Submitted: 5/112021

Revised: 31/12/2021

Accepted: 8/1/2022

الالتزام التعاقدي للعامل بعدم المنافسة بعد انقضاء عقد العمل: دراسة تحليلية مقارنة من منظور القانون القطري

نادر محمد إبراهيم

أستاذ القانون التجاري، كلية القانون، جامعة قطر

nibrahim@qu.edu.qa

ملخص

يستهدف البحث تفسير النص التشريعي المتعلَق بالالتزام التعاقدي للعامل بعدم المنافسة بعد انقضاء عقد العمل، والمُنظَم بموجب ما يُعرف بشرط عدم المنافسة، وبخاصة في ظل المادة (43) من قانون العمل القطري الصادر بالقانون رقم (14) لسنة 2004، في ضوء تعديلها بموجب المرسوم بقانون رقم (18) لسنة 2020.

يتبنى البحث منهجًا أصليًّا هو المنهج التحليلي، مُعزَّزًا بمنهج فرعي هو المنهج المقارن؛ حيث لم يكتف البحث بالتشريع والفقه في دولة قطر، بل أشار إلى القانون المقارن، وبخاصة في فرنسا.

انتهى البحث إلى عدة نتائج أهمها اتفاق القانون القطري مع الاتجاه الغالب في القانون المقارن نحو الاعتراف بمشروعية شرط عدم المنافسة في عقد العمل، بشرط الخضوع لقيود مشروعية، تحافظ على العديد من الحقوق الدستورية للعامل أهمها حقه في تغيير صاحب العمل، وريادة الأعمال.

الكلمات المفتاحية: شرط عدم المنافسة، قيود مشروعية اشتراط عدم المنافسة، التزام العامل بالولاء، حماية عملاء المتجر، حماية أسرار العمل

 

للاقتباس: إبراهيم، نادر محمد. «لالتزام التعاقدي للعامل بعدم المنافسة بعد انقضاء عقد العمل: دراسة تحليلية مقارنة من منظور القانون القطري»، المجلة الدولية للقانون، المجلد الثاني عشر، العدد المنتظم الأول، 2023

© 2023، إبراهيم، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-Non Commercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه؛ طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.

 


 

Submitted: 5/112021

Revised: 31/12/2021

Accepted: 8/1/2022

The Employee’s Post-Employment Non-compete Covenant: Analytical and Comparative Study from the Perspective of Qatari Law

Nader Mohamed Ibrahim

Professor of Commercial Law, College of Law, Qatar University

nibrahim@qu.edu.qa

Abstract

This research interprets legislative provisions related to the employees contractual obligation not to compete after termination of his/her employment, usually under a clause called non-competition clause, particularly in light of Article (43) of the Qatari Labor Law, promulgated by Law No. 14 of 2004, and amended by Decree-Law No. (18) of 2020.

This research mainly follows analytical methodology, reinforced by comparative methodology. Therefore, the research extends the boundaries of the Qatari legislation and doctrine, to that of comparative law, especially French law.

The research concluded with several results, most notably the concurrence of Qatari law with the predominant trend in comparative law towards the recognition of the lawfulness of the non-competition clause in the employment contract, provided that it is subject to legitimate restrictions, which preserve many of the worker's constitutional rights, the most important of which is his right to change employer and entrepreneurship.

Keywords: Non-competition Clause; Legitimacy of Non-competition; Employees Commitment to Loyalty; Protection of Goodwill; Protection of Trade Secrets

Cite this article as: Ibrahim, N. M. "The Employee’s Post-Employment Non-compete Covenant: Analytical and Comparative Study from the Perspective of Qatari Law," International Review of Law, Volume 12, Regular Issue 1, 2023

© 2023, Ibrahim, licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.


المقدمة

تحرص كبريات الشركات التجارية على أن تُقيِّد مدراءها وعمالها المهرة بالتزامات تعاقدية تحدُّ من فرص انتقالهم للعمل لدى الغير أو لصالح أنفسهم، عقب انقضاء عقد العمل؛ وذلك لأغراض عدة، أهمها حماية تنافسيتها[1].إنها الالتزامات التعاقدية التي تظهر تحت تسميةٍ مشهورةٍ، ألا وهي: «شرط عدم المنافسة»[2].

 ويعرف الفقه «شرط عدم المنافسة» بأنه ذلك «... الذي يظهر في تصرف قانوني، بموجبه يلتزم الأطراف بعدم ممارسة النشاط الذي يكون من شأنه المنافسة بين هؤلاء الأطراف، أو حتى بالنسبة للغير»[3].

ونتيجة التأثير السلبي لشرط عدم المنافسة في عقد العمل على «تنقُّل العمالة» و«ريادة الأعمال»؛ فإنه لم يكن غريبًا أن يُصبح مؤخرًافي مرمى نيران دعوات الإلغاء أو على الأقل التقييد[4]. فعلى سبيل المثال بموجب قراره التنفيذي الصادر في 1 يوليو 2021، حول تشجيع المنافسة في الاقتصاد الأمريكي، ذكر رئيس الولايات المتحدة الأمريكية (جوزيف بايدن) شرط عدم المنافسة في عقد العمل، وأصدر تعليماته إلى الجهات المختصة لمواجهته[5].

وفي ذات الاتجاه يأتي تعديل دولة قطر لقانون العمل لديها، والصادر بموجب القانون رقم (14) لسنة 2004[6]، بموجب القانون رقم (18) لسنة 2020، الذي تضمَّن المادة (43)، المتعلَّقة بشرط عدم المنافسة في عقد العمل.

والجدير بالذكر أن الفقرة الثانية من المادة (43) قد أصبح نصُّها بعد تعديلات 2020، كالآتي:

«وإذا كانت طبيعة العمل تسمح للعامل بمعرفة عملاء صاحب العمل أو الاطلاع على أسرار عمل المنشأة، جاز لصاحب العمل أن يشترط على العامل في عقد العمل ألّا يقوم بعد انتهاء العقد بمنافسته أو بالاشتراك أو بالعمل في أي مشروع منافس له في القطاع ذاته، على ألّا تزيد مدة هذا الشرط في جميع الأحوال عن سنة، ويصدُر بالضوابط والشروط الأخرى لشرط عدم المنافسة قرارٌ من الوزير. ويبطُل شرط عدم المنافسة إذا تحقَّقت أي حالة من الحالات المنصوص عليها في المادة 51 من هذا القانون، أو فصل صاحبُ العمل العاملَ بالمخالفة لأحكام المادة 61 من هذا القانون».

وتحاول المادة (43) تحقيق التوازن بين الحرية الفردية لصاحب العمل[7]، وحرية العامل الاقتصادية[8]. وهي تتشدَّد في ضوابط مشروعية شرط عدم المنافسة في عقد العمل؛ لتماسه مع حرياتٍ دستوريةٍ أهمها؛ حق العامل في العمل[9] (حرية ممارسة نشاطه المهني)، ومباشرة النشاط الاقتصادي[10] (أي ريادة الأعمال).

وتتمثَّل مشكلة هذا البحث في الجواب عن التساؤل حول: كيف يتم تفسير المادة (43) من قانون العمل القطري بعد تعديلها في العام 2020[11]، بما من شأنه تيسير تنقل العمالة ودعم ريادة الأعمال؟

ويقوم منهج هذه الدارسة على التحليل والمقارنة، فهو يُحلَّل المادة (43) من قانون العمل القطري، في ضوء الفقه في دولة قطر، مع إضافة البُعد المقارن بعرض أهم الاجتهادات الفقهية والقضائية الأجنبية، وبخاصة في فرنسا؛ لتخيُّر ما يناسب؛ لأجل تطوير الموضوع محل الدراسة في القانون القطري.

وتقوم خطة هذا البحث على التحليل المقارن لما أصبح عليه النظام القانوني للالتزام التعاقدي للعامل بعدم المنافسة عقب انقضاء العمل، سواءً من حيث نشأة هذا الالتزام (المبحث الأول)، أم آثاره (المبحث الثاني).

المبحث الأول: نشأة الالتزام التعاقدي للعامل بعدم المنافسة

نتناول ضوابط نشأة الالتزام التعاقدي للعامل بعدم المنافسة من حيث: الرضاء (المطلب الأول)، والمحل (المطلب الثاني)، والسبب (المطلب الثالث).

المطلب الأول: رضاء العامل بالالتزام التعاقدي بعدم المنافسة

يتطلَّب التعرُّف على رضاء العامل بالالتزام التعاقدي بعدم المنافسة تناول: أهلية التعاقد اللازمة لإبرام هذا الشرط (الفرع الأول)، ومدى خصوصية التعبير عن الرضاء به (الفرع الثاني).

الفرع الأول: أهلية الالتزام بشرط عدم المنافسة

يتميَّز شرط عدم المنافسة بالخطورة، فهل يلزم أن يتم التأكيد على كمال أهلية العامل لنشأة التزامه بهذا الشرط؟ خاصةً وأن مُعظم تشريعات العمل تسمح بعمل القُصَّر في حدود سن معينة.

أولاً: الاتجاه التشريعي المُتشدَّد

تبنَّت العديد من تشريعات العمل موقفًا صريحًا بالتشدُّد من أهلية العامل لأجل رضائه بشرط عدم المنافسة؛ حيث حرِصَت على أن تنص على استلزام كمال أهليته، وهذا هو على سبيل المثالموقف المشرع الإماراتي[12]، والبحريني[13]، والمصري[14]. ومعنى ذلك أنه: لا يكفي أن يُبرَم عقد العمل من قبل المُتمتِّع بالولاية المالية على القاصر؛ لكي يلتزم هذا الأخير بما تضمنه عقد العمل من شرط عدم المنافسة، بل يلزم أن يكون العامل راشدًا؛ أي يلزم أن يُبرَم شرط عدم المنافسة، بالأصالة أو النيابة، لصالح عامل راشد.

ثانيًا: موقف المُشرع القطري

يُلاحظ أن المادة (43) من قانون العمل القطري لم تتضمَّن نصًا في شأن قيد السن؛ وذلك لأجل إلزام العاملِ بشرط عدم المنافسة. علمًا، بأن سن العمل في دولة قطر هو السادسة عشرة[15]. وهو ما يُثير التساؤل حول مدى إمكانية إدراج شرط عدم المنافسة في عقود عمل القُصَّر، الخاضع للقانون القطري؟

يرى بعض الفقه في دولة قطر أن المشرِّع القطري ليس بحاجةٍ إلى النص على رُشدِ العامل لإلزامه بشرط عدم المنافسة؛ بسبب توفر رقابة واقعية من الولي والجهة الإدارية المختصة[16]؛ أي أن تدخُّل الولي في التعبير عن رضاء العامل، تحت رقابة الجهة الإدارية المختصة، يغلُب معه من الناحية الواقعية استبعاد شرط عدم المنافسة. ومع ذلك؛ فإننا نرى الحاجة إلى النص الصريح؛ لتحقيق اليقين القانوني.

الفرع الثاني: التعبير عن الرضا بشرط عدم المنافسة

يُثير موضوع كيفية تعبير العامل عن رضائه بشرط عدم المنافسة عدة مسائل أهمها؛ مدى استلزام الكتابة؟ وأين تتمُ الكتابة، مكانًا وزمنًا؟ وهل يكفي الرضاء الضمني؟ والحل عند غموض التعبير عن الإرادة.

أولاً: كتابة شرط عدم المنافسة

لم يتعرَّض نص المادة (43) من قانون العمل القطري، لمدى استلزام كتابة شرط عدم المنافسة، بعكس تشريعات أخرى استلزمت أن يكون «محررًا»؛ أي مكتوبًا، مثل نظام العمل السعودي[17].

ومن المعلوم أن الفقه يستقر في دولة قطر حول رضائية عقد العمل الخاضع للقانون القطري، وأن الكتابة المطلوبة لأجله هي للإثبات[18]، مع حرية الإثبات للعامل عند غياب الكتابة[19]. وهو ما ينصَرِفُ أيضًاإلى شرط عدم المنافسة في عقد العمل.

ونُفضل لو أن المشرع القطري قد تشدَّد، فطلب الكتابة لانعقاد شرط عدم المنافسة؛ لخطورته ولاستقرار المعاملات. فلا يخفى فائدة ذلك على الأقلِ- في حسمِ منازعات الادعاءِ بتعديل الشرط، أو الاتفاق على انقضائه.

ثانيًا: مكان وزمان كتابة شرط عدم المنافسة

لا تحسم المادة (43) من قانون العمل القطري متى وأين يُكتب شرط عدم المنافسة في عقد العمل. وبذلك يُرجعُ في شأن ذلك إلى القواعد العامة. ويترتَّب على ذلك جواز إبرام شرط عدم المنافسة بمناسبة: إبرام عقد العمل ذاته، أو أثناء تنفيذ علاقة العمل، أو بمناسبة تنظيم انتهاء تلك العلاقة[20]. وهو ما يستقر عليه الاجتهاد القضائي الفرنسي؛ حيث يُضيفُ إلى ذلك مرحلة إبرام الصُلحِ[21].

ويلاحَظ أن القضاء الفرنسي يتشدَّد في مراقبة سلامة إرادة العامل من الإكراه المعنوي، في شأن صحة الاتفاق على انقضاء عقد العمل قبل الأوان[22]، وبخاصة عندما يكون أثناء إجراءات التقاضي[23]. وهو ما نرى الأخذ به عند تطبيق قانون العمل القطري سواءً افي شأن: شرط عدم المنافسة المتفق عليه أثناء تنفيذ عقد العمل أم بمناسبة الاتفاق على انقضائه المبتسر.

وعلى الرغم من غياب النص الصريح أو الاجتهاد القضائي في قطر؛ إلا أنه يجوز تبني الاجتهاد القضائي الفرنسي، الذي انتهى إلى عدم جواز فرض صاحب العمل شرط عدم المناقسة، منفردًا دون موافقة العامل، أثناء تنفيذ عقد العمل؛ وأن رفض قبول العامل لإضافة الشرط لأنه لم يكن موجودًا في العقد من بدايتهلا يُعدُّ سببًا لفصله[24]. وكذلك، جواز أن يرد الشرط في خطاب التكليف بالعمل[25]، أو أن يرد في عقد عملٍ سابقٍ، يُحيل إليه عقدٌ جديدٌ للعامل، بمناسبة تعاقب عقود العمل[26].

ويتَّفق مع القواعد العامة في دولة قطر، ما حكم به القضاء الفرنسي من جواز أن ينصرِف شرط عدم المنافسة إلى مرحلة التجربة، نزولًا على إرادة الأطراف[27]، بالطبع بقدر إطلاع العامل على الأسرار والاتصال بالعملاء[28].

وعلى الرغم من أن عقد العمل المستخدم في دولة قطر نموذجيٌّ تضعه الجهة الإدارية المشرفة على سوق العمل وهي وزارة التنمية الإدارية والشؤون الاجتماعية إلا أن جهة الاختصاص قد أعربت مؤخرًا عن جواز إرفاق مُلحقٍ لعقد العمل يتضمَّن الشروط والبنود المُتَّفق عليها، وبتوقيع الطرفين، ويتم التصديق على العقد من قبل الوزارة، بما لا يخالف قانون العمل؛ حيث يتم وضع نسخة لدى الوزارة[29].

وبذلك لا يجوز القول بوجود شرط عدم منافسة، لم يكن العامل قد ارتضاه. فلا يكفي لنشأة هذا الشرط في حق العامل، أن يُبرِم عدَّة أصحاب أعمال اتفاقات تُنظم انتقال العمالة بينهم، وهي الاتفاقات التي تتضمَّن شرط تقييد أو منع قيام أصحاب الأعمال -الطرف في الاتفاق- عند السعي في التعاقد مع عمال صاحب العمل الآخر في الاتفاق، بتقديم مميزات تدفع العامل عند انتهاء عقده إلى الانتقال إلى صاحب العمل الجديد. وهو الشرط الذي يُطلق عليه بالفرنسية: la clause de non-sollicitation، ونعرّبه وظيفيًّا إلى: «شرط عدم الإغواء»[30]. فالعامل ليس طرفًا في تلك الاتفاقات، ومن ثمَّ؛ فإنه لا يلتزم بما تضمنته من شرط عدم الإغواء، فالملتزم به هو صاحب العمل الطرف في الاتفاق الذي قد يتعاقد معه العامل. وهذا هو ما حسمته محكمة النقض الفرنسية بموجب حكمٍ صدر في 10 مايو 2006 (قضية Metaware)[31].

ثالثًا: كيفية التعبير عن الإرادة

يرى الفقه في دولة قطر: «أن شرط عدم المنافسة ينبغي أن يكون صريحًا وواضحًا في دلالته على اتجاه إرادة الأطراف إلى حظر منافسة صاحب العمل من قبل العامل، بعد تركه العمل»[32]. وعلى الرغم من عدم استناد هذا الرأي إلى نص المادة (43) من قانون العمل القطري؛ إلَّا أن القضاء المقارن يُعزَّزه، وبخاصة في فرنسا، التي تستلزم محاكمها أن يكون رضاء العامل بشرط عدم المنافسة «صريحًا»[33].ويكون رضاء العامل صريحًا[34] بشرط عدم المنافسة عند الافصاح عن ذلك في عنوان الشرط أو صلبه[35].

ولا يوجد ما يمنع في قانون العمل القطري، من تطبيق القواعد العامة في شأن جواز أن يرد شرط عدم المنافسة في عقد العمل الفردي، أو في محرَّرٍ آخرٍ يحيل إليه العقد، كما في المُحرَّرات التي تتضمَّن ما يُطلق عليه: «القاعدة المهنية»[36]. ومثال ذلك «الاتفاقات الجماعية للعمل»[37]. علمًا بأن النظام القانوني القطري لا يعرف هذه الأخيرة. وعلى كل حال، نرى تبني الاتجاه القضائي في التشدّد بشأن صراحة الإحالة، فالمبدأ أن الإحالة غير الصريحة تُفسَّر لمصلحة العامل[38].

رابعًا: تفسير الإرادة

لم يتعرَّض نص المادة (43) من قانون العمل القطري لضوابط تفسير شرط عدم المنافسة على أن عقد العمل يُعدُّ نموذجًا لعقد الإذعان[39]، والحال أنه ينعقد دون مساومة، باستخدام نموذج حكومي سابق الإعداد، مع انفراد صاحب العمل بصياغة شروطه الخاصة، التي يندرج من بينها «شرط عدم المنافسة». وبذلك؛ فإنه يجوز القول بخضوع «شرط عدم المنافسة» لقاعدة التفسير لصالح الطرف المذعن[40]، وهو هنا العامل. وهو ما سيترتَّب عليه التفسير الضيق[41] لشرط عدم المنافسة، وهو ما يُحقّق مصلحة حرية العامل[42].

ولا شك في صحة الاتجاه القضائي الذي يُكافحُ: «شرط عدم المنافسة المتخفي»[43]. وهو ما يتَّفق مع القواعد العامة في القانون القطري. فمنح الشرط وصفه القانوني هو عملية تكييف، وتقع في اختصاص قاضي الموضوع تحت رقابة محكمة التمييزولا ينفردُ بها الأطراف. ومن ثمَّ، يجوز للقاضي إعادة تكييف[44] الشرط المُقيّد لحرية العامل، وصولًا إلى إخضاعه لضوابط شرط عدم المنافسة، وتحقيق رقابة مشروعيته[45].

المطلب الثاني: محل الالتزام التعاقدي للعامل بعدم المنافسة

يخضع الالتزام التعاقدي للعامل بعدم المنافسة لضوابط في شأن محله، وذلك من حيث: تعيين محل هذا الالتزام (الفرع الأول)، وإمكانيته (الفرع الثاني).

الفرع الأول: تعيين محل الالتزام التعاقدي بعدم المنافسة

يلزم في محل الالتزام التعاقدي للعامل بعدم المنافسة أن يكون مُعيَّنًا أو على الأقل قابلًا للتعيين، وهو ما يتطلَّب تناول: تعيين الأفعال السلبية محل الالتزام، وتعيين جنس نشاط العامل.

أولاً: تعيين الأفعال السلبية محل الالتزام التعاقدي بعدم المنافسة

تنصُّ المادة (43) من قانون العمل القطري على أن: «... لصاحب العمل أن يشترط على العامل في عقد العمل ألّا يقوم بعد انتهاء العقد بمنافسته أو بالاشتراك أو بالعمل في أي مشروع منافس له في القطاع ذاته،...». ومن ثمَّ يتعيّن في شرط عدم المنافسة أن يُحدِّد السلوك السلبي الذي سوف يمتنع على العامل القيام به، وهو لا يخرج عن: «منع التنقُّل»، و«منع ريادة الأعمال».

وفي رأينا لم يكن المشرِّع القطري بحاجة إلى إضافة صورة جديدة إلى صور عدم المنافسة يصفها «بالعمل». فهذا تزيُّدٌ لم يكن النصُّ في حاجةٍ إليه. ففي رأينا المصدر التاريخي لهذا النص هو المادة (686) من القانون المدني المصري، وهي لا تُشير إلى هذه الصورة؛ لأنها تُعتبر بطبيعتها مُتضمَّنة في كلمة «منافسته». على أن الجملة تَصِحُ بإزالة حرف العطف «أو»؛ لتصبح: «... بمنافسته بالاشتراك أو بالعمل في أي مشروعٍ منافسٍ له...».

ولا يوجد ما يمنع الأطراف من أن يكتفوا في شأن تنظيمهم لعدم المنافسة لبعض جوانب المنع، دون الجوانب الأخرى؛ أي بالاتفاق على بعض آثار المنافسة. وتلك هي ظاهرة الشروط المشتقة من شرط عدم المنافسة[46].

ولا يُعد شرطًا مُشتقًا ذلك الذي يُقيَّد حرية العامل في التنقُّل أو ريادة الأعمال، كما هو حال شرط «الالتزام بعدم الإفصاح»[47]. وذلك بخلاف شرط «عدم إغواء عملاء صاحب العمل»[48]، والمعروف في فرنسا تحت عنوان: «عدم تغيير توجه العملاء»[49]، حيث يخضعه القضاء الفرنسي لنظرية شرط عدم المنافسة في عقد العمل[50]، وهو ما حُكِم به أيضًا مؤخرًا في شأن: «شرط حماية العملاء»[51]، و«شرط الولاء»[52].

وكما رأينا سابقًا، يُعدُّ اتفاق أصحاب العمل بعدم الإغواء[53]، شرط عدم منافسة إذا أبرمه العامل، أمَّا إذا كان بين أصحاب الأعمال وحدهم، فهو ليس مشتقًا منه، والحال أن العامل لم يُعبِّر عن رضائه به، وإن تأثَّر به.

ثانيًا: تعيين جنس نشاط عمل المدين بالالتزام التعاقدي بعدم المنافسة

يُلاحَظ أن المادة (43) من قانون العمل القطري قد أضافت قيدًا جديدًا في شأن مجال المنافسة وهو قطاع عمل صاحب العمل، وهو شيء مُستحسَن. ومن ثمَّ، يجوز للعامل أن يعمل في قطاع نشاط مخالف لقطاع نشاط صاحب العمل الأصلي، ولو كان في مجال عمل العامل. وهذه نتيجة متوقعة بسبب شروط المصلحة، والتي سيرد ذكرها لاحقًا.

ولم تتعرَّض المادة (43) إلى نوع العمل الذي يُمنع منه العامل. فهل العامل ممنوعٌ بموجب شرط عدم المنافسةمن التنقُّل وريادة الأعمال، في كل الأعمال ولو لم يكن العمل، مما كان يمتهنه العامل لدى صاحب العمل؟ أم أن القيد يقتصِر على العمل المطابق للعمل الذي كان يقوم به العامل لدى صاحب العمل السابق؟

لا شك أن القراءة الحرفية للمادة (43) تسمح بإلزام العامل بعدم العمل في أي عملٍ، وإن لم يكن عمل العامل السابق لدى صاحب العمل؛ طالما أن العمل سيكون في قطاع نشاط صاحب العمل. هذا التفسير صحيحٌ، على أننا نرى تبني رأي في القانون المقارن مُعزَّزٌ باجتهاد القضاء الفرنسييرى وجوب أن يُحدَّد شرط عدم المنافسة «جنس»[54] النشاط الذي يُمنع منه أي مدين بشرط عدم منافسة؛ وإلا بطُل الشرط لعدم تعيين محله[55].

الفرع الثاني: إمكانية محل الالتزام التعاقدي بعدم المنافسة

ينبغي أن يكون محل شرط عدم المنافسة مُمكنًا، وهو لا يكون كذلك في المادة (43) من قانون العمل القطري، إذا تعدى مدة السنة، بعد أن كانت قبل التعديل سنتين. مع ملاحظة أن تعديل المادة (43) قد ألغى النطاق الجغرافي للشرط، ودون إشارة إلى ما يُعرف بالنطاق المهني. وبذلك يَحَقُّ التساؤل: عند الخضوع لقانون العمل القطري، ما إذا كان شرط عدم المنافسة يخضع فقط لنطاق زمني، أم أنه يخضع كذلك لنطاق جغرافي وآخر مهني؟

أولاً: النطاق الزمني للالتزام التعاقدي بعدم المنافسة

بدايةً، نستبعد فرضًا يكاد أن يكون مدرسيًّا لشرط عدم المنافسة، وهو الذي يتعهَّدُ فيه شخصٌ بعدم ممارسة أي نشاط اقتصادي، بشكلٍ شاملٍ ودائمٍ. فلا شك في وضوح بطلان مثل هذا الاتفاق؛ لمساسه الواضح بحرية الشخص في العمل وممارسة النشاط الاقتصادي[56]. وهو ما أبطلته الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون العمل القطري.

وكما هو واضح من وصف القيد بأنه زماني؛ فإنه يُقصَدُ به ألَّا يكون الشرط بعدم المنافسة مؤبدًا، أو لمدة غير محدودة. فيلزم الاتفاق على مدةٍ للشرط، تجعل نطاقه «محدودًا في الزمن»[57]. فينبغي في شرط عدم المنافسة المعقولية، ومن أوجهها خضوعه لنطاق زمني[58].

(1) تحديد النطاق الزمني لشرط عدم المنافسة

ولا يوجد نصٌ عامٌ في القانون الفرنسي يُحدَّد مدةً قصوى لشرط عدم المنافسة بصفة عامة، أو في عقد العمل بصفة خاصة. على أن القضاء الفرنسي يضع في الحسبان تأثير القيد الزمني على حرية العامل في العمل. ولقد حُكِمَ بمعقولية القيد الزمني لعدة أشهر، أو بضع سنوات[59]. ومما يُخفَّف من التشدُّد في هذا الشأن أن القضاء الفرنسي ومنذ اجتهاده الثوري في عام 2002 كما سنرى لاحقًاأصبح يستلزم مقابلًا ماليًّا كافيًا، لصحة الشرط. فغياب المدة القصيرة لشرط عدم المنافسة، يُخفَّف منها اشتراط القضاء الفرنسي لوجود مقابل مالي لمشروعيته.

ويُحسب لصالح تعديل المادة (43) من قانون العمل القطري أنها قصرَّت من مدة شرط عدم المنافسة، بجعل حده الأقصى مدة سنة. ومع ذلك؛ فإننا نرى إمكانية إبطال شرط عدم المنافسة في القانون القطري، على الرغم من أنه لمدة سنة؛ إذا كانت المصلحة التي يُحقَّقها هذا الشرط لا تتناسب مع هذه المدة. ولنا عودة إلى هذا الشأن، عند تناول المصلحة من الشرط.

والجدير بالذكر أن العديد من الدول قد تبنَّت تحديد الحد الأقصى لمدة شرط عدم المنافسة في عقود العمل بموجب نصوص تشريعية، فهذا هو الحال في: إسبانيا (سنتان للفنيين ولغيرهم ستة أشهر)، وألمانيا (سنتان)، وإيطاليا (ثلاث سنوات)، وبلجيكا ولكسمبورغ (سنة)، سويسرا (ثلاث سنوات)[60]. ومن الملفت أن أحدث تعديل عربي في هذا الشأن، قد تحقَّق في الإمارات بتبني مدة السنتين[61].

(2) أثر الانقضاء الزمني لشرط عدم المنافسة

باستنفاد مدة النطاق الزمني لشرط عدم المنافسة، ينقضي الشرط وآثاره القانونية. وبذلك يسترد العامل حريته في العمل في مجال نشاط صاحب العمل ذاته، تابعًا أو مستقلًا. على أن ذلك ليس معناه أنه عقب انقضاء مدة الشرط تُصبح أسرار صاحب العمل وعملائه محل استباحة من قبل العامل السابق، فالتزام العامل بالمنافسة الشريفة، والحفاظ على أسرار عمل صاحب العمل، هي التزامات مطلقة زمنيًّا. قصارى القول إنه عقب انقضاء النطاق الزمني، يُمكن للعامل أن يعمل لدى المنافسين، أو يقوم بريادة الأعمال مستقلًا، ومنافسًا لصاحب العمل السابق منافسةً شريفة.

ثانيًا: النطاق الجغرافي للالتزام التعاقدي بعدم المنافسة

لم تعُد المادة (43) من قانون العمل القطري تنصُّ على النطاق الجغرافي لشرط عدم المنافسة في عقد العمل، وهو ما يدفع إلى التساؤل حول المقصود من ذلك القيد؟ وما إذا كان إلغاء هذا القيد يعفي أصحاب الأعمال من النطاق الجغرافي؟ وأخيرًا تقديرنا لمدى الحاجة إلى عودة النطاق الجغرافي في القانون القطري.

(1) ماهية النطاق الجغرافي

يُقصد بالنطاق الجغرافي لشرط عدم المنافسة خضوعه لقيدٍ مكاني، بحيث يبقى للشخص بحسب تأهيله وخبراته المهنية فرصة للعمل خلال فترة الحظر. فيلزم أن يكون تقييد حرية العمل معقولًا بنطاق جغرافي[62]، أي أن يكون «مُحددًا في المكان»[63].

ومثال التحديد المكاني، أن يتعهَّد الشخص بعدم العمل في ضاحية معينة من المدينة، أو في قُطرِ دائرة تُحدَّد بالكيلومتر حول مركزٍ جغرافيٍّ معيَّن.

ولقد سبق لمحكمة النقض الفرنسية، من خلال غرفتها العُمَّالية، إجازة القيد المكاني مُحددًا بأوروبا وقارة آسيا الكبرى، وذلك لعامل في قطاع الأزياء الراقية[64].

ولقد حكمت محكمة النقض الفرنسية أيضًابأن الاتفاق على قيد مكاني، يتعلَّق بالعالم أجمع فيما عدا الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأمريكا اللاتينية، هو قيدٌ جائزٌ بقدر مراعاة مصلحة صاحب العمل[65].

كما أجازت محكمة النقض الفرنسية الاتفاق على نطاق جغرافي لشرط عدم المنافسة يغطي أوروبا بأكملها[66].

وقد يتَّفق الأطراف على نطاق جغرافي، ولكنه يتَّسع لكل الدولة التي يعمل فيها الشخص. فهل هذا الشرط يستوفي القيد المكاني؟

تعرَّضت محكمة النقض الفرنسية لمشروعية الاتفاق على قيد مكاني يُغطي دولة فرنسا كلها، وذلك في عقد عمل مهندس تقني وتجاري، ينص على انصراف الشرط إلى «مجموع الإقليم الوطني»[67]، لكل نشاطٍ مشابهٍ أو منافسٍ، وتحت أية صفةٍ؛ أي سواءً كان المدين في الشرط: عاملًا، أم مديرًا، أم شريكًا، أم رائد أعمالٍ مستقلٍ. وعلى الرغم من أن عقد العمل نصَّ على مقابلٍ للشرط؛ إلَّا أن المهندس قد لجأ إلى قضاء الموضوع طالبًا إبطال هذا الشرط، وطلب صاحب العمل التعويض. ولقد استجابت محكمة استئناف باريس في حكمها الصادر في 31 يناير 1995للعامل، ولكن بتخفيف النطاق المكاني للشرط؛ ليصبح قاصرًا على ضواحي باريس، فضلًا عن أجزاء أخرى من فرنسا (غرب باريس)، وهو ما أقرته محكمة النقض الفرنسية[68].

(2) مدى كون القيد المكاني بديلًا عن القيد الزمني

بدأ الاجتهاد القضائي الفرنسي مُتساهلًا في تطبيق القيد الزماني والمكاني، على أنه ما لبث وتشدَّد في شأنهما، وذلك من خلال المسائل الآتية: الانتقال من تبادل[69]القيدين الزماني والمكاني إلى الجمع بينهما[70]، والانتقال من تجاهل أثر القيد المكاني والزماني إلى استلزام وجود مصلحة مشروعة ومتناسبة من القيد، وأن أثر القيد لا يجور على مطلق حرية العامل المهنية.

ففي شأن الجمع بين القيد الزمني والمكاني، دون الاكتفاء بأحدهما، فقد حدث هذا التحوُّل بأحكام صدرت في العام 2002[71]. وهو ما تكرَّر حديثًا بموجب حكم محكمة النقض الفرنسية الصادر في 8 أبريل 2021[72]بشأن شرط عدم المنافسة مُغطيًا «كل العالم»[73]، في عقد عمل يتمتَّع فيه صاحب العمل (شركة تعمل في علم الجينات)، بمصلحة مشروعة في منع عاملة لديها وهي عالمة في الجيناتمن العمل لدى الشركات المنافسة. ولقد كان من الممكن إجازة تجاهل القيد المكاني، لو كان مجرد ضابطٍ بديلٍ. وحيث إن القيد المكاني ينبغي استيفاؤه جمعًا مع بقية الضوابط، فقد أبطلت محكمة النقض الفرنسية الشرط، وألغت حكم الاستئناف الذي كان قد أجازه.

(3) نقد إلغاء النطاق الجغرافي في المادة (43)

كان من الأفضل لو أن المشرع القطري قد أبقى على القيد المكاني. والذي لم يعُد موجودًا عقب تعديلات العام 2020. فعلى الرغم من أن تقصير مدة القيد الزماني قد قلَّلت من أهمية القيد المكاني، إلا أن هذا لا يلغي أهميته. فلا شك أن العمالة الوطنية، قد أصبحت مُعرَّضة لخطر منعها من العمل خلال عام، في كل دولة قطر، بل والعالم. وفي غيبة المقابل المالي، فإنه من الجور أيضًا أن نمنع العامل الأجنبي من العمل في كل العالم لمدة سنة، حتى وإن كان لصاحب العمل مصلحة في كل دول العالم. فنظريًّا، أصبح من الجائز لقناة الجزيرة أن تمنع مذيعيها من العمل في أي قناة فضائية أخرى على مستوى العالم لمدة سنة، ودون تحمل مقابل مالي عن ذلك. وهو في رأينا أمر يصعب قبول مشروعيته.

ومن المعلوم أن هناك تشريعات قد أخذت بمدة السنة، ولم يمنعها ذلك من الإبقاء على القيد المكاني، كما هو حال القانون البحريني[74]. وبذلك؛ فإننا نُناصر عودة القيد المكاني إلى قانون العمل القطري، ونراه أهم انتقاد يوجه إلى تعديلات العام 2020. وبذلك فإننا نستحسن إبقاء المشرع الإماراتي على القيد المكاني، بمناسبة تحديثه لقانون علاقات العمل للعام 2021[75].

(4) سلطة القضاء القطري في شأن فرض القيد المكاني

يُخفَّف من مشكلة إلغاء المشرع القطري للقيد المكاني، ما سنراه لاحقًا من ضرورة تناسب المصلحة المشروعة من شرط عدم المنافسة، وكذلك قدسية حرية ممارسة العامل لنشاطه المهني.

وبذلك، نرى تمتُّع المحكمة في دولة قطر على سبيل المثالبسلطة تعديل النطاق الجغرافي لشرط عدم المنافسة الذي يُلزم العامل المواطن بعدم المنافسة، في كل دولة قطر؛ وذلك بقصره على بعض المدن القطرية، أو جزءٍ منها. وذلك في إحدى حالتين: أولًا، حالة عدم توفر المصلحة المشروعة والمتناسبة لصاحب العمل؛ وثانيًّا، حالة حرمان العامل من استغلال تأهيله وخبراته في كسب العيش، هذا وإن كانت هناك مصلحة مشروعة لصاحب العمل.

ففي رأينا أن الإلغاء التشريعي للقيد المكاني من المادة (43) من قانون العمل القطري في العام 2020، لا يعني بالضرورة أن شرط عدم المنافسة قد أصبح متمتعًا بحرية مطلقة من ربقة القيد المكاني.

ثالثًا: النطاق المهني للالتزام التعاقدي بعدم المنافسة

يُعدُّ إخضاع شرط عدم المنافسة لنطاق مهني من مستجدات الاجتهاد القضائي المقارن في شأن مراقبة مصلحة المشروع من شرط عدم المنافسة، وهو ما سنتناوله لاحقًا بشكل تفصيلي. على إننا نكتفي الآن بالتعرُّف على ماهية النطاق المهني لشرط عدم المنافسة، كأحد آليات مراقبة توازنه[76].

يغيب تنظيم النطاق المهني عن المادة (43) من قانون العمل القطري، فهو من مستجدات الاجتهاد القضائي المقارن، والذي انتهى إلى أنه يلزم لمعقولية شرط عدم المنافسة ألَّا يؤدي إلى حرمان العامل من الاستفادة من تأهيله وخبراته المهنية، أي ممارسة مهنته[77]، والتي توصف بحرية ممارسة النشاط المهني. وهو ما يتطلب التعرُّف على رقابة فعالية القيد المكاني والزماني، وعناصر حرية ممارسة العامل لنشاطه المهني.

(1) رقابة فعاليَّة القيد المكاني والزماني

انتبه الاجتهاد القضائي الفرنسي مبكرًاإلى ضرورة وضع قيودٍ على حرية الأطراف في كل العقود دون تخصيصعند الاتفاق على إلزام أحدهم بعدم المنافسة. ولقد بدأ ذلك بمجرد الحد من تقييد الحرية. وكانت الفكرة أن يكون ذلك باستلزام وجود قيد زمني أو مكاني، كما سبق وذكرنا، ووصف هذا الاتجاه القضائي بالتقليدي[78].

على أن الاجتهاد القضائي الفرنسي قد تغيَّر منذ حكم محكمة النقض الفرنسية الصادر في 4 يناير 1994 (قضية Locafret)[79]، والذي تبنى معيارًا لرقابة مشروعية الاتفاق على عدم المنافسة، يتَّصف بأنه: «أقل شكلية وأكثر وظيفية»[80]، ألا وهو معيار التناسب بين المصلحة التي يُحقّقها الشرط، وتقييد حرية المنافسة.

فيعيب الاكتفاء بالقيود الزمنية والمكانية مُجرَّدةً عن وظيفتهاأنها قد تكون نظرية، غير محقَّقة لغرضها، ألا وهو تقييد مبدأ سلطان الإرادة في فرض تعهُدات مطلقة لعدم المنافسة. لذا رأت محكمة النقض الفرنسية ضرورة الاهتمام بعدم الاكتفاء بالاستيفاء «المجرد» للقيود الزمنية والمكانية، والاتجاه نحو البحث في «حقيقة»، تحقيق هذه القيود لغرضها؛ أي الحد من تقييد الحرية. ومن هنا بدأ الحديث عن وجوب أن يكون التحديد الزمني والمكاني في شرط عدم المنافسةحقيقيًّا[81]، غير نظري.

ويكون التحديد الزماني والمكاني حقيقيًّا عندما يترك الدائن (صاحب العمل) للمدين بالالتزام بعدم المنافسة (العامل): «إمكانية استكماله بطريقة طبيعيةممارسًا نشاطه المهني الخاص به»[82]. وبذلك، استقرت محكمة النقض الفرنسية على وجوب أن تسمح شروط عدم المنافسة للعامل دائمًاإمكانية ممارسة مهنته[83].

ويشير الفقيه «غومي» في رسالته إلى أن القضاء الفرنسي قد انتبه إلى حق العامل في استثمار تأهيله ومهاراته منذ حكم لمحكمة النقض الفرنسية صدر في 2 أغسطس 1938، على الرغم من أن أغلب الدراسات تشير إلى حكمها الصادر في 18 أكتوبر 1952[84].

وفي هذا الاتجاه، حكمت محكمة النقض الفرنسية في 18 سبتمبر 2002 (قضية GAN-vie)، بأنه:

«يجوز للقاضي، في ظل شرط عدم المنافسة المدرج في عقد العمل، حتى وإن كان لا غنى عنه لحماية المصالح المشروعة للمشروع، أن يُقيَّد تطبيقه؛ إذا كان هذا الشرط لا يسمح للموظف بممارسة نشاطًا وفقًا لتأهيله وخبرته المهنية، بالحدِّ من أثره زمنيًّا، أو مكانيًّا، أو أي من ضوابطه الأخرى»[85].

ففي تلك القضية، أقرَّت محكمة النقض الفرنسية قيام محكمة الموضوع للوصول إلى مراعاة حرية العامل في ممارسة نشاطه المهنيأن تُخفَّف من غلواء قيود شرط عدم المنافسة. فلقد صدر ذلك الحكم في قضية وسيط تأمين، تضمَّن عقد عمله مع شركة التأمين حرمانه من العمل في التأمين، في كل أنواعه، وبأي شكلٍ يكون عليه، مما حرمه من استغلال تأهيله وخبراته. لذا تدخلت محكمة الاستئناف بالتخفيف من هذا الشرط وأقرتها في ذلك محكمة النقضبأن عدَّلت الشرط، بجعله يقتصر على منع اتصال العامل بعملاء شركة التأمين، دون غيرهم، ودون بقية تخصُّصات التأمين التي لا تعمل فيها هذه الشركة[86].

(2) عناصر حرية ممارسة النشاط المهني

أدت خصوصية مُعالجة محكمة النقض الفرنسية لشروط عدم المنافسة في عقود العمل، إلى بدء الحديث في الدراسات القانونية وبحقعن أن محكمة النقض الفرنسية قد تجاوزت «حرية العمل»، إلى ما هو أدق: «حرية ممارسة النشاط المهني»[87]. ولا يخفى من فائدة ذلك للعامل، والمصلحة العامة.

فإذا ما كان هناك تنازع بين المصلحة المشروعة لصاحب العمل، مع حرية العامل في ممارسة نشاطه المهني؛ فإنه يتم الانتصار لصالح العامل على حساب تلك المصلحة، وهو ما يُعبَّر عنه بالتسلسل الهرمي[88]. بل أن جور تلك المصلحة على حرية العامل في ممارسة نشاطه المهني، هو مفهوم جديد لعدم تناسب تلك المصلحة. ولنا عودة إلى ذلك لاحقًا.

فما هو المقصود من حرية ممارسة النشاط المهني؟ وبصفة خاصة، هل هي ذاتهاممارسة الحق في العمل؟

يُقصد بالحق في ممارسة العمل، فرصة الشخص في العمل فيما يعلم ويجيد أو غيره؛ أمَّا حرية ممارسة النشاط المهني، فتعني حق الشخص في استغلال تأهيله[89] وخبرته المهنية[90].

هذا لا يعني أن يستند العامل إلى قولٍ مُرسل بأن شرط عدم المنافسة يجور على استغلاله لمؤهله ولخبرته المهنية، فعليه يقع عبء إثبات: أولًا، مستوى تأهيله وخبراته؛ وثانيًا، أن شرط عدم المنافسة متَّسع بالقدر الذي يحرمه من استغلال هذا التأهيل وتلك الخبرة، أي ممارسة نشاطه المهني[91].

فينبغي أن يكون شرط عدم المنافسة في تأثيره على النشاط المهني للعامل، ذو قيد نسبي، وغير مطلق؛ فلا يجوز مثلًا، حرمان العامل من مُطلق العمل[92]. وتقدير ذلك لا يكون بحال الأطراف عند إبرام عقد العمل، ولكن بالوقت عند تنفيذ شرط عدم المنافسة[93].

وبذلك ينبغي في شرط عدم المنافسة تحديد النشاط المهني الذي لا يجوز للعامل القيام به، وهو لا يتحقَّق عند استخدام العبارات غير المحدَّدة. فلا يكفي اشتراط ألا يقوم العامل بنشاطٍ منافسٍ أو مشابهٍ؛ فهذا ينقصه التحديد.

ويُحسب للمادة (43) من قانون العمل، بمناسبة تعديلها في العام 2020، أنها تطلَّبت أن يكون شرط عدم المنافسة في «قطاع» نشاط صاحب العمل. على أن هذا الضابط يظلُ مُتسعًا، فينبغي أن يجتمع معه معيار المصلحة المشروعة؛ أي لا يكفي قطاع نشاط صاحب العمل بمطلقه، بل بالقطاع الذي يتمتَّع فيه صاحب العمل بالمصلحة. فصاحب العمل قد يعمل في قطاع الحاسبات، ولكن قد يقتصر دوره على صيانتها، في حين أن العامل يرغب في العمل لدى من يقوم ببيع الحاسبات.

ويتجه الاجتهاد القضائي الفرنسي إلى أنه في سبيل حماية حرية العامل المهنية، ينبغي أن نأخذ في الحسبان غرض المشروع الذي يعمل لديه العامل، وأن لا نكتفي بالغرض الرسمي لمشروع صاحب العمل، بل ينبغي أن نهتم بغرض مشروعه الفعلي[94]. فقد يكون لصاحب العمل ترخيص بالعمل في مجالات عدة، ولكنه فعليًّا يشتغل في إحداها.

ويُشير الفقه الفرنسي إلى أن للعامل أن يُعوَّل على اتساع المنع الجغرافي، كدليل حرمانه من استغلال تأهيله وخبرته المهنية[95]. وهو الحل الذي ندعو الأخذ به لإصلاح حذف القيد المكاني في القانون القطري. فكلما كان النطاق المكاني لشرط عدم المنافسة والخاضع للقانون القطريمتسِعًا، قامت قرينةٌ على أنه يحرم العامل من استغلال تأهيله وخبرته المهنية، يكون معه الشرط مُتعسفًا، ومتعيَّن التعديل من قبل القضاء. ومن أوجه ذلك التعديل، إخضاع الشرط لنطاق جغرافي يسمح للعامل، بأن يجد فرصة عمل فيما يجيد.

المطلب الثالث: سبب الالتزام التعاقدي للعامل بعدم المنافسة

تربط المادة (43) من قانون العمل القطري سواءً في صورتها الحديثة أم القديمةبين الالتزام التعاقدي للعامل بعدم المنافسة، ووجود مصلحة لصاحب العمل. وهو ما يُعبَّر عنه القضاء المقارن، كما في فرنسا بوجوب أن يكون الالتزام التعاقدي بعدم المنافسة بغض النظر عن نوع العقد الذي يرد فيهمُبررًا[96]. وهو يكون مُبررًا، إذا كان يُحقَّق مصلحةً مشروعةً، ومتناسبةً مع تقييد الحرية[97].

ولم تُفصح المادة (43) من قانون العمل القطري سواءً قبل تعديلها أم بعد ذلكعن موقفها من تفاصيل شرط المصلحة، وخاصة مبدأ التناسب، ومع ذلك؛ فإن المُلفت أن هذه المادة قد تحدَّثت عن مُبرَّر شرط عدم المنافسة، ألا هو: إطلاع العامل على «أسرار العمل» و/أو تواصله مع «عملاء» صاحب العمل.

هذا يؤدي إلى التساؤل حول المقصود من: المصلحة (الفرع الأول)، وصاحبها (الفرع الثاني).

الفرع الأول: ماهية المصلحة

يعود الفضل في إبراز «المصلحة» من شرط عدم المنافسة في فرنسا إلى الاجتهاد القضائي، وهي التي تُوصَفُ حديثًاباصطلاح: «المصلحة المشروعة للمشروع»[98]. وهو ما يُعبَّر عنه أيضًا باصطلاح: «التوقُّع المشروع للدائن»[99]، ومعقولية الشرط. وتُعرَّف تلك المصلحة بأنها الخطر التنافسي[100] الذي يُحد منه الشرط.

وتكاد تستقر أهم الأنظمة القانونية الغربية على استلزام المصلحة المشروعة للمشروع من شرط عدم المنافسة، كما هو الحال في شأن: ألمانيا، وإنجلترا، وسويسرا[101]، والولايات المتحدة الأمريكية[102].

وللتعرُّف على ماهية المصلحة من شرط عدم المنافسة نتناول: تطور الرقابة القضائية من المحايدة إلى الإيجابية، والمقصود من أسرار العمل والعملاء.

أولاً: تطور الرقابة القضائية من المحايدة إلى الإيجابية

يؤدي اشتراط «المصلحة المشروعة للمشروع» إلى رقابة محكمة الموضوع لمبدأ سلطان الإرادة، وهذا أمرٌ لم يكن يتيسَّر الوصول إليه في فرنسا قبل العام 1994. وهو ما يتطلَّب التعرُّف على: تطوَّر القضاء في رقابة وجود المصلحة، والتفرقة بين وجود المصلحة ومشروعيتها، والتفرقة بين وجود المصلحة وتناسبها.

(1) التطوَّر القضائي في رقابة «وجود» المصلحة

يُشير الفقه الفرنسي إلى أن الفضل في ميلاد نظرية المصلحة في شرط عدم المنافسة يعود في فرنساإلى الفقه، وبخاصة دراسات ليون كان للعام 1963[103]. ولقد كانت أولى ثمارها حكم لقضاء الاستئناف، أبطل شرط عدم منافسة في عقدٍ لمشرف عمل في شركة تنظيف صناعي، لم تر المحكمة في تأهيله المهني ما يُهدَّد الشركة صاحبة العمل، على أن محكمة النقض ألغت الحكم بموجب حكمها الصادر في 13 أكتوبر 1988 (قضية Asnets)[104]لتحسم عدم تبنيها في ذلك التاريخ لعدم رقابة المصلحة من الشرط؛ لمساسه مبدأ العقد شريعة المتعاقدين[105].

على أن الفقه الفرنسي لم يستسلم، فحلَّل الرقابة القضائية المحايدة منتقدًا، وبخاصة في دراسات الفقيه الفرنسي «إيف سوراه»، وهو صاحب هذه النظرية في رسالته لعام 1970[106]، وهو ما أدى إلى تغيُّر في موقف محكمة النقض الفرنسية، في العام 1992، نحو الرقابة القضائية الإيجابية.

فبموجب حكم محكمة النقض الفرنسية، الصادر في 14 مايو 1992[107] (قضية Godissart)، تغيَّر موقف المحكمة من الحياد من مصلحة الشرط، إلى وجوب مراقبة وجودها.

ويتعلَّق حكم النقض لعام 1992 بشرط عدم منافسة في عقد عامل كانت مهمته مجرد تنظيف النوافذ في شركة نظافة. ولقد خالف العامل الشرط الذي كان يمنعه من العمل، تابعًا أم مستقلًا، لمدة أربع سنوات في المناطق التي تتمتَّع فيها الشركة بنشاط التنظيف[108]؛ وذلك بالتحاقه بالعمل لدى شركة منافسة. ولقد أبطلت محكمة الاستئناف هذا الشرط، وأقرتها في ذلك محكمة النقض الفرنسية؛ لعدم مشروعية مصلحة صاحب العمل. فوفقًا لواجبات هذا العامل في عمله السابق، لم يكن الشرط ضروريًّا لحماية مصالح مشروعة لصاحب العمل.

ولقد سبق وأشرنا إلى أن المادة (43) من قانون العمل القطري تربُط بين شرط عدم المنافسة، وكون العامل مطِّلعًا على أسرار العمل أو مُتصِلًا بعملاء صاحب العمل. وبذلك؛ فإن قانون العمل القطري يأخُذُ بنظرية المصلحة المشروعة للمشروع؛ كمتطلب مشروعية شرط عدم المنافسة في عقد العمل.

(2) التفرقة بين وجود المصلحة ومشروعيتها

لا يغيب عن الفطنة أنه لا يكفي مطلقًا توفُّر المصلحة من شرط عدم المنافسة؛ فقد تتواجد المصلحة؛ ولكن تكون غير مشروعة. فذلك هو وضع صاحب العمل الذي يستهدف من الاتفاق على عدم المنافسة، التحكُّم في المنافسة في السوق. فهذه جريمة تندرج ضمن: «منع أو عرقلة ممارسة أي شخص لنشاطه الاقتصادي أو التجاري في السوق»[109]. إنها الجريمة التي توصَف في قانون منع الممارسات الاحتكارية باصطلاح: «ممارسة غير مشروعة»[110]. وهي جريمة يُعاقَب مرتكبها في دولة قطربغرامة لا تقل عن مائة ألف ريالٍ ولا تجاوز خمسة ملايين ريال[111].

(3) التفرقة بين وجود المصلحة وتناسبها

لم تُشِر المادة (43) من قانون العمل القطري إلى مدى التناسب بين المصلحة المشروعة للمشروع، والثمن المدفوع لذلك من قيد على حرية العامل. على أن المحاكم القطرية مدعوة إلى الاستفادة من القضاء المقارن في هذا الشأن، وهو الاتجاه الذي يُعبَّر عنه الفقه في دولة قطر معلقًا على مشروعية شرط عدم المنافسة في عقد العملبعبارة: «... يُشترط أن يكون لصاحب العمل من وراء هذا الشرط مصلحة جديَّة مشروعة،...»[112].

ويتطلَّب تناول مبدأ تناسب المصلحة التعرف على مبدأ مراقبة التناسب، والوقائع المؤثَّرة في القيام به.

‌أ-    مبدأ مراقبة التناسُب بين المصلحة والتقييد

لم يعُد الاجتهاد القضائي الفرنسي منذ العام 1994يكتفي بوجود مصلحة من شرط عدم المنافسة؛ بل امتدت رقابته إلى أثر هذا الشرط على الحد من حرية المدين به. فهو لا يجيز الشرط الذي يُحقَّق مصلحة ليست ذات شأن بالمقارنة بالثمن الذي يدفعه المدين من حريته. فهنا يفتقد الشرط لمشروعيته؛ لأنه «مُفرطٌ»[113].

والمصلحة تكون مشروعة عند استيفائها «مبدأ التناسب»[114]. وهو تناسب بين «مصلحة المشروع»[115] و«الحرية الاقتصادية للمدين»[116].

فمحكمة الموضوع، أصبحت مدعوة إلى لعب دورٍ أكبرٍ في التنقيب في وقائع النزاع، دون الاكتفاء بظاهر اتفاقات عدم المنافسة، بحثًا عن وجود «التوازن»[117] بين المصلحة المشروعة والحرية المقيَّدة. فهي تزن الوقائع التي ينبغي أن تثبت عدم الإفراط في التقييد على حساب الحرية.

ويتعلَّق حكم محكمة النقض الفرنسية والصادر في 4 يناير 1994[118](قضية Locafret)بأحد ملاك سيارات الأجرة، والذي أبرم عقد خدمة نقل مع شركة، وتضمَّن العقد شرط عدم منافسة مُحدَّد من حيث الزمان مدته ثلاث سنوات، ومُحدَّد من حيث المكان، حيث نطاق المنع 30 كليو مترًا. وعقب انتهاء العقد، خالف مالك السيارة التزامه، في نطاقه الزمني والمكاني؛ فلجأت الشركة إلى قضاء الموضوع، والذي حكم لها بالتعويض. على أن محكمة النقض الفرنسية ألغت حكم محكمة الموضوع بالاستنادِ إلى أنه لا يكفي التأكدُ من مخالفة الشرط في بعده الزماني والمكاني؛ بل كان ينبغي بحث مدى التناسب بين الشرط والمصلحة التي يستهدفها. وحيث إن محكمة الموضوع لم تعتن ببحث المصلحة، ومدى تناسبها مع الشرط بعدم المنافسة؛ فقد نقضت محكمة النقض الفرنسية الحكم.

‌ب-   الوقائع المؤثّرة في التناسب

يتميَّز مبدأ التناسب بأنه يتعلَّق بحالة يتمتع فيها صاحب العمل السابق بمصلحة مشروعة، ولكن مع ذلك يبطُل شرط عدم المنافسة لأنه: «مُفرط»، وذلك بعد وزنه بالثمن المدفوع لأجل تنفيذه، ألا وهو تقييد حرية المدين به.

ولقد سبق وذكرنا أهم واقعة تؤدي إلى عدم التناسب، وتلك هي جور شرط عدم المنافسة على حرية العامل في استغلال تأهيله وخبراته المهنية، وهو ما يُطلق عليه: «تنمية المهارات المهنية».

ويندرج في الوقائع المؤثَّرة في التناسب كذلك، إذا ما كان نشاط صاحب العمل الجديد يُعدُّ نشاطًا فرعيًّا من أنشطة صاحب العمل السابق. وهو ما حكم به القضاء الفرنسي في قضية كانت شركة صيانة سيارات قد اشترطت على عاملها ألا يعمل في كل تجارة تتعلَّق ببيع قطع غيار السيارات والتي تستخدمها الشركة، على الرغم من أن هذا ليس غرضها الرئيس[119].

ثانيًا: ماهية أسرار العمل والاتصال بالعملاء

يتطلَّب التعرف على المصلحة المشروعة للمشروع بالتطبيق للقانون القطري التعرُّف على المقصود من أسرار العمل والاتصال بالعملاء، ثم ما إذا كان من متطلبات تطبيق المادة (43) أن يكون نشاطُ صاحب العمل تجاريًّا، بمفهومه في نظرية العمل التجاري.

(1) أسرار العمل

يتعيَّن التفرقة في القانون القطري بين «سر العمل» و«السر التجاري»، فليس كل ما يطَّلع عليه العامل هو سر تجاري، فالسر التجاري وفقًا للقانون رقم (5) لسنة 2005 بشأن الأسرار التجارية[120] هو:

«المعلومات التي في مجموعها أو في الشكل والتجمع الدقيقين لمكوناتها، غير معروفة عادة أو ليس من السهل الحصول عليها من قبل أي شخص في أوساط المتعاملين عادةً في هذا النوع من المعلومات»[121].

على أنه ليس كل سرٍ تجاريٍّ هو سرُ عملٍ. ونظرية شرط عدم المنافسة تتعلق بسر العمل وليس السر التجاري. فمن المعلوم أنه لا يكفي اطلاع العامل على المعلومة السرية، بمناسبة عمله، بل ينبغي أن يكون لتلك المعلومة أثرًا يُمكَّن العامل من الإضرار بمشروع صاحب العمل؛ أي أن يكون للسر دور وظيفي.

ولقد اعتنت محكمة النقض المصرية بإبراز الدور الوظيفي لأسرار العمل، والتي تُجيز المساءلة عند المنافسة غير المشروعة، بوصفها «أسرار عمل» بأنها:

«المعلومات السرية التي تتصل بنشاط صاحب العمل وجرى العرف على كتمانها ويكون من أثرها لو ذاع خبرها زعزعة الثقة بصاحب العمل أو منافسته بما يعود عليه بالضرر الجسيم»[122].

ولا يهم بعد ذلك، أن تكون أسرار العمل قادرةً على إنتاج تواصلًا مع عملاء جُدد، أو أنها تتعلَّق بكيفية التواصل مع عملاء صاحب العمل ذاته؛ المهم أن تكون إذاعتها مضرةً بصاحب العمل.

ولا يلزم لوقوع فعل عدم المنافسة، أن يتعلَّق بتوظيف سر عمل سري. فقد تكون طبيعة عمل العامل، ذاتها، تجعله في تواصل مع عملاء مشروع صاحب العمل، بدون أية سرية؛ ويكون لوجود هذا العامل دور هام في بقاء هؤلاء العملاء، أو على الأقل عدم تحركهم معه، إلى حيث يذهب: عاملًا، أو مستثمرًا مستقلًا.

(2) الاتصال بالعملاء

لم يتعرَّض قانون العمل لتحديد المقصود من «العملاء»، أو «الاتصال بهم»؛ ومن ثمَّ نرى وجوب الرجوع في شأن ذلك إلى القواعد العامة، والتي نراها في نظرية المتجر.

فلا يغيب عن الذهن أنه ليس كل مكان له مرتاديه يُعدُّ هؤلاء الأشخاص عملاء. كما أن ذلك لا يكفي لكي يُعد هذا المكان متجرًا. فينبغي أن يكون نشاط صاحب العمل «تجاريًّا»، وأن يكون الاتصال بالعملاء: «حقيقيًّا»[123]، و«ذاتيًّا»[124]. وكما هو معلوم في نظرية المتجر؛ فإن الاتصال بالعملاء لا يكون حقيقيًّا، إذا لم يكن المتجر قد أُفتِتَح من قبل، ولا يكون هذا الاتصال ذاتيًّا، إذا كان المكان يخدم عملاء كلهم عبارون، أو لا يعوَّلون على رضاءٍ شخصيٍّ من خدمة المتجر.

وبذلك لا يكون لشرط عدم المنافسة مشروعية عند غياب المصلحة، كما هو الحال إذا كان صاحب العمل السابق لا يتمتَّع بأسرار عملٍ، ولا يتمتَّع باتصالٍ بالعملاء بمفهومه في نظرية المتجر. كذلك الأمر عندما يتمتَّع بأي منهما، ولكن الشرط يمتد إلى أماكن لا توجد فيها أنشطة لصاحب العمل السابق[125].

وهكذا، وعلى الرغم من أن المادة (43) من قانون العمل القطري قد عُدِّلت بإزالة القيد الجغرافي، إلا أن هذا القيد متعيَّن الاعتبار بشأن الأماكن التي لا يوجد فيها لصاحب العمل السابق، مصلحةً مشروعةً.

ولا يغيب عن الذهن أن تقدير المصلحة المستهدفة مسألة واقع تختلف من حالة إلى أخرى، على أنه لا شك أن تلك المصلحة تتحقَّق كلما كانت طبيعة عمل العامل تجعله مؤثِّرًا في الاتصال بعملاء صاحب العمل. وهو ما يُعبر الفقه الفرنسي عنه بأن: «عقد العمل يضع العامل في تواصلٍ مع عملاء صاحب العمل»[126].

ومن الأمثلة الواضحة للعمال الذين يؤدي عملهم إلى التمتُّع بتواصل مع عملاء أصحاب العمل، وتتحقَّق معه المصلحة المشروعة: الممثلين التجاريين[127]، والذين يرتبطون بموكليهم بعقد عمل[128]، وتكون مهمتهم جلب العملاء. ففي رأينا طبيعة عمل هؤلاء التمثيل التجاريقرينةٌ بسيطةٌ على ارتباط عملهم بالاتصال بالعملاء.

(3) المادة (43) لا تقتصر على الأنشطة التجارية

حرص المشرِّع القطري في أن يتبنى في المادة (43) المصلحة المشروعة للمشروع مُعبِّرًا عنها بأسرار العمل أو الاتصال بالعملاء، دون استخدام حرف العطف «و»[129]. ولهذا أثرٌ هامٌ في توسُّع نطاق تطبيق المادة (43).

فصياغة المادة (43) معناها أن شرط عدم المنافسة غير قاصرٍ على المتاجر؛ حمايةً للاتصال بعملائها. فلو كان النص قد استخدم حرف العطف «و» لكان شرط عدم المنافسة ينطبق فقط على المتاجر. لكن، طالما استخدم المشرع حرف العطف «أو»، فيجوز أن تتمثَّل مصلحة صاحب العمل في مجرد حماية «أسرار العمل»، وإن لم يكن نشاط العملِ تجاريًّا.

وبذلك فإن المادة (43) تنطبق أيضًا في الحالات التي لا تتمتَّع فيها الأنشطة التجارية باتصال بالعملاء بمفهومه في نظرية المتجر. بل أكثر من ذلك، فإنها تعمل في مجال الأنشطة المدنية، كما في حال المهن الحرة.

(4) أثر مهمَّة العمل السابقة للعامل على مشروعية شرط عدم المنافسة

لم تكتف المادة (43) من قانون العمل القطري لمشروعية مصلحة المشروع أن يستهدف حماية أسرار العمل و/أو اتصاله بعملائه، بل ينبغي أن تكون المهمَّة السابقة لعمل العامل متصلةً بتلك الأسرار و/أو هؤلاء العملاء.

ومن ثَمَّ، فإن شرط عدم المنافسة يبطُل إذا ما كانت مهمَّة العامل لا تُمكِّنه من الاطلاع على أسرار العمل و/أو الاتصال بعملاء المتجر. وذلك هو المتحقَّق في شأن الكوادر غير المدرَّبة، وغير المؤهَّلة، وتلك ذات الأعمال البسيطة؛ فأصحابها لا يعرفون أسرار العمل، وليس لهم اتصالًا بعملائه[130]. وهو ما حكم به في فرنسا في شأن عامل مؤقَّت لمهمَّة محدودة لم يتصل بمناسبة تنفيذها بالعملاء[131].

وبذلك لا يكفي وجود خطر اتصال بعملاء المتجر لكي تنشأ مشروعية منع العامل من العمل تابعًا أو مستقلًافي نشاط منافس للمتجر، بل ينبغي أن تكون مهمَّة العامل السابقة قد وضعته في اتصالٍ بهؤلاء العملاء[132]، أو على الأقل مكنته من الاطلاع على أسرار العمل.

الفرع الثاني: صاحب المصلحة

يُراقب القضاء الفرنسي الحديث مشروعية سبب الالتزام العقدي بعدم المنافسة من حيث التحقُّق من مبرِّرِ هذا الالتزام وتناسبه مع المصلحة المستهدفة[133]. وهو ما يُعبَّر عنه هذا القضاء بعبارة أن الالتزام العقدي بعدم المنافسة: «... متناسب مع المصالح المشروعة للدائن»[134]. إنه الاتجاه الحديث الذي نؤيده ونوصي به لدولة قطر؛ لما فيه من نصرةٍ لحقوق الإنسان، والحريات الدستورية للعامل. وهو ما لم يغب ضمنًاعن المادة (43) من قانون العمل القطري.

أولاً: اشتراط عدم المنافسة لصاحب العمل السابق وخلفه

يغلب أن يُحقَّقُ الالتزام التعاقدي بعدم المنافسة مصلحةً مشروعةً لأحد أطراف العقد الذي يرد فيه الشرط، والأصل أنه هو صاحب العمل في عقد العمل الذي يتضمَّن شرط عدم المنافسة. فهو الدائن في شرط عدم المنافسة، وما العامل إلا المدين فيه.

على أنه، من الوارد انتقال الحق في الاستفادة من شرط عدم المنافسة إلى شخصٍ جديدٍ، كما هو الحال في انتقال شرط المنافسة الوارد في بيع المتجر، إلى مشترٍ جديدٍ له. طالما أن شرط عدم المنافسة يُشكَّل عنصرًا من عناصر المشروع الذي ينتقل إلى طرفٍ من الغير[135]. وهذا ليس ببعيدٍ عن مجال الاتفاق على عدم المنافسة في عقود العمل؛ فالعامل يظل ملتزمًا بالاتفاق بعدم المنافسة، ولو تغيَّر صاحب العمل المالك للمشروع الذي كان يعمل فيه العامل. وهذا محض تطبيق للقواعد العامة في الخلافة.

والجدير بالذكر، أن نظرية المتجر في القانون القطري، تتميَّز بالانتقال التلقائي لحقوق والتزامات مالك المتجر السابق إلى الجديد[136]. ومن ثم ينتقل إلى المالك الجديد للمتجر بالتطبيق لقانون التجارة القطريالتزام العامل السابق للمتجر إلى مالكه السابق، دون الحاجة لاتخاذ أي إجراء لنقل الحقوق والالتزامات. ومن تطبيقات ذلك أيضًا نص المادة (52) من قانون العمل القطري على انتقال عقد العمل إلى صاحب العمل الجديد.

ثانيًا: اشتراط عدم المنافسة لمصلحة الغير

لا يوجد ما يمنع من أن يتم اشتراط عدم المنافسة لمصلحة شخصٍ أو عدة أشخاصٍ من الغير، أي لغير صاحب العمل وخلفه. ويجمع كل هؤلاء اصطلاح «المستفيد»[137] من شرط عدم المنافسة.

فصاحب العمل قد يحرص على أن يوسَّع من النطاق الشخصي لشرط عدم المنافسة، فلا يكتفي بإلزام عامله بعدم منافسته شخصيًا، ومنافسة خلفه؛ حيث يُمدُّ التزام العامل إلى عدم منافسة وكيل صاحب العمل أو موزّعه، خاصةً إذا كان هذا الوكيل أو الموزّع يتمتَّع بشرط الحصرية[138]. والوكيل والموزع يعدُّون من الغير، ولكنهم قد يستفيدون من شرط المنافسة غير المشروعة، الوارد في عقد عمل العامل، بموجب اشتراط لمصلحة الغير يرد في هذا العقد.

المبحث الثاني: آثار الالتزام التعاقدي للعامل بعدم المنافسة

نقصُدُ من آثار شرط عدم المنافسة في عقد العمل الخاضع للقانون القطري، حالات نفاذ آثار الشرط (المطلب الأول)، وكذلك تعطيلها (المطلب الثاني).

المطلب الأول: نفاذ آثار الشرط

يترتَّب على انعقاد شرط عدم المنافسة صحيحًا التزام العامل بتنفيذه، وإلا سُئِلَ هو ومن أعانه من الغير عن الإخلال به. على أنه يحقُّ التساؤل عمَّا إذا كان التزام العامل هذا، مُعلقًا على شرطٍ واقفٍ، هو حصوله على مقابل مالي عن تنفيذه لهذا الالتزام. ومن ثمَّ، يتطلب تناول نفاذ آثار الشرط التعرُّف على مسؤولية المخالفين (الفرع الأول)، ومدى التزام صاحب العمل بمقابل مالي عن التزام العامل بالشرط (الفرع الثاني).

الفرع الأول: طبيعة الالتزام بعدم المنافسة والمسؤولية المُترتبة على مخالفته

الالتزام بعدم المنافسة هو التزام بتحقيق نتيجة، هي عدم المنافسة، وهي تقع بالعمل المنافس، والذي يؤدي وقوعه إلى انعقاد مسؤولية العامل، فضلًا عن مسؤولية من يشاركه في المخالفة من الغير.

أولاً: مسؤولية العامل

يخضع الإخلال بالاتفاق بعدم المنافسة للقواعد العامة في المسؤولية المدنية، في ظل أحكامٍ خاصةٍ في هذا الشأن ترد في قانون العمل القطري.

والأصل أن المسؤولية المدنية تنعقد للعامل المُخِلِّ بالالتزام بعدم المنافسة، بمجرد مخالفته للشرط، ودون الحاجة لإعذاره[139]؛ لأن التزامه هو بتحقيق نتيجة[140]، وهي مسؤولية عقدية. ويتحمَّل صاحب العمل عبء إثبات المخالفة[141].

ولا يؤثَّر في التزام العامل بالشرط أن يكون صاحب العمل قد توقَّف عن العمل[142]، فقد يكون ذلك مؤقتًا، أو يكون قد نقل المشروع إلى شخصٍ جديدٍ، فالحق في الشرط ينتقل إلى الصاحب الجديد للمشروع. على أن الشرط ينقضي بانقضاء المصلحة المستهدفة منه، مثل تصفية مشروع صاحب العمل عقب صدور الحكم بإفلاسه[143].

علمًا بأن الاجتهاد القضائي الفرنسي يُيسَّر لصاحب العمل المضرور من مخالفة العامل لتعهُّده بعدم المنافسة الحصول على التعويض، وإن لم يُثبِت هذا المضرور ضررًا: حالًا ومؤكَّدًا[144]. وهذا محضُ تطبيقٍ للقواعد العامة؛ فالضررُ قد يكون مستقبليًّا ولكنه مُحقَّق الوقوع.

ولم يتعرَّض القانون القطري لمعالجة الاتفاق على شرط جزائي لمكافحة مخالفة العامل لالتزامه التعاقدي بعدم المنافسة، بخلاف مشرعين آخرين كالمصري والذي أبطل كلًا من هذا الشرط والتعهُّد بعدم المنافسة، كلاهما؛ وذلك إذا ما كان الشرط مبالغًا فيه، بشكلٍ يجعله وسيلةً لإجبار العامل على البقاء مع صاحب العمل مدةً أطول من المدة المُتَّفق عليها[145]. وهذا تشدُّد مُنتقد، من جهتين: فأولًا، الجزاءُ قاسٍ؛ حيث يَبطُل الشرط الجزائي وشرط عدم المنافسة كلاهما، وهو يخالف مبدأ الاقتصاد في البطلان سابق الإشارة؛ وثانيًّا، بفرض بطلان الشرط الجزائي، فإنه كالتزام تابع، كان من الواجب أن ينقضي وحده، دون الالتزام الأصلي، وهو الالتزام بعدم المنافسة، بالطبع ما لم يثبُت أنه الدافع إلى التعاقد[146].

وبذلك، نستحسن عدم أخذ المشرِّع القطري بنص بطلان الشرط الجزائي في شرط عدم المنافسة؛ حيث يكفي في رأينا تطبيق القواعد العامة، والتي تُجيز وفقًا لضوابط معينةتعديل التعويض الاتفاقي، بالزيادة[147] أو النقصان[148]، دون المساس ببقاء شرط عدم المنافسة. وهو ما يستقر عليه القضاء في فرنسا[149].

ويحرص أصحاب الأعمال عند اختيارهم شرط عدم المنافسة في عقد العمل أن يجمعوه مع شرط جزائي لفائدتين: أولًا، التخفيف من عبء إثبات تضرُّرهم من مخالفة العامل للشرط، فالضرر بموجب الشرط الجزائي مفترضٌ؛ وثانيًا، ردع العامل عن المخالفة[150].

ويرى بعض الفقه في دولة قطر أن دعوى مسؤولية العامل عن مخالفة شرط عدم المنافسة لا تخضع لميعاد التقادم القصير لدعوى العمل؛ لأن نص التقادم قاصرٌ على منازعات العمل، ومنازعة المنافسة غير المشروعية تتعلَّق بعمل غير مشروع يقع عقب انتهاء علاقة العمل.

وبذلك، تخضع دعوى مسؤولية العامل عن الإخلال بشرط عدم المنافسة للتقادم العادي، وهو خمس عشرة سنة من تاريخ العلم بوقوع المخالفة، مع عدم وجود العُذر من إقامة الدعوى[151]. وكنَّا نفضل لو أن المشرع قد اختص تقادم هذه الدعوى بنصٍ خاصٍ يُقصِّرُ من ميعاد تقادمها، كما فعل المشرع السعودي[152]، والإماراتي[153]، بتبني ذات مدة تقادم دعوى عقد العمل[154].

ثانيًا: مسؤولية الغير

وغني عن البيان أن صاحب العمل الجديد الذي يستعين بالعامل المُخل، لا يُسأل عقديًّا عن إخلالٍ بالتعهُّد بعدم المنافسة، والحال أنه من الغير تجاه هذا التعهُّد[155]. على أن هذا الشخص يلتزم، بعدم الإضرار بالغير، وبأصول المنافسة المشروعة؛ وإلا سُئِل عن فعله غير المشروع، وليس عن فعل العامل، بموجب دعوى المنافسة غير المشروعة[156]، ذات المصدر القانوني[157]؛ فهي بخلاف مخالفة العامل لتعهُّده بعدم المنافسةتقصيرية[158].

وناهيًا عن الذكر، إمكانية انعقاد المسؤولية العقدية بين صاحب العمل وآخر، يجمعهما ما سبقت الإشارة إليه من شرط تنظيم منع انتقال العمالة بينهما، والذي يُطلق عليه «شرط عدم الإغواء».

وفي رأينا، يبطُل عقد العمل الجديد المستهدِف توظيف أسرار العمل و/أو علاقات العامل بعملاء صاحب العمل السابق، لنقل عملاء مشروع صاحب العمل القديم إلى الجديد؛ وذلك لعدم مشروعية المحل والسبب[159].

ويجوز لصاحب العمل أن يطلب قضائيًا التنفيذ العيني لالتزام العامل؛ وذلك بطلب غلق منشأة العامل المنافسة[160]، أو تلك التي يعمل لديها، فضلًا عن التعويض، وللقاضي أن يستخدم الغرامة التهديدية.

ولا نرى مشروعية أمر العامل بترك العمل لدى الغير أو التخارج من مشاركته بحصة عمل، ولو كانت هناك مخالفة لشرط عدم المنافسة؛ لمساس هذه الصورة من التنفيذ العيني بحرية المدين الشخصية. فالجزاء في مواجهة العامل يكون بالتعويض.

وسواءً كان الإخلال من قبل العامل أو صاحب العمل الجديد؛ فإن الجزاء المدني في الاجتهاد القضائي الفرنسي وهو ما يمكن أن يتحقَّق في قطريتَّسع لطلب غلق المنشأة المخالفة بموجب أمر القضاء المستعجل[161]، نتيجة «الاضطراب الواضح وغير المشروع»[162]؛ منعًا لوقوع «ضرر مُحقَّق»[163].

ومع ذلك لا يخفى مشاكل الاختصاص القضائي عندما يرغب صاحب العمل المضرور من مقاضاة كلٍ من: العامل وصاحب العمل الجديد. وفي هذا الشأن، حكمت محكمة النقض الفرنسية، في 9 يونيو 2021، بأنه إذا كانت المحكمة التجارية مختصة -وذلك في سياق نزاع بين شركتين تجاريتين- للحكم في صحة ومخالفة شرط عدم المنافسة الذي يتعلَّق بعامل إحداهما؛ ينبغي تعليق الدعوى أمام القضاء التجاري إلى أن يحكم القضاء العمالي[164]. على أنه لا ينطبق الأمر نفسه على قاضي الأمور المستعجلة التجاري؛ حيث إن: قراره مؤقتٌ بطبيعته، ولا يحسم موضوع النزاع[165]. وهو ذات الحكم الذي نرى وجوب إعمالِه في دولة قطر، عقب إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة[166]، في ظل وجود مسار قضائي خاص لتسوية منازعات العمل[167].

الفرع الثاني: المقابل المالي عن تنفيذ العامل لشرط عدم المنافسة

لم تستلزم المادة (43) من قانون العمل القطري المقابل المالي[168] لصحة شرط عدم المنافسة في عقد العمل. وبذلك، فإن المبدأ هو صحة الشرط ولو لم يتم الاتفاق على هذا المقابل، مع جواز الاتفاق على تطبيقه. ونحن نناصر تعديل قانون العمل القطري باستحداث هذا المقابل، كما هو الحال في: إسبانيا، وإيطاليا، وبلجيكا، وألمانيا[169].

ولا يتضمَّن قانون العمل الفرنسي لنصٍ يستلزم المقابل المالي عن شرط عدم المنافسة في عقد العمل. وفي البداية رفضت محكمة النقض الفرنسية استلزام هذا المقابل في غيبة الاتفاق[170]. على أنَّها عدَلَت عن ذلك بموجب ثلاثة أحكام ثورية صدرت في يوم واحد هو 10 يوليو 2002[171]. إنها الأحكام التي وصفها وبحقالفقيه «سوراه»، بأنها كانت بمثابة تسونامي[172]. وهي الأحكام التي دشنت مبدأ أن المقابل المالي ركن لنشأة شرط عدم المنافسة في عقد العمل، فضلًا عن التأكيد على مبدأ الاستيفاء الجمعي لضوابط مشروعية هذا الشرط، وهو ما أصبح أمرًا مستقرًا أمام القضاء الفرنسي منذ ذلك الحين.

علمًا بأن الحكم الأول (قضية La Mondiale) يتعلَّق بإلغاء حكم محكمة استئناف «الرن»، والذي لم يمنح عامل مفصول في شركة تأمين مقابلًا ماليًّا عن شرط عدم المنافسة. أمَّا الحكم الثاني (قضية Maine Agri) فيتعلَّق بإلغاء حكم محكمة استئناف «دنجير» والذي لم يستلزم لصحة شرط عدم منافسة مقابلًا ماليًّا، وذلك في قضية قام فيها مسؤول متجر بمخالفة الشرط عقب ممارسته المستقلة لنشاط منافس لصاحب العمل. في حين كان الحكم الثالث (قضية MSAS Cargo International) بشأن إلغاء حكم محكمة استئناف «أكس أنبروفنس»، والذي لم يُبطل شرط عدم المنافسة لغياب المقابل المالي، في دعوى تعويض ضد ثلاثة عمال انتقلوا إلى شركة منافسة في مجال النقل، على خلاف الشرط.

وبفرض تبني المشرع القطري أو المحاكم القطرية[173] للاجتهاد القضائي الفرنسي في شأن استلزام المقابل المالي لنشأة شرط عدم المنافسة في عقد العمل، أو على الأقل عند اتفاق الأطراف عليه؛ فإن القاضي القطري سيستفيد من الاجتهاد القضائي الفرنسي في هذا الشأن، وبخاصة من حيث: النظام القانوني للمقابل؛ وأثر عدم وجوده؛ وشروط استحقاقه.

أولاً: النظام القانوني للمقابل المالي

يتطلَّب التعرُّف على النظام القانوني للمقابل المالي لشرط عدم المنافسة في عقد العمل أمام القضاء الفرنسي تناول: مكان ذكر هذا المقابل، وطبيعته القانونية، وتقديره، وسداده.

(1) أين يتم ذكر المقابل المالي؟

وفقًا للاجتهاد القضائي الفرنسي، يصحُ أن يحيل عقد العمل الفردي إلى الاتفاقية الجماعية للعمل في شأن المقابل المالي لشرط عدم المنافسة[174]. لكن إذا كان المبلغ في عقد العمل الفردي يقلُّ عن ذلك الوارد في الاتفاقية الجماعية، جاز للعامل أن يتمسَّك ببطلان الشرط[175]، ويجوز له إذا رغب في الإبقاء على الشرط، التمسُّك بمبلغ الاتفاقية الجماعية[176].

ويجيز الاجتهاد القضائي الفرنسي أن يرد المقابل المالي ضمن «التعويض الجزافي للصلح»[177]، بمناسبة تنظيم الانقضاء المبتسر للعمل. على أن إبرام تسوية ودية للانقضاء المبتسر للعمل، لا تتضمَّن تعويضات جزافية، ودون أن تتضمَّن الموقف من شرط عدم المنافسة الوارد في عقد العمل، لا يعني أن صاحب العمل قد تنازل عن الشرط[178].

(2) الطبيعة القانونية للمقابل المالي

لقد كان شرط عدم المنافسة في عقد العمل يستمد سببه المشروع في فرنسا -قبل أحكام محكمة النقض الفرنسية لعام 2002- مما يتلقاه العامل أثناء تنفيذ عقد عمله من عائد مادي وخبرات. على أنه، إذا كان ذلك يصلح في بقية العقود التجارية بالنسبة للمدين بالشرط[179]؛ إلا أنه -وفقًا لأحكام 2002- لم يعُد كافيًا في عقد العمل، بل الدقة أنه لم يعُد السبب المشروع للالتزام بالشرط؛ حيث يلزم لذلك مقابل مالي خاص.

ويستقر الفقه الفرنسي على أنه ينبغي أن يكون المقابل المالي لشرط عدم المنافسة في عقد العمل مبلغًا من المال، فلا يجوز أن يتخذ صورة تأهيل العامل عقب انقضاء العمل، أو منحه مؤهلًا مهنيًا[180].

ووفقًا لمحكمة النقض الفرنسية، في حكمها الصادر في 13 أكتوبر 2021؛ فإنه: لا يُشكل المقابل المالي عن شرط عدم المنافسة «تعويضًا جزافيًّا» متفقًا عليه في حال عدم تنفيذ الالتزام العقدي؛ ومن ثمَّ لا يمكن تكييف الاتفاق على المقابل المالي بأنه «شرط جزائي»[181].

ويترتب على أن المقابل المالي ليس تعويضًا، ولكنه مقابلًا لإعمال الشرط، أن هذا المقابل ليس مكافأة لنهاية الخدمة الحسنة، كما أنه ليس مقابلًا للأقدمية[182]، كذلك فإنه يُستحَق، بشكلٍ تلقائيٍّ، ودون التزام العامل بإثبات ضررٍ ما[183].

وبذلك فإن الأرجح استبعاد «الطبيعة التعويضية»[184] للمقابل لصالح اعتبار المقابل «مكملًا للأجر»[185]، نتيجة تنفيذ العامل لآخر التزاماته بموجب عقد عمله. وبذلك، يخضع هذا المقابل لأحكام الأجر وبخاصة من حيث: ضماناته، والحجز عليه، وتقادمه[186].

(3) تقدير المقابل المالي

لا ينصُّ القانون الفرنسي على رقمٍ معينٍ، أو معيارٍ تفصيليٍّ، لتقدير المقابل المالي عن شرط عدم المنافسة في عقد العمل. وبذلك يختلف المقابل المالي من حالة إلى أخرى، ومعياره هو التناسُب بين نطاق الشرط وكثافة المساس بحرية الموظف المهنية، وبخاصة بالمقارنة بدخله المهني قبل تنفيذه للشرط[187].

ولا شك أن تقدير ما حصل عليه العامل من عائد، يظل له أهمية عند تقدير التناسُب بين تقييد حريته، وتحقيق مصلحة صاحب العمل، حتى في الدول التي لا تستلزمه ركنًا لنشأة الشرط، كما في دولة قطر. وقريبًا من هذا قول الفقه في دولة قطر بأن على قاضي الموضوع عند مراقبته لمشروعية المصلحة من شرط عدم المنافسة في عقد العمل، أن يأخذ في الاعتبار ما يكون العامل قد حصُل عليه مقابلًا للشرط[188].

ويشير الفقه إلى جواز أن يُعيَّن المقابل المالي بمبلغٍ جزافيٍّ معيَّنٍ، ويجوز أن يكون قابلًا للتعيين، بنسبةٍ مئويةٍ من متوسط آخر مرتب شهري للعامل (كالثلثين)[189].

على أن من الأهمية بمكان أن يكون المقابل المالي: «حقيقيّا»[190]، و«كافيًا»[191]؛ فلا يجوز أن يكون «وهميًّا»[192] أو كما تقول محكمة النقض الفرنسية «تافهًا»[193].

فإذا كان العامل قد حصل على مقابل للشرط أثناء العمل، وآخر بعد انتهاء العمل؛ فإن تفاهة المقابل تُقاس بما حصل عليه من مقابل بعد انتهاء العمل[194].

كما حكمت محكمة النقض الفرنسية أنه لا يكفي أن يكون مقابل شرط عدم المنافسة مبالغ دفعت أثناء العمل؛ حيث يصبح الشرط باطلًا، ومن ثمَّ لاغيًا[195]؛ وذلك لتفادي التداخل بين تلك المبالغ والمقابل، وعدم التمكن من مراقبة كفاية الأخيرة.

وغنيٌ عن البيان أن المقابل المالي لشرط عدم المنافسة لا شأن له ببقية مستحقات العامل التي تترَّتب على انقضاء العمل، فلا يجوز تقرير وجوده باستيفائها؛ فهو قيمة مالية تزيد عليها. ومن هنا، كان منطقيًّا ألَّا يُصبح المقابل المالي واجبًا في حال «وفاة العامل»[196].

وحيث إن المقابل المالي يتعلَّق بالفترة التي سيلتزم فيها العامل بعدم المنافسة؛ حُكِم ببطلان ربط تقدير المقابل المالي وأقدمية العمل[197]. فالعبرة بالنطاق الزماني لشرط عدم المنافسة، بغض النظر عن أقدمية فترة العمل السابقة.

ويتميَّز الاجتهاد القضائي الفرنسي بالفصل بين مصير شرط عدم المنافسة وسبب انقضاء العمل، وإن كان بسبب فصل العامل للخطأ الجسيم، ومن هنا أبطلت محكمة النقض الفرنسية الربط بين الوفاء بالمقابل وألَّا يكون انقضاء العمل بسبب خطأ العامل[198]. وهو موقف منطقي؛ حيث يعود إلى أن سبب المقابل هو الفعل السلبي، والمتمثل في عدم العمل خلال فترة الشرط.

(4) سداد المقابل المالي

لا يوجد طريقة معينة لسداد المقابل المالي، في القانون الفرنسي، وبذلك يجوز أن يتم الاتفاق على دفع المبلغ كله، عند نشأة الحق فيه، أو تقسيمه على دفعات تغطي النطاق الزمني لشرط عدم المنافسة. وينتشر استخدام الوسيلة الثانية «الوفاء على دفعات»[199]؛ لأنها تمنح صاحب العمل رخصة الدفع بعدم التنفيذ عند إخلال العامل، بعكس الطريقة الأولى والتي سيضطر فيها صاحب العمل إلى اللجوء للقضاء طالبًا الاسترداد[200].

على أن القضاء الفرنسي قد حكم ببطلان الاتفاق على أن يكون سداد المقابل المالي مقدَّمًا قبل بدء استحقاقه[201]، أو أن يكون المقابل واجب السداد في نهاية فترة التعهُّد بعدم المنافسة[202]. ويبدو أن السبب في بطلان الأمر الأول هو عرقلة مراقبة تناسب المبلغ، والحال أن التقدير يكون في ضوء فترة التنفيذ وليس وقت الاتفاق على الشرط. ويبدو أن السبب في بطلان الأمر الثاني هو حماية مصلحة العامل في اليقين القانوني، فضلًا عن أن الفترة قد تطول والمقابل يأخذ حكم الأجر.

ثانيًا: أثر غياب المقابل المالي

يترتَّب في الاجتهاد القضائي الفرنسي على غياب الاتفاق المباشر أو غير المباشرللمقابل المالي عن شرط عدم المنافسة في عقد العمل، أو الاتفاق عليه دون أن يكون حقيقيًا وكافيًا، أو عند الاتفاق عليه دون دفعه، حق العامل في أن يطلب أمام القضاء بإعلان[203] الشرط غير قابلٍ للنفاذ في مواجهته[204]؛ لأنه باطل[205].

ولا يُجيز القضاء الفرنسي لطرف من الغير أن يطلُب تعطيل شرط عدم المنافسة لعدم استيفائه لأركان وشروط صحته، فهذا أمر يخُص العامل[206]؛ حيث حُكِمَ بعدم قبول ذلك من طرف صاحب العمل[207].

ويستقر اجتهاد محكمة النقض الفرنسية على أن انتهاء قاضي الموضوع إلى تفاهة المقابل المالي[208]، يؤدي إلى بطلان الشرط، دون أن يمتلك القاضي إعادة تقدير المقابل؛ فهو لا يحل تقديره[209] محل تقدير الأطراف. وهذا استثناء من مبدأ المراجعة القضائية للشرط. وسبب ذلك، هو منع أصحاب الأعمال خفض المقابل مُعوِّلين على سلطة المراجعة القضائية، ودعمًا لليقين القانوني.

وغنيٌ عن البيان، أن القواعد العامة في قطر وفرنسا، لا تمنع الحكم من تعويض العامل[210]، عمَّا أصابه من ضرر بسبب التزامه؛ بشرط عدم المنافسة الباطل[211].

ثالثًا: شرط استحقاق المقابل المالي

الأصل أن مجرد وجود شرط عدم المنافسة يمنح العامل الحق فيه، دون استلزام إثباته للضرر، فهو مقابل مجرد توقفه عن العمل. ومن ثمَّ، يسقط هذا الحق عند مخالفته، ولو بشكلٍ جزئي. وهذا ما حكمت به محكمة النقض الفرنسية مؤخرًا، في 5 مايو 2021، في مواجهة عاملة لم تجتز فترة التجربة لدى المنافس؛ حيث قرَّرت محكمة الاستئناف وأقرتها في ذلك محكمة النقض الفرنسيةأن المبدأ لأجل استحقاق المقابل هو أن: «الشرط ينبغي احترامه في مجموعه»[212].

ويلزم للحديث عن الحق في المقابل المالي عن شرط عدم المنافسة، أن ينصرف شرط عدم المنافسة إلى العامل. فإذا لم تنشأ علاقة العمل إلا عقب نشأة شرط عدم المنافسة، فلا محل للمطالبة بالمقابل المالي؛ لأن العاملَ غيرُ ملزمٍ بالشرط، من حيث الأصل. وهذا ما تعرَّضت له محكمة النقض الفرنسية مؤخرًا، في حكمها الصادر في23 يونيو 2021، بمناسبة نشأة شرط عدم منافسة في «وثيقة تنازل عن الأسهم»، والتي تضمنت أيضًا وعدًا بالعمل[213] لصالح مدير الشركة والذي كان يديرها، بصفته شريكًا فيها. فلقد تم إبرام وثيقة التنازل في 21 ديسمبر 2011، في حين أن عقد العمل بدأ في 2 أبريل 2012[214].

ويُلاحَظ أن محكمة النقض الفرنسية لم تعُد تحمي فقط العامل في مجال المقابل المالي. ففي حكم حديث لها، صدر في 4 نوفمبر 2020، أنصفت هذه المحكمة صاحب العمل (شركة)، بإبطال تعهُّد العامل (مدير الشركة) بعدم المنافسة، ومن ثمَّ عدم استحقاقه للمقابل المالي المتَّفق عليه؛ بسبب المبالغة في التقدير بالمقارنة بضعف النطاق الجغرافي لتعهُّد العامل بعدم المنافسة، وأخذًا في الاعتبار بأن هذا المقابل المالي قد تمَّ الاتفاق عليه بين العامل (المدير) وصاحب العمل (الشركة) في ظروف مواجهة صاحب العمل (الشركة) لظروف اقتصادية صعبة[215]. وفي رأينا، هذا الحكم يدشن اتجاهً جديدًا، يرى في ضوابط مشروعية شرط المنافسة غير المشروعة، ما يحقّق مصلحة كل أطراف العلاقة، وليس العمال وحدهم.

والملفت أن أصحاب الأعمال في فرنسا والراغبين في تقييد حرية العمالة الماهرة، دون تحمل تكلفة المقابل المالي، يتجهون نحو إبرام اتفاقات بينهم لهذا الشأن -سبق وذكرناها- والتي تتضمن: «شرط عدم الإغواء». ولقد ثار التساؤل في فرنسا، عمَّا إذا كان من حق العامل الذي يتضرَّر من تلك الاتفاقات أن يطلب من القضاء تعويضًا؟

كما سبقت الإشارة، يستقر القضاء الفرنسي، منذ حكم محكمة النقض الفرنسي في 10 مايو 2006 (قضية Metaware)، على أن شرط عدم الإغواء، والمُبرَم بين أصحاب الأعمال في شأن تنظيم انتقال العمالة بينهم، ليس شرطًا مشتقًا من شرط عدم المنافسة الذي يرد في عقد العمل، والحال أن العامل ليس طرفًا فيه، ومن ثمَّ لا يخضع لقيوده، ومنها المقابل المالي[216]. على أن ذلك لا يمنع من حق العامل في المطالبة بالتعويض؛ عن تضرره من شرط عدم إغواء بين أصحاب الأعمال. والمهم في هذا الشأن أن المبلغ الذي يحق للعامل أن يطالبَ به، في مجال شرط عدم الإغواء، ليس بمقابل مالي، فهو تعويضٌ نتيجة تضرر العامل من عملٍ غيرِ مشروع. لذا يلزم في رأينا - أن تثبت عدم مشروعية شرط عدم الإغواء؛ كأن يكون مخالفًا لقوانين المنافسة.

وعلى الرغم من أن قضاء محكمة النقض الفرنسية كان مستقرًا على عدم استحقاق العامل لتعويضٍ عن شرط عدم الإغواء إلا بإثبات الفعل الضار، فضلًا عن الضرر، في حكمها الصادر في 5 يونيو 1996[217]؛ إلا أنها تخفَّفت من ذلك مكتفيةً بأن يثبت العامل مجرد الضرر[218]، وذلك بموجب حكمها الصادر في 2 مارس 2011[219](قضية Reuters Financial Software)، عقب إلغائها لحكم محكمة استئناف فارسي، الصادر في 4 ديسمبر 2008، والذي منح العامل المُتضرَّر تعويضًا، دون إثبات ضررٍ[220]. ولا شك أن هذا الاجتهاد القضائي يعوزه التبرير، على الأقل بالتطبيق للقواعد العامة.

علمًا بأن بعض الفقه يرى ضرورة التشدُّد مع شرط عدم الإغواء، عندما يصدُر عن شركات تكون في وضعٍ مسيطرٍ في السوق، مما يجعل الشرط يقترب من شرط عدم المنافسة في عقد العمل، من حيث أثره[221]. وهذا موضوع آخر، يخرج عن نطاق بحثنا[222].

المطلب الثاني: تعطَّل آثار الشرط

قد يتعرَّض شرط عدم المنافسة أو عقد العمل الذي يتضمنه، أو كلاهما، لعوارضَ غير إرادية (الفرع الأول) أو إرادية (الفرع الثاني)، تدفع إلى التساؤل حول أثرها في بقاء شرط عدم المنافسة منتجًا لآثاره.

الفرع الأول: العوارض غير الإرادية

تتمثَّل العوارض «غير الإرادية» التي قد يتعرَّض لها شرط عدم المنافسة في عقد العمل في: البطلان، والإنهاء القضائي لعقد العمل.

أولاً: البطلان

قد يتعرَّض شرط عدم المنافسة وعقد العمل الذي يرد فيه، كلاهما للبطلان، أو يتعرَّض أحدهما للبطلان؛ مما يدفع إلى التساؤل حول أثر ذلك.

(1) أثر بطلان الشرط

الأصل عند الحكم ببطلان التصرف هو زوال آثاره بشكلٍ رجعيٍّ[223]. وبذلك، فإن الأصل أن يترتب على بطلان شرط عدم المنافسة في عقد العمل، إزالة كل آثاره بأثر رجعي.

ومع ذلك، وتطبيقًا لمبدأ الاقتصاد في البطلان، ومراعاةً لمصلحة العامل؛ فإن الاجتهاد القضائي الفرنسي يتخفَّف في تطبيق البطلان في شرط عدم المنافسة في عقد العمل وهو اجتهاد نرى أن تستأنس به المحاكم القطريةوبخاصة من حيث الآتي:

أولًا: تمتُّع القاضي بسلطة مراجعة[224] الشرط. ولقد سبق ورأينا ذلك في تعديل القاضي للنطاق الجغرافي للشرط بالتخفيف من غلوائه. وهو رأيٌ قيل به في الفقه القطري مُسبَقًا[225]. على أن سلطة المراجعة القضائية الفرنسية، وكما سبقت الإشارة، لم تمتد إلى إعادة تقدير المقابل المالي عن الشرط؛ لتفادي عدم اليقين ومبالغة أصحاب الأعمال في تفاهة المقابل، انتظارًا لرفعها من قبل القضاء.

وثانيًا: استكمال شرط عدم المنافسة بأية قواعد مهنيَّة أخرى ترد مثلًا في أحكام الاتفاقيات الجماعية للعمل، بشرط أن تكون أصلح للعامل[226]، وهو ما يمكن تطبيقه في دولة قطر لو كانت هناك إحالة على شروط عامة مهنية للتعاقد تنظم الشرط.

وثالثًا: إذا وقع بطلان شرط عدم المنافسة؛ فإن القضاء الفرنسي يستقر على أنه مُقرَّر لمصلحة العامل وحده؛ فلا يقبل من صاحب العمل الدفع به للتنصل من المقابل المالي[227]؛

ورابعًا: إذا لم تتيسَّر المراجعة القضائية لشرط عدم المنافسة، تُطبَّق نظرية انتقاص العقد[228]، ويُعتبر الشرط كأن لم يكُن[229]؛ أي عدم إبطال عقد العمل[230]؛

وخامسًا: على الرغم من الحكم ببطلان الشرط، الحكم بالتعويض للعامل[231] إذا ثبت تضرره من تنفيذه[232]؛ حيث يفترض أن المشترط هو صاحب العمل[233]؛

وسادسًا: على الرغم من الحكم ببطلان شرط عدم المنافسة؛ فإنه لا يجوز لصاحب العمل استرداد المقابل المالي؛ لأنه مُكمَّل للأجر[234].

(2) أثر بطلان عقد العمل

يثور التساؤل عمَّا إذا كان الحكم ببطلان عقد العمل يؤدي إلى زواله، وكذلك زوال ما يتضمنه من شرط عدم منافسة؟ وما إذا كان الشرط ينجو، إذا ما كان يتضمن اتفاقًا في شأن استقلاله عن عقد العمل؟

يُعدُّ شرط عدم المنافسة بمثابة التزام فرعي يخدم الالتزام الأصلي ألا وهو عقد العمل؛ وهو ما يؤدي إلى علاقة تبعية بينهما. ومن ثمَّ، يستقر القضاء الفرنسي على وجوب أن يكون العقد الأصلي (وهو هنا: عقد العمل): «حقيقيًّا»، و «صحيحًا»، و«نافذًا»[235]، لأجل نشأة وصحة شرط عدم المنافسة الذي يتضمنه.

وبذلك لا محل لنشأة شرط عدم المنافسة في العقد «المصطنع»[236]، أي الصوري.

ويثور التساؤل، عمَّا إذا كان يُمكن فصل علاقة التبعية بين شرط عدم المنافسة والعقد الأصلي، بموجب اتفاق الأطراف على «ذاتية شرط عدم المنافسة»[237]؟

يرى بعض الفقه الفرنسي جواز ذلك؛ عند اقتناع القاضي بالإرادة الحقيقية للأطراف[238]. ومن جانبنا، نتشكَّك في ذلك، على الأقل في شأن شرط عدم المنافسة الملزم لجانب واحد، كما هو الحال في القانون القطري، فهنا يكون الالتزام الأصلي (عقد العمل مثلًا)، هو سبب الالتزام الفرعي (شرط عدم المنافسة)؛ فلا يمكن للالتزام الفرعي هناأن يقوم بدون سبب مشروع، هو عقد العمل.

ثانيًا: الإنهاء القضائي لعقد العمل

غنيٌ عن البيان أن عقد العمل يُعدُّ من عقود المدة، وبذلك فإن انقضاءه قبل الأوان يُعدُّ من قبيل الإنهاء[239]، وليس الفسخ[240]. ونركز هنا في أثر إنهاء عقد العمل على بقاء شرط عدم المنافسة بموجب حكم المحكمة، فهو عارضٌ غير إرادي، يُطلَق عليه الفقه: «الإنهاء القضائي»[241].

وفي رأينا، إذا أُنهِي عقد العمل الخاضع للقانون القطريبحكم المحكمة لخطأ العامل؛ فإن ذلك لا يمنع من التزامه بالشرط، بمفهوم المخالفة للمادة (43) من قانون العمل القطري. أمَّا إذا قرَّرت المحكمة إنهاء العقد لخطأ صاحب العمل، فإن ذلك يستصحب انفساخ شرط عدم المنافسة، بالتطبيق للمادة ذاتها.

ويتحدَّث بعض الفقه الفرنسي عن إنهاء عقد العمل بحكم المحكمة باصطلاح «الفسخ»[242]، ويرى هذا الفقه أنه لم يعُد شرط عدم المنافسة يتأثَّر بفسخ العقد الذي يرد فيه؛ بفضل تعديل المادة 1230 من القانون المدني الفرنسي في عام 2016[243]، والتي ذكرت هذا الشرط كمثال لما يبقى من شروط العقد على الرغم من فسخه. ويرى هذا الفقه أيضًاأن اجتهاد محكمة النقض الفرنسية لم يكن واضحًا حول أثر الفسخ على شرط عدم المنافسة، قبل تعديل القانون المدني في العام 2016[244]. فهي ترفض اجتماع الفسخ واستمرار شرط عدم المنافسة (الغرفة المدنية)[245] تارةً، وهي تعوُّل على نية الأطراف (الغرفة العمالية)[246] تارةً أخرى. وبذلك يرجح هذا الرأي بقاء شرط عدم المنافسة على الرغم من الإنهاء القضائي لعقد العمل[247].

الفرع الثاني: العوارض الإرادية

يتعرَّض شرط عدم المنافسة في عقد العمل إلى عوارض «إرادية» تؤدي إلى انقضائه، سواء كان ذلك بالاتفاق الودي للأطراف أثناء تنفيذ عقد العمل، أم عند استقالة أو فصل العامل، أم عند تمتُّع صاحب العمل برخصة التنازل عن الشرط. علمًا بأن بعض الأنظمة القانونية تربط بين بعض أحوال عدم تجديد صاحب العمل لعقد العمل وبقاء شرط عدم المنافسة.

أولاً: الاتفاق الودي بشأن إنهاء عقد العمل

لا يوجد ما يمنع من أن يتَّفق صاحب العمل والعامل على إنهاء عقد العمل في أي مرحلة من مراحل تنفيذه؛ إنه «الانقطاع بالاتفاق المشترك»[248]. ولا محل للتساؤل حول بقاء شرط عدم المنافسة، حينما يتَّفق الطرفان صراحةً على انقضائه أم إنشائه، عن إرادة سليمة. وكما سبقت الإشارة؛ نشاطر القضاء الفرنسي تشدُّده في حماية العامل عند الاتفاق على الانقضاء المبتسر للعمل.

على أن الراجح لدينا أنَّه: ما لم يتفق الأطراف على الانهاء الاتفاقي لشرط عدم لمنافسة؛ فإن العامل يلتزم بتنفيذ الشرط، وبخاصة إذا حصُل على مقابل عن تنفيذه.

ولقد استحدث مجلس الوزراء في دولة الإمارات العربية في العام 2022 نصًا بشأن إعفاء العامل من الالتزام بشرط عدم المنافسة، إذا أوفى هو أو صاحب العمل الجديد إلى صاحب العمل السابق مبلغ تعويض لا يتجاوز مقداره ثلاثة أشهر من أجر العامل في عقده السابق، وذلك بشرط موافقة صاحب العمل السابق على ذلك[249]. ومن جانبنا، لا نرى جديدًا في النص سوى تحديد الحد الأقصى للتعويض، وهو أمر لا نُفضله، فلا ضير من ترك هذا الأمر برمته للقواعد العامة، مع حرية الأطراف في تقدير المقابل عن التنازل عن الشرط، تيسيرًا لحصول الاتفاق، فضلًا عن أنه قد لا يتضرَّر صاحب العمل لكي نتحدث عن تعويض[250].

ثانيًا: الاستقالة والفصل

تتم الاستقالة والفصل بإرادة أحد طرفي عقد العمل، ومن ثمَّ فهما عارضان إراديان. وتختلف الأنظمة القانونية من حيث مدى ترتيب أثرهما على بقاء شرط عدم المنافسة، وبخاصة من حيث مدى وجود دور لخطأ العامل من عدمه.

(1) الاستقالة والفصل بدون خطأ العامل

يتميَّز تعديل المادة (43) من قانون العمل القطري بالنص الصريح في شأن تعطيل شرط عدم المنافسة عند الانقضاء المبتسر لعقد العمل، في حالتي الاستقالة والفصل، بدون خطأ من العامل. وهو المبدأ الذي كان الفقه في دولة قطر يرى تطبيقه دون حاجة إلى نص[251]. علمًا بأنه حلٌ قد يأخذ به التشريع، كما هو الحال في مصر[252]، وسويسرا[253].

ويرى المشرِّع القطري السبب في تعطيل الشرط للاستقالة أو الفصل بدون خطأ العامل إلى «بطلان» الشرط، ويطابق ذلك النص الإماراتي بشأن بطلان الشرط عند إنهاء صاحب العمل لعقد العمل بالمخالفة للقانون[254].

وفي رأينا، الدقة في شأن الحالات التي أشار إليها المشرعان القطري والإماراتي هي أن الشرط «ينفسخ». فصلاحية علاقة العمل للاستمرار إلى تاريخ انتهاء العقد، هي السبب المشروع لشرط عدم المنافسة في القانون القطري، فإذا ما زال السبب، انفسخ الشرط بقوة القانون. فالبطلان لا يكون إلا لآفة بدأت عند إبرام التصرف، مثل فقد ركن أو شرط صحة؛ فلا يوجد تصرف ينشأ صحيحًا، ثم يبطُل لسبب خارجي يقع في تاريخٍ لاحقٍ[255].

(2) الاستقالة والفصل مع خطأ العامل

بمفهوم المخالفة للمادة (43) من قانون العمل القطري؛ فإنه إذا كانت الاستقالة أو الفصل بخطأ من العامل؛ فإنه يلتزم بتنفيذ شرط عدم المنافسة الوارد في عقد العمل.

وبخلاف القانون القطري؛ فإن الاجتهاد الفرنسي يستقر على عدم تأثر بقاء شرط عدم المنافسة ما لم يُتَّفق على خلافهبسبب انقضاء عقد العمل. فالشرط باقٍ، في غيبة الاتفاق المخالف، وبغض النظر عن وجود انقضاء مبتسَر من عدمه، وسواءً كان هناك خطأ من العامل أم عدمه[256].

وفي رأينا، تفسير موقف القضاء الفرنسي متناغم مع كون شرط عدم المنافسة في عقد العمل لديهم يُحقَّق مصلحة مشتركة لطرفيه؛ فهو التزام تعاقدي ملزم للجانبين. وبصفة خاصة أن سبب شرط عدم المنافسة في عقد العمل الخاضع للقانون الفرنسي، يظل موجودًا على الرغم من الانقضاء المبتسر للعقد بدون خطأ من العامل، متمثلًا في المقابل المالي. أما شرط عدم المنافسة في عقد العمل، والخاضع للقانون القطري، فسببه ما يحصل عليه العامل من فائدة من تنفيذ عقد العمل؛ وحيث يفقدها العامل بدون خطأ منه؛ انفسخ التزامه العقدي.

ويترتب على تحليلنا، وجوب تقرير حالة استثنائية على المادة (43) من قانون العمل القطري، تتعلَّق بحالة حصول العامل على المقابل المالي عن شرط عدم المنافسة؛ فالشرط يصبح ملزمًا للجانبين، ويخضع لما ينطبق على شرط عدم المنافسة في عقد العمل في القانون الفرنسي. فالعامل الذي يتحصَّل على مقابل عن شرط عدم المنافسة، يلتزم في رأينابتنفيذ الشرط، على الرغم من أن الانقضاء المبتسر لعقد العمل دون خطأ منه؛ وذلك لأن سبب التزام العامل هو حصوله على المقابل المالي، وبخلاف ذلك فإن العامل يثرى على حساب صاحب العمل بدون سبب.

ثالثًا: رخصة صاحب العمل في التنازل عن الشرط

لم تتعرَّض المادة (43) من قانون العمل القطري لمدى تمتُّع صاحب العمل بالحق في التنازل عن شرط عدم المنافسة. ورأينا جواز ذلك في كل وقت، أي: أثناء تنفيذ العقد، أو بمناسبة الاتفاق على تسويته المبتسرة، أو عقب انقضائه. والسبب في ذلك أن هذا الشرط في غيبة الاتفاق على مقابلمقرَّرٌ لمصلحة صاحب العمل وحده، فهو تصرفٌ ملزمٌ لجانب واحد[257].

علمًا بأن الاجتهاد القضائي الفرنسي يتشدَّد في شأن ضوابط تنازل صاحب العمل. وفي رأينا، يعود السبب في ذلك إلى أن شرط عدم المنافسة في عقد العمل في القانون الفرنسي، مقرَّرٌ لمصلحة الطرفين العامل وصاحب العمل، فهو ملزم للجانبين.

وبذلك؛ فإننا نرى أنه إذا اتَّفق صاحب العمل والعامل في عقد العمل الخاضع للقانون القطري على مقابل مالي يُدفَع عند انقضاء عقد العمل؛ استلزم الأمر في رأيناالتشدُّد في شأن تنازل صاحب العمل، وعندئذ يكون القضاء القطري مدعو إلى الاستفادة من الاجتهاد القضائي الفرنسي الثري، من حيث: استلزم الاتفاق المسبق على رخصة التنازل، وصراحة التعبير عن التنازل، والتفسير الضيق لميعاد وقوعه.

(1) الاتفاق المُسبق على رخصة التنازل

الأصل هو عدم استطاعة صاحب العمل أو خَلَفهأن يتنازل عن شرط عدم المنافسة، بإرادته المنفردة، عند خضوعه للقانون الفرنسي؛ لأن الشرط فيه ملزم للجانبين، بسبب لزوم المقابل المالي.

فالمبدأ هو أن صاحب العمل أو خَلَفه أو الغير المشترط لمصلحتهلن يتمتَّع برخصة التنازل[258] عن شرط عدم المنافسة عندما يتَّفق (أو يُجبر القانون) على المقابل المالي، إلا بموجب إجازة ذلك في عقد العمل الفردي أو الاتفاقية الجماعية للعمل. وفي غيبة الاجازة الاتفاقية المسبقة؛ فإنه لا استغناء عن موافقة العامل على التنازل المنفرد من قبل صاحب العمل للشرطقبل بدء سريان الشرط[259]. وبذلك، فإنه في غياب الاتفاق على الإجازة المسبقة للتنازل؛ فإنه لا تعطيل للشرط إلا بموافقة العامل على تنازل المستفيد من الشرط.

ولقد ثار التساؤل عمَّا إذا كان لصاحب العمل أن يتَّفقَ عند إبرام عقد العمل على الاحتفاظ برخصة تفعيل شرط عدم المنافسة؛ أي أن العقد لا يخضع لهذا الشرط، ما لم يختر صاحب العمل تفعيله. وهو ما يحلو للفقه وصفه بشرط عدم المنافسة «النائم»[260]، والذي يُفعَّل بإيقاظ صاحب العمل له. هذا الشرط حسمت محكمة النقض الفرنسية بطلانه؛ لأنه يُعرِّضُ العاملَ لعدم اليقين[261]. ولذات الأمر أبطل القضاء الفرنسي الاتفاق على تمتُّع صاحب العمل برخصة التنازل في أي وقت قبل، أو أثناء فترة تنفيذ الشرط بعدم المنافسة[262].

(2) التعبير عن التنازل

يلزم لوقوع التنازل عن شرط عدم المنافسة أن يكون «صريحًا»[263]، وألَّا يكون فيه لبسٌ[264]. كما يلزم، أن يُخطر العامل بالتنازل بشكلٍ منفرد[265]،وبذلك لا يُعدُّ تنازلًا ما يكتبه صاحب العمل في الشهادة الممنوحة للعامل بمناسبة انقضاء العمل من عبارات عامة مثل «التحرُّر من أي التزام«[266]؛ أو ما يظهر في خطة إنقاذ المشروع[267] من إعفاء العمال المُسرَّحين من التزامهم بعدم المنافسة.

كذلك حُكِمَ بعدم كفاية عبارات عامة ظهرت في اتفاق ودي يُنظَّم الانقضاء المبتسر لعقد العمل، تنص على أن: «العامل يُعفَى عن مجمل حقوقه في التدريب، والتنفيذ، والإخلال بعقد العمل وكذلك كل علاقة واقعية أو قانونية سبق نشأتها بين الأطراف»[268].

ويغلُب أن يتَّفق الأطراف أو تنُص الاتفاقيات الجماعية للعملعلى وجوب أن يتم التعبير عن التنازل كتابةً، فيلتزم صاحب العمل بذلك أيضًا. على أنه في غيبة الاتفاق، لا يلزم للتنازل أن يتخذ شكلًا معينًا في القانون الفرنسي[269].

ونفضِّل لو أن قانون العمل القطري قد نظَّم تنازل صاحب العمل عن شرط عدم المنافسة الملزم للجانبين، وبخاصة من حيث استلزام الكتابة، وصراحة التعبير، وميعاد التنازل.

(3) التطبيق الضيق لميعاد التنازل

يُخضِع القضاء الفرنسي ميعاد تنازل صاحب العمل عن شرط عدم المنافسة لقواعد متشدَّدة. فالأصل في ذلك أن تُنظَّم بموجب الاتفاق، وعند غيابه فإنه لا يجوز في التنازل أن يتأخَّر عن ميعاد انقضاء عقد العمل[270].

وإذا كان هناك اتفاقًا على ميعاد يتم خلاله التنازل؛ فإن العبرة هو بتاريخ صدور الاخطار عن صاحب العمل، وليس بوصوله إلى العامل[271]. أما إذا كان انقضاء العمل بحكم قضائي، أي «الإنهاء القضائي»[272]؛ فإن الميعاد يبدأ من تاريخ صدور الحكم.

وإذا كان انقضاء العمل بموجب اتفاق الأطراف، أي «الإنهاء الاتفاقي»[273]؛ فإن الميعاد يبدأ من الميعاد المتفق عليه لبدء رخصة التنازل.

وفي كل الأحوال، فإن ميعاد التنازل لا يخضع للوقف والانقطاع، ولا يتأثر بالإجازات الرسمية التي قد تتخلله؛ حيث تُحتسَب ضمن الميعاد[274].

ولا يترتب على التنازل المتأخر من قبل صاحب العمل إعفاءه من مقابل تعهُّد العامل بعدم المنافسة[275]، ودون أن يتحمل العامل عبء إثبات تضرره[276].

رابعًا: أثر عدم تجديد عقد العمل على شرط عدم المنافسة

لم يتوسَّع المشرع القطري بعكس المصريفلم يضم إلى صور تعطيل شرط عدم المنافسة، حالة: رفض تجديد عقد العمل؛ دون أن يقع من العامل ما يُبرَّر ذلك[277]. وهو أمرٌ نستحسنه؛ لأن تعطيل تعهُّد العامل بعدم المنافسة لعدم التجديد منتقدٌ للعديد من الأسباب القانونية والعملية، نرى أهمها في الآتي:

أولًا: الربط بين تجديد العقد وبقاء التعهُّد بعدم المنافسة يجعل مصير التعهُّد بيد العامل تحكُّمًا؛ حيث يكفيه الادعاء بعدم تجديد عقده، لسبب يعود إليه، للتحلّل من التعهُّد، وهو ما يمسُ باستقرار المعاملات، واليقين القانوني.

ثانيًا: الربط يجور على حرية صاحب العمل في عدم التجديد لغير الجدير بالاستمرار في العمل، دون أن يصل الأمر إلى خطأ من العامل.

ثالثًا: لا علاقة بين التعهُّد بعدم المنافسة وعدم تجديد العقد، والحال أن صاحب العمل يمارس حريته عند عدم التجديد.

رابعًا: قد يكون عدم التجديد لمبرَّرات اقتصادية للمشروع، كما في حالات إعادة الهيكلة ترشيدًا لتكلفة العمالة. وهذا هو ما دفع الفقه في مصر في ظل المادة (686) من القانون المدني إلى المناداة باستبعاد عدم التجديد للمُبررات الاقتصادية التي يمرُّ بها المشروع[278].

خامسًا: التفسير الوحيد لتعطيل التعهُّد عند عدم التجديد هو استحداث عقوبة لم تكن لتترتَّب في ظل القواعد العامة، وهي عقوبة قاسية تفتقد إلى الم فيبرّر القوي، بل إنَّ مُبررها التشريعي معيبٌ: بالتحكُّم، والمغالاة في حماية العامل[279].

الخاتمة والتوصيات

يعترف القانون المقارن بخصوصية الالتزام التعاقدي للعامل بعدم المنافسة، عقب انقضاء عمله؛ لأن ثمنه باهظٌ؛ حيث يقيد حريات دستورية عديدة للعامل، أهمها حريتي العامل في: العمل، وريادة الأعمال. وهو ما تطلَّب تقييد مبدأ سلطان الإرادة في مجال الاتفاق على شرط عدم المنافسة في عقد العمل، في العديد من الأنظمة القانونية، ومنها قانون العمل القطري لعام 2004، في المادة (43) منه، والتي تعرضَّت في العام 2020 للتعديل.

ولقد كانت مشكلة هذا البحث: التحليل النقدي للمادة (43) المُشار إليها من المنظور المقارن؛ وهو ما مكننا من الوصول إلى التوصيات الآتية:

1.   ندعو مجلس الشورى في دولة قطر إلى تعديل المادة (43)؛ وذلك من حيث: أولًا، إضافة قيدٍ بشأن سن رشد العامل[280]، وثانيًا، إلغاء الإشارة إلى كلمة «بالعمل» المستحدثة[281]، وثالثًا، اشتراط الكتابة لصحة نشأة شرط عدم المنافسة، ورابعًا، استلزام صراحة تعبير العامل عن رضائه بعدم المنافسة، وصراحة تعبير صاحب العمل عن تنازله عن الشرط عندما يوجد اتفاق على مقابل مالي، وخامسًا، إعادة القيد المكاني للشرط، وسادسًا، استحداث قيد بشأن عدم المساس بحرية العامل في استغلال مهاراته المهنية، وسابعًا، إزالة وصف بطلان الشرط عند الانقضاء المبتسر للعمل بدون خطأ من العامل، واستخدام اصطلاح الفسخ عوضًا عنه، وثامنًا، استحداث حق العامل في مقابل مالي عن الشرط[282]، وتاسعًا، استحداث نص خاص في شأن تقادم دعوى مسؤولية العامل عن الإخلال بتعهده بعدم المنافسة، وعاشرًا، منح السلطة التنفيذية التحديد الدوري لمجالات العمل المستبعدة من نطاق شروط عدم المنافسة، في ضوء حاجة السوق المحلي.

2.   وندعو القضاء القطري إلى الاستئناس بالاجتهاد القضائي الفرنسي بشأن قيود مشروعية تعهُّد العامل بعدم المنافسة؛ وذلك من حيث: أولًا، استلزام وجود عقد العمل وصحته ونفاذه، وثانيًا، استلزام صراحة التعبير عن شرط عدم المنافسة، وثالثًا، الخضوع للتفسير الضيق للشرط، ورابعًا، التشدُّد في مراقبة مشروعية وتناسُب المصلحة من الشرط، وخامسًا، تعويض العامل المتضرِّر من تنفيذه للشرط الباطل[283]، وسادسًا، الاقتصاد في إعمال البطلان عند عدم مشروعية الشرط.

3.   وندعو السلطة التنفيذية إلى عدم إضافة شروط لمشروعية تعهُّد العامل بعدم المنافسة، بموجب قرار وزاري، فالأصح أن يرد ذلك في التشريع العادي وليس الفرعي، على أن يكون لها دورٌ بشأن تحديد مجالات العمل المستبعدة من نطاق شروط عدم المنافسة، في ضوء الحاجات المتغيرة للسوق المحلية[284].


 

المراجع

أولًا: العربية

الأحمد، شواخ. «اتفاق أو شرط عدم المنافسة في عقد العمل بين حماية مصالح صاحب العمل المشروعة وحق العامل في العمل». مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، س9، ع33 (مارس، 2021): 243-287.

الحيدري، ربى. «تنظيم بند عدم المنافسة في عقد العمل في القانون اللبناني والمقارن». صوت الجامعة، ع8 (2015): 49-62.

نجيدة، علي حسين. الوافي في قانون العمل القطري. كلية القانون، جامعة قطر، الدوحة، 2017.

ثانيًا: الأجنبية

References:

al-Ahamed, Sh. "Itifāq aū Sharṭ ʿadam Al-monāfasẗ fī ʿaqad al-ʿamal bīn Himāīẗ Maṣālḥ Sāḥb al-ʿamal al-mshrūʿaWahaq al-ʿamil fī al-ʿamal, drāsẗ tḥlīlīẗ mqārnẗ". (in Arabic), Majallat Kulliyat al-Qanun al-Kuwaitiyya al-ʿAlamiyya, 33 (2021): 243-287.

Al-ḥīdrī, R. "Tnẓīm band ʿadam al-monāfsẗ fī ʿaqad al-ʿamal fī al-qānūn al-libnānī wālmqārn". (in Arabic), ūt al-ǧāmʿẗ, 8 (2015): 49-62.

Aubrée, Y. ‘Contrat de travail : clauses particulières’. Répertoire de droit du travail, Dalloz (2017).

Blaise, B. et Desgorces, R. Droit des affaires. 8e éd., LGDJ, 2015.

Castronovo, M. ‘Clause de clientèle et clause de non-concurrence’. RDT (2010), 507.

Ciolfidecamps, J. Les modes amiables de rupture du contrat de travail. Thèse de doctorat, Université d’Avignon et des Pays de Vaucluse, 2014.

Dockès, E. Droit du travail. 2e éd., Dalloz, 2007.

Fouvet, F. Le principe de libre exercice d’une activité professionnelle. LGDJ, 2018.

Gomy, M. Essai sur l’équilibre de la convention de non-concurrence. Thèse de doctorat, Perpignan, 1997.

Jeanmaire, E. La réparation du préjudice en droit du travail. Thèse de doctorat, Université de Lorraine, 2016.

Lyon-Caen, G. ‘Les clauses restrictives de la liberté du travail (Clauses de non-concurrence ou de non réembauchage)’, Droit social, n° 2 (février 1963): 88-99.

Neǧīdah, A. Al-wāfī fī qānūn al-ʿmal al-qaṭarī. (in Arabic), Kulliyat al-Qanun, Jamiʿat Qatar, Doha, 2017.

Picod, E. Auguet E et Robinne S, ‘Concurrence : obligation de non-concurrence’ (Répertoire de droit du travail, Dalloz 2018).

Serra, Y. ‘Tsunami sur la clause de non-concurrence en droit du travail’., Dalloz Jurisprudence,2002, 2491.

Testu, F-X. Contrats d'affaires.2e éd, Dalloz, 2010.

Vanko, K. 'You're Fired - And Don’t Forget Your Non-Compete: The Enforceability of Restrictive Covenants in Involuntary Discharge Cases' (2002) 1 DePaul Bus & Comm LJ 1.

Vogel, L. G. Ripert et R. Roblot du droit commercial au droit économique. 20e éd, LGDJ, 2016.

 



[1] Eves Picod, Yves Auguet et Sebastien Robinne, Concurrence : obligation de non-concurrence (Répertoire de droit du travail, Dalloz 2018 (no 2.

[2] علي حسين نجيدة، الوافي في قانون العمل القطري، كلية القانون، جامعة قطر، الدوحة، 2017، ص286-304.

[3] François Xavier Testu, Contrats d'affaires (2e éd, Dalloz 2010) 274.

[4] ويحلو للفقه المهوِّل من أثر تلك الشروط وصفها بأنها في حقيقة الأمر "شرط عدم إعادة تشغيل clause de non réembauchage". انظر:

Gérard Lyon-Caen, Les clauses restrictives de la liberté du travail (Clauses de non-concurrence ou de non réembauchage), Droit social, n° 2 (février 1963) 88-99.

[5] انظر: https://cutt.us/2iVal (تاريخ الزيارة: 8 /11/2021).

[6] الجريدة الرسمية، ع9، 6/7/2004، المعدل بالمرسوم بقانون رقم (22) لسنة 2007؛ الجريدة الرسمية، ع12، 26/12/2007، المعدل بالقانون رقم (6) لسنة 2009؛ الجريدة الرسمية، ع4، 23/4/2009، المعدل بالقانون رقم (3) لسنة 2014؛ الجريدة الرسمية، ع3، 16/2/2014، المعدل بالقانون رقم (1) لسنة 2015؛ الجريدة الرسمية، ع7، 2/4/2015، المعدل بالقانون رقم (13) لسنة 2017؛ الجريدة الرسمية، ع13، 12/9/2017، المعدل بالقانون رقم (18) لسنة 2020؛ الجريدة الرسمية، ع14، 8/9/2020.

[7] المادة (171/1) من القانون المدني القطري، الصادر بالقانون رقم (22) لسنة 2004، الجريدة الرسمية، ع11 (8 أغسطس 2004).

[8] Marc Gomy, Essai sur l’équilibre de la convention de non-concurrence (Thèse de doctorat, Perpignan, 1997).

[9] المادة (28) من الدستور الدائم لدولة قطر (الجريدة الرسمية، ع6، 8 يونيو 2005).

[10] المادة السابقة نفسها.

[11] يلاحظ المطلع على قاعدة بيانات داللوز إلى أن الأحكام القضائية في هذا الشأن تفوق الألف حكم، وهي تتميَّز بالمستجد دائمًا، تاريخ الزيارة: 10/11/2021.

[12] المادة (127) من قانون العمل الاتحادي الإماراتي لعام 1980 الملغى. علمًا بأن قيد الأهلية لم ينتقل إلى المرسوم بقانون رقم (33) لسنة 2021 بشأن تنظيم علاقات العمل.

[13] المادة (73) من قانون العمل البحريني لعام 2012.

[14] المادة (686) من القانون المدني المصري لعام 1948.

[15] انظر حول أهلية العامل: المادة (86) من قانون العمل القطري لعام 2004؛ نجيدة، ص204.

[16] المادة (87) من قانون العمل القطري؛ نجيدة، ص295.

[17] المادة (83) من النظام السعودي للعمل لعام 2005؛ شواخ محمد الأحمد، «اتفاق أو شرط عدم المنافسة في عقد العمل بين حماية مصالح صاحب العمل المشروعة وحق العامل في العمل - دراسة تحليلية مقارنة»، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، س9، ع33 (مارس 2021)، ص268.

[18] المادة (38) من قانون العمل القطري؛ نجيدة، ص248.

[19] المادة( 38/3) من قانون العمل القطري.

[20] نجيدة، ص289.

[21] transaction. بيكو وآخرون، بند 28.

[22] Emmanuel Dockès, Droit du travail (2e éd., Dalloz 2007) 193.

[23] المرجع السابق، البند 443، ص347؛ وانظر:

Cass. soc., 26 octobre 1999, n° 97-42.846, Bull. civ. V, no 411; Dr. soc. 2000.183, note C. Radé. Jennifer Ciolfidecamps, Les modes amiables de rupture du contrat de travail (Thèse de doctrat, Université dAvignon et des Pays de Vaucluse 2014) 37.

[24] المرجع السابق نفسه:

Cass. soc., 7 juillet 1998, no 96-40.256, D. 1999. Somm. 107, obs. Y. Serra ; et Soc. 16 déc. 1998, no 96-41.485, Bull. civ. V, no 557.

[25] lettre dengagement. المرجع السابق، بند 13. وانظر مع ذلك في شأن غموض شرط عدم المنافسة، الذي تم تفسيره بأنه يقتصر على المحافظة على الأسرار التجارية:

Cass. soc., 19 mai 1969, Bull. civ. V, no 330.

[26] contrats de travail successifs. المرجع السابق، بند 13. وانظر بوجه خاص:

Cass. soc., 25 janvier 1984, Bull. civ. V, no 31.

[27] بيكو وآخرون، بند 93.

[28] المرجع نفسه.

[29] تصريح لسعادة محسن حسن العبديلي، وكيل الوزارة المساعد لشؤون العمل ضمن المقالة الصحفية حول «تعديلات قانون العمل تشمل المواطنين والمقيمين»، الراية، الأحد، 29 /11/2020. https://cutt.us/sWSbE

[30].بيكو وآخرون، بند 33.

[31] Cass. com., 10 mai 2006, n°04-10.149 ; et Cass. com.11 juillet 2006, n° 04-20.438.

[32] نقلًا عن: نجيدة، ص297.

[33] Bernard Blaise et Richard Desgorces, Droit des affaires (8e éd., LGDJ 2015) no 615, p. 329.

[34] Yann Aubrée, Contrat de travail : clauses particulières (Répertoire de droit du travail, Dalloz 2017) no 252.

[35] Cass. soc., 15 mars 2017, n° 15-28.142.

[36] la norme professionnelle. بيكو وآخرون، بند 30.

[37] حيث يُشير الفقه الفرنسي إلى أن شرط عدم المنافسة المستمد من عقد العمل الفردي بأنه «عقدي» contractuelle، أمَّا ذلك المستمد من الاتفاقية الجماعية للعمل، بأنه «اتفاقي» conventionnelle. ودوكاس، بند 210، ص193.

[38] قرَّب: بيكو وآخرون، بند 30.

[39] المادة (105) من القانون المدني القطري.

[40] المادة (107) من القانون المدني القطري.

[41] Louis Vogel, G. Ripert et R. Roblot du droit commercial au droit économique (20e éd, LGDJ 2016) 749.

[42] بيكو وآخرون، بند 106. انظر:

Cass. soc., 29 juin1999, n° 97-40.082.

[43] une clause de non-concurrence déguisée. المرجع السابق، بند 36.

[44] requalification.

[45] Cass. soc., 27 oct. 2009, no 08-41.501; Cass. soc., 19 mai 2009, no 07-40.222; Cass. soc., 9 juin 2015, no 13-19.327; Cass. soc., 18 janvier 2018, no 15-24.002. M. Castronovo, Clause de clientèle et clause de non-concurrence (RDT 2010) 507.

[46] انظر حول التفرقة بين هذه الدرجات ومدى مشروعيتها أمام القضاء الأمريكي:

Kenneth J Vanko, 'You're Fired - And Dont Forget Your Non-Compete: The Enforceability of Restrictive Covenants in Involuntary Discharge Cases' (2002) 1 DePaul Bus & Comm LJ 1.

[47] Non-Disclosure Covenants. فانكو، ص8.

[48] Customer Non-Solicitation Covenants. فانكو، ص6.

[49] clause de non-détournement de clientèle.

[50] بيكو وآخرون، بند 36. وبوجه خاص:

Cass. soc., 2 juillet 2008, no 07-40.618.

[51] la clause de protection de la clientèle. بيكو وآخرون، بند 36. وبوجه خاص:

Cass. soc., 2 juillet 2008, no 07-40.618.

[52] la clause de loyauté”. المرجع السابق، المكان نفسه. وبوجه خاص:

Cass. soc., 15 mars 2017, no 15-28.142.

[53] Employer Non-Solicitation Covenants.

[54] le genre dactivité”. بليز ودجورسيه، بند 598، ص320.

[55] limitée dans son objet. المرجع السابق، المكان نفسه.

[56] بليز ودجورسيه، بند 597، ص320؛ غومي، بند 155.

[57] limitée dans le temps. بليز ودجورسيه، بند 598، ص320.

[58] un champ dapplication temporel. دوكاس، بند 212، ص194.

[59] أوبريه، بند 258.

[60] بيكو وآخرون، بند 59.

[61] المادة 10/1 من المرسوم بقانون اتحادي رقم (33) لسنة 2021.

[62] un champ dapplication géographique. دوكاس، بند 212، ص194.

[63] limitée dans lespace. بليز ودجورسيه، بند 598، ص320.

[64] Cass. soc., 3 juillet 2019, n° 18-16.134.

[65] Cour dappel de de Colmar, ch. sociale, sect. A, 26 mars 2015, n° 382-15.

[66] Cour dappel dAngers, ch. sociale, 27 juin 2019, n° 18-00.785.

[67] l'ensemble du territoire national.

[68] Cass. soc., 25 mars 1998, n° 95-41.543, Bull.civ.1998 V, n° 174, p. 127.

[69] alternative. بليز ودجورسيه، بند 598، ص320. حيث يشير الفقيهان على سبيل المثال - إلى حكم صدر عن محكمة النقض الفرنسية، في 27 أكتوبر 1981. ويشير غومي إلى حكم قديم لمحكمة النقض لفرنسية صدر في 26 مارس 1928. انظر: مرجعه سابق الإشارة، فقرة 158.

[70] cumulative. وهو ما انتقل إلى شرط عدم المنافسة في العقود التجارية الأخرى. بليز ودجورسيه، بند 598، ص320.

[71] Cass. soc., 10 juillet 2002, n° 00-45.387; Cass. soc., 10 juillet 2020, n° 00-45.135; et Cass. soc., 26 janvier 2005, n°02-45.193.

[72] Cass. soc.,8 avril 2021, n° 18-16.134.

[73] au monde entier.

[74] المادة (73) من قانون العمل البحريني.

[75] المادة 10/1 من المرسوم بقانون اتحادي رقم (33) لسنة 2021. وهو ما ينسجم مع طول مدة الشرط، والتي يجوز أن تصل إلى السنتين.

[76] un champ dapplication professionnel. دوكاس، بند 212، ص194.

[77] lexercice de sa profession. بليز ودجورسيه، بند 615، ص329؛ وبيكو وآخرون، بند 56.

[78] classique. توسو، بند 62-3، ص275. ويشير توسو بوجه خاص إلى حكم لمحكمة النقض الفرنسية صدر في 26 مارس 1928: DP 1930, 1, 145, note Pic.

[79] بليز ودجورسيه، بند 600، ص321. وبيانات الحكم:

Cass. soc., 4 janvier 1994, no 92-14121, Bull. civ. 1994 IV, no 4, p. 4.

[80] moins formel et plus fonctionnel. توسو، بند 62-3، ص275.

[81] réelles. بليز ودجورسيه، بند 599، ص321.

[82] نقلًا عن: المرجع السابق، المكان نفسه، ونصه:

“… la possibilité de continuer à exercer normalement lactivité professionnelle qui lui est propre.

[83] métier. المرجع السابق نفسه.

[84] غومي، فقرة 173.

[85] ترجمة لنص الحكم:

“… le juge, en présence d'une clause de non-concurrence insérée dans un contrat de travail, même indispensable à la protection des intérêts légitimes de l'entreprise, peut, lorsque cette clause ne permet pas au salarié d'exercer une activité conforme à sa formation et à son expérience professionnelle, en restreindre l'application en en limitant l'effet dans le temps, l'espace ou ses autres modalités. Cass. soc., 18 décembre 2002, n° 00-42.904.

[86] علمًا بأن محكمة النقض الفرنسية تقوم برقابة فعاليَّة القيود المكانية والزمانية في كل العقود التي تتضمَّن شروط عدم منافسة، دون أن تقصر ذلك على عقد العمل؛ فقد أصبح للمبدأ مضمونًا عامًا. المرجع السابق، المكان نفسه.

[87] libre exercice d'une activité professionnelle. ويقال إن ذلك تُقرَّره أيضًا نصوص قانون العمل الفرنسية (المادة ق. 1121-1). انظر بيكو وآخرون، بند 56. وانظر بوجه خاص:

Florence Fouvet, Le principe de libre exercice dune activité professionnelle (LGDJ, 2018).

[88] hiérarchie. بيكو وآخرون، بند 82.

[89] formation. روديير وروبلو، ج1، تحديث فوجل، بند 773، ص749.

[90] expérience professionnelle. المرجع السابق، المكان ذاته.

[91] انظر حكم محكمة استئناف باريس:

Cour dappel de Paris, pôle 06, ch. 09,10 février 2021, n° 19-10.869.

[92] بيكو وآخرون، بند 57.

[93] المرجع السابق، بند 89.

[94] المرجع السابق، بند 58؛ وانظر:

Cass. soc., 18 décembre 1997, no 94-45.548.

[95] Cour dappel de Riom, ch. civile 04 sociale, 10 septembre 2019, n° 17-02.609.

[96] justifiée.

[97] ويشير غومي بوجه خاص في شأن النسبية إلى حكم محكمة النقض الفرنسية، والصادر في 4 يناير 1994. مرجعه السابق، فقرة 190.

[98] L'intérêt légitime de l'entreprise. بيكو وآخرون، بند 47.

[99] lattente légitime du créancier. المرجع السابق، بند 4.

[100] risque concurrentiel.

[101] بيكو وآخرون، بند 48.

[102] فانكو، ص3.

[103] بيكو وآخرون، بند 54.

[104] المرجع السابق نفسه؛ وانظر:

Cass. soc., 13 octobre 1988, no 85-43.352.

[105] المرجع السابق نفسه.

[106] المرجع السابق، بند 54.

[107] Cass. soc., 14 mai 1992, n° 89-45.300.

[108] كارسان، بند 2.

[109] المادة (3) من قانون حماية المنافسة القطري.

[110] une entente illicite. توسو، بند 62-1، ص274.

[111] المادة (17) من قانون حماية المنافسة القطري.

[112] la liberté économique du débiteur.

[113] excessif. توسو، بند 62-1، ص274.

[114] principe de proportionnalité”.

[115] l'intérêt de l'entreprise.

[116] principe de proportionnalité”.

[117] l’équilibre en cause. توسو، بند 62-3، ص275.

[118] بليز ودجورسيه، بند 600، ص321؛ وانظر:

Cass. soc., 4 janvier 1994, no 92-14121.

[119] أوبريه، فقرة 257؛ وانظر:

Cass. soc., 19 novembre1996, no 94-19.404.

[120] الجريدة الرسمية، ع5 (24 مايو 2005).

[121] المادة (1) من قانون الأسرار التجارية القطري لعام 2005.

[122] نقض مدني مصري، الطعن (17659) لسنة 82 ق، جلسة 26 نوفمبر 2014 (حكم غير منشور).

[123] réelle. بليز ودجورسيه، بند 454، ص247.

[124] autonome. المرجع السابق نفسه.

[125] المرجع السابق، بند 600، ص321؛ ونجيدة، ص290.

[126] le contrat de travail mettant le salarié en contact avec la clientèle de lemployer. بليز ودجورسيه، بند 615، ص329.

[127] انظر في شأن تعريف الممثل التجاري: المادة (318) من قانون التجارة القطري.

[128] بليز ودجورسيه، المرجع السابق، المكان ذاته.

[129] تأثرًا بالمادة (686/1) من القانون المدني المصري.

[130] المرجع نفسه.

[131] Cass. soc., 9 avril 2008, no 07-41.289.

[132] نجيدة، ص289.

[133] بليز ودجورسيه، بند 596، ص320.

[134] “… proportionnée aux intérêts légitimes du créancier. انظر:

Cass. com., 23 septembre 2014, no 13-20.454.

[135] توسو، بند 62-6، ص276.

[136] المادة (65/1) من قانون التجارة القطري.

[137] bénéficier.

[138] توسو، بند 62-1، ص274.

[139] نجيدة، ص300.

[140] obligation de résultat. توسو، بند 62-8، ص277.

[141] بيكو وآخرون، بند 105.

[142] المرجع السابق نفسه.

[143] المرجع السابق نفسه.

[144] un préjudice actuel et certain. المرجع السابق، بند 62-8، ص277.

[145] المادة (687) من القانون المدني المصري.

[146] ويُفسر الفقه ذلك الجزاء في الدول التي أخذت به، بأنه عقوبة مدنية خاصة لصاحب العمل. نجيدة، ص297.

[147] المادة (267) من القانون المدني القطري.

[148] المادة (266) من القانون المدني القطري.

[149] بيكو وآخرون، بند 116.

[150] المرجع السابق نفسه.

[151] نجيدة، ص286.

[152] حيث تنص المادة (83) من نظام العمل السعودي، على أن تُرفع الدعوى خلال سنة من اكتشاف مخالفة العامل. الأحمد، ص279.

[153] وهو النص المستحدث في المادة 10/3 من المرسوم بقانون الاتحادي رقم (33) لسنة 2021 (عدم سماع الدعوى بفوات سنة من العلم).

[154] la clause de non-sollicitation.

[155] المرجع السابق، بند 62-6، ص276.

[156] concurrence déloyale. المرجع السابق نفسه.

[157] المادة (71) من قانون التجارة القطري.

[158] délictuelle. توسو، بند 62-8، ص277.

[159] ومع ذلك قارِن قول الأستاذ الدكتور علي نجيدة - رحمه الله - بأنه: «أما عقد العمل الجديد. فلا يشكك أحد في صحته. فلا يتأثر بمخالفة العامل للشرط». نقلًا عن: مرجعه سابق الإشارة، ص303، وكذلك الفقه المشار إليه ص303، هامش 2.

[160] نجيدة، ص300.

[161] توسو، بند 62-8، ص277.

[162] un trouble manifestement illicite. بيكو وآخرون، بند 109.

[163] Prévention d'un dommage imminent. المرجع السابق نفسه.

[164] انظر: Cass. soc.,9 juin 2021, n° 19-14.485.

[165] الحكم السابق ذاته.

[166] والمنشأة بموجب القانون رقم (21) لسنة 2021، الجريدة الرسمية، ع15 (4 نوفمبر 2021).

[167] لجنة فض المنازعات العمالية. المادة (115) من قانون العمل القطري لعام 2004.

[168] une contrepartie financière.

[169] بيكو وآخرون، بند 68.

[170] روديير وروبلو، الجزء الأول، تحديث فوجل، بند 773، ص749؛ وانظر:

Cass. soc., 25 janvier 1984, Bull. civ. V, no 31 et Cass. soc., 20 octobre 1993, n° 91-40.393.

[171] Cass. soc., 10 juillet 2002, n° 00-45135, n° 00-45387 et n° 99-43334.

[172] Yves Serra, Tsunami sur la clause de non-concurrence en droit du travail, Dalloz Jurisprudence (2002) 2491.

[173] انظر في مثال ذلك، القضاء اللبناني: قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، القرار رقم (52)، 20 يناير 2012، مجلة العدل، ع1 (2013)، ص390. نقلًا عن: ربى الحيدري، «تنظيم بند عدم المنافسة في عقد العمل في القانون اللبناني والمقارن»، صوت الجامعة، الجامعة الإسلامية، ع8 (2015)، ص60.

[174] Cass. soc., 10 mars 2004, n° 02-40.108.

[175] Cass. soc., 13 mars 1998, n° 95-41.480.

[176] Cass. soc., 13 octobre 2021, n° n° 20-10.718.

[177] l'indemnité transactionnelle forfaitaire. انظر:

Cass. soc., 24 janvier 2007, n° 04-43.121.

[178] Cass. soc., 5 avril 2006,n° 03-47.802.

[179] قارن في شأن رفض تعليق صحة شرط عدم المنافسة على وجود مقابل مالي في عقد وكالة تجارية:

Cass. com., 4 décembre 2007, n° 06-15.137.

[180] بيكو وآخرون، بند 70.

[181] Cass. soc., 13 octobre 2021, n° 20-12.059.

[182] دوكاس، فقرة 219، ص197.

[183] Cass. soc., 31 mars 1998, n° 96-43.016.

[184] un caractère indemnitaire. بيكو وآخرون، بند 77.

[185] un complément de salaire. المرجع السابق نفسه.

[186] المرجع السابق، بند 79.

[187] CA Versailles, 17e ch. soc., 20 février 2003, no 01-02.044, BICC 580 du 1er juillet 2003.

[188] نجيدة، ص294.

[189] بيكو وآخرون، بند 70.

[190] réelle. أوبريه، بند 259.

[191] suffisante. المرجع السابق نفسه.

[192] illusoire. بيكو وآخرون، بند 37.

[193] dérisoire. انظر:

Cass. soc., 15 novembre 2006, n° 04-46.721.

[194] Cass. soc., 26 juin 2011, n° 09-71.567.

[195] licenciement pour faute grave ou lourde. انظر:

Cass. soc., 17 novembre 2010, n° 09-42.389.

[196] décès du salarié”. روديير وروبلو، الجزء الأول، تحديث فوجل، بند 773، ص750. انظر:

Cass. soc.,29 octobre 2008, n° 07-43.093.

[197] كأن يقال إن التعهد بعدم المنافسة هو سنتان، بشرط أن يُحقَّق العامل أقدمية عمل 5 سنوات:

Cass. soc.,7 mars 2007, n° 05-45.511.

[198] Cass. soc., 28 juin 2006, n° 05-40.990.

[199] le versement échelonné، وذلك عكس «الوفاء المتفرَّد» “le versement unique.

[200] بيكو وآخرون، بند 74.

[201] Cass. soc.,7 mars 2007, n° 05-45.511.

[202] حيث أبطل القضاء الاتفاق على وضع مقابل الوفاء في حساب دون أمكانية السحب منه (مُغلق bloqué) لمدة ثلاث سنوات هي مدة الشرط. انظر:

Cass. soc.,2 mars 2005, n° 03-42.321.

[203] declare. بليز ودجورسيه، بند 615، ص330.

[204] inopposable. المرجع السابق نفسه.

[205] nullité. روديير وروبلو، بند 773، ص749.

[206] المرجع السابق، بند 773، ص750.

[207] Cass. soc., 5 février 2006, n° 04-41.004.

[208] بيكو وآخرون، بند 37.

[209] appréciation. Cass. soc., 16 mai 2012, n° 11-10.760.

[210] Emilie Jeanmaire, La réparation du préjudice en droit du travail (Thèse de doctorat, Université de Lorraine 2016) 171.

[211] Cass. soc.,11 janvier 2006, n° 03-46.933.

[212] la clause devait être respectée dans son ensemble. Cass. soc., 5 mai 2021, n° 20-10.092.

[213] promesse d'embauche.

[214] Cass. soc., 23 juin 2021, n° 19-24.488.

[215] Cass. soc., 4 novembre 2020, n° 19-12.279.

[216] انظر حكم محكمة النقض الفرنسية، والسابق الإشارة إليه: Cass. com. 10 mai 2006, n°04-10.149.

[217] Cass. soc., 5 juin 1996, n° 92-42.298.

[218] بيكو وآخرون، بند 34.

[219] Cass. soc.,2 mars 2011, n° 09-40.547.

[220] بيكو وآخرون، بند 34.

[221] Jean Mouly, obs. (Droit social 2011) 860.

[222] انظر في هذا الاتجاه، على وجه خاص: بيكو وآخرون، بند 35 والذي يصف شرط عدم الإغواء في ظرف السيطرة بمثابة عقد عمل سلبي، بموجبه يشتري صاحب العمل، عدم تشغيل عماله، وذلك نقلًا عن اصطلاحات الفقيه T. Revert.

[223] بيكو وآخرون، بند 39.

[224] révision judiciaire؛ أي «المراجعة القضائية». وحيث إنها تقتصر على التخفيف من غلواء الشرط، فإنها توصف أيضًا بأنها: réfaction judiciaire، أي «الإنقاص القضائي». المرجع السابق، بند 88. وانظر كذلك في الولايات المتحدة الأمريكية: فانكو، ص6.

[225] نجيدة، ص304.

[226] بيكو وآخرون، بند 86. وانظر في شأن تصحيح شرط عدم منافسة لم يتضمن تحديد المقابل المالي، ولكنه يرد تحديده في الاتفاقية الجماعية للعمل:

 Cass. soc., 5 mai 2010, no 09-40.710.

[227] المرجع السابق، بند 87. وانظر:

Cass. soc., 25 janvier 2006, no 04-43.646et Cass. soc., 6 juillet 2016, no 14-20.323.

[228] المادة 154/2 من القانون المدني القطري.

[229] non-écrite. بيكو وآخرون، بند 88؛ وتوسو، بند 62-3، ص275. وانظر:

Cass. soc., 25 janvier 2012, no 10-11.590.

[230] وذلك ما لم يتَّفق الأطراف صراحةً على أن الشرط كان هو الدافع إلى التعاقد. هو ما يتحقَّق بموجب «شرط عدم التجزئة» clause dindivisibilité، أو »إعلان من المتعاقدين» déclaration des parties بأنهم لم يكونوا ليتعاقدوا لولا اتفاق عدم المنافسة. توسو، بند 62-7، ص276.

[231] جانمير، ص171.

[232] بيكو وآخرون، بند 76. وانظر:

Cass. soc., 25 mai 2016, no 14-20.578.

[233] دوكاس، بند 105، ص94.

[234] بيكو آخرون، بند 87؛ وانظر:

Cass. soc.,15 janvier 2014, no 12-19.472.

[235] بليز ودجورسيه، بند 600، ص321.

[236] artificial. المرجع السابق نفسه.

[237] وهو ما يُطلق عليه: autonomisation de la clause de non-concurrence. توسو، بند 62-5، ص276.

[238] المرجع السابق نفسه.

[239] résiliation.

[240] résolution.

[241] résiliation judicaire. دوكاس، بند 432، ص342.

[242] resolution. بيكو وآخرون، بند 39.

[243] المادة 1230 من القانون المدني الفرنسي بعد تعديله في 2016.

[244] بيكو وآخرون، بند 39.

[245] Cass. civ., 29 novembre 1989, no 87-11.473.

[246] Cass. soc., 29 décembre 1982, Bull. civ., V, no 699.

[247] بيكو وآخرون، بند 39.

[248] rupture dun commun accord. دوكاس، بند 440، ص346.

[249] المادة 12 من قرار مجلس الوزراء رقم (1) لسنة 2022 في شأن اللائحة التنفيذية للمرسوم بقانون اتحادي رقم (33) لسنة 2021 بشأن تنظيم علاقات العمل.

[250] على أننا نستحسن ما جاء في المادة 12 المشار إليها سابقًا - بشأن عدم تطبيق شرط المنافسة غير المشروعة على الفئات التي ترى الدولة حاجة سوق العمل إليها.

[251] نجيدة، ص301، 302.

[252] المادة 686/3 من القانون المدني المصري.

[253] بيكو وآخرون، بند 95.

[254] المادة 10/2 من المرسوم بالقانون الاتحادي رقم (33) لسنة 2021.

[255] قارن الصيغة المحايدة للمادة 686/3 والمقابلة من القانون المدني المصريالتي اكتفت بنص «ولا يجوز أن يتمسك ربُّ العمل»، دون الخوض في سبب ذلك.

[256] بيكو وآخرون، بند 95.

[257] وهو ما كان يستقر عليه الاجتهاد القضائي الفرنسي قبل استحداث وجوب المقابل المالي. المرجع السابق، بند 97.

[258] “une faculté de renonciation”.

[259] Cass. soc., 12 juillet 1989, n° 86-41.668.

[260] en sommeil. بيكو وآخرون، بند 96.

[261] Cass. soc., 12 février 2002, no 00-41.765.

[262] بيكو وآخرون، بند 97؛ وانظر:

Cass. soc., 2 décembre 2015, no 14-10.029.

[263] explicite.

[264] non équivoque”. Cass. soc., 12 juillet 1989, n° 86-41.668.

[265] notifiée individuellement”. Cass. soc., 12 juillet 1989, n° 86-41.668; et Cass. soc., 21 octobre 2009, n° 08-40.828.

[266] libre de tout engagement”. Cass. soc., 25 octobre 1995, n° 93-45.442.

[267] le plan de sauvegarde de l’emploi”. Cass. soc, 23 septembre 2008, n° 07-41.649.

[268] انظر: Cass. soc., 6 février 2019, n° 17-27.188.

[269] بيكو وآخرون، بند 103.

[270] Cass. soc., 13 juillet 2010, n° 09-41.626.

[271] Cass. soc., 30 mars 2011, n° 09-41.583.

[272] résiliation judiciaire. Cass. soc., 6 mai 2009, n° 07-44.692.

[273] rupture conventionnelle”. Cass. soc., 29 janvier 2014, n° 12-22.116.

[274] Cass. soc., 30 mars 2011, n° 09-41.583.

[275] Cass. soc., 13 septembre 2005, n° 02-46.795.

[276] Cass. soc., 27 mars 2008, n° 07-40.195 ; et Cass. soc., 13 octobre 2021, n° 20-10.718.

[277] المادة (686/3) من القانون المدني المصري.

[278] انظر الإشارة إلى هذا الفقه في: المرجع السابق، ص301، هامش 3.

[279] قريب منه في شأن نقد عدم تبرير الجزاء كعقوبة مدنية، انظر: نجيدة، ص301 و302.

[280] وهو ما تكرر من زملاء آخرين، انظر الأحمد، ص282.

[281] أو إزالة حرف العطف «أو»، كما سبقت الإشارة إليه.

[282] الأحمد، ص282.

[283] على أننا نُفضَّل أن يكون ذلك بتعديل تشريعي عادي، على الأقل في شأن استحقاق العامل لمقابل مالي.

[284] كما فعلت المادة 12 السابق الإشارة إليها من قرار مجلس الوزراء لدولة الإمارات العربية المتحدة رقم (1) لسنة 2022.