تاريخ الإرسال: 21 ديسمبر2022

تاريخ التحكيم: 18 يناير 2023

تاريخ القبول: 22 فبراير 2023

التكرار وعلاقته بالنص الشعري: شعر لسان الدين بن الخطيب أنموذجًا

عبد الفتاح محمد سالم صالح السيد

أستاذ البلاغة والأدب الأندلسي، كلية اللغات والترجمة، جامعة عدن، اليمن

abdulfathahalsaed@gmail.com

ملخص

يهدف هذا البحث إلى الكشف عن أنواع التكرار في شعر ذي العُمْرين لسان الدين بن الخطيب، وإلى محاولة التعرف على طبيعة الأسلوب المتبع عنده، وكيفية بنائه وصياغته، إلى أي مدى وفق الشاعر في هذا التناول؛ ليجعل منه أداةً فاعلةً في نصوصه الشعرية، كذا التعرف إلى مدى استخدام محاور التكرار وأنماطه المتمثلة في؛ التكرار الصوتي (تكرار الحرف)، والتكرار اللفظي (تكرار الكلمة)، وتكرار العبارة، وتكرار البداية، وتكرار التجاور، كما أنه قد يأتي بطريقة أفقية أو عمودية أو بهما معًا في تكراره المستخدم. أيضًا معرفة أثر هذه المحاور في بناء الجمل على اختلاف أشكالها، وقدرة الشاعر على تكوين سياقات شعرية ذات دلالات فنية تخييلية مثيرة للمتلقي، تعمل على جذب انتباهه؛ ليتمثل القارئ النصَّ الشعريَّ الذي يصوّره الشاعر.

الكلمات المفتاحية: النص، الشعري، التكرار، البداية، التجاور

 

للاقتباس: السيد، عبد الفتاح محمد سالم صالح. «التكرار وعلاقته بالنص الشعري: شعر لسان الدين بن الخطيب أنموذجًا»، مجلة أنساق، المجلد السابع، العدد 2 (2023)

https://doi.org/10.29117/Ansaq.2023.0184

© 2023، السيد، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه؛ طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.

 


 

Received: 21 December 2022

Reviewed: 18 January 2023

Accepted: 22 February 2023

Repetition and its Relation to the Poetic Text: Poetry of Lisān al-Dῑn ibn al-Khaṭῑb as an Example

Abd al-Fattāḥ Muammad Sālim Ṣāli Al-Sayyid

Professor of Andalusian literature and rhetoric, College of Languages and Translation, University of Aden, Yemen

abdulfathahalsaed@gmail.com

Abstract

This research aims to reveal the types of repetition in the poetry of Dhū al-ʽAmrain Lisān al-Dῑn ibn al-Khaṭῑb and to identify the nature of the style used by him, how to build and formulate it. As well as, to know to what extent the poet was able to succeed in this approach to make it an effective tool in his poetic texts. Furthermore, the research aims to identify the extent to which repetition axes and patterns are used: phonetic repetition (repetition of the letter), verbal repetition (repetition of the word), repetition of the phrase, repetition of the beginning, and repetition of juxtaposition, as it may come in a horizontal or vertical way or both in the user iteration. Also, it aims to realize the impact of these axes on constructing sentences in different forms, and its ability to form poetic contexts with imaginative artistic connotations exciting for the recipient that works to attract his/her attention in order to represent to the reader or listener the poetic text portrayed by the poet.

Keywords: Poetic text; Repetition; Beginning; Juxtaposition

 

Cite this article as: Al-Sayyid, A.M.S.S. "Repetition and its Relation to the Poetic Text: Poetry of Lisān al-Dῑn ibn al-Khaṭῑb as an Example," Ansaq, Vol. 7, Issue 2 (2023)

https://doi.org/10.29117/Ansaq.2023.0184

© 2023, Al-Sayyid, licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication dif changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.

 

 


 

تمهيد

يعدّ التكرار من الظواهر اللغوية الأسلوبية التي يتسم بها النصُّ الشعريُّ، ويكاد يكون مما يمتاز به الأسلوب في شعر شاعر ما، فقد يكون الوقوف على صور التكرار أمرًا يسيرًا؛ لكن الكشف عن بواعث التكرار هو الأمر الصعب، وكذلك الكشف عن الدلالات النفسية والموضوعية والفنية للنص وصاحبه.

الأمر الذي دفعنا إلى دراسة شعر الشاعر لسان الدين بن الخطيب، والوقوف عند هذه الظاهرة اللغوية الأسلوبية بعد قراءة متأنّية لشعره، وبروز ظاهرة التكرار بصورة واضحة في شعره، والكشف عن اهتمام الشاعر بها حتى أضحت ظاهرة شائعة في عدد من نصوصه الشعرية التي تم تناولها بالدرس والتحليل والتأويل من زوايا عدّة.

أهمية الدراسة:

تتمثل أهمية الدراسة في تناول دراسة ظاهرة التكرار في شعر الشاعر لسان الدين بن الخطيب، والبحث عما يمكن إضافته إلى الدراسات الأسلوبية في مجال النص الشعري، من خلال أدوات مختلفة يتم من خلالها استنطاق شعره.

أهداف الدراسة:

تهدف الدراسة إلى محاولة التعرف إلى طبيعة هذه الظاهرة الأسلوبيّة (ظاهرة التكرار) اللافتة للنظر في شعر الشاعر لسان الدين بن الخطيب، وكيفية بنائها وصياغتها وتركيبها، وإلى أي مدًى وفق الشاعر في بنائها؛ ليجعل منها أداة فاعلة داخل النص الشعري وأن يوظفها توظيفًا دقيقًا، ولتصبح أداة جمالية تحرك فضاء النص الشعري، وتنقله من السكون إلى الحركة؛ في محاولة استكشاف الطاقات التعبيرية والمثيرات الفنيّة الكامنة وراء هذه الظاهرة اللافتة للنظر في شعر الشاعر.

إشكالية الدراسة:

تتجسّد إشكالية الدراسة في الأسئلة الآتية:

1-   ما أبرز الخصائص الفنيّة لظاهرة التكرار في شعر الشاعر لسان الدين بن الخطيب؟

2-    ما مسوغات لجوء الشاعر لسان الدين إلى توظيف ظاهرة التكرار؟

3-   ما مدى تأثير أسلوب التكرار في شعر الشاعر لسان الدين، وفاعليته؟

منهج الدراسة:

اعتمدنا في دراستنا المنهجين؛ الوصفي، والتحليلي، وصولًا إلى التكرار، وإبراز فاعليته في تحليل النص الشعري وأثره.

1.     مدخل إلى فهم التكرار

 تعد ظاهرة التكرار من الظواهر الأسلوبية التي تستخدم كثيرًا في النصوص الأدبية، وقد شاعت في كلام العرب منذ الجاهلية حتى يومنا هذا، كما أن الشعراء استخدموها وأكثروا منها؛ لما لها من وقع في النفوس، وأثر في المتلقي؛ لأن التكرار لا يؤتى به عبثًا؛ بل لغاية فنية؛ وفقًا للسياقات التي يرد فيها؛ إذ ليست الغاية منه تزيين النص. كما أنه لا يعدّ عملًا عشوائيًا؛ بل هو في الحقيقة "إلحاح على جهة مهمة في العبارة، يُعْنى بها الشاعر أكثر من عنايته بسواها، وهذا الذي نلمسه كامنًا في غالب التكرار الذي يخطر على البال، فالتكرار يسلط الضوء على نقطة حساسة في العبارة، ويكشف عن اهتمام المتكلم بها، وهو بهذا المعنى ذو دلالة نفسية قيّمة تفيد الناقد الأدبي الذي يدرس الأثر، ويحلل نفسية كاتبه" (الملائكة 242).

وتنتج من ظاهرة التكرار حركة تمتاز بالعذوبة والرقة والاستحباب. ولأهمية هذه التقنية الفعالة في سبك المعنى وحبك الفكرة وتنغيم الإيقاع، اهتمت القصيدة العربية به، وكرست حضوره، وعدّته ظاهرة مميزة فيها (حني 8)؛ لأنه أسهم كثيرًا في "تثبيت إيقاعها الداخلي، وتسويغ الاتكاء عليه مرتكزًا صوتيًا، يشعر الأذن بالانسجام والتوافق والقبول" (علي 12)، ويتجاوز البعد الإيقاعي التأثير، ويتعدى إلى "تشكيل البنية الدلالية للقصيدة من خلال النظم المختلفة المتباينة التي يمكن أن يأتي عليها التكرار، فهو يجيء على مستويات عديدة لا يمكن حصرها حصرًا كاملًا" (علي 13).

والتكرار لا يرد على صيغة واحدة؛ بل يأتي بصور مختلفة منها: التكرار الحرفي، وتكرار الكلمة، وتكرار العبارة، وتكرار البيت، ويأتي بطريقة أفقية أو عمودية أو بهما معًا.

وقبل الحديث عن أنواع التكرار وحضورها في شعر لسان الدين بن الخطيب، نشير إلى مفهوم التكرار.

مفهوم التكرار

يقصد به ذكر كلمة أو لفظ أكثر من مرة في سياق واحد لنكتةٍ ما، كالتوكيد، أو لزيادة التنبيه أو للتهويل أو للتعظيم (المدني 5/34-35).

ثم حدد مفهومه في أبسط مستوى من مستوياته بـ "أن يأتي المتكلم بلفظ ثم يعيده بعينه، سواء أكان اللفظ متفق المعنى أم مختلفًا. أو يأتي بمعنى ثم يعيده، وهذا من شروط اتفاق المعنى الأول والثاني، فإن كان متحد الألفاظ والمعاني فالفائدة في إثباته تأكيد ذلك الأمر وتقريره في النفس، وكذلك إذا كان المعنى متحدًا، وإن كان اللفظان متفقين والمعنى مختلفًا، فالفائدة في الإتيان به الدلالة على المعنيين المختلفين" (ابن الأثير 2/137).

ويعد التكرار "ظاهرة فنية ليست وليدة القصيدة الحديثة؛ بل عرفت عند الشعراء القدامى، فقد وظفوها في نظمهم ونثرهم، واستخدموا جلَّ أشكالها وأنواعها التي منها الوزن والقافية والبيت" (هلال 9). وهو أسلوب استخدمه البلاغيون العرب، ومعناه "تكرار اللفظ أو الدال أكثر من مرة في سياق واحد" (عاشور 38).

والتكرير "أسلوب تعبيري يصور انفعال النفس بمثير من أشباه ما سلف، واللفظ المكرر فيه هو المفتاح الذي ينشر الضوء على الصورة لاتصاله الوثيق بالوجدان، فالمتكلم إنما يكرر ما يثير اهتمامًا عنده، وهو يحب في الوقت نفسه أن ينقله إلى نفوس مخاطبيه، أو من هم في حكم المخاطبين، ممن يصل إليهم القول على بعد الزمان والديار" (السيد 136).

وتتشكل ظاهرة التكرار في شعرنا العربي في أشكال مختلفة تبدأ بالحرف (الصوت)، وتمتد إلى الكلمة ثم إلى العبارة وقد تصل إلى البيت الشعري، وكل شكل من هذه الأشكال يعمل على إبراز جانب تأثيري خاص للتكرار. وتجدر الإشارة إلى أن الجانب الإيقاعي في الشعر قائم على التكرار، فبحور الشعر العربي تتكون من مقاطع متساوية، والسر في ذلك يعود إلى أن التفعيلات العروضية مكررة في الأبيات، هذا فضلًا عن أن التفعيلة نفسها تقوم على تكرار مقاطع متساوية. والتكرار المتماثل، أو المتساوي يخلق جوًا موسيقيًا متناسقًا، فالإيقاع ما هو إلا أصوات مكررة، وهذه الأصوات المكررة تثير في النفس انفعالًا ما، وللشعر نواح عدة للجمال؛ أسرعها إلى نفوسنا ما فيه من جرس الألفاظ، وانسجام توالي المقاطع، وتردد بعضها بقدر معين، وكل هذا ما نسميه بموسيقى الشعر (أنيس 8).

2.     أنواع التكرار في شعر لسان الدين بن الخطيب

وسنحاول في هذا البحث الإحاطة بأهم أنواع التكرار، ومدى حضورها في شعر لسان الدين بن الخطيب، والكشف عن الدوافع الفنية لها، وتتبع آثارها الجمالية من خلال نماذج تطبيقية من شعره على النحو التالي:

2.1 التكرار الصوتي

هو من الأنماط المنتشرة والشائعة، وهو "تكرير حرف يهيمن صوتيًا في بنية المقطع أو القصيدة" (الغرفي 82). وكان للتكرار الصوتي السبق في الظهور؛ لكونه ترديدًا لأصوات معينة تشتمل على إيقاعات منتظمة لا تخلو من وزن أو موسيقا، على نحو ما نجد في قول الشاعر لسان الدين بن الخطيب في مخاطبة السلطان الجليل أبي عنان فارس، من سبتة، بين يدي ركوب البحر؛ حيث تشتمل كل كلمة على حرف سينٍ (ابن الخطيب 2/735):

سَقَتْ سَارِيَاتُ السُّحْبِ سَاحَةَ "فَاسٍ"

 

سَوَاكِبَ تَكْسُو السَّرْحَ حُسْنَ لِبَاسِ

وَسَارَ بِتَسْلِيمِي لِسُدَّةِ "فَارِسٍ"

 

نَسِيْمٌ سَرَى لِلسَّلْسَبِيلِ بِكَاسِ

سِرَاجُ السُّرَى شَمْسٌ سَمَا قَبَسُ السَّنَا

 

كَسَا سَاطِيَاتِ الأُسْدِ لِبْسَةَ بَاسِ

أنِسْتُ بَمَسْرَى سَيْبِهِ وَتَأنَّسَتْ

 

بِسَاحَتِهِ نَفْسِي وَأسْعِدَ نَاسِي

وَيُسِّرْتُ لِلْيُسْرَى وَيُسِّرَ مُرْسَلِي

 

وَسُدِّدَ سَهْمِي وَاسْتَقَامَ قِيَاسِي

عند تمثلنا للأبيات السابقة نجد حضور حرف السين في كل كلمة من كلمات النص وهو من الحروف المهموسة، ومن حروف الصفير، وفيه جريان للهواء، وجريان للنفس، وكذلك جريان الصوت، فجاءت مناسبة للحالة التي تكتنف الشاعر، فهو مبعوث من قبل سلطانه الغني بالله إلى السلطان المغربي أبي عنان. والوقوف بين يدي السلطان يتطلب الاحترام والتذلل، الأمر الذي جعل الشاعر يستوحي "صوتًا يحقق هذا الحال، فكان السين هو الصوت المناسب البعيد عن الجهر والاهتزاز" (محمد 111)، كما أن المقطوعة اشتملت على تكرار حرف اللام الذي يعدّ من الحروف الجهرية ولا يصاحبه نفس، وهو حرف من الحروف المتوسطة بين الرخاوة والشدة، وهذه الصفة ما جعلته يجري جريانًا ضئيلًا، ولظاهرة التكرار دورها في اتحاد أجزاء الكلام وترابطها، وتختلف معاني التكرار باختلاف الأغراض التي يتناولها الشاعر، يقول رشيد شعلان: "إنه تجلية للمعنى وتزكية له، أو رغبة من الشاعر في التوكيد والتفصيل ومن ثم تنمية المعنى وبلورته" (شعلان 252).

وبالرجوع إلى النص فقد كان توظيف الشاعر للصوتيين (السين/اللام) أكثر تميزًا فيه، وفيما يلي جدول يوضح عدد تواترهما في النص:

الصوت

الأبيات

التواتر

الصوت

الأبيات

التواتر

 

 

السين

1

2

3

4

5

10

9

11

8

8

 

 

اللام

1

2

3

4

5

3

6

4

-

3

المجموع

-

46

المجموع

-

16

نلاحظ أن توزيع الصوتين كان وفقًا لتوزيع هندسي محكم، إذ بدأ باستخدام السين بصورة مكثفة؛ بل نجده استعمله في كل كلمة من كلمات المقطوعة، فقد بلغ حضوره في النص (46مرة)، وصوت اللام له حضور بلغ (16مرة)، وقد أحدث الصوتان إيقاعًا نغميًا، ومن ثم فقَدَ الصوتان حرفيتهما "بالانصهار الكلي في النظام التأليفي الذي يفضي إلى ديمومة النغمة" (كنون 324).

ولعل التأليف الذي ظهر "بين المجموعة الصوتية القوية، قد أدى إلى حشدٍ من الحروف يجتاح القصيدة، فالحرف داخل الجملة أو المفردة يهيئ السبيل إلى حرف آخر يماثله نغمًا ورسمًا" (الصائغ 170). ومن هذا ما ظهر في قصائد لسان الدين بن الخطيب في الاستنفار والجهاد، إذ يقول في رسالة للمسلمين في المغرب كافة (ابن الخطيب 2/677):

أإخوانَنَا لَا تَنْسَوا الفَضْلَ والعَطْفَا

 

فَقَدْ كَادَ نُورُ اللهِ بالكُفْرِ أنْ يُطْفَا

فَهَلْ نَاصِرٌ مُسْتَبْصِرٌ فِي يَقِيْنِهِ

 

يُجِيرُ مَنِ اسْتَعْدَى وَيَكْفِي مَنِ اسْتَكْفَى؟

وَمُسْتَنْجِزٌ فِيْنَا مِنْ اللهِ وَعْدَهُ

 

فَلا نَكْثَ فِي وَعْدِ الإلهِ وَلا خُلْفَا

إذَا كَتَبَتْ يَوْمًا فَأقْلامُهَا القَنَا

 

وَإنْ أرْسَلَتْ يَوْمًا كَانَتْ صَفَائِحُهَا الصفْحَا

فقد بدأ قصيدته باستنهاض همة إخوانه في المغرب، وأثناء هذا الصراخ نجده ينظم سيمفونية تعد غاية في الروعة والإقناع والإتقان، إذ استعمل الحروف القوية ذات الدرجة العالية على السمع، فقد استهل قصيدته بحروف التفخيم كما في الكلمات: (العطفا، يطفا)، ونراه يستعمل بعد ذلك حروف (السين والصاد والزاي)، وقد ظهرت في قوله:(مستبصر، استعدى، استكفى، مستنجز، صفائحها، الصحفا)، وجاءت الحروف "متآلفة غير متنافرة، فالصاد حرف فخم يقابل السين المرقق، والسين المهموسة يقابلها الزاي المجهورة، وكلها تنتمي إلى مخرج واحد" (النووي 98).

وليس للصوت حياة مستقلة دون وجوده في تركيب حاضن له هو الكلمة التي تختلف عن غيرها باختلاف هذا التركيب، إلا أن الصوت قد يملك إيحاءً ما، نكتشفه عن طريق الإصغاء المرهف، وتأمل صدَاه في المشاعر (عباس 28).

ويمكننا مشاهدة تكرار حرف النداء في قول الشاعر لسان الدين بن الخطيب مخاطبًا السلطان (ابن الخطيب 2/491):

يَا مُلْبِسِي النُّعْمَى بَأيِّ عِبارَةٍ

 

 

أصِلُ الثَّنْاءَ لِمُلْكِكَ المُتَفَضِّلِ؟

يَا مُبْقِيًا رَمَقِي بِفَضْلِ حَنَانِهِ

 

يَا مَفْزَعِي يَا مَلْجَئِي يَا مَوْئِلِي

نجد الشاعر كرر حرف النداء (يا) في البيتين السابقين بطريقة عمودية وأفقية، مع وصف المنادى (السلطان) بصفات مختلفة للدلالة على مكانته، وعظمة شأنه فهو ملبسه النعم، وهو مبقي الروح فيه، وهو مفزعه وملجؤه وموئله، وهذا كله لبيان قرب المنادى منه وما يحمل من دلالة نفسية عظيمة تجاه المنادى الموصوف بالصفات المتعددة.

وقال ناصحًا في رابطة العقاب (ابن الخطيب 2/514):

اِسْمَعْ مَقَالَةَ مَنْ لَا يَبْتَغِي عِوِضًا

 

مِنْ ضَيْعَةٍ لَا وَلَا جَاهٍ وَلَا مَالِ

وَلَا عَبِيْدٍ، وَلَا خَيْلٍ وَإنْ لَبِسَ

 

النَّاسُ الجَدِيْدَ كَفَاهُ الوَاهِنُ البَالِي

يَرَى الأُمُورَ قَدِ اخْتَلَّتْ عَلَيْكَ وَمَا

 

مِنْ نَاصِرٍ لَكَ فِيْهَا "لَا" وَلَا وَالِي

فَلا لِدُنْيَا وَلَا أخُرَى أفُوْزُ بِهَا

 

خَسِرْتُ فِي اللَّغْوِ أقْوَالِي وَأعْمَالِي

 الشاعر في مقطوعته كرر حرف النفي (لا) عشر مرات لبيان صورة محتملة في خطابه، وما تحمل من نصح، وما ينجم عنها من رفعة في حياة من قدمت له نصيحة في رابطة العقاب لتضفي على الصورة وصفًا داخليًا متسمًا بالعلو والمكانة؛ حتى يمثل نماذجَ يحتذى بها، فضلًا عما أفاد التكرار من خلق إيقاع موسيقي داخل القصيدة، وهو ما يمكن أن يمثله قانونان يحكمان التكرار لا بد من مراعاتهما عند توظيف التكرار في النص الشعري، فهو يأخذ بعدًا نفسيًا له ارتباط بنفسية الشاعر، كما يخضع من ناحية أخرى لقوانين خفية تتحكم في العبارة لخلق نوع من التوازن الدقيق، وهو ناتج عن الرفض لكثير من ملذات الحياة التي يرغب فيها كثير من الطامحين، من هنا نجد أن الحرف قد تم تشكيله بنسق جمالي في شكلين عمودي وأفقي.

كما نجد تكرار حرف الخفض (إلى) في قول الشاعر لسان الدين في مدح الوزير عمر بن عبد الله (ابن الخطيب 2/707):

إِلَى عُمَرَ بَن عَبْدِ اللهِ حَنَّتْ

 

رِكَابِي فَهْيَ تَسْتَبِقُ اسْتِبَاقَا

إِلَى الغَيْثِ الَّذِي إنْ شَحَّ غَيْثٌ

 

فَمِنْ يُمْنَاهُ يَنْدَفِقُ انْدِفَاقَا

إِلَى اللَّيْثِ الَّذِي رَاعَ الأعادِي

 

وَأمَّنَ رِفْقُ سِيْرَتِهِ الرِّفَاقَا

إِلَى حبْرِ السِّيَاسَةِ لَا يُجَارَى

 

وَلَا يَبْغِي مُعَارِضُهُ اللِّحَاقَا

إِلَى الفَطِنِ الَّذِي لَوْلَا نَدَاهُ

 

إذَا مَا جُسْتَهُ خِفْتَ احْتِرَاقَا

إِلَى قَمَرِ الوِزَارَةِ جَلَّلَتْهُ

 

إبَاةُ السَّعْدِ نُورًا وَاتِّساقَا

في هذا النص تكرر حرف الخفض (إلى) ست مرات، أي بداية كل بيت بصورته العمودية، وهذا التكرار لم يرد دون وعي من الشاعر؛ بل كان بقصد منه، ومحاولة منه لصياغة أبياته حتى يستطيع من خلاله إثارة انتباه المتلقي؛ لكون التكرار الحرفي "صيغة خطابية رامية إلى تكوين الرسالة الشعرية بمميزات صوتية مثيرة، هدفها إشراك الأخير (المتلقي) في عملية التواصل الفني، ولذلك يعدّ التلازم الحرفي من أهم خصائص الخطاب الشعري في البنيات التشاكلية" (كنون 290).

وقد أراد الشاعر من هذا التكرار أن يخلق للحرف وظيفة ودلالة معينة يتم من خلالها الوصول إلى المعنى العام الذي أراد أن يعبر عنه، وهذا يفضي إلى توسعة في حيز الحديث الكلي للقصيدة، بشكل تدريجي تزداد التوسعة فيه اطرادًا بزيادة التكرار (عاشور 53)، وهو في تكرار هذا الحرف أراد أن يوصلنا إلى فكرة مفادها مكانة الممدوح وما يتميز به من عطاء وكرم وجود، وما يجده الآخر عنده، فهو يمثل غاية من الغايات وملجأ مهمًّا عند الحاجة.

وقال يصف ساعة المنكانة مستخدمًا التكرار (ابن الخطيب 2/559):

فَلِلْشَّرِيْعَةِ مِنْهَا العِلْمُ إنْ سُئِلَتْ

 

عَمَّا بِهِ عَمِلَتْ فِيمَا بِهِ علِمَتْ

ساعة المنكانة ساعة استحدثت وصنعت بشكل يتلاءم مع ساعات الليل، ففي تصميم بعض أجزائها يخصّص مكان توضع فيه بعض المقطعات الشعرية؛ لإنشادها بحيث تسقط مقطعة واحدة من المنكانة بطريقة فنية كلما انقضت ساعة، وهذه المقطعة تؤذن بانتهاء ساعة من الليل (الخطيب 2/278-289).

يتعلق الأمر في البيت بتكرار حرفي (العين والهاء)، إذ تكرر حرف (العين) خمس مرات في بيت واحد، وكذا حرف (الهاء) تكرر ثلاث مرات في البيت نفسه، فينتج عن التكرار وعن مجاراته لأصوات تنسجم معه إيقاع داخلي يتفاوت مع إطار البيت؛ ليعطي قيمة مضافة إلى الموسيقا الخارجية، كما أن تكرار الحرفين الحلقيين زاد من موسيقا البيت الداخلية التي تنسجم وحالة الشاعر العاطفية، وكأن تكرار الحرفين عبارة عن تعبير عن آهات آلام يحس بها الشاعر.

وكل حرف من الحرفين مناسب لغرض السياق الذي ورد فيه، حيث اهتم العرب بهذه الظاهرة كثيرًا نظرًا لما تحمله من قيم، إذ "لم يعنهم من كل حرف أنه صوت، وإنما عناهم من صوت هذا الحرف أنه معبر عن غرض" (عبد الرحمن 23)، وهو ما يعطي إحساسًا موسيقيًا انفعاليًا، كما أن تكراره كثيرًا ما يوحي بمعاناة التجربة (الورقي 283).

2.2 التكرار اللفظي (تكرار الكلمة)

يُعدُّ تكرار الكلمات المظهر الثاني من مظاهر التكرار، وهو مظهر ذو قابلية عالية على إغناء الإيقاع، ويكون "مقصودًا إليه لأسباب فنية، وليس للتردد ذاته، وإِلاّ عُدَّ مجرد حِلْية صناعية أو دليلَ عجزٍ أو قصورًا في التعبير" (اليافي 107)، وذلك بأن تؤدي اللفظة المكررة "دورًا خاصًا ضمن سياق النص العام" (الصكر 95-96).

وهو أيضًا من الأنماط الشائعة في الجانب التكراري، وهو "تكرار كلمة تستغرق المقطع أو القصيدة" (الغرفي 82). وهو تكرار أصوات بعينها، ويمكن أن يولد إيقاعًا داخليًا في القصيدة. كما أن التكرار اللفظي الذي يحدث خلال البيت يقع بأشكال مختلفة حسب اللفظ المكرر وطبيعته.

ويعد تكرار الكلمة من أسهل أنواع التكرار وأبسطها إذا تمّ استخدامه في موضعه، "وإلا فليس أيسر من أن يتحول هذا التكرار نفسه بالشعر إلى اللفظية المبتذلة التي يمكن أن يقع فيها أولئك الشعراء الذين ينقصهم الحسّ اللغوي والموهبة والأصالة" (الملائكة 231).

 ومما تم رصده من التكرار اللفظي في شعر لسان الدين بن الخطيب قوله (ابن الخطيب 1/127):

هَوَ البَيْنُ حَتْمًا لَا لَعَلَّ وَلَا عَسَى

 

وَمَاذَا عَسَى يُغُنِي الوَلِيُّ وَمَا عَسَى؟!

فقد كرر الشاعر لفظة (عسى) ثلاث مرات في البيت، فالدال المكرر أحدث نغمًا استوقف المتلقي إذ نتج عن التكرار جمال صوتي يوحي باليأس والألم وضياع الشيء، وما يظهر ذلك هو لفظة البين في بداية البيت. وتكرار كلمة (عسى) أسلوب من أساليب بناء اللغة الشعرية، إذ يعمل على ترابط النص وعلائقه، ويعمل على إبراز دواخل الشاعر وإيضاح مراميها؛ لأن اللفظ المكرر ينبغي أن يكون وثيق الصلة بالمعنى العام.

ويمكن مشاهدة تكرار اللفظة في قول لسان الدين بن الخطيب أيضًا (ابن الخطيب 1/135):

أوْ سَيَّدِي دَامَ يَرَى سَيَّدِي

 

حَقًّا لَهُ قُمْتَ بِإيجَابِهِ

وَابْسُطْ عَلَى الخَلْقِ مِنَ العَدْلِ مَا

 

يَسْتَتِرُ الخَلْقُ بِجِلْبَابِهِ

اشتمل البيت الأول على تكرار كلمة (سيدي) مرتين كما نجد في البيت الثاني كلمة (الخلق) قد تكررت مرتين، إذ حصر المكانة والرفعة لشخصه المخاطب، كما توحي بالفوقية والفضل والعطا الصادر عن سيده، وليس الفوقية التي توحي بالكبرياء والتكبر؛ بل على العكس من ذلك. وهو من الأساليب التعبيرية التي تصور انفعالات النفس؛ بل إن التكرار "مفتاح ينشر الضوء في الصورة لاتصاله الوثيق بالوجدان" (أنيس 59).

ويمكن التمثيل بشاهد آخر في التكرار ذاته نحو قول الشاعر (ابن الخطيب 1/336):

وَخَصَائِص للهِ بَثَّ ضُرُوبَهَا

 

فِي الأرَض سَادَ لِأجْلِهَا مَنْ سَادَا

فالشاعر كرر الفعل (ساد)، ربما أراد من ذلك أن ينظر المتلقي إلى ما يريد الكشف عنه، وهو ما نشر على هذه الأرض من خصائص. والتكرار هنا يدل على الحركة والانتشار والتوسع. وقد استطاع الشاعر أن يحقق الغاية من التكرار بوصفه وسيلة من وسائل توكيد المعنى، وتحسين اللفظ.

وقال في امتداح السلطان حينما توجه إلى تجهيز الأسطول (ابن الخطيب 2/485):

لِمُلْكِكَ عُقْبَى النَّصْرِ فَارْقُبْ طُلُوعَهَا


 

فَقَدْ آنَ لِلإسْلَامِ آنُ اقْتِبَالِهِ


وَهَلْ يَسْتَوِي مُسْتَبْصِرٌ فِي يَقِيْنهِ

 

وَمُسْتَبْصِرٌ فِي غَيِّهِ وَضَلَالِهِ؟!

اشتمل البيت الأول على تكرار كلمة (آن) الفعل، و(آن) الاسم، واشتمل البيت الثاني على تكرار كلمة (مستبصر)، التي سبقت بأداة الاستفهام (هل) وما تحمل من دلالة في أثنائها على هذا التكرار. فقد كان لذكر "مستبصر" الأولى وما تبعها من قول الأثر المحمود على ممدوحه السلطان، ومن يقابله في الطرف الآخر، وما أشارت إليه لفظة "مستبصر" الثانية وما لحقها من قول في التركيب ودلالتها في ذم من يستبصر في غيه وضلاله، وهذا ما أراده الشاعر بهذه الموازنة عن طريق سياق العبارة المسبوقة بلفظة "يستوي".

وقال الشاعر لسان الدين في ساعة المنكانة (ابن الخطيب 2/683):

حَالٌ مُشَتَّتَةٌ فَالعَقْلُ فِي طَرَفٍ

 

وَالجِسْمُ فِي طَرَفٍ وَالنَّفْسُ فِي طَرَفٍ

في البيت تكرار كلمة (طرف) ثلاث مرات وفيها من الإيحاء بشتات الحال وتفرق الأعضاء التي أوردها في البيت للدلالة على الأهل وما يعانيه من البعد والفراق بينه وبينهم، فهم يمثلون إنسانًا واحدًا؛ لكنه صار ممزقًا أشتاتًا في أطراف مترامية متباعدة، فكيف السبيل إلى لمِّ شتاتها في مكان واحد؟

2.3 تكرار العبارة

وهو أكثر وجودًا في القصائد المعاصرة، إذ يكون تكرار عبارة بأكملها في جسد القصيدة، وقد مثل نقطة إعجاب كثير من النقاد والشعراء نتيجة لما يحدثه من إيقاع داخلي يهدف إلى تأكيد عبارات معينة؛ لكونها تفتح فضاءً دلاليًا للنص. فالعبارة المكررة تكسب النص طاقة إيقاعية أكبر بفعل اتساع رقعتها الصوتية، كما أن لها حضورًا نسبيًا في الشعر العربي القديم (العمودي)، وهو ما يمكن ملاحظته في كثير من القصائد الشعرية يؤتى به لغايات تحقق في سياقاتها الفنية. ويمكن التمثيل بنصوص من شعر لسان الدين بن الخطيب، كقوله يمدح الوزير عمر بن عبد الله (ابن الخطيب 2/708):

فَلَمْ تَزْدَدْ بِرُتْبَتِها عُلُوًّا

 

وَلَمْ تَزْدَدْ بِنِعْمَتِهَا ارْتِفَاقَا

تكرار عبارة (لم تزدد)، وهي عبارة ناقصة في تركيبها إذ تركبت من فعل وفاعل فقط، أما المفعول به فقد كانت لفظته مختلفة لم تذكر، ذاتها نحويًا، ولكنه تكرار بشكل دلالي، وهو ينقل فكرة مفادها أن الزيادة لا تكون بالرتبة والنعمة في العلو والرفعة.

2.4 تكرار البداية

وهو ذلك التكرار المتمثل في صدور الأبيات الشعرية سواء أكان ذلك التكرار تكرار لفظة أم عبارة.

نجد من الشعراء من يقوم بهذا التكرار في بداية نصه الشعري في أبيات متتالية سواء أكان التكرار كلمة أم عبارة "وهو لون شائع في شعرنا المعاصر، يتكئ إليه أحيانًا صغار الشعراء في محاولتهم تهيئة الجو الموسيقي لقصائدهم الرديئة" (الملائكة 231)، ومما يلاحظ أن هذا التكرار له حضور عند شعراء شعرنا القديم الأمر الذي يرد قول نازك الذي ترى فيه أن أسلوب التكرار في شعرنا القديم وعند البلاغيين القدامى ثانويٌ في اللغة، وأنه لم تقم حاجة إلى التوسع في تقييم عناصره وتفصيل دلالته (الملائكة 241)؛ بل إن هذا القول لا ينطبق على الشعر القديم والبلاغيين لما له من مكانة وحضور عند الشعراء والبلاغيين القدامى، فالشاعر كان يوظفه وفقًا لحاجته النفسية وظروف حياته التي تمليها عليه حتى يستطيع أن يصل الفكرة بكل تجلياتها ومراميها، ولم يكن ميزة في الشعر المعاصر، وإن كان ظهوره بصورة أكثر حضورًا. وقد تنوع التكرار عند الشاعر لسان الدين بن الخطيب ولم يقف عند التكرار الصوتي وتكرار الكلمة أو العبارة في البيت الواحد؛ بل تعداه إلى تكرار الكلمة أو العبارة في أبيات متوالية، ومنه قوله يرثي السلطان أبا الحجاج (ابن الخطيب 2/557):

أسَفًا عَلَى الخُلُقِ الجَمِيلِ كَأنَّمَا






 

بَدْرُ الدُّجُنَّةِ قَدْ جَلَاهُ تَمَامُ






أسَفًا عَلَى العُمرِ الجَدِيْدِ كَأنَّهُ

 

زَهْرُ الحَدِيْقَةِ زَهْرُهُ بَسَّامُ

أسَفًا عَلَى الخُلُقِ الرَّضِيِّ كَأنَّهُ

 

زَهْرُ الرَّيَاضِ هَمَى عَلَيْهِ غَمَامُ

أسَفًا عَلَى الوَجْهِ الَّذِي مَهْمَا بَدَا

 

طَاشَتْ لِنُورِ جَمَالِهِ الأفْهَامُ

مَوْلَايَ هَلْ لَكَ لِلْقُصُورِ زِيَارَةٌ

 

بَعْدَ انْتِزَاحِ الدَّارِ أوْ إلْمَامُ؟!

مَوْلَايَ هَلْ لَكَ لِلْعَبِيدِ تَذَكُّرٌ

 

حَاشَاكَ أنْ يُنْسَى لَدَيْكَ ذِمَامُ

إن محدودية العاطفة وعدم قدرتها على التنامي والامتداد كان من وراء ظهور هذه الصيغة التركيبية الجامدة (أسَفًا عَلَى) فالشاعر يعبر بهذا التكرار عن الحسرة والألم وما ينتابه من فقدانه للسلطان، فالتكرار يضع بين أيدينا مفتاحًا للفكرة المتسلطة عليه، فإعادة الصورة الصوتية للكلمة كانت بمثابة المنبه الإيقاعي على الرغم من أن الجو الشعري واحد لم يتغير، وهو بذلك "أحد الأضواء اللاشعورية التي يسلطها الشعر على أعماق الشاعر فيضيئها بحيث نطلع عليها، أو نقل إنه جزء من الهندسة العاطفية للعبارة يحاول الشاعر فيه أن ينظم كلماته بحيث يقيم أساسًا عاطفيًا من نوع ما" (الملائكة 243). وهذا ما نجده أيضًا في قول الشاعر لسان الدين بن الخطيب يرثي السلطان أبا الحجاج (ابن الخطيب 2/557):

تَبْكِي عَلَيْكَ مَصَانِعٌ شَيَّدْتَهَا

 

بيضٌ كَمَا تَبْكِي الهَدِيلَ حَمَامُ


تَبْكِي عَلَيْكَ مَسَاجَدٌ عَمَّرْتَهَا

 

فَالنَّاسُ فِيْهَا سُجَّدٌ وَقِيَامُ

تَبْكِي عَلَيْكَ خَلَائِقٌ أمّنْتَها

 

بِالسِّلْمِ وَهْيَ كَأنَّهَا أنْعَامُ

تكررت الجملة الفعلية (تبكي عليك)، في سياقها المضارع المستمر عموديًا وأفقيًا، وقد يوحي تكرار الجملة بشمولية الحزن والحسرة والأسى والاستمرارية التي تسيطر على كل شيء بفقدان السلطان، ومنه فإن التكرار يحمل في كل بيت معنى يثير فينا العاطفة، كما ورد التكرار في البيت الأول بسياقين متقابلين لكي يمنح البيت توازنًا نغميًا إضافيًا، فتولدت هنا وظيفتان: وظيفة صوتية مولدة للإيقاع، ووظيفة دلالية مؤكدة المعنى والمبالغة فيه. ومما زاد من جماليات الصورة التكرارية، ذلك" التلاحم بين المستويات اللسانية: (الصوت والصرف والتركيب والمعجم)، فوقعت انفعالاتها، وأثّرت في سامعيها، فأفسحت المجال أمام خطابها الشعري للتجلي والارتقاء، ثم الرسوخ والاسترسال في الزمان" (بوراوي 10).

ونجد التكرار نفسه في قوله مخاطبًا السلطان (ابن الخطيب 2/613):

صَلَّى عَلَيْكَ إلهُ العَرْشِ ما صَدَحَتْ





 

قُمْرِيَّةٌ فَوْقَ أفْنَانِ الرَّيَاحِيْنِ






صَلَّى عَلَيْكَ إلهُ العَرْشِ ما غَرَّدَتْ

 

حَمَائِمٌ فَوْقَ أغْصَانِ البَسَاتِيْنِ

 

صَلَّى عَلَيْكَ إلهُ العَرْشِ ما وَفَدَتْ

 

نُويْقَةٌ لِحِمَى الأطْلَالِ تَبْرِيِنِي

صَلَّى عَلَيْكَ إلهُ العَرْشِ ما هَطَلَتْ

 

مَدَامِعُ السُّحْبِ أوْ عَيْنُ المُحِبِّيْنِ

صَلَّى عَلَيْكَ إلهُ العَرْشِ ما ضَحِكَتْ

 

مَبَاسِمُ الزَّهْرِ فِي ثَغْرِ الأفَانِيْنِ

قد يكون تكرار الشاعر لعبارة (صلى عليك إله العرش ما)، في قصيدته علامة كبيرة لظروفه النفسية، وطبيعة الحياة التي يعيشها ويمر بها، وهنا نجد أن التكرار يثير الحماسة في صدور المتلقين، والتكرار الذي يوظفه الشاعر يعدّ أحد الأدوات الجمالية التي ساعدته على تشكيل موقفه وتصويره، كما يعدّ طاقة كبرى لديه مؤكدًا المعنى وغايته.

وقد نجد ذلك التكرار في قوله في مدح السلطان (ابن الخطيب 2/499):

وَكَفَى "بِإبْرَاهِيْمَ" بَدْر خِلَافَةٍ


 

تَعْنُو لِغُرَّتِهِ البُدُورُ الكُمَّلُ


وَكَفَى "بِإبْرَاهِيْمَ" لَيْث كَرِيْهَةٍ

 

يَعْنُو لِغُرَّتِهِ الهِزَبْرُ المُشْبِلُ

لقد كرر الشاعر عبارة (وكفى بإبراهيم) و(تعنو لغرته)، في البيتين إذ كان تكرار العبارة الأولى في الشطر الأول من البيتين، بينما تكرار العبارة الثاني في الشطر الثاني من البيتين، وفي كلا التكرارين نجد الغاية الأساسية هي مدح السلطان وتفوقه عمن سواه في البهاء والشجاعة، مع وجود مقابل في الطرف الثاني للبهاء والشجاعة (البدر/الهزبر)، ووجود المقابل يرسخ فينا المقصود من السياق؛ إذ نجد أنفسنا لا نحس بالاضطراب من هذه المقابلة، وهذا التكرار خلق إيقاعًا داخليًا فنيًا، كما ساعد على ربط الأبيات وتلاحم أجزائها.

إن سر نجاح هذا التكرار العمودي كامنٌ في أنه يرتبط، في كل مرة بمعنى جزئي مغاير للمعاني التي ارتبط بها في غيرها، فضلًا عن ارتباطه الوثيق بالمعنى العام، فالشاعر اعتمد على تكرار العبارة في توليد صورٍ مختلفة يرتبط كل منها بالعبارة المكررة، وهي صورٌ غير متنافرة لكونها تصب جميعًا في سياق المعنى العام. ويمكن تمثل ذلك التكرار في قوله في المواعظ (ابن الخطيب 2/707):

أيْنَ الَّذِينَ شَيَّدُوا واغْتَرَسُوا


 

وَمَهَّدُوا وَافْتَرَشُوا وَظَلَّلُوا


أيْنَ ذَوُوُ الرّاَحَاتِ زَادَتْ حَسْرَةً

 

إذْ جُنِّبُوا إلّى الثَّرَى وانْتَقَلُوا

 هذا التكرار لاسم الاستفهام (أين) أسهم في إيجاد ترابط متين بين البيتين، فقد أصبحت الكلمة بؤرة ينبثق عنها المعنى كل مرة، ثم تتضافر المعاني لإنتاج الصورة الكلية التي أراد الشاعر رسمها، فالتكرار في هذا النص قام بوظيفة إيقاعية متمثلة في إعادة الصورة السمعية للكلمة من جهة، ووظيفة بنائية تجلت في تهيئة جسر رابط بين البيتين.

فالشاعر يهدف من هذا التكرار في البيتين المقرونين بلازمة الاستفهام (أين الذين/أين ذوو)، لفت نظر مخاطبيه إلى ما يمكن أن يصيروا إليه في هذه الدنيا وإن عاشوا وشيدوا وعمروا وترحلوا... فإن مصيرهم إلى زوال، موضحًا ما سيصيرون إليه، كما أنه في بيتيه يقدم حقيقة واقعية لحياتهم حتى لا يغفل عنها أحد، وكل ذلك يتضح في نسيجه الشعري البنائي، من خلال نقل التجربة بطريقة منتظمة ترد على خاطر الشاعر.

وإذا نظر الدارس إلى التكرار العمودي نظرة تدقيق وتأمُّل، وجده لا ينغلق على الوظيفة الإيقاعية المحضة، على الرغم من أنها الوظيفة الأجل بروزًا، فهو يعمل على "خلق نوع من التواشج بين الأبيات في إطارها البنائي" (ربابعة 173).

وهذا التكرار العمودي في الأبيات السابقة جميعها لم يأت به دون هدف بل يمثل نبض الشاعر وأحاسيسه وعواطفه، ولا تكتسب الأبيات أهميتها من القيمة العددية بل من ارتباطها بالحالة النفسية الشعورية المسيطرة على السياق.

2.5 تكرار التجاور

هو ما يطلق على التكرار الذي تكون فيه الألفاظ المكررة متجاورة، إذ إن النطق بها" يتلازم مع حركة الفكر في أهدافه التوكيدية أو الفكرية" (الغرفي 93)، نحو ما نجد في قول الشاعر لسان الدين ابن الخطيب (ابن الخطيب 1/400):

يُشَبُّ عَلَى أبْيَاتِهِمْ ضَرَمُ القِرَى

 

فَيَهْدِي إذَا مَا ضَلَّ فِي السَّفَرِ السَّفْرُ

نجد الشاعر كرر لفظة (السفر) مرتين متتاليتين في البيت السابق وأول ما يلاحظ على هذا التكرار هو التوكيد أولًا، فضلًا عن الجانب الإيقاعي الذي يمنحه البيت.

وقد يفصل بين اللفظين المكررين بفاصل، نحو قول الشاعر لسان الدين بن الخطيب مخاطبًا بعض الأصحاب (ابن الخطيب 2/481):

أُجَرِّرُ ذَيْلَ العَيْشِ وَالعَيْشُ أَخْضَرُ

 

وَأغْشَى رِمَاحَ اللَّحْظِ وَهْوَ جَمِيْلُ
 

يكشف التكرار الوارد في البيت (العيش/والعيش) مدى صبره وتحمله كثيرًا من المشاق، وقد لجأ إلى تجسيد العيش أي الحياة عن طريق تشبيهه بحيوان يجر ذيله وراءه، ورغم ذلك فإن العيش جميل أخضر؛ لأن اللون أضفى عليه صفة الجمال، ومثل هذا التكرار يؤكد اللفظ المكرر ويعمق دلالته ويوسعها، رغم الفاصل الذي بين اللفظين المكررين (الواو).

وقوله أيضًا بالطريقة نفسها في مدح أبي زيان (ابن الخطيب 2/700):

فَرُبَّتمَا تَنْبُو مُهَنَّدَةُ الظُّبَا

 

وَتَهْفُو حُلُومُ القَوْمِ وَالقَوْمُ حُذَّاقُ

يشير الشاعر من خلال التكرار (القوم/والقوم) إلى أمر ما يتمثل في ضمور أحلام القوم وتلاشيها، وإن كان هؤلاء القوم حذاقًا، فلكل جواد كبوة ولكل حسام نبوة، وكأنني بأبي زيان قد أصيب بشيء فبدأ يلاطفه ويذكره بهذه الأمور وأن الإنسان مهما حرص فلا بد أن يزل وهذا ليس بعيب.

خاتمة

وقف هذا البحث على دراسة التكرار في النص الشعري، متخذًا الشاعر لسان الدين بن الخطيب أنموذجًا تطبيقيًا لها، وبرز من خلال الدراسة أهم الأنماط في صورتها التكرارية في شعره، التي مثلت وسيلة مهمة في إثراء الجانبين الدلالي والإيقاعي في النص الشعري عنده، كما أثبت دوره في رفد المعنى وإيصاله للمتلقي، سواءً أكان ذلك التكرار عبر تكرار الصوت، أم تكرار الكلمة، أم تكرار العبارة، أم تكرار البداية، أم تكرار التجاور. وإن كان التكرار الصوتي وتكرار البداية (عموديًا وأفقيًا) هما الأكثر حضورًا في نصوصه الشعرية. وقد تميزت أشعار الشاعر لسان الدين بن الخطيب بجملة من الدلائل منها:

-      استثمار بعض تقنيات التكرار (تكرار الحرف، تكرار الكلمة، تكرار العبارة، تكرار البداية، تكرار التجاور) مع الاستفادة منها في نصوصه الشعرية.

-      استخدام التكرار وفقًا لما اقتضاه المعنى وتطلَّبه المضمون بوصفه وسيلة لإيصال أفكاره ومشاعره، لتوضيح المعاني وتوصيلها إلى المتلقي.

-      استطاع الشاعر أن يحافظ على المطلب الصوتي والموسيقي المرجو منه في التكرار.

-      تحقيق وظائف جمالية متعددة، أهمها توظيف البنية اللغوية المكررة.

-      تحقيق الانسجام النصي على المستويين الدلالي والموسيقي، وإحكام العلاقة بين أجزاء النص.


 

المراجع

أولًا: العربية

ابن الأثير، نصر الله بن محمد. المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر. تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، بيروت، 1420هـ.

ابن منظور، محمد بن مكرم بن علي. لسان العرب. دار صادر، بيروت [د.ط.ت].

ابن الخطيب، لسان الدين. الديوان. تحقيق محمد مفتاح، دار الثقافة، الدار البيضاء، المغرب، ط2، 2007م.

أنيس، إبراهيم. موسيقى الشعر. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ط 5، 1978م.

بوراوي، مليكة. "بلاغة التكرار في مراثي الخنساء". مجلة العلوم الإنسانية، مارس 2006م.

حني، عبد اللطيف. "نسيج التكرار بين الجمالية الوظيفية في شعر الشهداء الجزائريين ديوان الشهيد الربيع بوشامة نموذجًا". مجلة علوم اللغة العربية وآدابها، كلية الآداب واللغات، جامعة الوادي، الجزائر، ع4، مارس 2012م.

ربابعة، موسى. "التكرار في الشعر الجاهلي ـ دراسة أسلوبية". مجلة موتة للبحوث والدراسات، مج5، ع1، 1990م.

السيد، عزالدين علي. التكرير بين المثير والتأثير. عالم الكتب، ط3، 1986م.

شعلان، رشيد. البنية الإيقاعية في شعر أبي تمام. رسالة ماجستير، جامعة عناية، 1993م.

الصائغ، عبد الإله. الخطاب الشعري الحداثوي والصورة الفنية. المركز الثقافي العربي، بيروت، ط1، 1999م.

الصكر، حاتم. كتاب الذات ـ دراسة في وقائعية الشعر. دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط1، 1994م.

عاشور، فهد ناصر. التكرار في شعر محمود درويش. دار الفارسي للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط1، 2004م.

عباس، حسن. خصائص الحروف العربية ومعانيها. منشورات اتحاد الكتاب العرب، 1998م.

عبد الرحمن، ممدوح. المؤثرات الإيقاعية في لغة الشعر. دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1994م.

علي، عبد الرضا. الإيقاع الداخلي في قصيدة الحرب. دار الحرية للطباعة، بغداد، العراق، 1984م.

الغرفي، حسن. حركية الإيقاع في الشعر العربي المعاصر. أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2001م.

 كنون، عبد الرحيم. من جماليات إيقاع الشعر العربي. دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، المغرب، ط 1، 2002م.

محمد، محمود. الأصوات العربية بين اللغويين والقراء. المدينة المنورة، مكتبة دار الفجر الإسلامية، 1998م.

المدني، علي بن نظام الدين بن معصوم. أنوار الربيع في أنواع البديع. تح شاكر هادي شكري، مطبعة النعمان، النجف الأشرف، 1968م.

الملائكة، نازك. قضايا الشعر المعاصر. منشورات مكتبة النهضة، ط3، 1967م.

النووي، محمد جواد. فصول في علم الأصوات العربية. مطبعة النصر التجارية، نابلس، ط1، 1991م.

هلال، ماهر مهدي. جرس الألفاظ في البحث البلاغي والنقدي. دار الرشيد للنشر، بغداد، 1980م.

الورقي، السعيد. لغة الشعر الحديث مقوماتها الفنية وطاقاتها الإبداعية. دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، ط3، 1984م.

اليافي، نعيم. "حروف القرآن - دراسة دلالية في علمي الأصوات والنغمات". مجلة الفيصل، ع102، السنة التاسعة، 1405هـ/1985م.

ثانيًا: الأجنبية

References:

Abbās, Ḥasan. Kaṣā᾿iṣ al-Ḥurūf al-Arabiyyah Wa Maʽānῑhā (in Arabic). Manshūrāt Ittiḥād al-kuttāb al-Arab, Dimashq, 1998.

Abdul-Raḥmān, Mamdūḥ. al-Mu᾿aththirāt al-Īqāʽiyyah Fῑ Lughat al- Shiʽr (in Arabic). Dār al-Maʽrifah al-Jāmiʽiyyah, al-Iskandariyyah, 1994.

al- Ṣakr, Ḥātim. Kitāb al-Dhāt: Dirāsah Fῑ Waqā᾿iʽiyyat al-Shiʽr (in Arabic). Dār al-Shurūq, Ammān, 4th ed., 1994.

Al-Gharfῑ, Ḥasan. Ḥarakiyyat al-Ibdāʽ Fῑ al-Shiʽr al-Arabῑ al-Muʽāṣir (in Arabic). Afrῑqiā al-Sharq, al-Dār al-Baiḍā, 2001.

Al-Madanῑ, Alῑ b. Niẓām-al-Dῑn b. Maʽṣūm. Anwār al-Rabῑʽ Fῑ Anwāʽ al-Badῑʽ (in Arabic). ed. Shākir Hādῑ Shukrῑ, Maṭbaʽat al-Nuʽmān, al-Najaf al-Ashraf, 1968.

Al-Malā᾿ikah, Nāzik. Qaḍāyā al-Shiʽr al-Muʽāṣir (in Arabic). Manshūrāt Maktabat al-Nahḍah, 3rd ed., 1967.

Al-Nawawῑ, Muḥammad Jawād. Fuṣūl Fῑ Ilm al-Awṣāt al-Arabiyyah (in Arabic). Maṭbaʽat al-Naṣr al-Tijāriyyah, Nāblis, 1st ed., 1991.

Al-Ṣā᾿igh, Abdul-Ilāh. al-Khiṭāb al-Shiʽrῑ al-Ḥadāthawῑ Wa al-Ṣūrah al-Faniyyah (in Arabic). al-Markaz al-Thaqāfῑ al-Arabῑ, Beirut, 1st ed., 1999.

Al-Saiyid, Izz-al-Dῑn Alῑ. al-Takrῑr Bain al-Muthῑr Wa al-Ta᾿aththur (in Arabic). Ālam al-Kutub, Cairo, 3rd ed., 1986.

Al-Waraqῑ, al-Saʽῑd. Lughat al-Shiʽr al-Ḥadῑth Muqawwimātuhā al-Fanniyyah Wa Ṭāqātuhā al-Ibdāʽiyyah (in Arabic). Dār al-Nahḍah al-Arabiyyah, Beirut, 3rd ed., 1984.

Al-Yāfῑ, Naʽῑm. "Ḥurūf al-Qur᾿ān: Dirāsah Dilāliyyah Fῑ Ilmai al-Aṣwāt Wa al-Naghamāt" (in Arabic). Majallat al-Faiṣal, No.102, 1985.

Alῑ, Abdul-Riḍā. al-Īqāʽ al-Dākhilῑ Fῑ Qaṣῑdat al-Ḥarb (in Arabic). Dār al-Ḥurriyah, Baghdād, 1984.

Anῑs, Ibrāhῑm. Musῑqā al-Shiʽr (in Arabic). Maktabat al-Anglū al-Miṣriyyah, Cairo, 5th ed., 1987.

Āshūr, Fahd Nāṣir. al-Takrār Fῑ Shiʽr Maḥmūd Darwῑsh (in Arabic). Dār al-fārisῑ, Ammān, 1st ed., 2004.

Būrāwῑ, Mlaikah. "Blāghat al-Takrār Fῑ Marāthῑ al-Khansā᾿" (in Arabic). Majallat al-Ulūm al-Insāniyyah, March 2006.

Hilāl, Māhir Mahdῑ. Jars al-Alfāẓ Fῑ al-Baḥth al-Balāghῑ Wa al-Naqdῑ (in Arabic). Dār al-Rashῑd, Baghdād, 1980.

Hanῑ, Abdul-Laṭῑf. "Nasῑj al-Takrār Bain al-Jamāliyyah al-Waẓῑfiyyah Fῑ Shiʽr al-Shuhadā᾿ al-Jazā᾿iriyῑn: Dῑwān al-Shahῑd al-Rabῑʽ Būshāmah Namūdhajan" (in Arabic). Majallat Ulūm al-Lughah al-Arabiyyah Wa Ādābihā, Kulliyat al-Ādāb Wa al-lughāt, Jāmiʽat al-Wādῑ, al-Jazā᾿ir, No.4, March 2012.

Ibn al-Athῑr, Naṣrullāh b. Muḥammad. al-Mathal al-Sā᾿ir Fῑ Adab al-Kātib Wa al-Shāʽir (in Arabic). ed., Muḥammad Muḥyῑ-al-Dῑn Abdulḥamῑd, al-Maktabah al-Aṣriyyah, Beirut, 1420AH.

Ibn Al-Khaṭῑb, Lisān-al-Dῑn. al-Dῑwān (in Arabic). ed. Muḥammad Miftāḥ, Dār al-Thaqāfah, al-Dār al-Baiḍā, 2nd ed., 2007.

Ibn Manẓūr, Muḥammad b. Mukarram b. Alῑ. Lisān al-Arab (in Arabic). Dār Ṣādir, Beirut.

Kannūn, abdul-Raḥῑm. Min Jamāliyyāt Īqāʽ al-Shiʽr al-Arabῑ (in Arabic). Dār Abῑ Raqrāq, al-Ribāṭ, 1st ed., 2002.

Muḥammad, Maḥmūd. al-Aṣwāt al-Arabiyyah Bain al-Lughawiyῑn Wa al-Qurrā᾿ (in Arabic). Maktabat Dār al-Fajr al-Islāmiyyah, al-Madῑnah al-Munawarrah, 1998.

Rabābʽah, Mūsā. "al-Takrār Fῑ al-Shiʽr al-Jāhilῑ: Dirāsah Uslūbiyyah" (in Arabic). Majallat Mu᾿tah Li al-Buḥūth Wa al-Dirāsāt, vol.5, No.1, 1990.

Shaʽlān, Rashῑd. Al-Biniyah al-Īqāʽiyyah Fῑ Shiʽr Abῑ Tammām (in Arabic). Risālat Majistair, Jāmiʽat Innābah, 1993.