committee of The Insolvency Law Committee On Pre-Packaged Insolvency Resolution Process, Ministry of Corporate Affairs, Government of India, October 2020, At p 23

[82] S. Frisby, A Preliminary Analysis of Pre-Packaged Administrations, The Association of Business Recovery Professionals: Report 3, 2007, p. 15.

[83] See Generally Himani Singh, Pre-packaged Insolvency in India: Lessons from USA and UK, January 2020, Available at SSRN: https://ssrn.com/abstract=3518287 (Last Visited 22/3/2022).

[84] المادة 14 من قانون الإفلاس رقم 71 لسنة 2020.

[85] هذا على خلاف قانون التسوية الوقائية، وإعادة الهيكلة المصري الجديد الذي قد قصر الحق في تقديم طلب إعادة الهيكلة للتاجر المدين وحده؛ لذلك وبمفهوم المخالفة، لا يجوز لدائني المدين التقدم بطلب إعادة الهيكلة، حتى ولو كانت لهم مصلحةٌ ظاهرةٌ فيه من أجل تجنب إفلاس المدين. انظر: المادة 1/15 من قانون تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس رقم 11 لسنة 2018. ويرى بعض الفقه المصري أنه حسنًا فعل المشرع المصري عندما قرر أن المدين الوحيد الذي يقدِّر موقفه المالي، ومدى حاجته إلى إجراء إعادة الهيكلة من عدمه؛ وذلك بمنح المدين التاجر وحده الحق في التقدم بطلب إعادة الهيكلة، وآية ذلك أن السماح لدائن المدين بالتقدم بطلب إعادة الهيكلة قد يؤدي الى استعداء المدين للدائنين، الأمر الذي سوف يؤثر بالسلب على إعادة الهيكلة، ويقوِّض نجاحها، خاصة في بعد إقرار المحكمة والسماح للمدين بمواصلة النشاط وإدارة أعماله، فقد يعمد للإضرار بالدائنين؛ بأن يتصرف بسوء نيةٍ وباحتيالٍ. انظر: حسين الماحي، تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2019، ص56 وما بعدها.

[86] المادة 17 من قانون الإفلاس رقم 71 لسنة 2020.

[87] وتجدر الإشارة الى أن مشروع قانون الإفلاس الكويتي الجديد كان قد قرر أن مصلحة الدائن في استيفاء حقوقه تُقدَّم على غيرها إن تعذر التوفيق بين مصالح ذوي الشأن؛ حيث نصت الفقرة الثانية من المادة 24 من مشروع القانون على" ويُصدِر قاضي الإفلاس قرارَه بافتتاح إجراءات التسوية الوقائية، أو بإعادة الهيكلة، أو شهر الإفلاس؛ وفقًا لما يراه مُحقِّقًا لمصلحة المدين، والعاملين لديه، والدائنين، على أن مصلحة الدائن في استيفاء حقوقه تُقدَّم على غيرها إن تعذر التوفيق بين مصالح ذوي الشأن" عليه، حتى لوكان قاضي الإفلاس يرى مصلحةً جديَّةً -للمدين- في التفاوض الخاص مع كبار الدائنين خارج نصوص قانون الإفلاس الجديد؛ ليتم تقديم خطة إعادة هيكلة مباشرة لقاضي الإفلاس، وانطباق قواعد إعادة الهيكلة على هذه الخطة؛ ليتم تنفيذها وفقًا لمشروع القانون المُقدَّم. إن اعتراض بقية الدائنين الذين لم يشتركوا في خطة إعادة الهيكلة المختلطة سوف يلزم قاضي الإفلاس بتغليب مصلحة الدائنين الذين لم يشتركوا في خطة إعادة الهيكلة؛ وذلك بسبب تعذر التوفيق بين مصالح ذوي الشأن أي مصالح الدائنين، إلَّا أنه حسنًا فعل المُشرِّع الكويتي عندما أعاد صياغة هذا النص في نص المادة 29 من قانون الإفلاس الجديد؛ حيث قرر" يبت قاضي الإفلاس في الطلب، خلال عشرة أيامٍ من تاريخ انتهاء المدة المحددة للرد عليه، بإصدار قراره بافتتاح إجراءات التسوية الوقائية، أو إعادة الهيكلة، أو شهر الإفلاس، ويُعيِّن في قراره تاريخًا مؤقتًا للتوقف عن الدفع".

[88] المادة رقم 1 من الباب الأول التعاريف، الأغلبية المطلوبة، قانون الإفلاس رقم 71 لسنة 2020.

[89] نصت الفقرة الثانية من المادة 124 من قانون الإفلاس الكويتي الجديد على "وفي حالة رفض الخطة لقاضي الإفلاس خلال مدة أقصاها عشرة أيام من تاريخ إخطار إدارة الإفلاس؛ بذلك بإصدار قرار- بناء على طلب المدين بالتصديق على الخطة التي تم رفضها...".

[90] المادة 42 من نظام الإفلاس السعودي الجديد، متاح خلال:

https://bankruptcy.gov.sa/ar/BankruptcyLaw/SystemAndRegulations/Pages/default.aspx

(Last Visited 20/3/2022)

[91] المادة 47 من نظام الإفلاس السعودي الجديد.

[92] المرجع السابق نفسه.

 

[93] وذلك على خلاف إجراء الإفلاس الذي يتميز بالتشديد مع التاجر المُفلِس؛ إذ يمنعه من إدارة أمواله، والتصرف فيها، فضلًا عن إسقاط بعض حقوقه، الأمر الذي يترتب عليه حرص التاجر الحفاظ على مركزه المالي، وسمعته التجارية؛ حتى لا يتعرض للإفلاس. انظر: بشار حكمت ملكاوي، "أحكام إنقاذ المشروعات التجارية المتعثرة في القوانين الإماراتية"، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، ع4، س40، مجلس النشر العلمي: جامعة الكويت 2016)،) ص9.

[94] نصت المادة 99 من قانون الإفلاس رقم 71 لسنة 2020 على أن: "يبقى المدين، بعد صدور قرار افتتاح إجراءات إعادة الهيكلة، قامت بإدارة أعماله، وأمواله تحت إشراف الأمين، وله أن يقوم بجميع التصرفات التي يقتضيها نشاطه التجاري بما لا يؤثر على مصلحة الدائنين؛ وذلك ما لم يقرر قاضي الإفلاس خلاف ذلك".

[95] وتجدر الإشارة إلى أن أحكام القانون رقم 1 لسنة 2018 بشأن تنظيم إعادة الهيكلة، والصلح الواقي، والإفلاس المصري قد اشترطت حسن نية المدين لقبول طلب إعادة الهيكلة؛ إعمالًا لنص المادة 15 من القانون، والتي نصت على أن: "لكل تاجرٍ، لا يقل رأس ماله عن مليون جنيه، وزاول التجارة بصفةٍ مستمرةٍ خلال السنتين السابقتين على تقديم الطلب ولم يرتكب غشًا، أن يطلب إعادة الهيكلة. ولا تجوز إعادة هيكلة الشركة وهي في دور التصفية"، إلَّا أن المشرِّع المصري لم يحدد في القانون رقم 1 لسنة 2018 تصرفاتٍ معينةً يمكن، وفقًا لها القول بوجود غش من جانب المدين، إنَّما جاء النص عامًّا يحرم المدين من الاستفادة من إجراء إعادة الهيكلة متى صدر منه فعل يعتبر من قبيل الغش. انظر المادة 15 القانون رقم 1 لسنة 2018 بشأن تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس المصري، انظر أيضًا إلى خليل فيكتور تادرس، الطرق الودية والقضائية لإنقاذ المشروعات المتعثرة من الإفلاس، دراسة مقارنة على ضوء القانون الفرنسي رقم 845-2005، دار النهضة العربية، 2009، بند 61، ص103.

[96] ملكاوي، ص92.

[97] انظر المادة 263 وما يليها من الفصل الثالث "مديونات المشاريع الصغيرة، والمتوسطة" من قانون الإفلاس الكويتي الجديد رقم 71 لسنة 2020.

[98] انظر المادتين 126، 127 من قانون الإفلاس الكويتي الجديد رقم 71 لسنة 2020.

[99] الفقرة الثانية من المادة 99 من القانون السابق.