Submitted: 10/02/2022

Reviewed: 19/03/2021

Accepted: 21/09/2022

الأحكام القانونية للمحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير: دراسة تحليلية مقارنة بين كلٍ من القانون الفرنسي والكويتي والقطري

يوسف حامد الياقوت

أستاذ القانون الخاص المساعد، كلية الحقوق، جامعة الكويت، دولة الكويت

dr.yousef.alyaqout@gmail.com

ملخص

تهدف هذه الدراسة إلى بيان الأحكام القانونية الخاصة للمحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير. فعلى الرغم من أن المحجوز لديه يعتبر من "الغير" إلا أنه ينفرد في هذا الحجز بأحكام خاصة تستوجب دراستها ومعالجتها؛ لكونها تثير العديدَ من المسائل القانونية والإشكاليات العملية التي لم يسبق دراستها بشكل دقيق وبصورة شاملة.

وعليه؛ فقد تم تسليط الضوء على ماهية التزامات المحجوز لديه في هذا الحجز، وبيان أسس مسؤوليته، وضوابط تطبيق الجزاءات القانونية، وقواعد الإعفاء منها، متبعين في ذلك المنهج التحليلي المقارن، من خلال تحليل الإطار المفاهيمي والقانوني المنظِّم لأحكام المحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير وفقًا للقانون الكويتي والقطري لمقارنته بتجربة القانون الفرنسي؛ بغرض وضع الحلول الفعّالة التي تسهم في بلورة نظامٍ قانونيٍ متكاملٍ، يستهدف تعزيز مكانة ومركز المحجوز لديه، وتفعيل دوره المنشود في ضمان استرجاع الحقوق لأصحابها بأسرع الأوقات وأيسر الطرق، بما يتناسب ومقتضيات التجارة الدولية ومتطلبات العدالة الناجزة وكسب ثقة المستثمرين وجميع المتعاملين.

وفي الختام، توصّلنا لمجموعة من الاقتراحات والتوصيات للمشرعَيْن الكويتي والقطري، ولعل أهمها ضرورة تبني المفهوم الحديث لحجز ما للمدين لدى الغير كما نظمّه القانون الفرنسي في الحجز التخصيصي، مع أهمية تحديد مفهوم "الغير" المحجوز لديه بشكل دقيق وضوابط تحقق صفته لضمان التطبيق الصحيح للأحكام الخاصة به، مع الإشارة إلى أهمية تكريس المبدأ الإجرائي العام بالالتزام بعدم عرقلة إجراءات التنفيذ، وإقرار التوجه الحديث لقيام مسؤولية المحجوز لديه، مع ضرورة تبني مبدأ التعاون الفوري والمشاركة الإيجابية؛ لضمان حسن سير تلك الإجراءات وتحقيق أهدافها المرجوة.

الكلمات المفتاحية: المحجوز لديه، الإجراءات التنفيذية، حجز ما للمدين لدى الغير، الالتزامات القانونية للمحجوز لديه، الجزاءات الخاصة

للاقتباس: الياقوت، يوسف حامد. "الأحكام القانونية للمحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير: دراسة تحليلية مقارنة بين كلٍ من القانون الفرنسي والكويتي والقطري"، المجلة الدولية للقانون، المجلد الثاني عشر، العدد المنتظم الأول، 2023

© 2023، الياقوت، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه؛ طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.

 


 

Submitted: 10/02/2022

Reviewed: 19/03/2021

Accepted: 21/09/2022

The Legal Provisions of the Garnishee in an Attachment for a Debtor to a Third Party: A Comparative Analytical Study between French, Kuwaiti and Qatari Law

Yousef Alyaqout

Assistant Professor of Private Law, School of Law, Kuwait University, The State of Kuwait

dr.yousef.alyaqout@gmail.com

Abstract

This study aims to demonstrate the special legal provisions of the garnishee in an attachment for debtor dues from the third parties. The garnishee is considered a third party, but singled-out with special provisions that need to be studied as they raise numerous legal and practical issues that have not been dealt with thoroughly. Accordingly, light has been shed on identifying the garnishee legal obligations, the liabilities’ bases, the guidelines for implementing penalties and the rules for waiving the same.

The study follows the comparative analytical approach. It analyzes the legal and conceptual frame in the garnishee’s provisions regulating an attachment for debtor dues from the third parties under the Kuwaiti, and Qatari laws in comparison with the French one. This was to propose effective solutions to develop an integrated legal system that strengthens the garnishee’s legal status, and activates the sought role towards the fastest and smoothest recovery of rights, in line with the requirements of international trade, prompt justice, enhancing the confidence of investors, and all dealers.

In conclusion, the study placed a set of proposals and recommendations for Kuwaiti and Qatari legislators; including most importantly the need to adopt the modern concept of attachment for garnishee as regulated by the French law in the allocation attachment, with the importance of accurately defining the concept of the "third parties" of the garnishee; in addition to regulating its status actualization to ensure proper implementation of its concerned provisions, taking into consideration the importance of establishing the general procedural principle against obstructing the execution. Moreover, acknowledging the modern orientation of the garnishee liability, while adopting the principle of prompt cooperation and positive participation to ensure the smooth implementation of those actions and the achievement of their goals.

Keywords: Garnishee; Executive proceedings; Attachment for a debtor to a third party; Garnishee liabilities; Special penalties

Cite this article as Alyaqout Y. "The Legal Provisions of the Garnishee in an Attachment for a Debtor to a Third Party: A Comparative Analytical Study between French, Kuwaiti and Qatari Law," International Review of Law, Volume 12, Regular Issue 1, 2023

© 2023, Alyaqout, licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.


 

المقدمة

تَوسُّع العلاقات والتعاملات بين الأفراد والمؤسسات يؤدي إلى نشوء الالتزامات القانونية، والأصل أن يتم تنفيذها طواعية وبحسن نية وعفوية؛ وذلك على اعتبار أن الأساس في الوفاء بالالتزامات هو الأداء الاختياري دون الحاجة لاتخاذ أي إجراءٍ قانونيٍ. لكن في حال تعسف أحد الاطراف وامتناعه عن الوفاء أو مماطلته وتسويفه في أداء التزاماته وبقصد الإضرار بالآخر، فإن الدولة تتكفل عن طريق تشريعاتها وأجهزتها القضائية بضمان الحصول على الحقوق بأفضل الوسائل وأنسب الإجراءات؛ ولذلك، قُرِّرت القوانين الحديثة ونصت على قواعد صارمة وحاسمة؛ بهدف الحد من تعسف المدين وتعمد مماطلته في الوفاء. وعليه، فقد منحت التشريعات المقارنة للدائن الحقَ بأن يحجزَ على أموال مدينه والتنفيذ عليها ولو كانت تلك الأموال تحت يد الغير؛ وذلك من خلال اللجوء لنظام حجز ما للمدين لدى "الغير"، الذي يعتبر من أهم الإجراءات القانونية الكفيلة بحفظ الحقوق؛ حيث يعتبر حق الدائن في مباشرة هذا الحجز هو حق قائم بذاته ويتفرع عن حق الضمان العام للدائن على جميع أموال مدينه.

ونظرًا لما يتميز به نظام هذا الحجز من الخصوصية باعتبار أن فكرة الحجز لدى الغير تعتبر فكرة إجرائية يستلزم استيفائها لمجموعة من الشروط والأركان واحترام بعض القواعد والأسس الناتجة عن تعدد الأطراف وتنوع الإجراءات؛ ولذلك، اختلفت القوانين المقارنة في تنظيم هذا الحجز عن طريق سن أحكام قانونية خاصة تتناسب مع طبيعته وغايته. وذلك لأن تحقيق هدف أي نظام ونجاحه، يرتكز أساسً على شمولية المفاهيم القانونية الخاصة به، ومراعاة أسسه، واحترام مبادئه؛ ولهذا السبب تسارعت بعض القوانين في تطوير القواعد الموضوعية والإجرائية لنظام حجز ما للمدين لدى الغير، كما فعل المشرع الفرنسي حينما أنشأ النظام الجديد للحجز التخصيصي، ليحل بدل نظام حجز ما للمدين لدى الغير التقليدي؛ وذلك بهدف تحقيق أقصى درجات الفعالية لهذه الإجراءات، وبلوغ الغاية المرجوة من مباشرة الحجز، بينما لا تزال بعض التشريعات الأخرى تتعامل مع هذا النظام في إطار قواعده التقليدية لتنظيم أحكامه وإجراءاته.

وتجدر الإشارة إلى أن حجز ما للمدين لدى الغير قد احتل أهميةً بالغةً في الواقع العملي؛ لأنه يُعتبَر من أيسر الطرق اتباعً، وأكثرها انتشارً؛ نظرًا لفعاليته وسهولة إجراءاته مقارنة بالحجوزات الأخرى، كما أنه يُعدّ الطريق الأمثل والأسرع لكي يستوفي الدائن على حقوقه لكونه يستند أساسًا على الغير من خلال علاقته القانونية بالمدين المحجوز عليه، ولذلك تكون مباشرة إجراءات الحجز على الغير هي في حقيقتها إجراءاتٌ تنفيذية على المدين في مواجهة الغير. ومن هنا استوجب القانون ضرورة تدخله في الإجراءات لضمان فعالية هذا الحجز وتحقيق هدفه المطلوب.

وبما أن المحجوز لديه هو ذلك الغير في نطاق هذا الحجز، ويُعتبر أهم طرف فيه، لكونه يمثل حجر الزاوية والأساس لنجاحه، والضامن الفعلي لتحقيق نتائجه المرجوة في حال قيامه بدوره المنشود، على الرغم من كونه يعتبر خارج أطراف الحجز، ولا تربطه بالحاجز أي علاقة قانونية، إلا أن القانون أعطاه هذه الأهمية الكبرى، وأوجد تلك الرابطة التي سَمح من خلالها للدائن بأن يباشر الحجز بناء على علاقة هذا الغير بمدينه الأصلي وهو المحجوز عليه؛ ولذلك يُعرّف المحجوز لديه بأنه مدين للمدين.

ومفاد ما سبق، يتمتع "الغير" المحجوز لديه بمركزٍ قانونيٍ خاصٍ؛ بحيث يستوجب توافر مجموعة قواعد موضوعية وإجرائية لكي يحوز هذا "الغير" على صفة المحجوز لديه لإمكانية تطبيق الأحكام الخاصة به. وبناءً عليها يصبح المحجوز لديه طرفًا في إجراءات التنفيذ بحيث يتأثر بها ويؤثر عليها، وتكون له حقوق، وتترتب عليه التزامات قانونية تحت طائلة المسؤولية. ولذلك يجب أن ينفرد المحجوز لديه في الجوانب الإجرائية بإطارٍ تشريعيٍ منظَّمٍ بقواعدَ قانونيةٍ، تتناسب مع ذلك المركز القانوني، وتراعي طبيعته الخاصة، وعلاقته بطرفي النزاع، وتكييفه التكييف القانوني السليم، باعتباره يؤدي في الجانب الإجرائي دورًا مهمًا وفعَّال في إجراءات التنفيذ، ويؤثر – إيجابًا أو سلبًا - بناءً على موقعه أو وظيفته أو مزاولته لمهمة معينة أثناء اتخاذ تلك الإجراءات.

وبناءً عليه، تهدف هذه الدراسة إلى بيان الأحكام الخاصة للمحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير عن طريق توضيح ماهيته والفلسفة التشريعية لضرورة تدخله في إجراءات هذا الحجز، واستعراض الأحكام الموضوعية الخاصة بالحجز، والضوابط الإجرائية التي تتحقق بها صفة المحجوز لديه في الغير. ومن ثم التطرق للإطار التشريعي للمحجوز لديه، باستعراض الأحكام الخاصة لالتزاماته وواجباته القانونية أثناءَ إجراءاتِ الحجز، وتحديد أُسس مسؤوليته، وبيان شروط تطبيق الجزاءات، والنظر في مدى إمكانية الجمع بين الجزاءات المختلفة، وأخيرًا استعراضٍ لقواعد الإعفاء من الجزاء والمسؤولية.

تظهر إشكالية هذه الدراسة في كون المحجوز لديه يلعب اليوم دورًا أساسيًا ومحورًا وظيفيًا مهمًا في حجز ما للمدين لدى الغير، وبالرغم مما تثيره الأحكام الخاصة لهذا الحجز من عدة مسائل قانونية وإشكاليات عملية؛ فإنه لم يَحظ باهتمامٍ كافٍ وعناية كبيرة من قِبَل المشرِّع لدراسة الجوانب القانونية الخاصة للمحجوز لديه؛ للعمل على تطوير مركزه الإجرائي، ووضع القواعد القانونية الشاملة التي تنظِّم أحكامه، وتعزِّز دوره الإيجابي، وتهتم بوضع أسس جديدة لقيام مسؤوليته القانونية بشكلٍ أكثرَ فعالية[1].

وعليه؛ فلا بد أحيانًا لضمان فاعلية إجراءات الحجز أن يتم تشديد بعض الأحكام الخاصة بالمحجوز لديه مع مراعاة الموازنة؛ لإضفاء الحماية الكافية له، وخصوصًا إذا كنّا أمام قواعد وإجراءات قاصرة، وقليلة الفعالية، ولا تساهم في الحد من معاناة الدائنين ومواجهتهم للعوائق الإجرائية والصعوبات القانونية في الحصول على حقوقهم؛ ولذلك تظهر أهمية التطوير والتجديد للقواعد القانونية لضمان سلاسة الإجراءات وسرعتها في استيفاء الحقوق لأصحابها في حال تعنت "الغير" المحجوز لديه وإجحافه، ويكون ذلك من خلال تكريس الجهود لمعالجة النواقص التشريعية من الجهتين الموضوعية والإجرائية والعمل على بلورة نظام قانوني خاص بالغير المحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير، وإفراده بأحكام وقواعد قانونية جامعة ومانعة، تتناسب مع خصوصيته داخل المنظومة الإجرائية.

وعليه؛ فقد حصرنا هذه الدراسة في استعراض الإطار المفاهيمي والتشريعي للمحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير؛ ليتسنى لنا استجلاء مفهومه ومعرفة القواعد والإجراءات اللازمة لإضفاء هذه الصفة عليه، وماهية دوره في إجراءات التنفيذ، وطبيعة التزاماته القانونية، وما الجزاء المترتب على مخالفتها؟، وماهي أسس مسؤوليته وحدودها؟ وبيان قواعد الإعفاء منها.

ولتحقيق ذلك اتبعنا المنهج التحليلي المقارن، من خلال تحليل الإطار القانوني المنظِّم لأحكام المحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير وفقًا للقانون الكويتي والقطري لمقارنته بتجربة القانون الفرنسي. وتناولنا الأفكار الرئيسية والأحكام الخاصة في الجانب العلمي والواقع العملي للمحجوز لديه في الحجز، وعمدنا إلى تحليلها من خلال أساسين اثنين، يتمثل أولهما في تحديد الإطار الفلسفي والمفاهيمي للغير المحجوز لديه والفلسفة التشريعية لتدخله في إجراءات التنفيذ، في حين يتمثل الأساس الآخر في التطرق للميدان الإجرائي والأحكام الخاصة للمحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير، مع استعراض الآراء الفقهية والأحكام القضائية ذات الصلة؛ محاولةً منّا للمساهمة في إثراء النقاش الفكري وتطوير الأفكار القانونية والوصول لمعالجة الإشكاليات المطروحة عن طريق التأصيل لحلولٍ عمليةٍ وواقعيةٍ تساهم في بلورة النظام القانوني المتكامل لتعزيز فعالية المركز القانوني للمحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير، والعمل على تطوير إجراءاته بما يتناسب مع مقتضيات التجارة الدولية وتنوع العقود وتشعب المعاملات الداخلية والدولية، ومتطلبات العدالة الناجزة التي تستوجب تفعيل دور المحجوز لديه بشكلٍ أكثرَ كفاءة؛ لكونه يساهم بشكل كبير في تعزيز فكرة الأمن القانوني من خلال ضمان استرجاع الحقوق لأصحابها بأسرع وقت وأيسر الطرق، مما يعزز ثقة المستثمرين والمتعاملين وكل صاحب علاقة ومصلحة.

كل ذلك يساعدنا في الختام للوصول إلى النتائج المرجوَّة من هذه الدراسة عبر استعراضٍ لمجموعةٍ من الاقتراحات والتوصيات المهمة في هذا الميدان.

في ضوء ذلك سنتناول موضوع الدراسة في مبحثين: نخصص المبحثَ الأول لمعالجة الإطار المفاهيمي للمحجوز لديه وفلسفة دخوله في إجراءات التنفيذ؛ وذلك من خلال مطلبين: نخصص الأول لبيان ماهية المحجوز لديه باعتباره من "الغير" وبيان خصوصيته، والثاني لاستعراض الأحكام القانونية الموضوعية والإجرائية للحجز الذي تتحقق به صفة المحجوز لديه.

أمَّا المبحث الثاني فنخصصه لمناقشة الإطار التشريعي للمحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير، وذلك في مطلبين؛ نبيّن في الأول الأحكام القانونية للالتزامات العامة والخاصة للمحجوز لديه أثناء إجراءات الحجز، والثاني نشرح فيه مسؤولية المحجوز لديه في إطار حجز ما للمدين لدى الغير، من خلال بيان الأسس القانونية لتلك المسؤولية وشروط تطبيق الجزاءات على المحجوز لديه وقواعد الإعفاء منه.

 المبحث الأول: الإطار المفاهيمي للمحجوز لديه وفلسفة إدخاله في إجراءات التنفيذ

تقتصر آثار إجراءات التنفيذ - كأصلٍ عام - على الطرفين، وهما: طالب التنفيذ والمنفَّذ ضده[2]، لكن تتسع هذه الإجراءات في حجز ما للمدين لدى الغير بحيث يدخل فيها المحجوز لديه؛ بسبب وجود علاقة بينه وبين المدين أو لصفةٍ معينةٍ فيه أو لواجبٍ وظيفيٍ معيّنٍ يقتضي قيامه بعملٍ ما أثناء التنفيذ[3].

ولذلك ينبغي ابتداءً التطرق للمفاهيم الأساسية لمفهوم المحجوز لديه باعتباره من "الغير"، ثم نتعرّف على الجوانب الفلسفية لدخوله في إجراءات التنفيذ. سنقتصر في (المطلب الأول) من هذا المبحث على ماهية المحجوز لديه باعتباره من "الغير" وبيان خصوصيته، ثم نستعرض في (المطلب الثاني) لقيام الفلسفة التشريعية لوجود "الغير" على مبدأ منع الإضرار بالدائن.

المطلب الأول: ماهية المحجوز لديه باعتباره من "الغير" وبيان خصوصيته

ينقسم "الغير" في خصومة التنفيذ إلى: "الغير" الذي لا تربطه أية علاقة بإجراءات التنفيذ ولا بالحق في التنفيذ. و"الغير" المحجوز لديه؛ وهو الذي يصبح بحكم القانون طرفًا في إجراءات التنفيذ، وتقع على عاتقه التزامات خاصة وفقًا لمركزه القانوني[4].

تتمثل الطبيعة الخاصة لمفهوم "الغير" في تعدد مفاهيمه، ويرجع ذلك إلى كونه يتمتع بخاصية القابلية للتحوّل والتغيّر، التي تجعل منه - سواء كان شخصًا طبيعيًا أو معنويًا - طرفًا في علاقة تعاقدية، كما هو الحال في الوكالة[5] وحوالة العقد[6]، أو يكون طرفًا في الإجراءات التنفيذية، كما في حالة المحجوز لديه، أو أنه لا يتمتع بأية علاقة تعاقدية أو إجرائية.

وعليه؛ فإن اختلاف التكييف القانوني للغير بحسب طبيعة موقعه وعمله هي التي جعلت منه طرفًا[7] في الإجراءات كما هو الشأن بالنسبة للمحجوز لديه. وقد بيّن العلامة السنهوري على أن تحديد مفهوم الغير يختلف تبعًا لأوضاعه المختلفة، فهناك الغير في العقود، والغير في الأحكام، وهو في كل وضع من هذه الأوضاع يتحدد على نحو يتلاءم مع هذا الوضع، والفكرة المشتركة في كل هذه الأوضاع، أن أثرًا قانونيًا معينًا قد يمتد لشخص تقضي المبادئ العامة للقانون حمايته من أن يمتد إليه، فيُعدّ من الغير بالنسبة إلى هذا الأثر[8].

ولذلك يختلف دور "الغير" ومركزه القانوني بحسب موقعه في القوانين الموضوعية والقوانين الإجرائية، وتترتب حقوقه والتزاماته القانونية بحسب موضعه، وعليه؛ نتطرق أولًًا لبيان مفهوم "الغير" ثم نشرع في توضيح شخص المحجوز لديه باعتباره من "الغير" مع بيان الفلسفة التشريعية من فكرة تدخله في إجراءات التنفيذ.

الفرع الأول: مفهوم "الغير" المحجوز لديه وطبيعته الخاصة في إجراءات التنفيذ

نستعرض في هذا الفرع مفهوم الغير في إجراءات التنفيذ ومن بعد نسلّط الضوء على مفهوم المحجوز لديه وطبيعته الخاصة في التشريعات القانونية.

أولًا: مفهوم الغير في إجراءات التنفيذ

لم تضع القوانين تعريفًا واضحًا للغير، ولا معيارًا محددًا لاعتباره كذلك، وخصوصًا فيما يتعلق بإجراءات التنفيذ[9]. واختلف الفقه بشأنه وتنوعت المعايير لذلك[10]، ونستعرض بعضًا منها في مسائل إجراءات التنفيذ، وعليه؛ فإن المعيار الأول لتحقق صفة "الغير" يستوجب أن تكون له حيازةٌ مستقلةٌ عن حيازة المدين، وتعدّ الحيازة مستقلة إذا كانت شخصية الحائز القانونية مستقلة عن شخصية المدين، ومن ثمّ لا يعدّ من "الغير" الحائز المرتبط بالمدين برابطة تبعية؛ كالعامل مثلًا، وبالمقابل يُعدّ من "الغير" كل من الحارس والمدين والوكيل والمودَع لديه، لكن هذا المعيار أخذ عليه عدم الوضوح في فكرة استقلالية شخصية الحائز عن شخصية المدين[11]. وذهب المعيار الثاني، إلى أن الشخص لا يُعدّ من "الغير" إلَّا بناءً على تمتعه بشخصيةٍ مستقلةٍ وسلطاتٍ خاصةٍ كذلك[12]، وتستند هذه السيطرة إلى نص القانون أو إلى عقد بين الحائز والمدين، ويعتمد هذا المعيار على فكرة السيطرة المادية على الشيء؛ فإذا كان المدين لا يستطيع السيطرة على الشيء إلا عن طريق الحائز؛ فإنه يستلزم هنا اتباع طريق حجز ما للمدين لدى "الغير"، ولذلك يُعدّ الحارسُ من "الغير"؛ لكونه يتمتع بسلطاتٍ مستقلةٍ على الأموال محل الحجز، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المحضر والموثّق الذي يحوز بعض أموال المتعاملين معه، والوصي الذي يحوز أموال القاصر. وفيما يتعلق بالمعيار الثالث، فإنه يعتمد على فكرة تدخل القضاء، فإذا كان المدين المحجوز عليه لا يستطيع استرداد المنقولات من الشخص إلا بعد رفع دعوى قضائية؛ فإنه يُعدّ من "الغير" في هذه الحالة، أما إذا استطاع المدين الاسترداد دون حاجةٍ للِّجوء إلى القضاء فإنه لا يُعدّ من الغير. ويستوجب المعيار الرابع توافر ثلاثةِ شروطٍ مجتمعةٍ لاعتبار الشخص من "الغير"، أولها: أن تكون له شخصيةٌ مستقلةُ عن شخصية المدين. ثانيًا: أن تكون له سلطاتٌ خاصةٌ ومستقلةٌ على المنقول الذي بحوزته. ثالثًا: أن يكون مصدر هذه السلطات نص في القانون أو عقد بين المدين والحائز. وبناءً على ذلك؛ وإذا توافرت هذه الشروط مجتمعة أمكن اعتبار الحائز من "الغير"[13].

وتتجسد فكرة هذا "الغير" في إجراءات التنفيذ بشخص المحجوز لديه، على اعتبار أن وجوده يستوجب عدم حصوله على أي فائدة من السند التنفيذي؛ لكونه ليس طرفًا في الحق الثابت في ذلك السند، وليس مسؤولًا عنه كذلك[14]، لكنه في الواقع، قد يجد نفسه ملزَمًا - بحكم القانون - بالاشتراك في خصومة التنفيذ لوجود علاقة وصلة قانونية بالمال محل التنفيذ؛ كونه حائزًا له ويتمتع بسلطةٍ تجاهه[15]؛ كما هو الشأن أيضًا بالنسبة للحارس القضائي[16]. فالمحجوز لديه - باعتباره من "الغير" والأبرز في إجراءات التنفيذ - ليس مدينًا ولا مسؤولًا عن الدَين، غير أنه يعدّ مدين المدين، وهو بذلك له حق ولا يلتزم بأداء[17]؛ ولذلك تُباشَر الإجراءات ضده إذا ما استوجب القانون إدخاله؛ وذلك بسبب توافر علاقة قانونية ذات طبيعة قانونية أو اتفاقية أو أدبية تنشأ معها صفة "الغير"، وهنا يجد الأخير نفسه ملتزمًا بالتعاون والمشاركة في التنفيذ[18].

وباعتبار أن المحجوز لديه يعتبر هو "الغير" المعني في إجراءات التنفيذ، وعليه؛ تجدر الأهمية للتعرّف على مفهومه وطبيعته الخاصة وذلك في الفرع الآتي.

 ثانيًا: الطبيعة الخاصة للمحجوز لديه في التشريعات القانونية

سمح القانون الكويتي والقانون القطري للدائن في مباشرة حجز ما للمدين لدى الغير بغرض الحجز على جميع أموال مدينه التي تكون في حوزة المحجوز لديه سواء كانت منقولات أو حقوق، وذهب القانون الفرنسي في الحجز التخصيصي Saisi Attribution إلى استبعاد الأموال المنقولة لهذا الحجز[19]. وعليه؛ نجد أن نصوص القانون الكويتي والقانون القطري قد كرّست لمبدأ إمكانية الحجز على الغير لاستيفاء حقوق الدائن[20]. ويتضح لنا من خلال الاطلاع على تلك النصوص بأنها استعملت مصطلح "الغير" في المواد المتعلقة بقواعد إجراءات التنفيذ، وقد قصدتُ به المحجوز لديه - وهو في الحقيقة - لا تربطه بالدائن الحاجز أية علاقة قانونية؛ لذلك يعتبر من "الغير". إلا أن القانون أوجد هذه الرابطة، وبناء عليها أجاز الحجز؛ فالدائن الحاجز يستند في علاقته بـ "الغير" إلى القانون الذي سمح للحاجز وأعطاه سلطة مستمدة من علاقته بمدينه الأصلي وهو المحجوز عليه، وأجاز له - بناءً عليها - توقيع الحجز على ما للمدين تحت يد "الغير"[21].

أورد المشرِّع الكويتي لفظ المحجوز لديه في عدة نصوص في قانون المرافعات المدنية والتجارية المتعلقة بحجز ما للمدين لدى الغير؛ حيث قررت المادة (227) بأنه "يجوز لكل دائن بدين محقق الوجود حال الأداء أن يحجز ما يكون لمدينه لدى "الغير" من المنقولات أو الديون؛ ولو كانت مؤجلة أو معلقة على شرط. وإذا لم يكن الحجز موقّعًا على منقول أو دين بذاته، فإنه يتناول كل ما يكون للمحجوز عليه من منقولات في يد المحجوز لديه أو ينشأ له من ديون في ذمته بعد ذلك إلى وقت التقرير بما في الذمة". وكذلك أورد قانون المرافعات القطري عدة مواد خاصة بالمحجوز لديه؛ حيث نصت المادة (445) على أنه "ويتناول الحجز كلَ دينٍ ينشأ للمدين في ذمة المحجوز لديه إلى وقت التقرير بما في ذمته، مالم يكن موقّعًا على دينٍ بذاته". وكذلك الأمر بالنسبة للقانون الفرنسي الذي ذكر مصطلح المحجوز لديه في العديد من نصوصه، ومنها ما يتعلق في التزام المحجوز لديه؛ حيث قررت المادة L211-3 من قانون إجراءات التنفيذ المدني على أنه "يجب على المحجوز لديه أن يعلن للدائن مدى التزاماته تجاه المدين"[22]. ونلاحظ من خلال الاطلاع على النصوص التي أوردت لفظ المحجوز لديه بشكلٍ صريحٍ، إلا أنها في الحقيقة لم توضّح مفهومه بشكل دقيق ولم تبيّن وصفه بشكلٍ محددٍ؛ حيث تجدر الأهمية إلى ضرورة بيان مفهوم المحجوز لديه وتحديد صفته بشكل دقيق؛ لضمان التطبيق الصحيح للأحكام القانونية المتعلقة بمركزه القانوني، وتجنب الإشكاليات المترتبة على النظام القانوني الواجب اتباعه، ولتفادي مخاطر التنفيذ على الأشخاص أو المؤسسات غير المستوفين لصفة "الغير" المحجوز لديه؛ إذ ليس كل شخص يتم التنفيذ عليه يكون بالضرورة محجوزًا لديه.

وقد تصدى الفقه لتعريف "الغير" المحجوز لديه حيث حدَّده بأنه "الشخص الذي يجب أن يكون مدين للمدين المحجوز عليه بالتزاماتٍ تتعلق بمبالغ مالية يوم توقيع الحجز"[23]. وبيّنه آخرون بأنه "كلُ شخص مدين للمحجوز عليه ولا علاقة له بالنزاع القائم بين الحاجز والمحجوز عليه، ولا يهم أن يكون مدينًا بدين أو بتسليم مال"[24]، وعُرّف كذلك بأنه "الشخص الذي يُعدّ طرفًا في خصومة التنفيذ دون أن يكون طرفًا في دعوى التنفيذ أو من الموظفين القائمين على التنفيذ"[25]. وعرّفه الدكتور عزمي عبدالفتاح بأنه "كل شخص ليست له مصلحةٌ شخصية بموضوع الحق المراد اقتضاؤه ولا يعود عليه نفعٌ ولا ضررٌ من إجراء التنفيذ"، ولكن يستلزم عليه أن يشتركَ مع المدين في وفاء الحق؛ بسبب ما لديه من صفة أو وظيفة أو صلة بالخصوم[26]، ومن هنا نستنتج أنه يشترط لكي يكون الشخص من "الغير" في الخصومة التنفيذية ألَّا يكون طرفًا في الحق؛ بحيث لا يكون هو من يطلب التنفيذ أو أن يكون المنّفذ ضده، أو ممثلهما أو خلفهما العام أو الخاص. أي لا يكون طرفًا في العلاقة القانونية التي رتبت الحق في التنفيذ. ومن ثَمَّ؛ لا يُعد من "الغير" من يجوز التنفيذ عليه، كالكفيل الشخصي أو العيني[27].

كما أنه لم يتم تعريف "الغير" المحجوز لديه في القضاء الكويتي والقضاء القطري، وذلك على خلاف القضاء الفرنسي الذي بيّن مفهوم غير المحجوز لديه بأنه الشخص الذي له علاقة قانونية بالمنفَّذ ضده[28]. فأطراف خصومة التنفيذ في حجز ما للمدين لدى "الغير" يتمثلون في الحاجز وهو الدائن، والمحجوز عليه وهو المدين، والمحجوز لديه وهو مدين المدين؛ ومن ثَمَّ لدينا هنا رابطتان قانونيتان: الأولى تتمثل في العلاقة ما بين الحاجز والمحجوز عليه، وأساسها هو الحق الذي يكون للحاجز، والثانية تجمع ما بين المحجوز عليه و"الغير" المحجوز لديه، وأساسها هو الحق الذي يكون للمحجوز عليه في ذمة المحجوز لديه[29]. وسيكون "الغير" في هذه الحالة هو المعني والخاضع لإجراءات التنفيذ الجبري على الرغم من أنه ليس المدين، بالإضافة إلى كونه غير مسؤول عن دين الدائن.

وعليه؛ يقتصر مفهوم المحجوز لديه على الشخص الذي تكون له وقت الحجز بالنسبة لما تحت يده الصفة القانونية لـ"الغير"؛ بحيث يمتلك حقوقًا أو أموالًا خاصة بالمدين[30]؛ وذلك بناءً على رابطة وعلاقة مديونية يصبح فيها ذلك المدين المحجوز عليه دائنًا للمحجوز لديه الذي بدوره يكون هو مدينًا للمدين. وبمعنى آخر، فإن كل من ينشأ بينه وبين المدين علاقة مديونية يلتزم بموجبها بالوفاء بما في حيازته للأخير يعدّ محجوزًا لديه، ولذلك يعتبر "الغير" مدينًا للمحجوز عليه في حجز ما للمدين لدى الغير؛ لأنه يكون ملتزمًا تجاهه بالوفاء بدينٍ معين[31].

فمن خلال تلك الرابطة يستطيع الدائن الحاجز مطالبة "الغير" المحجوز لديه بما تحت يده من أموال للمحجوز عليه، وليس للمحجوز لديه أية مصلحة شخصية في الاشتراك بهذه الإجراءات، وإنما يُلزَم بها وفقًا للقانون بالرغم من كونه يُعدّ من "الغير".

وأخيرًا يمكننا تبرير حق الدائن طالب التنفيذ في اتخاذ إجراءات الحجز على أموال مدينه لدى "الغير" بما له من حق الضمان العام على أموال مدينه؛ ولذلك يشترط أن يكون المنقول مملوكًا للمدين أثناء الحجز، أو أن يكون للمدين حقٌ في ذمة "الغير"[32].

ويبقى الآن التطرق لبيان فلسفة تدخله والغاية منها في إجراءات الحجز، وذلك في الفرع القادم.

الفرع الثاني: قيام الفلسفة التشريعية لوجود "الغير" على مبدأ منع الإضرار بالدائن

إن السياسة التشريعية لتعزيز التنمية الاقتصادية والوصول إلى المركز المالي الاقتصادي، تستدعي وضع تشريعاتٍ وقواعدَ قانونيةٍ تضمن حقوق الدائنين وتتناسب مع متطلبات الواقع والتنافسية الاقتصادية، وكل ذلك بغرضِ تحسين مناخ بيئة الأعمال؛ لتشجيع الاستثمار وتسهيل النشاط الاقتصادي وجذب رؤوس الأموال. وعليه؛ فإن فلسفة تنظيم إجراءات التنفيذ تقتضي مراعاة تلك المستجدات وتغيرات الظروف الاقتصادية والاجتماعية. وقد عمد الفقه الإجرائي الفرنسي على أنه إذا حدثت تغييرات في الظروف الاجتماعية والاقتصادية، تُحتِّم التدخل التشريعي لتعديل قواعد التنفيذ الجبري[33]. ولذلك يجب أن تعكس قوانين التنفيذ حالة المجتمعات وظروفها[34]، وأن تُراعَي الاعتبارات الاجتماعية والضرورات الاقتصادية والاستثمارية بالتوازن مع جميع حقوق الأطراف ومراعاة مصالحهم في المعاملات والتعاقدات.

وتتمثل خصوصية المحجوز لديه باعتباره من "الغير" في إجراءات التنفيذ، في صيرورته شخصًا من أشخاص خصومة التنفيذ على الرغم من كونه من "الغير" وخارج العلاقة ما بين الخصمين؛ ومن ثَمَّ يلتزم المحجوز لديه -طبقًا للقانون- بالاشتراك في إجراءات التنفيذ، والقيام بعدة التزامات مفروضة عليه بحكم مركزه القانوني في إجراءات التنفيذ[35]؛ وذلك بهدف الحفاظ على حقوق الدائن الحاجز من جهة وضمان فعالية التنفيذ من جهة أخرى[36]. وفي النهاية لكي يكون هذا الشخص من "الغير"؛ يجب أن يَفرِضَ عليه وضعه أو مركزه القانوني ضرورة الاشتراك في عملية التنفيذ؛ لذلك لا يعد من "الغير" في المفهوم السابق ذكره من لا يشارك في الخصومة التنفيذية حتى ولو نازع في إجراءاتها؛ كمالك المنقولات المحجوزة على سبيل المثال[37].

فمن خصائص المحجوز لديه في مجال التنفيذ أنه قد يتعدَّى أطرافه ويكون طرفًا في التنفيذ وشخصًا من أشخاص الخصومة التنفيذية، على الرغم من أنه ليس طرفًا في الخصومة القضائية التي حسمت النزاع بين الطرفين الرئيسين وصدر فيها الحكم محل التنفيذ، بالإضافة إلى أنه لم يكن كذلك طرفًا في العقد الرسمي الذي يجري التنفيذ اقتضاء له[38].

ومن هنا تظهر الأهمية الاقتصادية والاجتماعية للدور الذي يقوم به المحجوز لديه في إجراءات التنفيذ، في أنّ الدائن في حاجةٍ ماسَّةٍ إلى التيقن من سرعة استرداد حقوقه المالية وفي وقت معقول؛ ليتمكن من الاستفادة منها وإعادة استثمارها، ولكونه ينتظر حقه بفارغ الصبر وهو في أمسّ الحاجة إلى هذا الحق في معيشته[39]. ولذلك فإن فلسفة السياسة التشريعية لتنظيم القواعد والأحكام القانونية الخاصة لدخول "الغير" المحجوز لديه في إجراءات التنفيذ تقتضي تحقيق التوازن والحماية المتبادلة لكل أطراف خصومة التنفيذ، وخصوصًا للمحجوز لديه ذاته الذي يُرغم بقوة القانون على الاشتراك في إجراءات التنفيذ.

وبناءً على ما سبق؛ فإن الفلسفة الأساسية التي ننطلق منها هي تحقيق الفاعلية الكاملة لصالح طالب التنفيذ، والمراعاة التامَّة لمصلحته دون الإخلال بمصلحة "الغير". وعليه؛ فالاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان اعتبرت أن القضية العادلة تقتضي مراعاة مصلحة الدائن ومصلحة المدين معًا[40]؛ ومن ثَمَّ -ومن باب أولى- أن يتم التعامل كذلك مع مدين المدين وهو "الغير"، ومن وسائل مراعاة "الغير" ألَّا يتم اللجوء إليه، ولا يجوز التنفيذ عليه إلَّا إذا أخلّ بالتزاماته أو أخطأ أو قصّر فيها.

وفي هذا الصدد، تظهر أهمية المحجوز لديه في الخصومة التنفيذية، وتحديدًا في مسألة الحق في الحصول على الديون؛ باعتبارها تحتلُّ اليوم المكانة البارزة لاعتباراتها الاقتصادية والاجتماعية، التي تتطلب السماح للدائن باللجوء إلى إجراءاتٍ بسيطةٍ وسريعةٍ وذات كفاءةٍ للحصول على حقه وبأقرب وقت؛ لأجل تحقيق الأهداف المرجوة، ويتمكن من إعادة استثمار أمواله ونموها في الأنشطة الاقتصادية، أو تسوية أحواله ومعيشته في الجوانب الإنسانية والعلاقات الاجتماعية. وتستهدف تلك الإجراءات كذلك الوقوف أمام تلاعب المدينين الذين يماطلون ويتهربون ويتحايلون لعدم الوفاء بالحقوق، ويتذرعون بالوسائل القانونية لأجل تنظيم إفلاسهم وشهره والتهرب من السداد. ولكل الاعتبارات السابقة، وفي ظل المعارك القانونية التي تقع ما بين الدائن والمدين، نلاحظ أهمية المحجوز لديه الذي يكون خارج الخصومة باعتباره من "الغير"؛ إذ نجده -وفقًا لقواعد القانون- يتدخل في تلك الإجراءات ليقوم بمهمة عظيمة، ويؤدي دورًا مهمًّا وحاسمًا في الخصومة التنفيذية؛ عن طريق المساهمة الفعلية في تحقيق الهدف والغاية من هذا الإجراء التنفيذي، والتسريع في عملية الوفاء وتيسيرها؛ لأنه بخلاف ذلك وعدم تدخله واعتباره طرفًا في الإجراءات سيُعرّض الدائن للخطر ولا سيما ضياع حقوقه وعدم تحصيل ديونه.

ولكي نكون أمام قواعد ذات أثر ملموس في التنفيذ الجبري وإجراءاته، يستلزم أن يكون لها طابع فعّال ومزدوج؛ من حيث تأكيدها حقوق الدائنين وتمكين الدائن من تحصيل حقه بأسرع وقت ممكن، بالإضافة إلى مراعاتها لمصالح أطراف التنفيذ؛ بحيث تتخذ الإجراءات تجاههم بالمعقول وبشكل يحقق الموازنة والهدف المطلوب من هذه الإجراءات. وعليه؛ فإن حق الدائن في اتخاذ إجراءات التنفيذ يعدّ أحد أهم الحقوق الأساسية للإنسان، وذلك بناءً على نظرة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والمجلس الدستوري في فرنسا؛ ومن ثَمَّ فإن اعتبار الحق في التنفيذ من الحقوق الأساسية وربطه بالحق في قضية عادلة؛ لكونه جزءًا منها يستتبع حتمًا التزام السلطات العامة في الدول المختلفة بوضع إجراءات للتنفيذ الفعّال لكي ينجح الدائن في تنفيذ الالتزامات المستحَقة له لدى المدين[41].

ومن هنا تظهر اختلاف فلسفة وجود "الغير" عن طريق المحجوز لديه في القانون الإجرائي عن بقية القوانين الأخرى؛ باعتباره يتمتع في إجراءات التنفيذ بخصوصية، ويمتاز عن وجوده في القوانين المدنية والتجارية وغيرها؛ من حيث إنه في القانون الإجرائي يجمع ما بين خصائص التنفيذ وما تستوجبه طبيعة هذا القانون من إجراءات لها الطابع الجبري والإلزامي. فالمركز القانوني لـ"الغير" المتمثل في المحجوز لديه يختلف عنه في بقية القوانين؛ من حيث إن تلك القوانين تستهدف حماية مصالح "الغير" باعتباره خارج العلاقة التعاقدية، وهذه الحماية - بلا شك - موجودة في القانون الإجرائي لهذا "الغير"، لكن يضاف إليها حتمية الموازنة بين تلك الحماية وضرورة القيام بالالتزامات القانونية؛ نتيجة تدخله في الإجراءات، بالإضافة إلى المساهمة والتعاون البنّاء لحماية حقوق الدائن واسترجاعها له؛ ولذلك فإن المحجوز لديه في خصومة التنفيذ مخاطب بتلك الإجراءات وإن كان خارج العلاقة التعاقدية، وهذا ما تنفرد به فلسفة وجوده في القانون الإجرائي عنها في بقية القوانين الأخرى.

ومن الضروري، أن نستعرض في المبحث القادم للقواعد الموضوعية والإجرائية لتحقق صفة المحجوز لديه في "الغير"؛ لما يترتب عليها العديد من الأحكام القانونية والآثار الإجرائية الهامة.

المطلب الثاني: الأحكام القانونية للحجز الذي تتحقق به صفة المحجوز لديه في الغير

يعتبر حجز ما للمدين لدى الغير هو الطريق الأمثل لكي يستوفي الدائن حقوقه؛ لكونه الإطار الإجرائي والميدان العملي الذي يتطلب تدخل المحجوز لديه في الإجراءات لضمان تحقيق ذلك. ويتمتع هذا الحجز بمجموعة من الأحكام القانونية الخاصة التي يترتب على توافرها تحقُّق صفة المحجوز لديه في الغير. وعليه؛ فلا يمكن تطبيق القواعد القانونية الخاصة للمحجوز لديه[42] إلَّا إذا تم استيفاء جميع الشروط الموضوعية المتعلقة بهذا الحجز (الفرع الأول). بالإضافة إلى ضرورة احترام القواعد والأحكام الإجرائية الخاصة (الفرع الثاني).

الفرع الأول: الأحكام الموضوعية لحجز ما للمدين لدى الغير

عند التطرق لدراسة الأحكام الخاصة للمحجوز لديه في إطار حجز ما للمدين لدى الغير الذي يعتبر موطن المحجوز لديه، وهو من أكثر طرق الحجوز تطبيقًا في العلاقات التجارية والمدنية[43]. ينبغي الإشارة ابتداءً إلى وجود اختلافات قانونية في الأنظمة الإجرائية لمباشرة إجراءات هذا الحجز؛ حيث إن تنظيمه من قبل القانون الكويتي والقانون القطري يستهدف تحقيق هدفين[44]، باعتباره ذا طبيعة مختلطة لكونه -بشكل عام- يبدأ تحفظيًا بقصد حبس الأموال والديون ومنع المحجوز لديه من تسليمها أو الوفاء بها؛ وذلك تمهيدًا لاستيفاء حقه منها، ثم ينتهي تنفيذيًا حين يطلب الدائن الحاجز قبض حقه بالفعل، ويتخذ الإجراء الذي يؤدي إلى استيفائه من المال المحجوز عليه[45]، وذلك على خلاف القانون الفرنسي الذي يهدف من هذا الحجز تحقيق غرض واحد فقط، وهو الحصول على مبلغ الدين حال الأداء واستيفاء الدائن لحقه عن طريق تخصيص المبلغ محل الحجز لصالح الدائن، وفي حال اتخاذ الحجز لغير هذا الغرض يعتبر غير مقبول[46]. فهو يعتبر دائمًا ذا طابع تنفيذي بعكس ما كان عليه سابقًا قبل التعديل الجديد[47]؛ حيث اختفى حجز ما للمدين لدى الغير ذو الطابع العام الذي يتشابه مع القانون الكويتي والقانون القطري؛ بحيث يُعتبر هذا الحجز في جميع الأحوال حجزًا تحفظيًا في البداية، وتنفيذيًا في النهاية، ولم يختلف الرأي إلَّا في مسألة تحديد الإجراء الذي بمقتضاه يصير الحجز تنفيذيًا[48].

ولكون دراستنا للمحجوز لديه تنحصر في حجز ما للمدين لدى الغير؛ فإنه تجدر الإحاطة إلى أن النظام الإجرائي لحجز ما للمدين لدى الغير في القانون الكويتي -وكذلك القانون القطري- يقابله حاليًا النظام الإجرائي للحجز التخصيصي في القانون الفرنسي[49]؛ ولذلك تظهر أهمية الدراسة المقارنة لمعرفة الأحكام الموضوعية وخصائص الحجز في كلٍ من النظامين؛ ليتسنى لنا معرفة الأحكام القانونية الخاصة التي يترتب عليها تحقّق صفة الغير المحجوز لديه لنشوء الالتزامات القانونية الخاصة التي تقع على عاتقه وذلك تحت طائلة المسؤولية.

وباعتبار أن المحجوز لديه يلعب دورًا هامًا في هذا الحجز؛ حيث يعتبر هو حجر الأساس وضامنٌ لنجاحه وفعاليته؛ ولذلك يُستوجب معرفة أهم الشروط الموضوعية في الحق المحجوز من أجله، والشروط المتعلقة بالمال المحجوز عليه في إطار حجز ما للمدين لدى الغير والتي تتحقّق بها صفة المحجوز لديه في كلا النظامين المختلفين.

أولًا: الشروط المتعلقة بالحق المحجوز من أجله

نَقصُر نطاق بحثنا للشروط الموضوعية فيما يتعلق بسبب الحجز، وهو الحق المحجوز من أجله، والشروط الخاصة بمحل الحجز؛ أي المال المحجوز عليه. وبخصوص الحق المحجوز من أجله، فقد أكدّ القانون الكويتي والقانون القطري على أنه يجوز للدائن أن يباشر إجراءات الحجز لدى الغير إذا كان دينه محقق الوجود وحال الأداء[50]، ثم قررا بأنه في حال كان الدين غير معين المقدار، فلا يجوز الحجز إلَّا بناءً على إصدار القاضي أمر على عريضة يأذن فيه بالحجز ويقدّر دين الحاجز تقديرًا مؤقتًا[51]. وعليه؛ يتضح لنا بأنه يشترط في الحق الذي يجري التنفيذ لاقتضائه تحقق عدة شروط، تتمثل أولًا بضرورة تحقق وجود الحق، فلا يجوز أن يكون الحق احتماليًا أو معلقًا على شرط واقف[52]. فلا يجوز الحجز بموجب حكم بتقديم حساب، إذْ قد يسفر عن براءة ذمة المدين، ولا يجوز كذلك بمقتضى حكم فرعي بإحالة تعويض على التحقيق لإثبات مدى خطأ المدين، أو بمقتضى دعوى تعويض لم يصدر فيها حكم بعد بتقرير مسؤولية المدين. وبذلك يكون معنى أن يكون الدين محقق الوجود، هو أن يكون ثابتًا في ذمة المدين؛ لا دينًا محتملًا، ويكون ثابتًا متى ما كان بيد الدائن دليلٌ ظاهرٌ على وجوده، ولا يشترط إقرار المدين به، أو أن يكون خاليًا من النزاع. لكن إذا كان وجود الحق محل شك كبير أو كان الظاهر يدل على انقضاء الحق، فإنه لا يكون محقق الوجود، ويرجع هذا الأمر للسلطة التقديرية للقاضي باعتبارها من مسائل الواقع[53].

ويتمثل الشرط الثاني في حلول الأداء، فلا يجوز الحجز بدين لم يحل أجله، فإذا كان الحق مؤجلًا قانونيًا أو اتفاقيًا، أو كان الحق مضافًا إلى أجلٍ فلا يجوز توقيع الحجز على ما للمدين لدى الغير إلا عند حلول الأجل[54]؛ حيث إن الحجز قبل الأجل يؤدي بطريقٍ غير مباشرٍ إلى حرمان المدين من تمتعه بالأجل الممنوح له. وعليه؛ فإذا تم منح المدين نظرة الميسرة -بالرغم من حلول أجل الدين- فإنه يمنع توقيع الحجز.

وأما بخصوص ما يتعلق بشرط تعيين المقدار، نلاحظ أن القوانين المقارنة تشترط ضرورة تعيين مقدار حق الدائن[55]، فإذا كان الحق معيّن المقدار فلا إشكالية في ذلك، وإلَّا فلا يمكن مباشرة إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير - سواء كان بيد الدائن سندٌ تنفيذيٌ أو لم يكن بيده - إلَّا بعد تعيين مقدار الدين تعيينًا مؤقتًا. ونستنتج من ذلك، أن تعيين مقدار الحق بصفةٍ قطعيةٍ لا يُعتبر لازمًا عند بدء إجراءات الحجز؛ وذلك في القانون الكويتي والقانون القطري، وعليه يمكن إعلان ورقة الحجز ولو لم يكن الحق مُعيَّنًا بصفةٍ قطعيةٍ. وتطبيقًا لذلك، يجوز للدائن بالتعويض أن يباشر إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير ولو لم يكن مقدار حقه في التعويض قد تعيّن بصفةٍ قطعية؛ لأنه يكفي أن يُقدَّر تقديرًا مؤقتًا قبل مباشرة الحجز. وذلك على خلاف المشرِّع الفرنسي الذي استوجب ابتداءً وقبل اتخاذ الإجراءات بضرورة تعيين مقدار الدين لمباشرة الحجز التخصيصي؛ لما يترتب عليه من آثارٍ قانونيةٍ تتمثل في تخصيص ذلك المبلغ مباشرةً للدائن الحاجز[56]. وأما بالنسبة للقانون الكويتي والقانون القطري فلا يرتِّبُ الحجز هذا الأثر وإنما اكتفيا بمنع المحجوز لديه من التصرف بالأموال المحجوزة ودفعها للمدين؛ ولذلك فإن هذا التوجه بعدم تطلب تعيين المقدار بصفة قطعية يستجيب للطابع التحفظي لهذا الحجز في مرحلته الأولى كما هو معمول به في قانون المرافعات الكويتي والقطري. وتجدر الإشارة إلى أن الإعفاء من شرط تعيين المقدار ليس مطلقًا؛ لأنه بعد التقدير المؤقت من قبل القاضي وانتهاء المرحلة التحفظية، فلا بد أن يعيّنَ مقدار الدين بصفةٍ قطعيةٍ لبدء إجراءات المرحلة التنفيذية لاستيفاء المبالغ محل الحجز.

وعلى خلاف القانون الفرنسي، يمكننا وفقًا للقانون الكويتي والقانون القطري توقيع الحجز سواء كان حق الدائن ثابتًا في أحد السندات التنفيذية، أو لم يكن بيد الدائن سندٌ تنفيذيٌ فاصلٌ في أصل الحق. فإن كان مع الدائن سند تنفيذي، يسمح له في هذه الحالة بأن يباشر حجز ما للمدين لدى الغير بشكله التحفظي أو التنفيذي؛ طالما كان السند يتضمن حقًا معيّن المقدار، وتنطبق هذه الحالة أيضًا إذا كان السند التنفيذي حُكمًا قضائيًا غير واجب النفاذ لجواز الطعن عليه بالاستئناف أو كان غير مشمول بالنفاذ المعجّل، فلا حاجة هنا لإذن القاضي؛ لأن الحكم غير النافذ يعتبر أقوى من الدلالة على وجود الحق من كونه ثابتًا في ورقة عرفية، ولأن وجود هذا الحكم يعني تحقق وجود الدين[57]. وفي الحالة الأخرى التي لا يكون مع الدائن سندٌ تنفيذيٌ، أو كان معه سندٌ عرفيٌ بالدين، ستكون مباشرة إجراءات الحجز بناءً على أمر من القضاء. ويختص نوعيًا بإصدار هذا الأمر في القانون الكويتي قاضي الأمور الوقتية[58]، عن طريق الأمر على عريضة، بحيث لا يجوز طلب الأمر بالحجز من رئيس الهيئة التي تنظر الدعوى إذا كانت مرفوعة بالحق من قبل أمام المحكمة المختصة. وأما في القانون القطري، فالشخص الذي يقوم بإصدار الإذن بالحجز هو قاضي التنفيذ المختص؛ وذلك بناءً على عريضة يقدمها طالب الحجز[59]. وفي هذه الحالة يستلزم توافر شرط رئيسي لكي يتحول هذا الحجز من المرحلة التحفظية إلى المرحلة التنفيذية يتمثل في ضرورة رفع دعوى صحة الحجز[60] وذلك خلال ثمانية أيام من إعلان ورقة الحجز إلى المحجوز لديه وذلك طبقًا للقانون الكويتي[61]، أما في القانون القطري فإنه يجب رفعها خلال عشرة أيام[62]، وإلا اعتُبرَ الحجز كأن لم يكن. وذلك على خلاف ما قرره القانون الفرنسي الذي جعل طبيعة الحجز التخصيصي غير قضائية - رغمًا من كونها تنفيذًا جبريًا وجعل إجراءاته تتم خارج القضاء وذلك عن طريق المحضر القضائي الذي يختص حصرًا بتنفيذ إجراءات الحجز دون غيره. وعليه؛ فالقاضي لا يتدخل إطلاقًا في بدء إجراءات الحجز التخصيصي.

ثانيًا: الشروط المتعلقة بالمال المحجوز عليه

وفيما يتعلق بالشروط الخاصة بمحل الحجز -أي المال المحجوز عليه- نجد أن القانون الكويتي وكذلك القطري قد ذهبا إلى توسيع نطاق الأموال محل الحجز بحيث سمحا للدائن بأن يحجز على ما يكون للمدين في ذمة الغير من منقولات مادية أو حقوق مالية؛ بحيث يشترط فيها أن تكون حقًا في ذمته أو مالًا في حيازته[63]، وأن تكون تلك الأموال غير عقارية؛ لأنه لا يجوز توقيع الحجز على العقارات لتجنب الازدواج في إجراءات الحجز على المنقولات. ويجب مراعاة أن يكون الحائز من "الغير" - وفق ما تقدم - حال اتخاذ إجراءات الحجز في مواجهته، بالإضافة إلى كون المال مما يجوز الحجز عليه، وضرورة أن يكون ذلك المنقول مما يجوز الحجز عليه وأن يكونَ مملوكًا للمدين وقت الحجز[64].

وعليه؛ فلا يمكن أبدًا الحجز على ما يكون للمدين في ذمة "الغير" من التزامٍ بعملٍ أو امتناعٍ عنه، لكن يجوز اتخاذ إجراءات الحجز على مبلغ التعويض الناتج عن الاخلال بالالتزام وعدم الوفاء[65]. وأما بخصوص الحجز على الحقوق المالية للمدين في ذمة الغير، فإنه وفقًا للقانون الكويتي والقانون القطري لا يشترط أن يكون هذا الحقُ محققَ الوجود أو معيّنَ المقدار أو حال الأداء؛ ولذلك يجوز حجزه ولو كان معلقًا على شرط وذلك طبقًا للمادة 227 من قانون المرافعات الكويتي والمادة 445 من قانون المرافعات القطري السابق ذكرهم. بحيث يمكن تبرير ذلك بأن حقوق المدين في ذمة الغير تعتبر مجرد عنصر من عناصر ذمته المالية، ولا تلعب هذه الحقوق سوى دورًا سلبيًا في إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير، وبغير ذلك يتجرد الحجز من فاعليته؛ بحيث يهدر طابعه التحفظي بتلك القوانين.

ويجوز الحجز كذلك على حقوق المدين لدى الغير التي تنشأ بعد توقيع الحجز إلى وقت التقرير بما في الذمة في حال كان الحجز موقّعًا على جميع حقوق المدين لدى الغير، وليس موقّعًا على حق بذاته للمدين في ذمة الغير. وبناءً على ما سبق، يجوز الحجز على الحقوق ولو كانت غير حالة الأداء، أو كانت غير محققة الوجود كأن تكون معلقة على شرط واقف؛ ولذلك يجوز الحجز على الأجرة التي يستحقها المدين المؤجر لدى المستأجر ولو كان ميعاد استحقاقها لم يحلّ، وكذلك الحجز على القدر الجائز حجزه من مرتب الموظف أو العامل قبل حلول ميعاد استحقاقه[66]. وجدير بالذكر، بأنه يشترط في حالة الحجز على حقٍ معينٍ بالذات أن يكون هذا الحق قابل للتصرف فيه والحجز عليه[67] وأن يكون موجودًا في الذمة المالية للمدين المحجوز عليه من حيث أساسه وذلك قبل الحجز، فإذا كانت الواقعة التي تُنشِئُ الحقَ لم تتحقق بعد، أو كان الحق مجردَ أمنية؛ فلا يجوز حجزه لدى الغير. أما إذا كان الحجز عامًّا على كل حقوق المدين لدى الغير؛ فإنه لا يرد فقط على الحقوق الموجودة وقت الحجز، ولكنه يشمل كلَّ حقٍّ ينشأ للمدين في ذمة المحجوز لديه إلى وقت التقرير بما في الذمة، على الرغم من أن سببه لم يكن قائمًا وقت الحجز[68]، فإذا صدر أمر الحجز على ما يوجد تحت يد المستأجر من أجرة، فهو يشمل في هذه الحالة ما يوجد تحت يده من الأجرة المستحقة فعلًا وما يستجد منها حتى وقت التقرير بما في الذمة، لكن إذا نشأ الدين في ذمة المحجوز لديه بعد التقرير بما في الذمة فلا يشمله الحجز.

وتجدر الأهمية لاستعراض بعض الشروط الموضوعية المتعلقة بالحجز التخصيصي في القانون الفرنسي؛ والتي يستلزم توافرها لتحقق صفة المحجوز لديه وتطبيق أحكامه الخاصة. وعليه؛ فإن هذا الحجز يستوجب ابتداءً وجود دين حال الأداء ومعين المقدار، لكنه لم يشترط أن يكون هذا الدين محقق الوجود[69]، وبخصوص ما يتعلق بموضوع الحجز، يجب أن يكون موضوع الحجز قابلًا للحجز؛ حيث قصره المشرِّع الفرنسي - فقط - على الحقوق والديون المالية دون المنقولات[70]. وبغض النظر عن طبيعة هذا الدين فإنه يخضع لهذا الحجز، سواء كان شخصيًا، أو مطالبةً بتعويضاتٍ شخصيةٍ، المطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية أو الأدبية وغيرها[71]. ولا تدخل الأوراق المالية وأسهم الشركات ضمن إجراءات هذا الحجز باعتبارها حقوق معنوية غير مادية وملموسة فهي تخضع لإجراءاتِ حجزٍ آخرَ بضوابطَ وشروطٍ خاصةٍ تختلف عن هذا الحجز[72].

وبخصوص الأمور المتعلقة بالائتمان ما بين العميل وبنكه -كما لو أخذ مبلغًا قرضًا- فإنها لا تعتبر مبالغها مستحقة؛ ولذلك اعتبرت الأحكام القضائية أن المعاملات الائتمانية تعتبر مبالغها غير قابلة للحجز[73]. وكذلك تعتبر الديون المحتملة غير محققة الوجود غير قابلة للحجز[74]، وبالنسبة للدين المشروط، فإنه يكون قابلًا للحجز باعتباره موجود بناءً على تصرف قانوني؛ لكن تأخّر تنفيذه حتى يتحقق الشرط، وبالتالي فهو قابل للحجز لكن لا يمكن اتخاذ إجراءات الحجز فعلًا في القانون الفرنسي إلَّا إذا حلَّ الشرط وأصبح الدين حال الأداء. وقد قضت محكمة التمييز بأن الدين الناشئ عن سُلفةٍ على الحساب الجاري للشريك يُعتبَر مؤكد وقابل للحجز[75].

وينبغي الإشارة إلى بيان الأثر القانوني على الديون محل الحجز في القانون الفرنسي؛ حيث أصبح هذا الحجز أكثر فعالية وأكثر سرعة وضمان لاستيفاء الدائن لحقه عما كان عليه سابقًا، وذلك؛ لأن المشرِّع الفرنسي ميّز الدائن بخاصية تفرّد بها عن القانونين الكويتي والقطري، وهي أنه بمجرد توقيع الحجز يختص الدائن الحاجز فورًا بالمبلغ محل ذلك الحجز؛ بحيث يخرج مباشرة من ذمة المحجوز عليه[76] وعليه؛ فلا يجوز لدائنٍ لاحقٍ مشاركته فيه، أو يتمسك بأي حقوق على المبالغ المحجوزة طالما كان الحجز الأول قائمًا ولو كان دائنًا ممتازًا، وبالتالي لن يزاحمه فيه أحدٌ من الدائنين اللاحقين إطلاقًا، لكن القانون سمح للخزانة العامة مشاركة الدائن الحاجز في الحجز التخصيصي مع إعطاء الأخير أولوية بحيث يسبقها في المرتبة[77].

ومن الأحكام الخاصة المتعلقة بمحل الحجز، فإن الحجز يقتصر فقط على ما يوازي حق الدائن، وبالتالي يكون للمدين حرية التصرف في الأموال الباقية، ويجوز للمحجوز لديه الوفاء بها للمدين، وذلك على خلاف القانون الكويتي والقانون القطري اللذان يسمحان بأن يفوق الحجز مبلغ الدين المُطالَب به فعلًا، بالإضافة إلى عدم إمكانية التصرف بكل المبالغ المحجوزة؛ بحيث تغل يد المحجوز لديه والمدين المحجوز عليه من التصرف فيها بعد اتخاذ إجراءات الحجز مباشرة، وكذلك عدم نفاذ التصرفات في المبالغ المحجوز عليها. وهذا الأمر في الحقيقة محل نظر، ويستدعي الوقوف عنده لإعادة تنظيمه، وبهذه المناسبة ندعو المشرِّع الكويتي وكذلك المشرِّع القطري لتبني ما ذهب له المشرِّع الفرنسي من الموازنة الفعّالة، عندما قرر تخصيص المبلغ محل الحجز مباشرة لصالح الدائن الحاجز، وقصر الحجز فقط على مبلغ الدين الفعلي دون منع المدين المحجوز عليه من التصرف في الباقي.

الفرع الثاني: الأحكام الإجرائية لحجز ما للمدين لدى الغير

يعتبر المحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير هو حجر الأساس فيه؛ بحيث يلعب دورًا أساسيًا في إنجاحه، ولذلك استلزمت القوانين توافر شروط إجرائية وضوابط معيّنة لكي تتحقق به هذه الصفة ونستطيع تطبيق الأحكام الخاصة به وترتيب الالتزامات القانونية عليه.

أولًا: الشروط الشكلية الخاصة بالحجز

استلزم المشرِّع الفرنسي وجود السند التنفيذي لمباشرة إجراءات التنفيذ؛ بغرض الحصول على الأموال محل الحجز المملوكة للمدين تحت يد المحجوز لديه[78]. وعليه؛ يجب أن يحوز الدائن الحاجز على سندٍ قابلٍ للتنفيذ يُثبت حقه ضد المدين المحجوز عليه لكي يتم مباشرة هذا الحجز بشكل صحيح، فجميع السندات التنفيذية يمكن أن تكون أساسًا للحجز كما لو كانت أعمال توثيقه رسمية ومُصدّقة، أو كان سند تنفيذي وقتي[79]، أو بعد صدور حكم أول درجة مشمول بالنفاذ المعجّل أو بعد صدور حكم من محكمة الاستئناف وأُّيَّد به حكم أول درجة[80]، وكذلك تُعتبر أوامر الأداء سند تنفيذي وهي صالحة لتكون أساسًا لهذا الحجز؛ بشرط أن يُقدَّم هذا الأمر خلال ستة أشهر من تاريخ إصداره[81]. وقد قضت محكمة التمييز الفرنسية أنه عندما يقتصر حق السند التنفيذي على إلزام بنقل الأسهم وتثبيت سعر التحويل دون أن يفرضَ أيَّ التزاماتٍ على الشركة المحجوزة، فإن هذا السند لا يصلح أن يكون أساسًا للحجز؛ لأنه لا يُعتبر دين معين المقدار.

وبما أن إجراءات هذا الحجز في القانون الفرنسي ذات طابعٍ تنفيذيٍ[82]؛ فيستلزم توافر شروطٍ إجرائيةٍ لكي يرتِّبَ آثاره القانونية التي تتحقق بها صفة المحجوز لديه، وعليه؛ يجب ابتداءً تقديم طلب الحجز من قبل الدائن وإعلان محضر الحجز للمحجوز لديه[83]؛ لمباشرة إجراءات الحجز، ومن ثَمَّ يقوم الدائن الحاجز بإخطار المحجوز عليه باتخاذ إجراءات الحجز[84].

ويعتبر الإعلان من أهم الشروط الإجرائية التي ترتب الآثار القانونية لحجز ما للمدين لدى الغير؛ بحيث يستطيع الدائن الحاجز بمقتضاه منع المحجوز لديه من الوفاء بما في ذمته أو تسليمه لدائنه - المدين المحجوز عليه - وهو شرط جوهري لكي تتحقق صفة المحجوز لديه في الغير، ولذلك يجب إعلانه بشكل صحيح وسليم؛ لإضفاء تلك الصفة عليه. فقد قضت محكمة الاستئناف الفرنسية بأن عدم إعلان الغير بمحضر الحجز لا يمكن أن يكسبه صفة المحجوز لديه[85].

وتجدر الإشارة إلى أن القانون الفرنسي فرّق في إجراءات الإعلان، فقرر أحكامًا خاصة للمحجوز لديه إذا كان مُحاسِبًا عامًا[86]. وقرر للآخرين خيار مزدوج للقيام بالإعلان منذ 1 سبتمبر 2012، وعليه؛ يمكن تقديم الإعلان عن طريق الورق أو عبر الوسائل الإلكترونية[87]. إلا أنه طبقًا للقانون رقم 222-2019 الصادر بتاريخ 23 مارس 2019، الخاص بتحسين مرفق العدالة، والذي استهدف بشكل خاص تبسيط الإجراءات وجعلها أكثر سرعةً ومرونةً. قرر المشرِّع الفرنسي ابتداءً من 1 سبتمبر 2021 أنه عندما يكون المحجوز لديه مؤسسة بنكية ومُخوَّلة بموجب القانون بالاحتفاظ بحسابات الودائع فيستلزم إرسال المستندات وإعلانه بالوسائل الإلكترونية[88]. وهذا هو المعمول به كذلك في دولة الكويت وقطر؛ حيث يتم إرسال الإخطارات والإعلانات لأشخاص الحجز عبر الوسائل الإلكترونية[89].

وبهذه المناسبة يجب أن يتمتع الدائن الحاجز بالصلاحية القانونية للقيام بهذا العمل؛ بحيث يتمتع بالأهلية الكاملة وأهلية الأداء لمباشرة إجراءات التنفيذ[90]، وهذا الأمر ينطبق تمامًا كذلك على المحجوز لديه بأن يتمتع بالأهلية القانونية الكاملة وتكون له الصلاحية لاستلام الحجز والقيام بالتزاماته القانونية[91].

وتعتبر مسألة الاختصاص من الشروط الإجرائية الهامة التي تتحقق به صفة المحجوز لديه. فقد قصَرَ المشرع الفرنسي اتخاذ إجراءات الحجز على المحضر القضائي فقط دون غيره؛ وذلك حسب اختصاصه المكاني[92]. وعليه؛ فأي شخص غيره يقوم بهذه المهمة يترتب عليه عدم قبول الحجز ويستوجب بطلانه[93].

وبخصوص ما يتعلق بالشكل، فيستلزم استيفاء البيانات الجوهرية المطلوبة[94] وإلا وقع ذلك تحت طائلة البطلان، ومن أهم البيانات المستحدثة في القانون الفرنسي؛ يجب أن تتضمن ورقة الحجز: تحديد الساعة التي وقع فيها الحجز، وبيان السند التنفيذي الذي وقع الحجز بمقتضاه، وذكر اسم ولقب المدين وموطنه، وإذا كان المدين شخصًا معنويًا فيجب ذكر اسمه ومقره، كما يجب تحديد المبلغ المحجوز من أجله والمصاريف وفوائده المستحقة؛ وكذلك الفوائد التي ستُستحَق خلال الشهر المحدد للمنازعة في الحجز. وهي في حقيقتها بيانات تستهدف تحديدًا توضيح سبب الحجز. والغرض الرئيسي من إعلان ورقة الحجز هو إلزام المحجوز لديه بالتقرير بما في الذمة فورًا[95]. وفي حال تحقق الإعلان بشكل سليم، تتحقق صفة المحجوز لديه ويلتزم بتنفيذ جميع التزاماته القانونية. وإذا أوفى المحجوز لديه بالرغم من إعلانه بشكل صحيح، فإنه يكون عرضة للوفاء مرة أخرى كجزاء خاص لمخالفته لالتزاماته القانونية.

وبعد استيفاء كتابة البيانات الأساسية وتمام إعلان الحجز للمحجوز لديه، يستلزم إخبار المحجوز عليه، وإلا تعرّضت إجراءات الحجز للبطلان لمخالفتها هذا الإجراء الشكلي[96]. ويقوم الدائن الحاجز بإرسال هذا الإخبار بعد إعلان ورقة الحجز للمحجوز لديه؛ بغرض إعلان المحجوز عليه بأن أمواله التي لدى الغير قد تم حجزها. والحكمة من هذا الإجراء هي إعلام المحجوز عليه بالحجز وإبلاغه بأن المحجوز لديه لن يستطيعَ الوفاء بما في ذمته، وبالتالي قد يدفع المحجوز عليه إلى المبادرة بالوفاء بما هو مطلوب منه للدائن الحاجز، أو المنازعة في إجراءات الحجز؛ إذا كان ثمة وجه لذلك. وعليه؛ فإذا أوفى المحجوز عليه للدائن أو تم إبطال الحجز، عندها يستطيع المدين المحجوز عليه التصرف بأمواله المحجوزة.

ويستلزم القانون أن يتم إبلاغ الحجز إلى المحجوز عليه؛ بحيث يشتمل على بيانات جوهرية تحت طائلة اعتباره كأن لم يكن[97]. ويجب أن يتم اخبار المحجوز عليه بالحجز خلال الثمانية أيام التالية لإعلان الحجز إلى المحجوز لديه في القانون الفرنسي[98] والقانون الكويتي[99]، وخلال عشرة أيام في القانون القطري[100]، ويُلاحَظ أن المشرِّع قد حدَّد ميعادًا قصيرًا للإخطار؛ حتى يتم التأكد بسرعة من شرعية إجراءات الحجز التي قام بها الحاجز، فالجزاء الذي يترتب على عدم القيام بالإخطار بالميعاد القانوني هو اعتبار الحجز كأن لم يكن[101]، بمعنى أن يكون الحجز باطلًا لمخالفتها الإجراء الشكلي[102]، وتزول جميع الآثار القانونية المترتبة عليه[103]. وبالتالي يسترد المحجوز لديه حريته للتصرف في أمواله.

وعليه؛ فإنه ينبغي الإشارة إلى الأحكام الخاصة لحالة تعدد فروع المحجوز لديه في حال كان بنكًا أو شركةً أو مؤسسةً أو أيَ شخصٍ معنويٍ. فإن القانون القطري لم يتطرق لتلك المسألة؛ وذلك على خلاف القانون الكويتي الذي قرر بأن الحجز لا ينتج أثره ولا تسري أحكامه الخاصة إلا بالنسبة للفرع أو الفروع التي يعينها الدائن الحاجز، فلا يتناول الحجز إلا الأموال المودعة في هذا الفرع أو تلك الفروع ولا يمتد إلى أموال المدين التي لم تتناولها ورقة الحجز[104]. والأمر الذي يثير الصعوبة في هذه المسألة هو تحديد الوقت الذي تترتب فيه آثار الحجز عندما يريد الدائن أن يحجز على أموال المدين في أحد الفروع لكنه اكتفى بتوجيه إعلان ورقة الحجز إلى المركز الرئيسي، وذلك في حال عدم تمتع الفروع بالشخصية الاعتبارية. فهل تترتب آثار الحجز في هذه الحالة من وقت إعلان الحجز للمركز الرئيسي، أم من وقت إبلاغه للفرع المعني؟

طبقًا لنص المادة 230 من قانون المرافعات الكويتي، فإن دلالة المادة تشير إلى أن آثار الحجز تترتب بمجرد إعلان ورقة الحجز إلى المركز الرئيسي لا إلى الفرع؛ وبذلك لا يضار الدائن الحاجز من تراخي تبليغ الحجز إلى الفرع المعيّن. وبالتالي يتحمل المركز الرئيسي مسؤولية إبلاغ ذلك الفرع، ولذلك ففي حال وفاء الفرع بعد إعلان ورقة الحجز للمركز الرئيسي، فإن المحجوز لديه يكون عرضةً للوفاء مرتين.

لكننّا نرى ما ذهب إليه الدكتور عزمي عبد الفتاح أنه وفي حال إذا كان الفرع يتمتع بالشخصية المعنوية؛ فإن الدائن يُلزَم بإعلان ورقة الحجز إلى الفرع ذاته فقط، ولا يكون الأمر مزدوجًا بجواز الإعلان للمركز الرئيسي أو الفرع، وإذا اختار الدائن إعلان المركز الرئيسي، فإن الأخير لا يكون مُلزمًا إلا بالحجز على أموال المدين تحت يده -إن وُجِدت- ولا شأن له بباقي الفروع. أما في حال عدم تمتع الفرع بالشخصية المعنوية، فلا يمكن توجيه الإعلان للفرع، وإنما يكون موجه للمركز الرئيسي وتترتب آثار الحجز منذ لحظة إعلانه، وتقع على عاتقه مسؤولية التواصل مع فروعه ووجوب إبلاغهم بالحجز[105].

أما في القانون الفرنسي، فلم يتم تنظيم هذه المسألة تحديدًا في ظل النصوص القانونية، لكن الفقه والقضاء قد استقرَّا على جواز إعلان ورقة الحجز إلى المركز الرئيسي دون غيرها من الفروع التابعة للبنك[106]؛ على اعتبار أن الفرع يتبع الأصل، بحيث يلتزم البنك بعد ذلك بالمبادرة إلى إعلام الفروع بإعلان الحجز، مما يساهم في تركيز الحجوز داخل حدود فرنسا وخاصة العاصمة باريس، ويقضي على صعوبة تنفيذ البنوك والمؤسسات لالتزاماتها القانونية[107]. وعليه؛ فقد اعتبرت محكمة التمييز الفرنسية أن الحجز الموقع لدى المركز الرئيسي للبنك يمتد ليشمل حسابات المدين بفروعه خارج فرنسا[108]. ولا يمنع ذلك الأمر أن يقصر الدائن الحاجز حجزه على بعض حسابات المدين لدى البنك، وعندها يقتصر التزام البنك بالتعاون على تقديم المعلومات والمستندات المتعلقة بهذه الحسابات دون غيرها. وفي حال قيام الدائن بتوقيع الحجز لدى أحد فروع الفروع؛ فإن أثره يقتصر على حساب المدين بهذا الفرع دون غيره من الفروع الأخرى، وذلك على خلاف لو كان الحجز عامًّا على كل حسابات المدين البنكية الذي يقتصر مباشرته لدى المركز الرئيسي[109].

ثانيًا: ضوابط تحقق صفة المحجوز لديه لدى "الغير"

لكي يرتِّبَ الوضعُ القانونيُ للمحجوز لديه الآثارَ القانونيةَ؛ لا بد من التأكيد على ضرورة توافر تلك الصفة كشرط أساسي لإمكانية تطبيق الأحكام الخاصة به في حجز ما للمدين لدى الغير.

ولكي تتحقق صفة المحجوز لديه لدى الغير، فإن ذلك يستلزم تحقق مجموعة من الضوابط التي تتمثل في ضرورة امتلاك المحجوز لديه لحسابات أو أصول أو أموال للمدين المحجوز عليه، ويشترط ألَّا تكون تلك الحسابات سلبية، وأن يمتلك أصولًا بالفعل، ومن ثم تكون بين المحجوز لديه والمدين المحجوز عليه التزامات حقيقية. وعليه؛ فهو يحمل مبالغ مالية مستحقة للمدين، تم إيداعها لديه بموجب عقد رسمي ومستقل. ويجب عليه كذلك أن يحتفظ فعليًا بالأموال أو الأصول التي تحت يده والمستحقة للمدين، وليس مدينًا له بالمال فقط دون حيازته[110]. ويستلزم أن يمتلك بالفعل أموال المدين أثناء الحجز لا قبله ولا بعده، بمعنى ألَّا يكون في الماضي أو المستقبل، وينبغي عدم افتراضها؛ ولذلك يجب أن تكون موجودة تحت يده وقت الحجز، ومن ثَمَّ تخرج الأشياء المستقبلية التي ستكون تحت يد المودع لديه عن مفهوم المبالغ المالية المستحقة للمدين[111].

وتجدر الإشارة إلى أنه في حال تم الحجز من قبل الدائن في موطن المدين الغائب، وكان بحضور طرف ثالث -سواء كان من أهله أو أقربائه- فإنه لا تسري الأحكام الخاصة بالمحجوز لديه؛ ومن ثم لا يعدّ المدين الغائب ولا الطرف الثالث الذي تم الحجز بحضوره محجوزًا لديه[112]. ومن القواعد كذلك، أنه في حال كان الأخير يحتفظ بأشياءَ فاسدةٍ وغير صالحة للاستهلاك، وذلك نيابةً عن المدين المحجوز عليه، أو أنه يحتفظ بممتلكات استولى عليها المدين قبل فترة وجيزة من عملية الحجز؛ فإننا لن نكون في هذه الحالة أمام تحقق صفة "الغير" المحجوز لديه، ولا يعدّ البنك الذي لا يملك أي حسابٍ جارٍ لصالح المدين المحجوز عليه بعد عملية الحجز محجوزًا لديه، ولا يمكن اعتباره كذلك في حالة قيامه بإعلان خاطئ عن غير قصد؛ إذ إن عدم وجود أموال تحت يد البنك يمنع عنه صفة المودع لديه؛ ومن ثَمَّ لا يمكن الكشف عنها في حالة التأخير أو التصريحات غير الدقيقة بشأن مدى التزامه تجاه المحجوز لديه[113]، وينطبق هذا الأمر أيضًا على الحساب المصرفي للمدين المحجوز عليه، الذي لم يكن مفتوحًا منذ تحديد وضع المحجوز عليه وقت الحجز، ومن الطبيعي أنه لا يمكن اعتبار البنك الذي سيفتح حسابًا لصالح المدين -ولو بعد دقائق قليلة من عملية الحجز- محجوزًا لديه، وكذلك الأمر لو وقع الحجز عليه، لكن بالخطأ لسبب راجع لتشابه أسماء المحجوز عليهم وقت الحجز، الناتج من خطأ الموظف المعني بإدخال البيانات[114].

وقد يكون المحجوز لديه شخصًا طبيعيًا؛ كالحارس، أو المحضر، أو كاتب المحكمة أو أمين الشهر العقاري، وقد يكون شخصًا اعتباريًا عامًا؛ كالوزارات والهيئات والمؤسسات العامة وخزانة المحكمة، وقد يكون شخصًا اعتباريًا خاصًا؛ كالبنوك والشركات والجمعيات وغيرها[115]. فالمعيار الأساسي الذي اقتضى إدخال "الغير" المحجوز لديه - الذي لا يرتبط بأية صلة بالمال محل الحجز - في مسائل التنفيذ والاشتراك في إجراءات الحجز هو وجود تلك العلاقة والصلة بمال المنفذ ضده؛ بسبب حيازته لهذا المال أو سلطته عليه[116]، ويجب كذلك ألَّا يمسَّ التنفيذُ مصلحةَ المحجوز لديه، ولا يعود عليه بنفعٍ أو ضررٍ؛ بحيث لا يكون له دافعٌ ومصلحة شخصية في الحصول على الحق، وينبغي له كذلك ألَّا يتأثر بنتيجة التنفيذ. وعليه؛ فإن المحجوز لديه سواء كان المستأجر أو البنك أو المودَع لديه في حجز ما للمدين لدى "الغير" أو الحارس على عقار أو منقول، فجميعهم يلتزمون الدخول في إجراءات التنفيذ؛ لوجود تلك العلاقة والصلة بمال المنفَّذِ ضده بسبب تلك الحيازة أو السلطة عليه، ولانعدام مصلحتهم في حال إتمام التنفيذ لمصلحة الدائن[117].

ومن بين الضوابط الإجرائية التي تتحقق بها صفة المحجوز لديه في إجراءات التنفيذ، ألَّا يكون خاضعًا لسلطة المدين؛ فلا يخضع للمدين خضوع التابع للمتبوع؛ أي لا تربطه بالمدين علاقة التبعية، ولا يأتمر بأمره؛ بحيث لا يمكن للمدين أن يستولي على الأشياء التي في يد هذا "الغير" إلَّا إذا مكّنه هذا "الغير" منها[118]. وكذلك في حال انعدام سلطة المدين على الشيء وانتقلت إلى "الغير" بناءً على سندٍ قانونيٍ أو من دون سندٍ، وسواء كانت سيطرة "الغير" على المنقول سيطرة هادئة أم متنازعًا عليها، وسواء كان الشيء في مكان مملوك لـ "الغير" أم في مكان مملوك للمدين المحجوز عليه؛ فإن من له السيطرة المباشرة على الشيء المحجوز - دون المدين - يصبح من "الغير"[119].

إذًا، يجب أن يكون المحجوز لديه مستقلًا تمامًا عن شخص المدين المحجوز عليه[120]؛ فلا يصح وجود رابطة تبعية بين "الغير" والمدين، وعليه؛ فإن أي تابع للمدين ينفي صفة "الغير" عنه؛ كالصرّاف العامل على خزينة في محل يملكه المدين لا يعدّ من "الغير"، وينطبق الحكم ذاته بخصوص الخادم والبواب؛ ومن ثَمَّ يستلزم لاعتبار الشخص من "الغير" أن تكونَ له شخصية قانونية مستقلة على النقود أو المنقول الذي تسلّمه من المدين[121]. إضافةً إلى كون الذي يقع تحت حوزته يكون بموجب أهلية مستقلة وخاصة تجاه المدين المحجوز عليه. فلا يمكن أن تكون شخصية الطرف الثالث مندمجة مع شخصية المدين؛ ولذلك لا يُعدُّ من "الغير" كلُّ من يحوز لحساب المدين وليست له حيازة مستقلة؛ حيث يستطيع استرداد المال في أي وقت دون اللجوء إلى القضاء؛ كالعلاقة بين رب العمل وأمين الصندوق؛ فهنا من حق رب العمل أن يأخذ المال من الصندوق مباشرةً، وذلك بعكس المصرف المودع لديه مبلغ باسم شخص معين؛ فإنه إذا امتنع عن تسليمها إليه فلا طريق إليها إلا باللجوء إلى القضاء والحصول على حكم قضائي[122]. وبخصوص ما يتعلق بالحارس فهو يُعدّ من "الغير" المحجوز لديه بحكم وظيفته؛ ومن ثَمَّ يلتزم بالمشاركة في إجراءات التنفيذ دون أن يكون له أي مصلحة أو صفة في موضوع الحق، وليست له أية علاقة بالدائن والمدين؛ كما هو الحال عندما يُصدِر القاضي أمرًا بتعيين حارسٍ على أموال المدين المحجوز عليه[123]، أو يتم وضعه وفقًا لأحكام القانون. والحارس في مسائل التنفيذ يلتزم بالمحافظة على المال المحجوز أو يُكلّف بإدارته إلى حين بيعه[124]. ويلتزم في النهاية بتسليم الشيء محل الحراسة إلى من تثبت له الملكية[125]. وبذلك نكون قد انتهينا من استعراض أهم الضوابط الإجرائية والشروط الواجب توافرها لكي تتحقق صفة المحجوز لديه في إجراءات التنفيذ.

وعليه؛ فلا يمكننا تطبيق الأحكام القانونية الخاصة "للغير" المحجوز لديه، إلا بعد تحقق صفة المحجوز لديه فيه، وذلك عند استيفاء جميع الشروط الموضوعية والأحكام الإجرائية لحجز ما للمدين لدى الغير؛ لكي يتم تفعيل مركزه القانوني ويقوم بدوره المطلوب وإلا وقع تحت طائلة المسؤولية القانونية والتقصيرية. وهذا ما سوف نُفصِّل به في الإطار التشريعي للمحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير وذلك في المبحث الآتي.

المبحث الثاني: الإطار التشريعي للمحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير

تستهدف الأحكام الخاصة للإطار التشريعي للمحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير تحقيق الفلسفة التي يستند عليها هذا الحجز بتحقيق الفاعلية في المحافظة على حقوق الدائن الحاجز وحماية مصالحه؛ بإيصال حقه بأسرع الأوقات وأيسر الإجراءات عن طريق سن مجموعة من الواجبات القانونية على عاتق المحجوز لديه؛ بحيث يستلزم عليه احترامها وتنفيذها طبقًا لأحكام القانون، وإلا يكون مُعرَّضًا لتوقيع مجموعة من العقوبات والجزاءات المختلفة.

نستعرض في هذا المبحث للأحكام القانونية الخاصة لتلك الالتزامات التي تقع على عاتق المحجوز لديه أثناء إجراءات الحجز (المطلب الأول) ومن ثم نتطرق للمسؤولية القانونية لمخالفة هذه الالتزامات من قبل المحجوز لديه (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الأحكام القانونية لالتزامات المحجوز لديه أثناء إجراءات الحجز

إذا توافرت الشروط الموضوعية والإجرائية لتطبيق الأحكام الخاصة بالمحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير، وتحققت الصفة الإجرائية للمحجوز لديه باعتباره من الغير، وتم الالتزام بجميع ضوابط الحجز، واتباع قواعده الإجرائية السليمة؛ يصبح المحجوز لديه طرفًا في إجراءات التنفيذ، وبالتالي تقع على عاتقه مجموعة من الالتزامات القانونية التي يجب القيام بها وإلا وقع تحت طائلة المسؤولية، ونستعرض لأهم الالتزامات الواجب احترامها من قبل المحجوز لديه.

الفرع الأول: الالتزام العام للمحجوز لديه أثناء إجراءات التنفيذ

نقتصر في إطار هذا البحث على الالتزامات التي تقع على عاتق المحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير؛ حيث كشف التنظيم الإجرائي لهذا الحجز في القوانين الكويتية والقطرية والفرنسية عن اختلاف كبير فيما بينهم. وعليه، فإن التزامات المحجوز لديه تحكمها قاعدتين أساسيتين: إحداهما سلبية والأخرى إيجابية، وتتمثل الأولى بوجوب عدم عرقلة الإجراءات، والثانية بوجوب المشاركة في إجراءات الحجز.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ قانون إجراءات التنفيذ المدني الفرنسي قد كرّس لهذا المبدأ العام لالتزام الغير في إجراءات التنفيذ الجبري؛ وذلك بوجوب تعاونه وتدخله في سير تلك الإجراءات، فقد فرض التزامًا سلبيًا بوجوب امتناعه عن أي فعل يشكل عقبة تعرقل سير الإجراءات التي تستهدف الحصول على الحقوق أو المحافظة عليها، وألقى على عاتقه من جانبٍ آخرَ التزامًا ايجابيًا بضرورة التعاون لضمان حسن سير الإجراءات متى طُلب منه ذلك. ومن الجدير بالذكر أن المشرع الفرنسي قد قرر ضمن هذا المبدأ، جواز إجبار الغير وإكراهه على القيام بواجباته في حالة الإخلال بها؛ وذلك تحت طائلة توقيع الغرامة التهديدية، مع التعويض إن كان له مقتضى.

وبناءً عليه؛ فقد نصت المادة L.123-1 من قانون إجراءات التنفيذ في المواد المدنية على أنه لا يجوز للغير أن يعرقل الإجراءات التي تُتَّخذ بهدف الحصول على الحقوق أو المحافظة عليها، ويجب عليه أن يتعاون في سيرها متى طُلب منه ذلك. وفي حالة إخلاله بالتزاماته، بدون مبرر مشروع، يجوز إكراهه على القيام بها بفرض غرامة تهديدية، مع إلزامه بالتعويض عند الاقتضاء. كما يمكن كذلك إلزام الغير الذي يتم توقيع الحجز تحت يده بدفع المبلغ المحجوز من أجله؛ مالم يتم الرجوع على المدين[126].

وعلى خلاف المشرِّع الفرنسي، فإن القانون الكويتي والقانون القطري لم يكرِّسا لمثل هذا المبدأ في صلب قوانينها، ولم ينظّما مسألة التعاون الإيجابي بشكلٍ دقيقٍ وشاملٍ لتحقيق الغاية من إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير، بل على العكس من ذلك، لاحظنا أن مجال التعاون -نوعًا ما- يُعتبَر ضيّق ولا يتناسب مع التطورات المستجَدة التي تقتضي ضمان حماية أكيدة وفاعلة للدائن الحاجز وتحقيق الإجراءات العادلة في حقه.

أولًا: التزام المحجوز لديه بعدم عرقلة إجراءات التنفيذ

على الغير أن يلتزم بالحيادية وأن يتصف بها أثناء إجراءات التنفيذ، ويجب عليه الامتناع عن الإضرار بها والتعرض لها سواء كان التعرض ماديًا أم قانونيًا. وعليه؛ لا يمكن للغير أن يقوم بأي عمل يؤثر سلبًا أو إيجابًا يتضمن إنكارًا لحق طالب التنفيذ في اقتضاء حقه؛ ولذلك لا يجوز له القيام بأي عمل يمنع المحضر أو مأمور التنفيذ من الحجز على أموال المدين؛ كأن يشارك في إخفاء أموال المدين أو تهريبها[127].

ويستند الأساس القانوني لهذا الالتزام في القانون الفرنسي بالنص عليه صراحةً وتأكيده بالمادة L.123-1[128] والتي تستوجب على الغير بعدم وضع العوائق والعراقيل عند إجراءات التنفيذ سواء كان تعرضًا ماديًا أو قانونيًا.

وفيما يتعلق بهذا الالتزام بالنسبة للقانون الكويتي والقانون القطري، فإنهما في الحقيقة لم يتطرقا له ولم ينصَّا عليه صراحةً، ولكن يمكننا أن نستشفه من خلال القواعد العامة لوجوب عدم تعرض الغير لإجراءات التنفيذ، وفي حال مخالفة ذلك؛ فيمكن اللجوء الى القضاء بطلب الحكم عليه بالتعويض أو إلزامه بالغرامة إن كان لها مقتضى.

ثانيًا: التزام المحجوز لديه بالمشاركة في إجراءات التنفيذ

لن تكون إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير ذات فاعلية كبيرة إلا إذا لعب فيها المحجوز لديه دورًا إيجابيًا وتعاون معها فورًا بكل أمانةٍ ونزاهةٍ لتحقيق غايتها؛ لكونه هو الشخص المعني بإنجاح هذا الحجز. وتتمثل خصوصية دوره المتمثل بالمشاركة الإيجابية في تسهيل وتيسير إجراءات التنفيذ باعتبارها حجر الزاوية في تحقيق هدف هذا الحجز؛ وذلك بحكم طبيعة العلاقة التي تربط المحجوز لديه بدائنه المحجوز عليه.

ففي ظل نصوص القانون الفرنسي، يوجد التزام عام على الغير في إجراءات التنفيذ، بحيث يلتزم هذا الأخير بمساندة ومعاونة أطراف التنفيذ الجبري؛ وذلك لأن الدائن الحاجز قد يجهل أموال المدين فيمكنه عندئذ الاستعانة بالغير لمعرفة موطن أموال المحجوز عليه وقيمتها وماهيتها. وفي حال عدم استجابة الغير لهذا الالتزام سيتعرض للمسؤولية القانونية؛ فالامتناع عن المشاركة الايجابية دون عذرٍ مقبولٍ يؤدي الى الحكم عليه بالغرامة[129].

وقد تبنى المشرِّع الفرنسي فلسفةً جديدةً لتعزيز هذا المبدأ، وتتمثل في إلزام المحجوز لديه بضرورة الاشتراك الإيجابي والتعاون الفوري والمباشر في إجراءات التنفيذ لضمان حسن سيرها وتحقيق أهدافها. ولذلك اعتمد المشرع الفرنسي مبدأ التقرير الفوري لضمان قيام المحجوز لديه بدوره الإيجابي وتعاونه المباشر في حسن سير إجراءات الحجز بشكلٍ فعَّالٍ وسريعٍ، ومن هذا المُنطلَق فإننا ندعو المشرِّعَ الكويتي والمشرِّعَ القطري بأن يتبنى الفلسفة الحديثة للدور الإيجابي للمحجوز لديه في إجراءات التنفيذ.

الفرع الثاني: الالتزامات الخاصة للمحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير

بما أن الدائن الحاجز يستطيع الحجز على ما للمدين لدى الغير من أموال دون تحديد محلها، ومن غير إلزامه بإثبات ملكيتها للمدين، ولا يتطلب منه التأكد من مديونية المحجوز لديه للمحجوز عليه، ويقتصر الأمر فقط على أن يدَّعي الدائن بوجود أموال للمدين لدى الغير[130]، ولكونه لا يملك وسيلة أكيدة يتمكن من خلالها التأكد مما سبق؛ ولذلك ألزم القانون المحجوز لديه بالتقرير بما في ذمته للمحجوز عليه وذلك من خلال الكشف عن المعلومات التي تتعلق بالأموال التي تحت يده للمدين[131] لبيان محل الحجز، بالإضافة إلى تحديد عناصر هذا المحل، وخصوصًا في الحالات التي يكون فيها الحجز عامًّا، كما هو الشأن في القانونين الكويتي والقطري؛ حيث تسمح تلك القوانين للحاجز بأن يحجز على كل ما يكون في ذمة المحجوز عليه للمحجوز لديه. ولذلك يعتبر التحديدُ إجراءً جوهريًا؛ لأنّ عن طريقه يتم معرفة القدر الذي يستوفي منه الحاجز حقه مباشرةً؛ لكي يتمكن المحجوز لديه بعد ذلك من تنفيذ التزامه بالوفاء للدائن الحاجز.

أولًا: التزام المحجوز لديه بالتقرير بما في الذمة

في الأصل يقع عبء اثبات علاقة المديونية بين المحجوز عليه والمحجوز لديه على عاتق الحاجز الذي يدعي أن للمدين أموال لدى الغير. لكن المشرع أدرك صعوبة هذه المسألة وخففها عن طريق إلزام المحجوز لديه بالتقرير؛ باعتباره مدين للمدين لكي يبيّن فيه بشكل واضح ملكية المدين للأموال التي تقع تحت يده وفي حوزته[132]. وعليه؛ يستند أساس هذا الالتزام إلى فكرة التيسير والتخفيف على الدائن الحاجز باعتباره لا يملك الوسائل التي تمكِّنه من التحقق من مديونية المحجوز لديه لمدينه المحجوز عليه، وكذلك يستند لأساس آخر على اعتبار أن الحاجز يعد من الغير بخصوص علاقة المديونية بين الغير ومدينه؛ ولذلك لا يمكننا التحقق من هذه المديونية إلَّا عن طريق التزام الغير وهو المحجوز لديه بهذا التقرير[133]. ومن هنا تتضح فكرة إلزام الغير بتقديم المعلومات لمساعدة الحاجز في الكشف عن حقوق وممتلكات مدينه، وذلك بالرغم من أن الأصل هو براءة ذمة الغير من أي دين.

ويعتبر التقرير بما في الذمة نظام خاص بحجز ما للمدين لدى الغير، وهو من أهم الالتزامات القانونية التي تقع على عاتق المحجوز لديه؛ بحيث لا يُعفَى منه حتى في حال انتفاء مديونيته للمحجوز عليه، ويكفي في هذه الحالة أن يقرر بعدم وجود علاقة المديونية[134]. وعليه؛ فلا يوجد أي ارتباط أو صلة بين التزام المحجوز لديه بالتقرير بما في ذمته وبين حقيقة مديونيته للمحجوز عليه. ولكون هذا الالتزام يستهدف حسن سير إجراءات التنفيذ فهو التزام متكرر، ولا يُعفَى من القيام به مرة أخرى متى طُلب منه ذلك[135]. بالإضافة إلى أن المعلومات التي يكشف عنها المحجوز لديه بناءً على هذا الالتزام ستسمح للدائن الحاجز بأن يقرر جدوى الاستمرار في إجراءات التنفيذ من عدمه.

·      ميعاد وآلية تقديم التقرير بما في الذمة

وفيما يتعلق بوقت تقديم التقرير بما في الذمة، والنطاق الزمني لتنفيذ هذا الالتزام؛ نلاحظ بأن جميع القوانين المقارنة كرّست هذا الالتزام، لكنها اختلفت في تطبيقه، وعليه؛ نجد أن القانون الفرنسي نظّم هذا الالتزام بالمادة L. 211-3 من قانون إجراءات التنفيذ المدني؛ حيث تشدد في تطبيقه؛ حيث ألزم المحجوز لديه بالتعاون الفوري في سير إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير[136]، ويتحقق ذلك في قيامه بتقديم التقرير وإمداد المحضر بكافة المعلومات التي حددها المشرع وكذلك المستندات المؤيدة لها على الفور بعد تمام اعلانه، والهدف من ذلك هو تجنُّب أي ممارسات احتيالية أو أي تواطؤ مع المدين المحجوز عليه[137]؛ ولذلك اشترِّط المشرع الفرنسي أن يقدّم المحجوز لديه الإقرار بما في الذمة مباشرة بعد إعلانه ويشير به في الحال بمحضر الحجز[138]. إلَّا إذا كانت وسيلة الإعلان بمحضر الحجز عبر الوسائل التكنولوجية التي اعتبرها المشرِّع الفرنسي استثناءً على تطبيق مبدأ التعاون الفوري، ذلك؛ وبمقتضى المادة 1-748 من قانون المرافعات الفرنسي، فإن المحجوز لديه يلتزم في هذه الحالة بتنفيذ التزامه من خلال تقديمه للتقرير بما في الذمة بذات الوسيلة والطريقة التي تم إعلانه بها[139]، وذلك في أول يوم عمل بعد استلام الإعلان[140]، وفي حال عدم استطاعة المحجوز لديه القيام بذلك -لسبب خارج عن إرادته- فإن هذا الميعاد يمتد إلى أول يوم عمل[141]. وكذلك في حالة الحجز على حقوق المدين لدى الغير لدى الأشخاص الاعتبارية العامة، عدا المرتبات؛ حيث سمح لهم بالتقرير خلال 24 ساعة من تاريخ إعلانهم بورقة الحجز؛ وذلك لمراعاة الطبيعة الخاصة للحسابات الحكومية[142]. ويرجع الاستثناء الثالث لفكرة التقرير المزدوج التي اعتمدها المشرِّع الفرنسي بالنسبة للحجز على الحسابات البنكية؛ بحيث يلتزم البنك بعمل تقريرٍ ثانٍ خلال الخمسة عشر يومًا التالية للحجز.

ويختلف الأمر في كلا القانونين الكويتي والقطري اللذين لم يتبنيا منهج التعاون الفوري، وإنما اعتمدا على فكرة تنفيذ الالتزام خلال مهلة زمنية معينة. وعليه؛ فقد ألزم قانون المرافعات الكويتي المحجوز لديه بأن يقرَّ بما في ذمته خلال العشرة أيام التالية لإعلان الحجز[143]، وتُحسَب هذه المدة من تاريخ إعلان ورقة الحجز إذا تضمن الإعلان تكليف المحجوز لديه بالتقرير، لكن في حال تم التكليف بالتقرير بورقة مستقلة، فإن هذه المدة تحسب من تاريخ التكليف. وقد حدد القانون القطري المهلة خلال خمسة عشر يومًا من يوم إعلانه بالحجز[144]. ونلاحظ بأن هذه المدد يغلب عليها طابع الإطالة، ولا تستهدف تحقيق الغاية من إجراءات الحجز لتعارضه مع مقتضيات الإجراءات العادلة ومتطلبات السرعة في مجال التنفيذ الجبري؛ وذلك لأن التعاونَ المطلوب في تلك التشريعات قاصرٌ بحيث يتم تطلبه فقط دون اشتراط أن يكون فعالًا وبشكل فوري وخصوصًا في ظل التطورات التكنولوجية الحديثة التي سهَّلت من هذه العملية بشكل كبير. وعليه؛ فإن عدم تقرير التعاون الفوري من الممكن أن يؤدي إلى فتح المجال للتلاعب والمماطلة والتواطؤ ما بين المحجوز عليه ومدينه المحجوز لديه، وذلك في الفترة التي تقع ما بين توقيع الحجز والقيام بواجب التقرير بما في الذمة وتقديم المعلومات.

وبهذه المناسبة ندعو المشرِّع الكويتي والمشرع القطري لتبني مسألة التعاون الإيجابي وتقرير مبدأ الالتزام الفوري بالتقرير بما في الذمة كما فعل المشرِّع الفرنسي عندما استوجب القيام بهذا الالتزام على الفور، ويصرّح عن مدى التزاماته تجاه المدين، ويعني مصطلح "على الفور"، أي يجب على المحجوز لديه أن يقرر حالًا، وأثناء وجود مأمور التنفيذ أو المحضر عنده، فإذا غادر مكان الحجز دون إقرار بما في الذمة، فقد تثور مسؤوليته القانونية. وبناءً عليه، قُضي بأن المحجوز لديه يعتبر قد أخلَّ بالتزاماته؛ لأنه قدم الإقرار لاحقًا وبيّن فيه أن المدين لا يملك أموالًا[145]. ويجب أن يتم تنفيذ هذا الالتزام كذلك بشكلٍ عفويٍ[146] وبشكلٍ كاملٍ ودقيقٍ دون أي إغفالٍ أو تحفظٍ.

وسبب اعتماد المشرِّع الفرنسي لمبدأ التقرير الفوري هو لضمان تعاون المحجوز لديه في حسن سير إجراءات الحجز بشكلٍ فعَّالٍ وسريعٍ[147]. ولذلك ألزم المحجوز لديه بأن يقدّم للمحضر عند إعلانه بورقة الحجز جميع المعلومات التي تطلبها القانون والمستندات المؤيدة لها[148]. وقد اتجهت محكمة التمييز الفرنسية إلى اعتبار التقرير المتأخر يعادل الامتناع عن التقرير[149]؛ ولذلك ندعو المشرع الكويتي والمشرع القطري أن يحذو بحذوه لزيادة فعالية حجز ما للمدين لدى الغير.

وتجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد حكم يُلزِم المحجوز لديه بأن يعلن تلقائيًا للحاجز عن حقوق الشريك والأوراق المالية التي يحتفظ بها المدين[150]. ولا يُلزِم المحجوز لديه بإرسال بيانات المعاملات المصرفية عن الفترات السابقة من الحجز؛ لكون هذا الشرط يُعتبَر خارج التزاماته[151]. ولا يراقب قاضي التنفيذ كذلك تطور حسابات المدين في السنوات السابقة للحجز، ولكن عليه أن يتحقق من قيمة وصدق الإعلان وقت الحجز[152].

وبخصوص الشكل القانوني للتقرير بما في الذمة، فإنه طبقًا للقانون رقم 222-2019 بتاريخ 23 مارس 2019، والخاص بتحسين مرفق العدالة، والذي استهدف بشكلٍ خاصٍّ تبسيط الإجراءات وجعلها أكثرَ سرعةٍ ومرونة؛ وذلك من خلال اضفاء الطابع التكنولوجي على المراسلات ما بين مأموري الضبط القضائي وبين اغير المحجوز لديه؛ كالمؤسسات المالية والمصرفية، وذلك أثناء اتخاذ إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير؛ حيث جعل وقت نفاذ القانون في 1 ابريل 2021. وقد كان الوضع في السابق، وقبل صدور هذا القانون ودخوله حيز التنفيذ يجمع ما بين الوسيلة الكتابية والوسيلة الإلكترونية للإعلان. وأما بعد دخوله حيز التنفيذ أصبح الأمر يقتصر فقط على المراسلات الإلكترونية؛ حيث أكّد هذا القانون على أنه يجب على المحضرين في حجز ما للمدين لدى الغير - الحجز التخصيصي- بأن يتعاملوا مع المحجوز لديه عبر الوسائل الإلكترونية عندما يكون مؤسسةً مخوَّلةً قانونًا بحيازة حسابات الودائع[153]. ويتعين كذلك على المحجوز لديه أن يقوم بجميع التزاماته القانونية عند إبلاغه بمحضر الحجز بالوسائل الإلكترونية كذلك[154].

وتجدر الإحاطة إلى أن القانون الكويتي والقانون القطري قد ألزما المحجوز لديه بالتقرير بما في الذمة ولو لم يحصل الدائن على السند التنفيذي[155]؛ وذلك لأن الالتزام بالتقرير يعتبر مستقلًا عن علاقة المديونية بين المحجوز لديه والمحجوز عليه، وكذلك العلاقة بين الحاجز والمحجوز عليه، حيث إن التقرير يستهدف تحديد الضمان العام للدائنين باعتبار أن جميع أموال المدين تعتبر ضامنةً لديونه، سواء كانت هذه الأموال تحت المدين وتصرفه أو كانت في حيازة الغير[156].

·      مضمون الإقرار

وأما فيما يتعلق بمضمون هذا الالتزام؛ فإنه يقتضي قيام المحجوز لديه بتحديد مصدر مديونيته والأوصاف التي تلحق بها، كما يجب ذكر مقدار الدين أو الديون التي يلتزم بها وفوائدها؛ إذا كانت معينة المقدار، وفي حال انقضاء المديونية، فإنه يلتزم بتحديد أسباب وتاريخ انقضائها، ويجب أن يتضمن التقرير ذكر جميع الحجوز السابق توقيعها على الحقوق المحجوزة؛ حتى يتمكن الحاجز أن يقرر ما تقضي به مصلحته في ظل وجود مزاحمة من قبل دائنين آخرين، ويلتزم المحجوز لديه كذلك بإرفاق المستندات المؤيدة للمعلومات التي قدمها، كالعقد سند الدين، والمخالصة المثبتة للوفاء، وإعلانات الحجوز والحوالات التي وردت عليه[157].

ويستلزم عليه أيضًا إرفاق كل ما لديه من مستندات مؤيدةً لبياناته أو صورًا عنها ومصدقًا عليها. وإذا لم تكن هناك أية علاقة مديونية بين المحجوز لديه والمحجوز عليه فيكفي الإقرار بعدم وجود أية علاقة ولا رابطة بينهما. ومن الطبيعي أنه إذا أقّرَّ المحجوز لديه بما في ذمته؛ فيلتزم بما أقّرَّ به، ولا يمكنه التراجع عنه، وتقتصر قوة التصريح الملزمة على المقرِّ فقط، ولا تسري في مواجهة المحجوز عليه لكونه يستطيع المنازعة فيه[158]. وعليه؛ يلتزم المحجوز لديه بإخبار الدائن الحاجز بالحالة التي وصلت إليها علاقته القانونية مع المحجوز عليه يوم الحجز أو يوم التقرير.

وقد أكَّد القانون الفرنسي على التزام المحجوز لديه بتقديم المستندات المؤيِّدة والداعمة للمعلومات المقدمة - كالعقود سبب التزامه، والمخالصات، ونظام الشركة أو قانونها الأساسي، واتفاق اندماج الحسابات البنكية المحجوزة، وإعلانات الحجوز السابق توقيعها على أموال المدين. وعندما يتم الحجز تحت يد مؤسساتٍ مُرخَّصٍ لها قانونًا بحفظ حسابات الودائع، فإن المعلومات الواجب تقديمها يجب أن تكون مُفصّلةً، تبيّن طبيعة حساب المدين بالإضافة الى رصيده يوم الحجز، ولا يقتصر الأمر على حسابات الودائع فقط، بل من الممكن أن يشمل جميع ما تحتفظ به المؤسسة باسم المدين[159]، لكن يبقى الأمر متروك للبنك المحجوز لديه، للتصريح عن جميع المبالغ المستحقة للمدين.

وتجدر الإشارة إلى أن مضمون هذا الالتزام بالنسبة للقانون الكويتي والقانون القطري يتصف بالقصور وعدم الدقة والمرونة؛ بسبب أن المعلومات التي يلتزم المحجوز لديه بتقديمها لا تتغير ولا تتنوع أيًّا كانت طبيعة الأموال والديون محل الحجز، سواء كانت أجورًا، أو مرتباتٍ، أو حساباتٍ بنكية أو قيمًا منقولة. وذلك على خلاف القانون الفرنسي الذي اتخذ منهجًا أكثرَ دقةٍ في تحديد المعلومات المطلوبة، ففي الحجز التخصيصي - الذي يعنينا في هذه الدراسة - الوارد على حساب المدين البنكي، فإن المحجوز لديه مُلتزمٌ بأن يحدد للمحضر المعلومات المطلوبة بشكلٍ دقيقٍ ومفصّلٍ[160]، بالإضافة إلى ذكر طبيعة حساب المدين ما إذا كان حسابَ وديعة أو حسابًا جاريًا، ورصيده يوم توقيع الحجز سواء كان دائنًا أو مدينًا في حال تعدد حسابات المدين لدى البنك ينصرف هذا الالتزام إلى كل الحسابات؛ بحيث يحدد للمحضر رقم وطبيعة ورصيد كل حسابٍ على حِدَه. وهذا الأمر يسمح للدائن الحاجز بقصر حجزه على بعض الحسابات المحجوزة، وذلك على حسب المعلومات المقدمة من البنك. وينبغي الإشارة إلى أنه عند تحديد الدين بشكل مفصّل من قبل الدائن في ورقة الحجز، فإن هذا الأمر لا يعفي المحجوز لديه من واجب تقديم البيانات المتعلقة به؛ وذلك بهدف تأكيده وتحديده أو نفيه[161]. كما أن سر المهنة المتعلق بأعمال البنوك والمؤسسات المالية لا يعفي المحجوز لديه من واجب التقرير بما في الذمة[162].

 وأخيرًا، حتى يحقّق التقرير بما في الذمة هدفه؛ ينبغي أن يتضمن البيانات التي تكشف بالدقة والوضوح حقيقة العلاقة بين المحجوز لديه وبين المدين المحجوز عليه، وقد أورد قانون المرافعات الكويتي هذه البيانات في المادة 234؛ حيث أوجبت أن يذكر في التقرير مقدار الدين الذي في ذمة المحجوز لديه للمحجوز عليه، فإن كان الحجز عامًّا، يجب عليه ذكر كل الدين، أما إذا كان واردًا على مبلغٍ معينٍ؛ فيكفي أن ينصبَّ الإقرار على وجوده أو عدم وجوده، ويبيّن كذلك سبب الدين، أي مصدر الالتزام بوجود عقد وديعة أو علاقة تجارية أو علاقة عمل أو وكالة أو ذكر سبب وجود المنقول المادي لديه، ويذكر الأقساط أو المبالغ التي تم الوفاء بها للمحجوز عليه قبل الحجز، ويذكر أيضًا أسباب انقضاء الدين أو بعض أجزائه -إن وجدت- وعليه أن يبّين جميع الحجوز السابقة الموقعة تحت يده على ذات المبالغ أو المنقولات، ويجب ذكر الحوالات سواء كانت سابقة على الحجز أو لاحقة عليه؛ لأنها لو كانت سابقة، ينتقل الدين إلى المُحالِ إليه، وإن كانت لاحقة، فإنها تعتبر كأنها حجزٌ ثانٍ. وفي حال كان التقرير إيجابيًا، فيستلزم إرفاق جميع المستندات وإيداع الأوراق المؤيِّدة له، وإن كان تحت يد المحجوز لديه منقولات وجب عليه أن يذكر أنواعها وأوصافها وأن يكون بيانه عنها مُفصَّلًا ويرفق البيان في التقرير، وتجدر الإشارة إلى أنه يتعين على المحجوز لديه القيام بالتقرير؛ ولو كان يعتقد ببطلان إجراءات الحجز، طالما لم يصدر حكم ببطلان الإجراءات، وفي حال أراد التسمك بالبطلان، فعليه أن يتمسك به في ذات محضر التقرير؛ وإلا فإنه يعتبر قد تنازل عن سبب البطلان[163]. وهذا هو ما عليه الحال تمامًا كما قررته المادة 456 من قانون المرافعات القطري.

ثانيًا: التزام المحجوز لديه بواجب الوفاء للدائن الحاجز

يقوم المحجوز لديه حال الحجز بحفظ الأموال محل الحجز وعدم التصرف فيها لصالح المدين المحجوز عليه، ويستلزم عليه وضعها تحت تصرف الدائن الحاجز مباشرةً؛ بناءً على الأثر القانوني لهذا الحجز المتمثل بتخصيص المبلغ فورًا لصالح الدائن الحاجز كما هو في القانون الفرنسي، وذلك تمهيدًا لتنفيذ التزامه بالوفاء بها[164].

·       غرض الوفاء وحالاته في القانونين الكويتي والقطري

يعتبر التزام المحجوز لديه بالوفاء للدائن الحاجز من أهم الأسس التي تُعزِّز فعالية حجز ما للمدين لدى الغير، وهو النتيجة المرجوَّةُ من مباشرته، فالحجز يعتبر مجرد وسيلة إجرائية لتحقيق الغاية المتمثلة في دفع مبلغ الحجز للدائن الحاجز. ويترتب على دفع مبلغ المطالبة من قبل المحجوز لديه وسداده للدائن الحاجز إلغاء دين الأخير ودين المدين المحجوز عليه بذات الوقت؛ ولذلك، فإن هذا الحجز قائمٌ على فلسفة أن هذا الوفاء يُرضي الدائن الحاجز ويُعفي المحجوز عليه والمحجوز لديه من الالتزام[165]. ولكي يكون وفاء المحجوز لديه مُرضيًا للحاجز؛ يجب أن يكون الدفع سريعًا وفعّالًا وكاملًا؛ بحيث إن مجرد الوعد بالدفع أو الدفع الجزئي لن يكون كافٍيًا لرضاه. ولا يكتمل الوفاء إلَّا إذا تم إيداع المبلغ محل الحجز كاملًا وبشكل فعلي في حساب الدائن الحاجز[166]؛ فالتحويل بحد ذاته من غير تمام الإيداع يعتبر غير كافٍ، وكذلك الأمر في حال دخول مبلغ بسيط في حساب الدائن الحاجز بحيث لا يغطي مبلغ المديونية[167].

ولذلك فإن الرضا الكامل يتم للدائن بالتسليم الفعلي للدين، سواء كان عن طريق وضعه تحت يده أو عن طريق تسليمه لشخصٍ آخرَ له سلطة تسليمه له بدلًا من المحجوز لديه ذاته[168]، كما هو الحال عند إيداع ما في ذمته لدى خزانة إدارة التنفيذ، وإذا كان محل الحجز منقولات - كما هو مسموح في القانون الكويتي - ولا يمكن إيداع تلك الأموال في الخزانة جاز تسليمها لحارسٍ يعيّنه مدير إدارة التنفيذ بناءً على طلب يُقدَّم إليه من المحجوز لديه أو المحجوز عليه[169]، ونلاحظ بأن القانون القطري لم يذكر إمكانية تسليم الأموال محل الحجز للحارس؛ حيث اكتفت المادة 453 بأنه "يجوز للمحجوز لديه في جميع الأحوال أن يوفِّي ما في ذمته بإيداعه خزانة المحكمة المختصة، ولو كان الحجز مُدَّعًي ببطلانه؛ وذلك مالم يرفع الحجز بالتراضي أو تحكم المحكمة برفعه". وكلا القانونين قرَّرا بأن الحجز في هذه الحالة يظل قائمًا على تلك المبالغ أو الأموال المنقولة، واتفقا على ضرورة إبلاغ الدائن الحاجز والمحجوز عليه بكتاب مسجل بحصول الإيداع أو وضع المنقولات تحت يد حارسٍ كما هو مقرر في القانون الكويتي، لكنهما اختلفا في وقت الإبلاغ؛ حيث أوجب القانون الكويتي إدارة التنفيذ بالإبلاغ فورًا، وذلك بخلاف القانون القطري الذي ألزم قلم كُتّاب المحكمة الإخبار بحصول الإيداع في ظرف ثلاثة أيام؛ وذلك بكتابٍ مسجلٍ مصحوبٍ بعلم الوصول[170].

وإذا قام الدائن باتخاذ الإجراءات اللازمة لمباشرة الحجز، فإن المحجوز لديه يلتزم بالوفاء للحاجز، فإما أن يوفي اختيارًا، ويكون وفاؤه في هذه الحالة مباشرةً للدائن الحاجز؛ إذا كان الحاجز واحدًا والمبلغ الذي حصل الإقرار به كافيًا لسداد مبلغ المديونية، ويشترط هنا أن يكون حق الدائن ثابتًا بسندٍ تنفيذيٍ واجبٍ النفاذ، وأن تراعى إجراءات التنفيذ في مواجهة الغير[171]. وله كذلك أن يوفي اختيارًا حال إيداعه للمبلغ لدى خزانة إدارة التنفيذ، وذلك في حالة تعدد الحاجزون وكان المبلغ الذي في ذمة المحجوز لديه لا يكفي للوفاء بحقوقهم جميعًا، ويجب عليه في هذه الحالة تسليمُ إدارةِ كُتَّابِ المحكمةِ بيانًا بالحجوز الموقعة تحت يده[172].

وفي حال كان المال المحجوز منقولًا ماديًا، فإنه يُباع بالإجراءات المقررة لبيع المنقول المحجوز لدى المدين، وذلك دون حاجة إلى حجز جديد؛ حيث يتولى مأمور التنفيذ الإعلان عن البيع وإجراءات البيع، وإذا تم البيع، فإن الحاجز يستوفي حقه من ثمن المال المحجوز بعد بيعه. وإذا أوفى المحجوز لديه اختيارًا أو أودع ما في ذمته، فله أن يخصم ما أنفقه من مصاريف؛ وذلك بعد تقديرها عن طريق مدير إدارة التنفيذ[173]. وفي حال كان الدين غير مستحق الأداء؛ فإنه يباع بإجراءات بيع الأسهم والسندات، أي بواسطة سمسار أو صيرفي[174].

وإذا رفض المحجوز لديه الوفاء الاختياري بالرغم من توافر الشروط والإجراءات اللازمة لاستيفاء الدائن لحقوقه، فإن القانون سمح للدائن الحاجز بأن ينّفذ على أموال المحجوز لديه شخصيًا. وعليه؛ فقد نصت المادة 239 من قانون المرافعات الكويتي على أنه "إذا لم يحصل الوفاء وفقًا للمادة السابقة ولا الإيداع طبقًا للمادتين (218-233)؛ كان للحاجز أن ينّفذ على أموال المحجوز لديه بموجب سنده التنفيذي مرفقًا به صورة رسمية من تقرير المحجوز لديه". وفي هذه الحالة يتم التنفيذ بموجب السند التنفيذي الذي يملكه الدائن الحاجز منذ بداية الحجز، أو الذي حصل عليه الحاجز لاحقًا بعد الحصول على الحكم النافذ في دعوى صحة الحجز في حال مباشرته للحجز دون سندٍ تنفيذيٍ، ويستلزم للتنفيذ على أموال المحجوز لديه، ضرورة اتخاذ مقدمات التنفيذ من قبل الدائن الحاجز.

وقد قرَّر المشرع القطري في المادة 462 بأنه "يجب على المحجوز لديه بعد خمسة عشر يومًا من تاريخ تقريره أن يدفع إلى الحاجز المبلغ الذي أقرَّ به أو ما يفي منه بحق الحاجز، متى كان حق الحاجز وقت الدفع ثابتًا بسندٍ تنفيذيٍ وكانت الإجراءات المنصوص عليها في المادة (373) قد روعي..."، ومفاد هذه المادة، أنه في حال مباشرة الحجز في إطاره التحفظي، فلا يستوجب على المحجوز لديه الوفاء مباشرة. وإنما استلزم أن يكون الحق ثابتًا بسندٍ تنفيذيٍ؛ لكي يلتزم المحجوز لديه في الدفع. ونلاحظ أن المشرِّع القطري قد أعطى المحجوز لديه مهلةً أكثر من القانون الكويتي؛ بحيث استوجب الدفع للدائن الحاجز بعد خمسة عشر يومًا من تاريخ التقرير بما في الذمة.

كما تجدر الإشارة، إلى أنه في حالة قيام المدين المحجوز عليه برفع دعوى قضائية يطلب فيها رفع الحجز أمام المحكمة المختصة؛ فإنه يترتب عليها منع المحجوز لديه من الوفاء للدائن الحاجز حتى يتم الفصل فيها، ولا يُحتَج برفعها على المحجوز لديه أو إدارة التنفيذ إلا إذا أُبلغت إليهما[175]. وكذلك هو الأمر في قانون المرافعات القطري؛ حيث نصت المادة 452 على أنه "يجوز للمحجوز لديه أن يرفع الدعوى بطلب رفع الحجز أمام قاضي التنفيذ، ولا يحتج على المحجوز لديه برفع هذه الدعوى إلا إذا أُبلِغت إليه. ويترتب على إبلاغ المحجوز لديه بالدعوى منعه من الوفاء للحاجز إلَّا بعد الفصل فيها".

·       آلية الوفاء وآثاره في القانون الفرنسي

يستوجب الالتزام بالوفاء في القانون الفرنسي التفرقة بين فرضيتين: تتمثل الأولى؛ إذا نازع المحجوز عليه في الحجز، وقدّم دعوى المنازعة أمام قاضي التنفيذ وذلك خلال شهرٍ من بعد إعلان ورقة الحجز -وهي المدة القانونية المقررة لتقديم المنازعة- ففي هذه الحالة يتم تأجيل الوفاء حتى يُفصَلَ في المنازعة، وبعدها يقدّم الدائن الحاجز حكم رفض الدعوى لاستحقاق التنفيذ[176]. وحتى يتم تجنب المنازعات التي تُقدّم من المدين سيئ النية، يستطيع قاضي التنفيذ في هذه الحالة -وقبل الفصل في المنازعة- أن يُرخِّص بالوفاء بقدرٍ معينٍ ويتولى تحديده، ويمكن تعديل هذا القدر بناءً على دعوى يرفعها الدائن الحاجز وتعلن للمدين المحجوز عليه لكي يتمكن من الدفاع[177]. وأما بالنسبة للفرضية الأخرى، فإنها تتمثل في حال غياب المنازعة، وفي هذه الحالة يستلزم الانتظار لمدة شهر كامل قبل التزام المحجوز لديه بالدفع للدائن الحاجز. وبعد فوات تلك المدة يستطيع المحجوز لديه مباشرة إجراءات الوفاء؛ وذلك بناءً على طلب الدائن الحاجز الذي يلتزم بهذه المناسبة بتقديم شهادة صادرة من المحضر القضائي، تثبت بعدم حصول المنازعة خلال المدة القانونية المسموح فيها للاعتراض على الحجز، ليقوم المحضر بعد ذلك بإرسالها للمحجوز لديه[178].

ويمكن للمحجوز لديه أن يقوم بالوفاء بمبلغ الدين قبل انتهاء الشهر المقرر، لكن يُشترَط في هذه الحالة أن يصرّح المدين كتابةً بعدم اعتراضه على إجراءات الحجز وعدم رغبته في تقديم المنازعة؛ فهنا يلتزم المحجوز لديه فورًا بالوفاء للدائن الحاجز. ويلتزم بالوفاء كذلك في حالِ إذا أعلن المدين المحجوز عليه صراحةً بأنه يأذن للمحجوز لديه بأن يدفع مباشرةً للدائن الحاجز دون إبطاءٍ، ولا يخضع ذلك الإذن لمدةٍ معينةٍ فيمكن أن يكون بذات اليوم الذي تم فيه إخطاره، ولا يشترط أن يقوم به المحضر القضائي[179]. وعليه؛ فليس من حق المحجوز لديه أبدًا - الاعتراض ورفض الدفع للدائن الحاجز في هذه الحالات؛ ولذلك قضت محكمة التمييز الفرنسية بأنه في حالة اعتراض المحجوز لديه عن الوفاء في الحالات السابقة، تُرفَع دعوى قضائية أمام قاضي التنفيذ في مخاصمة حقيقية بغرض إصدار الحكم والحصول على السند التنفيذي ضد المحجوز لديه[180].

وتجدر الإشارة إلى أن الوفاء الصادر من المحجوز لديه عن طريق الخطأ لا يُعتبرُ باطلًا، كأن يتم دون إذنٍ أو تصريحٍ من قبل المحجوز عليه؛ لأنه في الحقيقة، يعتبر وفاءً قام به المدين لدائنه، وذلك بعد أن أصبح المحجوز لديه مدينًا للدائن الحاجز شخصيًا بدفع المبلغ محل الحجز، لكن يترتب على هذا الوفاء عدم قابليته للتنفيذ ضد الغير، ويصبح المحجوز لديه معرّض للدفع مرتين، إلا إذا تم ذلك عن طريق الغش والاحتيال على حقوق الغير، ونعني بذلك حصول التواطؤ ما بين المحجوز لديه والدائن الحاجز. وفي حال لم يتسبب الدفع الخطأ بالضرر لأي شخص، أو لم يتم اثارة أي نزاع في غضون المدة المحددة قانونًا، فسيكون الدفع الخاطئ في المستقبل مرضيًا للدائن الحاجز، ويتم من خلاله تحريرُ المدين وإبراءُ ذمته[181].

ومن الآثار القانونية الهامة التي تترتب على الوفاء بمبلغ الدين المطلوب، تبرئة المحجوز لديه في إجراءات الحجز لدى الغير؛ إلا إذا كان الوفاء خارج حدود القانون فإنه يعتبر باطلًا، ويتحمل المحجوز لديه كامل المسؤولية القانونية. ومن المهم التنويه، إلى أن الأثر التخصيصي المترتب على حجز ما للمدين لدى الغير في القانون الفرنسي يتوقف بشكلٍ مؤقتٍ في حالة توقيع الحجز على الحسابات البنكية التي محلها مبلغ من النقود؛ بحيث يترتب عليه منع المدين من التصرف في كل المبالغ الموجودة في الحساب أو الحسابات المحجوزة، وذلك لمدة 15 يوم عمل من تاريخ توقيع الحجز[182]، ويرجع ذلك إلى أن الرصيد الذي يبلغ للمحضر وقت توقيع الحجز ليس إلَّا رصيدًا مؤقتًا يحتمل أن يتأثر بالنقصان أو الزيادة؛ وذلك بسبب تنفيذ بعض العمليات السابقة على الحجز[183]. ولذلك يعد من الضروري قبل تطبيق فكرة الأثر الناقل للحجز أن يتم اعتماد فترة زمنية لكي يتم تسوية العمليات التي أجراها المدين قبل الحجز، وبذلك يمكن معرفة حالة الحساب الحقيقية يوم الحجز.

·       واجب الوفاء بين القوانين المقارنة

وفي النهاية؛ يتضح لنا بأن القانون الكويتي والقانون القطري قد تشابها مع القانون الفرنسي في ضرورة وجود السند التنفيذي لكي يلتزم المحجوز لديه بالوفاء بمبلغ الدين أو التنفيذ عليه، مع اختلافهم في مسألتين: تتمثل الأولى، عند بداية اتخاذ إجراءات الحجز؛ حيث يجوز في القانونين الكويتي والقطري اتخاذ إجراءات التنفيذ ولو لم يكن الدائن يحوز على سندٍ تنفيذيٍ. والمسألة الأخرى، أنه يشترط في القانون الفرنسي لكي يقوم المحجوز لديه بواجب السداد لصالح الدائن الحاجز أن يستلم الأخير شهادةً بعدم حصول منازعة في الحجز من قبل المدين المحجوز عليه، ويستلزم أن يتسلّمها المحجوز لديه بعد انقضاءِ شهرٍ من وقت وقوع الحجز، إلَّا في حالة التصريح الكتابي من قبل المدين يسمح فيه للمحجوز لديه بالسداد لصالح الدائن الحاجز أو يكون عن طريق تصريح من قبل قاضي التنفيذ والأمر بالسداد. وفي حال لم يكن الدين محل الحجز مُحقق الوجود؛ فإنه يستلزم على الدائن الحاجز إعادة اتخاذ إجراءات الحجز عند انتهاء أجل الدين وبلوغ وقت سداده ويصبح محقق الوجود[184]. وهذا كله بخلاف القانون الكويتي والقانون القطري اللذان يسمحان باتخاذ إجراءات الحجز قبل صيرورة الدين محقق الوجود، عن طريق اتخاذ إجراءات هذا الحجز بغرض الإجراءات الاحترازية والتحفظية، وكذلك يختلفان عن القانون الفرنسي بأنه في حال الحصول على السند التنفيذي فإنه يتم التنفيذ مباشرةً دون انتظار مهلة شهر للتصريح بعدم وجود منازعة من قبل المدين، وتركوا المجال مفتوحًا للمدين أثناء التنفيذ، وسمحوا له بتقديم إشكالٍ يوقف التنفيذ ويُعرَض الأمر على القاضي المختص لإصدار الحكم في ذلك الإشكال.

المطلب الثاني: مسؤولية المحجوز لديه في إطار حجز ما للمدين لدى الغير

تمتاز مسؤولية المحجوز لديه بمكانةٍ خاصةٍ في علم القانون؛ لكونها لا تستند على أساس واحد، ويعتبر التكييف القانوني لطبيعة هذه المسؤولية مهم لبيان أساسها وتحديد نطاقها. وتنبع أهمية هذه المسؤولية من فكرة حجز ما للمدين لدى الغير ذاتها، باعتبار أن هذا الحجز - بشكلٍ عامٍ - يبدأ دون تحديد محله مقدمًا، ولذلك ألزم القانون "الغير" المحجوز لديه بالتزامات قانونية وواجبات محددة يترتب على الإخلال بها إثارة مسؤوليته القانونية[185]. وعليه؛ فقد اعتمدت النصوص التشريعية في القوانين الفرنسية والكويتية والقطرية مجموعةً من الجزاءات على إخلال المحجوز لديه بتلك الواجبات، وأكدت على مبدأ وجوب التعويض على أساس المسؤولية التقصيرية، بالإضافة إلى توقيع الغرامة في حالات معينة لدى بعض القوانين -كما سيأتي بيانه- ولذلك؛ توجد في إطار حجز ما للمدين لدى الغير مجموعة متنوعة من الجزاءات الموّقَّعة على "الغير" المحجوز لديه وهي ما بين جزاءاتٍ عامةٍ يرجع أساسها للقواعد العامة، وجزاءاتٍ خاصةٍ لا تُطبّق إلَّا بناءً على نصوصٍ قانونيةٍ محددةٍ.

 ومن هنا يتضح بأن الجزاءات التي يمكن توقيعها على "الغير" المحجوز لديه تتعدد على حسب الأساس القانوني الذي تندرج تحته؛ كما سنبيّنه في الفرع القادم.

الفرع الأول: الأسس القانونية لمسؤولية المحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير

يتنوع أساس المسؤولية بشكلٍ عامٍ لكونه يدخل في مقتضيات السياسة التشريعية للمشرع، ويستلزم أن تُقام هذه المسؤولية على أفضلِ أساسٍ لتحقيق أهدافها المرجوة في نطاق ذلك العمل أو الإجراء القانوني؛ لذلك لم تتفق الآراء حول أساس واحد للمسؤولية[186].

تعددت أُسس مسؤولية المحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير بغرض الاستجابة لقواعد العدالة الإجرائية، وضرورة تحقيق العدالة الناجزة من خلال ضمان السرعة في استيفاء الحقوق ووصولها لأصحابها. وبسبب أن قواعد المسؤولية العامة في القوانين المدنية تعتبر نوعًا ما ضيّقة ولا تأخذ بعين الاعتبار خصوصية المركز القانوني "للغير" المحجوز لديه وطبيعة التزاماته في الإجراءات الخاصة لحجز ما للمدين لدى الغير، وبالتالي فهي ليست كافية لتنظيم مسؤوليته بشكلٍ متكاملٍ بما يضمن تحقيق الغاية من هذا الحجز؛ لذلك - وتطبيقًا لفكرة الضمان العام للدائنين - كرّست التشريعات القانونية أحكامها على توسيع نطاق المسؤولية الخاصة بالمحجوز لديه؛ بغرض تحقيق أكبر فعالية لهذا الحجز وضمان نجاحه.

وعليه؛ فقد قررت أغلب التشريعات القانونية إثارة المسؤولية على أساسٍ قانونيٍ يتناسب مع خصوصية المركز القانوني للمحجوز لديه وبعيدًا عن الأسس التقليدية الموجودة ضمن القواعد العامة في القانون المدني، بحيث أصبحت مسؤولية المحجوز لديه اليوم، تقوم بمجرد مخالفة الالتزام الذي تفرضه القاعدة القانونية فقط دون شرط ارتكاب الخطأ ووقوع الضرر وتوافر العلاقة السببية.

نستعرض ابتداءً للأساس القانوني لمسؤولية المحجوز لديه الذي يتمثل في مجرد مخالفة الالتزام، ومن ثَمَّ نستعرض تباعًا لأساس مسؤوليته التقصيرية التي تتطلب الأركان الخاصة لإثارتها.

أولًا: الأساس القانوني

طبقًا لقانون إجراءات التنفيذ المدني الفرنسي؛ فإن المادة R.211-5 قد نصَّت على جزاءين يختلفان في أساسهما؛ بحيث لا يمكن الجمع بينهما؛ لأنهما يمثلان نظامين ومجالين مختلفين. وتجدر الإشارة إلى أن المشرِّع الفرنسي قد تبنى فكرة التدرج في الجزاءات؛ حيث قررت الفقرة 1 بتوقيع العقوبة على عدم التعاون، كأن يبقى المحجوز لديه صامتًا وقت التزامه بالتكلم ووجوب التقرير بما في الذمة، حتى وإن لم يكن تحت يده شيء فيستلزم التقرير، فإذا صمت ولم يقدّم التقرير فإنه يُعتبر مخطئًا، وأما بخصوص الفقرة 2 فإنها تقرر توقيع العقوبة على من يتكلم ويفصح، ولكنه يُخفي الحقيقة أو يكذب، كأن يخفي المحجوز لديه حقيقة ما لديه وما يحوز عليه تحت يده، وترتب على ذلك وقوع الضرر[187].

نتطرق الآن للأساس القانوني لمسؤولية المحجوز لديه والمتمثل بغياب التعاون في حسن سير إجراءات الحجز. وعليه؛ فقد نصت المادة R.221-5 من قانون إجراءات التنفيذ المدني على أن "المحجوز لديه الذي يمتنع عن تقديم المعلومات التي حددها القانون، بدون مبرر مشروع، يلتزم بدفع المبالغ المستحقة للدائن الحاجز؛ وذلك بناءً على طلب الأخير، ودون الإخلال بحقه في الرجوع على المدين".

ولكي يتم توقيع الجزاء، ويحكم القاضي بإلزام المحجوز لديه بدفع المبلغ المستحق؛ يجب أن تتوافر حالة من حالات الإخلال بواجب التقرير بما في الذمة، وتتمثل في عدم القيام بالتقرير بالشكل المطلوب وفقًا لنصوص القانون، كعدم قيامه بالتقرير إطلاقًا، أو عدم التزامه بميعاد تقديمه المقرَّر قانونًا. وعليه؛ فالقانون يكتفي بوقوع إحدى صور المخالفة لوقوع الجزاء، ولم يشترط ضرورة إصرار المحجوز لديه فقط على الامتناع عن التقرير.

ويتمثل جزاء عدم التزام المحجوز لديه بالتعاون وغياب تقديم التصريح بما في الذمة في التزامه بدفع المبلغ المحجوز من أجله لصالح الدائن الحاجز. والهدف من هذا الجزاء هو رغبة المشرِّع في ضمان احترام المحجوز لديه لالتزاماته والعمل على تنفيذها وفقًا للقانون؛ ولذلك كان هذا الجزاء قاسيًا، وتتضح قسوته في أن المبلغ الذي يلتزم المحجوز لديه بدفعه عن المدين قد يزيد عن قيمة التزامه تجاهه، كما أنه من المحتمل أن يواجه إعسار المدين حال الرجوع عليه وبالتالي لا يسترد المبلغ المدفوع.

وتجدر الإشارة إلى أن الحكم الصادر بإلزام المحجوز لديه بدفع المبلغ محل المحجوز يجعله ملتزمًا شخصيًا تجاه الحاجز؛ بحيث يعتبر تنفيذه وفاءً مبرئًا لذمة المحجوز عليه في مواجهة الحاجز. وبالتالي يحق للمحجوز لديه الرجوع على المحجوز عليه بما دفعه زائدًا على قدر الدين الذي في ذمته. وعليه؛ فإن هذا الإلزام يضمن للحاجز بأن يحصل على حقه في حال لم يستطع الحصول عليه من المحجوز عليه، وبالتالي يُعتبر المحجوز لديه في حكم الكفيل المتضامن؛ وذلك إعمالا لفكرة الضمان[188].

إن مفادَ ما تقدّم، نلاحظ بأن المشرع الفرنسي في نطاق هذه المسؤولية اتجه إلى إعمال فكرة مبدأ الضمان بشرط إخلال المحجوز لديه بالتزاماتٍ قانونيةٍ تتمثل بعدم التعاون. وهذا في الحقيقة، يعتبر استحداثًا لمبدأٍ جديدٍ لفكرة الضمان المعمول بها في القانون المدني؛ حيث إن الوضع الطبيعي لمبدأ الضمان يقتضي أن يكون بناءً على نصٍ قانونيٍ واضحٍ، أو يكون بناءً على علاقةٍ تعاقديةٍ، لكن تبّين أن المشرع لم يتقيّد بما هو معمول به، وإنما اتجه من خلال هذه المسؤولية إلى تأسيس شكلٍ جديدٍ للضمان، قوامه يعتمد على إخلال المحجوز لديه بالتزاماته القانونية.

وبدراسةٍ مقارنةٍ مع ما جاء في القانون الكويتي؛ حيث نصت المادة 237 من قانون المرافعات الكويتي على أنه "إذا لم يُقِّر المحجوز لديه بما في ذمته على الوجه المقرر قانونًا أو قدّم تقريرًا غير كافٍ أو قرَّر غير الحقيقة، أو أخفى الأوراق الواجب عليه إيداعها لتأييد التقرير جاز الحكم عليه للدائن الذي حصل على سندٍ تنفيذيٍ بدينه بالمبلغ المحجوز من أجله؛ وذلك بدعوى ترفع بالإجراءات المعتادة. ويعتبر تنفيذ الحكم الصادر بهذا الجزاء وفاءً لحق الحاجز قبل المحجوز عليه". نجد من خلال دراسة المادة السابقة بأن المشرع الكويتي قد ساوى ما بين الأوضاع التي تقتضي قيام أساس مسؤولية المحجوز لديه التقصيرية المتمثلة بإخفاء الحقيقة والكذب بالمسؤولية القانونية المتمثلة بعدم التعاون، ورتَّب على جميع ما تقدّم ضرورة رفع دعوى قضائية بالإجراءات المعتادة. كما أنه قد أكدّ على أن المبلغ المدفوع من قبل المحجوز لديه عند تنفيذ الحكم بحقه يعتبر وفاءً لحق الحاجز تجاه المحجوز عليه كما ذهب إليه المشرِّع الفرنسي.

وبناءً عليه؛ نلاحظ وجود إشكالية تَكمُن في تنظيم مسؤولية المحجوز لديه في قانون المرافعات الكويتي؛ حيث يُتصوَّر أن يواجه القاضي الكويتي عند رفع دعوى المسؤولية حالة عدم التعاون مع عدم وجود الضرر، ولكون المشرِّع الكويتي وضع حالة عدم التعاون في إطار دعوى المسؤولية التقصيرية التي تتطلب إثبات الضرر، مع ترك مطلق السلطة التقديرية للمحكمة في تقدير عدم تعاون المحجوز لديه وارتكابه للأخطاء. ولذلك؛ فإذا تحققت المخالفة وثبتت فعلًا دون حدوث الضرر؛ فلا تقوم مسؤولية المحجوز لديه؛ وذلك على خلاف ما ذهب إليه المشرِّع الفرنسي عندما أقام مسؤولية المحجوز لديه القانونية بمجرد الإخلال بالالتزام وألزمه بدفع مبلغ محل الحجز في حالة عدم التعاون. ولتدارك هذه الإشكالية، ينبغي على المشرِّع الكويتي أن يُفرد حالة عدم التعاون في إطار فقرةٍ خاصةٍ كمسؤوليةٍ قانونيةٍ مستقلةٍ عن المسؤولية التقصيرية، كما فعل المشرِّع الفرنسي، وقد أصاب في ذلك.

حيث تجدر الإشارة إلى أن القضاء الكويتي وهو بصدد النظر في دعوى إلزام المحجوز لديه في دفع دين الحاجز لمخالفته التزامه القانوني بعدم التقرير بما في الذمة، ترك تقدير مدى وقوع الإخلال للسلطة التقديرية للمحكمة؛ فجعل أمر توقيع الجزاء جوازي بالرغم من توافر شروطه، وعليه؛ فإن المحكمة لها مطلق السلطة في توقيعه من عدمه وذلك دون رقابةٍ عليها من محكمة التمييز. وبهذه المناسبة، فقد وضعت محكمة التمييز الكويتية ضابطًا لذلك؛ فقررت في حكمها على أن "ذلك مشروط أن يكون استخلاصها سائغًا في استعمالها لسلطتها التقديرية في تقدير خطورة مسلك المحجوز لديه ومدى سوء نيته وتعنته، وقد ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون تعليقًا على تلك المادة: أن المشرِّع بعد أن نصَّ على هذا الجزاء صرَّح بأن يقنن ما استقر عليه الفقه والقضاء من عدم جواز الحكم بهذا الجزاء إذا تلافى المحجوز لديه - حتى إقفال باب المرافعة ولو أمام محكمة ثاني درجة - العيب الذي رفعت بسببه الدعوى، وذلك على تقدير أن هذا الجزاء الخطير هو - في واقع الأمر - جزاءٌ تهديدي مناط توقيعه أن يصمم المحجوز لديه على العيب الذي رُفعت بسببه الدعوى"[189]. ومفاد هذا الحكم، أن القضاء الكويتي جعل الأمر جوازيًا خاضعًا لسلطة المحكمة التقديرية في توقيع الجزاء، إلَّا أنه وضع ضابطًا تستند عليه المحكمة لتقرير الجزاء، وهو ضرورة أن يكون الإخلال للالتزام مُصاحبًا لقصد سوء النية المحجوز لديه وتعنته مع تصميمه على الإخلال بالتزامه القانوني.

وفيما يتعلق بقانون المرافعات المدنية والتجارية القطري؛ فقد اتجه المشرِّع إلى مسارٍ آخرَ في طريقة التعامل مع مخالفة المحجوز لديه لالتزامه القانوني؛ حيث جعل معالجة تلك المخالفات تتم بالتدرج، وابتدأها وفقًا للمادة 460 والتي نصت على أنه "إذا لم يقرر المحجوز لديه بما في ذمته على الوجه وفي الميعاد المبيّن في المادة (456)؛ جاز للحاجز أن يطلب من قاضي التنفيذ تكليفه التقرير بما في ذمته في ميعاد يحدده لذلك، بشرط ألا يزيد على خمسة عشر يومًا. فإذا لم يقم المحجوز لديه بالتقرير في الميعاد المحدد، حكم عليه القاضي بغرامة لا تُجاوِز ربع المبلغ المحجوز من أجله تُمنح كلُّها أو بعضُها للحاجز على سبيل التعويض". وعليه؛ نجد أن القانون القطري في هذه المادة قد انفرد في حكمٍ خاصٍ لآلية التعامل مع مخالفة المحجوز لديه لالتزاماته؛ حيث أضفى حمايةً مميزةً للمحجوز لديه، من خلال السماح له بأن يتدارك خطأ مخالفته وعدم تنفيذه لالتزامه؛ وذلك عن طريق توجيه الحاجز باللجوء إلى قاضي التنفيذ لإعادة تكليف المحجوز لديه بالتقرير بما في الذمة بمدة لا تتجاوز 15 يومًا. وفي حال عدم التعاون مره أخرى ولم يقم بالتقرير في الميعاد المحدد، أوجب القانون على القاضي بأن يحكم عليه بغرامةٍ لا تجاوز ربع المبلغ المحجوز من أجله؛ بحيث تمنح كلها أو بعضها للدائن الحاجز وذلك على سبيل التعويض. ونلاحظ من خلال قراءة ذات المادة بأن المشرِّع القطري لم يترك الأمر جوازيًا لقاضي التنفيذ بتقدير سلطة توقيع الجزاء على المحجوز لديه، وإنما جعل توقيع إحلال العقوبة تلقائيًا بمجرد تحقق المدة المقررة بفوات الخمسة عشر يومًا من تاريخ تكليف المحجوز لديه.

وينبغي الإشارة إلى أن المشرع القطري في هذه المادة قد اصطنع حالةً فريدةً من توقيع الغرامة؛ حيث إنه زاوج ما بين الحق العام والخاص عندما أكّد إمكانية منحها كلها للدائن الحاجز أو بعضها. ويفهم من ذلك، أن ما تبقى من مبلغ الغرامة - في حال أعطى الدائن الحاجز منها على سبيل التعويض - سيؤول للدولة كحقٍ عامٍ. ومن جهة أخرى، فقد استعمل المشرِّع القطري لفظ الغرامة على كلٍ من الغرامة الجزائية بشكلها المعهود كحق عام وامتد هذا اللفظ ليشمل التعويض. ولعلّ المشرع قد أسبغ هذا الوصف - الغرامة على التعويض - وذلك من باب التغليب باللفظ، وهو من الأساليب اللغوية المعروفة باللغة العربية. حيث إنه كان من الأفضل أن يكون المشرع أكثر إيضاحًا ويسمي الأمور بمسمياتها؛ وذلك عندما تناول المسائل المتعلقة بتوقيع الغرامة باعتبارها ذات صبغة جزائية وترتبط دائمًا بالحق العام دون أن يكون هدفها جبرًا للضرر كما هو الحال مع التعويض. والأسلم بهذه المناسبة، أن يجعل المشرِّع القطري نصًا خاصًا لكلٍ من الغرامة والتعويض؛ بحيث يتم تنظيم أحكام كل منهما بشكلٍ مستقلٍ.

النقطة الأخرى التي يجدر التعليق عليها، تتمثل في فكرة جبر الضرر عند التعويض؛ حيث اتجه المشرِّع القطري من خلالها للحد من مسؤولية المحجوز لديه؛ حيث قصر التعويض على مبلغ لا يُجاوز ربع المبلغ المحجوز عليه، وهو بذلك يتماشى قانونًا مع اختياره لمصطلح (الغرامة على سبيل التعويض) في تحديد قيمتها التي لا بد أن تكون قيمةً محددةً أو نسبةً مئويةً ثابتةً، وذلك على خلاف القانون الكويتي والقانون الفرنسي اللذين انتهجا الشكل التقليدي لفكرة التعويض عن طريقِ إعطاء القاضي السلطة التقديرية في تحديد قيمته دون وضع حدٍ أو سقفٍ أعلى للحكم به.

ثم جاءت بعد ذلك المادة 461 وقررت أنه "إذا أصرّ المحجوز لديه على الامتناع عن التقرير - رغم تكليفه به على الوجه المبيّن في المادة السابقة - أو قرَّر غير الحقيقة أو أخفى الأوراق الواجب عليه إيداعها لتأييد التقرير، جاز الحكم عليه، للدائن الذي حصل على سند تنفيذي بدينه، بالمبلغ المحجوز من أجله...". وعند دراسة هذه المادة، نلاحظ بأن المشرِّع القطري قد اختلف عن المشرِّع الفرنسي والمشرِّع الكويتي من حيث تبنيه لفكرة التدرج بالجزاءات، مع ترك مساحةٍ للإعفاء من توقيع الجزاء في حال تم تدارك الأمر من قبل المحجوز لديه كما سبق بيانه، وعليه؛ فقد جعل الجزاء الأول يقتصر دائمًا على توقيع الغرامة وهي على سبيل التعويض في حال عدم تعاون المحجوز لديه بتقديم التقرير بما في الذمة. ثم قرر حكمًا آخر في المادة 461 التي اشتملت على جزاءٍ واحدٍ فقط؛ لمخالفة مجموعة من الأعمال تمثلت في إصراره على عدم التعاون أو تقديمه للإقرار بغير الحقيقة، أو أخفى الأوراق الواجب عليه إيداعها لتأييد التقرير؛ بحيث جعل جزاء مخالفة تلك الأعمال هو الحكم لصالح الدائن الحاجز بالمبلغ المحجوز من أجله فقط دون أن يُفرّق بين طبيعة الأعمال المرتَكبة وإدراجها لأساسٍ معينٍ للمسؤولية سواء كانت قانونية أو تقصيرية. ويلاحظ كذلك بأن المشرِّع جعل توقيع هذا الجزاء جوازيًا وليس وجوبيًا في حال مخالفة الالتزام كما هو الحال في القانون الكويتي[190]. ويعني ذلك أنه ترك للقضاء سلطةً تقديريةً في توقيع الجزاء، ولم يجعل الجزاء يقتصر فقط على مجرد وقوع المخالفة أو مجرد الإخلال بالالتزام؛ فهو لم يجعل الخطأ مفترضًا ويستوجب المسؤولية. بالإضافة إلى أنه لم يكرّس لأساسِ المسؤولية التقصيرية في النصوص القانونية المتعلقة بمسؤولية المحجوز لديه؛ بحيث جعلها ترجع للقواعد العامة في حال ارتكاب الخطأ وحدوث الضرر مع وجود العلاقة السببية. وهذه في الحقيقة قد تُفرِغ النص من محتواه أو الغاية من تشريعه؛ حيث إنه من المُتصوَّر مقاضاة المحجوز لديه حال ارتكابه للأخطاء في ظل غياب النص؛ وذلك وفقًا للقواعد العامة في القانون المدني على أساس المسؤولية التقصيرية. وكان حريًا على المشرع القطري والمشرع الكويتي كذلك أن يجعلا الجزاء المقرر بهذه المادة وجوبيًا بمجرد الإخلال بالالتزام القانوني، ولا يُعفي من ذلك إلا وجود المبرِّر المشروع فقط؛ وذلك باعتبار أن ما يستحدثه المشرع من النصوص القانونية يُفترض أن تكون ضمانةً مقررةً للدائن الحاجز؛ لاستيفاء حقوقه وتحقيق مصالحه.

ونلاحظ كذلك بأن المشرع القطري قد وافق القانون الكويتي بإمكانية توقيع جزاءين على المحجوز لديه، لكن اختلف عنه من حيث إن المشرِّع القطري اشترط التدرج في تطبيقهما؛ بحيث يحكم عليه بالغرامة ابتداءً ومن ثَمَّ جواز الحكم عليه بالمبلغ محل الحجز في حالاتٍ محددةٍ على سبيل الحصر. أما في القانون الكويتي فسمح بتوقيع العقوبتين بذات الوقت. وهما بذلك قد اختلفا عن القانون الفرنسي الذي منع إمكانية ازدواج توقيع جزاءين على المحجوز لديه، وأوجب الدائن الحاجز أن يستند إلى إحدى أسس مسؤولية المحجوز لديه لتوقيع الجزاء، إما المسؤولية القانونية أو التقصيرية.

وبينما نصَّ القانون الفرنسي والقانون الكويتي صراحةً على توقيع الجزاء على التصريح غير الحقيقي لأول مرة، إلا أنه لا يمكن الاستدلال على وجود نص مماثل في القانون القطري؛ حيث إن الظاهر من الاطِّلاع على نص المادة سالفة الذكر، أن القانون القطري قَصَر توقيع الجزاء فقط على عدم تعاون المحجوز لديه خلال فترة تكليفه للمرة الثانية من قبل قاضي التنفيذ، دون أن يشتمل على حالة التقرير غير الحقيقة، وجعل إمكانية توقيع الجزاء على هذا الفعل عندما يُصرُّ المحجوز لديه على عدم تعاونه بعد تكليفه للمرة الثانية؛ حيث أدرج المشرع هذه الحالة مع حالات عدم التعاون وإخفاء الأوراق الواجب تقديمها.

وبناءً على ما سبق، يمكننا فهم الفلسفة التي ينطلق منها المشرِّع القطري وخالف فيها القانون الفرنسي وكذلك الكويتي؛ حيث يتضح لنا بأنه قد فضّل مذهب الحد من نطاق مسؤولية المحجوز لديه؛ حيث تجدر الإحاطة بأن الأنظمة وهي في صدد تقرير مسؤولية المحجوز لديه على مذهبين: المذهب الأول؛ يعزز من موقف المحجوز لديه ويحد من توقيع الجزاءات، ويمكن أن يكون ذلك راجعًا لوجود قناعةٍ بعدم وجود علاقة مباشرة ما بين المحجوز لديه والدائن الحاجز باعتباره من "الغير" وبالتالي لا يتم إثقال كاهله وتكبيده بما يفوق مركزه القانوني. وأما المذهب الآخر، فقد اتجه نحو تعزيز مركز الدائن الحاجز؛ بهدف ضمان سرعة إيصال حقوقه باعتباره الطرف الأكثر تضررًا هنا، بالإضافة إلى ترجمة واقعية لفكرة الغير في إجراءات التنفيذ بحيث أصبح طرفًا في الإجراءات ونشأت بينه وبين الدائن الحاجز علاقة مباشرة استوجبت تقرير جزاءاتٍ خاصةٍ ومسؤوليةٍ ذات أبعادٍ وأسسٍ مختلفةٍ. وينبغي الذكر، بأن كِلا المذهبين لديه منظورٌ مختلفٌ للحفاظ على المنظومة الاقتصادية وجذب رؤوس الأموال، وكذلك الحفاظ على استقرار المؤسسات المالية؛ من خلال تنظيم العلاقة القانونية بأبعادها التي تقتضي ترجيح إحدى الكفتين سواء كانت للدائن أو المحجوز لديه.

ونستنتج من خلال الاطِّلاع على النصوص القانونية الخاصة لمسؤولية المحجوز لديه، بأن المشرع الفرنسي قد توقّف على فكرة جبر الضرر كغايةٍ لهذا النص، بينما نلاحظ أن المشرع الكويتي قد تجاوز ذلك بالسماح دائمًا بالتعويض، علاوة على الحكم بدفع المبلغ المحجوز عليه من قبل المحجوز لديه. ونرى بأن يتم الاقتصار على استيفاء أصل الدين من المحجوز لديه أو التعويض وفق المسؤولية التقصيرية كما هو معمول به حاليًا في القانون الفرنسي؛ حيث منع ازدواجية الأداء من قبل المحجوز لديه في حال تعدد المخالفات، كأن يمتنع عن التعاون ويكذب فيقوم في هذه الحالة إما بالتعويض عن المسؤولية التقصيرية حسب الضرر الذي يقدِّره القاضي، أو بالوفاء بما يعادل مبلغ الدين المحجوز عليه. حيث إن تصّور المشرع الفرنسي حال تقريره لهذا المبدأ أن أداء المبلغ الأصلح لتقدير الدائن يعتبر هو جابرًا للضرر؛ باعتبار أن يد المحجوز لديه تعتبر يدًا عارضةً للضمان كما أسلفنا. ولذلك نرى بأن يحذو المشرع الكويتي لتبني هذا المبدأ.

ومن زاويةٍ أخرى، يجدر التعليق على استخدام المشرع الفرنسي لكلمة جزاء sanction بينما الأصل أن هذه الكلمة في إطار القانون المدني تقتصر في استخدامها على جزاءاتٍ تعاقديةٍ، والبيّن أن المحجوز لديه ليس لديه علاقة مباشرة مع الدائن الحاجز باعتباره من الغير. وإن لفظة الجزاء عند إطلاقها فهو يخص الجزاءات في إطار قانون العقوبات. إلا أن المشرع الفرنسي استخدم لفظ الجزاء للإلزام القانوني الذي رتبه على المحجوز لديه بالوفاء. وفي حال الرجوع للمشرع الكويتي في الفقرة الثانية من المادة 237 نص على أنه "ويعتبر تنفيذ الحكم الصادر بهذا الجزاء وفاءً لحق الحاجز قبل المحجوز عليه". نلاحظ هنا استخدام كلمة الجزاء دون وجود نصوصٍ تمهيديةٍ تقرر هذا المبدأ بالمواد القانونية التي تسبقها وخصوصًا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار بأن هذه المادة تعتبر هي المادة الوحيدة التي ورد فيها هذا اللفظ. والحال أنه في التنظيم القانوني لاستخدام لفظ الجزاء نجد اقتصاره على حالاتٍ محددةٍ طبقًا للقانون وليس من بينها القانون المدني؛ حيث لا يجوز قياس الشروط الجزائية الواردة في العقود المُبرَمة بين الأطراف التي أساسها الاتفاق، مثل العقود وأنواعها وما يرد مثلًا من جزاءات في مشارطة التحكيم؛ إذ أن هذا قياسٌ مع الفارق؛ لأن أساس الجزاء المذكور لدينا تجاه المحجوز لديه هو القانون وليس الاتفاق. مما تقدّم يتضح عدم دقة استخدام لفظ الجزاء حال مخالفة المحجوز لديه لالتزامه القانوني. ونرى بأن يتم الاقتصار على الإلزام بالوفاء أو التعويض لكي تتسق مع إطار الألفاظ الناظمة لأحكام القانون المدني[191].

وفي النهاية، فإن المحجوز لديه في الأساس القانوني يُعاقَب على تقصيره في عمله وإخلاله بواجب التصريح وعدم تعاونه؛ حتى ولو لم يكن مدينًا فعليًا للمحجوز عليه. وهو ما يتضح في الحقيقة، بأن الهدف من وراء هذه الدعوى هو عقوبة ومجازاة[192] المحجوز لديه على إهماله وتقصيره وعدم امتثاله لأحكام القانون[193]. ومع ذلك فإن هذا التنفيذ يعتبر وفاءً لدين الدائن الحاجز على المحجوز عليه، ولا يعتبر تعويضًا له نتيجة خطأٍ وتقصيرٍ أو غشٍ وتدليسٍ، وفي حال صدور الحكم بإلزام المحجوز لديه بالمبلغ، فيحق للأخير الرجوع على المدين؛ لكونه قد حل محل الحاجز[194].

ثانيًا: الأساس المدني

وفيما يتعلق بالأساس الثاني لقيام مسؤولية المحجوز لديه والذي يستندُ للقواعد العامة في القانون المدني. وحيث إن المسؤولية المدنية تُعتبر محورَ القانون في كافة نواحيه؛ فهي تتميز بثباتِ أساسها وتجدد حالاتها، فأساس قيامها هو ارتكاب الخطأ مع وقوع الضرر وتوافر العلاقة السببية لإمكانية الحكم بالتعويض، وعليه؛ فقد أضافت الفقرة 2 من المادة R.211-5 من قانون إجراءات التنفيذ المدني الفرنسي على أنه "يمكن إلزام المحجوز لديه كذلك بالتعويض في حال خطأ الإهمال أو تقديم تقريرٍ غير صحيحٍ أو كاذبٍ "[195]. وقد عرّف بعض الفقه في فرنسا ما سبق باعتباره تعاونًا أو مشاركة غير نزيهةٍ أو ناقصةٍ[196]؛ وذلك كأن يصرح المحجوز لديه بغير الحقيقة، أو من حيث المضمون لم يتطرق عمدًا لحقيقة علاقة المديونية التي تربطه بالمحجوز عليه[197]، كأن يصرح بأنه غيرُ مدينٍ أصلًا، أو أن الدين قد انقضى بالوفاء بالرغم من ثبوت المديونية، أو أن يذكر أنه مدين بمبلغٍ معينٍ وفي الحقيقة أنه أقل من الواجب ذكره. أو أن يقوم بإخفاء الأوراق الواجب ايداعها لتأييد التقرير، والتي تمكّن من التحقق من صحة البيانات التي يذكرها المحجوز لديه، ولذلك يجب عليه أن يودع ما لديه من مستندات سواء كانت أصلية أم صورًا عنها وتكون مصدّقة لتؤيّد أقواله وإلا وقع تحت طائلة المسؤولية.

وتجدر الإشارة إلى إمكانية قيام المحجوز لديه بأداء التزامه بالتصريح مباشرةً بما في الذمة، لكن قد يكون هذا التصريح غير مكتمل أو غير صحيحٍ وكاذبٍ. فعلى خلاف الجزاء المنصوص عليه في الفقرة 1 فإنه -في هذه الحالة- لا يستوجبُ إلا إلزامَ المحجوز لديه بالتعويض في حال توافرت شروطه طبقًا للقواعد العامة للمسؤولية التقصيرية. وعنده يكون للمحكمة السلطة التقديرية الواسعة للنظر في مدى ارتكاب الخطأ من عدمه، وفيما إذا كان عن قصدٍ وتعمدٍ أوعن إهمالٍ وخطأٍ، ولها الحكم بتقدير تعويضات الأضرار الواقعة على الحاجز[198]. وبهذه المناسبة، فقد أكدت محكمة التمييز الفرنسية على أن العقوبة لن يتم توقيعها مباشرة بمجرد مخالفة الالتزام، وإنما يستلزم على القاضي أن يثبت العلاقة السببية بين الخطأ والضرر وضرورة تحقق أركان المسؤولية[199]. وقضت المحكمة كذلك، على أنه في حالة التصريح غير الصحيح أو الكاذب فإن المحجوز لديه يُعتبر مخطئًا[200]. وبالتالي؛ فلا يُسأل المحجوز لديه هنا إلَّا بالرجوع للقواعد العامة التي تقتضي إلزامه بالتعويض عن الضرر المترتب على التقصير أو الإهمال أو الغش أوعن تصريحاته الكاذبة[201]. وكذلك الأمر في حال تصريح المحجوز لديه بأنه غير مدين أصلًا، أو أن الدين قد انقضى بالوفاء بالرغم من ثبوت المديونية، أو أن يقوم بإخفاء الأوراق الواجب إيداعها لتأييد التصريح، والتي تمكِّن من التحقُّق من صحة البيانات التي يذكرها المحجوز لديه؛ ولذلك يجب عليه أن يودِع كل ما لديه من المستندات المصدّقة التي تؤيد أقواله.

وينبغي التوضيح، بأن المشرِّع الكويتي والمشرِّع القطري قد ربطا بين عدم التعاون وإخفاء الأوراق والمستندات المطلوب إيداعها وساويا بينهما بتوقيع جزاء دفع المبلغ المحجوز عليه، بينما فرّق القانون الفرنسي بين تلك الحالات. وبخصوص ما يتعلق بوجوب تقديم المستندات، فإنه في الحقيقة لم يحدد جزاءً حال الاخلال بها، ولم يقرِّر لها جزاء دفع المبلغ المحجوز عليه. وإنما ترك هذه المسألة للقضاء في إطار المسؤولية التقصيرية التي يُشترط فيها توافر أركانها الثلاثة. وعليه؛ فقد أكدت محكمة التمييز الفرنسية بأن الإخلال بالتزام تقديم المستندات الثبوتية لا يترتب عليه إلا التعويض على أساس دعوى المسؤولية إذا لزم الأمر[202]. وبالتالي تكون المحكمة قد قررت استبعاد تطبيق جزاء دفع مبلغ الحجز على المحجوز لديه في حالة الإخلال بواجب تقديم المستندات، وقَصَرَت الأمر فقط على إمكانية الدائن الحاجز بالمطالبة في التعويض وذلك بناءً على مسؤولية المحجوز لديه التقصيرية.

وفي نطاق الحديث عن مسؤولية المحجوز لديه المدنية في القانون الكويتي والقانون القطري؛ فإن النصوص التشريعية في كلا القانونين قد تناولتها مجملًا؛ حيث نصت المادة 237 من قانون المرافعات الكويتي على أنه "... ويجب في جميع الأحوال إلزام المحجوز لديه بمصروفات الدعوى والتعويضات المترتبة على تقصيره أو تأخيره". وكذلك قررت المادة 461 من قانون المرافعات القطري بأنه "يجب في جميع الأحوال إلزام المحجوز لديه بالتضمينات المترتبة على تقصيره أو تأخيره". وجدير بالملاحظة، نجد أن المشرِّع في كلا القانونين جعل هذه المسؤولية تكون ضمن المسؤولية القانونية ومتلازمةً لها، كما في حالة عدم تعاون المحجوز لديه والامتناع عن التقرير بما في ذمته، وعليه؛ يمكن الجمع ما بين الجزاءين المترتبين على الأساسين المختلفيْن القانوني والمدني في هذه الحالة؛ بحيث لا يمكن في القانون الكويتي وكذلك القطري أن يتم الاستناد ابتداءً على أساس المسؤولية المدنية فقط، وإنما يستلزم لتوقيعها أن يتم الإخلال بالالتزام أو ارتكاب إحدى الأفعال المنصوص عليها في المواد سالفة الذكر[203]، وبذلك يكونا قد اختلفا عن القانون الفرنسي حينما فرّق بين الأساسين، وأوجب على الدائن الحاجز الاستناد إلى أحدهما فقط لإقامة مسؤولية المحجوز لديه؛ بحيث إذا تم الاستناد إلى أساسٍ معينٍ، يسقط حق الدائن الحاجز في الاستناد إلى الأساس الآخر. بالإضافة إلى أن المشرِّع الكويتي والمشرِّع القطري قد استوجبا وجود التقصير أو التأخير لإمكانية قيام مسؤولية المحجوز لديه المدنية بجانب ارتكاب المخالفات الأخرى؛ بحيث لو لم يكن هناك ثمة تقصير أو تأخير فلا مجال للتعويض، ويقتصر الأمر حينها على جواز الحكم على المحجوز لديه للدائن الذي حصل على السند التنفيذي بدينه بالمبلغ المحجوز من أجله.

 وفي حال قضت المحكمة المختصة بإلزام المحجوز لديه بالتعويض؛ فإن ما يدفعه الأخير للدائن الحاجز لا يعتبر وفاءً بحقه، وبالتالي لا يحق له الرجوع به على المحجوز عليه، وكلُّ ما في الأمر أن المحجوز لديه يُلزَم شخصيًا بجبر الأضرار الواقعة على الحاجز؛ وذلك طبقًا للقواعد العامة في المسؤولية التقصيرية. وهنا يكون المحجوز لديه مسؤولًا بشخصه ولا يمكن اتخاذ الإجراءات تجاه المدين المحجوز عليه؛ وذلك لاعتبار أن الخطأ قد صدر بفعل الغير دون التزام تعاقدي، وكان الخطأ هو السبب الوحيد في إحداث الضرر، ولذلك فالغير -المحجوز لديه- هو وحده المسؤول دون غيره[204].

 وقد بيّن العلامة السنهوري على أن "الالتزامات التي لا يكون مصدرها العقد يغلب أن يكون تنفيذها بطريق التعويض. فالالتزام التقصيري ليس إلا نتيجة للإخلال بالتزامٍ قانونيٍ وهو أن يتخذ الشخص الحيطة الواجبة لعدم الإضرار بغيره، وجزاء هذا الإخلال هو التعويض، وهذه هي المسؤولية التقصيرية"[205].

وبما أن التعويض يعتبر هو جزاء المسؤولية المدنية، وعليه؛ فإن مقياسه يكمن في الضرر المباشر، فهو يقدّر بمقدار الضرر الذي أحدثه الخطأ، سواء كان هذا الضرر ماديًا أو أدبيًا، وسواء كان متوقعًا أو غير متوقعٍ، وسواء كان حالًا أو مستقبلًا ما دام محققًا. والأصل ألا يُنظر إلى جسامة الخطأ الذي صدر من الغير عند تقدير التعويض، فإذا تحققت المسؤولية المدنية، قُدّر التعويض بقدر جسامة الضرر لا بقدر جسامة الخطأ، ومهما كان التعويض يسيرًا؛ فإن التعويض يجب أن يكون عن كل الضرر المباشر الذي أحدثه هذا الخطأ اليسير. ومهما كان الخطأ جسيمًا، فإن التعويض يجب ألا يزيد عن هذا الضرر المباشر، وهذا هو مقتضى فصل التعويض المدني عن العقوبة الجزائية، فالتعويض المدني شيءٌ موضوعيٌ لا يُراعَي فيه إلا الضرر، والعقوبة الجزائية شيءٌ ذاتيٌ تُراعَى فيه جسامة الخطأ كأصلٍ عامٍ[206].

وتجدر الإشارة إلى أن القضاء الكويتي جعل مسألة تقدير مخالفة الالتزام، وارتكاب الخطأ، وتقرير القضاء بالتعويض، أمرٌ جوازي لمحكمة الموضوع، فلها مطلق السلطة التقديرية في تقرير ذلك دون رقابةٍ عليها من محكمة التمييز. بحيث لم يكتف لتقرير مسؤولية المحجوز لديه بمجرد مخالفة الالتزام القانوني فقط، كالامتناع عن الإقرار بما في الذمة كما قرَّره المشرع الفرنسي، وبالتالي، لم يترك مسألة توقيع الجزاء حال مخالفة الجزاء خاضعًا للسلطة التقديرية للقضاء.

 وعليه؛ فقد جاء في حيثيات الحكم الصادر من محكمة التمييز الكويتية بأنه "وحيث إن الطاعن ينعي بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون؛ إذ رفض الدعوى على سندٍ من عدم توافر أي حالة من الحالات الواردة في المادة 237 من قانون المرافعات، وعدم تقديم الطاعن دليل ما أصابه من ضرر جراء امتناع المطعون ضده الأول عن التقرير بما في الذمة؛ رغم توافر شروط تطبيق الجزاء الوارد في هذه المادة ووجوب القضاء بالتعويض دون توقف على تقديم دليل حدوث الضرر؛ مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه. وحيث إن هذا النعي غير مقبول؛ ذلك أن توقيع الجزاء والقضاء بالتعويض تطبيقًا لنص المادة 237 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أمرٌ جوازيٌ لمحكمة الموضوع، فلها مطلق السلطة التقديرية في توقيع الجزاء والقضاء بالتعويض، أو الامتناع عن ذلك دون رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية قد رفضت دعوى الطاعن على ما خلصت إليه من الأوراق من انتفاء مبرر توقيع الجزاء؛ لعدم حدوث أي تقصيرٍ أو تأخيرٍ من المطعون ضده الأول وهو استخلاصٌ سائغٌ مردودٌ لأصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه. ومن ثَمَّ فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلًا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في هذا الصدد، مما ينحسر عنه رقابة محكمة التمييز، وبالتالي غير مقبول ولما تقدم يتعين رفض الطعن"[207].

وتعزيزًا لذات المبدأ، قضت محكمة التمييز الكويتية بأنه "فلما كان من المقرر أن النص في المادة 237 من قانون المرافعات يدل على أنه، وإن كان يشترط للحكم على المحجوز لديه موضع دين الحاجز المحجوز من أجله أن يرتكب المحجوز لديه أحد الأمور التي حددتها المادة، وهي الامتناع عن التقرير بما في الذمة أو تقرير غير الحقيقة أو اخفاء الأوراق الواجب إيداعها بتأييد التقرير، إلى أن توقيع هذا الجزاء الخطير الذي هو في الواقع جزاء تهديدي رغم توافر شروطه أمر جوازي لمحكمة الموضوع؛ فلها سلطة مطلقة في توقيعه أو عدم توقيعه"[208].

·       تطور القضاء الكويتي في تقرير مسؤولية المحجوز لديه

وفي النهاية تجدر الأهمية إلى إبراز التطور اللافت للقضاء الكويتي بخصوص تقرير مسؤولية المحجوز لديه بناءً على أساسها القانوني بشكل سليم؛ حيث ذهبت محكمة التمييز إلى إدانة المحجوز لديه بدفع كامل المبلغ المحجوز عليه استنادًا إلى نص المادة 237 من قانون المرافعات الكويتي، وذلك بسبب أن الشركة المحجوز لديها لم تلتزم بتقديم الإقرار بما في ذمتها في إدارة كُتَّاب المحكمة الكُليَّة خلال 10 أيامٍ من تاريخ إعلانها بالحجز؛ عملًا بنص المادة 234 من قانون المرافعات. حيث قضت المحكمة بأن "المطعون ضدها لم تحرّك ساكنًا بالرغم من إنذارها ولم تقدّم تبريرًا لامتناعها عن التقرير بما في ذمتها من أموال للمحجوز عليه أثناء نظر الدعوى وحتى تاريخ الفصل فيها،... وبالتالي فإن الحق يكون ثابتًا تجاهها في المطالبة بما له من دين ومصروفات، بعد أن ثبت أن أوراق الحجز كاملة ومستوفية لكل الشرائط"[209]. نلاحظ هنا، أن المحكمة في هذا الحكم قد تخلّت عمَّا كانت تذهب إليه سابقًا بشرط ارتكاب الخطأ أو التقصير ووقوع الضرر لكي تحكم بالإدانة؛ حيث قررت إدانة المحجوز لديه بمجرد مخالفة الالتزام فقط، وأكدت على أنه لن يعفيه من تطبيق ذلك الجزاء إلا بتقديم مبررٍ مشروعٍ لامتناعه عن التقرير بما في الذمة. وهذا يعتبر توجهًا جديدًا لقيام مسؤولية المحجوز لديه، وتطور محمود في القضاء الكويتي عندما كرّس لمبدأ قيام المسؤولية بناءً على أساسها القانوني السليم دون مزجها مع الأساس المدني، وذلك خلافًا لما ذهبت إليه المحاكم الكويتية في السابق.

الفرع الثاني: شروط تطبيق الجزاءات على المحجوز لديه وقواعد الإعفاء منه

لا يمكن تطبيق الجزاء الخاص على المحجوز لديه لمخالفته التزاماته القانونية إلا إذا انطبقت شروطٌ معينة، وإلا يستوجب الأمر إعفاءه من مسؤوليته. وعليه؛ نتطرق في البداية لشروط توقيع الجزاء على المحجوز لديه حال مخالفته، ومن ثَمَّ نستعرض لقواعد الإعفاء من هذه المسؤولية.

أولًا: شروط توقيع الجزاءات على المحجوز لديه

يشترط لتوقيع الجزاءات توافر شروط معينة لإلزام المحجوز لديه بدفع المبلغ المحجوز من أجله أو التعويض، وتتمثل ابتداءً في ضرورة طلب الدائن الحاجز لتوقيع الجزاء، فلا يتم إلا بناءً على دعوى يرفعها الدائن الحاجز[210]، ويشترط أن يحوز الدائن على السند التنفيذي[211]، فإذا وقع الحجز بناءً على حكمٍ ابتدائيٍ غير مشمولٍ بالنفاذ المعجل بالنسبة للقانون الكويتي والقطري[212]؛ فإنه لا يجوز المطالبة بتوقيع الجزاءات إلَّا بعد صيرورة هذا الحكم انتهائيًا[213]، وتفرّد القانون القطري باستثناءٍ ورد بالمادة 468 في قانون المرافعات القطري، والتي تنصُّ على أنه "يجوز لقاضي التنفيذ في أية حالة تكون عليها الإجراءات أن يحكم بصفةٍ مستعجلةٍ في مواجهة الحاجز بالإذن للمحجوز عليه في قبض دينه من المحجوز لديه رغم الحجز؛ وذلك في الحالات الآتية؛ 1) إذا وقع الحجز بغير سندٍ تنفيذيٍ أو حكمٍ أو أمرٍ...".

ويستلزم كذلك لتوقيع جزاء دفع المبلغ محل الحجز أن يُثبت الدائن الحاجز عدم تعاون المحجوز لديه على النحو الواجب قانونًا، وفي حال ثبوت عدم تعمد المحجوز لديه مخالفة الحقيقة في تقريره، كما لو أغفل بيان مقدار الدين، أو مصدره، أو سبب انقضائه أو وجود حجوز سابقة عليه، فهنا نكون أمام تقريرٍ ناقصٍ، ويستوجب في هذه الحالة تطبيق جزاء التعويض على أساس المسؤولية المدنية عند إثبات الضرر.

ينبغي لتوقيع هذا الجزاء أن يكون الدائن الحاجز صاحب مصلحة، فعندما يتم حصول الدائن الحاجز على حقه من المحجوز عليه أو من أي طريق آخر؛ فإنه لم تعد له مصلحة في إلزام المحجوز لديه المُخلِّ بواجب التقرير بالوفاء له. ويستلزم أيضًا لتوقيع الجزاء ضرورة تقديم طلب من قبل الحاجز للمحكمة المختصة؛ فالجزاء لا يتقرر بقوة القانون، وإنما يجب على من تَقرَّر لصالحه أن يطلبه عن طريق رفع دعوى موضوعية في مواجهة المحجوز لديه.

ومن الشروط الواجب تحققها لإلزام المحجوز لديه بدفع المبلغ المحجوز من أجله، أن يكون حجز ما للمدين لدى الغير يكون صحيحُ وقائمًا، وعليه، فلا يجوز إلزام المحجوز لديه بالمبلغ محل الحجز ولو أخلَّ بالتزامه القانوني في حالة بطلان الحجز أو اعتباره كأن لم يكن. فالحجز الباطل يجعل المحجوز لديه بمنأى عن الخضوع لجميع الجزاءات القانونية المقررة على الإخلال بواجب التقرير[214]. فعدم فاعلية الحجز كأن لم يحقق غايته أو هدفه لأسباب لاحقة على تكوينه صحيحًا كحالة اعتباره كأن لم يكن، أو عدم مديونية المحجوز لديه للمحجوز عليه فإنه لا يلزم المحجوز لديه بالتعويض متى توافرت شروطه.

وبهذه المناسبة، يجدر التساؤل هنا عن مدى جواز انعقاد مسؤولية المحجوز لديه التقصيرية في حال قرر على خلاف الحقيقة بأنه غير مدين للمحجوز عليه، أو أنه مدين بمبلغ صغير، وكان من شأن هذا التقرير حث الدائن الحاجز على عدم استكمال إجراءات الحجز؛ لاعتقاده بعدم جدواها، مما أدى إلى اعتبار الحجز كأن لم يكن؛ إذا ما أضفنا إلى ذلك انقضاء مدة التقادم المقررة لطلب الحق.

ومن أهم الشروط لتوقيع الجزاء، ضرورة ثبوت مديونية المحجوز لديه للمحجوز عليه. وقد أكدت محكمة التمييز الكويتية على أنه "يشترط لتوقيع الجزاء بإلزام المحجوز لديه بالمبلغ المحجوز من أجله في حالة تقريره غير الحقيقة أن تكون مديونيته للمحجوز عليه ثابتة وقت التقرير، وأن يكون المحجوز لديه على علم بثبوتها وبمقدارها وأنه تعمَّد مجانبة الحقيقة بأن أقرَّ بأقل من الدين الذي يعلم بأن ذمته مشغولة به أو أقر بأنه غير مدين أصلًا"[215].

وبالرغم من ذلك، فقد ذهب القضاء الفرنسي إلى أن المحجوز لديه يُلزَم بدفع مبلغ الحجز ولو لم يكن مدينًا للمحجوز عليه متى أخلَّ بواجب التقرير بما في الذمة، ويجب أن تكون مديونية المحجوز لديه للمحجوز عليه ثابتةً وقت التقرير بما في الذمة، ويقع على عاتق الحاجز عبء الإثبات، ولمحكمة الموضوع استخلاص ذلك من المستندات المقدمة أمامها. وعليه؛ فلا يمكن إلزام الغير بدفع المبلغ المحجوز من أجله في ظل عدم وجود الحق المحجوز عليه، فالمحجوز لديه ليس مدينًا للمحجوز عليه ولا يتمتع بصفة المحجوز لديه[216]. وقد أكدت محكمة التمييز الفرنسية على أنه يجوز إلزام المحجوز لديه بالتعويض متى توافرت شروطه؛ ولو كان غير مدين للمحجوز عليه، ويجب على محكمة الموضوع أن تبيّن في حكمها علاقة السببية بين الخطأ المنسوب للمحجوز لديه والضرر المُدعَي من قبل الدائن الحاجز، وإلَّا كان حكمها مشوبًا بالقصور بالتسبيب[217].

·       مدى إمكانية الجمع بين الجزاءات

بناءً على الاستحداث الجديد للقانون الفرنسي، نلاحظ أنه ترك فرصة أكبر للتقدير من قبل القضاء عند نظر الحالات الخاصة لمخالفة المحجوز لديه. فبينما كان الوضع السابق وتحديدًا قبل صدور حكم الغرفة المدنية الثانية بتاريخ 5/4/2000؛ إذْ أنه اعتبر بأن كل خرق ومخالفة من قبل المحجوز لديه يُقدّم ضدها دعوى للمطالبة بدفع المبلغ المحجوز من أجله[218]. وبعد تاريخ 5/7/2000 صدر حكم من الغرفة المدنية الثانية جعل الأمر أكثر تحديدًا. وعليه؛ فقد أيّدت محكمة التمييز الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في باريس برفض طلب الدائن الحاجز بإصدار أمر للمحجوز لديه بدفع أسباب الحجز والتعويض؛ حيث استند الدائن الحاجز على حقيقة أن المحجوز لديه قد صرّح وقدّم معلومات غير دقيقة وغير صحيحة[219]. وجسّد الحكم الأحدث موقف محكمة التمييز الفرنسية لتطبيق هذا المبدأ؛ حيث قررت بأن التصريح غير الكامل أو غير الدقيق أو المُضلِّل لا يمكن أن يؤدي إلا إلى إصدار حكم بالتعويضات دون الحكم بدفع أسباب الحجز[220].

وبذلك أصبح الجمع بين الجزاءات في النظام القانوني الفرنسي مستحيلًا؛ حيث يستلزم على الدائن الحاجز بأن يختار إحدى الطرق لإثارة مسؤولية المحجوز لديه، إما أن يرفع دعوى على أساس المسؤولية القانونية لمخالفة الالتزام، بحيث يُطالب فيها المحجوز لديه بدفع سبب الحجز فقط، وإما أن يذهب لمقاضاته بناءً على أساس المسؤولية المدنية؛ وذلك لتقصيره وارتكابه للأخطاء مع ضرورة إثبات وقوع الضرر وتوافر العلاقة السببية للحصول على التعويض. وفيما يتعلق بالجزاء الخاص لعدم تقديم المحجوز لديه للمستندات الثبوتية أو التأخير في تقديمها؛ فإنه يقتصر فقط على إلزامه بالتعويض دون دفع سبب الحجز.

وبناءً عليه، فقد تم تكريس هذا المبدأ في القانون الفرنسي؛ حيث قررت المادة F.211-5 من قانون إجراءات التنفيذ المدني على أن المحجوز لديه الذي يمتنع عن تقديم المعلومات التي حددها المشرِّع، بدون مبررٍ مشروعٍ يلزم - بناءً على طلب الحاجز - بدفع المبلغ المستحق لهذا الأخير. وعليه؛ فإن المحجوز لديه لا يلزم بدفع دين الحاجز إلا إذا امتنع عن التقرير. لكن نلاحظ بأن الفقرة الثانية من ذات المادة تنص على أنه يمكن إلزام المحجوز لديه كذلك بالتعويض في حال قدَّم تقريرًا غير صحيح أو كاذب[221]. وقد أوْضحت المحكمة العليا بأن التقرير غير الصحيح أو الكاذب لا يستوجب سوى إلزام المحجوز لديه بالتعويض، في حال توافرت شروطه طبقًا للقواعد العامة للمسؤولية التقصيرية. وقررت بأنه لا يجوز الجمع بين الجزاءات. وبالتالي ينحصر جزاء التعويض فقط في حالة تقديم المحجوز لديه لتقريرٍ غير صحيحٍ أو كاذبٍ. وأصبح جزاء الإلزام بدين الحاجز قاصرًا على حالة الامتناع عن تقديم التقرير عمَّا في الذمة؛ وذلك باعتبار أن المحجوز لديه بامتناعه عن تقديم المعلومات التي حددها القانون، رغم مديونيته للمحجوز عليه، فإنه يعرقل بإرادته حسن سير إجراءات الحجز، ويشل من فاعلية السند التنفيذي، ويحرم الدائن الحاجز من الحصول على حقه.

وبخصوص جزاء عدم تقديم المستندات أو التأخير في تقديم المستندات المطلوبة فإنه يقتصر على إلزام المحجوز لديه بالتعويض، وذلك متى ثبت أن عدم تقديمها في الوقت المناسب كان سببًا في الضرر الواقع على الدائن الحاجز. وأما بخصوص التقرير المتأخر، فإن محكمة التمييز الفرنسية قد ساوت في الجزاء بينه وبين حالة الامتناع عن التعاون أو غياب التعاون وعدم تقديم التقرير[222]. فقد أكدت الأحكام القضائية على أن إلزام المحجوز لديه بدفع المبلغ المحجوز من أجله هو جزاء يوقّع إذا امتنع المحجوز لديه عن تقديم المعلومات بشكل فوري، كما يوّقَّع إذا امتنع عن تقديمها بشكلٍ كليٍ ومطلقٍ[223]؛ وذلك لاعتبار أن إلزام المحجوز لديه بالتعاون الفوري ليس مجردَ شرطٍ شكليٍ، وإنما هو إجراءٌ ضروريٌ لضمان فاعلية الحجز وحماية مصالح الدائن الحاجز من التواطؤ المحتمل بين المحجوز لديه والمحجوز عليه، وفي غير ذلك، فإن الدائن في حال عدم تمكنه من اقتضاء حقه من مدينه فهو يجد نفسه أمام محجوزٍ لديه متواطئٍ أو مجاملٍ ولا يبالي بعنصر الوقت ويعاقب فقط بالتعويض، وهذا أمر غير مجدٍ ولا يحقق الفاعلية لهذا الحجز. وتجدر الإشارة إلى أن إلزام المحجوز لديه بدفع دين الحاجز يُعتبر جزاءً يتناسب مع خطورة النتائج المترتبة على الامتناع عن التقرير، أو التقرير المتأخر[224].

وتجدُر الإشارة إلى أن المشرِّع الفرنسي -بشكلٍ عامٍ- قد أجاز إجبارَ الغير بشكلٍ عامٍ وإكراهه على القيام بواجباته في حالة عدم احترامها والإخلال بها؛ وذلك تحت طائلة توقيع الغرامة التهديدية، مع التعويض إن كان له مُقتضَى[225].

وأما بالنسبة للقانون الكويتي والقانون القطري، فإنهما -من حيث المبدأ- قد أجازا جواز الجمع بين الجزاءات على المحجوز لديه؛ بحيث يُتصوَّر إلزامه بدفع دين الحاجز وكذلك بدفع مبلغ التعويض. وعليه؛ فقد أكدت النصوص القانونية على هذا المبدأ، فإذا لم يقرر المحجوز لديه بما في ذمته على الوجه المحدد في القانون أو غير الحقيقة أو أخفى الأوراق الواجب إيداعها لتعزيز التقرير؛ يجوز عندها الحكم عليه بالمبلغ المحجوز من أجله وذلك عن طريق دعوى قضائية، كما يُلزَم بالتعويضات المترتبة على تقصيره أو تأخيره متى وُجدت عناصر قيام المسؤولية التقصيرية[226]. ومفاد ذلك فإنه يمكن الجمع بين تطبيق جزاءين اثنين على المحجوز لديه في حالة توافرت الشروط. وبخصوص القانون القطري، فإنه من حيث المبدأ قد أجاز الجمع بين الجزاءات؛ ولكنه اختلف عن القانون الفرنسي والقانون الكويتي، بأنه استلزم التدرج في تطبيقها، بالإضافة إلى إمكانية توقيع ثلاثةِ جزاءاتٍ مختلفةٍ على المحجوز لديه؛ حيث ابتدأ بإمكانية توقيع الغرامة على سبيل التعويض في حال عدم التعاون؛ وذلك بعد التكليف الثاني بالوفاء الصادر من قاضي التنفيذ، وفي حال إصراره على عدم التعاون أو قرر غير الحقيقة أو أخفى الأوراق الواجب إيداعها لتأييد التقرير جاز الحكم على المحجوز لديه بالمبلغ المحجوز من أجله، مع وجوب إلزام المحجوز لديه في جميع الأحوال بالتضمينات المترتبة على تقصيره أو تأخيره[227].

ثانيًا: قواعد الإعفاء من الجزاءات الواقعة على المحجوز لديه

قررت التشريعات القانونية مسألةَ إعفاء المحجوز لديه من الجزاءات، وأكدتها الممارسات القضائية؛ وذلك بناءً على مجموعةِ قواعدَ موضوعيةٍ وإجرائيةٍ نستعرض أهمها بالآتي:

1-  الإعفاء بناء على القواعد الموضوعية "فكرة المبرر المشروع":

تفرَّد المشرِّع الفرنسي بتكريس مبدأٍ صريحٍ لإعفاء المحجوز لديه من توقيع الجزاء حال إخلاله بواجباته، على الرغم من توافر شروط المسؤولية الواردة في المادة L.123-1 من قانون إجراءات التنفيذ في المواد المدنية؛ وذلك عبر تطبيق فكرة المبرر المشروع، باعتبار أن هذه المادة تتضمن المبدأ العام لالتزام الغير بالتعاون الإيجابي في سير إجراءات التنفيذ الجبري؛ بحيث قررت إمكانية تحلل المحجوز لديه من تطبيق الجزاء والتخلص منه بتقديم مبرر مشروع لإخلاله بالتزاماته وعدم قيامه بواجب التعاون[228]. بينما نلاحظ غياب النص التشريعي لفكرة المبرر المشروع في القانون الكويتي والقانون القطري، لكنهما جعلا توقيعه يكون دائمًا عبر القضاء؛ بحيث يكون للقاضي المختصّ السلطة التقديرية الواسعة في تقدير المبرر المشروع؛ وذلك لاعتباره من مسائل الواقع. ولذلك يجوز إعفاء المحجوز لديه من الجزاء ولو توافرت شروطه، متى ثبت للمحكمة حسن نيته أو وجود مانع مادي حال بينه وبين القيام بواجباته القانونية بتقديم المعلومات فورًا[229].

·       فكرة المبرر المشروع

تتمحور فكرة المبرِّر المشروع حول ضرورة إثبات المحجوز لديه بوجود ظروف خارجة عن إرادته أجبرته على عدم القيام بواجباته القانونية، وبالتالي لم يتمكن من التعاون بتقديم المعلومات التي تطلبها المشرع. وهذا المبرر يسمح للقاضي بأن يأخذ بعين الاعتبار الصعوبات والظروف المادية وغير المادية التي واجهت المحجوز لديه؛ بغرض التوفيق بين العدالة وضمان فعالية إجراءات الحجز[230]، وعليه؛ فقد رفضت محكمة التمييز الفرنسية لفكرة حسن النية أو انتفاءِ الخطأ لفكرة المبرِّر المشروع، واتخذت فكرة الظروف الخارجة عن إرادة المحجوز لديه كأساس لفكرة المبرر المشروع. وبالتالي، لا يُعد مبرِّرًا مشروعًا تمسك المحجوز لديه بأنه لم يرتكب خطأً؛ بحجة أن التأخير في تقديم المعلومات كان بسبب عدم وجود المدير المالي للشركة وكذلك لغياب المسؤول عن الوحدة الحسابية[231]، أو لعطلٍ فنيٍ أصاب أجهزة المعلومات، ولا يمكن كذلك التذرع بسرية المهنة وخصوصًا السرية المصرفية كمبرر مشروع للإعفاء من الجزاء في حال عدم تنفيذ الالتزام[232].

 وتجدر الإشارة إلى أن بعض القضاة اتجه لتبني فكرة الظروف الخارجة عن إرادة المحجوز لديه وذلك قبل تدخل محكمة التمييز، فقد قُضي بأنه يُعد مبررًا إذا تم تقديم التقرير بوقتٍ متأخرٍ؛ لأن الإدارة المعلنة بشركة التأمين في وضع يستحيل معه القيام بإمداد المحضر فورًا بالمعلومات التي تطلبها المشرِّع والمستندات المؤيدة لها؛ حيث يجب إرسال طلب التقرير إلى الإدارة القانونية بمقر الشركة، باعتبارها الجهة الوحيدة التي تملك المعلومات التي تشكل محتوى التقرير[233]. وقد اعتبر القضاء الفرنسي أن تشّعب المعاملات المالية بين المحجوز لديه والمحجوز عليه يعتبر سببًا لعدم القيام بواجب تقديم الإقرار فورًا؛ حيث قُضي بأنه يُعد مبررًا مقبولًا لتقديم التقرير بوقتٍ متأخرٍ ضرورة قيام المحجوز لديه بمراجعة حساباته مع المقاول المحجوز عليه والمكلف بتشييد منزله؛ وذلك حتى يتمكن من أن يحدد بدقة مدى مديونيته تجاهه، وخصوصًا أنه لم يكن في مقدور المحجوز لديه القيام بهذه المراجعة فورًا لتحديد التزاماته في ظل وجود تأخير وتقصير من قبل المقاول في تنفيذ التزاماته[234]. وكذلك اعتبرت المحكمة بأن وجود المحجوز لديه في اجتماع مع أحد العملاء يُعد مبررًا مشروعًا لتقديم التقرير بوقتٍ متأخرٍ؛ وذلك لأن ضرورة قيام المحجوز لديه بتقديم المعلومات التي حددها القانون عند إعلانه بورقة الحجز يجب ألا يؤدي الى اضطراب سير العمل بشركته[235].

ولذلك، إذا قام المحجوز لديه بالتقرير بعد مرور شهرٍ من تاريخ مرور المحضر على مكتبه وإبلاغه من قبل أحد العاملين لديه بأنه سوف يتلقى المعلومات الضرورة لاحقًا؛ وذلك بسبب غياب الموثق صاحب المكتب -باعتباره الشخص المؤهل والقادر على امداده به- فإنه لا يُعفَى من الجزاء[236]. وفي ذات السياق، يعتبر منح المحجوز لديه مهلةً من قبل المحضر، بمثابة إعطائه مبررًا مشروعًا لعدم القيام بواجب تقديم المعلومات فورًا[237]. وعليه؛ فقد أكدت محكمة التمييز الفرنسية على أنه في حال تم تقديم المعلومات بعد مرور المدة الممنوحة، فإن الأمر يكون متروك لتقدير قاضي الموضوع؛ وذلك بحسب كل حالةٍ على حدة. وبناءً عليه، نستنتج من ذلك، أنَّ الحصول على مهلة من قبل المحضر، لا يعتبر دائمًا مبررًا مشروعًا للتقرير المتأخر[238].

·       دور المحضر القضائي

ويجب على المحضر في كل الأحوال أن يبذل عناية خاصة في طلب المعلومات، وإلَّا اُعتُبِرَ المحجوز لديه معذورًا في تقديم تقرير متأخر، وبالتالي لا يكون عرضةً لتوقيع الجزاء، وكذلك أيضًا يُعد تأخر المحجوز لديه -كشخص اعتباري في تقديم المعلومات التي حددها القانون- مبررًا متى سلّم المحضر الإعلان إلى إحدى الموظفات بالسكرتارية دون أن يستفسر عن الشخص المعني والقادر على إمداده بالمعلومات[239]. وفيما يتعلق بوقت تقديم المبرر المشروع أمام المحضر القضائي، في الحقيقة لم يرد نصٌّ محددٌ يستلزم تقديمه خلال مدةٍ معينةٍ، ولا يوجد إلزام بتقديمه فورًا بعد إعلان محضر الحجز، وعليه؛ فمن الممكن تأجيل تقديمه؛ لكن يجب أن يكون خلال مدة معقولة[240]؛ لأن المبرر المشروع لا يعفي من الالتزام، وإنما يقتصر فقط على تبرير التأخير في تنفيذ الالتزام[241]. وتقدّر المدة المعقولة لتقديم ذلك المبرر من قبل القاضي بناءً على سلطته التقديرية، ويُؤخذ بعين الاعتبار ما إذا كانت ظروف القضية وملابسات الحجز تُحتِّم على المحجوز لديه مزيدًا من الوقت لتنفيذ التزامه[242].

·       اختلاف التشريعات المقارنة حول فكرة المبرر المشروع

ويتضح مما سبق، بأن فكرة المبرر المشروع كسببٍ للإعفاء من الجزاء في القانون الكويتي والقانون القطري مقارنةً بالقانون الفرنسي تتسع لتشمل المبرر القانوني والمبرر الواقعي. ويشمل المبرر الواقعي فكرة حسن النية وفكرة الظروف الخارجة عن إرادة المحجوز لديه. وعليه؛ فإن سوء نية المحجوز لديه يعتبر شرطًا لتوقيع الجزاء، في حال قدم تقرير غير حقيقي أو أخفى المستندات. ولذلك لا يلزم المحجوز لديه بدفع المبلغ المحجوز من أجله إذا كان حسن النية؛ بسبب اعتقاده مطابقة المعلومات التي قدمها للحقيقة أو عدم جدوى المستندات التي تخلف عن تقديمها. وبخصوص التقرير المتأخر، فإنه يجوز توقيع الجزاء بشرط أن يكون المحجوز لديه سيءَ النيةِ؛ حيث قضت المحكمة بأن إلزام المحجوز لديه بدفع المبلغ المحجوز من أجله يتفق مع القانون؛ متى تبيّن سوء نية المحجوز لديه في عدم قيامه بالتقرير بما في الذمة، وذلك في الميعاد القانوني[243].

وفيما يتعلق بالموانع أو الظروف المادية -باعتبارها النموذج الغالب للظروف الخارجة عن إرادة المحجوز لديه- فيجوز للمحكمة أن تعفي المحجوز لديه من دفع المبلغ محل الحجز كليًا أو جزئيًا -رغم تأخره في تقديم المعلومات- متى ثبت لها أنه كان متغيبًا عن تواجده في البلد محل الحجز وذلك وقت توقيع الحجز. كما يُعد من قبيل الموانع المادية عدم حيازة المحجوز لديه للمستندات الواجب تقديمها، فلا مجال لتوقيع الجزاء متى تبيّن أن المحجوز لديه كان معذورًا في عدم تقديم عقد البيع المؤيد لإقراره؛ إذ لم يكن تحت يده وكان تحت يد المشتري.

لكننا في الحقيقة، نرى أنه من الأسلم لقيام مسؤولية المحجوز لديه، عدم اشتراط أن يكون المحجوز لديه سيء النية لتوقيع الجزاء؛ حيث يكفي أن يثبت الحاجز إخلال المحجوز لديه بواجب التعاون وعدم التصريح، وحتى يعفى المحجوز لديه من الجزاء في هذه المناسبة، فله أن يقدّم للمحكمة ما يبرر الإخلال المنسوب اليه. وفي تحديد المبرر المشروع الواقعي، نرى أنه من الأفضل الاكتفاء بفكرة الظروف الخارجة عن إرادة المحجوز لديه، وعدم التعويل على قصده ونيته؛ لأهمية تعاونه ومشاركته الإيجابية بالتصريح بما في الذمة في إطار حجز ما للمدين لدى الغير. وهذا هو ما ذهب إليه القانون الفرنسي الذي لم يشترط سوء نية المحجوز لديه لتوقيع الجزاء المتعلق بدفع سبب الحجز، وإنما قَصَر جزاء سوء نيته بتطبيق أحكام المسؤولية المدنية التي تستوجب دفع التعويض حال توافرت أركانها الثلاثة[244].

في الحقيقة، ينبغي العلم بأن مجرد انتفاء خطأ المحجوز لديه، يُفهم منه ويعني بالضرورة وجودَ مبررٍ يعفيه من جزاء التعويض، والعكس صحيح؛ ولذلك ينحصر نطاق تطبيق فكرة المبرر المشروع كسببٍ لإعفاء المحجوز لديه من الجزاء في الحالات التي يطلب فيه الحاجز إلزام المحجوز لديه بدفع دين الحاجز. ولا تملك المحكمة المختصة أن تبحث من تلقاء ذاتها وجودَ مبررٍ مشروعٍ يكون سببًا لإعفاء المحجوز لديه من دفع المبلغ المحجوز من أجله[245]. وعليه؛ يجب تقديم المبرر المشروع وإثباته من قبل المحجوز لديه أثناء نظر الدعوى المرفوعة من الدائن الحاجز، ويُعد التمسك بوجود ذلك المبرر من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يجوز التمسك به في أي مرحلة تكون عليها الدعوى؛ ولو لأول مرة أمام محكمة ثاني درجة، ولا يمكن تفسير تمسّك المحجوز لديه بذلك المبرر في مرحلة لاحقة ومتأخرة أن لديه نية المماطلة والتسويف، أو أنه يقرّ ضمنًا بعدم امتلاكه لمبرر يعفيه من دفع المبلغ المحجوز من أجله[246]. وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة في القانون الكويتي وكذلك القطري تستطيع إلزام المحجوز لديه بكل الحق المحجوز من أجله أو بعضه أو لا تلزمه بشيء، وذلك على خلاف الوضع في القانون الفرنسي؛ حيث إن الإعفاء من دين الحاجز لا يكون إلا كليًا، طالما كان هناك مبررًا للإخلال.

2-   الإعفاء من الجزاء بناءً على القواعد الإجرائية

ذهبت بعض التشريعات إلى عدم إعمال الجزاء إلَّا عند ثبوت إصرار المحجوز لديه على المخالفة؛ بحيث إذا اتخذ ما أوجبه القانون قبل صدور حكمٍ حائزٍ لقوة الشيء المحكوم به امتنع توقيع الجزاء. وهذا ما قررته المادة 237 من قانون المرافعات الكويتي؛ حيث نصت في فقرتها الثالثة على أنه "لا يصدر الحكم بالجزاء المذكور إذا تلافى المحجوز لديه العيب الذي رُفعت بسببه الدعوى حتى إغفال باب المرافعة فيها ولو أمام محكمة ثاني درجة". وحيث خلا القانون القطري من ذكرها صراحة[247].

وأضاف قانون المرافعات الكويتي وكذلك القطري فكرة أخرى لإعفاء المحجوز لديه من الجزاء، وذلك في حال قيامه بإيداع المبالغ المحجوز عليها لدى خزانة إدارة التنفيذ أو خزانة المحكمة دون تخصيص لها[248]، بشرط أن تكفي هذه الأموال للوفاء بدين الدائن الحاجز. وينطبق الأمر كذلك في حال كان الإيداع مقترنًا بتخصيص المبلغ المودع للوفاء بدين الحاجز، ويجب أن يكون ذلك المبلغ - مساويًا للديون المحجوز من أجلها[249]؛ ولذلك يترتب على هذا الإيداع زوال الحجز عن الأموال المحجوزة لدى المحجوز لديه وانتقاله إلى المبالغ المودعة، وبالتالي يعفى المحجوز لديه من أي جزاء بهذا الخصوص. والحال كذلك أيضًا عندما تكون الأموال محل الحجز منقولة ويقوم المحجوز لديه بوضعها تحت يد الحارس، سواء كان ذلك اتفاقًا أو بناءً على صدور أمر من مدير إدارة التنفيذ بتعيين حارسٍ على المنقولات المحجوزة، كما هو معمول به في القانون الكويتي.

وينبغي التأكيد على أنه يمتنع توقيع العقوبة على المحجوز لديه في حالة التزامه بالتصريح المنتظم؛ وذلك فقًا للشروط المطلوبة وطبقًا لأحكام القانون، ولا يمكن أن تقوم مسؤوليته في حالة انتهاء أسباب الحجز[250]، أو عند إلغاء إجراء الحجز[251]، أو كان الحجز باطلًا[252]، حتى لو قدّم المحجوز لديه إقرارًا خاطئًا. ولا يمكن أن تُثار المسؤولية إلا إذا تم تحويل حجز ما للمدين لدى الغير إلى حجزٍ تنفيذيٍ، وذلك على وجه الخصوص في القانون الكويتي والقانون القطري[253]. بالإضافة إلى أنه لو تم إلغاء الحجز الذي تم اتخاذ إجراءاته في هذه الدول بناءً على أمرٍ أو على عريضةٍ فلا تقوم مسؤولية المحجوز لديه؛ ولو قدّم تصريحًا غير صحيح. وفي حالة تم رفع الحجز سواء من قبل القضاء أو من قبل الدائن الحاجز وذلك بعد السداد من قبل المدين؛ فلا يمكن أن تثار مسؤولية المحجوز لديه. وقد قضت محكمة التمييز الفرنسية بأنه لا يمكن إدانة المحجوز لديه بسبب عدم قيامه بواجب التقرير بما في الذمة إذا لم يكن عليه التزام إطلاقًا تجاه المدين المحجوز عليه[254].

من حيث المبدأ، يجب أن يتم التصريح بما في الذمة دفعةً واحدةً، لكن في بعض الأحيان يتطلّب القانون ضرورة تقديم تصريحٍ اضافيٍ بعد التصريحِ الأولِ، كما هو الحال بالنسبة للبنوك التي يُستلزم عليها إبلاغ الدائن الحاجز خلال أيامٍ معينةٍ بالتغييرات التي تم إجراؤها. وعليه؛ فإذا لم يتطلّب القانون تقديم أي تصريحٍ إضافيٍ، فلا يمكن أن تقوم مسؤولية المحجوز لديه إذا قدّم التصريح المطلوب قانونًا بشكلٍ صحيحٍ. ولا يمكن أن يسأل المحجوز لديه كذلك في حال لم تكن هناك أية صلة بين الأخير والمدين المحجوز عليه. ولذلك، فإن مسؤولية المحجوز لديه لا تثار إلا في حالة وجود التزامات قانونية وتعاقدية تجاه المدين المحجوز عليه[255]. وتجدر الإشارة إلى عدم قيام المسؤولية في حالة سقوط الدين وانتهائه، كما لو وفّى المدين المحجوز عليه وسدَّد المبلغ كاملًا للدائن الحاجز؛ لكونه يترتب على ذلك إبراء ذمة المحجوز لديه من الالتزامات الواقعة على عاتقه.

ولا يمكن أن يُعاقَب المحجوز لديه في حال صدور خطأٍ غير مقصودٍ أثناء طلب الحجز؛ وذلك بسبب الانشغالات والارتباطات، كالخطأ مثلًا في هوية المدين المحجوز عليه أو في حالة ارتباك في شخصيته، كما لو ثبت أنه أعلن عن طريق الخطأ بسبب تجانس الاسم التجاري على سبيل المثال. وكما هو الشأن أيضًا عندما يتم إعلان المحجوز لديه وتصريحه عن طريق الخطأ بوجود أموال مملوكة للمدين، في حين أنه في الواقع لا يملك أي شيء، أو يقرر بوجود حسابات في دفاتر المدين وهو لا يملك حسابًا فعلًا. وأخيرًا؛ لا يمكن مقاضاة المحجوز لديه ولا تقوم مسؤوليته إذا كانت الفترة الممنوحة للمدين المحجوز عليه لتقديم الاشكال في التنفيذ والاعتراض على الحجز ما زالت قائمةً لم تنقض بعد، أو ينتهي الأمر بتقديم شهادة عدم وجود النزاع من قبل المدين.

الخاتمة

حاولت هذه الدراسة تسليط الضوء على الأحكام الخاصة للمحجوز لديه باعتباره من "الغير" في حجز ما للمدين لدى الغير؛ حيث استهدف البحث إبرازَ أهميةِ المحجوز لديه في ذلك الحجز، وبيان مدى دوره في تعزيز فعاليته وضمان حسن سيره لتحقيق أهدافه وغايته المرجوة، بالرغم من كونه ليس طرفًا في الخصومة التنفيذية. ولذلك، تأهبت التشريعات المقارنة لتطوير أحكامها وقواعدها الخاصة لبلورة نظام متميز لإجراءاتِ حجزِ ما للمدين لدى الغير، وتحديدًا فيما يتعلق بالمركز القانوني للمحجوز لديه؛ بهدف زيادة فعاليتها وكفاءة إجراءاتها؛ لتتمكن من مواكبة المستجدات المعاصرة وضمان سرعة استيفاء الديون لأصحابها والحد من عدم الإضرار بهم، تحقيقًا لرؤية الدول وتعزيز مكانتها في التحول إلى مراكزَ ماليةٍ وتجاريةٍ عالميةٍ جاذبةٍ للاستثمارات المالية والمشاريع الاقتصادية مع تعزيز الجوانب الاجتماعية للأفراد والمؤسسات العامة والخاصة.

وعليه، فلا بدَّ من تهيئة الأجواء القانونية وتوفير البيئة التشريعية المناسبة، وتعزيز النظام القضائي والإجرائي المتكامل والملائم لتحقيق تلك الأهداف؛ حيث إن نظام حجز ما للمدين لدى الغير يعتبر من أهم المواضيع الإجرائية المعنية بالدعم والمساندة في هذا الميدان.

كل ذلك، دفعنا للنظر في موقف القانون الكويتي والقانون القطري، وتقييم مدى كفاية قواعدهما وأحكامهما لضمان فعالية هذا الحجز، وذلك على ضوء الدراسة المقارنة مع القانون الفرنسي الذي كرّس الأحكام القانونية الخاصة لتطوير إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير، وتعزيز دور المحجوز لديه في تحقيق غايتها؛ بحيث انعكست تلك الدراسة إيجابًا على المشرِّع الكويتي والمشرِّع القطري بدعوتهم إلى تبني قواعدَ قانونيةٍ مستجدةٍ، وأحكامٍ إجرائيةٍ شاملةٍ لتعزيز منظومة حجز ما للمدين لدى الغير؛ كي تحقق رغبات جميع الأفراد والمؤسسات وبما يعزز من مكانة الدولتين في تحولها إلى مراكزَ ماليةٍ وتجاريةٍ رائدةٍ ومتميزةٍ.

وللوصول للنتائج المرجوة من هذه الدراسة، قسّمناها إلى مبحثين رئيسين، ولكل مبحثٍ مطلبان؛ حيث تطرقنا في المبحث الأول لمفهوم المحجوز لديه باعتباره من الغير، وبينَّا خصوصيته ثم وضّحنا الفلسفة التشريعية لضرورة تدخله في إجراءات التنفيذ. ثم استعرضنا للأحكام الموضوعية والإجرائية التي يستلزم توافرها لكي تتحقق بها صفة المحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير؛ لنتمكن من تطبيق الأحكام الخاصة المتعلقة به. ومن ثَمَّ شرعنا في المبحث الثاني لتناول الأحكام القانونية الخاصة لالتزامات المحجوز لديه أثناء إجراءات الحجز، فبيّنا التزامه العام المتمثل في وجوب مشاركته الإيجابية في إجراءات التنفيذ وعدم عرقلتها، ثم استعرضنا لبعض الالتزامات الخاصة المتمثلة بوجوب تقديم التقرير بما في الذمة، والتزامه بالدفع والسداد للدائن الحاجز. ومن بعدُ، سلطنا الضوء على مسؤولية المحجوز لديه في إطار حجز ما للمدين لدى الغير؛ حيث أسهبنا في الأسس القانونية المختلفة لقيام مسؤوليته، وتطرقنا بعدها لشروط تطبيق الجزاءات المترتبة على مخالفته لواجباته القانونية، ووضحّنا مدى إمكانية الجمع بين تلك الجزاءات، وأخيرًا استعرضنا القواعد الخاصة لإعفاء المحجوز لديه من الجزاءات الواقعة عليه، كل ذلك بدراسةٍ مقارنةٍ بين كلٍ من القوانين الفرنسية والكويتية والقطرية.

وبعد استعراضنا للأحكام الخاصة للمحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير، وجدنا أن قانون المرافعات الكويتي والقطري قد شابه بعض النقص والقصور، مما انعكس سلبًا على فعالية هذا الحجز. ومن هنا ظهرت أهمية العمل على استكمال المنظومة التشريعية لحجز ما للمدين لدى الغير وخصوصًا فيما يتعلق بالأحكام الخاصة في "الغير" المحجوز لديه لبلورة نظامه القانوني بشكل متكامل؛ بحيث تُفرَد له أحكام وقواعد قانونية جامعة ومانعة، تتناسب مع خصوصيته في المجال الإجرائي؛ بهدف تحديد التزاماته وواجباته القانونية بشكلٍ دقيقٍ. بالإضافة إلى ضرورة تحديد قواعد مسؤولية المحجوز لديه وتطوير أحكامها القانونية لتكون أكثر فاعليةً في تحقيق هدف حجز ما للمدين لدى الغير.

كل ذلك جاء لغرض مواكبة المستجدات والتطورات المستمرة في أشكال وطرائق الالتزامات والحقوق المتبادلة بين أصحاب المصالح المشتركة في المجالات الإجرائية؛ سواء كانت على المستويات: المحلية أم الإقليمية أم الدولية - فكان من الضروري تسليط الضوء وفق تأسيسٍ قانونيٍ كاشفٍ عن بيان حقيقة دور المحجوز لديه الإجرائي في حجز ما للمدين لدى الغير والمتمثل في ضرورة المساهمة الإيجابية وتعاونه الجاد لضمان حسن سير إجراءات ذلك الحجز، والعمل على تسهيل عملية التنفيذ وتيسيرها ودعمها، بهدف المحافظة على حقوق الدائن الحاجز ومنع الإضرار به من جهة، وضمان الفعالية من جهة أخرى. وعليه؛ أصبح المحجوز لديه اليوم نافذةً وكفالةً حقيقيةً غيرَ ظاهرةٍ لاستيفاء الحقوق المالية للدائن، وبالتالي أصّلت هذه الدراسة في محتواها ومضمونها لفكرة ظهور أشخاص مُعاونين للسلطة القضائية والتنفيذية؛ بغرض ضمان تحقيق الأهداف الإجرائية وإنفاذ الأوامر القضائية، فهي تعبّر عن حقيقة قوة الأمر المقضي به؛ إذ إن المحجوز لديه تحت يده حقوقًا أو أموالًا خاصة بالمدين هو أداة فاعلة في استيفاء أو رد حق متنازع فيه.

ونتيجة لذلك ندعو المشرِّعَ الكويتي والمشرِّعَ القطري إلى التجاوب السريع مع المستجدات التشريعية؛ لزيادة فعالية حجز ما للمدين لدى الغير وتعزيز المركز القانوني للغير المحجوز لديه، وعليه؛

-      نُوصِي المشرِّع بضرورة تبني المفهوم الحديث لحجز ما للمدين لدى الغير، وتعديل نظامه بوضع قواعدَ وأحكامٍ خاصةٍ لزيادة فعاليته وضمان تحقيق أهدافه من خلال تسريع إجراءات استيفاء الدائن الحاجز لحقه، وذلك كما ذهب إليه المشرع الفرنسي عندما أنشأ نظام الحجز التخصيصي وجعله بديلًا عن حجز ما للمدين لدى غير التقليدي.

-      ضرورة نشر الثقافة والتوعية الخاصة بأهمية دور الغير في إجراءات التنفيذ، لكونه يعتبر حجرَ الأساس لحجز ما للمدين لدى الغير، والعنصر الرئيسي لنجاحه وتحقيق أهدافه المرجوة.

-      على المشرع تحديد مفهوم "الغير" المحجوز لديه بشكلٍ دقيقٍ وواضحٍ؛ لضمان تطبيق الأحكام القانونية الخاصة به بشكل سليم. وعليه؛ فلا بد من مراعاة مسألة تحّقّق صفة المحجوز لديه في شخص الغير؛ لأن القاضي في الواقع العملي لا يهتم أحيانًا بالتحقّق ما إذا كان المحجوز لديه تتوافر فيه هذه الصفة قبل أن يأمرَه بسداد مبلغ الحجز؛ حيث إنه لا يكفي لإلزام جهة معينة بدفع مبلغ الحجز لكونها قد تخلّفت عن التزامها أو قامت بتقريرٍ خاطئٍ أو مخالفٍ لأحكام القانون، وإنما يستلزم لقيام مسؤوليتها أن تحملَ صفةِ المحجوز لديه القانونية.

-      دعوة المشرِّع لتكريس المبدأ الإجرائي العام القاضي بوجوب عدم عرقلة إجراءات التنفيذ، وضرورة الالتزام بالمشاركة لحسن سير تلك الإجراءات وتحقيق غايتها، وذلك ضمن نصوص قانون المرافعات المدنية والتجارية ويجب أن يكون محددًا بشكلٍ صريحٍ. وعليه؛ فلا يجوز للغير أن يعرقل الإجراءات التي تُتَّخذ بهدف الحصول على الحقوق أو المحافظة عليها، ويجب عليه أن يشارك في سيرها مباشرة متى طُلب منه ذلك.

-      دعوة المشرع لتبني مبدأ التعاون الفوري والمباشر؛ بحيث يلتزم المحجوز لديه بتقديم المعلومات المطلوبة قانونًا بشكل فوري وذلك عند إعلانه بالحجز، ويبدأ سريان تقديمها من تاريخ الأمر بالتقرير بما في الذمة. وعليه؛ يفضّل أن يسرع المشرع بتكريس هذا المبدأ في صلب قوانينها، وينظم مسألة التعاون الإيجابي بشكل دقيق وشامل لتحقيق الغاية من إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير، التي تقتضي ضمان حماية أكيدة وفاعلة للدائن الحاجز وتحقيق الإجراءات العادلة في حقه.

-      نوصي المشرِّع الكويتي بمراعاة مسألة تحديد المعلومات الواجب تقديمها بناءً على الالتزام بالتقرير بما في الذمة وذلك وفقًا لطبيعة الأموال المحجوزة؛ لكي يتم تطبيق الواجب القانوني بشكلٍ فوريٍ وفعّالٍ وبناءً على معلومات دقيقة.

-      على المشرِّع الكويتي التأكيد على خصوصية المركز القانوني للمحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير، لما له من قواعد وأحكام خاصة تستوجب تدخله كطرف في الإجراءات؛ ولذلك يستلزم تحقيق الموازنة ما بين إلزامه بالقيام بواجباته القانونية وبين ضرورة منحه قدرًا من الحماية والضمانات القانونية. وعليه؛ يجب على المشرع لتحقيق هذه الموازنة، أن تكون فلسفته قائمةً على تقرير جزاءاتٍ تتناسبٍ مع الخطأ المُرتَكَب وجسامة الإخلال الصادر من المحجوز لديه.

ولتحقيق ذلك، نوصي المشرع بتقرير أساسين مختلفين لقيام مسؤولية المحجوز لديه، بحيث يتم إلزام المحجوز لديه بدفع المبلغ المحجوز من أجله في حالة قيام المسؤولية القانونية، كعدم تقديم التقرير بما في الذمة، أو في حال قدّمه متأخرًا بعد الوقت المحدد قانونًا. وأما بخصوص الأساس الآخر، فيُلزم المحجوز لديه بدفع مبلغ التعويض فقط في حالة قيام المسؤولية التقصيرية إذا ثبت ارتكاب الخطأ ووقوع الضرر، كتقديم تقرير غير صحيحٍ أو كاذبٍ.

-      نوصي المشرِّع بتقرير مبدأ قيام مسؤولية المحجوز لديه القانونية بمجرد مخالفة الالتزام القانوني فقط، وعدم ربطها بشرط توافر سوء نية المحجوز لديه أو شرط وقوع الضرر؛ وذلك لتفادي تعطيلها، ولتعزيز فعالية الحجز وضمان تحقيق أهدافه.

-      نحث المشرِّع بالنص على عدم جواز الجمع بين الجزاءات على المحجوز لديه، وللدائن الحاجز اللجوء إلى أساسٍ واحدٍ لإثارة المسؤولية.

-      ضرورة التنبيه على تعديل التوجه القضائي؛ لتجنب التطبيق الخاطئ لتقرير مسؤولية المحجوز لديه، وذلك من خلال تطبيق القانون بما يتناسب مع تحقيق الغاية من النصوص التشريعية بعدم ربط المسؤوليتين على أساسٍ واحدٍ مع اشتراط وقوع الضرر.

-      نوصي المشرِّع الكويتي بضرورة وضع حدٍ للتحايل المتصور وقوعه عند مباشرة حجز ما للمدين لدى الغير؛ وذلك بتقرير عدم جواز إلزام المحجوز لديه بدفع المبلغ محل الحجز إلا إذا تأكد أنه مدينٌ فعلًا للمحجوز عليه عند توقيع الحجز. وعليه؛ نوصي المشرِّع بأن يشترط لتوقيع الجزاء على المحجوز لديه أن يكون مدينًا للمحجوز عليه لحظة توقيع الحجز.

-      ندعو المشرِّع الكويتي والمشرع القطري بتنظيم مسألة إعفاء المحجوز لديه من دفع المبلغ محل الحجز بشكلٍ واضحٍ، ويتم تكريس مبدأ المبرر المشروع كما أقره المشرع الفرنسي؛ بحيث يتم إعفاء المحجوز لديه عندما يكون عدم تقديمه للتقرير بما في الذمة في الوقت المناسب له مبررٌ مشروعٌ.

-      العمل على نشر ثقافة أهمية المشاركة الإيجابية والتعاون الفوري لجميع الأفراد والمؤسسات الذين تتحقق بهم صفة "المحجوز لديه"؛ وذلك من باب أداء الواجب الوطني في مساندة الجهات التنفيذية المختصة في إنجاز أعمالها وصولًا لتحقيق للعدالة الناجزة.

-      ضرورة توعية العاملين في مؤسسات المحجوز لديه بالالتزام والانضباط بالأحكام القانونية؛ لما لها من تأثيرٍ إيجابيٍ في المساهمة على تشجيع الاستثمار وجلب رؤوس الأموال وتهيئة المناخ لرواد الأعمال ودعم الثقة بالاقتصاد الوطني وتعزيز الاستقرار الاقتصادي للدولة.

-       ندعو الأكاديميين والباحثين والمهتمين المختصين لتقديم الدراسات المتخصصة لمعالجة جميع المسائل القانونية المتعلقة بحجز ما للمدين لدى الغير، وخصوصًا فيما يتعلق بالأحكام الخاصة بالغير المحجوز لديه، والعمل على إعداد تصورات ومقترحات حديثة؛ لتطوير الأحكام الخاصة لمسؤوليته القانونية وآلية اتخاذ الإجراءات ضده بما يحقق الغاية من هذا الحجز.


 

المراجع

أولًا: العربية

1-الكتب والمقالات:

إبراهيم، محمد. النظرية العامة لحجز المنقول في ضوء الفقه وأحكام القضاء. 2006 [د.ن].

أبو الوفا، أحمد. إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية. منشأة المعارف، مصر. 2000.

 –––. التنفيذ. ط7، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1978.

–––. إجراءات التنفيذ بمقتضى قانون أصول المحاكمات اللبناني الجديد. ط3، [د.ن]، [د.ت].

إسماعيل، نبيل. الوسيط في التنفيذ الجبري. دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2000.

 إ–––. إشكالات التنفيذ الجبري في المواد المدنية والتجاري منشأة المعارف، الإسكندرية، 1982

أميه، براني وبوريم، أمينة. الوضع القانوني للغير في الحجز التنفيذي. [رسالة ماجستير]. كلية الحقوق، جامعة عبد الرحمن ميرة، 2014.

بلعكيد، عبد الرحمن. الوكالة الآثار الانقضاء. مطبعة صوماديل، 2014.

بلغيث، عمارة. التنفيذ الجبري وإشكالاته: دراسة تحليلية مقارنة لطرق التنفيذ وإجراءاته ومنازعاته. دار العلوم، عنابة، 2004.

التحيوي، محمود. النظام القانوني للحجز وفقًا لآخر التعديلات في قانون المرافعات المصري وقانون الحجز الإداري. منشأة المعارف، مصر، 2002.

الحديدي، علي الشحات. "الحجز على الأموال الموجودة في الخزائن الخاصة لدى البنوك". مجلة الأمن والقانون، كلية شرطة دبي، س9، ع2 (يوليو 2001).

حلمي، طلعت. "الغير في التنفيذ الجبري وحمايته من آثاره". مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، جامعة المنصورة، كلية الحقوق، 2017.

خليل، أحمد. أصول التنفيذ الجبري. دار العلوم العربية، القاهرة، 2001.

–––. التنفيذ الجبري. منشورات الحلبي الحقوقية، 2002.

دويدار، طلعت. طرق التنفيذ القضائي. منشأة المعارف، الإسكندرية [د.ن].

السنهوري، عبد الرزاق. الوسيط في القانون المدني، الجزء الثاني، نظرية الالتزام بوجه عام. منشأة المعارف، الإسكندرية، 2004.

–––. الوسيط في القانون المدني، الجزء الأول، نظرية الالتزام بوجه عام. منشأة المعارف، الإسكندرية، 2003.

السيد، أحمد. التنفيذ الجبري. منشورات الحلبي، 2002.

سالم، سيد. "تعاون المحجوز لديه بالمعلومات". مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، ع2، س 62، يوليو 2020.

شحط، عبد القادر العربي. طرق التنفيذ في المواد المدنية والإدارية. منشورات الألفية الثالثة، الجزائر، 2010.

صاوي، أحمد السيد. التنفيذ الجبري في المواد المدنية والتجارية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005.

عبد الفتاح، عزمي. قواعد التنفيذ الجبري. دار النهضة العربية، القاهرة، 2001.

–––. "مستحدثات قانون التنفيذ الفرنسي الجديد رقم 783 لسنة 2012 في السندات التنفيذية، ووسائل الإجبار على التنفيذ وطرق الحجز المختلفة واختصاص قاضي التنفيذ نوعيًا ومحليًا"، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، ع1 (2016).

عمر، محمد. مبادئ التنفيذ. ط4، دار النهضة العربية، 1978.

فيلالي، علي. الالتزامات، النظرية العامة للعقد. ط1، موفم للنشر، الجزائر، 2010

قاسم، محمد. "الأساس القانوني للمسؤولية عن الأشياء الخطرة أمام القضاء العراقي"، مجلة الرافدين، مج13، ع49، س16.

لوالي، المفضل. المبادئ العامة للتنفيذ في ضوء التشريع المغربي [رسالة دكتوراهجامعة الحسن الثاني، كلية الحقوق، الدار البيضاء، العام الجامعي 1984.

مالك، مصطفى. حوالة العقد، دراسة مقارنة. ط1، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2008.

مبروك، عاشور. التنفيذ الجبري في قانون دولة الامارات العربية المتحدة - دراسة مقارنة بالشريعة الإسلامية. مطبوعات جامعة الإمارات العربية المتحدة، 1995-1996.

 

محمود، سيد. أصول التنفيذ الجبري. دار الفكر والقانون، 2004.

مكناس، جمال. أصول التنفيذ في المواد المدنية والتجارية. منشورات جامعة دمشق، مطابع مؤسسة الوحدة، دمشق، 2003.

المليجي، أسامة. وصاوي أحمد. الإجراءات المدنية للتنفيذ الجبري. دار النهضة العربية، 2001.

والي، فتحي. التنفيذ الجبري. دار النهضة العربية، القاهرة، 1981.

النمر، أمينة. أصول التنفيذ الجبري. الدار الجامعية، 1980.

هندي، أحمد وخليل، أحمد. قانون التنفيذ الجبري. دار المطبوعات الجامعية، 1999.

هندي، أحمد. الصفة في التنفيذ. دار الجامعة الجديدة، 2000.

هاشم، محمود. قواعد التنفيذ الجبري وإجراءاته في قانون المرافعات [د.ن]، 1999.

2- التشريعات القانونية:

قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويتي.

قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري.

Code des procédures civiles d'exécution

3- الأحكام القضائية:

حكم محكمة التمييز الكويتية، جلسة 12 ديسمبر سنة 2005. طعن رقم 157 لسنة 2004 مدني.

حكم محكمة التمييز الكويتية، جلسة 18 فبراير سنة 2007، طعن رقم 1061 لسنة 2004، تجاري 2.

حكم محكمة التمييز الكويتية، جلسة 7 ديسمبر سنة 2019، طعن رقم 62 لسنة 2019، تجاري 1.

حكم محكمة التمييز الكويتية، طعن رقم 67 لسنة 2005، تجاري -1.

حكم محكمة التمييز الكويتية، الطعن رقم 533 لسنة 2003، الدائرة التجارية.

ثانيًا: الأجنبية

References:

Abdul Ālĩ, Bũ Shahdān. (D. T). Ĩjrā’āt al-Tanfĩdh Wifqa Qanũn al-Ĩjrā’āt al-Mādaneya al-Jazā’irĩ. (in Arabic). D.N.

Abdulāl, Muhammad. Mas’ũlĩyat al-Muta’ākid Tijāh al-Ghaĩr fĩ Ĩtār al-Majmũ’āt al-Akdĩyah: Dĩrāsah Tahlĩlĩyah fĩ al-Qanũn al-Faransĩ Ala Daũ’ Ārā’ al-Fiqh Wa Ahkāam al-Qadā’. (in Arabic), Cairo, Dār al-Nahdah al-Arabĩyah, 2006.

Abdulfattāh, Azmĩ. Qawā’id al-Tanfĩdh al-Jabrĩ fĩ Qānũn al-Murāfa’āt al-Misrĩ. (in Arabic), Dār al-Nahdah al-Arabĩyah, 2001.

Abul-wāfā. Ĩjrā’āt al-Tanfĩdh Fĩ al-Mawād al-Madanĩyah Wa al-Tijārĩyah. (in Arabic). Munshā’at al-Ma’ārif, 2000.

Al-hadĩdĩ, Alĩ al-Shahāt. Al-hajz Alà al-Amwāl al-Mawjũda fĩ al-Khaza’ĩn al-Khāssah Ladā al-Bunũk. (in Arabic). Majallat al-Amn wa alqānũn, 2nd Issue, 2001.

Al-marākishĩ, Hishām. Al-ghair fĩ al-Qānũn al-Maghribĩ, Dirāsah fĩ Tahdĩd al-Markaz al-Qānũnĩ Lĩl Ghaĩr fĩ al-Nusũs al-Qanũnĩyah Wa al-Amal al-Qada’ĩ. (in Arabic), Rabat, Dār al-Salām, 2019.

Al-mulijĩ, Ũsāmah, & Sāwĩ, Ahmad. Al-ĩjrā’āt al-Mādaneya Littanfĩdh al-Jabrĩ. (in Arabic). Dār al-Nahdah al-Arabĩyah, 2001.

Alsaĩyid, Ahmad. Al-tanfĩdh al-Jabrĩ. (in Arabic). Manshũrāt al-Halabĩ, 2002.

Al-sanhũrĩ. Abdulrazāq, Al-wasĩt fĩ al-Qānũn al-Madanĩ. (in Arabic), Alexandria, Munsha’at al-Ma’āref, 2004.

Al-shaĩkh Alĩ. Mu’āwanat al-Ghaĩr fĩ al-Tanfĩdh al-Jabrĩ fĩ al-Qanũn al-Faransĩ. (in Arabic), Majallat al-Buhũth al-Qanũnĩyah Wa al-Ĩqtisādĩyah. (in Arabic). Kullĩyat al-Huqũq, Jāmi’at al-Mansũrah, 2016.

Al-tahyawĩ, Mahmũd. Al-nithām al-Qanũni Lilhajz Wifqān Li’ākhir al-Tta’dĩlāt Fĩ Qānũn al-Murāfa’āt al-Misrĩ wa Qānũn al-Hajz al-Ĩdārĩ (in Arabic), Munsha’āt al-Ma’āref, 2002

Anne, Leborgne. Voies d’exécution et procédures de distribution, 1 Edition, Dalloz, 2009.

Bahlũl, Fātih. Muhādarāt fĩ Turuq al-Tanfĩdh. (in Arabic). Bijāyih, 2010.

Bal’kĩd, abdulrahmān. Al-wakāla al-āthār Alĩnqidā’. (in Arabic), Matba’et Sũmadĩl, 2014.

Balghaĩth, ĩmarā. Al-tanfĩdh al-jabrĩ wa ĩshkālatih, Dirāsā tahlĩlĩya muqārinah lituruq al-tanfĩdh wa ĩjrā’ātih wa munāza’ātih. (in Arabic), Dār al-Ulũm, 2004.

Bodin, Marc. Les notion relatives en droit civil, Thèse de doctorat, Université Montesquieu, Bordereaux iv, 2011

Cayrol, Nicolas. saisie-attribution, procedure: paiement. Jurisclasseur – procedure civile, 20 mai 2021.

Coutal, Jean luis. Essai sur le principe de l’effet relative des contrats, Thèse Paris, LGDJ, 1981.

Dũwĩdār, Tal’at, Muhammad. (D. T). Turuq al-Tanfĩdh al-Qada’ĩ. (in Arabic), Munsha’āt al-Ma’āref.

Fakhrĩ, Ātif. Al-ghair fĩ al-Qānũn al-Madanĩ al-Misrĩ. (in Arabic), Risālit Duktũrāh, Jāmi’at al-Ĩskandarĩyah, 1972.

Fĩlālĩ, Alĩ. Al’iltizāmāt al-Natharĩyah al-Āmah Lil Aqd. (in Arabic). Algeria Mũfam Lilnashr, 2010.

Fricero, Natalie. Procedure civiles d’execution, 10e, Lextenso, 2021.

Gerard Couchez et Daniel Lebeau. (2012). Voies d’exécution, 19 ed 2012.

Guinchard, Serge et Tony Moussa. Droit et pratique des voies d’exécution, D.2004, N100, 31, 1999.

Gustave, Cuny. (1819). Des tiers, Thèse Nancy.

Hĩlmi, Tal’at. Al-ghair fĩ al-Tānfĩdh al-Jabrĩ wa Himāyatih min Āthārih. (in Arabic) Majallit al-Buhũth al-Qānũnĩyah wa al-Ĩqtisādĩyah, Kullĩyat al-Huqũq, Jāmi’at al-Mansũrah, 2017.

Hindĩ, Ahmad. Al-sifah fĩ al-Tanfĩdh. (in Arabic), Dār al- Jāmi’ah al-Jadĩdah, 2000.

Jean Vincent et Jacques prevault. Voies d’exécution et procédures de distribution, 19 Edition, Dalloz, 1999.

Jean Vincent et Serge Guimchard. Procédure civile, 26ed, Dalloz, 2001.

Jean-Marie Aussel. Essai sur la notion de tiers en droit civile français, Thèse Montpellier, 1951.

 Jossrand Louis. Cours de droit positif français, T2 2ed, Paris, 1933.

jurviliers-Zuccara, Elisabeth. (2010) Le tiers en droit administratifs, Thèse de doctorat, Université Nancy, Faculté de droit, science, économique et gestion, Année 2010.

Kahil, Omran. L’égalité entre les créanciers dans le cadre de la saisie attribution, Thèse, L’Université Lille 2, Droit, 2011.

Khalĩl, Ahmad. Al-tanfĩdh al-Jabrĩ. (in Arabic), Manshũrāt al-Halabĩ al-Huqũqĩyah, 2002.

Laroumet, Christian. (2003). Droit civil, Les obligations les contrat, Tome3, 5 Edition, Economica.

Leon, Delcourt. (1902). De l’effet des actes juridique a l’égard des tiers, Thèse Paris.

Lũwālĩ, al-Mufaddal. Almabādi’ al-Amah Littanfĩdh fĩ Daũ’ al-Tashrĩ’ al-Maghribĩ. (in Arabic), Risālit Duktũrāh, Jāmi’at al-Hasan al-Thānĩ, 1984.

Mabrũk, Āshũr. al-Tanfĩdh al-Jabrĩ fĩ Qānũn Dawlat al-Arabĩyah al-Muttahidah: Dirāsah Muqāranah Bil Sharĩ’ah al-Islāmyah. (in Arabic), Matbũ’at Jāmi’at al-Ĩmārāt al-Arabĩyah al-Muttahidah, 1996.

Mahmũd, Saĩyid. Usũl al-Tanfĩdh al-Jabrĩ. (in Arabic), Dār al-Fikr Wa al- Qānũn, 2004.

Marc Donnier. (1999). Voies d’exécution et procédures de distribution, LITEC,5edition.

Miknās, Jamāl, Miknās. Ũsũl al-Tanfĩdh fĩ al-Mawād al-Madanĩyah Wa al-Tijārĩyah. (in Arabic), Manshũrāt Jāmi’at Dimashq, 2003.

Mrāmrĩyah, Himah. Al-hajz al-Tanfĩdhĩ. (in Arabic), Risālit Duktũrāh, Jāmi’at Bājĩ Mukhtār, 2009.

Perrot, R. et Ph. Thery, Saisie-attribution: La situation du tiers saisie, D.2001, doc.

Piedelievre, Stephan. Declaration et redponsabilite du tires saisi, Revue de droit bancaire et financier, n3, Mai 2009.

–––. Redponsabilite du tires saisi et declaration inexacte, Revue de droit bancaire et financier, n5, septembre 2008.

Raslān, Nabĩlah. Al-natharĩyah al-āmm’ah lil’Alāqāt al-Thulāthĩya. (in Arabic), Risālit Duktũrāh, Jāmi’at Tantah, 1986.

Roger, Perrot. Présentation des travaux de la réforme des procédures civiles d’exécution, R.T.D. civ. Numéro special, 1993.

Sāwĩ, Ahmad. al-Tanfĩdh al-Jabrĩ fĩ al-Mawād al-Madanĩyah Wa al-Tijārĩyah. (in Arabic). Dār al-Nahdah al-Arabĩyah, 2005.

Shahat, Abdulqādir Al-arabĩ. Turuq al-Tanfĩdh fĩ al-Mawād al-Madanĩyah wal Ĩdārĩyah. (in Arabic). Manshũrāt al-Alfĩyah al-Thālithah, 2010.

Shũshārĩ, Salāh Al-dĩn. (D.T). Al-tanfĩdh al-Jabrĩ fĩ al-Mawād al-Madanĩyah wa al-Tijārĩyah Wa al-Shar’ĩyah. (in Arabic). Dār al-Thaqāfah Lilnashr Wa al-Tawzĩ.

ʻUmar, Muhammad. Mabādi’ al-Tanfĩdh. (in Arabic). Dār al-Nahdah al-Arabĩyah, 4th Issue, 1978.

ʻUmar, Nabīl. al-ṭaʻn bi-istiʼnāf wa-ijrāʼātuh. (in Arabic), Munshaʼat al-Maʻārif, al-Iskandarīyah, 1980.

Ummaya, Barāni & Amĩna, Bũrĩm. Alwad’ Al-qānũnĩ Lĩl Ghaĩr Fĩ Al-hajz Al-tanfĩdhĩ. (Risālit Majistĩr). (in Arabic), Jāmi’at abdulrahmān mĩra, 2014

Uthmānĩ, Bilāl. Al-hajz Alā Amwāl al-Madĩn Ladā al-Bank Wa Darũrit Ĩkhdā’ih Ilā Nidhām Khās. (in Arabic), Risālit Majistĩr, Jāmi’at Bin Yũsif Bin Khadah

Weill, Alex. (1983). Le principe de la relativité des conventions en droit prive, Thèse paris.

Wintgen, Robert. Etude critique de la notion d’opposabilité, les effets du contrat à l’égard des tiers en droit français et allemand, Thèse Université paris, Année 2002, Publie a LGDJ, 2004.

Zaghlũl, Ahmad. Ŭsũl al-Tanfĩdh al-Jabrĩ. (in Arabic), Dār al-Nahdah al-Arabĩyah, 1999.

Zaradānĩ, Hasan. Su’ũbat al-Tanfĩdh al-Waqtĩyah fĩ al-Qānũn al-Maghrĩbĩ wal Muqāran. (in Arabic), risālit duktũrāh jāmi’at al-qādĩ aiyād, 2006.

Cases and Legislations:

Cass. com. 22 avril 1997, D.1997.

Cass. 2 civ., 2 avril 1997, Bull. civ. II, n 107.

Cass. 2civ., 24 janv. 1990: RTD. Civ. 1990, P.566, note R. Perrot.

Cass. Com., 18 sept. 2007, n06-14.161 juris data n2007 -040411: jepE 2007, 2499.

Cass. 2 civ., 10 avril 2014, n13-12767.

Cass. 2 civ., 12 avril 2018, n17-15298.

Cass. 2 civ., 17 oct.2002: GAZ. Pal.

Cass. 2 civ., 21 dec. 2006, n04-16511.

Cass. 2 civ., 24 juin 1998: rev. huiss. 1999, p.293.

Cass. 2 civ., 28 fevrier 2006, n04-16396.

Cass. 2 civ., 28 janv. 1998, prec.

Cass. 2 civ., 2 avril. 1997: procedure 1997, n.147, note R. Perrot.

Cass. 2 civ., 5 juill. 2001, prec.

Cass. 2 civ., 7 mars 2002: Bull. Civ. II, n36: DR. et proc. 2002, p.242, obs. E. Putman: D. 2002, IR. P.1117.

Cass. 2 civ., 8sep. 2011: Gaz. Pal. 26-28 fev. 2012, p.21, note C. Brenner.

Cass. 24 janvier 1994, bull.civ, n4.

Cass. 2civ., 1er février 2001, Bull. n° 23, p. 17.

Cass. 2civ., 21 mars 2002: Bull.civ. II, n55: DR. Et proc. 2002, p. 253.

Cass. 2civ., 28 janv. 1998, JCP, 1998, no 12, p. 443.

Cass. 2civ., 28 septembre 2000, pourvoi n° 98-13.428.

Cass. 2civ., 3 avr. 2003: D.2004, p1494, ods. G. Tormina.

Cass. 2civ., 5 juillet 2000, Bull. n° 110 p. 77.

Cass. 2civ., 7 nov. 2002: bull. Civ., n248.

Cass. 2e civ., 23 nov.2000 ; RD bancaire et financier 2001, p. 24, n° 26, obs. J-.M.D

Cass. 2e civ., 5 juill.2000, Bull. civ., 2000, n°110, N° de pourvoi 97-21.606.

Cass. 2e civ., 6 mai 2004, Bull. civ. II, n° 218, p.184; RTD, civ. 2004, p. 560, obs. R. PERROT.

Cass. civ. 2ème, 28 octobre 1999, Bull. n° 162 p. 112.

CCJA, Arrêt n040/201 du 8 décembre 2011, Affaire Banque islamique du Niger pour le commerce et l’investissement, dite Binci SA c/ Etat du Niger.

CCJA, Arrêt n09/2005 du 27 janvier 2005, Affaire société Afrocom-CI c/ Citibank, Juris Ohada.

CCJA,2eme Chambre, Arrêt n003/2014, 30 janvier 2014, Affaire société générale d’informatique et de télécommunication, dite sogitel c/ banque commerciale du chari, dit BCC.

TGI. Roanne -juge de l’execution- 6 mai 1993: DR. Et proc 1994, p. 656.

Tribunal regional hors classe de Dakar, jugement n1860 du 21 novembre 2000, Christian dering c/ ousserynou.

 

 



[1] في الحقيقة، لم يعد يكفي اليوم التعامل مع مسؤولية المحجوز لديه وفق القواعد العامة فقط؛ لأنه ليس بمقدورها تفسير كل الحالات التي يمكن أن تتقرر فيها مسؤولية الغير المحجوز لديه، وخصوصًا أن الالتزامات التي تقع على عاتقه لا تقتصر عليه وعلى عمله فقط، وإنما تتوسع، مما يستدعي التدخل لتأسيس نوع خاص من المسؤولية التي لا ترتكز على القواعد العامة، وإن كان بالإمكان أن تجد تلك المسؤولية مكانًا لها أثناء إجراءات الحجز.

[2] S.Guinchard et T.Moussa, Droit et pratique des voies dexécution, D.2004, N100, 31.

[3] عزمي عبد الفتاح، قواعد التنفيذ الجبري، دار النهضة العربية، القاهرة، 2001، ص152.

[4] أحمد هندي وأحمد خليل، قانون التنفيذ الجبري، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1999، ص238.

[5] عبد الرحمن بلعكيد، الوكالة الآثار الانقضاء، مطبعة صوماديل، 2014.

[6] مصطفى مالك، حوالة العقد: دراسة مقارنة، ط1، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2008.

[7] علي فيلالي، الالتزامات، النظرية العامة للعقد، موفم للنشر، الجزائر، 2010، ص408.

[8] عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الثاني، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2004، ص176.

[9] J. Vincent et G. Guimchard, procédure civile, 26ed, Dalloz, 2001, p. 416.

[10] علي الشحات الحديدي، "الحجز على الأموال الموجودة في الخزائن الخاصة لدى البنوك"، مجلة الأمن والقانون، كلية الشرطة، دبي (2001)، ص361.

[11] طلعت دويدار، طرق التنفيذ القضائي، منشأة المعارف، الإسكندرية [د.ن.]، ص340.

[12] Jean Vincent et Jacques prevault, voies dexécution et procédures de distribution, 19 Edition, Dalloz, delta 1999, p. 99 et s.

[13] عبد الفتاح، قواعد التنفيذ الجبري، ص593؛ الحديدي، ص361؛ دويدار، ص340.

[14] محمود هاشم، قواعد التنفيذ الجبري وإجراءاته في قانون المرافعات، [د.ن]، 1999، ص300.

[15] أسامة المليجي وأحمد صاوي، الإجراءات المدنية للتنفيذ الجبري، دار النهضة العربية، القاهرة، 2001، ص387.

[16] J. M. Aussel, Essai sur la notion de tiers en droit civile français, Thèse Montpellier, 1951, p. 50.

[17] فتحي والي، التنفيذ الجبري. دار النهضة العربية، القاهرة، 1981، ص151. نبيل إسماعيل، الوسيط في التنفيذ الجبري، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2000، ص241.

[18] عبد الفتاح، قواعد التنفيذ الجبري، ص155.

[19] Article L211-1 du CPC exec, dispose que: (Tout créancier muni d'un titre exécutoire constatant une créance liquide et exigible peut, pour en obtenir le paiement, saisir entre les mains d'un tiers les créances de son débiteur portant sur une somme d'argent, sous réserve des dispositions particulières à la saisie des rémunérations prévue par le code du travail).

[20] نضرب على ذلك أمثلة؛ فقد نصت المادة (227) من قانون المرافعات الكويتي على أنه "يجوز لكل دائن بدين محقق الوجود حال الأداء أن يحجز ما يكون لمدينه لدى "الغير" من المنقولات أو الديون؛ ولو كانت مؤجلة أو معلقة على شرط..."، وأكدّت المادة (445) من قانون المرافعات القطري أنه "يجوز لكل دائن بدين محقق الوجود حال الأداء أن يحجز ما يكون لمدينه لدى "الغير" من المنقولات أو الديون، ولو كانت مؤجلة أو معلقة على شرط...". وأما يتعلق بالقانون الفرنسي فقد نصت المادة:

 Article L211-1 du CPC exec, dispose que (Tout créancier muni d'un titre exécutoire constatant une créance liquide et exigible peut, pour en obtenir le paiement, saisir entre les mains d'un tiers les créances de son débiteur portant sur une somme d'argent, sous réserve des dispositions particulières à la saisie des rémunérations prévue par le code du travail).

[21] أحمد خليل، أصول التنفيذ الجبري، دار العلوم العربية، القاهرة، 2001، ص352.

[22]Article L211-3 2 du CPC exec, dispose que" Le tiers saisi est tenu de déclarer au créancier l'étendue de ses obligations à l'égard du débiteur ainsi que les modalités qui pourraient les affecter et, s'il y a lieu, les cessions de créances, délégations ou saisies antérieures."

[23] Natalie Fricero, Procedure civiles dexecution, 2021, 10e, Lextenso, p. 131.

[24] جمال مكناس، أصول التنفيذ في المواد المدنية والتجارية، منشورات جامعة دمشق، مطابع مؤسسة الوحدة، 2003، ص201.

[25] عاشور مبروك، التنفيذ الجبري في قانون دولة الإمارات العربية المتحدة: دراسة مقارنة بالشريعة الإسلامية، مطبوعات جامعة الإمارات، 1995، ص219.

[26] عبد الفتاح، قواعد التنفيذ الجبري، ص156.

[27] أحمد صاوي، التنفيذ الجبري في المواد المدنية والتجارية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005، ص166.

[28] Cass. ,24 Janvier 1994, bull.civ, n4.

[29] طلعت حلمي، "الغير في التنفيذ الجبري وحمايته من آثاره"، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، ص120.

[30] كأن يمتلك ويحتفظ بحسابات أو أصولًا أو أموال مستحقة للمدين فعلًا وتم ايداعها لديه بموجب عقد رسمي، وليس فقط حيازتها أو تكون حسابات سلبية على سبيل المثال، ويجب أن تكون بينهما التزامات قانونية حقيقية.

CCJA,2eme Chambre, Arret n003/2014, 30 janvier 2014, Affaire societe générale dinformatique et de telecommunication, dite sogitel c/ banque commerciale du chari, dit BCC.

[31] أحمد أبو الوفا، التنفيذ، ط7، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1978، ص943؛ حلمي، ص118.

[32] عبد الفتاح، قواعد التنفيذ الجبري، ص562.

[33] V. jean et P. Jacques, Voies dexécution et procédures de distribution, 19 Edition, 1999, n12.

[34] محمد عمر. مبادئ التنفيذ، ط4، دار النهضة العربية، القاهرة، 1978، ص8.

[35] مبروك، ص219.

[36] براني أمية؛ وبوريم أمينة، الوضع القانوني للغير في الحجز التنفيذي [رسالة ماجستير]، كلية الحقوق، جامعة عبد الرحمن ميرة، 2014، ص4.

[37] مبروك، ص219.

[38] المفضل لوالي، المبادئ العامة للتنفيذ في ضوء التشريع المغربي، [رسالة دكتوراه]، جامعة الحسن الثاني، كلية الحقوق، الدار البيضاء، 1984، ص62.

[39] P. Roger, Présentation des travaux de la réforme des procédures civiles dexécution, R.T.D. civ. Numéro special,1993, p. IX.

[40] G. Couchez et D. Lebeau, Voies dexécution , 19 ed. 2012, n13, p. 10.

[41] L. Anne, Voies dexécution et procédures de distribution, 1 Edition, Dalloz, 2009, n50-92-109.

[42] نعني بالأحكام والقواعد القانونية الخاصة بالمحجوز لديه هي التزاماته القانونية ووجوب تعاونه في تحقيق هدف الإجراء، وذلك تحت طائلة المسؤولية، وفي حال مخالفة المحجوز لديه لهذه الواجبات تقوم مسؤوليته ويوقع عليه جزاءات خاصة... إلخ.

[43] يعتبر هذا الحجز من أكثر الحجوز شيوعًا في الواقع العملي وذلك بسبب عدم احتياجه عمل إجراء التكليف بالوفاء قبل مباشرته.

[44] طبيعة هذا الحجز في القانونين الكويتي والقطري لا يستهدف ابتداءً التنفيذ على أموال المدين المحجوز عليه واقتضاء حقه منها، وإنما يتحقق ذلك في مرحلةٍ لاحقة؛ فهو يبدأ حجزًا تحفظيًا ثم يتحول بعد ذلك إلى حجز تنفيذي عندما يتخذ الدائن الإجراءات اللازمة لاستيفاء حق؛ ولذلك فهو يحقق هدفان: يتمثل الأول ابتداءً في حفظ الأموال والتحفظ عليها، متمثلة في الحجز التحفظي. والثاني في التنفيذ على الأموال لاستيفاء الديون، متمثلة في الحجز التنفيذي. انظر: أمينة النمر، أصول التنفيذ الجبري، الدار الجامعية، 1980، ص195.

[45] وعلى هذا الأساس تحديدًا، لم يترك المشرِّع بيان الإجراءات الواجب اتخاذها قبل الحجز، ولا بيان الشروط الواجب توافرها في الدين المطلوب الحجز من أجله للقواعد العامة في التنفيذ، وإنما أفرد تنظيمها بنصوص خاصة بها، وبيّن كل ما يجب مراعاته والالتزام به وما لا يجب. وعليه؛ يجب إعمال القواعد الخاصة بحجز ما للمدين لدى الغير بالرجوع إلى ذات الأحكام التي وضعها المشرع في هذا الصدد لما يجب العمل به، ولا يجوز استخلاص الأحكام التفصيلية عن طريق الاجتهاد في تكييف طبيعة الحجز. انظر: أحمد أبو الوفا، إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2000، ص486.

[46] Cass, com., 24 juin 1986, n° 85-11.146: JurisData n° 1986-002897 ; Bull. civ. IV, n° 131.

[47] نظّم قانون التنفيذ الفرنسي 650/1991 حجز ما للمدين لدى الغير في المواد من 42 إلى 47، وأصبح يسمى هذا الحجز Saisie Attrubition بدلًا من Saisie Arret وأصبح يتمتع بفاعلية أكبر وضمان حماية لحقوق الدائن الحاجز بشكل أقوى. وأُعيد النص على هذه المواد في المرسوم بقانون الإجراءات المدنية في التنفيذ 783 لعام 2012 في المواد 23-1 / 211 R و5-1 / 211 L.

[48] ينبغي العلم بأن المشرِّع الفرنسي قد نظم في قانون الإجراءات المدنية للتنفيذ عدة صور أخرى خاصة لحجز ما للمدين لدى الغير ترجع للطبيعة الخاصة للنقود التي يتم حجزها كديون النفقات أو لشخص غير المحجوز لديه، ما إذا كان شخصية اعتبارية أو معنوية عامة، أو إذا كان الحجز على مستحقات العامل الناشئة عن علاقة عمل كالقدر الذي يجوز حجزه من أجر العامل.

[49] تجدر الإشارة إلى أنه قبل تبني المشرع الفرنسي للحجز التخصصي، كان حجز ما للمدين لدى الغير هو النظام المعمول به، وسبب تخلي المشرِّع عنه كونه مليء بالمشاكل بسبب طابعه المختلط؛ بحيث يكثر فيه الاستغلال السيء لمباشرته، وتعدد فيه الشكليات التي ثبت عدم جدواها عمليًا، ومنها إعادة إعلان المحجوز لديه بما يؤكد ابلاغ المحجوز عليه بالحجز، وضرورة اللجوء كذلك إلى القاضي للحصول على حكم بصحة الحجز رغم أن الحاجز يحوز سندًا تنفيذيًا، وإشكالية تحديد اللحظة التي يتحول فيها الحجز من طابعه التحفظي إلى الطابع التنفيذي، وغيرها من الإشكاليات. فلذلك قد أحسن المشرع الفرنسي عندما غيّر فلسفة حجز ما للمدين لدى الغير إلى فكرة الحجز التخصيصي التي أدت إلى تبسيط وسرعة وفاعلية الإجراءات، فلم يعد لهذا الحجز مرحلتين، وأصبح تنفيذيًا دائما؛ باعتبار أن الدائن يحوز من الأصل سندًا تنفيذيًا يتضمن حقًا محقق الوجود ومعيَّن المقدار وحال الأداء، وعليه؛ فقد اختفى الطابع التحفظي من هذا الحجز، وتم إلغاء ضرورة رفع دعوى صحة الحجز، واختفت دعوى قصر الحجز، باعتبار أن هذا الحجز يقع حصرًا على النقود فقط. انظر: عبد الفتاح، قواعد التنفيذ الجبري، ص278 وما بعدها.

[50] نصت المادة 227 من قانون المرافعات الكويتي على أنه "يجوز لكل دائن بدين محقق الوجود حال الأداء أن يحجز على ما يكون لمدينه لدى الغير". وبخصوص القانون القطري، فقد نصت المادة 445 على أنه "يجوز لكل دائن بدين محقق الوجود حال الأداء أن يحجز ما يكون لمدينه لدى الغير".

[51] قررت المادة 229 من قانون المرافعات الكويتي بأنه "إذا لم يكن بيد الدائن سندٌ تنفيذيٌ أو كان دينه غير معين المقدار، فلا يجوز الحجز إلا بأمر من قاضي الأمور الوقتية يأذن فيه بالحجز ويقدِّر دين الحاجز تقديرًا مؤقتًا". وبخصوص القانون القطري، فقد نصت المادة 446 على أنه "إذا لم يكن بيد الدائن سند تنفيذي أو كان دينه غير معين المقدار، فلا يجوز الحجز إلا بأمر من قاضي التنفيذ المختص، يأذن فيه بالحجز ويقدّر دين الحاجز تقديرًا مؤقتًا؛ وذلك بناء على عريضة يقدمها طالب الحجز".

[52] وذلك بخصوص الأموال المنقولة فقط دون الحقوق المالية كما سيأتي بيانه؛ وذلك لأن القانون الكويتي والقانون القطري قد توسعا في محل الأموال المحجوزة، فسمحا أن تكون أموال منقولة وحقوق مالية، وذلك بخلاف المشرع الفرنسي الذي قصرها على الحقوق المالية فقط دون الأموال المنقولة.

[53] عبد الفتاح، قواعد التنفيذ الجبري، ص210؛ أبو الوفا، ص496.

[54] في الحقيقة، يبدو أن هذا الشرط يتناقض مع الطبيعة التحفظية لحجز ما للمدين لدى الغير وفقًا للقانون الكويتي والقطري لكونهما يتبنيان الطبيعة المختلطة لهذا الحجز؛ لأن الانتظار حتى حلول الأجل يسمح الفرصة لتهريب الأموال وهذا بخلاف هدف طبيعة الحجز التحفظي.

[55]حيث استلزمت المادة 229 من قانون المرافعات الكويتي والمادة 446 من قانون المرافعات القطري ضرورة تعيين مقدار الدين.

[56] Larticle. L.211-2, du CPC exec.

[57] المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات المدينة والتجارية الكويتي.

[58] المادة 229 من قانون المرافعات الكويتي.

[59] المادة 446 من قانون المرافعات القطري.

[60] وفي حال كانت هناك دعوى بالحق مرفوعة من قبل أمام محكمة أخرى؛ فإن دعوى صحة الحجز ترفع أمام نفس المحكمة لتنظر فيهما معا. وتنطبق جميع القواعد الموضوعية والإجرائية على هذه الدعوى من حيث الاختصاص بنظرها، وإجراءاتها، وميعاد رفعها، وسلطة المحكمة بنظرها.

[61] المادة 231/2 من قانون المرافعات الكويتي.

[62] المادة 450 من القانون القطري.

[63] توقيع حجز ما للمدين لدى الغير إما أن يكون حقًا في ذمة الغير وإما أن يكون منقولًا في حيازته. فالحجز على حق المدين لدى الغير كما هو الأمر بالنسبة لحق المؤجر في بدل الإيجار، فإذا كان المؤجر مدينًا من جهة ودائنًا من جهة أخرى للمستأجر الذي لم يقم بدفع مبلغ الإيجار؛ يجوز للدائن أن يحجز على ما للمؤجر الدائن لدى المستأجر المدين، حتى لو لم يكن الحق المحجوز عليه معين المقدار مسبقًا أو حال الأداء. ويجوز كذلك للدائن أن يحجز على منقولات مدينه الموجودة في حيازة الغير، كالمودعة في مخازن البضائع أو في أثناء نقلها عبر شركات النقل أو على منقول تم شراؤه من قبل المدين وانتقلت له الملكية لكن لم يتم تسلمه بعد ومازال في حيازة البائع، أو على منقول تم تسليمه للدائن على سبيل الرهن الحيازي. ومن ضمن المنقولات المادية الأسهم والحصص في الشركات أو السندات والصكوك المالية. انظر: أمية؛ وبوريم، ص10.

[64] محمود التحيوي، النظام القانوني للحجز وفقًا لآخر التعديلات في قانون المرافعات المصري وقانون الحجز الإداري، منشأة المعارف، مصر، 222، ص224.

[65] أبو الوفا، إجراءات التنفيذ، ص499.

[66] عبد الفتاح، قواعد التنفيذ الجبري، ص223.

[67] فإذا كان الحجز موقعًا على مال لا يجوز التصرف فيه أو ينص القانون على عدم جواز حجزه، كمبالغ النفقات وجزء المرتب أو الأجر الذي لا يجوز حجزه، فإن الحجز يكون باطلًا.

[68] تقوم فلسفة هذا الحكم بهدف تفويت الفرصة على المحجوز لديه الذي يقرر بأنه غير مدين، رغم نشوء دين للمدين في ذمته بعد الحجز وقبل التقرير بما في الذمة.

[69] Larticle L. 112-1, du CPC exec, dispse que: "Tout créancier muni d'un titre exécutoire constatant une créance liquide et exigible peut, pour en obtenir le paiement, saisir entre les mains d'un tiers les créances de son débiteur portant sur une somme d'argent, sous réserve des dispositions particulières à la saisie des rémunérations prévue par le code du travail."

[70]Larticle L. 112-2, du CPC exec, dispse que" :L'acte de saisie emporte, à concurrence des sommes pour lesquelles elle est pratiquée, attribution immédiate au profit du saisissant de la créance saisie, disponible entre les mains du tiers ainsi que de tous ses accessoires."

[71] Cass., ass. plén., 15 avr. 1983, n° 80-13.339: Juris Data n° 1983-700616; JCP G 1984, II, 20126, Y. Chartier.

[72] régie par les articles L. 231-1 et 233-1 du Code des procédures civiles dexécution.

[73] Cass., 2e civ. 18 nov. 2004, n° 00-19.693: JurisData n° 2004-025644; Bull. civ. II, n° 501.

[74] Cass., 2e civ., 25 mars 1998, n° 96-14.706: JurisData n° 1998-001366; Bull. civ. II, n° 109.

[75] Cass., 2e civ., 6 sept. 2018, n° 17-21.290: RTD civ. 2018, p. 977, obs. N. Cayrol.

[76] تجب الإشارة إلى أن هذه الميزة المقررة للدائن الحاجز لا تخوله بالحصول على المبلغ المحجوز عليه مباشرة، وإنما يستلزم للحصول عليه انقضاء مدة الشهر المقررة لرفع منازعات التنفيذ المتعلقة بالحجز دون منازعة، والحصول كذلك على شهادة ما يفيد ذلك، إلا في حال صرّح المدين المحجوز عليه كتابة للمحجوز لديه بالوفاء للدائن الحاجز.

[77] لكي يتم معالجة مشكلة التزاحم، في حال وقعت حجوز متعددة في يوم واحد، فتعتبر كلها موقعة في ذات اللحظة، وإن بطل الحجز الأول، فإن آثار الحجوز اللاحقة تبقى، ويوزع المبلغ على الدائنين قسمة الغرماء إذا لم يكن كافيًا. انظر: عزمي عبد الفتاح، "مستحدثات قانون التنفيذ الفرنسي الجديد رقم 783 لسنة 2012 في السندات التنفيذية، ووسائل الاجبار على التنفيذ وطرق الحجز المختلفة واختصاص قاضي التنفيذ نوعيًا ومحليًا"، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، ع1 (2016)، ص45.

[78] Larticle L. 211-1, du CPC exec.

[79] Larticle L. 111-10, du CPC exec.

[80] Cass., 2e civ., 4 juin 2020, n° 19-12.727, F-P+B+I: JurisData n° 2020-007665 ; JCP G 2020, 751, obs. D. Cholet ; RTD civ. 2020, p. 538, obs. Cayrol.

[81] Cass., 2e civ., 17 oct. 2019, n° 18-18.759, P+B+I: RD bancaire et fin. 2019, comm. 203, obs. S. Piedelièvre; Procédures 2020, comm. 4 , obs. Y. Strickler.

[82] Cass., 2e civ., 12 mars 2020, n° 18-23.973, F-D: Procédures 2020, comm. 103, obs. Raschel.

[83] Larticle L. 211-1, du CPC exec.

[84] Larticle L. 211-3, du CPC exec.

[85] Cours dappel, Limoges, 28 sept.2000, Dr. et Proc, 2001-2, p.126, obs. E. putman.

[86] Larticle R. 143-3, du CPC exec. Dispose que" :Sous réserve des dispositions de l'article 6-1 du décret n° 93-977 du 31 juillet 1993 relatif aux saisies et cessions notifiées aux comptables publics et aux centres de chèques postaux ou de la Caisse nationale d'épargne, tout acte de saisie est, à peine de nullité, signifié ou notifié au comptable public assignataire de la dépense ".

[87] CPC, art. 653; D. n° 2012-366, 15 mars 2012; V. JCP E 2017, 506, D. Tronel.

[88] CPC exéc., art. L. 211-1-1 , créé par L. n° 2019-222, 23 mars 2019, art. 15 et 109, réformé par L. n° 2020-734, 17 juin 2020, art. 25, I, 3° ; V. S. Piedelièvre, Procédure et voie électronique: RD bancaire et fin. 2019, comm. 93.

[89] وذلك طبقًا للتعديلات التشريعية الواردة في القانون رقم 26 لسنة 2015 المعدلة لبعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويتي فيما يخص الإعلان الإلكتروني.

[90] Cass. com., 31 mai 2016, n° 14-28.056: JurisData n° 2016-010692; JCP E 2016, 1379. 

[91] Cass. com., 26 avr. 2017, n° 14-12.040 , inédit: Rev. Sociétés 2017, p. 412, P. Pisoni: irrégularité de fond de lacte de saisie-attribution signifié à une société après disparition de sa personnalité morale consécutive à la publication de sa dissolution.

[92] CPC exéc., art. L. 122-1.

[93] Cass. 2e civ., 28 juin 2006, n° 04-17.514: JurisData n° 2006-034256.

[94] تتمثل البيانات الجوهرية في القانون الفرنسي في وجوب ذكر:

Pour l'essentiel, ces différentes mentions imposées expriment formellement l'objet et la cause de l'acte de saisie: indication du débiteur, énonciation du titre exécutoire en vertu duquel la saisie est pratiquée, le décompte distinct des sommes réclamées, l'indication de payer le saisissant et la défense de payer le saisi. Vient ensuite un formalisme d'information.

والبيانات الأساسية في القانون الكويتي قد ذكرتها المادة 230 حيث قررت أنه "يحصل الحاجز بدون حاجة إلى إعلان سابق إلى المدين، بموجب ورقة تعلن بمعرفة مأمور التنفيذ الى المحجوز لديه، وتشتمل على البيانات الآتية: أ- صورة الحكم أو السند التنفيذي الذي يوقع الحجز بمقتضاه أو إذن القاضي بالحجز أو أمره بتقدير الدين. ب- بيان أصل المبلغ المحجوز من أجله وملحقاته. ج- تعيين المحجوز عليه تعيينًا نافيًا لكل جهالة إن كان الحجز واردًا على مال معين، ونهى المحجوز لديه عن الوفاء بما في يده إلى المحجوز عليه أو تسليمه إياه. د- موطن الحاجز ومحل عمله وتعيين موطن مختار له في الكويت إذا لم يكن له موطن أو محل عمل فيها. هـ- تكليف المحجوز لديه بالتقرير بما في الذمة بإدارة كتاب المحكمة الكلية خلال عشرة أيام من إعلانه بالحجز. وإذا لم تشتمل الورقة على البيانات الواردة في البنود أ، ب، ج كان الحجز باطلًا، ويجوز لكل ذي مصلحة التمسك بهذا البطلان، وإذا كان للمحجوز لديه عدة فروع فلا ينتج الحجز أثره إلا بالنسبة إلى الفرع الذي عينه الحاجز".

وفي القانون القطري وردت تلك البيانات في المادة 447 وتطابقت مع القانون الكويتي ما عدا في الفقرتين ج، د.

[95] تجدر الإشارة إلى أن الأمر في القانون الفرنسي كان مختلفًا في ظل حجز ما للمدين لدى غير التقليدي، فقد كان يترتب على إعلان المحجوز لديه بورقة الحجز نهي المحجوز لديه عن الوفاء، وعدم قابلية كل المبالغ التي في ذمته للمدين للتصرف فيها، ولا يستأثر الدائن الحاجز بها، في حدود الحق المحجوز من أجله، إلا بعد الحكم النهائي بصحة الحجز.

[96] Cass. 2e civ., 16 nov. 2017, n° 16-20.527, inédit.

[97] وردت البيانات الأساسية التي يجب أن يشتمل عليها هذا الإخبار في المادة 231 من قانون المرافعات الكويتي التي قررت بأنه "يجب إبلاغ الحجز إلى المحجوز عليه بإعلان يشتمل على ذكر حصول الحجز وتاريخه، وبيان الحكم أو السند التنفيذي أو أمر القاضي الذي حصل الحجز بموجبه والمبلغ المحجوز من أجله والمال المحجوز عليه وموطن الحاجز ومحل عمله وتعيين موطن مختار في الكويت إ ذا لم يكن له موطن أو محل عمل فيها - ويجوز أن يتم الإبلاغ بنفس ورقة الحجز بعد إعلانها إلى المحجوز لديه، ويجب أن يتم إبلاغ الحجز خلال الثمانية أيام التالية لإعلانه إلى المحجوز لديه وإلا اعتُبر الحجز كأن لم يكن، وعند تعدد المحجوز لديهم يجري احتساب الميعاد بالنسبة لكلٍ منهم على استقلال. كما يجب على الحاجز خلال الأجل المشار إليه في القفرة السابقة أن يرفع على المحجوز عليه أمام المحكمة المختصة الدعوى بثبوت الحق وصحة الحجز، وذلك في الاحوال التي يكون فيها الحجز بأمرٍ من القاضي وإلا اعُتبر الحجز كأن لم يكن. وإذا اختصم المحجوز لديه في هذه الدعوى فلا يجوز له أن يطلب إخراجه منها، ولا يكون الحكم فيها حجةً عليه إلا فيما يتعلق بصحة إجراءات الحجز. وإذا كانت الدعوى بالحق مرفوعة من قبل قدمت دعوى صحة الحجز إلى نفس المحكمة لتنظر فيهما معًا". ونصت المادة 449 من قانون المرافعات القطري أنه "يجب إبلاغ الحجز إلى المحجوز عليه بإعلان يشتمل على ذكر حصول الحجز تحت يد المحجوز لديه وتاريخه، والحكم أو السند الرسمي الذي حصل الحجز بموجبه والمبلغ المحجوز من أجله. ويجب أن يحصل إعلان الحجز في العشرة أيام التالية لإعلانه إلى المحجوز لديه؛ وإلَّا اعتُبر الحجز كأن لم يكن".

[98] Larticle R. 211-3, du CPC exec.

[99] المادة 231 من قانون المرافعات الكويتي.

[100] المادة 449 من قانون المرافعات القطري.

[101] المادة 231 من قانون المرافعات الكويتي.

[102] Cass., 2e civ., 16 nov. 2017, n° 16-20.527.

[103] هذا الجزاء لا يكون بقوة القانون، وإنما يستلزم صدور حكم قضائي بذلك، فهو غير متعلق بالنظام العام، لكونه جزاء مقرر لمن له مصلحة في التمسك به.

[104] الفقرة الأخيرة من المادة 230 قانون المرافعات الكويتي.

[105] عبد الفتاح، قواعد التنفيذ الجبري، ص239.

[106] Cass., 2civ., 7 nov. 2002: bull. Civ., n248.

[107] تجدر الإشارة هنا إلى أن هذا الوضع من شأنه أن يتعارض مع بعض القواعد القانونية المستقرة، كما في أحكام وقواعد عقد الوديعة؛ حيث إنها علاقة تعاقدية بين المودع والبنك المودع لديه، وبالتالي لا يملك المودع إلزام المودع لديه برد الوديعة إلا في الفرع الذي أودعها فيه. وبالتالي لا يمكن تصور إيقاع الحجز على الوديعة النقدية من خلال تبليغ فرع آخر غير البنك المودع لديه. ولذلك من الصعوبة اعتبار المركز الرئيسي ممثلًا لكل الفروع، أو أن يكون المركز والفروع شخصًا واحدًا، لأن ذلك يتعارض مع ما هو مقرر بشأن المسؤولية العقدية، فضلًا عن أن القانون يقضي صراحة كما جاء في المادة 336 من قانون التجارة الكويتي على أنه إذا تعددت حسابات المودع في بنكٍ واحدٍ أو في فروعِ بنكٍ واحدٍ اعتُبر كلُّ حسابٍ منهما مستقلًا عن الآخر؛ مالم يُتفَق على غير ذلك. لمزيد الاطلاع على تفاصيل هذا الرأي:

F. Raby et J-M. Delleci: La Langue et les nouvelles procedures de saisie 1993, éd. AFB, n.10

[108] Cass., 2 civ., 14 fev. 2008: RTD. Civ. 2008, p. 357.

[109] سيد سالم، "تعاون المحجوز لديه بالمعلومات"، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، ع2، س62، يوليو 2020، ص151.

[110] CCJA,2eme Chambre, Arrêt n003/2014, 30 janvier 2014, Affaire société générale dinformatique et de télécommunication, dite sogitel c/ banque commerciale du chari, dit BCC.

[111] وبناءً عليه؛ لا يعتبر البنك محجوزًا لديه في حال عدم امتلاكه لحسابٍ جارٍ خاصٍ للمدين المحجوز عليه وذلك بعد عملية الحجز، فعدم وجود أموال تحت يد البنك يمنع عنه صفة المودع لديه؛ ولذلك لا يقع أي التزام معين تجاه هذا البنك ولا يمكن اعتباره محجوزًا لديه. وكذلك الأمر إذا لم يفتح بعدُ حسابًا مصرفيًا خاصًا للمدين المحجوز عليه وقت الحجز، وبالتالي لا يمكن اعتبار البنك الذي سيفتح حساب لصالح المدين -ولو بعد دقائقَ قليلةٍ من عملية الحجز- محجوزًا لديه.

[112] Tribunal regional hors classe de Dakar, jugement n1860 du 21 novembre 2000, Christian dering c/ousserynou sow.

[113] CCJA, Arrêt n040/201 du 8 décembre 2011, Affaire Banque islamique du Niger pour le commerce et linvestissement, dite Binci sa c/ etat du Niger

[114] CCJA, Arrêt n09/2005 du 27 janvier 2005, Affaire société Afrocom-CI c/ Citibank, Juris Ohada.

[115] حلمي، ص88. سيد أحمد، أصول التنفيذ الجبري، ص162.

[116] بو شهدان عبد العالي. إجراءات التنفيذ وفق قانون الإجراءات المدنية الجزائري. ص57.

[117] عمارة، التنفيذ الجبري وإشكالاته: دراسة تحليلية مقارنة لطرق التنفيذ وإجراءاته ومنازعاته، دار العلوم، عنابة، 2004، ص46 وما يليها.

[118] فاتح بهلول، محاضرات في طرق التنفيذ، بجاية، 2010، ص29.

[119] عبد القادر العربي شحط، طرق التنفيذ في المواد المدنية والإدارية، منشورات الألفية الثالثة، الجزائر، 2010، ص39.

[120] Ch. CEZAR-BRU, Théorie et pratique des voies d'exécution, 3ed. 1927, p. 104, n138.

[121] نبيل إسماعيل، إشكالات التنفيذ الجبري في المواد المدنية والتجارية، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1982، ص48.

[122] أحمد خليل، التنفيذ الجبري، منشورات الحلبي الحقوقية، 2002، ص346؛ حلمي، ص122.

[123] S. Guinchard et T.Moussa, Droit et pratiqe des voies dexecution, D.2004, N161

[124] عبد الفتاح، قواعد التنفيذ الجبري، ص155.

[125] سيد محمود، أصول التنفيذ الجبري، دار الفكر والقانون، 2004، ص538.

[126] Larticle, L123-1 du CPC exec dispose que: " les tiers ne peuvent faire obstacle aux procedure engagees en vue de lexecution ou de la conservation de la creance."

[127] S.Guinchard et T.Moussa, Droit et pratiqe des voies dexecution, D.2004, N162. Vincent jean et Prevault Jacques, Voies dexecution et procedures de distribution, 19 edition, 1999, n11.

[128] Larticle, L123-1 du CPC exec.

[129]Cass., 2civ., 28 janv. 1998; JCP, 1998, no 12, p. 443; Cass. 2 civ., 2 avril 1997, Bull. civ. II, n 107.

[130] حلمي، ص177.

[131] Dedessus-le-Moustier, lobligation de renseignement du tiers saisi dans la saisie attribution, JCP, 1998, P106.

[132] S.Guinchard et T.Moussa, Droit et pratiqe des voies dexecution, D.2004, N162et s.

[133] حلمي، ص181.

[134] أبو الوفا، إجراءات التنفيذ، ص306.

[135] سالم، ص93.

[136] تجدر الإشارة إلى أن المشرع الفرنسي اعتمد مبدأ التعاون الفوري، منذ التعديلات الجوهرية التي أجراها على قواعد التنفيذ الجبري في قانون المرافعات بمقتضى القانون رقم 91-650 الصادر في 9/7/1991. بحيث استهدف من خلالها جعل حجز ما للمدين لدى الغير نموذج متكامل لإجراءات تنفيذ سريعة وفعالة وتحقق الغاية من اللجوء إليه، وترجم من خلال هذه التعديلات رغبة المشرع الفرنسي في استغلال التطورات التكنولوجية الحديثة.

[137] Philippe Hoonakker, Procedures civiles dexecution, BRUYLENT, 10ed, 2022, p. 224.

[138] Larticle 211-4, al. 1 et 2. du CPC exec.

[139] نشير إلى ضرورة مراعاة الاستثناء الوارد بالمادة 7-748 من قانون إجراءات التنفيذ المدني بخصوص تطلّب القانون الموافقة الصريحة من قبل الجهات الحكومية لدى الجهات المختصة على استخدام الوسائل الإلكترونية في مثل هذه الإجراءات.

[140] Larticle 211-4, al. 1 et 4. du CPC exec.

[141] Larticle 211-4, du CPC exec.

[142] Larticle 211-4, al. 2 du CPC exec.

[143] المادة 230 من قانون المرافعات الكويتي.

[144] المادة 447 من قانون المرافعات القطري.

[145] CCJA, 3eme Chambre, arret n025/2014, 13 mars 201, Affaire banque internationale du cameroun pour lepargne et le credit, dite BICEC contre Monsieur Deffo.

[146] Cass., civ. 2ème, 28 octobre 1999, Bull. N° 162, p. 112.

[147] يؤدي هذا المبدأ خصوصًا في ظل التطورات التكنولوجية إلى تفادي احتمال حدوث تواطؤ بين المحجوز لديه والمحجوز عليه بعد توقيع الحجز وقبل تقديم المعلومات؛ باعتبار سهولة وإمكانية نقل الأموال من حساب المدين البنكي في زمن يسير بمقتضى أمر تحويل بمجرد الضغط على زر الحاسب الآلي.

[148] Larticle R.211.4 et L. 162.1 du CPC exec.

[149] Cass. 2civ., 24 janv. 1990: RTD. Civ. 1990, P.566, note R. Perrot.

[150] Cass., 2civ., 1er février 2001, Bull. n° 23, p. 17.

[151] Cass., 2civ., 28 septembre 2000, pourvoi n° 98-13.428.

[152] Cass., 2civ., 5 juillet 2000, Bull. n° 110, p. 77.

[153] Larticle. L.211-1-1, du CPC exec. cree par L.n 2019-222, 23 mars 2019.

[154]Larticle R.211-4, du CPC exec. dernier al., mod. par D. n° 2019-992, 26 sept. 2019, art. 4, pour la saisie-attribution.

[155] هذا بخلاف الوضع في القانون الفرنسي الذي استوجب لاتخاذ إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير أن يحوز الدائن على السند التنفيذي.

[156] J.Vincent, Voies dexecution et procedure en distribution, Op. cit., p. 24.

[157] سالم، ص153.

[158] حلمي، ص185.

[159] Cass., Civ. 2ème, 1er juillet 1999, Bull. n° 129 p. 94.

[160] Larticle L.211.3, du CPC exec, dispse que:" Le tiers saisi est tenu de déclarer au créancier l'étendue de ses obligations à l'égard du débiteur ainsi que les modalités qui pourraient les affecter et, s'il y a lieu, les cessions de créances, délégations ou saisies antérieures."

[161] E. Putman, La saisie attribution et les autres mesures dexecution sur les creeancess, LPA 22 dec. 1999, p. 15.

[162] نصت المادة 234 من قانون المرافعات الكويتي في الفقرة الثالثة على أنه "ولا يعفي المحجوز لديه من واجب التقرير بما في الذمة أن يكون غير مدين للمحجوز عليه، وعندئذ يجوز أن يتم التقرير ببيان يثبته مأمور التنفيذ في محضر إعلان الحجز عند توقيعه، كما أن سر المهنة لا يعفيه من واجب التقرير بما في الذمة".

[163] عبد الفتاح، قواعد التنفيذ الجبري، ص259.

[164] تجدر الإحاطة إلى موقف المشرَع القطري الذي قرر حكمًا خاصًا يتعلق بإمكانية أن يقبض المحجوز عليه دينه من الحجوز لديه بالرغم من الحجز، وذلك كما هو منصوص عليه بالمادة 468 التي صرحت بأنه "يجوز لقاضي التنفيذ في أية حالة تكون عليها الإجراءات أن يحكم بصفة مستعجلة في مواجهة الحاجز بالإذن للمحجوز عليه في قبض دينه من المحجوز لديه رغم الحجز؛ وذلك في الحالات الآتية: 1- إذا وقع الحجز بغير سندٍ تنفيذيٍ أو حكمٍ أو أمرٍ. 2- إذا لم يُبلَّغ الحجز إلى المحجوز عليه في الميعاد المنصوص عليه في المادة 449، أو إذا لم تُرفَع الدعوى بصحة الحجز في الميعاد المنصوص عليه في المادة 450. 3- إذا كان قد حصل الإيداع والتخصيص طبقًا للمادة 384". كما أن المشرع أوجب على المحجوز لديه، في حال كان مدينًا للمحجوز عليه، أن يفي له رغم الحجز بما لا يجوز حجزه، وذلك بغير حاجة إلى حكم بذلك؛ وذلك طبقًا لنص المادة 455 من قانون المرافعات القطري.

[165] V.R. Perrot et P. Thery, Procedure civiles dexecution: Dalloz, 3e ed. 2013, n410.

[166] Cass. Com., 18 sept. 2007, n06-14.161 juris data n2007 -040411: jepE 2007, 2499.

[167] V.f. grua, les contrats de base de la pratique bancaire: litec, 2000, n253.

[168] Larticle R.211-2, du CPC exec, dispse que: "Dans le délai prévu au premier alinéa de l'article R.211-11, tout intéressé peut demander que les sommes saisies soient versées entre les mains d'un séquestre désigné, à défaut d'accord amiable,par le juge de l'exécution saisi sur requête.La remise des fonds au séquestre arrête le cours des intérêts dus par le tiers saisi."

[169] تنص المادة 233 من قانون المرافعات الكويتي على أنه "... ويكون الوفاء بإيداع ما في ذمته خزانة إدارة التنفيذ، وإذا كان محل الحجز منقولات لا يمكن إيداعها تلك الخزانة جاز تسليمها إلى حارس يعينه مدير إدارة التنفيذ بناءً على طلب يقدم إليه من المحجوز لديه".

[170] تنص المادة 545 من قانون المرافعات القطري على أنه "يبقى الحجز قائمًا على المبالغ التي تودع خزانة المحكمة تنفيذًا لحكم المادة السابقة. وعلى قلم كُتَّاب المحكمة إخبار الحاجز والمحجوز عليه بحصول الإيداع في ظرف ثلاثة أيام؛ وذلك بكتاب مسجل مصحوب بعلم وصول".

[171] وعلى ذلك تنص المادة 238 من قانون المرافعات الكويتي على أنه "يجب على المحجوز لديه بعد عشرة أيامٍ من تاريخ تقريره بما في الذمة أن يدفع إلى الحاجز المبلغ الذي أقرَّ به أو ما يفي منه بحق الحاجز؛ وذلك متى كان حقه وقت الدفع ثابتًا بسند تنفيذي وكانت الإجراءات المنصوص عليها في المادة (209) قد روعيت.

[172] المادة 284 من قانون المرافعات الكويتي.

[173] عبد الفتاح، قواعد التنفيذ الجبري، ص276.

[174] المادة 240 من قانون المرافعات الكويتي.

[175] المادة 232 من القانون نفسه.

[176] Larticle R.211-13. du CPC exec.

[177] Larticle R.211-15. du CPC exec.

[178] Larticle R.211-6. du CPC exec.

[179] Les articles R.211-6 , 211-3, 211-12 et R.211-13 du CPC exec.

[180] Cass., aris, 9 fevr. 1998: bull. civ. 1998, avis, n2, CPC exec., art. R.211-9.

[181] Nicolas Cayrol, saisie-attribution, procedure: paiement. Jurisclasseur procedure civile, 20 mai 2021.

[182] ويمكن أن تمتد هذه المدة إلى شهرٍ في حال كان الأمر يتعلق بعملية قيد عكسي لأوراق تجارية لم يتم دفعها.

[183] Larticle R 211.19du CPC exec, dispse que: " L'acte de saisie rend indisponible l'ensemble des comptes du débiteur qui représentent des créances de sommes d'argent."

[184] Nicolas Cayrol, Synthèse - Saisie-attribution, JurisClasseur Procédure civile, Date de fraîcheur: 2 Mars 2022, paragraf 5.

[185] محمد إبراهيم، النظرية العامة لحجز المنقول في ضوء الفقه وأحكام القضاء، 2006، [د.ن]، ص420.

[186] محمد قاسم، "الأساس القانوني للمسؤولية عن الأشياء الخطرة أمام القضاء العراقي"، مجلة الرافدين، مج،13، ع49، س16، ص174.

[187] Stephan Piedelievre, Declaration et redponsabilite du tires saisi, Revue de droit bancaire et financier, n3, Mai 2009, comm. 102.

[188] سالم، ص194 وما بعدها.

[189] حكم محكمة التمييز الكويتية، الطعن رقم 533 لسنة 2003، الدائرة التجارية.

[190] المادة 237 من قانون المرافعات الكويتي.

[191] يجدر التنويه إلى أنه نظرًا لورود لفظ الجزاء حاليًا في القوانين محل الدراسة، سنستخدم هذا اللفظ لغرض تحليل النصوص القانونية بحالتها الواردة عليه.

[192] لعل ذلك هو المبرر الذي سمح للتشريعات القانونية باستعمال لفظ "جزاء" عند مخالفة المحجوز لديه للالتزامات القانونية.

[193] G. Viney, P. Jourdain et S. Carval, Les effets de la responsabilité: LGDJ, 4e éd., 2017, n° 32 et s.

[194] حلمي، ص191؛ هندي وخليل، ص457.

[195] Larticle F.211-5, alinea 2 du CPC exec, dispse que: " Il peut être condamne a des dommages et intérêts en cas de negligence fautive ou de declaration inexacte ou mensongere."

[196] Philippe Hoonakker, Procedures civiles dexecution, Bruylent, 10ed, 2022, p. 226.

[197] Cass., CIV. 2E, 9JUILL.1986.

[198] Civ., 2e ch., 3 juillet 2008, n07-13915, Bull. civ., II, n164: D., 2008, p. 2700, note C.Paul-Loubiere.

[199] Civ., 2e ch., 14 Octobre 2010, n09-14182, LEDB, Decembre 2010, p.3, obs. Ph. Hoonakker.

[200] La Cour de cassation considère quil suffit que le tiers saisi ait fait une déclaration inexacte ou mensongère pour quil soit considérée comme fautive. Dans ce sens Cass. 2e civ., 19 mars 2009; Procédures 2009 n°192 obs. PERROT.

[201] Stephan Piedelievre, Redponsabilite du tires saisi et declaration inexacte, Revue de droit bancaire et financier, n5, septembre 2008, comm. 146.

[202] Cass., 2e civ., 6 mai 2004, Bull. civ. II, n° 218, p.184 ; RTD, civ. 2004, p. 560, obs. R. PERROT.

[203] تتمثل تلك الأعمال في الامتناع عن التقرير، أو تقرير غير الحقيقة أو إخفاء الأوراق الواجب إيداعها لتأييد التقرير، كما هو منصوص عليه في المادة 237 من القانون الكويتي، والمادة 461 من القانون القطري.

[204] السنهوري. الوسيط، 2004، ص753.

[205] عبد الرزاق السنهوري. الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الأول، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2003، ص771.

[206] المرجع السابق، ص819 وما بعدها.

[207] حكم محكمة التمييز الكويتية، جلسة 12 ديسمبر سنة 2005. طعن رقم 157 لسنة 2004 مدني.

[208] حكم محكمة التمييز الكويتية، جلسة 18 فبراير سنة 2007، طعن رقم 1061 لسنة 2004 تجاري 2.

[209] حكم محكمة التمييز الكويتية، جلسة 7 ديسمبر سنة 2019، طعن رقم 62 لسنة 2019 تجاري 1.

[210] تخضع هذه الدعوى للقواعد العامة، ويجوز رفعها في أي وقت، ولا تتقيد بمدة معينة، طالما حق الحاجز لم ينقض.

[211] اشترط القانون الفرنسي وجود السند التنفيذي لمباشرة إجراءات التخصيصي أو الاستئثاري، وبالتالي لا يثير هذا الأمر أي صعوبة عند مباشرة الدعوى القضائية الخاصة بمسؤولية المحجوز لديه.

[212] في القانون الفرنسي لا تثير مسألة اشتراط حيازة الدائن الحاجز لسندٍ تنفيذيٍ أي إشكالية بخصوص حجز ما للمدين لدى الغير التخصيصي؛ لكون هذا الحجز لا يُوقَّع إلا بناءً على سندٍ تنفيذي.

[213] المادة 239 من قانون المرافعات الكويتي نصت على أنه "إذا لم يحصل الوفاء وفقًا للمادة السابقة ولا الإيداع طبقًا للمادتين (218و233) كان للحاجز أن ينفذ على أموال المحجوز لديه بموجب سنده التنفيذي مرفقًا به صورة رسمية من تقرير المحجوز لديه، وذلك مع مراعاة ما تنص عليه المادة (204)".

[214] Cass., 2e civ., 23 nov.2000 ; RD bancaire et financier 2001, p. 24, n° 26, obs. J-.M.D.

[215] حكم محكمة التمييز الكويتية، طعن رقم 67 لسنة 2005، تجاري -1.

[216] Cass., 2 civ. 5 juill. 2000, RTD. Civ.2000, p. 904.

[217] Cass., 2civ., 3 avr. 2003: D.2004, p. 1494, ods. G.Tormina.

[218] Omran KAHIL, l’égalité entre les créanciers dans le cadre de la saisie attribution, Thèse, LUniversité Lille 2, Droit, 2011, p. 221.

[219] Cass., 2e civ., 5 juill.2000, Bull. civ., 2000, n°110, N° de pourvoi 97-21.606.

[220] Cass., 2e civ., 5 juill.2000, Bull. civ., 2000, n° 116, N° de pourvoi 97-22.407.

[221] Larticle F.211-5, du CPC exec, dispse que: (Le tiers saisi qui, sans motif légitime, ne fournit pas les renseignements prévus est condamné, à la demande du créancier, à payer les sommes dues à ce dernier sans préjudice de son recours contre le débiteur. Il peut être condamné à des dommages et intérêts en cas de négligence fautive ou de déclaration inexacte ou mensongère).

[222] Cass., 2 civ., 2avr. 1997: procedure 1997, n.147, note R. Perrot.

[223] Cass., 2 civ., 5 juill. 2001, prec.

[224] سالم، ص206.

[225] Larticle L.123-1 du CPC exec. Dispose que: (Les tiers ne peuvent faire obstacle aux procédures engagées en vue de l'exécution ou de la conservation des créances. Ils y apportent leur concours lorsqu'ils en sont légalement requis.
Celui qui, sans motif l
égitime, se soustrait à ces obligations peut être contraint d'y satisfaire, au besoin à peine d'astreinte, sans préjudice de dommages-intérêts.
Dans les m
êmes conditions, le tiers entre les mains duquel est pratiquée une saisie peut aussi être condamné au paiement des causes de la saisie, sauf recours contre le débiteur).

[226] المادة 237 من القانون الكويتي.

[227] المادة 461 من القانون القطري.

[228] ترتكز فلسفة فكرة المبرر المشروع في نظر المشرِّع الفرنسي، "بأنها تعتبر وسيلة للتوفيق بين الفاعلية والعدالة؛ بحيث يسعى المشرع عن طريقها إلى إقامة توازن بين ضرورة تعاون المحجوز لديه بالمعلومات، والذي بدونه يستحيل الحجز على أموال المدين لدى الغير، وحقيقة أن المحجوز لديه هو شخص غريب عن العلاقة القانونية التي تربط الحاجز بالمحجوز عليه. ولذلك فمركز المحجوز لديه يُوجِب على المشرع إلزامه بأقل قدرٍ من الواجبات ومنحه أكبر قدر من الضمانات". سالم، ص242.

[229] حيث جاءت النصوص القانونية بكلمة "جاز الحكم عليه" أي على المحجوز لديه، فتركت الأمر جوازيًا وأخضعته للسلطة التقديرية للقاضي في ذلك. انظر للمادة 462 من قانون المرافعات القطري والمادة 237 من قانون المرافعات الكويتي.

[230] R.Perrot et Ph.Thery, Saisie-attribution: La situation du tiers saisie, D.2001, doc. p. 719, n.16

[231] Cass., 2 civ., 2 avr. 1997, prec.

[232] Natalie Fricero, Procedure civiles dexecution, 2021, 10e, Lextenso, p. 136.

[233] TGI. Roanne -juge de lexecution- 6 mai 1993: DR. Et proc 1994, p. 656.

[234] Cass., 2 civ., 28 janv. 1998, prec.

[235] Cass., 2 civ., 7 mars 2002: Bull. Civ. II, n36: DR. et proc. 2002, p.242, obs. E. Putman: D. 2002, IR. p. 1117.

[236] Cass., 2civ., 21 mars 2002: Bull. Civ. II, n55: DR. Et proc. 2002, p. 253.

[237] سالم، ص182.

[238] Cass., 2 civ., 8sep. 2011: Gaz. Pal. 26-28 fev. 2012, p. 21, note C. Brenner.

[239] Cass., 2 civ., 17 oct.2002: GAZ. Pal.

[240] Natalie Fricero, Procedure civiles dexecution, 2021, 10e, Lextenso, p. 137.

[241] Cass., 2 civ., 28 fevrier 2006, n04-16396.

[242] Cass., 2 civ., 10 avril 2014, n13-12767.

[243] نقض مدني جلسة 29/5/1984 طعن رقم 178.

[244] Larticle R 211-5, alinea 2 du CPC exec. Dispose que: (Il peut être condamné à des dommages et intérêts en cas de négligence fautive ou de déclaration inexacte ou mensongère).

[245] Cass., 2 civ., 24 juin 1998: rev. huiss. 1999, p. 293.

[246] سالم، 256.

[247] بخصوص القانون الفرنسي، فقد أقرَّ خلاف هذه القاعدة عندما يتعلق الأمر بمخالفة واجب الالتزام بالتقرير لما في الذمة؛ فقد قصر مسألة الإعفاء فقط على فكرة المبرر المشروع كما سبق دراسته.

[248] المادة 233 من قانون المرافعات الكويتي

[249] المادة 218 من قانون المرافعات الكويت.

[250] كما هو حاصل على سبيل المثال في حال عدم استكمال الإجراءات الشكلية المطلوبة بعد اتخاذ إجراءات الحجز كالالتزام بإبلاغ محضر الحجز الى المدين المحجوز عليه، وغيرها من الأسباب.

[251] أحيانًا يحدث من وقت تنفيذ الحجز حتى رفع دعوى السداد في المحكمة المختصة ما قد يبطل إجراء الحجز بناءً على إشكالٍ يُقدَّم من صاحب الشأن. وعليه، فلا تثور المسؤولية هنا، حتى لو تم تقديم إقرارٍ خاطئٍ أو بياناتٍ ومعلوماتٍ وإقراراتٍ متناقضة.

[252] Cass. 2 civ., 21 dec. 2006, n04-16511.

[253] بهذه المناسبة، تجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن أن تقوم مسؤولية المحجوز لديه في حال عدم تغيير الحجز التحفظي إلى حجزٍ تنفيذيٍ؛ وذلك بموجب سندٍ تنفيذيٍ واجبِ النفاذِ.

[254] Cass. 2 civ., 12 avril 2018, n17-15298.

[255] بهذه المناسبة، لا تثور المسؤولية عندما يثبت المحجوز لديه أنه لا يملك أي حساب للمدين، أو حساب فارغ فقط أو مغلق أو غير فعَّالٍ وقت الحجز، أو أن جميع الحسابات بها رصيد مدين.