Submitted: 7/4/2022

Reviewed: 7/6/2022

Accepted: 8/7/2022

دور المساعدة القانونية في إرساء مبدأ العدالة الاجتماعية - دراسة مقارنة في ضوء الأنظمة القانونية المقارنة

محمد حسين محمد هلال

محاضر بقسم القانون العام، جامعة جازان، المملكة العربية السعودية

 dr.m.helal.120@gmail.com

ملخص

يستحق مفهوم المساعدة القانونية، أن يكون حاضرًا على أجندة المشرعين في العصر الحالي؛ لما يمثله من تعزيز لتحقيق العدالة الاجتماعية، خاصةً للفئات الهشّة والضعيفة، في ظل ارتفاع أتعاب المحاماة، وبالتالي يتهدد حقهم في الوصول إلى العدالة القضائية. وإذا كانت المساعدة القانونية، تعد أحد أهم الوسائل المثلى للوصول إلى العدالة، فإنها تعد تجسيدًا أساسيًا لمبدأين كبيرين في الحياة الدستورية، وهما؛ سيادة القانون، ومبدأ المساواة وعدم التمييز، وهذان المبدآن بدورهما يشكلان عماد دولة القانون، وهو الهدف الرئيس الذي تصبوا إليه كل الدول، وتتطلع إليه كافة المجتمعات.

وقد توصلنا في بحثنا إلى الربط بين المساعدة القانونية، والعدالة الاجتماعية؛ حيث إننا نرى نظريًا، الإجماع القانوني على أهمية إرساء العدالة الاجتماعية، غير أننا واقعيًا نبدو أمام فجوة متمثلة في غياب المفهوم عن الطبقات الفقيرة، والضعيفة.

الكلمات المفتاحية: المساعدة القانونية، مبدأ المساواة، العدالة الاجتماعية، المرأة، ذوو الإعاقة

 

للاقتباس: هلال، محمد حسين محمد. «دور المساعدة القانونية في إرساء مبدأ العدالة الاجتماعية - دراسة مقارنة في ضوء الأنظمة القانونية المقارنة»، المجلة الدولية للقانون، المجلد الحادي عشر، العدد الثالث، 2022، عدد خاص بمؤتمر «المساعدة القانونية: السبل والتحديات»، كلية القانون، جامعة قطر، 21-22 مارس 2022

© 2022، هلال، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه؛ طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.


 

Submitted: 7/4/2022

Reviewed: 7/6/2022

Accepted: 8/7/2022

The Role of Legal Aid in Establishing the Principle of Social Justice–A Comparative Study in the light of Comparative Legal Systems

Muhammad Hussain Muhammad Hilal

Lecturer, Department of Public Law, Jazan University, Kingdom of Saudi Arabia

dr.m.helal.120@gmail.com

Abstract

The concept of legal aid deserves to be addressed within the agenda of legislators in the current era, given that the concept promotes social justice, especially with regard to vulnerable groups, especially in light of the high attorney fees, and thus their right to equal access to judicial justice is threatened. Legal aid is a significant means of access to justice, as it is a basic embodiment of two major principles in constitutional life, namely, the rule of law and the principle of equality and non-discrimination within all societies.

In our research, we reached to connect between legal aid and social justice, as we see in theory the legal consensus on the importance of establishing social justice, but in reality, we appear to be facing a gap represented in the absence of the concept of the poor and vulnerable classes.

Keywords: Legal aid; Equality; Social justice; Women; People with disabilities

 

Cite this article as: Hilal, M.H.M. "The Role of Legal Aid in Establishing the Principle of Social Justice - A Comparative Study in the light of Comparative Legal System," International Review of Law, Volume 11, Issue 3, 2022, Special Issue on the conference of "Legal Aid: Means and Challenges," Collage of Law, Qatar University, 21-22 March 2022

© 2022, Hilal M.H.M., licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.

 

 


 

المقدمة

اعتمدت الأمم المتحدة في ديسمبر2012، أول صك عالمي مخصص للمساعدة القانونية، إيمانًا منها بالفاعلية الكبيرة لتلك الوسيلة في الوصول للعدالة القانونية وهو الحق الذي يعتبر في حد ذاته حقًا من حقوق الإنسان خاصة بالنسبة إلى الفئات المستضعفة والطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل، التي غالبًا لا تملك نفقات الدفاع، رغم أنه حق مكفول دستوريًا ودوليًا.

موضوع البحث: إن الحق في الوصول المتساوي إلى العدالة القانونية، حق كفلته الدساتير والقوانين للأفراد دون تمييز، ومع اختلاف الطبقات الاجتماعية، بدأنا ملاحظة عجز الطبقات الفقيرة والمستضعفة عن ولوج طرق العدالة، لأسباب اجتماعية، أو إدارية، أو مالية، خاصة النساء، وذوو الإعاقة، وطالبي اللجوء، وغيرهم، مما يهدد العدالة القانونية، ويعرض السلم الاجتماعي لخطر كبير، وهذا من شأنه أن ينذر بسياسة تمييزية، على خلاف روح الدستور والقانون.

مشكلة البحث: المشكلة الأكثر خطورة في نظرنا، هي الربط بين مفهوم المساعدة القانونية التي لا بد أن تنطوي بداهة على فكرة الإنصاف المستحق للطبقات الفقيرة؛ وبين مفهوم الكرامة، الأمر الذي يضعنا أمام حقيقة أن غياب المساعدة القانونية يؤثر تأثيرًا سلبيًا على مفهوم الكرامة الإنسانية!

منهج البحث: وقد اتبعنا في هذا البحث، المنهج الاستنباطي المقارن، لما يوجد من تماثل بين فكرة المساعدة القانونية في أكثر من نظام، والمنهج التحليلي النقدي لضمان الوصول لغايته.

خطة البحث: في ضوء ما تقدم، يتكون هذا البحث من مبحثين؛ الأول فيه مطلبان، والثاني من ثلاثة مطالب، يعقبهما خاتمة، ينتج من خلالهما عدد من النتائج، تثمر بعض التوصيات، ويأتي المبحث الأول لمفهوم المساعدة القانونية، وبيان الأساس الدستوري لها، والثاني لتوضيح مضمون تلك المساعدة، ثم نعقبها ببيان الفئات المستحقة للمساعدة القانونية، وآثارها على العدالة الاجتماعية.

المبحث الأول: مفهوم المساعدة القانونية

يتمتع مفهوم المساعدة القانونية بأهمية كبيرة لدى الفقه القانوني المعاصر، نظرًا لما يميزه من خصوصية وتفرد، وقد اجتمع جل الفقه على حقيقة مؤداها صعوبة تأطير فكرة المساعدة القانونية كمبدأ عام في قالب تعريفي موحد، ويرجع ذلك إلى تعدد صورها وتنوع معانيها، وكثرة مراميها، والأسس الدستورية التي ترتكز عليها، وهو ما سوف نقوم بتسليط الضوء عليه، وذلك في المطلبين التاليين:

المطلب الأول: ماهية المساعدة القانونية

حظي مفهوم المساعدة القانونية بالكثير من اجتهادات الفقهاء في محاولة لضبطه قانونا، ومحاولة صياغة تعريف معياري للمساعدة القانونية، ونوضح ذلك بشيء من التفصيل في الفرعين التاليين:

الفرع الأول: مفهوم المساعدة لغة واصطلاحا

تأتي المساعدة في اللغة العربية، بمعنى المعونة، والمصدر ساعد والجمع مساعدات، وهي بمعنى ميَّال للمساعدة، أي جاهز دائمًا لتقديم المساعدة للآخرين، وساعده على الأمر مساعده، أي عاونه[1].

وأما في اصطلاح القانونيين، فقد قامت الأمم المتحدة باعتماد تعريفا للمساعدة القانونية، وذلك في أول صك عالمي مخصص للمساعدة القانونية في ديسمبر 2012، أن أنها خدمة قانونية تشمل المشورة والمساعدة والتمثيل، وبالتالي فهي العنصر الأساسي في أي نظام عدالة جنائية فعال، يقوم أن أساس سيادة القانون، كما اعتبرتها أساسا للتمتع بالحقوق الأخرى، بما في ذلك الحق في محاكمة عادلة وضمانة مهمة، تضمن الإنصاف الأساسي، وثقة الجمهور في العدالة القضائية[2].

ولم يختلف التعريف الذي اعتمدته الأمم المتحدة عما ورد في الفقه، فتعددت التعريفات الفقهية للمساعدة القانونية، فعرفها جانب من الفقه أن أنها تعني، توفير المساعدة للأشخاص الذين لا يستطيعون تحمل التمثيل القانوني، والوصول إلى نظام المحاكم، وعرفها أخرون بأنها تعني العطاء المجاني للخدمات القانونية للفقراء، والمحتاجين الذين لا يستطيعون تحمل تكلفة خدمات أتعاب المحاماة، أو الاستشارات القانونية أمام المحاكم، وعند جانب ثالث تعد المساعدة القانونية هي النظام المعتمد لضمان عدم حرمان أي شخص من المشورة والمساعدة المهنية بسبب نقص الأموال[3].

من جانبنا يمكننا القول، بأن المساعدة القانونية في صورتها المبسطة تعني تقديم مشورة قانونية عالية الجودة للأفراد والكيانات الضعيفة، وتمثيلهم، أمام الجهات القضائية والأجهزة الأمنية، باعتبار أن تلك المساعدة تمثل جانبًا حاسمًا للوصول إلى العدالة التي تعد حقا أصيلا من حقوق الإنسان.

ومما يجدر الإشارة اليه، ما أشارت له بعض التشريعات - كالتشريع الكندي - إلى أن المساعدة القانونية لا تعني المشاركة في نظام المحاكم فحسب، بل تسمح بالمشاركة الفعالة مع المسؤولين عن إنفاذ القانون، مما يعني أن نطاق المساعدة القانونية لا يقتصر فقط أن المساعدة القضائية، أي في مرحلة التقاضي فقط؛ وإنما يمتد إلى المرحلة السابقة لها أيضا، كما أشارت أنظمة أخرى إلى امتداد نطاق المساعدة القانونية إلى مجالات غير القانون الجنائي، الذي يعد هو أهم مجال المساعدة القانونية[4].

الفرع الثاني: أهمية المساعدة القانونية

تتمثل أهمية المساعدة القانونية، في أنها تعد تجسيدًا واقعيًا لحق أساسي من حقوق الإنسان، فبناء على التعريف السابق ذكره، تعد أداة مهمة للأفراد والطبقات ذات الدخل المنخفض، للمطالبة بحقهم في الوصول للعدالة، وبالتالي فهي تهدف لتسليط الضوء وتركيز الاهتمام على الفئات التي تعوقهم العقبات المالية من الوصول إلى العدالة، فالذين يعيشون في فقر، أو من ذوي الدخل المنخفض محرومون من فرصة المطالبة بحقوقهم، وحل النزاعات، أو تحدي التجاوزات، التي من الممكن أن تصل إلى انتهاكات ضد حقوقهم الإنسانية.

وبالتالي فإن الهدف الرئيس للمساعدة القانونية، هو تحقيق العدالة، التي يجب أن تكون في متناول الفقراء والقطاعات الضعيفة في المجتمع، ولذا فهي تسعي إلى ضمان أن التعهد الدستوري بالعدالة الاجتماعية والمساواة والكرامة الإنسانية، يتم الوفاء به للجميع[5].

فقد لوحظ أن معظم الناس الذين يعيشون في المناطق الريفية، هم من الأميين وليسوا على دراية كافية بحقوقهم القانونية والدستورية، وحتى المتعلمين منهم والذين يملكون حظا وافرًا من التعليم، لا يعرفون حقوقهم واستحقاقاتهم القانونية، وهذا هو التجسيد الواقعي لغياب الوعي القانوني، إذ لا يقتربون من محام للاستشارة، علاوة على ذلك، لا يمكنهم الاعتماد على أنفسهم ولا مساعدة ذويهم، ويعد هذا هو السبب في أن الترويج لمحو الأمية القانونية، كان يعترف به دائمًا كأحد العناصر الرئيسية لبرنامج حركة المساعدة القانونية في النظم المختلفة[6].

وتلك الأهمية الضرورية للمساعدة القانونية، ليست وليدة العصر فقط، ولكنها تضرب بجذورها منذ أمد بعيد، إذ تركزت فكرة المساعدة في الأنظمة الدستورية منذ أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين؛ حيث تم إنشاء برامج المساعدة القانونية للمرة الأولى، من قبل الجمعيات الخيرية، وذلك بهدف الوصول بالعدالة القضائية والقانونية إلى طبقة الفقراء والمحتاجين، مثلما تصل لطبقة الأغنياء[7].

وإذا كانت المساعدة القانونية كنظام، يهدف أولًا إلى ضمان وصول الجميع للعدالة، فإن هذا الأخير نفسه، هو مناط الحق المعني من حقوق الإنسان، وبالتالي لا بد أن يتمتع به الجميع على قدم المساواة، خصوصا الفئات الأكثر تهميشا في المجتمع، خصوصًا إذا لم يتسن لتلك الفئات الموارد المالية لتوكيل محامي، وبالتالي تمثل المساعدة القانونية الوسيلة المثلي للوصول إلى العدالة.

وتتجلي أهمية وخطورة المساعدة القانونية في أنه بدونها، قد يقر الأشخاص بالذنب عندما يكونوا أبرياء، أو يتخذون قرارات لها تداعيات سلبية عليهم، لأنهم يجهلون نظام العدالة، أو لا يعرفون كيفية الوصول لها[8]، وبالتالي بات واضحًا أن المساعدة القانونية لها دور مهم وحيوي في ضمان إتاحة الوصول إلى العدالة.

المطلب الثاني: الأساس الدستوري للمساعدة القانونية

تستند فكرة المساعدة القانونية على أسس دستورية هامة، اتفقت عليها جل الدساتير المقارنة، وهي التي يمكن للمشرع العادي الاستناد إليها في حالة ما إذا قرر إنشاء برامج للمساعدة القانونية، ولم يوجد نص دستوري مستقل بها، وهي ما نبينها في هذين الفرعين:

الفرع الأول: مبدأ سيادة القانون

لمفهوم سيادة القانون إرث كبير في التقاليد القانونية الإنجليزية؛ حيث أسهم الفقه الإنجليزي، وبحق، في إثرائه بالشكل الكافي، فقد ذهب الفقيه الدستوري الشهير "ديسي" إلى اعتبار أن الركيزتين الأساسيتين لدولة القانون هما، مبدأ السيادة البرلمانية، ومبدأ سيادة القانون، وأن الأخير يتحقق في ثلاثة محاور كالتالي:

-      أنه لا تجوز معاقبة أي إنسان ولا التهديد بمعاقبته إلا في حالة مخالفة نص صريح من نصوص القانون.

-      يجب أن يخضع كل شخص للقانون العادي أيًا كانت رتبته.

-      إتاحة الوصول إلى المحاكم القضائية بيسر وسهولة على قدم المساواة.

وما وصل له "ديسي" يقارب النتيجة التي وصل إليها الفقيه الإنجليزي الآخر "كريغ"، الذي ذهب إلى أن سيادة القانون تتحقق، إذا ما خضعت الإجراءات التي يحتكم إليها الناس إلى قواعد قانونية موحدة ومنظمة، وأن تتحقق فكرة الخضوع المتساوي لجميع الأشخاص الاعتباريين للقانون، وسهولة الوصول إلى المحاكم العادية[9].

وقد انتهت المدرسة الكلاسيكية في رؤيتها لمفهوم سيادة القانون، بأنه يعني الشرعية، التي تتحقق عندما تكون القواعد القانونية قادرة أن توجيه سلوك الفرد، وتمكنه من إتاحة التخطيط لمستقبله، فلا تباغته ولا تنطوي أن تمييز ضدة يمتنع عليه مواجهته، وهو ما انتهي إليه ديسي في نظريته[10]، وأنضم له أيضا الفقيه فولر وزاد عليه، بأن حكم القانون يفهم بشكل صحيح، أن أساس أنه مجموعة من السمات المثالية التي يجب أن يسعي النظام القانوني إلى اكتسابها، وتلك السمات تتمثل في أن تكون القاعدة القانونية محتملة وملائمة، ومستقرة نسبيا، وواضحة بشكل جلي ومفهوم، وأن تكون قادرة أن حماية الحق في الوصول إلى محاكمة عادلة بكل عناصرها[11].

تأسيسا على ذلك، فيمكننا القول إن مبدأ سيادة القانون، يشكل أساسًا مهمًا من أسس المساعدة القانونية المجانية، وذلك مع تطور مفهوم دولة القانون في أواسط القرن الماضي، الذي بمقتضاه أوجب أن الدولة، تقديم المساعدات والخدمات لأولئك المحرومين من حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ليس فقط على المستوى الفردي للأشخاص، ولكن بشكل جماعي، وذلك في إطار مسئولية الدولة عن تحقيق العدالة الاجتماعية، وهو ما أسماه الفقه بالتدخل الإيجابي، أو التميز التعويضي وهو المسلك المحمود للمشرع.

ومن جانبنا، نحاول الربط بين فكرة المساعدة القانونية، ومبدأ سيادة القانون، بالقول إن المساعدة القانونية لا غنى عنها في تزويد الأفراد بإمكانية الوصول للعدالة، من خلال السماح بالإنفاذ القانوني للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بالنسبة إلى الفئات الضعيفة، حتي يصبح القانون واحدًا بالنسبة إلى الجميع، مما حدا ببعض الفقه إلى القول إن "سيادة القانون يجب ألا تذوب في ظل مشاكل الحياة"[12]، وأنه لا يمكن أن تصبح سيادة القانون حقيقة، إلا اذا كانت حقوق المواطنين الملتزمين بالقانون محمية ومصونة بشكل فعال، وهذا لا يتم إلا بتحقيق العدالة بالنسبة إلى الفئات الضعيفة والمحرومين، وذلك يكون عبر تحقيق المعايير الآتية:

‌أ-    توفير حقوق متساوية.

‌ب- توفير الضمانات القانونية ضد التعدي على هذه الحقوق.

‌ج-  اتخاذ تدابير استباقية ضد التمييز للفئات التي تعاني من التمييز[13].

فإذا توافرت المعايير السابقة، أضحت سيادة القانون حقيقة، وذلك بوصولها إلى الفئات الضعيفة التي لم تكن تلج طرق العدالة، أما لأسباب اقتصادية وهو الأغلب في مثل هذه الأحوال، وإما بسبب عدم العلم أصلا بالمشورة القانونية السليمة في هذا الإطار، مما يجعل سيادة القانون مهددة، أو معيبة بعدم العلم بها، لدى طائفة ليست بالقليلة[14].

الفرع الثاني: مبدأ المساواة وعدم التمييز

تعتمد الأنظمة الدستورية بشكل كبير على مبدأ المساواة، وحظر التمييز، وتعول عليه لبناء مجتمع متماسك وقوي، يساعدها في تحقيق العدالة الاجتماعية، وقد تباينت تلك الأنظمة بين مفهومين رئيسين للعدالة الاجتماعية التي يمكن أن تتحقق من خلال مبدأ المساواة:

المفهوم الأول: يرى أن العدالة الاجتماعية تتحقق من خلال الحد من التمييز.

المفهوم الثاني: يرى أن العدالة تتحقق من خلال تعزيز مبدأ تكافؤ الفرص، الذي بدورة سيتولى القيام بإنصاف الفئات الضعيفة بتمكينهم من المنافسة على المناصب والمراكز في المجتمع.

ومن ثم فإن كلا المفهومين ينبثقان من مشكلة واحدة، وهي السعي للحد من فارق الطبقات، والسعي الحثيث لتخطي هذه العيوب قدر المستطاع، وتقليل أوجه عدم المساواة للحد المقبول، ويتحقق ذلك من خلال المساواة في الدخل وظروف المعيشة والحصول أن الخدمات، التي تحقق النفع الجماعي، وتحقيق تكافؤ الفرص، بما يمكن كل شخص من الوصول إلى مراكز مرموقة في ظل منافسة عادلة، وهذان المفهومان يحققان للمساواة دورها المحوري في تحقيق العدالة الاجتماعية؛ ولذا فإن دور المساعدة القانونية في إرساء مبدأ المساواة يتمثل فيما يلي:

أولًا: ضمان حقوق الأقليات

إذا جاز لنا أن نسمي هدفًا متعاظمًا من الأهداف الدستورية العديدة التي يحققها مبدأ المساواة في النظم الدستورية، التي تساهم بتحقيقها المساعدة القانونية، فيمكن أن نعتبر هدف ضمانة حقوق الأقليات، أحد الأهداف الكبرى التي يصبوا إليها، بحيث لا تهضم، أو تهدر في ظل حكم الأغلبية، وتلك الضمانات التي يوفرها مبدأ المساواة تضع قيدًا على المشرع، ألا يسن تشريعات تهدر حقوق الأقليات، أو أن تأتي صورة من صور التمييز السلبي المحظور على المشرع[15].

وتجد فكرة المساعدة القانونية أساسها في ظل مبدأ المساواة، في أنها تعمل على رفع مستوى الفقراء والفئات الضعيفة المستحقة للدعم القانوني، حتى تصل بهم لمنزلة متساوية مع أقرانهم في نفس المركز القانوني، وقد أطلق الفقه على هذا النوع من المساواة بالمساواة الرافعة، أو المساواة التصحيحية، محققة بذلك الإنصاف الذي يجب أن تتسم به القاعدة القانونية، ومن ثم فإنها يجب أن تقدم المساعدة القضائية، للفئات التي تستحق تلك المساعدة، حتى يصل إلى مساواة شاملة وعدالة اجتماعية عادلة.

ثانيًا: تحقيق الإنصاف في القاعدة القانونية

 نستطيع القول إن الإنصاف الذي يجب أن تتسم به القاعدة القانونية، هو التجسيد الحقيقي لمعنى المساعدة القانونية، وهو ما يجب أن نرى أثره الملموس في التشريعات التي تمس القضايا الاجتماعية، كالتعليم والإسكان وآليات الضمان الاجتماعي، وحقوق العمال والمرأة، ومن كان من شأنه أن يمس العدالة الاجتماعية ليس فقط في المجالات التقليدية كالحقوق الاجتماعية، وإنما أيضا في المجالات التي استحدثها الفقه، منها ما أقره الفقه الإنجليزي الذي طور مفهوم الإنصاف لديه ليشمل القدرة على المنافسة وتحقيق الكفاءة الاقتصادية، مما سمح للمشرع باتخاذ تدابير محتملة لتعزيز المساواة، طالما كان هدفها هو تعزيز الكفاءة والقدرة التنافسية، وهو ما يتضح فيما يخص التعديلات القانونية التي هدفت إلى حماية الأجور[16].

وتطبيقًا لذلك نرى ما قام به مواطن كندي عندما تقدم برفع شكواه إلى أمين المظالم في كيبك، يشكوا فيها رفض الوزارة منحه البدل المستحق، بسبب عدم حصوله أن رقم تأميني خاص به، وهو شرط أساسي لاستحقاق البدل، وقد قدم بالفعل أمين المظالم في البداية بتوجيهه للحصول أن هذا الرقم واستيفاء أوراقه القانونية، ولكن كشف التحقيق فيما بعد أن الشاكي لديه كل المقومات التي تسمح له باستحقاق البدل، غير أنه يعاني من نوبات صرع، وأنه نزيل مستشفى نفسي صنفته بكونه يعاني من اضطرابات عصبية ونفسية، مما وجده أمين المظالم في حالة تسمح له بالمعاملة الاستثنائية، وهو ما أيده القاضي لاحقا، وبالفعل عاملته الإدارة أن أساس يقينها بأنه في وضع استثنائي، وقامت بإنصافه، ومن ذلك تبين أن الإنصاف يفسر القاعدة القانونية تفسيرا لا يلغي القاعدة، وإنما يدعم ويقوي بعدها الأخلاقي مما يعني أن الطبيعة المتأصلة في الإنصاف، هي تصحيح القانون إلى الحد الذي يكون فيه بطبيعته أنه غير محقق للعدالة الاجتماعية[17].

ولذلك فإنه عندما ينظر لمبدأ الإنصاف أن أنه شعور داخلي يتولد في الضمير، وأنه أحد مبادئ قواعد القانون الطبيعي، فإنه من نافلة القول الإشارة إلى أنه يقع أن النقيض المضاد لفكرة صرامة القواعد القانونية، وبالتالي فإن أهمية الإنصاف كمكون للمساعدة القانونية، تكمن في أنه يكمل النص القانوني فلا يضعف القاعدة كما هو متصور، بل يسهم في إعادة تكييفها بالشكل الذي يتوافق مع الحالة التي يصطدم فيها تطبيق النص الصارم بمفهوم العدالة، كما يقوم بمساهمة كبيرة في إعادة التفسير للقاعدة القانونية، اذا ما شابها الغموض وعدم الوضوح، أو انطوت أن ثغرة جعلت منه نصًا أجوف[18].

بناءً على ما تقدم، فإن ثمة أنظمة دستورية، قد نصت على ضمان توفير المساعدة القانونية بنصوص صريحة أن أساس المساواة وتكافؤ الفرص، وذلك كالدستور الهندي، الذي ينص في مادته رقم 39 على أنه "تضمن الدولة تفعيل النظام القانوني لتعزيز العدالة، أن أساس تكافؤ الفرص، وتوفير على وجه الخصوص، المساعدة القانونية المجانية، من خلال تشريعات مناسبة، أو خطط، أو بأية طريقة أخرى، لضمان أنه لا يتم حرامان أي مواطن من فرص توفير العدالة بسبب عدم القدرات الاقتصادية، أو نحوها"[19].

ومن ذلك أيضا الاهتمام من جانب المشرع القطري بتحقيق المساواة، استنادًا إلى دستور قطر في مادته رقم 34 التي تنص على أن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات العامة، والمادة 35 التي تنص على أن الناس متساوون أمام القانون لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس، أو الأصل، أو الدين.

وفي رأينا، أننا نستحسن ما قام به المشرع الدستوري القطري؛ حيث لم يقصر المساواة أن المواطنين كما هو شأن كثير من الدساتير الوطنية، بل امتد إلى الانسان باعتباره إنسانا في المقام الأول؛ حيث لا يشترط أن يكون مواطنًا قطريًا لكي ينعم بالمساواة، وفي هذا تجسيدًا حقيقيًا لاعتبار المساواة حقا من حقوق الإنسان.

وتأسيسًا أن ذلك قامت الجهود التي قامت بها دولة فطر في ضوء التزامها بتحقيق رؤيتها 2030، التي من أهمها تعزيز المساواة وتكافؤ الفرص بين الرجال والنساء. ومن ثم قامت بسن التشريعات والقوانين التي تحقق المساواة بين الجنسين في جميع المجالات، لا سيما المجالات السياسية والاقتصادية، منها أن سبيل المثال، القرار الأميري رقم 22 لسنة 2017 الذي تضمن تعيين أربع سيدات قطريات في عضوية مجلس الشوري، ومنها قانون تنظيم الحضانة رقم 1 لسنة 2014 الذي يشجع إنشاء دور حضانة للأطفال، لمن هم دون سن الأربع سنوات وذلك لتسهيل دخول المرأة إلى مجال العمل، ولا أدل أن ذلك أيضا تقلد المرأة مناصب قيادية في جامعة قطر أسوة بالرجل، في دلالة واضحة أن نظرة المسؤولين في الدولة بعين المساواة بين الجنسين باهتمام بالغ[20].

أما أن المستوى القضائي، فنجد استناد القاضي الدستوري في كثير من الأحيان علي مبدأ المساواة، اذا لم يجد أن القاعدة القانونية منصفة، مما يعني عدم حصول المخاطبين بها أن المساعدة القانونية التي تمكنهم من الحصول أن حقوقهم بشكل كامل، ومن ذلك ما قررته المحكمة الدستورية العليا المصرية أن تخصيص وظائف لبعض الفئات لظروف معينه أمر لا يخالف مبدأ المساواة فقررت بأنه "لا يجافي مبدأ المساواة في تقلد الوظائف العامة تقرير أولوية بالنسبة إلى ذوي الإعاقة الذين يخصهم القانون بنصوص معينة؛ حيث أقرت المحكمة هذا النظام المعروف بنظام الوظائف المحجوزة ولم تري فيه تمييزًا مخالفًا دستوريًا"[21].

وتلك المساواة الرافعة والتي تعطي الفقراء أولوية الارتقاء بظروفهم، هي أحد وسائل تحقيق المساواة الفعلية بين أفراد المجتمع وفئاته، وهو ما تقوم به فكرة العدالة الاجتماعية لتصل إلى تحقيق هدفها المنشود، فإذا افترضنا بأن هناك شخص سليم وشخص من ذوي الإعاقة يتقاضون نفس الدخل، فإن الأخير لا يتمكن من تحقيق أهداف يومه بسلاسة ويسر مثل الشخص السليم، مما يعني احتياجه إلى توفير قدر أكبر من الخدمة، أو الرعاية الخاصة تساعده في تحقيق أهدافه العادية كنوع معين من المساواة التصحيحية التي تقوم بها المساعدة القانونية[22].

وجملة ما تقدم في هذا المبحث، أن المساعدة القانونية تعني مشورة قانونية عالية الجودة للأفراد والكيانات والمجتمعات الصغيرة، بالإضافة إلى تمثيلهم أمام الجهات القضائية والأجهزة الأمنية، باعتبار أن تلك المساعدة تمثل جانبا حاسما للوصول إلى العدالة، التي يجب أن تمتد أواصرها لتشمل مرحلة ما قبل المحاكمة في القانون الجنائي، وباقي فروع القانون الأخرى، وتجد هذه الفكرة أساسها الدستوري في مبدأ سيادة القانون الذي ربط الفقه بينه وبين فكرة المساعدة القانونية، بالقول أن المساعدة القانونية لا غنى عنها في تزويد الأفراد بإمكانية الوصول إلى العدالة، وهذا هو أساس المبدأ.

كما تجد أساسها الآخر في مبدأ المساواة، الذي يقوم على فكرة وجوب مساواة الفئات الضعيفة والفقير بنظرائهم في نفس المراكز القانونية، وذلك بأن يكون القانون خاليًا من التمييز السلبي وتعمل الدولة في أحيانا أخرى على التمييز الإيجابي في حالة ما إذا كان هذا هو الطريق الوحيد لمساعدتهم وذلك كذوي الإعاقة، والمرأة.

المبحث الثاني: إسهامات المساعدة القانونية في تحقيق العدالة الاجتماعية

ظهر الاهتمام الدولي بحقوق الإنسان، في النصف الأول من القرن العشرين، بعد أن أدرك العالم أن السلام العالمي لا يمكن أن يتحقق؛ إلا من خلال تحقيق العدالة الاجتماعية للجميع، وعلى إثره أيقن الفقه الدستوري أن هناك ضرورة للمساعدة القانونية، لأنه بدونها من غير الممكن تحقيق العدالة الاجتماعية للجميع، فليس من قبيل الصدفة أبدًا أن يختل ميزان العدالة الاجتماعية بالنسبة إلى الفقراء فقط، وقد أعقب هذا الاختلال، النظر في أنه لا يجب أن يكون الفقر حائلا دون استيفاء حقوق الإنسان الأساسية والاجتماعية[23].

من أجل ذلك، طالب الفقه بتوسيع إطار المساعدة القانونية، سواء من حيث الفئات المستحقة للدعم القانوني، أو بالنسبة إلى مجالات تقديم المساعدة القانونية نفسها[24]، مما يسهم في رفع مستوى العدالة الاجتماعية، ولذلك فإننا في هذا المبحث نحاول أن نسلط الضوء على تلك المفاهيم، وذلك على النحو التالي:

المطلب الأول: مضمون المساعدة القانونية

يجدر بنا في البداية أن نوضح، أن الفقه والقضاء قد اتفقا وبغير خلاف، على ضرورة تقديم المساعدة القانونية في مجال القانون الجنائي، وقد تم النص على أن إقرار تلك المساعدة في مجال التشريع، ويرجع ذلك لأسباب عدة، لعل من أهمها هو أن مجال العقوبة فيها يمس حياة الإنسان وحرياته، مما جعل من المساعدة القانونية في مجال القانون الجنائي أساسا صلبا لا يمكن تخطيه، وهو ما يتمثل في ضرورة عرض الحكم القضائي في المجال الجنائي إلى أعلي محكمة لتصديق الحكم، ثم في أحكام الإعدام لا يكتفي بكل ذلك، بل لابد من تصديق رئيس السلطة التنفيذية على تنفيذ الحكم.

غير أنه قد نادي فريق معتبر من الفقه الدستوري الحديث بتوسيع هذا الإطار، وتوسيع مجالات المساعدة القانونية، لتغطي مجالات القانون المتعددة كالقانون الإداري، والقانون المدني، ومرحلة ما قبل المحاكمة في القانون الجنائي، ومراحل الاستئناف والنقض في مرحلة ما بعد المحاكمة، كما هو الحال في النظام الكندي والأسترالي، مما يعني تعدد الصور التي من الممكن أن تقدم فيها المساعدة القانونية، وهو ما نسلط عليه الضوء في الفرعين الآتيين:

الفرع الأول: الصورة التقليدية للمساعدة القانونية

يعتبر تقديم مكاتب المحاماة للمساعدة القانونية، هي الشكل التقليدي والنمطي للمساعدة القانونية، التي يقوم بها المحامون الذين يدافعون عن موكليهم، وهذا النوع من المساعدة هام، لأنه يسمح للعملاء بفهم حقوقهم والحصول على شخص لديه تعليم وخبرة في القانون للمساعدة في التنقل في نظام العدالة، بدون تمييز، وتلك الصورة الأكثر انتشارًا في أشكال الدعم القانوني[25].

ورغم انتشار تلك الصورة، يري فريقا معتبرا من الفقه، أن المحامين لا يمكنهم تقديم المساعدات القانونية للفقراء، وأنهم غالبا ما يقبلون مساعدة القادرين ماديًا فقط، أما لآنهم يستوفون حقوقهم المالية منهم بدون عقبات، وإما لأنهم سيستفيدون إعلاميًا من قضاياهم التي غالبًا ما تثير الرأي العام.

وبناءً على هذا الانتقاد ­- المقدر والمؤيد من جانبنا - تجاه دور المحامين في المساعدة القانونية، فيعتقد هذا الفريق من الفقه أنه يمكن للعيادات القانونية في كليات الحقوق والمحاضرين القانونين القيام بهذا الدور، ولكن ذلك لا يتأتى، ولا يمكن له أن يقوم، إلا إذا وجد الإطار التشريعي المناسب له.

ونادى فريق آخر بإمكانية أن تفرض المساعدة القانونية على المحامين بشكل إلزامي، وان تكون محددة بنسبة لا يمكن لهم أن يتخطوها، وفرض جزاءات مالية تطبق على المحامين غير المستوفيين لتلك النسبة، على أن تخصص حصيلتها لتمويل برامج المساعدة القانونية.

ونادى فريق ثالث[26] بتكوين مؤسسات فرعية، تستند إلى أساس تشريعي دستوري في إنشاء برامج للمساعدة القانونية تختص بتقديم هذا النوع من الخدمات لمستحقيها، إلا أنها بالفعل لديها القدرة أن تقديم المساعدة القانونية بشكل أفضل من مكاتب المحاماة[27].

الفرع الثاني: الصور الحديثة المقترحة للمساعدة القانونية

أولًا: المساعدة الهيكلية

 لا يمكن النظر إلى خدمات المساعدة القانونية، على أنها مجرد تلبية خدمة لطالبيها فقط لا غير، وإنما هدفها الأكبر هو جعل المجتمع في حالة من الثقيف القانوني الشامل، وتشكيل وعيه المكتمل بحقوقه وواجباته، ومآلات تصرفاته القانونية ونتائجها، فإذا كان المجتمع على ذلك؛ استطاع أن يعي بالتشريعات المفيدة له، ويستطيع المطالبة بتعديل القوانين التي لا تناسبه، ويقدم ذلك للمشرع باعتباره الممثل الحائز على ثقتهم والمتحدث باسمهم.

وبالتالي فإن المساعدة القانونية بتلك الصورة تعني، بأنها نشاط يهدف إلى تهيئة الظروف التي تهدف إلى سن قوانين أكثر عدالة، وأعمق فهما لظروف المخاطبين بها، ومن ثم فالمساعدة الهيكلية بتلك الصورة تعني بالضرورة، خطاب للمشرع بإطالة مد أواصر المساعدة القانونية لتغطي مجالات القانون المتعددة كالقانون الإداري، والقانون المدني ومرحلة ما قبل المحاكمة في القانون الجنائي، ومراحل الاستئناف والنقض في مرحلة ما بعد المحاكمة[28].

ومما تقدم، يمكن القول إن الصورة الهيكلية في المساعدة القانونية، أنها لا تعني فقط بحل المشكلات التي تنشأ خلال المحاكم القضائية، ولكنها تعني وعي قانوني شامل؛ حيث إن أطراف المساعدة القانونية تعني، الفئة المستحقة، والجهة المقدمة للمساعدة، ونوعية المساعدة القانونية التي لا يجب أن تقتصر على المساعدة على نوع واحد فقط.

ولعل أبرز مخاوفنا تتمثل في أن تتحول المساعدة القانونية، إلى هدف حزبي يستخدم في الأغراض السياسية، يتحول معه القانون نفسه لسلاح سياسي، ولذلك كانت فكرة المساعدة القانونية تحمل في طياتها جدلا قانونيا سياسيا، مما يعرض وجودها دائما للخطر، ولا يمكن الحل في -نظرنا- إلا إذا أحيطت المساعدة القانونية بسياج دستوري، يسموا بها عن هذا الجدل والأغراض، وهوي المشرع[29].

ثانيا: المناصرة الجماعية

وهي التي تكون على نطاق اجتماعي أوسع، وهو ما يمكن أن نسميه بالمساعدة الجماعية، وهذا النوع من المساعدة، يمكن أن يقوم به منظمات المجتمع المدني وجمعيات الحقوق؛ حيث إن تلك الصورة من المساعدة تنطوي على حركة اجتماعية كبيرة واسعة النطاق، تهدف لكسر الحواجز التي تواجه الفئات المهمشة، في حياتهم اليومية، وهذا النوع من المساعدة تتجلي أهميته أنه يتجاوز فكرة المساعدة فقط، بل تهدف إلى تغيير نظرة المجتمع ككل إلى الأشخاص المنسيين والضعفاء المحتاجين للوصول إلى العدالة.

نستطيع أن نأخذ مثالا على هذا النوع من المساعدة، إذا سلطنا الضوء على الحملة التي دافعت عن الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين تم نسيانهم في نظام رعاية مقاطعة مانيتوبا بكندا، ففي هذه الحملة جلس شاب معاق جسديا، في زنزانة سجن (تمثيلية) وسط ميدان السوق القديم في وينيبيغ، وكان الهدف هو أن يرسل للجمهور رسالة مفادها أن نظام الرعاية في المقاطعة قد تجاهله هو وزملائه.

وبالفعل أشركت الحملة الجمهور في ساحة السوق القديم، من خلال دعوتهم للاحتشاد في أحد الساحات، وذلك لرؤية مشهد يوضح كيف تتجاهل السياسات الحالية ذوي الإعاقة، وكما قال الرجل في الزنزانة حينها "أنه كلما زاد عدد الأشخاص الذين يعرفون بقضيتنا، زادت أصواتنا، وزادت قوتنا، وكلما زادت قوتنا على إحداث التأثير الذي يمكننا إحداثه"[30].

بالتالي نستطيع القول، بأنه يحتاج العديد من الأفراد والفئات الضعيفة، إلى أن يتم الاستماع إليهم ويستحقون ذلك؛ حيث إنه تم إسكاتهم، أو تجاهلهم بسبب ظروفهم، أو وضعهم لفترات طويلة، لأسباب مختلفة، وبالتالي تتحتم ضرورة مساعدتهم، ويمكن الحل حينئذ في المناصرة الجماعية التي يمكن لها معالجة الصور النمطية، من خلال نشر المعرفة، عبر كل الوسائل الحديثة بما فيها الوسائل الالكترونية والرقمية، مما يسهم في معرفة وتوعية أكبر، تساعد في تقليل صور التمييز السلبي ضد مستحقي الدعم القانوني.

المطلب الثاني: الفئات المستحقة للمساعدة القانونية

يعد الهدف الأساسي للمساعدة القانونية، تحقيق العدالة الاجتماعية للفئات الضعيفة اجتماعيا، وهو ما يتطلب وجوب اتخاذ خطوات، لضمان عدم حرمان أي شخص من فرصة السعي لتحقيق العدالة[31]. ويواجه العديد من الأشخاص مشكلة عدم المقدرة المادية لتحمل نفقات التقاضي، أو بمعنى أوضح أتعاب المحامي، رغم احتياجهم الماس والضروري إلى الخدمات القانونية، فعلي سبيل المثال، الشركات الصغيرة التي تواجه شبح الإفلاس، قد لا تستطيع مواجهته بالطريق القضائي، لأن رسوم التقاضي وأتعاب المحاماة تستحوذ أن الديون غير المسددة؛ مما يدفعها للاستسلام في نهاية المطاف لمواجهه الإفلاس، كذلك حرمان أحد الوالدين من الوصول إلى أطفالهم لآنهم غير قادرين أن مقاضاة شريكهم ماليا؛ كذلك ضحايا العنف المنزلي وتنازلهم عن حقوقهم ومقاضاة المعتدي، لآن البديل هو دفع تكاليف التقاضي في المحكمة.

بالتالي تتعدد الحالات الإنسانية التي تحتاج إلى ضرورة مساعدتهم قانونيا، ولآجل تلك الصور اللانهائية في المجتمع، فإننا نسلط الضوء على أكثر الفئات احتياجا وطلبا للمساعدات القانونية، وذلك على النحو التالي:

الفرع الأول: الأشخاص ذوو الإعاقة

يعد الأشخاص ذو الإعاقة من بين أكثر المجموعات المهمشة من الأفراد الذين غالبا ما يكونون محرومين في نظام العدالة؛ حيث يواجهون العديد من الحواجز، التي تحول بينهم وبين الوصول إلى العدالة، سواء كانت حواجز اجتماعية، أو صعوبات اقتصادية[32]، وهذا ورغم وضوح النصوص القانونية التي باتت تحرص أن حقوق ذوي الإعاقة، ولذلك تتعدد مجالات المساعدة التي يمكن أن تقدم لهم، ونشير إلى أهمها:

أولًا: تقديم المعلومات التي تساهم في الاندماج المجتمعي

ويقصد بها، المعلومات التي تمكن ذوي الإعاقة من إزالة الحواجز الاجتماعية التي تعيقهم عن اندماجهم المجتمعي، وذلك كالمعتقدات السلبية، أو الخاطئة من قبل البعض من الشرطة والمحامين، أو القضاء، التي قد تؤدي إلى معاملة الأشخاص ذوي الإعاقة على أنهم أقل مصداقية من الآخرين، مما يؤثر بالضرورة على مدي إدراكهم بحقوقهم القانونية، أو كيفية ممارستها.

ثانيًا: مجال العمل

يدرك المشرع جيدا، أنه بدون شكل من أشكال التدخل التشريعي، فلن يتمكن الأشخاص ذوي الإعاقة من الاندماج في سوق العمل؛ حيث إنه من المفترض أن أصحاب العمل لن يوظفوا أعدادًا كبيرة من الأشخاص ذوي الإعاقة، إلا إذا تم إجبارهم قانونيًا على ذلك، ومن ناحية أخرى، فإن الأشخاص ذوي الإعاقة أنفسهم، لا يمكنهم التنافس بنجاح مع أقرانهم، إلا بتدخل المشرع.

ففي فرنسا عني القانون رقم 517-87 الخاص بتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة الصادر في يوليو 1987 بتأكيد حق ذوي الإعاقة في تولي الوظائف العامة، وذلك عن طريق الإلزام، فتلتزم مؤسسات الدولة كاملة، التي يزيد فيها عدد الأفراد العاملين عن عشرين فردا، بتخصيص نسبة6% من إجمالي عدد الوظائف الموجودة بهياكلها الإدارية لصالح الأشخاص ذوي الإعاقة ثم تابع القانون رقم 102 الصادر سنة 2005 وأكد على أن كل منشأة حكومية عليها أن تقوم بإعداد تقريرها السنوي الذي تبين فيه العدد الإجمالي للموظفين من ذوي الإعاقة، الذين يتقاضون أجرا[33].

وفي اليابان فقد فرضت إطارًا إلزاميًا، يوجب أن أرباب العمل الذين لا يستوفون الحصة المقررة، أن يدفعوا غرامة شهرية، التي بدورها تمول شبكة متطورة من مراكز إعادة التأهيل، بالإضافة إلى منح أصحاب العمل الذين يستوفون الحصة، وقد قامت الشركات الكبيرة في ضوء التزامها بتوظيف ذوي الإعاقة، بتطوير استراتيجية للوفاء بالحصص، من خلال إنشاء شركات فرعية، تقوم بتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل أساسي، مما يسمح للشركة الأم باستيفاء نص القانون الملزم، ورغم اعتبار هذا الفعل شكلا الالتفاف حول النص، فإن الحكومة اليابانية تروج له، باعتباره الوسيلة المفضلة لتحفيز توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة[34].

ومنها أيضا، تصديق دولة قطر على اتفاقية ذوي الإعاقة بمقتضى مرسوم رقم 28 لسنة 2008. والتي اعتبرتها اتفاقية لها قوة القانون، حسب ما تقره المادة 68 من الدستور القطري.

وهذا النظام ليس فقط في نظام الحصص الذي أخذت به أنظمة دستورية عديدة كاليابان وألمانيا ومصر وغيرهم، بل أيضا في الأنظمة الأخرى التي اعتمدت نموذج الحقوق لذوي الإعاقة، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية.

ثالثًا: دعم مقدمي الرعاية

أفرد التشريع الفرنسي نصوصًا هامة تخص مقدمي الرعاية، إذ أنه يزداد كل في عام عدد الأشخاص الذين يتعرضون للإعاقة، خاصة مع تقدم العمر، ومع التعرض للإعاقة يفضل الغالبية الساحقة منهم البقاء في منازلهم، مما يضيف أعباء إضافية أن أسرة ذو الإعاقة، حتي اذا تم إيداع الأشخاص ذوي الإعاقة في المؤسسات الرسمية فإن مقدمي الرعاية من أسرته الصغيرة أيضًا، يظل لهم دورا كبيرا في الدعم النفسي والصحي، وفي إعادة التأهيل بشكل، أو بآخر وبالتالي فإنه من الناحية الواقعية، أن آثار تلك الرعاية لا تعكس فقط أن المعاق نفسه بل وعلي مقدم الرعاية، وقد تمتد في أحيان كثيرة لتلقي بظلالها أن الآسرة بأكملها[35].

رابعًا: حماية الحياة الخاصة

أشار القضاء الدستوري إلى نقطة غاية في الأهمية بالنسبة إلى مجال مقدم المساعدة، وهي ضرورة ألا يختلط عمل مقدم المساعدة، بانتهاك الحق في الخصوصية المقدرة للشخص المضمون بالرعاية، بما يحفظ كرامته وكبريائه، وفي هذا المجال تشير السوابق القضائية، إلى أن مبادئ الكرامة والخصوصية، تمثل حقًا أصليًا من حقوق ذوي الإعاقة، لا ينبغي تحديها، أو إهدارها[36]. مهما كانت حجم التعقيدات، أو الصعوبات التي يواجهها الفرد؛ حيث يجب في النهاية أن تضمن له حقوقه الإنسانية، فهامش حريته الفردية هو أساس جميع التوجيهات والقرارات التي يجب اتخاذها لكل شخص صاحب إعاقة، وبالتالي فإن الحق في الخصوصية واحترام الحياة الخاصة (والتي غالبا ما يتم طرحه جانبا، أو تجاهله بشكل ملاحظ) لا سيما في المؤسسات التي تقدم رعاية طويلة الأمد للأشخاص ذوي الإعاقة الشديدة، يجب أن يحاط بضمانات قضائية وتشريعية تكفل تمتع ذوي الإعاقة بهذا النوع من الحقوق.

الفرع الثاني: النساء

يعد الوصول إلى تحقيق المساواة بين الجنسين، من أهم مقومات دولة القانون، بلا شك تقدم المساعدة القانونية مجالا هاما لإرساء هذا النوع من المساواة، وهو ما أكده مجلس الدولة الفرنسي في أكثر من مناسبة، نذكر منها حكمه أن فكرة المساواة في الوصول للوظيفة العامة بالنسبة إلى المرأة والرجل، واعتبره قاعدة من قواعد القانون العام التي تفرض نفسها، فاعتبارا من قرار Mlle Bobard الصادر في 3 يوليو 1936، أكد مجلس الدولة وصول الرجال والنساء أن قدم المساواة إلى الوظائف العامة، واعتبر أنه حتي إذا كان من الممكن لجهة الإدارة حق الاحتفاظ ببعض الوظائف المحددة للموظفين الذكور، بسبب المتطلبات الخاصة للخدمة، أن يبين أنه ما إذا كانت المرأة لديها الأهلية القانونية للوظائف في الإدارات المركزية للوزارات، وعلي الحكومة أن تبين حقيقة تلك الأسباب، وبيان ما إذا كانت تتعلق بطبيعة الوظيفة أم لا، كما أنها ملزمة بنفس التبرير في حالة فرض قيود أن قبول وترقية الموظفات[37].

تأسيسًا على ما تقدم، يمكن اعتبار أن النساء مجموعة بارزة أخرى من الأشخاص المستحقات للمساعدة القانونية؛ حيث ناضلن كثيرا من أجل الوصول العادل إلى العدالة وإذا كانت الأنظمة العربية لا زالت حديثة العهد بالمساعدة القانونية، فإنها في الأنظمة الأوروبية راسخة منذ وقت طويل.

وبالتالي يمكن لنا أن نستخلص ثلة الفوائد التي يمكن أن تعود على المرأة من خلال برامج المساعدة القانونية التي توفرها الأنظمة القانونية، أبرزها خفض أعداد قضايا الأسرة والنفقة، وقضايا التمييز في العمل والأجور، وقضايا العنف الأسري وغيرها، وفي دولة قطر فقد لوحظ بالفعل انخفاض ضحايا العنف ضد المرأة بشكل عام بعد حملات التوعية العامة لدى الرأي العام[38].

ويمكن أن نتناول أهمية المساعدة القانونية للنساء من خلال تسليط الضوء، على قرارات حكومية اتخذتها مقاطعة كولومبيا البريطانية، تخص خدمات المساعدة القانونية بالنسبة إلى النساء، أثمرت عن عدة مشاكل واجهتها المرأة، نتناولها على النحو التالي:

1- خفض الإنفاق على برامج المساعدة القانونية، بنسبة تقدر ب ـ40% خلال إطار زمني مدته ثلاث سنوات، وقد أثرت هذه التخفيضات على جميع الأفراد، لكن التأثير الأكبر كان على النساء؛ حيث حصلت النساء بالفعل على نسبة منخفضة تبلغ 38% فقط، من الخدمات التي تقدمها المساعدة القانونية، ثم انخفضت إلى 30%.

2- تركيز خدمات المساعدة القانونية في غير المجالات التي تهم المرأة، فإذا كإن احتياج المرأة السائد إلى خدمات المساعدة القانونية موجود الآن في المجالات المختصرة للأسرة، أو القانون المدني. فقد تركزت التعديلات التي تركز على خدمات المساعدة القانونية الحالية في مقاطعة كولومبيا بالكامل تقريبا في مسائل القانون الجنائي، وهو مجال لا تطلبه النساء في كثير من الآحيان، وهو ما يظهر خطورة التعديل؛ حيث إنه بدون مساعدة قانونية مناسبة في المجالات التي تخص المرأة أكثر من الرجل، تفقد المرأة حضانة أطفالها، وتتخلى عن الحقوق القانونية في حق الإعالة، وتتعرض للإيذاء النفسي جراء تلك السياسات، وعندما يقترن ذلك مع نقص آخر في الخدمات الاجتماعية، فيمكن وقتها القول بما لا يدع مجال للشك بأن المساعدة القانونية تقلل من نسب زيادة تعرض المرأة للعنف، وعدم المساواة، والفقر والاستغلال.

3-  قامت الحكومة، بالإضافة إلى تقليص الأموال بشكل كبير، بوضع قواعد صارمة حول المستحق للمساعدة القانونية لقانون الأسرة، وتقرر أنه لن يتم تقديمها، إلا لمن يخاف. على حياته، أو على حياة أطفاله مما خلق نظاما معيبا وخطير للغاية، فالنساء اللواتي يخترن عدم الكشف عن العنف من الخوف من تداعيات المعتدين عليهم، أو الخوف من فقدان أطفالهم لن يحصلوا على المساعدة القانونية، وبالتالي لن تتمكن النساء اللواتي يعانين من حواجز لغوية، أو ثقافية من الحصول على المساعدة القانونية.

4- كما أن النساء من مجتمعات السكان الأصليين والمهاجرين الذين يخشون في كثير من الآحيان من إشراك الشرطة في شؤونهم، لن تحصل أيٌّ منهن على المساعدة القانونية، فلقد أصبح من الواضح أن مقاطعة كولومبيا البريطانية أظهرت أخفاق الحكومة في مراعاة النوع الاجتماعي، أو الفئات الضعيفة من الناس في قرارات ميزانيتها وسياساتها، ونتيجة لذلك تعيش العديد من النساء، دون حقهن الإنساني في الوصول إلى العدالة المتساوية[39].

كل ذلك من الممكن تلافيه، إذا اتبعت الأنظمة القانونية والدستورية أنظمة المساعدة القانونية، وتلك الفوائد لن تعود على المرأة فقط، وإنما على النظام القضائي والتشريعي ككل، وإن كانت تكلفة إنشاء تلك البرامج عالية؛ فإن تكلفة التقاعس عنها تكون أغلى!

الفرع الثالث: المهاجرون وطالبو اللجوء

يمثل المهاجرون واللاجئين، فئة هامة من المستحقين للمساعدة، فهم يواجهون الكثير من التحديات عند محاولة الوصول إلى العدالة، وهنا يجب تقديم خدمات المساعدة لهم من جانبين:

الأول: توافر الشخص الذي يقدم لهم المساعدة، كالمستشار القانوني الذي يجب تواجده بشكل حقيقي[40].

الثاني: وجود قواعد قانونية عادلة في المجالات التي تخص اللاجئ، أو المهاجر، وتؤثر على وضعه.

وهذان الجانبان يرتبان نتيجة هامة، وهي ضرورة تبصرة اللاجئ والمهاجر بتلك الحقوق، فضلا عن أن تلك القواعد يجب أن تتصف بالإنصاف اللازم للاجئ، فمن أجل أن يتمتع اللاجئون بالوصول إلى العدالة، يجب أن يشعروا أولًا بالاحترام الكافي كإنسان الذي يكفل له الاطمئنان والأمان.

ومع وضع هذه المعايير في الاعتبار، يواجه المهاجرون وطالبوا اللجوء العديد من الحواجز العملية التي تحول دون الوصول إلى العدالة، تشمل هذه الحواجز عدم الإلمام بالثقافة المحلية، واختلاف اللغة وعدم الوعي القانوني الخاص بالدولة، وبالتالي فإن كل هذه العوامل وغيرها تضعهم أمام حاجز عدم فهم واضح لمركزهم القانوني، كما يمكن أن يكون لديه حواجز أخرى مادية، أو لديه مخاوف صحية عقلية، أو جسدية، ومزيد من الآثار النفسية للتجارب السابقة، التي قد تؤدي إلى تفاقم وضعيته في الوصول إلى العدالة، مما يعرضهم في كثير من الآحيان للاضطهاد، فيمكن أن يؤدي الخطأ في عملية اتخاذ القرار إلى العودة للأذى الجسيم الذي فر منه بما في ذلك التعذيب، أو الموت[41].

المطلب الثالث: آثار المساعدة القانونية على العدالة الاجتماعية

 تلعب المساعدة القانونية دورا كبيرا في تحقيق العدالة الاجتماعية، وفي هذا المطلب نقوم بتوضيح تلك الآثار التي تعكسها المساعدة القانونية إيجابا وسلبا وذلك في الفرعين الآتيين:

الفرع الأول: الآثار الإيجابية للمساعدة القانونية على مبدأ العدالة الاجتماعية

أولًا: نصرة الفئات الضعيفة

مثلت المساعدة القانونية مزايا اجتماعية كبيرة، للنساء والأطفال والفئات الضعيفة، وهذا يثبت أنه من خلال المساعدة القانونية، وتأثيرها في مجال حقوق الإنسان، لم تعد النساء يسمحن بحدوث العنف، وفي الواقع كن يقمن بالإبلاغ عنه عند حدوثه، وهذه خطوة مهمة للعديد من النساء، لا سيما في المجتمعات التي اشتهرت بالسلبية ضد العنف الأسري[42].

ثانيًا: محاربة الفقر

تمثل زيادة الوصول إلى العدالة، زيادة في التأثير السريع على محاربة الفقر[43]؛ هذه الزيادة يمكنها تعزيز الوصول إلى إذابة الفوارق الطبقية، وذلك من خلال تعزيز الهياكل والأنظمة الحكومية التي تقدم خدمات مدنية، وتنفيذ لمشاريع فعالة للقضاء على الفقر.

ثالثًا: تعزيز الوصول للعدالة

تؤدي المساعدة القانونية، دورًا رئيسًا في تحقيق الإنصاف والمساواة وعدم التمييز، حتى تتحقق الشرعية الدستورية للقانون، وذلك لتحقيق قدر أكبر من الوصول إلى العدالة؛ حيث تحتاج أي دولة تسعى للوصول لدولة القانون إلى بناء مؤسسات أقوى للعدالة؛ وزيادة الوعي بالقانون، والحقوق والالتزامات

وإذا كانت تلك الفوائد الإيجابية التي تثمرها برامج المساعدة القانونية، فإننا يمكن أن نتصور المشاكل التي تنتج عن غياب مفهوم المساعدة على النحو التالي:

الفرع الثاني: الآثار السلبية لغياب المساعدة القانونية على المجتمع

أولًا: زيادة مخاطر الصراع والعنف داخل المجتمع

فأكثر من 50 دراسة عالمية، حول آثار برامج المساعدة القانونية في النظم المقارنة، أفادت بأن عدم الوصول إلى العدالة، يزيد من مخاطر الصراع والعنف داخل المجتمع، وأن المساعدة القانونية هي طريقة معترف بها، وفعالة لتجنب تلك المخاطر، فإذا كان الغرض الذي هدفت إليه الحكومات من تخفيض الإنفاق على خدمات المساعدة القانونية في رأيهم- هو الادخار، فإنها سوف تتكبده في أماكن أخرى؛ حيث ستنتقل المشاكل التي لم يتم حلها عن طريق المساعدة القانونية، إلى مجالات أخرى من الإنفاق الحكومي، مثل الرعاية الصحية والإسكان وحماية الطفل، والتأمين الاجتماعي، وتأهيل المسجونين وغير ذلك[44].

ثانيًا: زيادة الإنفاق

غالبا ما ينظر للخدمات التي تقدمها برامج المساعدة القانونية (عند من لا يدعموها) بانها تستنزف موارد الدولة، باعتبارها مصروفات بلا عائد، وأن الأولى هو ادخار تلك المبالغ، وتحويلها لمصارف أخرى، وفي هذا خطأ كبير؛ حيث إن مكاتب المساعدة القانونية، تخلق آثارا إيجابية كبيرة على الصعيد الاجتماعي، تمكن الدولة من خلالها تجنب تكاليف، كان من غير الممكن تجنبها، لولا خدمات المساعدة القانونية.

        بل على العكس من ذلك يمكن للاستثمارات في المساعدة القانونية أن تخلق ادخارًا حكوميًا من خلال تجنب تكاليف التحريات والإدانة، والسجن، وتقليل الوقت الذي يقضيه المشتبه به في أقسام الشرطة وأجهزة التحقيق، والإشراف بعد السجن، والحد من نزلاء السجون، غير ذلك، مع أنه في الإمكان تفاديها، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أنه غالبا ما يكافح الأفراد المسجونون للعثور على عمل هادف بعد الإفراج عنهم، وهنا يأتي الدور الفعال لمكاتب المساعدة القانونية، التي يمكن لها أن تقدم خدمات فعالة في هذا الإطار، منها:

‌أ-    زيادة الوعي بالحقوق والواجبات.

‌ب-مساعدتهم في الحصول على عمل.

‌ج-  تأهيلهم النفسي والاجتماعي للاندماج المجتمعي مرة أخرى.

وبالتالي فإنه بدون تلك المساعدة، قد يؤدي الحال بمحتاجي الدعم والمساعدة، إلى الاتجاه للجريمة مرة أخرى، أو لإدمان الكحول، أو المخدرات، ولا شك أن كل هذه التبعات ستلقي بظلالها الثقيل أن جودة الخدمات المقدمة من الحكومة، ونظام الرعاية الصحية، وأجهزة الأمن خصوصا أن الفقراء الذين يتأثرون أكثر من غيرهم بتلك الآثار[45].

مما يجعلنا نبادر بمناداة المشرع بتوفير نصوص تشريعية قوية، ينشأ على أساسها برامج المساعدة القانونية، وعليه ألا يتعلل بعجز الميزانية، فوفقا لدراسات حديثة، أكدت أنه "كل دولار يتم إنفاقه على خدمات المساعدة القانونية، يوفر ستة دولارات من تكاليف خدمات أخرى من الخدمات التي تمولها الحكومة مثل الرعاية الصحية والخدمات المجتمعية الأخرى[46]. مما يمكننا معه القول إنه إذا كان تقديم المساعدة القانونية مكلف؛ فإن تكلفة التقاعس أعلى.

خاتمة

توصل البحث إلى جملة من النتائج والتوصيات التالية:

أولًا: النتائج

-      قدمنا في هذا البحث ما يمكن أن نسميه أولى الخطوات في تناول وتحليل معنى المساعدة القانونية، وهي تعني تقديم مشورة قانونية عالية الجودة للأفراد والكيانات الضعيفة، بالإضافة إلى تمثيل الأفراد والمجتمعات المؤهلة من ذوي الدخل المنخفض أمام الجهات القضائية.

-      تتعدد صور المساعدة القانونية ما بين الصورة التقليدية التي يقوم بها المحامون، ولكن على أساس أنهم في الأصل يتقاضون مبالغ مقابل أتعابهم، فإن معيار المساعدة سيكون غامضًا، مما أدى ببعض الفقه إلى إعطاء صور حديثة تتمثل في: العيادات القانونية، التي يمكن أن تقدم جهدًا محمودًا في هذا المضمار، وكذلك محاضري كليات الحقوق، وطريقة المساعدة الهيكلية، التي يخاطب بها المشرع باعتباره الوحيد الذي يستطيع تنفيذ تلك الطريقة، التي تؤتي أكلها بشكل مركزي وشامل، عن طريق سن القوانين التي تساعد الفئات المحرومة، وطريقة المناصرة الجماعية، التي تعطي دورًا أكبر لمنظمات المجتمع المدني في تحقيق المساعدة القانونية.

-      لا غنى لأي فئة من فئات المجتمع عن المساعدة القانونية، ولكن هناك فئات تعد أكثر احتياجًا من غيرها، وهم؛ ذوو الإعاقة، والمرأة، والمهاجرون، وطالبو اللجوء.

-      وكذلك رأينا أهمية ألا تقتصر المساعدة القانونية على القانون الجنائي فقط، بل تمتد إلى باقي فروع القانون الأخرى، ومرحلة ما قبل المحاكمة في القانون الجنائي.

-      تتعدد آثار المساعدة القانونية على مبدأ العدالة الاجتماعية، وذلك عن طريق تحقيقها لأهداف عدة، من أهمها؛ نصرة الضعفاء، ومحاربة الفقر، وتعزيز الوصول إلى العدالة، هذا ما تحققه المساعدة القانونية عند وجودها، وأما آثار تخلفها عن النظام القانوني، فتكون أكبر إذا تصورنا فقدان المزايا السابقة بالإضافة إلى زيادة الإنفاق الحكومي على مجالات كان من الممكن تجنب الإنفاق عليها، فتكلفة إنشاء برامج المساعدة القانونية، تجنب الدولة تكاليف تحمل عواقب تخلفها، وبالتالي إن كانت تكلفة إنشاء البرامج المساعدة القانونية مرتفعة، فإن تكاليف تخلفها أكبر.

ثانيًا: التوصيات

-      يقدم البحث نداءً للمشرع الدستوري العربي بتقديم نص دستوري مستقل، يقدم المساعدة القانونية للفئات المستحقة، ليقوم في المستقبل بمثابة الأساس القوي لسن قوانين تشرع إنشاء برامج المساعدة القانونية.

-      نوجه عناية المشرع العادي إلى أنه باعتباره المختص دستوريًا بسن القوانين التي تعبر عن رعاية مصالح الأمة إلى أن يشرع في إنشاء برامج المساعدة القانونية على أساس مبدأ سيادة القانون، ومبدأ المساواة، بالشكل الذي يستطيع الوصول به إلى الفئات المستحقة لهذا النوع من الدعم، مما يسهم معه في تحقيق العدالة الاجتماعية.

-      نلفت عناية المشرع العادي إلى توفير الإطار القانوني المناسب للعيادات القانونية في كليات الحقوق، ومنظمات المجتمع المدني بكافة طاقاته، لإمكانية مساهمة كل منهما مساهمة فاعلة في تقديم المساعدة القانونية للفئات المستحقة.

-      يمكن لفت نظر منظمات المجتمع المدني إلى أهمية تبنيها لفكرة المساعدة القانونية، وعمل حلقات لزيادة الوعي المجتمعي بها، والاستفادة من وسائل النشر والمعرفة والتواصل الإلكتروني والرقمي في تحقيق تلك الفكرة.

-      نلفت عناية المشرع العادي إلى عدم التخلي عن فكرة المساعدة القانونية تعللًا بعجز الميزانية، فإن كانت تكلفة إنشائها مرتفعة، فإن تكلفة التقاعس عنها أعلى بكثير.

 

 

 


 

المراجع

أولًا: العربية

أنيس، إبراهيم وآخرون. المعجم الوسيط. مجمع اللغة العربية، ط4، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، 2004.

التقرير الوطني لدولة قطر، بشأن التنفيذ الكامل والفعال لإعلان ومنهاج عمل بيجين، 2014-2019.

سرور، أحمد فتحي. الحماية الدستورية للحقوق والحريات، دار الشروق، القاهرة، 1999.

مجموعة أحكام المحكمة الدستورية العليا، مصر، 1999.

هلال، محمد حسين. "حقوق مقدمي الرعاية كأساس لاكتمال الحماية الدستورية لذوي الإعاقة"، مجلة كلية الشريعة والقانون، جامعة الأزهر، الدقهلية، مج7، ع23 (2021).

ثانيًا: الأجنبية

References:

Abel, Laura K. & Vignola, Susan. ‘Economic and other benefits associated with the provision of civil legal aidʼ (2010) 1 Law Journal Library, >https://heinonline.org/HOL/LandingPage?handle=hein.journals/sjsj9&div=8&id=&page=< Accessed: 17/12/2020.

al-Taqrīr al-Waṭanī li-Dawlat Qaṭar, bi-shaʼn al-tanfīdh al-kāmil wālfʻāl li-Iʻlān wa-minhāj ʻamal Bījīn, 2014-2019. (in Arabic), mutah eali alraabti: Qatar.pdf (unwomen.org).

Anīs, Ibrāhīm wa-ākharūn. al-Muʻjam al-Wasīṭ. (in Arabic), Majmaʻ al-lughah al-ʻArabīyah, 4th ed., Maktabat al-Shurūq al-Dawlīyah, al-Qāhirah, 2004.

Bradway, John. ‘Legal Aid: Its Concept, Organization and Importance’ <https://heinonline. org/HOL/LandingPage?handle=hein.journals/louilr14&div=34&id=&page> Accessed 14/1/2021

Brudner, Alan. ‘What Are Reasonable Limits to Equality Rights’ <https://heinonline.org/HOL/LandingPage?handle=hein.journals/canbarev64&div=22&id=&page> Accessed: 12/12/2021.

Carr, Catherine. ‘Moving Women out of Poverty: A Call to Action for Legal Aid’ <https://digitalcommons.nyls.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1011&context=impact_center> Accessed: 2/1/2021.

Chartier, Brandi. ‘Access to justice: legal aid and other forms of advocacy’ Master's Thesis, 2021, <https://mspace.lib.umanitoba.ca/handle/1993/35470> Accessed: 1/1/2021.

Choudhury, Doiiy. ‘Concept of free legal aid-a comparative analysis free legal aid in India, United Kingdom and Australia’ International Journal of Law and Legal Jurisprudence Studies, vol. 3, no. 3, (2016).

Dickens, Linda. ‘The road is long: thirty years of equality legislation in Britain’ British journal of industrial relations, vol. 45, no. 3, (2017).

Dorfman, Avihay ‘Private Law Exceptionalism? Part II: A Basic Difficulty with the Argument from Formal Equality’ 31(2018)1 Canadian Journal of Law & Jurisprudence.

Flynn, Asher et al. ‘Legal aid and access to legal representation: redefining the right to a fair trial’ (2016) Melbourne University Law Review. <https://heinonline.org/HOL/LandingPage?handle=hein.journals/mulr40&div=10&id=&page> Accessed: 12/1/2022.

Heyer, Katharina et al. ‘Droits ou quotas? L'American with disabilities act (ADA) comme modèle des droits des personnes handicapées’ Terrains Travaux, vol.2, (2013).

Hilāl, Muḥammad Ḥusayn. ‘Ḥuqūq Maqdimī al-Riʻāyah ka-asās lāktmāl al-Ḥimāyah al-dustūrīyah li-dhawī al-iʻāqah" (in Arabic), Majallat Kullīyat al-sharīʻah wa-al-qānūn, Jāmiʻat al-Azhar, al-Daqahlīyah, al-mujallad 23, vol. 7, 2021.

Krygier, Martin. ‘The rule of law: legality, teleology, sociology’ (2008), <https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=1218982> Accessed: 1/10/2021.

Laurent, Pech. ‘The rule of law as a constitutional principle of the European Union’ <https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=1463242> Accessed: 2/1/2022.

lutfiyah, Khoirum ‘Equality before the Law Principle and the Legal Aid for the Poor: An Indonesian Insight’ The Indonesian Journal of International Clinical Legal Education, vol. 4, no. 3, (2021).

Majmūʻah Aḥkām al-Maḥkamah al-dustūrīyah al-ʻUlyā. (in Arabic), Miṣr, 1999.

Marshall, J. breger. ‘Legal aid for the poor: a conceptual analysis’ <https://heinonline.org/HOL/LandingPage?handle=hein.journals/nclr60&div=19&id=&page> Accessed: 20/12/2021.

Noon, Mike. ‘The shackled runner: time to rethink positive discrimination’ Work, Employment and Society, vol. 24, no. 4 (2012).

Robert stein, ‘Rule of law: what does it mean’ <https://heinonline.org/HOL/LandingPage?handle=hein.journals/mjgt18&div=12&id=&page=, Accessed: 1/1/2022.

Siddharth, de Souza. Maximilian Spohr, ‘Technology, Innovation and Access to Justice, Dialogues on the Future of Law’ Edinburgh University Press, 2021

Surūr, A.F. Al-ḥimāyah al-dustūriyyah lil-ḥuqūq wa al-ḥuriyyāt (in Arabic), Dār al-sharq, al-Qāhirah, 2000.

Tamanaha, Brian Z. ‘The dark side of the relationship between the rule of law and liberalism’ NYU JL, Liberty, vol. 3, (2008).

Virginie, Scolana., Frédérique Fiechter-Boulvardb, Jean-YvesSallec. ‘Définir l’aide humaine en France: étude juridiqueDefining caregiving in France: Legal approach’ <https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S1875067211000721> Accessed: 1/1/2021.

Voilquin. ‘L'intervention en équité’ Le Protecteur du citoyen, Assemblée national du Québec 2004. <https://protecteurducitoyen.qc.ca/sites/default/files/pdf/equite_0.pd> Accessed: 22/11/2021.

 



[1] إبراهيم أنيس وآخرون، المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، ط4، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، 2004، ص34.

[2] يمكن الاطلاع على تقرير الأمم المتحدة بشأن المساعدة القانونية، عبر الرابط:

 <https://www.unodc.org/documents/justice-and-prison-reform/N1248980A1.pdf> Accessed: 25/12/2021.

[3] Doiiy Choudhury, ‘Concept of free legal aid-a comparative analysis free legal aid in India, United Kingdom and Australia’ International Journal of Law and Legal Jurisprudence Studies, vol. 3, no. 3, (2016) p. 105.

[4] Flynn Asher et al., ‘Legal aid and access to legal representation: redefining the right to a fair trial’ Melbourne University Law Review, (2016), pp. 40, 207. <https://heinonline.org/HOL/LandingPage?handle=hein.journals/mulr40&div=10&id=&page> Accessed: 12/1/2022.

[5] John Bradway, ‘Legal Aid: Its Concept, Organization and Importance’ <https://heinonline.org/HOL/LandingPage?handle=hein.journals/louilr14&div=34&id=&page> Accessed: 14/1/2021.

[6] Choudhury, Op. cit., p.107.

[7] Laura K. Abel & Susan Vignola Economic and other benefits associated with the provision of civil legal aidʼ (2010) 1 Law Journal Library <https://heinonline.org/HOL/LandingPage?handle=hein.journals/sjsj9&div=8&id=&page=> Accessed 17/12/2020.

[8] Choudhury, Op. cit., p.110.

[9] Robert Stein, ‘Rule of law: what does it mean’ <https://heinonline.org/HOL/LandingPage?handle=hein.journals/mjgt18&div=12&id=&page> Accessed: 1/1/2022.

[10] Pech Laurent, ‘The rule of law as a constitutional principle of the European Union’ <https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=1463242> Accessed: 2/1/2022.

[11] Brian Z Tamanaha, ‘The dark side of the relationship between the rule of law and liberalism’ NYU JL, Liberty, vol.3, (2008), p. 516.

[12] Krygier Martin, ‘The rule of law: legality, teleology, sociology’ (2008), <https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=1218982> Accessed: 1/10/2021.

[13] Choudhury, Op. cit., p.109.

[14] تلك المعايير الثلاثة متوفرة في جل الأنظمة القانونية، ونحن في هذا الإطار لا نناقش فكرة توافرها من عدمه، فقد أصبحت متوفرة مما لا يسع الشك حوله، من ذلك على سبيل المثال ما تضمنه الدستور القطري:

أولًا: أنه لا تجوز معاقبة أي إنسان ولا التهديد بمعاقبته إلا في حالة مخالفة نص صريح من نصوص القانون. (مادة 40 الدستور القطري).

ثانيًا: يجب أن يخضع كل شخص للقانون العادي أيًا كانت رتبته (مادة 39 الدستور القطري).

ثالثًا: إتاحة الوصول إلى المحاكم القضائية بيسر وسهولة على قدم المساواة (مادة 135 الدستور القطري).

ولكننا نقدم المبدأ كأساس دستوري للمشرع يستطيع أن يستند إليه في حالة ما إذا قرر إنشاء برامج للمساعدة القانونية، وخلت النصوص الدستورية من نص مستقل بالمساعدة القانونية.

[15] تكاد تتفق التعريفات الفقهية على أن المقصود بعدم التمييز هو اعتبار الأفراد المخاطبين بالقاعدة القانونية سواءً، لا تمييز بينهم بسبب الديانة، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي، أو الجغرافي، أو لأي سبب أخر، انظر:

Alan Brudner, ‘What Are Reasonable Limits to Equality Rights’ <https://heinonline.org/HOL/LandingPage?handle=hein.journals/canbarev64&div=22&id=&page> Accessed: 12/12/2021.

ولا يختلف التعريف القضائي للتمييز عن التعريف الفقهي، ففي قضاء المجلس الدستوري الفرنسي اعتبر أن كل تمييز غير منطقي هو تمييز تحكيمي؛ طالما لا يستند إلى تبرير أو سبب كاف، كما اعتبر في مناسبات أخرى، أن تلك الصور التي أوردها المشرع يجوز القياس عليها أمام المجلس الدستوري على اعتبار أن صور التمييز ليست نهائية. انظر: أحمد فتحي سرور، الحماية الدستورية للحقوق والحريات (دار الشروق، 1999)، ص12.

[16] Linda Dickens, ‘The road is long: thirty years of equality legislation in Britain’ British journal of industrial relations, vol. 45, no. 3, (2017), pp. 463-494.

[17] Voilquin, ‘L'intervention en équitéLe Protecteur du citoyen, Assemblée national du Québec 2004, <https://protecteurducitoyen.qc.ca/sites/default/files/pdf/equite_0.pd> Accessed: 22/11/2021

[18] Ibid.

[19] Choudhury, Op. cit., pp. 117-119.

[20] التقرير الوطني لدولة قطر بشأن التنفيذ الكامل والفعال لإعلان ومنهاج عمل بيجين خلال الفترة من 2014-2019، ص7، 35. على الرابط:

<https://www.unwomen.org/sites/default/files/Headquarters/Attachments/Sections/CSW/64/National-reviews/Qatar.pdf>

[21] حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية رقم 8 لسنة 16 قضائية دستورية، جلسة 5/8/1995، مجموعة أحكام المحكمة الدستورية، ج7، ص139.

[22] Avihay Dorfman, ‘Private Law Exceptionalism? Part II: A Basic Difficulty with the Argument from Formal Equality’ Canadian Journal of Law & Jurisprudence, vol.31, no.1, (2018) p. 21

[23] وهو ما يتضح أيضًا في حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية، رقم 8 لسنة 16 قضائية دستورية، جلسة 5/8/1995، مجموعة أحكام المحكمة الدستورية العليا، ج7، ص139.

[24] Khoirum Lutfiyah, ‘Equality before the Law Principle and the Legal Aid for the Poor: An Indonesian Insight’ The Indonesian Journal of International Clinical Legal Education, vol.4, no.3, (2021) p. 520.

[25] Brandi Chartier, ‘Access to justice: legal aid and other forms of advocacy’ Master's Thesis, 2021, <https://mspace.lib.umanitoba.ca/handle/1993/35470> Accessed: 1/1/2021.

[26] Lutfiyah, Op. cit., p. 523.

[27] رغم وجود خلاف فقهي حول مسمى مقدم الخدمة؛ إذ سماه فريق بالمساعد القانوني وفريق أسماه بالمرشد القانوني، إلا أنه في النهاية يمكن تعريف مقدم الخدمة بأنه الشخص الذي لديه معرفة أساسية بالقانون، وفي تعريف آخر بأنه محامٍ مساعدٌ يقدم خدمة قانونية للعملاء الذين يواجهون مشاكل قانونية، انظر:

BradwayOp. cit.

[28] Lutfiyah, Op. cit., p. 525.

[29] Marshall J. Breger, ‘Legal aid for the poor: a conceptual analysis’ <https://heinonline.org/HOL/LandingPage?handle=hein.journals/nclr60&div=19&id=&page> Accessed: 20/12/2021‏‏‏‏‏.

[30] Chartier, Op. cit.

[31] Siddharth de Souza, Maximilian Spohr, ‘Technology, Innovation and Access to Justice, Dialogues on the Future of Law’ Edinburgh University Press, 2021, p. 34.

[32] Chartier, Op. cit.

[33] Katharina Heyer, et al.  Droits ou quotas? L'American with disabilities act (ADA) comme modèle des droits des personnes handicapées’ Terrains Travaux, vol.2, (2013) p. 133.

[34] Ibid., p. 140.

[35] محمد حسين هلال، "حقوق مقدمي الرعاية كأساس لاكتمال الحماية الدستورية لذوي الإعاقة"، مجلة كلية الشريعة والقانون، جامعة الأزهر، الدقهلية، مج7، ع23 (2021)، ص2683-2744.

[36] Virginie Scolana, Frédérique Fiechter-Boulvardb, Jean-YvesSallec, ‘Définir laide humaine en France : étude juridiqueDefining caregiving in France: Legal approach’ <https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S1875067211000721> Accessed: 1/1/2021.

[37] Mike Noon, ‘The shackled runner: time to rethink positive discrimination’ Work, Employment and Society, vol. 24, no. 4 (2012), pp. 728-739.

[38] التقرير الوطني لدولة قطر، بشأن التنفيذ الكامل والفعال لإعلان ومنهاج عمل بيجين خلال الفترة من 2014-2019، ص39، متاح على الرابط: Qatar.pdf (unwomen.org)، تاريخ الزيارة 15/6/2022.

[39] Chartier, Op. cit.

[40] Ibid.

[41] Ibid.

[42] تبين من خلال 453 عيادة مساعدة قانونية، أنه تم توعية عدد 90118 بحقوق الإنسان، وتلقوا حقوق الإنسان الأساسية للتعليم (تلقت هذه العيادات 28000 شكوى، مع حل 18656 حالة، وتم الإبلاغ عن 2023 حالة عنف.

[43] Catherine Carr, ‘Moving Women out of Poverty: A Call to Action for Legal Aid’ <https://digitalcommons.nyls.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1011&context=impact_center> accessed 2/1/2021.

[44] Chartier, Op. cit.

[45] Ibid.

[46] Ibid.