تاريخ الاستلام:17 ديسمبر 2022

تاريخ التحكيم: 01 يناير 2023

تاريخ القبول: 26 يناير 2023

سيمياء الذات في شعر سعاد الكواري

 رودان أسمر مرعي

 مدرّس في قسم اللغة العربية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة الفرات، سوريا

dr.rodanm@gmail.com

ملخص

مرت السيميائية بوصفها منهجًا لقراءة مختلف أنواع الخطاب بمرحلتين: مرحلة الحداثة (العمل)، ومرحلة ما بعد الحداثة (المشاريع)، وكثرت الدراسات التطبيقية لسيمياء العمل، ولم تكن كذلك لمرحلة المشاريع إلّا في جانب دراسة الأهواء، أما سيمياء الذات وسيمياء التوتّر فقلّما نجد لهما مقاربات تطبيقية. ولمشروع سيمياء الذات - كما جاء على يد جان كلود كوكي Jean Claude Coquet برامجه وإجراءاته التي تدرس الذات المتلفظة، والذات الإدراكية، والذات الحاضرة، والذات الغائبة، وشبه الذات، من خلال تبيان كفاءتها واستقراء جهاتها (القدرة، المعرفة، الإرادة، الرغبة، الواجب)، واستجلاء القوانين السيميائية التي تتحكم بها في سياقَي اتّصالها وانفصالها عن موضوعها.

ويسعى هذا البحث إلى مقاربة الذات في شعر سعاد الكواري مقاربة سيميائية؛ إذ إنّها تشكّل بؤرة مركزية تشعّ منها إبداعاتها الشعريّة وتدور في فلكها، الأمر الذي جعلها موضع عناية هذه الدراسة التطبيقية التي تعتمد المنهج السيميائي في معطياته ما بعد الحداثية.

الكلمات المفتاحية: سيمياء، الذات، سعاد الكواري، جان كلود كوكي، ما بعد الحداثة

 

للاقتباس: مرعي، رودان أسمر. «سيمياء الذات في شعر سعاد الكواري»، مجلة أنساق، المجلد السابع، العدد 1 (2023)، عدد خاص عن «الأدب القطري»

© 2023، مرعي، الجهة المرخص لها: دار نشر جامعة قطر. تم نشر هذه المقالة البحثية وفقًا لشروط Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0). تسمح هذه الرخصة بالاستخدام غير التجاري، وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه، مع بيان أي تعديلات عليه. كما تتيح حرية نسخ، وتوزيع، ونقل العمل بأي شكل من الأشكال، أو بأية وسيلة، ومزجه وتحويله والبناء عليه؛ طالما يُنسب العمل الأصلي إلى المؤلف.

 


 

Received: 17 December 2022

Reviewed: 01 January 2023

Accepted: 26 January 2023

Self-Semiotics in the Poetry of Souad Al-kuwari

Rodan. A. Murai

Department of Arabic, Faculty of Arts and Humanities, Al Furat University–Syria

dr.rodanm@gmail.com

Abstract

Semiotics, as a method of reading different types of discourse, went through two stages: the stage of modernity (work) and the stage of postmodernity (projects). The self-semiotic project, as stated by Jean Claude Coquet, has its programs and procedures that study the articulated self, the perceptive self, the present self, the absent self, and the quasi-self, by demonstrating its competence and extrapolating its aspects (ability, knowledge, will, desire, duty). In addition to the elucidation of the semiotic laws that control it in the contexts of its connection and its separation from its subject.

This research seeks to approach the self in Souad al-Kuwari’s poetry in a semiotic method, as it constitutes a central focus from which her poetic creativity radiates and revolves in its orbit, which made it the subject of attention for this applied study, which adopts the semiotic approach in its postmodern data.

Keywords: Semiotics; Self; Souad Al-kuwari; Jean Claude Coqui; Postmodern

 

 

Cite this article as: Murai, Rodan. A. "Self- Semiotics in the Poetry of Souad Al-kuwari," Ansaq, Vol. 7, Issue 1 (20223), Special Issue on "Qatari Literature"

© 2023, Murai, licensee QU Press. This article is published under the terms of the Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0), which permits non-commercial use of the material, appropriate credit, and indication if changes in the material were made. You can copy and redistribute the material in any medium or format as well as remix, transform, and build upon the material, provided the original work is properly cited.

 


 

مقدمة

موضوع البحث:

الذات الإنسانية هي النواة التي تدور في فلكها أحداث الوجود وكائناته، وهي مركز عمليات تواصله واتّصاله، وهي معجم مصطلحات علومه وفنونه ومهامه، وهي التي تعطي العالم من حولها قيمته، وتثمّن أشياءه، فالذات «هي بؤرة هذا العالم؛ منها يبدأ الخلق، وفيها تهمهم كلمة السر، وإليها ينتهي تطواف العالم وعطشه، إليها تنتهي مرحلة السعي والعذاب المستديم، لا شيء يسبقها، فهي الأصل والولادة والمنبع والمصبّ» (بوطيب 102)؛ فإذا كانت هذه الذات متناغمة مع محيطها، متآلفة مع أناسه، لا تُغمَط حقوقها، ولا تُنتَقص كرامتها، ولا تُدَّنّى مكانتها، أخذ العالم من حولها تراتبيته المعهودة، وسرت نواميس الحياة فيه مسراها الطبيعي المألوف، ونزلت أشياؤه منازلها الفطرية دونما أدنى إزاحة، وهذا ديدن الحياة الطبيعية في المجتمع وهذا هو ناموس الخلق. غير أنّ هذه المنظومات المعيشية سرعان ما تتغيّر معدّلاتها، وتنزاح عن مساقاتها ومجاريها عندما تصاب الذات بخطل ما، أو يطغى عليها طاغ ممّا تعايشه وتعيش فيه.

وتزداد أهميّة الأثر والتأثير في الذات بازدياد حساسيتها، ورهافتها، وقدرتها على التفاعل الإبداعي، فالذات الشاعرة هي الذات القادرة على صوغ انفعالاتها، واضطراباتها، وحوامل النفس، وتصعيد آلامها، وعذابها عبر طاقة إبداعية خلاقة تستطيع من خلالها التأثير فيمن حولها، وتعمل على تجديد مفاهيم مجتمعها فتهذبها، وتشذبها، وتعيد صياغة ثقافة المجتمع بما فيه النفع والخير للفرد والجماعة. من هنا اتخذ هذا البحث الذات موضوعًا له.

إشكالية البحث:

تتأتى إشكالية البحث من جوانب عدّة تتمثّل بالأمور الآتية:

-      كونه يدرس الذات الإنسانية وكينونتها في سياقها النفسي الذي تجليه اللغة الشعرية في قصيدة النثر.

-      كون الدراسات السيميائية للذات قليلة، ولا سيما في المجال التطبيقي.

-      مشروع جان كلود كوكي Jean Claude Coquet حول سيمياء الذات لم تعطه الترجمات العربية حقّه؛ ولذلك اعتمد البحث ما جاء في أعمال الباحث جميل حمداوي.

-      قلة المصادر حول دراسة الذات سيميائيًا في شعر سعاد الكواري بالرغم من كثرة الدراسات التي تناولت شعرها.

أسئلة البحث:

ينطلق البحث في معالجته لموضوعه من مجموعة تساؤلات تبدأ تدريجيًّا من اختبار المقولات السيميائية ومصطلحاتها؛ هل يمكن للسيمياء أن تتناول مختلف الموضوعات؟ ومن ثم هل نجحت الإجراءات التي اقترحها كوكي لدراسة الذات سيميائيًّا؟

الدراسات السابقة:

كثرت الدراسات السيميائية وتعددت موضوعاتها، غير أنها في الأعم الأغلب تتناول سيمياء العمل (الدلالة، التواصل، الثقافة)، وبنسبة أقل سيمياء الأهواء، أما سيمياء الذات وسيمياء التوتر، فلا تكاد توجد دراسة واحدة متكاملة وواضحة إذا ما استثنينا الدراسة النظرية التي يقدمها كتاب «الاتجاهات السيميوطيقية: التيارات والمدارس السيميوطيقية في الثقافة الغربية» لجميل حمداوي، التي كانت أساس هذا البحث.

فرضية البحث:

تقوم سيمياء ما بعد الحداثة على مشاريع تجاوزت بأدواتها وبرامجها ما طرحته سيمياء الحداثة وما أسست له، ومن ذلك: سيمياء الأهواء، والذات، والتوتر. ويفترض هذا البحث أن مقولات سيمياء الذات التي قدمت مشروعها النظري هي مقولات جاهزة للتطبيق.

تشكّل الذات في شعر سعاد الكواري بؤرة مركزية تشعّ منها إبداعاتها الشعريّة وتدور في فلكها، الأمر الذي جعلها موضع عناية هذه الدراسة التطبيقية التي تعتمد المنهج السيميائي في معطياته ما بعد الحداثية، ويفترض البحث أنّ البرامج الإجرائية التطبيقية لسيمياء الذات تقدّم أدوات ناجعة في استجلاء أبعاد الذات وجهاتها في المنجز الشعري المدروس.

1.     في السياق النظري

لعلّ السيميائية من أحدث المناهج النقدية، وأقدمها في آن معًا، ففي تقديمه لكتابه «معجم السيميائيات» يقول فيصل الأحمر: «بما أن السيميائيات تهتم بكل مظاهر السلوك الإنساني، من أبسطها إلى أكثرها تعقيدًا، فالأكيد أن النشاط السيميائي مرتبط بظهور الإنسان على وجه الأرض» (21). وقد مرّ هذا المفهوم بأطوار كثيرة، عبر مسيرة الحضارة الإنسانية حتى انتهى إلى مصطلح شائك في الفكر والنقد، وفي كتاب «السيميائية، مدرسة باريس» يقرّ المؤلف بأنّ الحديث في السيميائية يجري في اتجاهات مختلفة وبلا تمييز. (كوكي 19).

انطلقت السيمياء في إهاب الحداثة، فأطلقت مرحلة المكاسب التي استقتها من الدراسات اللسانية والبنيوية والأنثروبولوجية، ولا سيما مقولات فردينان دوسوسير Ferdinand de Saussure وشارل سندرس بيرس Charles Sanders peirce، وما تفرع عنها من مدارس لسانية ولغوية، فضلًا عن الفلسفة الظاهراتية وأطيافها، والمدرسة الشكلانية الروسية، فكانت مدرسة باريس السيميائية في مرحلتها الكلاسيكية، وهي ما عرفت سيميائيتها بسيمياء العمل التي وصفت بتجريدها ومنطقها الجاف وجاءت مغرقة في موضوعيتها؛ إذ إنها تدرس حالة الأشياء، «وتهدف إلى تحليل الخطاب بحثًا عن البنى العميقة الثاوية، واستجلاء تجلياتها السطحية والظاهرة عبر المسارين: السردي والتوليدي» (حمداوي 106)، وبذلك تكون قد غيبت الجانب الذاتي وما يرتبط به من مشاعر وأحاسيس وانفعالات نفسية، و«هكذا، فإن مرحلة الستينيات، مرحلة المكاسب، التي شكل علم الدلالة البنيوي أساسها النظري الأبستمولوجي، تحتاج دائمًا إلى أبحاث أخرى لإيضاح ما غمض منها، أو تفصيل ما أجمل، أو تعميق ما سطح منها، أو تأويل ما اشتبه منها» (بادي 291)، ثم ما لبثت أن طورت أدواتها منتقلة إلى مرحلة (ما بعد الحداثة) التي عرفت بمرحلة المشاريع؛ إذ تأسست على المرحلة السابقة مطلقة مشاريعها التي «انفتحت على الذات والمرجع والانفعالات والجسد والتوتر والتأويل، فظهرت السيميوطيقا الذاتية مع جان كلود كوكي Jean Claude Coquet، وسيميوطيقا الأهواء مع جاك فونتاني Jacques Fontanille وغريماس A. J. Greimas، وسيميوطيقا التوتر مع جاك فونتاني وزلبربيرج Zilberberg» (حمداوي 106).

وقد أفاد مشروع سيميائيات الأهواء من الظاهراتيين (الفينومينولوجيين)، الذين ربطوا بين الذات الشعورية وعالم الأشياء إدراكًا ومقصدية، كما تجلّى ذلك عند هوسرل E. Husserl وميرلوبونتي Merleau Ponty.M، ويبدو تأثر روادها بميرلوبونتي، حينما حاولوا الربط بين الشعور وإدراك العالم ضمن علاقة تواصلية تفاعلية. وبتعبير آخر يتوسط الجسد الاستهوائي الذات وعالم الأشياء، وذلك عن طريق تشغيل الحواس لإدراك العالم وتحديد مقصدية الذات، ومن هنا يتم الحديث عن الانتقال من حالات النفس إلى حالات الأشياء. كما أفاد مشروع سيمياء التوتر من فينومينولوجيا هوسرل Husserl؛ إذ استمد منه مجموعة من المفاهيم التي تأسّس عليها.

وتظهر الذات مركزًا للاشتغال على هذه المشاريع السيميائية، وقد خصصت الدراسات السيميائية مشروعًا خاصًا بها، جاء على يد جان كلود كوكي Jean Claude Coquet. يسعى هذا المشروع إلى «دراسة الذات الحاضرة في علاقتها بالذات الغائبة أو شبه الذات» (حمداوي 107). ومن ثمّ إلى «استجلاء القوانين السيميوطيقية التي تتحكم بالذات على مستويي التلفظ والإدراك، وبيان علاقة هذه الذات بعالم الأشياء على مستوى الإدراك مضمونًا وتعبيرًا» (حمداوي 107). ويعمل هذا المشروع على تبيان العلاقات بين الذات والموضوع ذي القيمة؛ وعلى تحديد أنماط الذات في النص؛ فالذات التي تمتلك هذه الجهات هي الذات الحاضرة، والذات التي لا تمتلك شيئًا منها هي الذات الغائبة، لأنها تفتقد قدرة الحكم والتقويم، أمّا «شبه الذات فهو عامل يتنقّل من الوعي إلى اللاوعي ويتصرّف من غير وعي؛ ولكنه يسترجع وعيه بسرعة حين يعي حركاته» (حمداوي 115)، ويجعل للذات من وجهة أخرى نوعين: الذات المتلفظة، والذات الإدراكية، ويحدّد «بنية عاملية ذات علاقة ثلاثية العامل الأول يحيل على الذات الحاضرة، ويسمى بعامل الحكم والتقويم، أو يحيل على الذات الغائبة التي تسمى بالعامل الوظيفي أو العامل الهووي؛ والعامل الثاني يتعلق بالموضوع؛ والعامل الثالث يتحدد بالسلطة والقدرة، وهو قريب من مفهوم المستقبل» (حمداوي 112).

أما على المستوى الإجرائي فقد حدد مشروع جان كلود كوكي Jean Claude Coquet مجموعة من الإجراءات المنهجية التي تستند إليها السيميوطيقا الذاتية في تحليل الخطاب، «وتتكون من أربعة مكونات: إجراء الأساس (الجسد)، وإجراء التقويم والحكم (العقل)، وإجراء المحايثة (القوى الداخلية)، وإجراء التعالي (القوى الخارجية). والمقصود من هذا كله أن الإجراء الأول يتعلق بمسار إدراك الظواهر بواسطة الجسد، وإجراء التقويم الذي يقوم على الاستدلال العقلاني أو البرهنة الذهنية، وإجراء المحايثة الذي يرصد القوى الداخلية (الأهواء والانفعالات)، وإجراء التعالي الكوني أو الرمزي الذي يتعلق بالقوى الخارجية المؤثرة في إجراء الأساس (الجسد)» (حمداوي 120).


ويمكن تلخيص هذه الإجراءات بالخطاطة الآتية:

 

الشكل (1)

وتأسيسًا على ما قدمه مشروع كوكي وعلى جهات الذات وفقًا لغريماس، تُدرس الذات بوصفها علامة متحوّلة في سياقات تحركها، وعاملًا في بنية السيميوزيس (سيرورة الدلالة) الذي تكونه مع موضوعها القيّم، تتغيّر أدواره وفقًا لجهاتها، وتوجّهَي الانفصال والاتصال مع الموضوع، وموقعها منه وتأثرها وتأثيرها بالقوى الداخلية والخارجية قياسًا لها. وتجدر الإشارة إلى أنّنا سنفيد في هذه الدراسة من مصطلحات سيمياء الدلالة وهي إحدى سيميائيات الحداثة التي وظّفت فكرة التمفصل المزدوج للغة، يوضّحه رولان بارت Roland Barthes عبر مفهومي التعيين والتضمين المأخوذين عن يالمسليف Hjelmslev على النحو الآتي (توسان 46):

دال التعيين

مدلول التعيين

دال التضمين

مدلول التضمين

الشكل (2)

وانطلاقًا من هذه المنظورات يقدّم هذا البحث مقاربة سيميائية للذات في شعر سعاد الكواري.

2.     في المستوى التطبيقي

تعدّ الشاعرة سعاد الكواري صوتًا من الأصوات الشعرية النسائية المتفرّدة في قطر، ولتجربتها الشعرية نغماتها الخاصة، ولا سيما أنها جاءت في مرحلة متطورة من مراحل الشعر الحديث، حيث تفتحت سبل المعرفة والعلم وامتدت في وسائل تكنولوجية متطورة، قطع فيها الشعر في قطر أشواطًا متقدمة، شقّ فيها الصوت النسائي طريقه وعرف المشهد الثقافي القطري شاعرات من مثل: الشاعرة حصة العوضي والشاعرة زكية مال الله، والأديبة الدكتورة كلثم جبر، وغيرهن. فلم يعد صوت المرأة شذوذًا عن الأصوات المبدعة للشعر، بقدر ما أضفى عليه تنويعًا وإثراء وسّع مساحته، وعزّز منجزه، وأكمل بنيانه، وأضفى عليه جماليات التجربة النسوية وخصوصيتها.

وتأتي فرادة التجربة الشعرية للشاعرة سعاد الكواري من اعتمادها نمطًا شعريًّا حديثًا - قصيدة النثر - من حيث شكل الشعر، ومعمارية القصيدة؛ أمّا من حيث المضمون فقد جعلت من تمحور الشعر حول الذات أساسًا لإطلاق الرؤيا الشعرية، فشعرها «إبراز لصراع الذات مع الموضوع، أو الأنا مع الآخر» (المنصوري 84)، ممّا ينمّ عن صدق التجربة، وحرارة معايشتها لها؛ إذ إنّ الانفعال الصادق هو أساس الشعر لدى أرباب المواهب الشعرية.

ولأنّها توغل في أعماق الذات المأزومة، تلجأ إلى استكشاف عوالمها الغامضة، متجاوزة المألوف، يخرج شعرها بنزعته النسوية الصارخة في وجه الاستلاب والقهر والخواء، وفي درجة أدنى هو عتاب غير مباشر لمن يحسنون الإصغاء في الخارج، فكثير من شعرها ما هو إلا «محاولة من الشاعرة للبحث عن صيغة توفيقية، ومصالحة مع الوقائع والأماني، بين الكائن في الخارج والكائن في الذهن» (المنصوري 84).

وبالعودة إلى المنهج السيميائي الذي اعتمدناه في دراسة الذات في تجربة الكواري الشعرية، نجد أنّ الذات في علاقتها بالموضوع تتموضع في حالين:

الأولى: حالة الاتّصال بالموضوع                            الثانية: حالة الانفصال عنه

                       ذ                       م                                                     ذ                           م

 

الشكل (3)

وإن للذات في مقولات سيمياء ما بعد الحداثة نمطين: نمط الذات المتلفظة، ونمط الذات المدركة. ولها أنطولوجيًّا من المنظور السيميائي ذاته - ثلاثة مظاهر أو ثلاث هيئات أو ثلاثة أدوار عاملية، هي: الذات الحاضرة، والذات الغائبة، وشبه الذات.

وهذه الأحوال، والأنماط، والمظاهر أو الهيئات تأخذ أبعادها من الكون النصّي عبر برامج ترصد حركتها، وكمونها، وتوترها، وتبلور تشكّلها، وتصنّف صفاتها وسماتها في سياق النص الشعري من خلال العناية «بدراسة تكييفات الذات الاستهوائية باستحضار منطق الجهات (القدرة، الإرادة، الرغبة، الواجب)» (حمداوي 122). ونضيف جهة أخرى هي جهة المعرفة.

2.1. البرامج الإجرائيّة لدراسة الذات

بما أن الذات لا تعمل في النص ولا تظهر فيه إلّا عبر قناة للفعل تتّصل بجهة من جهاتها، أو لردّة الفعل على مثير ما عبر قناة لهذه الجهات، واستنادًا على ما ذكرناه آنفًا من إجراءات كوكي السيميائية لدراسة الذات، كان لا بد من مراقبتها من خلال سيرورة المكوّنات الآتية:

1-     إجراء الأساس (الجسد): إدراك الظواهر بوسطة الجسد.

2-     إجراء التقويم والحكم (العقل): محاكمة الموضوع من قبل الذات.

3-     إجراء المحايثة (القوى الداخلية): الأهواء والانفعالات التي تكابدها الذات.

4-     إجراء التعالي (القوى الخارجية): المؤثرات التي تؤثّر في إجراء الأساس (الجسد).

وتعدّ هذه الإجراءات برامج مراقبة لكيفية تعبير الذات عن نفسها، تشكيلًا، وتوصيفًا، ومقاربةً، وأثرًا.

2.1.1. برنامج إجراء الجسد

تتبدّى الذات بالجسد؛ فهو غلافها وكيانها ومن خلاله تتواصل مع العالم من حولها، وتقيم علاقاتها مع الآخر، فالجسد هو العلامة المادّية للذات القارّة في أعماقه. فإذا ما كان الجسد دالًّا أيقونيًّا - «والأيقون أو الأيقونة (ICON) علامة مبنية على تشابه بينها وبين الشيء المحسوس الذي تشير إليه» (بوخاتم 200) - كانت الذات مدلولًا عليه.

إنّ الأبعاد الثقافيّة للذات بمظاهرها النفسيّة، والاجتماعيّة، والفكريّة، وما يلحق بها من مواقف واتجاهات وميول، وما يتبع ذلك من مكوّنات شخصيتها في الأوساط الاجتماعيّة - تمرّ عبر القنوات التي يترجمها الجسد، وبذلك يكون الجسد أيضًا قرينة للذات - والقرينة الإشارة (Indice) «تشير إلى موضوعها نتيجة لوجود ترابط ديناميكي بينها وبينه من جهة، وبينها وبين حواس الشخص من جهة أخرى» (بغورة 102) - أو علامة قرائنية تربط الذات بموضوعها وتدلّ عليه، وكثيرًا ما يرقى ليكون علامة رمزيّة - والرمز (Symbol): علامة «تشير إلى موضوعها من خلال الذهن والفكر الذي يستخدمها...، فالرمز لا معنى له في ذاته؛ بل يتحدد معناه فقط من قبل الذين يستخدمونه بطريقة اصطلاحية» (بغورة 102) - فالجسد هو المتلقي الأوّل لرسائل الخارج، والمرسل الأخير لبيانات الذات، وعلى أساسه تنجز الذات تواصلها بعالمها، أو انفصالها عنه.

من هنا يأتي التلفّظ بالجسد دالًّا أيقونيًّا مدلوله الذات بأحوالها المختلفة، ثمّ تأتي ألفاظ تعبّر عنه سواء من أجزائه أو مما يصاحبه ويُكنّي عنه أو يُستعار له، بوصفها دوالّ قرائنيّة مدلولاتها أحوال الذات وهيئاتها وصورها، ثمّ تأتي مفردات بوصفها دوالّ رمزية للجسد مدلولها الذات بأبعادها المتخفية.

وبناء على ما تقدّم، اتُّخِذَ الجسد بوصفه الإجراء الأساس للكشف عن ماهية الذات وتشكّلها وتوصيفها وتبيان أحوالها، ولا غرو في ذلك؛ إذ طالما شكّلت ثنائية (الجسد/ الذات) مفهوم الكائن الإنسانيّ، ودُرِسَت في إهابها مفاهيم تعامله، وبنت عليها العلوم الإنسانيّة مقولاتها، ونظرياتها، وتطبيقاتها.

فدوالّ الجسد مدلولات الذات، وإذ الشاعرة في معظم دواوينها تنعى ذاتها المغيّبة في ركام الأزمنة ومخلّفاتها بنزوع مازوشيّ يشتدّ تارة ويخبو أخرى، فإنّها تتوسّل لذلك معجم الجسد وملحقاته، وتخرج لغة ذلك المعجم على درجات متفاوتة، فتارة تسمي الشاعرة الجسد وتصرّح به بوصفه علامة أيقونيّة واضحة الدلالة، وترفعه إلى عتبة عنوان لقصيدتين؛ واحدة في ديوان «تجاعيد»، والثانية في ديوان «لم تكن روحي»، وتارة تضعه دالًّا لفظيًّا - في مستواه الأيقوني أو القرائني - في سياق النصّ الشعريّ، مثل قولها:

«هذا جسدي وهذه الطعنات

هذه العيون التي تتعقبني دون رحمة

هذه العيون التي تعرف جيدًا

كيف تعيدني إلى تابوتي المفتوح

 تعيدني وتغلق الأبواب خلفي» (باب جديد للدخول 32).

وقولها:

«أرمي جسدي من النافذة

أقذفه طعامًا لمشرط سفّاح محترف» (وريثة الصحراء 20).

وقولها:

«لماذا جاءت أناملك لتوقظني؟؟

لتمنحني الحب

وأنا بلا قلب

بلا جسد

بلا عاطفة» (وريثة الصحراء 26-27).

وقولها:

«لماذا لهيب السواد يمرّ بطيئًا على جسدي» (لم تكن روحي 19).

وقولها:

«وأغطي جسدي باللذة الجافة» (لم تكن روحي 40).

وقولها:

«تلك الأجرام السماوية التي تتساقط فوق

شعاب الروح، على هيئة أفواه، تلك

الهتافات التي تذبل في قلبي كأنها طعنات

طائشة، كأنها رعشات مرتبكة، تهز جسدي

هزات متتالية، فأبدو شاحبة كنسمة مأخوذة

برعشة التسكع، أنا والليل ورؤوس اللقالق

 نحط على مخدة الهلوسة.» (بحثًا عن العمر 8، 9).

وقولها:

«فأنا أملك ملامح صارمة وجسدًا عليلًا» (بحثًا عن العمر 50).

وقولها:

«كنا نجادل للإقامة

وسط أسوار الجسد» (لم تكن روحي 45).

وقولها:

«وأنا

 أدس السم للجسد

المريض لكي أنام» (لم تكن روحي 29).

وقولها:

«على جسدي معطف السنابل» (ملكة الجبال 27).

لكنّ لفظة «الجسد» لا ترقى لأن تكون الكلمة المفتاحية لشعرها؛ فيكاد القارئ لا يقف على تسمية الجسد وتكرار هذه اللفظة إلّا ما ندر، وكأن الذات المتلفظة تلتزم (تابوهات) المجتمع، فتغيّب الجسد وتكنّي عنه بما يصاحبه لغويًّا أو يدلّ عليه من أجزاء، وأفعال، وصفات، إلى ما هنالك من مكونات لعالمه، وترميز وإيحاء - الجسد في مستواه الرمزي - حيث سرّبت معجم الجسد في أبعاد كثيرة، منها:

·       استخدام اللغة الكنائية الاستعارية لمجالاته، وأمثلة هذا الاستخدام كثيرة جدًّا، منها:

«أقفز من ثقب الوصول

الخفافيش تزفّني إلى ذئب ضرير

طباشير الفصول تأخذ الطّعنة من أحضانها

....

وأقطف البسمة في مشانق الكحل

أمشط السنين السبع

.....

أهبط في أعماق جرحي

.....

خلف هذه العيون..

أمتطي ظهر الأفاعي والقميص المتهالك المعلّق..

....

والأرق الشاهر قدح الأقنعة يلسعني...» (تجاعيد 8 -12).

·       الألفاظ المعبّرة عن البعد الاجتماعي للجسد وعلاقاته (اللغة السوسيونصية):

«بحثًا عن العمر الضائع/ عن الأحلام

 .......

عن الأهل الذين لم أعش بينهم

عن الإخوة الذين لم أعرفهم

عن الأم التي لم أشعر بها

عن الأب الذي لا أذكره

....

عن الأطفال الذين ولدتهم ولم أجدهم

عن الأصدقاء الذين لا أعرفهم...» (بحثًا عن العمر 59).

وتظهر أزمة الذات من خلال نفي السياقات الاجتماعية لها، ولا سيما العلاقات الأولية منها: الأهل: لم أعش بينهم، الإخوة: لم أعرفهم، الأم: لم أشعر بها، الأب: لا أذكره، الأطفال الذين ولدتهم: لم أجدهم، الأصدقاء: لا أعرفهم.

·       الألفاظ المعبّرة عن مراحل العمر وعلاقة الجسد بالزمن:

«عن الماضي

عن الحاضر

عن الطفولة التي لم أعشها

عن الصبا الذي لم أمر بمرحلته

عن العمر الذي يمضي مندفعًا نحو النهاية» (بحثًا عن العمر 59)،

«منذ الولادة

أبحث عني» (لم تكن روحي ص16)

وبذلك يصبح للكنائي الجسدي والاستعاري منه وله ولعلاقاته الأخرى، تمفصل مزدوج في إبداع الشاعرة للتعبير عن ذاتها يمكن توضيحه على هذا النحو:

دال التعيين: لغوي

طعنة

مدلول التعيين: جسدي

الجرح

 

دال التضمين: جسدي

جراح وتمزّق

مدلول التضمين: ذاتي

عذاب وانشطار للروح

الشكل (4)

فالأدلة (العلامات اللغوية المنوطة بمعجم الجسد) تشير إلى المعاني التقريرية (معاناة الجسد وأدواره الدرامية)، التي تكون بدورها مرافقة للمعاني الإيحائية (معاناة الذات وتشظيها)، وعلى هذا المنوال تُستقرَأ الذات المعذَّبة التي أضنتها تفاصيل الحياة؛ إذ لا تواصل مع آخر يساند الذات في أزمتها، بل يغدو هذا الآخر مبعث ألم، ولا مصالحة مع الزمن على اختلاف مراحل العمر، فالرؤيا الشعرية تصدر عن ذات تتمعدن بالألم والمعاناة، وتعبّر عن مسارب عذاباتها من خلال منظومة مبرمجة فينومينولوجيًا بالجسد.

2.1.2. برنامج إجراء التقويم والحكم (العقل) «محاكمة الموضوع من قبل الذات»

بدأنا بإجراء الأساس الذي يقوم على الإحساس بالمشكلة أو إدراك الموضوع ومعايشته والتعبير عنه، وننتقل إلى إجراء التقويم والحكم «أي كيف هو كائن الفعل، أي عملية تقيم للفعل» (إينو وآخرون 237)، وهذا الإجراء يحتاج إلى جهة ثانية من جهات الذات، وهي جهة المعرفة، التي يمكن للذات من خلالها أن تقيّم الموضوع، وتعبّر عن رأيها في أهميّته، وتبدي موقفها منه. ويصاغ هذا التوجّه في المجال السيميائي عبر مقولة - المؤوّل - و«المؤوّل [interpretant] ليس هو من يؤوّل العلامة، إنه علامة تحيل ممثلًا على موضوعه» (دولودال 30). فالذات هي ما تحيل عليه علامة (الممثل = الجسد) في معاناتها (الموضوع = المعاناة)، وترتقي هذه الذات في مدارج الدلالة من مؤوّل أوّلي (مباشر [immediate]) - وهذا يعني دلالة الجسد مباشرة على الذات وتعبّر عنه الذات من جهتها الانفعالية [emotional] - إلى مؤوّل حيوي (دينامي [dynamique])؛ حيث تتكشّف دلالة آلام الذات وتُدرك ذهنيًّا من خلال مكابدات الجسد، وتعبّر عنه الذات من جهة فاعليتها [energetic] إلى مؤوّل عادي[normal] مُدرَك من قبل كل ما يقع خارج الذات (المجتمع)، أي (مؤوّل نهائي [final]) وقد اكتسبته الذات من خلال تجربتها، وتعبّر عنه الذات من جهتها المنطقيّة [logical] (دولودال 31).

إجراء الأساس: جهة انفعالية

جسد (علامة ممثل)

ذات (مؤول مباشر)

إجراء التقويم: جهة منطقية

جسد (مؤول: دليل)

ذات (مؤول نهائي)

إجراء المحايثة: جهة انفعالية

جسد (علامة موضوع)

ذات (مؤول دينامي)

إجراء التأثير/التعالي: جهة الفاعلية

الجسد والذات (موضوع)

ذات (مؤول دينامي)

الجدول (1)

تظهر الذات الرافضة للواقع المنوط بها، ولا تفتأ تندّد به، وبعلاقاته، وموجوداته، فتنسحب منه إلى عالم بديل عبر آليات الدفاع عن الأنا؛ لكن بنزوع مازوشي تلح عليه وتلتذّ به، موظّفةً الدفقات الحلميّة:

«في رماد الحلم اختبأتْ صورة وهيئة

فلبست الحلم

قلت لسفينته المبحرة في قلبي

انتظري لحظة واحدة

ربما أستعيد ذاكرتي وأمضي

ربّما أدخل جنّة الحلم» (باب جديد للدخول 40)،

لإعادة تشكيل معجم شعري خاص بأوجاع الذات وأوضاعها. فهي تعرف أجواء الواقع المحيط بها، وقوانينه الصارمة التي لا تتوانى عن جلدها، وسحقها، والتآمر عليها:

«يسحقني كالغرور.. ملاك الموت

ويعجنني بالصّبار

يخبزني في فرن الوعي

واللعنة...» (تجاعيد 21).

والذات في معمعتها أدركت هذه الوقائع المأساوية التي تمزقها، وعايشتها معايشة مستمرة، مما حدا بها لأن تعطي تقييمها النهائي وتقرّ بأنّ ما تعانيه هو بفعل العرف الاجتماعي الخارج عن إرادتها أو قدرتها على تغييره، وهذه هي الوجهة المنطقية التي تقرّ بها الذات. لذلك نراها تستجيب بردّة فعل حادّة فتجعل من ذاتها مركزًا لعالمها الشعري، ونواة تدور في فلكها القصائد، والأحداث، والتيمات، لكن من خلال (سيناريو) الشكوى والمعاناة:

«أهبط في أعماق جرحي.. أخطف الوميض

....

أمتطي ظهر الأفاعي والقميص المتهالك المعلّق...» (تجاعيد 11).

 

 

 


 

الشكل (5)

إنّ تغييب جهة القدرة على الفعل أو المقاومة، يظهر ضعف الذات العارفة لواقعها، المتألمة منه، فعجزها يملي عليها الانسحاب من المجتمع:

·       الهروب: «أتسلّلُ من زئبق الوقت/ منهكة خطوتي/ أتسلّل هاربة...» (لم تكن روحي 5)، «فألقي في سنام البحر أشجاني/ وأمضي هاربة» (لم تكن روحي 89)، «أحاول أن أقفز للجهة الأخرى/ أحاول الهروب» (ملكة الجبال 50).

·       الانغلاق على الذات: العزلة والوحدة والتقوقع: «وحدي هنا/ هذا الزفير حطام نافذتي/.../ يفيق على منافي عزلتي/ وحدي هنا» (لم تكن روحي 81)، «وحيدةً وظلّي الأكثر منّي وحدةً» (وريثة الصحراء 26)، «أحنّط نفسي كهمس السنابل» (لم تكن روحي 49)، «وفراديسنا تتقوقع في ساحة من زجاج» (لم تكن روحي 63)، «يصبح العالم المتقوقع/ في تربة القلب/ كالرمح» (لم تكن روحي16).

ويأتي هذا الانسحاب من جهة واجب الذات نحو ذاتها، في سياق تحقيق حاجاتها الاجتماعية والإنسانية المتمثلة في حاجة تحقيق الذات، وحاجة احترام الذات، وحاجة الحب والانتماء، وحاجة الأمن والسلامة، فهي تحكم على أشياء الوجود والمجتمع وتحاكمها من جهة واجبها نحو ذاتها وتحصيل حقوقها في تأمين حاجاتها الأساسية والنمائية، وتطلق آلامها وصرخاتها في وجه الصدأ الاجتماعي الذي يلف كيانات التعايش والتعامل مع الذات الحساسة مطالبة بالانعتاق.

2.1.3. برنامج إجراء المحايثة (القوى الداخلية): الأهواء والانفعالات التي تكابدها الذات

تتحرّك الذات بوصفها الكيان النفسي العميق للإنسان وفقًا لبرنامج الأهواء التي تعصف بها، فإذا أمكن لنا قراءة الذات من خلال أهوائها، وانفعالاتها، وأزماتها النفسية نجد أنّ الذات الاستهوائيّة في شعر الشاعرة تُقرأ من حيزين؛ الأوّل: الأهواء والانفعالات التي تكابدها، والثاني: الحالات النفسيّة التي تعيش في أتونها. وبيان ذلك: أن قراءة المشاعر والعواطف والانفعالات تعطي صورة الذات الاستهوائيّة من الداخل، أمّا قراءة الحالات النفسيّة فتعطي صورة الذات وهيئتها من الخارج.

من الداخل: توصيف الأهواء والانفعالات والمشاعر التي تتماهى فيها الذات:

·       الخوف والفزع والقلق: «آه من لي بخوف لطفولة» (تجاعيد 52)، «أشعر بالخوف والقلق/ من أن أصطدم بحائط/ أو يصطدم بي ظلّك» (باب جديد للدخول 33)، «وفي صحراء الفزع الأسطوري/ أحتمي بحوائط مظلمة» (تجاعيد 102)، «أتسلّل من زئبق الوقت، أتسلّل هاربةً» (لم تكن روحي 5)، «حين يزلزلها خوفها» (لم تكن روحي 61).

·       الألم والوجع والقهر: «كالرمح/ يغسل/ شرياننا/ بالألم» (لم تكن روحي 16)، «أهبط في أعماق جرحي» (تجاعيد 11)، «أترنح كالشمع في هدأة الليل/ ثمّ أذوب على هضاب الوجع» (لم تكن روحي 5)، «أدفع قطعان قهري» (لم تكن روحي 16).

تهيمن المشاعر السلبية على الذات في داخلها، وتسيطر على وجدانها، وتتحكم بسلوكها ومواقفها، وطرائق تلقيها لقضايا حياتها، وردود أفعالها عليها، فتعيد ترتيب تصوّراتها وخيالاتها التي تمتح من صميم أوجاعها مصادر قوتها الشعرية، فتخرج الصور والانزياحات اللغوية بما يلائم انغلاق الذات على كونها الشعري:

من الخارج: توصيف الحالات النفسيّة ومقاربة هيئة الذات وصورتها:

التعب والإنهاك                  الذات المتعبة والمنهكة: «تحشرني أسماك هذا الليل/ في أجنحة مكسوة بالأمل الوهمي/ وغابات التعب» (تجاعيد 25)، «عندما فكرت بأن أغتال قوافل من تعبي» (تجاعيد 101)،

التيه والضياع                      الذات التائهة الضائعة: «بينما تاهت الروح» (بحثًا عن العمر 24)، «أتهيّأ للتيهان» (لم تكن روحي 16)، «أنا وظلّي كلانا يبحث عن الآخر/ كلانا ضائعان» (وريثة الصحراء 26).

الانكسار والتمزّق              الذات المنكسرة الممزّقة: «أفتح بهجة/ الكتمان/ للمأوى/ وأركع/ لانشطار الروح» (لم تكن روحي 88)، «وأطلق المخاض عندما يبدأ جوفي بالرجوع طائعًا للانكسار الأزلي» (تجاعيد 27).

وعلى هذا النحو نجد (ألبومًا) من الصور والهيئات السلبية، والأحوال المتردّية للذات المتشظّية ما بين الخيبة والفشل «أسابق طائر الخيبة» (باب جديد للدخول 15)، والحيرة «ولماذا قوافلهم تمتطي حيرتي؟» (لم تكن روحي 19)، والتوهّم «أن لا جدوى من الركض خلف شياطين الوهم» (ملكة الجبال 75)، «في أجنحة مكسوّة بالأمل الوهمي» (تجاعيد 25)، والاغتراب «فحيح الغبار يهبّ على غربتي» (تجاعيد 103)، والهذيان «أركب المصعد المتقاعس/ في هذيان لذيذ» ((لم تكن روحي 16)، والانسحاق «يسحقني كالغرور» (تجاعيد 21).

ومن خلال هذه اللقطات نستجمع لوحة فسيفسائية لصور تشظي ذاتها في تيمات موضوعاتها، تعطي استبيانًا واضحًا لإجراء المحايثة الانفعالية والاستهوائية للذات.

إنّ حركة الحدث الشعري الذي يبني الرؤيا لدى الشاعرة، تنتهي دائمًا لصالح السلب والنفي، ومعاني القهر، والقحط والاستلاب. وتوظّف معاجم متنوّعة لتكسب إبداعها إيقاعات صاخبة في المعمار الدرامي لفضاءاتها

«عم أبحث؟

أي معنى سوف تشكله من جديد

هذه الأحرف البالية

الجذور التي تنبت في خلايا جمجمتي

وتسقط على الأرض» (ملكة الجبال 117).

2.1.4. برنامج إجراء التعالي (القوى الخارجية)

لإكمال سيرورة هذه الدراسة لا بدّ من الوقوف على المؤثرات التي تؤثّر في إجراء الأساس (الجسد)، وتعيين آثارها فيه ومن ثمّ في الذات الشاعرة، فمن أين أتت هذه الإحباطات للذات؟ وكيف لها أن تتلقى تلك القوى الخارجية التي تطغى وتضغط عليها جسدًا وروحًا؟

والمدخل لقراءة هذا الإجراء هو جهة فاعلية الذات [energetic]، فهي تتلقى قوى خارجيّة تسجنها في عالمها الذاتي، فتبدي مقاومة نفسية تتمثّل بالتصعيد الفنّي (الإبداع الشعري)، تساميًا وتعاليًا عن التردّي تحت تأثير القوى الخارجيّة، والتي تريد جعلها في الدرك الأسفل للحياة وجحيمها.

إنّ الذات في سياق معاناتها من تلك القوى تؤوّل علاماته وإشاراته تأويلًا ديناميًّا متفاعلًا، فلكلّ منها مدلوله عندها، وهذا المدلول يترجم في المعجم الوجداني للذات بدالّ جديد يتناسب وعوالم الذات التخييلية الداخلية.

وهي لا تحيل تلك المؤثرات إلى مجتمعها، وما توراثته الأجيال من عادات وأعراف تغمط المرأة حقوقها المنشودة، بل تلبس تلك القوى الخارجية لبوسًا رمزيًّا شفيفًا، وتدرجه في سياقات غامضة مكسبةً شعرها أطيافًا تشويقيّة، ومن ذلك الترميز برموز توحي بالخطر المحدق بالذات وما يلحق بها الأذى من مثل: الوحوش «وحوش شاردة تثقب آفاق عطشي» (وريثة الصحراء 94)، الحية «يعذبني الشك في حية قيل تسكنه» (تجاعيد 50)، الأفاعي «أمتطي ظهر الأفاعي» (تجاعيد 11)، الحوت، ذئب، خفافيش «الخفافيش تزفّني إلى ذئب ضرير» (تجاعيد 8)، الحرباء «والحرباء أغرقت غزال الفرح الشارد» (تجاعيد 11)، شياطين «أن لا جدوى من الركض خلف شياطين الوهم» (ملكة الجبال 75)، حشرات «وصراصير صفراء باهتة قرب النبع...» (تجاعيد 80).

وتعمد الذات في سياق خطابها الشعري عبر نصوص دواوين الشاعرة إلى تغييب علامات تقنية في متن النص، ومثال ذلك: غياب الحوار، في إجلاء لفاعلية الذات بالمقاومة وردّ الفعل على تغييب القوى المحيطة بها لذاتها، والتقليل من وجود ضمائر الخطاب - إذا ما استثنينا ديوان باب جديد للدخول -، مقابل تعزيز ضمير المتكلم وتغليب سياق المفعولية - ياء المتكلم - على سياق الفاعلية؛ لتأكيد أثر تلك القوى الآتية من الخارج على الذات. وهذه العلامات اللغوية تأتي في السياق التقني؛ لتعميق السياق المعرفي، والتدليل على وعي الذات ومعرفتها لأسباب أزمتها ومصادر الطغيان عليها.

وبذلك تصبح القصيدة سجلًا لحالات الذات إذ توثّق هذيانها، أو حلم يقظتها، فتغدو أشبه بلغة الحلم أو الكابوس التي تعتمد آليات الانحراف أو الانزياح في ترجمة لغة الواقع المعيش، وتوظّف تقنيات تزيد من غموض النص الشعري، ومن ذلك: اعتماد الصورة السوريالية، والإبهام الشعري، والإسقاط، والترميز المذكور آنفًا، والأسطورة، وغير ذلك من أساليب التمويه والتخفّي.

وختامًا لبرامج الإجراءات، يمكن القول: إن الذات الشاعرة تبدّت في تجربتها الشعرية في ثلاثة مستويات: هي الذات الحاضرة؛ بفاعليتها وامتلاكها جهات الذات، واستحواذها على سيرورات التبئير في النصوص، والذات الغائبة؛ وذلك من خلال تصوير تشظيها وانسحاقها، وغيابها عن الواقع الاجتماعي، وتقوقعها في عوالمها الداخلية، وفقدانها للجهات التي تعبّر عن طاقاتها، وشبه الذات؛ إذ تتنقّل من الوعي إلى اللاوعي، وتتصرّف من غير وعي، ولكنها سرعان ما تسترجع وعيها من خلال إدراك ما يعتريها من استلاب ناجم عن قوى خارجية، وتبدي ردود أفعال تدلّ على امتلاكها لبعض جهات الذات.

فذاتها حاضرة في رفضها للواقع المعيش في صورته الخارجية وصبغته الاجتماعية القارّة، وخلخلتها لقوانينه وسننه - باعتبار أنا/ الشاعرة = الذات المؤلّفة -، وهي من خلال خطابها الشعري الذي يحدّد فاعلية الذات من جهة القدرة على صوغ همومها وآلامها وتصدّعاتها، وتحويلها إلى نصوص إبداعية قادرة على الردّ على الفعل الخارجي/ الاجتماعي المسيطر بما يقنعه ويسهم في تجديد سننه وقوانينه وأعرافه. ولا تكون هذه الصياغة الحجاجية المقنعة لمشكلة الذات صادرة عن الذات من دون جهتي الرغبة والإرادة، كما أنّها لا تخرج عن المتاح الذي لا يتعارض مع جهة الواجب؛ فتساميها الإبداعي غير محظور في المجتمع، وهي في الوقت ذاته تصون ذاتها ومجتمعها معًا في توجيه ثورتها نحو الداخل/ الذات. أمّا جهة الرغبة فلا أدلّ عليها من غزارة الصور الشفافة واللغة الشعرية الموحية التي ترجمت معاناة الذات وأوجاعها.

وأمّا الذات الغائبة فهي الذات الأنثى بهيئتها الجمعيّة التي تشكل جنس النساء في مجتمع يقوده الرجل. وهذه الذات هي الذات النصيّة باعتبار أنا/ الأنثى أو المرأة، وهي من خلال تأزّمها في المتن النصّي تزجّ بذاتها وطاقاتها في غياهب أحلامها ومتاهات أوهامها وهواجسها وخيالاتها، مكبّلة عاجزة عن الإفصاح عن جهة واحدة من جهات الذات الفاعلة.

وما بين المستويين؛ مستويي الحضور والغياب، نجد صورًا وحركات لشبه ذات تناضل في السياقات المختلفة لكونها الشعري؛ لإظهار جهة أو بعض الجهات لذاتها الأنثوية الصاعدة التي حققت في نهاية المطاف غايتها، وقالت كلمتها، وها هي ذا في الوقت الراهن صوتٌ ثقافيّ مرموق، وكيان إنسانيّ بارز، وكائن إبداعيّ متألق.

«ملكة الخيال أنا

أستطيع أن أخلق عالمًا من اللا شيء

وأعيشه

.....

كلّ ما في الأمر أنّني خلقت هذا الفضاء

لكي أستطيع الحياة

خلقت عالمًا متخيّلًا لكي أعيش» (بحثًا عن العمر 58-64).

ويمكن تحديد سيرورة دلالة الذات من حيث جهاتها ودورها العاملي وفقًا للجدول:

التيمة النصية

الدور العاملي

جهة الإرادة

جهة المعرفة

جهة الرغبة

جهة القدرة

جهة الواجب

أيتها المسافة.. امنحيني جناحيك كي أطير (ملكة الجبال 50).

ذات حاضرة

+

+

+

+

+

لم تكن روحي/ تلك التي سبقتني إلى حتفها/ كانت شيئًا آخر سكنني/ منذ الأزل (بحثًا عن العمر 24)         

 

ذات غائبة

 

-

 

-

 

-

 

-

 

-

من أي باب أدخل إليك

بعدما أغلقت الأبواب جميعها (باب جديد للدخول 32)

 

شبه ذات

 

+

 

-

 

+

 

-

 

-

الجدول (2)

وهذه التصنيفات للذات يُحدّدها الخطاب الذي تنتجه الذات المتلفظة، فمن المعروف «أن الذات تعبر عن المتكلم المتلفظ الذي يحضر في الخطاب عبر ملفوظات اندماجية - حسب إميل بنفينست Emile Benveniste - ويتم هذا الحضور التلفظي بواسطة ضمائر التكلم والحضور في الزمان والمكان، وتوظيف مجموعة من القرائن والمؤشرات الدالة على الاندماج كضمائر التكلم، والفعل المضارع الدال على الحضور، وضمائر التواصل (أنا/ أنت)» (حمداوي 144).

وقد بيّن إجراء المحايثة أنّ الذات المدركة أو الذات الإدراكية التي تحلّل أحاسيسها تجاه العالم الخارجي تتمثّل بالجسد الإدراكي، الذي يتفاعل مع المحيط ويجري آليات التواصل معه، ومن ثمّ يتيح للذات المتلفظة بالتعبير عما يدركه الجسد من خلال قيامها بعملية التلفظ، فهما (الجسد والذات) متكاملان في علاقتهما الترابطية مع العالم المحيط.

كما بيّنت البرامج الإجرائية متتالية أنّ السيمياء الذاتية «تدرس الذاتين: المتلفظة والإدراكية في تفاعلهما مع العالم الخارجي، بما فيه من أشياء، وأشكال، وزمان، ومكان. ومن ثم، فهي تدرس انفعالات الذات الداخلية على مستوى المضمون من ناحية، وتحلل أحاسيسها تجاه العالم الخارجي على مستوى التعبير من ناحية أخرى» (حمداوي 125).

خلاصة ونتائج

نستخلص أن الذات المدرِكة هي التي تكون على اتصال بموضوعها، حاضرة في تفاصيله من خلال ظواهر المعاناة والآلام التي يكابدها الجسد الإدراكي لدى سعاد الكواري، بينما تكون الذات المتلفظة منفصلة عنه قادرة على التحكم بتيماته وترتيبها وتركيبها في لغة شعرية أو في مسارد دراميّة تسرّع حركة السرد، أو مشاهد تُمسرح العلاقة مع الوجود من خلال إبطاء السرد الحكائي في القصيدة النثرية.


 

المراجع

أولًا: العربية

الأحمر، فيصل. معجم السيميائيات. منشورات الاختلاف، الجزائر، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت. 2010.

إينو، آن، جان كلود كوكي، ميشال آريفيه، جان كلود جيرو. السيميائية: الأصول القواعد التاريخ. ترجمة رشيد بن مالك، مراجعة وتقديم عز الدين المناصرة، منشورات الاختلاف، الجزائر، 2003.

بادي، محمد. «سيميائيات مدرسة باريس المكاسب والمشاريع - مقاربة إبيستمولوجية». مجلة عالم الفكر(السيميائيات). مج35، ع3، يناير-مارس، 2007.

بغورة، الزواوي. «العلامة والرمز في الفلسفة المعاصرة». مجلة عالم الفكر(السيميائيات). مج35، ع3، يناير-مارس، 2007.

بوخاتم، مولاي علي. مصطلحات النقد العربي السيماءوي الإشكالية والأصول والامتداد. منشورات اتحاد الكتاب العرب. دمشق. 2005.

بوطيب، عبد العالي. «الكتابة النسائية: الذات والجسد»، مجلة كتابات معاصرة، ع59، مج15، بيروت 2006.

توسان، برنار. ما هي السيميولوجيا؟. ترجمة محمد نظيف. إفريقيا الشرق، الدار البيضاء. ط1، 1994.

حمداوي، جميل. الاتجاهات السيميوطيقية التيارات والمدارس السيميوطيقية في الثقافة الغربية. [د.ن]، ط1، 2015.

دو لودال، جيرار. السيميائيات أو نظرية العلامات. ترجمة عبد الرحمن بوعلي. دار الحوار، اللاذقية، ط1، 2004.

الكواري، سعاد. ديوان «باب جديد للدخول». دار الشرق الدوحة، ط1، 2001.

–––. ديوان «بحثًا عن العمر». دار الكنوز الأدبية، بيروت، ط1، 2001.

–––. ديوان «تجاعيد». دار الشرق، الدوحة، ط1، 1995.

–––. ديوان «لم تكن روحي». دار الكنوز الادبية، بيروت، ط1، 2000.

–––. ديوان «ملكة الجبال». دار الشرق، الدوحة، ط1، 2004.

–––. ديوان «وريثة الصحراء». المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، الدوحة، ط1، 2001.

كوكي، جان كلود. السيميائية مدرسة باريس. ترجمة رشيد بن مالك، دار الغرب، وهران، الجزائر، 2003.

المنصوري، حصة. النسوية في شعر المرأة القطرية [ماجستير]. قسم اللغة العربية، كلية الآداب والعلوم، جامعة قطر، 2013- 2014.

ثانيًا: الأجنبية

References:

al-Aḥmar, Fayṣal. Muʻjam al-sīmiyāʼīyāt. (in Arabic), Manshūrāt al-Ikhtilāf, al-Jazāʼir, al-Dār al-ʻArabīyah lil-ʻUlūm Nāshirūn, Bayrūt. 2010.

al-Kawwārī, Suʻād. Dīwān «Bāb jadīd lil-dukhūl». (in Arabic), Dār al-Sharq al-Dawḥah, 1st ed., 2001.

–––. Dīwān «baḥthan ʻan al-ʻumr». (in Arabic), Dār al-Kunūz al-adabīyah, Bayrūt, 1st ed., 2001.

–––. Dīwān «lam takun Rūḥī». (in Arabic), Dār al-Kunūz al-adabīyah, Bayrūt, 1st ed., 2000.

–––. Dīwān «Malikah al-jibāl». (in Arabic), Dār al-Sharq, al-Dawḥah, 1st ed., 2004.

–––. Dīwān «Tajāʻīd». (in Arabic), Dār al-Sharq, al-Dawḥah, 1st ed., 1995.

–––. Dīwān «Warīthah al-ṣaḥarāʼ». (in Arabic), al-Majlis al-Waṭanī lil-Thaqāfah wa-al-Funūn wa-al-Turāth, al-Dawḥah, 1st ed., 2001.

al-Manṣūrī, Ḥuṣṣah. Al-niswīyahshiʻr al-marʼah al-Qaṭarīyah [Mājistīr] (in Arabic), Qism al-lughah al-ʻArabīyah, Kullīyat al-Ādāb wa-al-ʻUlūm, Jāmiʻat Qaṭar, 2013-2014.

Bādī, Muḥammad. «sīmyāʼīyāt Madrasat Bārīs al-Makāsib wa-al-mashārīʻ-muqārabah ibystmwlwjyh». (in Arabic), Majallat ʻĀlam al-Fikr (al-sīmiyāʼīyāt). mujallad 35, ʻadad 3, Yanāyr-Mārs, 2007.

Baghūrah, al-Zawāwī. «al-ʻallāmah wa-al-ramz fī al-falsafah al-muʻāṣirah». (in Arabic), Majallat ʻĀlam al-Fikr (al-sīmiyāʼīyāt). mujallad 35, ʻadad 3, Yanāyr-Mārs, 2007.

Būṭayyib, ʻAbd al-ʻĀlī. «al-kitābah al-nisāʼīyah: al-dhāt wa-al-jasad». (in Arabic), Majallat Kitābāt muʻāṣirah, al-ʻadad 59, al-mujallad 15, Bayrūt, 2006.

Bwkhātm, Mawlāy ʻAlī. Muṣṭalaḥāt al-naqd al-ʻArabī al-sīmāʼwī al-ishkālīyah wa-al-uṣūl wa-al-imtidād. (in Arabic), Manshūrāt Ittiḥād al-Kitāb al-ʻArab. Dimashq. 2005.

De lwdāl, Jīrār. Al-sīmiyāʼīyāt aw Naẓarīyat al-ʻalāmāt. (in Arabic), Tarjamat ʻAbd al-Raḥmān bwʻly. Dār al-Ḥiwār, al-Lādhiqīyah, 1st ed., 2004.

Ḥamdāwī, Jamīl. Al-Ittijāhāt alsymywṭyqyh al-Tayyārāt wa-al-madāris alsymywṭyqyh fī al-Thaqāfah al-Gharbīyah. (in Arabic), [D. N], 1st ed., 2015.

Īnū, Ān, wjān Klūd kūky, wa-myshāl āryfyh, wa Jān klūd jyrw. Alsymyāʼyh: al-uṣūl al-qawāʻid al-tārīkh. (in Arabic), Tarjamat Rashīd ibn Mālik, murājaʻat wa-taqdīm ʻIzz al-Dīn al-Manāṣirah, Manshūrāt al-Ikhtilāf, al-Jazāʼir, 2003.

Kūky, Jān Klūd. Alsymyāʼyh Madrasat Bārīs. tarjamat Rashīd ibn Mālik, (in Arabic), Dār al-Gharb, Wahrān, al-Jazāʼir, 2003.

Twsān, brnār. Mā hiya al-Sīmiyūlūjīyā. tarjamat Muḥammad Naẓīf. (in Arabic), Ifrīqiyā al-Sharq, al-Dār al-Bayḍāʼ. 1st ed., 1994.