Submitted: 7/4/2022

Reviewed: 27/6/2022

Accepted: 23/8/2022

الإصلاح التشريعي لنظام المساعدة القضائية في القانون الفرنسي

سماح خمان

أستاذ قانون المرافعات المساعد، قسم القانون الخاص، كلية القانون الكويتية العالمية

samah@kilaw.edu.kw

ملخص

ارتأى المشرع الفرنسي تعديل أحكام قانون المساعدة القضائية رقم 647-91 المؤرخ 10/7/1991 بشكل كامل واستحدث القانون رقم 1717-2020 الذي دخل حيز التنفيذ في يناير 2021، ويأتي هذا التعديل بعد أن أصبح جليًا أن الإشكالية اليوم لا تتمثل في إقرار مبدأ المساعدة، وإنما تتجسد في تفعيل قوانينها وتعديلها لتتجاوز العقبات التي تعيق تطبيقها؛ لذلك تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على أحدث هذه التعديلات، ومدى نجاحها في تطبيق هذا النظام بشكل فعّال.

وعليه، سنتبع في هذه الدراسة المنهج التحليلي لعرض أهم التعديلات التي جاء بها المشرع الفرنسي، الذي توصلنا من خلاله إلى أن اهتمام الدولة بنظام المساعدة القانونية هو نتيجة طبيعية لاهتمامها بحقوق الإنسان؛ لذلك تسعى الدول الديمقراطية إلى تفعيل هذا النظام بكل ما تملكه من إمكانيات، بل إنها ستتمكن من التغلب على إشكالية بطء التقاضي؛ بإدخال الوسائل البديلة تحت هذه المنظومة. ولا يمكن أن تتحقق هذه النتيجة إلا بالاستجابة لأصوات المحامين وإعادة النظر في طريقة تقييم أتعابهم، والاستجابة لنداءات المتقاضين بتوسيع نطاق تطبيقها ليشمل طبقة أوسع من ذوي الدخل المحدود.

تأتي هذه الدراسة بعد آخر تعديل لقانون المساعدة الفرنسي، لذلك نأمل أن يتميز البحث بالأصالة لعدم وجود أبحاث باللغة العربية سبق أن تناولته؛ بسبب حداثة عهد هذا التعديل سنة 2021.

الكلمات المفتاحية: المساعدة القانونية، حق التقاضي، أتعاب المحامين، مصاريف قضائية، العدالة

 

للاقتباس: خمان، سماح. «الإصلاح التشريعي لنظام المساعدة القضائية في القانون الفرنسي»، المجلة الدولية للقانون، المجلد الحادي عشر، العدد الثالث، 2022، عدد خاص بمؤتمر «المساعدة القانونية: السبل والتحديات»، كلية القانون، جامعة قطر، 21-22 مارس 2022

© 2022، خمان، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه؛ طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.

 


 

 

Submitted: 7/4/2022

Reviewed: 27/6/2022

Accepted: 23/8/2022

Legislative Reform of the Legal Aid System in the French Law

Samah Khemane

Assistant Professor of Civil and Commercial Law, Department of Private Law, Kuwait International Law School

samah@kilaw.edu.kw

Abstract

The French legislator has fully amended the provisions of the Legal Aid Law No. (647-91) of 10.07.1991, and introduced the Law No. (1717-2020), which entered into force in January 2021. This amendment has arisen after it became clear that the problem does not lie on acknowledging the principle of aid, but rather on activating and amending its laws to overcome the obstacles that impede its implementation. Therefore, this study aims to guide the legislator in the Arab countries for the best way to effectively implement this system.

In this regard, we follow the analytical approach to present the most significant amendments made by the French legislator.

The states interest in the legal aid system is a logical outcome of the states interest in human rights. Therefore, democratic states are seeking to activate this system with the capabilities they have. Paying attention to this system will lead to overcoming the problem of slow litigation by introducing alternative means under this system. This can only be made by responding to requests of lawyers and reconsidering the method for assessing their fees, and responding to litigants demands to extend the scope of its application to include a wider class of people with limited income.

This study has been prepared after the last amendment to French Aid Law. Therefore, the research is distinguished by its originality, as there are no research studies in Arabic language have previously studied this subject; due to the novelty of this amendment in 2021.

Keywords: Legal Aid; Litigation Right; Lawyers' Fees; Judicial fees; Justice

 

Cite this article as: Khemane, S. "Legislative Reform of the Legal Aid System in the French Law," International Review of Law, Volume 11, Issue 3, 2022, Special Issue on the conference of "Legal Aid: Means and Challenges," Collage of Law, Qatar University, 21-22 March 2022

© 2022, Khemane, S., licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.

 

 


 

المقدمة

أصبح من المسلم به اليوم أن مجانية التقاضي تعني عدم قيام المتقاضين بسداد أجور القضاة الذين يتولون الفصل في قضاياهم[1]، ومع ذلك سيتحمل من يلجأ للمحاكم الكثير من النفقات المالية مثل مصاريف الدعوى والخبرة وكفالات الطعن بالاستئناف أو بالنقض واستخراج الصور والشهادات والترجمة ومصاريف التنفيذ وغيرها، بالإضافة إلى أتعاب المحامي الذي ستوكل إليه مهمة تمثيل هذا المتقاضي أمام المحاكم. ولا شك أن هناك بعض الفئات من محدودي الدخل ممن سيعجز عن تحمل مثل هذه المصاريف، وعدم تدخل الدولة لحماية هذه الفئة سيؤدي بالضرورة إلى الإخلال بأهم مبدأ دستوري عالمي وهو مبدأ المساواة أمام القضاء وكفالة حق التقاضي[2].

لذلك، ولكي لا تتحول الحاجة أو المستوى المادي للفرد إلى عائق يحول بينه وبين اللجوء للقضاء، حرص المشرع في مختلف دول العالم على تنظيم ما يعرف بالمساعدة القانونية[3] لتمكين جميع الأفراد من ممارسة حقها الطبيعي في التقاضي. وأقر المشرع الفرنسي نظام المساعدة القانونية بموجب القانون رقم 91-647 المؤرخ 10 يوليو 1991.

ولكن، ومع الإقرار بمكانة وأهمية نظام المساعدة القانونية وتنظيم أحكامها في أغلب التشريعات، لابد من التسليم في المقابل بأن عالمنا اليوم يشهد تطورات كثيرة وسريعة أظهرت بعض العقبات التي قد تحول دون وضع هذه القوانين موضع التنفيذ بشكل فعّال، لذلك ارتأى المشرع الفرنسي إدخال عدة تعديلات على أحكام قانون المساعدة القضائية رقم 647-91 المؤرخ في 10/7/1991 على مدار الأعوام القليلة الماضية، كما واستحداث اللائحة التنفيذية لهذا القانون رقم 1717-2020 وألغى اللائحة التنفيذية السابقة، وقد دخلت هذه اللائحة حيز التنفيذ في يناير 2021 تحت عنوان "المساعدة القضائية والمساعدة بشأن التمثيل من قبل محامي في غير الدعاوى القضائية"[4]، وذلك في محاولة لتفعيل نصوص المساعدة القانونية، وللتوفيق بين ضمان حق الأفراد باللجوء للقضاء وعدم إساءة استخدام هذا الحق.وعليه سنقوم من خلال هذا البحث بدراسة أهم ما جاء في قانون المساعدة قبل وبعد تعديل نصوصه دراسة تحليلية في محاولة لشرح أحكام هذه القوانين وتحديد آثارهامع توضيح الأسباب التي دعت المشرع الفرنسي لتعديل أحكامه.

إشكالية البحث:

لم تعد الإشكالية اليوم تتمثل في إقرار مبدأ المساعدة القانونية، وإنما تتجسد بشكل أكبر في تفعيل تشريعاتها أو حتى تعديلها لتتجاوز العقبات التي تعيق تطبيقها، وتمنع بالتالي التوصل إلى الهدف الأساسي منها وهو ضمان حق جميع الأفراد في اللجوء للقضاء. ولعل أهم هذه المشاكل ما نشهده اليوم من تزايد مضطرد لأعداد الطلبات المقدمة للاستفادة منها، مع ما يصاحب ذلك من ضغط على المكاتب المخصصة لاستقبالها ودراستها واضطراب في المواعيد المحددة للفصل فيها، ومنها أيضا عزوف مكاتب المحاماة عن المساهمة في هذا النظام وما يمكن أن تقوم به الدولة في هذا الشأن لتشجيع المحامين على الانخراط فيه دون أن يقتصر الأمر على المكاتب الحديثة العهد بهذه المهنة، ولعل تعديل أحكام المساعدة القانونية من شأنه أن يساعد بدوره في التغلب على مشكلة بطء التقاضي في حال أجاز المشرع الاستفادة منها عندما يختار أطراف النزاع اللجوء لأحد الوسائل البديلة كالوساطة والتوفيق بدلًا من اللجوء للقضاء في الحالات التي يسمح فيها القانون بذلك كما فعل المشرع الفرنسي. لذلك تتمثل إشكالية البحث بشكل أساسي في الإجابة على التساؤل التالي: هل هناك فعلًا ما يستدعي تعديل أحكام قوانين المساعدة القانونية اليوم في مختلف التشريعات المقارنة لتفعيل أحكامها؟ وإذا كنا نطمح من خلال تنظيم أحكام المساعدة القانونية إلى كفالة حق جميع الأفراد في التقاضي، فما هو السبيل لتحقيق هذا الهدف؟

أهمية البحث:

تتجسد أهمية هذا البحث في دراسة التنظيم القانوني الجديد لأحكام المساعدة القانونية في القانون الفرنسي، مع تحليل مدى تمكنه من التغلب على العقبات التي دعته إلى إقرار هذا التعديل، وهي دراسة تهدف أيضًا إلى إرشاد المشرع والجهات التنفيذية في الدول العربية للطريقة المثلى لتطبيق هذا النظام بشكل فعّال، إما للتغلب على ما قد يواجهه من إشكاليات، أو لتوسيع نطاق تطبيقه ليشمل أيضًا الوسائل البديلة لتسوية المنازعات، وهو ما سنحاول توضيحه من خلال هذه الدراسة.

منهجية البحث:

 اتبعنا في الدراسة المنهجين التحليلي والوصفي لأحكام القانون الفرنسي قبل وبعد التعديل الأخير.

نطاق البحث:

 يقتصر مجال البحث على دراسة المساعدة القضائية بمفهومها الضيق STRICTO في المواد المدنية والتجارية في القانون الفرنسي الجديد، لذلك لن يتم التطرق إلى المساعدة في الوصول إلى العدالة والقانون أو المساعدة بشأن المنازعات غير القضائية إلا بتعريف مبسط لكل منهما، على النحو الذي يمكَن القارئ من تتبع أنواع المساعدات المقدمة بشأن المنازعات المدنية والتجارية من جانب المشرع الفرنسي، وذلك على النحو التالي:

المبحث الأول: المساعدة القانونية في القانون الفرنسي بموجب القانون رقم 91-647

يتميز نظام المساعدة القانونية في القانون الفرنسي بشمولية تنظيمه بموجب القانون رقم 91-647 المؤرخ 10/7/1991 والذي تضمن 78 مادة تتناول تنظيم وتحديد المساعدة القانونية التي من الممكن أن تقدمها الدولة لذوي الدخل المحدود[5]، سواء بتغطية المصاريف القضائية كليًا أو جزئيًا، أو حتى تغطية أتعاب المحاماة، مع بيان إجراءات تقديمها عبر مكاتب المساعدة القانونية[6]، وإجراءات سحب هذه المساعدة أيضًا. وصدر إثر ذلك اللائحة التنفيذية رقم 1266-91 المؤرخة 19/12/1991 لوضع هذا القانون موضع التطبيق.

ولم يكتف المشرع الفرنسي بذلك، وإنما أصدر في وقت لاحق القانون المؤرخ 18 ديسمبر 1998 الذي جاء لإقرار ما يعرف بالحق في الوصول للقانون والعدالة l'accès au droit والذي يهدف بشكل أساسي إلى تحقيق هدفين: الأول تمكين أفراد الفئة محدودة الدخل من التعرف على حقوقهم بتقديم المشورة القانونية اللازمة لهم، والثاني الحد من ازدحام المحاكم وتكدس القضايا أمام المحاكم بما ينتج عن ذلك من بطء في الفصل في القضايا، وذلك عن طريق الحث على محاولة تسوية المنازعات باتباع الوسائل الودية التي أقرها المشرع، وقد وضحت وزيرة العدل آنذاك عند تقديم مشروع هذا القانون أن "المفاوضات بين الخصوم لا يجب أن تكون بديلا للحكم القضائي الفاصل في المنازعة فقط، وإنما يجب أن تتحول لبديل عن عملية التقاضي في حد ذاتها"، وأشارت بشكل صريح إلى "وجوب التوقف عن الخلط بين الوصول للقضاء والتوصل للعدالة"[7]. وبعد أن تم إضافة جميع هذه التعديلات لقانون المساعدة القانونية 1991تم تقسيم هذا القانون إلى أجزاء يتناول القسم الأول: المساعدة القضائية والمساعدة في الاستعانة بمحامي والقسم الثاني خصصه المشرع لتنظيم ما يعرف بالمساعدة في التوصل للعدالة أو كما اصطلح على تسميتها بالمساعدة في الحصول على المشورة، القسم الثالث يعالج المساعدة في الاستعانة بمحامي في غير الدعاوى القضائية، ثم القسم الأخير الذي جاء ببعض الأحكام الانتقالية والمتفرقة.

المطلب الأول: مفهوم المساعدة القانونية وأنواعها

بدأ المشرع الفرنسي نصوص مواد القانون رقم 91-647 لسنة 1991 بالإشارة في المادة الأولى منه إلى أن المساعدة القانونية L'aide juridique تشمل المساعدة القضائية l'aide juridictionnelle والمساعدة في التوصل للعدالة L'aide à l'accès au droit والمساعدة التي تقدم من جانب الدولة للاستعانة بالمحامين في غير الدعاوى قضائية[8]. لذلك من الأهمية بمكان تحرير المصطلحات المستخدمة في هذا الشأن والتمييز بين المساعدة القانونية والمساعدة القضائية من جهة، ثم الانتقال إلى توضيح هذه الأنواع كل على حدا.

الفرع الأول: مفهوم المساعدة القانونية والقضائية في التشريع الفرنسي:

تشمل المساعدة القضائية juridictionnelle المساعدة في تحمل مصاريف التقاضي بجميع أنواعها ومصاريف الاستعانة بالمحامين في إطار الدعاوى والإجراءات القضائية، بينما تشمل المساعدة القانونية juridique جميع ما سبق، بالإضافة إلى المساعدة في الحصول على المشورة والتوصل للعدالة من جهة، والمساعدة في الاستعانة بالمحامين في غير الدعاوى القضائية من جهة أخرى.

فالمساعدة القانونية طبقت في فرنسا بمفهوم واسع بحيث تغطي مصاريف التقاضي مرورًا بالتمثيل القانوني أمام المحاكم وانتهاءً بتقديم المشورة القانونية التي لا تستلزم بالضرورة اللجوء للقضاء إذا ما توافرت شروط الحصول عليها[9]. وقد بين المشرع من خلال القسم الثاني من القانون رقم 91-647 المجال الذي من الممكن أن تقدم فيه المساعدة، فأشار بشكل صريح في المادة 10 منه[10] إلى إمكانية التقدم بطلب للحصول على هذه المساعدة بشأن جميع الدعاوى القضائية والأعمال الولائية، سواء للادعاء بحق أو للدفاع عن هذا الحق، وأمام جميع المحاكم المدنية والإدارية والجزائية، بالإضافة إلى جلسات الاستماع للقُصّر التي ينظمها القانون المدني الفرنسي في المادة 388-1. كما يمكن للمتقاضي الاستفادة من المساعدة القانونية بشأن جميع إجراءات الدعوى القضائية منذ لحظة إيداع الصحيفة، أو لتغطية جزء فقط من مصاريف الدعوى. ويمكن طلب هذه المساعدة أمام محاكم الدرجة الأولى ومحاكم الطعن، بل إن المشرع الفرنسي نص بشكل صريح على أن المستفيد من المساعدة القانونية أمام محكمة الدرجة الأولى يحتفظ بحقه كاملًا بالاستفادة منها للدفاع عن نفسه أمام محكمة الطعن[11]، وفي حال تم رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة، يبقى مستفيدًا من هذه المساعدة التي قررت له أمام المحكمة المختصة بنظر النزاع[12].

ويمكن أن تغطي المساعدة القانونية رسوم الإجراءات التنفيذية التي تتخذ بشأن العقود المذيلة بالصيغة التنفيذية، وتلك التي تتخذ بشأن تنفيذ والأحكام القضائية، سواء صدرت هذه الأحكام عن المحاكم الفرنسية، أم عن محاكم دول الاتحاد الأوروبي، وسواء صدرت بالاستفادة من نظام المساعدة القانونية، أو دون الاستفادة منه، ما لم يكن قد تم وقف إجراءات التنفيذ لأكثر من سنة لسبب آخر غير الطعن بالحكم.

الفرع الثاني: أنواع المساعدة القانونية في التشريع الفرنسي

تنقسم المساعدة القانونية في القانون الفرنسي إلى مساعدة تقدم للمتقاضين عند اللجوء إلى محاكم الدولة بإعفاء المتقاضي كليًا أو جزئيًا من مصاريف التقاضي وأتعاب المحاماة من جهة، ومساعدة تقدم للأفراد خارج نطاق الدعاوى القضائية كما في حالة اللجوء للوساطة أو في حال الحاجة للمشورة والرأي القانوني من جهة أخرى على النحو التالي:

أولًا: المساعدة القضائية

تمثل المعونة النقدية التي تقدمها الدولة لتغطية مصاريف الدعاوى وأتعاب المحامين لمن لن يتمكن من اللجوء للقضاء بسبب محدودية دخله وموارده، سواء كان ذلك في إطار الدعاوى القضائية أو الأعمال الولائية، وسواء اتخذ هذا المتقاضي موقف الادعاء أو الدفاع وأمام جميع الجهات القضائية ومحاكم الدرجة الأولى أو محاكم الاستئناف، ويمثل ذلك تجسيدًا واضحًا لرغبة المشرع الحقيقة في ضمان المساواة بين الأفراد تجاه أحد أهم مرافق الدولة وهو القضاء.

وتجدر الإشارة إلى أن المساعدة القضائية المقدمة من جانب الدولة قد تغطي جميع المصاريف والرسوم وأتعاب المحاماة فتسمى مساعدة قضائية شاملة Aide judiciaire totale إذا ما استوفى مقدم الطلب جميع الشروط المبينة في القانون، ومنها شرط الموارد المالية. وإما أن تكون مساعدة قضائية جزئية Aide judiciaire partielle فتغطي جزء من الرسوم أو من أتعاب المحاماة إذا ما زادت الموارد عن هذا السقف، ليتحمل المتقاضي الجزء المتبقي من الرسوم وأتعاب المحاماة. وعليه يمكن القول بأن المساعدة القضائية تشمل تغطية مصاريف الدعوى من جهة، وتغطية أتعاب المحامين في نطاق الدعاوى القضائية من جهة أخرى.

1-  مصاريف التقاضي:

 وتشمل في القانون الفرنسي حسب المادة 695 من قانون الإجراءات المدنية رسوم الدعوى وأتعاب المحامين ومصاريف الخبرة ورسوم التسجيل والترجمة والتنفيذ وغيرها[13]. ويشير الفقه إلى أن مصاريف التقاضي في فرنسا غير مكلفة[14]très minime وتبقى أتعاب المحاماة هناك تشكل الجزء الأكبر من هذه المصاريف، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن مصاريف الخبرة في القانون الفرنسي قد تكون مكلفة في بعض القضايا، ولا نشير هنا إلى الخبير الذي يعين في الدعوى عن الطرفين من جانب القاضي لتزويده بتقرير حسابي أو هندسي في الدعوى والتي تعرف في القانون الفرنسي بـ expertise بموجب نصوص المواد 263 إلى 284 من قانون الإجراءات المدنية، ولكن قد يقرر القاضي بموجب نصوص المواد من 232 إلى 242 من قانون الإجراءات المدنية الفرنسي[15]الاستعانة بخبير متخصص للحصول على أدلة جديدة بشأن وقائع النزاع المعروض مع تحديد المدة اللازمة لإنجاز هذه المهمة والأجر الذي سيحصل عليه الخبير[16]، ومن ثم مع تحديد الخصم الذي ستقع هذه الأتعاب على عاتقه. والواقع أن هذه الأتعاب قد تشكل عبئ ثقيل على عاتق المتقاضين في فرنسا يضاف إلى مصاريف التقاضي[17]، وتتم تغطيتها عن طريق المساعدة القانونية إذا تبين لمكتب المساعدة أن الخصم الذي سيتحمل هذه المصاريف قد استوفى جميع الشروط التي سيأتي بيانها. لذلك لا يمكن تحديد تكلفة الدعوى القضائية سلفًا، لأنها تختلف من حالة إلى أخرى بالنظر إلى طبيعة النزاع وما قد يستلزمه من إجراءات ورسوم وقيمة الأتعاب التي يتقاضاها المحامي والتي تختلف من مكتب لآخر.

2- أتعاب المحامي:

أصبح من المسلم به أن اقتصار نظام المساعدة القانونية على تغطية الرسوم القضائية فقط لم يعد كافيًا، فرغم إعفاء طبقة محدودي الدخل من الرسوم القضائية إلا أن أفراد هذه الطبقة لن يتمكنوا من اللجوء للقضاء بسبب عجزهم عن دفع أتعاب المحامين، التي تمثل الجزء الأكبر من تكلفة اختيار الحل القضائي[18] لذلك توجهت جميع التشريعات إلى النص بشكل صريح على أن المساعدة القانونية تشمل إلى جانب الإعفاء من الرسوم القانونية الإعفاء أيضًا من تحمل أتعاب المحاماة، وفي الوقت الذي تنظم فيه التشريعات هذه المسألة في إطار قانون المحاماة[19]، نجد أن المشرع الفرنسي أدرجها ضمن قانون المساعدة القانونية بما يتميز به هذا القانون من شمولية على النحو السابق الإشارة إليه.

تختلف التشريعات بعد ذلك في كيفية اختيار المحامي المكلف بتقديم خدماته وتمثيل أحد الخصوم تحت بند المساعدة القانونية بين قوانين لا دخل فيها للمتقاضي في عملية الاختيار، فتسند هذه المهمة لأحد اللجان المشكلة لهذا الغرض[20]، أو للمحكمة المنظور أمامها الدعوى، أو للنيابة العامة في مرحلة التحقيق[21]، أو لنقابة المحامين من جداول المحامين المقيدين تحت بند المساعدة، حتى وإن كانت خبرته لا تؤهله للاضطلاع بهذا النوع من الدعاوى، بينما تعترف قوانين أخرى للمتقاضي المستفيد من المساعدة بمطلق الحرية في اختيار محاميه الذي يتوسم فيه المعايير التي تناسب النزاع القائم وهو حال المشرع القانون الفرنسي، الذي نص في المادة 25 منه على أنه من حق المستفيد من المساعدة القانونية اختيار المحامي الذي سيمثله أمام المحكمة، وفي حال لم يتمكن من ذلك، أو في حال رفض المحامي المختار هذه المهمة، يتولى رئيس النقابة عملية الاختيار[22]، كما أضاف في المادة 26 منه أنه في حال الطعن بالاستئناف فإن المحامي الوكيل عن المستفيد من المساعدة أمام محكمة أول درجة سيستمر في تمثيله أمام محكمة الطعن، إلا إذا اختار المستفيد محام آخر أو رفض هذا المحامي تمثيله. ويلاحظ في هذا الشأن أن المشرع الفرنسي كما أعطى للمستفيد من المساعدة الحرية في اختيار من يمثله، أعطى للمحامي أيضًا الحق في رفض المهمة وهو ما يميز القانون الفرنسي مرة أخرى عن أغلب التشريعات العربية التي لا تجيز للمحامي المكلف بمهمة تمثيل أحد الخصوم رفض المهمة الموكلة إليه[23].

وفي حال قبول المحامي أداء المهمة الموكلة إليه تحت بند المساعدة القانونية فإنه يستحق أجرًا يصرف له من جانب الدولة في هذه الحالة بموجب نص الفقرة الأولى من المادة 27 من قانون المساعدة القانونية لسنة 1991 [24]، ويستند القانون الفرنسي في احتساب أجر المحامي عن انجاز مهمته إلى ما يلي:

       ‌أ-       قيمة ثابتة يحددها قانون المالية بشكل سنوي تمثل في الغالب أجر نصف ساعة عمل يعرف بـ unité de valeur de référence ويمكن ترجمتها بالقيمة المرجعية للوحدة، واستقرت قيمة الوحدة عند 32 يورو قبل التعديل الأخير لنظام المساعدة القانونية.

     ‌ب-     عدد الوحدات الخاصة بكل مهمة على حدا، تحددها الجداول المرفقة مع اللائحة التنفيذية1266-91 المؤرخة 19/12/1991 والمستبدلة باللائحة التنفيذية الجديدة رقم 1717-2020، فيحسب الأجر الذي يستحقه المحامي عن كل مهمة ينجزها نتيجة حاصل ضرب قيمة الوحدة الواحدة مع عدد الوحدات المخصص لهذه لمهمة في الجدول، ومثال ذلك حدد المشرع للطلاق عدد وحدات يقدر بـ 30 وحدة، فيقدر أجر المحامي بحاصل ضرب 30 في قيمة الوحدة الواحدة الثابت 32 لتقدر أتعابه بـ 960 يورو، وهو أجر زهيد بالنسبة للمحامين العاملين في مجال المساعدة القانونية في فرنسا، نتج عنه إعراض الكثيرين عنها، واعتراض البقية الباقية ممن يجد نفسه مضطرًا لقبولها بسبب موارده المالية المتدنية أساسًا، وهو ما حاول المشرع إصلاحه من ضمن الإصلاحات التشريعية التي سيتم التطرق إليها من خلال المطلب الثاني من البحث.

ثانيًا: المساعدة القانونية غير القضائية

تقدم المساعدة في هذه الحالة بدون وجود دعوى قضائية مرفوعة من أو ضد الشخص المستفيد، ولكنه يتقدم بطلب المساعدة للحصول على استشارة قانونية، أو لتسوية النزاع القائم بينه وبين خصمه عن طريق الوساطة، بما يستتبع ذلك من اعفاء كلي أو جزئي من مصاريف الوساطة وأتعاب الوسيط.

1- الحق في الوصول للقانون والعدالة l'accès au droit

نظم المشرع الفرنسي هذا النوع من المساعدات بموجب المواد من 53 إلى 61 من القانون رقم 647-91 (أضيف لنصوص هذا القانون سنة 1996 كما سبق وأشرنا) وتقدم من خلال هذا النظام المساعدة اللازمة للأفراد غير القادرين للتعرف على حقوقهم والتزاماتهم تجاه بعضهم البعض، واتجاه مؤسسات ومرافق الدولة المسئولة عن تنفيذها، بالإضافة إلى تقديم المعونة في وضع هذه الحقوق والالتزامات موضع التنفيذ. كما تشمل المساعدة على مباشرة أو إنهاء أي عمل من الأعمال القانونية les actes juridiques. فالمساعدة هنا أشبه بالمساعدة الوقائية التي تحاول الحيلولة دون تفاقم المنازعات ووصولها الى ساحات المحاكم. ويتم تقديم هذه المساعدة عن طريق مجلس يعرف بالمجلس الأعلى للوصول إلى القانون والذي يتبعه حوالي 1200 مركز لتقديم هذه الخدمة على مستوى الجمهورية، لا عن طريق مكاتب المساعدة القضائية كما هو الحال بالنسبة للمساعدة القضائية.

2- تسوية المنازعات عن طريق الوساطة:

يولي المشرع الفرنسي أهمية كبيرة في الوقت الحالي للوساطة باعتبارها أحد وسائل تسوية المنازعات، وتقسم هناك إلى وساطة اتفاقية تتم بين الأطراف قبل اللجوء للقضاء، ووساطة قضائية يقوم فيها القاضي المختص أثناء أو قبل نظر الدعوى بإحالة ملف النزاع المعروض أمامه لوسيط مختص ومستقل ومحايد لتسوية النزاع القائم بشكل ودي وسري خلال فترة زمنية محددة، فإن نجح الوسيط في مهمته بتسوية النزاع كليًا أو جزئيًا، تقوم المحكمة بالتصديق على اتفاقية التسوية تمهيدًا لتنفيذها، وإلا عادت القضية للتداول أمام المحكمة المختصة وفقًا للأوضاع المعتادة للفصل في الدعاوى[25].

ولتشجيع المتقاضين والمحامين على السواء على تسوية المنازعات بعيدًا عن ساحات المحاكم فقد قرر المشرع بموجب الفقرة 2 من نص المادة 10 من قانون المساعدة القانونية إدخال مصاريف الوساطة تحت مظلة المساعدة القانونية إذا توافرت شروط الاستفادة منها لدى مقدم الطلب[26]، وبين بعد ذلك بشأن أتعاب المحامي - الممثل لأحد الخصوم أمام الوسيط - أنه يستحق أتعابه تحت بند المساعدة سواء تمت تسوية النزاع عن طريق وساطة لم يأمر بها القاضي (اتفاقية) ولكن تم تقديم اتفاق التسوية للقاضي للتصديق عليه، أو تمت تسويته عن طريق إحالة الدعوى للوساطة القضائية بأمر من قاضي الدعوى وقد كان المقابل المادي الذي يحصل عليه المحامي في هذه الحالة ضئيل جدًا إلى أن تم تعديله مع سلسلة الإصلاحات التشريعية التي سيأتي بيانها.

المطلب الثاني: شروط الحصول على المساعدة القانونية

الفرع الأول: من له حق الاستفادة من المساعدة القضائية في القانون الفرنسي:

بدأ المشرع الفرنسي في القانون رقم 91-647 بموجب نصوص المواد: 2 و3 تحديد الأشخاص الذين يحق لهم الاستفادة من نظام المساعدة القضائية التي ينظمها القانون وأعطى هذه الأحقية لكل من:

1-  الشخص الطبيعي الذي لا تسمح له موارده المالية بالمطالبة بحقوقه أمام القضاء أو الدفاع عنها، أو كل شخص معنوي لا يستهدف تحقيق الربح ويتخذ من جمهورية فرنسا موطنًاsiège لها، مثل الجمعيات الخيرية وكل جمعية تقوم بأعمال إنسانية أو بيئية أو تعليمية أو إعانة المرضى وغيرها، وبذلك استبعد المشرع الأشخاص الاعتبارية التي تهدف إلى تحقيق الربح من نظام المساعدة القانونية، وإنما يمكن لهذه الفئة اللجوء لعقود تأمين الحماية القضائية على النحو الذي سيأتي بيانه.

2-  من يحمل الجنسية الفرنسية أو جنسية أحد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

3-  من يحمل جنسية أجنبية ويقيم بصورة قانونية على الأراضي الفرنسية.

4-  يمكن بصورة استثنائية منح المساعدة القضائية لمن لا يستوف أي من هذه الشروط المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين إذا كانت حالته جديرة بالاهتمام بالنظر إلى موضوع النزاع أو مصاريفه. وبذلك يكون المشرع الفرنسي قد اعترف بسلطة تقديرية واسعة لمكاتب المساعدة القانونية في تقييم مدى قبول طلبات المساعدة التي من الممكن أن تقدم من جانب أشخاص معنوية تستهدف الربح، أو حتى من جانب الأفراد المقيمين هناك بصفة غير قانونية متى قدرت هذه المكاتب أن حالتهم أو طبيعة النزاع تستدعي ذلك.

5-  تطبيقًا لقانون الاتحاد الأوروبي ولقرار المجلس 8-2003-CEمن الممكن أيضًا الاعتراف بالمساعدة القانونية في المنازعات المدنية والتجارية عبر الحدود Transfrantalier أيا كانت جنسية المستفيد طالما كان مقيمًا في أحد دول الاتحاد الأوروبي بصورة قانونية. وقد عرَف المشرع النزاع عبر الحدود بأنه النزاع الذي يكون فيه المتقدم للحصول على طلب المساعدة القضائية مقيمًا في فرنسا بالنظر إلى اختصاص محاكمها بنظر النزاع، أو باعتبار أن الحكم سيتم تنفيذه في فرنسا في حين أن محل إقامته يكون في أحد دول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي[27].

الفرع الثاني: عدم كفاية الدخل أو الموارد المالية لتغطية المصاريف القضائية:

اشترط المشرع الفرنسي لحصول الفئات المشار إليها أعلاه على المساعدة القانونية معيار "عدم قدرة الموارد المالية للفرد على تغطية تكاليفه القضائية"[28] للقول بحقه في الحصول على المساعدة، إلا أنه لم يترك تقدير وتقييم كفاية الموارد المالية أو عدم كفايتها لمكاتب المساعدة القانونية وإنما يتم تحديد السقف الأعلى للدخل الذي يسمح بقبول طلب المساعدة القانونية بشكل سنوي بقيمة نقدية تختلف بحسب البند المخصص في ميزانية الدولة للمساعدة القانونية[29] من جهة وبحسب تغير القيمة الاقتصادية للعملة من جهة أخرى، فحددت هذه القيمة مثلا سنة 2014 بـ 973 يورو شهريا، وقدرت بـ 1017 يورو سنة 2018، و1031 يورو سنة 2019، وبذلك يكون المشرع قد وضع معيار مادي ثابت يقطع بموجبه اختلاف توجهات مكاتب المساعدة في تقييم هذه القدرة، وذلك على خلاف أغلب التشريعات العربية التي تكتفي بوضع معيار فضفاض بعدم قدرة الشخص على سداد تكاليف التقاضي[30]، ليترك الأمر بعد ذلك للجان أو هيئات محددة تقدير ذلك. أما بعد سنة 2020 فلم يعد القانون الفرنسي يعتمد على معيار عدم كفاية الموارد المالية فقط وإنما أضاف معايير جديدة تتناسب مع ما ينادي به الفقه لتغطية شريحة أكبر من المتقاضين.

الفرع الثالث: عدم وجود عقد لتأمين المصاريف القضائية

سبق أن أشرنا إلى أن كفالة حق التقاضي لا تعن عدم وجود مصاريف قضائية قد يضطر لتحملها من يقرر طرق أبواب المحاكم للمطالبة بحقه، وإنما تعني تسهيل اللجوء للقضاء بإحالة مخاطر تحمل هذه المصاريف لطرف ثالث. هذا الطرف الثالث قد يتمثل في الدولة إذا استوفى مقدم الطلب شروط الاستفادة من المساعدة القانونية لاسيما الشرط المتعلق بالحد الأقصى للدخل. أو أن يتم إحالة هذه المخاطر لأحد شركات التأمين بموجب عقد تأمين يطلق عليه عقد تأمين الحماية القضائية Contract d'assurance de protection juridique الذي تم تطبيقه في أغلب الدول الأوروبية. لذلك وفي وصف أحد الكتاب للحق في اللجوء للتقاضي في فرنسا يشير إلى أنه "يمكن تقسيم تحمل المصروفات القضائية إلى ثلاث درجات: المساعدة القانونية لمحدودي الدخل، عقد التأمين على المصروفات القانونية الذي يلجأ إليه الأغلبية في فرنسا، واللجوء المباشر لمكاتب المحاماة الباهظة التكاليف للأكثر ثراء"[31].

تم تنظيم أحكام عقد تأمين الحماية القضائية بموجب الفقرات من 1 إلى 7 من المادة 127 من قانون التأمين الفرنسي بموجب القانون المؤرخ 31/12/1989 ويمكن تعريفه بأنه التزام تعاقدي لتقديم خدمات قانونية محددة أو تسديد نفقات قانونية مقابل قسط يتم سداده لفترة زمنية في حال ثار نزاع بين المؤمن له والغير بشأن أية منازعة مدنية أو جزائية أو إدارية أو بشأن أحد طرق التسوية الودية للمنازعات[32].

ويتفق نظام المساعدة القانونية مع نظام التأمين في أن كلًا منهما يهدف إلى ضمان حق الأفراد في اللجوء للقضاء تحقيقًا لمبدأ المساواة، ويختلفان بعد ذلك في عدة جوانب: فيستند نظام المساعدة على فكرة التكافل والتضامن الاجتماعي التي تقتصر على طبقة محدودي الدخل الذين لا تتجاوز مواردهم المالية الحد الأقصى الذي تحدده الدولة، مع عدم وجود أية ضمانات لقبول الطلب المقدم للحصول عليها، بينما يعتمد عقد التأمين على آلية عقود التأمين الكلاسيكية التي يعتمد فيها العرض والطلب على سعر السوق. يختلف النظامان من حيث مجال تغطية الدعاوى القضائية، ففي الوقت الذي تغطي فيه المساعدة القانونية جميع أنواع الدعاوى[33]، فإن شركات التأمين تتفادى بصفة خاصة تغطية منازعات الأسرة لاسيما الطلاق التي سيشكل فيها قسط التأمين عقبه كبيره تحول دون إبرامه بسبب كثرة وقوع المخاطر من هذا النوع[34]، كما أن اللجوء لنظام المساعدة لا يكون إلا بعد نشوء المنازعة بينما عقد التأمين يتم إبرامه قبل ظهور هذا الخطر[35].

لذلك، ولأن عقد تأمين المصروفات القضائية يكفل حق المؤمن له في اللجوء للقضاء، بل ويعتبر قرينة على قدرة المستفيد على سداد الرسوم القضائية، فإن وجوده يشكل مانع من موانع الحصول على المساعدة القانونية، وهو ما أكده المشرع في هذا الشأن بنص صريح في القانون بموجب الفقرة الرابعة من المادة 3[36].

الفرع الرابع: جدية المطالبة القضائية

قد يتقدم أحد أطراف الدعوى للاستفادة من المساعدة القانونية ورغم أن موارده المالية تقل عن الحد الأقصى الذي حدده المشرع للاستفادة منها، إلا أن ذلك لا يعني قبول طلبه إذا كان يبدو من ظاهر الحال أن مصير هذه الدعوى هو عدم القبول أو الرفض أو أنها تمثل أحد حالات الدعاوى الكيدية أو الدعاوى غير الجدية بالنظر مثلًا إلى عدد الدعاوى المقامة في هذا الشأن[37]، وهو ما نص عليه المشرع بموجب الفقرة الأولى من المادة السابعة من قانون المساعدة القانونية[38]، كما أشار المشرع بشكل صريح في الفقرة الثالثة من ذات المادة على رفض الطلب المقدم للحصول على المساعدة القانونية في حالة الطعن بالنقض إذا تبين عدم قيام أية حالة من حالات الطعن[39]. وتشير التشريعات العربية لهذا الشرط بـ "باحتمالية كسب الدعوى"[40]. والهدف الأساسي من إدراجه منع إساءة استعمال طريق الإعفاء من الرسوم.

وقد طبق القضاء الفرنسي هذا الشرط في عدة أحكام منها الحكم الصادر عن محكمة استئناف Pau التي رفضت الطعن المقدم من المستأنف ضد قرار مكتب المساعدة القانونية برفض طلب المساعدة بالنظر إلى أنه قدم أكثر من 35 طلب للاستفادة منها خلال 7 سنوات أمام عدة جهات قضائية مدنية وجزائية[41]. مع الإشارة إلى أن المشرع استدرك في الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون بالتأكيد على عدم انطباق هذا الشرط في حال كان المتقدم للحصول على طلب المساعدة القانونية هو المدعى عليه وليس المدعي، كما يعفى من تطبيقه الشخص الذي تقوم في حقه حاله من حالات المسؤولية المدنية.

المبحث الثاني: أحكام المساعدة القضائية في القانون الفرنسي بعد التعديل التشريعي لسنة 2021

نعيش اليوم حقبة من الزمن تتسارع مجرياتها بشكل ملفت من جميع الجوانب، لاسيما الثورة العلمية والإلكترونية التي تشهدها جميع القطاعات، بالإضافة إلى الانفجار السكاني وحاجة الدول المستمرة لتجديد مواردها المالية، وغيرها من التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولن تكون القوانين بمعزل عن هذا التغيير المتسارع، وإلا كانت عاجزة عن تحقيق الهدف الأساسي من تشريعها وهو تحقيق الأمن الاجتماعي وضمان احترام المبادئ الأساسية التي سبق أن أقرتها. لذلك فإن فكرة الإصلاح التشريعي للقوانين التي يتبعها المشرع الفرنسي اليوم ستحقق دون شك الفعالية لنصوصها بالاستجابة لتسارع وتطور الأحداث. وهذا هو الهدف المنشود بعد الإصلاح التشريعي لنظام المساعدة القانونية، لذلك سنتناول من خلال هذا المطلب الأسباب التي دفعت المشرع الفرنسي لتعديل هذا القانون أو إصلاحه، ومن ثم نتطرق لأهم التعديلات في هذا الشأن.

المطلب الأول: الأسباب التي استدعت تعديل قانون المساعدة القضائية في فرنسا

رغم ما يتميز به التنظيم التشريعي لنظام المساعدة القانونية من شمولية في التنظيم، إلا أنه أصبح يشكل بالنسبة للبعض أزمة حقيقية، ويرون في الواقع أن نظام المساعدة القضائية قد تحول إلى ضحية للنجاح الذي حققه[42] "victime de son succès"؛ لذلك نستعرض من خلال هذا المطلب الإشكاليات التي دفعت المشرع الفرنسي إلى تعديل أحكام قانون المساعدة والتي تكاد تتطابق مع الإشكاليات التي تعانيها هذه القوانين في أغلب الدول العربية وتستدعي التعديل أيضًا:

1-   أعداد المتقدمين للاستفادة منه والتي تشهد زيادة مضطردة تعود لتضخم عدد القضايا إلي تعرض بشكل يومي على المحاكم هناك، والذي نتج عنه ارتفاع كبير لعدد الملفات المقدمة لمكاتب المساعدة القضائية والتي كانت تقدر بـ 382.000 ملف سنة 1992 لتصبح 985.000 ملف سنة 2017، وقد أدى هذا بدوره لإطالة أمد الفصل في هذه الطلبات من قبل مكاتب المساعدة القانونية المخصصة لإنجاز هذه المهمة.

2-   لا يشكل زيادة عدد الطلبات المقدمة السبب الوحيد خلف إطالة أمد الفصل فيها وإنما يعود ذلك أيضًا إلى إجراءات تقديمها لمكاتب المساعدة القانونية بطريقة تقليدية تستلزم التسليم اليدوي أو عن طريق البريد المسجل بعلم الوصول للملف مرفقًا بجميع المستندات الدالة. وقد أشار أحد التقارير المقدمة بشأن تقييم أداء العمل في مكاتب المساعدة القانونية بأن أكثر من نصف عدد الملفات المقدمة لمكاتب المساعدة القانونية تكون غير مكتملة الأمر الذي يشكل عبئ إضافي عليها من حيث الزمن الذي سيستغرقه استكمال هذه الملفات من جهة، والتكلفة التي ستنتج بسبب ضرورة قيام الموظفين القائمين عليها بإرسال خطابات مسجلة بعلم الوصول لإخطار مقدم الطلب بهذه النواقص من جهة أخرى[43].

3-   الشرط الذي يتعلق بالحد الأقصى للعوائد الشهرية أو السنوية للاستفادة من نظام المساعدة القانونية الذي وضعه المشرع الفرنسي يؤدي إلى إقصاء الطبقة المتوسطة من المجتمع من التمتع بها[44]، فلو أمكننا مثلا النظر إلى الحد الأقصى للموارد لسنة 2019 الذي يتمكن صاحبها من التقدم بطلب المساعدة سنجد أنه قدر بـ 1032 يورو شهريا، أي أنه يقل فعليا عن خط الفقر الذي قدر بـ 1102 يورو، ويلامس الحد الأدنى للأجور الذي يقدر بـ 1128 يورو تقريبا لمن يعمل لمدة 35 ساعة أسبوعيا. نظرة سريعة لهذه الأرقام تؤكد إقصاء طبقة كبيرة من المجتمع من الاستفادة من نظام المساعدة القانونية، بل إنه يستبعد جزء من الطبقة التي تعتبرها الدولة ضمن خط الفقر هناك، كل ذلك مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا النظام يأخذ بعين الاعتبار الموارد المالية للمتقاضي شهريًا أو سنويًا بغض النظر عما يتحمله من التزامات مالية أيضًا.

4-   في الوقت الذي يدعوا البعض إلى ضرورة رفع الحد الأقصى للموارد لكي تتمكن جميع فئات الشعب من ممارسة حقها في التقاضي، ترى نقابات المحاماة أنه من الأولى زيادة أتعاب المحامين العاملين في مجال المساعدة لأن الأتعاب المقررة لهم حاليا لن تمكنهم من ممارسة المهام الموكلة إليهم بالشكل المطلوب. فرغم إدراج فكرة التمثيل القانوني تحت مفهوم المساعدة القانونية التي تقدمها الدولة لمحدودي الدخل إلا أن المكافأة المالية التي تمنح من الدولة للمحامي عن هذه الخدمة تمثل مبلغًا زهيدًا وغير مجزي؛ لأنه لا يأخذ بعين الاعتبار أهم معياريين لتقدير الأتعاب وهما: المدة الزمنية التي سيستغرقها كل ملف من جهة ومدى تعقيد أو صعوبة انجازه من جهة أخرى، وهو ما أدى إلى عزوف البعض عن هذه المهمة[45]، وعدم قيام البعض المتبقي بدوره على أكمل وجه، لاسيما مع التزامهم وفقًا لقانون وأخلاقيات المحاماة بعدم رفض المساعدة من جهة ومنعهم من قبول أية أتعاب إضافية من الموكل في حال كان هذا الموكل ممن تمت الموافقة على تقديم المساعدة القانونية له. وقد بينت عدة تقارير هناك أن تكاليف مكتب المحاماة للساعة الواحدة في فرنسا تقدر على الأقل بـ 80 يورو للساعة، وعليه عندما تقوم الدولة بتقدير أتعاب المكتب بـ 68 يورو للساعة عن أحد ملفات المساعدة القانونية، فإن ذلك يعني أن التكلفة التي يتحملها المكتب تزيد عن الدخل العائد عليه بما يعادل 12 يورو خسارة عن كل ساعة[46].

5-   كل ذلك مع الأخذ بعين الاعتبار أن المحامي قد يبدأ في مباشرة إجراءات الدعوى أو المهمة التي تم تعيينه من أجلها ليفاجئ بعد ذلك برفض مكتب المساعدة للطلب المقدم من موكله لتخلف أي من الشروط السابق الإشارة إليها. وهو ما دفع المحامين في فرنسا للإضراب والامتناع عن تقديم خدماتهم تحت بند المساعدة القانونية، ودعت النقابات هناك وبعض أعضاء البرلمان إلى إصلاح تشريعي لنظام المساعدة القانونية، وهي المطالب التي تم الاستجابة لها على النحو الذي سيتم تناوله لاحقًا.

6-   الميزانية المخصصة لبند المساعدة القانونية تبقى غير كافية وتقف عاجزة عن التصدي لجميع هذه الإشكاليات رغم أنها قد ارتفعت بدورها من 317 مليون يورو سنة 2013 إلى 484 مليون يورو سنة 2020[47]، وخصصت لها ميزانية تقدر بـ 534 يورو سنة 2021، لذلك وبنظرة سريعة لهذه الزيادة، مع المطالبات المستمرة من المتقاضين والمحامين بتوفير تغطية أكبر يدعو المتخصصين في فرنسا إلى عدم الاعتماد على الدولة فقط في تغطية ميزانية وتكاليف المساعدة القانونية[48]، وإنما يجب البحث عن موارد جديدة تخصص لبند المساعدة القانونية فقط[49].

المطلب الثاني: النصوص التشريعية المستحدثة لقانون المساعدة القانونية

قام مجموعه من أعضاء البرلمان الفرنسي بتاريخ 23 يوليو 2019[50] بإيداع تقرير مفصل للبرلمان عن المساعدة القانونية في القانون الفرنسي متضمنًا خمسة وثلاثون مقترحًا في محاولة لتحقيق ثلاث أهداف رئيسية: تسهيل وتبسيط إجراءات الحصول على المساعدة، إعادة تقدير المبالغ التي تصرف للمتقاضين كمساعدة، وضمان تمويلها[51]، لذلك فإن ما يمكن تسميته بالإصلاح التشريعي لنظام المساعدة القانونية تم من خلال المادة 243 للقانون رقم 1479/2019 للسنة المالية 2020، ثم المادة 234 للقانون 1721/2020 للسنة المالية 2021، ثم من خلال اللائحة التنفيذية رقم 1717/2020 التي ألغت العمل باللائحة التنفيذية السابقة والخاصة بقانون المساعدة القانونية[52].

أولًا: المادة رقم 243 للسنة المالية رقم 1479 لسنة 2019 المؤرخ 28 ديسمبر 2019

صدر التعديل الأول لقانون المساعدة القضائية في فرنسا بموجب القانون رقم 1479/2019 المؤرخ 28/2/2019 للسنة المالية 2020 الذي خصص المادة 243 منه لتعديل بعض أحكام قانون المساعدة المعروف منذ زمن رقم 91/647 الصادر عام 1991، ولعل أهم التعديلات المستحدثة تتعلق بما يلي:

1-  ألغى هذا القانون الحالات التي كان يجيز فيها القانون القديم لبعض المتقاضين الحصول على المساعدة القانونية دون توضيح وتبرير موارده المالية، ويتعلق ذلك على وجه الخصوص بفئتين وهما الفقراء من المتقاعدين "les retraités pauvres" الذين تخصص لهم الدولة إعانة شهرية تضامنية تعرف بـ [53]"ASPA"- minimum vieillesse" من جهة، وبالمستفيدين من بدل البطالة "revenu de solidarité active"من جهة أخرى؛ حيث ارتأى المشرع بموجب التعديل الجديد إلزامهم بإثبات حالة الفقر للحصول على المساعدة القانونية. ويتساءل البعض وبحق - عن هدف المشرع الفرنسي من إلزام من هم تحت خط الفقر بإثبات فقرهم، لاسيما أن الحصول على هذه المعونات من الدولة يستلزم قبل بداية صرفها اثبات استحقاقها[54].

2-  قام هذا القانون بتعديل الشروط الخاصة بالموارد المالية التي تمكن المتقاضي من الاستفادة من المساعدة القانونية: فأصبح تحديد السقف الأعلى لتمكين المتقاضي من الاستفادة من المساعدة القانونية يتم عن طريق اللوائح لا عن طريق القانون[55].

3-  استحدث المشرع الفرنسي معايير جديدة للتحقق من مدى استحقاق المتقاضي للمساعدة القانونية، وهي المعايير التي سيتم التعرض لها لاحقًا بصدد شروط استحقاق المساعدة القانونية، كما حدد هذا التعديل حالات سحب المساعدة القانونية من المستفيد أثناء أو حتى بعد انتهاء الدعوى القضائية المنظورة.

ثانيًا: المادة 234 من القانون رقم 1721/2020 للسنة المالية 2021 المؤرخ 29 ديسمبر 2020

 أضاف المشرع بموجب هذا القانون الفقرة 2 للمادة 11 من قانون المساعدة القانونية رقم 647-91 لضمان صرف أتعاب المحامي في غير الدعاوى القضائية، والفقرة 1 للمادة 19 من ذات القانون بشأن ضمان صرف هذه الأتعاب بشأن المساعدة القانونية القضائية، وهو ما يسمى اليوم في فرنسا بـ L'aide Juridictionnelle Garantie أي المساعدة القضائية المضمونة[56].

ثالثًا: اللائحة التنفيذية رقم 1717/2020 باستبدال اللائحة رقم 1266-91 لسنة 1991

لم يكتف المشرع الفرنسي بهذه التعديلات وإنما قام بعد ذلك بإصدار لائحة تنفيذية رقم 1717/2020 المؤرخة 28/12/2020 متضمنة 191 مادة، وألغى العمل كليًا بـاللائحة الصادر سنة 1991، وتهدف نصوصها في المجمل إلى توضيح وتبسيط إجراءات الحصول على المساعدة بالنسبة للمتقاضين ومكاتب المساعدة القانونية على حد سواء، مع إدخال جميع التعديلات السابق الإشارة إليها ووضعها موضع التنفيذ، في محاولة لتوحيد القواعد بموجب قانون واحد وشامل ومبسط دخل حيز النفاذ بتاريخ 1/1/2020[57]، ليصبح الإطار التشريعي الجديد الذي يحكم نظام المساعدة القانونية في فرنسا هو القانون رقم 91-647 المؤرخ 10/7/1991 بعد أن أضيفت إليه جميع التعديلات السابقة، واللائحة التنفيذية رقم 1717-2020.

المطلب الثالث: الإصلاحات التشريعية لبعض أحكام المساعدة القضائية

المتتبع للتعديل التشريعي الأخير للقانون الفرنسي بشأن المساعدة القانونية والقضائية يجد أن المشرع قد انطلق من الإشكاليات السابق الإشارة إليها، وصولًا إلى وضع الحل المناسب - أو الذي من المفترض أن يتناسب - مع كل منها، وسواء تعلق الأمر بشكل الطلب وإجراءاته أو حتى بإعادة النظر في الأتعاب المخصصة للمحامين في هذه الحالة على النحو التالي:

الفرع الأول: اتباع النظام الآلي لتقديم طلب الحصول على المساعدة القانونية

تقديم طلب المساعدة القانونية كان يستلزم تعبئة النموذج الخاص بهذا الطلب وإرفاقه بجميع المستندات المؤيدة لما جاء فيه ثم الانتقال إلى مكتب المساعدة لتقديمه يدويًا أو إرساله بالبريد المسجل للمكتب التابع للاختصاص الجغرافي[58]، إلا أنه بعد التعديل الأخير لقانون المساعدة، واتباعا لسياسة المشرع الفرنسي الواسعة بالتوجه إلى تطبيق نظام التقاضي الإلكتروني، لاسيما بعد ما واجهه العالم بسبب جائحة كوفيد-19، أقر بموجب التعديل الأخير ميكنة نظام المساعدة القانونية بشكل كامل بدءًا من تقديم الطلب بشكل إلكتروني، مرورًا بمتابعته من قبل مكتب المساعدة القانونية، وانتهاءً بإخطار المستفيد بقبول أو رفض طلبه. ولا شك أن تقديم طلب المساعدة "أونلاين" سيسمح بإعادة تنظيم سير العمل في مكاتب المساعدة من جهة، كما أنه سيسمح بتقليص الفترة الزمنية المقررة للفصل في هذه الطلبات من جهة أخرى[59]، فلن تقوم مكاتب المساعدة القانونية بعد هذا التعديل بترتيب المستندات وتقييم البيانات المقدمة ومراقبة مدى مطابقتها للواقع[60]، لأن كل ذلك سيتم بشكل إلكتروني بعد الربط الآلي مع المواقع الرسمية للإدارة المالية وإدارة الضرائب.

فالتحول الرقمي الذي أقره المشرع الفرنسي لن يسهل فقط إدخال البيانات الشخصية ولكنه سيسهل أيضًا لمقدم الطلب ولمكاتب المساعدة الحصول إلكترونيا على جميع المعلومات الخاصة بالمركز المالي للمستفيد عن طريق قاعدة البيانات التابعة للإدارة العامة للمالية la Direction générale des finances publiques ونقلها إلكترونيا أيضًا للتطبيق السابق[61]، وفي هذه الحالة تتم متابعة الملف من قبل مكتب المساعدة التابع للمحكمة المختصة بنظر النزاع بحسب محل إقامة مقدم الطلب، ثم إصدار القرار بحسب المعطيات والبيانات المقدمة.

وقد نصت المادة 38 من اللائحة رقم 1717-2020 على أنه يجوز تقديم طلب المساعدة بإدخال البيانات والمستندات المتعلقة بشخص مقدم الطلب إلكترونيا باستخدام التطبيق المعروف في فرنسا باسم France Connect"". وفي هذه الحالة سيتم توجيه إخطارًا إلكترونيا لمقدم الطلب بأنه قد تم استقبال طلبه في حال استوفى جميع البيانات والمستندات المطلوبة، أو أن يتم إخطاره إلكترونيا خلال شهر بحد أقصى من تاريخ تقديم الطلب بالمستندات المطلوبة في حال عدم استيفاءها، وذلك طبقاُ لنص المادة 49 من اللائحة. ويتعين على مقدم الطلب في هذه الحالة استكمال جميع المستندات خلال شهر واحد من تاريخ هذا الإخطار وإلا صدر قرار من رئيس مكتب المساعدة أو نائبة باعتبار الطلب المقدم منعدمًا[62]. ويلاحظ في هذا الشأن أن اللائحة التنفيذية السابقة لسنة 1991 كانت تترك لمكتب المساعدة القانونية السلطة التقديرية في تحديد المدة التي يتعين خلالها توفير المستندات على أن لا تتجاوز في جميع الأحوال شهرين من تاريخ الإخطار.

إلا أن السماح بتقديم طلب المساعدة القانونية إلكترونيا لا يمنع المتقاضي من اتباع الوسائل التقليدية في تقديمه - حتى تاريخه - وذلك بموجب نص المادة 37 من اللائحة، لأن المشرع قد ارتأى طرح نظام التقديم الإلكتروني بالتزامن مع النظام الجديد للاستعلام عن المساعد القانونية يرمز له بـSIAG"، على أن يتم تجربة هذا الأخير في بعض المحاكم خلال المنتصف الأول من سنة،2021 ليتم بعد ذلك تقييم هذه التجارب وتعميمها في نهاية السنة[63]. أما في حال ارتأى المتقاضي التقدم بالطلب إلكترونيا فإن قرار مكتب المساعدة القانونية بقبول طلبه أو رفضه سيعلن له عن طريق التطبيق السابق الإشارة إليه أيضًا بموجب الفقرة الأخيرة من نص المادة 56 من ذات اللائحة[64].

الفرع الثاني: تغيير معيار الحصول على المساعدة القانونية

أصبح من الواضح للعيان أن الاعتماد على معيار الحد الأعلى للدخل لتقييم مدى أحقية المستفيد في الحصول على المساعدة القانونية لم يعد كافٍ، فقد تتجاوز موارد المتقاضي عتبة التغطية الكاملة للمساعدة القانونية ومع ذلك يكون غير قادر على تحمل المصاريف القضائية وأتعاب التمثيل القانوني بسبب التزامات أخرى تقع على عاتقه كسداد أقساط أو ديون أو أية التزامات تستجد على مقدم الطلب بسبب مرض أو حادث مفاجئ.

لذلك فقد قرر المشرع الفرنسي - كما سبق الاشارة إليه - بموجب المادة 243 من القانون المالي المؤرخ 28 ديسمبر 2019 إلغاء المعيار السابق الذي كان يأخذ بعين الاعتبار "جميع الموارد المالية أيا كان طبيعتها"، واستبدله بمعيار جديد يتمثل في"le Revenu Fiscal de Réference" ويختصر بـ "RFR" ويمكن ترجمته إلى العائد المالي المرجعي ويمثل قيمة مالية تحتسبها إدارة الضرائب آخذة بعين الاعتبار 10% من جميع الموارد المالية لشخص المستفيد ثم خصم التزاماته المالية من هذه القيمة[65]. وعليه يمكن أن تقدم للمتقاضي مساعدة قانونية كاملة تغطي جميع المصاريف القضائية أو أتعاب المحاماة إذا كانت قيمة العائد المالي المرجعي أقل من 11.262 يورو سنويًا، وتقدم له مساعدة قانونية جزئية[66] إذا كان أقل من 16.890 سنويا، وهو سقف قابل للزيادة في حال زاد عدد الأفراد المقيمين تحت سقف واحد[67]، وذلك اعتبارا من 1/1/2021.

ولم يعتمد القانون الفرنسي الجديد على هذا المعيار فقط للقول بإمكانية الاستفادة من المساعدة وإنما ولأول مرة يأخذ القانون بموجب التعديل الأخير أيضًا بعين الاعتبار ما يسمى الأموال المنقولة والعقارية[68]، فإن كانت قيمة الأموال المنقولة التي يمتلكها مقدم الطلب patrimoine mobilier (والمقصود بشكل خاص المدخرات épargne) يوم تقديم طلب المساعدة يتجاوز 11.261 يورو فلن يتمكن المتقاضي من الاستفادة من المساعدة، وكذلك إذا كانت قيمة أمواله العقاريةpatrimoine immobilier تتجاوز 33.780 يورو يوم تقديم الطلب فلن يتمكن أيضا من الاستفادة منها، مع الإشارة إلى أن المشرع قد نص بشكل صريح - بشأن الأموال العقارية - إلى عدم الأخذ بعين الاعتبار الأموال التي لا يمكن بيعها أو نقل ملكيتها، كما لا يدخل في احتسابها محل السكن الأساسيla residence principale، وقيمة محل العمل (كالعيادة أو المكتب)les locaux professionnels عند تقييم مدى استحقاق مقدم الطلب لمبلغ المساعدة القانونية[69].

ولا يعد المعيار الثاني المتعلق بما يملكه مقدم الطلب من عقارات ومنقولات بديلًا عن المعيار الأول المتعلق بالعائد المالي المرجعي، ولكنه مكملًا له[70]. وعليه، فإن قيمة ما يمتلكه الفرد من أصول عقارية أو منقولة قد تمنعه من الاستفادة من المساعدة القانونية حتى وإن كانت موارده بحسب RFR تؤهله لذلك. فمع استجابة المشرع الفرنسي للأصوات التي تنادي بأخذ الالتزامات المالية بعين الاعتبار لتقييم طلبات المساعدة، إلا أنه ارتأى أنه من العدالة أيضًا أخذ المدخرات والعقارات بعين الاعتبار في هذا التقييم لكيلا تصرف هذه المساعدة إلا لمن يستحقها فعليًا.

الفرع الثالث: زيادة المبالغ المخصصة لأتعاب المحامين

سبق أن أشرنا إلى أن الميزانية المخصصة لبند المساعدة القانونية في فرنسا قد شهدت زيادة كبيره خلال السنة المالية 2021، وسبق أيضًا أن وضحنا طريقة احتساب أتعاب المحامي الذي يكلف بأحد مهام المساعدة القانونية والتي تعتمد على حاصل ضرب وحدة ثابتة القيمة تقدر بـ 32 يورو مع المعامل المخصص لكل دعوى أو إجراء يكلف به المحامي والمبينة بجدول مرفق بالقانون، لذلك فإن زيادة أتعاب المحامي تعتمد على زيادة قيمة هذه الوحدة من جهة، وزيادة المعامل المخصص لكل دعوى أو مهمة من جهة أخرى.

وهو ما اتجه إليه المشرع فعليًا عندما قرر بموجب نص المادة 234 من قانون 29 ديسمبر 2020 للسنة المالية 2021 تعديل قيمة هذه الوحدة بزيادة تقدر بـ 2 يورو[71]، لتصبح 34 يورو بدلا من 32يورو اعتبارا من 1 يناير 2021، كما قرر المشرع أيضًا زيادة المعامل الخاص ببعض أنواع الدعاوى والإجراءات ولعل أهمها على الإطلاق بشأن المنازعات المدنية والتجارية زيادة معامل الوساطة من 4 وحدات إلى 14 وحدة تجسيدًا لرغبة المشرع في تشجيع المحامين على محاولة تسوية المنازعات بطرق ودية وتخفيف الضغط على المحاكم على النحو الذي يخفف من أزمة بطء التقاضي في فرنسا[72].

الفرع الرابع: ضمانة صرف أتعاب المحامي حتى مع عدم توافر شروط المساعدة لدى المتقاضي

وهو ما أصبح يعرف اليوم في فرنسا بالمساعدة القضائية المضمونةAJ Garantie، والذي دخل حيز النفاذ بتاريخ 1/7/2021، فإن كانت المساعدة القانونية في فرنسا قد مرت بتعديلات كثيرة على مدار الثلاثون عامًا الماضية، إلا أن هذا التعديل قد وجه بشكل أساسي للمحامين العاملين في إطار المساعدة القانونية، ويصفه البعض بأنه من أفضل الإصلاحات التشريعية التي أدخلت على نظام المساعدة القانونية[73]، بالنظر إلى الدور الكبير الذي يمارسه المحامي في إطار المساعدة القانونية[74]. وقام المشرع الفرنسي بموجب نص المادة 243 من قانون المالية المشار إليها سابقًا بإضافة نص الفقرة 1 للمادة 19 من قانون المساعدة القضائية رقم 91-647 لسنة 1991، ونص الفقرة 1 للمادة 11 من ذات القانون، والذي ارتأى المشرع الفرنسي إعطاء المحامي الذي يتم تعيينه من قبل المحكمة عن أحد الخصوم والذي أنهى المهمة الموكلة إليه ضمانة لسداد أتعابه في حال قرر مكتب المساعدة القضائية عدم استفادة الموكل من المساعدة القضائية[75]

جاء هذا النظام استجابة لعدة مطالبات قدمت من جانب La Commission d'accès au droit والتابعة للمجلس الوطني لنقابات المحامين Conseil National des barreaux والمعروفة بـ CNB، لتقديم الدعم للمحامي الذي يقبل الانخراط في نظام المساعدة القانونية[76]، ولعل هذا يعكس الدور الايجابي لنقابات المحامين في فرنسا. فقد يحدث في الكثير من الأحيان أن تقوم المحكمة أو النقابة بتعيين محام لتمثيل أحد الموكلين الذي سبق أن قدم طلبًا للاستفادة من المساعدة القانونية، ولكن وبسبب طول أمد الفصل في هذا الطلب للأسباب المشار إليها سابقًا قد يبدأ المحامي في مباشرة المهام الموكلة إليه وقد ينهيها قبل الفصل في الطلب المقدم للمساعدة بالقبول أو بالرفض، ليفاجئ المحام بعد ذلك برفض مكتب المساعدة للطلب لعدم توافر كل أو بعض الشروط الواجب توافرها لدى مقدم الطلب، وكان الحل الوحيد أمام المحامي في هذه الحالة - قبل التعديل - مطالبة الموكل بأتعاب قد يعجز الأخير عن سدادها بسبب وضعه المالي وظروفه الاجتماعية، ليجد المحامي نفسه في نهاية المطاف قد حرم من المقابل المادي عن الخدمات القانونية المقدمة من جانبه ولتشهد النقابات والمحاكم بعد ذلك عزوف الكثير من المحامي عن تقديم خدماتهم تحت بند المساعدة القانونية[77]. لذلك يعتبر هذا التعديل خروجا عن القواعد العامة للمساعدة القانونية في القانون الفرنسي، الذي يتوقف فيها صرف أتعاب المحامي من خزانة الدولة بحسب ما إذا كان طلب المساعدة القانونية المقدم مستوفيًا شروطها من عدمه[78]، وقد جاء هذا التعديل بعد انقضاء ما يقارب 30 عاما على قانون المساعدة القانونية الفرنسي[79].

في الأحوال العادية، عند موافقة مكتب المساعدة القانونية على طلب المتقاضي بتغطية مصاريف الدعوى، تقوم إدارة قلم الكتاب بإخطار المحامي بالمهمة مع بيانات الدعوى الواردة في قرار مكتب المساعدة، ويصدر الأخير بدوره قرار بصرف مستحقات المحامي عن هذه المهمة. ولكن في هذه الحالة، أي عند رفض مكتب المساعدة تغطية الرسوم القضائية لمصلحة المتقاضي، كل ما يتعين على المحامي تقديمه هو المستند الذي يثبت تكليفه بهذه المهمة من طرف القاضي أو من قبل النقابة للحصول على أتعابه.

وقد حددت اللائحة التنفيذية رقم 1717-2020 بتطبيق أحكام قانون المساعدة القانونية لسنة 1991 بموجب نص المادة 105 منها المستندات التي يتعين على المحامي تقديمها للحصول على أتعابه في هذه الحالة ومن ضمن هذه المستندات إقرار من جانبه attestation sur l'honneur بأنه سبق أن قام بإخطار موكله بأن جميع المبالغ التي تقع على عاتقه ستتولى الدولة تحصيلها بمعرفتها، ويعد مثل هذا الإقرار تمهيد لاسترجاع الدولة مبالغ صرفت بدون وجه حق من ميزانية تعاني - حسب ما تم توضيحه - عجزًا كبيرًا.

ويسقط حق المحامي في مطالبة خزانة الدولة بهذه الأتعاب في حال انقضت أربع سنوات من تاريخ إنهاءها، ويلاحظ أيضًا أنه من باب ترغيب المحامين بالعمل في مجال المساعدة القانونية فقد تعامل المشرع مع هذا التعديل بنوع من المرونة ولم يمنع المحامي من التفاوض مع الموكل للحصول على الأتعاب التي تتناسب مع المهام التي أنجزها لمصلحته، وذلك يعني أن استحقاق المحامي لمقدار المساعدة القانونية إنما يشكل رخصة لا التزاما ويبقى المحامي بالخيار بين إما الحصول على المبلغ المقرر كمساعدة قانونية يصرف من خزينة الدولة، أو التفاوض مع العميل للحصول على أتعاب قد تتجاوز هذا المبلغ إن هو أراد ذلك[80].ويشترط لكي يتمكن المحامي من صرف مستحقاته في هذه الحالة أن يكون تعيينه لهذه المهمة قد تم من قبل النقابة أو من قبل رئيس الهيئة المختصة بنظر النزاع، وأن يكون قد أنهى المهمة الموكلة إليه دون أن يتمكن من الحصول على أتعابه من موكله[81].

ولا شك أن زيادة أتعاب المحامين من جهة، وضمان حصولهم على هذه الأتعاب من جهة أخرى سيؤدي إلى تشجيع هذه الفئة على الدخول في معترك تقديم خدماتهم ضمن نظام المساعدة القانونية وهو ما يستهدف المشرع الفرنسي تحقيقه.

وبذلك نكون قد استعرضنا أهم التعديلات والإصلاحات التشريعية التي أدخلها المشرع الفرنسي على قانون المساعدة القانونية في السنوات الثلاث الأخيرة في محاولة لتفعيل أحكام هذا النظام، وستبين التقارير التي ستصدر خلال الأشهر القلية القادمة مدى قدرة هذه التعديلات على تحقيق الهدف منها.

الخاتمة

نختتم هذا البحث بالغاية التي تستهدفها قوانين المساعدة القانونية، وهي ضمان حق جميع الأفراد في اللجوء للقضاء. ولكي تحقق هذه القوانين فعاليتها والغاية من تشريعها، بعد التطورات الهائلة التي تشهدها مجتمعاتنا؛ لابد أن تسعى الدول جاهدة، عن طريق مؤسساتها ومراكز الأبحاث المتخصصة فيها وجامعاتها، إلى حصر نطاق معوقات تحقيق هذا الهدف، ومن ثم إدخال الإصلاحات التشريعية الكفيلة بإعادة هذه القوانين لمسارها الطبيعي في تحقيق غايتها المنشودة.

استعرضنا من خلال هذا البحث بعض أحكام المساعدة القانونية في القانون الفرنسي بموجب القانون رقم 647-2020 والمعمول به منذ أكثر من 30 عامًا، وبينَا بعدها الأسباب التي تعالت من أجلها الأصوات لتعديل أحكام هذا القانون.

وتوصلنا من خلال هذا البحث إلى جملة من النتائج والتوصيات التالية:

أولًا: النتائج

-      أن الأسباب التي استدعت تعديل قانون المساعدة القضائية في فرنسا لا تختلف كثيرًا عن الأسباب التي تجعل قوانين المساعدة في الدول العربية بحاجة إلى تعديل تشريعي لتفعيل هذا النظام وتحقيق الهدف من تشريعه.

-      أن حالة عدم الرضا عن أحكام قانون المساعدة القضائية لدى الفئة التي يستهدفها النظام قد نشأت عن عدم فعالية دور الدولة فيه، فاهتمام الدولة بنظام المساعدة القانونية وبحق الأفراد في التقاضي هو نتيجة طبيعية لاهتمام الدولة بحقوق الإنسان بشكل عام، لذلك ستسعى الدول الديمقراطية المتطورة إلى تفعيل هذا النظام بما تملكه من إمكانيات. وقد تعالت أصوات الحكومات في هذه الدول بسبب الميزانية المخصصة لبند المساعدة القانونية والتي تبقى غير كافية وتقف عاجزة عن التصدي لعدد الطلبات المتضخم، رغم أنها قد ارتفعت في فرنسا على سبيل المثال من 317 مليون يورو سنة 2013 إلى 534 يورو سنة 2021. والواقع أن تمويل المساعدة القانونية من قبل الميزانية العامة للدولة يتنازعه اتجاهان، الأول يرى أن تحقيق العدالة الاجتماعية يمثل أحد أهم التزامات الدولة ويتعين عليها أن تتحمل العبء الناتج عنه بشكل كامل، واتجاه آخر يرى أن نظام المساعدة القانونية يجب أن يستند لفكرة التكافل والتضامن الاجتماعي بين أفراد المجتمع وعليه يتعين البحث على مصادر جديدة بعيدة عن الميزانية العامة لتمويل المساعدة.

-      تتعالى أيضًا أصوات المحامين بعدم الرضا عن الأتعاب التي تخصصها لهم الدولة في حال قبول تمثيل المتقاضين تحت بند المساعدة القانونية، ويرون أن ما يبذل في هذه الملفات من جهد ووقت أكبر بكثير من المبالغ التي يتلقاها المحامي نظير أعماله. الأمر الذي يترتب عليه إما الإعراض عن قبول هذه المهمة من جانب البعض، أو الاعتراض المستمر ممن يجد نفسه مضطرًا لقبولها بسبب ضعف موارد المكتب عن طريق الإضراب الذي واجهته الحكومة الفرنسية من المحامين.

-      أن الفئة التي من المفترض أن تقدم لها قوانين المساعدة القانونية الحماية المنشودة، وهي فئة المتقاضين تقابل طلباتها بالرفض بسبب عدم تحقق شروط طلب المساعدة، رغم أنهم لن يتمكنوا فعليًا من تحمل أتعاب المحامين ومصاريف التقاضي بسبب إما عدم تحديد السقف الأعلى للموارد وترك أمر تقديرها للجان كما هو حال أغلب القوانين العربية، أو لأن السقف المحدد لا يأخذ بعين الاعتبار التزاماتهم المالية.

ثانيًا: التوصيات

بعد ما أسفر عنه البحث من نتائج، توصلنا إلى أن الإصلاح التشريعي لنظام المساعدة القانونية يجب أن يأخذ بعين الاعتبار العناصر التالية:

-      يجب أن تتجه التشريعات إلى تحديد السقف الأعلى الذي سيمكن المتقاضي من الحصول على المساعدة القانونية على النحو المتبع في القانون الفرنسي وعدم ترك تقدير هذه المسألة للجان ومكاتب المساعدة، كما ندعو إلى أن يؤخذ بعين الاعتبار عند تحديد هذا السقف جميع الموارد والالتزامات المالية للمتقاضي، مع تعديله بشكل سنوي بحسب قيمة المعطيات المالية والاقتصادية في الدولة.

-      تشجيع المحامين على تقديم خدماتهم للمتقاضين في إطار المساعدة القانونية بزيادة الأتعاب المخصصة لهم من جهة وبتوقيع ضرائب تصاعدية على المكاتب التي ترفض ذلك، مع تخصيص عوائد هذه الضرائب لتمويل نظام المساعدة القانونية.

-      ضمان صرف أتعاب المحامي الذي يكلف بمهمة تمثيل أحد الخصوم تحت بند المساعدة، بغض النظر بعد ذلك عن نتيجة فحص طلب الخصم وما إذا كان سيستفيد من المساعدة القانونية من عدمه بسبب تخلف أحد الشروط، على أن يتم تحصيل هذه المبالغ بعد ذلك من جانب الدولة من الخصم نفسه.

-      البحث عن مصادر جديدة لتمويل الزيادة المضطردة لتكلفة نظام المساعدة القانونية كتفعيل مبدأ تحميل الطرف المحكوم عليه لهذه الرسوم وإعادتها للخزينة بعد صرفها للمستفيد، ومنها فرض رسم طابع ثابت على جميع الدعاوى التي تقيد في المحاكم لمصلحة نظام المساعد، وفرض ضرائب تصاعدية تعتمد على قيمة نشاط المحامين الذين يرفضون المشاركة في هذا النظام.

-       إدخال الوسائل البديلة بما ينتج عنها من تكاليف وأتعاب المحامين تحت بند المساعدة القانونية؛ لترغيب المحامين والخصوم في اللجوء إليها من جهة، ولتخفيف حدة إشكالية بطء التقاضي عن طريق اتباع وسائل تسوية جديدة للمنازعات من جهة أخرى.

-      لكل ذلك، ولأن قوانين المساعدة القانونية في الدول العربية تعاني من ذات الإشكاليات التي دفعت المشرع الفرنسي للتدخل وتعديل هذا القانون، فإننا نوصي المشرع في الدول العربية بالتدخل لتعديل قوانين المساعدة آخذًا بعين الاعتبار التوصيات السابق الإشارة إليها.


 

المراجع

References:

Aide Juridictionnelle le temps de la décision, Rapport d'information de Mme Sophie Joissains et M.

Ancelot, Ayela. Christophe. Pratique de la médiation et règlement des conflits: nous sommes tous des médiateurs, La semaine juridique, Édition Générale, n0 48, 19/10/2009.

Baudel, Jules-Marc. "L'accès à la justice la situation en France," Revue internationale de droit comparé, vol.58. N°2, 2006,

Blanc, M. Etienne. Réforme de l'assurance de protection juridique, 6/2/2007.

Bortoluzzi, Stéphane. Mise en œuvre de l'AJ garantie pour les avocats commis d'office et rétribution de nouvelle missions, la semaine du droit, Edition générale, N°27- 5/7/2021.

Brandt, Caroline. Une simplification de l'aide juridictionnelle, 22 fév. 2021, https://justice.legibase.fr.

Cadiet, Loïc. Leconomie du droit dans les pays de droit civil, Quelle place pour l'économie dans la construction des règles de droit, Nancy, juin 2000,

Cossardeaux, Joel. La réforme de l'aide juridictionnelle entre en vigueur, 4/1/2021.

Diesbecq, Antoine. Aide juridictionnelle il y a des progrès à commencer par la concertation,11, fév.,2021 https://www.actu-juridique.fr.

Doriat, Myriam. Analyse économique de l'accès à la justice: les effets de l'aide juridictionnelle, revue internationale de droit économique 2001.

Fiches pratiques, Ministère de la justice, Service de l'accès au droit et à la justice, mise à jour 11/12/2020,

Géraldine Maugain, la timide réforme de l'aide juridictionnelle et de l'aide à l'intervention d'un avocat dans les procédures non juridictionnelles, la lettre juridique N° 849 du 7/1/2021.

Gillet, Jean-Louis. L'aide juridictionnelle du financement introuvable au financement retrouvé, Dalloz, les cahiers de la justice, 2016/1 N°1.

Greffer, Alexia. Divorce et aide juridictionnelle, village de justice, 20 oct. 2021 https://www.village-justice.com

Guillaume- Hofnug, Michèle. la médiation, Que sais-je, puf, 6ème édition, 2012.

Jacques MÉZARD, fait au nom de la commission des lois n° 680 (2013-2014), 2/7/2014.

Jean-Louis Demersseman, Réforme, vous avez dit réforme? article disponible en ligne http://lesaf.org/wp-content/uploads/2021/03/03-ReformeAJ-JLD.pdf.

L'aide juridictionnelle en France, la réforme du financement, Colloque Européen, Madrid, par L'association des avocats européens Démocrates, 8/3/2015.

Les systèmes d'aide juridique, Etude réalisée par le bureau du droit comparé de la DAEI, Septembre 2017, disponible en ligne https://www.assemblee-afe.fr/.

Lingibe, Patrick. AJ garantie et décret du 24 Juin 2021, une avancée sécurisée pour l'avocat, 15/9/2020.

–––. Le nouveau dispositif d'aide juridictionnelle cuvée 2021; avancée réelle ou reforme en trompe- l'œil? Dalloz, 18/1/2021.

Lydie. "Aide juridictionnelle et assurance de protection juridique; coexistence ou substitution dans l'accès au droit," Revue Française D'économie, 4/2012, n4, ISSN 0769-0479.

Quels avantages à envoyer une demande d'aide juridictionnelle par LRE, Village de Justice, Avril 2021, https://www.village-justice.com.

Rapport de novembre 2013 sur l'évaluation de la gestion de l'aide juridictionnelle, mission de modernisation de l'action publique (MAP).

Terrasson, Clément. Aide juridictionnelle précaires, retraites...vos papiers, 4 déc. 2020. Village de justice.



[1] "La gratuité de la justice: les magistrats ne sont pas rémunérés par les justiciables mais par l'Etat," http://www.justice.gouv.fr (Accessed 29/4/2022).

[2] على المستوى الدولي حرصت الكثير من المواثيق والاتفاقيات على التأكيد عليه، مثل المادة 8 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان 1950، وهو ما انعكس على جميع القوانين الداخلية - بما فيها القانون الفرنسي - بإقرار وتأكيد عدة مبادئ: مثل مبدأ الحق في اللجوء للقضاء، الحق في محاكمة عادلة، الحق في الدفاع والمواجهة

[3] في الوقت الذي يحاول فيه الفقه إبراز أهمية إقرار وتفعيل قوانين المساعدة القانونية، يرى البعض الآخر أن الدراسة الاقتصادية البحتة لنظام المساعدة القانونية تؤكد أنه كلما قدمت الدول تسهيلات أكبر في مجال المساعدة القانونية ازداد عدد القضايا وتضخمت إشكالية بطء التقاضي واتسعت أزمة تحقيق العدالة المتأخرة التي يشهدها العالم والعكس صحيح، ويرى هذا الاتجاه أن المفاضلة لن تكون بين اللجوء للقضاء من جهة وعدم تمكن الأفراد من اللجوء إليه من جهة أخرى، وإنما بين القدرة على تحمل تكاليف التقاضي والقدرة على تحمل تكاليف التفاوض، أي المفاضلة بين حكم المحاكم أم التسوية الاتفاقية. وعليه فإن تنظيم قانوني سليم لنظام المساعدة القانونية يجب ألا يكون أداة لزيادة عدد القضايا التي تعرض على المحاكم، وإنما بالتشجيع على اللجوء للوسائل البديلة وتقديم المساعدة الكفيلة بتفعليها، لمزيد من التفاصيل حول هذا الرأي:

Myriam Doriat, Analyse économique de l'accès à la justice: les effets de l'aide juridictionnelle, Revue Internationale de Droit économique 2001, p. 82.

[4] "L'aide juridictionnelle et l'aide à l'intervention de l'avocat dans les procedures non juridictionnelles."

[5] ذلك على خلاف القوانين في الدول العربية التي جاء النص على المساعدة القانونية في نصوص متفرقة كالقانون المصري الذي تم تنظيم أحكام المساعدة فيه من خلال قانون الرسوم القضائية رقم 90 لسنة 1944 في المواد من 23 إلى 29 والمعدل بالقانون رقم 66 والقانون رقم 96 لسنة 1980 بشأن الإعفاء من كل أو بعض الرسوم القضائية وقانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 بعد أن تبين أن كفالة حق التقاضي تستلزم أيضًا تقديم المساعدة القانونية وخدمات المحامين لغير القادرين ماليًا على الاستعانة بمحامٍ وبعض نصوص قانون العمل وقانون الأحوال الشخصية.

[6] مكتب المساعدة القانونية يمثل الجهة المختصة باستقبال والبت في طلبات المساعدة القانونية التي تقدم من قبل المتقاضين في فرنسا، وتختلف التشريعات عادة بشأن تحديد الكيان المختص بهذه المسألة، للاطلاع على تجارب بعض الدول في هذا الشأن يمكن الرجوع إلى تقرير بعنوان:

Les systèmes d'aide juridique, étude réalisée par le bureau du droit comparé de la DAEI, Septembre 2017, disponible en ligne https://www.assemblee-afe.fr/ (Accessed 29/4/2022).

[7] "La négociation doit constituer non seulement une alternative au jugement, mais aussi et surtout une alternative au procès lui-même. Il faut cesser de confondre l'accès au droit et l'accès à la justice" Madame Elisabeth Guigou, Ministre de la justice, le projet de loi relatif à l'accès au droit et à la résolution amiable des conflits devant l'assemblée nationale, 19 déc. 1998.

[8] نص المادة الأولى من القانون رقم 91-647:

"L'aide juridique comprend l'aide juridictionnelle, l'aide à l'accès au droit et l'aide à l'intervention de l'avocat dans les procédures non juridictionnelles."

[9] يمكن في هذا الشأن الاطلاع على تجارب بعض الدول بشأن مدى اتساع نطاق المساعدة القانونية في تغطية الدعاوى والمشورة على تقرير بعنوان: الوصول إلى العدالة في الدول المتوسطية الشريكة، ص39 وما بعدها وذلك على الموقع http://euromed-justice.eu، تاريخ الزيارة: 29/4/2022.

[10] نص الفقرة الأولى من المادة 10 من القانون:

"L'aide juridictionnelle est accordée en matière gracieuse ou contentieuse, en demande ou en défense devant toute juridiction ainsi qu'à l'occasion de la procédure d'audition du mineur prévue par l'article 388-1 du code civil et de la procédure de comparution sur reconnaissance préalable de culpabilité prévue par les articles 495-7 et suivants du code de procédure pénale."

[11] نص المادة 8 من قانون المساعدة القانونية:

"Toute personne admise à l'aide juridictionnelle en conserve de plein droit le bénéfice pour se défendre en cas d'exercice d'une voie de recours."

[12] نص المادة 9 من القانون نفسه:

"Si la juridiction saisie d'un litige pour lequel le bénéfice de l'aide juridictionnelle a été accordé est incompétente, ce bénéfice subsiste devant la nouvelle juridiction appelée à connaître du litige, sans qu'il soit besoin d'une nouvelle admission."

 

[13] ويشير الفقه الفرنسي إلى صعوبة تقدير تكلفة الحل القضائي في القانون الفرنسي:

"Il est traditionnellement très difficile de connaitre la réalité du coût de solution judiciaire des litiges. Ces informations ne sont pas exploitées par les statistiques judiciaires," Loïc Cadiet, L’économie du droit dans les pays de droit civil, Quelle place pour l’économie dans la construction des règles de droit, Nancy, juin 2000,

[14]Jules-Marc Baudel, L'accès à la justice la situation en France, Revue internationale de droit comparé, vol.58. N°2, 2006, p. 479.

[15] نص المادة 232 من قانون الإجراءات المدنية الفرنسي:

"Le juge peut commettre toute personne de son choix pour l'éclairer par des constatations, par une consultation ou par une expertise sur une question de fait qui requiert les lumières d'un technicien."

[16] مع الإشارة إلى أن الخبير لا يمكنه الحصول على أتعاب مباشرة من أي من الخصوم بموجب نص المادة 248 من قانون الاجراءات المدنية:

Il est interdit au technicien de recevoir directement d'une partie, sous quelque forme que ce soit, une rémunération même à titre de remboursement de débours, si ce n'est sur décision du juge.

[17] Baudel, Op. cit., p. 480.

[18] "Le coût de la justice est surtout constitué par les honoraires d'avocat, les autres coûts étant mineurs en comparaison."

[19] قانون المحاماة المصري 1968، والنظام الداخلي لنقابة المحامين في مصر 1972.

[20] ومثالها في دولة قطر "لجنة المساعدة القضائية" التي تشكل بقرار من رئيس المحكمة الابتدائية برئاسة أحد الرؤساء بالمحكمة وعضوية اثنين من قضاتها تتولى ندب أحد المحامين للقيام بأعمال المحاماة إذا كان أحد المتقاضين معسرًا وفقًا للمادة 61 من قانون المحاماة.

[21] المادة 62 من قانون المحاماة القطري.

[22] نص المادة 25 من القانون 91-647 من قانون المساعدة:

"Les avocats et les officiers publics ou ministériels sont choisis par le bénéficiaire de l'aide juridictionnelle...A défaut de choix ou en cas de refus... un avocat ou est désigné, par le bâtonnier ou par le président de l'organisme professionnel dont il dépend."

[23] انظر في هذا الشأن نص المادة 63 من قانون المحاماة القطري "على المحامي المنتدب أن يقوم بالعمل الذي كلف به، ولا يجوز له أن يتنحى إلا لأسباب تقبلها الجهة التي ندبته، فإذا رفض المحامي تقديم المساعدة القضائية دون سبب مقبول، أو أهمل في أداء واجباته، تتم مساءلته تأديبيًا"

[24] نص الفقرة 1 من المادة 27 من قانون رقم 91/647:

"L'avocat qui prête son concours au bénéficiaire de l'aide juridictionnelle perçoit une rétribution."

[25] Christophe Ayela, Pratique de la médiation et règlement des conflits: nous sommes tous des médiateurs, La semaine juridique, Édition Générale, n0 48, 19 Octobre 2009, p. 56.

Michèle Guillaume- Hofnug, la médiation, Que sais-je, puf, 6ème édition, 2012, p. 26.

[26] تقدر أتعاب الوسيط التي تصرف من خزانة الدولة بـ 512 يورو في حال كانت المساعدة القانونية قد تقررت لطرفي النزاع، وتقدر بـ 256 يورو في حال تقررت المساعدة لطرف دون الآخر بموجب نص المادة 100 من اللائحة التنفيذية رقم 1717-2020.

[27] جاء هذا التعريف في الفقرة 2 من المادة الثالثة من قانون المساعدة القانونية الفرنسي:

[28] عبر عن ذلك في المادة الثانية من قانون المساعدة بقوله:

"Les ressources sont insuffisantes pour faire valoir leurs droits en justice." 

[29] ويشير البعض في هذا الشأن إلى أن نظام المساعدة القانونية يثير إشكالية اجتماعية un problème social تتمثل في البحث عن المكانة التي تعطيها الدولة لكفالة حق الأفراد في التقاضي ضمن ميزانيتها السنوية، ويؤكد على أن مرفق القضاء - رغم ما يشهده من سرعة في التطور - في فرنسا لم يشكل حتى يومنا هذا أحد أولويات الدولة هناك.

Patrick Lingibe, Le nouveau dispositif d'aide juridictionnelle cuvée 2021; avancée réelle ou reforme en trompe-l'œil? Dalloz, 18/1/2021.                                                    

[30] لا تولي بعض التشريعات أهمية كبيرة لوضع الحد الأقصى للدخل الشهري الذي يمكن الأفراد من التقدم للحصول على المساعدة القانونية، وتكتفي القوانين بالإشارة إلى "عدم القدرة على دفع الرسوم" أو "من يثبت عجزه عن دفع الرسوم القضائية" كما هو الحال بشأن المادة 551 من قانون المرافعات القطري بشأن الإعفاء من الرسوم والمادة 61 من قانون المحاماة القطري التي تنص على تشكيل لجنة مساعدة قضائية لانتداب محامي "إذا كان أحد المتقاضين معسرًا أو عاجزًا عن دفع أتعاب المحاماة". وكذلك قانون الرسوم في مصر الذي ينص في مادته 23 على أن يعفى من الرسوم كلها أو بعضها من يثبت عجزه عن دفعها، ويترك بعد ذلك مسألة الفصل في طلبات الإعفاء من الرسوم لجنة من اثنين من مستشاري محكمة النقض أو الاستئناف أو قاضيين بالمحكمة الكلية أو قاضي بالمحكمة الجزئية وعضو نيابة بموجب نص المادة 24.

كذلك نص المادة 31 من قانون الرسوم العدلية العراقي "تقرر المعونة القضائية للأشخاص الطبيعية أو المعنوية التي لا تستطيع دفع رسم الدعوى أو رسم الطعن" فيلتزم طالب المساعدة بتقديم شهادة رسمية تثبت قيام حالة الفقر وتصدر الشهادة عن مجلس أمانة العاصمة أو المجلس البلدي.

[31] "L'idée d'un accès au droit et à la justice à trois étages: l'aide juridictionnelle pour les plus pauvres, l'assurance de protection juridique pour la majorité des français et le recours direct à l'avocat pour les riches," Lydie Ancelot, Aide juridictionnelle et assurance de protection juridique; coexistence ou substitution dans l'accès au droit, Revue Française D'économie, 4/2012, n° 4, ISSN 0769-0479, p. 115.

[32] التعريف كما جاء في التقرير المقدم للبرلمان بشأن الإصلاح التشريعي لعقد التأمين القضائي:

"Toute opération consistant, moyennant le paiement dune prime ou dune cotisation préalablement convenue, à prendre en charge des frais de procédure ou à fournir des services découlant de la couverture dassurance, en cas de différend ou de litige opposant lassuré à un tiers, en vue notamment de défendre ou de représenter en demande lassuré dans une procédure civile, pénale, administrative ou autre ou contre une réclamation dont il est lobjet, ou dobtenir réparation à lamiable du dommage subi," M. Etienne Blanc, réforme de l'assurance de protection juridique, 6 fév. 2007, p. 6.

[33] تتفاوت نسبة تغطية المساعدة القانونية التي تمنح سنويًا من جانب الدولة لتتراوح بين 43% للدعاوى الجنائية، 25% لقضايا الأسرة.

[34] تغطي عقود التأمين عدة منازعات منها منازعات حماية المستهلك بنسبة 25% ومنازعات عقارية بنسبة 29% وقانون العمل بنسبة 10% ومن 6% إلى 7% من منازعات القانون الجزائي.

[35] Ancelot, Op. cit., p. 119.

[36] نص الفقرة 4 من المادة 3 من قانون المساعدة:

"L'aide juridictionnelle n'est pas accordée lorsque les frais couverts par cette aide sont pris en charge au titre d'un contrat d'assurance de protection juridique ou d'un système de protection."

[37] Doriat, Op. cit., p. 82.

[38] نص المادة 1 من المادة 7 من ذات القانون:

"L'aide juridictionnelle est accordée à la personne dont l'action n'apparaît pas, manifestement, irrecevable, dénuée de fondement ou abusive."

[39] نص الفقرة 3 من المادة 7:

"en matière de cassation, l'aide juridictionnelle est refusée au demandeur si aucun moyen de cassation sérieux ne peut être relevé."

[40] انظر في هذا الشأن نص المادة 551 من قانون المرافعات القطري، والمادة 61 من قانون المحاماة القطري التي عبرت عن ذلك بـ "إذا كانت الدعوى راجحة الكسب" ونص المادة 23 من قانون الرسوم القضائية المصري "ويشترط في حالة الإعفاء السابق على رفع الدعوى احتمال كسبها".

[41] "Il convient de relever que Monsieur X Y Z a présenté déjà plus de 35 demandes daides juridictionnelles en 7 ans devant diverses instances civiles ou pénales du ressort," CA Pau, aide juridictionnelle, 22 sept. 2021, n° 21/2019.

[42] Joel Cossardeaux, La réforme de l'aide juridictionnelle entre en vigueur,

[43] وهو ما أشار إليه التقرير:

"Plus de la moitié des dossiers sont incomplets...cet état de fait représente un coût pour la justice en raison du temps passé et des frais engagés pour relancer les demandeurs par lettre recommandée avec accusé de réception," Rapport de novembre 2013 sur l'évaluation de la gestion de l'aide juridictionnelle, mission de modernisation de l'action publique (MAP). p. 31.

[44] وهو ما أكده اتحاد نقابة القضاة L'union syndical des magistrates عندما أشار إلى أن هذا المبلغ سيؤدي إلى استبعاد الطبقة المتوسطة التي لن تستطيع تحمل أتعاب المحامين بعد جباية الضرائب من مواردهم الشهرية:

"se pose le problème de l'accès à la justice des classes moyennes...qui sont exclues de l'aide juridictionnelle alors que leurs ressources, une fois l'impôt sur le revenu acquitté ne leur permettent pas en réalité de supporter les honoraires d'un avocat."

[45] وجد أيضًا أن عدد المحامين العاملين في مجال تقديم المساعدة القانونية يقدر بحوالي 400 محام مقابل 45000 يمتنع عن أداء خدماته مقابل المساعدة القانونية، لمزيد من التفاصيل:

Aide Juridictionnelle le temps de la décision, Rapport d'information de Mme Sophie JOISSAINS et M. Jacques MÉZARD, fait au nom de la commission des lois n° 680 (2013-2014) 2/7/2014, p. 34.

[46] "un dossier à l'aide juridictionnelle était donc rémunéré à un niveau inférieur au coût de fonctionnement d'un cabinet individuel, généraliste, sans secrétaire," Aide Juridictionnelle le temps de la décision, Op. cit., p. 35.

[47] وجد سنة 2016 أن ذلك يعني تخصيص 5.06 يورو لكل مقيم على الأراضي الفرنسية، ويرى البعض أن هذا الرقم يجعل فرنسا في مؤخرة الدول الأوروبية من حيث المبالغ المخصصة لبند المساعدة مقارنة مع بعض الدول مثل السويد والمملكة المتحدة وهولندا التي تخصص لهذا البند من 5 إلى 6 أضعاف هذا المبلغ.

Cossardeaux, Op. cit.

[48] يتساءل البعض عن شرعية تغطية أتعاب المحامين تحت بند المساعدة من ميزانية الدولة العامة، والواقع أن هذه المقالة تعالج أثر فكرة التضامن الاجتماعي على نظام المساعدة القانونية عمومًا والقضائية بشكل خاص، وتدعو إلى إيجاد طرق جديدة لتمويل المساعدة:

"est-il légitime, que cette rémunération soit supportée par les finances publiques?" Jean-Louis Gillet, L'aide juridictionnelle du financement introuvable au financement retrouvé, Dalloz, les cahiers de la justice, 2016/1 N°1, p. 132.

[49] تجدر الإشارة في هذا الشأن إلى أن الحكومة الفرنسية السابقة كانت قد فرضت سنة 2011 طابع ضريبي يقدر بـ 35 يورو بشأن قيد أو تسجيل أي مطالبة قضائية، كمساهمة من جانب المتقاضين لدعم صندوق المساعدة القانونية، إلا أنه قد ألغي سنة 2013 بعد أن اعتبره البعض اعتداء على مبدأ الحق في التقاضي، وهو ما سبب عجزا في الميزانية المخصصة للمساعدة القانونية بقيمة 60 مليون يورو، لذلك تعالت الأصوات اليوم مره أخرى لإعادة فرضها لدعم الميزانية. وينادي البعض الآخر بفرض ضرائب تصاعدية على مكاتب المحاماة التي ترفض المشاركة في تنفيذ مهام المساعدة القانونية لتشكل من جهة دعما للميزانية ولتشجيع المكاتب الكبرى على الانخراط لتقديم هذه الخدمة، لمزيد من التفاصيل في هذا الشأن:

L'aide juridictionnelle en France, la réforme du financement, Colloque Européen, Madrid, par Lassociation des avocats Européen Démocrate, 8 Mars 2015, p. 3.

[50] قام بإيداع هذا التقرير كل من Philippe Gosselin et Naima Moutcchou

[51] أخذت هذه المقترحات بعين الاعتبار أيضًا بموجب تقرير "مستقبل مهنة المحاماة" الذي تم تقديمه لوزيرة العدل بتاريخ 20 يوليو 202 برئاسة المحامي Dominique Perben

[52] Patrick Lingibe, A J garantie et décret du 24 Juin 2021, une avancée sécurisée pour l'avocat, 15/9/2020.

[53] هو مختصر لـ allocation de solidarité aux personnes agées وهو إعانة شهرية تصرف من قبل صندوق المتقاعدين للمتقاعد الذي يزيد عمره عن 65 عامًا والذي يعاني من ضعف موارده المالية والمقيم على الأراضي الفرنسية، وتختلف قيمتها بحسب الوضع العائلي للمستحق.

[54] "Que peut bien être l'intérêt de demander à des personne qui vivent en dessous du seuil de pauvreté d'en justifier" Clement Terrasson, Aide juridictionnelle précaires, retraites...vos papier, 4 déc. 2020. village de justice.

[55] نص تعديل المادة 4 من قانون 647/91 لتصبح على النحو التالي:

"Art. 4.-I.-Les plafonds annuels d'éligibilité des personnes physiques à l'aide juridictionnelle sont fixés par décret en Conseil d'Etat."

[56]Jean-Louis Demersseman, Réforme, vous avez dit réforme? article disponible en ligne http://lesaf.org/wp-content/uploads/2021/03/03-RéformeAJ-JLD.pdf (Accessed 29/4/2022).

[57] "le but est de simplifier et clarifier lesdites dispositions, tant pour les professionnels du droit que pour les justiciables" Géraldine Maugain, la timide réforme de l'aide juridictionnelle et de l'aide à l'intervention d'un avocat dans les procédures non juridictionnelles, la lettre juridique N° 849 du 7 Jan 2021.

 

[58] Alexia Greffer, Divorce et aide juridictionnelle, village de justice, 20 oct. 2021 https://www.village-justice.com

(Accessed 29/4/2022).

[59] "Cet investissement numérique, en plus de réorganisation des bureaux de l'aide juridictionnelle, doit permettre de réduire les délais d'instruction." Cossardeaux, Op. cit.

[60] "les services de greffe du bureau d'aide juridictionnelle n'auront plus à saisir manuellement les données," Caroline Brandt, Une simplification de l'aide juridictionnelle, 22 fév. 2021, https://justice.legibase.fr (Accessed 29/4/2022).

ولمزيد من المعلومات حول مميزات الإيداع الإلكتروني لطلب الحصول على المساعدة القانونية يمكن الرجوع للتقرير بعنوان:

Quels avantages à envoyer une demande d'aide juridictionnelle par LRE, Village de Justice, Avril 2021, https://www.village-justice.com (Accessed 29/4/2022).

[61] Lingibe, Le nouveau dispositif, Op. cit.

[62] نص الفقرة 2 من المادة 49:

"Le cas échéant, cet accusé de réception indique au demandeur les pièces mentionnées dans les listes fixées par les arrêtés prévus aux articles 37 et 39 qu'il n'a pas fournies et l'invite à les transmettre dans le délai d'un mois. En l'absence de transmission de ces pièces dans ce délai, la demande est caduque. La caducité est constatée dans les conditions prévues au troisième alinéa de l'article 46."

مع الإشارة إلى أن التعديل لن يطبق إلا من تاريخ 1 يناير 2021 ولمزيد من التفاصيل انظر:

Maugain, Op. cit., p. 3.

[63] "une première version expérimentale du SIAJ doit être déployée au cours du 1er semestre 2021 au sein de quelques juridictions, le déploiement progressif de l'outil sera ensuite envisagé au cour du second semestre 2021 pour tenir compte du retour d'expérience des juridictions." Maugain, Op. cit., p. 3.

ولعله من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن ذلك يعتبر تطبيقًا لفكرة التشريعات والقوانين التجريبية التي يتبعها عادة المشرع الفرنسي

[64] نص الفقرة 4 من المادة 56:

"La décision peut également être notifiée au moyen de l'application informatique dédiée mentionnée à l'article 38."

[65] هذا هو التعريف الوارد في التقرير الصادر عن وزارة العدل الفرنسية بشأن تعديل قانون المساعدة القانونية في فرنسا ويوضح التقرير بأنه يمكن للمتقاضي الحصول على هذه القيمة من خلال موقع la garde de l'avis d'impôt تحت بند "vos références":

"le RFR est un montant calculé par les services des impôts prennent en compte les revenus de l'année leur abattement de 10% puis en retirent certaines charges (pensions alimentaires épargne retraite)" Réforme de l'aide juridictionnelle 2021, fiches pratiques, Ministère de la justice, Service de l'accès au droit et à la justice, mise à jour 11/12/2020, p. 15.

[66] المساعدة القانونية الجزئية التي تقدمها الدولة في هذه الحالة قد تغطي 55% من إجمالي المصروفات إذا كانت قيمة العائد المالي المرجعي بين 11.263 يورو و13.312 يورو، وتغطي 25% من إجمالي الرسوم إذا كان العائد المالي المرجعي بين 13.312 يورو و16.890 يورو بحسب ما جاء في المادة 101 من اللائحة رقم 1717-2020.

[67] ورغم ما يمثله هذا التعديل من مميزات تأخذ بعين الاعتبار الموقف المالي للمتقاضي بموارده والتزاماته إلا أن هناك من يرى أن المشرع الفرنسي قد جانبه الصواب عندما اختار طريقة أكثر تعقيدًا لتقدير مدى استحقاق المتقاضي للمساعدة القضائية:

"Pourquoi faire simple quand on peut faire compliqué?" Terrasson, Op. cit., p. 5.

[68] "La prise en compte du patrimoine est une innovation majeure mise en place par l'article 243" Lingibe, Le nouveau dispositif d'aide juridictionnelle cuvée 2021, Op. cit., p. 6.

[69] وردت هذه الاستثناءات بموجب نص الفقرة 3 من المادة رقم 243 من القانون رقم 1479 لسنة 2019 المؤرخ 28 ديسمبر 2019 للسنة المالية 2020 المشار إليه سابقًا.

[70] Lingibe, Op. cit., p. 7. "critères d'appréciation cumulatif."

[71] مع الإشارة إلى أن التقارير المودعة لدى البرلمان كانت تطالب بزيادة هذه الوحدة إلى 40 يورو.

[72] Maugain, Op. cit., p. 3.

[73] انظر في هذا المعنى:

"C'est l'une des nombreuses améliorations de l'aide juridictionnelle contenues dans la loi de finances" Antoine Diesbecq, Aide juridictionnelle il y a des progrès à commencer par la concertation,11,fév.,2021 https://www.actu-juridique.fr

تاريخ الزيارة:29/4/2022

[74] المحامي بحسب وصف البعض يمثل أهم عوامل تفعيل مبدأ الحق في اللجوء للقضاء:

"les avocats sont les principaux acteurs de l'accès au droit," L'aide juridictionnelle en France, Colloque Européen, Op. cit., p. 4.

[75] "Le mécanisme de l'AJ garantie a pour but de permettre à l'avocat commis ou désigne d'office ayant effectivement accompli sa mission d'être indemnisé son avoir à justifier des ressources de son client" A J garantie le mécanisme entre en vigueur le 1 er juillet 2021, le site des avocats du barreaux des Hauts-de-Seine https://www.matoque92.com (Accessed 29/4/2022).

[76] Lingibe, Op. cit., p. 6.

[77] Stéphane Bortoluzzi, Mise en œuvre de l'AJ garantie pour les avocats commis d'office et rétribution de nouvelle missions, la semaine du droit, édition générale, N°27- 5/7/2021, p. 1326.

[78] "C'est donc un dispositif totalement dérogatoire qui a été adopté en faveur de l'avocat" Lingibe, Op. cit., p. 4

[79] "Cette réforme majeur constitue un changement d'état d'esprit qui se justifie par l'obligation pour l'avocat commis d'office tenu par sa déontologie d'y déférer" Stéphane Bortoluzzi, Op cit., p. 1326.

[80] "La garantie de rétribution est une simple faculté, il peut parfaitement préférer demander des honoraires à son client et donc renoncer finalement à percevoir la rétribution fixée et plafonnée au titre de l'aide juridictionnelle" Patric Lingib, Op. cit, p. 7.

[81] Demersseman, Op. cit., p. 2.